الموقف الأميركي اتجاه سوريا، مسالة رفع العقوبات، الشروط التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على الحكومة السورية تحديث 08 أيار 2025

لمتابعة هذا الملف التبع الرابط التالي
العقوبات الأميركية على سوريا الجديدة وسبل إلغائها
———————————-
الشرع تحت مجهر ترمب «المفتون بالرجال الأقوياء»
توجس أميركي من فراغ أمني يعيد «داعش» وأذرع إيران
واشنطن: علي بردى
8 مايو 2025 م
مع مرور 100 يوم على تنصيب أحمد الشرع رئيساً لسوريا، لا يزال المسؤولون الأميركيون ينظرون بحذر إلى إدارته، خوفاً من احتمالات نشوء فوضى قد تشكل أرضاً خصبةً لتنظيمات متطرفة ولإيران التي تحاول الإبقاء على موطئ قدم لها في سوريا، فضلاً عما يعنيه النفوذ التركي المتوسع على امتداد الأراضي السورية بالنسبة إلى إسرائيل.
هذا بعض ما رصدته «الشرق الأوسط» خلال أحاديث مع كل من السفير روبرت وود، الذي شغل مناصب عدة في وزارة الخارجية الأميركية وعمل في البعثة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، والسفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد، والزميل الأول في دراسات الشرق الأوسط لدى مجلس العلاقات الخارجية البروفسور هنري باركي الذي شغل أيضاً وظائف حكومية، والسياسي والصحافي الأميركي السوري أيمن عبد النور.
أسئلة ومخاوف
يفضّل السفير روبرت وود التريث قبل الحكم بصورة نهائية على أداء الشرع الذي «يبدو أنه يتصرف كرئيس، ولكن يبقى أن نرى إن كان هناك جوهر وراء أدائه»، واصفاً الوضع في سوريا الآن بأنه «معقد وصعب للغاية»، لا سيما بعد «أعمال العنف الأخيرة… علينا أن نرى كيف سيدير الوضع». وإذ يعبر عن إعجابه باستضافة الشرع لمؤتمر الوحدة الوطنية، يرى وود أن «هناك بعض الأسئلة والمخاوف».
بطريقة ما يتفق السفير روبرت فورد مع وود، فهو يرى أن تصرفات الشرع «تبدو رئاسية في كثير من الأحيان»، ومنها الاتفاق الذي وقعه مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي لأنه «إذا نُفذ، سيكون خطوة كبيرة نحو الاستقرار الداخلي».
غير أن البروفسور باركي يلفت إلى أن عبدي «يسيطر على قوة أكبر بكثير من (هيئة تحرير الشام)»، وبطريقة ما، كان على الشرع عقد صفقة مع عبدي، الذي «إذا تحالف مع أقليات أخرى، مثل الدروز وغيرهم، سيصير مصدراً رئيسياً لمعارضة الشرع»، الذي «لا يريد الاعتماد على الأتراك لحمايته دائماً»، بالإضافة إلى أنه «يحتاج إلى إظهار استقلالية عن الأتراك».
ولعل هذا ما يجعل باركي أكثر حذراً، على الرغم من أن الشرع بحسب «مظهره، يبدو وكأنه يتصرف كرئيس». بيد أن المشكلة تتعلق أكثر بـ«مسألة القيادة، وعجزه عن السيطرة على المتطرفين في حكومته ومؤسساته»، مشيراً إلى الانتهاكات الأمنية التي وقعت في اللاذقية وطرطوس، فضلاً عن أنه «لم يوحد البلاد حقاً». وربط باركي وصول الشرع إلى السلطة بـ«انهيار جيش النظام، ببساطة».
ويكمن المأخذ الأكبر لدى باركي على الشرع في أنه «عيّن جهاديين سابقين كمحافظين في اللاذقية وطرطوس، أو أن جميع أعضاء حكومته إما أقاربه أو إخوته، أو، مرة أخرى، أشخاص من قاعدته»، فيما يستبعد مسؤولون أميركيون آخرون أن يكون للشرع دورٌ في الأحداث التي وقعت «لكننا لا نعرف من في حكومته متورط».
ويؤكد عبد النور أن «هناك فارقاً» في نظرة السوريين إلى الشرع يوم انهيار نظام الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024 ونظرتهم اليوم، مؤكداً أن «الناس جميعاً وبينهم علويون كانوا مسرورين لسقوط الأسد ونظامه من دون سفك دماء». ويشرح أنه بعد حوالى 100 يوم، تغير الأمر بسبب «الفارق بين ما يصرح به رئيس الجمهورية أحمد الشرع والفريق المحيط به، خصوصاً وزير الخارجية أسعد الشيباني ومعظم المسؤولين متوسطي المستوى في المناطق وفي المناسبات المختلفة، وبين التنفيذ على الأرض».
التفاصيل مهمة
ويلتقي السفير فورد مع ما سبق بطرح «بعض الأسئلة الكبيرة»؛ منها المساءلة وسيادة القانون، بخاصة بعد أحداث اللاذقية وطرطوس، علماً بأن الشرع شكل لجنة للتحقيق في ما حصل. لكنه يعود ويسأل: «هل سيحاسب الذين ارتكبوا انتهاكات على الجانبين علناً ليرى الآخرون في قوات الأمن والقوى المحاربة أنه لن يجري قبولها والتسامح معها؟».
ويذهب السفير وود إلى أن الانفتاح الذي يُظهره الشرع وعقده مؤتمر الوحدة الوطنية «كان مهماً للغاية». لكنه يترقب بـ«قلق بالغ» نوع الاتفاق الذي سيُوقع بين «قوات سوريا الديمقراطية» والشرع، لأن «التفاصيل مهمة»، معترفاً بأن «ما رأيناه حتى الآن بوادر جيدة»، لكنه يأمل في أن «يُجري الشرع تحقيقاً شاملاً في عمليات القتل، لأننا لا نعرف أي عناصر نفذتها».
ويتحدث عبد النور عن «وجهتي نظر» موجودتين حالياً في واشنطن؛ الأولى أصحابها من الشخصيات العسكرية والأمنية التي عملت في العراق، وتعتقد أن الحكام الجدد في دمشق «لن يتغيروا» حتى لو لبسوا الكرافات وحلقوا ذقونهم. أما وجهة النظر الأخرى، فهي أنه «يجب منحهم فرصة لعدة أشهر من أجل أن نرى كيف يمكن أن يتأقلموا مع الواقع الجديد».
سجناء «داعش»
لا يخفي السفير وود مخاوفه من أن نحو 9500 من مقاتلي «داعش» الموجودين في أكثر من 20 سجناً عبر الأراضي السورية يمكن إطلاقهم «في حال التوصل إلى اتفاق نوعي بين (قوات سوريا الديمقراطية) وقوات الشرع»، معتبراً أن هؤلاء المقاتلين يمكن أن يصيروا «مصدر قلق ليس فقط للسوريين، بل للعراقيين وغيرهم في المنطقة».
ويلامس السفير فورد هذه المخاوف، مذكراً بالتحول الجذري لأحمد الشرع نفسه وفترة الاحتراب بين تنظيمه «جبهة النصرة» و«داعش» في مرحلة ما، مما أوحى للسفير فورد بأن الشرع أراد أن يكون «صاحب القرار»، ويقول: «كثيراً ما أتساءل: هل أحمد الشرع سياسي استخدم جماعة إرهابية لأغراض سياسية لكسب النفوذ والسلطة، أم أنه متطرف يتجه الآن إلى السياسة؟».
فرصة نفوذ لايران
يأمل السفير فورد في أن تدرك الإدارة الأميركية والكونغرس أنه «إذا أصبحت سوريا أكثر اضطراباً، ستكون هناك فرصة لإيران كي تعيد بناء نفوذها في بعض المجتمعات السورية»، معبراً عن اعتقاده أن ذلك «لن يساهم إيجاباً في مصالح الأمن القومي الأميركي»، ومقترحاً إزالة جزء من العقوبات، وبعضها قديم للغاية، ويعود إلى 40 عاماً».
ويرى السفير وود أن «كل الدول العربية، وكذلك إسرائيل وتركيا، لديها مصلحة كبيرة في رؤية سوريا موحدة، لا في حال حرب مع نفسها، لأن الحرب ستمتد بالتأكيد إلى الدول المجاورة»، معتبراً أن «هذه لحظة حرجة في ما يتعلق بمستقبل سوريا». ولذلك «يقع على عاتق الدول العربية، والأمم المتحدة، والولايات المتحدة، وغيرها ممن لديهم مصلحة في ضمان حصول الشعب السوري على الحريات والرخاء الذي يستحقه». ويؤكد أنه «يجب على الجميع أن يشعروا بالقلق من أي نفوذ إيراني محتمل في سوريا».
ويحذر باركي من أن «نفوذ إيران في سوريا لم يُقضَ عليه» و«الإيرانيون لم يستسلموا»، بل «سيحاولون العودة».
ويسمع عبد النور الآن تعبيراً جديداً في النقاش، وهو «غرب سوريا» أسوة بالتعبير الذي يستخدمونه «شمال سوريا». ويعدُّ أن «كل الأمور الكبرى، كالتقسيم والفدرلة، تتم بداية بخياطة مصطلح. يعني عندما تخيط المصطلح فإنك تضمنه ما تريده منه حيال وضع سياسي مستقبلي، ثم تطرحه في التداول، يتم تبنيه وتناقله، فيصبح وضعاً قائماً. هنا المشكلة. ما دام بدأت الخياطة، فنحن نسير في ذلك الاتجاه للأسف».
قلق من مواجهة تركية – إسرائيلية
بيد أن «تركيا لاعب مهم» و«تربطها علاقات جيدة بالسلطات الجديدة في سوريا» و«سيكون لها، بالطبع، تأثير على ما يحدث في سوريا مستقبلاً» يقول السفير فورد، ويضيف: «الشاغل الأكبر الآن على الصعيد الدولي، في ما يتعلق بالجانب الاستراتيجي للملف السوري، ليس إيران، مع أنها مصدر قلق. لديّ قلق أكبر في شأن احتمال وقوع صدام مباشر بين إسرائيل وتركيا في سوريا، سواءً كان ذلك من خلال سلاح الجو الإسرائيلي ضد سلاح الجو التركي، أو أن يشكل الإسرائيليون قوة بالوكالة على غرار جيش جنوب لبنان قبل 40 عاماً. ثم على الجانب التركي، سيكون لديهم حلفاء سوريون». ويقلقه غياب الحوار بين إسرائيل وتركيا لأنه «إذا بدأت تركيا بنشر طائرات مقاتلة في قواعد داخل سوريا، فجأةً، سيعتبر الإسرائيليون ذلك عملاً عدائياً».
لا يعتقد البروفسور باركي من جهته أن الأمور يمكن أن تصل إلى هذا الحد، مذكراً بأن الأتراك يسيطرون على مساحة شاسعة من الأراضي في سوريا أصلاً، لافتاً إلى أن «الإسرائيليين أكثر قلقاً حيال عودة (حزب الله)، أو ظهور جهات فاعلة جديدة في جنوب سوريا، لأن (هيئة تحرير الشام) لا تسيطر على المنطقة، ولا يمكنها السيطرة عليها بالكامل». ولا يرى أكثر من المواجهة التركية – الإسرائيلية التي «ستكون سياسية في الغالب».
لا دور للأمم المتحدة
وفي سياق الكلام عن الدستور الجديد، لا يرى السفير فورد أي جدوى من القرار 2254 واللجنة الدستورية التي يشرف عليها المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن. وكذلك لا يعقد باركي الأمل ذاته على الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص «إلا إذا قدم العرب الدعم لهم».
وعلى غرار كثيرين، يعتقد باركي أن «ترمب شخص لا يمكن التنبؤ بتصرفاته»، إذ «يأتي بشيء ما يوماً ما، ويقرر ببساطة أنها فكرة جيدة. ويفعلها»، وهو «معجب للغاية، لن أقول مفتون، بإردوغان» لأنه من قماشة «الرجال الأقوياء» الذين يمكنهم القيام بما يريدون في بلدانهم.
ويؤكد باركي أنه «لا يعرف بعد عام من الآن، ناهيك عن عامين، ماذا سيحدث لسوريا، وإذا وقعت حرب أخرى في سوريا، أو انهار القانون والنظام بشكل كبير، يمكن أن تتخيل أن (داعش) سيعود. من المحتمل جداً أن الحكومة الأميركية قلقة للغاية من أنه بدون القوات الأميركية كقوة عازلة، أو كقوة ردع، فإنه في حال انهيار النظام والقانون في سوريا، ستصير هذه القوة بالغة الأهمية والحيوية».
الشرق الأوسط
——————————
بوادر انفتاح أميركي على سوريا وسط ترقب لزيارة ترامب للمنطقة/ إبراهيم العلبي
8/5/2025
منذ تولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب زمام الأمور قبل شهور، ظل الملف السوري مجمدا حتى كشفت الخارجية الأميركية عن شروطها للانفتاح على الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، الأمر الذي لم يسفر، رغم الرد السوري، واللقاءات التي أجراها وزير الخارجية أسعد الشيباني في نيويورك، عن تغيير واضح في مسار العلاقات بين البلدين.
وفي خطوة ترسم صورة جديدة لاهتمام الإدارة الأميركية بالملف السوري، أكد ترامب في 5 مايو/أيار أنه ناقش “كل شيء عن سوريا” بجانب قضايا أخرى، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان الذي قال خلال الاتصال، بحسب بيان للرئاسة التركية، إن أنقرة تبذل جهودا لحماية وحدة الأراضي السورية وتحقيق الاستقرار، والجهود الأميركية لتخفيف العقوبات على سوريا ستسهم في هذه المرحلة.
ويرى مراقبون أن زيارة الرئيس الأميركي المرتقبة خلال الأسبوع المقبل إلى الشرق الأوسط، والتي ستشمل كلا من السعودية وقطر والإمارات، بجانب التقارب مع تركيا، وتأييد ترامب المعلن لدورها في سوريا، ستمثل نقطة فاصلة في التعاطي الأميركي مع الملف السوري الذي قد يشهد اختراقا خلال الزيارة أو بعدها.
“كل شيء عن سوريا”
تتصدر السعودية وقطر وتركيا قائمة الدول الإقليمية الحليفة للولايات المتحدة التي تطالب برفع العقوبات عن سوريا بهدف إنجاح المرحلة الانتقالية وتثبيت الأمن والاستقرار وإعادة إعمار ما دمرته حرب النظام السابق على شعبه، ومن المرجح أن تؤثر مطالب هذه الدول حول مستقبل سوريا على رؤية ترامب لكيفية التعاطي مع الملف السوري، رغم تناقضها مع الرؤية الإسرائيلية.
وحول اتصاله بنظيره التركي، كتب الرئيس الأميركي على حسابه في منصة تروث سوشال قائلا “أجريتُ للتو محادثة هاتفية مثمرة للغاية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تناولت مواضيع عديدة، منها الحرب مع روسيا وأوكرانيا، وكل شيء عن سوريا وغزة، وغيرها”.
ومن جهته، قال أيمن عبد النور السياسي والإعلامي السوري الناشط في الجالية السورية بالولايات المتحدة، على حسابه في موقع إكس، إنه وصله تأكيد لأول مرة يثبت أن البيت الأبيض قد وافق على إدراج الملف السوري للنقاش بين المعنيين، ابتداءً من الفريق العامل على ذلك في مجلس الأمن القومي من إدارة ترامب مع نظرائهم السعوديين.
وذكر عبد النور أن الرئيس ترامب، وكي يحيط بكافة أبعاد الملف السوري ومواقف الدول المعنية به، وذلك قبل السفر للسعودية، اتصل بالرئيس أردوغان وناقش معه رؤيته حول الملف السوري.
ولاحقا، في تصريح صحفي بالمكتب البيضاوي، قال ترامب في 6 مايو/أيار الجاري إنه بصدد “إعلان مهم” قبيل زيارته المرتقبة إلى الشرق الأوسط، متوقعا أن يحدث ذلك نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع القادم. وردا على سؤال لأحد الصحفيين في وقت لاحق، أوضح ترامب أن الإعلان ليس متعلقا بالتجارة، بل “سيكون تطورًا إيجابيًا ومذهلًا حقًا لهذا البلد ولشعبه” دون إبداء المزيد من التفاصيل.
اختراق محتمل في زيارة ترامب المنتظرة
من جهته، يرى وائل ميرزا الباحث والسياسي السوري المقيم بالولايات المتحدة أن تحاشي تركيا الرد على اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية -بما في ذلك استهداف قواعد يدرس الجيش التركي نشر قوات فيها بناء على اتفاق دفاعي مرتقب بين دمشق وأنقرة- يعود إلى وعود تلقتها الأخيرة من واشنطن بحصول اختراق فيما يتعلق بالملف السوري خلال زيارة ترامب إلى الشرق الأوسط.
وقد تصاعدت الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا منذ سقوط نظام الأسد قبل نهاية العام الماضي، وبلغت ذروتها مع التدخل في الأحداث الأخيرة التي شهدتها بعض ضواحي العاصمة السورية ومحيط محافظة السويداء، من خلال شن غارات جوية ونقل مساعدات وعتاد إلى مسلحين دروز. كما تخللت الأحداث غارة إسرائيلية استهدفت محيط القصر الجمهوري بدمشق.
وتحدث ميرزا في مقال تحليلي نشره في حسابه على فيسبوك عن “الأنباء المستجدة عن جاهزية تركيا العملياتية لعملية كسر عظم أولية مع إسرائيل في سوريا، وهي جاهزيةٌ تم إبلاغ أميركا والأوروبيين والعرب، ذوي العلاقة، بها” مستدركا بأن “الشيء الوحيد الذي يساهم في عدم نقل تلك الجهوزية إلى مرحلة الفعل هو وعود واشنطن بالاختراق الذي سيحصل في زيارة ترامب إلى السعودية وقطر والإمارات”.
ويعتقد ميرزا أن “جنون (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، تحديداً، يتصاعد بشكل غير مسبوق مع توارد احتمالات الاختراق النوعي الذي يتم العمل عليه خلال زيارة ترامب للسعودية وقطر والإمارات فيما يتعلق بالملف السوري”.
ويظل المقصود من الاعتداءات الإسرائيلية التهديد والإنهاك المعنوي للسوريين وحكومتهم، وهي تتكرر خاصةً كلما شعرت إسرائيل بأن الترتيبات الإقليمية والدولية تسير في مصلحة سوريا الموحدة، كما يقول ميرزا “فمَن هو مطمئن لتوجهات الأمور لا يتصرف بهذه الرعونة العسكرية، ذات الأبعاد السياسية والأمنية الإقليمية والعالمية الخطيرة”.
وفي هذا السياق، كشف تقرير صحفي أن نتنياهو “يشعر بالإحباط” من سياسات الرئيس ترامب في الشرق الأوسط. وبحسب ما نشرته صحيفة “يسرائيل هيوم” في 5 مايو/أيار الجاري، فإن نتنياهو أبلغ مساعديه “سرا” أن ترامب يعبر عن المواقف الصحيحة، ولا سيما بشأن سوريا وإيران، خلال الاجتماعات الثنائية، إلا أن “تصرفاته على الأرض لا تعكس تلك الأقوال”.
مع الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي
تصاعد النقاش داخل إدارة ترامب
يشير الخبراء إلى أن الإدارة الأميركية تنقسم إلى معسكرين فيما يتعلق بطريقة التعامل مع الوضع الجديد في سوريا، فبينما يفضل مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض الانتظار وعدم الثقة بالشرع وحكومته مسلطين الضوء على ماضيه الموصوم بالإرهاب في نظر واشنطن، تدافع الخارجية عن مقاربة تقوم على ضرورة المسارعة إلى ملء الفراغ الذي خلفه سقوط الأسد، لعدم السماح بعودة روسيا وإيران إلى بناء نفوذ مجددا في سوريا.
وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، قد أقر -في جلسات استماع بالكونغرس لدى تسميته للمنصب- بحاجة الولايات المتحدة للانخراط في سوريا باعتبار سقوط النظام السابق فرصة للمصالح الأميركية في المنطقة، مع عدم إغفال خلفية الحكومة الجديدة.
وشهد المعسكر المدافع عن عدم الانخراط في الملف السوري ضربة بعد إقالة ترامب مستشار الأمن القومي مايكل والتز ونائبه أليكس وونغ، بعد عدم قدرتهما على إيصال أولويات الرئيس إلى الأمن القومي، بحسب تقارير صحفية.
وقال مصدر مطلع على كواليس مجلس الوزراء إن ترامب، الذي لا يفضل خوض حروب، يرى أن والتز متشدد جدا ولا ينسق بفاعلية بين مجموعة متنوعة من الأجهزة بشأن السياسة الخارجية، وهو دور رئيسي لمستشار الأمن القومي.
وأفاد تقرير لمركز سوفان الأميركي للدراسات الأمنية ومكافحة الإرهاب بأن الضغط يتزايد على ترامب لتخفيف العقوبات عن سوريا، وسط تصاعد الجدل بين المسؤولين الأميركيين بشأن سياسة البلاد تجاه سوريا ما بعد الأسد.
ويحذر العديد من الخبراء من أن الوضع الاقتصادي الكارثي يفاقم، بحسب التقرير، مزيجا متفجرا من التحديات الأمنية المرتبطة بالأقليات. وفي الوقت نفسه، فإن قوات الأمن الحكومية موزعة على نطاق واسع وبإمكانيات محدودة.
ويقول المركز إن شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وأوروبا يسعون إلى تكثيف جهودهم لإقناع إدارة ترامب بأن الحكومة السورية الجديدة ستنهار ما لم يتم رفع العقوبات الأميركية بشكل أكثر شمولا وديمومة.
مساعي الشرع لاستمالة ترامب
وكشف تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن الشرع بدأ حملة هادئة للفوز بالدعم الأميركي لإعادة بناء بلده من خلال سلسلة خطوات، تشمل اعتقال مسلحين أجانب، والتواصل من خلال وسطاء مع إسرائيل، وإبداء الاستعداد لإبرام صفقات تسمح لشركات النفط والغاز الأميركية بالقيام بأعمال تجارية في سوريا.
وجاء ذلك بعد زيارة إلى دمشق أجراها الأسبوع الماضي جوناثان باس الناشط الجمهوري المؤيد لترامب والرئيس التنفيذي لشركة أرجنت للغاز الطبيعي ومقرها لويزيانا، وذلك لتقديم خطة إلى الشرع لتطوير موارد الطاقة في البلاد مع شركات غربية وشركة نفط وطنية سورية جديدة مدرجة في الولايات المتحدة.
وبحسب التقرير، فإن الشرع أوصل رسالة إلى البيت الأبيض حملها رئيس المنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى الذي كان يصحبه خلال اللقاء، يطلب فيها الرئيس السوري عقد اجتماع مع ترامب خلال زيارته المرتقبة لدول الخليج.
وأبدى الرئيس التنفيذي لشركة أرجنت الأميركية حماسه لانفتاح واشنطن على الشرع، ونقل مقال منشور في موقع قناة فوكس نيوز عنه قوله إن “سوريا اليوم يقودها مصلح حقيقي” داعيا الولايات المتحدة لانتهاز الفرصة التاريخية لدخول شركاتها إلى هذا البلد الذي يحتاج إلى عملية إعادة إعمار، وقطع الطريق على الصين التي تسعى بإلحاح لتقديم التمويل للحكومة السورية.
وقال باس “هذه لحظة تستطيع فيها الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ عقود إقامة علاقات تجارية واستثمارية حيوية مع سوريا، والمساهمة بالتالي في إحلال السلام في الشرق الأوسط بأسره”. ويؤكد باس أن بكين ضغطت بقوة على المسؤولين السوريين لقبول تمويلها، لكن السوريين أبدوا تخوفًا من العواقب البعيدة المدى للوجود الصيني.
زيارة الشرع لفرنسا
وتتزامن هذه الدعوات مع زيارة أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع الثلاثاء إلى باريس، التقى خلالها نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في الإليزيه بدعوة من الأخير، في أول زيارة للشرع إلى أوروبا، مما يجعلها خطوة نوعية ذات دلالات تشير إلى الانفتاح الغربي النسبي والأميركي المنتظر على الحكومة السورية الجديدة، بحسب خبراء.
ورغم أن العلاقات الأوروبية الأميركية تمر بمرحلة من التناقض مع بدء الرئيس الأميركي تطبيق رؤيته فيما يتعلق بسياسات الدفاع والأمن والتجارة، فإن خطوة ماكرون بدعوة الشرع إلى الإليزيه لا تنفصل بالضرورة عن التأثير الأميركي، فهي قد تشير لاستشراف ماكرون مرحلة جديدة في تعاطي واشنطن مع سوريا.
يقول السياسي والباحث السوري وائل ميرزا إن ماكرون يستبق زيارة ترامب للمنطقة، ويحاول إظهار فرنسا بمظهر السبّاقة في إدماج سوريا في العالم من بوابة باريس.
ويضيف “من يدرس الفكر السياسي لدى الرئيس الفرنسي يعرف حِرصه على قراءة رياح التوجهات الدولية الإستراتيجية، من خلال مصادره الوفيرة، خاصةً حين يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، وحرصه -بعد ذلك- على نصب أشرعته، وأشرعة فرنسا، باتجاه هبوب تلك الرياح”.
الجزيرة
————————-
وول ستريت جورنال: دمشق تسعى لإقناع واشنطن برفع العقوبات
8/5/2025
أفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية بأن الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع يسعى بهدوء إلى كسب دعم الولايات المتحدة من أجل إعادة إعمار بلاده التي مزقتها الحرب.
وقالت الصحيفة إن الشرع اتخذ إجراءات ملموسة لتلبية المطالب الأميركية والتواصل مع إسرائيل عبر وسطاء، كما أعرب عن استعداده لعقد صفقات تسمح لشركات النفط والغاز الأميركية بالعمل في سوريا.
وأوضح مراسل الصحيفة في أنقرة جاريد مالسين أن المهمة الأكثر إلحاحا التي تقع على عاتق الشرع تتمثل في إقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب “المتشككة” بأن التغير الذي طرأ على مفاهيمه حقيقي، وبالتالي فهو يتطلع إلى رفع العقوبات التي تعيق إعادة إعمار بلاده.
وبحسب الصحيفة، فقد أقدمت الحكومة السورية في الآونة الأخيرة -بطلب من الولايات المتحدة- على اعتقال ناشطين فلسطينيين، وبعثت رسائل عبر وسطاء إلى إسرائيل تفيد برغبتها في تجنب الدخول في حرب، في وقت نشر فيه قادة الجيش الإسرائيلي قوات في جنوب سوريا، وقصفوا محيط القصر الرئاسي في دمشق الأسبوع الماضي.
وقال مسؤولون في حكومة دمشق إن الشرع يرغب في الاجتماع مع الرئيس ترامب لتبادل الآراء بشأن إعادة إعمار سوريا على غرار خطة مارشال.
وتتوقع “وول ستريت جورنال” أن الشركات الأميركية والغربية ستتغلب على نظيراتها من الصين والقوى الأخرى للظفر بعقود المشاريع.
وكشفت الصحيفة أن جوناثان باس الرئيس التنفيذي لشركة آرغينت للغاز الطبيعي المسال والمؤيد لترامب سافر الأسبوع الماضي، ليعرض على الشرع خطة لتطوير موارد الطاقة في البلاد مع شركات غربية وشركة نفط وطنية سورية جديدة مدرجة في البورصة الأميركية.
وكان رد الرئيس السوري على الفكرة إيجابيا، لكن تنفيذها لن يكون ممكنا إلا إذا خففت العقوبات، وفق باس ورئيس فرقة العمل السورية للطوارئ معاذ مصطفى الذي كان حاضرا في الاجتماع الذي استمر 4 ساعات.
وفرقة العمل السورية للطوارئ منظمة أميركية في واشنطن أُسست في مارس/آذار 2011 لدعم المعارضة السورية ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
وصرح مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية السورية -لم تذكر الصحيفة اسمه- بأن سوريا الجديدة “تسعى إلى بناء علاقة إستراتيجية قوية مع الولايات المتحدة تقوم على المصالح المتبادلة والشراكة، بما في ذلك في مجال الطاقة والعلاقات الاقتصادية الأخرى”.
وقال إن دمشق تأمل أن تصبح حليفة مهمة لواشنطن ومؤثرة خلال المرحلة المقبلة في سوريا.
من جانبه، قال باس “لدينا فرصة لإخراج الروس والإيرانيين والصينيين من سوريا إلى الأبد وإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية”.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن محللين حذروا من أنه بدون دعم أميركي وبدون السماح لحكومة دمشق بالتعامل مع النظام المالي الأميركي فإن سوريا مهددة بالتحول إلى دولة فاشلة بحيث يمكن أن تصبح بؤرة لظهور جماعات متطرفة مرة أخرى، مما يفاقم زعزعة استقرار المنطقة.
المصدر : وول ستريت جورنال
الجزيرة
———————————-
=================================