الدور الإيراني والعلاقة الإيرانية ـ السّوريةصفحات العالم

2010: سنة إيران

أمين قمورية
يرحل عام 2009 متوجاً ايران سيدة الملفات الساخنة في العالم كله بعدما ازاحت فلسطين عن عرش القضايا المعقدة، وسرقت الاثارة الاعلامية والاهتمام الدولي من افغانستان المحروقة بنار الحرب الكونية، وتغلبت على العراق في كل شيء بعدما اعترفت بهزيمتها امامه قبل عقدين ونيف. ايران اليوم ذروة الاثارة العالمية: في الخارج تشهر سلاح التحدي وتبرز مخالبها النووية وتصر على طموحاتها على رغم الضغوط الشديدة التي تواجهها. وفي الداخل تنتفض وتقمع نفسها في صراع محلي بات يحاكي الحرب الاهلية.
تدخل ايران سنة 2010 لتجد نفسها دوليا امام خيارين احلاهما مر: مواجهة عقوبات دولية جديدة او مواجهة حرب مع اسرائيل. واذا كان الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي يتخبط جيشه في حرب قاسية في افغانستان، يفضل استصدار قرار من مجلس الامن بفرض عقوبات صارمة على ايران لئلا يضطر الى حرب جديدة او تحمّل وزر ضربة اسرائيلية لايران لا يستطيع احد التكهن بنتائجها وتداعياتها على الوضع العالمي برمته، فان دون خيار قرار العقوبات تلويحاً روسياً وصينياً بـ “الفيتو” في مجلس الامن. ومع ذلك فان المساعي الاميركية والاوروبية حثيثة لاستصدار قرار كهذا  عبر تقديم الاغراءات والحوافز الى موسكو وبيجينغ او ممارسة الضغوط الديبلوماسية والاقتصادية عليهما من اجل شل قدرتهما على التعطيل.
ومع اشتداد المواجهة بين العالم وإيران الرافضة لتقديم اي تنازلات ذات معنى، تقترب لحظة اتخاذ القرار في تل أبيب. فاذا لم تُطبق العقوبات ضد إيران، أو إذا ما طبقت ولم تنجح في وقف برنامجها النووي، فسيكون في وسع نتنياهو القول إنه لن ينتظر أكثر من ذلك ولن يسمح بجعل اسرائيل رهينة في يد من يسميهم “الهتلريين الجدد” في طهران، وتاليا فان اسرائيل تستعد للحظة تحقيق الحلم الاسرائيلي بانهاء الحلم النووي الايراني.
لكن هذه التهديدات تصير بلا معنى مع تفاقم الوضع الداخلي في ايران، ليس لان الهجمة الخارجية من شأنها ان تعيد توحيد الايرانيين في مواجهة الخطر الخارجي أياً يكن مصدره وأياً يكن الفريق المحلي المستهدف داخل ايران، بل لان التشقق الداخلي فيها يكاد يكون بلغ ذروته بحيث لم يعد تنفع معه ادوات الكي التي يستخدمها النظام لمعالجته. ولا شك في ان ذيول اي صراع داخلي مفتوح كالذي يجري حاليا في طهران واصفهان وتبريز وقم ومشهد ونجف اباد اشد وطأة على ايران ومقاومتها الذاتية من اي عقوبات دولية قد تتخذ ضدها او من اي هجوم اسرائيلي محتمل عليها.
ففيما تشتد الضغوط ومحاولات العزل الخارجية، يبدو ان المواجهات الخطيرة بين الشرطة الايرانية والمعارضين التي تودع بها ايران 2009، لن تكون بالتأكيد آخر المواجهات، وما اعقب وفاة آية الله حسين علي منتظري – الخليفة المعزول للخميني – مجرد فصل آخر في الصدام المفتوح.
ينطوي عام 2009 ولا شيء يدل على ان الازمة الداخلية في طريقها الى الانتهاء بعد ستة اشهر من الارباك المتواصل في الدورة السياسية الايرانية، لا بل  العكس صحيح بعدما تحولت الحركة الاحتجاجية مؤسسة مستقلة منذ انتخابات حزيران الفائت، وبعدما صارت في المقابل هيئات النظام برمته ادوات قمع وتشهير لا تتوانى عن تخوين ابناء الثورة الخلّص كرفسنجاني وموسوي وكروبي وخاتمي.
2010 ستكون المختبر الحقيقي للقوة بين السلطة والمعارضة في ايران وصولا الى صيف 2011 موعد اجراء الانتخابات البرلمانية، مع بروز مخاوف حقيقية من عسكرة الوضع في ايران اذا ما اندفعت القوى الاصلاحية اكثر نحو الاهداف التي اعلنتها. وهكذا فان الملفين النووي والداخلي اللذين باتا مترابطين ترابطا شديدا سينتقلان من تشويق الى تشويق وسيكرسان ايران نجمة 2010 بلا منازع.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى