الأحداث التي جرت في الساحل السوريالإعلان الدستوري لسوريا 2025الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعالتدخل الاسرائيلي السافر في سورياالعدالة الانتقاليةالعقوبات الأميركية على سورياتشكيل الحكومة السورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسةعن أشتباكات صحنايا وجرمانا

مقالات تناولت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لفرنسا

تحديث 08 أيار 2025

—————————-

الشرع في الإليزيه: شروط صارمة من فرنسا والمجتمع الدولي

ما الذي تريد فرنسا قوله لأحمد الشرع؟

07-05-2025

        يستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء في قصر الإليزيه، الرئيس السوري أحمد الشرع، في أول زيارة رسمية له إلى دولة غربية منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي. وتأتي هذه الزيارة في سياق إعادة ضبط العلاقات بين باريس ودمشق، في ظل انتقال سياسي هشّ، تُرافقه مخاوف إقليمية وتحديات داخلية كبرى، أبرزها ملف «المجازر الطائفية وتفكيك إرث الانتهاكات».

        وبحسب ما أفاد مصدر في الرئاسة الفرنسية خلال إحاطةٍ للصحفيين مساء أمس الثلاثاء، فإن اللقاء يندرج ضمن «التزام تاريخي لفرنسا منذ 2011 بدعم تطلعات الشعب السوري نحو دولة حرة، ذات سيادة، تعددية ومستقرة». وأضاف المصدر أن الرئيس ماكرون سيُعيد تأكيد هذه الثوابت أمام أحمد الشرع، مُشدِّداً على أن «مطالبنا لم تتغير. ما طالبنا به بالأمس من أجل سوريا، لا يزال هو نفسه ما ندافع عنه اليوم».

        المطالب الفرنسية: العدالة أولاً

        من بين المحاور الرئيسية التي سيطرحها الرئيس الفرنسي خلال اللقاء، بحسب المصدر ذاته، ملف «المحاسبة على الجرائم الطائفية، لا سيما المجازر التي طالت مدنيين على الساحل السوري وأعمال العنف التي استهدفت الطائفة الدرزية جنوب دمشق». «ثمة قلق بالغ لدى فرنسا والمجتمع الدولي من عودة المواجهات الطائفية العنيفة»، يقول المصدر في الإليزيه، مُشيراً إلى أن «المجازر على الساحل، والتوترات الأخيرة جنوب دمشق، لا يمكن أن تمرّ دون محاسبة».

        وأضاف أن «الطلب واضح: مكافحة الإفلات من العقاب. يجب أن تتحول هذه المبادئ إلى أفعال ملموسة. ما ننتظره ليس فقط نتائج لجنة التحقيق المستقلة التي أعلنتها السلطات الانتقالية، بل أيضاً أن تقوم العدالة السورية بمحاكمة الجناة».

        وبحسب المصدر، فإن هذه اللجنة – التي تم تمديد عملها الشهر الماضي – أجرت أكثر من مائة جلسة استماع، شملت عائلات الضحايا ومحتجزين على صلة بالانتهاكات. «الكرة الآن في ملعب السلطات السورية: يجب إعلان الاستنتاجات وتحويلها إلى أحكام»، يضيف المسؤول في الرئاسة الفرنسية.

        مخاوف من التقسيم ورسائل واضحة لإسرائيل

        الزيارة تجري في سياق إقليمي معقّد. فإسرائيل صعّدت، مؤخراً، ضرباتها في الداخل السوري، وسط نقاشات داخلها حول مستقبل وحدة سوريا. في هذا الصدد، شدَّدَ المصدر الفرنسي على رفض بلاده لأي تدخل خارجي من شأنه زعزعة الاستقرار، قائلاً: «نرفض أي خطوات من قبل أطراف خارجية يمكن أن تؤدي إلى تقسيم سوريا أو تأجيج الصراعات الطائفية».

        ورغم أن تصريحات المسؤولين الإسرائيليين لم تُذكَر صراحة، فإن الإليزيه أرسل رسائل ضمنية في هذا الاتجاه: «كل عمل يُضعف مسار الحوار الوطني ويُقصي مكوّنات المجتمع، مثل الطائفة الدرزية، سيكون له أثر سلبي مباشر على استقرار سوريا والمنطقة».

        حماية الأقليات: التزام غير قابل للمساومة

        من ضمن الشروط التي تعتبرها باريس جوهرية لمواصلة دعم المرحلة الانتقالية السورية، احترام كامل لحقوق الأقليات. ويقول المصدر: «نطالب بحماية جميع المدنيين، بغضّ النظر عن انتمائهم أو دينهم. وعلى السلطات الانتقالية أن تضمن سلامة الدروز كما العلويين والسنة والمسيحيين».

        وأشار إلى أن «الرئيس الشرع أعلن عن تشكيل لجنة تحقيق بعد مجازر الساحل، لكن فرنسا ستنتظر المحاسبة، لا الخطاب وحده».

        كما أكد أن فرنسا تراقب عن كثب التطورات في جنوب دمشق، حيث سجلت منظمات حقوقية عمليات استهداف منظم لأبناء الطائفة الدرزية. وعلّق المصدر: «هذه المجازر والتوترات لا تهدد فقط السوريين، بل تمسّ بنية الدولة وتُقوِّض أي مسار نحو الاستقرار».

        الكُرد والحوار الوطني

        اللقاء بين ماكرون والشرع سيتناول أيضاً المسار السياسي الانتقالي، لا سيما مشاركة الكُرد، الذين تعتبرهم باريس «حلفاء أوفياء في مكافحة الإرهاب»، بحسب المصدر. «ندعم بقوة اتفاق 10 مارس بين الرئيس الشرع والجنرال مظلوم. هذه الخطوة كانت ضرورية لتثبيت الحوار بين الشمال الشرقي ودمشق».

        كما دعا المصدر إلى تعزيز الحوار الكردي–الكردي، وإلى دمج كل المكونات السياسية والاجتماعية في الهيكل الجديد للسلطة، معتبراً أن «تفعيل مجلس الشعب المنصوص عليه في الإعلان الدستوري يجب أن يتم دون إقصاء».

        يضيف المصدر: «حلفاؤنا الأكراد لهم أهمية بالغة، هم حلفاؤنا الأوفياء على الدوام. نقدم كافة التسهيلات اللازمة لحلفائنا الأكراد الذين كانوا ولا يزالون حتى اليوم حلفاء أوفياء لنا في عملية مكافحة الإرهاب. ولذلك، تُعد هذه العملية بالنسبة إلينا واحدة من الأولويات. ينبغي أن يجد الأكراد مكاناً كاملاً لهم في الدولة الجديدة».

        مكافحة الإرهاب: التزامات مشروطة

         فرنسا، التي ما تزال طرفاً رئيسياً في التحالف الدولي ضد داعش، تضع بند مكافحة الإرهاب على رأس أجندتها. لكن موقفها بات مشروطاً بنتائج سياسية.

        «نحن لا نمنح شيكات على بياض»، يقول المصدر في الإليزيه، مضيفاً: «الرئيس الشرع تعهد بعدم التساهل مع بقايا التنظيمات الإرهابية. ننتظر أفعالاً واضحة. لقد لاحظنا بعض التقدّم، خصوصاً في محاربة تنظيم القاعدة، واستقبال بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكن الطريق لا يزال طويلاً».

        اللاجئون والحدود مع لبنان: بعد إنساني وسيادي

        تأملُ فرنسا أن تساهم الزيارة في تفعيل آلية التنسيق الحدودي بين سوريا ولبنان، التي أُطلقت بدعم سعودي وفرنسي. وفي هذا الإطار، تضع باريس ملف اللاجئين على الطاولة، وتطالب بضمانات «لعودة طوعية وآمنة».

        «استقرار سوريا لا يخصّها وحدها، بل يطال المنطقة، ولبنان أولاً»، يؤكد المصدر، مشيراً إلى أن الرئيس ماكرون سيبحث مع الشرع أيضاً في إمكان تعزيز التنسيق الثلاثي بين بيروت ودمشق وباريس.

         كما لمّحَ المصدر إلى أن فرنسا لن تقبل بعودة الهيمنة السورية على القرار اللبناني، قائلاً: «نسعى لترسيم حدود واضحة تحترم سيادة البلدين. هذه خطوة ضرورية لبناء الثقة».

        العقوبات وإعادة الإعمار: لا دعم دون إصلاح

        أشار المصدر إلى أن فرنسا، رغم ترحيبها بسقوط النظام السابق، لا تنوي رفع العقوبات بشكل شامل: «الرئيس الشرع لا يزال خاضعاً لعقوبات مجلس الأمن، وزيارته تمت بموجب إعفاء مؤقت».

        أما بشأن إعادة الإعمار، فشدد المسؤول الفرنسي على أن «أي تمويل دولي مشروط بالشفافية والحوكمة». وأردف: «البنك الدولي يُقدّر احتياجات الإعمار بـ250 مليار دولار. لا يمكن أن نطلب من المانحين التحرك دون رؤية إصلاحات حقيقية. فرنسا عرضت خبرتها التقنية، خاصة في إصلاح القطاع المالي، لكن الكرة في ملعب السوريين».

        لا اعتراف مجاني بشرعية السلطات الجديدة

        الرسالة الفرنسية واضحة: لا تطبيع بلا شروط. «ما زلنا نحكم على الأفعال لا على النوايا»، يقول المصدر في الإليزيه؛ «نحن نراقب. من حماية الأقليات إلى العدالة الانتقالية، ومن الحوار الوطني إلى تفكيك الشبكات الإرهابية، المطلوب هو التزام صادق ومسؤولية سياسية».

موقع الجمهورية

———————————————

زيارة أحمد الشرع إلى فرنسا: هل أخفقت باريس في اختيار التوقيت؟/ حسن مراد

08.05.2025

زيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى باريس ولقاءه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثارت الكثير من الجدل في الأوساط الفرنسيّة، فهل تحاول فرنسا التأثير على توجهات الشرع أم أنها أخطأت بدعوته دون ضمانات ميدانية ملموسة؟

منذ الإعلان، فجر الثلاثاء، عن موعد زيارة أحمد الشرع إلى فرنسا بدأ صداها يتردد في أوساط السوريين كما في الداخل الفرنسي، على اعتبار أنها الزيارة الأولى للشرع إلى عاصمة غربية تشغل مقعداً دائماً في مجلس الأمن الدولي وتعتبر النواة السياسية للاتحاد الأوروبي. لم يخف كثر من السوريين خشيتهم من أن يغادر الشرع فرنسا محملاً بشرعية دولية، في ذات الوقت الذي لم يحاسب فيه مرتكبي جرائم الساحل والسويداء وجرمانا وصحنايا.

أصوات علت حتى قبل انعقاد المؤتمر الصحافي الذي طالب ماكرون فيه ضيفه السوري “بحماية جميع السوريين من دون استثناء”. الأصوات المعترضة سبقت كذلك توضيحات الخارجية الفرنسية، يوم الثلاثاء، والتي أشارت فيها إلى أن فرنسا ستطالب الرئيس السوري الانتقالي، بصرامة، بمحاكمة مرتكبي المجازر الطائفية.

أن تعلو هذه الأصوات مستبقة الزيارة، دليل على توقيتها الإشكالي بغض النظر عن مضمونها.

تواصُل فرنسا مع شخصيات وأنظمة تحوم حولها علامات استفهام لجهة سلوكها الديمقراطي ومدى احترامها حقوق الإنسان بات مألوفاً، بخاصة أن المبادئ لا تصمد أمام المصالح والواقعية السياسية. سفير فرنسا السابق في سوريا ميشال دوكلو أكد لـ”درج” تأييده خطوة ماكرون: غاية فرنسا أن تكون مؤثرة في المشهد السوري لما ينتج منه من تحديات داخلية وإقليمية.

لكنّ عائقاً يعترض باريس في هذا السياق: افتقادها الآليات اللازمة. وعليه يرى السفير السابق، الذي يشغل حالياً منصب المستشار الخاص في مجمع التفكير “مونتين”، أن دعوة الشرع إلى باريس مبررة لجهة محاولة التأثير على توجهاته السياسية. لا ينفي دوكلو صوابية الرأي الداعي إلى تأجيل الزيارة بانتظار الحصول على ضمانات ميدانية ملموسة، لكن غياب آليات التأثير اللازمة يحتّم بالمقابل عدم تأجيلها، وفقاً لتصورّه: “السياسة والدبلوماسية تتطلبان المخاطرة والمجازفة”. 

من جانب آخر يرفض دوكلو تحميل الشرع كامل مسؤولية ما حدث بحق العلويين والدروز، لأن الرئيس السوري الانتقالي لا يملك سيطرة كاملة على جميع الفصائل إلى جانب وجود مجموعات موالية لنظام الأسد في الساحل، ودور إسرائيلي في ما يخص الملف الدرزي.

أحد الدبلوماسيين العرب في باريس اعتبر من جهته أن الضرر سيطاول بشكل أو بآخر صورة فرنسا لاستقبالها أحمد الشرع في هذا التوقيت. الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أكد لـ”درج” أنه لا يجوز الاستخفاف بالرموز حين يتعلق الأمر باستقبال فرنسا شخصية إشكالية مثل أحمد الشرع وفي ظل جرائم ذات طابع طائفي. لكن طالما أن الزيارة تمت، توقف الدبلوماسي المذكور عند دوافع باريس لدعوة الرئيس السوري الانتقالي.

برأيه، يضع إيمانويل ماكرون على رأس أولوياته ثلاثية “الأمن والاستقرار والازدهار” حتى لو كان الثمن إسقاط كل ما يمت بصلة للقيم والمبادئ الحقوقية، ليضيف: “انطلاقاً من هذه المعادلة رأى ماكرون أن التوقيت مثالي لاستقبال الشرع. فالموقف الأميركي ليس سلبياً تجاه النظام السوري الجديد بدليل تغطيته الاتفاق الموقع مع قوات سوريا الديمقراطية وزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى الولايات المتحدة. يضاف إلى ذلك التنسيق السعودي – القطري – التركي لعدم عرقلة خطوات الشرع”.

واقع دولي وإقليمي دفع بماكرون إلى اتخاذ هذه الخطوة التي تأتي استكمالاً لخطوات سابقة (اتصال هاتفي بالشرع في شباط/ فبراير  الفائت، تفعيل خلية سوريا في الخارجية…) في ترجمة للمثل الشعبي “اللي سبق شم الحبق”. فالوقت السياسي الضاغط يفرض على سيد الإليزيه عدم التوقف كثيراً عند مزاج الرأي العام، وفقاً للدبلوماسي المذكور، مستطرداً أن الحسابات الفرنسية قد تكون مبنية على قاعدة: “اكتساب الشرعية يأتي من رفع العقوبات وليس من خلال الزيارة”، ليختم حديثه إلى “درج” بالقول: “التقييم الفعلي للزيارة سيكون بناء على ما سيقدمه الشرع لفرنسا في عدد من الملفات، كالانفتاح السياسي الداخلي وضمان حقوق الأقليات والملف اللبناني”.

لكن آخرين رفضوا منح الرئيس الفرنسي أي مبرر لاستقباله أحمد الشرع. موقف عبّر عنه الباحث والأستاذ الجامعي المتخصص في الشأن السوري فابريس بالانش، الذي اعتبر في مقابلة مع صحيفة Le Figaro أن فرنسا أظهرت “سذاجة لاعتقادها أنها ستجني ثماراً”.

برأيه، أتى الشرع إلى فرنسا بحثاً عن شرعية دولية استكمالاً لشرعيته الإقليمية. لكن باريس، برأي بالانش، ليست سوى ممر مؤقت، فهدف الشرع هو الشرعية الأميركية، والذي سيتم التعبير عنه بإعادة مصرف سوريا المركزي لنظام سويفت العالمي.

لم ينف بالانش الدوافع الفرنسية، والتي وضعها في إطار السباق الفرنسي – الألماني، إذ تسعى باريس الى أن تكون الطرف الأوروبي المهيمن على الملف السوري، إلى جانب اهتمامها بحجز حصة من عملية إعادة إعمار سوريا.

ينتقد الباحث الفرنسي انسياق الأوروبيين “بسذاجة” خلف الشرع وطرحهم معادلة: إما ديكتاتورية إسلامية أو فوضى على النمط الليبي. هاجس الأوروبيين وفقًا لبالانش تجنب موجة لجوء جديدة، موحياً بتلاعب الشرع بهم بعدما أعطى إشارات تدل على اعتداله وابتعاده عن أي ميول تطرفية. سلوك يحيله الباحث الفرنسي إلى ضعف الرئيس السوري الانتقالي، والذي سيعود ويكشف عن وجهه الحقيقي فور استقرار حكمه. بالانش لم يستبعد عدم حصول الشركات الفرنسية على الحصة التي تنتظرها من “كعكة إعادة الإعمار”، لتكتشف فرنسا أن الشرع استفاد من سذاجتها.

لاستقبال أحمد الشرع، لجأت فرنسا إلى معادلتها المعتادة التي تتيح لها تبرير انفتاحها على الأنظمة الديكتاتورية، معادلة قوامها: “التواصل الصريح خير من المقاطعة”.

على رغم كل المبررات، تبقى هذه الزيارة غير مثالية أقله لجهة التوقيت، إذا أضفنا إليه الخطوات التي أقدم عليها أحمد الشرع والتي لا توحي بالتفاؤل مستقبلاً، وعلى رغم وعوده السابقة (سلق الحوار الوطني، عيوب التشكيلة الحكومية …)، يُخشى ألا يبقى من هذه الزيارة سوى ذكرى انتزاع الرئيس سوريا الانتقالي ومن قلب باريس حداً أدنى من الشرعية الدولية، لتضاف هذه الزيارة إلى سجل الزيارات التي شكلت وصمة عار لفرنسا.

الأيام كفيلة بتوضيح ما إذا كنا سنضع هذه الزيارة في الخانة ذاتها مع زيارة بشار الأسد لباريس في العام 2008. آنذاك، حط الرئيس السوري المخلوع في فرنسا للمشاركة في أعمال مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط وحضور احتفالات العيد الوطني الفرنسي في 14 تموز/ يوليو. زيارة أعادت تعويمه دولياً بعد سنوات ثلاث على نبذه عقب اغتيال رفيق الحريري وما تلاها من أحداث أمنية في لبنان. نيكولا ساركوزي نسي أو تناسى أن بلاده تحتفل بعيدها الوطني في ذكرى اقتحام سجن الباستيل، تفصيل لم يدخل في حساباته وهو يستقبل الأسد بعد أيام قليلة على استعصاء سجن صيدنايا.

حالها حال زيارة معمر القذافي إلى باريس في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2007، والتي لا تزال حاضرة في الذاكرة السياسية والشعبية الفرنسية، ليس لإعادة تعويمها الديكتاتور الليبي وحسب، بل لتزامنها مع اليوم الدولي لحقوق الإنسان، لتعكس حجم ازدراء ساركوزي هذه القيم.

درج

——————————-

ماذا يريد ماكرون من الشرع؟/ عمر كوش

7/5/2025

تكتسي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى باريس أهميتها، ليس فقط من كونها أول زيارة له إلى عاصمة أوروبية، بل لأنها تفتح باب أوروبا أمام التحول السوري الجديد، خاصة أن فرنسا تحظى بثقل كبير في منظومة الاتحاد الأوروبي، وكانت من أولى الدول الأوروبية التي أرسلت وزير خارجيتها جان نويل بارو، صحبة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا ألما بيربوك إلى دمشق.

كما قامت بإعادة فتح سفارتها، التي أغلقت في مارس/ آذار 2012،  بعد أن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا احتجاجًا على التعامل الدموي لنظام الأسد البائد مع المحتجين السلميين الذين ثاروا على النظام في منتصف مارس/ آذار 2011.  ثم قامت باريس بتعيين السفير جان باتيست فيفر قائمًا بالأعمال في سفارتها في دمشق.

وكان لافتًا مسارعة الرئيس ماكرون إلى تهنئة أحمد الشرع بتوليه منصب الرئاسة السورية، ووجه إليه دعوة لزيارة فرنسا، لكنه عاد وقرنها بشروط سياسية، تتلخص في ضرورة تشكيل حكومة سورية شاملة تضم كافة أطياف المجتمع المدني السوري، وتوفير الضمانات الأمنية اللازمة من أجل عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى مدنهم وقراهم.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هو: ماذا يريد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نظيره السوري أحمد الشرع؟

بداية، تشير الزيارة إلى جدية فرنسا واهتمامها بالوضع السوري الجديد، وتأتي تتوجًا لمسار سلكته السلطة الجديدة في سوريا لإعادة بناء علاقاتها الدولية، وكسر العزلة السياسية التي فرضت على البلاد لفترة طويلة، لذلك سعت الإدارة الجديدة إلى الانفتاح على الأوروبيين لرفع جميع العقوبات، أو على الأقل تخفيفها، والإسهام في ملفَي التعافي المبكر، وإعادة الإعمار، وتقديم مساعدات اقتصادية وتقنية هي بأمسّ الحاجة إليها.

وبالتالي، فإن زيارة الشرع إلى باريس تؤكد تمكن حكام سوريا الجدد من انتزاع تأييد واعترف دولي واسعَين، إلى جانب احتضان عربي خليجي غير مشروط، الأمر الذي يمنحهم شرعية خارجية. وتشي الزيارة بحدوث تغير في موقف معظم دول الاتحاد الأوروبي حيال التحول السوري، الذي أنهى حكم آل الأسد الاستبدادي.

وبالتالي، فإنها تمثل فرصة هامة للشرع كي يشرح رؤيته لمستقبل سوريا، ويقدم تصوره لمسار عملية الانتقال السياسي فيها، خاصة أن سوريا بحاجة إلى جمْع الدول للوقوف إلى جانبها لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها. إضافة إلى سعيها لحشد دولي لوقف الاعتداءات والتوغلات الإسرائيلية المتكررة، التي تسعى إلى تفتيتها وزعزعة أمنها واستقرارها.

الواقع هو أنّ فرنسا، التي بات دورها هامشيًا في أزمات منطقة الشرق الأوسط، تريد العودة إلى الانخراط فيها من البوابة السورية واللبنانية، واستئناف نفوذها ودورها التاريخي، خاصة أنها تحتفظ ببعض أوراق النفوذ في المنطقة، لذلك سارعت إلى احتضان المؤتمر الدولي حول سوريا، الذي عقد في 13 فبراير/ شباط الماضي، بمشاركة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، وتبذل جهودًا من أجل رفع العقوبات عن سوريا، وذلك في إطار سعيها لأن تكون الراعي الدولي الأوروبي لعملية الانتقال في سوريا.

تستند فرنسا في عودتها إلى الملف السوري، إلى الدعم الذي أظهرته لتطلعات الشعب السوري منذ بداية ثورة 2011، حيث تبنّت موقفًا مساندًا للمعارضة ضد نظام الأسد البائد، وانخرطت في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، وتعاملت بإيجابية مع التغير السوري، من أجل إبعاد روسيا وإيران عن الساحة السورية، وكل ما قد يتسبب في إحداث فوضى خلال عملية الانتقال السياسي فيها.

كما أن منظمات حقوقية فرنسية وسورية استثمرت قوانين الاختصاص القضائي العالمي، والمبدأ الجنائي الفرنسي، في رفع قضايا لمحاكمة مجرمين من نظام الأسد، لأن تلك القوانين تسمح بمحاكمة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية حتى لو ارتكبت خارج فرنسا وضد أجانب، شرط وجود صلة بفرنسا، مثل حمل الضحايا الجنسية الفرنسية.

وقد أصدر قضاة فرنسيون في أكتوبر/ تشرين الأول 2018 مذكرات توقيف دولية بحق ثلاثة من كبار مسؤولي أجهزة استخبارات نظام الأسد، هم: علي مملوك (مدير المخابرات العامة)، وجميل حسن (مدير المخابرات الجوية آنذاك) وعبد السلام محمود (مسؤول في فرع التحقيق بمطار المزة).

ثم أصدر القضاء الفرنسي مذكرة اعتقال ثانية في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي بحق بشار الأسد. وسبق أن أصدر قضاة فرنسيون في ديسمبر/ كانون الأول 2023، أول مذكرة اعتقال بحقه لاتهامه بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

أراد الرئيس ماكرون من زيارة الشرع إلى باريس إظهار التزام فرنسا بدعم إعادة “بناء سوريا جديدة حرة ومستقرة وذات سيادة كاملة تحترم جميع أطياف المجتمع السوري دون تمييز”، لكن تركيزه انصب على القيام بمزيد من الخطوات باتجاه توسيع دائرة تمثيل الأقليات في مفاصل الحكم والدولة، وإيقاف الانتهاكات والتجاوزات التي حصلت مؤخرًا في الساحل السوري، إلى جانب ملف المقاتلين الأجانب في سوريا، وضرورة إبعادهم عن قيادة الجيش الجديد.

إضافة لضرورة انخراط سوريا في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، وضرورة دمج حلفائه في قوات سوريا الديمقراطية في العملية الانتقالية، فضلًا عن أنه لم يخفِ مطالبه بأن تبقى سوريا بعيدًا عن نفوذ النظامين: الروسي والإيراني، ومنع سوريا من أن تتحول مرة أخرى منصة للمليشيات الإيرانية لزعزعة استقرار المنطقة. ما يعني منع وصول الأسلحة إلى حزب الله اللبناني، منعًا لأي تهديد للداخل اللبناني، ولأمن إسرائيل.

غير أنّ القضايا التي تهم فرنسا لا تنحصر بالوضع الداخلي، وما يتعلق بعملية الانتقال السياسي، ومشاركة الأقليات وحقوق المرأة، بل تتمحور حول قضايا إقليمية ودولية أهمها:

    استقرار المنطقة، وخاصة الوضع في لبنان المجاور، مع التركيز على ترسيم الحدود البرية والبحرية بين سوريا ولبنان، ووضع اللاجئين السوريين فيه.

    ملف مكافحة الإرهاب ومنع ظهور تنظيم الدولة، وتراه باريس تحديًا مشتركًا للمجتمع الدولي. إضافة إلى بحث مصير معتقلي التنظيم الفرنسيين وعوائلهم في السجون التي تشرف عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

    وضع الكيانات والمجموعات الكردية التي تدعمها فرنسا، ومناقشة مصير الاتفاق الذي وقع في العاشر من مارس/ آذار الماضي بين الرئيس الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، بشأن إدماج قسد في الجسم السوري الجديد.

    مسألة عودة اللاجئين السوريين المتواجدين في مختلف البلدان الأوروبية.

ليس جديدًا القول إن ما يهم الدول هو مصالحها، وعليه فإن فرنسا لديها مصالح اقتصادية في سوريا، وذلك في ظل مرحلة إعادة الإعمار المقبلة عليها، وتريد الشركات الفرنسية أن يكون لها نصيبها، ولعل باكورة الحصة الفرنسية تجسدت في العقد الذي وقعته “الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية” السورية مع شركة “سي إم إيه سي جي إم” الفرنسية، ومدته 30 عامًا، ويتضمن قيام الشركة الفرنسية بتطوير وتشغيل ميناء اللاذقية بقيمة 230 مليون يورو، تضخ الشركة خلال العام الأول مبلغ 30 مليون يورو، فيما تضخ في الأعوام الأربعة التي تليه مبلغ 200 مليون يورو، على أن تقوم بإنشاء رصيف الميناء بطول كيلو ونصف الكيلومتر وبعمق 17 مترًا.

ولعل توقيع اتفاق بهذا الحجم مع شركة فرنسية، يؤكد موقف فرنسا الداعم لاستقرار سوريا. لكن ضخ الاستثمارات الفرنسية في مختلف القطاعات الاقتصادية يتطلب رفع العقوبات المفروضة عليها، وخاصة العقوبات الأميركية على سوريا، التي تشكل أكبر عقبة أمام تعافي البلاد وتحسين شروط عيش السوريين، فضلًا عن أنّها تعيق ملايين اللاجئين السوريين الذين ينتظرون توفير بيئة ملائمة معيشيًا لعودتهم إلى بلادهم، حيث لا تمتلك السلطات الجديدة القدرة على تقديم الخدمات والاحتياجات الضرورية لعموم السوريين، خاصة أن أكثر من 90 في المئة منهم تحت خط الفقر.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

كاتب وباحث سوري

الجزيرة

——————————-

الشرع في باريس.. فرنسا تقود المبادرة الدبلوماسية بدعم سوريا الجديدة/ حفصة علمي

كومبو للرئيسين: السوري أحمد الشرع والفرنسي إيمانويل ماكرون

7/5/2025

باريس- يستضيف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الأربعاء، نظيره السوري أحمد الشرع في أول زيارة له إلى أوروبا منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وفق ما أعلنه قصر الإليزيه أمس.

ومن المقرر أن يناقش ماكرون مع الشرع عدة قضايا، من أهمها رفع العقوبات ومكافحة الإرهاب واستقرار المنطقة والوضع في لبنان.

كما تتجلى أهمية هذا اللقاء في محاولة فرنسا قيادة المبادرة الدبلوماسية لدعم سوريا الجديدة ولعب دور محوري في منطقة الشرق الأوسط.

بوابة أوروبا

يعتبر مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني أن العلاقات التاريخية بين باريس ودمشق كانت المحرك الأساسي لاختيار فرنسا دعوة واستقبال الرئيس السوري لتكون البلد الأول الذي يزوره. وأضاف في حديث للجزيرة نت أن الزيارة ستمثل خطوة مهمة للشرع، وستكون بوابة إلى المجتمع الدولي الأوسع.

وتابع عبد الغني “بما أن فرنسا تُعد من الدول الديمقراطية العريقة، فإن استقبالها للرئيس السوري سيعني أن عددا كبيرا من الدول الأوروبية ستدور في فلكها هي وألمانيا البلدين اللذين يقودان الاتحاد الأوروبي” متوقعا أن هذه الدول ستقوم بالخطوة نفسها في المستقبل.

ومن جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بباريس زياد ماجد أن الشرع يبحث عن تواصل دولي مع الغرب ليقدم نفسه كرئيس جديد لسوريا، بعد حصوله على الشرعية العربية من خلال دعوته إلى القمة العربية واجتماعات مختلفة مع القادة العرب.

وأضاف ماجد -في تصريحه للجزيرة نت- أن أهمية الزيارة تكمن في اعتبار باريس المدخل الأساسي نظرا لدورها السابق في مواجهة نظام الأسد ومحاولتها قيادة الاتحاد الأوروبي سياسيا في منطقة الشرق المتوسط، فضلا عن علاقاتها العديدة مع لبنان والعراق ودول الخليج.

وفي الوقت الذي كانت فيه فرنسا مركزة على مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط، يبدو أنها تتخذ اليوم منعطفا جيوسياسيا مختلفا، وقد برز ذلك بشكل واضح في اعترافها المحتمل بدولة فلسطين وزيارة ماكرون الأخيرة إلى مصر.

دعم سوريا

وكان الرئيس الفرنسي قد دعا الشرع لزيارة باريس بداية فبراير/شباط الماضي. وفي نهاية مارس/آذار الماضي، جعل دعوته مشروطة بتشكيل حكومة سورية شاملة “لكل مكونات المجتمع المدني” وبالضمانات المتعلقة بأمن البلاد، معتبرا أن مناقشاته الأولى مع الشرع بهذا الصدد كانت “إيجابية تماما”.

وخلال الاجتماع، سيؤكد ماكرون دعم بلاده لبناء “سوريا حرة ومستقرة وذات سيادة تحترم جميع مكونات المجتمع السوري” وفقا لبيان الرئاسة الفرنسية أمس.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية زياد ماجد أن المسائل الاقتصادية والحيوية بالنسبة لسوريا ولنظام الشرع، مثل إعادة الإعمار ورفع بعض العقوبات وتشجيع الاستثمارات، تُعد من أهم أهداف زيارته لفرنسا.

وغير مستبعد إثارة الرئيس الفرنسي مع الشرع ملف حقوق الإنسان و”التوترات الطائفية” أكد ماجد على رغبة باريس في التعاون الاقتصادي ولعب دور قيادي في الشرق الأدنى -خاصة في سوريا ولبنان- في ظل الغياب الأميركي.

وأضاف أن القمة التي جمعت ماكرون مع نظيره اللبناني جوزيف عون في باريس في مارس/آذار الماضي، والتي جرى خلالها الاتصال بالشرع والمسؤولين القبارصة واليونانيين، تؤكد الاهتمام الفرنسي بهذه المنطقة حيث تتوفر الاحتمالات لإبرام عقود اقتصادية بفضل الموانئ الإستراتيجية لفرنسا وارتباط الساحل ببلد مثل العراق.

وفي سياق متصل، يرى عبد الغني أن باريس تشعر بضرورة أن تلعب الدور مجددا في دمشق لأن المنطقة داخل نطاق اهتماماتها، فضلا عن أهمية وارتباط سوريا بضمان استقرار لبنان.

تحديات ومصالح

ومن المتوقع أن تسلط هذه الزيارة الضوء على التحديات الخارجية التي تواجهها سوريا، خاصة الغارات الإسرائيلية المتكررة التي تهدد سيادة واستقرار البلاد، وفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وبينما دعت إسرائيل إلى بقاء سوريا معزولة ولامركزية، صعّدت هجماتها العسكرية في جميع أنحاء البلاد ودخلت قواتها البرية إلى منطقة جنوب غربها، منذ نجاح فصائل المعارضة السورية في الإطاحة بنظام الأسد.

وبالتالي، يعتبر ماجد أن الأمور لا تزال معقدة في ظل المشاكل الداخلية والعقوبات الأميركية وحالة الانتظار لما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة، بسبب استمرار حرب الإبادة في قطاع غزة والغارات الإسرائيلية على لبنان واستباحة إسرائيل للجنوب السوري.

ويرى عبد الغني أن فرنسا تحتاج إلى استعادة نفوذها الذي فقدته في سوريا من خلال قطعها العلاقات مع بشار الأسد. وبقيادتها القاطرة الأوروبية باتجاه سوريا في ظل الفراغ والتردد الأميركي، تتقدم باريس بهذه الخطوة ليكون لها دور التأثير السياسي على السلطات في دمشق والعملية الانتقالية كلها، من خلال دعم النواحي الاقتصادية والسياسية، وفق المتحدث نفسه.

المصدر : الجزيرة

———————————–

الشرع في باريس.. محاولة العودة إلى العالم من البوابة الفرنسية/ أحمد الكناني

7 مايو 2025

استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، اليوم الأربعاء، الرئيس السوري أحمد الشرع الذي يقوم بأول زيارة أوروبية له منذ تسلمه رئاسة الفترة الانتقالية في سوريا. ويرى مراقبون أن اختيار فرنسا كوجهة أولى خارج الإقليم يعكس الثقل الحقيقي للدور الفرنسي، سياسيًا واقتصاديًا، في سوريا.

ويشير بيان الإليزيه، حول الزيارة، إلى أن الرئيس ماكرون يؤكد على الدعم الفرنسي لبناء سوريا جديدة حرة، ومستقرة، وذات سيادة، تحترم كل مكونات المجتمع السوري، في إشارة إلى أن قضية الأقليات ستكون حاضرة في المباحثات بين الرئيسين، إضافة إلى الملفات الاقتصادية التي تراها دمشق معلقة من قبل الجانب الفرنسي.

بوابة أوروبية

يعتقد الباحث في الشؤون السياسة، مروان حمي، أن زيارة الرئيس الشرع إلى باريس تعد مؤشرًا على بداية مرحلة جديدة في الترتيبات الإقليمية والدولية للملف السوري، تهدف إلى إعادة تموضع دمشق في الساحة الدولية بعد سقوط نظام الأسد، انطلاقًا من ثقل فرنسا الدبلوماسي كعضو دائم في مجلس الأمن، وكقائد سياسي في الاتحاد الأوروبي.

ولفت الباحث حمي إلى وجود اهتمام واضح لفرنسا بتعزيز نفوذها في سوريا، وهو ما انعكس في بيان الإليزيه، والذي يعبر عن رغبة باريس أن تدخل في وساطة بين الفصائل السورية والمكونات الطائفية والعرقية، بما في ذلك الكرد والأقليات في الساحل مثل العلويين والمسيحيين.

وفي هذا السياق يشير الأكاديمي المختص في قضايا الحوكمة، د. زيدون الزعبي، إلى أن أبرز الأهداف لزيارة الرئيس الشرع لباريس متعلقة بالخروج من العزلة السياسية، التي كانت مفروضة على الأسد، حيث تعمل الإدارة الجديدة في سوريا على إعادة التموضع داخل المجتمع الدولي، إضافة إلى أن باريس نفسها تكسر الحرج الدولي بما يتعلق بالسياسات الأوروبية تجاه دمشق، خاصة وأنه ثمة اتفاقات اقتصادية بدأ العمل عليها بين البلدين كاتفاق تطوير وتشغيل ميناء اللاذقية.

دور اقتصادي وأموال مجمدة

لا شك أن الملف الاقتصادي سيكون حاضرًا بقوة على طاولة الرئيسين، لا سيما الاتفاق الذي أبرمته الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا مع شركة CMA CGM الفرنسية لتطوير وتشغيل ميناء اللاذقية، وذلك حسب الأكاديمي الزعبي، الذي أشار إلى احتمالية مناقشة الأموال السورية المجمدة، وقضية “لافارج”، نظرًا للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها الحكومة السورية.

وفي هذا الجانب، يرى الباحث حمي أن الزيارة إلى باريس توفر فرصة للتفاوض مع فرنسا، التي تُعد لاعبًا رئيسًا في الاتحاد الأوروبي، لتسهيل إعادة الأموال السورية المجمدة، إضافة إلى التفاوض مع مؤسسات مالية دولية كصندوق النقد الدولي، لافتًا إلى أهمية قضية شركة “لافارج”، التي تورطت في دفع أموال لتنظيم الدولة الإسلامية بين 2011-2014 لتأمين مصنعها في الرقة، والتي قد تستخدمها دمشق للحصول على مكاسب اقتصادية، منوهًا إلى أن باريس ستضع شروطًا متعلقة بالإصلاح السياسي، وحماية مصالحها، مقابل أي خطوة ايجابية تجاه دمشق.

ملف “الأقليات”

تشير التقديرات السياسية إلى أن فرنسا تسعى لاستغلال علاقاتها التاريخية مع بعض الفئات السورية، خاصة المسيحيين والعلويين في الساحل، حيث تستضيف المقر الأوروبي للمجلس العلوي، إضافة إلى دورها في الكونفرانس الكردي، والذي اعتبرته دمشق انقلابًا على اتفاقها مع “قسد”.

وفي هذا السياق يعتبر الأكاديمي زيدون الزعبي أن القضية الكردية ستكون على طاولة النقاشات بين الرئيسين، لا سيما وأن فرنسا كانت الراعية للكونفرانس الكردي، إضافة إلى علاقاتها السياسية العميقة مع الإدارة الذاتية.

فيما يعتقد الباحث السياسي مروان حمي أن باريس تعمل على إدارة التوازنات الطائفية، خاصة مع مخاوف الأقليات من هيمنة الفصائل الإسلامية المتشددة ولاسيما الأجنبية منها، إضافة إلى دورها في دعم الكرد، من خلال التقريب بين حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) والمجلس الوطني الكردي، وتسهيل الحوار بين الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا وحكومة دمشق.

ضغط قضائي

في ظل الانقسام الحاصل في صفوف الطبقة السياسية الفرنسية حول زيارة الرئيس الشرع إلى باريس، يعتقد سياسيون أنه من المحتمل أن تحضر الاتهامات بارتكاب انتهاكات حقوقية في نقاشات الرئيسين، وهو ما يعتقد الباحث حمي أنه “وارد” من حيث استخدامه كأداة ضغط سياسي من فرنسا والقوى الغربية لضمان قبول دمشق بشروط دولية، فيما يرى الأكاديمي الزعبي أنه من غير المحتمل فتح مثل هذه الملفات خلال الزيارة كونها هي الأولى بعد قطيعة دامت لأكثر من عقد بين دمشق وباريس.

وبحسب الإليزيه، فإن ماكرون سيذكّر الشرع “بمطالبه من الحكومة السورية، وفي مقدمتها تحقيق الاستقرار في المنطقة، وخاصة لبنان، وكذلك مكافحة الإرهاب الذي يشكل قضية أمنية للسوريين ولجميع سكان المنطقة، وقبل كل شيء للفرنسيين”.

الترا سوريا

—————————–

======================================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى