الأحداث التي جرت في الساحل السوريالإعلان الدستوري لسوريا 2025الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعالتدخل الاسرائيلي السافر في سورياالعدالة الانتقاليةالعقوبات الأميركية على سورياتشكيل الحكومة السورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعصفحات الحوارعن أشتباكات صحنايا وجرمانالقاء الشرع-ترامب ورفع العقوبات الأمريكية عن سوريا

الدكتور مروان قبلان : من صراع الهوية إلى سياسة الابتزاز.. محطات في تاريخ العلاقة السورية-العربية

2025.05.27

في مقابلة مطولة ضمن بودكاست دفين على تلفزيون سوريا، استعرض الدكتور مروان قبلان، الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية، تاريخ علاقات سوريا بمحيطها العربي منذ الاستقلال عام 1946 وصولاً إلى اللحظة الراهنة وسقوط النظام. قدم قبلان تحليلاً مفصلاً للمراحل المختلفة التي مرت بها هذه العلاقة، مبرزاً العوامل الداخلية والخارجية التي شكلتها.

سوريا المبكرة: صراع على الزعامة وانقسام داخلي

بدأت المقابلة بالتركيز على مرحلة ما بعد الاستقلال وحتى وصول حافظ الأسد إلى السلطة في عام 1970. أكد قبلان أن سوريا، بحكم موقعها الاستراتيجي وتنافس القوى العربية الكبرى (العراق، والأردن، ومصر، والسعودية) على زعامة العالم العربي، تحولت إلى ساحة صراع لهذه القوى. كان الفوز بسوريا يُعتبر شرطاً للفوز بزعامة العالم العربي، وهو ما أدركته جميع هذه الدول.

لم تكن سوريا في هذه الفترة لاعباً مركزياً في السياسة العربية، بل كانت تأثرها يأتي غالباً من خلال الخطاب. كان التنافس العربي على سوريا يستثمر في الانقسامات الداخلية السورية. هذه الانقسامات، بحسب قبلان، كانت متجذرة قبل الاستقلال وتأثرت بالتقسيمات الإدارية العثمانية ثم السياسية الاستعمارية (الفرنسية) التي حاولت تقسيم سوريا إلى دويلات على أسس مناطقية أو طائفية. كانت سوريا تعاني من مشكلة في تكوين هوية وطنية سورية واضحة، حيث كان السوريون ينظرون إلى أنفسهم كجزء من كل عربي أكبر (سوريا الكبرى، الوطن العربي، الأمة الإسلامية)، بينما كانوا في الممارسة أسرى انتماءات تحت وطنية (طائفية، ريف/مدينة). لعب الخطاب البعثي دوراً في التأكيد على الهوية العربية، لكن بالممارسة، تكرست الهوية القطرية خلال حكم البعث في سوريا والعراق.

كانت علاقات سوريا مع الدول العربية تتغير بتغير نظام الحكم في دمشق. كمثال، أشار إلى تمويل السعوديين للانفصال السوري عام 1961، بالتحالف مع الهاشميين، خوفاً من المد القومي لعبد الناصر الذي كرست الوحدة مع سوريا زعامته العربية.

مع وصول حافظ الأسد إلى السلطة عام 1970، شهدت علاقات سوريا تحولاً. كان وصوله مرحباً به إقليمياً وعربياً وحتى دولياً، خاصة من قبل الاتحاد السوفييتي. تبنى حافظ الأسد سياسة أكثر انفتاحاً على العالم العربي، وخفف من الجرعة الاشتراكية المتشددة في الداخل.

لعبت حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 دوراً مفصلياً في تعزيز مكانة سوريا. اعتبرت رمزاً للتضامن العربي وشهدت مشاركة عسكرية واسعة من دول عربية وقطع العرب النفط عن الغرب. أدى ارتفاع أسعار النفط إلى تدفق الثروات، وبدأت المساعدات العربية تتدفق إلى سوريا ومصر. أدرك حافظ الأسد تحول مركز الثقل في السياسة العربية نحو الخليج، وبدأ بتطوير علاقته بشكل كبير مع السعودية، مستفيداً من ثقلها المالي. استخدم المساعدات السعودية لبناء شرعية داخلية عبر توسيع القطاع العام.

دخلت سوريا في لبنان عام 1976 تحت غطاء “قوات الردع العربية” وبموافقة عربية، حيث رأت السعودية أنه لا بديل عن الدور السوري لوقف الحرب الأهلية. كانت سوريا ترى لبنان كجزء مقتطع منها تاريخياً. لكن دور سوريا في لبنان، بالإضافة إلى تطور علاقاتها مع إيران بعد الثورة الإيرانية عام 1979، بدأ يثير توجس بعض الدول العربية، خاصة السعودية.

كان عداء حافظ الأسد لصدام حسين والعراق عداء ثابتاً طوال فترة حكمه. دعم سوريا لإيران ضد العراق في الحرب (1980-1988) كان مثالاً على أن السياسة الخارجية السورية كانت براغماتية ولا تلتزم بالضرورة بالخطاب القومي العربي، حيث دعمت دولة غير عربية (إيران) ضد دولة عربية (العراق). لعب حافظ الأسد لعبة مزدوجة، يأخذ مساعدات من السعودية وإيران، ويقدم نفسه للسعودية ودول الخليج كوسيط لحمايتهم من إيران.

بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وحرب الخليج عام 1990-1991، استشعر حافظ الأسد التغير في النظام الدولي. استغل غزو العراق للكويت للقفز إلى المعسكر الأميركي. قدم دعماً عسكرياً للتحالف الدولي والعربي لتحرير الكويت. كان الثمن الذي تقاضاه هو رفع العقوبات عن سوريا، عودة الانفتاح الغربي، والحصول على مساعدات اقتصادية هائلة من دول الخليج، بالإضافة إلى ضوء أخضر للدخول إلى بيروت وتثبيت نفوذه في لبنان بعدما أخرجته إسرائيل منها في 1982.

اعتبر قبلان أن حافظ الأسد نجح في مرحلة من المراحل بتحويل السياسة الخارجية السورية إلى سلعة أساسية، معتمداً على سياسة الابتزاز القائمة على إثارة عدم الاستقرار أو تقديم خدمات أمنية للحصول على موارد. أهمل الداخل السوري بشكل كامل وركز على الخارج لتعزيز وضعه الداخلي. تحول النظام إلى نظام أمني عسكري عائلي وفردي أكثر منه مؤسساتي أو حزبي.

عهد بشار الأسد: انفتاح أولي، تشدد، عزلة ثم تطبيع وسقوط

ورث بشار الأسد وضعاً خارجياً “مريحاً” عند توليه السلطة عام 2000، مع احتضان عربي ودولي له في البداية. حاول تقديم نفسه كإصلاحي. لكنه سرعان ما اتجه نحو مواقف متشددة في السياسة الخارجية لكسب الشرعية، مستعيداً خطاب المقاومة والصراع مع إسرائيل.

بعد أحداث سبتمبر 2001، تعاون بشار الأسد أمنياً مع الولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه تبنى خطاباً معادياً للهيمنة الأميركية. عارض الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ليس حباً بصدام حسين، بل خوفاً من أن يكون هو الهدف التالي وللحفاظ على مصالح اقتصادية (خط النفط). عمل على إفشال الغزو الأميركي في العراق وتعطيله، عبر التنسيق مع إيران وفتح الحدود أمام الجهاديين.

تدهورت علاقات سوريا مع السعودية ومصر بشكل خاص بعد غزو العراق واغتيال رفيق الحريري عام 2005. هذا دفع النظام أكثر نحو الحضن الإيراني، وتحول التحالف مع إيران من علاقة ندية في عهد حافظ الأسد إلى علاقة شريك صغير يعتمد على الدعم الإيراني.

شهد العقد الأول من حكم بشار الأسد مراحل من التوتر والعزلة، لكنه في نهاية عام 2010 كان قد استعاد علاقات جيدة مع معظم الدول العربية، تركيا، إيران، وحتى الولايات المتحدة التي أعادت سفيرها إلى دمشق.

الثورة السورية وسقوط النظام: تحول المواقف وتدخل اللاعبين الجدد

مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، لم تكن الدول العربية متحمسة للصراع في سوريا في البداية وعرضت مساعدات مالية مقابل إجراء إصلاحات واحتواء الوضع. لكن القمع الدموي الذي مارسه النظام ضد المتظاهرين السلميين دفع المواقف العربية إلى التحول جذرياً، وصولاً إلى تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية في نوفمبر 2011.

دخلت سوريا مرحلة حرب بالوكالة ثم تحولت إلى ما يشبه حرباً عالمية على أرضها، حيث جذبت لاعبين إقليميين ودوليين (إيران، تركيا، إسرائيل، روسيا). ضعف الدور العربي كلاعب رئيسي وحل محله لاعبون غير عرب.

الدعم العربي والإقليمي للمعارضة بدأ يتراجع بعد تراجع أوباما عن “الخط الأحمر” الكيماوي عام 2013، والتدخل العسكري الروسي عام 2015 الذي قلب موازين القوى وأفقد الأمل في إسقاط النظام عسكرياً.

بعد عام 2018، بدأت بعض الدول العربية (مثل الإمارات) محاولات لـ “تعويم” النظام وإعادته إلى الجامعة العربية، مدفوعة بفقدان الأمل في تغييره والرغبة في سحبه من الحضن الإيراني. برزت تجارة المخدرات، وخاصة الكبتاغون، كملف رئيسي، حيث استخدمها بشار الأسد كأداة ابتزاز ضد دول الجوار للحصول على إعادة تأهيل إقليمي ومساعدات. كانت هذه العلاقات تفاهماً اضطرارياً ولم تُبنَ على الثقة.

يُعتبر سقوط نظام بشار الأسد مؤخراً نتيجة لعدة عوامل، منها ضعف قدرات النظام الداخلية، انسحاب أو تراجع دعم القوى الخارجية (روسيا بسبب أوكرانيا، تراجع دور الميليشيات الإيرانية)، ولعب دور المعارضة. حل سقوط النظام مشكلتين رئيسيتين بالنسبة لدول الجوار وهما النفوذ الإيراني وتجارة الكبتاغون. كما شكل ضربة لاستراتيجية إيران القائمة على بناء وكلاء على أرض الغير.

إذا أردت الفوز بزعامة العرب عليك أن تفوز بسوريا.. مروان قبلان | بودكاست دفين

في هذه الحلقة يحلل الدكتور مروان قبلان لعلاقة سوريا مع محيطها العربي عبر العقود، في ظل حكم حافظ وبشار، من مشاريع الوحدة وفترة العزلة إلى عودة العلاقات بعد سقوط نظام الأسد، ما دوافع هذه التحولات ؟ وما مستقبل سوريا في العالم العربي؟

0:00:00 إلى 0:02:43 – مقدمة

0:02:44 – الرحلة الأكاديمية

0:11:36 – سقوط النظام

0:15:00 – سوريا الكبرى وأزمة الهوية

0:24:39 – التنافس على سوريا

0:36:01 – سوريا كساحة صراع

0:39:40 – الدور الخارجي بوصول حافظ للسلطة

0:51:41 – سوريا والعرب بعهد حافظ

1:03:36 – ملف الدخول إلى لبنان

1:10:19 – حافظ الأسد وثورة الخميني

1:23:33 – تسليع السياسة الخارجية

1:39:38 – صدام حسين العدو الثابت للأسد

1:42:11 – وريث سياسة الابتزاز 

1:52:40 – بشار الأسد وغزو العراق

1:59:11 – تدهور علاقات سوريا بالعرب

2:08:24 – انفراجة مؤقتة قبيل الثورة

2:22:52 – الثورة السورية تغير الموازين

2:29:39 – تراجع العرب عن دعم الثورة

2:34:09 – أوكرانيا وغزة قلبتا الموازين في سوريا

2:38:45 – الكبتاغون أداة ابتزاز

2:44:57 – مستقبل علاقات سوريا بالعالم العربي

2:48:21  – دور مراكز الأبحاث بصنع السياسة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى