صفحات الحوار

خالد خليفة: أعمل لكي أصبح رسامًا

مناهل السهوي

ربما خذلته الحياة بأشكال مختلفة، فسرقت الحرب والهجرة أصدقاءه، لكنه تمكّن بطريقة ما من النجاة… الروائي السوري خالد خليفة تجربة سورية فريدة، ترك بصمة عربية وأوسع، وما زال بعد أكثر من ثلاثة عقود يغوص في التجارب والفنون والتجريب، ورغم أنه يجد انتظار الموت أمرًا صعبًا، لكنه يكتب ويرسم كأن الأبدية كلها أمامه.

الحوار مع خالد(*) ليس حديثًا عن كاتب وحسب، بل هو غوص في تجربة الإنسان العميقة. بداية مع رواية “حارس الخديعة”، وصولًا إلى “لم يصلِ عليهم أحد”، تتبع خالد الإنسان السوري، فتراه حينًا يصارع آثار الحرب في البلاد، وتارة يواجه التاريخ، ومرة يواجه ذاته. تقول كتابات خالد إن جميعنا مخذول، لكن ما زالت الحياة تستحق، وقلائل من يدركون لماذا تستحق الحياة خوضها، واحدٌ منهم هو خالد خليفة.

بدأ منذ ثلاث سنوات تقريبًا الرسم. حول الرسم، وكتابه الأخير “نسر على الطاولة المجاورة”، كان لنا معه الحوار التالي:

(*) على غير المعتاد، في حوار مع روائي، سأبدأ بسؤالك عن الرسم. ما الذي يدفع روائيًا وسيناريست للتوجه إلى الرسم؟

لا توجد دوافع محددة لممارسة فن معين سوى الشغف، وحب اللعب. الرسم كان بالنسبة لي لزمن طويل فكرة موؤودة، ولا يمكن لها أن تعيش مع الكتابة لشدة أنانيتها، وفرط تطلبها. لكن جاء وباء كوفيد وقدم لي وقتًا غير طبيعي مشحونًا بالألم والموت والعزلة، ففكرتُ بأنه الوقت المناسب لمحاولة العودة إلى الرسم. لم أعتقد بأن الأمور ستتطور وتصل إلى ما أنا عليه اليوم من اهتمام، والعمل بكل جدية لأصبح رسامًا، والاستعداد لدفع أثمان هذا الخيار.

(*) ما الذي قدمه لك الرسم، ولم تقدمه الكتابة؟

قوة اللعب والعبث مع الألوان، ومحاولات التجريب المستمرة والمفاجآت الصارخة التي لا تصدق. سأخبرك شيئًا، في بداية شبابي كتبت رواية كاملة، أكثر من سبعين ألف كلمة، لكني اكتشفت بعد ثلاث سنوات عمل بأنها نص ضعيف يستعير أصوات الآخرين، فقررت حرقها، وفعلت. لم أترك منها صفحة مسودة واحدة، ولم أندم. بدأت من جديد في كتابة روايتي الأولى “حارس الخديعة”. بينما في الرسم تستطيعين أن تعملي أسبوعًا على لوحة، وحين تكتشفين بأنها غير جيدة، ببساطة تعيدين تأسيسها باللون الأبيض، وهذا شيء يشبه اللعب الذي أحبه، محو من دون ترك أثر. الكتابة تركت فجوة حزينة في قلبي لم تستطع أن تحميني من التفكير في الانتحار، خاصة حين أشعر بأن العزلة هي قدري الوحيد في النهاية، بعد هجرة أغلب أصدقائي، وعدم تفكيرهم بالعودة إلى البلاد. الرسم يساعدني على تحمل العزلة، وعلى المحو الذي هو ضرورة قصوى للكتابة، وللرسم، على حد سواء.

(*) أعتبر نفسي محظوظة، إذ كنت الشاهدة الأولى على أول لوحة رسمتها، وأذكر تحديدًا السعادة التي شعرتَ بها بعد انتهاء لوحتك الأولى. هل ما زال الرسم بعد حوالي 3 سنوات يمنحك الاندفاع ذاته، والسعادة؟ وهل تعلقك بالرسم يعني أن عاطفة الكتابة خفتت مع الوقت؟

بالعكس تمامًا، عاطفة الكتابة والرغبة فيها لم تنقص مليمترًا. ما زالت الكتابة شغفي الأساسي في حياتي، ولدي كثير من المشاريع التي عاشت في الأعماق، واليوم تطفو وتطالبني بكتابتها. ما زلت أكتب يوميًا قدر المستطاع في ظروف العيش السورية، وروايتي الجديدة التي أعمل عليها منذ أربع سنوات، أنهيت مسودتها الكاملة منذ شهرين، وأعمل على مسوداتها اللاحقة وتجهيزها للطباعة، وفي الوقت نفسه أفكر برواية جديدة، بدأت أكتب أفكارها. لكن تعلقي بالرسم يشبه لعبة جديدة، جذابة، يذكرني بلعب الأطفال في الطين. الشعور الحسي رهيب لا يمكن وصفه، كحد أدنى لن تختفي لوثة الرسم من حياتي في القريب العاجل.

(*) يحتاج الرسم إلى أدوات وتقنيات بالطبع. كيف طورتَ نفسك في هذا الجانب؟

عبر عقود كنت مهتمًا بالرسم، ومحاولة تفكيك هذا الفن. ولدي محاولات قديمة من أيام الثانوية والجامعة، ما زال بعضها موجودًا حتى الآن. منذ ثلاث سنوات بدأت أتعلم، أتمرن، أفكر ماذا أريد، أية موضوعات رسمها يثير شغفي، وطبعًا أصدقائي لم يبخلوا عليَّ بأية معلومة. بعضهم سخر مني، لكن فادي يازجي مثلًا سمع لي، وحاول تعليمي كل ما أريد تعلمه، وما زلت ألجأ إليه حين أريد الاستفسار عن شيء. أهداني دفاتر اسكتشات مهمة للغاية، هذه اللفتات تثير في قلبي العاطفة والحب. أعتقد بأنني أعيد تكرار ما فعلته في الرواية، في محاولة التعلم عبر القراءة، وهنا التعلم عبر المشاهدة، وتفكيك الخطوط والألوان وعوالمها.

كل يوم أكتشف جديدًا في هذا العالم، الألوان وأنواعها، الأحبار، الورق، الكرتون، القماش، أحببت كل ما يخص الرسم، ومن قبل أحببت كل ما يخص الكتابة، أقلام الحبر الفاخرة، رائحة الورق، والآن الصفحة المنتهية على الكمبيوتر. كنت مولعًا بهذه التفاصيل وما زلت.

(*) ماذا يضيف الرسم إلى آلية التعبير لديك؟

لا شيء. إنه شيء مختلف رغم تفسيره البسيط بأسلوب وآلية تعبير. الكتابة عالم شاسع، لكنها ليست كافية. الموضوع بالنسبة لي بسيط جدًا، لدي وقت لحين موتي، وأريد قضاء هذا الوقت في مشغلي، أرسم وأكتب وأنحت، وأسخر من كل شيء. ليس سهلًا على الإطلاق انتظار الموت.

(*) تتحدث كثيرًا عن الموت والانتحار. كيف تصف علاقتك بالموت؟ هل تنتظره كشيء مسلّم به، وهل ساعدتك الكتابة على تقبله، أم العكس؟

في أثناء الحرب، أصبح الموت بالنسبة لي حدثًا طبيعيًا، انتظرت موتي مرات عديدة. استسلمت للأمر، ولم أعد أفكر كثيرًا بتلك الرهبة التي يثيرها مجرد الحديث عنه، ولم أعد متطيرًا. قد يكون تطوير هذه العلاقة فعلًا مريحًا بالنسبة لي. لكن التفكير الطويل الذي تستغرقه كتابة الموت يحول معناه إلى فعل يومي، كالأكل والشرب. ساعدتني الكتابة على تقبله، وتجميله أيضًا. ابتعدت فكرة الانتحار إلى زوايا غامضة، فمنذ خمس سنوات لم أعد أفكر بذلك.

(*) كي لا أبدو منحازة إلى الرسم، سأعود إلى آخر إصدار لك: “نسر على الطاولة المجاورة”، وهو الدفتر الأول من دفاتر العزلة والكتابة، تتحدث فيه عن تجربتك مع الكتابة، ومخاوفك ورؤيتك. هل من الممكن أن يكون فن التحدث عن الكتابة طريقة مواربة لطرح نصائح عن الكتابة من دون أن تكون مباشرًا، ومن دون أن يتحمل الكاتب عبء إلصاق النصائح به؟

بالتأكيد، هي كتابة ضد النصائح، لكنها تشجع من يبحث عن النصيحة على اختراع حياته العاطفية مع الكتابة. إنه تسجيل لشهادتي حول الكتابة التي هي متحولة أيضًا. أنا شخص مزاجي، أحيانًا لا أستطيع شرح فكرة صغيرة، وأحيانًا قادر على الحديث في موضوع واحد عشر ساعات متواصلة. ليس لدي قانون ثابت. كتبت هذا الكتاب عبر ربع قرن، ولم أفكر في نشره سوى منذ خمس سنوات. أعجبني بأن هذه الأفكار هي شهادتي عن الكتابة، قد تكون مهمة لمن يبحث عنها، أو لا تهم أحدًا. لكن ترك أثر الفراشة ليس ضارًا في كل الأحوال. يجب أن نشجع الكتاب العرب على كتابة مذكراتهم وآرائهم حول صناعتهم وطريق شغفهم بالكتابة.

