فوضى دمج المناطق السورية/ عبسي سميسم

11 مايو 2025
لا تزال الحكومة السورية، منذ إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تُعاني من مسألة دمج المناطق التي تسيطر عليها حتى الآن ضمن نظام إداري وأمني وعسكري متجانس. واعتمدت الحكومة تعميم تجربة إدلب على باقي المناطق السورية، ما أدى إلى اصطدام هذا التعميم بالكثير من العقبات على جميع المستويات، التي حاولت تجاوزها بإجراءات أخذ بعضها طابعاً ارتجالياً، رغم تشكيل الإدارة الجديدة حكومةً انتقاليةً أقرب لحكومة التكنوقراط. إلا أن تلك الحكومة بدأت تظهر في بعض أدائها كواجهة لمجموعة من المتحكمين من الكتلة الصلبة لـ”هيئة تحرير الشام” سابقاً، خصوصاً أولئك الذين كانوا يديرون ملفات أيام حكومة الإنقاذ في إدلب، والذين أدى استمرارهم في إدارتها على مستوى سورية بعد تحرير البلاد إلى مخالفات قانونية ودستورية، كأن يؤدي استمرار وزير “من الكتلة الصلبة للهيئة” بمتابعة ملف ما كان مسؤولاً عنه في إدلب إلى تعدّيه على اختصاصات وزراء آخرين من حكومة التكنوقراط.
على المستوى الإداري، دفع الاختلاف في مناهج التعليم والنظم الإدارية بين المناطق السورية، على سبيل المثال، إلى إعطاء وزير التربية صلاحيات واسعة لمديري التربية في المحافظات لحل هذه الإشكالات. إلا أن هذا الإجراء حوّل مديريات التربية إلى مؤسسات متباينة بعضها عن بعض، سواء لناحية النظم المتبعة وحتى لناحية الرواتب التي لا تزال في مديرية تربية إدلب تساوي أكثر من خمسة أضعافها في مديريات التربية في مناطق سيطرة النظام السابق، وضعف الرواتب في مديرية التربية في مناطق سيطرة الجيش الوطني السابق. هذا الأمر من شأنه أن يخلق إرباكاً كبيراً لدى تلك المديريات وموظفيها، خصوصاً في القضايا المتعلقة بانتقالات الموظفين بين المحافظات والعلاقات الإدارية فيما بينها.
كما أدى انتقال عدد من موظفي حكومة الإنقاذ في إدلب إلى دمشق وبعض المحافظات الأخرى إلى ظهور طبقة من الموظفين ضمن مؤسسات الدولة برواتب متباينة بعدة أضعاف عن رواتب أقرانهم في المؤسسات نفسها.
على المستوى الأمني، لا يزال هناك اختلاف واضح في التعاطي مع هذا الموضوع بين المحافظات، سواء لناحية التركيبة الأمنية أو لناحية تدخّل وزارة الدفاع في الموضوع الأمني في بعض المحافظات. ولا تزال وزارة الدفاع تتدخّل أمنياً في بعض المحافظات مثل اللاذقية وطرطوس، فيما يغلب الطابع الأمني على عناصر الأمن العام في باقي المحافظات مع اختلافات في تدخّل جهات أمنية أخرى لا تتبع لوزارة الداخلية مثل لجان شعبية تقوم بضبط الأمن مثل بعض مناطق ريف دمشق ومحافظة السويداء. هذا التباين في إدارة مختلف المناطق السورية من شأنه أن يخلق حالة من الفوضى الإدارية ما لم تتخذ الحكومة إجراءات جدية لإدارة كل المناطق السورية بالتساوي.
العربي الجديد