عن أشتباكات صحنايا وجرمانا تحديث 10 أيار 2025

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي
———————————————-
الهجري يدعو لتدخل دولي: إسرائيل ليست العدو
السبت 2025/05/10
قال الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري، إن “إسرائيل ليست العدو”، مطالباً بتدخل دولي في سوريا.
كلام الهجري جاء بعد أيام على الأحداث التي شهدتها مناطق الدروز في البلاد، في جرمانا وأشرفية صحنايا والسويداء.
موقف معارض للسوريين
وقال الهجري في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية: “نحن في أزمة. ندعو إلى تدخل دولي”، كما صرح بموقف “يتعارض مع آراء كثير من السوريين”، قائلاً “إن إسرائيل ليست العدو”. وأضاف: “لقد عشنا تحت هذه الشعارات لعقود. في سوريا، يجب أن نهتم فقط بالقضية السورية”، في إشارة إلى شعارات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد حول مناصرة القضية الفلسطينية وعدائه المعلن لإسرائيل.
ووفق الصحيفة، فإن موجة العنف الطائفي التي شهدتها مناطق الدروز، مثلما حدث في مناطق سورية أخرى في السابق، ” أثارت مخاوف عميقة لدى أبناء الطائفة الدرزية التي تهيمن على محافظة السويداء، لدرجة أن بعضهم يقول إنه بات يبحث عن الدعم من جهة غير متوقعة: إسرائيل”.
وأشارت إلى أن الدروز السوريين “كانوا يرفضون في السابق أي تقارب مع إسرائيل على الأقل علناً”، لكن “الهجمات التي تعرض لها الدروز على يد مسلحين إسلاميين يدعمون الحكومة السورية الجديدة دفعت البعض إلى إعادة النظر”.
وما جرى، منح إسرائيل فرصة لتعزيز نفوذها في سوريا، إذ يقول محللون سياسيون إن ذلك يمكن أن يساعدها في إبقاء الحكام الجدد في حالة من الارتباك، خوفاُ من أن يشكل حكم إسلامي قوي مدعوم من تركيا تهديداً محتملاً.
استهداف الطائفة
وعلى الرغم من التصريحات اللافتة للهجري، إلا أن لعديد من الشخصيات الدرزية البارزة نأت بنفسها علناً عن أي تقارب مع إسرائيل، خشية أن تعرّض هذه الخطوة الطائفة لمزيد من الاستهداف، فيما برزت مواقف أكثر براغماتية من ميدانيين محليين يرون أن الخطر المحدق بهم يستوجب البحث عن أي دعم، مهما كان مصدره.
وقال مقاتل في السويداء يدعى ربيع مرشد لـ”واشنطن بوست”، إن المجتمع الدرزي لا يثق بنوايا إسرائيل، لكنه مستعد لتقبّل مساعدتها. وأضاف أن “إسرائيل لا تفعل هذا لمساعدة الدروز، بل لمصلحتها الخاصة. لكن بصراحة، لا مانع لدينا من مساعدتها ضد هذه الحكومة”.
من جهته، قال ثروت، شقيق مرشد، وهو مقاتل أيضاً، إن “إسرائيل تضعنا في موقع يجعلنا في مواجهة مع باقي أبناء الشعب السوري”. إلا أن ربيع تمسّك بموقفه قائلاً: “ليس لدينا خيار آخر. هؤلاء الناس يريدون إبادتنا بالقوة”.
إسرائيل تدعم الدروز
وفي وقت لاحق، قالت مصادر إسرائيلية إن القوات الإسرائيلية نقلت العشرات من الدروز السوريين لتلقّي العلاج في مستشفيات داخل إسرائيل، كما أكّد قادة دروز في الداخل أنهم ساعدوا في نقل نساء وأطفال من صحنايا وجرمانا في دمشق، إلى قرية تقع ضمن منطقة تسيطر عليها إسرائيل جنوب سوريا.
وقال رضا منصور، وهو درزي إسرائيلي شغل في السابق منصباً دبلوماسياً في إسرائيل، إن هناك حملة واسعة تجري الآن لجمع المال والمعدات في جميع القرى الدرزية في إسرائيل لتوفير الدعم للنازحين.
وأضاف منصور لـ”واشنطن بوست”، أن على إسرائيل تقديم الدعم للدروز في سوريا، مثل تنفيذ غارات جوية في حال وقوع عنف جديد، لكنها يجب أن تتجنب إرسال قوات برية.
وشهدت مناطق الدروز في جرمانا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق، مواجهات بين الجيش السوري ومجموعات من المقاتلين الدروز، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، قبل أن تمتد الاشتباكات إلى قرى في السويداء، تلا ذلك اتفاق بين الحكومة السورية ومشايع العقل في المحافظة، على تفعيل دور الشرطة والضابطة العدلية من أبناء السويداء
المدن
—————————–
دروز سورية وخيارات الحكم الجديد في دمشق/ عمار ديوب
10 مايو 2025
السوريون الدروز أقلّية مذهبية، بينما الإدارة الجديدة في دمشق تمثّل تيّاراً سلفياً سنّياً. دارت بين هذه الأقلية والإدارة معارك سابقة قبل سقوط نظام بشار الأسد، في إطار الصراع المسلّح بين مجموعات عسكرية (منها جبهة النصرة) كانت توجد في درعا والسويداء، وهناك هجوم دموي شنّه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على السويداء في 2018. ومن ثم، من الطبيعي أن تكون ثقة دروز سورية متزعزعة وتحفّظهم شديداً تجاه الإدارة. لم تسر الإدارة في خيارات إشراك الشعب منذ وصولها إلى الحكم، وهاجمت جماعات عسكرية مناطق فيها كتلة درزية كبيرة، في جرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا والسويداء في أواخر الشهر الماضي (إبريل/ نيسان). كان لهذه الهجمات (قُتل بسببها قرابة مائة سوري درزي، وكان هناك انتهاكات في الأشرفية تحديداً) الدور الكبير في رفض الدروز شروط الإدارة في تسليم السلاح خاصّة. ولكن المعرفة الدقيقة لقيادات الدروز من مشايخ ومثقّفين وسياسيين بأحوال السلطة الانتقالية دفعهم إلى تقديم التفاوض، والبحث عن صلات هادئة مع دمشق، مع التحفّظ على تسليم السلاح، بينما دخلت قوات الإدارة أشرفية صحنايا، وهو ما لم يحدث في جرمانا والسويداء.
في هامش هذه التطوّرات، جاء تحذير الزعيم اللبناني الدرزي وليد جنبلاط من المخطّط الصهيوني لتوظيف دروز سورية من أجل توسيع التدخّل الصهيوني في الأراضي السورية، متجاهلاً أن هذا التدخّل كان أساسياً في المشهد السوري قبل سقوط النظام، ودمّر البنية العسكرية السورية بشكل شبه كامل، وقاصداً إضعاف السلطة الجديدة بحيث لا تشكّل السلطة والبنية العسكرية تهديداً مستقبلياً لها. ومن ثم، استهدفت الضربات أخيراً إحداث مذبحة للدروز، وإغراق سورية في حرب أهلية، تجعلها غير آمنة، وتجعلها بلداً مستباحاً بموافقة دولية وإقليمية. شَكلت لغة التفاوض من الإدارة ووجهاء السويداء وجرمانا والأشرفية ضربة معلّم وطنية لمنع تلك الاستباحة، وليس موفقاً جنبلاط في اتهام السويداء بأنّها تغرّد خارج السرب الوطني، ولا سيّما الشيخ الهجري، وإذا كنّا نرفض بعض توجّهات الأخير بطلب الحماية والتدخّل الدوليين الفوريين (وقد طالب بهما السوريون في 2011 و2012)، فإن تلك التوجّهات لعبت دوراً في تغليب دمشق لغة التفاوض، والضغط على المجموعات المهاجمة للدروز من أجل إيقاف هجماتها، وشكّل هذا إنقاذاً للطرفين، الإدارة والهجري، من أن يستمرئوا الاستمرار في تصريحات وممارسات تُهدّد مصير سورية بأكملها، ولهذا مالا إلى التفاوض ورفض الانفصال أو التقسيم أو الانفكاك.
السياسة الوطنية للشعب تتعزّز بمقدار السياسات الوطنية للإدارة وللسلطة وللدولة. وعكس ذلك، يميل المجتمع إلى هُويَّاته المحلّية الطائفية، الدينية والمناطقية والعشائرية، الآن في سورية، ولأسباب متعدّدة، وسابقة ولاحقة على 2011، ولاحقة كذلك على الخلاص من الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 20124، ومنها نهج السلطة الاستئثاري بالدولة وأجهزتها، ما أدى إلى تسييس متضخم للهُويَّات الفرعية السابقة الذكر، وهناك فصائل سلفية وجهادية لم تسلّم سلاحها، وليست متّفقة مع سياسات السلطة ذاتها في استئثاريتها، وتريد المزيد منها، وأن تكون قواتها ضمن الأمن العام والجيش وإدارة شؤون الدولة. ومن ثم من الطبيعي أن تكون الهُويَّة الدرزية في أوج فاعليتها.
تقتضي مشكلات سورية مرجعيةً غير سلفية للسلطة، وللدولة كذلك، وتقتضي أيضاً إيقاف سياسات فاقمت أوجه الأزمات السورية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بين الطوائف. وستتفاقم الأزمات أعلاه باستمرار المرجعية السلفية. ومن ثم، لا خيار أمام السلطة الحالية إلّا مواجهة الفصائل السلفية والجهادية، والسير نحو التصالح مع المجتمع بكلّيته.
ليس في مقدور السلطة الحسم عسكرياً، وحسناً فعلت بانتهاجها التفاوض، ولكن مكمن الخطأ (علاوة على ما ذكرناه) هو في تذرّعها بوجود فصائل منفلتة، محلّية وأجنبية، سلفية وجهادية، ومجموعات إجرامية، فتُكرّر الذريعة نفسها في الساحل، وما حدث للدروز، لتُبرّئ نفسها. يعلم السوريون كافّة أن المرحلة انتقالية، ولكن بعد خمسة أشهر من الحكم يرى أغلبية السوريين تهاوناً مع هذه الفصائل، وبعضهم يقول إن هناك تبادلاً للأدوار بين الإدارة السياسية السورية وتلك الفصائل؛ تفاوض الأولى بينما تقتل الثانية وتطيّف وتبثّ الكراهية.
لقد أخفقت الدولة الصهيونية في الاستثمار في دروز سورية، فلم ينخرطوا في مشروعها التقسيمي التفكيكي، ولكنّ مشروعها هذا سيستمرّ ما لم تقابله الإدارة بمشروع وطني، يدفع أغلبية السوريين إلى الالتفاف حولها في مواجهة هذا المشروع الاستعماري، والذي يُعلِن وبوضوح أنه من أجل “حماية الأقليات في سورية”. وكما تتحجّج الدولة الصهيونية بالأقلّيات، ولا سيّما الدروز، تتحجج تركيا بقوات سوريا الديمقراطية “قسد” وبحزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي)، وأنه وإدارته الذاتية و”قسد” يشكّلون تهديداً، ومن ثم، ستظلّ تركيا تتدخّل في الشأن السوري، وعدا ذلك، يستدعي كلّ تدخّل من إحدى الدولتَين تدخّلَ الثانية، وتصبح سورية بلداً مستباحاً، وهي كذلك منذ التحرير، فلا تكمن المشكلة في خوف الأقلّيات، بل في سياسات الإدارة الاستئثارية.
الخيار الاستئثاري للإدارة بالسلطة هو أسّ المشكلات منذ لحظة التحرير، فاستأثرت بالرئاسة ولم تجعلها قيادةً جماعيةً انتقاليةً، وكان الحوار الوطني شكلياً وبديلاً من مؤتمرٍ وطنيٍّ عام لمناقشة قضايا الدولة، وأيضاً جاء الإعلان الدستوري أقرب إلى دستورٍ دائم، ولم تتخط الحكومة الانتقالية الانتقادات التي وجّهت إلى الحكومة المؤقّتة، فجاءت بكتلة صلبة من الوزراء الآتين من الحكومة السابقة أو من قيادات هيئة تحرير الشام. والآن، يخشى السوريون أن يأتي مجلس الشعب على المنوال نفسه، مجلساً يعيّنه الشرع ومن يثق بهم من لجان.
تغيير الخيار السياسي أعلاه وإشراك الشعب وحده يشكّل بداية الشرعية الحقيقية، ويعطي السلطة قوّة ومنعة في مواجهة الشروط الدولية كافّة، وليس في مواجهة مشاريع الدولة الصهيونية أو تركيا فقط، وستظلُّ هذه الشروط قائمة، ولا سيّما العقوبات الأميركية، ما لم تسر إدارة دمشق فيما ذكرناه.
وهناك تخوّفات وجودية لدى الأقلّيات الدينية والقومية، ولدى الأكثرية السُّنية، ولديها مطالب محقّة بالمشاركة في إدارة شؤون الدولة والنهوض بها، وتُختصَر تلك المطالب بأن تنتهج السلطة سياسات واضحة تجاه الدولة المدنية والديمقراطية وفصل السلطات، والابتعاد عن المرجعية السلفية والتطييف العام، والركون إلى مبادئ المواطنة. إن المعاندة ورفض السير في هذا الخيار سيؤدّيان إلى المبالغة في تسييس مختلف أشكال الهُويَّات، وربّما إلى الحرب الأهلية. وبالتأكيد، ستظلّ سورية ساحةً للتدخّلات الإقليمية والدولية والسلطة في غاية الهشاشة والضعف. السلطة أمام خيارات واضحة، فهل توقف خياراتها الفاشلة؟
العربي الجديد
————————————
مفاوضات غير مباشرة… أين المشكلة؟/ معن البياري
09 مايو 2025
حسناً صنع الرئيس السوري، أحمد الشرع، أنه أجاب بوضوح، وبلا أي شعورٍ بحرج، على سؤال زميلةٍ في تلفزيون العربي، في باريس، عمّا إذا كانت هناك، حقّاً، مفاوضاتٌ غير مباشرة بين دمشق وإسرائيل، عندما أفاد بأن هذا صحيحٌ، وبأن هذه المفاوضات تتم عبر وسطاء (ليس واحداً إذن!)، وذلك “لتهدئة الأوضاع ومحاولة امتصاص الوضع، لكي لا تصل الأمور إلى حدٍّ تفقد السيطرة عليه من كلا الطرفين”. ولئن يبدو هذا التوضيح القاطع غير جديدٍ تماماً، بعد محادثاتٍ تركيةٍ إسرائيليةٍ في أذربيجان في هذا الخصوص، عُقدت أمس الخميس جولةٌ ثالثة منها، فإن الجديد المتعيّن فيه أنه ينهي القيل والقال الكثير، سيّما وأن كلاماً يشيع عن استعداد السلطة الحاكمة في سورية للذهاب إلى إقامة سلام “إبراهيمي” مع دولة الاحتلال، من دون قرائن أو دلائل ظاهرة. وهنا، لا يُعتدّ بقول عضو الكونغرس الأميركي، كوري ميلز (لتلفزيون العربي)، بعد لقاء الشرع به في دمشق قبل أسبوعين، إنه “يعتقد” (!) أن الرئيس السوري “أظهر استعداداً للعمل مع إسرائيل”، للذهاب إلى أن ثمّة ميولاً تطبيعيّةً لدى الرئاسة السورية الحالية نحو علاقاتٍ طبيعيةٍ مع دولة الاحتلال، إلا إذا استبدّ بنا أن سوء الظن من حسن الفطن.
ما الذي في وُسع الحكم الراهن في سورية أن يفعل من أجل أن تكفّ إسرائيل شرورَها عن البلد؟ هل من خيارٍ آخر غير الاتصالات السياسية مع الدول العربية والصديقة، من أجل عملٍ ضاغط، ما أمكن، على دولة العدوان؟ ليس حراماً ولا جُرماً أن يفاوض أحمد الشرع إسرائيل، عبر وسطاء، من أجل هذا الهدف، خصوصاً إذا ما مضى في استخدام لغةٍ أكثر دقّة ووضوحاً، في إدانة كل اعتداء إسرائيلي على البلاد، مما كانت عليه لغته في الأسابيع الأولى عقب انتصار 8 ديسمبر. وعندما يجد واحدُنا مشروعيّة سياسية، بل ووطنيّة أيضاً، في كلام دمشق “مع كل الدول التي لديها تواصلٌ مع الجانب الإسرائيلي للضغط عليهم للتوقّف عن التدخّل في الشأن السوري واختراق أجوائه وقصف بعض منشآته”، بتعبير الشرع في باريس، فذلك يعني أن الرئاسة السورية مدعوّةٌ إلى مزيدٍ من هذه الشفافية، فتنير للرأي العام السوري (ومعه العربي) مضامين تلك المفاوضات غير المباشرة، فالإسرائيليون لن يتوقّفوا عن اعتداءاتهم الشنيعة من دون أثمانٍ يقبضونها من دمشق. وإذا كان صنيعاً جيّداً من الشرع أنه أكّد، مجدّدا، التزام سورية باتفاقية فضّ الاشتباك في 1974، فالمتوقّع أن تتمادى دولة الاحتلال في تلك المباحثات والمفاوضات، فتُطالِب بما هو أكثر من هذا، استثماراً منها لاستضعاف سورية في راهنها الصعب والمرتبك والمُقلق. ولا نظنّها براغماتيةُ أحمد الشرع، الذي يضع الكرات في سلالِها، والمرجّح أن شعبيّته بين السوريين تزيد عن الـ80% التي أوضحها استطلاع مجلة إيكونوميست، ستأخذُه إلى تنازلاتٍ لا مدعاة لها. والثقة في شخصه هنا هي التي تجعلنا على الثقة نفسها بأن سقف هذه المفاوضات، غير المباشرة، لن يهبط إلى ما يتجاوز تلك الاتفاقية، ويذهب بسورية إلى ارتهاناتٍ والتزاماتٍ تطوّقها، وتجعل أولى وظائفها تأمين حماية دولة الاحتلال، فضلاً عن أن أولوية الأولويات أن تتمسّك سورية بحقّها الكامل في وضع أي قوةٍ وأي سلاحٍ تريد في مقبل الأيام على الحدود مع فلسطين، على غير ما يُحدّث به مبعوثو نتنياهو مبعوثي أردوغان في أذربيجان.
ليس الموضوع أن السلطة في سورية تخوض مفاوضاتٍ غير مباشرة مع إسرائيل، فما من مشكلةٍ هنا، فالأعداء والخصوم هم الذين يتفاوضون، وإسرائيل في عدوانها النشط على سورية توّجت الشرع عدوّاً غير عاديٍّ لها عندما تعمّدت قصف محيط قصره الرئاسي. الموضوع أن على دولة الاحتلال “التوقّف عن تصرّفاتها العشوائية وتدخّلها في الشأن السوري”، بتعبير الرئيس الشرع، وأن الغرض من هذه المفاوضات هو هذا، لتلتقط سورية أنفاسها، ولتتعافى، وليُباشر أهلوها، ومعهم الحكم الانتقالي الراهن فيها، عبورَهم إلى دولةٍ عادلةٍ تقوى بمواطنيها ومواطنتهم المتحقّقة لكل فردٍ فيهم. وهذا مسارٌ شاقّ وطويل. … لنتسلح بالأمل والتفاؤل، وإنْ يلزمهما عملٌ كثير، صادقٌ وجدّي، لا يتوسّل إنشائياتٍ ومكابراتٍ تغطّي على كل عوارٍ وعطب.
العربي الجديد
—————————
“وول ستريت”: الشرع يعرض النفط والتواصل مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات
08 مايو 2025
الرئيس السوري يسعى لخطة لإعادة الإعمار على غرار “مشروع مارشال”
دمشق تأمل أن تصبح حليفاً مهماً ومؤثراً بالنسبة لواشنطن
الشرع بعث رسائل لواشنطن تحمل رغبة بلقاء ترامب خلال جولته الخليجية
قال تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الرئيس السوري أحمد الشرع يحاول إقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات الاقتصادية عن بلاده، مضيفا أن حكومة الشرع اتخذت عدداً من الخطوات للاستجابة للمطالب الأميركية، بما في ذلك اعتقال قادة في فصائل فلسطينية، والتواصل مع الاحتلال الإسرائيلي من خلال وسطاء للتعبير عن رغبتها في تفادي الحرب في ظل نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي عناصره بالجنوب السوري وشنه غارة جوية بالقرب من القصر الرئاسي في دمشق الأسبوع الماضي، وكذلك من خلال إبداء رغبتها في إبرام صفقات مع شركات النفط والغاز الأميركية لتنفيذ مشاريع في سورية.
وأشارت إلى أن الرئيس السوري يسعى لتنفيذ خطة لإعادة الإعمار على غرار “مشروع مارشال” بشراكة مع الشركات الغربية. وقررت الولايات المتحدة إطلاق “مشروع مارشال” لإعادة بناء أوروبا عندما انتهت الحرب العالمية الثانية، حيث كانت أوروبا تواجه وضعاً كارثياً بعدما شمل الدمار المدن والبنى التحتية، والاقتصاد كان في حالة انهيار.
وجاء في التقرير أن المهمة الأكثر إلحاحاً بالنسبة للشرع تتمثل في إقناع إدارة ترامب المشككة في نواياه بأن التغيير الذي حصل في مواقفه حقيقي، وبأنه ينبغي رفع العقوبات التي تحول دون بدء إعادة الإعمار في سورية. وأضاف أن الرئيس السوري يحاول عقد لقاء مع ترامب من أجل تبادل الرؤى حول خطة على غرار “مشروع مارشال”، مشيراً إلى أن مسؤولين في الحكومة السورية قالوا إن من شأن ذلك أن يسمح للشركات الأميركية ونظيراتها الغربية بالتفوق في أي منافسة بوجه الصين وغيرها من القوى الدولية.
وفي هذا الصدد، ذكرت “وول ستريت جورنال” أن الجمهوري الموالي لترامب والرئيس التنفيذي لشركة “ارجنت إل إن جي” للغاز الطبيعي التي تتخذ مقرها في لويزيانا، جوناثان باص، توجه الأسبوع الماضي إلى دمشق لكي يقدم أمام الرئيس السوري مخططاً لتطوير الموارد الطاقية السورية بشراكة مع الشركات الغربية وشركة وطنية سورية للنفط يتم إدراجها حديثا على القوائم الأميركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشرع رد بشكل إيجابي على الفكرة وربط إمكانية تحقيقها بتخفيف العقوبات، بحسب ما أكده لها باص ومعز مصطفى، رئيس “المنظمة السورية للطوارئ”، الذي شارك في الاجتماع. وقال مسؤول كبير في الخارجية السورية لـ”وول ستريت جورنال” إن “سورية الحرة الجديدة تسعى لبناء علاقات استراتيجية قوية مع الولايات المتحدة، تقوم على المصالح المشتركة والشراكة بما في ذلك الطاقة وغيرها من الروابط الاقتصادية”. وأضاف: “تأمل دمشق أن تصبح حليفاً مهماً ومؤثراً بالنسبة لواشنطن خلال المرحلة القادمة في سورية”.
وضمن مساعيه لإقناع الإدارة الأميركية بالانفتاح على سورية، قال باص في تصريح بعد لقائه الشرع في قصر الشعب بدمشق: “أمامنا فرصة لطرد الروس والإيرانيين والصينيين من البلاد للأبد وإلحاق هزيمة دائمة بتنظيم داعش”. وسلطت الصحيفة الضوء على التحذيرات التي أطلقها خبراء من أنه بدون دعم أميركي ومن دون إمكانية الولوج إلى المنظومة المالية الأميركية، فإن سورية تواجه مخاطر أن تصبح دولة فاشلة ما قد يؤدي مجدداً إلى صعود الجماعات المتطرفة، وبالتالي التسبب في تعميق عدم الاستقرار في المنطقة.
من جهة أخرى، أشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن الرئيس السوري بعث رسائل إلى البيت الأبيض عبر باص ومصطفى حملت رغبته في إجراء لقاء مع ترامب على هامش جولته الخليجية الأسبوع المقبل. ومن المقرر أن يصل ترامب إلى السعودية في 13 مايو/أيار الجاري لعقد لقاءات ثنائية، فيما ينتظر أن يشارك في قمة مع قادة دول الخليج صبيحة اليوم الموالي. وبعد القمة، سيتوجه ترامب إلى الدوحة لعقد لقاء رسمي مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وفي 15 مايو، يزور أبوظبي. وبهذا الخصوص، قالت الصحيفة نقلا عن مصادر مطلعة على الاستعدادات التي تخص جولة ترامب، إنه من المنتظر أن يطلب القطريون والسعوديون من الرئيس الأميركي الانفتاح على سورية ضمن جهود أكبر لتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط.
العربي الجديد
——————————
الصراع والاشتراطات على سوريا/ أحمد عيشة
2025.05.09
ركزت السياسة الاستعمارية الفرنسية وغيرها على التعامل مع السكان كمجموعات دينية متناحرة، وزاد في الأمر تشكّل إسرائيل كجزء مكمل لسياسة تلك القوى، التي ما تزال تستثمر في سياسة “حماية” الأقليات.
بعد خروج القوات الفرنسية، لم ينته هذا التقسيم، وإنما بقي جزءاً من التركة، سواء بين الجيش، أو في على مستوى السياسة، وتنامى بشكل خطير بعد استلام البعث للسلطة عام 1963، الذي غذى تلك التقسيمات تحت غطاء خطاب عنتري، أفضى فيما بعد إلى تسلم حافظ الأسد للسلطة عام 1970، الذي أدخل سوريا في نفق مرعب، يعتمد فيما يعتمد عليه على التمييز الطائفي، إضافة إلى اختراق وتفتيت المجتمع السوري وفق سياسة الولاء والمحسوبية.
عارض كثير من السوريين سياسة الأسد الأب، لكن قوة قمعه وشراكته الطبقية مع برجوازيي دمشق وتمكّنه من تصوير الحركة المناهضة لسلطته عام 1980 بأنها حركة تتبع تنظيم الطليعة والإخوان المسلمين وطبيعة الاستقطاب الدولي في تلك الأيام ساعدته على سحق الحركة وتدمير أجزاء من المدن، وصولاً إلى إسكات الأصوات المعارضة من خلال رميها في السجون لفترات طويلة أو تهجيرها. ومع وراثة الابن للسلطة، وسّع تغلغله بين السوريين لدرجة الهيمنة على مفاصل الحياة (أمن وسياسة واقتصاد واجتماع)، وفق الأسس ذاتها الطائفية والمحسوبية، فكان لها آثار مدمرة في بنية المجتمع السوري، لكن في الوقت نفسه دفعت الناس إلى التمرّد والثورة بعد أن وصلت إهانة نظامه إلى عمق لا يمكن تحمّله، ناهيك عن حالة الإفقار والابتزار. لقد عمّق كل الانقسامات سواء الأفقية أو العمودية بين السوريين، لدرجة التنميط الثابت.
بدأت ثورة السوريين بمطالبة في الإصلاح والحقوق الأساسية، لكن فظاعة المواجهة وتصوير الناس كـ “جراثيم”، وتصوير الثورة كعمل إرهابي طائفي تدعمه دول تتصارع وفق الأساس ذاته، وأنها تحمل صراعاً وجودياً مع جمهوره، سواء على مستوى الطوائف أم المحسوبيات، دفعت الأمور نحو مناح أخرى، وهي العسكرة كحق طبيعي بالمقاومة، حيث أدرك الثوار أنها الطريق الوحيد للخلاص من نظامه. دخلت البلاد في حالة من الانقسامات المدعومة بالسلاح، من خلال كثير من الفصائل والميليشيات، فكانت إلى جانب النظام إيران وعموم الميليشيات الطائفية وكتائب الدفاع الوطني التي تعمل وفق رؤية النظام الطائفية، وفي المقابل، تشكلت كثير من الفصائل المناهضة، وأكثرها بمرجعية إسلامية، وبعضها بتوجه طائفي معتمداً على ما عانته الأكثرية السنية، ومحاولاً احتكار تمثيلها. وفي الوقت نفسه تشكلت القوة المسلحة الكردية -وليدة حزب العمال الكردستاني- صاحب العلاقات القوية مع نظام الأسد، التي قامت في جزء منها على أساس طائفي.
كان يوم 8 كانون الأول 2024، يوماً تاريخياً سيبقى محفوراً في ذاكرة السوريين، يوم الخلاص من النظام الأسدي الذي تصور وأوهم جمهوره بأنه أبدي. تنفست البلاد نسائم الحرية، وكانت حالة الابتهاج لدى عموم السوريين، بينما أبدت قلة لدوافع مختلفة “قلقها”، وشعرت فئات بأنها متضررة، وبدأت حالة الاشتراطات على الإدارة الجديدة، وبصيغة “ما يتوجب” تنفيذه من الإدارة، اشتراطات ظاهرها شيء يتلطى خلف مطالب مختلفة، وجوهرها رفض النظام الجديد تحت حجة أنه تكفيري وأنه سيقتل الجماعات الدينية في ترداد لدعايات الأسدية، على الرغم من التطمينات الكثيرة التي قدمتها الهيئة الحاكمة في الفترة الأولى، تطمينات لاقت رفضاً شعبياً خاصة بقضية التسامح مع القتلة.
تمثلت الاشتراطات بقسم من الجماعات الدينية (العلويين والدروز) من جهة، والعرقيات (الأكراد ممثلة بقسد التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي ذو البنية الأمنية والعقلية الشمولية)، فظهر اسم الشيخ الهجري رافعاً من سقف المطالب، ورافضاً التعاون مع الحكم الجديد، بحجة أنه يخضع لتنظيم تكفيري، واضعاً الشرط تلو الآخر، مستغلاً حالة الحكم الوليد والتهديدات الإسرائيلية التي توهمه وغيره أنها ستحميه، فبدأت بإطلاق التصريحات حول حماية الدروز، سواء في السويداء أو حتى في ضاحية جرمانا (دمشق)، وأنها لن تسمح بنشر الجيش السوري جنوب دمشق، حيث عدّها الهجري وكأنها دعم له أو لأجله غير مدرك أن السياسة الإسرائيلية لا تُرسَم من أجل قلة من المأجورين، وأن مصلحة إسرائيل هي عدم قيام نظام وبلد قويين في سوريا، لا اليوم ولا غداً، ومع ذلك، فإن وهم الهجري الذي يستظل بتلك العنجهية الإسرائيلية قد يضاعف حالة الاستقطاب الديني أكثر ويمهد لاقتتال أطول.
إضافة لحركة الهجري، كانت حركة التمرد في الساحل، بقيادة ضباط سابقين من قوات الأسد وبدعم إيراني، التي كادت أن تدخل البلاد بحالة من الاقتتال الطائفي المرعب، فكانت عمليات القتل لقوات الحكومة من جهة ولأبناء الطائفة بالمجان، قتل يغذيه حالة الاحتقان الطائفي في البلاد التي غرسها نظام الأسد.
عكست حركة الهجري وتمرد الساحل حالة الاحتقان الطائفي المزمن، فغدا الحديث إضافة للقتل بناء على تصنيف “نحن” و”هم” من جهة، ومن جهة أخرى، عكس ضعف الدولة الجديدة وكشف التحديات الكبرى أمامها، وأهمّها عملية توحيد الفصائل العسكرية تحت هيكل واحد، وتخليصها من الحالة الفصائلية التي مثلت أهم المشكلات أمام الدولة الوليدة.
الاشتراط الأخير أتى من مجموعة الأحزاب الكردية وقوات (قسد) بقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي التي تسيطر قواته على ربع مساحة البلاد وأهمّ ثرواته، وتمتلك قوة عسكرية كبرى مدعومة من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وذلك من خلال الاجتماع الأخير في القامشلي، وما صدر عنه من بيان تصعيدي يرفع سقف المطالب الكردية، مناقضاً الاتفاق بين الشرع وعبدي، حيث تزامن البيان هذا مع رفع سقف مطالب الهجري، وصولاً إلى رفض التعامل مع الحكومة الجديدة ما لم تنصَع لشروطه.
لا شك أن الأكراد تعرضوا لكثير من المظالم والانتهاكات على مستويات المختلفة، ويتطلب الأمر إنصافهم بالكامل من خلال الإطار الوطني الديمقراطي الذي يضمن حقوق وحرية وكرامة الأكراد، ضمن أشكال يتم التوافق عليها، بعيداً عن المطالب التي تؤسس لكيانٍ معطل على طريقة حزب الله في لبنان.
ما تكشفه الصراعات والتمردات الأخيرة في البلاد بوجه الحكومة الجديدة هو عمق حالة التطييف والانقسامات في البلاد، التي رسخها نظام الأسد من خلال الامتيازات التي قدمها، ومن خلال بنية أجهزة القمع لديه، سواء الجيش أم المخابرات التي كانت تعمم العنف في مناطق وتخصصه في أخرى تبعاً للتركيبة السكانية، ناهيك عن خلق فئة من رجال المحسوبية ضمن تلك الطوائف المرتبطة عضوياً مع نظام الأسد، التي تشربت العداء للسنّة، من خلال تصويرهم كجماعة “متخلفة” ومنبع لـ “الإرهاب” و”تكفيريين”، وغير ذلك من التهم التي تبرر عمليات القتل الجماعية بحقهم، هذه الحالة مهدت التربة لنشوء جماعات تكفيرية وفق خطاب وممارسة طائفية تدعي احتكار مظلومية السنة، وتصور الصراع على أساس طائفي فقط ناسفة أسبابه الأخرى، وأهمها الاستبداد وتغييب الحريات وهدر كرامة الناس.
بالطبع، لا يمكن فصل ما يحدث في الداخل من حركات تمرّد ومطالبات عن صراعات القوى الإقليمية والدولية على سوريا، فإيران التي خسرت “واسطة العقد” في محورها المقاوم لن توفر أي جهد لزعزعة الوضع، وكذلك إسرائيل التي لن تسمح بوجود قوي لتركيا في جوارها، خاصة بعد إنهاء الوجود الإيراني، ناهيك عن الصراع العالمي بين أميركا والغرب من جهة، والصين وروسيا من جهة، على الهيمنة، لكن ما يتوجب علينا فهمه أن تلك الدول تتصارع وفقاً لمصالحها وأمنها، وليس من أجل السوريين، ربما ما يلزمها منهم هو الديكور أو الاستخدام المؤقت المأجور.
أمام الواقع السوري الذي تنخره الصراعات، وأهمّها الطائفي الذي برز مؤخراً والذي يصعب نكرانه وتجاوزه، يجب على الجميع، وأولهم الدولة الوليدة، معالجة الأمر سياسياً -كون أساس التطييف سياسياً وليس دينياً- وهذا يستدعي أولاً مشاركة أوسع القطاعات في عمليات البناء، فعلاً لا قولاً، في عملية بناء أجهزة الدولة، والعمل على فرض القانون على الجميع، وخاصة على من خلال القضاء وأجهزة إنفاذ القوانين، وخاصة على كبار القتلة أولاً وعلى ما يطلق عليهم الجماعات “المنفلتة”، وإطلاق حوار سياسي واسع في البلاد حول أهم القضايا، والعودة عن القرارات الخاطئة، إن تبيّن عدم رضا الناس عنها.
الأمر الأكثر أهمية هو عدم التعامل مع الجماعات الدينية أو الإثنية كجماعة متماسكة، فلا حركة الهجري تمثل الدروز، ولا مجلس الطائفة العلوي يمثل العلويين، ولا حزب الاتحاد الديمقراطي، ومن باب أولى لا يمثل السنة أي تنظيم أو جماعة سياسية، وينبغي التعامل كمواقف سياسية وتيارات لها مصالح وارتباطات ومطالب سياسية، مما يسهّل حتى عزلها وتجنب المزيد من الخسائر، وبالتالي تحويل حتى
الصراعات إلى عملية سياسية تحكمها القوانين، بعيداً عن الصراع على أسس هوياتية يمكن أن يفتح باب الجحيم من جديد على البلاد.
تلفزيون سوريا
—————————-
كي لا ننسى: ماذا ترك لنا آل الأسد؟/ د. فيصل القاسم
لو أحصينا عدد الشعارات التي رفعها النظام السوري الهارب والتي تدعو إلى الوحدة على الصعيدين الداخلي والعربي على مدى أكثر من ستين عاماً لوجدنا أمامنا آلاف الشعارات التي كانت تغطي جدران سوريا من أقصاها إلى أقصاها، فقد كانت تلك الشعارات «الوحدوية» تحاصر السوريين من كل حدب وصوب، وكانت ترفرف على واجهات المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية وخلفيات السيارات. وليس عندي شك أن تلك الشعارات أو الأقمشة واللوحات الخشبية والمعدنية التي استخدمها النظام لكتابة تلك الشعارات عليها كلفت ملايين الدورات من الميزانيات السورية على مدى عقود. وحدث ولا حرج عن الخطاب الإعلامي الذي ساد فترة حكم آل الأسد، فقد كان يفطر السوريون «وحدة»، ويتغدون «وحدة» ويتعشون «وحدة» ويتحلون «وحدة» برز بحليب، مع ذلك اكتشفنا بعد سقوط النظام أن «الوحدة» التي كان يروجها النظام ووسائل إعلامه وتُقحمها على نواظرنا ومسامعنا ليل نهار كانت لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون، فقد كان حافظ الأسد ومن بعده ابنه الموتور ألد أعداء الوحدة بمفهوميها السوري والعربي، فكيف يمكن أن تكون نظاماً طائفياً وأقلوياً وعصبوياً وفي الآن ذاته نظاماً وحدوياً. مستحيل، فهناك تناقض طبيعي بين الوحدة والعصبية السياسية أو الطائفية.
لا شك أن معظم السوريين يعرفون أن النظام الساقط كان يمارس التفرقة ودق الأسافين والتطييف داخل الطائفة التي كان يزعم أنه ينتمي إليها ألا وهي الطائفة العلوية. مخطئ من يعتقد أن العلويين كانوا كتلة واحدة، لا أبداً، بل كان داخلها أفخاذ وعشائر متناحرة مثلها مثل كل الطوائف والمذاهب الأخرى، فليس كل العلويين كانوا بمرتبة واحدة لدى آل الأسد، بل كانت هناك عائلات وعشائر، بعضها كان يحظى بالعناية والرعاية، والبعض الآخر كان منبوذاً ومغضوباً عليه. وقد كان آل الأسد يعادون بعض العشائر العلوية أكثر مما يعادون الطوائف والمذاهب السورية الأخرى، وبالتالي فإن كل الشعارات الوحدوية التي ضحكوا بها على السوريين على مدار حكمهم كانت شعارات مزيفة وكاذبة. وكل السوريين يعرفون أن النظام القومجي الوحدوي المزعوم كان يرفع شعارات عربية عريضة تدعو إلى توحيد العرب من المحيط إلى الخليج، بينما في الحقيقة كان يحكم على أساس دون الطائفي، أي أنه لم يكن حتى طائفياً بالمعنى الشامل للكلمة، بل كان يضرب مكونات الطائفة الواحدة وحتى العائلة الواحدة بعضها ببعض.
ولم تقتصر هذه اللعبة القذرة على التلاعب بأطياف الطائفة العلوية فحسب، بل انسحب على بقية الطوائف والمذاهب. وكانت لعبة النظام المفضلة تخويف مكونات الشعب السوري من بعضهم البعض ودق الأسافين بينهم وجعلهم مرتابين من الآخرين على الدوام. وأتذكر مثلاً أن رئيس المخابرات العسكرية في المنطقة الجنوبية الضابط سيئ الصيت وفيق ناصر كان يفعل كل ما بوسعه لضرب الموحدين الدروز بجيرانهم المسلمين في حوران المجاورة، لأنه هو ونظامه الهالك كان يخشى أي نوع من التعاضد والتلاحم بين أي مكوّنيّن سورييّن، فقد كان وفيق ناصر يأتي إلى الشباب الدروز في السويداء ويقول لهم إن أهل درعا سيهجمون عليكم وسيقتلونكم وسيهدمون منازلكم، لهذا من الأفضل لكم أن تتحالفوا معنا كي نحميكم من غدر جيرانكم. وكان يفعل الشيء نفسه مع سكان درعا ليحرضهم على جيرانهم الموحدين الدروز، مع ذلك فقد فشل النظام في تأليب الدروز على أهل حوران والعكس صحيح. ولعل أخطر الأسافين التي دقها النظام كانت بين العلويين وبقية مكونات الشعب السوري، فقد كان يدعمهم لترهيب السوريين والتنمر والتسلط عليهم حتى من خلال اللهجة العلوية وحرف القاف تحديداً، فقد كان بقية السوريين على مدى نصف قرن يرتعبون عندما يسمعون شخصاً يتحدث باللهجة العلوية المتسلطة، لأنه كان يمثل وقتها إرهاب السلطة وجبروتها وإجرامها. لم يكن حافظ الأسد ولا ابنه من بعده يهمه مدى الضرر الذي سيقع على الطائفة العلوية بعد سقوطه. لقد كان يستخدمها فقط لتحقيق أطماعه السلطوية ضد السوريين، وليأتِ الطوفان عليها بعد سقوطه. وهذا ما حصل، ولا شك أن المكونات السورية تحتاج زمناً طويلاً كي تدفن أحقادها لأن حجم الحقد والكراهية التي زرعها آل الأسد بين السوريين كان مرعباً للغاية.
وقد تندر الكاتب السوري الراحل نبيل فياض الذي كان أحد أذرع أجهزة الأمن لتفكيك المجتمع السوري، تندر بعد اندلاع الثورة قائلاً أمامي: «عجيب يا أخي، خمسون عاماً من الشعارات الوحدوية والبعثية والأدلجة الحزبية والتلقين والتدجين لم تنجح في جمع السوريين على قلب رجل واحد، لا بل إن النظام فشل حتى في جمع السوريين حول أي شخصية وطنية أو قيادية، بدليل أن غالبية السوريين راحوا يتجمعون ويلتفون حول قياداتهم الطائفية والمذهبية والدينية والقبلية والعشائرية، بدل التجمهر حول قائد وطني جامع». طبعاً لم يكن ذلك مفاجئاً، فقد كان الهدف الأول والأخير للنظام الذي كان يتشدق بالشعارات الوحدوية زوراً وبهتاناً تفريق السوريين وتأليبهم على بعضهم البعض كي يعيش هو على تناحرهم وتناقضاتهم، ولعلنا نتذكر أنه في بداية الثورة فإن كل الشعارات الطائفية التي انتشرت آنذاك كانتشار النار في الهشيم كانت من صناعة أجهزة المخابرات السورية، وخاصة شعار «المسيحي على بيروت والعلوي على التابوت»، وذلك لضرب السوريين بعضهم ببعض كي تفشل ثورتهم ضد النظام الغاشم. باختصار، فإن النظام الساقط لم يحرق فقط الشجر والحجر، بل دمر أيضاً النسيج الوطني نفسه.
وعندما تنظر اليوم للأسف إلى التفكك الخطير للمجتمع السوري لا بد أن تسأل: هل يقف الذباب الإلكتروني فعلاً وراء السُعار الطائفي والصراعات العقدية والتناحر الاجتماعي المتفشي على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام، أم إن كل ذلك من رواسب ومخلفات وإرث نظام البعث البائد؟
كاتب واعلامي سوري
القدس العربي
—————————-
إرث الطائفية.. سلاح يهدد مساعي السوريين لبناء دولتهم/ علاء الدين الكيلاني
9/5/2025
بعد 6 عقود من حكم حزب البعث، وهيمنة عائلة الأسد على السلطة في سوريا، يتركز اهتمام السوريين على بناء دولة وطنية ديمقراطية، تتوفر فيها شروط الحياة الكريمة، على الرغم مما يواجهونه من تحديات، وواقع معيشي مثقل بالهموم والمصاعب.
وحذر خبراء من أن الطريق إلى هذا الهدف لا يزال يواجه عوائق كثيرة، فبالإضافة إلى إرث الرئيس المخلوع بشار الأسد وتداعياته على بلد خرج لتوه من الجحيم، ولا يزال يعاني من أزمة إنسانية متواصلة منذ 2011، تواجه سوريا هجمة مضادة، تسعى من خلالها فلول النظام السابق إلى جانب قوى محلية وجهات خارجية إلى تقويض ما أنجزته الثورة، وصبغ المرحلة الانتقالية بصبغة طائفية، تمهيدا لإنشاء كيانات تخدم مصالحها وتوجهاتها.
سياسة الأسد الطائفية
يوارى أحمد، خلفَ هدوئه، وهو يتحدث، أوجاع سنوات من القهر والعذاب، فقد فر مع عائلته إلى تركيا إثر تعرض أحياء مدينة حمص الثائرة وسط البلاد لقصف بري وجوي حوّلها إلى ركام.
وبعد سقوط الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، استفاد كغيره من السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا، من تسهيلات قدمتها الحكومة التركية، سمحت لهم بزيارة مدنهم الأصلية، والاطمئنان على سلامة أوضاعها، قبل أن يقرروا العودة ومغادرة تركيا بشكل طوعي.
وتحدث أحمد للجزيرة نت عما شاهده قائلا “رأيت منزلي مجرد أطلال، الحياة شبه معدومة داخل الحي بسبب الخراب، وعلى مشارف أحياء أخرى تتمركز قوات الأمن العام تراقب بحذر حركة السيارات دون إزعاج، بعد أن تعرض بعض عناصرها لكمائن محكمة من قبل فلول النظام السابق، أسفرت عن مقتل العشرات”.
وخلال الفترة التي قضاها، شنت تجمعات عسكرية لفلول النظام السابق في مدن مجاورة لمدينته هجمات مسلحة على عناصر الأمن العام ومقرات الحكومة، ما دعاه ليؤكد أن ما يجري لا يشكل تهديدا أمنيا فحسب، بل من شأنه تفكيك المجتمع، رغم هشاشة تماسكه متأثرا بإرث سياسة الأسد الطائفية.
وكانت مدن الساحل السوري إلى جانب أحياء في حمص يقطنها علويون قد شهدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية، اشتباكات وتوترات طائفية على إثر هجمات مسلحة شنها موالون للأسد على قوات الأمن العام أدت إلى مقتل المئات.
وامتدت التوترات والصدامات مؤخرا إلى مناطق بريف دمشق تسيطر عليها مليشيات درزية إثر سجالات من التصريحات الطائفية، تخللها تدخل إسرائيلي.
طريق المستقبل ليس ممهدا بالكامل
بعد عقود من حكم الاستبداد، بات السوريون يأملون أن يشكل انهيار نظام الأسد فرصة ثمينة لتجسيد ما دعت إليه ثورتهم ضد النظام السابق، بالانتقال إلى دولة ديمقراطية، تضمن الحرية والكرامة للجميع، وتصون وحدة أراضيها.
ويخشى كثيرون -بحسب منشورات على منصات التواصل الاجتماعي- من أن يفسد الحراك الطائفي والمناطقي عليهم فرحتهم بسقوط الأسد، أو يحبط ما تبقى لديهم من طموحات وآمال بمستقبل أفضل.
وفي هذا الإطار، استبعد الخبير الحقوقي عبد الملك الأحدب أن تمتلك الحكومة المؤقتة حلا سحريا لمشكلات سوريا الراهنة في ظل استمرار العقوبات التي فرضها الغرب على النظام السابق.
وأشار الأحدب، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الطريق نحو المستقبل ليس ممهدا بالكامل، إذ تعترضه تحديات، منها:
الوضع الحياتي، حيث يحتاج الاقتصاد إلى رافعة تمكن البلد من تلبية متطلبات نهوضه وإعادة إعماره، ومن ثم تهيئة الظروف لعودة ملايين اللاجئين.
أزمة الأقليات، التي انحرف بعض من تصدروا لتمثيلها على خلفية انفصالية للاستقواء بدول أجنبية، من بينها إسرائيل.
التحدي الخارجي، ويتصل بالعقوبات التي ما زال الغرب يفرضها، ويربط رفعها بمطالب قد تمس سيادة الدولة.
إلى جانب ما تشكله هجمات إسرائيل العسكرية، واستثمارها الجانب الطائفي من الأزمة الداخلية، من خطر يهدد الأمن القومي السوري.
السرديات الطائفية تدعم الفلول
وانتقد الأحدب السردية التي تروجها الأطراف المتضررة من سقوط الأسد، معتبرا أن “ما يتم تصويره كصراع طائفي أو مواجهة بين أغلبية سنية وأقليات المجتمع السوري، هو تضليل خطير، يراد منه توجيه رسالة للغرب مفادها أن الأقليات تتعرض لمذابح على يد الإسلاميين (النظام الجديد) وعلى المجتمع الدولي إنقاذها”.
ويتفق ما طرحه الخبير الأحدب، مع ما ذهب إليه الباحث في معهد دراسات الحرب، رايان كارتر، حيث أوضح في تقرير أن السرديات الطائفية التي تنشرها جهات مناهضة لحكومة أحمد الشرع، تدعم أهداف المتمردين.
وحث الحكومات الغربية على توخي الحذر عند تقييم العنف الناشئ، لأن الجهات الفاعلة في سوريا والمنطقة تحاول دعم روايات المتمردين -عن قصد أو بغير قصد- المصممة لتقويض النظام الجديد.
كما كشف كارتر وجود حسابات شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها باللغة الإنجليزية، تنشر محتوى يهدف إلى تأجيج هذا التوتر. ومن المرجح -بحسب رأيه- أن يكون هدفها هو نزع الشرعية عن الحكومة لدى الجمهور الأجنبي، وتعزيز مشاعر الخوف والحرمان الكامنة لدى العلويين.
إسرائيل في عمق المشهد
لطالما ادعت إسرائيل -التي ربطتها مع النظام المخلوع تفاهمات فرضت استقرارا يحفظ أمنها- وقوفها على الحياد من المذابح والمجازر التي كان يرتكبها الأسد بحق شعبه طوال الأعوام الماضية.
دفع سقوط النظام السابق المدوي على يد الثوار الإسلاميين، إسرائيل إلى العودة لسياسة كانت قد استخدمتها سابقا في العراق ولبنان، ترتكز في مبادئها على إضعاف خصومها، وشل قدراتهم، وتشجيع الأقليات على إنشاء كانتونات تخدم مصالحها.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن تل أبيب تعمل حاليا على إقناع القوى العالمية بدعم فكرة تبني الدولة الناشئة في سوريا، نظاما اتحاديا، يضم مناطق عرقية مستقلة، مع جعل المناطق الحدودية الجنوبية منزوعة السلاح، معتبرة “سعي الإسلاميين لتوحيد سوريا إنما يشكل تهديدا لها”.
وفي المقابل، ذهب يائير رافيد رافيتز، رئيس فرع عمليات الموساد في بيروت، إلى أبعد من ذلك، عندما طلب من حكومته التعاون مع الأقليات السورية لمواجهة من أسماهم أعداء اسرائيل.
وذكر لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، وجود تنسيق يجرى على الأرض بين إسرائيل والدروز، شارحا، أنه رغم غياب المعلومات المؤكدة لديه، إلا أنه يقدّر، استنادا إلى معرفته، أن الأسلحة الإسرائيلية تنقَل بالفعل إلى محافظة السويداء.
واستعرض رافيتز خطط تل أبيب المستقبلية لاستخدام الأكراد والعلويين في تحقيق أهدافها، مؤكدا -وفق الصحيفة- أن الظروف مهيأة لدعم الحركة الكردية في سوريا سرّا، وحتى تزويدها بالسلاح. أما بالنسبة للعلويين، فيرى أنه من المناسب تقديم دعم سري لهم، وتزويدهم بالسلاح والمعدات “لاستنزاف دماء أعدائنا الرئيسين في سوريا حاليا، وهم السنة المنتمون لتنظيم القاعدة”.
“كفوا عن مناصرة الأقليات”
بَيد أن حدثا مهما كشف جانبا من الوضع السائد، وقدم صورة مغايرة للسردية الرائجة حول حقيقة الأوضاع في سوريا. ففي فبراير/شباط الماضي، التقت رئيسة الأمانة الدولية للحرية الدينية، نادين ماينزا، بطاركة وأساقفة وقساوسة مسيحيين أثناء زيارتها لدمشق برفقة وفد رسمي يمثل منظمات دولية.
ونقلت ماينزا عن رجال الدين المسيحيين في سوريا قولهم “على الغرب أن يكف عن مناصرة وحماية الأقليات في سوريا، لأن من شأن ذلك أن يعزز الرواية الخطيرة التي استخدمها الأسد، وقسمت سوريا إلى أغلبية وأقلية. وبدلًا من ذلك، عليه السعي للاعتراف بهم كعناصر متساوية في المجتمع حتى ولو قلت أعدادهم”.
وذكرت ماينزا في تقرير أعدته عن الزيارة، ونشره مركز ويلسون، الذي يقدم المشورة والرؤى حول الشؤون العالمية لصناع القرار في الولايات المتحدة، أنها استمعت لأغلب الحضور، وكان من جملة ما أكدوا عليه أن معظم جيرانهم المسلمين السنة يرفضون الطائفية والعنف، وأنه في فترة ما قبل حكم الأسد، عاشت الطوائف الدينية والعرقية المتنوعة في سوريا معًا في سلام نسبي، ويأملون استعادة هذا التاريخ.
وأكدوا كذلك أن تأجيج التوترات الطائفية الذي أثبت فشله في العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، غذى عدم الاستقرار بدلًا من تعزيز التعافي، ودعوا إلى عدم تكرار نظام المحاصّة العراقي أو النظام الطائفي اللبناني، خشية أن يرسّخ الانقسامات الطائفية نفسها.
وأفادت ماينزا بأن هناك إجماعا على الحاجة الملحة لرفع العقوبات، إذ تنذر الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في سوريا بالتحول إلى مجاعة جماعية. وقالت “أعرب معظم الذين قابلتهم عن امتنانهم للرئيس أحمد الشرع الذي أطاح بالأسد، على الرغم من وجود مخاوف جدية لديهم بشأن صِلاته القديمة”.
من وجهة نظر الكاتب البريطاني، سيمون تيسدال، الذي يرى في تدخل القوى الأجنبية بالشأن السوري أمرا قد يعرض ثورة السوريين للخطر، بدأت سخرية المواقف الحالية تخطف الأنفاس. فالأصدقاء والجيران تكالبوا كالذئاب المفترسة، على جثة نظام البعث المخلوع، التي لا تزال تنتفض، وإذا لم يتم كبح جماحهم -كما يرى- فقد يمزقون سوريا من جديد.
وأوضح في مقال، نشرته صحيفة غارديان البريطانية، أن على القوى الأجنبية أن تدع سوريا وشأنها، وترْكَ أمر مستقبل السوريين للسوريين.
وأضاف “ليس للمجتمع الدولي الحق بإبداء رأيه بعد 13 عاما من الفشل في سوريا، خصوصا أن “تدخلات الغرب الجبانة” أجّجت الحرب، وأمام القيادة الحالية العديد من المصاعب، من إعادة اللاجئين والتخلص من الألغام إلى إصلاح اقتصاد البلاد المتهالك والتعافي من السنوات السابقة.
وتساءل تيسدال “كم سيكون من المنعش أن يثق العالم ولو لمرة واحدة فقط بشعب تحرَّر للتوّ، كي يرسم طريقه نحو العدالة والمصالحة وإعادة الإعمار بعيدا عن التدخل الخارجي؟”.
المصدر : الجزيرة
——————————–
إعلام عبري يكشف تفاصيل ثلاثة اجتماعات بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين في أبو ظبي
2025.05.09
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن عقد ثلاثة اجتماعات سرية بين ممثلين عن الحكومة السورية وإسرائيل في أبو ظبي، بوساطة من الإمارات، لمناقشة ملفات أمنية واقتصادية حساسة.
وفي تقرير لها، قالت الصحيفة إن ممثلي الجانبين عقدوا حتى الآن ثلاثة لقاءات داخل منزل أحد كبار المسؤولين الإماراتيين في أبو ظبي، ناقشوا خلالها الغارات الجوية والعمليات البرية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، وقضايا أخرى متعلقة بالوضع الأمني على الأرض والتعاون الاقتصادي.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن وزارة الخارجية الإماراتية نفت الوساطة في المحادثات، إلا أن الرئيس السوري، أحمد الشرع، أكد وجود محادثات غير مباشرة جرت بوساطة دولة ثالثة من دون أن يسميها، لكن كُشف لاحقًا أن هذه الدولة هي الإمارات.
“مناقشات أولية وغير ملزمة”
وذكرت الصحيفة أن الرئيس السوري أوضح أن الهدف من المحادثات بين أكاديميين إسرائيليين سابقين في الأجهزة الأمنية وثلاثة مساعدين مقربين من الشرع هو مناقشة مسائل أمنية، مشيرة إلى أنه حتى الآن عُقدت ثلاثة اجتماعات في مقر إقامة عضو بارز في القيادة الإماراتية في أبو ظبي.
وأشارت إلى أن الإسرائيليين والسوريين جلسوا حول نفس الطاولة، المليئة بمجموعة غنية من المرطبات، والتي كان مضيفوهم الإماراتيين يأملون أن تخلق أجواء هادئة.
وقال مسؤول إسرائيلي رفض تأكيد حضوره للمحادثات إن “الوسطاء الإماراتيين يتمتعون بالصبر والخبرة المثبتة”.
وأضاف المصدر الإسرائيلي أنه “كانت هناك مناقشات أولية وغير ملزمة”، مشيراً إلى أن الجانبين سيقدمان بعد ذلك تقاريرهما إلى رؤسائهما.
ولفتت مصادر الصحيفة إلى أن أعضاء الوفد السوري الستة، الذين حصلوا على إذن رسمي للمشاركة في المحادثات، تحدثوا عن صورة قاتمة للوضع في سوريا.
“دولة إسرائيل” وليس “الكيان الصهيوني”
وقالت “يديعوت أحرونوت” إن الوفد السوري طالب بوقف الغارات الجوية على سوريا، ومنح القيادة الجديدة وقتًا لترتيب شؤونها الداخلية.
وأوضحت مصادر الصحيفة أن السوريين اشتكوا من عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي داخل سوريا واحتلاله تسع قمم تلال ترفض إسرائيل الانسحاب منها، وطلبوا من نظرائهم السماح للقيادة الجديدة بترسيخ نظام داخلي جديد، واشتكوا من الأزمة الاقتصادية الخانقة.
وأشارت المصادر إلى أنه في الاجتماع الأخير، نقل السوريون عن الرئيس الشرع قوله إن سوريا لا مصلحة لها في الصراع مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل.
وكشف مسؤولون إسرائيليون أنه على عكس نظام الأسد السابق، يستخدم الرئيس السوري الجديد مصطلح “دولة إسرائيل” وليس “الكيان الصهيوني”.
“دفء تجاه الإسرائيليين”
وعُقدت الجلسة الأخيرة من المفاوضات بعد زيارة الرئيس الشرع إلى أبو ظبي في 13 نيسان الماضي، وأكد أحد المسؤولين السوريين أن طرد إيران وعدم السماح لها بالعودة دليل قاطع على مواقف الحكومة السورية الجديدة.
وقالت الصحيفة العبرية إن اللقاءات بين الجانبين تهدف إلى مواصلة الحديث والانتقال إلى المسائل الاقتصادية، وخيارات إسرائيل في توفير الخبرة الطبية ودعوة الطلاب السوريين للتخصص في إسرائيل، فضلاً عن مسائل أخرى تهم القيادة والشعب السوري.
من جانب آخر، ناقش الوفدان ما وصفته الصحيفة “هشاشة وضع الدروز في سوريا”، وقالت إن الوفد الإسرائيلي أكد أن الدولة العبرية لن تتسامح مع الهجمات على الدروز الذين تعتبرهم “إخوتنا في الدم”.
ونقلت الصحيفة العبرية عن أعضاء من الوفد الإسرائيلي قولهم إن تصريحات الشرع بأن سوريا لا تسعى إلى صراع مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل، كان إيجابياً، ولكنه غير كافٍ.
وأشارت “يديعوت أحرونوت” إلى أن خبراء إسرائيليين وسوريين في مجال الدفاع والاقتصاد التقوا مؤخراً، في مؤتمرات دولية عقدت في أوروبا، أعرب خلالها ممثلو الحكومة السورية الجديدة عن “دفئهم تجاه الإسرائيليين”.
———————————–
صحيفة تنقل شروط التفاوض بين سوريا وإسرائيل
ذكرت صحيفة “يدعوت أحرنوت” الإسرائيلية تفاصيل من مفاوضات جرت بين وفد سوري وآخر إسرائيلي في الإمارات، والتي شهدت مناقشات في الوضع الأمني بين البلدين.
وقالت “يدعوت أحرنوت” إن وفدًا حكوميًا سوريًا اجتمع مع أكاديميين إسرائيليين من خلفية أمنية على طاولة واحدة في العاصمة الإماراتية أبو ظبي.
وقالت الصحيفة، مساء 8 من أيار، إن الإمارات استضافت بأحد المقرات الحكومية ثلاثة لقاءات جمعت أكاديميين إسرائيليين من خلفية أمنية مع ثلاثة من مساعدي الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع.
ووفق الصحيفة، طلب السوريون، بحضور وسطاء من أبو ظبي، في تلك المحادثات أن تمنح إسرائيل الشرع “وقتًا للاستعداد وتثبيت نظام داخلي جديد داخل سوريا”.
وطالبوها “بحزم” بوقف الهجمات الجوية على أراضيهم.
وخلال الاجتماع، نقل السوريون للجانب الإسرائيلي عن الشرع قوله، إن سوريا ليست لها مصلحة في الصراعات مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل.
بالمقابل، ناقش الإسرائيليون الهجمات على الطائفة الدرزية في سوريا وقالوا إن إسرائيل لن تتحمل الهجمات على الدروز الذين هم “إخواننا في الدماء” وفق تعبيرهم.
وحول تصريح الشرع بأن سوريا لا تبحث عن صراع مع جيرانها، بما في ذلك إسرائيل، قال أعضاء الفريق الإسرائيلي، إنه كان “إيجابيًا، لكنه لم يكن كافيًا”.
تركيز على الأمن
لم تحدد الصحيفة الإسرائيلية موعد اللقاء الذي جرى بالإمارات، إلا أنها أشارت إلى أن آخر المباحثات جرت بعد زيارة الرئيس السوري الشرع إلى الإمارات، في 13 من نيسان الماضي.
وركّز الجانبان، السوري والإسرائيلي على الوضع الأمني، مؤكدين أن الجانب السوري “قضى تمامًا على الإيرانيين” الذين كانوا يؤرقون إسرائيل، ويهددونها من الحدود السورية.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، الهدف هو مواصلة الحديث والانتقال إلى المسائل الاقتصادية، وخيارات إسرائيل لتوفير المعرفة الطبية ودعوة الطلاب السوريين للتخصص في إسرائيل، بالإضافة إلى أمور أخرى تهم القيادة السورية والشعب السوري.
وكانت وكالة “رويترز” نقلت عن ثلاثة مصادر لم تسمهم، في 7 من أيار الحالي، أن الإمارات العربية المتحدة أنشأت قناة للمحادثات بين إسرائيل وسوريا.
وقالت إن الاتصالات غير المباشرة التي لم يعلن عنها من قبل، تركز على مسائل الأمن والاستخبارات وبناء الثقة بين سوريا وإسرائيل اللتين لا تربطهما علاقات رسمية.
ووصف أحد المصادر للوكالة، الجهود التي بدأت بعد أيام من زيارة الشرع، إلى الإمارات، بأنها تركز حاليًا على “المسائل الفنية”، وقال إنه لا يوجد حد لما قد يناقش في نهاية المطاف.
مسؤولون سوريون في إسرائيل
صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية نقلت عن مصادر سورية غير حكومية، أن إسرائيل على اتصال مباشر مع النظام السوري، مضيفة، أن وفدًا من المسؤولين السوريين، بينهم مسؤولان رفيعو المستوى، زاروا إسرائيل مؤخرًا.
وقالت الصحيفة إن الزيارة التي وصفتها بـ”السرية” جرت في نهاية نيسان الماضي، واستمرت عدة أيام التقى خلالها أعضاء الوفد بمسؤولين أمنيين إسرائيليين.
وكان الرئيس السوري الشرع، صرّح خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الفرنسي إمانويل ماكرون، في 7 من أيار، أن مفاوضات غير مباشرة تجري مع إسرائيل لتهدئة الأوضاع، وإيقاف التدخلات الإسرائيلية.
وتتعامل إسرائيل مع الحكومة السورية الجديدة بعداوة بسبب خلفية الأخيرة الجهادية، وتقوم بقصف متكرر لأهداف داخل سوريا.
وطالت إحدى الغارات الجوية الإسرائيلية القصر الجمهوري بدمشق.
وازداد المشهد الإسرائيلي- السوري، تعقيدًا بعد توترات شهدتها المناطق التي تحوي غالبية من الطائفة الدرزية، وهددت إسرائيل عدة مرات الحكومة السورية الاقتراب من القرى الدرزية.
—————————–
صحنايا والأشرفية: الدولة بسطت سيطرتها الكاملة/ محمد كساح
السبت 2025/05/10
يختلف حضور الدولة السورية في كل من صحنايا وأشرفية صحنايا بريف دمشق، عن حضورها المحدود في محافظة السويداء، من خلال السيطرة الكاملة للأمن العام على البلدتين وعمليات تسليم السلاح الموسعة التي يشرف عليها الأمن العام بعد دخوله إليهما، عشية اندلاع أحداث عنف دامية نفذتها مجموعات مسلحة بدون مسميات واضحة حتى الآن.
وأفاد مصدر أمني مطلع “المدن”، بأن قرابة 300 شخص قاموا بتسليم أسلحتهم للأمن العام في مركز البلدية ببلدة صحنايا، بعد أن فرض الجهاز الأمني سيطرته عليها متسلماً زمام الأمور وحده دون تدخل أي فصيل أو مجموعة محلية، بالتزامن مع مغادرة جميع الفصائل المحلية البلدتين باتجاه السويداء.
لكن بالرغم من ذلك يؤكد المصدر انضمام العشرات من أبناء البلدتين إلى جهاز الأمن العام، حرصاً على ضبط الواقع الأمني وتلافي الحوادث والاشتباكات التي جرت في المنطقة مؤخراً.
ويقول المصدر الأمني إن الجهاز الأمني التابع للدولة، قام بجمع كمية كبيرة من الذخائر والقنابل التي وجدت مرمية في طرقات المدينة وبالقرب من حاويات القمامة، ما شكل خطراً على السكان الذين أبدوا رغبة واضحة في حفظ السلم الأهلي وسيطرة الدولة على المنطقة بشكل تام.
داريا.. تدخل إيجابي
وبدا التدخل الإيجابي من منطقة داريا المتاخمة لكل من صحنايا وأشرفية صحنايا، ملموساً في أثناء وعقب أحداث العنف التي شهدتها المنطقة، حيث أجرى مدير منطقة داريا جميل مدور، جولات مكوكية اجتمع خلالها مع الوجهاء ورجال الدين والمسؤولين المحليين، كما شهدت داريا اجتماعاً ضم مشيخة العقل وقادة فصائل عسكرية من السويداء.
ووفقاً للمصدر الأمني المطلع، أسفرت الاجتماعات عن مخرجات عديدة تخص صحنايا، أبرزها مغادرة جميع الفصائل العسكرية المنطقة مع خضوعها لإدارة الأمن العام بشكل حصري، بالتوازي مع تشكيل لجنة مشتركة مؤقتة للمتابعة.
كما نصت على إلغاء جميع المظاهر المسلحة وتشكيل دوريات وحواجز من الأمن العام الذي انضم إليها عشرات الشبان المحليين لحفظ السلم الأهلي، إضافة لعدم دخول عناصر الأمن العام إلى المنازل لتفتيشها إلا بموجب مهمة رسمية.
ولا يزال مدير منطقة داريا يتابع الواقع الأمني والخدمي ميدانياً في البلدتين، كما أرسلت بلدية داريا آليات لترحيل القمامة وتفريغ الحاويات في حملة تنظيف ساهم فيها عدد من شبان صحنايا.
وكان مسؤول منطقة داريا قد صرح لوكالة “سانا”، أن الحياة عادت إلى طبيعتها بالكامل في صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث توجه الطلاب إلى مدارسهم، كما افتُتحت المراكز الصحية.
خطوات لاحقة
وفي خطوات لاحقة على عملية بسط سيطرة الدولة، أفرجت السلطات عن عشرات الموقوفين من أبناء المدينتين. وقالت مصادر أمنية لـ”المدن”، إن إطلاق سراح الموقوفين سيكون تمهيداً لإحداث مكتب للتسوية الأمنية، سيعلن عنه لاحقاً ريثما يستقر الوضع الأمني في المنطقة.
وتشير المصادر إلى أن التسويات ستكون رمزية كون الدافع لحمل السلاح من قبل أبناء صحنايا والأشرفية، كان بقصد الدفاع عن البلدتين وضبط الأوضاع الأمنية فيها.
بينما تؤكد مصادر أهلية عودة الاستقرار إلى المدينتين بالتوازي مع الحركة التجارية النشطة والحياة الطبيعية، في ظل انتشار مكثف لعناصر الأمن العام في الشوارع والأحياء وأمام الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية.
المدن
————————————–
الصراع المقبل على سوريا/ ديفيد ماكوفسكي و سيموني سعيد مهر
إسرائيل وتركيا على طريق التصادم
السبت 10 مايو 2025 0:01
بعد أشهر على سقوط الأسد تتصاعد التوترات بين إسرائيل وتركيا، إذ قصفت إسرائيل قاعدة التيفور الجوية لمنع تركيا من نصب أنظمة دفاع جوي هناك، وهو تصعيد ينذر بخطر اندلاع مواجهة مباشرة بين الدولتين. ولمنع تدهور الأمور ينبغي على أنقرة وتل أبيب الاتفاق على خطوط حمراء واضحة وتوزيع نفوذ موقت، فالبلدان لا يريدان عودة إيران إلى الساحة السورية
خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، أطاح تحالف من فصائل متمردة بقيادة جماعة “هيئة تحرير الشام”، بصورة غير متوقعة، الديكتاتور بشار الأسد الذي حكمت عائلته سوريا على امتداد خمسة عقود. وورث النظام الجديد في دمشق بلداً دمرته حرب أهلية دامت 13 عاماً. وتولى أحمد الشرع، وهو زعيم الجماعة، زمام الأمور في سوريا، وتأمل القوى الأجنبية أن تنجح في توجيه سياساته. واستغلت دولتان جارتان للبلاد، هما إسرائيل وتركيا، فراغ السلطة فيها من أجل ترسيخ وجودهما هناك، وبدأتا بالفعل في التصادم معاً.
وبرزت تركيا كقوة عسكرية مهيمنة في سوريا. فمنذ عام 2019، سيطرت جماعة “هيئة تحرير الشام” على إدلب شمال غربي سوريا، وساعدتها أنقرة بصورة غير مباشرة على امتداد أعوام، من خلال إقامة منطقة عازلة شمال سوريا وفرت الحماية للجماعة من قوات الأسد. والآن تريد تركيا تحقيق مزيد من النفوذ في البلاد حتى تتمكن من سحق أمل الأكراد [السوريين] في نيل الحكم الذاتي، وهو حلم ازدهر في سياق الفوضى الناجمة عن الحرب الأهلية، والقيام بالترتيبات اللازمة من أجل عودة 3 ملايين لاجئ سوري يعيشون في تركيا.
ومع ذلك، فإن إسرائيل هي الأخرى تريد الحصول على مزيد من النفوذ في سوريا أيضاً. وعلى رغم توقيعها اتفاق فك الارتباط بوساطة أميركية مع سوريا عام 1974 في أعقاب حرب يوم الغفران (تشرين)، فإن الأسد تحالف بصورة وثيقة خلال العقود الأخيرة مع إيران، الخصم الرئيس لإسرائيل. وشكلت سوريا في عهده ممراً حيوياً تدفقت عبره الصواريخ الإيرانية وغيرها من الأسلحة إلى “حزب الله” اللبناني، مما أدى إلى تفاقم التوترات مع إسرائيل.
وباعتبار أن هذا العداء المستفحل موجود منذ عقود، نظر القادة الإسرائيليون إلى إزاحة الأسد على أنها مكسب استراتيجي لم يكن متوقعاً، وراحوا يتسابقون للاستفادة من إطاحته بإنشاء مناطق عازلة ومناطق نفوذ غير رسمية جنوب سوريا. وتشعر إسرائيل بقلق خاص من الوجود التركي في البلاد، خشية أن تشجع أنقرة سوريا على إيواء مسلحين مناهضين لإسرائيل. وحاولت تركيا نشر الإسلام السياسي، كما أن لها تاريخاً من العداء لإسرائيل. على سبيل المثال، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إطار تهنئته بعيد الفطر خلال الـ30 من مارس (آذار) الماضي “[ندعو] الله أن يدمر إسرائيل الصهيونية”.
ويتزايد قلق القادة الإسرائيليين من أن طموحات تركيا في سوريا تتجاوز حدودهما المشتركة إلى داخل البلاد. وفي الثاني من أبريل (نيسان) الماضي قصفت إسرائيل عدة مواقع عسكرية سورية، بما في ذلك قاعدة التياس الجوية المعروفة باسم مطار التيفور (T4)، وذلك من أجل منع أنقرة من إقامة أنظمة دفاع جوي هناك. وتبدي إسرائيل اهتماماً بالغاً بأجواء جيرانها، إذ إنها شنت خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2023، غارة جوية على إيران عبر المجال الجوي السوري.
على رغم أن مخاوف إسرائيل الأمنية مشروعة، فإنه ينبغي عليها بذل قصارى جهدها بغية تجنب وقوع مواجهة عسكرية مباشرة مع تركيا. ويجب على إسرائيل أن تضمن عدم تحول علاقتها مع أنقرة إلى ضحية لاندفاعها بهدف تعزيز موقعها العسكري في سوريا. ونظراً إلى تشتت قواتها وتراجع سمعتها الدولية، فإن آخر ما تحتاج إليه إسرائيل هو خلق عدو جديد.
المناطق العازلة والتهديدات
خلال تسعينيات القرن الماضي، وفي ظل تصاعد الآمال بالتوصل إلى سلام إسرائيلي-فلسطيني، تمتعت تل أبيب بعلاقات وثيقة مع تركيا، بيد أن صلاتهما تدهورت مع تراجع القوى العلمانية في كلتا الدولتين. وخلال عام 2010، على سبيل المثال، قتل الجيش الإسرائيلي تسعة ناشطين مدنيين وجرح 30 آخرين، توفي أحدهم خلال وقت لاحق، وذلك عندما اعترض سفينة تركية حاولت كسر الحصار البحري المضروب حول قطاع غزة، مما دفع أنقرة إلى خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب. واتهمت تركيا إسرائيل مرة تلو أخرى بارتكاب إبادة جماعية داخل غزة. وفي شهر مايو (أيار) 2024، أعلن أردوغان حظراً على التجارة مع إسرائيل على سبيل الاحتجاج على العمليات التي تقوم بها داخل القطاع. في غضون ذلك، يتهم الإسرائيليون أنقرة بالسماح لقادة حركة “حماس” الفلسطينية المسلحة، مثل نائب رئيس المكتب السياسي السابق للجماعة صالح العاروري، بالتخطيط لشن هجمات ضد إسرائيل من الأراضي التركية. ومع ذلك وعلى رغم كل خلافاتهما لا تريد تركيا ولا إسرائيل أن يعود النفوذ الإيراني إلى سوريا.
من الواضح أن تركيا هي القوة الدافعة وراء النظام السوري الجديد، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى علاقاتها الطويلة مع جماعة “هيئة تحرير الشام”، وهي ساعدت قادة سوريا الجدد في التخطيط لإعادة الإعمار. ويبدو أيضاً أن أنقرة تسعى إلى إبرام اتفاق دفاع مع سوريا من شأنها أن توسع نفوذ تركيا، المتمركز حالياً شمال البلاد، لكي يتمدد إلى بقية البلاد.
تشعر إسرائيل بقلق بالغ إزاء هذا المسار، وبرزت مدرستان فكريتان متنافستان حول كيفية إدارة العلاقات مع النظام السوري الجديد. وترى مجموعة من المسؤولين الإسرائيليين أن على بلادهم اختبار العمل مع الشرع قبل اعتباره عدواً، إلا أن مجموعة أخرى تضم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعتقد أنه من غير المرجح ظهور حكومة سورية مركزية معتدلة بقيادة إسلامية سنية، وأن على إسرائيل الاستعداد [للتعامل مع إدارة ستبدي لها] العداء، من خلال إنشاء مناطق نفوذ غير رسمية.
بعد فرار الأسد من دمشق خلال ديسمبر 2024 سيطرت إسرائيل على منطقة عازلة جنوب غربي سوريا، متاخمة للجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من مرتفعات الجولان. وقصفت إسرائيل منذ ذلك الوقت مئات المواقع العسكرية السورية التي تخشى أن تستخدمها الحكومة الجديدة. وخلال الـ11 من مارس الماضي صرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس بأن القوات الإسرائيلية ستبقى في سوريا “لفترة غير محددة”، لحماية التجمعات السكانية شمال إسرائيل.
مراقبة الجوار
يبدو أن الرغبة في تجنب تكرار الأخطاء التي بلغت ذروتها في هجمات السابع من أكتوبر 2023 الدموية، تمثل الدافع الجزئي على توغل إسرائيل في سوريا. ويرى القادة الإسرائيليون الآن أن المناطق العازلة أمر جوهري، ويأملون أن يسهموا بصورة فعالة في تشكيل البيئات الأمنية للدول المجاورة بدلاً من مجرد الرد على التطورات. كما أن كارثة “السابع من أكتوبر” دفعتهم إلى الحذر من العمل مع الإسلاميين من أي نوع. وتسامحت إسرائيل لأعوام عدة مع وجود زعيم “حماس” يحيى السنوار في غزة. وقد بنى لنفسه سمعة بأنه براغماتي في بعض الأحيان من خلال الابتعاد من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وهي جماعة إرهابية أكثر تشدداً، والسماح لعدد من سكان غزة بالعمل داخل إسرائيل. لكن في النهاية، دبر السنوار أعنف هجوم شهدته إسرائيل على الإطلاق.
يبدو أن الدرس الذي استخلصه المسؤولون الإسرائيليون من تلك التجربة أنهم لا يستطيعون التسامح مع وجود أي جهاديين قرب حدودهم. وبعد اشتباك القوات السورية مع المتمردين العلويين الموالين للأسد خلال مارس الماضي، والذي أسفر عن سقوط مئات القتلى، قال كاتس إن الشرع “خلع القناع وكشف عن وجهه الحقيقي، إنه إرهابي جهادي من مدرسة ’القاعدة‘”. وعلى رغم أن للشرع جذوراً جهادية، إذ إن “هيئة تحرير الشام” بدأت كفرع انبثق عن “القاعدة”، فإنه نبذ التطرف بصورة علنية، مؤكداً أنه لا يسعى إلى مواجهة مع إسرائيل. إلا أن القادة الإسرائيليين الذين يتوقعون أن نظاماً معادياً سيرسخ أقدامه في دمشق، يعتقدون أن الشرع سيقول أي شيء لكي تُخفف العقوبات عن بلاده، ويخشون أن يغير موقفه بعد أن يحسن الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا.
ومع ذلك، فإن “السابع من أكتوبر” ليس سوى جزء من القصة، فقد قال نتنياهو أيضاً إن استراتيجيته مدفوعة برغبة في حماية الأقلية الدينية الدرزية جنوب سوريا. وخلال أواخر أبريل/مطلع مايو الجاري، قتل أكثر من 100 سوري في اشتباكات بين مقاتلين إسلاميين سنة ومسلحين دروز. وفي الثاني من مايو الجاري قصفت إسرائيل دمشق، وأعلن نتنياهو وكاتس أنهما “لن يسمحا بإرسال قوات إلى جنوب دمشق أو بأي تهديد للدروز”.
يتأثر نهج إسرائيل تجاه سوريا أيضاً بالقلق بخصوص استمرار الوجود العسكري الأميركي داخل البلاد. وفي الثامن من ديسمبر 2024، أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي أن “سوريا في حال فوضى” وأن [بالأحرف الكبيرة] “الولايات المتحدة لا ينبغي أن يكون لها أية علاقة بها”. وفي الـ18 من أبريل الماضي، أعلنت الحكومة الأميركية نيتها خفض عدد قواتها المتمركزة شرق سوريا من نحو 2000 إلى أقل من 1000، وتخشى إسرائيل أن يسمح الانسحاب الأميركي لتركيا بأن تهيمن بصورة أكبر على شمال سوريا، وربما داخل مناطق أبعد من ذلك.
الحوار الصريح أفضل من الحرب
لكن ينبغي على إسرائيل أن تحرص على أن تتفادى تحويل تركيا أو سوريا إلى عدو، وأن تترك مجالاً للحوار. ومن حق القادة الإسرائيليين أن يتعلموا الدروس من الإخفاقات الاستراتيجية التي شهدها “السابع من أكتوبر”، غير أن عليهم أيضاً الموازنة بين الاعتبارات الأمنية من جهة واستراتيجية طويلة المدى من جهة ثانية. قد تضع إسرائيل معايير واضحة لحكومة الشرع في شأن كيفية تعاملها مع الأقليات ومعالجة قضايا كتهريب الأسلحة والتخلص من الأسلحة الكيماوية. وإذا استوفيت هذه المعايير، فيمكن لإسرائيل حينها أن تدرس دعوة الولايات المتحدة والدول الأوروبية لتخفيف العقوبات على سوريا. كما قد تشجع إسرائيل الدول الأوروبية والخليج على الاستثمار هناك. وعلاوة على ذلك، يتعين على إسرائيل أن تعلن صراحة أنه لا توجد لديها أية أطماع في أراض أو مناطق داخل سوريا، وأن منطقتها العازلة ستكون موقتة ما دام أداء الحكومة الجديدة يحقق معايير معينة. إن استمرار الوجود الإسرائيلي في سوريا من شأنه أن يعزز موقف خصوم إسرائيل الذين يدعون أنها دولة محتلة.
إن علاقة إسرائيل بالحكومة السورية الجديدة لها أهمية حاسمة، إلا أن الأهم من ذلك هو علاقتها بتركيا. فكلا البلدين حليف للولايات المتحدة ويتمتع بقدرات عسكرية قوية. وكان القصف الإسرائيلي لمطار التيفور بمثابة تذكير صارخ بمدى سرعة تصاعد الأمور، ويجدر بالبلدين أن ينظرا في إمكانية وضع خطوط حمراء، ويجب عليهما كحد أدنى الاتفاق على العمل ضمن مناطق نفوذ مختلفة داخل سوريا من أجل تجنب الأعمال العدائية.
يثق ترمب بقدرته على تحسين العلاقات الإسرائيلية التركية، وأخبر نتنياهو أن لديه “علاقة جيدة جداً مع تركيا وزعيمها”. يجب على ترمب أن يثني أردوغان عن نشر أنظمة دفاع جوي في سوريا. ويمكن لترمب أيضاً مساعدة إسرائيل وتركيا على إيجاد سبل لخفض التصعيد. وقد يتعاون البلدان، على سبيل المثال، في مواجهة النفوذ الإيراني وتهريب الأسلحة.
من الضروري أن تستخدم إسرائيل قنواتها الدفاعية والاستخباراتية للتواصل مع تركيا، وأن تستعمل وسائل غير مباشرة للتحدث مع السوريين. لقد عقد حتى الآن اجتماع واحد في الأقل معلن بين مسؤولين إسرائيليين وأتراك، وذلك داخل أذربيجان خلال أبريل الماضي. وينبغي على تركيا وإسرائيل البناء على هذا الحوار، ولا سيما أن كلاً منهما يؤكد عدم رغبته في حصول مواجهة عسكرية. لا بد أن يكون هدف إسرائيل هو تأكيد المخاوف الأمنية المشروعة من دون إثارة استياء أنقرة أو دمشق، وهذا التوازن مهم خصوصاً خلال فترة التقلبات الاستثنائية التي تمر بها سوريا، فالنظام الجديد لم يرسخ سيطرته على البلاد بعد، وتبدو مواقفه السياسية مرنة. وفي هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، وبعد إضعاف عدوهما المشترك إيران، يتعين على إسرائيل وتركيا السعي جاهدين من أجل صياغة نظام إقليمي جديد يعود بالفائدة المتبادلة على البلدين، ولا يفضي إلى صراعات.
ديفيد ماكوفسكي مدير مشروع كوريت للعلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومحاضر مساعد في دراسات الشرق الأوسط داخل كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز. شغل بين عامي 2013 و2014 منصب مستشار أول للمبعوث الخاص للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في وزارة الخارجية الأميركية.
سيموني سعيد مهر باحثة مساعدة في مشروع كوريت للعلاقات العربية الإسرائيلية داخل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
مترجم عن “فورين أفيرز”، السادس من مايو (أيار) 2025
المجلة
—————————–
استغلال الأقليات لتغذية الفوضى/ محمود سمير الرنتيسي
2025.05.10
لدولة الاحتلال الإسرائيلي تاريخ سيئ في استغلال الأقليات سواء كانوا كيانات أو حركات في معظم دول منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك استغلال المسيحيين في لبنان في اجتياح عام 1982 ودعمها للأقلية الكردية في العراق ضد العراق في عهد صدام حسين، ثم إعقاب هذا التبني والدعم بتخل كبير عن هذه المكونات وتركها تواجه مصيرها منفردة، ولعل النقطة الأكثر أهمية التي يمكن أن نبدأ بها هي أن على كل الأقليات الموجودة في المجتمعات العربية أن تدرك أن الانسجام مع البيئة المحلية التي تتواجد فيها أكثر أمنا لها من التحول لأدوات في المخططات الإسرائيلية التي تروج أنها تتصرف أخلاقيا.
في سوريا تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي أن تقدم نفسها كحام للدروز وهي في الحقيقة لا تفكر إلا في جعلهم أدوات لمخططاتها التوسعية والتحكمية في مستقبل المنطقة، وبالتالي هذا يفتح سيناريو التخلي عنهم في حال توفرت مسارات أخرى لتنفيذ مخططاتها. وقد ذكر أكثر من مسؤول إسرائيلي وجود مصالح أمنية قصوى لدولة الاحتلال الإسرائيلي في السيطرة على مناطق الدروز في سوريا وهذا يؤكد أن الحديث عن قمع الأقليات والتدخل لحمايتها ليس سوى حجة مكشوفة.
وفي هذا السياق نستحضر ما قاله زعيم حزب معسكر الدولة بيني غانتس الذي قال إنه “يجب أن يفهم الجميع أن التحالف مع الدروز هو في المقام الأول تحالف أخلاقي بين الذين يقاتلون معنا ويعيشون معنا وأقاربهم الذين في خطر”. وهذا الاستحضار للمعنى الأخلاقي في هذا الإطار ليس إلا تعجرف واضح في ظل الانحدار الأخلاقي الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في قتل النساء والأطفال والصحفيين ورجال الإطفاء وقصف المستشفيات والمخابز ومراكز إيواء المدنيين في قطاع غزة.
في دولة الاحتلال يعتبر بعض الأطراف أن الانسحاب من جنوب لبنان قبل 25 عاما كان تصرفا مخزيا وأن مساعدة الدروز في سوريا حاليا هو واجب وفرصة لمسح العار الذي لحق بدولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب ما يسمونه الإخفاق الاستراتيجي في جنوب لبنان. يحاول هؤلاء أن يظهروا أن مساعدة الدروز في سوريا هو تكفير
عن خطأ التخلي عن حلفائهم من المسيحيين في لبنان سابقا، وفرصة لتصحيح المسار لجعل الأقليات في المنطقة تؤمن مجددا أن دولة الاحتلال الإسرائيلي يمكن أن تكون راعية لهم.
إن ملف الدروز والحديث عن حمايتهم ليس إلا ركيزة واحدة في المخطط الصهيوني للسيطرة على المنطقة والذي تحدث عنه رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو كثيرا وهو تغيير وجه الشرق الأوسط وستعمد دولة الاحتلال الإسرائيلي للعمل مع أقليات أخرى وقد تحدث في وقت سابق جدعون ساعر وزير الخارجية في دولة الاحتلال قائلا إن منهجية السيطرة على المنطقة تعتمد على التحالف مع الأقليات وإن اسرائيل ستكون أقلية دائما ولذلك عليها أن تتحالف مع الأقليات.
وفي الحقيقة يمكننا القول أن اسرائيل نفسها تدرك أن التحالف مع الأقليات لن يصنع لها نموذجا ناجحا للسيطرة على المنطقة ولكنه يصنع لها نموذجا في نشر الفوضى في المنطقة ولو جزئيا بحيث تبقي دول المنطقة الأساسية بعيدة عن الاستقرار وغارقة في الفوضى ولذلك من المهم لكل مكونات هذه المنطقة أن تدرك المخطط الصهيوني الخبيث ولا تنزلق إليه.
وفي هذا السياق فإن التفاهمات الداخلية التي تؤدي لاستقرار وانسجام بين كافة المكونات المحلية هي دائما مصدر إزعاج لدولة الاحتلال الصهيوني التي لا تهتم إلا بفتح الطريق لعدم الاستقرار وتغذية الخلافات والصراعات.
إن دولة الاحتلال الإسرائيلي تنظر لهذه المنطقة على أنها منطقة معادية وأن التحالف مع الأقليات هو عامل تفتيت داخلي في كل دولة ويمكن أن يمتد لعدة دول وبالتالي هذا المنهج جزء لا يتجزأ من استراتيجية أمنية وجيوسياسية تتصرف في بيئة معادية وعليه ينبغي أن يكون السلوك الذي تتعامل به دول المنطقة منطلقا من إدراك لهذه الحقائق.
تلفزيون سوريا
—————————————
==========================