الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا  تحديث 17 أيار 2025

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع

——————————–

حزب العمال الكردستاني: نهاية حقبة تاريخية طويلة/ بكر صدقي

من المحتمل أننا نشهد نهاية صراع مسلح امتد عقوداً، لا يخص تركيا وحدها بل له امتدادات إقليمية في الدول المجاورة، العراق وسوريا وإيران، من غير أن ننسى تدخلات دولية أخرى استثمرت فيه لصالح أجندات تخصها. فقد أعلن حزب العمال الكردستاني، في بيان مطوّل، أنه عقد مؤتمره العام الثاني عشر وقرر فيه التخلي عن السلاح وحل نفسه تنظيمياً، مبرراً هذه الخطوة بأن الكفاح المسلح قد استنفد أسباب وجوده بعدما حقق إنهاء سياسة إنكار الهوية القومية الكردية التي اتبعتها الدولة التركية الحديثة منذ قيامها، ونالت القضية الكردية اعترافاً في الرأي العام كمسألة يجب السعي من أجل حلها. كذلك لأن عصر الكفاح المسلح للشعوب قد انتهى، وبات النضال السلمي لتحقيق تطلعاتها هو الأكثر نجاعة.

وجاءت هذه الخطوة في نهاية مسار أطلقه زعيم حزب الحركة القومية التركي دولت بهجلي، في تشرين الأول الماضي، دعا فيه عبد الله أوجلان للحضور إلى البرلمان وإطلاق نداء لحزبه يطالبه فيه بالتخلي عن السلاح وحل نفسه. وتلقف حزب المساواة والديمقراطية، ممثل الكرد في البرلمان، هذه المبادرة فشكل وفداً قام بعدة زيارات إلى جزيرة إيمرالي حيث قابل الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان للتباحث حول مبادرة بهجلي، لتنتهي تلك المباحثات إلى توجيه أوجلان نداءه الشهير إلى حزبه، في 27 شباط الماضي، مطالباً الحزب فيه بعقد مؤتمر يتخذ القرار بإلقاء السلاح وحل نفسه. وافقت قيادة الحزب المتمركزة في جبل قنديل في شمال العراق على مطالب أوجلان وطالبت الدولة التركية بتوفير الشروط اللازمة لأوجلان ليتمكن من قيادة المؤتمر. لا نعرف على وجه الدقة هل تم توفير تلك الشروط وكيف، فثمة تكهنات حول مشاركته في المؤتمر بواسطة الهاتف أو تكنولوجيات الاتصال الحديثة، لكن السلطة تتكتم على هذا الموضوع، تكتمها على هذه العملية السياسية ككل، لأنها تريد الظهور أمام الرأي العام بمظهر أنها «لا تفاوض الإرهاب» وأن «المنظمة الإرهابية قد استسلمت استسلاماً بلا شروط»! وفي الأساس هي تعتبر أن الهدف من العملية السياسية الجارية هو «تركيا خالية من الإرهاب» وليس حل المسألة الكردية.

بالمقابل لا يتضمن البيان الذي أعلن فيه الحزب حل نفسه أي إشارة إلى مقايضة مع الدولة التركية، لكنه يربط بين مطالبه السياسية وتحول استراتيجيته من الكفاح المسلح إلى النضال السياسي والحقوقي، كنقلة في المسار التحرري الكردي.

على كلا جانبي هذه العملية السياسية، التركي والكردي، ثمة مؤيدون متحمسون ومعترضون متشائمون. ولكن يمكن الحديث عن مناخ عام من التفاؤل مدفوع بالرغبة في إنهاء إراقة الدماء وطي صفحة صراع مديد قتل فيه عشرات آلاف الأشخاص من الجانبين، ومثلهم ممن أفنيت أعمارهم في السجون، وتكلفة اقتصادية تقدر بمليارات الدولارات، وتسميماً متصلاً للحياة السياسية استثمره أصحاب المصالح السياسية والمافيوية، وتآكلاً مطرداً للديمقراطية بنموذجها التركي الهش أصلاً. أضف إلى كل ذلك علاقات تركيا بدول الجوار التي كان هذا الصراع سبباً أساسياً لتوترها الدائم.

على مستوى الأحزاب السياسية اعترض كل من الحزب الجيد وحزب النصر على العملية السياسية بصورة علنية، وهما حزبان قوميان هامشيان، في حين أعلن زعيم حزب المعارضة الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال تأييده للعملية على رغم أنه يخوض صراعاً سياسياً حامياً مع السلطة على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومرشح الحزب للانتخابات الرئاسية القادمة أكرم إمام أوغلو. ولكن ثمة «تيارا وطنيا» داخل الحزب يعارض العملية من خلال أقلام تعبر عنه، يقوم اعتراضه على توجس من تقديم الدولة المحتمل لتنازلات كبيرة مقابل حل حزب العمال الكردستاني. تمتلئ أعمدة كتاب الصحف بتسريبات وتكهنات وتحليلات تدور حول احتمال إطلاق سراح عبد الله أوجلان (ويقال إنه شخصياً لا يريد ذلك، ربما خشيةً على حياته من أعمال ثأرية من متشددين قوميين) أو الموافقة على قيام كيان فيدرالي كردي في سوريا (فهذا «مشروع أمريكي ـ إسرائيلي سيتم فرضه على تركيا» وفقاً لبعض المعترضين على العملية السياسية) أو حتى إقامة نظام لامركزي في تركيا نفسها يشمل المناطق ذات الكثافة السكانية الكردية. أما التكهنات الأقل هوائية، ويروج لها عموماً المتفائلون، فتدور حول تغييرات سياسية ـ حقوقية متدرجة محتملة بشأن تحديد مصائر أعضاء حزب العمال الكردستاني ومقاتليه بعد حله، وإطلاق سراح المرضى والمسنين من بين المسجونين من أعضائه أو أنصاره، وترتيب منافي محتملة لكادره القيادي، وإطلاق سراح كوادر حزب المساواة والديمقراطية والتوقف عن عزل رؤساء بلدياته المنتخبين وتعيين أوصياء بدلاً منهم… أما فيما خص أوجلان بالذات فقد تحدثت تقارير إعلامية عن نقل سجناء آخرين إلى سجن إيمرالي ليشكلوا فريق عمل «سكرتاريا» له لإدارة الجانب التنفيذي من تسليم سلاح الحزب وحل منظماته، وثمة تكهنات باحتمال نقله، في مرحلة لاحقة، إلى منزل في إقامة جبرية بدلاً من السجن.

وتشكو أوساط المعارضة من أن العملية الهادفة إلى حل حزب العمال الكردستاني جاءت على حساب القيم الديمقراطية، لأن حزب المساواة والديمقراطية انتقل بموجبها من صفوف المعارضة إلى التقارب مع السلطة، الأمر الذي يعزز تفرد أردوغان بالحكم وقد يفتح أمامه باب الترشح إلى الانتخابات الرئاسية القادمة.

الواقع أن أردوغان قد لا يكون بعيداً عن هذه الحسابات السياسية، بدلالة تأييده الفاتر للعملية السياسية مقابل الحماسة الكبيرة لشريكه دولت بهجلي. وعموماً نرى في اللوحة السياسية انشطاراً بين «عمليتين» إذا جاز التعبير، واحدة تتعلق بالمعركة المبكرة على رئاسة الجمهورية، والثانية بحل سياسي لصراع دموي مديد. أردوغان يسعى إلى تأمين الإطار القانوني لترشيحه مرة أخرى، وإخلاء الساحة من منافس قوي على السلطة؛ في حين يعتبر بهجلي نفسه، ويعتبره الرأي العام، ناطقاً باسم الدولة التركية، فيسعى إلى حماية تركيا من المخاطر الاستراتيجية من خلال حل مشكلة حزب العمال الكردستاني على قاعدة «الأخوّة التركية ـ الكردية التي عمرها ألف عام» وفقاً لتعبيره.

كاتب سوري

القدس العربي

————————–

خواطر من وحي حلّ حزب العمال الكردستاني/ أرنست خوري

14 مايو 2025

قرار حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه تاريخي بالفعل، على الأقل لأنه يعدنا بإمكانية أن تنتهي قضية من قضايا هذا الشرق الأوسط وتسقط عن رف “القضايا المقدّسة” العصية على الحل. وبقدر ما هو تاريخي، فإنه يحيل إلى تقاليد سياسية مفقودة في العالم الثالث الذي يشمل مناطق إقامة الأكراد في تركيا والعراق وإيران وسورية. وبغض النظر عن مصير القرار وعن مدى التزام فروع الحزب فيه، وعن كيفية ملاقاته من السلطة في أنقرة، فإنّه بمثابة تذكيرٍ لقارئ عربي كم أن أفكاراً سياسية بدائية وبديهية، كإعلان انتهاء مفعول حزبٍ ما، أو اعتراف بفشل أدوات الشغل لتحقيق هدف، أو إعادة النظر في شعارات قضية معيّنة، غائبة عن الحياة السياسية العربية القريبة جداً جغرافياً وديمغرافياً وفكرياً من ميادين حزب العمّال الكردستاني، التركي رسمياً، ولكنه مطعّم بقيادات ومقاتلين وجماهير كردية عريضة من بلدان عربية. فأن يحلّ حزب ماركسي ــ لينيني نفسه، كـ”العمّال الكردستاني”، متمحور منذ تأسيسه قبل 47 عاماً حول قائد واحد هو بمثابة إله ملهم أو نصف إله بالنسبة إلى أنصاره، فإنما ذلك يتطلب جرأة هائلة ومراجعات سياسية من صاحب القرار (عبد الله أوجلان) لمسيرة نصف قرن من كفاحه المسلح والسياسي. جرأة ومراجعات لا تقلّل من أهميتها ثرثرات تعزو القرار بسطحية مذهلة إلى رغبة أوجلان بالخروج من سجنه مقابل حل الحزب، وهي صفقة كان على الأرجح قادراً على إبرامها منذ اعتقاله عام 1999، لا عن عمر 76 عاماً، بعد 26 سنة قضاها في سجن انفرادي وسط جزيرة إمرلي.

في ذاكرة المتابع العربي حالات نادرة من حلّ أحزاب عربية نفسها، على عكس وفرة أمثلة حظرها بقرارات سلطات حاكمة. ويذكر كاتب هذه السطور ما أخبره إياه المفكر الشيوعي المصري سمير أمين عام 2008 عن كيف قررت قيادة الحزب الشيوعي المصري حلّ التنظيم عام 1965 إكراماً لجمال عبد الناصر! وشتّان ما بين تلك الإكرامية وقرار أوجلان الذي لم يكن يقتنع طيلة عقدين من كفاحه المسلح والسياسي بأقل من دولة كردية تمتد على أراضي إقامة الأكراد في سورية والعراق وإيران وتركيا. استوعب الرجل الفشل، فباشر تقديم التنازلات التي لم تجعل من ناسه يكفّرونه، ذلك أن الجمهور الكردي القومي نفسه اقتنع باستحالة إقامة دولة كردية وتعب من كلفة القضية. انتقل أوجلان من شعار الدولة الكردية إلى نظرية الكونفيدرالية الكردية التركية ــ السورية ــ الإيرانية ــ العراقية، ثم يئس فاقترح إرساء أنظمة فيدرالية في بلدان الأكراد الأربعة. فكرة بدت مستحيلة مجدداً في ظل اتفاق أنظمة البلدان المذكورة تلك ضد الأكراد وقومييهم، فنزل أوجلان طابقاً إضافياً في مبنى تصوراته السياسية ليكتفي بمطلب الإقليم الكردي المحكوم ذاتياً داخل تركيا حصراً، وهو إقليم حدد له عيد ميلاد هو 15 يوليو/ تموز 2011، وقد أحبطت السلطات التركية إبصاره النور بحملة أمنية في عاصمة أكراد العالم، دياربكر. حصل كل ذلك بعدما لم يكتفِ أكراد تركيا بما قدمته حكومة رجب طيب أردوغان لهم تحت رئاسة عبد الله غول عام 2009 باسم “خطة الانفتاح الديمقراطي”، من تلفزيون وإذاعة تركيين حكوميين باللغة الكردية (TRT 6)، وخطة لتنمية مناطق الأكراد بقيمة 12 مليار دولار من دون أن تنص لا على حل فيدرالي ولا على قانون عفو شامل ولا على حكم ذاتي للأكراد ولا حتى على توسيع حيّز اللامركزية للمحافظات الكردية في جنوب شرق الأناضول.

أمّا وقد بات القوميون الأكراد الأتراك يكتفون بمطلب مساواتهم مع بقية المواطنين في الحقوق السياسية الكاملة في دولة ديمقراطية غير طورانية، فحينها يصبح كل المعنى في تعاطي الحكومة التركية مع حدث حل الحزب نفسه وتسليم سلاحه. أمام السلطة التركية فرصة نادرة لإنصاف الأكراد سياسياً، لا ثقافياً فحسب، وإلا تكون قد حرمتنا من أن نقول إننا أخيراً رأينا في عمرنا القصير هذا قضية تُحَلّ وتخسر لحسن الحظ صفة “القضية” ويصبح ذكرها متبوعاً بصفة “السابقة”.

العربي الجديد

—————————————-

بعد حلّ حزب العمال الكردستاني… هل من “إمارة كردية” في سوريا؟/ بشير أمين

14.05.2025

إنهاء الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني وبداية مسار السلام يتطلبان تنازلات وتوافقات كثيرة من جميع الأطراف. الأنظار الآن تتجه إلى الدولة التركية: كيف ستردّ على هذه الخطوة؟ هل ستفتح أبواب العمل السياسي أمام الكرد؟ هل ستعيد النظر في علاقتها مع قنديل ومع شمال شرقي سوريا؟

أعلن حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه، منهياً مرحلة الكفاح المسلّح، بعدما “أوصل القضية الكردية إلى طريق الحل وأكمل مهمته التاريخية”. يأتي هذا الإعلان بعد مسار من التغييرات السياسية في المنطقة، تُوّج ببدء مفاوضات السلام مع الدولة التركية نهاية العام المنصرم، وصولاً إلى رسالة عبدالله أوجلان، قائد الحزب، من سجنه، التي دعا فيها إلى عقد المؤتمر وإلقاء السلاح.

وصلت ارتدادات هذا الحدث إلى سوريا، عبر توقف المعارك بين تركيا والإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بفضل توافقات إقليمية ودولية، من بينها الاتفاق بين أحمد الشرع ومظلوم عبدي في آذار/ مارس الماضي. ويُعد هذا الاتفاق أول وثيقة في تاريخ سوريا تشير إلى حقوق دستورية لجماعة كردية.

سمّت الوثيقة الكرد بوصفهم “مجتمعاً أصيلاً”، بينما كانت أطراف سياسية كردية تدعو إلى الاعتراف بالكرد كـ”شعب يعيش على أرضه التاريخية” وأحد الشعوب السورية الأصيلة. لكن الجدل حول هذا البند لم يُلغِ أهمية الوثيقة وسابقيّتها في تاريخ الجمهورية السورية. فما شكل الحكم في سوريا الجديدة إذا استمرت سياسة تجنب الاشتباك بين الشرع وعبدي؟ والأهم، ما شكل العلاقة الكردية – التركية في المرحلة المقبلة؟

تاريخ الإمارة الكرديّة

في رسالته الأخيرة، أشار أوجلان إلى تعايش الشعبين الكردي والتركي لأكثر من ألف عام، واصفاً إياه بعلاقة أخوّة إيجابية، شابها التوتر بفعل التمدد الغربي، والرأسمالية، والثورة الصناعية. يتضمّن هذا الخطاب إشارة إلى حقبة الإمارات الكردية تحت الحكم العثماني، حين كان الكرد يحكمون أنفسهم في إمارات “ذات حكم ذاتي”، ملتزمين بدفع الضرائب للسلطان العثماني، وإعلان الولاء له، مع الاحتفاظ بصلاحيات واسعة في الحكم المحلي.

وربما أبرز ما يتصل به الكرد السوريون من هذا التاريخ هو إمارة إبراهيم باشا الملّي، الذي عُرف بندّيته ضد العثمانيين والفرس، وبقيادته القوية، فحكم مناطق واسعة مما يُعرف اليوم بشمال سوريا وشرقها، وقاد “الجيش الملّي” المؤلّف من ائتلاف عشائري.

وفّر حكم الإمارات الكردية حماية للإرث والتراث الكردي، من لغة وعادات ونسيج اجتماعي. وبقي متمركزاً في منطقة الكثافة الكردية، مع قدرة عالية على الحوكمة المحلية من خلال الباشوات آنذاك. كما وفّر للدولة العثمانية تحالفاً يضمن لها الضرائب، وولاءً سياسياً من دون الحاجة الى التدخل المباشر في شؤونها الداخلية، فضلاً عن تشكيله سداً منيعاً أمام الدولة الصفوية في ذلك الوقت.

“الحدود الكردية” أو The Kurdish Frontier، شكّلت خط الدفاع الأول أمام التهديدات الخارجية للإمبراطورية. ويمكن قراءة هذا التحالف على أنه خيار براغماتي، فرضته وعورة المناطق الجبلية، واعتماد السلطنة على الكرد كجنود عند الحاجة.

لم تكن الإمارات الكردية استثناءً، إذ كانت السلطنة العثمانية ذات طابع لا مركزي، خصوصاً خلال القرنين الأولين من حكمها، وهو ما منحها قوة وسلطة كبيرة في إدارة المناطق. لكن مع التوسع في أوروبا والبلقان، بدأت تشتبك مع مجتمعات مختلفة في الدين والعادات، ما جعل الحكم أكثر تعقيداً، ودفعها نحو المركزية، وهو ما أدى لاحقاً إلى تقويض الولاءات المحلية وفقدان السيطرة.

حكم محلي كردي؟

قد يشكّل هذا النوع من العلاقة اليوم، نموذجاً مقبولاً كحلّ سياسي يوفّق بين مختلف الأطراف في سوريا، ولا سيما الأكراد وتركيا. لكن ليس بالطبع على شكل الإمارات التي وُجدت قبل قرون. هذا النموذج قد يُقلق قوى إقليمية أخرى كإسرائيل وبعض الأنظمة العربية، التي لا تطمئن لما تعتبره “التمدد التركي” تحت شعار “العثمانية الجديدة”. ليبقى السؤال: هل يمكن لهيمنة اقتصادية تركية على سوريا، مقابل صلاحيات واسعة في الحكم المحلي في مناطق متعددة، على غرار نموذج “إقليم كردستان العراق”، أن ترضي جميع الأطراف؟

في سوريا، يبدو أن كلاً من الشرع وعبدي يجدان مصلحة في هذا النموذج، فهو يقدّم لهما الاستقرار السياسي ويوقف النزاع، ويتيح لكلٍّ منهما التفرّغ للملفات الاجتماعية والاقتصادية. كما أن هذا الاتفاق غير المعلن يحفظ لكل طرف مناطقه، ويبقيه وكيلاً لقوى أكبر تضمن عدم التصادم بينهما.

أما بالنسبة الى تركيا، فهي تجد في توحيد التيارات السورية، بما فيها الكردية، فرصة استراتيجية لمواجهة التمدد الإيراني أو الإسرائيلي في المنطقة. هذا المشروع، على رغم كونه طموحاً وربما مفرطاً في التفاؤل بنظر البعض، إلا أنه يوفّر مساحة آمنة لجميع الأطراف في منطقة أنهكتها الحروب.

ماذا يعني حل حزب العمال الكردستاني؟

حلّ الحزب نفسه وإعلان انتهاء الكفاح المسلح، كما جاء في بياناته، يعكسان إدراكاً لتحوّلات الواقع السياسي، ومحاولة لمواكبة “حركة التاريخ”. لكن بعض المراقبين اعتبروا ذلك استسلاماً أمام صعود تركيا وقوتها بعد انكفاء النظام السوري. وقد يكون لكلَي الرأيين نصيب من الصحة. لكن الثابت أن هذه الخطوة تمثل تضحية من الحزب الأم، لولادة مشروع جديد في سوريا، ممثلاً بالإدارة الذاتية وحزب المساواة، وكذلك بديل سياسي في تركيا عبر حزب الشعوب الديمقراطي.

هذه الخطوة لا تعني نهاية الحزب، بل قد تمثل انتصاراً سياسياً شبيهاً بما حققه الجيش الجمهوري الإيرلندي IRA في اتفاق “الجمعة العظيمة” عام 1998، حين تخلّى عن السلاح من دون أن يحقق استقلال إيرلندا الشمالية، لكنه كسب تمثيلاً سياسياً واتفاقات تحفظ مصالحه.

حلّ الحزب يُسقِط الذريعة عن التدخلات العسكرية التركية في سوريا والعراق، ويقوّي الموقف الكردي في العمل السياسي السلمي. لكن يبقى التحدي داخلياً، في إقناع مقاتلي الحزب الذين أفنوا حياتهم من أجل مشروع الدولة الكردية، بجدوى هذا التحول التاريخي. لذلك طُرحت فكرة إشراف أوجلان شخصياً على عملية إلقاء السلاح وضمان حقوق المقاتلين، مقابل عودته إلى الحياة السياسية.

بداية جديدة أم اختبار صعب؟

إنهاء الكفاح المسلح وبداية مسار السلام يتطلبان تنازلات وتوافقات كثيرة من جميع الأطراف. الأنظار الآن تتجه إلى الدولة التركية: كيف ستردّ على هذه الخطوة؟ هل ستفتح أبواب العمل السياسي أمام الكرد؟ هل ستعيد النظر في علاقتها مع قنديل ومع شمال شرقي سوريا؟

على رغم هشاشته، فإن هذا الاتفاق يمكن أن يشكّل قاعدة لعلاقة أفضل بين الأكراد والأتراك، وقد ينعكس على العلاقة مع المحيط العربي أيضاً. لكنّه سيبقى رهناً بشكل الحكم في المناطق الكردية، ومدى ذاتية الإدارة التي سيُسمح لها بممارستها في إطار الدولة السورية المستقبلية.

درج

———————————

 فيدان: قسد لم تنفذ البروتوكول الموقّع مع دمشق ويجب أن تسلّم سلاحها

2025.05.15

أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن أمن واستقرار سوريا ضرورة لا يمكن تجاهلها، محذراً من أن الهجمات الإسرائيلية تشكل تهديداً كبيراً لاستقرار البلاد.

وأضاف في مؤتمر صحفي عقده عقب مشاركته في اجتماع وزراء خارجية الناتو غير الرسمي في أنطاليا: “يجب تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا. هجمات إسرائيل تشكل تهديداً جدياً لاستقرار سوريا. عدم استقرار سوريا لا يخدم مصلحة أي طرف. حكومة دمشق مسؤولة عن أمن جميع من يعيشون في سوريا، بمن فيهم الدروز”.

“يجب تفكيك بنية قسد العسكرية”

وفي ما يخص مستقبل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، قال فيدان إن تركيا دعمت البروتوكول المكوّن من 8 بنود الذي تم توقيعه بين قسد والحكومة السورية.

وأضاف: “قلنا إن من حق إخوتنا الأكراد في سوريا أن يتمتعوا بجميع الحقوق في إطار مبدأ المواطنة الدستورية المتساوية. يجب تفكيك الهياكل العسكرية لـ YPG. ويجب عليهم تسليم كل شيء للجيش السوري”.

وأكد أن “YPG لم تقم بالخطوات المطلوبة”، مضيفاً: “حتى الآن، لم تُتخذ أي خطوة من طرف YPG، وننتظر تنفيذ هذه الخطوات”.

تركيا تطالب برفع العقوبات الأميركية عن سوريا

وعن الموقف الأميركي من العقوبات المفروضة على سوريا، أشار فيدان إلى أن هذه القضية طُرحت في محادثات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي السابق دونالد ترامب.

وقال: “أنتم على علم بجهودنا بخصوص الملف السوري. موضوع رفع العقوبات عن سوريا طُرح أيضاً على أعلى المستويات. وقد أوضح السيد روبيو ذلك اليوم. الرئيس أردوغان نقل إلى الرئيس ترامب خلال لقاءاتهما طلب رفع العقوبات عن سوريا، وقال ترامب إن هذا الطلب من الرئيس أردوغان كان له تأثير في قراره”.

وختم فيدان بالإشارة إلى أن “هناك العديد من المسائل التي يجب متابعتها في سوريا، وسنتناول في اجتماعاتنا المقبلة كيفية تنفيذ القرارات التي اتخذها القادة أمس من حيث المبدأ”.

————————————

حل “حزب العمال الكردستاني” لنفسه وآثاره على سوريا/ فراس فحام

2025.05.15

في 12 أيار/ مايو الجاري خرج إلى العلن القرار الذي تمت حياكته في الكواليس الكردي على مدار الشهور الماضية، والمتمثل بإعلان حزب العمال الكردستاني التاريخي بحل نفسه، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول هذا القرار على الملف السوري نظراً للتداخل بين كوادر الحزب وتنظيم قسد الذي يمتلك مناطق نفوذ شمال شرقي سوريا.

سياقات الإعلان

لم يكن الإعلان مفاجئاً، فهو أتى بعد أشهر من الكلمة التي ألقاها زعيم الحزب المؤسس عبد الله أوجلان، ودعا فيها الحزب إلى إلقاء السلاح بسبب تغير المعطيات والظروف التي دعت إلى العمل المسلح.

الموقف الذي اتخذه أوجلان هو استجابة لجهود التحالف الحاكم في تركيا، الذي أطلق مطلع عام 2025 مبادرة العفو عن أوجلان مقابل إعلانه التخلي عن العمل المسلح، كما رشحت تسريبات تشير إلى وجود مباحثات بين حزب المساواة وديمقراطية الشعوب الكردي التركي، وتوافقات أولوية على تعديل الدستور التركي بما يضمن الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي في البلاد، حيث يرغب التحالف الحاكم بالمزيد من إدماج المكون الكردي في الدولة التركية، مستفيداً من المتغيرات الإقليمية.

من أبرز المتغيرات الإقليمية التي ساعدت في إعلان العمال الكردستاني لحل نفسه تراجع النفوذ الإيراني الكبير، حيث وفرت طهران لسنوات الدعم المالي والعسكري المباشر وغير المباشر للحزب في العراق، سواء عبر تمويل بعض فصائله من خلال منظمة الحشد الشعبي مثل وحدات حماية سنجار، أو تقديم الدعم العسكري مثل الطائرات المسيرة البسيطة للحزب المتمركز في جبال قنديل وكارة، واستفادت طهران من الهوامش التي كانت تمتلكها في المنطقة زمن الإدارات الأميركية الديمقراطية، لكن نفوذ إيران تراجع كثيراً بعد تقويض سيطرة حزب الله في لبنان، وسقوط بشار الأسد في سوريا، وفي ظل الضغوطات التي يمارسها الرئيس الأميركي ترامب لفصل العراق عن نفوذ إيران.

ومنذ أواخر عام 2024 وسعت تركيا من عملياتها العسكرية شمالي العراق لتتجاوز عمق 35 كيلومتراً، كما نفذت عمليات أمنية ضد قيادات عسكرية والبنية التحتية للحزب، الأمر الذي أدى لإضعافه لحد كبير، وسط تغاضٍ أميركي عن هذه العمليات، في ظل رغبة ترامب بتوقيع اتفاق نووي بشروط جديدة مع طهران، لكن مع ضمان تفكيك أذرعها في المنطقة، التي لم يتبق منها بعد ضعف حزب الله اللبناني سوى الحشد الشعبي الذي يطالبه بحله، وحزب العمال الكردستاني الذي يقدم خدمات بالوكالة لطهران.

الانعكاسات المنتظرة على الملف السوري

يتصف تنظيم قسد بوجود تيارات متباينة فيه، منها مرتبط بحزب العمال الكردستاني وإيران مثل تنظيم شبيبة الثورة، بالإضافة إلى شخصيات سياسية تنشط ضمن مجلس سوريا الديمقراطية، وتيار يقوده مظلوم عبدي استفاد من الوجود الأميركي في سوريا وتقارب مع واشنطن.

وفقاً للمعلومات فإن ترتيبات إعلان العمال الكردستاني لحل نفسه ستشمل مغادرة كوادره لسوريا، وهذا يعني فتح المجال أمام المزيد من إدماج قسد ضمن أجهزة الدولة السورية، مقابل تثبيت حقوق المكون الكردي في دستور سوريا المقبل.

واستطاع التيار المحسوب على حزب العمال الكردستاني طيلة الأشهر الماضية تعطيل تنفيذ التفاهمات التي تم التوافق عليها بين الحكومة السورية وقائد قسد، ومن ضمنها تفعيل مؤسسات الدولة شمال شرقي سوريا، واستلام الحكومة لحقول وآبار النفط.

من المتوقع أيضاً أن تتراجع قسد عن المطالب المتعلق بالفيدرالية، وتتمسك بنظام الحكم اللامركزية، نظراً لقناعتها بعدم إمكانية تحقيق مطلب الفيدرالية نتيجة تغير الظروف الدولية والإقليمية مع تفكيك الاتصال بين سوريا والعراق عبر حل العمال الكردستاني، واستمرار الانسحاب الأميركي من سوريا، ولذا ستركز قسد على النضال ضمن إطار سوريا للحصول على مكتسبات للمكون الكردي.

بحسب المعلومات التي رشحت من أوساط قسد، يتم التجهيز حالياً لإدماج قوات الأسايش التابعة لها ضمن الأمن العام السوري، بالإضافة إلى نقاش كيفية إدماج القوات العسكرية ضمن القوات الحكومية.

إذاً، سيساهم قرار حل حزب العمال الكردستاني في دفع قسد إلى المزيد من الانخراط ضمن الحل السوري، وبالتالي تقليص حجم التوتر الداخلي في سوريا، بالإضافة إلى تراجع فرص الحل العسكري التركي طالما أن الأمور تسير باتجاه نجاح الحوار بين دمشق وقسد وفقاً للمعطيات الجديدة.

تلفزيون سوريا

—————————————

حزب العمال الكردستاني”: قصة موت مُعلن”!/ ريزان حدو

15/5/2025

أُعلن حل “حزب العمال الكردستاني” رسميًّا، في خطوة كانت متوقعة لا سيما بعد رسالة أوجلان التاريخية. فهل نحن أمام مجرد مشهد أريد له أن يكون نهاية الفصل الثاني من حكاية الحزب؟

في نيسان/أبريل 2004 وإثر انتفاضة الكرد ردًّا على العنف الذي مارسته السلطة السورية بحقهم، التقيت في مدينة عفرين بصحفيين من اليابان، ودار بيننا حوار طويل، لا تزال كثير من تفاصيله عالقة في ذهني، وعلى وجه الخصوص الحديث عن “الشرق الأوسط الجديد” وهدفه غير المعلن: استقرار يوفر بيئة آمنة مستدامة لطرق التجارة، وأنابيب نقل البترول والغاز، والمياه ومصادرها .وأهم عوامل “تحقيق الاستقرار المنشود” هندسة المنطقة ديموغرافيًّا، وأيديولوجيًّا، ولا سيّما، إضعاف والسعي إلى القضاء على المنظمات الأيديولوجية العابرة للحدود.

للمصادفة استعرضنا وقتها مثالين أساسيين: “حزب العمال الكردستاني”، بأيديولوجيته التي هي مزيج من ماركسية متطرفة وهي الجوهر، وشعارات قومية كردية وهي المظهر. أما المثال الثاني فـ”حزب الله” اللبناني، بأيديولوجيته الدينيّة – الشيعية، وولاية الفقيه.

أركز في هذه المقالة على حالة “حزب العمال الكردستاني” بطريقة رياضية (الفرضية ثم العمل على برهان صحتها)، انطلاقًا من فرضية أن “الشرق الأوسط الجديد” يقتضي خلو المنطقة من المنظمات الـ”فوق دولتية”.

مسارٌ قديم

خلافًا لما قد يتبادر إلى الذهن، لا يبدو قرار قادة “حزب العمال الكردستاني” المُعلن عنه أخيرًا بحل الحزب أمرًا مستغربًا. هي خطوة ربما تأخر الإعلان عنها. فـ”العمّال الكردستاني” كما عرفه المتابعون، وكما عرّف هو عن نفسه عند تأسيسه عام 1978، لم يعد موجودًا منذ سنوات طويلة، ومسار “الحل” أو “التفكيك” ربما بدأ منذ عقود، وعلى وجه التحديد بُعيد الغزو العراقي للكويت، وما تبعه من ارتدادات أهمها “مؤتمر مدريد للسلام”، ولاحقًا “اتفاق أوسلو” الذي كان أشبه بإعلان انتهاء حقبة الكفاح الفلسطيني المسلح بشكله “الكلاسيكي” الذي اشتهر به في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، وبرموزه التاريخية (“فتح”، “الجبهة الشعبية”، إلخ …).

بالتزامن مع كل ذلك، بدأت عملية التمهيد لإنهاء ملف “حزب العمال الكردستاني”. فبينما كان الكرد ينتظرون تحقيق الشعارات والوعود التي أطلقها قادة حزب “العمال”، ومنها: “مطلع التسعينيات سيكون موعد تحرير كردستان الشمالية وولادة دولة كردستان”، فوجئ الكرد بأن محادثات سلام تجري بين الزعيم التاريخي لحزب “العمال” عبد الله أوجلان، والرئيس التركي وقتئذ تورغوت أوزال، بوساطة من زعيم حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” جلال الطالباني، ومما تسرب عن المفاوضات حينها أن أقصى ما قد يحصل عليه الكرد في تركيا نوع من الحكم الذاتي.

وصلت تلك المفاوضات إلى مراحل متقدمة، قبل أن تفرملها الوفاة المفاجئة والغامضة للرئيس التركي، والتي فسّرها البعض ومنهم نجل أوزال نفسه بأنها “ليست وفاة طبيعية إنما عملية اغتيال جاءت ترجمة لقرار الدولة العميقة في تركيا المعترضة على توجهات أوزال”.

في المقابل، فإن جناحًا في حزب العمال كان قد لاقى موقف الدولة العميقة التركية، بموقف مشابه معاكس في الاتجاه، وترجم موقفه بعمليات عسكرية عديدة في خطوة تصعيدية. لم تحقق تلك المفاوضات أي مكسب لحزب العمال، بل على العكس وضعت قادة الحزب بمواجهة أول استحقاق صعب أمام مناصريهم الباحثين عن تفسير يشرح لهم أين شعار “دولة كردستان قادمة”، وجلّ ما فاوضوا عليه نوع من الحكم الذاتي؟!

“سبعة أيام مع آبو”

بالتزامن مع المفاوضات بين أوجلان وأوزال، أطلق “حزب العمال” ورشة مهمتها التحضير لعقد مؤتمر كردستاني يشمل كل أجزاء كردستان (في إيران، والعراق، وتركيا، وسوريا)، لكن سُربت معلومات عن نية الحزب تغييب كرد سوريا، ما أثار وقتذاك امتعاض قيادات كردية سورية.

وبرغم محاولة قادة “العمال” تفسير ذلك بأنه “مجرد تكتيك لمسايرة دمشق المحتضنة لقادة الحزب وعلى رأسهم أوجلان”، فإن عقد المؤتمر وتغييب كرد سوريا ترك جرحًا في وجدان الكرد السوريين الذين يُعتبرون الداعم الأكبر للحزب. زاد تقيّح الجرح مع حديث أوجلان في كتاب “سبعة أيام مع آبو” للكاتب السوري نبيل الملحم. إذ  نفى أوجلان (المعروف بلقب “آبو”) وجود قضية كردية في سوريا، لا من حيث الجغرافيا ولا من حيث الشعب. وقال إن الكرد السوريين “مجرد مهاجرين من شمال كردستان ـــ أي تركيا ـــ باتجاه الجنوب، أي سوريا”، وأنه سيعمل على تصحيح ما جرى عبر إطلاق حملة معاكسة من الجنوب باتجاه الشمال .

أيضًا حاول قادة “العمال” التقليل من أهمية ذلك الحديث، تارة عبر نفيه جملة وتفصيلًا، وتارة بزعم أنه مجرد ترجمة خاطئة، وحينًا على أنه “تكتيك سياسي يراعي به حزب العمال دمشق”. لكن النتيجة أن نسبة غير قليلة من حاضنة “العمّال” في سوريا صارت تنظر إلى حزبها من منظار جديد، وبدا الأمر أشبه بتهيئة الظروف للمرحلة الثانية: مرحلة ما بعد اعتقال أوجلان. فمع توتر الأوضاع بين دمشق وأنقرة، إلى حد احتمال المواجهة العسكرية المباشرة، رضخت دمشق لطلبات أنقرة، ووقعتا اتفاقية أضنة 1998، ثم طلبت من أوجلان مغادرة الأراضي السورية، ولاحقًا اعتُقل في العاصمة الكينية نيروبي في شباط/فبراير 1999 وسُلّم إلى أنقرة.

ما بعد اعتقال أوجلان

بدت لغة أوجلان أثناء محاكمته غير مألوفة ولا مفهومة بالنسبة لقسم من مناصريه، وقسم من قادة “حزب العمال”، وتوقف كثر عند تفاصيل مثل اعتذاره من أمهات الضحايا الأتراك الذي سقطوا إثر حرب حزبه ضد أنقرة، وتأكيد حرصه على وحدة تركية وسيادتها وازدهارها ورفض أي مشاريع تمس بأمنها، ثم التأكيد على أنه الوحيد القادر على إيقاف هذه الحرب واستعداده لوضع كل إمكاناته في سبيل إحلال السلام وازدهار وقوة الوطن، وطلبه من “حزب العمال” إعلان هدنة يتبعها إلقاء للسلاح، ومن ثم الانخراط في عملية تفاوضية مع أنقرة.

أدت تلك التصريحات إلى تضارب في الآراء بين قادة “العمال”، فقسم أكد ضرورة التزام تعليمات القائد، وذهب البعض أبعد من ذلك فاقترح القيام بمبادرة تهدف لتحرير أوجلان مقابل تسليم عشرات من قادة الصف الأول والثاني أنفسهم لأنقرة افتداء لزعيمهم، فضلًا عن إلقاء السلاح ووقف العمليات العسكرية. فيما رأى آخرون ضرورة اختيار زعيم جديد، والالتزام بالنظام الداخلي للحزب والاكتفاء باعتبار أوجلان مجرد رمز تاريخي للحزب، وعدم الالتزام بكل ما يصدر عنه طالما أنه معتقل، ومنهم من وجد في اعتقال أوجلان فرصة لإزاحة كامل الحرس القديم من قادة “العمال”.

كل هذا، علاوة على تدخلات مخابراتية إقليمية، وحملة عسكرية عنيفة شنها “حزب الاتحاد الوطني الكردستاني” من معقله في مدينة السليمانية ــــ إقليم كردستان العراق، ضد مواقع “حزب العمال” على الحدود العراقية الإيرانية، أدى إلى سلسلة انشقاقات بدأت فردية بهروب عناصر من “العمال” وتخليهم عن الحزب، ثم تطورت إلى انشقاقات جماعية كانشقاق جماعة القيادي كمال شاهين (من كرد سوريا واغتيل بعد فترة وجيزة من انشقاقه) وتأسيسه “حزب الوفاق” المعادي لـ”حزب العمال”، وأيضًا انشقاق الشقيق الأصغر لأوجلان القيادي عثمان أوجلان.

شبّاك على واشنطن

بينما كانت أوضاع “حزب العمال” تسوء رويدًا رويدًا، أسهم الموقف التركي الرافض للتعاون مع واشنطن في غزو العراق في فتح قنوات تواصل غير مباشرة بين واشنطن وقيادة “العمال”، ما انعكس انفراجة كبيرة في أوضاع الحزب، ناهيك عن قنوات الاتصال التي تعززت في الوقت ذاته بين قيادة “العمال” وطهران.

كان فتح القنوات بين واشنطن و”حزب العمال” أشبه ببدء الأخير تخليه عن أيديولوجيته التي قام عليها: الماركسية المعادية للرأسمالية والإمبريالية. في تلك المرحلة أعلن “العمال” عن “تأسيس أحزاب خاصة بكل جزء من كردستان”، أي أحزاب تلتزم بالحدود الوطنية، وكان من نتائج ذلك تأسيس “حزب الاتحاد الديمقراطي” في سوريا (PYD).

بوّابة “داعش”

بعد اندلاع الحراك الشعبي في سوريا، ثم تحوله إلى نزاع مسلّح وصعود نجم تنظيم “داعش”، تغيرت معطيات كثيرة على الأرض. في أيلول / سبتمبر 2014، انطلق تحرك تعجز نظريات الاستراتيجية العسكرية والسياسية عن تفسيره، فقرر “داعش” الذهاب شمالًا باتجاه كوباني (عين العرب)، بدل التوجه جنوبًا باتجاه دمشق.

عزّزت غرابة التحرك أن التنظيم لم يكن بحاجة إلى منفذ على الحدود السورية ـــ التركية، إذ كان وقتئذ مسيطرًا على مناطق حدودية عديدة مثل تل أبيض، ومنبج، وجرابلس. جاء ذلك عقب تحرك لا يقل غرابة في العراق، فبعد سيطرته على الموصل وعلى مناطق عديدة وسط وغرب العراق، باتت الطريق إلى بغداد سالكة أمام التنظيم المتطرف، لكنه فضّل التوجّه شمالًا نحو إقليم كردستان (معركة شمال العراق ـــ آب/أغسطس 2014).

كاد “داعش” يسيطر على مدينة كوباني في سوريا، وباتت أربيل عاصمة إقليم كردستان على مرمى حجر من عناصره، وهنا تدخلت واشنطن وأعلنت تشكيل تحالف لـ”محاربة إرهاب تنظيم الدولة”، وصار الكرد جزءًا أساسيًّا من هذا التحالف، وشارك “حزب العمال الكردستاني” بشكل مباشر في العراق، أما في سوريا فقدِم المئات من عناصر “حزب العمال” للقتال في كوباني تحت راية “وحدات حماية الشعب”.

“وداعًا للسلاح”

كان التحالف بين جبال قنديل وواشنطن بمثابة إعلان “حزب العمال” عن تخليه بشكل علني ورسمي عن أيديولوجيته الماركسية. وفي تشرين الأول/أكتوبر، أُعلن تأسيس “قوات سوريا الديمقراطية” في سوريا، ويمكن الانتباه بسهولة إلى أن التسمية مهّدت لانتقال مناصري وأعضاء “حزب العمال الكردستاني” (من الكرد السوريين) من تنظيم أيديولوجي ــــ يساري ــــ قومي ــــ فوق دولتي ــــ عابر للحدود الوطنية، إلى تنظيم وطني سوري حليف للغرب الرأسمالي.

أخيرًا، وقبل يومين، أُعلن حل “حزب العمال الكردستاني” رسميًّا، في خطوة كانت متوقعة لا سيما بعد رسالة أوجلان التاريخية في شباط/فبراير الماضي. فهل “نهاية الحكاية”؟ أم مجرد مشهد أريد له أن يكون نهاية الفصل الثاني، على أن تكون نهايةً مفتوحة فاسحة المجال أمام قدرتنا على الاستقراء وشغفنا في توقع أحداث الفصل الثالث؟ الواضح أن ثمة حالة قلق وتوجس في الشارع الكردي، فالكرد يحفظون جيدًا مقولة “ما يكسبه الكردي في المعارك، يخسره على طاولة المفاوضات”.

موقع أوان

————————————

ماذا يعني حل “حزب العمال الكردستاني” في تركيا؟/ علي أسمر

2025.05.16

كل شيء بدأ من هنا 1 أكتوبر 2024، في هذا التاريخ، خلال افتتاح الدورة التشريعية الجديدة للبرلمان التركي، صافح زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي نواب حزب “ديم” (DEM) الكردي لأول مرة في تاريخه السياسي، لم تكن هذه المصافحة مجرد لقطة بروتوكولية، بل كانت لحظة مفصلية في تاريخ الجمهورية التركية الحديث، إيذانًا ببداية مسار جديد، عنوانه: “تركيا بلا إرهاب”.

من يظن أن ما جرى كان خطوة داخلية بحتة يُغفل العمق الجيوسياسي لهذه التحولات، المصافحة الرمزية لم تكن فقط تصالحًا داخليًا، بل جزءًا من تحولات إقليمية فرضت على أنقرة إعادة رسم أولوياتها الأمنية والسياسية، فبعد أحداث 7 أكتوبر، دخل الإقليم في مرحلة صراعات غير مسبوقة، سقط النظام السوري، وظهرت خارطة تحالفات جديدة تتحدث عن شرق أوسط يعاد تشكيله عبر المكونات العرقية والطائفية.

في هذا السياق، أدركت أنقرة أن استمرار الجمود مع النظام السوري السابق، وتفاقم دور التنظيمات الكردية المسلحة في شمالي سوريا والعراق، بات يمثل تهديدًا لا يُحتمل، المشروع الكردي الانفصالي لم يعد مجرّد ورقة أمنية، بل تحوّل إلى أداة جيوسياسية يستخدمها خصوم تركيا لإرباك أمنها الداخلي واستنزاف مقدراتها.

وهكذا، جاء الرد التركي من أعلى المستويات، مصافحة بهتشلي لممثلي حزب “ديم” لم تكن نهاية لمرحلة الصراع، بل بداية لمشروع متكامل يعيد تعريف العلاقة بين الدولة والمجتمع الكردي، وهو مشروع لم يُصنع في أروقة الأحزاب، بل في مطابخ القرار الاستراتيجي للدولة التركية التي قررت أن تُنهي هذا الصراع بشروطها، قبل أن يُفرَض عليها من الخارج.

في تقديري، فإن تركيا من دون إرهاب تعني أولًا استعادة السيطرة الكاملة على مستقبلها السياسي والاقتصادي، لأربعة عقود، استنزف الصراع مع الإرهاب الانفصالي مئات المليارات من الدولارات، لا يتعلق الأمر فقط بالإنفاق العسكري، بل بخسائر مضاعفة في الاستثمار، والسياحة، والبنية التحتية، والتنمية في جنوب شرقي البلاد، الآلاف من القرى هجرت، آلاف المدارس أُغلقت أو تعطلت، ومئات الآلاف من الشباب ضاعت فرصهم في مناطقهم بسبب غياب الأمن.

إن توقف هذا النزيف، في رأيي، يعني تحرير إمكانات الدولة والمجتمع نحو البناء، والأموال التي كانت تُصرف على حملات التمشيط، والطائرات المسيرة، والتعويضات، يمكن أن تتحول إلى مدارس ومستشفيات وشبكات مواصلات وفرص عمل، كما أن توقف العمليات الإرهابية يفتح الباب أمام عودة الثقة إلى المناطق التي عانت طويلًا من العنف، فتنتعش الحياة، وتُبعث التجارة، ويُعاد وصل شرق البلاد بغربها اقتصاديًا واجتماعيًا.

أعتقد كذلك أن تركيا من دون إرهاب تعني نزع السلاح من السياسة، لعقود، كانت بعض القوى المحلية والخارجية تلوّح بالورقة الكردية كلما أرادت الضغط على أنقرة، أما اليوم، فحين يتم تفكيك البنية المسلحة لحزب العمال الكردستاني، وتُدمج القوى المحلية في مشروع وطني جامع، تنكسر واحدة من أقوى أدوات الابتزاز السياسي التي استُخدمت ضد الدولة التركية.

لكن قبل الحديث عن الخطوات المقبلة، لا بد من التأكيد أن القسم النظري قد تم، والآن نحن بانتظار القسم العملي من هذه المرحلة، فترك السلاح خطوة ضرورية لكنها غير كافية، إذ يجب أن يتبعها تفكيك حقيقي للخلايا الاستخبارية والتجارية والمالية المرتبطة بالتنظيم، حتى لا يُعاد تدوير شبكاته بأشكال أخرى، بل إن الخطوة المقبلة قد تكون أكبر، إطلاق مشاريع تنموية عابرة للحدود، مثل “طريق التنمية” الذي يربط تركيا بالعراق والخليج، مشاريع كهذه تحتاج إلى بيئة آمنة، وشراكات موثوقة، وسياسات خالية من الألغام الأمنية، وتركيا، حين تتحرر من كابوس الإرهاب، تكون مؤهلة لقيادة هذا التحول الإقليمي.

على الصعيد الإقليمي، أرى أن إنهاء الإرهاب يفتح الباب أمام ترتيبات جديدة في سوريا والعراق، من الممكن أن تُعاد هيكلة قوات “قسد” لتكون جزءًا من الجيش الوطني السوري، ضمن توافقات برعاية إقليمية، تقطع الطريق على مشاريع التقسيم، وتُنهي زمن الميليشيات، وبهذا، تتحول تركيا من دولة تدفع ثمن الفوضى على حدودها، إلى دولة ترسم مستقبل الاستقرار في المنطقة.

بالاضافة إلى أن تركيا من دون إرهاب ستنعكس بشكل مباشر على مستقبل سوريا الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، فمع تراجع التهديدات الأمنية على حدودها، يمكن لتركيا أن تنخرط في دعم إعادة الإعمار واستقرار الدولة السورية الوليدة بعيدًا عن منطق المحاور والصراعات، كما أن تفكيك الشبكات المسلحة العابرة للحدود يفتح الطريق أمام تعاون أمني جديد بين أنقرة ودمشق الجديدة، قائم على المصالح المشتركة، ومحاربة التهريب والإرهاب، ودعم المؤسسات الوطنية، وفي تقديري، فإن “تركيا بلا إرهاب” ليست مجرد أمنية

رومانسية أو شعار انتخابي، إنها مشروع دولة ناضجة، قررت أن تخرج من نفق الصراعات الطويلة، وأن تكتب مستقبلها بيدها، وتمامًا كما دخلت مرحلة الصراع بإرادة سياسية، تخرج منه اليوم بإرادة أعظم، وبحكمة تقودها نحو مستقبل أكثر وحدة، أكثر رخاءً، وأكثر تأثيرًا في محيطها.

ولا يمكن إغفال الأثر الإيجابي لهذا التحول على النسيج الوطني التركي، فالإرهاب كان دائمًا عامل استقطاب وتفكك في المجتمع، يغذي الانقسام ويضعف الثقة بين المكونات، لكن في مناخ خالٍ من التهديدات المسلحة، يمكن أن تزدهر القيم المدنية، وتتعمق مفاهيم المواطنة، وتُبنى جسور الثقة بين الدولة والمواطن، خصوصًا في المناطق التي ظلت لعقود مهمشة أو خائفة.

وباعتقادي، فإن إنهاء الإرهاب لا يعني فقط إسكات صوت البندقية، بل يعني إطلاق العنان لعهد جديد من الاستقرار السياسي، والازدهار الاقتصادي، والتكامل الاجتماعي، وهذا هو جوهر التحول الحقيقي، أن تشعر كل أسرة تركية أن أبناءها سيكون لهم مستقبل في وطن موحد، آمن، ومزدهر.

تركيا اليوم تودع زمن الحرب وتدخل زمن البناء، وما كان يُعتبر حلمًا مستحيلًا بات مسارًا واقعيًا، تصنعه الإرادة وتدعمه الجغرافيا، ويعززه الوعي بأن عصر العنف قد انتهى، وأن تركيا الجديدة تبدأ الآن، وباعتقادي، فإن نجاح هذا التحول لن يكون لصالح تركيا فقط، بل سيكون بداية لتغيير أوسع في الشرق الأوسط، حيث تنتصر المشاريع الوطنية على الفوضى، وتتفوق التنمية على الميليشيات، وتعود الدولة لتكون المظلة الجامعة لكل شعوبها ومكوناتها.

تلفزيون سوريا

—————————–

 “فرصة لحوار بناء”.. عبدي يرحب بلقاء الشرع مع ترمب ورفع العقوبات عن سوريا

2025.05.15

رحّب زعيم “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، مظلوم عبدي، باللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بالرئيس السوري، أحمد الشرع، في العاصمة السعودية الرياض، بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي أعلن فيه ترمب عزمه رفع العقوبات المفروضة على سوريا.

ووصف عبدي، في تصريح لموقع “نورث برس” المحلي، اليوم الخميس، اللقاءات الأخيرة، بما فيها تلك المقررة اليوم في تركيا، بأنها “فرصة مهمة تمهد الطريق أمام مرحلة جديدة من الحوار البنّاء، بما يخدم إعادة الاستقرار والسلام إلى سوريا”.

اقرأ أيضاً

القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا وهي تستعد للخروج في دورية في المنطقة – المصدر: فوربس

“قسد” تعزز مواقعها في حقلي العمر وكونيكو عقب انسحابات لقوات التحالف الدولي

وأكد عبدي على أهمية الشراكات الدولية والإقليمية، وقال: “نؤمن بأن الشراكات الإقليمية والدولية تمثل ركيزة أساسية لضمان مستقبل مستقر وآمن لجميع السوريين، ونعرب عن استعدادنا للتعاون مع جميع الأطراف على هذا الأساس”.

كما رحّب عبدي بقرار ترمب إنهاء العقوبات المفروضة على سوريا، مشيراً إلى أن “ذلك يخفف من معاناة الشعب السوري التي استمرت لأكثر من أربعة عشر عاماً”، ومشدداً على ضرورة فتح الطريق أمام مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار تشمل جميع أنحاء البلاد، وخاصة شمال شرقي سوريا.

وأشاد عبدي بالجهود الدولية والإقليمية التي أسهمت في التوصل إلى إنهاء العقوبات، معتبرًا إياها خطوة إيجابية نحو الاستقرار.

وفي ختام تصريحه، جدد مظلوم عبدي التزام “قسد” بالاتفاق الموقع مع الحكومة السورية في 10 آذار.

ترمب يعلن رفع العقوبات عن سوريا

ومساء الثلاثاء، أعلن الرئيس الأميركي عزمه رفع العقوبات المفروضة على سوريا، مؤكداً أن الهدف من هذه الخطوة هو منح سوريا فرصة لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار.

وخلال كلمة ألقاها في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي، قال ترمب إن سوريا “عانت من بؤس شديد وموت كبير وحروب طويلة وعمليات قتل امتدت لسنوات”، معرباً عن أمله في أن تنجح الإدارة الحالية في إحلال الاستقرار والحفاظ على السلام في البلاد.

وأشار الرئيس الأميركي إلى أن إدارته اتخذت الخطوة الأولى نحو تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وسوريا، مضيفاً أن وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، سيلتقي نظيره السوري، أسعد الشيباني، في تركيا خلال وقت لاحق من هذا الأسبوع، في إطار الخطوات الدبلوماسية الجارية بين الجانبين.

اجتماع رباعي في الرياض بشأن سوريا

وأمس الأربعاء، عقد الرئيس السوري، أحمد الشرع، اجتماعاً مع نظيره الأميركي في العاصمة السعودية الرياض، بحضور ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بينما شارك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان عبر تقنية الاتصال المرئي.

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين السورية إن القادة شددوا على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا، ودعم مسار التعافي وإعادة الإعمار.

وأوضح البيان أن الأمير محمد بن سلمان أكد على ضرورة هذه الخطوة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، بينما شدد الرئيس ترمب على التزام بلاده بالوقوف إلى جانب سوريا في هذه المرحلة المفصلية، في حين عبر الرئيس الشرع عن امتنانه للدعم الإقليمي والدولي، مشدداً على مضي سوريا بثقة نحو المستقبل.

وتناول اللقاء أيضاً سبل الشراكة السورية – الأميركية في مجال مكافحة الإرهاب، والتعاون في القضاء على تأثير الفاعلين من غير الدول، والمجموعات المسلحة غير السورية التي تعيق الاستقرار، بما في ذلك تنظيم “داعش” والتهديدات الأخرى، وفقاً للبيان.

—————————

العرب والكرد في شمال شرقي سوريا: من ماضي التهميش إلى مستقبل الشراكة/ هيلين علي

16 مايو 2025

أحمد وآزاد فلاحان من قريتين متجاورتين، أحدهما عربي والآخر كردي، يجلسان في سوق ترابي صغير على أطراف مدينة القامشلي، يتبادلان أكواب الشاي وأخبار الموسم الزراعي. يمازح أحدهما الآخر حول أسعار السماد، ويقترح عليه طريقة أرخص لري الأرض. هذا المشهد الذي يبدو اعتياديًا، يروي في تفاصيله اليومية قصة منطقة أنهكها التهميش لعقود، ثم مزقتها الحرب، لكنها لا تزال تُمسك بخيوط من التفاهم الإنساني، رغم الاستقطاب السياسي وتعدد الرايات.

في شمال شرقي سوريا، حيث تتقاطع الجغرافيا مع الهويات، يتقاسم العرب والكرد ــ إلى جانب السريان والأرمن ــ أرضًا مثقلة بالإقصاء والتنمية المتأخرة. ملامح التعايش والتعاون بقيت حاضرة في تفاصيل الحياة اليومية، ولو بخفوت.

لكن هذا التعايش لا يُمكن النظر إليه كحالة مثالية. فهو محكوم بصراعات النفوذ، وموروثات سياسية، وأسئلة معقدة حول الهوية والسيادة.

التعايش اليومي في ظل التجاذب السياسي

رغم تعدد الآراء بشأن الوضع الإداري القائم، يُجمع معظم سكان المدن المختلطة مثل الحسكة والقامشلي والدرباسية على أن العلاقات اليومية بين الناس تتسم بالاستقرار النسبي والتعاون، بعيدًا عن التجاذبات الإعلامية والسياسية.

في ريف الحسكة، يتحدث أحمد، فلاح عربي، عن تجربة طارئة واجهها عندما مرض والده، فيقول: “أول من ساعدني كان جاري الكردي، عائلاتنا تتشارك كل شيء منذ عقود ولم نسأل بعضنا يومًا عن السياسة والقومية”.

أما آزاد، المزارع الكردي من قرية قريبة، فيستعيد أيام جائحة كورونا حين كانت المؤن شحيحة، ويقول: “في تلك الفترة، كانت المؤن نادرة. كنا نخبز من الطحين الذي جاؤوا به إلينا، وهم يأخذون من الخضروات التي زرعناها بأيدينا. في وقت الحاجة والخوف من المرض، لم يكن هناك فرق بين كردي وعربي؛ كان هناك مصير واحد، وهمّ مشترك، وكنا نحاول أن نكمل الحياة معًا”.

التعليم واللغة… جسور تبنيها الأجيال الجديدة

في مناطق شمال شرقي سوريا، تعتمد المدارس التابعة للإدارة الذاتية نظامًا تعليميًا متعدد اللغات، حيث يدرس الطلاب العرب والكرد والسريان بلغاتهم الأم، كلٌّ في صفوف مخصصة ضمن المدرسة ذاتها. ورغم ما أثاره هذا التوجه من نقاشات على المستويين السياسي والاجتماعي، إلا أنه ساهم في إيجاد بيئة تعليمية يتقاسم فيها الأطفال اليوميّات ذاتها، ويتشاركون المساحات العامة كالساحات والمرافق.

تقول سارة، طالبة عربية في المرحلة الإعدادية: “صرت أفهم قليل من الكلمات الكردية من زميلاتي، وأحيانًا نغني معًا في الباحة ونتبادل المعلومات.. ما عدنا نحس أنه يوجد فرق كبير بيننا”.

أما جوانا، طالبة كردية في الصف نفسه، فتوضح أن اللغة لم تكن عائقًا في علاقتها بزميلاتها: “إذا لم أفهم شيء بالعربي، تساعدني سارة، وإذا هي ما فهمت بالكردي، أشرح لها. المدرسة جعلتنا نعرف بعضنا ونتقارب أكتر”.

 تهميش مشترك.. ذاكرة ظلت حية

رغم اختلاف الهويات، يتفق معظم سكان شمال شرقي سوريا على أن المنطقة لطالما كانت خارج دائرة التنمية. النفط كان يُستخرج من تحت أقدامهم، لكنه يُنقل إلى مدن أخرى، فيما ظلت القرى دون ماء ولا مدارس كافية.

أبو سليمان، مزارع عربي من جنوب القامشلي، يقول: “لدينا أرض مليانة خير، بس ما حدا سأل عنّا. لا مي، لا كهربا، لا حتى دعم زراعي. الدولة كانت تتعامل معنا كأننا بلا صوت”.

خولة، سيدة كردية تعيش في حي قديم من القامشلي، تروي رحلتها الأسبوعية إلى مستوصف متهالك لعلاج ابنها المصاب بالربو. تقول: “أيام كنا نمشي ساعة لأجل دوا. الكردي والعربي كنا بنفس الطابور، وبنفس الهم”.

هذا التهميش المشترك خلق شعورًا عامًا بأن الظلم لم يكن عرقيًا بقدر ما كان جغرافيًا، وهو ما يمكن أن يشكل – بحسب البعض – أساسًا لوحدة مطلبية مستقبلية.

التعاون المجتمعي في الزراعة والعمل الأهلي

رغم التحديات الاقتصادية والاختلافات المجتمعية، برزت مبادرات محلية تعكس أشكالًا عملية من التعاون بين السكان. في إحدى قرى المالكية، يدير مجموعة من الشباب العرب والكرد تعاونية زراعية صغيرة تُنتج الخضروات وتوزّعها على العائلات ذات الدخل المحدود.

تقول سوزان، إحدى المشاركات في المشروع: “نحن لا نتحدث كثيرًا في السياسة، بل ننشغل بتنظيم العمل، من التسميد إلى الري والتوزيع. الأرض أصبحت مساحة مشتركة تجمعنا، لأن الجميع هنا يعتمد على هذا المحصول، والجميع حريص على استمراره”.

 تحديات ما زالت تعرقل المسار

رغم مؤشرات الانفتاح، لا تزال بعض الخلافات حول شكل الحكم والإدارة الذاتية تغذي الحذر بين المكونات. كذلك، فإن التوتر الثقافي المرتبط باللغة، الرموز، والمناهج لا يزال حاضرًا، وإن بشكل غير معلن دائمًا.

لكن أغلب من تحدثنا إليهم من الأهالي أشاروا إلى أن الخطر الأكبر ليس في الاختلاف بين المكونات، بل في غياب العدالة وعدم الإنصاف في توزيع الموارد واتخاذ القرارات. وأكدوا أن الشعب، بعيدًا عن ما يُنشر في وسائل الإعلام وخطاب الكراهية، يولي أهمية كبيرة للعدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع أفراد المجتمع.

في منطقة مثقلة بالحروب والمصالح الدولية، تظل التفاصيل الصغيرة، من خبز مُقسم بين الجيران إلى كلمة تُشرح في المدرسة بلغتين، مؤشرات على إمكانية إعادة بناء الثقة من القاعدة. لا أحد يُنكر حجم التعقيد، لكن من يعرف شمال شرقي سوريا عن قرب، يعرف أيضًا أن الناس هناك، العرب والكرد، تعبوا من الخطابات، ويبحثون عن صيغة للعيش، لا للغلبة.

ربما تبدأ المصالحة الكبرى من سوق ترابي صغير، حيث لا يُرفع سوى صوت الباعة، والشتاء المقبل، الذي سيحتاج فيه الجميع بعضهم البعض.

الترا سوريا

——————————

حزب العمّال الكردستاني ونهاية الكفاح المسلّح: تشريح مرحلة/ إسلام أوزكان

السبت 17 أيار 2025

يُعدّ حزب العمال الكردستاني (PKK) أحد أبرز الفاعلين السياسيين والميدانيين الذين طبعوا الحياة السياسية التركية خلال الخمسين عامًا الأخيرة. لقد أصبح هذا الحزب، الذي يُعرف ببنيته القتالية المتشدّدة، ليس فقط رقماً صعباً في السياسة الداخلية التركية، بل أسهم في توجيه خيارات النخب السياسية التركية، خصوصاً في ملفات السياسة الخارجية. فمنذ تأسيسه عام 1978، لم يقتصر تأثيره على الداخل التركي، بل امتد ليشمل مناطق حساسة من الشرق الأوسط، لا سيّما لبنان والعراق وسوريا، حيث لعب أدواراً مؤثرة كفاعل سياسي وعسكري.

وعند مراجعة المسار التاريخي للحزب منذ ظهوره حتى اليوم، يظهر بوضوح أنّ الأسس الفكرية والأيديولوجية التي قام عليها قد خضعت لتحوّلات جذرية. فالأفكار التي كانت تطبع مساره في بداياته لم تعد هي نفسها التي توجهه اليوم.

التأسيس والجذور الأيديولوجية الأولى (1978–1984)

تأسس حزب العمال الكردستاني يوم 27 تشرين الثاني 1978 بقيادة عبد الله أوجلان، متبنياً أيديولوجيا ماركسية لينينية، واضعاً نصب عينيه هدف إقامة دولة كردية مستقلة. خلال هذه المرحلة، كانت النواة الأساسية للحزب المعروفة باسم «الأبوجية» تنشط عبر خطاب تعبوي وعمليات عنف ضد البنى الإقطاعية والعشائر المتحالفة مع الدولة. وقد تأثر الحزب كثيراً بحركات اليسار التركي في السبعينيات، واضعاً القضية الكردية ضمن إطار نضال اشتراكي.

في عام 1980، دفعت الظروف القمعية، التي أعقبت انقلاب الجيش، الحزبَ إلى الانكفاء نحو الأرياف والتهيؤ للكفاح المسلح، مستفيداً من معسكرات التدريب في سوريا والعراق. أمّا في لبنان، فقد تركت مواجهة الحزب مع الجيش الإسرائيلي في قلعة أرنون عام 1982 أثراً عميقاً على بنيته الفكرية والتنظيمية. ففي تلك المواجهة، مات 11 مقاتلاً من الحزب أثناء القتال إلى جانب المقاومة الفلسطينية، واعتُبروا رموزاً من قِبل الفلسطينيين. وقد كان لهذه المعركة، التي أدّت إلى اعتقال عدد من مقاتلي الحزب واستجوابهم لاحقاً من قِبل استخبارات إسرائيلية وتركية، أثر طويل الأمد في مسار الحزب، إذ عاد بعض أولئك المقاتلين لاحقاً إلى العراق، وأصبحوا من القيادات المحورية في الكفاح المسلح. وقد وصف القيادي البارز في الحزب دوران قلقان تلك المعركة لاحقاً بأنها مفصلية في بناء الروح القتالية والمؤسسية للحزب، مستلهماً من تجربة المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

مرحلة الكفاح المسلّح والتمدّد الريفي-المدني (1984–1999)

مع هجومي شمدينلي وإروه في جنوب شرق تركيا عام 1984، دخل الحزب مرحلة الكفاح المسلح العلني، مستنداً إلى تكتيكات حرب العصابات ضد القوات التركية. كما وسّع نشاطه ليشمل المدن عبر الاحتجاجات والدعاية السياسية. في التسعينيات، استفاد من فراغ السلطة في شمال العراق لتوسيع قواعده ومعسكراته.

ورغم ذلك، بدأت الانتقادات الدولية تتزايد، خاصة بعد استهداف المدنيين، ما أدّى إلى تصنيفه كتنظيم إرهابي من قِبل عدد من الدول. وبخلاف عدد من الحركات الاشتراكية المسلحة، امتاز الحزب بمرونة تنظيمية. ففي عام 1993، أعلن عبدالله أوجلان خلال مؤتمر صحافي مع جلال طالباني في السليمانية رغبته في وقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات مع الدولة التركية، إلا أن دعوته لم تلقَ صدىً فعلياً لدى صانعي القرار التركي. ورغم أن الرئيس التركي آنذاك، تورغوت أوزال، أبدى انفتاحاً على فكرة التفاوض، فإن وفاته المفاجئة أنهت تلك المبادرة. وقد أعلن الحزب في 20 آذار 1993 وقفاً لإطلاق النار، إلا أن غياب إرادة سياسية لدى الطرفين جعل من تلك الهدنة خطوة غير مستدامة.

اعتقال أوجلان والتحوّل الفكري (1999–2010)

خلقت عملية اعتقال أوجلان في كينيا عام 1999 زلزالاً داخل الحزب. إذ دفع هذا التطور القيادة إلى مراجعة المشروع الفكري والتنظيمي، وتبنّي مقاربة جديدة تُعرف بـ«الكونفدرالية الديموقراطية». وقد مثّلت هذه المقاربة خروجاً عن حلم الدولة الكردية، مقابل التركيز على الحكم الذاتي المحلي والتعددية الثقافية والديموقراطية المباشرة.

عزّز الحزب من حضوره في الشتات الكردي بأوروبا، وأصبح أكثر حضوراً في ساحة العمل المدني، كما تعزّز جناحه السياسي ممثلاً في حزب الشعوب الديموقراطي (HDP). وسعى عبر هذه الإستراتيجية إلى تلميع صورته الدولية بعد سنوات من العنف ضد المدنيين.

تحوّلات إقليمية كبرى: الحرب الأهلية السورية (2010–2015)

مثّل اندلاع الثورة السورية نقطة تحوّل إستراتيجية للحزب، إذ استفاد جناحه السوري، المتمثل في حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» (YPG)، من الفوضى في سوريا ليبني واقعاً سياسياً جديداً في شمال البلاد. وقد وجدت هذه القوات دعماً مباشراً من الولايات المتحدة في محاربتها لتنظيم «الدولة» (داعش)، ما رفع من أسهم الحزب دولياً، على الأقل في نظر الرأي العام الغربي.

وفي المقابل، حاول الحزب داخل تركيا استنساخ تجربة «روج آفا» عبر إعلان «الإدارة الذاتية» وحفر الخنادق داخل المدن في ما عُرف بـ«حرب الخنادق» عام 2015. إلا أن هذه المحاولة قُوبلت بردّ عسكري حازم من الدولة التركية، وانتهت بخسائر فادحة للحزب وتراجع ملموس في مستوى الدعم الشعبي له في المناطق الكردية.

لماذا قرّر الحزب التخلّي عن السلاح؟

بعد عام 1999، بدأ الحزب يعيد النظر في مشروعه المسلّح، مدفوعاً بتغيّرات عالمية وإقليمية. فقد تزامن انهيار الاتحاد السوفياتي وتراجع الحركات اليسارية عالمياً مع فقدان الحزب للغطاء الأيديولوجي والدعم السياسي والمالي. لكن الحزب، بخلاف كثير من التنظيمات اليسارية، لم يتفكك؛ إذ استفاد من دعمه الشعبي العرقي الكردي ومن شبكة واسعة في المهجر.

في المقابل، صعّدت الدولة التركية من حملاتها الأمنية والعسكرية، خاصة عبر إستراتيجية «الدولة العميقة» والتحالف مع قوى غير نظامية مثل «حزب الله تركيا»، ما ألحق بالحزب خسائر فادحة وأجبره على التراجع إلى خارج الحدود.

ومع مطلع الألفية، بدأ الحزب يوازن بين العمل المسلّح والتحرّك المدني والديبلوماسي، فأنشأ هياكل شبه تشريعية، ونظّم صفوفه وسط المدنيين الأكراد. وقد شكّلت الجاليات الكردية في أوروبا مصدراً مالياً حيوياً للحزب.

مع فشل تجربة حرب الخنادق، وخسارة قواعده الشعبية، بدا واضحاً داخل الحزب أنّ المسار المسلّح قد بلغ مداه. وقد تزايدت داخل الحزب الأصوات الداعية إلى إعلاء الخيار السياسي والديبلوماسي. ومع النجاحات الانتخابية لحزب HDP، ومكاسب YPG في سوريا، تعزّزت فكرة أنه يمكن تحقيق أهداف قومية بوسائل غير عسكرية.

وفي ظل مناخ سياسي جديد، استجاب الحزب سريعاً لمواقف غير متوقعة مثل التصريحات الراديكالية لزعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي الداعية إلى إنهاء الصراع، ما شكّل ما يشبه التفاهم الضمني بين أوجلان والدولة.

وهكذا، ومع حلول عام 2025، أعلن الحزب رسمياً وقف الكفاح المسلّح وحلّ هيكله التنظيمي، منهياً بذلك واحدة من أطول مراحل التمرّد المسلّح في المنطقة.

رغم أن قرار الحزب بإنهاء الكفاح المسلّح يُعدّ تحوّلاً تاريخياً، فإنّ كثيرين يرون أن الطريق نحو السلام الدائم لا يزال محفوفاً بالغموض. فما تزال خفايا التفاهمات بين الحزب والدولة غير واضحة، والشكوك بشأن إمكانية التراجع قائمة. ومع ذلك، إنّ عدداً من الناس المقرّبين من الحزب يعتبرون أن ما اتُخذ هو قرار نهائي لا رجعة فيه، وقد يكون بمنزلة بداية صفحة جديدة في تاريخ تركيا السياسي ومسار القضية الكردية.

* كاتب تركي

الأخبار

——————————-

============================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى