صفحات سوريةمحمد زكريا السقال

القضايا العربية الغائب الوحيد في القمة العربية

null

محمد زكريا السقال

تدور الأسئلة في ذهن المواطن العربي دائما ، لماذا تختلف النظم العربية ، وعلى ماذا ، ولماذا يتداعون للاجتماع في القمة العربية . لا نعتقد نحن بشخصنا المتواضع ، إن النظام العربي ومنذ الهزيمة التي أصابته في الخامس من حزيران ، أنه اتفق على إعادة الاعتبار لكرامة هذا الوطن ، من خلال إرهاقه لكرامة مواطنيه ،
فمنذ الهزيمة والأنظمة تبحث عن أمن مصالحها واستقرار حكمها ، والخلاف كيف يمكن ذلك ، ومن الذي يمكن أن توكل له هذه الحماية لمصالح هذه الأنظمة ، واستقرار عروشها وكراسيها وكيف يمكن أن يتم ذلك ، ونعتقد أن الوقائع أكدت وبالملموس ، أن الراعي الأمريكي ، الذي أوكلت له هذه الرعاية باعتباره مركز رأس المال العالمي ، ومركز الحرب الباردة آنذاك بمواجهة القطب السوفيتي ، والذي قدم شروطه واضحة وكاملة ، وهي أمن الثكنة الصهيونية ودورها ، وتأمين تسرب النفط وحفظ تدفقه ، هذه العناوين الواضحة والصريحة ، التي وافق النظام العربي عليها ، وكان عليهم تمهيد وتطبيع المجتمع العربي اقتصادا وثقافة وسياسة للدخول بالسلام الأمريكي الصهيوني ، والوقائع تؤكد بشكل فاضح إن النظام العربي كله لم يختلف على هذه الشروط ، ولا على المبادئ التي حددها الأمريكان ، ومن خلفهم أوروبا ، كما أن السوفيت ، لم يكونوا ، إلا مراقبين ومتفرجين وناصحين ، أمام اندفاع أصدقائهم العرب . إلا أن الضمانات لبعض الدول العربية لم تكن كافية ضمن زعمهم ، وبالتحديد ، عندما قرر الأمريكان تنفيذ تسويتهم المزعومة التي حددت بالخطوات ، والخطوة المهمة هي مصر ، مصر الثقل العربي الذي كان من المهم إخراجها من الساحة العربية ، وتكبيلها بمعاهدة كامب ديفيد السيئة الصيت والسمعة ، ليصبح بعدها النظام المصري عراب التسوية في المنطقة وصلة الوصل مع الكيان الصهيوني ، حيث تُرك الصراع العربي الصهيوني ودب الصراع السوري الفلسطيني ، ولم يكن الصراع على تحرير فلسطين ، كان الصراع على تلازم الخطوات والمسار ، والخوف من الاستفراد ، واستفرد العرب ، أو عمل العرب على استفراد أنفسهم ، وبدأت مرحلة تكديس الأوراق ، الغي التحرير ، وإالغيت المجتمعات العربية ، وسفكت دماء على أرضية ، تلازم مسار التسوية ، خلاف عربي أصيل وطويل حول كيف ننجز تسوية ، سرق النفط ، وخرب العراق ، وقسم الفلسطينيون وتركوا وعزلوا وحوصروا ، جوعوا من أجل تلازم المسار .

هذه اللوحة التي غطت مرحلة مازالت تمتد منذ عقود في المنطقة العربية ، العرب متفقون على التسوية ، والعرب يختلفون كيف يمكن أن تتحقق ، بالمال السعودي والخليجي ، بالسجون ، بالدم الفلسطيني ، بالدم اللبناني ، بالذبح العراقي ، بالتمدد الإيراني ، والتغلغل الأمريكي ، بالحروب الطائفية ، بتحريض الأقليات ، كل ما يستدعي خراب المنطقة وإضعافها مطروح ، بل وموافق عليه أيضا ، كلنا نرى أن غزة تضرب بقرار عربي ، كما هدم لبنان بقرار عربي في تموز 2006 ، لنكن واضحين ، ليس هناك مايجمع النظام العربي إلا الخلاص والتحلل من كل ما هو وطني وسيادوي واستقلالي ، يلتقي بذلك الطائعون والممانعون ، والخلافات التي تسود لا تقدم ولا تؤخر لأي مواطن عربي من المحيط إلى الخليج ( لا نعرف إذا ما بقي يصلح هذا المصطلح رحمه الله ،،) أي شئ ، لأن هذه الأنظمة لا تعبر عنه ولا تمثله ، و لا تدافع عنه وتتركه هكذا للسماء والطارق ، وأية طارق يطرق هذه الأمة غير المشاريع المشبوهة ، والانفلات من العقال بحروب تهدد البنية والهوية لهذه الأمة العربية .

الطائعون يريدون بيع كل شئ ، من أجل الخلاص من الشعوب وقضاياهم ، والخلاص من مسألة الأراضي المغتصبة ، ومسألة المواطن والحقوق ، والحريات . والممانعون ، يريدون خنق المواطن ، وبيع الأراضي والشعب ، والتهديد بالانفجار والحروب الأهلية من اجل أن يلحقوا بالطائعون .

أعطونا برنامجا واضحا يخص هذه الأمة ، برنامج يقول نحن أمة حرة ولدينا وحدة وطنية يجسدها القانون ، والدستور ، والدولة هي ضمانة تطبيق هذه القضايا من خلال سيادة العدالة والقضاء ، وفصل السلطات ، نحن أمة لدينا ثروة ويمكن أن تعود علينا بالتنمية والرفاهية إذا ما استثمرت ونميت بشكل صحيح وخارج الفساد و الهدر ، نحن أمة لدينا أرض محتلة والنضال من اجل استردادها مكفول ومضمون من كل الشرائع الدولية ، نحن أمة تتمثل بشعوب لها كرامتها وحقوها ، وهذه مؤسساتها الاجتماعية والمدنية التي تعبر عن ازدهار الحياة والمواطنة .

تعقد القمة العربية في دمشق، وكل ما يسود المنطقة العربية يبشر بالخراب، ومن الواضح إن هذه القمة ستكون مقدمة لخراب يعم، لأن طريق السيادة والكرامة والحرية غير مطروحة على جدول القمة المزمع عقدها.

محمد زكريا السقال

برلين / 28 / 3 / 2008

خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى