أبحاثسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوع

مؤتمرات المانحين لسورية: بين الالتزامات السياسية والاستجابة الإنسانية/ سمير العبد الله إبراهيم خولاني

6 أيار/مايو ,2025

أولًا: ملخص تنفيذي

شكّلت مؤتمرات المانحين إحدى الأدوات التي اعتمدها المجتمع الدولي في الاستجابة للأزمة الإنسانية السورية، سواء من خلال تقديم الدعم الإنساني العاجل، أو عبر محاولات دعم الاستقرار في دول الجوار، غير أن هذا المسار التمويلي، رغم ضخامته وتعدد مصادره، أثار تساؤلات متزايدة حول فعاليته، وجدواه الفعلية، ومدى تطابقه مع احتياجات السوريين الفعلية في الداخل والخارج.

تنطلق هذه الورقة من فرضية أن التمويل الدولي لسورية لم يكن مجرد أداة إغاثية، بل ارتبط منذ بداياته باعتبارات سياسية أثّرت في حجمه، وتوزيعه، وأدائه، وانعكاساته، وتكمن أهمية هذا البحث في سعيه إلى تفكيك هذا التداخل بين البعد الإنساني والبعد السياسي للتمويل، من خلال تحليل شامل لتجربة مؤتمرات المانحين بين عامي 2013 و2025، مستندًا إلى بيانات كمية ونوعية، ومقارَنة مرجعية مع تجارب دولية مشابهة، حيث حاول البحث تحليل حجم التعهدات المالية، ومستوى الالتزام بها، وآليات توزيع التمويل، مع التركيز على العلاقة المعقدة بين الأبعاد السياسية والإنسانية في توجيه المساعدات، من أجل تحقيق فهم أعمق لطبيعة التمويل الدولي في السياقات الهشة.

ويستند التحليل إلى مجموعة من الأطر النظرية في مجال اقتصاد الصراع وتمويل ما بعد النزاع، إذ تشير الأدبيات إلى أن المساعدات المالية في البيئات الهشة لا تعمل بمعزل عن البنى السياسية القائمة، بل غالبًا ما تُسخّر لخدمة استراتيجيات إدارة الصراع، وتُستخدم كأدوات نفوذ أكثر من كونها وسائل حلّ، ومن ناحية أخرى، فإن غياب الحوكمة والمؤسسات المحلية يجعل المساعدات الدولية عرضة للإهدار أو التوظيف غير الفعال، كما حصل في سورية، حيث لم تؤدِ المساعدات إلى بناء مؤسسات مستدامة، أو تعزيز الاستقرار، بل أصبحت جزءًا من إدارة الأزمة.

وتبرز الورقة أن مؤتمرات المانحين لم تؤدِّ إلى تحسّن جذري في الواقع الإنساني داخل سورية، رغم التعهدات التي تجاوزت 60 مليار دولار، حيث عانت مناطق في شمال سورية أزمات في الغذاء ومياه الشرب والرعاية الصحية مع تراجع حجم المساعدات الدولية، وقد أظهرت البيانات فجوةً واضحةً بين التعهدات والمساهمات الفعلية، فضلًا عن توجيه غالبية التمويل إلى دول الجوار على حساب الداخل السوري، نتيجة للاعتبارات السياسية والقانونية واللوجستية، وغياب بيئة تنفيذية موحدة، وتسييس تخصيص الموارد، حيث أصبحت المساعدات أداة جيوسياسية لتثبيت النفوذ أو ضبط مسارات اللجوء، كما حصل في الاتفاق الأوروبي-التركي.

ويُظهر تحليل بيانات التمويل أن القطاعات الحيوية مثل الغذاء والتعليم حازت نسبَ تمويل مرتفعة نسبيًا، في حين بقيت قطاعات استراتيجية كالصحة والمياه والصرف الصحي في أدنى سلم الأولويات، وأن التمويل غالبًا ما كان يصل عبر قنوات دولية (الأمم المتحدة، المنظمات غير الحكومية الكبرى)، في ظل تهميش واضح للدور السوري المحلي، سواء من قبل الجهات الرسمية أو المدنية، وهو ما يتّسق مع نماذج “اقتصاد الصراع” التي تشير إلى أن التمويل، في ظل تعدّد الفاعلين وغياب سيادة وطنية موحدة، يتحول إلى أداة لإعادة إنتاج الانقسام بدلًا من تجاوزه.

ويصل البحث إلى أن ضعف الأثر الإنساني للمؤتمرات يرتبط بعدة عوامل، يمكن تلخيصها على النحو التالي:

    غياب الرؤية التنموية طويلة الأمد.

    انعدام الشفافية في التوزيع.

    تعدد المرجعيات السياسية داخل سورية، وغياب جهة سورية موحدة قادرة على التنسيق وتلقي التمويل.

    تحوّل المساعدات إلى أداة سياسية ضمن إدارة الصراع، حيث تحوّلت من استجابة إنسانية محايدة إلى أداة سياسية ضمن إدارة الصراع.

ومن ثم فإن النتائج التي توصّلت إليها هذه الدراسة تبرز أهمية إدماج منظور النظريات السياسية في فهم التمويل الدولي، ولا سيما في حالات الأزمات الممتدة.

يمكنكم قراءة المادة كاملة من خلال الضغط على علامة التحميل أدناه.

تحميل الموضوع

مركز حرمون

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى