سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا  تحديث 13 أيار 2025

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع

—————————–

 «العمال الكردستاني» يتجه لحل نفسه بعد دعوة أوجلان التاريخية.. ما الخطوات المرتقبة التي ستنهي صراعاً دام 47 عاماً مع الدولة التركية؟

عربي بوست

تم النشر: 2025/05/10

بعد شهرين من توجيه زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان “دعوتَه التاريخية”، عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره الخاص معلناً أنه اتخذ “قرارات تاريخية” في إطار حل نفسه ونزع سلاحه، في خطوةٍ تنهي 47 عاماً من الصراع مع تركيا.

وذكرت وكالة فرات للأنباء المرتبطة بحزب العمال الكردستاني أن المنظمة الكردية عقدت مؤتمراً ما بين 5 و7 مايو/أيار 2025، واتخذت “قرارات تاريخية” تصب في منحى حل نفسها.

وأشارت إلى أنه “سيتم مشاركة المعلومات المفصلة بشأن القرارات المتخذة إلى الرأي العام في أقرب وقت ممكن”.

وتأخر الإعلان عن نتائج المؤتمر بسبب وفاة النائب عن حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، سري سُريا أوندر (62 عاماً)، السبت الماضي، وهو أحد مهندسي الحوار بين أنقرة والحزب.

توقعات بالإعلان قريباً

وقالت المتحدثة باسم حزب المساواة والديمقراطية الكردي “DEM” عائشة غول دوغان إن “حزب العمال الكردستاني قد يعلن عن نتائج مؤتمره في أي لحظة، نحن ننتظر أيضاً هذه الخطوة التاريخية”.

وأضافت دوغان: “نأمل أن تتحول هذه الفرصة إلى سلام دائم من خلال الحوار، مع وضع أسس سياسية وقانونية متبادلة”.

وخلال اجتماع عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع وزراء ونواب حزبه في مقر حزب العدالة والتنمية في 8 مايو/أيار، قال أردوغان: “لقد تغلبنا على كافة العقبات، وسيلقي حزب العمال الكردستاني سلاحه اليوم أو غداً، وسيتم حل المنظمة، وبعد ذلك سيبدأ عصر جديد لنا جميعاً”.

فيما يتوقع مسؤولو حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم أن يعلن حزب العمال الكردستاني، بداية الأسبوع المقبل، بحسب شبكة “بي بي سي” بالنسخة التركية، فيما ذكرت مصادر لصحيفة “حرييت” أنه من المتوقع أن يصدر الإعلان اليوم.

وكان أوجلان قد وجّه في 28 فبراير/شباط 2025 “دعوة تاريخية” إلى منظمته التي تتهمها تركيا بـ”الإرهاب”، بالاستسلام وإلقاء السلاح، وحملت رسالته عنوان “دعوة للسلام والمجتمع الديمقراطي”.

أوجلان في رسالته مخاطباً العمال الكردستاني: “اعقدوا مؤتمركم واتخذوا القرارات اللازمة للاندماج مع الدولة والمجتمع؛ يجب على جميع المجموعات إلقاء سلاحها، ويجب على التنظيم حل نفسه”.

وفي خطوة غير متوقعة في أكتوبر/تشرين الأول 2024، فاجأ زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي الجميع بمصافحته نواب حزب المساواة والديمقراطية الكردي “DEM”، موجهاً دعوة إلى أوجلان بالحضور إلى البرلمان، وداعياً منظمة العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح، مقابل الاستفادة من “حق الأمل” أي العفو عنه.

وفي الوقت الذي سقطت هذه الدعوة مثل “القنبلة” على الأجندة السياسية التركية، لاسيما من زعيم تركي عارض دائماً وبشدة التفاوض مع المنظمة الكردية، بدأت المفاوضات مع حزب “DEM” بدعم من أردوغان، الذي علّق قائلاً: “لا مكان للإرهاب وجانبه المظلم في مستقبل تركيا، نريد أن نبني تركيا خالية من الإرهاب والعنف معاً، ولا ينبغي التضحية بنافذة الفرصة التاريخية من أجل بعض الحسابات”.

كيف استقبلت الحكومة التركية خطوة حزب العمال الكردستاني؟

وفي تعليقه على عقد المؤتمر، قال كبير مستشاري الرئيس التركي لشؤون الخارجية والأمن عاكف شغتاي كيليش إنهم يراقبون العملية الجارية، وقبل كل شيء يجب التخلي عن الأسلحة بكافة أشكالها.

وأضاف لشبكة “سي أن أن” التركية أنه يجب السير في الطريق الذي أعلنه الرئيس أردوغان بـ”تركيا خالية من الإرهاب”، وستكون هناك فترات صعبة في بعض الأحيان، ولكن ما يتوقعه الجميع هو ألا يبقى أي تهديد إرهابي في البلاد.

ولا يرى قادة حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية” أن إعلان قرار الحل كافٍ، والاتجاه السائد هو مراقبة موقف المنظمة الكردية بعد الحل من أجل اتخاذ خطوات التحول الديمقراطي الشامل.

وفي تصريحات لقناة 24 التركية، علّق وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره قائلاً: “يبدو أننا سنظل في حالة ترقّب لبعض الوقت، في انتظار أن نسمع ردّ التنظيم على هذه الدعوة التاريخية”.

وشدّد فيدان على أن الجميع يرغب في التحلي بالتفاؤل بهذا الشأن، مشيراً إلى أن الأرضية التي كان يستند إليها الإرهاب في تركيا قد زالت منذ وقت طويل، غير أن التنظيم لا يزال يجد لنفسه موطئ قدم في الدول المجاورة التي تعاني من استمرار حالة عدم الاستقرار.

وحول سيناريوهات إلقاء “بي كي كي” السلاح، قال فيدان: “على الجميع أن يعمل من أجل بناء أرضية لا وجود فيها للسلاح، تنتهي فيها حالة اللاشرعية، ويتمكن الناس من ممارسة عملهم السياسي بطرق حضارية وضمن الأطر القانونية”.

وأكد على ضرورة تفكيك التنظيمات غير القانونية والبنى الاستخباراتية غير الشرعية، مشدداً في الوقت ذاته على أن تركيا متأهبة للاحتمالات الأخرى في حال لم يُلقِ التنظيم الكردي سلاحه.

وأوضح أنه في حال تم تفكيك منظمة العمال الكردستاني وألقت السلاح “لن تُسفك المزيد من الدماء، ولن تبقى الوحدة المجتمعية مهددة باستمرار، بل سيتم التمهيد لنظام إقليمي أكثر تقدماً”.

ورداً على سؤال حول وجود “بي كي كي” في سوريا والمسار الذي قد يتخذه تنظيم “واي بي جي” في هذه المرحلة، قال فيدان إنه في حال قرر “بي كي كي” حلّ نفسه والتخلي عن السلاح “فسنرى جميعاً بمرور الوقت كيف سينعكس هذا القرار على أذرعه في سوريا والعراق”.

ما هي الخطوة التي ستتبع إعلان حزب العمال الكردستاني حلَّ نفسه؟

وفي بيان أصدره بعد انتهاء مؤتمر حزب العمال الكردستاني، أشار حزب المساواة والديمقراطية إلى الترتيبات التي سيتم اتخاذها في البرلمان التركي.

وأكدت القيادية بالحزب بيرفين بولدان أن “الجزء الأصعب قد انتهى” مع عقد حزب العمال الكردستاني مؤتمره، وقالت: “الآن، بالطبع، حان الوقت لاتخاذ خطوات نحو الديمقراطية، نحن نؤمن إيماناً راسخاً بأن السلام سيحل في تركيا”.

وخلال اجتماعه مع وزير العدل يلماز تونج، في 24 أبريل/نيسان 2025، نقل حزب المساواة والديمقراطية وجهات نظره بشأن الخطوات التي ينبغي للسلطتين التشريعية والتنفيذية اتخاذها من أجل التقدم السليم للعملية وتحقيق الديمقراطية.

كما أنه من المقرر أن يجتمع المجلس التنفيذي لحزب المساواة والديمقراطية، الإثنين 12 مايو/أيار 2025، لمناقشة وإعلان توصياته بشأن الخطوات التي يجب أن تتخذها السلطات التركية، بالإضافة إلى خارطة الطريق لهذه العملية.

وتتضمن مقترحات حزب المساواة والديمقراطية:

    تحسين ظروف سجن زعيم حزب العمال الكردستاني أوجلان، وتوسيع مجالات تواصله، والسماح بلقائه الصحفيين والأكاديميين وممثلي الأحزاب السياسية، ومنحه الحق في استخدام الهاتف.

    اتخاذ خطوات لتوفير الضمانة التركية للعملية القانونية التي تصفها الحكومة بـ”تركيا بلا إرهاب”.

    وضع الترتيبات القانونية لتسهيل إطلاق سراح المعتقلين المرضى.

    تنفيذ قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والمحكمة الدستورية بشأن “السجناء السياسيين”، وخاصة صلاح الدين دميرتاش.

ووفقاً لصحيفة “حرييت” التركية وشبكة “بي بي سي” النسخة التركية، فإنه بعد إعلان قرار الحل:

    يدخل “بروتوكول تسليم الأسلحة”، و”وضع أعضاء المنظمة الذين ألقوا أسلحتهم” قيد التنفيذ.

    تقول مصادر في حزب العدالة والتنمية إن دراسات “فنية” تجري حالياً من الوحدات المختصة بالدولة بشأن قضية نزع سلاح المنظمة.

    من المتوقع أن يُطرح تشريع جديد في البرلمان التركي من أجل العفو عن أعضاء المنظمة غير المتورطين في الجرائم.

    من المتوقع أن يتم نقل قادة حزب العمال الكردستاني إلى دولة ثالثة، وعدم عودتهم إلى تركيا.

    يطالب حزب المساواة والديمقراطية الكردي بتغيير ظروف اعتقال أوجلان في جزيرة إمرالي في بحر مرمرة، وإطلاق سراحه بموجب قانون “الحق في الأمل”.

    ومن المتوقع أن تُدرج على جدول الأعمال في البرلمان التركي القواعد المتعلقة بتطبيق معدلات “الإعدام المتساوي” على جميع أنواع الجرائم، وذلك اعتماداً على المناخ الذي سينشأ بعد قرار حل المنظمة.

    ولا يفكر حزب العدالة والتنمية في اتخاذ أي خطوات بشأن قانون تعيين أمناء البلديات في الوقت الراهن، ولكن في أعقاب قرار حل حزب العمال الكردستاني، سيتم إيقاف تعيين الأوصياء، مع إمكانية إعادة تعيين بعض رؤساء البلديات إذا لم تكن لديهم أي جرائم أخرى.

أبرز محطات الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني خلال 47 عاماً

    تأسس حزب العمال الكردستاني بقيادة عبد الله أوجلان في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1978، في قرية “فيس” بمنطقة ديار بكر جنوب تركيا.

    بدأ الحزب العمل المسلح في 15 أغسطس/آب 1984، فيما سُمِّي بـ”قفزة آب 1984″، عندما شن هجمات على مراكز الدرك في إروه بولاية سيرت، وشمدينلي بولاية هكاري، وشكّلت منعطفاً في مسار الصراع.

    استخدم حزب العمال الكردستاني سوريا ملاذاً آمناً له حتى عام 1988، وعاش في مخيمات في سهل البقاع اللبناني لسنوات، وتلقى تدريبه على الأسلحة هناك.

    نفذ حزب العمال الكردستاني أعنف هجماته في تسعينيات القرن الماضي، وشن هجمات طالت المدنيين والشرطة والجيش التركي.

    تلقى الحزب ضربة موجعة بعد أن اعتقلت المخابرات التركية أوجلان في 15 فبراير/شباط 1999 في العاصمة الكينية نيروبي، وذلك بعد مغادرته سوريا تنفيذاً لالتزامات اتفاقية أضنة في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 1998، وتنقل بين دول مثل اليونان وروسيا وإيطاليا وطاجيكستان، وكانت جهود اللجوء في بلدان مختلفة غير ناجحة.

    حُكم على أوجلان بالسجن مدى الحياة في عام 2002، بسبب إلغاء عقوبة الإعدام في تركيا في إطار قوانين المواءمة في الاتحاد الأوروبي.

    استغل حزب العمال الكردستاني الفراغ في السلطة في شمال العراق بعد حرب الخليج عام 2003، فقام بتدريب مقاتليه حول جبل قنديل، وأنشأ معسكرات مختلفة.

    تبنى حزب العمال الكردستاني فكرة العمل ضمن حدود الدول القومية في الشرق الأوسط، وفي المؤتمر الذي عُقد في يناير/كانون الثاني 2000، تبنى البرنامج الجديد مقولة مفادها: “إقامة دولة منفصلة ليس ضرورياً ولا واقعياً في عالم القرن الحادي والعشرين”، وتسبب ذلك بانشقاقات داخلية نجم عنها مغادرة المئات من صفوفه.

    وفي أبريل/نيسان 2004، قرر الاتحاد الأوروبي إدراج حزب العمال الكردستاني ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، وتلا ذلك قرار مماثل من الولايات المتحدة، ليُعلن الحزب في يونيو/حزيران من العام ذاته إنهاء وقف إطلاق النار الذي التزم به منذ عام 1999، حيث توغلت أعداد كبيرة من المقاتلين عبر الحدود إلى الداخل التركي، ما دفع أنقرة لتكثيف عملياتها لملاحقة المسلحين على الحدود.

    وفي عام 2005، تم التأكيد على أن حزب العمال الكردستاني بحاجة إلى إعادة هيكلته وتأسيسه في إطار حل المشاكل في الشرق الأوسط، وتبنى أوجلان من سجنه فكرة “الكونفدرالية الديمقراطية”.

    بعد أربع سنوات من ذلك، أطلقت الحكومة التركية “عملية الانفتاح الديمقراطي” لتعزيز حقوق الأكراد وفتح قنوات الحوار، وتعززت تلك الجهود بإطلاق “حزمة حقوق الإنسان” في عام 2010، مما سمح ببث برامج بالكردية وتخفيف نقاط التفتيش الأمنية في المناطق الكردية جنوب البلاد.

    في عام 2012، بدأت الاستخبارات التركية محادثات مباشرة مع عبد الله أوجلان في سجنه للتفاوض حول وقف إطلاق النار وحل النزاع سياسياً.

    في عيد النوروز عام 2013، دعا أوجلان المنظمة إلى وقف إطلاق النار وإلقاء السلاح.

    ولكن الأزمة السورية تسببت في تصاعد التوترات بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، حيث استولت “قسد” على مناطق واسعة قرب الحدود التركية، ما أثار قلق أنقرة.

    وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، تسببت احتجاجات كوباني في اندلاع أعمال عنف واسعة بين أنصار حزب “هدى بار” وحركة الشباب الثوري الوطني التابعة لحزب العمال الكردستاني، وبعد محادثات مع أوجلان والجناح الكردي، انخفضت التوترات.

    وانهار وقف إطلاق النار الذي كان سارياً منذ عام 2013، في 22 يوليو/تموز 2015، بعد أن قتل حزب العمال الكردستاني اثنين من ضباط الشرطة في منزليهما، في أعقاب تفجير مدينة سروج الذي نُسب إلى “تنظيم الدولة”.

    وفي 25 يوليو/تموز 2015، هاجم مقاتلو الحزب قافلة عسكرية في ديار بكر وقتلوا جنديين اثنين.

    وتوالت بعد ذلك المواجهات المسلحة بين الطرفين، فقامت تركيا بقصف أهداف تابعة للحزب في العراق، وقادت هجوماً عسكرياً واسع النطاق على بعض البلدات التي تُعتبر معقلاً له في جنوب تركيا وشمال سوريا.

    ومنذ أغسطس/آب 2015، وقعت العديد من الاشتباكات في مناطق محافظة شرناق في تركيا، وتم حفر الخنادق من قِبل أعضاء الحزب، حيث فرضت الحكومة التركية حظر التجول في عدة أحياء.

    وأطلقت تركيا في عام 2018 عملية “غصن الزيتون” ضد وحدات حماية الشعب الكردية في مدينة عفرين، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، نفذت عملية “نبع السلام” في شمال شرق سوريا، ما أدى إلى تغيير موازين القوى في المنطقة.

    ومنذ ذلك الوقت، هددت تركيا بشن عمليات جديدة ضد الوحدات الكردية المسلحة في شمال شرق سوريا، وشنت هجمات ضد معاقل منظمة العمال الكردستاني في شمال العراق.

عربي بوست

———————————

حلّ «العمال الكردستاني»: ميزان الآمال والمخاوف

رأي القدس

إذا صحّت تقارير وكالة فرات للأنباء، المقربة من «حزب العمال الكردستاني»، فإن الحزب قرر بالفعل حلّ نفسه وإلقاء السلاح وإنهاء تمرد عسكري دام أكثر من أربعة عقود، وأودى بحياة أكثر من 40 ألف ضحية في مناطق مختلفة من تركيا وجبال قنديل شمال العراق.

والبيان الختامي، الذي صدر عن مؤتمر للحزب عُقد الأسبوع الماضي في شمال العراق أيضاً، نصّ على الاستجابة لدعوة وجهها قائد الحزب التاريخي عبد الله أوجلان أواخر شباط/ فبراير الماضي من سجنه في جزيرة إمرلي، دعا فيها إلى حلّ جميع المجموعات التابعة للحزب وإنهاء أنشطته. وقال البيان إن المؤتمر الثاني عشر قرر «حلّ الهيكل التنظيمي» و«إنهاء الكفاح المسلح وجميع الأنشطة التي تجري باسم الحزب».

وهذه خطوة جديرة بالترحيب، والأمل في أن تتجسد كعتبة أولى على طريق المصالحة الوطنية بين الأكراد وسائر المكونات في تركيا، فلا تحقن الدماء البريئة التي أريقت خلال مواجهات عسكرية وعمليات إرهابية فحسب، بل تنقل إلى مراحل متقدمة جولات التفاوض المستمرة مع السلطات المركزية التركية حول حقوق الأكراد الثقافية والسياسية.

وهي أيضاً كفيلة بإنهاء عقود من تحالفات الحزب المتشابكة، التي لم تكن صائبة دائماً أو تخدم مصالح الشعوب الكردية، على غرار التحالف مع نظام حافظ الأسد وما انتهى إليه من صفقات عسكرية وأمنية مع أنقرة وعلى نقيض مصالح الحزب وجماهيره، فضلاً عن طرد أوجلان نفسه والتسبب في تسهيل اعتقاله سنة 1999. وليس من المستبعد بالتالي أن يسفر حلّ الحزب عن صياغات جديدة للعمل السياسي الشرعي لأكراد تركيا، ومتابعة المهام التي يقوم بها حزب «المساواة وديمقراطية الشعوب» الكردي، الذي تولى التفاوض مع أوجلان لإطلاق مبادرة حلّ «العمال الكردستاني».

لكن ميزان الآمال ينطوي أيضاً على مخاطر غير قليلة قد تؤدي إلى فشل هذه المبادرة التاريخية، بالنظر إلى امتداد الحزب خارج الأراضي التركية في العراق وسوريا وإيران، حيث تتضارب المصالح وتختلط الأوراق وتتناقض الأجنحة، سواء عند الأحزاب والقوى الكردية في البلدان الأربعة، أو داخل «العمال الكردستاني» ذاته.

فليس خافياً أن إيران تتمتع بنفوذ غير ضئيل لدى بعض قيادات الحزب المتحصنة في جبال قنديل خصوصاً، أمثال جميل بايك الذي يقود جناحاً يرفض إلقاء السلاح، وهو مقرب من الحرس الثوري الإيراني وسبق له أن تعاون مع قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني السابق، كما تلقى هذا الجناح أسلحة مختلفة من إيران ضمت طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية مضادة للمسيرات التركية. وأنشطة هذا الجناح تتجاوز جبال قنديل إلى أرياف دهوك وسنجار ومناطق أخرى في شمال العراق وتركيا وسوريا، فضلاً عن تواجد نشط سياسي واستثماري وإعلامي في بلدان أوروبية عديدة.

والأمل منعقد على مصير إيجابي ينتهي إليه قرار «العمال الكردستاني» التاريخي، يختلف عن مصائر مبادرات سابقة في سنوات 1993 و1999 و2012 شهدت محاولات مماثلة لوقف إطلاق النار، وتمّ إجهاضها من هذا الطرف أو ذاك.

————————–

حلّ حزب العمال الكردستاني نفسه: انعكاسات مباشرة على سورية/ محمد أمين و سلام حسن

13 مايو 2025

أعلن حزب العمال الكردستاني أمس الاثنين، حلّ نفسه وإنهاء الصراع المسلّح مع تركيا، في خطوة ستكون لها تداعيات على الساحة السورية، حيث تسيطر تشكيلات مرتبطة أو تابعة لهذا الحزب عسكرياً وعقائدياً، على مساحة كبيرة من شمال شرقي البلاد. وقالت وكالة فرات للأنباء، المقرّبة من حزب العمال الكردستاني، أمس الاثنين، إن الجماعة التي تخوض صراعاً مع الدولة التركية منذ أكثر من 40 عاماً، قررت حلّ نفسها وإنهاء التمرّد المسلّح. وقال حزب العمال الكردستاني في بيان نشرته الوكالة، إن المؤتمر الذي عقده قبل أيام، أكد أن نضال “العمال الكردستاني” أكمل مهمته التاريخية، وعلى هذا الأساس قرر حلّ البنية التنظيمية للحزب، وإنهاء أسلوب الكفاح المسلّح، على أن يتولى زعيمه المسجون في تركيا عبد الله أوجلان إدارة العملية الحالية وتنفيذها، وبالتالي إنهاء العمل الذي كان يجري تحت اسم الحزب.

تداعيات حلّ حزب العمال الكردستاني على سورية

من المؤكد أن حلّ حزب العمال الكردستاني المصنّف في خانة التنظيمات الإرهابية لدى عدد من الدول، ستكون له تداعيات كبيرة على الساحة السورية، فالتشكيلات العسكرية التي تسيطر على شمال شرقي البلاد منذ عدّة سنوات، تابعة لذاك الحزب أو مرتبطة به على المستويات كافة، وخاصة الفكرية والعقائدية. ويُنظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تأسّس في العام 2003، على أنه نسخة سورية من حزب العمال. ويُسيطر “الاتحاد” عملياً على شمال شرقي سورية من خلال وحدات “حماية الشعب” الكردية، وهي تشكيل عسكري يشكّل الذراع العسكرية لهذا الحزب، فضلاً عن كونه الثقل الرئيس في قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

وبحسب مصادر مقرّبة من هذه القوات فإنه “سيتم التخطيط لهيكلية وحدات حماية الشعب في سورية بالتعاون مع الحكومة السورية”، مؤكدة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن هذه الهيكلية “تتضمّن إبعاد الأعضاء غير السوريين في المنظمة ودفعهم خارج البلاد، وسينضمّ الباقون إلى الجيش السوري”. وتضمّ وحدات “حماية الشعب” مقاتلين أجانب ينحدرون من العراق وتركيا وإيران، بعضهم يتولّى مفاصل القرار في “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سورية.

اتفاق بين الشرع وعبدي لإدماج “قسد” في الدولة السورية | نص الاتفاق

وقال قائد “قسد” مظلوم عبدي، في بيان أمس الاثنين، إن قرار حل حزب العمال الكردستاني “جدير بالاحترام”. وكان قال بعد أيام من إسقاط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن المقاتلين الذين قدموا إلى سورية من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لدعم قواته، سيغادرون إذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة مع تركيا بشمال سورية. ومن المتوقع أن يسرّع حلّ حزب العمال الكردستاني في طيّ ملف المقاتلين الوافدين من وراء الحدود. ومن التشكيلات العسكرية المرتبطة بشكل مباشر مع حزب العمال الكردستاني ما يُعرف بـ”الشبيبة الثورية”، والمتهمة من قبل منظمات حقوقية بخطف أطفال وقُصّر لتجنيدهم في صفوف حزب العمال الكردستاني والمنظمات المرتبطة به. وإلى جانب هذه المنظمة، هناك مليشيا معروفة باسم “وحدات حماية المرأة”، تأسّست في العام 2013، وتضمّ اليوم آلاف النساء المتطوّعات في صفوفها.

ورأى شلال كدو، رئيس حزب الوسط الكردي في سورية (أحد أحزاب المجلس الوطني الكردي في سورية)، في حديث مع “العربي الجديد”، أن تأثير حل الحزب الكردستاني نفسه  “كبير على الملف السوري، ولا سيما من ناحية التعاطي التركي مع هذا الملف المتشابك”. واعتبر أنّ من شأن هذا القرار أن ينعكس إيجاباً على التعاطي التركي مع الملف الكردي بشكل خاص، والملف السوري بشكل عام. وتابع: هذا إقرار كفيل بسحب الحجج والذرائع من يد الجميع الذين كانوا يحاربون الأكراد، أو يحاربون القضية الكردية ربما بحجّة وجود عناصر حزب العمال الكردستاني وأذرعه في المنطقة.

وأعرب عن اعتقاده أن قرار حلّ “العمال” في تركيا “سيؤدّي إلى حلّ أذرعه في سورية، وعلى رأسها منظمة الشبيبة الثورية المتطرّفة التي كانت تعبث بأحزاب المجلس الوطني الكردي، وكذلك بالناس في معظم المدن والقرى الكردية طيلة السنوات المنصرمة”. وبرأيه، فإن “من شأن هذا القرار حلّ عقدة المقاتلين الأجانب في صفوف قسد، والتي تُعدّ خلافية بين الحكومة السورية وبين قوات سوريا الديمقراطية، ومن ثم سيُعبّد الطريق لتطبيق الاتفاق الذي وقّعه مظلوم عبدي مع رئيس الجمهورية (أحمد الشرع)”.

حل “الكردستاني” سيخلق مناخات إيجابية

وأعرب كدو عن اعتقاده أن حلّ حزب العمال الكردستاني “سوف يخلق مناخات إيجابية، ليس في سورية وحدها، وإنما في المنطقة برمّتها، سواء كان في تركيا أو في العراق أو في شمال شرق سورية”، مضيفاً: هذا القرار جاء في مرحلة مفصلية وجدّاً مهمة، ومن شأن هذا القرار أن ينعكس إيجاباً على مجمل الأمور في سورية، وليس على الملف الكردي لوحده. غياب حزب العمال الكردستاني ومسلحيه من سورية من شأنه أن يُرسّخ الثقة بين الأطراف الكردية، من جهة، وبين هذه الأطراف الكردية مجتمعة وبين السلطات السورية من جهة أخرى.

وكان الشرع قد وقّع مع عبدي اتفاقاً في مارس/آذار الماضي لدمج “قسد” في المنظومة العسكرية السورية، وحلّ ملف الشمال الشرقي من سورية. إلا أن تطبيق الاتفاق واجه صعوبات في ظلّ سقوف تفاوضية عالية من قبل الجانب الكردي، ومطالب ترى دمشق أنها “غير واقعية”، وبعضها غير قابل للتطبيق، من قبيل مبدأ اللامركزية في البلاد. ومن المرجّح أن يدفع قرار حلّ حزب “العمال” قوات سوريا الديمقراطية والقوى الكردية إلى تخفيض سقف مطالبها، ما يُسهّل ربما من حسم القضايا العالقة من دون الاضطرار إلى صدام عسكري.

ورأى الباحث السياسي بسام سليمان، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الأكراد السوريين “يرغبون في التوصل لحلّ سياسي لقضيتهم، وخاصة أن هناك بوادر انسحابات أميركية من مناطق كثيرة في شمال شرقي سورية”.

وتابع: يدرك الأكراد أن وجود الولايات المتحدة العسكري ليس دائماً، فضلاً عن أن العرب في شمال شرقي سورية لن يصبروا طويلاً على هذا الحكم (سلطة قسد)، خصوصاً أنه لم يُحقّق إنجازات إدارية حقيقية رغم وجود الموارد. وبرأيه، فإن من شأن حلّ حزب العمال الكردستاني “تعزيز الصراع أو الصدام بين الجناح السوري داخل قسد، وأقصد هنا الجناح الكردي السوري بقيادة مظلوم عبدي، والجناح غير السوري”.

من جانبه، أعرب المحلل السياسي الكردي فريد سعدون، في حديث مع “العربي الجديد”، عن اعتقاده أن تركيا “سوف تقبل بوجود الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية، مقابل حلّ حزب العمال وإلقاء السلاح”. وتوقع سعدون توجّه آلاف المقاتلين الموجودين في جبال قنديل إلى كردستان العراق، وإلى شمال شرق سورية، وخاصة الذين يحملون الجنسية التركية، مضيفاً: سوف نشهد قفزة كبيرة في عدد المقاتلين والسلاح والأموال. وبيّن أن عدد المقاتلين السوريين في حزب العمال المنحلّ “كبير”، مضيفاً: الحزب قائم على أكتاف السوريين، بالتالي سيعودون، مثلما عاد مظلوم عبدي وغيره إلى شمال شرق سورية.

—————————-

حلّ حزب العمال الكردستاني نفسه: سيناريوهات متوقعة على الجغرافية العراقية/ عثمان المختار

13 مايو 2025

جاء إعلان حزب العمال الكردستاني التركي، أمس الاثنين، حلّ نفسه، بمثابة الحدث العراقي الرئيسي، نظراً للوجود الواسع لمقاتلي الحزب داخل العراق، وسيطرتهم على مناطق جغرافية كبيرة في الشمال العراقي، تتعدى إقليم كردستان، لتصل إلى نينوى وأطراف كركوك بمساحة تتجاوز أربعة آلاف كيلومتر مربع. مع العلم أن تقديرات عراقية تشير إلى وجود 20 منطقة عراقية رئيسية خاضعة لسيطرة “الكردستاني” إلى جانب نحو 380 قرية.

الإعلان عن حلّ الحزب نفسه تلقفته بغداد، والتي أدرجت الحزب “منظمةً محظورة” العام الماضي، بترحيب كبير، حيث ستترتب عليه حزمة كبيرة من التغييرات الأمنية والسياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، في حال تمّ تنفيذه، لا سيما أن تداعياته أيضاً ستطاول العلاقة مع تركيا، خصوصاً لناحية الوجود التركي العسكري داخل العراق.

تنفيذ الإعلان التاريخي بحلّ حزب العمال الكردستاني نفسه وإنهاء العمل المسلح، لا يُتوقع أن يكون سريعاً، وفقاً لمسؤولين وباحثين مختصين، نظراً لضخامة البنى التحتية العسكرية للحزب وخريطة انتشار عناصره، والعدد الكبير من الملاحقين قضائياً داخله من الدولة التركية، وكذلك الحاجة إلى فهم الخطوة التركية المقبلة، والتي يقول مراقبون وسياسيون مطلعون على أوضاع الحزب لـ”العربي الجديد”، إنها “يجب أن تشمل عفواً عاماً عن الذين لا يملكون أي قيد جنائي”، في إشارة إلى المنخرطين في “الكردستاني” والذين لم يتورطوا بمهاجمة القوات التركية أو تنفيذ أعمال عدائية داخل الأراضي التركية.

حزب العمال الكردستاني يحلّ نفسه

ووفقاً لبيان صدر عن الحزب، واحتوى على قرارات مؤتمره الاستثنائي الثاني عشر، الذي عقد الأسبوع الماضي، فقد تقرّر “حلّ البنية التنظيمية للحزب وإنهاء الكفاح المسلح”، وبالتالي إنهاء الأنشطة العسكرية التي كانت تمارس في تركيا والعراق وسورية على حد سواء، تحت عنوان حزب العمال الكردستاني. وكانت وكالة فرات للأنباء المقرّبة من الحزب، قد أفادت يوم الجمعة الماضي، بأن الحزب عقد مؤتمره من 5 إلى 7 مايو/أيار الحالي “بنجاح”، وذلك “بناءً على دعوة القائد (مؤسس الحزب المسجون في تركيا) عبد الله أوجلان”، الذي دعا الحزب إلى حلّ نفسه وتسليم السلاح في فبراير/شباط الماضي.

وجاء في النصّ العربي للبيان الذي أصدره حزب العمال الكردستاني باللغات الكردية والتركية والإنكليزية والعربية، أمس، أن المؤتمر عُقد في منطقتين مختلفتين بشكل متزامن لأسباب أمنية، وشارك فيه 232 عضواً في اللجنة التنفيذية. وقال الحزب إن نضاله “كسر سياسات الإنكار والإبادة المفروضة على شعبنا، وأوصل القضية الكردية إلى مرحلة قابلة للحلّ عبر السياسة الديمقراطية، وبهذا أكمل مهمته التاريخية”. وأعلن أنه في هذا الإطار، “اتخذ قرار حلّ البنية التنظيمية لبي كا كا PKK (الجناح المسلح) وإنهاء الكفاح المسلح، على أن تتم إدارة وتنفيذ عملية التطبيق من قبل القائد عبد الله أوجلان، منهياً بذلك الأنشطة التي كانت تُمارس تحت اسم بي كا كا”، مؤكداً أن “القرارات التي اتُخذت في المؤتمر تشكّل انتقالاً قوياً إلى النضال السياسي الديمقراطي، وستسهم في تطوير مستقبل شعوبنا على أساس الحرية والمساواة”.

وشدّد البيان على أن قرار المؤتمر بـ”إنهاء الكفاح المسلح يُشكّل أرضية قوية للسلام الدائم والحلّ الديمقراطي، ويتطلب تنفيذ هذه القرارات أن يُمنح القائد أوجلان حق إدارة وتوجيه المرحلة، وأن يُعترف بحقّه في العمل السياسي، وأن تُوفّر ضمانات قانونية شاملة”، داعياً إلى أن “يتحمّل البرلمان التركي مسؤوليته التاريخية في هذه المرحلة”. ووجّه حزب العمال الكردستاني الدعوة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والمعارضة، وجميع الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي، ومنظمات المجتمع المدني، والجماعات الدينية، والمؤسسات الإعلامية الديمقراطية، والشخصيات المجتمعية، والمثقفين، والأكاديميين، والفنانين، والنقابات العمالية، ومنظمات النساء والشباب، والحركات البيئية في الدولة التركية، إلى “تحمّل مسؤولياتهم والمشاركة في هذه المرحلة”.

وتعليقاً على الإعلان، اعتبر رئيس إقليم كردستان العراق، نيجرفان البارزاني، أمس الاثنين، أن القرار سيعزّز “الاستقرار” الإقليمي بعد نزاع مسلّح استمر أربعة عقود. وقال البارزاني في بيان إن هذه الخطوة “تدل على النضج السياسي وتمهد الطريق لحوار حقيقي يعزز التعايش والاستقرار في تركيا وجميع أنحاء المنطقة”. واعتبر أن هذا القرار يضع “أساساً لسلام دائم وشامل ينهي عقوداً من العنف والآلام والمعاناة”، مؤكداً استعداد إقليمه “الكامل للاستمرار في تقديم أي نوع من المساعدة والتعاون لإنجاح هذه الفرصة التاريخية”. ولطالما اتهمت تركيا ومسؤولون في حكومة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، حزب العمّال الكردستاني بالارتباط بحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، صاحب النفوذ التاريخي في السلطة في السليمانية بما فيها القوات الأمنية في المحافظة.

وقال مسؤول كردي في الحزب الديمقراطي الحاكم في أربيل، بزعامة مسعود البارزاني، لـ”العربي الجديد”، إن الإعلان عن حلّ الحزب وإنهاء العمل المسلح بعد قرابة عقود من الصراع المسلح داخل تركيا وخارجها، ستتبعه “اتفاقات على آليات التنفيذ”. ورأى أن “تفكيك الترسانة العسكرية لحزب العمّال الكردستاني داخل العراق وخارجه، شرط أساسي بالنسبة لتركيا، التي تطلب تسليم هذه الترسانة لتدميرها، وكذلك الاتفاق على آلية اندماج عناصر الحزب في مجتمعاتهم الأصلية داخل تركيا، أو انتقالهم إلى دولة أخرى، وصولاً إلى آخر نقطة تتمثل بمشاركتهم في العملية السياسية، كلّها خطوات رئيسة ولا يوجد شيء ثانوي في الاتفاق”. وعلّق بـ”أننا أمام اتفاق تاريخي مهم، ستكون له ارتدادات على دول العراق وإيران وسورية وتركيا، معاً”.

وأضاف المسؤول الكردي طالباً عدم الكشف عن هويته: “نتحدث عن ترسانة عسكرية ضخمة ومقاتلين ومنشآت قائمة منذ سنوات طويلة في العراق، لذا لا يتوقع أحد أن الموضوع سيكون سريعاً، وقد تأخذ الإجراءات فترة زمنية طويلة، لكن ما تحقق اليوم (أمس) تاريخي”، مُرجحاً أن تُعلن أنقرة عن “وضع جديد” لقائد “الكردستاني” عبد الله أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في تركيا، ضمن ما قال المسؤول إنها “تفاهمات مسبقة”. لكنه في الوقت ذاته، أشار إلى “أهمية عدم الإفراط بالتفاؤل في كون ورقة العمّال قد طويت، إذ إن الحزب عقائدي، وقد تنجم عنه انشقاقات أو جيوب رافضة لتنفيذ مقررات المؤتمر”.

السياسي العراقي الكردي والمختص في شؤون حزب العمال الكردستاني، شيخوان عقراوي، قال لـ”العربي الجديد”، إن ما تحقق تمّ بناء على “ضمانات تركية مهمة قدّمت للحزب”، مضيفاً أن “الدولة التركية كانت تفاوض من جهة وتُصعّد من ضغطها العسكري على الحزب في العراق” من جهة أخرى. وأضاف: “سيكون أمام منظومة حزب العمال الكردستاني المالية التي تنشط في أوروبا والعراق وسورية، حلّ نفسها، والكشف عن ذممها المالية أسوة بترسانة الحزب العسكرية”، ولفت إلى أن “الجيل الجديد من حزب العمّال، الذين صاروا ينتقلون إلى مراتب قيادية، كان لهم دور في صياغة هذا الاتفاق”.

وتُقدر نسبة المقاتلين من حملة الجنسية التركية في حزب العمال الكردستاني بنحو 80%، وهؤلاء وفقاً لعقراوي، تمتلك أنقرة قاعدة بيانات كاملة عنهم وتلاحق المتورطين منهم بأعمال إرهابية، أما الآخرون، فهم عراقيون وسوريون وإيرانيون. وتوقع أن تعقب الإعلان، تفاهمات ذات طبيعة استخبارية عسكرية، ستدخل الحكومة العراقية طرفا فيها على اعتبار أنها تجري على الأراضي العراقية، وتتركز على خطوات تسليم السلاح، وهو شرط أساسي تركي، كما جرى تسريب المعلومات حول الاتفاق منذ ليل الأحد – الاثنين.

وحول مصير مسلحي الحزب، توقع عقراوي “أن يتم العفو من الدولة التركية، عن الذين لا سجلات إرهاب وعنف ضدهم عند السلطات التركية، وهؤلاء سيعودون بشكل تحدّده تركيا ذاتها، أما الآخرون، فقد يُصار إلى اختيار دولة ثالثة، وهم المتورطون بهجمات كبيرة، وأعني بهم قادة الجناح العسكري للحزب، أو أن يُصار إلى بقائهم في العراق هم وأسرهم”، مُتحدثاً عن “دول أوروبية قد تقبل لجوء عدد من المطلوبين المتورطين بعمليات عسكرية مباشرة”. وأشار إلى أن ما لا يقل عن ألفي مقاتل من حزب العمال الكردستاني ممن يوجد أغلبهم في العراق، يواجهون ملفات قضائية متعلقة بأعمال إرهابية، أو أنشطة مخالفة، وهؤلاء تتفاوت أوضاعهم وليسوا بدرجة واحدة من التورط بأعمال الحزب خلال السنوات الماضية.

لكن عقراوي لفت إلى أن “هذا الإعلان معرض لأن ينهار في حال الإخلال بأي من التفاهمات التي على أساسها تم أخذ قرار تفكيك الحزب وإنهاء العمل المسلح، بما فيها السماح لكوادر الحزب بممارسة العمل السياسي في تركيا”، وفقاً لرأيه.

واقع الحزب داخل الخريطة العراقية

منذ عام 1984 توجد جيوب لحزب العمّال الكردستاني داخل العراق، وتحديداً في سلسلة جبال قنديل الواقعة في المثلث الحدودي العراقي الإيراني التركي، لكنه زاد من وجوده بعد الغزو العراقي للكويت (1990) وخروج المحافظات ذات الغالبية الكردية (أربيل ودهوك والسليمانية) عن سيطرة بغداد، عام 1991. وبعد الغزو الأميركي للعراق (2003)، تحولت مدن ومناطق كاملة شمالي العراق إلى معاقل رئيسة لـ”الكردستاني”، وهو ما دفع الجيش التركي إلى التوغل بالعمق العراقي وإنشاء أكثر من 30 موقعاً عسكرياً دائماً له في الأراضي العراقية، حتى عام 2013.بعد اجتياح تنظيم داعش مساحات واسعة في العراق (2014)، توسع الحزب إلى سنجار ومخمور وزمار وكركوك، عام 2014، تحت عنوان حماية الأيزيديين والأكراد، لتبلغ مساحة الأراضي التي يسيطر عليها أو ينشط فيها “الكردستاني”، أكثر من أربعة آلاف كيلومتر مربع.

أبرز معاقل الحزب، هي سلسلة جبال قنديل، مناطق سيدكان وسوران، الزاب، زاخو، العمادية، كاني ماسي، حفتانين، كارا، متين، زمار ومخمور، سنوني، فيشخابور، ضمن محافظات دهوك وأربيل والسليمانية ونينوى.

ويُقدر حالياً عدد مقاتلي الحزب الكلّي بأكثر من ستة آلاف مقاتل (ليس هناك إحصاء دقيق، وهناك تقديرات بأنه عددهم كان يفوق عشرة آلاف، وتناقص منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي)، مع ترسانة سلاح تشمل مضادات طائرات مروحية، وصواريخ أرض ـ أرض، وقذائف حرارية وأسلحة ثقيلة متنوعة وأخرى متوسطة، تنتشر بعضها على قمم جبال استراتيجية ومهمة بين العراق وتركيا، أبرزها سلسلة جبال برزان ومتين. وأكد الخبير في الشأن السياسي الكردي، شاهو القرة داغي، أن عدد المقاتلين الفعلي داخل العراق، لا يتجاوز أربعة آلاف مقاتل من “الكردستاني”، وهناك أعداد أخرى في سورية، ضمن التنظيم ذاته. ولفت في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن العدد يبقى تقريبياً، لأنه لا توجد إمكانية حقيقية لإحصائهم لكن البعض صار يضيف مدنيين من أكراد تركيا موجودين في مخيم مخمور، إلى إجمالي العدد، رغم أن لا علاقة تنظيمية لهم بالحزب.

وأسّس حزب العمال الكردستاني، عام 2016، في مدينة سنجار (110 كيلومترات غرب الموصل)، أذرعاً محلية، وهي عبارة عن مليشيات من الأيزيديين العراقيين وآخرين أكراد، وأبرزها: مليشيا “وحدات حماية سنجار”، المعروفة محلياً بمليشيا “أيزيدي خان”، ومليشيا “لالش”، وتنشط جميعها في سنجار وضواحيها وترفع شعارات وصور “الكردستاني”.

وتقطن عائلات الحزب المقدرة بنحو 1800 عائلة في مخيم مخمور بمحافظة نينوى، على الحدود مع أربيل، وهو المخيم الذي اعتبرته تركيا عام 2020 موقعاً غير مدني، وقالت إنه تحول إلى معسكر تدريب وتجنيد لمقاتلي الحزب.

في المقابل، يبلغ عدد القواعد والثكنات والمعسكرات التركية الدائمة داخل العراق، نحو 80 موقعاً، وبعديد جنود يبلغ أكثر من خمسة آلاف عسكري تركي داخل العراق. أبرز تلك القواعد هي معسكر بعشيقة، والزاب، ومتين، وسوران، ومهبط طائرات قديم في أطراف دهوك، طورته القوات التركية ليكون قاعدة لها منذ عام 2018، وجميعها ضمن عمق يتعدى 30 كيلومتراً داخل العراق، لكن فعلياً فإن النشاط الاستخباري التركي يتعدى إلى 50 كيلومتراً، حيث يتم تنفيذ عمليات إنزال واغتيالات، خصوصاً في مناطق قرب السليمانية. وتقول أنقرة إنها تتمركز في العراق، من باب دفاعي، وترفض الانسحاب ضمن ما تسمّيه حقّ صد الهجمات التي يشنها حزب العمّال الكردستاني انطلاقاً من العراق، وتطالب بغداد، بالعمل على منع تحول أراضي العراق إلى معاقل عسكرية موجهة ضدها، لقاء انسحابها، وهو ما لم تتفق عليه بغداد وأربيل منذ عام 2003.

تفاؤل حذر

العميد المتقاعد في قوات البشمركة الكردية بالعراق، علي آغا، اعتبر في حديث لـ”العربي الجديد”، أن انسحاب حزب العمال الكردستاني من المناطق التي يوجد فيها، يعني عودة أكثر من 250 ألف عراقي كردي إلى المناطق التي نزحوا منها قبل سنوات طويلة، بسبب المواجهات العسكرية والقصف في المناطق التي كانوا يسكنونها إثر دخول “الكردستاني” إليها. وأضاف آغا أن “تغييرات أمنية وسياسية واجتماعية تنتظر إقليم كردستان ونينوى وكركوك، في حال ترجمة حلّ حزب العمّال الكردستاني لنفسه إلى واقع عملي، والعراق يُنافس تركيا في مدى التأثر الإيجابي الذي ألحقه هذا القرار”. لكنه توقع أن نزع السلاح وتجريده، لن يكون سهلاً، وأن الجناح القومي اليميني الأكثر تطرفاً في “الكردستاني”، وهم المعروفون بـ”جناح قنديل”، غير موافق على هذه الخطوة، وقد يحدث تمرد داخلي، لكن الأكثرية وصلوا إلى قناعة استحالة الانفصال بدولة كردية تُنتزع من الدولة التركية التي قامت بعد نهاية الحقبة العثمانية، وفقاً لقوله. واعتبر أن “العمل المسلح لحزب العمال، هو من أوصل إلى الاعتراف بحقوق كردية قومية واجتماعية وسياسية، ولفت الأنظار إليها، وبالتالي يمكن ممارستها داخل الدول الأربعة (العراق وسورية وتركيا وإيران)”، بحسب اعتقاده.

من جهته، قال الخبير في الشأن الأمني العراقي، عقيل الطائي، إن بغداد ستجني منافع أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة من القرار، مضيفاً في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الإعلان يعني عودة الأوضاع إلى طبيعتها في سنجار وضواحيها، ومخمور وزمار، وأيضاً انسحاب القوات التركية من العراق، وعودة أكراد العراق النازحين الذين يقدرون بعشرات آلاف العائلات من قراهم ومدنهم الحدودية في إقليم كردستان”.

وشرح أن الطريق البرّية بين العراق وتركيا، ستعود للتجارة والتنقل كما كانت قبل عقود، ومنها مشروع طريق التنمية الذي تسعى إليه بغداد وأنقرة، متوقعاً أن تستمر إجراءات الحل لغاية نهاية العام الحالي “في حال عدم حدوث خلل بالاتفاق، بسبب التاريخ الطويل من النكث بالتفاهمات بين الدولة التركية والحزب”.

(شارك بالتغطية من بغداد محمد علي)

————————————-

 الإدارة الذاتية: مشروع أوجلان يمثّل حلاً جذرياً لأزمات الشرق الأوسط

2025.05.13

قالت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا إن رؤية ومشروع عبد الله أوجلان يشكّل حلاً جذرياً لمعضلات الشرق الأوسط، ويستند إلى مبادئ السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

وأشارت الإدارة، في بيان صادر عنها اليوم الثلاثاء، إلى أن المشروع الذي طرحه أوجلان لا يقتصر على معالجة القضية الكردية فقط، بل يقدّم نموذجاً متكاملاً من خلال مفهوم الأمة الديمقراطية، وأخوّة الشعوب، وحرية المرأة، وحماية البيئة.

ودعت الإدارة الذاتية شعوب المنطقة إلى التكاتف والالتفاف حول هذه “الخطوة التاريخية”، والعمل على ترسيخ القيم الديمقراطية المشتركة باعتبارها الضامن لبناء مجتمع تعددي يرفض كل أشكال الاستبداد.

“رسالة تاريخية”

وفي شهر شباط الماضي، أشار أوجلان في نداء له إلى أن حزب العمال الكردستاني نشأ في ظروف القرن العشرين، التي وصفها بأنها “الأكثر عنفاً في التاريخ”، مشيراً إلى الحربين العالميتين، الحرب الباردة، وإنكار الهوية الكردية.

وقال: “تأثّر الحزب بالنظام الاشتراكي الواقعي في استراتيجيته وبرامجه، إلا أن انهيار الاشتراكية في التسعينيات والتطوّرات الحاصلة في حرية التعبير أفقدته معناه، وأدّى إلى تكرار مواقفه بشكل مفرط. ولذلك، فإن الحزب، كغيره من الحركات المشابهة، استكمل دوره وأصبح حلّه ضرورياً”.

وفي الجزء الأخير من ندائه، شدد أوجلان على ضرورة احترام الهويات وحرية التعبير والتنظيم الديمقراطي، كجزء من بناء مجتمع سياسي ديمقراطي، معتبراً أن “القرن الثاني للجمهورية التركية لن يحقّق استمرارية دائمة وأخوّة إلا إذا تُوّج بالديمقراطية”.

وتابع قائلاً: “لا يوجد، ولا يمكن أن يكون، طريق لتحقيق التغيير خارج إطار الديمقراطية، حيث يجب أن يكون التوافق الديمقراطي هو الأساس، كما ينبغي تطوير لغة السلام بما يتناسب مع الواقع”.

كما أعلن تحمّله المسؤولية التاريخية لدعوته إلى التخلي عن السلاح، مستشهداً بالدعوة التي وجّهها رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، والمواقف الإيجابية التي أبدتها الأحزاب السياسية الأخرى، إلى جانب التوجّه الذي أبداه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأضاف: “كما تفعل كل المجتمعات والأحزاب التي لم يتم إنهاء وجودها بالقوة، اجتمعوا في مؤتمر واتخذوا قراراً بالاندماج مع الدولة والمجتمع. يجب أن تضع جميع المجموعات السلاح، ويجب أن يُعلن عن حلّ حزب العمال الكردستاني”.

حلّ حزب العمال الكردستاني

قرر حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه وإنهاء تمرده المسلح في تركيا، في خطوة من شأنها أن تُحدث تحولات سياسية وأمنية كبيرة في المنطقة.

وأفادت وكالة “فرات” للأنباء، المقرّبة من الحزب، يوم أمس الإثنين، أن حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعاً مسلحاً مع الدولة التركية منذ أكثر من أربعين عاماً، قرر بشكل رسمي حلّ نفسه ووقف تمرده المسلح.

وأشارت الوكالة إلى أن القرار جاء في ختام مؤتمر عقده الحزب الأسبوع الماضي في شمالي العراق، تلبيةً لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان، الذي كان قد دعا في شباط الماضي إلى إنهاء التنظيم نفسه.

وتوقعت مصادر سياسية أن يؤدي هذا القرار إلى تأثيرات إقليمية واسعة، لا سيما في سوريا المجاورة، حيث تتمركز “قوات كردية” متحالفة مع الجيش الأميركي، وفقاً لما نقلته “رويترز”.

يُذكر أن الصراع بين الحزب والدولة التركية بدأ عام 1984، وأسفر منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، علماً أن تركيا ومعظم الدول الغربية تُصنّف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.

—————————-

 “بداية مرحلة جديدة من السلام”.. مظلوم عبدي يرحب بحلّ حزب العمال الكردستاني

2025.05.13

رحب قائد “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، مظلوم عبدي، بحلّ حزب العمال الكردستاني وإيقاف العمل المسلح، معتبراً أن هذا القرار يمثل بداية لمرحلة جديدة من السلام في المنطقة.

وقال عبدي: “إن قرار حزب العمال الكردستاني بحل بنيته التنظيمية، وإنهاء الكفاح المسلح، والبدء باتباع السياسة الديمقراطية بناءً على نداء القائد عبد الله أوجلان، محل تقدير”.

واعتبر عبدي في تغريدة على منصة “إكس” أن حزب العمال الكردستاني كان له “دور تاريخي في الشرق الأوسط خلال المرحلة المنصرمة”.

وأضاف: “كلنا ثقة بأن هذه الخطوة ستمهّد الطريق أمام مرحلة جديدة من السياسة والسلام في المنطقة، كما نأمل أن تبادر جميع الأطراف المعنية باتخاذ خطوات مهمة، وأن يقدّم الجميع الدعم المطلوب”.

حلّ حزب العمال الكردستاني

قرر حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه وإنهاء تمرده المسلح في تركيا، في خطوة من شأنها أن تُحدث تحولات سياسية وأمنية كبيرة في المنطقة.

وأفادت وكالة “فرات” للأنباء، المقرّبة من الحزب، يوم أمس الإثنين، أن حزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعاً مسلحاً مع الدولة التركية منذ أكثر من أربعين عاماً، قرر بشكل رسمي حلّ نفسه ووقف تمرده المسلح.

وأشارت الوكالة إلى أن القرار جاء في ختام مؤتمر عقده الحزب الأسبوع الماضي في شمالي العراق، تلبيةً لدعوة زعيمه المسجون عبد الله أوجلان، الذي كان قد دعا في شباط الماضي إلى إنهاء التنظيم نفسه.

وتوقعت مصادر سياسية أن يؤدي هذا القرار إلى تأثيرات إقليمية واسعة، لا سيما في سوريا المجاورة، حيث تتمركز “قوات كردية” متحالفة مع الجيش الأميركي، وفقاً لما نقلته “رويترز”.

يُذكر أن الصراع بين الحزب والدولة التركية بدأ عام 1984، وأسفر منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، علماً أن تركيا ومعظم الدول الغربية تُصنّف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.

————————

حرييت”: تفاصيل تسليم حزب العمال الكردستاني لسلاحه بحضور المخابرات التركية

جابر عمر

13 مايو 2025

قالت صحيفة حرييت التركية، اليوم الثلاثاء، إن نقاطاً ستُنشأ من أجل تسليم حزب العمال الكردستاني سلاحه، في الدول التي يوجد فيها بحضور المخابرات التركية بعد إنشاء قاعدة بيانات بالأسلحة. وأوضحت الصحيفة أن مؤسس الكردستاني عبد الله أوجلان كانت تعليماته واضحة لقيادة الحزب باتخاذ ما يلزم، وقد تستغرق عملية تسليم الأسلحة أربع سنوات وفق النموذج الأيرلندي، في ظل مساع لتسريع هذه المرحلة.

وكشفت “حرييت”، أن هذه المرحلة ستكون سرية، وستُحدد نقاط عديدة من أجل عملية التسليم، وتشمل مسؤولي البلاد في تلك الدولة مع عناصر المخابرات التركية، وستُسجّل بيانات الأسلحة ومن أين جاءت، كما أن الكردستاني عمل على قاعدة بيانات بالأسلحة التي يمتلكها.

وعقب التسليم والتحقق منها ستُبلغ مؤسسات الدولة في تركيا، كما أن هذه المرحلة لن تشهد مشاركة دول أخرى أو منظمات أممية، حيث كانت ادعاءات تقول بإشراف أممي على هذه المرحلة.

وفي ما يخص الإجراءات القانونية بعناصر الكردستاني المستسلمين فإن الجهود مستمرة لتحديد المسارات المختلفة للتعامل معهم، منها المسار الحالي، فالعناصر المستسلمون الذين لم تُسجل بحقهم أي جرائم ستُأخذ إفادتهم ويُتركون، وتشير التقديرات إلى أن 60% من العناصر في العراق لم يُسجل بحقهم جرائم بعد.

وأضافت الصحيفة أن من سجل بحقه جرائم سيُعاقب بالحد الأدنى من القوانين النافذة من دون إقرار قوانين جديدة.

أما بخصوص القيادات الرفيعة المطلوبة بالنشرة الحمراء وتشمل 30 اسماُ فلن يُسمح لهم بالعودة إلى تركيا ويخيّرون ما بين البقاء في البلدان التي هم فيها أو مغادرتها إلى بلدان أخرى.

ويبقى التساؤل بحسب الصحيفة عن مستقبل الحزب المدرج على لوائح الإرهاب في تركيا وخارجها، وهنا سيكون للقضاء دور وقد تصدر الأحكام بحقهم وفق عبارة “تنظيم إرهابي انتهى”، فيما سيواصل أوجلان بقاءه في محبسه في الوقت الحالي، وبعد انتهاء مرحلة جمع السلاح ستبدأ مرحلة التعديلات الدستورية.

وفي ما يخص سورية قالت الصحيفة إن تركيا تفضل أن تُحل مسألة التنظيم في سورية بين الحكومة وقوات سوريا الديمقراطية وفق الاتفاق الموقع بين الجانبين ودمج الوحدات الكردية داخل الجيش السوري الجديد، في إطار وحدة سورية من دون أي تنازل بمسألة أي نظام فيدرالي.

من جانبها، قالت قناة سي أن أن التركية أن المؤسسات المعنية في تركيا تعمل على إعداد تقارير تقدّم للرئيس رجب طيب أردوغان بخصوص المرحلة المقبلة بعد المعلومات التي ستأتي من الميدان والخطوات المقبلة، وبناء عليه يصدر الرئيس أردوغان قراره للمرحلة التالية.

وأعلن أمس حزب العمال الكردستاني قرار حل تنظيمه وإلقاء السلاح وفق مقررات المؤتمر العام الذي عقد في 5-7 من الشهر الجاري، استجابة لدعوة أطلقها مؤسس الحزب من محبسه عبد الله أوجلان في 27 شباط/فبراير الماضي في مرحلة تسميها الحكومة في تركيا بأنها مرحلة “تركيا بلا إرهاب”، وانطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

————————————

مواقف كردية سورية من قرار حلّ العمال الكردستاني/ سلام حسن

13 مايو 2025

توالت ردود الفعل في الأوساط الكردية السورية، من أحزاب، ومنظمات، وشخصيات سياسية وثقافية مؤثرة، عقب إعلان حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه، وإلقاء السلاح خلال مؤتمره الأخير.

وأصدر المجلس الوطني الكردي في سورية بياناً، اليوم الثلاثاء، أعرب فيه عن متابعته “باهتمام بالغ” للتطورات المتعلقة بإعلان الحزب وقف العمل المسلح، وحلّ نفسه، استجابةً لدعوة زعيمه عبد الله أوجلان. واعتبر المجلس أن الخطوة “تمثل تحولاً سياسياً مهماً وإيجابياً من شأنه الإسهام في تعزيز فرص السلام والاستقرار في تركيا والمنطقة عموماً”، مشيداً بالتوجه نحو المسار السلمي، ومعتبراً إياه “فرصة حقيقية لإطلاق عملية سلام جادة، تُفضي إلى حل سياسي شامل للقضية الكردية في تركيا، يضمن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي ضمن إطار ديمقراطي ودستوري”.

وأكد المجلس دعمه لكل جهد يصبّ في إنهاء الصراعات وتحقيق تطلعات الشعب الكردي، معبّراً عن أمله في أن “تواكب هذه الخطوة مبادرات بنّاءة وجادة من قبل الدولة التركية، وكافة الأطراف المعنية، بما يضمن نجاح عملية السلام واستدامتها”. وختم البيان بتأكيد أن “دعم المسارات السلمية كان ولا يزال خياراً مبدئياً”، معتبراً أن استقرار تركيا يخدم المصالح المشتركة لشعوب ودول المنطقة.

من جهتها، أصدرت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سورية، بياناً، اليوم الثلاثاء، اعتبرت فيه أن “مشروع القائد عبد الله أوجلان يُعد مشروعاً تاريخياً وحلاً جذرياً لمعضلة الشرق الأوسط، يقوم على أسس السلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية”. ورأت أن المشروع يمثل حجر أساس لتحقيق تأثير مهم على الواقع السوري، لا سيما في مناطق شمال وشرق سورية، حيث ساهم في “تعزيز السلام الداخلي، وترسيخ مفهوم التعايش المشترك بين مختلف المكونات”. وأكدت الإدارة أن التجربة في مناطقها أثبتت أن المشروع يُسهم في بناء نموذج ديمقراطي “يعكس تطلعات الشعوب، ويمنحها دوراً فعالاً في إدارة شؤونها بإرادتها الحرة”.

ورحّب قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، بالقرار، وقال عبر منصة “إكس”: “قرار حزب العمال الكردستاني بحل بنيته التنظيمية، وإنهاء الكفاح المسلح، والبدء باتباع السياسة الديمقراطية بناء على نداء القائد عبد الله أوجلان، محل تقدير”. وأضاف: “كان للحزب دور تاريخي في الشرق الأوسط خلال المرحلة المنصرمة، وكلنا ثقة بأن هذه الخطوة ستمهد الطريق أمام مرحلة جديدة من السياسة والسلام في المنطقة”، معرباً عن أمله في أن “تبادر جميع الأطراف المعنية باتخاذ خطوات مهمة وتقديم الدعم المطلوب”.

كما رحّب سكرتير حزب يكيتي الكردستاني، سليمان أوسو، في تصريح خاص لـ”العربي الجديد”، بقرار الحزب، واصفاً إياه بـ”الخطوة بالغة الأهمية على طريق إنهاء عقود من العنف، بما يهيئ الأرضية لانطلاقة مرحلة جديدة تُسهم في ترسيخ السلام والاستقرار في تركيا والمنطقة”. وأكد أوسو أهمية تعاون جميع الأطراف لإنجاح مسار السلام، “بما يخدم مستقبل الشعوب واستقرار المنطقة”.

وتأسس حزب العمال الكردستاني عام 1978 في تركيا على يد مجموعة من الطلاب اليساريين، من بينهم عبد الله أوجلان. وبعد عامين، لجأ أوجلان إلى سورية في عهد الرئيس حافظ الأسد، عقب حملة اعتقالات وإعدامات طاولت مؤسسي الحزب. واستقر أوجلان في سورية لسنوات، حتى تمكنت تركيا من الضغط على النظام السوري لإخراجه، ليُعتقل لاحقاً في 15 فبراير/ شباط 1999 في العاصمة الكينية نيروبي، ويُنقل بطائرة خاصة إلى أنقرة حيث خضع للمحاكمة.

وقد أعلن الحزب الكفاح المسلح ضد الدولة التركية منذ عام 1984، مما أسفر عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص. وخلال مسيرته، وسّع حزب العمال الكردستاني نفوذه ليشمل تركيا وسورية والعراق وإيران، وأسّس فروعاً في العديد من الدول. وقد اعتمد في عمله التنظيمي على كوادره المباشرة، أو من خلال تشكيل أحزاب ومنظمات محلية تابعة له تنظيمياً. ورغم الطابع الكردي للحزب، فهو يضم في صفوفه عناصر من أصول عربية وتركية وفارسية، إضافة إلى مقاتلين أجانب من أوروبا وأميركا الشمالية واللاتينية.

————————–

حكاية” حزب “العمال الكردستاني” و”الكفاح المسلح”… هل انتهت؟/ رستم محمود

الأسئلة الأمنية والسياسية والتشريعية بشأن الخطوات القادمة غامضة للغاية

آخر تحديث 13 مايو 2025

بعد مسيرة امتدت لقرابة نصف قرن، أعلن حزب العمال الكردستاني “حل نفسه” و”إنهاء الكفاح المسلح”. ففي مؤتمر استثنائي عُقد في معسكر الحزب بجبال قنديل الواقع في المثلث الحدودي بين تركيا والعراق وإيران، بين 5-7 من الشهر الجاري، استجابة لدعوة زعيمه المُعتقل عبد الله أوجلان، ضمن سياق الدعوة التي وجهها زعيم الحركة القومية التركية دولت بهجلي أواخر العام الماضي، والتي تمهد حسب المراقبين إلى إيجاد “حلول سياسية” للمسألة الكردية في تركيا، استباقا لما تصنفه أوساط “الدولة العميقة” في تركيا تحولات إقليمية جذرية في المنطقة.

جدال داخلي

إعلان “حزب العمال الكردستاني” جاء عقب أسابيع من المداولات السياسية الصاخبة التي شهدتها تركيا. ففي الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي تقدم زعيم الحركة القومية التركية بهجلي من كتلة حزب “ديمقراطية الشعوب” المؤيد للحقوق الكردية ضمن البرلمان التركي وصافح أعضاء الحزب، بعد سنوات كثيرة من المقاطعة الجذرية والصراع المحتدم بين الحزبين، ما اعتبره المراقبون دلالة على تحول سياسي جوهري في البلاد. وبعد أيام قليلة، وجه رئيس الحركة القومية التركية نداء إلى زعيم حزب “العمال” عبد الله أوجلان، مطالبا إياه بالقدوم إلى البرلمان وإعلان حلّ الحزب وإيقاف الكفاح المسلح.

أحدث التصريح “زلزالا” سياسيا في تركيا. فالحكومة والرئيس أردوغان أظهرا تحفظات متتالية على دعوة بهجلي، لكن الأخير، وبصفته “ممثلا عن الدولة العميقة في تركيا” كما هو متداول، أكد أن مسألة العلاقة مع “العمال الكردستاني” تتعلق بـ”الدولة التركية وليس الحكومة”. على أثر ذلك تشكلت لجنة من حزب “الشعوب الديمقراطية” المؤيد لحقوق الأكراد، واجتمعت مع زعيم الكردستاني أكثر من مرة، وقالت الأنباء إنها سافرت إلى جبال قنديل واجتمعت بالقيادة الميدانية لـ”الكردستاني”.

وفي التاسع من شهر مارس/آذار المنصرم أصدر أوجلان نداء إلى قادة حزبه، داعيا إياهم للاجتماع وإعلان إنهاء الكفاح المسلح وحل الحزب. قادة “الكردستاني” أبدوا تحفظات تجاه النداء، مطالبين بمزيد من الضمانات، بما في ذلك لقاء أوجلان. زعيم الحركة القومية التركية طالب الحزب بعقد مؤتمره داخل تركيا، تحديدا في مدينة “ملاذكرد” بولاية موش شرقي البلاد، في إشارة ضمنية إلى التحالف التاريخي الذي جمع الأكراد والأتراك، انطلاقا من تلك المعركة الشهيرة التي حدثت عام 1071.

لكن نقاشات واجتماعات سياسية مطولة، أجراها وفد حزب “ديمقراطية الشعوب” بين أوجلان وقيادة “الكردستاني” والرئيس أردوغان وزعيم “الحركة القومية”، سمحت بتقادم تلك العملية ببطء، إلى أن وصلت لهذه النتيجة النهائية.

غموض مُقلق

البيان الختامي للمؤتمر الاستثنائي لحزب “العمال لكردستاني” تضمن تلخيصا بيوغرافيا للسيرة السياسية والأيديولوجية للحزب، معتبرا معاهدة لوزان ودستور عام 1924 اللذين أنكرا وجود الشعب الكردي جذر المسألة الكردية في تُركيا، حيث رُد عليها بكفاح مستمر من الانتفاضات الكردية، كانت تجربة حزب “العمال الكردستاني” آخرها، ودامت 52 عاما، حسب مضمون بيان المؤتمر.

لكنه فسّر حل الحزب وإنهاء الكفاح المسلح كخطوة في سبيل “حل قضية الكرد في الوطن المشترك والمواطنة المتساوية… من خلال إعادة تنظيم العلاقات الكردية- التركية، والنضال الديمقراطي وصولا إلى بناء المجتمع الديمقراطي”، وليس كأي استسلام أو خضوع لمطالب وضغوط الدولة التركية.

لكن اللافت في نتائج مؤتمر “العمال الكردستاني” هو إيحاؤه بالملمح الكلي لما يحاول التوصل إليه من معالجات سياسية/دستورية في المستقبل، بعد ترك الكفاح المسلح “من الضروري أن يشكل شعبنا، بقيادة النساء والشباب، منظماته الذاتية في كل مجالات الحياة، وأن ينظم ذاته على أساس الاكتفاء الذاتي بلغته، وهويته، وثقافته، وأن يصبح قادرا على الدفاع عن نفسه ضد الهجمات، وأن يبني المجتمع الديمقراطي الجماعي بروح التعبئة. وبهذا الأساس، نؤمن بأن الأحزاب السياسية الكردية، والمنظمات الديمقراطية، ورواد الرأي سينجزون مسؤولياتهم في تطوير الديمقراطية الكردية وتحقيق الأمة الديمقراطية الكردية”.

ومع تلك التحديدات، وما لاقاها من تصريحات حكومية وسياسية تركية نظيرة، والتي قالت في مجملها إن حل “العمال الكردستاني” لنفسه وإنهاء الكفاح المسلح سيفتح الباب أمام مزيد من “الانفتاح السياسي”، تبقى الأسئلة الأمنية والسياسية والتشريعية بشأن الخطوات القادمة غامضة للغاية، خلا بعض التوقعات التي يتم تداولها من قِبل مقربين من الطرفين.

إذ ليس واضحا إن كان أي اتفاق سياسي بين زعيم الحزب المعتقل والدولة التركية قد حدث. فهذه الأخيرة تنفي وجود أي شيء من ذلك القبيل، لكن المصادر الكردية تصر على استحالة استجابة أوجلان لمثل هذه الدعوة دون ضمانات أولية وواضحة من ذلك القبيل، خصوصا في مسائل مثل مستقبل الاعتراف بالأكراد دستورياً وتوسيع التعليم باللغة الكردية. ويُردف مناصرو “الكردستاني” أن ذلك كان مستحيلا في أزمنة سابقة، حينما كان الحزب في أضعف أوضاعه الجيوسياسية وأكثرها حرجا، فكيف به الآن، والمنطقة كلها مُقدمة على تحولات جذرية؟

المسألة الأخرى تتعلق بآلية تنفيذ عملية تفكيك البنية المسلحة للحزب، سواء في القواعد الثابتة المتمركزة على قوس جبلي يتجاوز طوله 400 كيلومتر، أو نوعية الأسلحة الفتاكة التي بيد المقاتلين، أو حتى تنظيماته العسكرية المحلية، في المدن الداخلية لتركيا. مصدر سياسي كردي كشف في حديث مع “المجلة” عما أسماه التوافق المبدئي بشأن ذلك التفصيل، والمتضمن تشكيل لجنة ثلاثية، وربما رباعية، مؤلفة من تركيا والعراق (متضمنا إقليم كردستان) و”العمال الكردستاني”، مع وجود غير رسمي للولايات المتحدة، تشرف على آلية ضبط عشرات الآلاف من قطع السلاح وتجميعها، وتفكيك البنية الجبلية العسكرية المعقدة، التي شيدها الحزب خلال نصف قرن كامل، وفي أكثر المناطق الجبلية وعورة.

المصدر أضاف في حديثه مع “المجلة” قائلا: “المستقبل السياسي والقانوني لآلاف مقاتلي (الكردستاني) وساسته سيكون أصعب من تفكيك البنية العسكرية. فهل سيحق لهؤلاء الدخول في بنية العمل السياسي من خلال الحزب المؤيد للأكراد، أو حتى تأسيس حزب غيره؟. وهل سيبقى هؤلاء المقاتلون محل نبذ سياسي وقانوني من مؤسسات الدولة والقوى السياسية، أم ستصدر تشريعات حامية لهم. الأمر نفسه ينطبق على القراءة المشتركة والرسمية التي سيتفق عليها الطرفان بشأن ما حدث خلال نصف قرن كامل مضى: فهل كانت مواجهة بين الدولة التركية ومنظمة إرهابية، كما تقول الدعاية التركية منذ سنوات؟! أم كان كفاحا مسلحا خاضه (العمال الكردستاني) لنيل الاعتراف والحقوق الطبيعية للكُرد في تركيا؟ فهذا التفصيل سوف يبنى عليه كل ما هو لاحق من سياقات”.

تعقيبا على قرار “الكردستاني”، قال مسؤول دائرة الاتصال في الرئاسة التركية: “سيتم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان مضي عملية حل حزب (العمال الكردستاني) بشكل سلس”. فيما رحب رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني بالحدث، واعتبره “خطوة مصيرية تفتح صفحة جديدة في المنطقة، ويعكس نضجا سياسيا ويمهد الطريق لحوار حقيقي، فهذه الخطوة تنهي عقودا من العنف والمعاناة وتقود المنطقة نحو آفاق جديدة من التقدم، وتعبر عن استعدادنا الكامل للاستمرار في تقديم أي مساعدة ودعم لإنجاح هذه الفرصة التاريخية”. ومن المتوقع أن تصدر الكثير من الجهات الدولية والإقليمية ترحيبا بالموضوع، تحديدا الولايات المتحدة والدول الأوروبية، مثلما فعلت أثناء توجيه أوجلان لندائه.

هل انتهت “حكاية السلاح”؟

لا يُظهر المراقبون الأكراد تفاؤلا مفتوحا بالمجريات الحالية، وغالبيتهم تميل للحذر من الخطوات المستقبلية، التي قد تطيح بكل شيء، وتُرجع الأمور “أسوأ” مما كانت عليها، كما يشرح الباحث في مركز الفرات للدراسات وليد جليلي في حديثه مع “المجلة”. ويضيف: “لا يتطلب الأمر الكثير من الحصافة للقول إن المسألة الكردية في تركيا هي من أنتجت الصراع المسلح، وليس العكس. أي إن إنهاء الصراع المسلح لن يعني بالضرورة نهاية القضية الكردية، أو حتى إمكانية اندلاعها بعنف وجذرية أكبر. فالشهور القادمة، ستُظهر إن كانت الدولة العميقة في تركيا، ممثلة راهنا بتحالف حزبي (العدالة والتنمية) و(الحركة القومية) مع المحفلين العسكري والاستخباراتي، هل ستكون قادرة على ملاقاة مبادرة (الكردستاني) سياسيا وتشريعيا أم لا. لأن عدم حدوث ذلك، سيفتح الأبواب واسعة أمام خيبة أمل متجددة في الأوساط الكردية، وهؤلاء بعشرات الملايين في الداخل التركي، وقد يتسبب ذلك بعنف من أشكال مختلفة، مدني وشعبي على الأغلب”.

ويضيف الباحث وليد الجليلي المختص بالشؤون الأمنية: “في تتبع سيرة حزب (العمال الكردستاني)، يبدو واضحا أن الكفاح المسلح لم يكن خيارا أوليا وجذريا مطلقا بالنسبة له. فمنذ تأسيسه في عام 1978 وحتى عام 1984 لم يمارس الحزب أي نشاط مسلح، بل كان يستند إلى وعي سياسي ثوري/ماركسي، يؤمن بأن الانتفاضات الشعبية قادرة على إجبار السلطات الحاكمة على القبول بالتفاوض ومنح الحقوق. وحتى مع مرحلة الصراع المسلح المفتوحة (1984-1999)، أي إلى حين اعتقال زعيم (العمال الكردستاني)، فإنه أعلن وقفا لإطلاق النار من طرف واحد لعشرات المرات، ولم يحدث أن انزاح لأي وهمٍ بأن المسألة الكردية يُمكن حلها من خلال العنف والقسر، بل كان يؤكد أن هذه الأخيرة هي للدفع والتأثير ليس إلا، على الرغم من فظاعة الانتهاكات التي طالت مقاتليه أو قواعده الاجتماعية. منذ عام 1999، لم يمارس (العمال الكردستاني) الهجمات المسلحة إلا نادرا، وبغرض التذكير بوجود المسألة الكردية ضمن النقاش السياسي العام في البلاد ليس إلا. كذلك غيّر جذريا من طبيعة أيديولوجيته ونزعاته السياسية، من تنظيم سياسي كان يطالب بتقسيم تركيا وتأسيس دولة كردستان الكبرى، وصولا للقبول بتشكيل دولة ديمقراطية تعترف بالكرد في تركيا. هذه التحولات التي آن للدولة التركية ملاقاتها، ولو قبل منتصف الطريق بمسافة طويلة، ولو لم يحدث، فإن الحكاية ستبدأ من جديد”.

المجلة

————————-

=========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى