صفحات سورية

سورية والدور المعطل

null
داود الشريان
تصريحات مساعد وزيرة الخارجية الاميركية بالإنابة، السفير جيفري فيلتمان، في دمشق كانت حذرة ومحسوبة، وتصلح ان تقال في حق اي دولة، والحديث عن مشاورات، ونقاشات موسعة، والأمل في «إحراز تقدم في العلاقات الثنائية والوصول إلى نتائج حول مختلف قضايا المنطقة»، ليس التزاما بشيء، ولا يعني ان واشنطن على وشك طي صفحة خلافاتها مع دمشق، فضلاً عن ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قالت إن واشنطن «لم تتخذ بعد اي قرار بشأن إعادة السفير الاميركي الى دمشق».
لكن على رغم عمومية تصريحات الديبلوماسي الاميركي، الا أنه قال جملة لخّصت هدف محادثاته مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، فهو طالب دمشق بـ «انخراط مستدام»، وهذا الانخراط المستدام له شروط، من وجهة النظر الاميركية، اولها حسم قضية السلام مع اسرائيل، والتعامل مع لبنان من باب المصالح، وليس من باب الهيمنة، والكف عن استخدام الوجود السوري في لبنان كغطاء لنفوذ ايران، وتبرير بعض التجاوزات الفلسطينية.
دمشق باتت تدرك أنه من المستحيل قبولها اميركياً بآليات دورها الاقليمي القديم، لكنها لم تزل اسيرة لرؤيتها السابقة لهذا الدور وحجمه، وتتجاهل تأثير التطورات التي حصلت في العراق ولبنان والساحة الفلسطينية على موقعها السياسي ومستقبله، ليس هذا فحسب، بل تحاول استنساخ السياسة التركية، وتعتقد انه بإمكانها ان تتخذ موقفاً معاديا، وليس مخالفاً، للسياسة الاميركية في المنطقة، وتحظى بعلاقات مميزة معها، وتنال حض اهل الدثور والأجور في آن، من دون ان تدفع ما يقابل ذلك.
لا احد يقلل من دور سورية وموقعها، وعلى رغم الفارق في الحجم والموقع والمعطيات السياسية، فإن سورية تستطيع ان تكون «تركيا العربية» سياسياً، لكن الحصول على هذا الدور لن يتم بشعارات الممانعة، وليس له سوى مدخل واحد هو باب المصالح، ومنظومة المصالح في المنطقة لا يمكن ان تمنح سورية دوراً بلا مقابل، وبإمكان دمشق ان تنظر الى القضية من زاوية الارباح والخسائر، وتخضع علاقاتها بإيران لهذا المقياس، وستجد ان طهران هي الرابح الأكبر، فهي حتى الآن وظّفت علاقتها بدمشق لتحقيق مكاسب في لبنان والعراق، وحققت ما تريد على الساحتين، ومن دون ان تقدم للسوريين ما يوازي تضحيتهم بدورهم العربي والاقليمي، واستمرار وجودهم في لبنان على اسس المصالح وحسن الجوار وندية التعامل.
الجياة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى