لقاء الشرع ترامب ورفع العقوبات الأمريكية عن سوريا تحديث 01 حزيران 2025

لمتابعة هذا الملف اتبع الرابط التالي
————————————
رفع العقوبات يفتح الباب للاستثمار في سوريا والفوضى الأمنية تهدد بإغلاقه/ باسل المحمد
2025.06.01
بعد سنوات طويلة من الحصار الاقتصادي والعقوبات الغربية، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل متزامن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة وُصفت بأنها “تاريخية” وتستجيب للتحولات السياسية التي تشهدها سوريا بعد سقوط النظام السابق.
وبينما رحّب السوريون بهذه الخطوة باعتبارها بوابة لانفراج اقتصادي طال انتظاره، وبداية حقيقية لإعمار سوريا بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار، برزت في الأوساط السياسية والاقتصادية تساؤلات حول قدرة هذه الخطوة وحدها على دفع عجلة النهوض. إذ تُظهر المؤشرات الأولية أن رفع العقوبات ـ على أهميته ـ لن يكون كافيًا ما لم تُعالَج التحديات العميقة التي تُثقل كاهل سوريا الجديدة، وفي مقدّمتها الفساد البنيوي، وتآكل مؤسسات الدولة، وغياب الأمن المستدام، وتراكم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية التي خلّفتها حرب استمرت أربعة عشر عامًا.
في هذا التقرير نستعرض أبرز هذه التحديات، ونناقش لماذا لا يمكن لرفع العقوبات وحده أن يكون كافيًا للنهوض بسوريا الجديدة، ما لم يترافق مع إصلاحات حقيقية على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
الانفتاح السياسي شرط للنهوض
رغم أن رفع العقوبات الاقتصادية الغربية عن سوريا يشكّل خطوة إيجابية نحو تخفيف الأعباء المعيشية وفتح الطريق أمام الاستثمارات والمساعدات الدولية، إلا أن النهوض الفعلي بسوريا الجديدة يتطلب ما هو أبعد من الاقتصاد، إذ كشفت تجارب العديد من الدول التي شهدت ظروف مماثلة للحالة السورية أن غياب التشاركية السياسية الحقيقية سيشكل عائقاً أمام أي عملية إعادة إعمار شاملة أو بناء مؤسساتي مستقر.
وفي هذا السياق يرى مراقبون أن العقوبات وعلى الرغم مما تسببت به من أعباء على المواطنين لم تكن هي العامل العائق الوحيد أمام التنمية والبناء، بل إن انسداد الأفق السياسي واحتكار القرار وتهميش طيف واسع من السوريين عن المساهمة في صياغة مستقبل بلادهم هو ما كبّل البلاد لعقود، وأدى إلى ما وصلت إليه من دمار.
في هذا السياق يوضح الباحث السياسي نادر الخليل أنه لا يمكن أن يُنظر إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا الجديدة كحل سحري أو كافٍ للنهوض بالبلاد بمفرده، فهو يضيف خطوة مهمة وضرورية، لكنه جزء من منظومة أوسع يجب أن تتكامل فيها أبعاد الإصلاح السياسي وإعادة بناء المؤسسات، واستعادة وفرض سلطة القانون.
ويتجلى هذا الإصلاح السياسي بحسب حديث الخليل لموقع تلفزيون سوريا في فتح المجال العام لكل القوى والتيارات والمكونات دون تهميش، وإعادة انتاج عقد اجتماعي جديد قائم على المواطنة المتساوية.
وتأكيد على أهمية هذا المحور، وضعته الإدارة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي ضمن الشروط التي طالبت دمشق بتنفيذها مقابل رفع العقوبات، إذ أكد الطرفان أن رفع العقوبات مشروط بخطوات إصلاحية واضحة، أبرزها تحقيق مشاركة سياسية حقيقية، وإطلاق عملية انتقال سياسي تتسم بالشفافية، وتضمن مشاركة السوريين بكل طوائفهم ومكوناتهم.
وبعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفعه للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا خلال زيارته السعودية، اعتمد الاتحاد الأوروبي رسميا في 28 أيار الماضي رفع العقوبات عن سوريا، وجاء ذلك على لسان منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، التي أكدت أن هذا القرار “هو ببساطة الشيء الصحيح الذي ينبغي للاتحاد الأوروبي القيام به في هذا الوقت التاريخي لدعم تعافي سوريا بشكل حقيقي وانتقال سياسي يلبي تطلعات جميع السوريين”.
الأمن أساس الاستثمار في سوريا
يشكل غياب الاستقرار الأمني العائق الأكبر أمام أي نهوض اقتصادي فعلي، فالبيئة الاستثمارية ـبحسب خبراء الاقتصادـ لا تقاس فقط بمرونة القوانين وحجم الإعفاءات، بل بمدى شعور المستثمر بالأمان والثقة بأن أمواله ومشاريعه لن تكون عرضة للمخاطر الأمنية، أو ابتزاز الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون.
وفي تقريره لعام 2024 حول مناخ الاستثمار في الدول الخارجة من النزاع، يؤكد البنك الدولي أن “تحقيق الاستقرار الأمني يُعد الشرط الأول لجذب الاستثمارات في الدول الخارجة من نزاع، متقدماً على السياسات الضريبية أو التسهيلات الإدارية”.
من جانبه نوه المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن في إحاطة لمجلس الأمن “أنه لا يمكن الحديث عن تعافي اقتصادي في سوريا دون معالجة التحديات الأمنية، وعلى رأسها انتشار السلاح وتعدد مراكز السيطرة”.
من جهته يرى الناشط الحقوق زيد العظم أن رفع العقوبات وضع سوريا على السكة الصحيحة، لكن التحدي الحقيقي اليوم أمام الحكومة السورية هو في خلق بيئة آمنة وجاذبة للاستثمار، فلا يمكن لأي مشروع اقتصادي أن ينهض في ظل الفوضى الأمنية، وانتشار المظاهر المسلحة.
ويضيف العظم في حديثه لموقع تلفزيون سوريا “على الدولة الجديدة أن تعي أن الاستقرار لا يتحقق بالخطاب السياسي، بل بإجراءات عملية تبدأ بتوحيد القرار الأمني، وبناء أجهزة شرطية وأمنية قوية واحترافية، لأن هذه المؤسسات هي الوحيدة القادرة على طمأنة المستثمرين وتشجيع رؤوس الأموال على ضخ المليارات في مشاريع إعادة الإعمار والتنمية”.
وفي إطار سعيها لضبط الأمن والاستقرار أعلنت وزارة الداخلية في 24 أيار الماضي عن إعادة هيكلة تنظيمية شاملة تهدف لتأمين سوريا على المستوى الداخلي والحدودي، واستحداث إدارات جديدة لضبط الأمن.
وفي سياق متصل كشف المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا عن نية الوزارة إصدار قوانين بالتنسيق مع وزارة الدفاع، بهدف التصدي لظاهرة انتشار السلاح العشوائي داخل البلاد، مضيفاً أن الوزارة تنفذ يومياً حملات في مختلف المحافظات لإلقاء القبض على المطلوبين الذين ما زالوا يشكلون تهديداً للأمن العام.
مكافحة الفساد وبناء مؤسسات وطنية
ساهمت سنوات الحرب السورية، والعقوبات الاقتصادية التي طالت كل قطاعات الدولة، بتآكل المؤسسات الحكومة، وانتشار الفساد والمحسوبيات على مستويات عالية جداً، طالت رأس النظام وحتى أصغر موظف في الدولة، لتتبوّء سوريا المرتبة الثالثة عالميا في الفساد بحسب مؤشر مدركات الفساد الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية لعام 2024.
وتكشف العديد من التجارب السابقة لعمليات إعادة الإعمار بعد الحرب في مختلف بقاع العالم بأن الشفافية والتمثيل الجامع في اتخاذ القرارات الحكومية هو الحل الأفضل للفساد والركود الاقتصادي وغيرهما من الأمراض التي تصيب البلاد خلال مرحلة التعافي.
وفي هذا السياق تشير مجلة فورين أفيرز في تقرير عن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا إلى أن عمليات إعادة الإعمار في لبنان والعراق مثلا شكلت فرصة ذهبية لقلة من السياسيين وتجار الحرب للثراء، بينما غرق عامة السكان في أزمات اقتصادية وخدمات متهالكة، وقد أدى الفساد المستشري، والتدخل الخارجي، وهيمنة جماعات لا تمثل الدولة، إلى فشل الحكومات في بناء اقتصادات مستدامة أو مؤسسات قادرة على ضبط المرحلة الانتقالية.
وتحذر أفيرز بتقريرها الصادر في 27 أيار أن هذا الواقع ترك فراغاً أمنياً واقتصادياً، تسابقت على ملئه قوى طائفية وغير رسمية، كما فشلت مشاريع البنية التحتية في أن تكون رافعةً للتنمية، بل تحولت إلى أدوات للربح الشخصي والنفوذ.
بدوره يؤكد الخبير الاقتصادي د. فراس شعبو أن رفع العقوبات شكّل فرصة مهمة لسوريا، لكنها لن تُترجم إلى تعافٍ حقيقي ما لم تُرافق بإصلاحات جذرية في بنية الدولة، فحسب قوله، تحتاج البلاد اليوم إلى “تنظيمات وتشريعات حديثة، وإعادة هيكلة اقتصادية سليمة، تعيد الثقة بمؤسسات الدولة، وتضمن أداءً شفافاً بعيداً عن الفساد والمحسوبيات”.
ويشير شعبو في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أن إعادة دمج بعض المؤسسات العامة، وخصخصة القطاعات غير المنتجة، وتمكين القطاع الخاص، كلها خطوات لا بد منها في ظل ضعف الموارد وتردي الخدمات، فالدولة، كما يوضح، “لا تستطيع القيام بكل شيء بمفردها، بسبب حجم الدمار الهائل، وانهيار البنى التحتية في الصحة والتعليم والخدمات”.
ويختتم شعبو بالقول: “إذا تمكّنا من معالجة التحديات الاقتصادية والأمنية، فقد نكون قد قطعنا 70% من طريق الحل، فالنهوض الاقتصادي يفتح الباب تلقائياً أمام حلول سياسية ومجتمعية أكثر استقراراً”.
وتشير التحركات الحكومية إلى توجه مختلف نحو فتح صفحة جديدة بخصوص إصلاح القوانين والأنظمة الخاصة بالاستثمار، فقد أعلن وزير الاقتصاد والصناعة، الدكتور محمد الشعار، خلال قمة الإعلام العربي بدبي في 28 أيار، عن طرح فرص استثمارية واسعة وغير مسبوقة أمام المستثمرين المحليين والدوليين. ولفت إلى أن سوريا تسعى لتجاوز النموذج التقليدي لإعادة الإعمار، عبر إنشاء أربع مدن صناعية جديدة في مناطق غنية بالموارد الخام، وإصدار قانون جديد للاستثمار خلال أسابيع، بعد إلغاء القيود السابقة التي فرضها النظام البائد.
وكان وزير المالية محمد يسر برنية أكد في مقابلة مع تلفزيون سوريا أن الحكومة تعمل على خطة إصلاح شاملة تشمل تطوير الإدارة المالية العامة، وتعزيز استقلالية المصرف المركزي، والإصلاح الضريبي والجمركي، وبناء منظومة نزاهة مالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب تطوير الخدمات الرقمية المالية والمصرفية.
—————————-
الشرع في مرمى التكفير/ محمد أبو رمان
01 يونيو 2025
للمرّة الأولى، يعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قبل أيامٍ، مسؤوليته عن عملية “عبوة ناسفة” ضدّ القوات السورية في النظام السياسي الجديد، بعد سقوط نظام بشّار الأسد (وتولي زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع، أبو محمّد الجولاني سابقاً، رئاسة البلاد)، في استنساخ لنموذج شبيه من الصراع بين حركة طالبان وتنظيم داعش (ولاية خراسان) هناك، الذي تحوّل إلى العدو الأول للنظام الجديد في أفغانستان.
حجم الخصومة والعداء بين تنظيمَي هيئة تحرير الشام وداعش كبيرٌ لا يقف عند تخوم الجانب الفكري أو الأيديولوجي، بل يصل إلى التكفير والرمي بالعمالة والتخوين. وقد دخل كلاهما صراعاً دموياً كبيراً، في العام 2013 عندما رفضت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام لاحقاً) الاعتراف بالتبعية للخلافة التي أعلنها حينذاك أبو بكر البغدادي، ما أدّى إلى خلاف شديد لاحقاً بينهما، اضطر معه أبو محمّد الجولاني إلى الاعتراف بالعلاقة مع “القاعدة”، بالرغم من أنّه لم يكن يعلن ذلك سابقاً، قبل أن يعلن الجولاني نفسه الانشقاق والانفصال عن تنظيم القاعدة في 2016، وفي وقتٍ لاحق يعلن تنظيم حراس الدين القريب من “القاعدة” انشقاقه عن تنظيم هيئة تحرير الشام في إدلب، احتجاجاً على التحولات والتغيرات الكبيرة التي مرّ بها التنظيم، خاصّة انفصاله عن القاعدة.
يمكن أن يضاف إلى “داعش” و”القاعدة” تحدّيان آخران؛ الأول من حلفاء الهيئة من الفصائل الإسلامية الأخرى، التي بالرغم من أنّها قريبة من تركيا، ولن تأخذ موقفاً يعارض تركيا في سورية، إلاّ أنّه لا توجد قراءة دقيقة فيما إذا كان أفراد هذه الفصائل مُهيّئين للتحولات السياسية والفكرية التي تحدُث في سورية. ويتمثّل التحدّي الثاني بمصير آلاف المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا إلى جوار الهيئة، ووقفوا وقوفاً صلباً معها في مراحل ومنعرجات صعبة وقاسية، خاصّة أنّ هنالك موقفاً غربياً، وخاصّة أميركياً، حاسماً بربط الانفتاح والتطبيع ومستقبل سورية بإخراج هؤلاء تماماً من النظام السوري، وهو الشرط الذي ما يزال الشرع يحاول ممانعته، بالرغم من مرونته الشديدة في ملفاتٍ كثيرة، وينقل عنه دبلوماسيون عرب قوله إنه لا يستطيع التضحية بهم بعد كل ما قدّموه للثورة السورية، ولكن إلى أين ستسير الأمور ليس واضحاً بعد.
وبالرغم من أنّ الشرع قد أدار ظهره كليّاً لتلك المرحلة الجهادية، ويحاول صوغ مسار جديد، إلاّ أنّه أمام “بيئة خصبة” معادية لهذه التحوّلات في أوساط جهادية، وسيعمل كثيرون على استثمار تلك التحوّلات لإظهاره بصورة الذي تخلّى عن أفكاره وعن المجموعات التي ساهمت في وصوله إلى السلطة. ويكفي قراءة بعض المقالات والخطابات من أوساط “داعش” و”القاعدة”، لنرى حجم الحرب الكبيرة عليه، إذ خصّصت مجلة النبأ، الناطقة باسم تنظيم داعش، مقالات وتحليلات عديدة (في الأعداد الصادرة أخيراً) للهجوم على الشرع واتهامه بالردّة، وقد جاءت افتتاحية العدد قبل الأخير بعنوان “على عتبة ترامب”، وشنّت هجوماً أيديولوجياً عنيفاً على الشرع، بينما احتوى العدد الأخير على افتتاحية بعنوان “يا جنودَ الله هُبّوا”، وفيه تحريض على عملياتٍ في موسم الحج، في كل من مكّة والقدس ودمشق.
وإذا كانت الفتوى المنسوبة لأبي محمد المقدسي بتكفير الشرع غير مؤكدة بعد من مصادر موثوقة ولا حساباته الحركية على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّها ليست بعيدة البتة عن الموقف الحقيقي للمقدسيّ، الذي يرى أنّ هيئة تحرير الشام أخذت مساراً خارج سياق السلفية الجهادية تماماً، وحتى المنظومة الإسلامية، لكن الفرق أنّ الفتوى الجديدة (إن صحّت) فهي أقرب إلى تكفير علني واضح وصريح.
في الخلاصة، هنالك صراع أيديولوجي وفكري ضخم يواجه هيئة تحرير الشام على أكثر من صعيد، وهو صراع ليس في طور التراجع والهدوء، بل التصعيد، كلما مرّ الوقت وبنى النظام الجديد المؤسّسات والعلاقات الجديدة. وربما تشهد المرحلة المقبلة استقطاب أعداد من التنظيمات والجماعات المسلّحة السابقة وتأليبها ضد النظام الجديد، خاصة أنّ الشرع بين فكّي الكماشة؛ أصدقاء الأمس- أعداءُ اليوم، أصدقاء اليوم – أعداء الأمس، الأميركيون والإسرائيليون من جهة، والجهاديون العالميون وبعض المحليين من جهةٍ أخرى، والشروط الدولية والإقليمية القاسية التي وضعت لإعادة قبول سورية ورفع العقوبات واستدخالها ضمن المنظومات الإقليمية والدولية، وذلك هو المفتاح الوحيد المتاح لتحسين الاقتصاد وحياة الناس والخروج من أخطار عديدة في هذا السياق.
العربي الجديد
—————————–
رفعُ العقوبات عن دمشق.. ابتداء حلّ للاجئين في لبنان/ بتول يزبك
السبت 2025/05/31
خرج إعلان واشنطن رفع العقوبات الأساسيّة عن دمشق من رحم إعادة هندسةٍ إقليميّةٍ آخذةٍ في التشكّل؛ خطوةٌ واكبها الاتّحاد الأوروبيّ بمسارٍ موازٍ لتليين قبضته الماليّة والتجاريّة، لتبدو سوريا فجأةً على أعتاب “تعويمٍ” دوليّ يفتح لها، ولو جزئيًّا، صنابير التمويل والاستثمار، ويلوّح بعودةٍ تدريجيّةٍ للاجئين المنتشرين في شتات العالم. لكنّ تحت قوس السّياسة العريضة يتربّع ملفٌّ ملتهبٌ: لبنان، المثقل بنحو مليونٍ وسبعمئة ألف لاجئٍ سوريٍّ منذ عام 2012، يقف اليوم على مفترقٍ مصيريٍّ بين فرصةٍ لاستعادة بعض أنفاسه وخطر تثبيت واقعٍ مأزومٍ طويل الأمد.
فإذا ما تحوّل الانفراج الاقتصاديّ المحتمل داخل سوريا إلى حقيقةٍ ملموسة، فقد تتشقّق جدران اللجوء مفسحةً لعودةٍ طوعيّةٍ مدروسةٍ تعيد توزيع اليد العاملة وتخفّف الضغط عن بنيةٍ خدماتيّةٍ لبنانيّةٍ منهارة. غير أنّ هذا السيناريو يحتاج أكثر من مجرّد تفاؤل؛ فهو يتطلّب صفقة حوافز ثلاثيّة الأضلاع، لبنانيّة- سوريّة- أمميّة، تربط العودة بمشاريع إعادة الإعمار في مناطق المنشأ، وتمنح العائدين ضماناتٍ أمنيّةً وخدماتيّةً تقيهم شرّ دورة نزوحٍ جديدة. لذا، يجد لبنان نفسه فجأةً على مفترقٍ تاريخيّ: فهل يغتنم اللحظة لنسج مقاربةٍ إنسانيّةٍ وسياديّةٍ متوازنةٍ لملفّ اللجوء، أم يهدر الفرصة تحت وطأة الشعبويّة والعنصريّة والمزايدات الداخليّة؟
بعد اللجوء: بين مطرقة الانهيار وسندان الكراهية
يشكّل الوجود السوريّ في لبنان -رقميًّا- أكبر “تجمّع لاجئين” قياسًا بعدد السكان في العالم؛ فمن أصل أربعة ملايين مقيمٍ لبنانيّ، يشكّل اللاجئون ما يزيد على ثلث المجتمع. منذ عام 2012 استقبل لبنان قرابة 1.7 مليون لاجئٍ سوريّ، ومع تفاقم الانهيار الماليّ بعد عام 2019 أصبح اللاجئون كبش فداءٍ جاهزًا في ميدان السياسة الداخليّة: قرارات بلديّاتٍ بحظر التجوّل الليلي، هدم خيامٍ، توقيفاتٌ عشوائيّةٌ عند الحواجز، واقتراحاتٌ رسميّةٌ بإعادةٍ جماعيّةٍ تتجاوز التزامات لبنان بموجب الاتفاقيّات الدوليّة و”مذكّرة التفاهم” غير المنشورة مع المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، متجاهلةً حقيقة أنّ الأزمة البنيويّة للبلد الصغير سبقت اللجوء بزمنٍ طويل: دينٌ عامٌّ فاق مئة مليار دولار، منظومة خدماتٍ هشّة، واقتصادٌ ريعيٌّ قائمٌ على تحويلاتٍ آخذةٍ في التآكل. ومع ذلك، استغلّ قطاعٌ واسعٌ من الطبقة السياسيّة خطاب “الإغراق الديموغرافيّ” لتحويل الأنظار عن فسادٍ عمره عقود.
غير أنّ رفع العقوبات يفتح نافذةً نظريّةً لعودةٍ منظّمة، شرط توافر ثلاثة عناصر متزامنة:
– إنعاشٌ اقتصاديٌّ سوريٌّ حقيقيّ يخلق فرصًا في مناطق المنشأ.
– برنامج حوافز ثنائيّ-أمميّ يربط العودة بمشاريع إعادة الإعمار ويوفّر ضماناتٍ أمنيّةً وخدماتيّة.
– سياسةٌ لبنانيّةٌ حقوقيّة تجرّد ملفّ اللجوء من المزايدات وتحظر الإعادة القسريّة.
حدود الحماية: القانون في مواجهة الديموغرافيا
حتّى الآن، يحظى خطاب “التخلّص من اللاجئين” الشعبويّ -على الرغم من أنّ شطرًا لا يستهان به منهم عاد إلى سوريا فعلًا- والمشحون بمشاعر عنصريّةٍ وتمييزيّة، بقبولٍ واسعٍ ومتزايدٍ في أوساط اللبنانيّين. وللأسف، يتقاطع هذا الجنوح المحلّي مع صعود اليمين الشعبويّ المعادي للمهاجرين في أوروبا وأميركا، الذي بات يجد له مسوّغًا في سقوط النظام ورفع العقوبات.
يتقاطع المساران الأمنيّ والحقوقيّ عند نقطةٍ بالغة الحساسيّة: مبدأ عدم الإعادة القسريّة (Non-Refoulement). ورغم أنّ لبنان ليس طرفًا في اتفاقيّة عام 1951، فإنّ العرف الدوليّ الملزِم يحظر طرد أيّ شخصٍ إلى بلدٍ يتعرّض فيه لخطر الاضطهاد أو التصفية. غير أنّ الخطاب الشعبويّ يسعى إلى “تسييل” هذا المبدأ، أي تحويله من قاعدةٍ مطلقةٍ إلى استثناءٍ قابلٍ للتأويل: إذا باتت سوريا بعد سقوط نظام الأسد ورفع العقوبات، آمنة، فلم لا يعتبر اللاجئ “قادرًا” على العودة؟
هنا يحذّر خبراء القانون الدوليّ من “فخّ المصطلحات”؛ فالمعيار الحاسم ليس مجرّد غياب القصف، بل توفّر منظومة عدالةٍ شفّافة، وعقدٍ اجتماعيٍّ يضمن الأمن الشخصيّ وحقوق الملكيّة، ونظام رصدٍ مستقل لانتهاكات ما بعد العودة.
نافذة عودةٍ أم مجرّد سراب؟
منذ لحظة رفع العقوبات، عادت عبارة “التعويم الدوليّ” تتردّد على ألسنة المستثمرين: في دمشق، يصوّر الأمر كإعلان نهايةٍ رسميّةٍ للعزلة، وفي بيروت، يسوّق على أنّه “بوليصة تأمين” تسمح للحكومة بطرح خطّةٍ تنظيميّةٍ لعودة جزءٍ من اللاجئين. لكنّ المتلقّي الأوّل لهذا الخطاب هي المفوّضيّة السامية للأمم المتّحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، التي تجد نفسها مضطرّةً إلى المواءمة بين طموحات العواصم ووقائع الميدان.
في حديثٍ إلى “المدن”، تشير الناطقة الرسميّة باسم المفوّضيّة في لبنان ليزا أبو خالد إلى أنّه “بينما يستمرّ الوضع في سوريا في تطوّرٍ سريع، ترى المفوّضيّة أنّ السياق الحاليّ يمثّل فرصةً إيجابيّةً لعددٍ أكبر من اللاجئين السوريّين للعودة إلى ديارهم، أو على الأقلّ لبدء التفكير في العودة بطريقةٍ واقعيّةٍ ومستدامة”.
وتضيف: “لا يزال الأفق الإنسانيّ في سوريا يواجه تحدّياتٍ كبيرة؛ فهناك ملايين الأشخاص بحاجةٍ ماسّةٍ إلى المساعدة، من طعامٍ ومأوى ورعايةٍ صحيّة وغيرها. وقد أعرب كثيرٌ من اللاجئين عن رغبتهم في العودة، لكنّهم متردّدون بسبب عدم اليقين في الظروف على المدييْن القصير والطويل. وتشمل المخاوف الرئيسيّة الوصول إلى التعليم وسبل العيش، والقضايا العالقة المتعلّقة بالإسكان والأراضي والممتلكات، إضافةً إلى توافر المساعدة الإنسانيّة عند العودة. على المجتمع الدوليّ أن يبذل المزيد لتلبية هذه الاحتياجات ودعم جهود التعافي طويل الأمد في سورية؛ فلكي تكون عمليات العودة مستدامة، تحتاج سوريا إلى أكثر من مجرّد السلام، إلى وظائف ومدارس ومستشفياتٍ وخدماتٍ أساسيّةٍ مثل الكهرباء والمياه النظيفة. وسيعدّ رفع العقوبات عاملًا حاسمًا في إعادة بناء البلاد وخلق الظروف التي تسمح لعددٍ أكبر من العائلات بالعودة إلى منازلها”.
مبادرات المفوضية وخطط العودة
وتشير قائلةً: “نحن الآن نقف عند مفترق طرقٍ حاسم، ولا يسعنا إلّا التأكيد على ضرورة اغتنام هذه اللحظة التاريخية لضمان عودة أعدادٍ أكبر من اللاجئين، ممّا يخفّف الضغط عن لبنان. ولهذه الغاية، تتطلّع المفوضية إلى مزيدٍ من التعاون مع حكومة لبنان لتنفيذ مبادراتٍ ملموسة لمساعدة اللاجئين المستعدّين للعودة، مع توسيع الدعم الإنساني داخل سوريا لضمان استدامة هذه العودة.
في لبنان، طوّرت المفوضية وشركاؤها خطة عملٍ مشتركة للعودة الطوعية تهدف إلى مساعدة نحو 400 ألف لاجئ سوري (من بينهم 5 آلاف لاجئ فلسطيني قادمون من سوريا) على العودة الطوعية إلى سوريا بحلول عام 2026 في أفضل السّيناريوهات. وتتضمّن الخطة مخصّصات لدعم العودة، إلى جانب النقل والمساعدة في إنجاز الوثائق اللازمة عند الوصول إلى سوريا.
وتواصل المفوضية تنسيق التحضيرات وتنفيذ إجراءات العودة في لبنان، وتتعاون مع الحكومة اللبنانية (ولا سيّما الأمن العام) لوضع مساراتٍ للعودة الطوعية وضمان دعم اللاجئين السوريين الذين يختارون العودة طوعًا”.
وأضافت: “تمّ تقديم الإطار التشغيليّ اللّبنانيّ للعودة الطوعية، الذي طوّر بالتعاون مع الأمن العام، للمراجعة. وكجزءٍ من ذلك، رفعت خطط تيسير العودة رسميًا إلى الحكومة، وتتطلّع المفوضية إلى التوصّل إلى اتفاقٍ في القريب العاجل. وعلى أرض الواقع، ترغب المفوضية وشركاؤها في تقديم دعمٍ معيشيّ للأشخاص لإنهاء شؤونهم، إضافةً إلى تغطية تكاليف النقل”.
بيانات العودة الراهنة
تسأل “المدن”: هل رصدتم عودة منظّمة أو عفوية في الأشهر الماضية؟ إذا كان الجواب نعم، فما الأعداد التقريبية، والمسارات، والخصائص الديموغرافية؟
تجيب المفوضية: “حتى 22 أيار 2025، تقدّر عودة 507 672 سوريًا إلى سوريا عبر الدول المجاورة منذ 8 كانون الأول 2024، منهم 172 801 عبروا من لبنان.
ومنذ بداية عام 2024، عاد 868 512 فردًا سوريًا إلى سوريا.
وبحسب أحدث البيانات حتى 22 أيار، عاد 1 200 486 نازحًا داخليًا إلى منازلهم في سوريا منذ أوائل كانون الأول 2024.
تعمل المفوضية مع الحكومة اللبنانية، ومن خلال شراكاتٍ شاملة، على برامج لتيسير العودة الطوعية للاجئين السوريين، لضمان دعم من يختار منهم العودة طوعًا بعد اطّلاعٍ كامل. غير أنّ الإطار التشغيلي اللبناني للعودة الطوعية لم يفعّل بعد؛ وقد رفعت خطط تسهيل العودة رسميًا إلى الحكومة، وتتطلّع المفوضية إلى اتفاقٍ قريب”.
الرصد داخل سوريا
بمجرّد عودة اللاجئين (سواء بإرادتهم أم تحت الضغط)، كيف تتعقّب المفوضية سلامتهم وإمكان حصولهم على الوثائق والممتلكات والخدمات الأساسية داخل سوريا؟
تجيب أبو خالد: “تعلم فرق المفوضية في سوريا عن كلّ عودة تتمّ في إطار برامجنا للعودة الطوعية، وتلعب دورًا رئيسيًا في رصد الأوضاع عند الوصول وما بعده بالتنسيق مع السلطات المعنية. كما تتواجد فرقنا في نقاط العبور الرسمية للتواصل مع العائدين، ويجري التنسيق مباشرة بين السلطات اللبنانية والسورية. ويتيح الوجود المستمرّ لفرقنا وشبكات الحماية المجتمعية داخل سوريا المتابعة الدورية والتقارير المنتظمة عن أوضاع العائدين.
يشمل دور المفوضية في برامج العودة المنظّمة في لبنان تقييم طوعية العودة، وضمان حدوثها في ظروفٍ آمنة وكريمة، وتنسيق إجراءات المغادرة مع السلطات عبر نقاط العبور الرسميّة. وقبل المغادرة، تشارك المفوضية في لبنان اللاجئين المعلومات المتوفّرة عن الخدمات والمراكز المجتمعية في سوريا لدعم اتخاذ قرارٍ مستنير وتقديم المساعدة حيث أمكن (مثل دعم النقل والمساعدات النقدية)”.
تأثير تخفيف العقوبات على تمويل المفوضية
إلى أيّ مدى قد يؤثّر التخفيف الجزئي للعقوبات الأميركية والأوروبية على تمويل المفوضية وإمكاناتها التشغيلية في سوريا أو على استراتيجيتها للحلول الدائمة؟
تجيب المفوضية: “كانت المفوضية تدعو إلى تخفيف العقوبات عن سوريا منذ سقوط نظام الأسد. وقد يسهم إعلان الرئيس ترامب في دعمٍ كبير لعودةٍ طوعية واسعة ومستدامة لملايين السوريين والنازحين داخليًا. فإعادة الإعمار ضرورية بشدّة لدعم ذلك؛ إذ يحتاج الناس إلى فرص عمل ليعيشوا، وإلى خدماتٍ لأطفالهم. ولكن، لاغتنام هذه اللحظة التاريخية، يجب على المجتمع الدولي أن يتعاضد سريعًا لتلبية هذه الاحتياجات ودعم جهود التعافي على المدى الطويل، وإلّا فسيعدّ ذلك تراجعًا كبيرًا عن سعينا المشترك لإيجاد حلولٍ دائمة للنازحين السوريين.
المفوضية حاضرة داخل سوريا وتلبّي الاحتياجات الإنسانية للنازحين داخليًا والعائدين؛ ويشمل دعمها توفير المأوى والحماية ودعم سبل العيش -بالمواد والمساعدات النقدية- لبناء القدرة على الاعتماد على الذات وتعزيز التماسك الاجتماعي والمرونة، بما يضمن استدامة العودة على المدى الطويل.
ومع ذلك، وكحال لبنان، تعاني المفوضية في سوريا نقصًا حادًّا في التمويل، ما اضطرّها -للأسف- إلى تقليص عملياتها الحيوية، وهو ما يمنعها من تقديم الدعم اللازم في الوقت المناسب لتحسين شروط العودة. وعلى الرغم من محدودية الموارد، تواصل المفوضية تقديم الدعم في أنحاء سوريا، لتصل إلى آلاف العائلات العائدة بمساعداتٍ أساسية”.
الدعم لمن يقرّر البقاء في لبنان
بالنسبة إلى اللاجئين الذين يختارون -على الأقل في الوقت الحاضر- البقاء في لبنان، ما خطط المفوضية لتوسيع فرص سبل العيش والتعليم والمساعدة القانونيّة وغيرها من الخدمات الحيويّة بينما تبقى الحلول السّياسيّة غير مؤكّدة؟
“تنفّذ المفوضية مبادراتٍ ملموسة لدعم الحكومة اللبنانية في مساعدة اللاجئين المستعدّين للعودة، وفي الوقت ذاته تواصل دعم من يفضّل الانتظار وتقييم الوضع ويظلّ بحاجة إلى المساعدة. إلا أنّها، والمجتمع الإغاثي بأسره، تواجه انخفاضًا كبيرًا وغير متوقّع في التمويل خلال عام 2025، إذ لم تتجاوز نسبة التمويل 20 % حتى نيسان 2025. وقد أثّر تجميد التمويل الأميركي الأخير، إلى جانب نقص تبرعات المانحين الآخرين، تأثيرًا كبيرًا في قدرة المفوضية على تقديم الخدمات الأساسية للاجئين وللفئات الضعيفة من اللبنانيين”.
نافذة ضيّقة وحاجة إلى توافق ثلاثي
يجمع الدبلوماسيون على أنّ النافذة الزمنية لالتقاط مكاسب رفع العقوبات تطول، ريثما تتّضح مآلات الصراع الأوسع على الإقليم. فإذا أخفق لبنان -والمجتمع الدولي- في تحويل “الحدث الاقتصادي” إلى رافعة حلٍّ إنساني، فسيتراكم الإحباط وتنفجر موجة نزوحٍ معاكسة نحو أوروبا أو داخل لبنان، بينما تعيد سوريا -بموارد محدودة- إنتاج نظام محاصصةٍ اقتصادية يقصي الأكثر هشاشة.
البديل الوحيد هو توافقٌ سياسيٌّ ثلاثيّ (لبنانيّ/سوريّ/دوليّ) يربط رفع العقوبات بخطة إعادة إعمارٍ مشروطةٍ بإصلاحٍ داخلي، ويقنّن حركة العودة ضمن آلياتٍ تحترم القانون الدولي وتوفّر شبكة أمانٍ تشمل العائدين ومن يختار البقاء إلى حين. والحال، إنّ رفع العقوبات ليس عصًا سحرية، بل مجرّد إجراءٍ تمهيديّ؛ أمّا الاختبار الحقيقي فيكمن في قدرة الأطراف كلّها على استثمار اللحظة لإنتاج سياساتٍ عقلانية تعيد للناس حقّهم في وطنٍ آمن، وتمنح لبنان متنفسًا بعد سنواتٍ من الانهيار.
————————————
4 أسباب للخلاف بين ترامب ونتنياهو بشأن سوريا/ محمود علوش
29/5/2025
رفعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جزءًا كبيرًا من العقوبات المفروضة على سوريا، بهدف تعزيز نهجها الجديد القائم على دعم استقرار حكم الرئيس أحمد الشرع، والاستفادة من الفرص التي تقدمها سوريا الجديدة لإحداث تحول تاريخي في العلاقات مع دمشق، وإعادة صياغة دورها في الشرق الأوسط.
من بين الجوانب التي تبدو غامضة في السياسة الأميركية تجاه سوريا حاليًا، الهوة الواضحة بينها وبين السياسة الإسرائيلية. وتتجلى هذه الهوة في مؤشرات متضاربة؛ فمن جهة، يتعارض نهج ترامب مع السياسة الإسرائيلية التي اعتبرت حتى وقت قريب الحكم الجديد في سوريا تهديدًا إستراتيجيًا، وتبنت تصورات مثل إبقاء سوريا دولة ضعيفة والدفع نحو إقامة فدراليات طائفية كمدخل لتقسيمها. ومن جهة أخرى، تُظهر إدارة ترامب اهتمامًا كبيرًا بالمصالح الإسرائيلية، وترى في التحول السوري فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل في المستقبل.
علاوة على ذلك، لا تقتصر هذه الهوة على النظرة إلى حكم الرئيس أحمد الشرع. ففي الوقت الذي تحرص فيه إدارة ترامب على تعزيز الانخراط التركي والسعودي في سوريا، ترى إسرائيل في الوجود التركي تهديدًا جيوسياسيًا.
إن هذا التعارض بين حليفين وثيقين يُعد أمرًا نادرًا في سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكنه يصبح أكثر وضوحًا عند النظر إلى الدوافع والأسباب المتعددة التي تشكل نهج ترامب. يمكن تلخيص هذه الدوافع في أربعة محاور رئيسية:
أولًا، يوفر التحول السوري فرصة تاريخية للولايات المتحدة لتحويل سوريا إلى حليف جديد في الشرق الأوسط، بعد عقود من تموضعها في المعسكر المناهض لها.
ومن شأن هذا التحول إعادة تعريف النفوذ الأميركي في الجغرافيا السياسية الإقليمية، إذ يشكل أيضًا قاعدة انطلاق للتأثير على دول مجاورة مثل لبنان والعراق. ومن هذا المنظور، يُشكل النهج الإسرائيلي، الذي يسعى إلى إبقاء سوريا في حالة فوضى، تهديدًا كبيرًا لهذه الفرصة.
ثانيًا، يندرج اهتمام الرئيس دونالد ترامب بتعزيز انخراط دول المنطقة، وفي مقدمتها تركيا والسعودية، في سوريا، ضمن رغبة الولايات المتحدة في تقليص انخراطها المباشر في الشرق الأوسط، وتمكين القوى الحليفة من إدارة شؤون المنطقة بدرجة أكبر من الاستقلالية.
وبالتالي، فإن انضمام سوريا إلى تكتل الدول الحليفة لأميركا في المنطقة يعزز قوة النظام الإقليمي الجديد الذي تطمح إليه واشنطن. وعليه، فإن النهج الإسرائيلي في سوريا لا يدعم تشكيل هذا النظام الإقليمي، بل يُضيف ضغوطًا جديدة على سياسة ترامب في الشرق الأوسط.
ثالثًا، تعتقد الولايات المتحدة أن انخراطها القوي في سوريا والانفتاح على حكم الرئيس أحمد الشرع يحدان من مخاطر انهيار الاستقرار السائد في البلاد منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.
إن سيناريو انهيار الاستقرار قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، مثل اندلاع حرب أهلية تشكل بيئة خصبة لعودة تنظيم الدولة، مما يعقد هدف ترامب بالانسحاب العسكري من المنطقة، فضلًا عن احتمال عودة روسيا وإيران إلى سوريا، وتصاعد التوتر الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية. ومن هذا المنظور، فإن النهج الإسرائيلي يزيد من هذه المخاطر بدلًا من الحد منها.
رابعًا، يرى ترامب، الذي يولي أهمية كبيرة في ولايته الثانية لتوسيع اتفاقيات السلام بين دول المنطقة وإسرائيل، أن استقطاب سوريا إلى معسكر الأميركي في المنطقة يوفر فرصة تاريخية لتطبيع العلاقات السورية- الإسرائيلية على المدى البعيد.
ويُشكل هذا الهدف فائدة إستراتيجية كبيرة لإسرائيل. وانطلاقًا من ذلك، فإن محاولات إسرائيل زعزعة استقرار الحكم الجديد ستؤدي حتمًا إلى نتائج عكسية.
تتجلى ثلاثة مؤشرات واضحة تشير إلى تحول في النهج الإسرائيلي نتيجة سياسة ترامب، وهي:
تراجع ملحوظ في النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا مؤخرًا مقارنة بالفترة التي أعقبت الإطاحة بنظام الأسد.
تغير النبرة الإسرائيلية تجاه الحكم الجديد بعد بدء محادثات غير مباشرة معه.
دخول إسرائيل في حوار مع تركيا لتهدئة التوترات في سوريا والتوصل إلى تفاهمات لإدارتها.
مع ذلك، فإن استقرار السياسة الإسرائيلية في سوريا على مسار واضح يظل مرهونًا بمجموعة من العوامل، أبرزها تطور العلاقات الأميركية السورية.
ويمكن النظر إلى فترة الستة أشهر التي حددتها واشنطن لرفع العقوبات عن سوريا على أنها مصممة بشكل رئيسي لاختبار الرئيس أحمد الشرع، وتهيئة الأرضية لعلاقات جديدة، وفي الوقت ذاته، فرصة للتوصل إلى تفاهمات واضحة تعالج التهديد الذي تشكله إسرائيل لسوريا.
ورغم أن هدف الرئيس دونالد ترامب بتحقيق تطبيع سوري- إسرائيلي يبدو بعيد المنال في المستقبل القريب، فإن السياق الجديد لسوريا والانخراط الأميركي القوي فيها يعملان حاليًا على تجميد التحدي الإسرائيلي لسوريا، بما يُعزز من قدرة الرئيس أحمد الشرع على التفرغ للتحديات الداخلية والاستفادة من رفع العقوبات للشروع في عملية الإنعاش الاقتصادي الذي يُشكل بوابة ضرورية للاستقرار الأمني والسياسي والمجتمعي.
كما يوفر الانخراط الأميركي فرصة لتركيا وإسرائيل للتفاهم على آليات عمل تتجاوز الحد من مخاطر التصعيد إلى التعاون في سوريا. وهذا ما يطمح إليه ترامب، الذي يسعى إلى جعل سوريا أرضية لنظام إقليمي جديد يحافظ على النفوذ الأميركي في المنطقة، مع تقليص انخراطها المباشر فيها في الوقت ذاته.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
باحث في العلاقات الدولية
الجزيرة
———————————–
كيف تشطب سوريا من قائمة “غسيل الأموال”
تعد ظاهرة “غسيل الأموال” من القضايا الاقتصادية الخطيرة التي تؤثر سلبًا على الاستقرار المالي والاقتصادي في سوريا.
وتصنف مجموعة العمل المالي الدولية سوريا ضمن القائمة الرمادية، بشأن غسيل الأموال.
وكان المبعوث المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شينك، طالب في 27 من أيار، يإزالة اسم سوريا من قائمة غسيل الأموال، متطلعًا إلى شراكة بلاده مع الحكومة السورية بعد رفع العقوبات.
وقال المبعوث الألماني في تصريحات نقلتها قناة “الجزيرة” القطرية، إنه يجب رفع العقوبات عن سوريا من أجل تعزيز الاستثمار، وشطب اسم سوريا من قائمة غسل الأموال”.
شينك أعرب عن تطلع بلاده إلى شراكة مع الحكومة السورية بعد رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية، آملًا تعزيز الشراكة معها في مجالات الطب والتعليم والنقل.
ومنذ إدراجها في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي في عام 2010، واجهت سوريا تحديات كبيرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، بحسب ما يرى نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، عبد الرحمن محمد.
وخلال حديثه لعنب بلدي، اعتبر الدكتور عبد الرحمن محمد، أن سوريا تعاني “من ضعف في الإشراف المالي، وغياب التشريعات الفعالة، ما يجعلها بيئة خصبة للأنشطة غير المشروعة”.
وأشار إلى أن وجود سوريا في القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي يعني “أن البلاد تخضع لمراقبة دولية مشددة، بسبب أوجه القصور في نظامها لمكافحة غسل الأموال”.
واعتبر نائب عميد كلية الاقتصاد أن استمرار وجود سوريا في القائمة الرمادية يعكس عدم كفاية الإجراءات المتخذة لمواجهة هذه الظاهرة، ما يؤثر على ثقة المستثمرين ويزيد من تكاليف المعاملات المالية.
ومن وجهة نظر الدكتور محمد، فإن هذا يُعتبر “إنذارا للحكومة السورية بضرورة تنفيذ إصلاحات عاجلة لتحسين نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل أي عمليات مسلحة ضد البلد حاليا“.
كيف تشطب من القائمة
وتتطلب مكافحة غسيل الأموال في سوريا جهودًا متكاملة تشمل تعزيز الشفافية، وتطوير الأنظمة القانونية، وتحسين التعاون الدولي.
ويرى نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، أن سوريا “بيئة نشطة لغسيل الأموال”، بسبب ضعف الرقابة المالية، وغياب الشفافية في المعلومات المتعلقة بالمعاملات المالية”.
ولمكافحة هذه الظاهرة، اقترح عدة إجراءات يجب اتخاذها منها:
تعزيز وتطوير التشريعات: تطوير قوانين صارمة لمكافحة غسل الأموال.
تحسين الرقابة: إنشاء هيئات رقابية فعالة لمتابعة الأنشطة المالية المشبوهة.
تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية مثل مجموعة العمل المالي لتبادل المعلومات والخبرات.
تدريب العاملين في القطاع المالي على كيفية التعرف على الأنشطة المشبوهة.
وسيكون لرفع سوريا من القائمة الرمادية، آثار إيجابية كبيرة على الاقتصاد السوري، بحسب دكتور الاقتصاد عبد الرحمن محمد، إذ يؤدي ذلك إلى” تعزيز ثقة المستثمرين الدوليين في النظام المالي السوري”، و”تسهيل الوصول إلى الأسواق المالية الدولية وتقليل تكاليف المعاملات المالية، وتحسين بيئة الأعمال”.
وبعد التخلص من ظاهرة غسيل الأموال ورفع سوريا من القائمة الرمادية، يمكن أن يشهد الاقتصاد السوري، بحسب محمد تحسنًا ونموًا ملحوظًا في عدة مجالات منها:
جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل كثيرة
زيادة التمويل للمشاريع التنموية والبنية التحتية، ما يسهم في تحسين جودة الحياة التي باتت مرهقة ومتعبة للمواطن.
تحسين النظام المالي والمصرفي، مما يؤدي إلى استقرار الأسعار وتخفيض التضخم.
خلق فرص عمل جديدة نتيجة للنمو الاقتصادي وزيادة النشاط التجاري.
على “القائمة الرمادية”
وتصنف مجموعة العمل المالي (FATF)، سوريا على القائمة الرمادية بشأن غسيل الأموال .
وعندما تضع فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية في المجموعة، دولة ما تحت المراقبة المشددة، فهذا يعني أن الدولة قد التزمت بمعالجة أوجه القصور الاستراتيجية في أنظمتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، ضمن الأطر الزمنية المتفق عليها، وعلى أنها تخضع لمراقبة مشددة.
في بيان صادر في 21 شباط 2025، قالت منظمة “العمل المالي”، إنه منذ تعهدت سوريا في شباط 2010 بالعمل مع مجموعة العمل المالي (FATF) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF) لمعالجة أوجه القصور الاستراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أحرزت سوريا تقدمًا في تحسين نظامها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في حزيران 2014.
ولذلك قررت مجموعة العمل المالي، بحسب البيان، أن “سوريا قد عالجت بشكل جوهري خطة عملها على المستوى الفني، بما في ذلك تجريم تمويل الإرهاب ووضع إجراءات لتجميد أصول الإرهابيين”.
وبينما قررت مجموعة العمل المالي أن “سوريا قد أكملت خطة عملها المتفق عليها، إلا أنها لم تتمكن، بسبب الوضع الأمني، من إجراء زيارة ميدانية للتأكد مما إذا كانت عملية تنفيذ الإصلاحات والإجراءات المطلوبة قد بدأت وما إذا كانت مستمرة”.
وأضافت المجموعة أنها ستواصل مراقبة الوضع في سوريا، وستجري زيارة ميدانية في أقرب وقت ممكن.
ما مجموعة “العمل المالي”
وتعرف “مجموعة العمل المالي” (FATF) نفسها بأنها “الهيئة العالمية الرقابية المعنية بغسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وتضع هذه الهيئة الحكومية الدولية معايير دولية تهدف إلى منع هذه الأنشطة غير القانونية والأضرار التي تلحقها بالمجتمع. وبصفتها هيئةً صانعة للسياسات، تعمل مجموعة العمل المالي على حشد الإرادة السياسية اللازمة لإحداث إصلاحات تشريعية وتنظيمية وطنية في هذه المجالات.
كما تضع هذه الهيئة، المكونة من 40 عضوًا، معايير دولية تضمن قدرة السلطات الوطنية على ملاحقة الأموال غير المشروعة المرتبطة بالاتجار بالمخدرات، وتجارة الأسلحة غير المشروعة، والاحتيال الإلكتروني، وغيرها من الجرائم الخطيرة بفعالية.
وبحسب المنظمة فقد التزمت أكثر من 200 دولة وسلطة قضائية بتطبيق معايير مجموعة العمل المالي كجزء من استجابة عالمية منسقة لمنع الجريمة المنظمة والفساد والإرهاب.
وتأسست مجموعة العمل المالي عام 1989، ومقرها باريس.
عنب بلدي
——————————
سورية تتعافى وتنتظر المستقبل/ فاطمة ياسين
01 يونيو 2025
لم يتأخّر الاتحاد الأوروبي في رفع العقوبات عن سورية، بعد خطوة الولايات المتحدة التي أزالت معظم القيود المفروضة خلال عهد الأسدين، فمنذ نهاية السبعينيات، بدأت ممارسات النظام السوري تراكم العقوبات فوق كاهل الشعب، حتى تصاعدت بشكل كبير بعد أشهر من بدء الثورة السورية ضد بشّار في مارس/ آذار عام 2011، حتى وصلت إلى تقييد كامل لأي حركة سياسية أو اقتصادية سورية، ووصل الوضع إلى حالة الإنهاك التي نعرفها، وعكستها بوضوح صورة الداخل بعد وصول قوات المعارضة إلى دمشق، ومن حينها دأبت القيادة الجديدة على العمل بشكلٍ جادٍّ لرفع العقوبات بالكامل، أو التخفيف منها، وبدت تعرف الوسيلة جيداً، فأطلقت جميع من في السجون، وفتحت حدودها إيذاناً ببدء عودة اللاجئين، وأبدت استعداداً كاملاً للتخلص من مستودعات الأسلحة الكيميائية التي كان النظام يخفيها إلى حين حاجته إليها.. كانت هذه الإجراءات التي طبّقت بمجرّد وصول السلطة الجديدة، من جملة شروطٍ أخرى نصّ عليها قرار الأمم المتحدة 2254 بخصوص سورية. ولم تتوقف العجلة عند ذلك، فقد بدأت عملية ترتيب البيت الداخلي بسرعة وجدّية عاليتين، فتسارعت القرارات التنظيمية والإدارية لتبدو سورية بمظهر دولة حقيقي، بعد أن فقدت هويتها السياسية والاقتصادية قرابة عقد ونصف العقد.
شكّلت المسألة الأمنية أولوية قصوى، وقد استوعبت وزارة الداخلية ذلك، فأعادت الأسبوع الماضي هيكلية جهازيها الوظيفي والفني، وقسّمت القُطر إلى محافظات، وجعلت قائداً واحداً للأمن في كل منطقة، بعد أن مسحت طريقة النظام القديم الذي كان يقيم أجهزة أمنية متعدّدة ذات مهام متداخلة، تسمح بالدخول في صراعات مباشرة فيما بينها، وقد حدث ذلك مراراً، بغرض زيادة سيطرة رأس النظام بإبقاء حرارة التنافس بين تلك الأجهزة. أما اليوم، فقد أصبح “الأمن الداخلي” الجهة الوحيدة التي يسمح لها بالتعامل المباشر مع المواطن بحسب الهيكلية الجديدة، ما يجعل التعامل أيسر وأسرع.
لم تستطع السلطات الجديدة، قبل إعادة الهيكلة، أن تتجنّب أحداثاً مؤسفة وقعت في الساحل بعد هجماتٍ من فلول النظام، وألقى هذا الحدث الأمني صدّاً دولياً، وتُرجم على شكل عقوبات طاولت شخصين، إلى جانب كيانيْن، كانا قد ذابا عملياً في هيكل الجيش بحسب وزير الدفاع. ولكن اللافت في هذا القرار أن الاتحاد الأوروبي الذي أصدره فرّق بين السلطة القائمة والشخصيات المستهدفة، تصديقاً لرواية الأمن العام الذي أقر بوقوع حوادث ذات طبيعة فردية أو منفلتة، فجاءت العقوبات منسجمةً تماماً مع هذا الإعلان، والآن بتنظيم الأمن ونشره في كل أرجاء سورية نتوقع عدم وقوع حوادث مشابهة، وهو ما على السلطة الحالية أن تحرص عليه وهو ضمن مسؤولياتها، وقد يكون تنظيم الجيش الذي أعلنه وزير الدفاع عاملاً مساعداً بعد إذابة أكثر من 130 كياناً وفصيلاً عسكرياً في جسد الجيش السوري الوليد.
بعد تشكيل جهاز الأمن، ورفع العقوبات، لن يكون هناك أي عائق أمام التخطيط لعملية تنموية شاملة تحتاج إليها سورية بشدّة، لتعيد إقلاعها، وهو تحدٍّ آخر أكثر صعوبة من رفع العقوبات الذي جرى بسرعة قياسية، ونشر الأمن الذي ننتظر اختبار فاعليته، وهناك مساندة ليست مسبوقة من الولايات المتحدة ودول أخرى مؤثرة وأساسية في الإقليم تمتلك الإمكانات والإرادة لدعم سورية.. وعَقْد الاتفاقيات الأربع قبل أيام نقطة مهمة في مسيرة سورية بمجال الطاقة الشمسية ومحطّات التوليد بواسطة الغاز، ضمن استثمار بمليارات الدولارات، وقد جرى توقيعها بالأحرف الأولى في دمشق، وهي فاتحة لمجموعة أخرى من المشاريع يجري التبشير بها في كل القطاعات. وبذلك تكون سورية قد وضعت قدمها على سلّم التعافي، بعد فترة الأسدين التي صبغت سورية بلونها الكالح، وعتمت على حاضرها، وصعّبت المهمة أمام من يرغب في بناء مستقبل مشرق لها.
العربي الجديد
————————
عقوبات أوروبية «بلا جدوى» على قادة وفرق عسكرية/ منهل باريش
يساعد القرار بالخروج من المآزق وإعطاء فرصة لإدارة الشرع لترتيب أوراقها الداخلية وخصوصا على الصعيد العسكري، والخلاص من ملف الجيش الوطني تدريجيا ودمج فصائله بالجيش السوري الجديد.
أعلن الاتحاد الأوروبي، الأربعاء الفائت، عن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا والتي بدأ الاتحاد فرضها على نظام الأسد منذ أيار (مايو) 2011، وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان الاتحاد في كانون الثاني (يناير) من العام الجاري، تعليق عقوباته على قطاعات الطاقة والتمويل والطيران.
وجاء في بيان نشره مجلس الاتحاد الأوروبي على موقعه الإلكتروني، أنه اعتمد على قرارات قانونية «ترفع جميع القيود الاقتصادية المفروضة على سوريا»، إلا أنه استثنى القيود المبنية على «دواعٍ أمنية»، ولفت مجلس الاتحاد في بيانه إلى أن قرار رفع العقوبات شمل أيضاً «24 كياناً من قائمة الاتحاد الأوروبي للجهات الخاضعة لتجميد الأموالـ«، ومن هذه الكيانات مصرف سوريا المركزي، وقطاعات رئيسية تساهم في إنعاش الاقتصاد السوري، مثل شركات إنتاج النفط وتكريره، وشركات اتصالات ووكالات إعلام وقنوات تلفزيونية سورية.
وقال المجلس في البيان إن قرار رفع العقوبات يهدف إلى «دعم الشعب السوري في إعادة توحيد وبناء سوريا جديدة، شاملة وتعددية ومسالمة».
وفي السياق ذاته، مدد الاتحاد الأوروبي قوائم العقوبات على الكيانات والأفراد المرتبطين بنظام الأسد حتى مطلع حزيران (يونيو) من العام المقبل 2026، وذكر البيان أن هذا التمديد يتماشى مع دعوة الاتحاد الأوروبي إلى «المساءلة، ودعمه للانتقال السلمي».
إلا أن إعلان الاتحاد رفع العقوبات ترافق في الوقت نفسه مع فرض عقوبات على ثلاثة كيانات هي «لواء السلطان سليمان شاه» الذي أسسه وكان يقوده محمد حسين الجاسم «أبو عمشة»، وفرقة الحمزة التي أسسها وكان يتولى قيادتها حسين بولاد المعروف بلقب «سيف أبو بكر»، وفرقة «السلطان مراد» التي أسسها وكان يقودها فهيم عيسى، والذي يتولى في هذه المرحلة منصب نائب وزير الدفاع السوري.
الجدير بالذكر، أن العقوبات استهدفت كلاً من العميدين محمد الجاسم وسيف بولاد، وفصيليهما، إلا أنها استهدفت فرقة السلطان مراد ككيان بدون أن تُفرض على قائد الفرقة فهيم عيسى أي عقوبات. وبعد سقوط نظام الأسد، وبدء إدارة الرئيس أحمد الشرع الحالية تنظيم الفصائل المسلحة ودمجها ضمن وزارة الدفاع والجيش السوري الجديد، منح كلٌ من الجاسم وبولاد رتبة عميد، وتولى محمد الجاسم قيادة الفرقة «62» والتي من المفترض أن يكون نطاق انتشارها في محافظة حماة، ومنح سيف بولاد قيادة الفرقة «76».
وقال مجلس الاتحاد الأوروبي في هذا السياق، إنه فرض ما وصفها بـ«تدابير تقييدية جديدة بموجب نظام العقوبات العالمي لحقوق الإنسان التابع للاتحاد الأوروبي، تستهدف فردين وثلاثة كيانات بسبب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما يتصل بموجة العنف التي اندلعت في منطقة الساحل السوري في آذار (مارس) الماضي».
وأضاف الاتحاد الأوروبي في بيانه تفصيل أسباب العقوبات المفروضة على الكيانات والأشخاص، شارحا عقوباته على محمد الجاسم أنها جاءت بسبب، «مشاركة لواء السلطان سليمان شاه، بقيادته، في أعمال عنف بالساحل السوري، ونتيجة استهدافه مدنيين وخاصة من الطائفة العلوية، بما في ذلك جرائم قتل تعسفية بحق المدنيين، في آذار (مارس)»، وحمل الاتحاد الأوروبي الجاسم مسؤولية ارتكابه انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك «القتل التعسفي».
بدوره نفى محمد الجاسم «أبو عمشة»، عبر وسائل التواصل الخاصة به، ارتكابه وفصيله أي انتهاكات، واصفًا عناصر لواءه بالمدربين والحذرين من الوقوع في أي مكائد، إلا أنه لم ينتقد العقوبات بنفس الحدية التي انتقد بها عقوبات «وزارة الخزانة» التابعة للولايات المتحدة الأمريكية، والتي فرضت عليه في آب (أغسطس) 2023، حيث وصفها حينها بأنها مرتبطة بـ «توجهات سياسية» ولا ترتبط بأي انتهاكات لحقوق الإنسان.
بموازاة ذلك، اعتبر الاتحاد الأوروبي سيف بولاد، مسؤولاً عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك «تعذيب مدنيين وقتلهم تعسفيا». وجاء في بيان مجلس الاتحاد، أن فرقة الحمزة بقيادة بولاد شاركت في آذار (مارس) الفائت في «أعمال العنف في المنطقة الساحلية السورية، مستهدفةً المدنيين، وخاصةً الطائفة العلوية، بما في ذلك ارتكاب أعمال تعذيب وقتل تعسفي بحق المدنيين».
ولفت البيان إلى أن «فرقة الحمزة» بقيادة سيف بولاد أبو بكر كانت «طوال فترة الحرب الأهلية السورية، مسؤولة عن العديد من أعمال التعذيب في مراكز الاحتجاج التابعة لها، والتهجير القسري للمدنيين، وبشكل خاص في منطقتي حلب وعفرين».
وتأتي هذه العقوبات بالتزامن مع انفتاح دول الاتحاد الأوروبي على الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، بسبب ما وصفه مجلس الاتحاد الأوروبي بمسؤولية الكيانات الثلاثة، والشخصين عن انتهاكات لحقوق الإنسان وقعت في الساحل السوري في آذار (مارس) من العام الجاري.
وحول القرار قال الباحث المتخصص في العلاقات العسكرية في مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، محسن المصطفى إن العقوبات «تأتي ضمن إطار تحميل المسؤولية عن الانتهاكات التي تم ارتكابها في الساحل السوري» ورأى انها «رسالة للحكومة السورية منعاً لتكرار أي انتهاكات بالساحل أو بغيرها من المناطق مستقبلاً»، وخفف المصطفى من معناها «لم تعد بذات الأهمية خصوصا أن هذه المجموعات ستختفي وتندمج ضمن وزارة الدفاع» معتبرا أن العقوبات المفروضة هي «تحصيل حاصل».
وفي إطار عملية إعادة تركيب الجيش السوري، يسهل وضع العميدين على لوائح العقوبات الأوروبية على اضعاف نفوذهما داخل الجيش السوري المعاد تشكيله، وتحجيم نشاط القادة المذكورين، وهو ما يساعد وزارة الدفاع في وقت لاحق على إحالتهما إلى التقاعد وإخراجهما من ملاك الوزارة وقيادة الفرقتين.
وكثيرا ما اعتبرت الفرق الثلاثة أعلاه، بمثابة الطفل المدلل لتركيا والتي اعتمدت عليها في معاركها الخارجية، حيث دفعت بهم إلى لبيبا للقتال ضد قوات الجيش الليبي الذي يقوده اللواء حفتر، وأحدث المقاتلون السوريون فرقا في معارك صد الهجوم وحصار مدينة طرابلس وكانوا ثقلا بالهجوم ضد اللواء حفتر والقوى المتحالفة معه عام 2019.
ورغم ترفيع القائدين المذكورين، اعتمدت وزارة الدفاع منهج تفكيك الفصائل وإخراجها من منطقة درع الفرات التي اعتبرت حاضنتها التاريخية منذ تأسيسها عام 2016 لتقاتل تنظيم الدولة الإسلامية بريف حلب الشمالي. وقامت بتوزيع عناصرها حسب المنطقة الجغرافية في كثير من المناطق ورغم انها ليست قاعدة عامة، فقد ساعدت بقطع الولاء بين العناصر وقادتهم في الجيش الوطني وبنت علاقة جديدة بينهم وبين الفرق المؤسسة جديدا.
والملاحظ من القرار، تجنب الاتحاد الأوربي وضع العميد فهيم عيسى على لوائح العقوبات وإبقاء فرقته «السلطان مراد»، وهوما يعزز أن القرار جاء بعد مشاورة عميقة مع أنقرة لتحميل جهة محددة الانتهاكات التي حصلت في الساحل السوري ضد العلويين. حيث يساعد القرار بالخروج من المآزق وإعطاء فرصة لإدارة الشرع لترتيب أوراقها الداخلية وخصوصا على الصعيد العسكري، والخلاص من ملف الجيش الوطني تدريجيا ودمج فصائله بالجيش السوري الجديد.
كما استثنى القرار الأوروبي أسماء الفرق الجديدة في الجيش السوري التي يقودها أبو عمشة وسيف أبو بكر وهو ما يعني فعليا أن القرار جاء بمثابة إرضاء لبعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي. والجدير بالذكر، أن القرار تجنب اعتراض إدارة الشرع بأي شكل من الأشكال، ولعل التمعن بالقرار يجعلنا ندرك أنه جاء في صالح الإدارة السورية الجديدة بشكل لا لبس فيه.
القدس العربي
———————————
مستثمر عقاري من أصول لبنانية.. من هو توم باراك المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا وماذا يعني تعيينه لدمشق؟
عربي بوست
2025/05/31
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، عن تعيين السفير الأمريكي لدى تركيا، توم باراك، مبعوثاً خاصاً إلى سوريا، بعد أيام من إعلانه رفع العقوبات الأمريكية عن البلاد.
ورُفع العلم الأمريكي خارج مقر إقامة السفير الأمريكي في دمشق، الخميس 29 مايو/أيار 2025، في إشارة إلى تنامي العلاقات بين واشنطن والحكومة السورية الجديدة. ووصل السفير الأمريكي باراك لافتتاح المقر، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا.
ومن المتوقع أن يستمر باراك في منصبه سفيراً أمريكياً لدى تركيا، حسبما ذكرت مصادر لوكالة رويترز.
والتقى باراك بالرئيس السوري، أحمد الشرع، وحضر توقيع اتفاقية بين اتحاد شركات قطرية وتركية وأمريكية لتطوير مشروع طاقة بقدرة 5000 ميغاواط لإحياء جزء كبير من شبكة الكهرباء السورية المتضررة من الحرب.
وقال باراك، الأحد الماضي، إن بلاده تقف مع تركيا ودول الخليج وأوروبا، إلى جانب الشعب السوري.
وفي منشور على منصة إكس، أضاف باراك: “نقف مع تركيا ودول الخليج وأوروبا؛ هذه المرة ليس بالجنود أو الخطابات أو الحدود الوهمية، بل جنباً إلى جنب مع الشعب السوري نفسه”.
وتابع: “مع سقوط نظام الأسد، فتحنا باب السلام، وبرفع العقوبات، نسمح للشعب السوري بفتح هذا الباب واكتشاف طريق نحو الرخاء والأمن المتجددين”.
وأردف: “الغرب فرض قبل قرن خرائط وإدارات انتدابية وحدوداً مرسومة وحكماً أجنبياً. اتفاقية سايكس-بيكو قسمت سوريا والمنطقة، ليس من أجل السلام بل لتحقيق مكاسب إمبريالية. وقد كلف هذا الخطأ أجيالاً. لن نكرره مرة أخرى”.
وأوضح المبعوث الأمريكي أن عصر التدخل الغربي قد انتهى، وأن المستقبل يكمن في الحلول الإقليمية والدبلوماسية المبنية على الشراكات والاحترام.
وأشار إلى أن المأساة السورية نابعة من الانقسام، وأن ولادة سوريا من جديد لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال الكرامة والوحدة والاستثمار.
من هو توم باراك؟
تعود أصول المبعوث الأمريكي الجديد إلى سوريا، باراك، البالغ من العمر 78 عاماً، إلى أصول لبنانية، حيث هاجر أجداده إلى الولايات المتحدة منذ أكثر من 100 عام.
حصل باراك على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة جنوب كاليفورنيا (USC) في عام 1969، ثم التحق بكلية جولد للحقوق بجامعة جنوب كاليفورنيا، حيث كان محرراً لمجلة Southern California Law Review، قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في القانون من كلية الحقوق بجامعة سان دييغو في عام 1972.
وفي عام 1982، شغل باراك منصب نائب وكيل وزارة الداخلية الأمريكية في إدارة الرئيس الأمريكي رونالد ريغان.
وفي عام 2016، تولى باراك، وهو مستثمر عقاري، رئاسة اللجنة الرئاسية الافتتاحية لترامب خلال ولايته الأولى، وشغل لفترة طويلة منصب مستشار ومقرب من الرئيس.
وبعد فوز ترامب الأول في الانتخابات عام 2016، طُرحت سلسلة من الأسئلة الصعبة حول لجنة حفل التنصيب التي كان يرأسها باراك، والتي واجهت تدقيقاً من المدعين الفيدراليين خلال النصف الأول من رئاسة ترامب، وتحديداً بشأن كيفية إنفاق اللجنة لمواردها الضخمة. ومع تكثيف التحقيقات، برزت مخاوف من أن باراك قد يواجه مشاكل قانونية حقيقية.
وتعود علاقة باراك بترامب أيضاً إلى تعاملاته مع منظمة ترامب التجارية التي يعود تاريخها إلى أواخر الثمانينيات، إذ التقيا لأول مرة عام 1987، عندما اشترى ترامب نسبة 20% من أسهم شركة تمتلك سلسلة متاجر أمريكية، ولعب باراك دور الوسيط في الصفقة.
طوّر باراك أيضاً علاقات تجارية مع بعض أغنى الشخصيات في الخليج وتفاوض على اتفاقيات مع هيئة أبو ظبي الإماراتية للاستثمار.
اتهامات سابقة بممارسة حملة نفوذ
وفي عام 2021، واجه باراك اتهامات بانتهاك قوانين الضغط الأجنبي وعرقلة العدالة والإدلاء بتصريحات كاذبة.
وتضمنت لائحة الاتهام المكونة من سبع تهم اتهام باراك باستغلال قدرته على الوصول إلى ترامب لتعزيز أهداف السياسة الخارجية لدولة الإمارات.
وكشفت تقارير أن مسؤولين إماراتيين، بينهم ولي عهد أبوظبي آنذاك محمد بن زايد، ومستشار الأمن القومي طحنون بن زايد، ومدير المخابرات علي الشامسي، وسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، أشرفوا على حملة تأثير “غير قانونية” داخل واشنطن على إدارة الرئيس الأمريكي ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى.
وأضافت التقارير أن المسؤولين الإماراتيين استخدموا باراك، الممول الجمهوري والمقرب من ترامب، لتعزيز نفوذهم لدى ترامب من خلال تحويلات مالية واجتماعات مسائية عُقدت في أبوظبي.
وأشارت وكالة بلومبرغ الأمريكية إلى أنه، وبعد أسابيع من فوز ترامب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حظي باراك باستقبال حافل في الديوان الأميري بأبوظبي، كما التقى في شهر ديسمبر/كانون الأول مع ولي عهد أبوظبي وشقيقه الذي يتولى منصب مستشار الأمن القومي، ومسؤول ثالث يتولى رئاسة المجلس الأعلى للأمن القومي، حسب الوكالة الأمريكية.
باراك بدوره شجع المسؤولين الإماراتيين على تقديم رؤية حول السنوات الأربع التي سيحكم فيها ترامب الولايات المتحدة، وما يمكن أن تقدمها لهم.
وكشفت الوكالة أن اللقاء السري كان جزءاً من خطة للتأثير على حملة ترامب والإدارة الأمريكية، وتقوية النفوذ السياسي للدولة الخليجية في واشنطن.
وفي عام 2022، تمت تبرئة باراك من جميع التهم في محاكمة فيدرالية.
وبرأت هيئة المحلفين في بروكلين، نيويورك، باراك من تهمة العمل كعميل أجنبي غير مسجل لدولة الإمارات، أو عرقلة سير العدالة، أو الإدلاء بتصريحات كاذبة. وكان باراك قد نفى التهم بشدة طوال المحاكمة.
ترامب
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض/رويترز
ما دلالة تعيين توم باراك مبعوثاً أمريكياً خاصاً لدى سوريا؟
تشير خطوة تعيين باراك مبعوثاً أمريكياً جديداً إلى سوريا، وزيارته اللاحقة إلى دمشق ورفع العلم الأمريكي خارج مقر إقامة السفير الأمريكي في العاصمة السورية، إلى محاولةٍ لتعزيز الزخم نحو تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة السورية الجديدة، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
وبعدما كانت واشنطن حذرة في البداية تجاه قادة سوريا الجدد، فقد أبدت إدارة ترامب انفتاحاً متزايداً على دمشق، بتشجيع من حليفتين للولايات المتحدة في المنطقة، السعودية وتركيا، كما أفادت وكالة أسوشيتد برس.
وجاءت خطوة تعيين باراك بعد رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا، ورغم أنه لم يتضح بعد مدى الارتياح الذي شعر به السوريون منذ رفع العقوبات الأمريكية، فإن تعيين باراك ربما يساعد في تمهيد الطريق أمام ضخ استثمارات جديدة وأموال لإعادة الإعمار بعد الحرب، وفق نيويورك تايمز.
وأشارت تقارير إلى أنه، ومع رفع العقوبات الأمريكية على سوريا، يمكن للشركات الأجنبية البدء بالاستثمار في سوريا، لا سيما في قطاعات كالزراعة والاتصالات والبناء. وقد يُسهم هذا التدفق الهائل من رؤوس الأموال في خلق فرص عمل وتعافي القطاعات التي دمرها الصراع.
وكانت العلاقات الأمريكية مع سوريا متجمدة منذ عام 2011، عندما أشعلت حملة الأسد القمعية على الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية، وما تلاها من ثورة قوبلت بحملة عنيفة من نظام الأسد أودت بحياة مئات الآلاف وأجبرت السوريين على النزوح الجماعي. وفي عام 2012، أغلقت الولايات المتحدة سفارتها وفرضت عقوبات إضافية على نظام الأسد
—————————-
=======================