واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا تحديث 26-27 نيسان 2025

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي
دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع
——————————–
الشرع يحذر “قوات سوريا الديمقراطية”: وحدة البلاد خط أحمر
الرئاسة السورية ترفض محاولات “قوات سوريا الديمقراطية إنشاء كيانات منفصلة
الرياض : العربية.نت
27 أبريل ,2025
أصدرت الرئاسة السورية، اليوم الأحد، بيانا، بشأن مستجدات الاتفاق مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، مؤكدة رفضها أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة.
وقالت الرئاسة السورية في بيانها: “لقد شكّل الاتفاق الأخير الذي جرى بين الرئيس أحمد الشرع وقيادة “قسد” خطوة إيجابية نحو التهدئة والانفتاح على حل وطني شامل، غير أن التحركات والتصريحات الصادرة مؤخرا عن قيادة “قسد”، والتي تدعو إلى الفيدرالية وتُكرّس واقعا منفصلا على الأرض، تتعارض بشكل صريح مع مضمون الاتفاق وتهدد وحدة البلاد وسلامة ترابها”.
وأكدت الرئاسة السورية أن “الاتفاق كان خطوة بناءة إذا ما نُفّذ بروح وطنية جامعة، بعيدا عن المشاريع الخاصة أو الإقصائية”، مشددة على رفضها “بشكل واضح أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل”.
وحذرت من أن “وحدة سوريا أرضا وشعبا خط أحمر، وأن أي تجاوز لذلك يُعد خروجا عن الصف الوطني ومساسا بهوية سوريا الجامعة”، معربة عن بالغ قلقها من “الممارسات التي تُشير إلى توجهات خطيرة نحو تغيير ديمغرافي في بعض المناطق، بما يهدد النسيج الاجتماعي السوري ويُضعف فرص الحل الوطني الشامل”.
كما حذرت الرئاسة السورية من “تعطيل عمل مؤسسات الدولة السورية في المناطق التي تُسيطر عليها “قسد”، وتقييد وصول المواطنين إلى خدماتها، واحتكار الموارد الوطنية وتسخيرها خارج إطار الدولة، بما يُسهم في تعميق الانقسام وتهديد السيادة الوطنية”.
وأضافت الرئاسة السورية في بيانها: “لا يمكن لقيادة قسد أن تستأثر بالقرار في منطقة شمال شرقي سوريا، إذ تتعايش مكوّنات أصيلة كالعرب والكرد والمسيحيين وغيرهم. فمصادرة قرار أي مكوّن واحتكار تمثيله أمر مرفوض، فلا استقرار ولا مستقبل من دون شراكة حقيقية وتمثيل عادل لجميع الأطراف”.
كما أكدت أن “حقوق الإخوة الأكراد، كما جميع مكونات الشعب السوري، مصونة ومحفوظة في إطار الدولة السورية الواحدة، على قاعدة المواطنة الكاملة والمساواة أمام القانون، من دون الحاجة لأي تدخل خارجي أو وصاية أجنبية”.
ودعت الرئاسة السورية شركاء الاتفاق، وعلى رأسهم “قسد”، إلى “الالتزام الصادق بالاتفاق المبرم وتغليب المصلحة الوطنية العليا على أي حسابات ضيقة أو خارجية”.
وختمت بيانها بتجديد “موقفها الثابت بأن الحل في سوريا لا يكون إلا سوريا ووطنيا وشاملا، يستند إلى إرادة الشعب، ويُحافظ على وحدة البلاد وسيادتها، ويرفض أي شكل من أشكال الوصاية أو الهيمنة الخارجية”.
———————————–
نيوزويك: خفض القوات الأميركية في سوريا يثير انقسامات بين حلفاء واشنطن/ ربى خدام الجامع
2025.04.27
ذكرت صحيفة “نيوزويك” الأميركية في تقرير موسع أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتقليص عدد القوات الأميركية في سوريا أثار ردود فعل متباينة بين حلفاء واشنطن المحليين، بينما عبر شركاء الولايات المتحدة عن استمرار التهديدات الأمنية، وسط تشكيك بعض الأطراف بجدوى هذا القرار.
يورد موقع تلفزيون سوريا هذه الترجمة لتسليط الضوء على تطورات الموقف الأميركي في سوريا وانعكاساته على الداخل السوري، ويؤكد أن ما ورد في التقرير يعبر عن وجهة نظر صحيفة “نيوزويك” ومصادرها ولا يتبنى بالضرورة كل ما جاء فيه.
فيما يلي الترجمة الكاملة للتقرير:
استقطب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب والقاضي بتقليص عدد القوات الأميركية في سوريا ردود فعل متباينة بين الفصائل المحلية، في حين أعرب شركاء الولايات المتحدة عن بقاء التهديدات على حالها، ورأى منتقدو هذا القرار بأنه لم يحقق إنجازاً كبيراً في ذلك الاتجاه.
بعد مرور أشهر من التوقعات بشأن إمكانية تحرك ترمب لتنفيذ هدفه الذي وضعه خلال ولايته الرئاسية الأولى، والمتمثل بسحب قواته من سوريا، أعلن البنتاغون يوم الجمعة الماضي عن البدء بتعزيز الوجود العسكري الأميركي في سوريا، وبحسب الأخبار الواردة، فإن هذه الحركة قد تؤدي إلى إغلاق ثلاث قواعد وخفض عدد الجنود ليصل إلى ما دون ألف جندي، ليقترب ذلك العدد من عدد القوات التي نشرت في سوريا قبل أن يزيدها الرئيس السابق جو بايدن ليصل عدد الجنود إلى 2500 وذلك بحسب ما أعلن عنه في شهر كانون الأول الماضي.
وجود عسكري غير مشروع
ينقسم الوجود الأميركي في سوريا ما بين الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا والتي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يترأسها الكرد، وبين حامية عسكرية موجودة في المنطقة الجنوبية الشرقية من البادية السورية ضمن منطقة تعرف باسم التنف، ويقوم على خدمة تلك القاعدة عناصر تعرف باسم جيش سوريا الحرة.
أعلنت كلتا الجماعتين المدعومتين أميركياً عن مواصلتهما لدعم الوجود الأميركي الحليف لهما على الرغم من أن كلتيهما تسعيان للاندماج ضمن التحالف الذي يقوده إسلاميون والذي عمل على إسقاط الدكتاتور بشار الأسد في شهر كانون الأول الفائت.
ولكن ماتزال هنالك تساؤلات تحيط بأهداف الوجود العسكري الأميركي في سوريا، بما أن الحكام الجدد لهذا البلد يعتبرون الوجود الأميركي بمنزلة احتلال غير مشروع لبلدهم، بعد أن تبنى النظام البائد للبلد ومؤيدوه الرأي نفسه.
في ظل الأخبار التي رشحت عن الانسحاب الأميركي، علقت على ذلك سينام محمد من واشنطن، وهي ممثلة الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، أي المجلس الديمقراطي السوري، وذلك عندما تحدثت عن القيمة الكبيرة والمستمرة للوجود الأميركي في سوريا، وذلك نظراً لاستمرار التهديد المتمثل بوجود جماعة تنظيم الدولة الإسلامية المقاتلة، وصرحت عن ذلك بقولها: “إن وجود القوات الأميركية مهم عندما نرى في عودة تنظيم الدولة تهديداً للمنطقة بأكملها، فهنالك السجون التي تؤوي الآلاف من مقاتلي تنظيم الدولة، ناهيك عن المخيمات التي تضم أهالي عناصر تنظيم الدولة والتي مابرحت تمثل خطراً وتهديداً، بما أننا نؤمن بأن القوات الأميركية لابد لها أن تمد يد العون ضد أي تهديد من تنظيم الدولة”.
مايزال مصير تلك السجون موضع تساؤل بعد أن أبرمت قوات سوريا الديمقراطية خلال الشهر الفائت اتفاقية تقضي بانضمامها إلى الحكومة المركزية التي يترأسها رئيس سوريا أحمد الشرع، بيد أن محمد ترى بأن الاتفاقية “تسير نحو الأمام على الطريق الصحيح” حتى اللحظة، وتضيف: “نتمنى إقامة نظام لامركزي في سوريا لنحافظ على السلام والاستقرار بشكل دائم”.
إلا أن قوات سوريا الديمقراطية ما فتئت تدخل في صراعات واشتباكات مع غيرها من الجماعات التي كانت في السابق تتبع للمعارضة، والتي أسهمت في إسقاط الأسد، وخاصة الجيش الوطني السوري المدعوم تركياً. ولذلك وقعت أحداث عنف على الرغم من توصل أنقرة إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار خلال الشهر الماضي مع حزب العمال الكردستاني ذي النزعة الانفصالية، والذي يتمتع بعلاقات طيبة مع قسد.
كما أن جيش سوريا الحرة، الذي أعلن قائده في كانون الثاني من هذا العام بأن القوات الأميركية بقيت تلعب دوراً مهماً في محاربة تنظيم الدولة، أعلن عن عزمه على الانضمام إلى الحكومة الجديدة التي يترأسها الشرع يوم الجمعة الماضي، على الرغم من مواصلته للتدريب مع الجنود الأميركيين.
وفي الوقت الذي سعى الشرع لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة منذ أن قاد الهجوم الذي أسقط الأسد، أعلن هذا الرجل بأن الوجود الحالي للقوات الأميركية لا يعبر عن التزام بالقانون الدولي، نظراً لعدم وجود اتفاقيات موقعة بهذا الشأن بين دمشق وواشنطن.
يذكر أن الولايات المتحدة لعبت دوراً في مجال الإشراف على توقيع الاتفاق بين حكومة الشرع الجديدة وبين قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، على الرغم من أن الشرع مايزال مصنفاً كشخصية إرهابية من طرف واشنطن وذلك بسبب ارتباطه في السابق بهيئة تحرير الشام والجماعات التي سبقت تشكلها والتي بايعت تنظيم القاعدة.
هذا وقد جرى التواصل مع وزارة الإعلام السورية ومع جيش سوريا الحرة من أجل التعليق على الموضوع.
تصعيد ينتهي بالتراجع عن القرار
تبنت جهات أخرى موقفاً أقوى ضد الوجود العسكري الأميركي، فالجماعة التي تعرف باسم أولي البأس، أو جبهة المقاومة الإسلامية السورية، والتي شاركت في عمليات ضد القوات الإسرائيلية التي سيطرت على مزيد من الأراضي في الجنوب السوري عقب إسقاط الأسد، شككت بتلك الخطوة الأميركية وبكونها تعبر عن تغير أكبر في الاستراتيجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط، إذ أعلن المكتب السياسي لجماعة أولي العزم بأنه: “بداية، فإن فهم أفاعيل الإدارة الأميركية يوضح حقيقة هذا القرار ويظهر وبكل جلاء الدور الذي لعبته الإدارات الأميركية المتعاقبة في سوريا كما يظهر حجم التنسيق والتوجيه الذي قدمته السلطات الحاكمة في دمشق… ثم إن ترمب اتخذ قراراً مماثلاً تماماً خلال فترة ولايته الأولى، إلا أن تنفيذه يعتمد على الوقائع السياسية وعلى اعتبارات تخص المصالح الأميركية”.
أعلن ترمب في أواخر عام 2018 عن عزمه على البدء بسحب القوات الأميركية بشكل كامل من سوريا، إذ بعد سنة من الهزيمة المنكرة التي مني بها تنظيم الدولة بفضل الحملات المنفصلة التي شنتها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أميركياً والحملات التي شنها نظام الأسد الذي كانت إيران وروسيا تدعمانه، بدأ ترمب بإصدار أوامره التي تقضي بإجلاء القوات الأميركية عن عدد من المواقع العسكرية المقامة في الشمال السوري وذلك بموجب الاتفاقية الموقعة مع تركيا في عام 2019.
ولكن في العام نفسه، وقعت اشتباكات بين القوات الأميركية الموجودة في سوريا وجارها العراق وبين الميليشيات المحلية المتحالفة مع إيران، وقد حدث تصعيد إثرها دفع ترمب إلى إصدار أوامره التي تقضي بقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وهو الجنرال قاسم سليماني، وذلك في بغداد عام 2020.
ظهر التوتر من جديد أيام إدارة بايدن، وذلك عند مشاركة ميليشيات موجودة في المنطقة في تحالف محور المقاومة الذي تتزعمه إيران والذي بدأ باستهداف المواقع الأميركية إثر دعم واشنطن لإسرائيل في حربها على حركة حماس الفلسطينية في غزة.
غير أن حركة أولي البأس تعتبر نفسها مستقلة عن أي عناصر فاعلة سواء أكانت محلية أم خارجية، على الرغم من أنها تصف نفسها بأنها جزء من محور المقاومة. إذ بعد الضرر الذي مني به هذا التحالف الذي تتزعمه إيران بسبب سقوط الأسد، والضربات القاصمة التي تعرض لها حزب الله في لبنان عند خوضه لحرب مع إسرائيل، ترى حركة أولي البأس بأن الولايات المتحدة تسعى بشكل مقصود لإبقاء سوريا في حالة فوضى، إذ أعلنت في بيان لها بأن: “سحب أقل عدد من الجنود وإغلاق ثلاث قواعد فقط يمثل حالة توازن جغرافية جديدة في سوريا على حساب استقلال هذا البلد ووحدة أراضيه… لأن النظام الأميركي يعمل على سرقة ثروات سوريا وتأمين الإمدادات الضرورية للكيان الإسرائيلي مع فرض واقع قائم على الفوضى يخدم مصالح الدول الوصائية”.
عبرت حركة أولي العزم عن المزاعم نفسها التي لطالما أعرب عنها النظام السوري البائد والتي تتصل بنهب الولايات المتحدة للموارد الطبيعية السورية، بما أن معظم الوجود الأميركي يتركز في مواقع بشمال شرقي سوريا حول حقول النفط والغاز. أما الآن، فترى هذه الجماعة بأن الولايات المتحدة أضحت في موقف أضعف من أن يساعدها على تعزيز موقفها، وذلك بسبب الصراعات السياسية التي تدور في الداخل الأميركي، وهذا ما توضح من خلال قولها: “إن كل ادعاء تطلقه الإدارة الأميركية ما هو إلا استعراض لصورة غير واقعية عن الأهداف والمطامح التي يسعى المشروع الأميركي لتحقيقها، ليس فقط في سوريا، ولكن في عموم المنطقة.. وإننا نعتقد بأن الوجود الأميركي بات أضعف مما كان عليه في السابق، وذلك بسبب الاحتياجات الأميركية التي ظهرت في الداخل، وبسبب العوامل الجديدة التي لابد لها أن تغير النهج الأميركي الساعي للهيمنة وفرض التفوق العرقي على شعوب المنطقة، وعلى رأسها سوريا”.
وبخلاف قسد وجيش سوريا الحرة، لم تعلن أولي البأس عن سيطرتها بشكل رسمي على أي منطقة سورية، على الرغم من تكثيفها لعملياتها ضد الجنود الإسرائيليين خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ومنذ فترة قريبة، أكد مسؤول عسكري إسرائيلي وقوع عدد من الاشتباكات بين الجنود الإسرائيليين والميليشيات الموجودة في الجنوب السوري، وذلك عندما أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، خلال الأسبوع الماضي، بأن قواته ستبقى هناك إلى أجل غير مسمى، كما أنها ستبقى في أجزاء من غزة ولبنان، وذلك في ظل النزاع الإقليمي الدائر حالياً.
كما أكد مسؤولون إسرائيليون بأن ما يمارسونه في سوريا هدفه الحد من أي خطر يمكن للحكومة السورية الجديدة أن تشكله، بيد أن الغارات الإسرائيلية التي استهدفت سوريا أثارت انتقادات واسعة في عموم الشرق الأوسط.
اتهامات وتحالفات
وفي الوقت الذي دان الشرع الوجود الإسرائيلي وتكرر الغارات التي تشنها طائرات حربية إسرائيلية في سوريا، لم يصدر أي أوامر رسمية بالرد على تلك الغارات، وقد دفع ذلك التقاعس حركة أولي البأس إلى اتهامه بالتواطؤ مع إسرائيل في عملياتها ضد سوريا، وخاصة بعد إلقاء حكومته القبض على عنصرين من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية يوم الثلاثاء الماضي، بما أن الجهاد الإسلامي يعتبر فصيلاً آخر تابعاً لمحور المقاومة، والذي شارك بشكل مباشر في الحرب ضد إسرائيل.
فما كان من الشرع إلا أن عزز علاقاته مع تركيا، والتي قامت بدورها بتصعيد تحذيراتها ضد إسرائيل وعملياتها في سوريا، مما قد يفسح المجال لظهور تصعيد أكبر بين هاتين الدولتين الحليفتين للولايات المتحدة الأميركية.
ففي مؤتمر صحفي مشترك عقده ترمب في مطلع الشهر الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يشار إليه في بعض الأحيان باسمه الحركي، وهو بيبي، أبدى الرئيس الأميركي إعجابه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعرض الوساطة بين رئيسي الدولتين، شريطة التزام كل منهما بالتعقل والمنطقية.
وخلال ذلك المؤتمر، ورداً على سؤال أحد الصحفيين، قال ترمب: “لقد سبق أن قلت له: “بيبي، إن كانت لديك مشكلة مع تركيا، فأعتقد بأنه بوسعي حلها، إذ كما تعرفون، تربطني علاقة طيبة جداً جداً بتركيا ورئيسها، وأعتقد بأننا بوسعنا حل تلك المشكلة”.
كما أشاد ترمب بأردوغان وبدوره المباشر في إسقاط الأسد وكذلك لأنه “أخذ سوريا” على حد وصفه، على الرغم من إنكار الرئيس التركي ضلوع بلاده بأي دور مباشر في الهجوم المظفر الذي شنه الثوار السوريون لتحقيق ذلك الهدف.
بيد أن إدارة ترمب على مايبدو مايزال يقلقها أمر التدخل المباشر بحكومة الشرع، حتى في الوقت الذي يطالب عدد من أهم الشخصيات في واشنطن بتخفيف العقوبات التي فرضت على سوريا خلال حقبة الأسدين، وعلى رأسهم جين شاهين وجيمس ريش رئيس لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ.
كما أجرى عضوان آخران من الكونغرس وهما كوري ميلز من فلوريدا ومارلين ستوتزمان من إنديانا زيارة غير رسمية لسوريا يوم الجمعة الفائت، أي في اليوم نفسه الذي أكد البنتاغون تقليص الوجود العسكري الأميركي في سوريا، وهناك التقيا بممثلين عن الحكومة السورية المؤقتة.
وفي اليوم نفسه، حذرت السفارة الأميركية في سوريا والتي أغلقت منذ أن قطعت واشنطن علاقاتها مع دمشق بعد عام من اندلاع الحرب السورية في عام 2011 من أن: “وزارة الخارجية الأميركية تتبع معلومات موثوقة تتصل باحتمال وقوع هجمات وشيكة على مقار تشمل أماكن يرتادها السياح”، وأضافت في بيان لها بأنه: “لا يمكن اعتبار أي جزء من سوريا آمناً من العنف، ولذلك تذكر الوزارة المواطنين الأميركيين بأن السياح مايزالون يخططون لعمليات خطف وتفجير وغيرها من الهجمات في سوريا، وقد يشن هؤلاء هجمات من دون سابق إنذار أو بعد تحذير بسيط، ليستهدفوا من خلالها المناسبات العامة والفنادق والنوادي والمطاعم ودور العبادة والمدارس والحدائق ومراكز التسوق ووسائط النقل العامة والمناطق التي تجتمع فيها حشود عريضة… وقد تشتمل أساليب تلك الهجمات على سبيل المثال لا الحصر الاعتماد على مهاجمين أفراد، أو على مسلحين، أو الاستعانة بعبوات ناسفة”.
المصدر: The Newsweek
تلفزيون سوريا
—————————-
عن وزارات الكُرد السياديّة في سوريا/ أحمد قليج
26.04.2025
خطابات وزيري التعليم والثقافة أثناء إعلان التشكيل الحكومي لم تشِ بأيّ تغيّر في عقل الدولة السوريّة، فبدلًا من أن يُبشّر وزير الثقافة بانفتاح وزارته على كل لغات سوريا وثقافاتها، والوعد بإبراز كلّ هذا التنوّع، انطلق بِشِعرٍ يرمز إلى التملّك الأبديّ، كما أسماه، إلى “يوم القيامة” لدمشق.
في ثمانينات القرن العشرين، دخل رجلٌ مبنى وزارة الثقافة السوريّة في دمشق، حاملاً بيده مخطوطةً كان ترجمها من العربيّة، لغة البلاد الرسميّة، إلى اللغة الكُرديّة، متقدّماً بطلب طباعة المخطوطة على حساب الوزارة.
الرجل كان السياسيّ الكُرديّ ابن مدينة عفرين رشيد حمو (1925–2010)، أمّا المخطوطة فكانت عبارة عن خطاب قسمٍ طويل للرئيس السوري حافظ الأسد.
كان غرض رشيد حمو من مغامرته تلك حفرَ ثُقبٍ بإبرة في جبل النكران بين اللغة الكرديّة ومؤسّسات الدولة السوريّة الرسميّة، محاولة لنزع الاعتراف الرسميّ بلغته الأم، حتى لو كان عبر ترجمة خطاب لحافظ الأسد. فالرجل لم يكن مُعجباً به حتماً، ولا بسياساته الإنكاريّة.
ولأنّ الخطاب كان خطاب الرجل الأوّل في سوريا، طلب موظّفو الوزارة بضعة أيّام لدراسة المخطوطة، قبل أن يأتي الرّفض الرسميّ على نقل أقوال الأسد في “جمهوريّة الصّمت” إلى الكُرديّة.
تذكّرتُ الحادثة تلك مع تشكيل الحكومة السوريّة الجديدة، والتي من المفترض أنّها ستعكس وجهة “الجمهوريّة الجديدة”، وإن كان الحديث حول الوزارات السياديّة حاضراً، فأكثر الوزارات التي يمكن أن تعكس تغييراً جوهريّاً في تعاطي مؤسّسات الدولة مع الكُرد وغير العرب ستكون وزاراتي الثقافة والتربية والتعليم، الى درجة يمكننا إطلاق مصطلح “وزارات غير العرب السياديّة في سوريا”.
من خلال عمل هاتين الوزارتين تحديداً، وقراراتهما، سيكتشف الكُرد وغيرهم مدى تغيّر عقل الدولة السوريّة وفهمها تنوّع مجتمعها بلغاته وثقافاته.
وإن كانت خطابات الوزيرين أثناء إعلان التشكيل الحكومي لم تشِ بأيّ تغيّر في عقل الدولة السوريّة – بافتراض أنّ الثورة السوريّة قامت على هذا العقل، وليس فقط بغرض تغيير السّلطة – فبدلًا من أن يُبشّر وزير الثقافة بانفتاح وزارته على كل لغات سوريا وثقافاتها، والوعد بإبراز كلّ هذا التنوّع، انطلق بِشِعرٍ يرمز إلى التملّك الأبديّ، كما أسماه، إلى “يوم القيامة” لدمشق. وهنا نحن نتكلّم عما سُمِّيَ بـ”الحقوق الثقافيّة للكُرد وغير العرب من السوريّين”، لا عن مطالب سياسيّة للجماعات غير العربيّة. تلك الحقوق التي من المفترض أنّها ليست نقاط خلاف من حيث المبدأ، بعدما تطوّعت السلطة لمراعاتها وإحقاقها في الإعلان الدستوري.
ما يزيد تأكيد أنّ معالي الوزير الشاعر يريد أن يكون وزير اللغة العربيّة والثقافة العربيّة فقط في سوريا، هو تداول تصريحات قديمة له، يعتبر فيها اللغة السريانيّة مجرّد لهجة من لهجات العرب، ما يعكس نقصاً معرفيّاً كبيراً بالتنوّع اللغوي والثقافي للمجتمع السوري. هذا التنوّع الذي من المفترض أن تفتح وزارته أبواب مسارحها ومطابعها له، بعدما بقيت هذه الأبواب مغلقة لعقود.
كذلك، وعلى رغم أصول وزير التربية والتعليم الكُرديّة، فإنّه لم يُقدِّم، أو ربما لم يُسمَح له بالإعلان – إلى الآن – عن خطّته، إن وُجدت، لحلّ معضلة التعليم باللغة الأم، التي هي مطلب كُرديّ أساسي، وهي ردّ اعتبار لأجيال من الكُرد السوريّين الذين فشلوا في دخول الجامعات، بسبب اعتبار اللغة العربيّة لغةً مرسِبة، بخاصة الأجيال الأولى منذ تأسيس الدولة السوريّة، حيث كان معظم الكُرد لا يُتقنون يومها العربيّة إلا بالحدّ الأدنى، ربما ما يكفي لأداء الصلوات، أمّا الدخول الكُرديّ المُكثّف للجامعات فلم يبدأ إلا ابتداءً من ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته.
في حادثة شخصية، وصل في نهاية خمسينات القرن العشرين أستاذ للغة العربية قادماً من الساحل السوري إلى قرية جدي في عفرين، فسكن في بيت مجاور. وللصداقة التي تشكلت بينه وبين جدي وتكريماً له، أطلق اسمه على ابنه الذي هو أبي، قبل أن يكبر أبي ويفشل لثلاث سنوات متتالية في اجتياز شهادة الثانوية، بسبب رسوبه في مادة اللغة العربية.
في لقاء تلفزيوني على إحدى القنوات الكُرديّة، قال وزير التربية والتعليم بالكُرديّة إنّه سيجد حلاً لكلّ الـ “Pizikan” – وكان يقصد في السياق “Pirsgirêk” – ربما لم تُسعفه لغته الكُرديّة الأم، التي حُرِم التعلّم بها، في النطق السليم، وكان ذلك ظهوره الإعلاميّ الأوّل بالكُرديّة.
أمّا الفرق بين الكلمتين، فالأولى تعني “الدمامل”، والثانية تعني “المشاكل”، ولا نعلم: هل يريد الوزير إيجاد حلٍّ لمشاكل سوريا التعليميّة، أم فعلاً قصد علاج الدمامل الموجودة على وجه سوريا وجسدها؟
درج
————————————-
«كونفرانس» الحسكة… اتفاق على اللامركزية ووفد كردي موحد للتحاور مع دمشق/ جانبلات شكاي
مع توافق القوى السياسية الكردية السورية ذات المشارب المختلفة على «الرؤية المشتركة حول سوريا والقضية الكردية»، انتقل الملف الكردي إلى مرحلة جديدة يكون فيها التفاوض هذه المرة بين الكرد بوفد مشترك من جهة، والحكومة المركزية في دمشق من جهة ثانية، لتثبيت أو على الأقل للسعي لتثبيت ما يمكن تثبيته من مطالب يريد الكرد لها أن تتحول إلى حقوق دستورية في الدولة السورية الجديدة.
وأعلنت الهيئة الرئاسية لـ»المجلس الوطني الكردي» في بيان صحافي تلقت «القدس العربي» نسخة منه، أنه قد «تم التوافق على موعد انعقاد كونفرانس وحدة الصف والموقف الكردي رسمياً يوم السبت الموافق في 26 نيسان/ابريل الجاري، كخطوة هامة واستحقاقاً سياسياً يعكس طموحات شعبنا الكردي في سوريا».
واعتبر البيان «أن هذا الإنجاز جاء كتعبير عن إرادة أبناء شعبنا الكردي، وجهود دؤوبة بذلها المخلصون من مناضليه، وبدعم كريم من الأشقاء والأصدقاء وخاصة رئيس إقليم كردستان العراق السابق مسعود بارزاني، وقائد قوات سوريا الديمقراطية- (قسد) مظلوم عبدي».
وقال البيان: «نأمل أن يشكّل هذا الكونفرانس نقطة تحوّل نحو مرحلة جديدة من التعاون البنّاء بين أحزاب الحركة السياسية الكردية، ويُعزز الثقة مع الحاضنة الشعبية، ويفتح آفاقاً أرحب لعلاقات وطنية متينة مع سائر مكونات الشعب السوري»، موضحاً أن «وحدة الموقف الكردي تمثّل حاجة وطنية مُلحّة، وخطوة أساسية على طريق تحقيق الشراكة الحقيقية في صياغة مستقبل سوريا الديمقراطية، التعددية، التي تحتضن جميع أبنائها بوئام ومساواة وسلام».
وفي لقاء له مع «القدس العربي» قبيل عقد «الكونفرانس»، أعلن المتحدث الرسمي باسم «المجلس الوطني الكردي في سوريا» فيصل يوسف أن «الاجتماع الموسع مكرس لمناقشة الرؤية الكردية المشتركة حول سوريا والقضية الكردية، وللتصديق على رؤية معدة مسبقاً تم التوصل إليها بين (المجلس الوطني الكردي) وحزب (الاتحاد الديمقراطي) ومن ثم الإعلان عن هذه الرؤية».
بدوره طالب رئيس مكتب العلاقات العامة في حزب الاتحاد الديمقراطي سيهانوك ديبو بأن «لا يتم النظر إلى عقد الكونفرانس الكردي بأنه متعلق فقط بحل القضية الكردية في سوريا، إنما أيضاَ بتصحيح الإعلان الدستوري السوري»، وقال في منشور له عبر صفحته على «فيسبوك» إن «الخطوة الأهم نحو عقد حوار سوري سوري أوسع يتمخض عنه حكم انتقالي وحوكمة مرحلية لكل سوريا»، باعتبار أن «القضية الكردية في سوريا هي قضية وطنية بامتياز».
قوات أمريكية تنسحب
التحرك السياسي الذي أكد حصول الانفراج على مستوى الحوار الكردي الكردي، ترافق مع مباشرة الولايات المتحدة سحب جانب من قواتها العاملة في سوريا ضمن التحالف الدولي المحارب لتنظيم «داعش» الإرهابي، الأمر الذي أعاده البعض إلى كونه أحد أدوات الضغط الأمريكية الرئيسية التي استخدمت لإنجاز التوافق الكردي الكردي بعد سنوات طويلة من الاستعصاء، باعتبار أن المظلة الأمريكية هي التي حالت لسنوات وتحول حتى اليوم، دون عملية عسكرية جادة ضد «قوات سوريا الديمقراطية» سواء من جيش النظام السوري الساقط سابقا، أو من تركيا.
والإعلان عن سحب القوات الأمريكية تم يوم الجمعة قبل الماضي حيث أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» شون بارنيل في بيان أن «وزير الدفاع أعطى اليوم توجيهات بإدماج القوات الأمريكية في سوريا عبر اختيار مواقع محددة»، من دون تحديد المواقع التي سيجري فيها ذلك، وأضاف أن «هذه العملية المدروسة والمشروطة من شأنها خفض عديد القوات الأمريكية في سوريا إلى أقل من ألف جندي أمريكي خلال الأشهر المقبلة».
وخلال الأيام السابقة، شوهدت قوافل كبيرة تنقل معدات عسكرية ولوجستية من أكبر قواعده في حقلي العمر وكونيكو في ريف دير الزور في شرق سوريا على دفعات، باتجاه قاعدته العسكرية في منطقة الشدادي في الحسكة.
كما شوهدت نهاية الأسبوع الماضي عشرات العربات المدرعة والشاحنات تحمل معدات لوجستية، تنسحب من الشدادي باتجاه العراق عبر معبر الوليد الحدودي البري غير النظامي شمالي بلدة اليعربية، إضافة إلى إزالة منطاد المراقبة الموجود في سماء القاعدة الأمريكية وخروج عدد من الحوامات وكميات كبيرة من الآليات العسكرية والعتاد باتجاه العراق.
وكان لافتا أن البدء بسحب مئات الجنود الأمريكيين ترافق مع وصول النائبين الجمهوريين من الكونغرس الأمريكي كوري ميلز ومارلين ستوتزمان، الجمعة قبل الماضي إلى سوريا، في أول زيارة من نوعها منذ إسقاط نظام الأسد، وإجرائهما محادثات مع رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع.
وميلز يترأس لجنتي الشؤون الخارجية في الكونغرس والقوات المسلحة الأمريكية، وفي تصريحات نقلتها عنه قناة «سكاي نيوز عربية»، أوضح أن من مصلحة الولايات المتحدة تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا، وقال «ناقشنا مع الشرع ملف العقوبات على دمشق»، واصفاً اللقاء بـ«الإيجابي»، وشدد على أنه «من المهم لنا فهم ما يجري في سوريا بعد سقوط نظام الأسد»، ودعا «لدمج كل الفصائل المسلحة ضمن الجيش السوري»، مؤكداً أن «واشنطن لن تتخلى عن المنطقة ومن مصلحتنا الأمن والاستقرار في سوريا».
مظلوم عبدي في أربيل
وبينما كانت كل التيارات السياسية والاجتماعية الكردية تتحضر للمشاركة في الاجتماع الموسع، كان قائد «قوات سوريا الديمقراطية- قسد» مظلوم عبدي برفقة الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية للإدارة الذاتية في سوريا إلهام أحمد، يجتمعون في مدينة أربيل العراقية عبر لقاءين منفصلين، مع كل من رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، ووزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو.
واستقبل بارزاني، الأربعاء، عبدي وأحمد، وحسب بيان صادر عن رئاسة الإقليم العراقي: «ناقش الطرفان آخر تطورات الوضع في سوريا وعلاقات (قسد) والأطراف السياسية الكردية في سوريا مع الحكومة السورية الانتقالية، وتبادلا وجهات النظر حول مخاطر الإرهاب ومواجهة تهديدات داعش».
وذكر بيان آخر نشرته الصفحة الرسمية لـ»قسد» على «تلغرام» أن «الجانبين ركزا على ضرورة وأهمية وحدة الصف الكردي، وبحثا الأوضاع السياسية في سوريا ووضع الكرد فيها.
وقال بيان «قسد» إن نيجيرفان «قدم دعمه الكامل للجهود الرامية لعقد المؤتمر القومي الكردي والخروج بنتائج تلبي تطلعات الكرد في سوريا، كما بحث الجانبان مستقبل سوريا والعلاقة ما بين (قسد) والحكومة الانتقالية الجديدة في دمشق، خاصة بعد توقيع عبدي اتفاقية مع الرئيس السوري أحمد الشرع أوائل شهر آذار/مارس الماضي».
وأوضح البيان أن «الجانبين أكدا على ضرورة مشاركة الكرد ومعهم جميع المكونات السورية في العملية السياسية، وضمان حقوقهم الدستورية، كما ناقشا سبل تحسين الوضع الاقتصادي في مناطق شمال وشرق سوريا».
وفيما يتعلق ولقاء عبدي وأحمد مساء الثلاثاء، مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ذكر بيان «قسد» أن «الوزير الفرنسي أشاد بدور قسد في مكافحة الإرهاب، وتطرق إلى أهمية تقديم كل أشكال الدعم لها لأهمية استمرارها في محاربة تنظيم داعش الإرهابي، وأيضاً لدعم الاستقرار والأمن في سوريا عامة».
وقال البيان إنه «تم التأكيد في الاجتماع على ضرورة مشاركة الكرد وجميع المكونات السورية في العملية السياسية وإدارة البلاد، للوصول إلى حالة من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والبدء بإعادة إعمار البلاد».
وقبل الاجتماع، نقلت وسائل إعلام عن وزير الخارجية الفرنسي قوله في مؤتمر صحافي مع رئيس إقليم كردستان في أربيل، إن باريس «ستستمر بدعم قسد وقوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة في الحرب ضد داعش».
وبعد إسقاط نظام الأسد، زار الوزير الفرنسي دمشق وأكد حينها على أهمية الحفاظ على سلامة الأراضي السورية وإعطاء الأقليات حقوقهم السياسية والدينية وخاصة الكرد الذين كانوا شركاء مهمين في محاربة تنظيم داعش.
مرحلة الحرب انتهت
وقبل وصوله إلى أربيل كان مظلوم عبدي يثبت قواعد الاتفاق الذي وقعه مع الرئيس الشرع، وتمت المباشرة بتنفيذه عبر انسحاب قوات سوريا الديمقراطية من منطقتين في مدينة حلب وتسليمها للأمن العام، مع المباشرة بتنفيذ وقف لإطلاق النار في محيط سد تشرين على نهر الفرات شمال الرقة، والمباشرة بنقل السيطرة على السد إلى الإدارة السورية الجديدة.
وخلال زيارة تفقدية له إلى سد تشرين أعلن عبدي الجمعة قبل الماضي أن سوريا «تدخل مرحلة جديدة تبتعد عن الحرب»، مشيراً إلى أن المفاوضات مع الحكومة السورية «تسير بشكل إيجابي، في خطوة قد تمهد لاستقرار طال انتظاره في الشمال السوري».
وذكر عبدي أن «المحادثات الجارية أسفرت عن اتفاق على تحييد سد تشرين عن أي عمليات عسكرية»، مشدداً على أن إدارة السد «ستكون مدنية بالكامل، وسيعود إلى وضعه الطبيعي كمؤسسة وطنية خدمية سورية»، معتبراً أن «مقاومة سد تشرين حققت أهدافها بحماية المنشآت الوطنية، واليوم نؤكد أن مرحلة الحرب انتهت، وسنلجأ كسوريين إلى الحوار لحل جميع الخلافات».
وأكد قائد «قسد» أنه «نخوض محادثات وتفاهمات إيجابية مع الحكومة الانتقالية، ولن نسمح لمثيري الفتن بزعزعة مساعي الحوار السوري السوري».
وفد برلماني أوروبي في الحسكة
وكما نشط ما يمكن وصفهما بالذراعين السياسي والعسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي، أي للحزب المتحكم بمفاصل القرار على الأرض في مناطق شمال شرق سوريا، كانت الواجهة السياسة ممثلة بـ«مجلس سوريا الديمقراطية- مسد» تستقبل وفدا برلمانيا أوروبيا في مدينة الحسكة، وحسب بيان صحافي نشرته «مسد» على صفحتها على «تلغرام» فإن وفد البرلمان الأوروبي، ضمّ نواباً من بريطانيا وألمانيا وأعضاء في منظمات المجتمع المدني، وزار مقر «مسد» في مدينة الحسكة، وكان في استقبالهم الرئاسة المشتركة للمجلس، ليلى قره مان ومحمود المسلط، إلى جانب أعضاء من الهيئة الرئاسية.
وذكر بيان «مسد» أنه «جرى خلال اللقاء بحثٌ مستفيض للأوضاع السياسية والعسكرية في سوريا، وتطورات المشهد في شمال وشرق البلاد، وأكد المسلط، أن منطقة شمال وشرق سوريا تمثل نموذجاً فريداً في التعدد والتعايش بين المكونات، حيث يعيش العرب والكرد والسريان الآشوريون والمسيحيون في إطار من الشراكة والمساواة».
وأوضح البيان أن المسلط «شدد على أهمية الدور الدولي في دعم هذا النموذج، داعياً إلى تعزيز العلاقات مع البرلمان الأوروبي والمؤسسات الدولية بما يُسهم في دفع العملية السياسية نحو تسوية شاملة ومستدامة».
ونقل البيان عن قره مان قولها إن «مسد» يعمل على بناء رؤية وطنية شاملة تشمل جميع مناطق سوريا، وأن الحوار مستمر مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية»، وأشارت إلى أن «الاتفاقات مع دمشق تسير في الاتجاه الصحيح، وأن المرحلة المقبلة تتطلب دعماً دولياً واضحاً للمشروع الديمقراطي والتشاركي، لضمان استقرار البلد ووضع أسس الحلّ السياسي الشامل».
واعتبر الوفد، حسب البيان، أن «المشروع اللامركزي الذي يطرحه (مسد) يشكل مقاربة مناسبة للواقع السوري، من شأنها أن تضمن حقوق جميع المكونات، وتحول دون العودة إلى سياسات الإقصاء والتهميش، كما أكد الوفد أن تحقيق استقرار حقيقي في سوريا يتطلب البدء بمرحلة انتقالية شاملة، تقوم على مشاركة جميع القوى السياسية والمجتمعية، بعيداً عن الخطوات الأحادية التي تتخذها الحكومة الجديدة في دمشق، واعتبر أن أي حل سياسي لا بد أن يمر عبر تغيير دستوري حقيقي، يضمن تحولاً ديمقراطياً يلقى قبولاً دولياً».
الكونفرانس الكردي
التحركات السياسية وحتى الميدانية السابقة، دلت بما ليس فيه لبس، أن مرحلة التهجم واستبعاد «المجلس الوطني الكردي» منذ تأسيسه في الـ 26 من تشرين الأول/اكتوبر 2011، من المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا، عبر أذرع حزب الاتحاد الديمقراطي الأمنية والعسكرية، قد انتهت وبدأت صفحة جديدة من الشراكة.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم «المجلس الوطني الكردي في سوريا» فيصل يوسف أن «الاجتماع الموسع مقرر ليبارك الاتفاق الذي تم إنجازه بين (المجلس الوطني الكردي) وحزب الاتحاد الديمقراطي ومن ثم الإعلان عنه حتى تصبح هذه الرؤية محل اجماع وتتحول من رؤية حزبية إلى رؤية كردية عامة».
الاجتماع تم بحضور نحو خمسين من الأحزاب الكردية الموجودة في مناطق عفرين وعين العرب والجزيرة، إلى جانب مشاركة أكثر من 30 منظمة مجتمع مدني، وشخصيات مستقلة من وجهاء العشائر ورجال الدين، وتم تمثيل بعض الأحزاب بثلاث شخصيات، وأخرى باثنتين وبعضها بممثل واحد، وحضر عن منظمات المجتمع المدني مندوب واحد لكل منها، وبمجموع وصل في النهاية إلى نحو 350 عضوا.
وفي تصريحه لـ»القدس العربي»، قال يوسف: «تعمدنا هذا الحضور الواسع حتى لا يخرج علينا أحد في المستقبل ويعلن أنه لم تتم استشارته في تثبيت الرؤية الكردية»، موضحاً أن «شخصيات من المقيمين في الولايات المتحدة أو في دول أوروبية وغيرها من الدول بمن فيهم اللاجئون الكرد السوريون إلى كردستان العراق، عبروا عن رغبتهم بالمشاركة، لكننا لم نوجه أي دعوات للمشاركة لأحد من خارج البلاد».
وأكد يوسف أن التفاهمات التي تم إقرارها بين «المجلس الوطني الكردي» وحزب الاتحاد الديمقراطي «تلقى كل الدعم والتأييد من غالبية الأحزاب والقوى الكردية السورية ولن ترتفع لاحقاً أصوات معارضة لها وخصوصاً أن الرؤية المشتركة هي في الواقع توافقات تم إنجازها منذ عام 2012، واليوم جرت عليها بعض التعديلات بعد اسقاط النظام».
المرجعيات السياسية
ولا يعتبر ما توصل إليه الطرفان حتى اللحظة، شيئاً جديداً على الساحة الكردية في سوريا، وهو حسب بحث نشره مركز «جسور للدراسات»، يمثل اتفاقا على تشكيل المرجعية السياسية الكردية بنسب 40 في المئة لكل طرف و20 في المئة لبقية الأحزاب الكردية، على أن يعيّن كل طرف الـ10 في المئة من القوى المحسوبة عليه.
وبحسب المركز ذاته، فإن الاتفاق على مواضيع التجنيد الإلزامي، والتعليم، وعودة بيشمركة روج المحسوبة على «المجلس الوطني» من كردستان العراق، وفك الارتباط بين حزب العمال الكردستاني و«قسد»، هي الملفات الأكثر تعقيداً، مشيراً إلى أن نجاح الاتفاق يعتمد بتطبيقه على الأرض، والالتزام به، ولا سيما من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي والمرتبطين به، مع وجود تجارب فاشلة سابقاً.
اعتماد اللامركزية
وعلى الرغم من إصرار «المجلس الوطني الكردي» خلال الفترة السابقة في اعتماد الفيدرالية كخيار أساسي للمستقبل السياسي للبلاد، نحت معظم التصريحات التي خرجت من قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي بأذرعها المختلفة، نحو نظام اللامركزية مع استبعاد مصطلحات الفيدرالية أو الكونفدرالية والتي لطالما نظرت إليها دمشق بأنها باب لتقسيم البلاد ورفضتها إن في عهد النظام السابق، أو من قبل الإدارة الجديدة التي تتمتع بعلاقة طيبة مع تركيا الرافضة تماما للنظام الفيدرالي.
وفيما يمكن وصفه بتحول من قبل «المجلس الوطني الكردي» قال المتحدث الرسمي باسمه في تصريحه لـ»القدس العربي» إن «الرؤية الكردية عن مستقبل سوريا السياسي تسير باتجاه اللامركزية، وإن كنا لم نحدد بعد إن كانت باتجاه اللامركزية الإدارية أو اللامركزية السياسية، لكن جميع الكرد يؤكدون على مسألة سوريا اللامركزية باعتبارها الحل الأفضل»، مشدداً ذات الوقت على أنه «لا توجد أصوات كردية تطالب بالانفصال، ولكننا اكتوينا بنار المركزية وما نريده اليوم أن ينتخب الأهالي في مدنهم سلطاتهم المحلية وأن لا يتم تعيين هؤلاء بقرار مركزي من دمشق».
وشرح يوسف أن «الرؤية الكردية هي في جانب منها تتعلق بشكل وهوية الدولة السورية، والقسم الآخر يتعلق بمطالب الشعب الكردي في إطار الدولة الجديدة».
وقال: «إننا متوافقين على تضمين الحقوق الكردية في الدستور السوري القادم بل وحتى تعديل الإعلان الدستوري الحالي وصولا إلى المطالبة بإجراء تعديل في الحكومة الانتقالية التي تم تشكيلها أخيراً، فنحن في النهاية ننشد الشراكة الوطنية ونؤكد على الإقرار والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وحقوقه القومية في سوريا، وإزالة السياسات التمييزية المطبقة بحقه من الحزام العربي والإحصاء وغيرها، وإلغاء نتائجها، وإعادة الأوضاع إلى ما قبل تطبيق هذه السياسات»، مشيراً إلى أن «تقديرات الأكراد تتحدث عن أنهم يحتلون المرتبة الثانية بعد القومية العربية وبما يعادل 15 في المئة من تعداد سكان سوريا، عدا عن أكراد دمشق والمدن السورية الأخرى، أي أكثر من ثلاثة ملايين نسمة».
وفد كردي موحد إلى دمشق
أحد أبرز مخرجات اجتماع يوم السبت، هو تشكيل وفد كردي موحد لخوض الحوار مع الحكومة المركزية في دمشق، وبين يوسف أن أعضاء الوفد مسؤولون أيضاً عن إدارة الحوار مع كل المكونات السياسية والقومية السورية، وليس فقط مع الإدارة في دمشق.
لكن الحوار مع دمشق لم ينتظر تشكيل الوفد الكردي الموحد، وكانت أحد أهم تجلياته الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في العاشر من آذار/مارس الماضي بين الرئيس الشرع وعبدي، وقال يوسف: «إن مظلوم عبدي أبلغنا بأن حواره واتفاقه مع الرئيس الشرع، لم يكن مخصصاً للمسألة الكردية، وإنما المعني سيكون الوفد الكردي الموحد، ونحن كقوى كردية سنتفاوض على مسألة إيجاد حل لقضيتنا وتأمين الحقوق القومية لنا، أما الاتفاقات التي تتم حالياً في بعض أحياء حلب مثل الأشرفية والشيخ مقصود أو في سد تشرين وفي غيرها من المناطق، وتتوصل إليها الإدارة الذاتية مع دمشق، فستكون مختلفة عن طبيعة المحادثات التي سيقودها الوفد الكردي الموحد بعد أن يصل إلى دمشق خلال فترة لن تكون بالبعيدة»، مشدداً على أن «وفود الإدارة الذاتية ستأخذ بعين الاعتبار كل ما هو مرتبط بالمسألة الكردية في حواراتهم مع السلطة بدمشق».
وأشار فيصل في حديثه لتعيين الكردي محمد عبد الرحمن تركو في منصب وزير التربية والتعليم ضمن الحكومة الانتقالية وقال: «أنه يتحدث بلغته على الفضائيات الكردية ولم يتنصل من انتمائه الكردي ولكن ما يهمنا قبل كل شيء هو الاعتراف بالقومية الكردية داخل سوريا وتحقيق شراكتهم في سوريا اللامركزية أما تكليف شخص كردي في منصب وزاري من دون معالجة القضية الكردية فهذا أمر لا نعتبره مؤشراً لإيجاد حل لواحدة من القضايا الأساسية في سوريا».
القدس العربي
————————————-
كيف ترصد أنقرة نتائج الحوار الكردي – الكردي في سوريا؟/ سمير صالحة
2025.04.27
ينطلق في مناطق شمال شرقي سوريا جولة محادثات كردية مكثفة، لبحث مسار ومستقبل العلاقة بين أهم شريحتين في المجتمع السوري، والخيارات الكردية القادمة على ضوء المتغيرات السياسية والميدانية في المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد وانطلاق جولات من المفاوضات بين دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية”، في ظل مساعي الإدارة السورية لتوحيد جميع الفصائل وحسم ملف “داعش” ووضع السلاح تحت إشراف وزارة الدفاع.
يواكب الأجواء التي تسبق المؤتمر تحرك محلي وإقليمي على العديد من الجبهات مع كثير من المرونة والانفتاح والواقعية. تأكيد رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال لقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على هامش منتدى الدبلوماسية في أنطاليا قبل أسبوعين، على أن عملية السلام فرصة يجب على الجميع أخذها بجدية تامة وأن لا تُفوت هذه الفرصة بأي شكل من الأشكال. ونتائج الحوار الإيجابي في المكان نفسه بين الرئيس السوري أحمد الشرع وبارزاني، كانت مقدمة مهمة لفتح الطريق أمام التحولات الحاصلة اليوم في المشهد السوري بشقه الكردي.
دخول القيادات الكردية في أربيل على طريق التقريب بين “قسد” وبقية الفصائل الكردية السورية المحسوبة عليها خطوة مهمة. لكنه تحرك سياسي مهم أيضا لتسهيل الحوار الكردي مع دمشق من جهة ومع الجانب التركي نتيجة للعلاقات الإيجابية المتزايدة بين أربيل وأنقرة من جهة أخرى.
سترصد أنقرة مثل غيرها من اللاعبين نتائج توصيات وقرارات المؤتمر الكردي بشقه السوري خصوصا بعد ما سبقه من اتصالات وجهود محلية وإقليمية مكثفة، بهدف قطع الطريق على فشل محاولة جديدة شاركت العديد من العواصم والقوى الحزبية والسياسية في إيصالها إلى ما هي عليه اليوم. ما سيخرج به المؤتمر من مطالب ورسائل سياسية ودستورية واجتماعية تناقش مع دمشق مهم طبعا، فهو سيوجز ما تقوله وتريده شريحة أساسية في المجتمع السوري عانت لعقود من الإهمال والتجاهل والحرمان في أبسط حقوقها. لكن أنقرة التي بدأت قبل أشهر حوارا جديدا مع قيادات “حزب الديمقراطية ومساواة الشعوب” على طريق صناعة اختراق سياسي في الموضوع الكردي، تتطلع أيضا صوب توسيع دائرة المحاولة لتشمل المشهد الكردي في سوريا كذلك. فبعد إزاحة نظام بشار الأسد، وعلى ضوء الاتصالات العلنية والبعيدة عن الأضواء على خط أنقرة – دمشق – أربيل والإصرار على إشراك بغداد رغم العرقلة الإيرانية، وما يحظى به كل ذلك من دعم عربي وغربي واسع، لا بد من فتح الأبواب أمام فرصة نقاشات “كردية إقليمية” سانحة قد لا تعوض.
ما تبحث عنه القيادات التركية أيضا هو خارطة الطريق التي ستناقش بين دمشق والقامشلي وشكل العلاقة الكردية مع الدولة السورية الجديدة. هل ستلتزم “قسد” بالاتفاقيات الموقعة مع دمشق بعد قرارات المؤتمر وتوصياته التي قد تدعو للذهاب باتجاه آخر؟ وما الذي ستطالب به “روجافا” سياسيا ودستوريا وأين ستتوقف مطالبها في نقاشات الحكم الذاتي والفدرالية واللامركزية الإدارية؟ ثم كيف سيأتي الرد من دمشق والقيادة السورية الجديدة، التي أعلنت وكررت أكثر من مرة حدود التفاوض وما لن تقبل به في أي نقاش يطول وحدة الأراضي السورية وتماسكها السياسي والدستوري؟
ستحاول القيادات الكردية في تحالفي “الوحدة الوطنية” و”المجلس الوطني الكردي” الاتفاق على خارطة طريق مشتركة فيما بينها أولا، ثم تحديد شكل الحوار مع السلطة المركزية في دمشق ثانيا. دمشق جاهزة كما يبدو أيضا لطرح ومناقشة مسائل تفصل بين مطالب استعادة الجنسية للأكراد المجردين منها، والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي، والانفتاح الواسع على ما سيطرح من مطالب اجتماعية وثقافية ولغوية. لكنها وهي التي تنسق مع أنقرة وتدرك ما يقلق الأخيرة في تحولات المشهد السوري، من الصعب أن تفاوض في مسائل بناء نظام اتحادي أو صيغة حكم ذاتي تحت سقف دولة لامركزية، أو الدخول في نقاشات الوضع الخاص كما رددت القيادات السياسية والعسكرية هناك أكثر من مرة.
يريد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحقيق ما عجز عنه في حقبة حكمه الأولى قبل 7 سنوات، وهو سحب قوات بلاده من سوريا ولكن في إطار تفاهمات بطابع سياسي وأمني واقتصادي محلية وإقليمية. متغيرات ما بعد التاسع من آذار المنصرم وارتباطها بالشق الكردي في شرق الفرات وملف داعش ومجموعات “حزب العمال الكردستاني”، بين ما يتصدر النقاشات الأميركية التركية هناك. من هنا تأتي محاولات بعض اللاعبين الدخول على خط الحوار بين واشنطن وأنقرة لعرقلة أو نسف التفاهمات الحاصلة. فنتائج اتفاقيات دمشق و”قسد” ودخولها حيز التنفيذ بشكل تدريجي، أزعج لاعبين مثل تل أبيب وطهران وباريس وقيادات السليمانية لأنه يحرمهم أوراق مناورات سياسية وميدانية كثيرة.
شكل ونتائج الحوار بين أنقرة وأربيل مهم هنا بالنظر للتقارب والانفتاح الثنائي الذي ترسخ في الأعوام الأخيرة. هذا إلى جانب ما ستقوله واشنطن شريك الطرفين في العديد من الملفات، مثل خطط الحرب على داعش ومصير آلاف سجناء التنظيم في شرقي سوريا، إلى جانب وضع “قوات سوريا الديمقراطية”وسلاحها. تريد واشنطن أن تبقى بعيدة عن الجانب السياسي في الملف الكردي بشقه السوري مكتفية بتكرار ضرورة احترام حقوق الأقليات. التفاهمات التركية الأميركية بهذا الخصوص هي التي تغضب تل أبيب وباريس وطهران.
يتناسى البعض :
-أن أنقرة كانت بين المرحبين بنتائج الاتفاقيات الصادرة عن المفاوضات بين دمشق و”قسد”.
-وأن البداية جاءت من الاتصالات المكثفة على خط أنقرة – أربيل، ثم حراك الداخل التركي قبل أشهر من خلال خطوات التعامل بطريقة جديدة مغايرة مع الملف الكردي في تركيا. وأن دوافع كل ذلك هي التحولات في ملفات كثيرة تعني تركيا وعلى رأسها المشهد الإقليمي بشقه الكردي.
-وأن أبرز نتائج الاتصالات التركية الأميركية كان باتجاه الترجمة العملية لحسم ملف الآف عناصر داعش في سجون شرق الفرات تحت رعاية “قسد” وتسليم الملف بشكل متدرج لدمشق التي بدأت التواصل مع بغداد والعديد من العواصم الغربية لاسترداد من يحملون جنسياتها ومحاكمتهم هناك، أو أن تتولى السلطات السورية هي عمليات محاكمتهم مع آلاف السوريين الذين التحقوا بهذا التنظيم تمهيدا لإغلاق الملف خلال عامين قادمين على أبعد تقدير.
تنتظر أنقرة مسار المشهد الكردي على جبهتين: في الداخل التركي بعد دعوة عبد الله أوجلان أنصاره في السابع والعشرين من شباط المنصرم لحل الحزب وترك السلاح والالتحاق بمفاوضات سياسية تنهي حوالي نصف عقد من التصعيد والاحتقان. وفي الداخل السوري حيث يستعد المؤتمر الكردي لبحث محاولة رسم خريطة طريق في الحوار مع دمشق وتحديد مواقفه ومطالبه.
ليس ما قاله أوجلان حول دعوة العمال الكردستاني لحل نفسه وترك السلاح هو الذي سيناقش فقط في المؤتمر الكردي. فبين ما تنتظره أنقرة هو حسم موضوع العناصر المحسوبة على حزب العمال في شمال شرقي سوريا، وكذلك مسار ومصير العلاقة بين “قسد” والقيادة السورية الجديدة، وتسريع خطوات التفاهم بين دمشق و”قسد” لناحية المسائل العسكرية والأمنية التي تطالب بها تركيا على حدودها الجنوبية، والوصول إلى نتائج تحسم كيفية دمج مقاتلي “قوات سوريا الديمقراطية” في الإطار الأمني السوري، بعيدا عن التكتلات العسكرية المستقلة خارج سلطة الدولة، وهي مسائل لا تقل أهمية عن غيرها في هذا المسار الجديد المطلوب محليا وإقليميا اليوم.
تلفزيون سوريا
——————————————————
أوجلان… ومجازفة “السلام العاجل”/ رستم محمود
الدولة العميقة تعيش أزمة سلطة حقيقية
آخر تحديث 27 أبريل 2025
لزعيم حزب “العمال الكردستاني” عبد الله أوجلان دور محوري في “عملية السلام” الحالية في تركيا، تبعا لموقعه ورمزيته وتاريخه السياسي. لكن ثمة ما يؤشر إلى وجود “خلل” أولي حول دور أوجلان داخل المسار المُشيد، قد يتحول لاحقا إلى عطب كامل يصيب هذه العملية. فأوجلان أخبر زواره بأنه سمع بدعوة/مبادرة زعيم الحركة القومية التركية دولت بهجلي من وسائل الإعلام، لكنه بعد أيام قليلة دعا الآلاف من مقاتلي “الكردستاني” لإلقاء السلاح وتفكيك الحزب، دون أن يعرض أو أن يكون واضحا ما سوف تقدمه الدولة التركية في المقابل، من أفعال سياسية وقانونية ودستورية تجاه المسألة الكردية في البلاد.
جمع الأمرين يعني أن ثمة ما هو غير ناضج. ثمة ما هو غير مدروس ومدقق ومتابع كتفاصيل، وتاليا ثمة شك في إمكانية صمود ما يجري وصلاحه وقدرته على البقاء، وأولا جدارته بتغير الوقائع السياسة في البلاد. فما يجري بين النواة العميقة للدولة وحزب “العمال الكردستاني” يظهر وكأنه نقاط لتلاقي “الرغبات” بين المنخرطين، وفقط كذلك.
الدولة العميقة المؤلفة من زعامة أردوغان وحزب “الحركة القومية” تعيش أزمة سلطة حقيقية، تراجعت شعبيتها للغاية، وصار حزب المعارضة يُهدد حكمها من خلال الانتخابات القادمة بكل جدية. لأجل ذلك تسعى لاستمالة الأكراد، أو تحييدهم على الأقل، والظهور بصورة القادة الاستثنائيين الذين “أنهوا العنف في البلاد”. قُبالتهم، يُريد زعيم الكردستاني إحداث تحولٍ ما في المسألة الكردية في تركيا، أن يخرج هو من السجن بعد أكثر من ربع قرن، وأن يجرب شكلا آخر من الكفاح مع الدولة القومية.
فإن كانت “المصالح والدوافع الذاتية” دائمة الحضور في كل المصالحات كبديهيات. وإن كان إنهاء العنف/الكفاح المسلح قيمة سياسية وحياتية مضافة عليا على الدوام، محل ثناء وتقدير تاريخي، لكنهما لن يلغيا الأسئلة الأساسية المتعلقة بآلية إنهاء صراع مسلح كالذي في تركيا، حيث القضية الكردية بكل ديمومتها وجذريتها، والدولة العميقة هوية بكل صلابتها وتعنتها.
فالنخب والقادة في البلاد، الأتراك والأكراد على حد سواء، من المفترض أن يسألوا اليوم عن أشياء من مثل: أيهما أهم، جوهر إنهاء وتفكيك هذا الصراع الذي غطى قرنا كاملا من تاريخ البلاد أم شكله؟ نتائجه المستقبلية ومفرزاته على الحياة العامة ومستقبل العلاقة بين المجتمعات الداخلية في البلاد، وبينها وبين الدولة كمؤسسات وأنظمة وفضاء عام، أم الاحتفاء بإنهاء الحرب شكلا كحرب ساخنة، مع إبقائه مبارزة باردة مستدامة، تولد مزيدا من الاستقطاب والكراهية، وتبقى مُهددة للسلم الأهلي؟ مع الأمور كلها، السؤال الصميم: مَن أنتج الآخر، هل انعدام العدالة تجاه ملايين الأكراد ما أنتج الكفاح المسلح، أم العكس! وتاليا كيف يُمكن توقع إنهاء النتيجة فيما لو بقيت المنابت والأسس على ما كانت عليها؟
كثيرة هي الحكايات المطابقة لما يجري في تركيا راهنا، حيث كانت الدوافع الذاتية ورغبات القادة الفاعلين لأن يكونوا “زعماء محاطين بهالة وحكاية أسطورية” ديناميكية شبه مطلقة لإنجاز ما هو سريع ومبهر على الورق، لكن دون أن يؤدي ذلك “الورق” إلى تبدلات موضوعية، تُغير مسار الوقائع التي بسببها اندلعت تلك الحروب.
قضى كاتب هذه السطور مثلا أوقاتا طويلة في تتبع ما جرى أثناء مفاوضات أوسلو، بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية. التقى مقربين من الرئيس عرفات مرارا، راجع عشرات كتب المذكرات للفاعلين وقتئذ، ومثلها وثائق سُربت على مراحل منذ توقيع تلك الاتفاقية قبل ثلث قرن. مجموع تلك المتابعات كانت تقول إن الراحل ياسر عرفات لو تحلى بمزيد من التمهل ومراجعة الحساب والصبر والتدقيق والمشورة، لكانت اتفاقية أوسلو أكثر رصانة وقدرة على تحقيق تحول تاريخي في الأقدار الفلسطينية، وتاليا المنطقة برمتها. لا يعني الأمر مناهضة السلام أو معاندة مساره، بل غالبا العكس تماما. فالسلام حتى يكون كذلك، لا بد أن يكون متزنا وصلبا وقادرا على العيش المديد.
مثل مسار الرئيس عرفات مع عملية أوسلو، لن ينسى السوريون مثلا حكاية رئيسهم شكري القوتلي أثناء تفاوضه مع الرئيس جمال عبد الناصر عام 1958. فلرغبة عارمة منه بتحقيق “الوحدة”، وأخرى للخلاص من هيمنة العسكر، سلم القوتلي بلاده التي كانت تتحلى بنظام فيه حد أدنى من الديمقراطية والحريات العامة والاقتصاد الحُر، إلى نظام سياسي كان عكس كل ذلك تماما، وتاليا أدخل بلاده في متاهة الشمولية العسكرية والصراخ الأيديولوجي. يدفع السوريون حتى الآن أثمان ذلك.
لا تُختصر الأمثلة على منطقتنا فحسب، فالمؤرخون الأوروبيون مجمعون مثلا على فداحة “اتفاقية ميونيخ” لعام 1938، بين بريطانيا وفرنسا من جهة، وألمانيا النازية من جهة أخرى، فهي من منحت هتلر شعورا متضخما بالتفوق، وتاليا فتحت باب جحيم الحرب.
في تركيا وغيرها من البلدان، تبدو ثنائية إما “سلام شكلي” وإما “حرب مستدامة” تضادا مختلقا فحسب، لأنهما يؤديان إلى المحصلة ذاتها، لأن الواقع الموضوعي يثبت حقيقة أكثر مباشرة، تقول: الحرب هي نتيجة للمجريات الغارقة في سوء العدالة، وعكسها يتطلب دوما تغييرا حقيقيا في الوقائع، لا في صورة الحرب. فتركيا اليوم، وبسبب ما يتبدل حولها وضمن مجتمعاتها، “مجبرة” على تفكيك القضية الكردية، وهذه ليست فرصة لسلام شكلي وورقي احتفالي، بل لتحول في مسار التاريخ، يصنع من تركيا دولة حديثة، ومن الأكراد مجتمعا ذا حقوق معقولة ضمن الدولة التركية.
المجلة
—————————-
تعليق اتفاق الشيخ مقصود في حلب: حرب مقبلة؟
الجمعة 2025/04/25
كشفت مصادر متابعة لـ”المدن” عن تعليق العمل بالاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديموقراطية (قسد) في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية وبني زيد في حلب، مؤكدةً أن اللجنة المشتركة المكلفة بتطبيق الاتفاق تواجه تحديات كبيرة في مسألة إكمال عمليات تبادل الأسرى من الجانبين. لكن مصادر في “قسد”، أكدت لـ”المدن” أنه لا نية لدى الأخيرة للانسحاب من الاتفاق مع الرئيس أحمد الشرع.
“قسد”: لا انسحاب
وقالت المصادر إن “ٌقسد” تطالب بتسليمها الأسرى في سجون الجيش الوطني في الشمال، والأخير يطالب بأسراه في سجون “قسد” أي أن الاتفاق خرج من إطار البنود المتعلقة بمدينة حلب.
في المقابل، أكد مصدر في “قسد” لـ”المدن”، أنه لا يوجد قرار للانسحاب من الاتفاق مع الرئيس أحمد الشرع، “لكن هناك توتراً بسبب قصف تركيا أمس، لمقر قيادة وحدات حماية الشعب في ديرك ومقتل 20 مقاتلاً وجرح 18 آخرين”.
وأشار المصدر إلى أنه حصلت مناوشات أيضاً في محيط سد تشرين بين قوات “قسد” وقوات تابعة للجيش الوطني، مشدداً على أن “المشكلة اليوم مع تركيا وليست مع الشرع”.
وأضاف المصدر أن ” (قائد قسد) مظلوم عبدي وإلهام أحمد، اجتمعا أمس مع وفد من الخارجية الفرنسية في أربيل من أجل دعم الحوار الكردي- الكردي، وقد أكد المجتمعون أهمية التوصل إلى اتفاق مع دمشق بالطرق السلمية”.
عودة التوتر
ودعا ناشطون وإعلاميون إلى عدم الاقتراب من الأحياء التي تسيطر عليها “ٌقسد” في حلب، ولا استخدام الطرق التي فتحت أخيراً بعد تطبيق الخطوة الثالثة من الاتفاق، خوفاً من توتر محتمل تعود معه عمليات الاعتقال والخطف وإغلاق الطرق، وهي الحالة التي كانت سائدة قبل التوصل إلى الاتفاق أوائل شهر نيسان/أبريل الحالي.
ويبدو أن التوتر عاد إلى أحياء سيطرة “قسد” في حلب منذ ليلة البارحة، وفي السياق علمت “المدن” من مصدر متابع أن قوة أمنية تابعة لـ “الأسايش”، أقدمت على تنفيذ حملة دهم في الشيخ مقصود، ومن بين المستهدفين بالحملة شاب كان وصل في الفترة الأخيرة من عفرين لزيارة أقاربه، وكان يرافق الدورية مخبرين يحددون مواقع الأهداف التي ستشملها عمليات الاعتقال، وفق المصدر.
وفي الأثناء، شهدت المنطقة المحيطة بسد تشرين في ريف منطقة منبج شمال شرق محافظة حلب استنفاراً لفصائل الجيش الوطني، واستنفرت أيضاَ الفصائل المتمركزة في منطقة “نبع السلام” على الحدود السورية-التركية شمال محافظة الرقة قواتها استعداداً للتعامل مع أي تطور ميداني. وقال مصدر عسكري لـ”المدن” إن “الفصائل أرسلت إلى المنطقة المحيطة بسد تشرين تعزيزات عسكرية ضخمة، تضم مدرعات وأسلحة ثقيلة، وجرى اجتماع مصغر لقادة غرفة العمليات مع ضباط في الجيش التركي”.
حرب مقبلة؟
وتعليقاً على المستجدات، رأى الكاتب والسياسي الكردي علي تمي، أن شريحة واسعة من السوريين، تعتقد أن الاتفاق الأخير بين الحكومة السورية و”قسد”، يعد فرصة تاريخية للاندماج السلس والهادئ ضمن الدولة السورية.
وقال تمي لـ”المدن”، إن “مماطلة قسد وتهربها من الالتزامات التي يفرضها عليها الاتفاق، قد لا تؤدي إلى تصعيد من جانب الحكومة السورية، ولكن قد يحدث من قبل تركيا التي ستعاود حتماً عملياتها العسكرية، وبشكل أكثر قوة”. وأضاف: ” قلت منذ اليوم الأول أن حزب العمال الكردستاني لن يسمح بتنفيذ الاتفاق على الأرض بين الحكومة السورية وقسد، وكل ما نفذ حتى الآن، منذ اتفاق آذار في دمشق، هو فقط تبادل جزئي للأسرى، أما بقية التفاصيل والبنود فلم ينفذ أي بند منها، وأعتقد أن الأمور ذاهبة نحو الحرب مع قسد، فالأخيرة تواصل حفر الأنفاق وحشد قواتها، وتنفيذ عمليات انتشار، وهي تحركات تشير إلى أنها تتجهز لمعركة آتية”.
وأوضح تمي، أن “ما تفعله قسد اليوم من تعطيلها للاتفاقات، إنما هو تنفيذ لأوامر حزب العمال الكردستاني، فالأخير لا يريد لأي اتفاق مع الحكومة السورية أن ينجح، فهذا ليس من مصلحته”. وتوقع أن يكون هناك مصلحة إيرانية في إشعال التوتر مجدداً، وضرب الأمن والاستقرار في منطقة شرق الفرات.
المدن
———————————-
المؤتمر الوطني الكردي: ضد التقسيم ومع سوريا لامركزية
السبت 2025/04/26
أكد البيان الختامي لـ”المؤتمر الوطني الكردي الموحد”، اتفاق القوى والأحزاب الكردية المشاركة، على رؤية سياسية لحل عادل للقضية الكردية “في سوريا لامركزية ديمقراطية”، مضيفاً أنه سيتم تشكيل وفد كردي مشترك “في أقرب وقت للعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع سياسي”.
وعُقد، اليوم السبت، في مدينة القامشلي في ريف الحسكة (شمال شرق)، “المؤتمر الوطني الكردي الموحد” (وحدة الصف والموقف الكردي)، بهدف اتخاذ القوى الكردية موقفاً موحداً من مستقبل سوريا، وشكل العلاقة مع الحكومة السورية، وحقوق الأكراد في البلاد.
وتتألف الرؤية السياسية الكردية لمستقبل سوريا من قسمين، الأول، مرتبط بشكل الدولة السورية، والثاني، بالحقوق القومية للشعب الكردي.
سوريا لامركزية
وقال البيان الختامي، إن المؤتمر انعقد “بعد حوارات مكثفة” وبمشاركة الأحزاب الكردية، ومنظمات المجتمع المدني، وحركة المرأة والمنظمات النسائية والفعاليات المجتمعية الكردية المستقلة من مختلف المناطق الكردية في سوريا.
وأوضح أن الهدف من المؤتمر هو “اعتماد رؤية كردية موحّدة حول بناء سوريا الجديدة والمشاركة في رسم مستقبلها وحلّ القضية الكردية” ما بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، مشيراً إلى أن الشعب الكردي “ناضل عقوداً طويلة في سبيل إزالة الاضطهاد القومي، لقدوم نظام ديمقراطي تعددي لكل السوريين”.
وأكد البيان خروج المؤتمر بـ”صياغة رؤية سياسية كردية مشتركة تعبر عن إرادة جماعية ومشروعاً واقعياً لحل عادل للقضية الكردية في سوريا كدولة ديمقراطية لامركزية”، مضيفاً أن المشاركين أقروا الرؤية الكردية المشتركة التي قدمت الى المؤتمر، “باعتبارها وثيقة تأسيسية تعبّر عن إرادة جماعية”.
حقوق الأكراد
وأوضح ان الوثيقة “تقدّم مقاربة واقعية لحلّ عادل وشامل للقضية الكردية في إطار سوريا موحّدة، بهويتها المتعددة القوميات والأديان والثقافات، ويضمن دستورها الحقوق القومية للشعب الكردي، ويلتزم بالمواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان ويصون حرية المرأة وحقوقها ويمكنها من المشاركة الفاعلة في كافة المؤسسات”.
ودعا البيان إلى اعتماد الوثيقة “أساساً للحوار الوطني”، بين القوى السياسية الكردية نفسها، ومع الإدارة السورية الجديدة وسائر القوى الوطنية السورية، لبناء سوريا الجديدة.
وأكدت الوثيقة على عدم إقصاء أو تهميش أي مكون من المكونات السورية واحترام حقوقهم الدستورية، والابتعاد عن الذهنية الأحادية، وأن “تحترم سوريا علاقاتها الإقليمية والدولية وتكون عامل استقرار وأمان في المنطقة”.
ولفت البيان الختامي إلى أن المؤتمر قرر تشكيل وفد كردي مشترك “في أقرب وقت، للعمل على ترجمة هذه الرؤية إلى واقع سياسي، والتواصل والحوار مع الأطراف المعنية لتحقيق مضامينها”.
حكومة سورية وإعلان دستوري
وأبرز ما تم الاتفاق عليه المؤتمر، هو توحيد المناطق الكردية كوحدة سياسية إدارية متكاملة في إطار سوريا اتحادية، الإقرار بالوجود القومي للشعب الكردي في سوريا، الاعتراف الدستوري باللغة الكردية كلغة رسمية إلى جانب العربية في البلاد وضمان التعليم والتعلم بها، ضمان تمثيل الأكراد في مؤسسات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية والأمنية، إعادة الجنسية السورية للمواطنين الأكراد المجردين منها، تطوير البنية التحتية للمناطق الكردية وتخصيص نسبة من عائدات ثرواتها في التنمية والإعمار.
ودعا البيان إلى إعادة النظر بالتقسيمات الإدارية، وإلغاء نتائج التغيير الديمغرافي وإيقافها في المناطق الكردية وفي كافة المناطق السورية، وتأمين عودة آمنة للنازحين واللاجئين إلى ديارهم، بمن فيهم أبناء رأس العين وتل أبيض وعفرين، وبسط سيادة الدولة عليها، وتشكيل جمعية تأسيسية تضم ممثلي كافة المكونات السورية.
وطالب المجتمعون بإعلان دستوري وحكومة انتقالية من كافة المكونات السورية، على أن يتضمن الدستور حقوق جميع المكونات السورية، وفق نظام برلماني.
عبدي: المؤتمر ليس للتقسيم
وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، أكد قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، ضرورة ضمان حقوق الأكراد في سوريا الجديدة، مشدداً على أن المؤتمر “ليس من أجل التقسيم بل من اجل وحدة سوريا التي هي من وحدة الأكراد”.
وقال عبدي: “منذ 14 عاماً نحن في حرب ونحارب لأجل شعوب هذه المنطقة، ودفعنا 13 ألف شهيد”، مشيراً إلى أن المؤتمر “عُقد بعد جهود واجتماعات ومباحثات كبيرة بحضور قوى كردستانية”، و”سيوفر أرضية” للمطالبة بحقوق الأكراد، “مطلبنا الأساسي”.
وأضاف “سنناقش برنامجنا السياسي اليوم هنا (في المؤتمر)، وسنصدر قراراً حول تشكيل هيئة مشتركة هنا من أجل النقاش مع حكومة دمشق الجديدة لتحقيق حقوق الشعب الكردي”، مشدداً على الحاجة إلى ” دستور لا مركزي يضم جميع المكونات”.
وبحسب مواقع مقربة من “قسد”، فإن المؤتمر يشهد مشاركة كثر من 400 شخصية كردية من سوريا وشمال وجنوب كردستان-العراق، إلى جانب شخصيات من مختلف المناطق السورية، وممثلين عن القوى والتنظيمات والأحزاب الكردية، والمؤتمر القومي الكردستاني، كما سيشارك وفد من التحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش”.
————————–
قائد «قسد»: سوريا الجديدة تحتاج إلى دستور لا مركزي يضم جميع المكونات
دمشق: «الشرق الأوسط»
26 أبريل 2025 م
أكد مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، السبت، ضرورة ضمان حقوق الأكراد في سوريا الجديدة، وفق ما نقلت شبكة «رووداو» الكردية.
وقال مظلوم عبدي -في مؤتمر «وحدة الصف والموقف الكردي» الذي عُقد اليوم في مدينة قامشلو بروجافا- إنه «منذ 14 عاماً، ونحن في حرب، ونحارب لأجل شعوب هذه المنطقة، ودفعنا 13 ألف شهيد». وأعرب مظلوم عبدي عن شكره لجهود الرئيس مسعود بارزاني، وعلى دعمه لعقد هذا المؤتمر.
وأضاف قائد «قسد» في تصريح نقله التلفزيون السوري أن «سوريا الجديدة تحتاج إلى دستور لا مركزي، يضم جميع المكونات»، مشدداً على أن واجب «قسد» حماية المكتسبات الموجودة في شمال شرقي سوريا. وتابع أن مؤتمر «وحدة الصف والموقف الكردي» لا يهدف إلى التقسيم، بل هو من أجل وحدة سوريا.
وعقد مختلف الأحزاب الكردية مؤتمراً، السبت، في شمال شرقي سوريا، تهدف عبره إلى تقديم رؤية موحدة لكيفية بناء «سوريا المستقبل»، بعد إطاحة الحكم السابق، ودور المكون الكردي، وفق ما أفاد أحد المشاركين البارزين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال ألدار خليل، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي»، أبرز الأحزاب الكردية، إثر انطلاق أعمال المؤتمر في مدينة القامشلي، إن المجتمعين سيناقشون «كيفية بناء وإنشاء سوريا المستقبل، خصوصاً أن الكُرد مكون رئيسي، ولهم الحق في أن يلعبوا دوراً أساسياً» في ذلك.
وأضاف: «لذلك، لا بد أن يطرح الكرد ورقة حل ومشروعاً ليكون مقترحاً لمستقبل سوريا»، موضحاً رداً على سؤال، أنّ الصيغة الفيدرالية «من ضمن المقترحات المطروحة على الطاولة».
ويشارك وفق «وكالة أنباء هاوار» الكردية، أكثر من 400 شخصية، بينهم ممثلو أحزاب وقوى كردية سورية وتركية ومن إقليم كردستان العراق في المؤتمر الذي يعقد بعنوان «وحدة الموقف والصف الكردي».
ومنذ وصول السلطة الجديدة إلى دمشق، إثر إطاحة حكم بشار الأسد في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، أبدى الأكراد انفتاحاً، عادّين أن التغيير «فرصة لبناء سوريا جديدة… تضمن حقوق جميع السوريين»، بمن فيهم المكون الكردي الذي عانى خلال حكم عائلة الأسد من التهميش على مدى عقود.
وأبدت السلطات الجديدة من جهتها رفضها لأي محاولات تقسيم أو انفصال، في إشارة ضمنية إلى طموحات الأكراد بتكريس الحكم الذاتي الذي بنوه بعد اندلاع النزاع عام 2011.
ووقَّع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي، اتفاقاً في 11 مارس (آذار)، قضى «بدمج» كل المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية، في إطار الدولة السورية.
وأبدى الأكراد اعتراضهم على الإعلان الدستوري الذي قدمته السلطة الجديدة، عادّين أنه لا يعكس التنوع في سوريا.
ومنح الإعلان سلطات مطلقة للشرع في إدارة المرحلة الانتقالية، المحددة بخمس سنوات.
وتُسيطر الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أميركياً على مساحات واسعة في شمال سوريا وشرقها، تضم أبرز حقول النفط والغاز. وشكَّلت «قوات سوريا الديمقراطية»، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال «داعش»، وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019.
وقال ألدار خليل إن المجتمعين سيناقشون كذلك سبل معالجة القضية الكردية، موضحاً: «سيكون للمؤتمر دور أساسي في توجيه بوصلة الديمقراطية في سوريا بشكل عام، وكيفية حل القضية الكردية بشكل خاص».
——————————-
=========================