(*) استنادًا إلى إجابتك هنا، يبدو أن هنالك موجة كبيرة من الكتاب الجدد، وأنت تشجع الآخرين على الكتابة. ألا تجد أن استسهال الكتابة قد يسيء إلى الأدب العربي على المدى الطويل، وبخاصة أن واقع الأدب يعاني في الأصل من كثير من المشاكل؟

لا شيء يسيء إلى الكتابة التي تمتلك قوانين دفاعها عن نفسها، فالكتابة السيئة ستمضي. المشكلة بأن أغلب الكتابة سيئة، والكتابة الجيدة نادرة. لكن أوهام الكتاب عن أنفسهم تجعل من الكتابة فعلًا بطبقات متعددة لا يمكن سوى للتاريخ أن يقول كلمته النهائية في أمر بقاء الكتابة الجيدة وتخليصها من الكتابة السيئة التي تذهب كالعادة إلى مكانها المعتاد، أي إلى النسيان.

(*) تقول في الكتاب “لكنني كنت أشعر، وبشكل لا يقبل الشك، بأنني سأغادر الشعر إلى مكان آخر”. هل شعرت بذلك أيضًا مع الرواية، هل تعتقد أنك ستغادرها يومًا بشكل لا يقبل الشك إلى الرسم؟

أبدًا! كتبت الكتب التي أحببت كتابتها، ولم يعن لي العدد أي شيء. لذلك أشعر باسترخاء كبير، أكتب براحة، لكن بقوة الشغف نفسها. ما زالت قوة التعلم لدي، والتجريب، يحرضاني يوميًا على اختبار أساليب جديدة. لن تنتهي الحكايات من حياتي، فأنا أعاني من فرط في خيالي. مازال إحساسي ببراءة الحياة يصدمني رغم كل القذارة التي تغرق هذا العالم.

(*) رفضتَ أن تصبح قاضيًا ومحاميًا في حياتك. هل تعتقد أن التوجه إلى الكتابة هو شكل من أشكال البحث عن العدالة غير الموجودة في الخارج؟ وهل وجدت العدالة في الكتابة؟

كانت الفكرة حين بدأت الكتابة تغيير العالم، لكن رؤيتي لهذا التغيير اتسعت. الطريق طويل لتحقيق لذلك، وما زلت في بدايته. بالنسبة لي، لم أفقد حلم العدالة رغم يقيني أن العالم اليوم أكثر وحشية من أي زمن مضى. لا تقنعني الأيدي الناعمة التي تخنق العدالة، وتمنع إمكانية محاسبة القتلة. ولا يمكن لي التفكير خارج رغبتي الحقيقية بالمساهمة في تغيير العالم، أو على الأقل أن أقف، ومعي كتابتي، على ضفة الضحايا مقابل ضفة القتلة. لا تصدقي كم الجنون الذي أعيشه، ففي السنوات الأخيرة عاد إليَّ الحماس والرغبة في البدء من جديد بالبحث عن تلك الأفكار غير المكتملة، والتي لم تكن ناضجة في رأسي، لكنها اليوم واضحة، هذا العالم الوسخ يجب هدمه وتدميره. لا يمكن للحياة أن تستمر بهذا التواطؤ الفاضح.

(*) تتحدث عن الحكمة، والبحث عن أجوبة الأسئلة الأولى المتعلقة بالحياة وبنفسك. هل يخيفك شعور أنك لا تعرف شيئًا بشكل يقيني، بعد كل هذه السنوات والتجارب والروايات؟

نعم، لكني لم أعد ثابتًا في يقيني وفي شكي. بعد روايتي “لم يصل عليهم أحد”، فوجئت بالأثر الكبير الذي تركته شخصيتا حنا وسعاد في أعماقي. بدأت أنظر بشكل مختلف إلى الفجر حين أستقبله في منزلي المطل على البحر، خاصة في الشتاء. أحيانًا، أتجمد لساعات، فقط أحدق في الألوان والمطر. تمامًا كما فعل حنا في حياته الجديدة. زادت أسئلتي ونقصت أجوبتي.

(*) ما الذي قد يدفعك اليوم للعودة إلى كتابة سيناريو؟

يدفعني إلى العودة إلى كتابة سيناريو عرض جيد فنيًا ومعنويًا وماليًا. أنا لم أهجر السيناريو، بل جرى تهجيري. أنا غير مكترث، ولن أتنازل عن رؤيتي للمهنة.

ما حدث خلال السنوات الماضية كان سيئًا. بعد وفاة صديقي المخرج شوقي الماجري، وشريكي في مشروع جزائري كبير، تعرضت لعملية نصب من شركة جزائرية كبيرة. كنت ضحية فساد رهيب. طبعًا، أتباحث مع المحامين، وبهدوء، حول أفضل الطرق لتحصيل الحقوق، لكني في أعماقي حزين جدًا بأن هذا العالم قذر إلى هذه الدرجة. أصبحت متمهلًا جدًا، ومتقشفًا في اختيار الشركاء.

(*) “جرى تهجيرك من السيناريو”. تشير هنا إلى نقطة مهمة، وهي ظهور جهات عربية تستقطب الإنتاج التلفزيوني، بالإضافة إلى انتشار الفساد. أن يتعرض كاتب مثلك لعملية احتيال هو دليل على كارثية الوضع. ما رأيك في الأعمال التلفزيونية العربية عمومًا، والسورية خصوصًا، خلال العقد المنصرم؟

سأكتفي بالحديث عن الإنتاج السوري، لأني لست متابعًا لما يحدث في العالم العربي. عمومًا، خلال السنوات الماضية انحدر الإنتاج التلفزيوني السوري إلى أمكنة قياسية، كما انحدرت عمومًا كل مظاهر الحياة السورية. فقد الإنتاج السوري بيئته، ووحدته، والانقسام الذي عانت منه سورية وصل إلى مسلسلات التلفزيون، وهذا شيء طبيعي. والنقاش خلال الموسم الماضي دليل على هذا التراشق بين جهتين، وليس جهة إنتاج واحدة. لن يعود الإنتاج التلفزيوني السوري إلى ألقه إلّا مع سورية الحرة الجديدة.

(*) لماذا اخترت بعد كل هذا الوقت العمل على مشروع جزائري؟

حقيقة، أنا لم أختر ذلك، بل لبيت دعوة صديقي المرحوم المخرج شوقي الماجري لمشاركته العمل على مشروع الداي حسين، وهو مشروع مهم جدًا كما رأيناه وفكرنا فيه. وأحب أن أضيف بأنه لا يمكن لي رفض العمل على مشروع جزائري لما تعنيه الجزائر بالنسبة لي. حدث الذي حدث. وما حدث لن يغير رأيي في حب الجزائر، التي لن تفقد معناها بالنسبة لي. النصابون عمومًا هم فئة ضالة وعابرة ومتواجدون في كل مكان.

(*) هنالك سؤال يُطرح بشكل متكرر على الكتاب الذين تعاني بلادهم من حروب، أو ترزح تحت حكم أنظمة ديكتاتورية: كيف أثر وضع بلادك على كتاباتك؟

اليوم، أشعر بهذه التأثيرات، خلال الحرب لم أكن أشعر بهذه التغييرات، لكن اليوم أشعر بالتحديات التقنية الجديدة. حتى المواضيع، صراحة شيء كبير تغير، لكنه لم ينضج بعد.

(*) هل تعتقد أن الوضع السياسي، والدمار، وما مرّ على سورية، دمر الثقافة فيها؟

نعم، دمر كل شيء، حتى بقايا ثقافة كان ينتجها أناس شجعان.

(*) هل يمكن أن أعد إجابتك فقدان أمل من الواقع السوري؟

ليس فقدان أمل، لكنه توصيف لواقع الحال القاسي. بالعكس، على صعيد الأمل أنا متفائل، وأعتقد بأن التغيير القادم ليس بعيدًا.

(*) أخبرتنا عن رواية ستصدرها قريبًا، كما أن لديك فكرة لرواية جديدة. هذا يخص الكتابة. ماذا عن الرسم، وهل هنالك أية مشاريع، أو معارض، قريبًا؟

نعم، هنالك أفكار متداولة لأول معرض شخصي. لكن حتى الآن الموضوع مجرد فكرة يجري بحث تفاصيلها، حين كنت كاتبًا شابًا لم أستعجل النشر، وروايتي “حارس الخديعة ” لولا تدخل صديقي الكاتب وائل سواح، وإرسالها إلى النشر لتأخرت كثيرًا. بالنسبة لي المهم الإنتاج، وباقي الأشياء، كالنشر، والعرض، تحصيل حاصل.

(*) خالد خليفة: وُلد في مدينة حلب عام 1964، وهو روائي وشاعر وكاتب سيناريو. وصلت روايته الأخيرة “لم يصلِ عليهم أحد” إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2020. ومن أعماله أيضًا “لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة” الحاصلة على جائزة نجيب محفوظ للرواية، و”مديح الكراهية”، التي رشحت لجائزة الإندبندنت العالمية، ولجائزة الرواية العربية. من أعماله التلفزيونية “قوس قزح”، و”سيرة آل الجلالي”، و”العراب”.

ضفة ثالثة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى