الاتفاق بين "قسد" وأحمد الشرعسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

واقع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا  تحديث 28 أيار 2025

متابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي

دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع

—————————-

هل تتخلى “قسد” عن ورقة سجون مقاتلي تنظيم داعش؟/ عدنان علي و سلام حسن

27 مايو 2025

من بين القضايا الإشكالية العديدة بين الإدارة في دمشق و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تسيطر على أجزاء واسعة من شمال شرق سورية، مسألة مقاتلي تنظيم داعش المحتجزين في سجون “قسد”، إضافة إلى عائلاتهم المحتجزة أيضاً في مخيمات مكتظة في تلك المنطقة. وفيما ظلت “قسد” خلال السنوات الماضية متمسكة بإدارة هذه السجون، بوصفها من أبرز الأوراق بيدها لاستمرار الحصول على دعم أميركي ودولي، فإن التطورات المتسارعة بعد إطاحة نظام بشار الأسد في سورية، ووصول قيادة جديدة في دمشق وما أعقب ذلك من انفتاح دولي عليه ورفع للعقوبات المفروض على سورية، تعيد طرح هذا الملف باتجاه انتزاعه من يد “قسد”، وتسليمه إلى حكومة دمشق، أو إيجاد صيغة أخرى لإدارته بعيداً عن استفراد “قسد”، وهو ما تدفع إليه تركيا على وجه الخصوص.

وزار وفد حكومي سوري، مساء السبت الماضي، مخيم الهول في شمال شرق ‎سورية، برفقة مسؤولين من قوات التحالف الدولي. وذكرت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” أن الوفد الحكومي أجرى مباحثات مع إدارة المخيم للتنسيق بهدف إخراج العائلات السورية من المخيم. وضم وفد الحكومة السورية مسؤولين من وزارتي الخارجية والداخلية، ومسؤولي الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، ورافقهم مسؤولون مدنيون من الخارجية الأميركية وقوات التحالف.

وقالت جيهان حنان، وهي مسؤولة إدارية في مخيم الهول، لـ”العربي الجديد”، إنه لم يُناقَش الكثير من التفاصيل، لكن الزيارة كانت إيجابية، وتبين أن لدى الحكومة استعداداً لاستقبال القاطنين السوريين في المخيم. وأضافت حنان أن هذا الاجتماع هو الأول من نوعه، وستُعقبه اجتماعات مستقبلية لمناقشة قضايا أخرى تتعلق بالمخيم. من جهة أخرى، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية، هند قبوات، إن الحكومة تعمل على إنهاء مشهد اللجوء والمخيمات في سورية بشكل كامل، مؤكدة ضرورة عودة كل اللاجئين إلى “حياة كريمة داخل وطنهم، بعيداً عن الاعتماد على الخيام أو المساعدات الإغاثية”. وشددت قبوات في تصريح لوكالة الأناضول التركية خلال مشاركتها في المنتدى الدولي للعائلة الذي استضافته مدينة إسطنبول التركية، السبت الماضي، على وجوب عدم نسيان أن “العائلات السورية قد تشتتت وانتشرت في أنحاء العالم، واليوم حان وقت استعادة هذا الرابط”.

دعوة تركية لدمشق

في السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه يتعين على الحكومة السورية التركيز على اتفاقها مع “قسد”، والذي ينص على اندماجها في القوات المسلحة السورية، وحث دمشق على تنفيذه. وقال في حديثه للصحافيين على متن طائرة من بودابست، الخميس الماضي، إن تركيا وسورية والعراق والولايات المتحدة شكلوا لجنة لمناقشة مصير مقاتلي “داعش” في معسكرات الاعتقال في شمال شرق سورية التي تديرها “قسد”. وحث أردوغان الحكومة العراقية على استعادة مواطنيها، ومعظمهم من النساء والأطفال الذين يشكلون غالبية عائلات “داعش” خصوصاً في مخيم الهول. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد طلب من الرئيس السوري أحمد الشرع خلال اجتماعهما في السعودية في 14 مايو/أيار الحالي، تسلّم إدارة سجون “داعش”، وهو ما شكّل كما يبدو مفاجأة لقيادة “قسد” التي ظلت تقول إنها القوة السورية الوحيدة المؤهلة لهذه المهمة بسبب امتلاكها عناصر مدرّبين على هذه المهام، بإشراف من دول التحالف الدولي.

وقال عضو هيئة الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد الديمقراطي، آلدار خليل، في تصريحات لفضائية كردسات نيوز، إن التحالف الدولي والإدارة الأميركية لم يخطرا الإدارة الذاتية و”قسد” بأي جديد حيال تسليم ملف “داعش” للحكومة السورية. واعتبر خليل أن إدارة ملف “داعش” من دون “قسد” أمر غير ممكن، و”الغرب يعلمون العواقب، نظراً لوجود معادلة عدم ثقة بقدرات دمشق، ووجود فصائل ضمن الحكومة السورية كانت بالأمس داعش”. وفي تصريحات أخرى لوكالة رويترز، قال خليل إن الأحزاب الكردية السورية تستعد لإرسال وفد إلى دمشق قريباً، لإجراء محادثات بشأن المستقبل السياسي لمناطق شمال شرقي سورية، مشيراً إلى أن “وثيقة الرؤية الكردية ستكون أساساً للمفاوضات مع دمشق”، مضيفاً “قد نواجه بعض الصعوبات لأن موقفهم لا يزال متصلباً”. وبعد توقيع الشرع اتفاق 10 مارس/آذار الماضي مع قائد “قسد” مظلوم عبدي، لدمج الأخيرة في مؤسسات الدولة الإدارية والعسكرية، كان أول ما طالبت به دمشق تسليمها ملف السجون والمخيمات، لإدراكها أن هذه هي الورقة الأهم لدى “قسد” للمحافظة على الدعم الدولي لها، فيما تتطلع دمشق لتسلم الملف لإثبات قدرتها على أداء المهمة نفسها، والحصول على المزيد من ثقة المجتمع الدولي، تمهيداً لتسلم كامل الملفات في شرق سورية، بما فيها آبار النفط والغاز.

ورأى الباحث السوري المختص بملفات شرق سورية، فراس علاوي، أن ملف سجون “داعش” في سورية خاص بالتحالف، و”قسد” تشرف عليه فقط “لكن من يديره هو التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وبالتالي إذا اتخذت الولايات المتحدة قراراً بنقل إدارة الملف إلى الحكومة السورية، فإن قسد لا تستطيع الاعتراض، لكن ربما تستطيع القيام ببعض التشويش مثل تهريب عناصر من التنظيم أو افتعال مشكلات وحوادث”. واعتبر علاوي في حديث مع “العربي الجديد” أنه في نهاية المطاف “سيتم نقل الملف إلى الحكومة السورية وفق ما أعلن ترامب خلال لقائه مع الشرع”. وأوضح أن تركيا تضغط لتسريع نقل الملف إلى الحكومة السورية، كي لا يظل ورقة ضاغطة بيد “قسد”. وأعرب عن اعتقاده أن الحكومة السورية قادرة على إدارة هذا الملف لسببين: الأول أنها تحظى بدعم إقليمي ودولي، خصوصاً الدعم التركي والخليجي، وثانياً أن لديها تجارب في إدارة هذا الملف، وكان لدى “هيئة تحرير الشام” في إدلب سجناء من التنظيم والتنظيمات المتشددة الأخرى.

لا ثقة أميركية بتركيا

من جانبه، قال أحمد البرو، وهو باحث ومحلل سياسي مقيم في مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، إنه “لا يمكن الركون لصدقية رواية تركيا حول الاتفاق بين الأطراف الأربعة (تركيا وسورية والعراق والولايات المتحدة)، خصوصاً أن العراق غير مؤهل ولا يملك الإمكانات لإدارة هذا الملف، وهو يعتمد حتى الآن على قوات التحالف في عمليات مكافحة الإرهاب ومحاربة داعش”. وأضاف برو لـ”العربي الجديد” أن العراق يتخوف أيضاً من إعادة جميع مواطنيه من مخيم الهول لأسباب أمنية. وبالنسبة للولايات المتحدة، قال برو إنها “لا تثق بتركيا في إدارة هذا الموضوع وهو أمر بات معروفاً خلال السنوات الماضية واعتمادها على قسد هو بسبب فقدان الثقة بتركيا والفصائل الموالية لها”، معتبراً أن تصريحات الرئيس التركي لا تعدو أن تكون محاولة تركية لانتزاع هذا الملف من يد “قسد” لأسباب سياسية وأمنية.

ورأى أن “قسد” لن تسلم هذا الملف للإدارة في دمشق بسهولة، لأن “النظام في دمشق غير موثوق حتى الآن من قبل قسد وهو غير مؤهل لتولي هذا الأمر”، مضيفاً أن “الكثير من العناصر والقوى العسكرية المنضوية في صفوف وزارة الدفاع السورية لديهم أيديولوجيا وأفكار قريبة من تنظيم داعش والكثير منهم كانوا ضمن صفوف التنظيم قبل الانشقاق”. وأضاف أن “حكومة دمشق غير قادرة حتى الآن على ضبط الأمن في مناطق سيطرتها، وتعاني من مشاكل كبيرة في عمليات التحكم والسيطرة وفرض الأمن”. ورأى أن انتزاع الملف من يد “قسد” سوف يشكل “خسارة نقطة تفاوض مهمة أمام دمشق وتركيا، وقد يؤدي ذلك لتآكل الدعم الدولي لهم وحتى فقدانه وقسد تدرك أهمية هذا الملف فيما يخص مستقبلها”.

وتقول “قسد” إنها تحتجز ما بين 9 آلاف و10 آلاف مقاتل من التنظيم في عدة سجون، بينهم ألفا أجنبي. ويتوزع السجناء على نحو عشرة سجون تديرها إدارة السجون والمعتقلات، ويتمركزون بشكل رئيسي في سجن غويران (الصناعة) وسجن المالكية (ديريك) إضافة إلى سجون أخرى مكتظة في عدة مدن وبلدات، بعضها عبارة عن أبنية غير مجهزة تخضع لحراسة مشددة. ويقع سجن غويران في مدينة الحسكة، وهو من أكبر السجون التي تديرها “قسد”، واندلعت فيه أعمال شغب قبل نحو خمس سنوات، ويؤوي نحو خمسة آلاف موقوف، بينهم أجانب من جنسيات مختلفة. وتدير “قسد” أيضاً سجن جركين في القامشلي، وسجن الشدادي في الحسكة، إضافة لمراكز اعتقال في الرقة ودير الزور. كما تحتجز “قسد” نحو 40 ألفاً من أفراد عائلات عناصر تنظيم داعش في عدد من المخيمات في شمال شرق سورية.

تشكيك بأعداد المسجونين من تنظيم داعش

وتشكك بعض المصادر بالعدد الإجمالي لسجناء “داعش” في سجون “قسد” وتقدر أن عددهم لا يتجاوز ستة آلاف، لكن “قسد” تتعمد تضخيم العدد، بهدف الاستثمار السياسي. ولا يمكن حصر العدد على وجه الدقة، نظراً لوجود معتقلين أساسيين منذ معركة الباغوز عام 2019، والتي كانت آخر المعارك الكبيرة قبل الإعلان عن القضاء على التنظيم، إضافة لمعتقلين لاحقين، حين تعلن “قسد” باستمرار عن اعتقال عناصر من التنظيم في حملاتها الأمنية المتكررة. والسؤال المطروح بعد هذه التطورات هو كيف يمكن أن ينتهي هذا الملف، هل تحتفظ “قسد” بإدارته لتحافظ على مبررات وجودها وعلى الدعم الدولي، أم ينتقل إلى الحكومة السورية ليمنحها المزيد من الشرعية والثقة من جانب المجتمع الدولي، أم يتم التوصل إلى إدارة مشتركة بين “قسد” وحكومة دمشق والدول الأخرى المعنية، خصوصاً الولايات المتحدة وتركيا والعراق، وفق ما أعلن أردوغان؟

ويرى مراقبون أنه مع حرص “قسد” على التمسك بهذا الملف، إلا أنها تواجه معضلة قانونية وسياسية، بسبب افتقادها للشرعية الكافية، ذلك أن إيجاد إطار قانوني لإنشاء محاكمات لعناصر التنظيم المحتجزين يتطلب أن يتم من جانب دولة معترف بها، وهذا غير حاصل بالنسبة لـ”قسد”، التي هي مجرد فصيل عسكري محلي، ولم تحظَ لا هي ولا الإدارة الذاتية بأي اعتراف سياسي، سواء من الدولة السورية أو دول أخرى. ومن بين الحلول الواردة وفق مصدر أمني مطلع في دمشق، تحدث لـ”العربي الجديد”، أن يتم في مرحلة أولى نقل مقاتلي تنظيم داعش السوريين إلى سجون في حلب ومحافظات أخرى تحت سيطرة الحكومة السورية، على أن يبقى المقاتلون الأجانب في سجون “قسد” شرقي سورية بإشراف أميركي ـ فرنسي، مع بذل جهود مع الحكومة العراقية لاستعادة جميع مواطنيها من التنظيم. وأضاف المصدر أن نقل جميع مقاتلي التنظيم دفعة واحدة قد يكون متعذراً من الناحية اللوجستية والفنية بسبب عدم وجود سجون كافية مجهزة لاستيعابهم، لكن من الوارد أن تنتقل إدارة السجون في شرق سورية التي تضم مقاتلي التنظيم اليوم إلى الحكومة السورية بدل “قسد”، أو بمشاركتها في مرحلة أولى.

العربي الجديد

—————————-

كردستان.. تفكيك مصطلح سياسي خارج السياق التاريخي/ مهند الكاطع

2025.05.26

في هذا المقال، أود أن أتناول بإيجاز وتحليل هادئ إحدى القضايا التي أُسيء فهمها أو توظيفها أحياناً، وهي قضية “مصطلح كردستان”، التي عالجتها بشكل موسّع في كتابي “أكراد سورية: التاريخ – الديموغرافيا – السياسة”.

ليست الغاية من هذا المقال – كما لم يكن من غايات الكتاب الذي أتناول منه هذه المسألة- نفي الوجود الكردي في المشرق العربي، ولا التقليل من مطالب الأكراد الثقافية والسياسية، لكنّ مسؤوليتنا ككتّاب وباحثين تقتضي تفكيك المصطلحات المتداولة بعمق ومسؤولية، ومنها مصطلح “كردستان” بوصفه أداة خطابية مشبعة بالدلالات السياسية غير الدقيقة. الهدف هنا هو محاولة تفكيك هذا المصطلح من خلال منظور تاريخي وجغرافي دقيق، والتمييز بين الحق المشروع في الهوية، وبين التوظيف القومي المتعمد للمفردات لصياغة مشروع سياسي فوق واقعه الحقيقي.

 من تسمية إثنية إلى خطاب قومي

مصطلح “كردستان” مركب من كلمتين: “كرد” (الكرد) و”ستان” (وتعني بالأعجمية الأرض أو البلد)، ويقابلها “بلاد الأكراد”. ولكن ظهوره التاريخي الأول كان في آواخر العهد السلجوقي، في ولاية إدارية في أذربيجان الحالية حملت هذا الاسم، ولم تكن دولة قومية كردية، بل منطقة قبلية مختلطة خاضعة للحكم الإسلامي.

ومنذ ذلك الحين، استخدم المصطلح في الوثائق الإدارية بوصفه توصيفاً جغرافياً مرناً، وليس اسماً لكيان سياسي قائم. بل إنّ جيمس بوريس، الباحث المتخصص في التاريخ الكردي، فضّل استخدام تعبير “الأراضي القبلية للأكراد” (The Kurdish tribal lands)) بدلاً من “كردستان”، لأنه أكثر دقة في وصف واقع قبائل رحّل غير مستقرة، لا تملك كياناً سياسياً موحداً.

أما الأنثروبولوجي الأميركي إفرايم سبايزر فيذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حين يؤكد أن “الكرد لا يُشكلون مجموعة إثنية واحدة، بل هم مزيج من عناصر فارسية وسامية وآرية”، وبالتالي فإن أي خطاب قومي يدّعي وجود هوية موحدة تمتد عبر خرائط “كردستان الكبرى” هو إعادة تصنيع لهوية قومية لم تكن قائمة فعليًا في أي لحظة تاريخية.

جدل الباحثين حول غياب كيان سياسي موحّد

 يُشكك أرشاك بولاديان في أصل المصطلح ويرى أن “كردستان” تسمية لاحقة، وليست مستندة إلى جذور تاريخية قوية، بل جاء استخدامها في فترات متأخرة وتحت تأثير أيديولوجي.

المؤرخ الأميركي هنري فيلد يشير إلى أن الكرد لم يشكّلوا وحدة سياسية أو ديموغرافية متجانسة، وأن “الأكراد عاشوا ضمن كيانات متعددة، ولم يعرفوا كياناً موحداً يحمل اسم كردستان عبر التاريخ.” ويؤكد أن استخدام مصطلح “كردستان” لا يعكس الواقع السكاني، بل هو توصيف قبلي-جغرافي.

 الباحث المعاصر محمود الدرة يرى صراحة أن الأكراد لم يخلقوا عبر التاريخ كياناً سياسياً يحمل اسم كردستان، وأنّ كل ما يُنسب لهذا الاسم هو إسقاط رجعي في ضوء الطموح القومي الحديث.

المصطلح في زمن الدولة العثمانية

خلال العهد العثماني، ورد اسم “كردستان” في بعض الوثائق الإدارية، لكنه كان يتقلص ويتوسع تبعاً للتنظيمات الإدارية لا للهوية القومية. أحياناً أُطلق على ناحية، وأحياناً على قرية، أو حتى على جبل بعينه، من دون أن يكون هناك تحديد ثابت أو خريطة متفق عليها.

ويُقرّ الباحثون أن الأكراد أنفسهم لم يتفقوا يوماً على حدود واضحة لكردستان، ولهذا يعمد القوميون إلى تجاوز البعد الجغرافي لصالح تصور عاطفي يقوم على “الخرائط المتخيلة”

الوظيفة السياسية للمصطلح في العصر الحديث

مع بروز النزعة القومية في القرن العشرين، لا سيما بعد معاهدة سيفر 1920، بدأ مصطلح “كردستان” يُستخدم بشكل موسّع ضمن خطاب يستند إلى خرائط متخيلة لا واقعية. إذ لم يُرسم هذا المصطلح اعتماداً على التوزيع الديموغرافي، بل انطلاقاً من الطموحات القومية التوسعية.

بحسب الكاتب باسيل نيكيتين، فإن الأقاليم التي حملت اسم “كردستان” – سواء في تركيا أو إيران – لا تطابق واقع توزّع الأكراد، بل تمثل تنميطاً لا يُعتمد عليه في تحديد المجال الحيوي للكرد. ويدعو نيكيتين للرجوع إلى الجغرافيا الطبيعية لا الخيال السياسي.

ويصل إلى نتيجة نهائية بأن: “كردستان المرسومة في الأدبيات القومية الكردية لا تمثل الواقع الإثني، بل خريطة تخيلية مبنية على شعور قومي، لا على معطى جغرافي أو ديموغرافي.”

كذلك يمكن الإشارة إلى ما طرحه عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني، الذي دعا في أدبياته الأخيرة إلى التخلي عن فكرة الدولة الكردية لصالح “الأمة الديمقراطية”، أي كيان لا مركزي متجاوز لحدود الدول الوطنية.

لكن هذا المفهوم ليس بديلاً بريئاً عن الدولة القومية، بل غلاف مرن لمشروع هيمنة كردية ناعمة تحت عنوان “الإدارة الذاتية”، التي حاول تطبيقها في شمال شرقي سوريا. وهنا لا تغيب عبارة أوجلان الشهيرة: “كردستان هي أكثر من وطن… إنها الحياة ذاتها” – بما يُشير إلى تحول المصطلح من دلالة إقليمية إلى أسطورة سياسية مفتوحة بلا جغرافيا دقيقة.

ضرورة إعادة تأطير المصطلح: بين الإنصاف والتوظيف

إن نقد استخدام مصطلح “كردستان” في سياق سياسي حديث لا يعني تجاهل المعاناة التاريخية للأكراد، ولا نفي الواقع الذي دفعهم إلى التمسك برموز قومية جامعة.

فمنذ سقوط الدولة العثمانية، وتوقيع معاهدة سيفر عام 1920، بدا أن هناك اعترافاً دولياً محتملاً بحق الأكراد في حكم ذاتي وربما حتى في إقامة كيان سياسي. لكن هذه الوعود ما لبثت أن تبخرت بعد معاهدة لوزان 1923، التي أنكرت الوجود القومي الكردي بالكامل، في الوقت الذي جرى فيه الاعتراف بدول قومية لليونانيين، والأرمن، والعرب، والأتراك.

وفي هذه اللحظة المفصلية، وجد الأكراد أنفسهم موزعين على أربع (تركيا، وإيران، والعراق، وسوريا)، محرومين من أي تمثيل سياسي جامع، وتعرضوا في بعض المراحل لسياسات قمع وتعريب وتتريك وتفريس، وهو ما خلق جرحاً نفسياً وجماعياً لا يمكن التغافل عنه.

وبالتالي، فإن تبني مصطلح “كردستان” كرمز قومي جامع منذ بدايات القرن العشرين، لم يكن فقط تعبيراً أيديولوجياً، بل أيضاً محاولة نفسية لاستعادة كيان تم إنكاره في الهندسة الجيوسياسية لما بعد الحرب العالمية الأولى.

لكن، وكما أشرت في هذه المقالة، فإن تحويل هذا المصطلح إلى أداة سياسية قائمة على الخرائط المتخيلة وإلغاء الآخر، يمثل مخاطرة على التعدد والتعايش، ويُفضي في النهاية إلى خطاب إقصائي يتناقض مع الواقع المركّب لتاريخ المنطقة.

الحل ليس في الإلغاء، ولا في الإملاء، بل في الاعتراف المتبادل بعضنا ببعض في هذا الفضاء الجامع، واستيعاب أن الواقع لا يتحمل ظهور خرائط سياسية عاطفية جديدة، كذلك يجب السعي إلى المساواة في حقوق الأفراد ضمن دولة عادلة جامعة ولاؤها للدولة الوطنية، لا تحتكرها قومية أو عشيرة أو طائفة ولا تُقهر فيها أخرى.

تلفزيون سوريا

—————————————–

وفد من الإدارة الذاتية يتوجه إلى دمشق لبدء مناقشة “الملفات المعقّدة

2025.05.27

كشف مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا عن توجه وفد من الإدارة الذاتية، المكلّف بالتفاوض مع الحكومة السورية، إلى العاصمة دمشق لبدء مناقشة ما وصفه بـ “الملفات المعقدة” بين الجانبين.

وأوضح المصدر أن الوفد سيبحث بنود الاتفاق الموقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي، بتاريخ 10 آذار/مارس 2025.

وأشار إلى أنه، وبحسب الترتيبات اللوجستية المنسّقة مع التحالف الدولي، من المقرّر أن يصل الوفد إلى دمشق اليوم الثلاثاء، ما لم تحدث تأجيلات تقنية قد تؤخّر الزيارة ليوم أو يومين.

ويضم الوفد عضوة الهيئة الرئاسية لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) فوزة يوسف، ورئيس حزب سوريا المستقبل عبد حامد المهباش، والرئيس المشترك لهيئة المالية في الإدارة الذاتية أحمد يوسف، ورئيس حزب الاتحاد السرياني سنحريب برصوم، وعضوة القيادة العامة لوحدات حماية المرأة سوزدار حاجي، إلى جانب مريم إبراهيم وياسر سليمان بصفتهما المتحدثين الرسميين باسم الوفد.

وبيّن المصدر أن المباحثات ستتناول مستقبل مؤسسات الإدارة الذاتية المدنية والأمنية، وآلية دمجها ضمن مؤسسات الدولة السورية، إضافة إلى ملفي التعليم والثروات الوطنية في شمال شرقي البلاد، وكذلك هيكلية التقسيمات الإدارية وعلاقتها بالمركز.

وفد منفصل لمناقشة “الحقوق الكردية”

قال مصدر كردي مسؤول إن الوفد المتوجه إلى دمشق ليس مفوّضاً بمناقشة الحقوق القومية والسياسية للشعب الكردي، موضحاً أنه سيتم خلال الأيام المقبلة تشكيل وفد آخر متخصص لبحث القضية الكردية استناداً إلى “وثيقة الرؤية السياسية المشتركة”.

وأوضح المصدر أن وفد الإدارة الذاتية معني حصراً بمناقشة قضايا تتعلق بمستقبل مؤسسات الإدارة في مناطق شمال شرقي سوريا، بما فيها الرقة ودير الزور والحسكة، بينما لا يحق له التفاوض بشأن الوضع القومي أو السياسي للأكراد.

وكانت الأحزاب الكردية قد تبنّت، في مؤتمر عقد في القامشلي بتاريخ 26 نيسان/أبريل 2025، رؤية سياسية مشتركة تهدف إلى بناء دولة “ديمقراطية لا مركزية”، تضمن في دستورها حقوق الأكراد ومشاركة المرأة في الحياة السياسية والعسكرية، داعية إلى اعتماد هذه الوثيقة كأرضية للحوار مع السلطة الجديدة في دمشق.

“لا تنازل عن مطلب اللامركزية”

قال القيادي الكردي البارز بدران جيا كورد، في تصريح لوكالة “فرانس برس” الإثنين، إن “اللامركزية التعددية في إدارة النظام السياسي في سوريا ليست مطلباً قابلاً للتنازل”.

وأكد مستشار الإدارة الذاتية أن “سوريا لا مركزية وتعددية وديمقراطية هي الحل الأمثل لجميع القضايا العالقة حالياً”، مشدداً على أن النموذج المركزي في إدارة البلاد لم يعد مقبولاً، لأنه يتجاهل خصوصية المناطق والمكونات.

وأضاف أن “هذا الطرح سيكون من القضايا الأساسية على طاولة التفاوض، ولا يمكن التراجع عنه”، مشيراً إلى أن لجنة تمثّل مختلف الأحزاب الكردية ستتوجه “قريباً إلى دمشق” لبحث ملف الحقوق الدستورية للشعب الكردي، دون أن يحدّد موعد اللقاء.

وأكد جيا كورد أن الحوار مع الحكومة السورية مستمر، ويشمل “ملفات صعبة ومعقدة”، ويتطلب “بناء المزيد من جسور الثقة بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى”.

وختم بالقول إن “الذهنية المركزية في إدارة القضايا العالقة من دون شراكة حقيقية وتوزيع فعلي للأدوار والصلاحيات، تجعل من مسار التفاوض عملية بطيئة ومعقدة بطبيعتها”.

بنود الاتفاق بين الشرع وعبدي

تضمن الاتفاق الموقع بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي عدة بنود، من أبرزها: “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بما يشمل المعابر الحدودية، والمطار، وحقول النفط والغاز”.

كما نصّ الاتفاق على اعتبار المكون الكردي “جزءاً أصيلاً من الدولة السورية”، و”ضمان حقوقه الدستورية الكاملة”، مع التأكيد على “رفض دعوات التقسيم، وخطاب الكراهية، ومحاولات بث الفتنة بين مكونات المجتمع السوري”.

————————

زيارة الشرع المفاجئة إلى تركيا.. هل اقترب ملف “قسد” من الحسم؟/ أحمد العكلة

26 مايو 2025

في زيارة مفاجئة وغير معلنة مسبقًا، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى إسطنبول، السبت 24 أيار/ مايو، حيث التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في قصر دولما بهتشة. وقد رافق الشرع وفد حكومي رفيع المستوى ضم وزير الخارجية أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين، لا سيما في مجالات الطاقة والدفاع والنقل. وتم الاتفاق على تزويد دمشق بـ  ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا، وربط شبكتي الكهرباء بين البلدين بنهاية العام.

كما ناقش الطرفان ملف قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، حيث تسعى دمشق إلى دمج “قسد” تدريجيًا ضمن بنية الدولة، بينما تطالب أنقرة بوضع حد لما تصفه بـ “التهديدات الأمنية” القادمة من الحدود الشمالية.

وقال مصدر عسكري في “قسد” لـ”الترا سوريا” إن قوات “قسد” لا علاقة لها بالاجتماعات بين الحكومة السورية والجانب التركي، مشيرًا إلى أن الاتفاق بين الرئيس الشرع والجنرال مظلوم عبدي يتم تنفيذه وفق ما تم التوقيع عليه بين الطرفين.

وأضاف أن قوات حكومية وصلت إلى مخيم الهول واستطلعت السجون التي تؤوي عائلات مقاتلي داعش بهدف استلامها، كما تم استطلاع أوضاع آبار النفط بهدف إعادة تشغيلها بطاقتها القصوى خلال وقت قريب.

وأكد أن غالبية المقاتلين الأجانب سيغادرون الأراضي السورية بعد إعلان حل حزب العمال الكردستاني، حيث غادر عدد كبير منهم بالفعل، في حين أصبحت قيادة معظم الألوية العسكرية بأيدي ضباط عرب.

وفي السياق، رحب الرئيس أردوغان بقرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا، معتبرًا ذلك خطوة مهمة نحو استقرار المنطقة. من جانبه، شكر الرئيس الشرع تركيا على دعمها في هذا المسار.

وأكد الباحث في الشؤون التركية والأستاذ الجامعي، مرتضى كوماك، أن اجتماع الرئيس الشرع وأردوغان أوضح أن ملف “قسد” سيتم حسمه خلال أسابيع، سواء سلميًا أو عبر المواجهة، وذلك بعد عرقلة بعض قادة “قسد” لتنفيذ الاتفاق، وانتقاد الرئاسة السورية الحاد لقيادة “قسد” بعدم التزامها به.

وأضاف، في حديثه لـ”الترا سوريا”، أن هناك توافقًا تركيًا – أميركيًا على حل ملف شرق سوريا واستعادة الدولة السورية سيادتها على كامل أراضيها، مستغلين العلاقات الجيدة بين الرئيسين التركي والأميركي للإسراع في إنهاء الملف الكردي.

ولفت إلى أن خطة أميركية عُرضت على تركيا تتضمن الانسحاب من شرق سوريا خلال أسابيع، بالتزامن مع تسلم الدولة السورية لتلك المناطق، وإجبار قوات “قسد” على حل نفسها بعد رفع الدعم الأمريكي والأوروبي عنها.

وكانت “قسد” قد وقعت اتفاقًا مع الحكومة السورية يقضي بدمج قواتها ضمن الجيش السوري الجديد، والتعاون في مجالات اقتصادية وسياسية، خلال اجتماع جمع الرئيس وقائد “قسد” مظلوم عبدي في آذار/ مارس الماضي.

وتكشف زيارة الشرع الأخيرة إلى تركيا عن ملامح خارطة جديدة يجري رسمها بتوافقات غير تقليدية، تشمل تقليص نفوذ الفاعلين غير الحكوميين، وعودة تدريجية لمؤسسات الدولة السورية إلى شرق البلاد، بدعم إقليمي وصمت دولي. وما بين الغاز والكهرباء وملف “قسد” المعقد، يبدو أن تسويات ما بعد الحرب بدأت تخرج من الظل.

————————————

هل تعبر سوريا أزمة القمح عبر بوابة الاستيراد؟/ هيام علي

إنتاج دمشق من المحصول عند أدنى مستوى فيما البلاد في حاجة إلى 4 ملايين طن

صحافية مختصة في الشؤون الاقتصادية

الثلاثاء 27 مايو 2025

متخصصون في الزراعة ينصحون بتغيير السياسات الزراعية وتأمين مستلزمات إنتاج القمح وإقامة مشاريع بالتعاون مع دول الخليج

رست في مرفأ طرطوس قبل أيام قليلة باخرة محملة بنحو 28 ألف طن من القمح وسط ترقب وصول مزيد من البواخر التي يأتي استيرادها في إطار تعزيز احتياطات البلاد من القمح.

إلى ذلك أرسلت السعودية شحنات طحين إلى سوريا كمساعدات في وقت يواصل فيه العراق إرسال شحنات من القمح “الهدية” إلى المدن السورية لدعم حاجاتها.

وتلقت البلاد حتى الآن 50 ألف طن من أصل 220 ألف طن، ويمكن لسوريا أن تستورد من قمح العراق الذي أعلن أن هناك مليون طن فائض يرغب بتصديره وفقاً لأسعار البورصة العالمية، إذ يجري التفاوض لشراء كميات من القمح المعروض للبيع تجارياً عبر تجار سوريين.

750 ألف طن فقط إنتاج القمح

يأتي ذلك في وقت ابتعدت فيه سوريا كثيراً عن تحقيق أمنها الغذائي من القمح المنتج محلياً بعد تضرر المحصول بصورة كبيرة بسبب انحباس الأمطار والجفاف.

وقدر المعدل الوسطي للهطول في سوريا بين 300 و350 مليمتراً سنوياً، أما هذا العام فالتقديرات في أفضل الأحوال تصل إلى 210 مليمترات، إلى جانب نقص مستلزمات الإنتاج واستبدال الفلاحين للقمح بمحاصيل أخرى أقل كلفة وحاجة إلى المياه.

ووصف متخصصون زراعيون هذا العام بأنه “عام جفاف” إذ تشير المعلومات إلى تراجع الإنتاج هذا الموسم إلى أدنى مستوى له على الإطلاق بفعل تضرر المساحات المزروعة بنسبة كبيرة وصلت إلى 70 في المئة وأكثر.

وتلفت التوقعات الأولية أن إنتاج سوريا من القمح هذا العام في حدود 750 ألف طن، بينما كان في العام الماضي مليوني طن، وكان قبل عام 2011 يراوح ما بين 3 و4 ملايين طن كانت تكفي الاستهلاك المحلي ويصدر الفائض إلى أوروبا خصوصاً.

 وتظهر هذه الأرقام تراجعاً صادماً في زراعة القمح هذا العام، مما يمكن اعتبارها مؤشرات خطرة تحمل معها تحذيرات من مستوى الأمن الغذائي للسكان، مما يتطلب تحركاً سريعاً من قبل الحكومة والجهات المعنية لإنقاذ الزراعة في سوريا من الانهيار.

ومع استعداد الحكومة السورية لتسويق محصول القمح من الفلاحين، تشير تقديرات مؤسسة الحبوب الأولية إلى إمكانية تسويق 200 إلى 300 ألف طن فحسب، ويرى الفلاحون أنه كلما كان التسعير أفضل كانت الكميات المسوقة أفضل، لكن بالعموم تعاني البلاد من فجوة كبيرة في حاجاتها من القمح إذ يقدر احتياج سوريا من القمح سنوياً ما بين 3.5 مليون طن إلى 4 ملايين طن.

ووفقاً للاجتماع السنوي لموسم تسويق القمح لعام 2025 بمشاركة مختلف الجهات المعنية في البلاد، الذي عقد أخيراً في دمشق ويستهدف التحضير والاستعداد لشراء القمح المحلي، إذ طلب من مصرف سوريا المركزي، تأمين التمويل اللازم لتمويل شراء القمح لموسم 2025، من خلال قرض من طريق المصرف الزراعي التعاوني مبدئياً بقيمة 1.2 تريليون ليرة (126 مليون دولار)، منعاً لأي تأخير في تسديد أثمان الأقماح المشتراة، وفق وكالة الأنباء السورية.

انعكاس إيجابي سريع لرفع العقوبات على القمح 

يشكل تراجع إنتاج القمح الكبير هذا الموسم تحدياً كبيراً أمام الحكومة السورية التي ستلجأ إلى تكثيف الاستيراد لتأمين حاجات خبز الشعب السوري، ولعل المساعدة التي قدمها العراق إلى سوريا شكلت طوق نجاة للشعب السوري، خصوصاً أن مخزون القمح أصبح محدوداً ولا يكفي، وأصبح لزاماً تعزيزه، مع الإشارة هنا إلى أن سوريا لم تتمكن من إبرام صفقة مناقصة القمح الدولية التي طرحتها في أبريل (نيسان) الماضي لاستيراد 100 ألف طن من قمح الطحين، في حين جرى الحديث عن وصول 6600 طن من روسيا إلى مرفأ طرطوس في الشهر نفسه، لكن مع رفع العقوبات سيبدو الاستيراد ممكناً وأكثر سلاسة وأقل كلفة، بخاصة لجهة إتاحة الحوالات المصرفية، وعدم الاضطرار للتحويل المصرفي من مكان لمكان آخر، الذي يرفع كلفة الاستيراد، إذ كانت كل 100 دولار يضاف إليها دولاران إلى خمسة دولارات.

ويرى المتخصص الزراعي مهند أصفر أن رفع العقوبات شكل حالاً من الانفراج أمام سوريا حتى تتمكن من تعزيز احتياطاتها من القمح وتعزيز مخزونها بما يضمن أمنها الغذائي، واصفاً قرار رفع العقوبات بأنه جاء في الوقت المناسب، إذ أصبح بإمكان سوريا شراء القمح بحرية وسهولة من كل الأسواق العالمية من دون كلفة إضافية ومرهقة. وقال لـ”اندبندنت عربية”، “لعل التأثير الأهم لرفع العقوبات سيكون مع تأمين مستلزمات الإنتاج للفلاحين من أسمدة وميكنة حديثة وري بالطرق الحديثة، والحصول على أسعار عادلة لمحصولهم” متوقعاً أن يلمس القطاع الزراعي حالاً من الانفراج خلال أشهر قليلة نتيجة رفع العقوبات، بخاصة أن هناك تحمساً للعودة للعمل من قبل الفلاحين بعد معاناة لسنوات طويلة.

وأشار إلى أن ظروف العمل ستختلف والأرباح ستكون مضمونة ولن يكون هناك ضياع لها في المصاريف الإضافية، مشيراً إلى ضرورة وضع سياسات زراعية تضمن الأمن الغذائي أولاً، وتؤمن تعزيز دور القطاع الزراعي في التصدير، مضيفاً “أعتقد أن رفع العقوبات مع توجه الحكومة نحو تطوير القطاع الزراعي بما فيه القمح سيوفر إمكانية نجاة القطاع ككل وإعادته إلى مساره الطبيعي خلال وقت ليس بالطويل”.

ورأى متخصصون أن رفع العقوبات سيساعد سوريا في المرحلة القريبة المقبلة في إمكانية تقديم دول صديقة مساعدات لها من القمح مما يخفف من فجوة النقص، مع الإشارة هنا إلى أن سوريا بحسب اقتصاديين، تواجه فاتورة استيراد قمح قد تصل بحسب متابعين إلى مليار دولار لتلبية حاجاتها لمدة عام.

4 ملايين طن من القمح

ووفقاً لوزارة الزراعة السورية فإن المساحة المخططة لمحصول القمح هذا الموسم (2024 – 2025) بلغت 1.4 مليون هكتار (الهكتار يساوي 10000 متر مربع”، وجرى تسجيل خروج معظم المساحات من تقديرات الإنتاج هذا العام نتيجة شح الأمطار، إذ جرى تضمين مساحات واسعة للرعي.

ونتيجة الظروف المتعددة الأمنية والاقتصادية والمناخية، اضطر عدد من مزارعي محصول القمح في سوريا إلى هجرة مهنتهم خلال السنوات الماضية، مدفوعين بعوامل عدة، منها ما يتعلق بكلفة المحصول التي لم تعد تتناسب خلال الأعوام الماضية مع أسعار المبيع التي كانت تحددها مختلف الجهات المسيطرة، إضافة إلى عوامل بيئية تتمثل بنشوب حرائق على مساحات واسعة تلتهم محصولهم، مما يجبرهم على التوجه نحو زراعات أقل كلفة مثل الكمون واليانسون.

وكان مدير مديرية الاقتصاد والتخطيط الزراعي في وزارة الزراعة السورية قال في تصريحات صحافية، إن حاجة بلاده من القمح تقدر بـ4 ملايين طن (بحسب عدد السكان الموجودين في سوريا، الذي يقدر بـــ22.5 مليون نسمة عام 2020)، ومن ثم هناك نقص في تأمين حاجات السكان بما يقارب 80 في المئة، مع الإشارة هنا إلى أن هناك تفاوتاً في تقدير حاجات البلاد من القمح، فالنظام السابق كان يقدرها بـ3.1 مليون طن منها 2.2 مليون طن للخبز، وكان يقصد بتقديراته المناطق الخاضعة لسيطرته.

التعاون الزراعي مع الخليج

المتخصص الزراعي المهند صالح أكد في تصريح لـ”اندبندنت عربية” أن إنتاج القمح تراجع إلى مستويات مقلقة، إذ ستلجأ سوريا إلى استيراد القسم الأكبر من حاجتها لكن مع رفع العقوبات يرى أن الأمر سينعكس على المدى القريب في تيسير عمليات الاستيراد وتحريرها من الضغوط التي كانت تسببها العقوبات، في حين أنها على المستوى البعيد ستساعد في تطوير السياسات الزراعية وتأمين رفد القطاع الزراعي بالمستلزمات والتكنولوجيا وغيرها مما يجعل الزراعة أعلى إنتاجية وأقل استهلاكاً للمياه. وأشار إلى أن الاستمرار بالسياسات الزراعية الحالية سيؤدي إلى اتساع فجوة الأمن الغذائي، بخاصة إذا ما استمرت مواسم الجفاف وسط تراجع الأمطار، مشجعاً على التنويع في المحاصيل الزراعية بما يعزز الأمن الغذائي، وتقليل الاعتماد على القمح كمحصول وحيد عبر تشجيع زراعة محاصيل استراتيجية أخرى مثل الشعير والذرة لتقليل الضغط على المياه أولاً، والابتعاد عن زراعة القمح في المناطق المستهلكة للمياه، والعمل على تطوير محاصيل مقاومة للجفاف والتغير المناخي، خصوصاً مع وجود تجربة مهمة في تطوير الأصناف المقاومة للجفاف.

صالح شدد على ضرورة العمل فوراً على إصلاح السياسات الزراعية في سوريا، وإعادة النظر في قوانين الملكية الزراعية وتشجيع الشراكة بين القطاع الخاص والعام وخلق بؤر استثمار زراعي واسعة، بخاصة أن هناك أراضي واسعة قابلة للزراعة في البلاد، وهذه تعد ميزة يمكن استثمارها بقيم مضافة عالية جداً، وفعل ذلك يتطلب اللجوء إلى أساليب الزراعة الحديثة والزراعة الذكية وتوفير سلاسل إنتاج تعتمد على المحاصيل التي تحتاج إلى مياه أقل، بما في ذلك التوجه نحو إنتاج الأعلاف محلياً وأيضاً تطوير إنتاج الأسمدة لتقليل الاعتماد على الاستيراد واستخدام البذور المحسنة، وتوجيه أموال الاستيراد إلى التطوير وتشجع المهندسين والفنيين والعمال الزراعيين للخوض في مشاريع زراعية على مستوى المناطق بصورة مترافقة، مع رفع الحكومة مستوى الخدمات في المناطق الريفية.

ودعا المتحدث إلى التعاون مع دول الخليج العربي عبر تنفيذ مشاريع زراعية كبرى بالاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة مما يمكن معه تأمين حلقات متعددة ومهمة من القيم المضافة للقطاع الزراعي في سوريا، وتوفير فرص العمل وزيادة الإنتاج، الذي يخصص جزء منه لتأمين حاجة الأسواق الخليجية، مشيراً إلى تطوير زراعة القمح في البلاد وتأمين أساليب الري الحديث والاعتماد على الطاقات المتجددة. ولفت إلى أهمية العمل على الاستفادة من اقتصاد الاستدامة الذي تتبعه دول الخليج في ضوء قابليته للتطبيق بصورة ناجحة جداً في سوريا، بالنظر إلى الإمكانات الكبيرة التي تمتلكها من التربة الخصبة وتنوع البيئات التي تضمن جودة المحاصيل الزراعية بجميع أشكالها بنوعية عالية وطيبة المذاق، بحسب وصفه.

وعاود تأكيد نهج الزراعة العضوية التي يمكن أن تخلق ميزات مهمة للزراعات المنتجة في سوريا، وتوفر لها أسواقاً واسعة ومهمة محققة إيرادات مهمة للبلاد من القطع الأجنبي، مؤكداً في حديثه أن تحقيق كل ذلك يجب أن يسير على التوازي مع سياسات مائية تقلل من الهدر وإعادة تأهيل السدود واللجوء إلى الطاقات البديلة والانتقال إلى الزراعات العمودية والهوائية، إلى جانب تبني سياسة النشر الأفقي والواسع للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر في قطاع الزراعة والمهن المعتمدة عليه، وعلى التوازي إعطاء مزايا لقطاع الصناعات الغذائية الذي يشكل إحدى دعائم الأمن الغذائي وإحدى قنوات التصدير المهمة بالنسبة إلى سوريا نظراً إلى التنافسية العالية التي تتمتع بها.

 رفع أسعار الخبز 

لا يزال الخبز في سوريا مدعوماً على رغم رفع سعر ربطة الخبز مع قدوم الإدارة الجديدة، وطرأت تغييرات على وزن ربطة الخبز، فوزن الربطة الواحدة صار 1200 غرام بدلاً من 1100، بعدد 12 رغيفاً بدلاً من سبعة، ويجري الحديث مجدداً عن التوجه لتحرير سعر الخبز مقابل اعتماد سياسات دعم تستهدف المستحقين، في وقت يرى فيه باحثون اقتصاديون أن اللجوء إلى رفع سعر الخبز من دون زيادة الرواتب والأجور التي يبلغ متوسطها حالياً 350 ألف ليرة (35 دولاراً)، وإنشاء شبكات حماية اجتماعية قد يكون لها آثار عميقة على معيشة السكان الذين يعانون في 90 في المئة منهم من الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

ويبدو أن ارتفاع فاتورة استيراد القمح ستدفع الحكومة السورية إلى إعادة النظر بسياسة دعم الخبز وجعلها أكثر تركيزاً، خصوصاً مع تطبيق اقتصاد السوق الحرة التنافسي.

تراجع العاملين في القطاع الزراعي

في وقت شهدت زراعة القمح في سوريا هجر كثيرين من الفلاحين زراعة القمح إلى زراعات أخرى أقل مخاطرة، تظهر بيانات البنك الدولي أن نسبة العاملين بالزراعة في البلاد بلغت عام 2022 نحو 15.5 في المئة، من مجمل نسبة العاملين في كل المجالات، بينما كانت عام 2000 تصل إلى 32.89 في المئة.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “فاو”، بلغ محصول القمح في سوريا لعام 2022 نحو مليون طن، بانخفاض 75 في المئة عن مستويات ما قبل 2011، في حين أن الشعير بات “شبه منعدم”. وأشارت “فاو” إلى أنه من المتوقع أن تكون حاجة استيراد القمح للعام التسويقي 2024-2025 أعلى بقليل من متوسط السنوات الخمس، نظراً إلى انخفاض إنتاج القمح لعام 2024، ومع ذلك فإن حال عدم اليقين الاقتصادي وتقلبات العملة الوطنية والاضطرابات الداخلية، تشكل تحديات أمام البلاد لتأمين واردات القمح عام 2025.

وبلغ متوسط إنتاج المحصول منذ 1990 إلى 2010 أكثر من 4 ملايين طن، وسجلت سوريا في 2006 أعلى رقم في إنتاجه بمقدار 4.9 مليون طن، وفق إحصاءات رسمية، كان متوسط الاستهلاك المحلي 2.5 مليون طن، مما أتاح فائضاً للتصدير يراوح ما بين 1.2 و1.5 مليون طن، وهي الأرقام التي لم نشهدها في محصول القمح منذ ذلك الوقت.

وبينت “فاو” في تقريرها أن زراعة الحبوب الشتوية لعام 2025 تأخرت بسبب تأخر هطول الأمطار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وتعطلت بشدة بسبب الصراعات المستمرة ونزوح السكان والانتقال الحكومي في أواخر 2024 والجفاف في بداية الموسم بين أكتوبر (تشرين الأول) 2024 ويناير (كانون الثاني) الماضي.

مقاصد الاستيراد

في وقت أبدى فيه العراق استعداده لتصدير القمح إلى سوريا، سبق عليه إعلان أوكرانيا استعدادها لتزويد دمشق بالقمح، بعد تعليق روسيا إمدادات القمح.

وقال وزير الزراعة الأوكراني في وقت سابق، إن أوكرانيا وهي منتج ومصدر عالمي للحبوب والبذور الزيتية، مستعدة لتوريد الغذاء إلى دمشق.

وفي فبراير (شباط) الماضي، قالت وزارة الخارجية البريطانية، إنها خصصت 3 ملايين جنيه استرليني (4.06 مليون دولار) لتمويل إمدادات القمح الأوكراني إلى سوريا، وذلك ضمن تنفيذ الالتزامات التي قطعها رئيس الوزراء كير ستارمر، للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لتسليم الحبوب الأوكرانية وغيرها من المنتجات الغذائية إلى سوريا.

وخلال السنوات الماضية، لجأت حكومة نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد المخلوع إلى تأمين القمح من روسيا عبر اتفاقات ثنائية غالباً ما أخذت صفة السرية، أو عبر مناقصات تطرحها “المؤسسة العامة للحبوب” في سوريا لشراء القمح، وبحسب المعلومات كانت فاتورة استيراد القمح نحو 550 مليون دولار، مع الإشارة إلى لجوء حكومة النظام المخلوع أحياناً لشراء القمح من المناطق التي تسيطر عليها قوات “قسد” إذ كانت تدفع ثمنها بالليرة السورية.

اندبندنت عربية

———————————-

 قسد تفرض حظر تجوال في ريف دير الزور وتتوعد بمحاسبة المخالفين

2025.05.26

فرضت “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، اليوم الإثنين، حظر تجوال في عدة بلدات بريف دير الزور الشرقي، وتوعّدت المخالفين بمحاسبتهم.

وقالت شبكات إخبارية محلية إن “قسد” فرضت حظر التجوال في بلدات جديد عكيدات، وجديد بكارة، والدحلة، والصبحة، وتوعّدت بمحاسبة المخالفين عبر مكبرات الصوت، مؤكدة أن “قسد” ستبدأ حملة اعتقالات في المنطقة.

نفذت “قسد”، أمس، حملة اعتقالات في حي المدورة بناحية المنصورة غربي الرقة، وأوقفت عدداً من الأشخاص دون توجيه تهم واضحة إليهم، كما صادرت ست قطع سلاح.

الاعتقالات لا تتوقف 

منذ سيطرتها على مناطق واسعة في شرقي سوريا، لم تتوقف “قسد” عن تنفيذ حملات دهم واعتقال، موجهةً اتهامات متعددة، من بينها الانتماء إلى تنظيم “داعش”، في حين يؤكد السكان أن معظم المعتقلين هم من المعارضين لسياساتها.

كما واصلت “قسد”، منذ سقوط النظام في سوريا، تنفيذ حملات استهدفت أشخاصاً احتفلوا بسقوطه وطالبوا بدخول الحكومة السورية إلى مناطقهم، وقد تجددت هذه الحملات عقب التوصل إلى اتفاق بين “قسد” والحكومة السورية.

وقبل أسابيع، ندد ناشطون في شرقي سوريا بحملة الاعتقالات الأخيرة التي نفذتها “قسد”، مطالبين الحكومة السورية بالتدخل للإفراج عن المعتقلين واتخاذ ما يلزم لحمايتهم.

—————————-

قيادي كردي: لن نتنازل عن مطلب اللامركزية في محادثاتنا مع دمشق

قال قيادي كردي بارز، لوكالة «فرانس برس»، اليوم، إنه «لا يمكن التنازل» عن مطلب التعددية اللامركزية في إدارة النظام السياسي في سوريا، في وقت يعتزم وفد من الإدارة الذاتية التوجه «قريباً» إلى دمشق لاستكمال المحادثات مع السلطة الانتقالية.

وقّع الطرفان اتفاقاً في 11 آذار، يقضي «بدمج» كل المؤسسات التابعة للإدارة الذاتية في إطار الدولة السورية، ويُفترض استكمال بنود تطبيقه بحلول نهاية العام.

إلا أن الإدارة الكردية وجّهت لاحقاً انتقادات إلى السلطة على خلفية الإعلان الدستوري ثم تشكيل حكومة قالت إنها لا تعكس التنوع في سوريا. وطالب الأكراد الشهر الماضي بدولة «ديموقراطية لا مركزية»، فيما ردت دمشق بتأكيد رفضها «محاولات فرض واقع تقسيمي» في البلاد.

وأكد المسؤول الكردي، أن «سوريا لا مركزية تعددية ديموقراطية هي الحل الأمثل لجميع القضايا العالقة راهناً»، معرباً عن اعتقاده بأنه «لا يمكن إدارة فسيفساء المجتمع السوري بنظام سياسي يحتكر جميع الصلاحيات ولا يعترف بخصوصية المناطق والمكونات».

وأضاف «هذا الطرح سيكون من القضايا الأساسية للتفاوض، ولا يمكن التنازل عنه».

وتعتزم لجنة تمثل مختلف الأحزاب الكردية، وفقاً للمصدر، التوجه «قريباً إلى دمشق لمناقشة القضية الكردية وكيفية تضمين حقوق الشعب الكردي دستورياً».

ماذا تضمّن اتفاق الشرع ــ عبدي؟

وتضمّن الاتفاق الذي وقّعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي، بنوداً عدة نصّ أبرزها على «دمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز».

ونص الاتفاق كذلك على أن المكون الكردي «مجتمع أصيل في الدولة السورية»، التي «تضمن حقه في المواطنة وحقوقه الدستورية كافة»، في موازاة «رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كل مكونات المجتمع السوري».

وفي موازاة إشارته إلى أن «حواراتنا مستمرة مع الحكومة السورية المؤقتة حول ملفات مختلفة»، يقرّ المصدر الكردي بأن الحوار يطال «ملفات صعبة ومعقدة» ويتطلب «مدّ المزيد من جسور الثقة بين الطرفين أكثر من أي وقت مضى».

ويشدد على أن «التفكير المركزي لإدارة القضايا (العالقة) من دون قبول شراكة حقيقية وتوزيع الأدوار والصلاحيات بين المركز والمناطق، يجعل من المفاوضات عملية صعبة وتسير ببطء».

وتسيطر الإدارة الذاتية على مساحات واسعة في شمال سوريا وشرقها، تضم أبرز حقول النفط والغاز التي تحتاج السلطة الجديدة في دمشق إلى مواردها في إطار مساعيها إلى تكريس سلطتها ودفع عجلة التعافي الاقتصادي.

وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال لقائه الشرع الشهر الحالي في الرياض «بتحمل مسؤولية مراكز اعتقال» مقاتلي تنظيم «داعش» المحتجزين لدى الأكراد.

وواشنطن، التي رفعت الجمعة مؤقتاً عقوباتها رسمياً عن سوريا وفتحت صفحة جديدة من العلاقات معها، «من المشجعين والمسهلين لعملية التفاوض الجارية مع دمشق»، وفقاً للمصدر الكردي.

——————————-

هل يُحدث حل حزب العمال الكردستاني تحولا في سياسات تركيا؟

26/5/2025

في قرار وُصف بالتاريخي، أعلن حزب العمال الكردستاني في 12 مايو/أيار الجاري حل نفسه وإنهاء صراع مسلح ضد تركيا على مدار أكثر من 40 عاما، وذلك بعد أن بلورت القضية الكردية بشكل جوهري شخصية الدولة التركية ومفهومها للتهديد، وكان لها تأثير على سياسة تركيا الداخلية والخارجية أكبر من أي قضية أخرى.

ويرى المحلل والخبير السياسي التركي غالب دالاي -وهو زميل استشاري بارز بمبادرة تركيا، في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تقرير نشره معهد تشاتام هاوس البريطاني (المعروف رسميا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية)- أن عملية السلام الجديدة فريدة من نوعها من حيث إنه ليست هناك عناصر خارجية أو أطراف ثالثة. وإنها إضافة إلى ذلك، تبدأ بإنهاء الكفاح المسلح وحل المجموعة المتمردة ولا تنتهي بهما.

ورغم أن الكفاح المسلح قد انتهي، سوف تتطور القضية الكردية الآن إلى مسألة سياسية ومدنية وديمقراطية بشكل أكثر، وهذه بداية عملية جديدة وحسمها سوف يستغرق وقتا.

ودرست تركيا لفترة طويلة تجارب دول مثل كولومبيا وأيرلندا وإسبانيا وسريلانكا، وإذا كُللت هذه العملية بالنجاح، فإن تركيا والأكراد سوف يتطورون إلى نموذج لحل الصراعات والتعامل مع التعبير المسلح لمسألة هوية قائمة منذ فترة طويلة.

وتأثر نهج أنقرة تجاه الدول المجاورة لها منذ فترة طويلة بصراعها مع حزب العمال الكردستاني ووجوده أو فروعه التابعة له في العراق وسوريا وإيران، حيث اعتبرت الطموحات السياسية الكردية تهديدا.

وأحيانا، اعتبرت تركيا الأكراد حاجزا بينها وبين بقية الشرق الأوسط نظرا لأن المجتمعات التي تعيش على جانبي حدود تركيا مع سوريا والعراق، ذات أغلبية كردية.

تأثيرات إقليمية

وأضاف دالاي أن نجاح السلام الكردي لن يعيد تحديد علاقات تركيا مع الأكراد داخل تركيا فحسب، بل مع الأكراد في منطقة الشرق الأوسط الأوسع نطاقا. ولن يتطلب هذا أن يكون للأتراك والأكراد هويات جيوسياسية متعارضة.

ومن الناحية العملية، يعنى هذا أنه يجب أن تتطور علاقات تركيا مع الأكراد السوريين لتشبه علاقاتها مع الأكراد العراقيين، التي تحولت من علاقات حادة إلى ودية (على الأخص بين تركيا والحزب الديمقراطي الكردستاني).

وسوف تكون سوريا أرض اختبار وعالما صغيرا لشكل جديد من العلاقات بين تركيا والأكراد في المنطقة. وإذا نجحت عملية السلام، فإن هذا يمكن أن يدفع النخب السياسية التركية إلى إعادة تصور منطقة جوارهم على أنها منطقة يصبح فيها الأكراد حليفا طبيعيا لتركيا وجسرا بين أنقرة وبقية الشرق الأوسط.

ويمكن أن يكون لعملية السلام تأثير عميق على علاقات تركيا الدولية الأوسع نطاقا؛ فعلى المستوى الإقليمي تنافست تركيا وإيران لفترة طويلة، وأحيانا تعاونتا بشأن القضايا الجيوسياسية الكردية الإقليمية.

وإذا حل حزب العمال نفسه جديا، فسوف يُعيد هذا تحديد مكانة تركيا وإيران في الفضاء الجيوسياسي الكردي الإقليمي، ومن المحتمل أن يكون ذلك لصالح تركيا.

وبالمثل، يمكن أن يوجِّه حل حزب العمال ضربة لسياسة إسرائيل صوب سوريا وتركيا.

وترغب إسرائيل في استخدام تطلعات ومخاوف الدروز والمجموعات الكردية كأدوات لإبقاء سوريا متشرذمة والحصول على مكاسب في تنافسها مع تركيا.

العلاقة مع الغرب

وتابع دالاي أن مستقبل القضية الكردية التركية وعلاقات تركيا مع الأكراد الإقليميين سوف يعيد تشكيل علاقات أنقرة مع الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا. ولم تسمِّم أي قضية علاقات الولايات المتحدة وتركيا بنفس القدر الذي تسبب فيه الصراع السوري.

وبالمثل، كانت سوريا هي مهد علاقات أوثق بين تركيا وروسيا، ولكن لم تكن في الحقيقة بشأن سوريا ولكن القضية الجوهرية في كلتا الحالتين كانت القضية الكردية.

وكانت شراكة الولايات المتحدة مع وحدات حماية الشعب الكردية (التابعة لحزب العمال الكردستاني، والتي تحولت فيما بعد إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد”)، هي التي تسببت في حدوث صدع عميق في العلاقات بين أنقرة وواشنطن.

ووصلت العلاقات بين تركيا وروسيا إلى نقطة متدنية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015 بعدما أسقطت تركيا طائرة حربية روسية انتهكت مجالها الجوي. وفي ذلك الوقت، كانت روسيا اللاعب الخارجي الرئيس في شمال غرب سوريا، ولم تتمكن موسكو وأنقرة من إطلاق عمليات عسكرية في هذه المنطقة إلا من خلال اتفاق.

ووضع هذا التواصل الأساس لتأسيس منصة أستانا في نهاية عام 2016، وهي عملية قادتها تركيا وروسيا وإيران وأدت لتغيير مسار الحرب الأهلية السورية.

وكانت القضية الكردية، إلى جانب الانتهاكات السياسية وحقوق الإنسان المرتبطة بها، تمثل عقبة دائمة في العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وإضافة إلى ذلك، تسببت شراكة فرنسا مع قوات “قسد” في سوريا في توتر حاد مع أنقرة.

وقد يكون لعملية السلام تأثيرات إيجابية على علاقات تركيا مع الغرب. ومن المحتمل أن يزيل حل حزب العمال أكبر العقبات في العلاقات التركية الأميركية، مما يقلص معارضة أنقرة للوجود الأميركي في سوريا ويُحسّن المناخ العام للعلاقات الثنائية.

ويمكن أن يساعد حل حزب العمال الكردستاني أيضا على تحسين العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي. وعلى النقيض، سوف يزيل أي سلام كردي أحد مصادر نقطة ضعف تركيا في علاقاتها مع روسيا ويمكن أن يقلص اعتماد أنقرة النسبي على موسكو.

وتُعد عملية السلام من جانب حزب العمال تاريخية وفريدة ولكنها أيضا في مراحلها المبكرة وهشة. ويتعين تعزيزها من خلال إصلاحات قانونية وسياسية ودستورية في تركيا.

وفي حين أن هناك دعمًا واسع النطاق داخل المشهد السياسي الكردي والتركي لإنهاء الكفاح المسلح، فإن الحاجة ماسة الآن لتوسيع نطاق هذا الإجماع ليشمل الدعم للإصلاح القانوني.

المصدر : الجزيرة + وكالات

——————————-

سدود سوريا أداة للحرب وهدف للسيطرة على الموارد/ يوسف أحمد بدوي

26/5/2025

شهد محيط سد تشرين ذي الأهمية الإستراتيجية -مؤخرا- تصعيداً جديدا، واندلعت اشتباكات عنيفة ووصلت تعزيزات عسكرية إلى منطقة هذا السد من قبل الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) رغم اتفاق سابق بين الجانبين ينص على ترتيبات مشتركة لإدارة السد وإخضاعه للسيطرة الحكومية.

ودارت حول سد تشرين -الواقع شرقي محافظة حلب السورية في الأشهر الأخيرة، منذ سقوط نظام الأسد- معارك متقطعة بين قسد وفصائل مقربة من تركيا انضمت لاحقا للجيش السوري الجديد قيد التشكيل.

وأدت اتفاقيات بين الحكومة السورية وقسد إلى وقف القتال حول سد تشرين، وكان من المفترض أن يتم نقل السيطرة عليه إلى الحكومة، لكن الاتفاق تعثر مع توتر العلاقة بين الطرفين في ملفات أخرى، مما يظهر أهمية هذا السد في تأثيره على المفاوضات الحاصلة بين الأطراف.

وليس الصراع على سد تشرين -المستمر منذ أشهر لا سيما بعد سقوط نظام الأسد- الوحيد في سنوات الحرب السورية، فقد شهدت العديد من السدود في محافظات سورية مختلفة اشتباكات ونزاعا للسيطرة عليها، مما يبرز أهميتها في مسار الحرب واستخدامها أداة للتفوق العسكري، بالتوازي مع ما يشكله الإضرار بها من خطر على المدنيين والأطراف المتحاربة نفسها.

أداة للحرب

أسهمت العمليات العسكرية المتكررة حول السدود على مدار سنين الثورة السورية، والتنازع عليها بين معظم الأطراف العسكرية الفاعلة، في حدوث تغيير في مستوى أهميتها، حيث تحولت تلك المنشآت من بنى تحتية حيوية واقتصادية إلى أداة حرب تتطلع إليها القوى العسكرية المتصارعة، وتسعى لتقوية موقعها الميداني من خلال السيطرة عليها.

وقد أشارت دراسة -نُشرت في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي- إلى أن السدود والبنى التحتية المتعلقة بها قد استخدمت أداة عسكرية وإستراتيجية خلال الحرب، مما زاد من تعقيدات المشهد.

وتقول الدراسة -التي أعدها الباحث دورسون يلديز في مركز الدراسات الإنسانية التطبيقية- أن السدود في سوريا على نهر الفرات قد شُيدت لتسخير المياه في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لكن هذه السدود قد تحولت أيضاً إلى محور للتحديات البيئية والجيوسياسية والاجتماعية في سوريا شبه المُجزأة.

وفي حين تُحقق السيطرة على السدود -وفقا للدراسة التي نشرتها جمعية السياسة الهيدروليكية وهي مركز بحثي مستقل يعنى بقضايا المياه- ميزة جيوستراتيجية للطرف المسيطر وفوائد اقتصادية ومصدراً للطاقة، فإن ذلك يضعها أمام تحديات حول إمكانية إدارة المنشأة والمتابعة الفنية والقيام بأعمال الصيانة وإصلاح الضررالناجم عن القصف.

وقد شرحت دراسة للباحث توبياس فون لوسو كيف تم استهداف المكونات الحساسة للمنشآت التابعة للسدود، مثل الأنظمة ومحطات المعالجة بهدف الضغط على السكان والقيادات السياسية في الجانب الآخر، بحكم أن القدرة على التحكم الكامل والجذري في إمدادات المياه والكهرباء ستؤدي لكسب دعم السكان بالقوة أو الاضطرار.

وذكرت الدراسة، التي نشرها المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية، أن البُعد الإستراتيجي للمياه في حالات الصراع كان أكثر اتضاحاً في حالة الأنهار، لأن السيطرة على الموارد في المجاري العليا للمياه تُمَّكن من السيطرة على مناطق أكبر وأبعد أو إلحاق الضرر بها بدون الحاجة إلى مهاجمتها أو احتلالها.

حرب بيولوجية بدون أسلحة

في الدراسة نفسها، أشار الباحث لوسو إلى أنه تم استخدام السدود سلاحا عن طريق تلويث مياهه أو تسميمها، وأن هذه الممارسة كان يمكن تصديرها بسهولة نسبية إلى مناطق أخرى، لأن هجوماً من هذا النوع يُسبب أضراراً جسيمة أثناء المعركة بأبسط الوسائل.

وبحسب ما ورد في الدراسة، التي تناولت تسليح المياه، فإن تنظيم الدولة عمل على تسميم إمدادات المياه من حلب ودير الزور، كما أنه تعمد تلويث مياه الشرب بالنفط الخام أثناء وجوده بمحافظة صلاح الدين بالعراق.

كما أشارت دراسة قام عليها عدة باحثين في المجلة الدولية للأمراض المعدية إلى أن الصراعات على السدود في سوريا، ومختلف البنى التحتية للمياه فترة الحرب، قد أخذت في بعض مراحلها شكلاً من أشكال الحرب البيولوجية غير المباشرة مباشرة رغم عدم استخدام أسلحة بيولوجية، حيث تعرضت بنى تحتية للمياه للهجمات والتلويث كإستراتيجية حرب من قبل القوات الحكومية وأخرى غير حكومية.

وقد اتبعت الأطراف المتنازعة -حسب الدراسة- أساليب عديدة عند سيطرتها على السدود والتجمعات المائية، مثل إغلاق الأنابيب وحجز المياه ومنع تدفقها إلى المناطق السكانية التي يسيطر عليها الطرف الآخر من النزاع، للحصول على مكاسب، وزيادة القدرة في التفاوض مما أدى لاستهداف المنشآت المائية وتلويث المياه بشكل متعمد لنزع ورقة الضغط أو التخفيف من جدواها، مثلما فعلت الغارات الروسية على مصادر المياه حيث كانت حدثاً شائعاً طوال فترة الحرب.

وبحسب تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية عن تلويث متعمد بالوقود والكلور لمياه “عين الفيجة” في دمشق، تبادل نظام المخلوع بشار وفصائل المعارضة التُهم بشأن تلوث مياه المُنشأة التي تغذي العاصمة دمشق، وأشار التقرير إلى أن محققين توصلوا إلى أن النظام قام باستهداف خزانات الوقود والكلور عن قصد للضغط على الفصائل.

صور تظهر تعرض سد الفرات في مدينة الطبقة للقصف

سد الفرات بمدينة الطبقة تعرض في أوقات سابقة للقصف وأوشك على الانهيار (الجزيرة)

معارك السدود في مسار الحرب

وشهدت معظم السدود المتوزعة في أنحاء البلاد منازعات تمثلت أحياناً بمعارك ضارية وممتدة استخدمت فيها أعتى أنواع الأسلحة والطائرات، وأبرز تلك السدود:

    سد تشرين

شهد هذا السد معارك عديدة على فترات زمنية متفرقة بين أطراف مختلفة، وهو يقع على نهر الفرات في ريف حلب الشرقي ويُعد من السدود الضخمة والمهمة.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، شنت قوات قسد المدعومة من التحالف الدولي هجوماً عنيفاً للسيطرة على سد تشرين، وكانت النتيجة هزيمة كبيرة لتنظيم الدولة خسر على إثرها السد وعدداً كبيراً من القرى المحيطة الممتدة على مئات الكيلومترات.

    سد الطبقة/ الفرات

تكررت المواجهة بين القوات الكردية وتنظيم الدولة عام 2017، وهذه المرة عند سد الطبقة، وشنت الأولى بدعم من الولايات المتحدة هجوماً للسيطرة على السد وهو ما تحقق لاحقا.

وأضاف ذلك لقسد وجوداً في منطقة جنوب الفرات، وسيطرة على مدينة الطبقة وقاعدتها الجوية وعدد من القرى.

    سد البعث

يقع على نهر الفرات بين سديْ الطبقة وتشرين، وكان هدفاً للعديد من القوى التي تتابعت في سيطرتها عليه.

وبدأت أول النزاعات حول هذا السد عندما انتزعت فصائل الثوار المحلية السيطرة عليه عام 2013 من النظام المخلوع، ثم استولى عليه لاحقاً تنظيم الدولة، وفي مايو/أيار 2017 سيطرت عليه قسد.

    سد الرستن

رغم أن هذا السد -الواقع على نهر العاصي شمال حمص- لم يشهد معارك كبرى فإنه لعب دوراً في استمرار سيطرة فصائل الثوار على منطقة الرستن رغم المحاولات المتكررة للنظام السابق للسيطرة عليه، وقيامه بحملات قصف أدت لتضرر أجزاء من السد.

ولم تدر حول سد الرستن معارك كبرى بهدف السيطرة، وهذا يعود لقربه من مناطق هيمنة النظام وقطعاته العسكرية الكبيرة مقابل فصائل الثوار المحلية على الطرف الآخر، مما أدى لحدوث معارك متقطعة وتكتيكية إلى حين حصول اتفاق مصالحة برعاية روسية بين الفصائل والنظام.

    سدود أخرى متفرقة

تعرضت سدود أخرى لنزاعات أقل حدة مثل سد المنصورة الواقع في المحافظة الرقة، والذي انتهى باتفاق بين النظام المخلوع وقوات قسد لإدارة مشتركة للسد بينهما.

كما شهد سدا أم العظام والخابية في الجنوب السوري توترات في الفترة الأخيرة عند قيام الاحتلال الإسرائيلي باعتداءات وعمليات اجتياح تصدى لها السكان المحليون.

أضرار الأخطاء العسكرية والإدارية

شهدت بعض السدود أضراراً متفاوتة وتوقفاً لعملها في فترات مختلفة نتيجة خلّوها من الكوادر الإدارية والمهندسين، وحول هذا الموضوع يرى عبد الجبار العكيدي الخبير العسكري والعقيد المنشق عن الجيش السابق أن “الأخطاء العسكرية والإدارية واردة جداً وغير مضمونة أثناء معارك السيطرة على السدود، وقد حصلت سابقاً، لكن لحسن الحظ كانت تتم السيطرة على التبعات”.

ويواجه الطرف المنتصر تحديات مختلفة عند سيطرته على السد، وفي هذا الصدد يضيف العكيدي أن السيطرة على السدود تضع الجهات المسيطرة أمام تحديات مثل الحفاظ على سلامة السد والقدرة على إدارته. وعند مراجعة الأضرار التي لحقت السدود، يتبين أنه خلال فترة الحرب في سوريا لم يتم حدوث انهيارات أو أضرار جسيمة للغاية على أي من السدود، وذلك رغم المعارك الكبيرة التي دارت حولها، حسب العكيدي.

ورغم أن المعارك التي جرت حول السدود في سوريا لم تؤد للانهيار، فإنها خلَّفت أضراراً كبيرة، وكانت الاحتمالات حينها مفتوحة وغير مضمونة.

وبحسب العكيدي، فإنه “لو تصاعد استهداف السدود وأدى لانهيار أحدها لكانت النتيجة خسارة الطرفين للموقع”. وضرب مثالا على ذلك بالمعارك الأخيرة الدائرة حول سد تشرين، حيث يتفادى الطرفان هناك الإضرار بالسد، ورغم ذلك عند المعارك الكبرى لا يمكن ضمان شيء”.

ويعتقد خبراء عسكريون بوجود متابعات دولية لمنع تفاقم استهداف السدود عند حدوث النزاعات، وأن تلك الرقابة كان لها دور في درء حدوث عواقب وخيمة مثل الانهيار، ويؤيد العكيدي ذلك بالقول “أعتقد أنه كانت هناك خطوط حمراء دولية منعت إلحاق الضرر الجسيم بالسدود، وكذلك آبار البترول، لما قد ينتج عن دمارها من عواقب لا يمكن السيطرة عليها”.

وقد تحدثت تقارير سابقة عن اضطرار تنظيم الدولة، لدى سيطرته على سد الفرات، للتنسيق مع النظام المخلوع بشأن جلب كوادر ومهندسين لتقييم السد وإصلاح الأضرار، في حين عملت السلطات التركية على التنسيق لإغلاق بوابات السدود الواقعة أعلى النهر لمنع فيضان المياه وتقليص احتمال الانهيار. وأمر التنظيم حينها سكان مدينة الطبقة القريبة بإخلاء المنازل محذرا من انهيار متوقع للسد نتيجة الضربات الأميركية وارتفاع منسوب المياه.

وتسببت اضطرابات عمل السدود وتضررها نتيجة الصراع بالكثير من الأزمات المائية والأضرار البيئية، حيث جاء في دراسة نشرها مركز عمران للدراسات الإستراتيجية أن تضرر البنى التحتية للمياه قد أضاع أو أتلف ما يُقدر بنصف إجمالي الطاقة الإنتاجية.

المصدر : الجزيرة

—————————-

دمشق تتفق مع “الإدارة الذاتية” بشأن “الهول

قالت “الإدارة الذاتية”، في شمال شرقي سوريا، إنها اتفقت مع الحكومة السورية على تنظيم آلية تهدف لإخراج العائلات السورية من مخيم “الهول”، الذي يضم عائلات مقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية” شرقي محافظة الحسكة السورية.

ونشرت “الإدارة” عبر معرّفاتها الرسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين 26 من أيار، تصريحًا لرئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين في “الإدارة”، شيخموس أحمد، أن الأخيرة اتفقت مع الحكومة على وضع آلية مشتركة لإخراج العوائل السورية من مخيم “الهول” وعودتهم إلى مناطقهم الأصلية.

وأعلن أحمد أن اجتماعًا ثلاثيًا عُقد، أمس الأحد، في مخيم “الهول”، ضم وفدًا من الحكومة السورية الانتقالية، ووفدًا من التحالف الدولي، وممثلين عن “الإدارة الذاتية”.

وقال إن الاجتماع انتهى بالاتفاق على وضع آلية مشتركة لإخراج العوائل السورية الموجودة ضمن مخيم “الهول” لوضع حد لمعاناة هذه العائلات.

وأمس الأحد، نقلت قناة “الجزيرة” القطرية، عن مصادر لم تسمّها، قولها إن وفدًا من الحكومة السورية برفقة قوات التحالف زار مخيم “الهول” في الحسكة.

وأضافت أن زيارة الوفد الحكومي للمخيم تأتي في إطار الاتفاق بين الرئيس أحمد الشرع، وقائد “قوات سوري الديمقراطية” (قسد) مظلوم عبدي.

ووفق القناة القطرية، سيعلن لاحقًا عن تشكيل لجنة مشتركة بين الحكومة و”قسد” لمراجعة ملفات المعتقلين في السجون شمال شرقي سوريا، والمحتجزين في مخيم “الهول”.

وأمس الأحد، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، خلال مؤتمر صحفي، إن إدارة مخيم الهول ستكون مختلفة عما كانت عليه سابقًا، لافتًا إلى أنها تسعى لتحويله “من بؤرة غير إنسانية إلى ملف علاج مجتمعي شامل”.

وسبق أن طرحت الحكومة السورية استلام السجون والمخيمات التي تديرها “قسد” في شمال شرقي سوريا منذ نحو ثمني سنوات، لكن الاخيرة رفضت بشكل قاطع.

ومع التقارب الأمريكي مع دمشق، ووضع واشنطن لإدارة هذه المخيمات والسجون كشرط لتحسين العلاقات، تراخى موقف “قسد” حتى أعلنت مؤخرًا عن اجتماع مع الحكومة السورية في هذا الإطار.

وعقب لقاء الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، في العاصمة السعودية الرياض، قالت مساعدة الرئيس والسكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، عبر “إكس”، إن الرئيس ترامب شجع الرئيس الشرع على خمس قضايا رئيسة هي:

    التوقيع على اتفاقيات “أبراهام” مع إسرائيل.

    الطلب من جميع “الإرهابيين” الأجانب مغادرة سوريا.

    ترحيل “الإرهابيين” الفلسطينيين.

    مساعدة الولايات المتحدة على منع عودة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

    تحمل مسؤولية مراكز احتجاز عناصر تنظيم “الدولة” في شمال شرقي سوريا.

——————————————-

مخيم الهول.. قنبلة موقوتة على طريق الاتفاق

الثلاثاء 2025/05/27

أعلن مسؤول في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية في دمشق لإجلاء المواطنين السوريين من مخيم الهول شمال شرق سوريا، والذي يضم عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يُزعم ارتباطهم بتنظيم  “داعش”.

وقال رئيس مكتب شؤون النازحين واللاجئين التابع لـ”قسد”، شيخموس أحمد، إنه تم التوصل إلى اتفاق على “آلية مشتركة” لإخراج العوائل السورية من مخيم الهول بريف الحسكة شمال شرقي سوريا، تمهيداً لعودتهم إلى مناطقهم الأصلية.

وأضاف أحمد أن الاتفاق جاء عقب اجتماع ثلاثي ضم ممثلين عن الحكومة السورية، والإدارة الذاتية، والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الذي يحارب تنظيم “داعش”، ونفى المسؤول الكردي التقارير التي تشير إلى تسليم إدارة المخيم لدمشق في المستقبل القريب، وقال: “لم تكن هناك أي مناقشات في هذا الصدد مع الوفد الزائر أو مع الحكومة في دمشق”.

ويأتي هذا الاتفاق في ظل محاولات لتعزيز التعاون بين السلطات الكردية والقيادة الجديدة في دمشق، وبموجب اتفاق وُقع بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي.

عقدة إنسانية وأمنية

ويقع مخيم الهول جنوب شرق مدينة الحسكة، على بعد 13 كيلومتراً من الحدود العراقية، ويُعد من أخطر المخيمات في العالم نتيجة تعقيداته الأمنية والإنسانية، ويضم المخيم نحو 37 ألف شخص، أكثر من 70% منهم نساء وأطفال، من جنسيات سورية، عراقية وغربية، الجزء الأكبر منهم هم من عائلات مقاتلي تنظيم “داعش”، وتحديداً في قسم “الملحق”، الذي يضم نحو ألفي امرأة وطفل أجنبي يُصنفون على أنهم من الأشد تطرفاً.

وأكد مصدر مطلع من داخل الإدارة الذاتية لـ”المدن”، أن المخيم شهد في السنوات الماضية عشرات الجرائم، من بينها أكثر من 90 جريمة قتل، و30 حادثة حرق خيم، واعتداءات على صحفيات، حيث تعرضت صحفيات قمن بزيارة المخيم للشتائم من أطفال وصفوهن بـ”الكافرات” بسبب عدم ارتداء الحجاب.

وأضاف المصدر، “يُقدر عدد الأطفال في المخيم بنحو 22 ألفاً، غالبيتهم يعيشون بلا تعليم ولا رعاية نفسية، لصعوبة دخول المخيم المكتظ والتعامل مع سكانه، وقد نشأ عدد كبير من الأطفال في بيئة مشبعة بالفكر المتشدد، مع انتشار مدارس سرية داخل الخيم تُدرس مناهج التنظيم”.

كما أشار المصدر إلى أن عدداً من النساء داخل المخيم متورطات بتشكيل خلايا شرعية لتنظيم “الحسبة” -الشرطة النسائية في تنظيم “داعش”-، حيث مارست بعضهن العنف ضد أخريات بدافع “الردة” أو “التعاون مع قسد”، وشملت الانتهاكات إحراق خيم بالكامل، وطعن نساء، وفرض قيود مشددة على تحركات الأخريات.

وأضاف المصدر أن “وحدات حماية المرأة، التي تتولى مسؤولية حراسة المخيم، كانت تتلقى دعماً مالياً سخياً من بريطانيا يُقدر بنحو 100 مليون دولار خلال السنة الأخيرة، كما تولت بريطانيا تمويل إنشاء سجن خاص بمعتقلي “داعش” في الحسكة، كذلك، قدّمت كل من فرنسا وبريطانيا مساعدات إنسانية محدودة لسكان المخيم”.

عقبات قانونية وتجارب محدودة

ولفت المصدر إلى أن “أكثر من 70% من الأطفال السوريين في المخيم غير مسجلين في سجلات الدولة، كثير منهم وُلدوا خلال فترة حكم داعش لآباء استخدموا أسماء مستعارة أو غير معروفة، وبعض الأطفال لا يعرفون هوية والدهم أو جنسيته”.

وذكر المصدر أن “قسد” اعتمدت سابقاً على نظام “الكفالة العشائرية”، الذي أتاح لبعض النساء والأطفال الخروج من المخيم بكفالة من عشائرهم، لكن هذه المبادرة كانت محدودة، ولم تترافق مع برامج تأهيل نفسي أو فكري، وكانت مقتصرة على مناطق سيطرة الإدارة الذاتية فقط، وبأعداد لا تتجاوز عشرات الأشخاص شهرياً، وفق المصدر.

وبالرغم من أن الاتفاق على إفراغ مخيم الهول يُعتبر خطوة جريئة، تفتح الباب أمام إنهاء واحدة من أعمق أزمات سوريا الإنسانية، وتتيح فرصة جديدة للأطفال والنساء للعودة إلى الحياة، إلا أنها، في المقابل، تكشف عن حجم التحدي الذي يواجه الدولة السورية في التعامل مع الإرث الأمني والاجتماعي لتنظيم “داعش”.

المدن

————————-

لماذا تعزز “قسد” وجودها في دير الزور؟/ بشير العباد

27/5/2025

دفعت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” خلال الأسابيع الماضية بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى ريف دير الزور الشرقي، وسط استنفار واسع على الأرض وتكثيف الوجود العسكري في القرى القريبة من نهر الفرات.

وترافقت هذه التحركات المتسارعة مع حملات مداهمة واعتقال وتصعيد أمني، في مشهد يعكس حجم التحديات التي تواجهها القوات في ظل متغيرات سياسية وميدانية متسارعة، من أبرزها الحديث عن الانسحاب الأميركي المرتقب، وتقارب دمشق وأنقرة، والضغط الدولي المتزايد لإعادة بسط الدولة السورية نفوذها على كامل الجغرافيا السورية.

مناطق الانتشار

توسّعت خريطة التحركات العسكرية لقوات قسد في ريف دير الزور خلال الأسابيع الماضية، حيث جرى إرسال تعزيزات إلى مناطق حساسة قرب حقول النفط وعلى ضفاف نهر الفرات، مدعومة بعربات مصفحة وراجمات ومضادات أرضية.

وأفاد خالد الراضي، أحد أبناء منطقة العزبة، في حديثه للجزيرة نت، بأن “قسد” عززت انتشارها في معامل حقل كونيكو، والجفرة، والعمر، ومنطقة الشعيطات وهجين، وهي مناطق حيوية تُستخدم كنقاط رئيسية، ومنها تنطلق العناصر نحو نقاط فرعية.

وأوضح أن العناصر القادمة ينحدر معظمهم من الساحل السوري ومناطق حمص والحسكة، وتم تزويدهم بأسلحة نوعية مثل الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة.

وأضاف الراضي أن “هناك دوريات يومية على طول مجرى النهر، وتُجرى مناورات عسكرية داخل الحقول الرئيسية التي كان فيها التحالف سابقا، كالعمر وكونيكو، والهدف من ذلك حسب المتوقع هو إيهام الناس بأن التحالف لا يزال حاضرا في المنطقة”.

وفي منطقة الشعيطات، أفاد صفوان عبد القادر للجزيرة نت بأن نقطة المجبل أصبحت مركز توزيع لوجيستيا تحت حراسة مشددة، في حين تم تحويل مبنى المستشفى إلى نقطة مراقبة عسكرية مرتفعة مزودة بكاميرات حرارية ومضادات أرضية”.

كما أكد أن نقطة الصنور جُهزت بتحصينات ترابية، وأصبحت بمثابة قاعدة أو غرفة عمليات مزودة بأكثر من 25 آلية عسكرية متنوعة بين سيارات “بيك أب” وشاصات مجهزة للقتال وهمرات.

وأضاف أن ساحة هجين تُعد ثاني أكبر معقل لقسد بعد حقل العمر، وهي مليئة بالعتاد والمصفحات، وتم استبدال حوالي 80% من عساكرها وقياداتها بعناصر جديدة، مستخدمة طرقا عسكرية خاصة بها، من حقل العمر لحقل التنك، ومنها إلى منطقة المجبل وما يُسمى ساحة هجين.

خلفيات التحرك

تُبرر “قسد” هذه التحركات بتصاعد التهديدات الأمنية، ووجود خطر من نشاطات مزعومة مثل تهريب السلاح أو المخدرات أو محاولات استهداف قواعدها، إلا أن السكان المحليين يعتبرونها غطاءً لحملات قمع واعتقالات لا تستند إلى أي أُسس قانونية.

وأفاد خالد الراضي للجزيرة نت بأن “كل قرية تقريبا فيها حاجز أو نقطة تفتيش، وتمت مداهمة قرى مثل جديد بقارة، حيث جرى اعتقال أكثر من 50 شخصا بتهم تتعلق بالتعاطي أو الإرهاب أو تهريب السلاح، رغم غياب الأدلة”.

وأشار إلى أن بعض المعتقلين تم إصدار بيانات بحقهم باعتبار أنهم مروجو مخدرات “رغم أنهم معروفون في القرى بأنهم لا يتعاطون أي مواد مخدرة”، حسب قوله.

وفي سياق مشابه، أضاف عبد القادر “كل من ترك العمل مع قسد بدون براءة ذمة، تتم مداهمته حتى لو كان قد ترك منذ فترة طويلة، لأن لديهم قاعدة بيانات كاملة بالأسماء”.

كما أكد أن “هناك اعتقالات في بلدة غرانيج وأبو حردوب، ويتم إطلاق سراح المعتقل مقابل مبلغ مالي يصل إلى 2000 دولار، مما يؤكد أن المسألة لا تتعلق بالأمن بقدر ما هي جباية أو ضغط”، حسب وصفه.

وتابع عبد القادر أن “التحركات تحمل طابعا عسكريا صارما، وتم رفع رواتب العناصر من 100 إلى 250 دولارا، والعناصر الجديدة أغلبيتهم من الساحل السوري وحمص والحسكة من خلال مشاهدتهم على الحواجز، مما يزيد التوتر بين السكان المحليين وهذه القوات”.

تبعات التغيرات

تعكس هذه التحركات استجابة مباشرة لمتغيرات سياسية وميدانية متسارعة، لا سيما بعد سقوط نظام بشار الأسد، واستلام الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع مقاليد الحكم.

كما تترافق مع بدء انسحاب أميركي تدريجي بعد فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئاسة، مما يضع “قسد” أمام تحديات مصيرية في مستقبل وجودها.

ويقول الخبير العسكري العقيد فايز الأسمر، للجزيرة نت، إن “قسد فوجئت بسقوط النظام وتشكيل حكومة جديدة، ما دفعها لإعادة حساباتها الأمنية والعسكرية، في ظل تقارب واضح بين دمشق وأنقرة، واحتمال عقد اتفاقيات أمنية بين الطرفين، إضافة للضغط الأميركي عليها لتخفيض سقف مطالبها والتفاهم مع الحكومة السورية”.

وأشار الأسمر إلى أن القوات بدأت بحفر شبكة أنفاق في مناطق عدة شرق الفرات، لربط الخطوط الخلفية بالمناطق المأهولة، وبدأت بإجراء تغييرات في بنية المجالس العسكرية في دير الزور والرقة لضمان ولائها، تحسبا لأي مواجهات محتملة مع الجيش السوري، المدعوم من تركيا.

وفي السياق نفسه، أكد القيادي في الجيش السوري الحر العقيد عمر الطراد، للجزيرة نت، أن “الجيش السوري اتخذ جملة من التدابير في إطار الجاهزية الدفاعية العالية، خاصة في محافظة دير الزور، شملت رفع التأهب، وزيادة التنسيق بين الوحدات العسكرية”.

وأضاف الطراد أن وفدا حكوميا زار أمس الأول مناطق تسيطر عليها قسد، وقام بجولات في المخيمات والسجون، وقال “نعتقد أن قسد تتبع الآن نهجين: الأول تفاوضي مع الحكومة، والثاني عسكري عبر الضغط والتهديد، لإيصال رسالة بأنها مستعدة للقتال في حال لم تحقق المفاوضات أي تقدم”.

المصدر : الجزيرة

——————————-

الحل الكردي في المعادلة الوطنية السورية/ فيصل يوسف

خلافات جوهرية وعميقة

27 مايو 2025

منذ اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، وبدء الحراك الشعبي المطالب بالحرية والكرامة، وجدت الحركة السياسية الكردية نفسها أمام استحقاقات وطنية وقومية كبيرة، فرضت عليها إعادة ترتيب أولوياتها وتطوير أدواتها السياسية لمواكبة هذه التحديات.

وقد دفعت هذه المتغيرات الأحزاب الكردية إلى تكثيف اللقاءات والمشاورات لتوحيد الصف وتشكيل موقف سياسي موحد يعكس تطلعات الشعب الكردي ضمن المشهد السوري المتغير. كما أثمرت هذه الجهود عن انعقاد المؤتمر الوطني الكردي الأول في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2011، وتأسيس “المجلس الوطني الكردي”، ليكون مظلة جامعة تمثل الشعب الكردي في سوريا، رغم غياب حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) عن هذا التأسيس الهام.

كان غياب “PYD” عن المؤتمر نقطة تحول بارزة ومحطة فارقة في المسار السياسي الكردي، إذ بادر الحزب إلى تشكيل كيان سياسي موازٍ هو “مجلس الشعب لغرب كردستان”، ما أدى إلى بروز تمثيلين سياسيين في الساحة الكردية السورية، وهو ما خلق تحديات كبيرة أمام توحيد الخطاب والموقف الكرديين.

ورغم مبادرات عديدة لتقريب وجهات النظر، أبرزها مبادرة الرئيس مسعود بارزاني عام 2012 التي نتج عنها اتفاقات هولير ودهوك، فإن الخلافات الجوهرية بقيت قائمة وعميقة، خاصة بشأن رؤية كل طرف لمستقبل سوريا، وشكل الإدارة في المناطق الكردية، والعلاقة مع النظام والمعارضة السورية على حد سواء، وهو ما أثر على فعالية العمل الكردي المشترك.

من جهته، حرص المجلس الوطني الكردي على الانخراط الفاعل في العملية السياسية العامة للمعارضة السورية، إيمانا منه بوحدة المصير السوري وبضرورة الحل الشامل. وشارك في مؤتمرات عديدة أبرزها مؤتمر القاهرة، وحصل على عضوية الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وشارك أيضا في مؤتمر الرياض عام 2015.

شكل هذا المؤتمر الأخير نقطة تحول إيجابية، حيث شهد الإقرار من قبل معظم قوى المعارضة السورية لأول مرة بأن القضية الكردية قضية وطنية تتطلب حلا عادلا ودستوريا ضمن إطار الدولة السورية الموحدة. وقد أكد المجلس دوما على حقوق الشعب الكردي المشروعة ضمن وثائق المعارضة، وتم تثبيتها في مذكرات اعتمدت رسميا في مؤتمرات جنيف والرياض، وتبنتها هيئة التفاوض السورية، ما عكس تقدما في الاعتراف بحقوق المكون الكردي. ورغم هذه الخطوات الإيجابية على صعيد العمل مع المعارضة، استمرت الخلافات مع “PYD”، خصوصا مع استمراره في فرض إدارة أحادية ومنع العمل السياسي للمجلس الوطني الكردي في مناطق نفوذه، ما أسهم في إجهاض محاولات التفاهم الكردي-الكردي مرارا وتكرارا، وأثر سلبا على قدرة الأكراد على تقديم جبهة موحدة.

وفي ظل تعقيدات المشهد السوري المتشابك، تبلورت قناعة لدى أطراف دولية وإقليمية بضرورة توحيد الموقف الكردي-السوري، انطلاقا من أن الشعب الكردي مكون رئيس لا يمكن تجاهله أو تهميشه في أي حل سياسي مستقبلي لسوريا. وقد تُوِّجت هذه الجهود بعد إسقاط النظام السوري السابق بتعاون مثمر أفضى إلى انعقاد كونفرانس “وحدة الصف والموقف الكردي” في 26 أبريل/نيسان 2025، بمبادرة بناءة من الرئيس مسعود بارزاني، وبالتنسيق مع الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، وبدعم من قوى التحالف الدولي التي تدرك أهمية الاستقرار في المنطقة. وقد تم في الكونفرانس إقرار وثيقة سياسية هامة حددت رؤية الحركة الكردية لمستقبل سوريا، مؤكدة على حقوقهم ومشاركتهم.

رغم هذا التطور الإيجابي، صدرت تصريحات من بعض الجهات السورية تربط الكونفرانس ومخرجاته بالاتفاقات التي جرت بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية “والتي تشكل خطوة مهمة لمعالجة مختلف القضايا في البلاد” واعتبرتها مناقضة له، في تجاهل متعمد لحقيقة أن القضية الكردية ليست طارئة أو وليدة اللحظة، بل هي قضية تاريخية راسخة منذ تأسيس الدولة السورية الحديثة.

إن المطالب الكردية طالما تمثلت بالسعي لحل عادل وشامل ضمن إطار وحدة البلاد، ورفع السياسات التمييزية الممنهجة التي تعرضوا لها لعقود. في هذا السياق، شكلت الوثيقة السياسية الصادرة عن الكونفرانس محطة وطنية سورية هامة ومتقدمة، حيث أكدت بوضوح أن الشعب الكردي جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وأن سوريا المستقبل يجب أن تكون ديمقراطية تعددية لا مركزية، تضمن حقوق جميع مكوناتها القومية والدينية، وعلى رأسها الشعب الكردي، من خلال الاعتراف الدستوري به وبوجوده كمكون أصيل في الدولة السورية وضمان مشاركته الفاعلة في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

كما أن الحركة السياسية الكردية بصدد تقديمها إلى الحكومة الانتقالية القادمة من خلال وفد كردي مشترك، بهدف المساهمة الفاعلة في بناء دولة دستورية حديثة تعكس التعدد القومي والثقافي والديني الغني لسوريا. إن الحركة السياسية الكردية تؤمن بأن مصلحة الشعب الكردي الحقيقية تكمن في شراكة وطنية فعلية وبناءة ضمن سوريا موحدة لا مركزية. وهناك مساعٍ حثيثة كي تبادر الحكومة الانتقالية لإعادة تفعيل المؤسسات الخدمية والتعليمية في المناطق الكردية، وربطها بوزارات الدولة المركزية، وقد شهدت المنطقة زيارة وفود لهذه الغاية، تمهيدا لحوار أوسع وأكثر جدية حول مستقبل الإدارة المحلية والمركزية.

مؤشرات إيجابية

ثمة مؤشرات إيجابية متزايدة لإيجاد حلول سياسية شاملة ومستدامة في سوريا بعد الانفتاح الدولي والإقليمي عليها ورفع العقوبات عنها، مما قد يفتح آفاقا جديدة للحوار والحل. كما يشكل معالجة القضية الكردية في تركيا بوسائل سلمية ديمقراطية، بعد دعوة السيد عبد الله أوجلان لاعتماد الخيار السلمي الديمقراطي لحل القضية الكردية هناك، وهي دعوة لاقت دعما من المجلس الوطني الكردي وأحزاب كردية أخرى في المنطقة. وفي هذا السياق، أعلن حزب “العمال الكردستاني” استعداده للتخلي عن السلاح والتحول نحو العمل السياسي السلمي، ما يعزز فرص الحل السلمي العادل والشامل في تركيا والمنطقة عموما، ويخلق بيئة أكثر استقرارا.

إن جوهر القضية الكردية في سوريا لا يقوم على الانفصال، بل على تحقيق العدالة الكاملة والمساواة ضمن إطار وطني جامع يعترف بوجود الكرد كشعب له هوية وحقوق ثقافية وسياسية مشروعة، ويسعى إلى شراكة حقيقية في بناء سوريا الجديدة التي تتسع للجميع. هذه الرؤية الجامعة هي ثمرة نضال طويل خاضته الحركة السياسية الكردية رغم ما واجهته من سياسات التهميش والقمع والإنكار التي استمرت لعقود، كالإحصاء الاستثنائي الجائر لعام 1962 الذي حرم الآلاف من جنسيتهم، وتطبيق الحزام العربي الذي استهدف تغيير ديموغرافيا المنطقة، ومنع اللغة الكردية والثقافة الكردية، ومنع تشكيل الأحزاب السياسية الكردية، واعتقال النشطاء السياسيين والمثقفين.

ورغم كل هذه التحديات والانتهاكات، تمسكت الحركة الكردية بالحل السلمي والديمقراطي، ورفضت العنف والانغلاق، وطرحت مبادرات للحوار البناء مع باقي المكونات السورية، انطلاقا من إيمانها الراسخ بأن الحل الحقيقي والمستدام يكمن في عقد اجتماعي جديد شامل، يقوم على مبادئ المواطنة المتساوية، والتعددية الثقافية والسياسية، ونظام اللامركزية الموسعة. وترى الحركة الكردية أن الشكل الأمثل لسوريا المستقبل هو النظام الديمقراطي اللامركزي الذي يوزع الصلاحيات والمسؤوليات بشكل عادل، ويمنح المجتمعات المحلية القدرة على إدارة شؤونها وشؤون مناطقها، بما يعزز وحدة الدولة وسيادتها، ويضمن مشاركة كافة مكوناتها في القرار والتنمية المستدامة.

المطلوب اليوم هو الاعتراف الصريح والكامل بوجود الشعب الكردي كمكون وطني رئيس وأصيل في نسيج سوريا، وضمان تمثيله العادل في كافة الهيئات والمؤسسات، وفتح حوار وطني شامل ومفتوح يقوم على احترام الخصوصيات الثقافية والقومية، وتحقيق العدالة الانتقالية لجبر الضرر، وتحقيق انتقال سياسي شامل يضمن مستقبلا أفضل للجميع. سوريا التي نطمح إليها هي سوريا موحدة أرضا وشعبا، بنظام ديمقراطي لا مركزي يضمن الكرامة والحرية والمساواة لكل مواطنيها دون تمييز، ويحترم التعدد القومي والديني الذي لطالما كان جزءا من غنى سوريا. والشعب الكردي، من موقعه الوطني والأصيل، مستعد للقيام بدوره الكامل في هذا المسار البناء من أجل مستقبل مشترك أفضل ومزدهر لسوريا والمنطقة بأسرها.

فيصل يوسف

المنسق العام لحركة الإصلاح الكردية – سوريا. والناطق باسم المجلس الوطني الكردي

المجلة

—————————-

انتهاء مهلة الانضمام إلى الجيش السوري: ما مصير المجموعات المتخلّفة؟/ محمد أمين

28 مايو 2025

انتهت أمس الثلاثاء المهلة التي حددتها وزارة الدفاع السورية لمجموعات عسكرية للانضمام إلى الجيش السوري، ما يفتح الباب أمام “إجراءات حاسمة” توعّدت الوزارة باللجوء إليها كيلا يبقى أي سلاح في البلاد خارج سيطرتها. وأكد وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، في حديث لقناة الإخبارية السورية بُث الاثنين الماضي، على مهلة عشرة أيام حددتها الوزارة في السابع عشر من الشهر الحالي لـ”المجموعات العسكرية الصغيرة” للالتحاق بركب الفصائل والمجموعات التي انضوت في الجيش السوري. وكان أبو قصرة قد حذر من “أي تأخير في هذا الصدد سيستلزم اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المعمول بها”، في إشارة إلى أن الوزارة لن تتساهل مع أي سلاح خارج سيطرتها. وبيّن أبو قصرة أن المهلة، التي من المفترض أنها انتهت أمس الثلاثاء، لا تشمل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) كونها وقّعت اتفاق مبادئ مع الرئيس السوري أحمد الشرع في مارس/آذار الماضي من أجل دمجها في المؤسسة العسكرية السورية خلال مدة زمنية أقصاها نهاية العام الحالي. وبيّن أن بعض التجمعات الصغيرة بدأت بالفعل بمراجعة الوزارة لإلحاقها في بنية الجيش التنظيمية، مشدداً على أن الوزارة لن تسمح بوجود أي جهة خارج سلطة الوزارة. وأوضح أن نحو 130 فصيلاً عسكرياً دخلوا ضمن الهيكلية التنظيمية للوزارة، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على صيانة وإعادة تأهيل المؤسسات التعليمية العسكرية وتعديل مناهجها، وإعادة دمج الضباط المنشقين “وفق رؤية جديدة تقوم على الإنصاف والاحترافية”.

وكان مدير العلاقات الإعلامية في وزارة الدفاع عدي العبد الله أوضح في تصريحات صحافية نُشرت قبل أيام أن أبرز الفصائل التي شملتها عمليات الدمج في الجيش السوري: هيئة تحرير الشام، وأحرار الشام، وجيش الإسلام، وصقور الشام، وفيلق الشام، والجبهة الشامية، وفرقة السلطان مراد، وأحرار الشرقية، وفرقة الحمزة، وفرقة سليمان شاه، وفصائل الجيش الوطني الأخرى، والجبهة الوطنية للتحرير التي كانت تضم فصائل في شمال غربي سورية، وفصائل حوران (درعا).

الشرع وباراك في إسطنبول، 24 مايو 2025 (الأناضول)

الفصائل الكبرى في الجيش السوري

ودخلت هذه الفصائل وزارة الدفاع بشكل إفرادي لا كتلا عسكرية كاملة، كي يصبح ولاء العناصر للجيش وليس للفصيل أو للمجموعة التي ينتسب لها. وشكلت الوزارة عدة فرق عسكرية في مختلف المناطق السورية قوامها الفصائل التي “استشعرت أهمية المرحلة ومتطلباتها”، وفق أبو قصرة. واحتاجت وزارة الدفاع السورية عدة أشهر لحل عقدة فصيل “اللواء الثامن” الذي كان يقوده أحمد العودة في ريف درعا الشرقي، والذي وافق أخيراً على تسليم سلاح فصيله والاندماج في هيكلية وزارة الدفاع. ولم تستطع الوزارة إقناع كل الفصائل والمجموعات في محافظة السويداء إذ ما تزال بعض الفصائل ترفض الاندماج في الجيش السوري لـ”انعدام الثقة” لديها في الإدارة السورية ككل.

وأوضحت مصادر مطلعة لـ”العربي الجديد” أن وزارة الدفاع اتفقت مع أكبر الفصائل في السويداء على دخولها في قوام الجيش، وأبرزها: حركة رجال الكرامة التي يقودها الشيخ يحيى الحجار، لواء الجبل الذي يقوده شكيب عزام، تجمع أحرار جبل العرب بقيادة سليمان عبد الباقي، ومضافة الكرامة التي يقودها الشيخ ليث البلعوس. وأشارت إلى انه “أُرسلت قوائم المنتسبين إلى وزارة الدفاع في دمشق”، مضيفة: لا معلومات لدينا عن عدد العناصر التي وافقت عليه الوزارة. كما أوضحت المصادر أن “أغلب الشباب في العشائر البدوية في محافظة السويداء انضووا في وزارة الدفاع إما عن طريق الشيخ البلعوس أو عن طريق درعا، أو دمشق”.

في المقابل، هناك فصائل لا تزال خارج الاتفاق مع الوزارة منها تلك المرتبطة بالشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية، ستندرج ضمن ما سمّي بـ”الحرس الوطني” وهو تشكيل قيد التأسيس خارج مظلة وزارة الدفاع، بحسب المصادر. وبيّنت المصادر أن فصائل منضوية في “المجلس العسكري” في السويداء لا تزال هي الأخرى خارج هيكلية الوزارة، موضحة أن هناك مجموعات تابعة لعائلات كبيرة في المحافظة مثل “مجموعة بيت عامر”، و”مجموعة بيت الحلبي”، لكن لا تأثير عسكرياً لها على الأرض.

وأوضح الباحث السياسي وائل علوان، في حديث مع “العربي الجديد”، أن أغلب الفصائل المسلحة السورية “باتت ضمن وزارة الدفاع”، مشيراً إلى أن المجموعات التي طلب منها أبو قصرة سرعة الاندماج في الجيش السوري “هي صغيرة موجودة في محافظات جنوب سورية (درعا، السويداء، القنيطرة)، وأخرى موجودة في البادية لم تنخرط بعد في الوزارة”. وتابع: “استراتيجية وزارة الدفاع تقوم على ألا سلاح خارج الدولة، فهي التي تحتكره وهي الجهة الوحيدة التي تستخدم العنف ضمن القوانين. أعتقد بعد انقضاء المهلة سنشهد مرحلة أشد في التعامل مع المجموعات والسلاح خارج إطار الدولة”.

معضلة “قسد”

إلى ذلك، لا تزال “قسد”، سلطة الأمر الواقع في شمال شرقي سورية خارج هيكلية وزارة الدفاع السورية، فالتفاوض معها لا يزال قائماً على أساس اتفاق مبادئ وقّعه في مارس الماضي الشرع مع قائد هذه القوات مظلوم عبدي، من أجل دمجها في المؤسسة العسكرية السورية خلال مدة زمنية أقصاها نهاية العام الحالي. ولكن من المتوقع أن يواجه تطبيق هذا الاتفاق معوّقات عديدة، لا سيما أن هذه القوات تطالب بدخول الجيش كتلةً واحدة وأن تبقى في أماكن سيطرتها في شمال شرقي سورية وهو ما ترفضه وزارة الدفاع.

وبيّن المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، في حديث مع “العربي الجديد”، أن المجموعات التي منحتها وزارة الدفاع مهلة للانخراط في المؤسسة العسكرية تشمل مجموعات تتبع بشكل أو بآخر لـ”قسد”، وهناك مجموعات في الجنوب السوري تعمل في تجارة المخدرات والسلاح. وأشار إلى أنه سيتم التعامل مع هذه المجموعات “بشكل قتالي”، خصوصاً تلك المرتبطة مع “قسد”، بعد الانتهاء من تطبيق الاتفاق مع الأخيرة التي أبدت موافقة على الاندماج في الجيش السوري.

من جهته، رأى الخبير العسكري ضياء قدور، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “إدارة التنوع الفصائلي في سورية يتطلب خطة وطنية جامعة ومنهجية”، معرباً عن اعتقاده أن الخبرات التي تمتلكها هذه الفصائل “ستكون ميزة إيجابية في الجيش السوري الجديد”. وأشار إلى أن المسار مع “قسد” ذات الصبغة الكردية “يسير ببطء”، معرباً عن اعتقاده أن الانفتاح الأميركي على الإدارة السورية “كفيل بسحب كل الذرائع من يد هذه القوات، ما يمهّد الطريق أمام استعادة الدولة السورية على شمال شرقي سورية”. واستبعد قدور لجوء وزارة الدفاع السورية إلى القوة في التعامل مع المجموعات في محافظة السويداء والتي لم تنضوٍ في الجيش، مضيفاً: الحفاظ على الأمن الداخلي والسلم الأهلي في سورية أولوية لدى الحكومة.

—————————————–

=====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى