صفحات الحوار

وقفة مع نجاة عبد الصمد

تقف هذه الزاوية مع شخصية ثقافية عربية في أسئلة سريعة حول انشغالاتها وجديد إنتاجها وما تودّ مشاطرته مع قرّائها. “ما أريده من نفسي وما أشتغل عليها به، هو ألّا أفقدَ الحلم بأن يحفظ العالم كرامة أبنائه”، تقول الكاتبة والمترجمة السورية لـ”العربي الجديد”.

■ ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟

– على الصعيد العام يشغلني حالُ بلدي سورية وأهلي فيه، هل من أفق؟ كما يشغلني إحياءُ الإحساس بالجَدوى من كلِّ ما نقوم به، وتشغلني صناعة الأمل. أمّا أدبياً؛ فأشتغل حالياً على مجموعة قصصية، كتبتُ مسوّداتها عبر سنين، تقوم جميعها على حدثٍ أو موقف. أجّلتُها لظنّي أنّ كلّ واحدةٍ منها سوف تأخذُ مكانها كفصلٍ في رواية. وعاندتني في الدخول إلى كلِّ ما كتبتُ بعدها، رفضتْ أن تصوغَ نفسها معي إلّا في قالب القصة القصيرة، فأذعنتُ أخيراً احتراماً لخيارها.

كذلك أشتغل على بحثٍ أدبي حول “ألف ليلة وليلة” وشخصية شهرزاد، نشأت فكرته مع وجودي في ألمانيا. فبعد عودتي إلى مراجعنا العربية التي تناولتْها – وهي قليلةٌ بالمناسبة – لاحظتُ أنّ الغرب يهتمُّ بهذا العمَل، ويتوغّل في استقرائه والاستفادة منه أكثر بكثير من بلدانٍ لغتُها العربية. إلى جانب ما سبق أشتغل على ترجمة مقالاتٍ من الروسية، وحديثاً بدأتُ أترجم بحذرٍ عن الألمانية التي ما أزال حديثة عهد بها، أخذني إليها بعضُ المقالات الطازجة حول موضوعاتٍ طبّية اجتماعية تشغل المجتمع الألماني والغربي عموماً، وأردتُ إيصالها إلى مجتمعاتنا العربية.

■ ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملكِ القادم؟

– آخر كتابٍ صدر لي كان “منازل الأوطان” (2018)، وهو الجزء الثالث من مرويّاتي عن أيام الوجع السوري. العمل القادم رواية لا تمتّ إلى الحرب، ولا إلى شتاتنا الحاليّ، بل تحكي عن الإنسان أينما كان، وموضوعاها فكرةُ الأمومة وحياة الطبيب الشخصية، وتجري أحداثها بين منتصف القرن الماضي إلى عام 2010، ستصدر في تشرين الأوّل/ أكتوبر المُقبل، عن “دار نوفل – هاشيت أنطوان” في بيروت.

■ هل أنتِ راضية عن إنتاجك ولماذا؟

– لستُ راضية سوى عن اجتهادي، وعن محاولاتي. لم أيأس ولم أتوقّف. منحتُ كلّ كتابٍ كتبتُه كامل طاقتي ومخزوني، كأنّه الكتاب الأخير، هذا ما أملكه. أمّا الرضا بمعنى الاستكانة إلى ما أنجزتُ، فلا أظنُّني سأبلغه يوماً.

    يشغلني إحياءُ الإحساس بالجَدوى وتشغلني صناعة الأمل

■ لو قيض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟

– سأجيب بحكاية تُنسب (أظنّ ولستُ أكيدة) إلى زكي الأرسوزي. سأله أحدهم وقد أراد إحراجَه: “لنفترض أنك مسافرٌ في قاربٍ ترافقك فيه أمّك وزوجتك، وهبّت عاصفة، ولا أحد سواك يجيد التجديف، وصار الحلّ الوحيد للنجاة أن تخفّف الحمولة، وأن ترمي إحداهما في البحر وإلّا غرقتم جميعاً، مَن ستختار منهما؟ أجاب الأرسوزي: “ما سأفعله حينها سيكون هو الخيار الصحيح”. كذلك أنا، وإن كنتُ سأُجيب الآن أنّني لا أظنّني سأختار غير الطبّ والكتابة معاً. إنما لو قُيّض لي البدء من جديد، سأُقرّر في حينه.

■ ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟

– واقع الحال لا يُخفي نفسه، ولا يَخجل. شخصيّاً لا أستطيع قراءته خارج “تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة”. وأقول آسفة: أريد أن يكون هذا العالم أقلّ وقاحةً أو سفالة، وإن كنتُ لا أنتظر منه ذلك. ما أريده من نفسي وما أشتغل عليها به، هو ألّا أفقدَ الحلم بأن يحفظ العالم كرامة أبنائه، وأن يقلّ الجوع، وأحلم ببعض عدالة. ربّما نكتب أيضاً كي لا نفقد الحلم.

■ شخصية من الماضي تودّين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

– جدّي لأبي، لأنام في حضنه على صوت صلواته، فقد رحل وأنا صغيرةٌ جداً. وجدّتي لأمي، رحلتْ بعد أن كبرتُ، لكنّني لم أجالسها بما يكفي لأتعلّم منها.

■ صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟

– “ديوان المتنبي”، سماع قصائد محمود درويش بصوته، كتاب “الأمير الصغير”.

■ ماذا تقرأين الآن؟

– أقرأ لا أقلّ من خمس رواياتٍ أو مجموعة قصصية وديوان شعرٍ أو اثنين في الشهر، إضافة إلى كتاب طاولة. وهذا الشهر أُعيد قراءة: “هكذا تكلّم زرادشت”.

■ ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

– أحبُّ قصائد الفنّ مُلحّنةً ومغنّاةً بأصوات شعرائنا الجبليّين، الشعبيّين غير الأكاديميّين، أحبُّ إحساسهم، فطرتهم على الغناء. أحبُّ فيروز ونصري شمس الدين ووديع الصافي. مساءات كثيرة تصلح لأم كلثوم “الأطلال”، و”من أجل عينيك”، وأوقات كثيرة تصلح للشيخ إمام “بستنظرك”، وكذلك محمد منير “علّي صوتك بالغنا”، و”يا بنت يامّ المريلة كحلي”.

بطاقة

طبيبة وروائية ومترجِمة سوريّة من مواليد مدينة السويداء عام 1967، تُقيم في ألمانيا، تحمل إجازة في اللغة العربية من “جامعة دمشق”. من أعمالها: “بلاد المنافي” (2010)، و”غورنيكات سورية” (2013)، و”في حنان الحرب” (2015)، و”منازل الأوطان” (2018). وفي الترجمة عن الروسية: “مذكّرات طبيب شاب” لـ ميخائيل بولغاكوف، عمل مشترك، (1994)، و”الجمال جسدٌ وروح” لـ فاندا لاشنيفا، (2014). حازت جائزة “كتارا للرواية العربية” (2018) عن روايتها “لا ماء يرويها” (2017).

العربي الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. صفحات سورية موقع على أهمية استثنائية بكتّابه وموضوعاته ومتابعاته…. لكن أين صوت السوريين في الداخل ؟! ما زالت عقلية الإقصاء التي ينتقدها الموقع وكتابه هي المهيمنة على هذه الصفحات أيضا، والأغرب ما زالت تعبيرات: الثورة السورية، الانتفاضة الشعبية، تأخذ الحيز الأكبر والأوسع في معظم المقالات وخلفياتها سواء أكانت سياسية أم ثقافية أم أدبية أم حوارات مع شخصيات متعددة الاهتمامات، لم أجد مقالا واحدا على صلة بالواقع السوري الراهن وحيثياته في الداخل من وجهة نظر موضوعوية بعيدة عن أوهام الإيديولوجية والأحقاد وتصفية الحسابات….حسنا هل تشترى الثورات والانتفاضات وتحرك بالمال القطري والسعودي باعتراف حمد بن جاسم؟ وهل الدعم الفرنسي التركي المباشر للمسلحين عابري الحدود كرمى لعيون السوريين أم تنفيذا لمصالح هذه الدول باعتراف ميشيل رامبو السفير الفرنسي في السودان ومراسلاته مع السفير الفرنسي في دمشق؟ وأي بديل (ديمقراطي) هذا الذي تم ضخه بكل السبل إلى الأراضي السورية ليحرر شعبها من (عسف االديكتاتورية)؟!
    حتى يحظى هذا الموقع المميز باحترام المثقفين على تنوع اتجاهاتهم ومواقفهم عليه أن يفتح الباب للجميع بعيداً عن الثنائية التبسيطية السائدة: معارضة وموالاة….هناك وطن اسمه سورية تم حرقه وإفقاره بسبب هذه العقلية التبسيطية الساذجة في تصنيف الشعب السوري….الآن نحن أحوج ما نكون لنسمع بعضنا جميعا بهدوء وأن نتحاور ونتفهم وجهات نظر كل منا فيما حدث ويحدث بحثا عن طريق لقيامة جديدة لسورية على أثر دفنها حية أمام أنظار العالم بمساهمة أبنائها ومن مدّهم بالمال والسلاح….ليكن محور نضال الجميع في الظروف الحالية هو: وحدة سورية أرضا وشعبا في مناخ التعددية والقبول بالآخر وتصعيد المقاومة الشعبية لدحر الاحتلال الأميركي وأعوانه وخروج الميلشيات جميعها من الأرض السورية.

    1. شكرا جزيل أستاذ نذير جعفر على تعليقك المهم، الموقع مستقل وممول بشكل شخصي حصرا، ولا يتقاضى أي مساعدة من أي جهة سواء تركية أم قطرية أو سعودية..الخ. لم يتلقى الموقع أية مساهمة من الداخل السوري، وسننشر أي مقال يصلنا دون تردد مادام لا يتضمن أية شتائم أو اساءات شخصية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى