سقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعمنوعات

المهندس غائب.. كفرنبل ترفع لافتاتها في دمشق/ عز الدين زكور

2025.05.27

على واجهة مبنى محطة الحجاز التاريخية وسط دمشق، كان تصدّر عبارة “كفرنبل”، الأحد، لافتاً للمارة، فاسم المدينة القادم من ريف إدلب الجنوبي المدمّر، لم يكن حدثاً عابراً، بل احتفاءً بلافتات الثورة الأشهر، التي وصلت إلى العالم كله خلال سنوات الثورة السورية، ولأول مرة تحط بنسخها الأصلية، العاصمة، بعد سقوط نظام الأسد، لتعلن انتصار الثورة، كما يقول القائمون على الفعالية.

ولاقى انطلاق معرض “لافتات كفرنبل الثورية” إقبالاً واسعاً من السوريين، في يومه الأول، حيث يعرض القائمون عليه لافتات المدينة ورسوم الكاريكاتير في الصالة الرئيسية للمحطة حتى الثالث من حزيران المقبل، في خطوةٍ تذكر بإرث الثورة السورية ودور اللافتات في إيصال صوتها على مدار 14 عاماً.

ورغم رمزية الفعالية، وتفاعل الحاضرين، حضرت غصّة الغياب لمهندس اللافتات وأحد أبرز ناشطي الثورة السلمية رائد الفارس، ورفيقيه حمود جنيد وخالد العيس، إلا أن أسماءهم لم تسقط من ألسن الحاضرين، وحضرت صورهم إلى جانب اللافتات في الفعالية.

“قيم وتاريخ”

زينة شهلا صحفية، ومن القائمين على الفعالية، أوضحت أن المعرض هو جزء من تظاهرة ثورية اسمها “البداية” كان الهدف منها الاحتفاء بذكرى الثورة والتذكير بقيمها، ويقوم عليها مجموعة من ناشطي ومنظمات المجتمع المدني.

تقول زينة لموقع تلفزيون سوريا إن “المعرض ضم لافتات كفرنبل الأصلية التي كتبها ورسمها وحملها ناشطو وفنانو المدينة منذ بداية الثورة السورية، وتحمل رسائل وقيم وتاريخ الثورة. هذا الأمر له دلالة رمزية جلية حينما ترى اسم كفرنبل وسط دمشق على واجهة محطة الحجاز يراها المارون، هذا بحد ذاته انتصار للمدينة واللافتات والثورة”.

وترى أن معرض اللافتات ورسوم الكاريكاتير، بحضور بعض الناشطين الذين شاركوا في إعدادها، يسلط الضوء على أهمية الفن في الثورة والذي يعد جزءاً من سرديتها، وضرورة لتتعرف الأجيال الأخرى إلى هذه اللافتات ودورها في القضية السورية.

نزوح اللافتات

كان حال اللافتات، حال أهالي مدينة كفرنبل، الذين حزموا أمتعتهم في العام 2019 وغادروا المدينة على وقع واحدة من أعنف الحملات العسكرية لنظام الأسد وحلفائه.

عبد الله السلوم، وهو أحد أعضاء المكتب الإعلامي في مدينة كفرنبل، ألقى على عاتقه مهمة حفظ اللافتات وتأمينها في مكان مناسب، للحفاظ على نسخها الأصلية، يحكي عن رحلة تنقل طويلة للافتات كفرنبل منذ أن اضطر سكانها إلى ترك المدينة بسبب حملة نظام الأسد المخلوع وروسيا على منطقة جنوبي إدلب في العامين 2019 ـ 2020.

يقول “السلوم” لموقع تلفزيون سوريا: “منذ انطلاق الثورة السورية وحتى العام 2015 كنا نخرج اللافتات إلى تركيا، لتأمينها هناك، إلى أن أغلقت الحدود وصار من الصعب العبور، بدأنا في تجميعها بالمكتب الإعلامي في مدينة كفرنبل وبقي الحال حتى العام 2019 حيث بدأت الحملة العسكرية على المدينة وعموم ريف إدلب الجنوبي، حينئذ اضطررنا إلى الخروج من المدينة حاملين معنا اللافتات”.

لافتات كفرنبل

يستذكر السلوم يوم إخراج اللافتات من المدينة، تحت وابل من البراميل والصواريخ، حيث استهدفت طائرة حربية المكتب الإعلامي، وتمكنوا من إخراج قسم منها، وفي مرحلة أخرى أخرجوا ما تبقى منها، ويردف: “من شدة القصف لم يكن من السهل إخراجها، تعرضنا للقصف مرتين”.

يوضح السلوم أن “المحطة الأولى للافتات كانت مدينة معرة النعمان، ومن ثم مدينة سرمدا، وهناك حيث كان منزلي ضيقاً اضطررت إلى نقلها لمدينة سلقين، لم يطل الأمر هناك أكثر من ثلاث سنوات، أي في العام 2023، لأن الرطوبة بدأت تهدد اللافتات، وعلى إثر ذلك تواصلت مع وحدة المجالس المحلية (اللاكو) لتأمين اللافتات في مكان آمن ومناسب، وفعلاً نقلت المؤسسة اللافتات إلى مدينة اعزاز شمالي حلب، وخضعت جميعها للترقيم والأرشفة بطريقة تسهل عملية البحث بين اللافتات التي وصل عددها إلى 500 لافتة ورسم”.

“الحلم تحقق”

يقول السلوم إن “المعرض، كان مهماً بالنسبة لنا، لأن اللافتات وصلت إلى جميع أرجاء العالم، ما عدا المدن السورية التي كانت تحت سطوة النظام المخلوع، والمعرض كان حلماً وقد تحقق أمامنا اليوم”.

يجد السلوم أن “المعرض فرصة لتعريف كثير من السوريين المغيبين عن واقع الثورة وحقيقتها ولكسر الصورة النمطية عن إدلب التي وسمها النظام المخلوع بالإرهاب، فكان مهماً جداً أن يعرفوا أهداف الثورة وقيمها ومطالبها”.

ويضيف: “لا يمكن لأي كلمة أن تعبر عن شعورنا ونحن نقيم معرضاً للافتات كفرنبل من دمشق، كل ما أتمناه لو كان حاضراً بيننا الشهداء رائد الفارس وحمود جنيد وخالد العيسى، ليروا أعمالهم أين وصلت.. لكن استشهدوا الله يرحمهم”.

“كفرنبل المحتلة.. كفرنبل المحررة”

إبراهيم سويد، أحد أعضاء المكتب الإعلامي في مدينة كفرنبل خلال سنوات الثورة الأولى، يقول إن “اللافتات المتنوعة بطابعها الفكاهي والسياسي والناقد المواكب لأحداث الثورة السورية، ارتبطت باسم المدينة، لذلك تبقى محط اهتمام كبير لنا نحن أهالي كفرنبل وناشطوها، فهذه اللافتات شارك بها أعضاء المكتب جميعهم، وكنا نستعين في الأفكار، بأشخاص آخرين من أهالي المدينة في المغترب، وكذلك بسوريين آخرين، حتى تخرج اللافتة بفكرة مميزة يوم الجمعة، الذي كان موعداً للتظاهر ورفع اللافتة”.

يتحدث سويد الذي يعمل اليوم مراسلاً لتلفزيون سوريا، عن “وسمين ميّزا اللافتات، الأول: كفرنبل المحتلة، والتي تزامن فيها رفع اللافتات خلال دخول جيش النظام المخلوع للمدينة، إذ كان الناشطون يرفعون اللافتة من بساتين المدينة وهو ما يشكل تحدياً لقوات النظام المخلوع وأجهزته الأمنية، أما الوسم الثاني: كفرنبل المحررة، وقتئذ كان يرفع ناشطو المدينة اللافتات من داخل المدينة”.

ويتابع سويد: “يعني لنا الكثير أن ترفع لافتات كفرنبل من دمشق، بعد أن عانى أعضاء المكتب خلال السنوات الماضية من حفظ وتأمين اللافتات حتى نصل إلى لحظة النصر، ويتمكنون من جديد من رفعها في العاصمة بعد سقوط نظام الأسد، إلا أننا يحزننا غياب مهندسها رائد الفارس وباقي الشهداء من حمود جنيد إلى خالد العيسى، لكن ما يعزينا أن كفرنبل حصدت ثمار الثورة نتيجة لتكاتف ناشطيها وأبنائها حتى نصل إلى هذا اليوم”.

ويختم: “أتمنى في القريب العاجل أن تشهد مدينة كفرنبل المدمّرة معرضاً للافتات ـ المكان الذي انطلقت منه ـ في الساحة الرئيسية حيث استشهد شبابها ورفعوها ذات يوم”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى