التدخل الاسرائيلي السافر في سورياسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسةعن أشتباكات صحنايا وجرمانا

عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 25 ايار 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي

التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة

لمتابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

عن أشتباكات صحنايا وجرمانا

——————————-

اختبارات الهوية الوطنية: السويداء مثالاً/ جمال الشوفي

2025.05.25

لم يكن يتخيل أحد من أبناء السويداء من رواد ساحات الكرامة أنهم اليوم مطالبون بإثبات هويتهم الوطنية السورية! ساحة الكرامة التي مثلت ملتقىً وطنياً لكل شرائح المجتمع من شباب وشابات، رجال دين وسيدات، سياسيون معارضون وفرق عمل مدنية.. ومطالبهم كانت مطالب السوريين العامة في الحرية والكرامة والعيش الكريم في دولة المواطنة، مسترجعة ذاكرة السوريين في بدايات ثورتهم، حتى باتت عنواناً وطنياً يمتد على مساحة وطن استمرت لما يزيد عن عام وأربعة أشهر حتى سقوط نظام الأسد صباح الثامن من ديسمبر 2024، لتتحول بعدها لملتقى وطني سوري عام يزورها غالبية السوريين فرحاً واحتفالاً.

اليوم وبعد قرابة ستة أشهر من دخول سوريا في عصرها الجديد، عصر ما بعد الأسد ونظامه الأمني العسكري ودكتاتوريته الأيديولوجية الشمولية، النظام الذي أجهز على غالبية مقومات الشعب السوري مادياً وسياسياً واقتصادياً وأمنياً، تواجه سوريا تحديات وصعوبات جمة. فإن كان أبرزها التحديات الاقتصادية والتي باتت على وشك الحل بعد رفع العقوبات الأوروبية والأميركية، وتوازيها التحديات الأمنية وضبط السلاح الفصائلي العشوائي وانخراطها في بنيان الدولة في وزارتي الدفاع والأمن. وليس فقط تبرز معها إشكالية الهوية والانتماء وسياقات التجييش الطائفي المعمم والذي يصر أطرافه إما على تكفير وإلصاق تهمة الخيانة للسويداء عامة ليقابلها وصم الإسلام السني عامة بالتطرف والإرهاب، وهذه مؤشرات خطر على النسيج والهوية الوطنية.

سنوات ما بعد العام 2018 وإفراغ الداخل السوري وتهجير سكانه ودمار معظم مدنه، اتسمت المسألة السورية بالاستنقاع السياسي. هذا الاستنقاع الطويل انعكس على المجتمع السوري بشكل كارثي طال السوريين في مستويات عدة يمكن إيجازها على سبيل الدلالة لا الحصر:

التباعد العام بين مكونات الشعب السوري وازدياد حدة المظلوميات من كل الأصناف، وكل فريق يرى في مظلوميته المظلومية القصوى.

تزايد حدة التقوقع الإثني والطائفي والديني وتنامي ظواهر التعصب والأيديولوجيات المرافقة.

تحاجز سياسي وفرط نمو في المكونات السياسية السورية وغالبيتها تدعي أحقية التمثيل السياسي العام وفقط.

تراجع حاد في قيم الألفة والانتماء وتنامي الفردانية على حساب القيم العامة، مترافق مع الجوع والحاجة التي عانى منها عموم الشعب السوري.

تراجع أصوات العقلانية السورية وبهتان إنارتها مع طفو المساحات المظلمة للمشاريع السياسية الانتفاعية من جراء الكارثة السورية، حتى بات المثقف السوري يشعر بغربة مضاعفة ويزداد انزواءً، فإن كتب قلما يُقرأ له والقول المتردد “شبعنا تنظيراً”.

بقيت النقاط أعلاه مؤشرات غير قابلة للتعميم استوجبت الدراسة والتحليل وإعادة التقييم في الأسباب وطرق الحل الممكنة. لكنها عادت اليوم للطفو من جديد. لتظهر في السويداء مقولات انفصالية تكرر دعواها بالإدارة الذاتية أو حلم الدولة الدرزية المشبوهة، وهذه المجموعة من الأفراد لا تمثل سوى نفسها وهي ليست كل أبناء السويداء. بالمقابل تظهر أصوات سورية تنادي بضرورة حكم السنة بعد تهميشهم وطول عذاباتهم التاريخية، مترافقة مع تجييش أعمى لقلة متطرفة تنادي بإبادة دروز السويداء وإخضاع جميع الأقليات بالقوة، وهؤلاء هم ليسوا كل أبناء أمة السنة السورية الموصوفة بالاعتدال والوسطية والانفتاح.

هذه المشاهد تجلت بوضوح في مسألتي طلاب السويداء في الجامعات السورية وما تعرضوا له من ترهيب نفسي معزز بالفعل المادي من بعض الخارجين عن القيم الوطنية السورية، حين حاولوا الاعتداء على الطلاب في الجامعات. ترافقها الاعتداءات شبه المستمرة واليومية من عصابات مجهولة وخارجة عن القانون على القرى الغربية من السويداء بعد أحداث جرمانا والأشرفية والصورة الكبرى بداية الشهر الحالي، الأمر الذي أدى إلى تزايد الأصوات التي تتهم كل السنة بالتطرف والإرهاب وضرورة القطع الكلي مع الدولة السورية والاستقواء بالخارج والمشاريع الانفصالية.

يمكن لأي محلل أيديولوجي أن يذهب مع إحدى الروايتين تأكيداً ودمغاً: رواية أن الدروز انفصاليون وقد خانوا الثورة، أو رواية أن السلطة الحاكمة في دمشق متطرفة إرهابية. وكلا الروايتين تجانب الحقيقة وتدخل سوريا والسوريين في مأزق وطني كارثي عنوانه الأبرز العنف وعودة ثقافة العصبة القبلية ما قبل الدولة. وهذه فرضيات جزافية تتجاهل غالبية أبناء السويداء وتاريخها الوطني وحضورها السياسي والمدني اليوم وهم يستنكرون الدعوات الانفصالية ويؤكدون على الانضواء في مؤسسات الدولة وخاصة وزارة الداخلية وتفعيل ضابطتها العدلية والشرطية، متمثلاً بموقف فصائل السويداء الثورية التي عملت على الانضمام لوزارة الداخلية وأعلنت دعمها للشرطة في ملاحقة الخارجين عن القانون وضبط الأمن والأمان فيها. ونجد أيضاً أن الغالبية السورية العامة سواء من شرائحها السورية العامة أو ممثلي الحكومة السورية متمثلة بمحافظ السويداء ووزيري التعليم العالي والداخلية وهم يستنكرون الاعتداءات المتكررة على السويداء ويعملون على ردعها وإيقافها.

وبالضرورة يمكن أن نستنج منطقياً أن وجود قلة خارجة عن القانون في السويداء يقابلها قلة متشددة في الوسط السوري السني العام لا تمثل النسيج الوطني السوري، وتسعى لمصالحها الخاصة والذاتية محمولة على أيديولوجيا قاصرة تكفيرية مغلقة على نفسها ولم ترتقِ بعد لمصاف العصر والثقافة والحضارة. وليس فقط تسعى لتأجيج أي حدث راهن وتأليب الرأي العام مع أو ضد في ثنائية هدامة تبتغي العنف إراقة الدماء. وهذا مرض عضال وجب علاجه.

قد يقول قائل من حق السنة أن يحكموا سوريا بعد عقود من الاضطهاد والتنكيل، ويجيبه آخر من حق الدروز تقرير مصيرهم والدفاع عن أرضهم، وكلا المقولتين قاصرتين وطنياً وبنيوياً. فالحكم شراكة وطنية عمومية تستند لمنظومة دستورية وقانونية وتستبعد فكرة الغلبة والكثرة العامة والهيمنة المطلقة سواء سورياً أو مناطقياً، وهي مؤشر على استمرار ثقافة الدكتاتورية والشمولية السابقة سواء سورياً أو مناطقياً أيضاً. وبالضرورة يتطلب من الوطنية السورية متمثلة بشرائحها الثقافية والفكرية والسياسية والمدنية والنخبة السياسية القائمة في الحكومة الانتقالية السورية الحالية العمل على:

العمل الجاد على إيجاد أفضل الطرق لبسط الدولة ومؤسساتها على كل الأرض السورية، والوصول لتحقيق القانون ومحاسبة الخارجين عنه أفراداً ومجموعات سواء من داخل السويداء أو خارجها.

تحديد المسؤولية القانونية والثقافية عن خطابات الكراهية والتحريض الطائفي والعمل على محاسبة مروجيها.

الإسراع بتحقيق ملفات العدالة الانتقالية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري قانونياً وقضائياً.

فتح الحوار الوطني الواسع حول القضايا الخلافية سورياً سواء السياسية الراهنة كالإعلان الدستوري وطبيعة الحكم والحكومة الانتقالية أو الثقافية العامة حول حق الإيمان والتدين والحقوق الفردية الفكرية والسياسية واحترام أصحابها وصون القانون لها.

فتح بوابات حوار الأديان وتحقيق الأرضية الثقافية العامة بقبول الاختلاف والتنوع السوري دون محاباة أو مغالاة.

جوهر المسألة السورية كان ومازال، دولة المواطنة، دولة الحق والقانون، دولة لا فرق فيها بين عربي أو كردي، سني أو درزي أو علوي أو مسيحي، فجميعهم متساوون بالحقوق والواجبات والحريات. وهو ذات الجوهر التي انطلقت منه الثورة عام 2011 وتابعته نضالات السوريين عامة ومنها ساحة الكرامة بالسويداء. فسوريا “بلاد الشمس”، كما كانت تعرف تاريخياً، ومركز إنارة وحياة لأبنائها ومحيطها العام، وتنبعث اليوم من تحت الرماد من جديد، وعليها الاستقواء بحكمة عقلائها وخبراتهم وقيمهم، حين يجتمعون في مركب واحد عنوانه المصلحة العامة والقيم المجتمعية والإنارة الفكرية التحررية. تلك التي قالت عنها قبل قرون حضارة اليونان بأنها الشأن العام “Res-politica” في ثلاثية متكاملة هي الدولة. فهل يمكننا تغليب لغة العقل والحوار على لغة العنف والكراهية، لغة ثقافة الدولة والبنيان على لغة الهدم والتقوقع العصبوي، لغة الاختلاف والنقد البناء الواضح على الخلاف والتباين الحاد والتنافس الهدام على المكاسب على حساب الدولة والثورة.

اليوم جميعنا في اختبار حقيقي عنوانه الهوية الوطنية وكلنا مسؤول عن وصولها لبر الأمان، فهل من مجيب؟

————————————-

حادثة محافظ السويداء.. السلطة والمجتمع ودور الإعلام في عصر “الترند”/ أغيد حجازي

24 مايو 2025

تحولت الحادثة التي تعرض لها محافظ السويداء، مصطفى البكور، إلى “قضية رأي عام”. وبين تضارب الروايات وغياب بيانات رسمية سريعة، وجدت الشائعات طريقها إلى الفضاء الرقمي، مهددةً بإحداث فتنة جديدة في بيئة تعيش واقعًا متوترًا وعلاقة معقدة مع السلطة الجديدة.

ما الذي جرى فعلًا داخل مبنى محافظة السويداء؟ هل هو عمل فردي بحت، أم ثمة تداخل مع المشهد السياسي الذي تتسيده الفصائل المسلحة؟ وما صدى الحادثة في مجتمع السويداء، وخاصة لدى الوجهاء والنشطاء السياسيين والاجتماعيين؟ وأخيرًا: أي دور لعبته وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي والتي صارت فاعلًا أساسياً في وقائع مثل هذه؟

الرواية الرسمية وإجراءات الاحتواء

يقول مدير مديرية الإعلام في محافظة السويداء، مرهف الشاعر، لـ”الترا سوريا”، إن مجموعة مسلحة اقتحمت مبنى المحافظة، مطالبةً بالإفراج عن موقوف لدى إدارة الأمن العام بدمشق منذ أكثر من شهر بتهم تشمل سرقة سيارة وجرائم أخرى.

وأوضح الشاعر أن أفراد المجموعة “أطلقوا تهديدات وألفاظًا نابية”، ملوحين بمنع المحافظ من السفر إلى دمشق ما لم يطلق سراح الموقوف. وأشار إلى أن الحادث وقع صباحًا، فتدخلت فورًا مجموعات الحماية، فيما “تعامل المحافظ بهدوء مع أحد المتحدثين بفظاظة”. وأضاف أن التنسيق مع دمشق أسفر عن حل الخلاف واحتواء الموقف، ليتابع البكور عمله ويستقبل وفودًا زائرةً في مبنى المحافظة.

وأكد الشاعر أن أبناء السويداء، بمختلف مرجعياتهم المدنية والسياسية والاجتماعية، استنكروا الحادث على نطاق واسع، وصدرت بيانات تدعو إلى ترسيخ مؤسسات الدولة وتعزيز الاستقرار ودعم الضابطة العدلية.

وبيّن أن المكتب التنفيذي، بالتعاون مع قيادة الشرطة والفصائل المحلية، أصدر مذكرات بحث عن المشاركين في الاقتحام، بينما أعلن أهالي بلدة “ذبين” بريف السويداء الجنوبي “تبرؤهم من هؤلاء الأشخاص”، واصفين ما جرى بأنه تصرف فردي لا يمثل المجتمع.

وحول الشائعات التي تبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تجهيز قوات من الأمن العام ووزارة الدفاع لدخول السويداء، ذكّر الشاعر بالاتفاق الموقع بين الإدارة في دمشق ووجهاء وشيوخ عقل السويداء والفصائل المحلية، والذي ينص على تفعيل دور قوى الأمن الداخلي من أبناء المحافظة، ودمج عناصر من الفصائل في سلك الشرطة، مؤكدًا أن أكثر من مئتي شرطي التحقوا بهذه القوى منذ الأول من أيار/مايو 2025.

ونفى الشاعر صحة ما تروجه بعض الصفحات عن اختطاف المحافظ أو تعرضه للضرب، مؤكدًا أن خطاب الكراهية والفتنة لا مكان له بين مكونات المجتمع السوري.

وختم متوقعًا أن تؤدي الحادثة، التي جرت السيطرة عليها بأقل الخسائر، إلى فتح مسار جديد لتعزيز السلم الأهلي، مشيرًا إلى أن قوى محلية، مثل حركة “رجال الكرامة” وتجمع “أحرار جبل العرب” ومضافة الكرامة، نزلت على الأرض دعمًا لموقف الشرطة وقوى الأمن الداخلي.

احتجاج محدود وتضخيم إعلامي

يقول رفعت الديك، صحفي من محافظة السويداء، إن ما حدث هو قدوم مجموعة من الخارجين عن القانون، يوجد لديهم أقارب مسجونون في دمشق وصدرت بحقهم مذكرات توقيف وأحكام بالسجن، إلى مكتب المحافظ، مطالبين بالنظر في قضايا المسجونين وإطلاق سراحهم أو إخلاء سبيلهم. وقد وعدهم المحافظ بمتابعة الموضوع وتسليمهم نتائج المتابعة في أقرب وقت.

يتابع الديك، في حديثه لـ”الترا سوريا”، أنه بعد انتهاء الدوام، أقدم هؤلاء الأشخاص على اقتحام مبنى المحافظة بطريقة غير مألوفة؛ إذ لم يكن هجومًا مسلحًا بالمعنى التقليدي (دوشكا أو أسلحة ثقيلة)، بل اندفعوا بأسلوب فوضوي، واصطدموا بحرس المبنى، وهم من أبناء المحافظة العاملين في جهاز الأمن العام. حاول المحافظ استيعاب الموقف فأذن لهم بالدخول إلى مكتبه، لكن النقاش داخل المكتب احتد وارتفعت الأصوات وتخللته إساءات لفظية.

وأشار الديك إلى تدخل وجهاء مدينة السويداء الذين قدموا اعتذارًا رسميًا عن هذا السلوك، مؤكدين أنه تصرف فردي لا يمثل أخلاق أهالي المحافظة وأدبياتهم. وأكد الديك أن المحافظ استكمل عمله ثم غادر لاحقًا إلى دمشق لتوضيح الصورة واتخاذ ما يراه مناسبًا، بعد أن تم احتواء الحادثة بالكامل.

ويقول الديك إن المستغرب هو الطريقة التي انتشر بها الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ صور الأمر وكأن جميع أهالي السويداء، بما في ذلك الضيوف، هاجموا مبنى المحافظة، واحتجزوا المسؤولين وأجبروهم على قرارات بعينها، معتبرًا أن ما جرى ليس سوى مجرد فعل احتجاجي محدود قام به أفراد محتقنون بسبب تأخر تنفيذ وعد قطعه المحافظ؛ وهي حوادث تحصل في محافظات أخرى ولا تعد غريبة على المشهد السوري عمومًا.

ويتساءل الصحفي: لماذا يتم تضخيم أي حادثة تقع في بيئات الأقليات عبر حملات “ذباب إلكتروني” منظمة، بينما تُهمش الإضاءات الإيجابية، مثل زيارات المحافظ الميدانية ولقاءاته الودية مع وجهاء المدينة؟ ثم لماذا لا يُحشد الرأي العام بالقدر ذاته تجاه قضايا إنسانية كبرى، كجريمة قتل طفلة عثر عليها وقد سُرقت أعضاؤها؟

ويتحدث رفعت الديك عن حملات ممنهجة توظف أصغر الوقائع في السويداء لإثارة النعرات الطائفية وتشويه صورة أبنائها، في حين تمر ممارسات أشد خطورة ترتكبها فصائل منفلتة في محافظات أخرى من دون ضجة تذكر. ويقول: “إذا كنا نسعى حقًا إلى بناء وطن، فإن الطريق يبدأ بالمصارحة والمصالحة، لا بالتجييش الطائفي”.

ويخلص إلى القول: “الحدث فردي محدود لا يرقى إلى مستوى التعبئة الإعلامية التي رافقته، أما حملات التضخيم فهي جزء من مخطط منظم للإساءة إلى مكون اجتماعي بعينه وتشويه صورته الوطنية”.

رفض للحادثة ودعوة لتعزيز الأمن الداخلي

تؤكد الناشطة السورية وابنة مدينة السويداء، حنين القنطار، أن ما جرى داخل مبنى المحافظة “تصرف مدان ومرفوض قطعًا”، معتبرةً أنه لا يمت بصلة إلى منظومة القيم والأعراف الاجتماعية التي تربى عليها أبناء المحافظة.

وأشارت إلى أن تأثير الحادثة تجاوز الإساءة لشخص المحافظ ليطال كرامة المجتمع بأسره، معتبرةً أن الواقعة أضرت بصورة محافظة عرفت بالحكمة والرزانة.

وانتقدت القنطار ما وصفته بـ”تهويل إعلامي” مارسته بعض القنوات والمنصات، موضحةً أن هذه الجهات حرفت الوقائع بما يخدم مصالحها، بعيدًا عن المهنية والموضوعية.

ولفتت إلى أن أبناء السويداء لمسوا، منذ تسلم الدكتور مصطفى البكور مهامه، تفانيًا في العمل وسعة صدر وأسلوبًا راقيًا في التواصل، الأمر الذي أكسبه احترامًا واسعًا.

وختمت القنطار بالدعوة إلى “ضرورة الإسراع في تفعيل دور قوى الأمن الداخلي والضابطة العدلية للحفاظ على هيبة المؤسسات، وصون كرامة المواطن، وفرض سيادة القانون بعدالة وحزم”.

وتبقى الأسئلة التي تثيرها حادثة السويداء مشرعة، أولها بالطبع هو عن العلاقة الشائكة وغير المستقرة بين السلطة الجديدة وبعض فئات المجتمع السوري، والسؤال الذي لا يقل أهمية هو عن دور وسائل الإعلام التقليدية والرقمية. فأي رواية ستترسخ في الذاكرة الجمعية، رواية الاقتحام العابر أم رواية “الاختطاف” التي تصدرت العناوين الافتراضية؟

في ضوء اتساع الفجوة بين الخبر العاجل والحقيقة الميدانية، يجب أن يثار نقاش معمق حول مسؤولية المنصات الإعلامية في التحقق قبل النشر، وما إذا كان التحريض مقصودًا أم هو فقط من أجل “الترند”؟

الترا سوريا

———————————————

السوريون وقميصُ عثمان المُدمّى

الأحد، ٢٥ مايو / أيار ٢٠٢٥

انطلاقاً من ضرورةِ ضبط إيقاع المخاض النهضوي العسير في المرحلة الانتقالية، شهدت سورية تغييرات سريعة منذ فرار بشّار الأسد، أهمها قرار رفع العقوبات الغربية الذي أعلنه دونالد ترامب في كلمةٍ له في الرياض، ليُعتبر الهدية الثمينة الثانية بعد إسقاط نظام الأسد، ويشكّل منعطفاً حاسماً في مسار الدولة والمجتمع يُعيد رسم علاقة سورية بالعالم من حولها، خصوصاً وأنّ الرئيس الأميركي أخبر أحمد الشرع أنّ لديه فرصة نادرة لقيامةٍ عظيمة في بلاده بعد منح شعبه بداية جديدة. وأقول: السوريون، بدورهم، يملكون فرصة تاريخية لن تتكرر لرفع ما هو ألعن وأكثر خطورة، وأقصد بالطبع القيود الطائفية.

في المقابل، شكّل القرار تطوراً دراماتيكياً هاماً فتحَ الباب أمام تساؤلاتٍ ملتهبة بشأن جدوى هذا التحوّل المفاجئ بالتوازي مع إرث النظام المخلوع وتداعياته على بلد خرج لتوّه من الجحيم، وعلى جنباته المُقفرة تنفجر الأحقاد المعلّقة، تحت مشاهد مذابح طائفية، أو صدامات ومظاهرات طائفية، بما يوحي وكأنّ سورية دخلت حقبة أبدية، لكن بسياقٍ آخر.

من هنا، من الدقّة بمكان الإشارة إلى أنّ ديناميكيات التفاعل السلبي بين المكوّنات السورية، ومهما بلغت من التعقيد، ليست كافية لتكون دلائل حاضرة على وجود مشكـلة طائفية حقيقية ومتجذّرة. ويبقى السؤال الملحّ أنه ووسط الفراغ الأمني الهائل القائم على الاستقطاب المذهبي والعرقي، كيف سيكون السوريون جديرين بكرم ترامب غير المسبوق؟ يرتكز الجواب على حفنةِ تفاؤل، خصوصاً وأنّ المُعطيات المتوفّرة، حالياً على الأقل، تؤكد أنّ الطائفية لن تكون المشكـلة التي ستعاني منها سورية المستقبلية اللامركزية، وهي تسير قدماً باتجاه “الفدرلة”، إنْ جرى تقسيم البلاد إلى خمسة قطاعات حسبما أعلن عنه وزير الداخلية السوري في الآونة الأخيرة.

ديناميكيات التفاعل السلبي بين المكوّنات السورية، ومهما بلغت من التعقيد، ليست كافية لتكون دلائل حاضرة على وجود مشكـلة طائفية حقيقية ومتجذّرة

بالتساوق مع ما تقدّمـ يقع على عاتق السلطة الحالية مسؤولية خلق وعي سياسي ووطني ضمن فضاءات مدنية واسعة، لردع الخطابات الديماغوجية الطائفية على وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك المهرجانات الدعوية الكاريكاتورية والتجاوزات المستفزّة، التي لم تكن مجرّد تصرّفاتٍ خرقاء فردية من متديّنين متشددين ومتحمّسين، إذ كشف زخمها مستويات عالية لخطاب الكراهية والإقصاء، أيضاً تسويق مصطلحَي الأغلبية “المُباركة” والأقلية “المُدانة”، ما يمثّل عصياناً يمهد لحالة انقلابية على الهوية الوطنية الجامعة، وإشاعة حالة عدم يقين في وقتٍ تحتاج البلاد فيه إلى رأب التصدعات وهدم الجدران العازلة التي خلّفها النظام البائد، الذي روّج كذبة كبيرة أنه “حامي” الأقليات. لنتذكّر: عند تأسيس الجيش السوري عام 1945، نُقلت إليه كلّ مقدرات جيش الشرق البشرية، ومنها العلويون، الذين وجدوا أنفسهم بين الآباء المؤسسين للمؤسسة العسكرية، ولم يكونوا منبوذين ومضطهدين، كما ادّعى حافظ الأسد. وعلى السوريين اليوم، وأكثر من أيّ وقت مضى، دحض تلك الأكاذيب، واستنكار المصطلحات المتداولة عن سُنّة أكثرية في دولة أموية يُعاد إنعاشها قسراً، بصفتها انحرافاً كارثياً عن طريق بناء بلد عابر للطوائف والأعراق.

فعلياً، لا توجد حساسية طائفية إلاّ عند من يتبنّاها ويسوّقها، بالتالي فإنّ التضخيم المغرض للسرديات الطائفية وارتفاع الأصوات المحرّضة، هدفه تسهيل الطريق لتمزيق النسيج الاجتماعي، بداية في الساحل السوري، ولاحقاً في البيئة الدرزية بعد التسجيل الصوتي المفبرك وتداعياته الكارثية، وعلى الطرف الآخر ترتفع نسبة شيطنة “الأكثرية” من قبل “أيتام الأسد”، وشيطنة “الأقليات” من قبل المتطرفين الحاقدين، إضافة إلى باقي الطوائف والإثنيات، خصوصاً الكردية التي لا تخفي مخاوفها الوجودية من المستقبل…إلخ، هذه الدوامة الطاحنة لم تُوقع السوريين في الفـخّ الطائفي المُحكم، بدلالة أنه وفي الوقت الذي تظهر به أصوات تتناول مجريات الأحداث المشتعلة بأبعاد طائفية وبلغة عنصرية مقيتة لا تخدم إقامة السلم الأهلي، تظهر أصوات مقابلة تُدين هذا “الزعيق الطائفي” وتسخّفه في مكان. وخير دليل على ذلك ملصقاتٌ عُلّقت في اللاذقية تدعو إلى تكفير العلويين، ليزيلها عقلاء من السنّة على الفور.

وعليه، التذكير بأسباب الطائفية ليس مجرّد اجترار مجاني للماضي وإنما إنعاش للوعي المغيّب بما يجب أنّ يُعلَمَ بالضرورة، ومن ثمّ، فإنّ استحضار أحداث حماة (1982)، مثلاً، والتي فعّلت نبرة الطائفية إلى الحدود القصوى بعدما كانت في مستواها الأول غير الملموس، مدخلٌ لازم للبحث في سُبل الشفاء من اللعنة السوداء التي فُرضت على السوريين وأصبحت ملازمة لهم، بعدما دفعهم نظام الأسد للتمسك بهوية إيمانية دوغمائية تضع الذات في مفارقة جدلية عقيمة مع الآخر المختلف لفرض حالة تضاد صدامي صالحة دائماً للاستثمار، ما يجعل اللوحة الفسيفسائية السورية المصطلح الأكثر ابتذالاً الذي عرفه السوريون يوماً.

نضال السوريين ضد الطائفية جزءٌ من النضال من أجل تشكيل معرفة وطنية تليق بالفرصة التاريخية التي مُنحت لهم

بطبيعة الحال، يُجمع مراقبون على أنّ الطائفية بمزاجها المتشدّد دخيلةٌ على المجتمع السوري المتسامح نسبياً، ولا شك مرّت نزعة “الشِقَاق الوطني” بمحطات هبوط وصعود بلغت مداها في عهد نظام الأسد، الذي رعاها ضمناً وأنكرها علناً، معيداً ترتيب مفردات الاختلاف الطبيعي بين المكونات السورية لتخديم سلطته العميقة وتكوين آلته القمعية. وحين رُفع غطاء الجحيم عن البلاد أخيراً بإعلان نهاية حكم الأبد إلى غير رجعة ظهرت أمراضٌ مجتمعية ساهم في صناعتها، وهي، في جوهرها، ليست إلاّ سجال الألم وسعار الغضب اللذين ينتهيان دائماً إلى عباراتٍ سامّة، من قبيل “نحن” و”هم”. واليوم، وفي لحظة مفصلية حرجة تشهدها سورية والمنطقة، المتاح إما مصالحة وطنية تُنهي تراشق التهم الطائفية بين الأطراف المختلفة أو أن تغدو التحالفات والأيديولوجيات سبيلاً لتثبيت مشروع “أفغنة” الدولة، وهي أفضل السيناريوهات الممكنة حينها، أو لمشروع احترابٍ دموي دائم في أسوئها.

يتوجب الجزم بيقين أنّ المشكلة الطائفية لم تنشأ بسبب التنوّع وتناقض مصالح الطوائف، بل تكمن أساساً في الاستثمار السياسي فيها، ولا يمكن اجتثاثها من جذورها إلا بترسيخ أسس الديمقراطية الفعلية، بعيداً عن منطق المحاصصة. والواقع أنّ ضرب الخطاب الطائفي لن يتمّ إلا مع سقوط الحاضن الأول له، وأقصد تركة الأسد، على القدر نفسه من الأهمية، بوقوف السوريين جميعهم بحزمٍ ضد التخوين والعنصرية، خاصة تحريض سوريّي الخارج وقراءتهم مسبَقة الصنع للمشهد السوري، والذين انتقلوا بسرعةٍ مريبة من الانتقاد إلى مدافعين شرسين عن الحكومة الجديدة، لإيمانهم أنَّ “القوة دائماً على حقّ”. ولا نبالغ إذ نقول إنه ينطبق على الطائفية السورية توصيف “قميص عثمان المُدمّى”، الذي رفعه بنو أمية والنيّة المُضمرة لم تكن الثأر لعثمان، بل الوصول إلى نيل السلطان، واليوم تشهد الفضاءات السورية العامة ارتفاعاً مهولاً وممنهجاً في الخط البياني لخطاب العدالة “الانتقامية” بقصد الهيمنة والتمكين، ما يؤكد على رُدّة وطنية للوافدين من أماكن التطرّف، وربما القهر، وبذريعة الشعار الأكثر استبداداً “من يحرّر يقرّر”.

نافل القول: تراجع الأزمة السياسية سينجم عنه بالضرورة تراجع في التوتر الطائفي، أما التعامل معه، بوصفه تحصيل حاصل لما تقدّم ذكره، فضرورة ملحّة لا تستوجب الإنكار أو التأجيل، باعتباره آفة مارقة تجعل التسليم بزواله نتيجةً لا جدال حولها. بالتالي، نضال السوريين ضد الطائفية جزءٌ من النضال من أجل تشكيل معرفة وطنية تليق بالفرصة التاريخية التي مُنحت لهم، لمواجهة خطر هذا الطاعون القاتل، ومحاربته بكل الوسائل المتاحة، لأنه، ببساطة شديدة، مصدرُ تفرّق وعداوة ضدّ التنوع والاختلاف، وأيضاً ضدّ الحياة.

العربي الجديد

———————–

المجلس العسكري” في السويداء… لماذا تشكل الآن؟/ عباس شريفة

مستقبله مرهون بقدرته على تجاوز عزلته المحلية

آخر تحديث 23 مايو 2025

احتجز مسلحون محافظ السويداء مصطفى البكور، للضغط على دمشق لإطلاق معتقلين متهمين بجرائم. وكانت “وكالة الأنباء السورية الرسمية” (سانا) نقلت عن مصدر أمني في السويداء، قوله إن مجموعة من “المجلس العسكري” في السويداء استهدفت يوم 6 مايو/أيار2025 سيارة للأمن العام، تقل مصابين من أبناء السويداء، إلى محافظة درعا لتلقي العلاج.

لا علاقة مباشرة بين الحادثتين، لكنهما جاءتا بعد اتفاق بين محافظ السويداء، ووجهاء المحافظة على نشر الأمن العام في المحافظة، بحيث تكون العناصر من أبناء المحافظة نفسها، فيما يبدو أن الهدف من الاستهداف، هو إجهاض الاتفاق والعودة إلى مربع التوتر والتجييش، الذي شهدته المحافظة بعد أحداث جرمانا وصحنايا، وهم مدنيون من محافظة ريف دمشق التي تقطنها شريحة من المكون الدرزي، وانتهت المشكلة في المدينتين بالاتفاق على نشر الأمن العام فيهما، وسحب السلاح العشوائي منهما، الأمر الذي أوجد تخوفات لدى “المجلس العسكري” في السويداء من امتداد هذا الاتفاق إلى المحافظة، وهو ما يعني إنهاء دور “المجلس” نهائيا.

في هذا المقال سنتعرف على “المجلس العسكري” من حيث الأجندة السياسية التي يعمل لأجلها، وحجم النفوذ الذي يتمتع به في السويداء، والبنية التنظيمية لـه، ومستقبله في سياق المتغيرات الحاصلة في العلاقة بين الحكومة السورية، وباقي الفاعلين في السويداء.

شُكِّل “المجلس العسكري” في بلدة الغارية بمحافظة السويداء منذ 24 فبراير/شباط 2025، أي بعد سقوط نظام الأسد، وهو اتحاد مجموعات مسلّحة بقيادة طارق الشوفي، باستثناء “لواء الجبل”، و”مضافة الكرامة”، و”أحرار الجبل” بقيادة سلمان عبد الباقي، وليث البلعوس، ويحيى الحجار.

يتميز “المجلس العسكري” في السويداء بتنظيم عسكري وإداري متكامل، يهدف إلى إدارة الشؤون الأمنية والعسكرية في المحافظة، ويعكس وجود توجيهات استخباراتية خارجية في تأسيس بنيته الداخلية. ويضم “المجلس العسكري” ما لا يزيد على 800 مقاتل بحسب بعض التقديرات، بينما يدّعي “المجلس” أن عدد منتسبيه بلغ 22 ألف منتسب. وهو فصيل يتكون غالبه من أبناء الطائفة الدرزية.

ويُتهم “المجلس” بأنه على “تنسيق مع إسرائيل” بسبب تزامن التشكيل، مع تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو يتحدث عن حماية الأقلية الدرزية جنوبي سوريا، ومطالبته بنزع السلاح من حكومة دمشق في محافظات السويداء والقنيطرة ودرعا.

ويؤكد الشوفي تنسيقه مع دول التحالف الدولي، موجّها الشكر لكل من يساند موقفه، ويسهم في حماية الطائفة الدرزية واستقرار المنطقة.

ويؤكد “المجلس العسكري” في بيانه التأسيسي على مجموعة من المهام، هي: حماية الأرض والعِرض من أي تهديد داخلي أو خارجي، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، والتصدي لأي محاولة لزعزعة أمن السويداء، وحماية جميع المواطنين دون تمييز.

كما يؤكد على مجموعة من الأهداف تتلخص في: ضمان الأمن والاستقرار في السويداء، والحفاظ على تماسك المجتمع وتضامنه، والعمل على تأسيس بيئة آمنة تضمن حرية المواطنين وكرامتهم، والتنسيق والتعاون مع كافة القوى الوطنية والدولية التي تسعى لمصلحة الشعب السوري.

رؤية “المجلس العسكري” لسوريا أنها دولة علمانية ديمقراطية لا مركزية، تكفل العدالة والمساواة بين جميع مكوناتها. وقد اعتمد “المجلس العسكري” في السويداء علما يحمل خريطة سوريا، وهو العلم نفسه الذي تستخدمه “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، والذي يفصل الأراضي التي تسيطر عليها “قسد” شرق الفرات عن بقية سوريا. والتعديل الوحيد هو إبراز محافظة السويداء بالنجمة الخماسية الدرزية.

قائد “المجلس العسكري” في السويداء طارق الشوفي

وأعرب “المجلس العسكري” عن انفتاحه على التعاون مع “قسد”، مشيدا بها كقوة دافعت عن أرضها وشعبها ضد الإرهاب والدكتاتورية. كما أعلن تأييده طلب الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في البلاد، حكمت الهجري، الحماية الدولية بعد أحداث جرمانا، وأشرفية صحنايا في ريف دمشق.

الشوفي هو ضابط في جيش النظام السابق، انشق عن النظام عام 2015، وأعلن عن تأييده للحراك في السويداء عام 2023، وشارك في المظاهرات في ساحة الكرامة. وكان الشوفي حينها ينتمي لما سُمّي “تيار سوريا الفيدرالية”، ويدعو إلى دولة لا مركزية في سوريا.

البنية العسكرية والنفوذ

يقود “المجلس العسكري” 13 ضابطا هم قادة “المجلس”. ويتألف الشكل التنظيمي للمجلس من عدد من الوحدات، والألوية، والكتائب، والسرايا، على النحو التالي:

أ- الوحدات العسكرية الرئيسة:

لواء حرس الحدود: مسؤول عن تأمين حدود المحافظة ومنع التسلل أو التهديدات الخارجية، مع التركيز على المناطق الريفية المحيطة.

لواء المهام الخاصة: وحدة نخبة تتولى تنفيذ العمليات السريعة والمعقدة، مثل التصدي للتهديدات الإرهابية أو تنفيذ العمليات الخاصة خارج السويداء إذا لزم الأمر.

لواء مغاوير “المجلس العسكري”: قوة قتالية مدرّبة على القتال في التضاريس الجبلية، تُستخدم في الدفاع عن المواقع الاستراتيجية، وتنفيذ العمليات الهجومية.

كتيبة مكافحة الإرهاب: متخصصة في رصد وتفكيك الخلايا الإرهابية، خاصة في ظل استمرار تهديد خلايا “داعش” في البادية المجاورة.

كتيبة تأمين الطرق والقوافل: تُعنى بحماية الطرق الرئيسة وتأمين حركة الإمدادات والمواطنين بين القرى والمدن.

سرية الشرطة العسكرية: مسؤولة عن الانضباط داخل الوحدات العسكرية، وملاحقة المخالفات العسكرية والمدنية المرتبطة بـ”المجلس”.

ب- الأقسام الإدارية والداعمة:

مكتب المستشارين العسكريين: يضم خبراء عسكريين يقدمون الاستشارات الاستراتيجية لقيادة “المجلس”، مع التركيز على التخطيط طويل الأمد.

مكتب الأمن العام: يراقب الأوضاع الأمنية الداخلية، ويجمع المعلومات حول التهديدات المحتملة، وينسق مع الوحدات الميدانية.

المكتب السياسي: يتولى صياغة الرؤية السياسية للمجلس، والتواصل مع القوى السياسية المحلية والدولية، ويمثله شخصيات مثل جيهان المحيثاوي.

القسم الإداري والمالي: يدير الموارد المالية واللوجستية، بما في ذلك توزيع الرواتب والإمدادات على الوحدات.

قسم التنظيم: مسؤول عن هيكلة الوحدات، وتنظيم الصفوف، وضمان التكامل بين الأقسام المختلفة.

قسم العمليات: يخطط وينفذ العمليات العسكرية، ويراقب التحركات الميدانية في الوقت الفعلي.

قسم الإشارة: يدير الاتصالات بين الوحدات، ويضمن استمرارية التنسيق باستخدام أنظمة الاتصال الحديثة.

قسم الهندسة: يتولى بناء التحصينات، وإزالة الألغام، وصيانة المعدات العسكرية.

قسم المدفعية: يشرف على الأسلحة الثقيلة والدعم الناري، ويُستخدم في حالات الدفاع أو الهجوم الواسع.

قسم القضاء العسكري: يتولى التحقيق في الجرائم العسكرية، ومحاكمة المخالفين وفق قانون عسكري داخلي.

وتجدر الإشارة إلى أن “المجلس” آخذ في التوسع، وقد شهد مؤخرا انضمام فصائل جديدة، أبرزها: فصيل “قوات الجنوب”، و”العانات”، وتجمع “شباب حِبران”.

التمويل والدعم

يعاني “المجلس العسكري” في السويداء من أزمة تمويل، حيث هاجم شبان مسلحون منزل طارق الشوفي، مطالبين بتسليم رواتبهم التي لم تُصرف. وأوضح “المجلس العسكري”، في بيان صادر بتاريخ 22 مارس/آذار، أن الشبان أطلقوا النار بشكل عشوائي، متهما “جهات معلومة”– لم يُسمّها– بالتحريض على هذا التصرف، بهدف التشويش على “نجاحات (المجلس) في توحيد الصفوف داخل المحافظة”.

وأكد “المجلس العسكري” أنه لم يقدّم أي وعود بدفع رواتب للمنتسبين، قبل افتتاح مكاتب الانتساب رسميا وتسجيل عقود التطويع، مشددا على التزامه بالشفافية، والصدق في التعامل مع المجتمع المحلي، ومعتبرا أن “هذه الأعمال العبثية” لن تؤثر على مساعيه في “بسط الأمان والاستقرار في السويداء”.

ورغم ذلك، لا يُخفي “المجلس العسكري” قبوله التعامل مع إسرائيل، إذ تشير بعض المصادر إلى أن تمويله يأتي عبر رجل الدين موفق طريف، المقيم في إسرائيل. كما يُعدّ الشيخ حكمت الهجري القائد الروحي والديني والسياسي للمجلس، ما يمنحه دعما معنويا في السويداء أمام الفصائل الرافضة لوجوده.

علاقة “المجلس” بالحكومة السورية

يتبنى “المجلس العسكري” موقفا عدائيا واضحا من حكومة دمشق، إذ يهاجم الشوفي الحكومة، ويرفض التعامل معها، واصفا إياها بـ”سلطات الأمر الواقع”. ويدّعي “المجلس العسكري” أنه يستمد شرعيته من الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري.

وقد أصدر المكتب السياسي لـ”المجلس” بيانا أعلن فيه عدم اعترافه بالحكومة الانتقالية، واصفا إياها بـ”حكومة اللون الواحد”، كما رفض الإعلان الدستوري الصادر عن الحكومة السورية، وطالب بإقامة نظام حكم علماني ديمقراطي لا مركزي، وهي مطالب تتقاطع مع مطالب “قوات سوريا الديمقراطية” في تكريس اللامركزية بصيغتها الفيدرالية.

هذا الموقف أثار بعض الحساسيات، إذ قامت “قوات الأمن العام” في 6 أبريل/نيسان 2025 باعتقال 25 عضوا من أعضاء “المجلس العسكري” في السويداء، أثناء توجههم إلى مدينة الرقة لحضور اجتماع مع قيادات من ميليشيا “قسد”، بدعم من الشيخ حكمت الهجري. وقد أثار ذلك استياء مجموعات متعددة من فصائل الدروز، ما دفع حكومة دمشق إلى المسارعة بالإفراج عنهم، وإعادتهم إلى السويداء، منعا لتصعيد محتمل بين الطرفين، وذلك بعد ساعات من احتجازهم في مدينة حمص.

عليه، يمكن القول إن توقيت تشكيل “المجلس العسكري” في السويداء جاء كمحاولة من بعض الضباط والعناصر العسكرية في المحافظة، لتأسيس كيان عسكري منظم، يسعى إلى لعب دور محوري في إعادة تشكيل معادلات القوة والنفوذ على المستوى المحلي. ويبدو أن هذا التشكيل يطمح إلى بناء تحالفات استراتيجية مع “قوات سوريا الديمقراطية”، بهدف خلق جبهة مناهضة لحكومة دمشق، مدعومة خارجيا، ما قد يمكّنه من فرض شروط تفاوضية جديدة على النظام، بعد فرض سيطرته على السويداء. ويعكس اختيار ضباط لقيادة “المجلس”، بدلا من رجال الدين، توجّها نحو بناء مؤسسة عسكرية ذات طابع مهني، تسعى إلى كسب الشرعية من خلال الأداء والتنظيم، وليس فقط من خلال الغطاء الديني.

غير أن طموحات “المجلس” تصطدم بجملة من التحديات البنيوية والواقعية؛ فالصراع على النفوذ والزعامة داخل السويداء لا يزال محتدما، و”المجلس” لا يمتلك بعدُ القوة أو الامتداد الشعبي الكافي لتجاوز الفصائل المحلية المتجذّرة، التي تتمتع بنفوذ أوسع وموارد أكبر. كما أن تحالفه مع الشيخ حكمت الهجري، رغم ما يمنحه من غطاء معنوي وروحي، لم يكن كافيا لتحييد خصومه المحليين أو توسيع قاعدة شرعيته.

على المستوى السياسي، ترفض حكومة دمشق الاعتراف بـ”المجلس” أو التعامل معه، بسبب خطابه التصادمي وسلوكه المعادي، فضلا عن الاتهامات التي تلاحق بعض قادته بتنفيذ أجندات إقليمية، تصبّ في مصلحة إسرائيل، التي تُتهم بالسعي إلى توظيف “المجلس”، كأداة لاختراق الجنوب السوري، وترسيخ وقائع جيوسياسية تمهّد لتقسيم فعلي للبلاد.

كل ذلك يجعل مستقبل “المجلس العسكري” في السويداء مرهونا بقدرته على تجاوز عزلته المحلية، وتوسيع تحالفاته الداخلية، وإثبات استقلالية قراره، بعيدا عن الشبهات الخارجية، في بيئة شديدة التعقيد، تتداخل فيها الحسابات المحلية والإقليمية والدولية.

المجلة

—————————

الأزمة الطائفية وبناء الدولة في مرحلة ما بعد الأسد/ أحمد عيشة

2025.05.24

انتقل الصراع في سوريا، بعد الخلاص من بشار الأسد، إلى صيغة جديدة تتمحور حول طبيعة الدولة وشكل نظام الحكم الاقتصادي والسياسي.

لم يخرج الصراع هذا عن الجذور العقائدية/الأيديولوجية للمشتغلين في الشأن العام من تيارات سياسية، أو شخصيات مستقلة ومثقفين، ناهيك عن الأصوات المعبرة عن الطوائف، التي برزت مؤخراً بمجالسها وشيوخها وطغت على المشهد برمته، معبّرة عن وجهات نظر كانت مدفونة وكان التعبير عنها ممنوعًا.

ورغم التوافق الظاهري حول شكل الدولة بأنها مدنية تقوم على حق المواطنة وتمثيل الجميع، إلا أن ذلك التوافق كشف عن رؤى تفتيتية للبلاد، ونموذج تمييزي من المواطنة. بكلمات عامة، كانت المطالب تتركز حول امتيازات لجماعات عانت من الظلم، ولأخرى كي لا تتعرض للظلم، مما يُخفي كثيراً من المواقف الطائفية خلف ادعاءات بمعارضة طائفية السلطات الجديدة، كونها انبثقت عن تنظيم سلفي جهادي، في حين كان الصوت الوطني الديمقراطي هو الأضعف إن لم يكن غائبًا.

فرضت فرنسا، في إطار رؤيتها الاستعمارية، شكل الكيان السوري بما يتعارض مع تطلعات سكانه، بهدف تقسيم البلاد لضمان السيطرة، من خلال دويلات تقوم على أسس طائفية. بعد الاستقلال، اندفع أبناء الأرياف والأقليات الذين عانوا من التهميش لفترات طويلة لللالتحاق بالجيش وأيضاً بالأحزاب، وخاصة ذات المنحى الاشتراكي، حيث تمكنوا بعد سنوات من الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب 1963، الذي سيطر فيه حزب البعث على الحكم بدعم من لجنة عسكرية سرية معظم أعضائها من الأقليات، من بينهم حافظ الأسد، الذي استولى على السلطة عام 1970، بعد صراع داخلي في الحزب، أنهى مرحلة من حكم يساري الشكل، وأسس دولة أمنية مركزية، وضع فيها أقاربه ومعارفه من الطائفة في مواقع حساسة، ومنح بعض السنّة مناصب شكلية دون سلطة فعلية، فخلق سلطتين: الأولى ذات تركيبة طائفية في الجيش والمخابرات وهي الحاكم الفعلي، والثانية شكلية تشمل الجميع، وهي واجهات لا أكثر.

باختصار، تحوّل النظام إلى حكم طائفي بواجهات “وطنية”، ما جعل بنيته طائفية وشكله “وطنيًا”.

لمحاولة فهم ما حدث ويحدث في سوريا، من الضروري تحديد مستويات الصراعات في البلاد، وهي متنوعة وذات أبعاد طبقية، وريف-مدينة، وطائفية، لكن الطابع المهيمن في سلطة الأسد هو الطائفي، الذي تجلى بتركيبة قيادة الجيش والأجهزة الأمنية التي تعاملت مع المعارضين والثوار بطريقة تمييزية (عنف معمم في مناطق ومخصص في أخرى)، حيث خلق التعامل الوحشي ردات فعل طائفية مقابلة وساهم في تأسيس تيارات ذات نزعة طائفية أيضاً. إن تفسير كل ما جرى ويجري في سوريا وفق البعد الطائفي فقط غير كافٍ؛ فهو يوفر تفسيرًا أحاديًا لظاهرة معقدة لها جذور تاريخية عميقة. لذلك، لا بد قبل محاولة التفسير من توضيح بعض المفاهيم: ما هي الطائفية، وما هو الدور المحوري الذي لعبته في الصراع؟ من المهم أيضًا معرفة التركيبة الديموغرافية في سوريا لما لها من دور في فهم الصراع ككل.

الطائفية حسب برهان غليون “نتاج لغياب الدولة الوطنية الحديثة وفشل مشروع المواطنة”، وحسب عزمي بشارة: “استخدام سياسي للهويات الدينية في صراع المصالح”، فهي فعل سياسي للسلطات أو القوى المتصارعة على السلطة قائم على التعصب والتمييز والمصالح، يركز على الاختلافات المتخيّلة بين الجماعات الدينية ويجعل منها أساساً لخندقة تقوم على “نحن” و”هم”، و”هي”. بمعنى ما، تسعى الطائفية إلى تحويل الاختلافات إلى أساس لصراع وجودي: إما نحن أو هم، وتلغي إمكانية التفاهم بين الطرفين، وتدعو إلى أشكال من التطهير أو الإبادة.

لم يكن الصراع الطائفي جديداً في سوريا، فهو يعود لبدايات تشكل الكيان السوري، لكنه أصبح محوريًا في فترة الأسدية التي اعتمدت في حكمها على القوة العارية للجيش والمخابرات ذوي الهيمنة الطائفية، التي حولت سوريا ذات التنوع في تركيبتها السكانية إلى مصدر للانفجار والاقتتال بدل أن تكون مصدراً للقوة من خلال الاعتماد على قاعدة طائفية من جهة وتشجيع العداوات المتخيلة بين تلك الجماعات من جهة أخرى، مع العلم أن تلك الجماعات السكانية، وبغض النظر عن النسب، ليست كتلة صماء، وإنما تتباين في المواقف والمصالح وتخضع لتناقضات داخلية وصراعات مثلها مثل أي جماعة أخرى، يتشابك فيها الديني مع السياسي مع الاقتصادي (المصالح).

خلقت هذه الهيمنة مظالم كبرى، زادت من تأجيج الصراع، خاصة بعد الثورة وما شهدته من فظائع ارتكبها النظام بحق السوريين، إلى درجة أن الطائفية أصبحت خط الصدع الوحيد الذي يتمتع بسلطة فعّالة على الجميع. ورثت الإدارة الجديدة، بقيادة هيئة تحرير الشام بلداً مدمراً يعاني من الفقر والتهميش والانقسامات الطائفية. وهي انقسامات عميقة يتأثر بها الجميع، يبدو الخلاص منها حتى على مستوى الخطاب أمرًا يحتاج إلى سنوات طويلة. وهذا يتطلب من الجميع وخاصة من السلطة بناء خطاب وممارسة دقيقتين، يركزان على خلق التقارب والوحدة بين مختلف الجماعات الإثنية والدينية، فمستقبل سوريا يكمن في القدرة على بناء هذا الخطاب والسلوك، كما أن الفشل في ذلك قد يدخل البلاد في حرب أهلية مدمرة.

مثلت أحداث آذار في الساحل، وما تلاها من تطورات في السويداء وبعض مناطق ريف دمشق (جرمانا وأشرفية صحنايا)، الاشتباك الأول للخطاب السياسي مع حالة الانقسامات تلك، حيث أخذ شكلاً انفجارياً يعكس عمق الأزمة الطائفية. فالخطاب الذي تقدمه تلك الجماعات حول شكل الدولة وطبيعة النظام السياسي كان خطاباً أيديولوجياً يسعى لتعبئة طائفية، ومحاولة للحفاظ على امتيازات قديمة أو خلق أخرى جديدة، مع نزعات تفتيتية، فلم يكن حديثهم عن دولة المواطنة سوى قناع زائف لمطالب أخرى. ونتيجة ربط النظام للطائفة بوجوده، بغض النظر عمّا إذا كان جميع أفرادها موافقين أو مستفيدين، وفي ظل غياب صوت جماعي يرفض الفظائع التي ارتُكبت خلال الثورة (رغم وجود أصوات فردية معارضة)، وجد العلويون أنفسهم محاصرين بين مطرقة الانتقام وسندان النظام، وضحايا لتلك السياسة.

يتفق معظم السوريين، في الخطاب، على قيام دولة قانون تحقق الكرامة والحرية، لكن تظهر التناقضات والصراعات حول مضمون هذه الدولة وطريقة تحقيقها، ما يكشف عن عمق الجذور الطائفية التي تغلف الممارسة السياسية والمصالح الضيقة وتفقدها مصداقيتها. ومن جانب آخر، يظهر ضعف بنية الجماعات السياسية. كان غياب صوت العقل والنقد الموضوعي هو السائد، باستثناء بعض الأصوات الفردية، حيث غابت السياسة بمعناها الحقيقي كصراع وتسويات بين قوى اجتماعية، وتحولت إلى اشتراطات وطلبات واجبة التنفيذ.

أمام هذه التركيبة والصدوع العميقة، يبقى المخرج الوحيد هو العمل على بناء دولة من خلال تأسيس جيش وقوات أمن على أسس وطنية مهنية، تبسط سيطرتها على كامل التراب السوري. دولة تعمل على بناء هوية وطنية سورية تقوم على المواطنة التي تساوي بين الجميع، وتخلص البلاد من منطق الأكثرية والأقلية القائم، دون تمييز لجماعة على أخرى تحت ذريعة حماية الأقليات كما يطالب البعض في الداخل والخارج، وتقوم على نظام يعتمد التنوع السياسي أولاً، الذي يضمن سلامة التنوع الثقافي والاجتماعي لا العكس، ويكفل مشاركة عادلة للجميع، وأولى تلك الخطواب بناء جيش وقوات أمن على أسس وطنية، وهو انجاز هائل إن تمكنت الحكومة الجديدة من تحقيقه، إضافة للتخلص من المناهج التعليمية المتعددة ذات الصبغة الأيديولوجية، والاهتمام بمسألة العدالة الانتقالية من خلال محاسبة رمزية أو فعلية على الجرائم والانتهاكات.

ويبقى في النهاية القول إن فهم الأزمة السورية من منظور طائفي فقط هو فهم تبسيطي، يتجاهل تعقيدات أخرى مثل: الصراعات الاجتماعية البينية، والقوى الخارجية ونزعات الهيمنة لديها، والنظم السلطوية. فالطائفية ليست سوى واحدة من أدوات التدمير لدى القوى المهيمنة، كما أن الخلاص منها هو عملية سياسية بامتياز، طويلة الأمد، تبقي على التنوع في إطار الوحدة، فمصدر قوة البلدان اليوم تنوعها، ومستوى الحرية فيها.

تلفزيون سوريا

—————————————

احتضان ترامب للرئيس السوري الشرع يعيق استراتيجية إسرائيل التوسعية في سوريا

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده مايكل شير، قال فيه إن تقارب ترامب مع سوريا يعقد الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية.

ومنذ لقاء ترامب مع الرئيس السوري الجديد، تراجعت الغارات الجوية الإسرائيلية على البلاد. وقالت الصحيفة إن إسرائيل شنت أكثر من 700 غارة على سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، بما في ذلك ضرب مواقع قريبة من القصر الرئاسي في دمشق. وزعمت إسرائيل أن الهدف من هذه الغارات كان منع الأسلحة الوقوع في أيد معادية والحد من قدرة الحكومة الجديدة على ترسيخ قوتها في جنوب سوريا.

وقال أوزي أراد، مستشار الأمن القومي السابق، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “هذا بالتأكيد درس من جنوب لبنان”. وأشار أراد الناقد حاليا لرئيس الوزراء الإسرائيلي إلى السنوات التي قضتها إسرائيل في مواجهة الجماعات الفلسطينية وحزب الله في جنوب لبنان، حيث شنت هجمات على شمال إسرائيل.

كما وصفت إسرائيل الحكومة السورية الجديدة، التي يترأسها زعيم كان مرتبطا مرة في القاعدة بأنها “متطرفة”. ولكن بعد أيام قليلة من الغارة الإسرائيلية في 2 أيار/مايو قرب القصر الرئاسي في دمشق، قلب الرئيس ترامب عقودا من السياسة الخارجية الأمريكية رأسا على عقب باجتماعه مع الرئيس السوري أحمد الشرع، وإعلانه عن خطط لرفع جميع العقوبات المفروضة على البلاد.

وقال ترامب إن لدى الشرع “فرصة حقيقية لإعادة بناء البلاد”، بعد حرب أهلية مدمرة دامت قرابة 14 عاما.

 ومنذ ذلك الاجتماع في 14 أيار/مايو، توقفت الضربات الإسرائيلية على سوريا تقريبا. ومع أن الولايات المتحدة هي أقرب حليف لإسرائيل إلا أن التقارب الأمريكي- السوري واحتضان الشرع لم يمنحا الرئيس السوري طوق نجاة غير متوقع فقط، بل وقوضا على ما يبدو جهود الحكومة الإسرائيلية المتشددة لاستغلال حالة عدم الاستقرار في سوريا وضعف الحكومة الجديدة لمنع صعود جار آخر معاد لإسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب “لدى إسرائيل شكوك عميقة حول نيته وصورته البراغماتية التي يحاول تقديمها”، في إشارة للشرع.

وقبل منح ترامب الثقة للشرع، حاول نتنياهو وقادته الكبار حرمان الحكومة الجديدة من الوصول إلى مجموعة واسعة من الأسلحة الثقيلة التي جمعها نظام الأسد على مدى عقود من حكمه. وقالت فالنسي: “كان الجزء الأكبر من الغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا خلال الأشهر الأربعة الماضية موجهًا ضد أسلحة استراتيجية كان الجيش السوري السابق يملكها”، مضيفةً أن الحكومة الإسرائيلية يبدو الآن أنها بدأت في إيجاد طرق لتجنب المزيد من المواجهة. وقالت: “كل هذا يشير إلى اتجاه لخفض التصعيد ومنع الصراع، واستعداد أكبر لفتح حوار مع النظام السوري”.

وبرر المسؤولون الإسرائيليون دوافعهم للهجوم على سوريا، بالدروز، حيث يعيش منهم 150,000 في إسرائيل ويخدمون في الجيش الإسرائيلي. وفي بيان للجيش الإسرائيلي الشهر الماضي أكد مساعدة المجتمعات الدرزية في سوريا وأنها “نابعة من التزام لإخواننا الدروز في إسرائيل”. ويعيش دروز سوريا في السويداء ونادرا ما شكلوا تهديدا على إسرائيل.

 وفي نهاية نيسان/أبريل، عندما اندلعت اشتباكات طائفية عنيفة بين ميليشيا درزية وقوات مرتبطة بالحكومة السورية الجديدة، عرضت إسرائيل مساعدة الدروز. وصور القادة الإسرائيليون الغارة قرب القصر الرئاسي بأنها تحذير للشرع لوقف الهجمات على الدروز، مع أن دوافع الجهات الأخرى على سوريا خلال الأشهر الماضية تتجاوز دعم الدروز.

وبدأت إسرائيل هجماتها على سوريا حالا بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر. ونفذت في أسبوع واحد 450 غارة تقريبا. وأدت الهجمات إلى تدمير البحرية السورية بأكملها والطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار والدبابات وأنظمة الدفاع الجوي، ومصانع الأسلحة، ومجموعة واسعة من الصواريخ والقذائف في جميع أنحاء البلاد، حسب قول الجيش الإسرائيلي.

كل هذا مع أن الحكومة السورية الجديدة لم تهاجم إسرائيل منذ توليها السلطة، وقالت إن البلاد تعبت من الحرب وتريد العيش في سلام مع جميع الدول.

وعليه، فغصن الزيتون الذي قدمه ترامب للشرع يعقد الاستراتيجية الإسرائيلية في سوريا، وهو أحدث مثال على كيفية إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية للشرق الأوسط. وقال يعقوب أميدرور، وهو مستشار سابق آخر للأمن القومي لنتنياهو وزميل في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي: “ما لا نريده في سوريا هو نسخة أخرى من الحوثيين”.

ويشكك نتنياهو ومن حوله في مواقف الشرع وحكومته ويعتقدون أنها ستتطور نحو حكومة إسلامية معادية لإسرائيل.

وسخر جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي، في آذار/مارس من فكرة ظهور حكومة عقلانية في سوريا وقال إنها فكرة “سخيفة”، مضيفا أن الشرع وجماعته “جهاديون وسيظلون جهاديين حتى لو لبس بعض قادتهم البدلات”. إلا أن الهجوم الواسع النطاق على سوريا أثار انتقادات من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي التقى الشرع في منتصف أيار/مايو. وقال ماكرون عن إسرائيل: “لا يمكنك ضمان أمن بلدك بانتهاك سلامة أراضي جيرانك”. وهناك البعض داخل إسرائيل يقولون إن حملة عسكرية منسقة لن تكون في مصلحة إسرائيل، على المدى البعيد.

ويعتقد محللون عسكريون أن الهدف وراء التوسع في سوريا هو ضمان أمن الجولان، حيث استولت إسرائيل على مناطق واسعة من جنوبي سوريا. وهناك عامل آخر وهو الحد من تأثير تركيا في سوريا. ولكن قد تكون جهود الولايات المتحدة للتقارب مع سوريا هي التي تعيق الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في سوريا.

————————————

أردوغان للشرع: لا يمكن قبول احتلال إسرائيل وعدوانها على أراضي سوريا

أنقرة: أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لنظيره السوري أحمد الشرع، أن احتلال إسرائيل وعدوانها على الأراضي السورية أمر غير مقبول، وأن أنقرة ستواصل معارضته على جميع المنصات.

جاء ذلك خلال لقاء جرى بين أردوغان والشرع، اليوم السبت، في مكتب الرئاسة بقصر دولما بهتشة بإسطنبول،وبحسب بيان نشرته دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.

وذكر البيان أن اللقاء تناول العلاقات الثنائية بين تركيا وسوريا، والتطورات الإقليمية والعالمية، وفقا لوكالة أنباء الأناضول التركية.

ووفقا للبيان، أعرب أردوغان خلال اللقاء عن اعتقاده بأن أياما أكثر إشراقا وسلاما تنتظر سوريا، مؤكدا أن أنقرة ستواصل الوقوف إلى جانب دمشق كما فعلت حتى الآن.

وقال أردوغان للشرع الذي يجري أول زيارة له إلى تركيا بعد أن قررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا، إن أنقرة ترحب برفع العقوبات.

وأكد الرئيس التركي أهمية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وإدارة البلاد والجيش من مركز واحد.

وشدد على أن احتلال إسرائيل وعدوانها على الأراضي السورية أمر لا يمكن قبوله، وأن تركيا ستواصل معارضته.

كما أكد مواصلة تطوير العلاقات الثنائية والتعاون بين تركيا وسوريا في كافة المجالات، وخاصة الطاقة والدفاع والنقل.

ولفت أردوغان إلى أن تركيا ستواصل الوفاء بمتطلبات علاقات الجوار والأخوة مع سوريا، كما فعلت حتى الآن.

من جهته أعرب الشرع عن شكره لأردوغان على دعمه الحاسم وجهوده في رفع العقوبات عن سوريا.

وحضر اللقاء من الجانب التركي وزيرا الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، إضافة إلى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية خلوق جورجون، وكبير مستشاري الرئيس لشؤون السياسة الخارجية والأمن عاكف تشاغاطاي قليتش، وكبير مستشاري الرئيس سفر توران.

ووصل الرئيس السوري أحمد الشرع اليوم السبت على رأس وفد حكومي إلى تركيا.

ووفق الوكالة العربية السورية للأنباء ( سانا ) ، يرافق الرئيس الشرع في زيارته إلى تركيا وزيرا الخارجية أسعد الشيباني والدفاع اللواء مرهف أبو قصرة ومن المقرر أن يلتقيا نظيريهما التركيين لبحث الملفات المشتركة بين البلدين.

وطبقا لوكالة الأناضول ، التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره السوري في إسطنبول، مشيرة إلى أنه حضر اللقاء من الجانب التركي وزيرا الخارجية هاكان فيدان والدفاع يشار جولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن، إضافة إلى رئيس هيئة الصناعات الدفاعية خلوق جورجون.

(د ب أ)

—————————————

توغلات إسرائيلية جديدة.. إشارات معاكسة لـ”مسار التطبيع

24 مايو 2025

شكّل لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بنظيره الأميركي دونالد ترامب نقطة تحول مفصلية، حيث طُرحت فكرة التطبيع بين دمشق وتل أبيب بشكل علني للمرة الأولى، في سياق الشروط الأميركية على دمشق لرفع العقوبات، الأمر الذي استبقته سوريا بإرسال تطمينات أمنية للجانب الإسرائيلي، وإجراء محادثات غير مباشرة أعلنت عنها في سبيل إنهاء الاعتداءات المتكررة عليها.

وفي ظل الهدوء الحذر، عاودت الآليات العسكرية الإسرائيلية توغلها في القرى والبلدات القريبة من الشريط الحدودي، لا سيما مناطق ريف القنيطرة الجنوبي مثل كودنة، وصيدا الحانوت، والرفيد، وسد المنطرة، إضافةً إلى مناطق أخرى مجاورة، ما طرح العديد من التساؤلات حول الأسباب الإسرائيلية لهذا لتوغل في ظل مسار سياسي مستجد للعلاقات السورية مع إسرائيل.

تغيير قواعد الاشتباك

يعتقد الكاتب السياسي والمختص في الشؤون الإسرائيلية، محمد أبو شريفة، أن إسرائيل تحاول من خلال توغلاتها إرساء قواعد جديدة للاشتباك تختلف عما تم الاتفاق عليه عام 1974 (اتفاق فض الاشتباك)، وذلك من خلال زيادة مساحة سيطرتها على الأراضي في العمق السوري، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. وبناء على ذلك، استباحت إسرائيل منطقة بطول 15 كم تمتد من ريف درعا الغربي وصولًا إلى ريف القنيطرة الشمالي.

وأشار أبو شريفة إلى أن إسرائيل تفرض واقعًا جديدًا يقوم على سيطرة أمنية بعمق 65 كم وصولًا إلى دمشق ومحيطها، إضافةً إلى إبقاء قواتها في مرتفعات جبل الشيخ والتلال المحيطة، والتي تعد من أبرز المناطق الاستراتيجية العسكرية في سوريا.

مشروع إقليمي

يرى الباحث السياسي غسان يوسف وجود مشروع إسرائيلي متعلق بخلق مناطق منزوعة السلاح في كل من سوريا ولبنان، عبر التوغل جنوبًا في العمق السوري، والوصول إلى نهر الليطاني في لبنان. وبناء على ذلك، يتم قضم أراضي البلدين تحت غطاء خلق مناطق منزعة السلاح، لافتًا إلى أن هذه التوغلات تؤدي إلى خلق واقع احتلال جديد، وعدم تقديم أي تنازل بخصوص الأراضي المحتلة سابقًا بما في ذلك الجولان.

ويشير يوسف إلى عدة عوامل تعزز من التوغلات الإسرائيلية في الداخل السوري، ومنها مسار الاتفاقيات الإبراهيمية بغطاء أميركي في المنطقة، وحالة الضعف العسكري للجيش السوري بعد تدمير مقدراته، وأخيرًا المناخ السياسي الجديد في العلاقات بين دمشق وإسرائيل.

أزمة ثقة

ويشير المختص في الشؤون الإسرائيلية محمد أبو شريفة إلى أن إسرائيل ليس لديها ثقة أمنية بسوريا، وتشكو من قلق تجاه مصيرها الوجودي وسط بيئة ملتهبة، وهذا من أبرز الأسباب التي تدفعها إلى استثمار أعمالها العسكرية لفرض جملة من الشروط تلبي مصالحها في المنطقة، لا سيما أنها أعلنت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 خلق ملامح جديدة للشرق الأوسط.

في المقابل، يرى الكاتب غسان يوسف أن الثقة ليست موجودة حتى من قبل الحكومة السورية تجاه إسرائيل، إذ إن التطمينات الأمنية، والتهدئة لا تعني الثقة بالجانب الإسرائيلي، خاصةً أنها تستغل كافة الفرص للتوغل، وتحقيق أجندة توسعية داخل الأراضي السورية، كما هو الحال في لبنان وغزة والضفة الغربية والأردن.

قلق أردني

تعكس تصريحات وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، المتعلقة بالاعتداءات الإسرائيلية على جنوب سوريا، قلقًا أردنيًا من هذه التوغلات التي اعتبرها الصفدي اعتداءً على الأردن، وهو ما يعكس، وفق الكاتب السياسي أبو شريفة، مخاوف متعلقة بالسيطرة على منابع المياه في حوض اليرموك، وما لذلك من أثر سلبي على حصة الأردن المائية التي تعاني بالأصل من الشح فيها.

ولفت أبو شريفة إلى وجود مخاوف أردنية متعلقة بإثارة البلبلة في الجنوب، بما في ذلك درعا، ومحافظة السويداء، من خلال التوغل البري، وإعلان إسرائيل بشكل متكرر تقديم الدعم للمكون الدرزي، وما لذلك من مخاطر انفصالية محتملة.

——————————

==========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى