صفحات الثقافة

الذكاء الاصطناعي: خلفيات تقنية وثقافية أساسية علينا معرفتها/ لطفية الدليمي

ربما لو استثنينا المفاعيل المؤذية للجائحة الكورونية الراهنة، وكذلك نواتج فرط تسخين الغلاف الأرضي، وما ينم عنه من تغيّر مناخي ينذر بعواقب شديدة الخطورة، فإنّ الذكاء الاصطناعي، يبقى المعضلة الأكثر إشكالية وخطورة في تشكيل مستقبل الإنسانية، ورغم أن موضوعة الذكاء الاصطناعي تمثلُ معضلة تماماً مثل الجائحة الكورونية والتغير المناخي لكنها تبقى متمايزة عنهما من حيث أنهما شر مطلق ولا نفع يرتجى منهما إلا في حدود تحفيز القدرات البشرية والعقل المبدع، في تخليق وسائل فاعلة لمواجهة هذين الخطرين، في حين أن الذكاء الاصطناعي جاء بوسائل ثورية أعادت ولم تزل تفعل – تشكيل طبيعة تعامل البشر مع بعضهم، ومع البيئة المحيطة بهم، وأضافت كثيراً من التحسينات الجوهرية للحياة البشرية الراهنة، وإذا كان ثمة من معضلات متصلة بالذكاء الاصطناعي فهي في النهاية معضلات تعتمد على طبيعة تعاملنا معها (على الأقل قبل بلوغ مرحلة المتفردة التقنية).

لا أظنُّ أن الموضوعات العامة المؤثرة في الذكاء الاصطناعي بعيدةٌ عن متناول القارئ الشغوف، وأراها أصبحت منذ عهد ليس بالقريب موضوعات شائعة في أدبيات الثقافة، في الصحف والمجلات العامة والمتخصصة، إذ لا أحسبُ أن القارئ المعني سيلاقي عَنَتاً في العثور على مبتغياته المعرفية، إذا ما أجرى بحثاً غوغلياً سريعاً عن أي موضوع من الموضوعات التي صارت تمثلُ جزءاً من التأريخ الفكري للذكاء الاصطناعي، فضلاً عن بعض المقاربات ذات الأهمية الاستراتيجية الراهنة، كما أن الكتب المنشورة ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي شهدت قفزة كبيرة في العقد الماضي، وليس بالضرورة أن تكون تلك الكتب ذات عناوين تحتوي عبارة الذكاء الاصطناعي، بل قد تشتبك معه بروابط نسقية معقدة على شاكلة: الثورة التقنية الرابعة، الثورة المعلوماتية، عصر البيانات الكبيرة، إلخ. يمكن الإشارة أدناه إلى خريطة مسحية سريعة بالموضوعات الرئيسية التي تمثلُ جوهر الذكاء الاصطناعي، ويمكن للمهتمين مراجعتها كموضوعات مستقلة، أو في سياق متصل مع الأدبيات المنشورة:

– المنابع الفكرية للذكاء الاصطناعي

– الجذور الفلسفية للذكاء الاصطناعي (علاقة بحوث الذكاء الاصطناعي بفلسفة العقل وفلسفة اللغة وعلم النفس الإدراكي).

– الذكاء الاصطناعي التقليدي (أو الضيق ANI)

Artificial Narrow Intelligence

– الذكاء الاصطناعي غير التقليدي (أو العام AGI )

Artificial General Intelligence

– البيانات الكبيرة Big Data

– الخوارزميات Algorithms

– الروبوتيات Robotics

– الذكاء الاصطناعي وآليات التعليم المستقبلي

– الذكاء الاصطناعي وخريطة سوق العمل المستقبلية

– الذكاء الفائق Superintelligence

– الإنسانية الانتقالية Transhumanism وما بعد الإنسانية Posthumanism

الذكاء الاصطناعي: خريطة فكرية وتعريفات موجزة

لطالما اقترن الذكاء الاصطناعي بدواعي التوقعات المبهجة منذ بدايته الرسمية (منتصف خمسينيات القرن العشرين) حتى بلغت التنبؤات المفرطة في الحماسة، بشأن آفاق تطوّر هذا المبحث، حدوداً فائقة للتصوّر، أما اليوم، ورغم كلّ تمظهرات الذكاء الاصطناعي، التي لم يكن أحدٌ منّا يتوقعها أو حتى يحلم بها منذ بضع سنوات خلت، فقد صار الحديث عن متفرّدة الذكاء الاصطناعي المقبلة في السنوات الأخيرة، هو الحديث الطاغي على كلّ التوقعات المتفائلة. انقلب التفاؤل المفرط الذي ساد قبل عقد من اليوم إلى جزعٍ أو خوف مفرط في التحسّب، ولعلّ موجة الأفلام الهوليوودية، التي تبالغُ في رشّ التوابل الدرامية على منتجاتها، قد ساهمت في خلق حالة الهلع العام إزاء مآلات الذكاء الاصطناعي.

يشيعُ اليوم حديثٌ متواصل، أن الذكاء الاصطناعي سيبلغُ قريباً مرحلة الذكاء البشري (الذي يُدعى في أدبيات الذكاء الاصطناعي بالذكاء الإصطناعي العام AGI، وهو إشارةٌ إلى قدرة الآلة على إنجاز الفعاليات بطريقة مماثلة للقدرات البشرية، دون الاكتفاء بقدرات محدودة تحكمها خوارزميات محدّدة، أي أن الآلة تصبح ذاتية التعلّم من خبراتها السابقة بكيفية تجعلها أقرب إلى منظومة تكيفية Adaptive System ). الخطوة التالية التي ستأذن بدخول مرحلة المتفرّدة التقنية، هي تلك التي ستحصل عندما يرتقي الذكاء الاصطناعي العام إلى طور الذكاء الاصطناعي الفائق للذكاء البشري ASI ( Artificial Superhuman Intelligence ) حيث سيمكن حينها للمنظومات الآلية استنساخ نفسها، وتحسين قدراتها الأدائية بطريقة تفوق القدرات البشرية، وحينها لا بدّ لنا من أن نتوقّع نشوء الكثير من المعضلات الخطيرة.

الذكاء الاصطناعي والثقافة العامة: الأساسيات المعرفية والتقنية والفلسفية

المفاعيل المترتبة على ارتقاء تطبيقات الذكاء الاصطناعي هي المعضلة الأكثر جذباً للاهتمام العالمي على كلّ مستويات الهياكل السياسية والمجتمعية والفكرية، وصار من الطبيعي الحديثُ عن قرب حلول متفرّدة تقنية Technological Singularity أو سيادة عصر الخوارزميات Algorithms الفائقة، بوتيرة ربما تكون أعظم من الأحاديث الثقافية التي تسيّدت عصر السرديات الفكرية الكبرى (البنيوية وسلالتها من الرؤى الفلسفية مثالاً). أرى أن هذا الأمر له تسويغاته المعقولة، فالذكاء الاصطناعي ليس مدرسة فلسفية يناصرها البعض، ويعاديها البعض الآخر تبعاً لتوجّهات أيديولوجية أو فكرية محدّدة، بل هو تطبيقات مؤثرة صرنا نتعامل معها يومياً شئنا أم لم نشأ وعلى أوسع نطاقات الأطياف البشرية، ثمّ إن الذكاء الاصطناعي هو – قبل كل شيء – مبحث علمي/ تقني يتمّ تناوله في نطاق أوسع المؤسسات الأكاديمية المرموقة، وصار سلطة مؤثرة في خلق أكبر الثروات في عالمنا المعاصر. هذه الخصائص جعلت من الذكاء الاصطناعي، عنصراً فاعلاً في تشكيل نمط حياتنا الحالية والمستقبلية على كلّ المستويات (فكرية وفلسفية وتقنية ومالية) ومن أجل هذا يتوجّبُ علينا جميعاً امتلاك معرفة موثوقة ومعقولة بأساسيات هذا المنشط الإنساني، حتى تكون لنا قدرة على التعامل مع نتائجه المستقبلية.

هل بوسع الآلة أن تفكّر؟ مداخلة سريعة عن فلسفة الذكاء الاصطناعي

يفرض الذكاء الاصطناعي بكلّ أشكاله تحدّيات حقيقية أمام المواضعات الفلسفية والدينية، التي تشكّلت مع انبثاق الثقافة البشرية الأولى، فالذكاء الاصطناعي يمثلُ احتكاكاً خشناً مع الوجود المتفرّد للإنسان ومكانته في الطبيعة، فهو الذي يستطيع الإتيان بآليات تفكير منتجة، وذات خصائص لا نجدها في الكائنات الحية الأخرى. توفّرُ الآلات الذكية القدرة على إلقاء ضوء كاشف على أسئلة أساسية، منها:

– طبيعة عمل العقل البشري

– وجود الإرادة الحرة في إطار ثنائية الحتمية/ الإرادة الحرّة

– طبيعة الثنائية الديكارتية العقل/ الجسد

– معضلة الحياة ذاتها (بمعنى هل يمكن أن توصف عناصر غير بيولوجية بأنها حية؟)

ليس من المتوقع حسمُ الكثير من المجادلات التأريخية الخاصة بطبيعة الذكاء والتفكير، ويمكن القول إنّ العديد من هذه المجادلات تنتهي إلى نمط من القناعات الذاتية الشبيهة بالنظم الاعتقادية Belief Systems السائدة في كثير من مجالات الحياة، التي تستعصي على المقاربة العلمية المنهجية الصارمة، ومنها – على سبيل المثال: وجود الروح البشرية، والفكرة الديكارتية، التي ترى أن العمليات العقلية هي مستقلة ومتميزة بدرجة ما عن العالم المادي (ثنائية العقل/ الجسد). تختصُّ فلسفة الذكاء الاصطناعي بسؤال جوهري مفاده: هل تستطيع الحواسيب أو الآلات (أو بشكل أكثر عمومية: أي شيء ليس له منشأ طبيعي مثل الإنسان) أن يُقال عنها بأنّ لها عقلاً، وأنها تستطيع التفكير؟ ظلّ هذا السؤال (الذي قد يتلوّن بألوان شتى تبعاً لطبيعة المبحث المعرفي الذي يُسأل في نطاقه) قائماً منذ عقود عديدة، ولم ننتهِ إلى جواب حاسم له، ولا يبدو أن جواباً شاملاً متفقاً عليه يلوح في الأفق.

الذكاء الاصطناعي: الأساسيات التي يحتاج القارئ العام لمعرفتها

ثمة العديد من الكتب التي تتعامل مع الأوجه التقنية لمبحث الذكاء الاصطناعي (الشبكات العصبية، تمييز الأنماط، هياكل البيانات والخوارزميات، على سبيل المثال) لكنّها قليلة حقاً تلك الكتب التي تخاطب القارئ العام لتكوين ثقافة عامّة مؤثرة فيه. أودُّ هنا تناول كتابٍ أحسبُ أنه من أفضل الكتب التي تسعى لتشكيل ثقافة عامة لكنها جادّة في حقل الذكاء الاصطناعي. الكتاب عنوانه «الذكاء الاصطناعي: ما يحتاجُ الجميع إلى معرفته» Artificial Intelligence : What Everyone Needs to Know، وهو من منشورات جامعة كامبريدج عام 2014، وقد ظهرت ترجمته العربية حديثاً قبل بضعة شهور. مؤلف الكتاب هو جيري كابلان Jerry Kaplan، الذي يجمع خبرات كبيرة، لكونه حاصلاً على أعلى المؤهلات الأكاديمية، إضافة لنجاحه في حقل تأسيس شركات تقنية وريادة الأعمال. من المثير معرفة أن كابلان حصل بداية تعليمه الأكاديمي على شهادة البكالوريوس في تأريخ وفلسفة العلم من جامعة شيكاغو عام 1972، ثمّ واصل دراسته في حقل علوم الحاسوب والمعلوماتية في جامعة بنسلفانيا، حتى توّجها بالحصول على شهادة الدكتوراه عام 1979. كابلان أحد روّاد الأعمال في قطاع المعلوماتية والذكاء الاصطناعي، وسبق له أن نشر عام 1999 كتاباُ بعنوان «شركة ناشئة: مغامرةٌ في وادي السليكون» Startup: A Silicon Valley Adventure.

كتابُ كابلان شديد الامتاع، ويضمُّ ثمانية فصولٍ يحتوي كلٌّ منها على مجموعة أسئلة، يسعى المؤلف للإجابة عنها. يبدأ الكتاب بفصلٍ تمهيدي يتناول تعريفاً (إجرائياً) للذكاء الاصطناعي، وعمادُ هذا الفصل ثلاثة أسئلة: ما هو الذكاء الاصطناعي؟ هل الذكاء الاصطناعي علمٌ حقيقي؟ هل يمكن للحاسوب يوماً ما أن يكون أذكى من الكائن البشري؟ وهكذا يمضي المؤلف في تناول بقية الفصول بالهيكلية التفاعلية ذاتها التي تجعل القارئ يعيشُ عالماً سردياً تخييلياً، وكأنه يحاورُ حاسوبه الشخصي. يتناول الفصل الثاني تأريخاً فكرياً للذكاء الاصطناعي، وهو فصلٌ وجدته شديد الإمتاع والإثارة، ثمّ يتناول في الفصل الثالث بعضاً من الجبهات المتقدّمة لمباحث الذكاء الاصطناعي، أما الفصل الرابع فيتناول فلسفة الذكاء الاصطناعي، وأرى أن هذا الفصل يماثلُ الفصل الثاني في الإمتاع والإثارة، وسيجد كل عقل شغوف ذي ذائقة فلسفية لذة كبرى في قراءة الإجابات التي أوردها المؤلف للأسئلة الفلسفية التأسيسية في هذا الفصل. يمكن عدّ الفصول الأربعة الأولى بمثابة خريطة فكرية لموضوع الذكاء الاصطناعي، أما الفصول الباقية فتتناول موضوعات مجتمعية ذات نتائج سياسية/ اقتصادية مركّبة: الذكاء الاصطناعي والقانون، تأثير الذكاء الاصطناعي على العمالة البشرية، تأثير الذكاء الاصطناعي على العدالة المجتمعية، بعض التأثيرات المستقبلية المحتملة للذكاء الاصطناعي في موضوعات محدّدة (الأطفال والذكاء الاصطناعي، حلول المتفرّدة التقنية الناشئة بسبب الذكاء الاصطناعي، الذكاء الاصطناعي والصراعات المستقبلية، عالم ما بعد الإنسانية).

عصر السايبورغ: إعادة تشكيل مفهوم الإنسانية

يرى علماء وبحاثة مستقبليون عديدون أن عصر الإنسان/ السايبورغ Human / Cyborg مقبل لا محالة. يمثل السايبورغ كائناً بشرياً تمّ ربط العديد من المستزرعات Implants المحوسبة بشكل مباشر في دماغه، وكذلك العديد من المضافات الميكانيكية إلى أطرافه و/ أو أجهزته الحسية، وبهذا الإجراء سيكون العمى والصمم شيئاً من آثار الماضي البعيد الذي أسدِلت عليه ستائر النسيان، لأنّ الإشارات المرئية والسمعية، سيتمّ تفسيرها عبر الحس أو اللمس (بدلاً من العين أو الأذن). سينال الإدراك العقلاني البشري (وكذلك المزاج الشخصي) حصتيهما من التعزيز الموجّه، باستخدام عقاقير مصمّمة لهذا الغرض.

إن بعضاً من هذه التقنيات المساعدة هي قيد الاستخدام البشري في يومنا هذه (مثل: الأطراف الاصطناعية وأجهزة تحسين السمع) ولو حصل أن لاقت انتشاراً واسعاً يشمل أوسع طائفة من البشر، بدلاً من بعض المرضى أو المعاقين، كما يرى كيرزويل، فإنّ تغيراً حاسماً سيطالُ مفهومنا السائد عن الإنسانية، إذ بدلاً من أن نرى في الإضافات الميكانيكية وسائل مفيدة تحسّن عمل الجسد البشري المعطوب، فستسود حالة يفهم فيها البشر أن هذه الإضافات هي أجزاء بشرية تختلف جوهرياً عن الطبيعة البيولوجية السائدة. سيسود أيضاً استخدام عقاقير ذات تأثيرات نفسية Psychotropic شبيهة بتأثير المواد الطبيعية (على سبيل المثال: تأثير الناقل العصبي المسمّى دوبامين في دماغ الإنسان) وستسود حالة من القناعة الشائعة مفادها أن الذكاء الفائق، والقوة المستديمة، والجمال المحسّن للأفراد الذين حصلت هندستهم وراثياً هي خصائص «طبيعية» تماماً أقرب للممارسات البشرية اليومية (أكل، شرب…). ثمة تحديات هائلة ستلحق الرؤية السياسية لموضوعات إشكالية مثل، المساواة والديمقراطية، إذ سينشأ ربما نوعٌ ثانوي جديد من البشر الأثرياء القادرين على استخدام مثل هذه التقنيات المعزّزة للوجود البيولوجي، وحينها سيكون السؤال التالي واجباً بقدر ما سيكون إشكالية كبيرة: ما معنى الحديث عن الديمقراطية والمساواة وسط بشرٍ (سايبورغات بالأصح) يمتلكون وسائل تعزيز الوجود البيولوجي ذاتها؟ ثمّ أي نظام سياسي سيحكمُ هؤلاء؟ هذه كلها أسئلة مفتوحة في مستقبل واعد بالكثير من الرؤى المتباينة.

ملاحظتان ختاميتان

ملاحظتان أودُّ الإشارة إليهما في الختام بتأكيد مضاعف: الأولى هي، ينبغي للذكاء الاصطناعي أن لا يكون لعبة فكرية أو شغفاً يسعى البعض منّا لتوظيفه أكاديمياً، أو عملياً للحصول على وظيفة مربحة أو التأسيس لمستقبل مهني واعد في قطاع صناعات المعرفة الذكية، التي ستسود المستقبل القريب، بل يتوجّبُ علينا التعامل معه على أساس رؤية مؤكّدة بأنه سيكون القوة العظمى، التي ستعيد رسم خريطة الوجود البشري على كل الاصعدة التفاعلية بين الكائنات البشرية، وبين البشر والطبيعة. الملاحظة الأخرى هي أن على الجامعات أن تلعب دورها المجتمعي في إشاعة المعرفة المتاحة لأوسع قطاعات الناس في المجتمع، بخاصة في الحقول الاستراتيجية الأكثر تأثيراً في صياغة معالم الوجود البشري المستقبلي.

كاتبة وروائية ومترجمة عراقية

القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى