العقوبات الأميركية على سورياسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

الموقف الأميركي اتجاه سوريا، مسالة رفع العقوبات، الشروط التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على الحكومة السورية تحديث 10 أيار 2025

=========================

لمتابعة هذا الملف التبع الرابط التالي

العقوبات الأميركية على سوريا الجديدة وسبل إلغائها

—————————-

من هو التاجر الأميركي الذي يسعى إلى بناء جسر بين ترمب والشرع؟/ عيسى النهاري

مصالح الغاز الطبيعي تقود جوناثان باس إلى القيام بدور الوسيط بصورة غامضة وغير رسمية

الجمعة 9 مايو 2025

في عالم دونالد ترمب تجار كثر ينفذون أجندته عبر رحلات رسمية وغير رسمية، وعلى رغم أن الرئيس الأميركي ما زال حذراً في التعامل مع الملف السوري، فإن رجل أعمال أميركياً اسمه جوناثان باس برز خلال الآونة الأخيرة كجسر محتمل بين إدارة ترمب وسوريا الجديدة التي تسعى إلى رفع العقوبات وتأمين الدعم الدولي لإعادة إعمار البلاد المدمرة، فماذا نعرف عن هذا التاجر، وما علاقته بالإدارة الأميركية؟

رئيس شركة للغاز الطبيعي

 باس التقى الأسبوع الماضي الرئيس السوري أحمد الشرع في القصر الرئاسي بدمشق، حيث عرض عليه خطة لتطوير قطاع الطاقة السوري بمساعدة شركات غربية وإنشاء شركة نفط سورية يمكن إدراجها في الأسواق الأميركية، مما رحب به الشرع بشرط تخفيف العقوبات، ورغبة منها في دفع الجهود قدماً، أرسلت سوريا وزير الطاقة لمرافقة باس في رحلة العودة لإسطنبول.

ونقل الرئيس السوري رسالة عبر رجل الأعمال الأميركي برغبته في لقاء ترمب لعرض رؤيته لإعادة الإعمار، وتشابه هذه الرؤية “خطة مارشال”، في مسعاها لإعطاء الأولوية إلى الشركات الأميركية والغربية، على حساب الصين وقوى أخرى تتنافس على النفوذ في البلاد، لكن التحدي أمامها هو إقناع واشنطن بأن الشرع وأعوانه لن يجعلوا من سوريا منصة للجماعات الإرهابية، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.

 ويشغل باس منصب الرئيس التنفيذي لشركة “أرغنت” للغاز الطبيعي ومقرها لويزيانا، ومن الواضح أنه يسعى إلى رفع العقوبات الأميركية بهدف بناء علاقات تجارية مع الحكومة السورية الجديدة، مما يتطلب بناء جسور الثقة بين إدارة ترمب المتشككة والحكومة السورية الرازحة تحت وطأة العقوبات.

وما زالت علاقة رجل الأعمال بترمب غير واضحة، لكن منشوراته في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر دعمه المطلق لسياسات ترمب حتى الجدلية منها في بعض دوائر رجال الأعمال مثل فرض الرسوم الجمركية، وفي منشور بتاريخ 19 أبريل (نيسان) الماضي اعتبر أن “ترمب بهذه الرسوم لا يجدد عظمة أميركا فحسب، بل ينقذها”.

ويتبنّى الموقع الإلكتروني للشركة التي يترأسها باس الخطاب السياسي للرئيس الأميركي، إذ يبرز شعار “البوابة إلى خليج أميركا” في واجهته الرئيسة، ويبدو أن باس يسعى إلى توسيع نطاق أعمال شركته في منطقة الشرق الأوسط، فيما يتمثل أبرز مشاريعها حالياً في اتفاق إيجار حصري طويل الأجل مع ميناء فورشون بولاية لويزيانا.

وتركز شركة “أرغنت” جهودها على إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتوزيعه إلى أسواق تمتد عبر أربع قارات لتلبية الطلب العالمي المتزايد على حلول الطاقة النظيفة. ومن المقرر أن تبدأ العمليات التشغيلية لمشروع لويزيانا عام 2029 أو عام 2030. ويتمتع ميناء فورشون بموقع استراتيجي على الساحل الجنوبي للولايات المتحدة، مما يتيح له الوصول المباشر إلى “خليج أميركا” ويمنحه مزايا لوجستية كبيرة، من بينها تقليص أوقات وكلف الشحن.

اجتماع 4 ساعات

بعد اجتماع باس مع الشرع لنحو أربع ساعات، دعا إلى تطبيع العلاقات مع سوريا، وقال “لدينا فرصة لإخراج الروس والإيرانيين والصينيين من البلاد إلى الأبد، وتحقيق هزيمة دائمة لتنظيم ’داعش‘”. ولفت رجل الأعمال إلى أن سوريا ترغب في الاستعانة بالشركات الأميركية في إعادة الإعمار والالتزام بشراء طائرات “بوينغ” وعقد شراكات مع شركات الاتصالات الأميركية، وخلال مقابلة معه في إسطنبول، أخرج باس هاتفه وأظهر رسائل من وزير الاتصالات السوري الذي كان يرسل له يومياً رسالة مقتضبة عبارة عن “”AT&T، في إشارة إلى رابع أكبر شركة اتصالات أميركية.

وليس من الواضح ما إذا كانت مساعي باس ستؤدي إلى تغيير الإدارة الأميركية موقفها من سوريا، خصوصاً دوائر مكافحة الإرهاب التي لا تزال متشككة في شأن أفكار الرئيس السوري بسبب علاقته السابقة بتنظيم “القاعدة”. ولا يزال الشرع مدرجاً في قائمة الإرهاب الأميركية، على رغم إلغاء مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار كان عرضها مكتب التحقيقات الفيدرالي لاعتقاله.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جيمس هيويت إن “الولايات المتحدة أوضحت منذ البداية أن سلوك السلطات السورية الانتقالية هو ما سيحدد دعمها في المستقبل أو إمكان تخفيف العقوبات”. وحذر محللون ومسؤولون أميركيون سابقون مثل جيمس جيفري، أحد المشاركين في فرض العقوبات على سوريا، من أن غياب الدعم الأميركي قد يؤدي إلى عواقب سلبية منها عودة الجماعات المتطرفة، أو لجوء الشرع إلى إيران، إذا نفدت خياراته.

لكن واشنطن أقدمت على خطوات أكثر انفتاحاً تجاه سوريا في الآونة الأخيرة، من بينها إعطاء الضوء الأخضر لمبادرة قطرية لتمويل رواتب موظفي القطاع العام في سوريا باستثناء وزارتي الدفاع والداخلية، مما قد يفتح الباب لمزيد من المرونة في السياسات الدولية تجاه دمشق.

إعادة الإعمار

وبدأ الرئيس السوري الجديد المساعي للتواصل مع أميركا من خلال ملاحقة المتشددين وبدء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لتهدئة الوضع، كما أبدى استعداده لعقد صفقات تتيح لشركات النفط والغاز الأميركية العمل داخل سوريا. في المقابل قدمت واشنطن قائمة من المطالب للنظر في العقوبات، من بينها ملاحقة الجماعات الفلسطينية المسلحة وحماية الأقليات والتعهد بألا تكون سوريا منصة تهديد لأية دولة، إضافة إلى التعاون في تحديد أماكن الأميركيين المفقودين في سوريا، والسماح لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بالتحقق من بقايا الترسانة الكيماوية في البلاد، وهما أمران بدأت الحكومة السورية بالعمل عليهما، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.

ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية السورية أن بلاده ترغب في بناء علاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة تقوم على المصالح المتبادلة، بما يشمل قطاع الطاقة والقطاعات الاقتصادية الأخرى، ضمن مساعيها لتصبح حليفاً مهماً ومؤثراً لواشنطن في المرحلة المقبلة.

وتحتاج سوريا إلى رفع العقوبات لبدء عملية إعادة إعمار أجزاء واسعة من المدن السورية الكبرى التي شهدت دماراً كبيراً، وإصلاح المطارات والطرق وشبكات الكهرباء والاتصالات.  كما تحتاج إلى إصلاح منشآتها النفطية المتهالكة بعد أعوام من الحرب والعقوبات، حتى تعود  لمستوى إنتاجها قبل اندلاع الثورة في 2010 عندما كانت تصدر كميات نفطية تقدر قيمتها بـ4.2 مليار دولار.

وسيكون لموقف ترمب من سوريا تأثير حاسم، فعلى رغم أنه لم يُدلِ بكثير من التصريحات العلنية حول الوضع هناك، فإن مبعوثه النافذ إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف قال إن “الشرع بات شخصاً مختلفاً عما كان عليه سابقاً”. ويرى بعض القادة العسكريين الأميركيين أن دعم حكومة الشرع قد يساعد في تقليص نفوذ “داعش” وغيره من الجماعات المتطرفة، وفي الوقت ذاته يسمح بتقليص الوجود العسكري الأميركي.

———————————-

الحوار بين إدارة ترمب وحكومة الشرع هو الحل الأمثل/ رضوان زيادة

الاندماج في المجتمع الدولي على قائمة الأولويات

آخر تحديث 08 مايو 2025

سلم مسؤولون رفيعو المستوى في وزارة الخارجية الأميركية وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لائحة بالمطالب الأميركية خلال مؤتمر بروكسل في مارس/آذار الماضي، ضمت هذه المطالب ثمانية مطالب رئيسة على الإدارة السورية الجديدة أن تحققها حتى تقوم بالاعتراف بها وحتى تقوم بتخفيف العقوبات وخاصة المالية منها.

من المهم على إدارة ترمب أن تقوم بانخراط سياسي أوسع حول القضايا التي تثير قلقها من الإدارة السورية الجديدة حتى تستطيع سوريا تجاوز صعوبات المرحلة الانتقالية التي تمر بها وحتى تضمن الاستقرار طويل المدى لسوريا على المدى الطويل.

ووضعت الحكومة السورية الجديدة رفع العقوبات من ضمن أولوياتها منذ اليوم الأول لوصولها إلى الحكم بعد أكثر من ستة عقود من حكم نظام الأسد الدكتاتوري الذي كلف الشعب السوري الكثير من الأرواح والمعاناة وكلفه اقتصاديا وماليا مما يجعل من الصعوبة على الحكومة السورية أن تحقق طموحات الشعب السوري أولا والمجتمع الدولي ثانيا في ظل استمرار العقوبات المفروضة عليها والتي تكبل قدرتها على تحقيق ما يصبو إليه الشعب السوري ويتطلع إليه المجتمع الدولي. كما وضعت الإدارة السورية الجديدة في مقدمة أولوياتها في السياسة الخارجية الانخراط مع المجتمع الدولي بهدف إعادة ترميم العلاقات السورية مع محيطها الإقليمي والدولي.

كما سعت الحكومة السورية إلى تحقيق الاستقرار وضمان الأمن كأولوية استرتيجية لها، وهو ما يشعر به المواطنون السوريون والأجانب الذي يزورون المدن السورية المختلفة كل يوم، وعلى الرغم من الصعوبات المالية الخانقة التي تمر بها الحكومة السورية فإنها مصرة على زيادة الإنفاق المالي والاستثمار في القدرات البشرية بهدف ضمان أمن مواطنيها والمواطنين الأجانب الذي يزورونها، وعلى رأسهم مواطنو الولايات المتحدة الأميركية، حيث تعتز الحكومة السورية بوجود كبير للمواطنين السوريين من حملة الجنسية الأميركية والذين يشكلون جسر عبور وتواصل بين الحكومتين، وعليه وضعت الحكومة السورية على رأس أولوياتها البحث عن مصير الأميركيين المفقودين.

ومنذ اليوم الأول لوصول الحكومة السورية الجديدة للحكم في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي أوضحت وبشكل علني أهمية تخلص سوريا من مخزونها من السلاح الكيماوي الذي استخدمه نظام الأسد ضد الشعب في أكثر من 38 مرة وفقا لتقارير منظمة حظر السلاح الكيماوي كان أفظعها في 21 أغسطس/آب من عام 2012 في الغوطة الشرقية حيث راح ضحية هذا الهجوم أكثر من 1400 شخص من المدنيين الأبرياء، ولذلك تعهد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في شهر مارس الماضي وخلال اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، بأن “برنامج الأسلحة الكيماوية الذي تم تطويره في عهد الأسد ليس برنامجنا، لكن التزامنا اليوم هو تفكيكه بالكامل ووضع حد لهذا الإرث المؤلم”.وأضاف أن سوريا ستحتاج إلى دعم دولي لضمان التنفيذ الفعّال لهذه العملية، داعيا منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إلى تقديم المساعدة الفنية واللوجستية المطلوبة لتدمير جميع الأسلحة الكيماوية المتبقية في البلاد، ولذلك ستتعاون الحكومة السورية مع الولايات المتحدة في هذا الإطار ويجب على الحكومة الأميركية أن تتعاون وتساعد الحكومة السورية في هذا الإطار.

كما أن التزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب هو التزام كامل وثابت، فليس هناك شعب دفع ثمنا لعبث الإرهاب في وطنه كما دفع الشعب السوري، سواء ذلك الإرهاب الذي مارسه نظام الأسد بشكل منهجي على الشعب السوري على مدى 14 عاما أو المنظمات الإرهابية الأخرى من مثل “داعش” التي نشأت على الأرض السورية بسبب فشل المجتمع السوري في إنهاء المعاناة الطويلة التي عاشها الشعب السوري، ولذلك تلتزم الحكومة السورية بالتعاون الكامل مع الحكومة الأميركية في التبادل الاستخباراتي بما يهدف لمكافحة “داعش” وتعلن رغبتها في الانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة “داعش”.

وقامت الحكومة السورية وبهدف بسط سيادتها فوق كل الأراضي السورية كما تقتضي مواثيق الأمم المتحدة، قامت بطرد إيران كليا من أراضيها وإغلاق كل وكالاتها وممثلياتها بشكل كامل، وتقوم بتعقب العملاء الإيرانيين على الأرض السورية ورفع دعاوى قضائية في المستقبل ضد الميليشيات الإيرانية والمتعاونين معهم. وترحب بإعلان الحكومة الأميركية باحترام سيادة الحكومة فوق كل أراضيها، فإنها وحفظا لدماء الشعب السوري ورغبة في مشاركة كل المكونات السوري في العملية السياسية قامت بتوقيع اتفاق إطاري مع “قوات سوريا الديمقراطية” في نهاية الشهر الماضي. وقد أبدت الحكومة السورية خلال المفاوضات التي قادت إلى توقيع الاتفاق رغبتها في نقل سجناء “داعش” المحتجزين لدى قوات “قسد” إلى السجون الخاصة التي تخضع لإشراف الحكومة السورية واحتجازهم وفق المعايير الدولية للقانون الدولي وبنفس الوقت تحث الحكومة السورية كل الحكومات الأجنبية التي ما زال لديها مقاتلون محتجزون في هذه السجون بأن يقوموا باستلامهم وفقا للأصول الدولية المرعية وبما يخفف الأعباء المادية والفنية على الحكومة السورية في احتجاز هذا العدد الكبير من المقاتلين السابقين لمقاتلي “داعش”.

إنهاء الوجود الإيراني

لقد دفع الشعب السوري ثمنا غاليا نتيجة الوجود الإيراني على الأرض السورية بدعم كبير من نظام الأسد السابق، والذي سمح للميليشيات الإيرانية التابعة له من مثل “حزب الله” بقتل المواطنين السوريين على الأرض السورية، وتمكنت الحكومة السورية وبدعم شعبي كبير من طرد كل القوات والمستشارين والبعثات الدبلوماسية الإيرانية وتلك التابعة لها من مثل “حزب الله” وميليشيا “فاطميون” و”زينبيون” وغيرها من كل الأراضي السورية.

وتتعهد الحكومة السورية بمجرد صدور قانون جديد لمكافحة نشاط المنظمات الإرهابية من قبل مجلس الشعب السوري القادم بوضع هذه الميليشيات على لائحة المنظمات الإرهابية التي يحظر نشاطها على الأرض السورية، وترغب الحكومة السورية أن تعلم الحكومة الأميركية أنها تدعم بقوة الدعاوى القانونية التي رفعت في سوريا وخارجها ضد الأشخاص الناشطين ضمن الحرس الثوي الإيراني أو “حزب الله”.

سادسا، بالنسبة للمقاتلين الأجانب في صفوف الجيش العربي السوري الجديد، أخذت الحكومة السورية ملاحظات الجانب الأميركي بعناية شديدة في هذا الإطار، وتتطلع إلى معالجة هذا الملف بهدوء وحذر بما يضمن استقرار سوريا وأمنها وتحقيق رفاهية شعبها. كما أعلنت الحكومة السورية أنها قامت بتجميد نشرة الترفيعات العسكرية وستقوم بمراجعة النشرات السابقة بما يأخذ بعين الاعتبار تحفظات الدول المعنية،  كما تصر الحكومة السورية على حقها الكامل في بسط سيادتها فوق أراضيها برا وبحرا وجوا وهو حق كفلته لها المواثيق الدولية، وتتطلع الحكومة السورية إلى احترام حكومة الولايات المتحدة لهذا الحق كما عبرت في بياناتها الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية. 

أعتقد أن الرد السوري على رسالة المطالب الأميركية كان إيجابيا ووافيا ويجب أن يقود إلى حوار موسع بين الحكومتين بحيث يقود إلى بناء العلاقات السورية-الأميركية على أفق جديد لما فيه مصالح البلدين.

المجلة

—————————

لا تطورات جدية بين الإدارة الأميركية ودمشق/ عدنان علي

10 مايو 2025

تشهد العلاقة بين الإدارة الأميركية ودمشق نشاطاً مكثفاً، في ظلّ محاولات التقريب بينهما، وذلك على وقع إبلاغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الكونغرس بتجديد “حالة الطوارئ الوطنية” الأميركية المتعلّقة بسورية عاماً إضافياً، وذلك في ضوء ما وصفه باستمرار “التهديدات غير العادية والاستثنائية التي تشكلها سياسات الحكومة السورية على الأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد الأميركي”. وجاء في الإخطار أن حالة الطوارئ ستبقى سارية بعد تاريخ 11 مايو/ أيار 2025 (غداً الأحد) عاماً إضافياً، عملاً بقانون الطوارئ الوطني الأميركي. وجاء في مسوغات القرار المؤثر على علاقات الإدارة الأميركية ودمشق أن “افتقار سورية للهيكلية وقدرتها المحدودة على الحكم في ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية ومكافحة المنظمات الإرهابية، يشكلان تهديداً غير عادي واستثنائي للأمن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد للولايات المتحدة”. وأوضح القرار أن الولايات المتحدة “ستنظر في التغييرات في سياسات وإجراءات سورية لتحديد ما إذا كانت ستُبقي أو تُنهي حالة الطوارئ الوطنية هذه في المستقبل”.

ظروف حالة الطوارئ

وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، قد فرضت حالة الطوارئ على سورية بموجب “قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان” لعام 2004، وقانون “الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية”. وفُرضت تلك الحالة حينها نتيجة لاتهام نظام الأسد بدعم الإرهاب، واحتلال لبنان آنذاك، والسعي إلى امتلاك أسلحة دمار شامل، إلى جانب عرقلة جهود الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في العراق. ومنذ ذلك الوقت، ظل هذا القرار يمدد تلقائياً كل عام، ومدّده الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2024، معتبراً أن الوضع في سورية “يعرض المدنيين للخطر، ويستمر في تشكيل تهديد استثنائي للأمن القومي الأميركي”. ويأتي هذا التمديد، في وقت حساس لدمشق، التي تسعى بدأب لتحسين العلاقات مع واشنطن، من منطلق أن ذلك يشكل المدخل الرئيسي لرفع العقوبات الدولية المفروضة على البلاد، منذ عهد النظام السابق، والتي جرى تخفيفها جزئياً وبشكل محدود أميركياً وأوروبياً، بعد إطاحة نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي.

ووفق تقارير نشرت أخيراً فإن الحكومة السورية، تسعى لدى أطراف عربية وإقليمية ودولية، فضلاً عن شخصيات أميركية رسمية وغير رسمية زارت دمشق، لفتح خطوط مع إدارة ترامب، من أجل رفع العقوبات وبناء علاقة استراتيجية بين الإدارة الأميركية ودمشق والقطيعة أو الابتعاد عن المحاور الأخرى الإقليمية والدولية، مثل إيران وروسيا والصين. ووفق تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال أخيراً، فإن حكومة أحمد الشرع اتخذت عدداً من الخطوات للاستجابة للمطالب الأميركية، بما في ذلك اعتقال قادة في فصائل فلسطينية، والتواصل مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال وسطاء، للتعبير عن رغبتها في تفادي الحرب، وكذلك من خلال إبداء رغبتها في إبرام صفقات مع شركات النفط والغاز الأميركية لتنفيذ مشاريع في سورية. ووفق الصحيفة، فإن الرئيس السوري يسعى لتنفيذ خطة لإعادة الإعمار على غرار “مشروع مارشال” الأميركي الذي أعاد إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، بشراكة مع الشركات الغربية. وأشارت الصحيفة إلى أن المهمة الأكثر إلحاحاً بالنسبة للشرع تتمثل في إقناع إدارة ترامب المشككة في نياته، بأن التغيير الذي حصل في مواقفه حقيقي. ولفتت إلى أن الشرع يحاول عقد لقاء مع ترامب من أجل تبادل الرؤى حول خطة على غرار “مشروع مارشال”.

حول هذه التطورات على خط الإدارة الأميركية ودمشق اعتبر الباحث السوري رضوان زيادة في حديث مع “العربي الجديد”، أن “هناك الكثير من الدعوات والأماني بشأن العلاقات مع الولايات المتحدة، لكن، للأسف ليس هناك أية تطورات جدية”. وأضاف في ما يتعلق بعلاقات الإدارة الأميركية مع دمشق أن “هناك خطوات من الجانب الأميركي، لكنها جزئية جداً ومحدودة تتعلق بالسماح لقطر بدفع رواتب موظفي القطاع العام، ما عدا وزارتي الدفاع والداخلية، لكن إدارة ترامب ما زالت لا تعترف بالحكومة الجديدة، رغم إيجابيتها في التعامل مع المطالب الأميركية”. واستبعد زيادة عقد لقاء بين ترامب والشرع في السعودية بسبب التحفظات التي أبداها الطرف الأميركي.

ومثل هذا ما ذهبت إليه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في تعليقها على موافقة واشنطن بأن تموّل قطر دفع رواتب العاملين في سورية لفترة محددة، قائلة إن هذا لا يشكل تغييراً في السياسة الأميركية تجاه سورية، لأن هناك إعفاءات بالفعل تسمح بخطوات كهذه، مستبعدة أي تحرك أميركي جديد باتجاه تخفيف العقوبات المفروضة على سورية. وانتقدت بروس تعيين أحمد إحسان فياض الهايس، المعروف باسم أبو حاتم شقرا، المدرج على قوائم العقوبات الأميركية، قائداً لإحدى الفرق العسكرية في الجيش السوري الجديد.

وكانت الإدارة الأميركية قد سلمت الحكومة السورية الشهر الماضي قائمة مطالب لتخفيف العقوبات، تضمنت منع تسلم المقاتلين الأجانب مناصب في الدولة السورية، وأن يصدر الشرع موقفاً علنياً يرحب بنشاط وعمل “التحالف الدولي للقضاء على داعش”، إضافة إلى حظر نشاط الفصائل الفلسطينية السياسي والأمني والعسكري ووقف حملات التبرعات الخاصة بها، ومنع النشاط الإيراني في سورية مع حظر استخدام الأراضي السورية لنقل السلاح والأموال إلى حزب الله. كما تضمنت المطالب ضرورة كشف مخازن الأسلحة الكيميائية والتعاون الكامل مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتفكيك الترسانة السورية، فضلاً عن تخصيص جهة اتصال مباشرة لمتابعة مصير المفقودين الأميركيين في سورية البالغ عددهم 12 شخصاً، من بينهم الصحافي أوستن تايس. وقد أرسلت الحكومة السورية رداً لم يكشف عن مضمونه، بشأن هذه المطالب. كما أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لقاءات عدة في نيويورك، لكن ذلك، لم يسهم كثيراً في إحداث تغيير ملموس في مسار العلاقات بين البلدين.

الإدارة الأميركية ودمشق

من جانب آخر، رأى بعض المراقبين أن جولة ترامب الوشيكة في المنطقة، التي ستشمل السعودية وقطر والإمارات، إلى جانب الاتصالات التركية مع واشنطن بخصوص سورية، وتأييد ترامب المعلن لدور أنقرة في هذا البلد، قد يمثل كل ذلك بداية تغيير في علاقة الإدارة الأميركية ودمشق وتعاطي واشنطن مع الملف السوري. وكان ترامب قد أجرى اتصالاً مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، في الخامس من مايو/أيار الحالي، مشيراً إلى أنه تناول موضوعات منها الحرب في أوكرانيا والملف السوري والأوضاع في قطاع غزة. وأضاف ترامب أن أردوغان سيزور واشنطن وأن الأخير دعاه أيضاً إلى زيارة تركيا. من جهتها، ذكرت الرئاسة التركية أن أردوغان قال لترامب إن أنقرة تعمل على المساعدة في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وحث ترامب على النظر في تخفيف العقوبات عن دمشق.

في هذا الصدد، قال المحلل السياسي غازي دحمان لـ”العربي الجديد” إن “مباحثات ترامب، خصوصاً في الرياض والدوحة، لا بد أن تتطرق إلى الملف السوري، حيث سيسعى المسؤولون في هذين البلدين إلى إقناع الرئيس الأميركي بتبني مقاربة جديدة مع الحكم الجديد في سورية، يقفز من خلالها عن المبالغات الإسرائيلية بشأن سورية، وعن الانطباعات الخاطئة لبعض أركان إدارته بهذا الخصوص، المستمدة أساساً من معطيات إسرائيلية”. واعتبر دحمان أن ترامب الذي يغلب لغة المصالح، ويميل إلى عقد الصفقات، هو أيضاً رجل المفاجآت، ولا يتقيد بالضرورة بالرغبات الإسرائيلية، خصوصاً في ظل وجود قدر من عدم الثقة بينه وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مستشهداً باتفاق التهدئة الذي توصلت إليه واشنطن مع الحوثيين في اليمن، خلافاً لرغبة إسرائيل.

العربي الجديد

—————————–

مدير منظمة الطوارئ السورية: الشرع يرغب بلقاء ترامب

بيروت – جوني فخري

09 مايو ,2025

في مطلع الشهر الجاري، عقد مسؤولون أميركيون ومعهم معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمنظمة الطوارئ السورية (SETF)، اجتماعاً مطوّلًا مع الرئيس السوري أحمد الشرع استمر لأكثر من ثلاث ساعات، “بعث خلاله الشرع برسائل عدة إلى الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي يحطّ في المنطقة خلال أيام في جولة شرق اوسطية تشمل دولاً عدة.

وقال مصطفى في تصريحات للعربية.نت إن الشرع، يرغب بلقاء ترامب، “لمشاركة رؤيته في تحقيق السلام بالمنطقة وإعادة إعمار سوريا”.

كما اعتبر مدير المنظمة غير الحكومية التي تعنى بدعم الشعب السوري والذي ساهم في تقديم “قيصر”، المصور العسكري السوري المنشق، إلى الكونغرس الأميركي سابقا، أن “لقاء ترمب-الشرع برعاية السعودية فرصة ذهبية من شأنها تحقيق السلام بالمنطقة وإضعاف إيران”.

إلى ذلك، أشار إلى أن “الشرع أبدى خلال اللقاء استعداده لزيارة المملكة بالتزامن مع زيارة الرئيس الأميركي وعقد اجتماع معه للبحث في هذه القضايا”.

النفط السوري

وأوضح أن الملف الاقتصادي وإعادة الأعمار طرحا على طاولة الاجتماع، بحضور جوناثان باسس رجل الأعمال الاميركي وخبير النفط الذي يمثل المصالح الاقتصادية الأميركية، ويملك شبكة علاقات واسعة مع دوائر القرار في واشنطن.

كما لفت إلى أن الشرع ” أعرب عن اهتمامه الشديد بالشراكة مع الولايات المتحدة في قطاع الطاقة السوري”، وأشار إلى “نيّته وضع دراسة مُجدية لمقترح يسمح للجانب الأميركي بإدارة حقول النفط والغاز السورية”.

منع عودة إيران

كما أفاد بأن الرئيس السوري أكّد “التزامه بمنع عودة إيران إلى سوريا، ومواصلة التعاون الوثيق مع واشنطن في جهود مكافحة الإرهاب، بما في ذلك التعامل مع مُعتقلي داعش وإعادة العائلات المُهجّرة”.

وفي الإطار، أوضح مصطفى “أن رجل الاعمال الاميركي جوناثان باسس، أبدى امام الشرع اهتمام ترمب بإدارة الموارد الطبيعية في سوريا والاستثمار في حقول النفط وإبعاد الصين عن اي مشاريع في هذا المجال”.

شراكة أميركية- سورية

وأكد “أن باسس طرح فكرة الشراكة الأميركية-السورية للموارد الطبيعية من خلال تأسيس شركة عالمية تستثمر فيها شركات دولية ويتم تسجيلها في البورصة الأميركية، وذلك بهدف الشفافية ومنع الفساد الذي ربما يقود إلى وضعها على لائحة العقوبات”.

أما في ما يتعلق بموضوع رفع العقوبات الذي تطالب به الإدارة السورية الجديدة، فلفت مصطفى إلى “أن العقوبات فرضت بسبب الرئيس السابق بشار الأسد، ومن حق الشعب السوري رفعها الآن بعد التغييرات التي حصلت”.

من جهة أخرى، شدد المتحدث على أن “الرئيس السوري أكد رفض بلاده الدخول بحرب مع الدول المجاورة، مشددا على أن سوريا لن تُشكّل أي خطر أو تهديد على الدولة المحيطة بها، وهدفها الحالي إعادة الإعمار”.

وكانت الخارجية الأميركية أعلنت أمس الخميس أن لديها آلية محددة للإعفاءات الخاصة بسوريا. كما أضافت أنها تنتظر من السلطات السورية الرد على مطالبها.

علماً أن مصادر مطلعة كانت أفادة سابقا بأن دمشق ردت على المطالب الأميركية، مبدية تجاوبها في العديد منها، مع إشارتها إلى أن بعض هذه المطالب أو الشروط يتطلب بحثا إضافيا، وفق ما أفادت حينها وكالة رويترز.

يذكر أن البنك الدولي كان قدر تكاليف إعادة الإعمار في البلاد التي أنهكتها سنوات طويلة من الحرب دامت 14 عاما، بأكثر من 250 مليار دولار.

—————————

==========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى