صفحات ثقافية

بثينه علي: نحن والوعود

null


وعود (2003)

في هذا الجزء من العالم، وخاصّةً بسبب وسائل الإعلام، نحن نعيش الحرب حتّى ولو لم نجرّبها… يدخل الناظرون إلى غرفةٍ بيضاء، ويسمع صوت الرصاص وبكاء الأطفال. وتواجههم أكوام قمامة، هي في الحقيقة أجسادٌ متوفيّة وعظام ناس. ثمّ يدخلون غرفةً أخرى مع أسلاكٍ شائكة ترتسم على الجدران.
تتدلّى بعض اللوحات من الأسلام بحيث يمكن رؤية وجهيها. كلّ هذه اللوحات مصنوعة من مواد مختلطة: بعضها يحوي صفحات أولى لجرائد تتحدّث عن وعود سياسيّة، ونتائج حرب، وحجم الدمار وعدد القتلى. وتلتصق على الوجه الآخر للّوحات ألعاب أطفال محترقة. ثم يذهب الناظرون إلى الجزء الآخير، غرفة سوداء مصنوعة من الورق والخشب، تشبه مخيّم اللاجئين. تحوي الغرفة أربع أجهزة تلفاز؛ إثنان منهما يبثّان أخبار التدمير والقتل اليومي، والإثنان الآخران يبثّان في الوقت نفسه كليبات أغنيات راقصة. عنوان الأجهزة الثلاث: “دون تعليق“.

قلّبوا صفحات التّاريخ في كلّ زمان… أكتبوا عناوين أحداثِكم شعاراتٍ وغطاءٍ لأنين اللإنسان. الحزن نتشّربه في البطون ومن أثداء أمّهاتنا والعيون… أحرقتم كلّ شيء, حتّى خرائط النّسيان إرثنا ممّن رحلوا في ترابهم: دخانٌ و رماد!! لم يتركوا لنا شيئاً… ووزرنا ثقيل… في الوقت الذّي تحقن شرايين أبنائتا بالهزيمة والانكسارات. بوعود الفرح الزّائفة. بالأهازيج بالفراغ… و الرّقص المرير. ضاق الطّريق إبتعد ايّها القادم الغريب. جيلنا يحمل رعباً ودماً جديد. نحن ننفّذ الوصّية… سنبعدك أيّهاالغريب أنت ومن دلّك على الطّريق

نحن (2006)

الأرجوحة ليست فقط لعبة أطفال، ليست فقط شيئاً للبنات، وليست رمزاً للحريّة نطمح جميعنا إليه. إنّها فقط تصويرٌ لحياتنا ومشاعرنا، في حركتها صعوداً ونزولاً. أنّ شيئاً أو أحداً آخر يدفع الأرجوحة أمرٌ هام، وكأنّ آخراً يلعب في خيوط حياتنا كالدمى. وما أردت التعبير عنه هو طموح الإنسان في بلوغ القمم في كلّ مجالات الحياة. إذ يتبع هذا الطموح أمالنا ورغباتنا وأحلامنا وإيماننا و”الدفعات” الداخليّة والخارجيّة التي نتلقّاها. وعلى العموم، كلّ ما بلغنا عالياً كلّ ما كان السقوط أعمق.

دمى (2007)

من؟ ولماذا؟!

أسئلةٌ أطرحها على نفسي حين أمرّ في هذه الأسواق؛ أقف أمام واجهات محلاّتٍ تعكس صورنا. “بسطاتٌ” مملوءة بتلالٍ ملّونة مضوية فيها ألعاب اطفال… أو ألعاب كبار. أسواقٌ مليئة بالتناقضات في هذه المدينة المليئة بالتناقضات. اقتصادٌ وسياسة يدعواننا للحزن والبكاء…. وجنسٌ يدعونا للفرح والرقصز في هذا المجتمع المغلق دينياً الغارق جنسياً … نساءٌ أو حتّى رجال. السؤال الأن: من و لماذا؟! وحتى كيف؟.. الإجابات، لم تكن كافية. أعتمد عليكم، علّني أحصل على جواب. في عملي انطلقت من أوّل ردّ فعلٍ ورد إلى ذهني… أظنّ أنّه سيرد كلّ الأذهان. من المستحيل أن ألبسه! أو كيف سيكون عليّ أن أرتديه. رغبتُ بذلك، لكن لم يكن عندي الجرأة. أيضاً تركتها لكم…..

ولدت بثينة علي في دمشق 1974. خريجّة مدرسة الفنون الجميلة في باريس وجامعة السوربون. تدرّس في سورية، وتنتج فنّها في رغبةٍ بالاقتراب أكثر من المجتمع وأحواله وهمومه وتناقضاته

(سورية)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى