الموقف الأميركي اتجاه سوريا، مسالة رفع العقوبات، الشروط التي تفرضها الولايات المتحدة الاميركية على الحكومة السورية تحديث 13 أيار 2025

لمتابعة هذا الملف التبع الرابط التالي
العقوبات الأميركية على سوريا الجديدة وسبل إلغائها
—————————–
وماذا لو ألغى ترامب العقوبات على سوريا؟/ عمر قدور
الثلاثاء 2025/05/13
مساء يوم الأحد، كتب ترامب على حسابه عبر منصة “تروث سوشيال”، أنه سيعلن لاحقاً الخبر الأشدّ تأثيراً على الإطلاق. وحدهم بعض السوريين هم الذين راحوا يعبّرون على السوشيال ميديا عن تشوّقهم للقرار التاريخي المنتظَر، على اعتبار أنه قد يكون إعلاناً من ترامب عن لقائه الشرع أثناء زيارته المملكة العربية السعودية، أو إعلاناً منه يمهّد لذلك اللقاء المرتقب برفع العقوبات الأميركية على سوريا.
كما هو معلوم، يُنظر على نطاق واسع إلى لقاء ترامب بالشرع بوصفه نيلاً للشرعية من القوة الكبرى العظمى، بما تتضمنه من مزايا العلاقة الجيدة مع واشنطن، ولا تقل عنها تأثيراً المزايا المالية المنتظرة من دول الخليج. فمن المعلوم أيضاً أن تنفيذ الوعود الخليجية السخيّة تعيقه العقوبات الأميركية، مثلما تعيق المساعدات الأوروبية المأمولة، وهي أقل من الخليجية وليست بلا شروط حتى الآن. أما واشنطن في عهد ترامب فلا تُنتظر منها المساهمة مالياً، بل إن بعض برامج المساعدات المدعومة أميركياً قد توقّف بالفعل منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
إذاً، يكاد رفع العقوبات الأميركية أن يكون الحل السحري للضائقة المعيشية الموروثة من حكم الأسد، وقد تفاقمت لدى الشرائح الأفقر بعد سقوطه بسبب ارتفاع الأسعار مع بقاء دخل الموظفين محدوداً، أو حتى التأخر في دفع الرواتب. التصريحات الصادرة عن المسؤولين في دمشق تعزز هذا التصور. فقد قيل تارةً إن العقوبات تعرقل المضي في مشروع العدالة الانتقالية، وقيل تارةً أخرى إنها تؤثّر سلباً على ضبط الأمن في البلد، أي أن ملفات أساسية مثل العدالة والسلم الأهلي رُبطت بإزالة العقوبات، مع ما تعنيه هذه التصريحات في حقل المساومة السياسية.
ما هو مؤكد أن العقوبات الدولية، في معظم حالات فرضها، لم تؤدِّ الغرض المعلن، وكان تأثيرها الأكبر على الفئات الأضعف في البلدان التي استُهدفت أنظمتها بالعقوبات. واليوم، لأول مرة يلتقي معظم السوريين، من أنصار السلطة أو سواهم، على مطلب إنهاء العقوبات بسبب تأثيراتها على الجميع. لكن الظن بأن رفعها سيكون حلاً لمشاكل عديدة ومترابطة هو ظن ساذج. وترويجه إذا كان يخدم بروباغندا اعتبارها هي المشكلة، فسيصطدم بعد مدة بواقع أنها ليست المشكلة الوحيدة أو الأكبر، وليست إلا جزءاً من الحل إذا كان الحل الجذري مطلوباً.
لا شك في أن تدفق المساعدات الخليجية سيساعد على دفع الرواتب وما هو متأخر منها، وربما تنفيذ الوعود المتعلقة بزيادتها، ما ينعكس تنشيطاً للاقتصاد السوري بالمعنى الكلي. وكذلك سيكون حال المساعدات المتوقعة فيما يُسمى “التعافي المبكّر”، في حقول الطاقة والصحة والتعليم، فالإنفاق فيها سينعكس أيضاً على تنشيط الاقتصاد بمجمله، لأن لكل حقل منها متطلبات تكميلية تجعله مرتبطاً بالشبكة العامة.
النشاط المتوقع لن يمر بلا منغّصات، إذ من المتوقع في المقابل أن يرتفع معدل النمو، وأن يزداد التضخم الذي تدفع الفئات الأفقر ضريبته عادةً، لتعود المطالبة من جديد برفع الأجور والدوران في الحلقة ذاتها. ما يكسر الحلقة هو المضي في تحفيز الإنتاج الاقتصادي، وخلق فرص عمل حقيقية. لكن قبل الحديث عن الاستثمارات المأمولة من الضروري الانتباه إلى أن البلد سيبدأ رحلة التعافي من نقطة عجز تبلغ حوالى 500 مليار دولار، معظمها بسبب التدمير الكلي أو الجزئي، والقليل منها لتعويض الاهتراءات الناجمة عن التقادم في معظم الخدمات العامة.
تحتاج سوريا ضخ مليارات الدولارات سنوياً، لا أقل ربما من عشرة مليارات، وهو رقم ليس بالقليل، من أجل إعادة الإعمار، وأيضاً على سبيل الاستثمار الضروري كي لا يبقى الاقتصاد مرهوناً بالمساعدات إلى أجل بعيد. التعويل ولو جزئياً على الثروات الطبيعية فيه الكثير من المبالغة، لأن إنتاج النفط في أحسن الأحوال قد يحقق الاكتفاء الذاتي، أي أن الاهتمام ينبغي أن ينصرف إلى الاستثمار في مختلف القطاعات لتحقيق الاكتفاء فيها، ثم خلق فائض للمنافسة. مع التنويه بحاجة سوق العمل إلى مهارات قد لا تكون متوفرة بعد سنوات الحرب، فضلاً عن استقبال ملايين من اللاجئين في الجوار الذين لم يُتح لهم التأهيل الجيد، وهم سيضيفون عبئاً اقتصادياً على ما هو موجود حالياً.
ما سبق يبقى ضمن تصور إيجابي لسوريا موحَّدة آمنة. ومن دون بيئة فيها حد أدنى من الاستقرار والأمن، سيكون لامنطقياً توقّع وصول مساعدات ذات أثر يتعدى الإغاثة الإنسانية. بعبارة أخرى، يعود الربط الذي أتى ضمن تصريحات رسمية سورية، لكن معكوساً هذه المرة. فإذا صحّ ربط الأمن برفع العقوبات فهذا يستتبع تحقيقه من أجل جذب المساعدات والاستثمارات، وسيكون المطلوب تحقيقه بشفافية كافية تخرجه من سوق المساومات السياسية، أي يجب ألا يكون الأمن ورقة تستخدمها السلطة خارجياً، وإنما يجب أن يتحقق على نحو أكيد وموثوق لجهة استدامته؛ على الأقل يجب أن تكون الإجراءات جديرة بالثقة.
في الواقع، هناك ضخّ إعلامي، وتصريحات لمسؤولين، تضخّم من وجود الفلول. التضخيم الذي يخدم السلطة مؤقتاً، إذ يشدّ عصب مواليها والمترددين إزاءها، هو نفسه الذي لن يخدم طموحاتها الاقتصادية إذا أُخِذ ما يحكى عن الفلول على محمل الجد. أما إذا نُظر إليه كتضخيم متعمد فهذا سيشكك في مصداقية السلطة، والحال نفسه فيما يخص الكلام عن فصائل غير منضبطة، فتصديق الرواية يعني أن السلطة غير قادرة على ضبط الفصائل المعنية، وعدم تصديقها يؤدي إلى مسؤولية السلطة عن الظاهرة بما يزرع الشكوك حولها والتخوّف مما تضمره للمستقبل.
نضيف إلى ذلك، أن البلد محكوم بمرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات، أي أنه في حالة عدم يقين سياسي حتى انقضاء الفترة المحددة، ولا يغيّر من ذلك إعطاء وعود يُفهم منها تصرُّف الحكم كأنه باقٍ لأجل أبعد. عدم وضوح الأفق السياسي للبلد هو بمثابة نقطة إضافية من عدم الأمان، وأغلب الظن أن الأموال الوافدة إلى سوريا ستكون بمعظمها مساعدات دولية، لأن الرأسمال الخاص لن يغامر في حالة عدم يقين. وحتى التوجّه الذي أعلنه وزير الخارجية أسعد الشيباني إلى النموذج السنغافوري لا يملك الجاذبية، فهو ابن زمنه قبل ستة عقود، وخلطة الاستبداد مع الانفتاح الاقتصادي السنغافوريين غير قابلة للتكرار؛ ليس بعد ثورة من أجل الحرية.
باستخدام مجاز متداول؛ سوريا عالقة في عنق الزجاجة، والخلاص منه قد يعني العودة إلى الزجاجة بدل الخروج منها. العقوبات الأميركية ليست وحدها المشكلة أو الحل، ويمكن الاستئناس بالتشويق الذي صنعه ترامب مساء الأحد. إذ بعد إعلان نيته إصدار الخبر الأشد تأثيراً أعلن عن خفض أسعار الأدوية. وبينما ترقّب البعض إعلانه عن مفاجأة مرتبطة بالصين أو بأوكرانيا وروسيا، أتى الخبر والاهتمام متوجهين كلياً إلى الداخل. لعل ترامب، على علاته، يشير إلى الوجهة الصائبة دائماً.
المدن
——————————–
ما هو مشروع “مارشال السوري” الذي طلبه الشرع من ترامب؟/ محمد ياسين نجار
13/5/2025
تكتسب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مِنطقة الخليج، المقرّرة بين 13 و16 مايو/ أيار 2025، أهمّية استثنائية في ظلّ التحديات الجيوسياسية والاقتصادية المتفاقمة في الشرق الأوسط.
وبينما تتناول اللقاءات ملفات الاستثمار والطاقة والأمن الإقليمي والسلام، يبرز “مشروع مارشال السوري” كبند محتمل على جدول المباحثات، بوصفه رؤية إستراتيجية متكاملة لإعادة إعمار سوريا، وإعادة ضبط التوازن الإقليمي عبر التنمية لا النزاع.
ما هو مشروع مارشال الأميركي؟
هو برنامج اقتصادي ضخم أُطلق عام 1947 لإعادة إعمار أوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية. سُمّي المشروع باسم وزير الخارجية الأميركي آنذاك، جورج مارشال، وتم تقديمه رسميًا في 5 يونيو/حزيران 1947. بلغت قيمته 13 مليار دولار، وامتد تنفيذه من أبريل/نيسان 1948 حتى يونيو/ حزيران 1952.
خلال هذه الفترة، استعادت غالبية دول أوروبا الغربية عافيتها الاقتصادية، وأعادت بناء قدراتها الإنتاجية الصناعية والزراعية، وتمكنت خلال أربعة أعوام من تحقيق معدلات نمو عالية للناتج القومي الإجمالي تراوحت بين 15% و25%.
الغرب ومشروع مارشال السوري: شراكة إنمائية أم مقايضة سياسية؟
في سياق سياسي لافت، ذكر الرئيس السوري أحمد الشرع مشروع مارشال خلال زيارته الأخيرة إلى فرنسا، في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس إيمانويل ماكرون. وأعرب عن رغبته في تعزيز العلاقات مع الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، من خلال رؤية لإعادة إعمار سوريا على غرار خُطّة مارشال.
كما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن الشرع بعث برسائل إلى البيت الأبيض عبر وسطاء، يعرض فيها رؤيته لإعادة الإعمار، وطلب عقد اجتماع مع الرئيس الأميركي ترامب خلال زيارته المرتقبة إلى الخليج.
نجاح هذا المشروع مشروط بدعم غربي جادّ، ليس من أجل سوريا فحسب، بل من أجل إعادة هندسة توازنات الشرق الأوسط على أسس تنموية تشاركية، بديلًا عن التنافس العسكري التقليدي. كما أن الاتحاد الأوروبي يرى فيه وسيلة لاحتواء تداعيات ما بعد سقوط نظام الأسد، سواء من حيث موجات اللجوء، أو التهديدات الأمنية.
إحياء ميراث مارشال.. ولكن بصيغة سورية
يستعير المشروع اسمه من الخطة الأميركية، لكنه لا يكتفي بالمساعدات أو إعادة الإعمار التقليدي، بل يطرح تصورًا شاملًا لإعادة بناء الدولة السورية على أسس سياسية واقتصادية عادلة، من خلال:
تأسيس بنى مؤسساتية مدنية.
دعم العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية.
تنمية الاقتصاد الإنتاجي بعيدًا عن الرَّيعية.
إطلاق بنية تحتية تكنولوجية وسياحية فاعلة.
ويُقدّر الخبراء الاقتصاديون الكلفة الإجمالية للمشروع بأكثر من 250 مليار دولار، تمتد على ثلاث مراحل حتى عام 2035، بتمويل من دول الخليج، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى استثمارات خاصة.
رؤية اقتصادية عابرة للحدود: الخليج وأوروبا شريكان
لا يقتصر المشروع على الداخل السوري، بل يضع سوريا في قلب منظومة اقتصادية جديدة، تربط الخليج بتركيا، وأوروبا عبر الموانئ وخطوط الغاز والطاقة.
يتوقع أن يلعب الخليج دورًا مركزيًا في تمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة، وتحفيز القطاع الخاص الخليجي للدخول في شراكات طويلة الأمد.
ويرى خبراء أنّ هذا التكامل يمكن أن:
يقلص موجات الهجرة غير الشرعية.
يضعف من بيئات التطرف.
يفتح أسواقًا جديدة للاستثمار الخليجي والأوروبي.
يعيد تعريف سوريا كممر إستراتيجي للطاقة والتجارة.
وادي السيليكون وسياحة ما بعد الحرب
من أبرز ابتكارات المشروع، اقتراح إنشاء “وادي السيليكون السوري” في مدينة حلب، كمنطقة تكنولوجية حرة، تحتضن الشركات الناشئة والابتكار الرقمي، وتُشجّع على عودة الكفاءات السورية من المهجر.
كما يسعى المشروع إلى إحياء المواقع السياحية التاريخية في تدمر، حلب القديمة، دمشق، إدلب، وحماة، وربطها بسياحة دينية وثقافية تُدرّ دخلًا طويل الأمد وتعزز من الهوية الوطنية.
الحوكمة والشفافية: ضمانات النجاح
يرتكز نجاح المشروع على:
إنشاء هيئة رقابة مستقلة تخضع لبرلمان انتقالي سوري، وتنشر تقارير مالية ربع سنوية، وتخضع لتدقيق خارجي من شركات عالمية.
يُعد إشراك المجتمع المدني السوري عنصرًا حاسمًا في منع تسييس المشروع وتحويله إلى أداة نفوذ بيد أي طرف.
الاستفادة من الكفاءات السورية الاقتصادية والتقنية والإدارية، خاصة المغتربين الذين اطلعوا خلال الأعوام الماضية على معايير الجودة والتنفيذ للاستفادة منها وتجاوز السلبيات التي كانت تعترضهم.
سوريا جديدة: من ساحة صراع إلى محور استقرار
لا يهدف المشروع فقط إلى معالجة تداعيات ما بعد الأسد، بل إلى إعادة تشكيل الدولة السورية من خلال تعزيز اللامركزية الإدارية، ودعم الإنتاج المحلي، وربط سوريا بشبكات نقل وطاقة إقليميّة.
يرى مراقبون أن المشروع قد يوجّه اهتمام القوى الدولية نحو أدوات التنمية بدل القوة، إذا ما توافرت تسوية سياسية وتوافق إقليمي- دولي يمنح المشروع شرعيته.
هل هو مشروع واقعي أم رؤية مؤجلة؟
رغم الإشادة بجرأة الطرح، يرى بعض المحللين أن تعقيدات الواقع السوري وتضارب المصالح الدولية وغياب تسوية شاملة، تجعل المشروع حتى اللحظة إطارًا نظريًا في انتظار لحظة سياسية مناسبة.
لكن في المقابل، قد تمنح البراغماتية التي يتمتع بها الرئيس الشرع، إلى جانب الحاجة الخليجية والغربية للاستقرار والخروج من حالة الركود الاقتصادي، زخمًا حقيقيًا للمشروع إذا طُرح ضمن تفاهمات دولية أوسع.
خاتمة: سوريا ما بعد الحرب.. هل يمكن أن تكون قصة نهوض؟
في عالم عربي مثقل بالصراعات، وأمام قوى دولية تتردد بين التدخل والانسحاب، يقدّم “مشروع مارشال السوري” بصيص أمل ونموذجًا بديلًا، لا يقوم على تقاسم النفوذ، بل على شراكة تنموية حقيقية.
نجاح هذا المشروع يتوقّف على عاملين أساسيين: إرادة سياسية سورية صادقة منفتحة على الجميع، وشبكة إقليمية- دولية مسؤولة ترى في سوريا فرصة للتّعافي، لا ساحة للصراع المفتوح.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
وزير سابق في الحكومة المؤقتة التابعة لائتلاف المعارضة السورية
الجزيرة
——————————
الشرع – ترمب.. هل ستعيد 45 دقيقة سوريا إلى الخريطة الدولية؟/ عبد الناصر القادري
2025.05.13
بين أيار 2017 – وأيار 2025 المكان نفسه، والأشخاص تقريباً أنفسهم زعماء الخليج وعدد من الزعماء العرب والرئيس العائد بعد غيبة دونالد ترمب، وفي ظل ذلك تغيرت الظروف والأوضاع الجيوسياسية في منطقة تعيش لهيب حروب وتوترات واتفاقيات وصفقات، لم يعد للمخلوع بشار الأسد أي جدول أعمال أو ذكر أو معنى سوى أنه “مخلوع”، رغم أنه لولا عملية “ردع العدوان” كاد أن يناطح السحاب ليحضر واحدة من أهم القمم العربية الأميركية بحضور الرئيس العائد من ولايته الأولى دونالد ترمب.
الجديد أيضاً، هو مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع وإمكانية لقائه مع الرئيس ترامب بشكل منفرد أو على هامش لقاءات أخرى، لبحث ملف رفع العقوبات الأميركية عن سوريا أو تخفيفها كما تحدث ترمب قبل سفره إلى الرياض.
45 دقيقة.. ترمب والشرع
ونقلت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية، أن الرئيس الشرع سيزور السعودية يوم الأربعاء، بالتزامن مع زيارة الرئيس ترمب ومشاركته في قمة مجلس التعاون الخليجي مع الولايات المتحدة.
ومن المقرر أن الرياض تعمل على ترتيب لقاء لمدة 45 دقيقة بين ترمب والشرع على هامش القمة، بحسب الصحيفة.
ووفق المصادر، فإن ترمب أبدى موافقة مبدئية على “منح الشرع وقتاً للاستماع”، بينما لم تؤكد واشنطن رسمياً عقد الاجتماع بعد.
وفي سياق متصل، كشفت شبكة “فوكس نيوز” أن جولة الرئيس ترمب في الشرق الأوسط قد تحمل معها تحولاً استراتيجياً في العلاقة بين واشنطن ودمشق، حيث تبرز سوريا كفرصة محتملة لإعادة تشكيل النفوذ الأميركي في المنطقة.
ووفقاً للشبكة، يُطرح اسم الشرع كشريك غير متوقع لترمب في مساعٍ دبلوماسية قد تمنحه انتصاراً سياسياً مهماً.
ونقلت الشبكة عن مصادر أن الشرع يرى في ترمب الزعيم القادر على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، في حين أبدى ترمب انفتاحه على فكرة رفع العقوبات عن سوريا وتجديد العلاقات الثنائية.
من جهتها، أكدت مصادر في الخارجية السورية أن دمشق تسعى لعلاقة استراتيجية مع واشنطن تقوم على المصالح المشتركة، وتشمل تعاوناً استخبارياً واقتصادياً واسع النطاق، إلى جانب تسهيلات محتملة لدخول الشركات الأميركية إلى السوق السوري.
كما تحدثت تقارير عن جهود تُبذل لعقد لقاء بين ترمب والشرع خلال زيارته إلى الخليج هذا الأسبوع، في خطوة وُصفت بأنها قد تعيد سوريا إلى الساحة الدولية بعد أكثر من 14 عاماً من العزلة والحرب.
لحظة مفصلية
واعتبرت باحثة أميركية أن هذه الفرصة قد تمثل لحظة مفصلية في علاقات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، مشيرة إلى أن سوريا باتت في موقف مغاير لطهران لأول مرة منذ سنوات، ما قد يفتح المجال أمام تحالفات جديدة وتغييرات إقليمية جذرية.
ويوم الإثنين، كشفت صحيفة “التايمز” البريطانية، أنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأميركي بنظيره السوري، خلال زيارته إلى السعودية.
وأوضحت الصحيفة أنه من المقرر أن يلتقي الشرع بترمب ضمن مجموعة تضم الرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس اللبناني جوزيف عون.
وتابعت أن اللقاء سيكون فرصة ليضغط الرئيس السوري من أجل رفع العقوبات الأميركية المفروضة على بلاده.
وأبرزت أن هذا الضغط قد يقابله تقديم “عدة تنازلات، بما في ذلك إتاحة الفرصة للشركات الأميركية لاستغلال الموارد الطبيعية في صفقة معادن على غرار ما حدث في أوكرانيا”.
وتكافح سوريا لتخفيف العقوبات الأميركية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعباً للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عاماً قادها بشار الأسد ضد السوريين الثائرين عليه، ثم تحول الملف السوري إلى التدويل وصراعات إقليمية ما زالت آثارها إلى اليوم.
وفي إشارة إلى تحول محتمل في سياسة واشنطن، قال ترمب، الإثنين، إنه قد يخفف العقوبات الأميركية، مضيفاً “سيتعين علينا اتخاذ قرار بشأن العقوبات.. قد نرفعها عن سوريا، لأننا نريد أن نمنحها بداية جديدة”.
وأفادت “التايمز”، نقلاً عن مصادر أمنية، بأن الشرع قد يعرض أيضاً “إجراء محادثات بشأن الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية”.
وأكملت: “قد يكون (الشرع) مستعداً لإنشاء منطقة منزوعة السلاح أو السماح لإسرائيل بالاحتفاظ بوجود أمني في جنوب غربي سوريا، حيث أنشأت القوات الإسرائيلية منطقة عازلة بجوار مرتفعات الجولان، وهي منطقة احتلتها عام 1967”.
سبق أن اعترفت إدارة ترامب في عام 2019 بهذه المنطقة، التي احتلتها إسرائيل خلال حرب عام 1967، كأراضي إسرائيلية وهو ما رفضه غالبية المجتمع الدولي.
ومع ذلك، يبدو أن هناك انقساماً بين كبار مستشاري ترامب حول جدوى اللقاء مع الشرع.
وتُعتبر مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، من بين أولئك الذين يُفهم أنهم ما زالوا حذرين بشأن اللقاء، وقد يحاولون منعه، حسب المصدر ذاته.
في المقابل، يُعتقد أن آخرين، بمن فيهم المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، أكثر تأييداً لعقد هذا اللقاء، لأنهم يدركون مدى استعداد ترمب للاستغناء عن البروتوكول والتقاليد لإبرام الصفقات، وفق الصحيفة.
برج ترمب في سوريا
نقلت وكالة رويترز عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الرئيس السوري أحمد الشرع يريد صفقة تجارية لبلاده تشمل بناء برج يحمل اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في دمشق.
وقالت المصادر إن الصفقة تشمل أيضا منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى موارد النفط والغاز في سوريا، وتهدئة التوترات مع إسرائيل، والتعاون ضد إيران.
وأضافت أن هذه العناصر جزء من “إستراتيجية” يعتمدها الرئيس السوري للقاء الرئيس الأميركي خلال جولته في الخليج، والتي تشمل السعودية وقطر الإمارات بداية من غد الثلاثاء.
ووفقا لرويترز، يحاول جوناثان باس -وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب التقى مع الشرع في 30 أبريل/نيسان الماضي لمدة 4 ساعات بدمشق- إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية ترتيب لقاء تاريخي -وإن كان مستبعدا للغاية- بين الرئيسين الأميركي والسوري هذا الأسبوع على هامش جولة ترامب في المنطقة.
ونقلت الوكالة عن باس قوله “لقد أخبرني (الشرع) أنه يريد بناء برج ترامب في دمشق، يريد السلام مع جيرانه، ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل”.
وقالت إن باس يأمل أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الإدارة الأميركية تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الرئيس الشرع يريد صفقة تجارية لبلاده تشمل بناء برج يحمل اسم الرئيس ترمب في دمشق.
وقالت المصادر إن الصفقة تشمل أيضاً منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى موارد النفط والغاز في سوريا، وتهدئة التوترات مع إسرائيل، والتعاون ضد إيران.
وأضافت أن هذه العناصر جزء من “إستراتيجية” يعتمدها الرئيس السوري للقاء الرئيس الأميركي خلال جولته في الخليج.
ووفقاً لرويترز، يحاول جوناثان باس -وهو ناشط أميركي مؤيد لترامب التقى مع الشرع في 30 نيسان الماضي لمدة 4 ساعات بدمشق- إلى جانب ناشطين سوريين ودول خليجية ترتيب لقاء تاريخي -وإن كان مستبعدا للغاية- بين الرئيسين الأميركي والسوري على هامش جولة ترامب في المنطقة.
ونقلت الوكالة عن باس قوله “لقد أخبرني (الشرع) أنه يريد بناء برج ترمب في دمشق، يريد السلام مع جيرانه، ما قاله لي جيد للمنطقة ولإسرائيل”.
وقالت إن باس يأمل أن يساعد اجتماع ترامب مع الشرع في تخفيف موقف الإدارة الأميركية تجاه دمشق وتهدئة التوتر المتصاعد بين سوريا وإسرائيل.
بين قمتين
بعد قمم 2017 التي حضرها ترمب، عاشت المنطقة العربية حالة من التوتر العربي والإقليمي بشكل واسع، وشهدت عمليات تهجير قسرية في سوريا، صحيح لم تشهد حروباً تقليدية كما يفتخر ترمب دوماً، إلا أنها لم تكن فترات حكمه سهلة أبداً على شعوب “الشرق الأوسط”.
غاب ترمب عن المشهد السياسي المباشر، إلا أنه بقي حاضراً بتأثير سياساته على المنطقة خلال فترة الرئاسية المشاغبة، والتي حملت روحاً سياسية مختلفة من ناحية التعاطي والسياسات والراديكالية في القرارات.
خلال زيارة ترمب للسعودية في أيار 2017، عُقدت ثلاث قمم (سعودية-أميركية، خليجية-أميركية، وعربية إسلامية-أميركية) أسفرت عن نتائج استراتيجية أبرزها توقيع صفقات واتفاقيات بقيمة 460 مليار دولار، وتعزيز الشراكة الاقتصادية والدفاعية بين واشنطن والرياض، وتأسيس مركز لمكافحة تمويل الإرهاب.
كما أكدت القمم على عزل إيران، والتعاون لإنهاء أزمات المنطقة، خاصة في سوريا واليمن، مع دعوة عربية إسلامية لتولي زمام المبادرة في مواجهة التطرف، وبدء فصل جديد من الشراكة مع الولايات المتحدة.
مرت سوريا يومها على هامش الهامش في القمم العربية الأميركية، رغم أن ترمب نفسه كان قد أصدر قراراً قبل أقل من شهر (7 نيسان 2017) بتنفيذ هجمات على مطار الشعيرات بحمص التابع للنظام المخلوع الذي شن هجوماً بالسلاح الكيماوي على المدنيين في خان شيخون بريف إدلب ما أدى إلى مقتل 100 شخص وإصابة 450 آخرين.
تحليلات كثيرة تشير إلى أن وضع سوريا تغير، ولم تعد على هامش الاهتمام الأميركي، لدرجة أن الرئيس نفسه قد تحدث عنها، والجيمع يسأله عنه، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سأله عن العقوبات وآخرين كثر (لم يحددهم)، لكن يرجح أنها دول الخليج (السعودية وقطر والإمارات)، ما يعني أن ترمب سيكون أكثر اهتماماً بسوريا في المرحلة الراهنة، خصوصاً في ظل المعطيات التي أوردتها تسريبات الصحف الغربية.
الجديد ربما أن سوريا اليوم ليست على هامش القمة التي سيخيم عليها اتفاقيات اقتصادية ومواضيع مهمة لها صلة بإيران وإسرائيل وعدوانها على غزة ولبنان وحتى اليمن والعراق، ولكن سوريا هي المحطة المهمة.
في قمة الرياض 2025، قد يُحدث دونالد ترمب تحولاً جوهرياً في الملف السوري، بخلاف ما جرى في قمة 2017 التي كانت سوريا فيها “خارج الصورة” سياسياً.
هذه المرة، يقترب الملف السوري من قلب النقاش السياسي الإقليمي، وهناك احتمالات حقيقية لأن يشكّل اللقاء المرتقب بين ترمب وأحمد الشرع نقطة انعطاف في العلاقة الأميركية-السورية، وفي موقع سوريا من النظام الإقليمي الجديد.
ما الذي قد يغيره ترمب في هذه القمة بالنسبة لسوريا والشرع؟
لقاء قد يعيد سوريا إلى الخريطة الدبلوماسية، وربما يكون أول اعتراف سياسي مباشر من واشنطن بشرعية القيادة الجديدة في دمشق، كما من الممكن أن يرسل إشارة دولية أن سوريا لم تعد “منبوذة” أو مجرد ورقة تفاوضية، بل شريك محتمل في ترتيبات الشرق الأوسط القادمة.
ترمب ألمح صراحة إلى إمكانية رفع أو تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، وهو تحول كبير عن السياسات السابقة، خاصة “قانون قيصر”.
الشرع سيضغط باتجاه هذا الهدف مقابل تنازلات تشمل فتح الاقتصاد أمام الاستثمارات الأميركية وفتح مجال التفاوض أمنياً مع الاحتلال الإسرائيلي.
الحديث عن “برج ترمب” في دمشق ليس مجرد دعاية، بل إشارة إلى إمكانية دمج سوريا في المنظومة الاقتصادية الخليجية–الأميركية، وربط التعافي الاقتصادي السوري باستثمارات سياسية وتجارية.
سوريا في عهد الشرع أعلنت ابتعاداً عن إيران، واقتربت أكثر من تركيا والعرب حلفاء الولايات المتحدة تقليدياً، وهو انخراط أوسع بالنسبة لسوريا في النظام العربي الجديد والتحالفات الأمنية–الاقتصادية التي تقودها السعودية وقطر وبدعم أميركي.
قد يكون احتمال الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية أو القبول بتفاهمات مع إسرائيل مجرد تسريبات إعلامية تحمل تهويلاً (مثل مناطق منزوعة السلاح أو تعاون أمني بجنوب سوريا)، إلا أنه أمر وارد الحدوث في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
كما تعرض دمشق تعاوناً استخباراتياً مع واشنطن، ما قد يفتح باباً لتعاون في مكافحة الإرهاب وتثبيت النفوذ الأميركي في مناطق كانت خاضعة للنفوذ الإيراني أو الروسي.
تلفزيون سوريا
———————————-
واشنطن تمدد “حالة الطوارئ الوطنية”.. أي رسالة للحكومة السورية؟/ محمد كساح
11 مايو 2025
بين من يرى أن تمديد واشنطن لحالة الطوارئ الوطنية، المفروضة على سوريا، مجرد إجراء روتيني، ومن يقول إنها رسالة واضحة لحكومة دمشق بأن جوهر الأزمة لم يحل، تسود حالة من الضبابية حول الموقف الأميركي إزاء الملف السوري.
وأعلن البيت الأبيض عن تمديد حالة “الطوارئ الوطنية” المفروضة على سوريا لمدة عام إضافي. وجاء في نصّ التجديد أن “استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة في الأمر التنفيذي رقم 13338 أمرٌ ضروري” لأن “افتقار سوريا لبنى الحكم التنظيمية وضعف قدرتها على ضبط الأسلحة الكيميائية، ومكافحة المنظمات الإرهابية، لا يزال يشكل تهديدًا استثنائيًا وغير اعتيادي لأمن الولايات المتحدة وسياستها الخارجية واقتصادها”.
وفي تصريحات متزامنة مع تجديد حالة الطوارئ، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، للصحافيين في معرض إجابتها حول سؤال متعلق بتخفيف العقوبات الأميركية على سوريا في المدى المنظور: “لا أستطيع قول ذلك على الإطلاق. الأمور تبدو في تغير مستمر، ننتظر استجابة مناسبة للمطالب التي عرضتها عليكم مرارًا هنا”.
وأضافت أن الوضع في سوريا “تحت المراقبة الدائمة والعمل المستمر، ونتعامل مع كل تطور بجدية، سواء كان تراجعًا، وهو أمر لا ندعمه كما ذكرت، أو كان مؤشرًا على تحرك في اتجاه نؤيده”.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، فرضت حالة الطوارئ على سوريا بموجب “قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان” لعام 2003، وقانون “الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية”.
إجراء روتيني
ويوضح السياسي السوري المقيم في الولايات المتحدة، أيمن عبد النور، أن “التجديد مجرد إجراء روتيني”، مضيفًا، في حديث لـ”الترا سوريا”، أن مدة حالة الطوارئ الوطنية سنة كاملة، يتم تجديدها بشكل شبه أوتوماتيكي في نفس اليوم سنويًا وهو الثامن من أيار/مايو، إذا لم يكن هناك متغيرات جدية لوقف التجديد.
ويتابع: “لكي لا تجدد حالة الطوارئ يجب أن يتم توقيع القانونيين الأميركيين على وثيقة تؤكد رفع المسببات التي تم الاستناد إليها لفرض هذا القرار الذي يمدد منذ سنوات، وطالما أنه لا جديد يخص هذه المسببات، حتى مع تبدل النظام السابق ووصول السلطة الجديدة، فإن القانون سيجدد”.
ويلاحظ عبد النور أن الحكومة السورية لم تحقق سوى جزءًا بسيطًا من البنود الأميركية الثمانية، وبالتالي فإن السائد حاليًا هو بقاء كل شيء على ما هو عليه، لكن لا يجب تضخيم تجديد حالة الطوارئ كونها إجراء شبه روتيني ولن ينعكس سلبًا على أي تفاهمات أو اتفاقات لاحقة.
ويضيف أنه في حال بادرت الحكومة السورية إلى تنفيذ المطالب الأميركية قبل نهاية حزيران/يونيو، فحينها سوف يتم تمديد رخصة الاستثناءات المتعلقة بالعقوبات على سوريا لمدة عام أو عامين، وذلك في الرابع من تموز/يوليو القادم مع إضافة بنود جديدة لا تقل عن ثلاثة بنود، بشكل مؤكد، لكن بشرط تنفيذ الشروط كاملة.
رسالة واضحة لدمشق
وحسب مراقبين، يحمل قرار تجديد حالة الطوارئ الوطنية الأميركية بشأن سوريا رسالة واضحة مفادها أنّ الولايات المتحدة لا تزال تعتبر أنّ جوهر الأزمة السورية لم يُحلّ، بغض النظر عن سقوط نظام الأسد وصعود سلطة انتقالية جديدة.
ويرى الكاتب والباحث الأكاديمي، مالك الحافظ، أن الفقرة الأساسية في القرار تقول بوضوح إنّ المشكلة ليست فقط في الأفراد بل في بنى الحكم الضعيفة، وفشل ضبط الأسلحة الكيميائية، والقدرة على مواجهة الإرهاب، مؤكدًا أن “هذا يعني أنّ واشنطن ترى أنّ السلطة الانتقالية حتى اللحظة لم تُقدّم مؤشرات حقيقية أو ملموسة تختلف نوعيًا عن المشكلات السابقة، بل قد تعتبرها استمرارًا لحالة من الهشاشة والانقسامات الخطرة”.
وبناء على ما سبق لا يُمكن قراءة القرار بوصفه تمسكًا ميكانيكيًا بالعقوبات لمجرد الرغبة بالعقاب، بل هو تمسك مشروط بأدوات الضغط، بانتظار خطوات حقيقية من الجانب السوري لإثبات اختلاف المرحلة.
ويشير الحافظ في حديثه لـ”الترا سوريا” إلى أن “العقوبات ستبقى، لا لأنّ واشنطن تريد ذلك في حدّ ذاته، بل لأنّها ترى أنّ البديل الانتقالي لم يبرهن بعد على استحقاق رفعها، سواء في ملف السلاح، أو في ضمان الأمن الداخلي، أو في تقديم بنية حكم قابلة للاستدامة”.
ومن جهة أخرى، جاء التجديد لحالة الطوارئ بالتزامن مع انفتاح أوروبي محدود تجاه السلطة الانتقالية السورية، ما يستدعي علامات استفهام حول المغزى والتوقيت، ويرى الحافظ أن الانفتاح الأوروبي “لا يعكس بالضرورة موقفًا أميركيًا مماثلًا”.
ويضيف بأن السياسة الخارجية الأميركية أكثر تحفظًا في منح الاعترافات والشرعيات، خصوصًا حين يتعلق الأمر بملفات معقدة كملف سوريا، الذي ينطوي على أبعاد أمنية، عسكرية، وتحالفية شديدة الحساسية، بينما تميل أوروبا، بحكم موقعها الجغرافي وقلقها من موجات اللجوء ومن تمدد الفوضى الإقليمية، إلى اتخاذ خطوات براغماتية في الانفتاح، لكن واشنطن لا تزال ترى أنّ الانفتاح يجب أن يُبنى على اختبارات صارمة، منها ضمانات أمنية حقيقية لإسرائيل.
ومن هذا المنطلق، لن يتجه مستقبل العلاقة بين دمشق وواشنطن بسرعة نحو التطبيع أو الاعتراف، بل سيبقى مرهونًا بتحقق شروط ملموسة. ويوضح الحافظ أن هذا “الأمر ليس مرتبطًا فقط بمزاج الإدارة الأميركية، بل بنظرتها إلى توازن القوى الإقليمية، وتصوراتها حول دور سوريا المستقبلي”.
صفقة غير ناجزة
الحديث عن تجديد حالة الطوارئ يقود إلى السؤال التالي: هل عدم الاعتراف الأميركي بالعهد الجديد مرتبط فعلًا بتحقيق المطالب الأميركية المعلنة، أم بصفقة ما تتم خلف الكواليس ربما ترتبط بملف العلاقات السورية مع تل أبيب؟
وفي معرض الإجابة على هذا الاستفسار، يقول مالك الحافظ إن “واشنطن تضع شروطًا واضحة في بياناتها الرسمية، لكنها أيضًا تتعامل ببراغماتية شديدة خلف الكواليس”، موضحًا أن “علاقة السلطة السورية الجديدة بإسرائيل ستكون بلا شك في صلب الحسابات الأميركية، خصوصًا في ظل التحولات الإقليمية الكبرى التي نشهدها، مثل تقارب إسرائيل مع دول الخليج”.
ويتابع: “الإدارة الأميركية تراقب بدقة كل ما يدور في قنوات الاتصال غير الرسمية، سواء عبر وسطاء إقليميين مثل الأردن وتركيا، أو عبر مسارات أمنية غير معلنة. لكنها حتى الآن لا ترى في السلطة الانتقالية طرفًا موثوقًا أو ناضجًا بما يكفي لعقد صفقة واضحة المعالم. هناك دائمًا فرضية تحريك ملف العلاقة السورية ـ الإسرائيلية كـ”عملة” سياسية، لكنها في هذه اللحظة ما تزال بعيدة عن أن تصبح صفقة ناجزة”.
الترا سوريا
———————————
=========================