الشرع و المقاتلين الأجانب و داعشتشكيل الحكومة السورية الجديدةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسة

الشرع و المقاتلين الأجانب و داعش تحديث 05 حزيران 2025

لمتابعة هذا الملف اتبع الرابط التالي

الشرع و المقاتلين الأجانب و داعش

————————–

حول موضوع الجهاديين الأجانب ومصيرهم/ بكر صدقي

05 حزيران 2025

قبل كل شيء يشير إعلان موافقة الإدارة الأمريكية على ضم الجهاديين الأجانب في سوريا إلى جيش حكومة أحمد الشرع إلى مدى الرهان الأمريكي عليها في إطار «الشرق الأوسط الجديد» في التصور الاستراتيجي للمنطقة. فلم يمض إلا وقت قصير على اللقاء الذي جمع ترامب إلى الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي حيث طالب الأول الثاني بالتخلص من أولئك الجهاديين. وبعد أشهر من التردد بشأن السياسة التي ينبغي اتباعها في سوريا، والانقسام بشأنها داخل الإدارة الأمريكية، غلبت الوجهة التي ترى في سوريا استثماراً سياسياً رابحاً يمكن التعويل عليه والعمل لتوفير شروطه، وأولها رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا في عهدي الأسدين الأب والابن. في هذا «التكويع» الأمريكي، إذا استخدمنا التعبير الشائع في سوريا ما بعد الأسد، ابتعاد عن ثوابت إيديولوجية ترسخت خلال عقود كالحرب على الإرهاب والدفاع عن القيم الديمقراطية، لمصلحة سياسة براغماتية قائمة على عقلية الربح وفقاً لما هو رائج عن أقوى الحوافز وراء سياسات ترامب «العقارية» كما سماها البعض. غير أن «الاستثمار» الأمريكي في سوريا يتجاوز مردوده المادي المحتمل إلى مردود سياسي ذي طابع استراتيجي يمكن وضع عنوان عريض له بوصفه نقلاً لسوريا من المحور الروسي ـ الصيني ـ الإيراني إلى المحور الغربي، ومن فوائده المتحققة فعلاً طرد إيران من سوريا، في حين أن ضماً محتملاً لسوريا إلى معاهدات أبراهام من شأنه أن يغير وجه الإقليم بكامله، الأمر الذي لا نعرف مدى استعداد إدارة الشرع للانخراط فيه.

من المحتمل أن أكثر ما شجع ترامب على هذا الانفتاح الواسع على إدارة الشرع هو التوجه الاقتصادي المعلن في تصورها لسوريا المستقبل، وهو توجه ليبرالي جديد عولمي على نموذج ما سمي بـ«النمور الآسيوية» يقلص تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي إلى ما يقارب الصفر. هذا النموذج الذي ترافق فيه النمو السريع مع مآسٍ اجتماعية مرعبة لا يمكن تصور تطبيقه في بلد خارج لتوه من حرب مدمرة، كحال سوريا، بدون نشوء طبقة محاسيب قد تشكل بعض بطانة نظام الأسد المخلوع قسماً منها (على غرار ما حدث في روسيا يلتسين بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار النظام الشيوعي) في حين يتشكل قسم آخر من أمراء الحرب من قادة فصائل المعارضة بما في ذلك هيئة تحرير الشام ومحاسيبهم من المنتفعين من سقوط نظام الأسد. هذا النموذج مما يغري الإدارة الأمريكية كوجهة للاستثمار والتجارة، إضافة إلى الاستثمار السياسي المشار إليه فوق.

ومن جهة إدارة الشرع التي قاومت الطلبات الأمريكية والأوروبية بشأن وجوب التخلص من الجهاديين، فقد ظفرت بما أرادت من تجنب الحرج تجاههم بعدما شاركوا هيئة تحرير الشام في مقاومة نظام الأسد وصولاً إلى الإطاحة به. ومن جهة ثانية إن من شأن ضمهم إلى الجيش الذي يجري تشكيله تجنب خوض معركة مكلفة ضدهم أو اتقاء لما يمكن أن يشكلوه من خطر جدي على السلطة الجديدة الهشة.

انقسم السوريون في ردود فعلهم على هذا التطور، فثمة من برروا ضم الجهاديين (وأغلبهم من الأيغور الصينيين) اتساقاً مع تبريرهم الدائم لكل ما يصدر عن السلطة الجديدة حتى لو تناقضت هذه مع نفسها بين قرار وضده في يومين متتاليين. في حين هاجمه آخرون على جري عادتهم في الهجوم على كل ما يصدر عن السلطة القائمة، بصرف النظر عن أي سياق أو شروط.

الواقع أنه لا شيء يبرر تمييز الجهاديين الأجانب عن إخوانهم السوريين من حيث الإيديولوجيا التي يتبنونها وما يمكن أن ينعكس منها على مسالكهم اليومية وخطرهم على السلم الأهلي. صحيح أنه شاع عن هؤلاء الأجانب أنهم أكثر من مارس القتل على الهوية في منطقة الساحل ضد العلويين في شهر آذار الماضي، ولكن لم تبرئ التقارير الإعلامية الجهاديين المحليين أيضاً من تلك الجرائم، وكذلك بعض فصائل الشمال من خارج التصنيف السلفي الجهادي، وحتى مدنيين ممن لبوا النداء إلى النفير العام. بهذا المعنى لم يشكل الجهاديون الأجانب خطراً على السلم الأهلي لأنهم أجانب، بل بسبب دوافع أيديولوجية متشددة ونزوع طائفي يشتركون فيهما مع سوريين يشبهونهم. هذا ليس للتقليل من خطرهم بل للإشارة إلى الخطر الأوسع الذي يضمهم مع سوريين. إن تشكيل الجيش السوري الجديد من الفصائل الجهادية وغير الجهادية بدون التخلي عن الإطار الإيديولوجي لمصلحة عقيدة دولة وطنية هو بذاته خطر على مستقبل سوريا الذي يتم رسمه من قبل مجموعة صغيرة من الثقاة بعيداً عن أي مشاركة من السوريين بكافة انتماءاتهم الفرعية ومشاربهم المتنوعة.

أضف إلى ذلك أن طرد هؤلاء الأجانب هو أمر متعذر عملياً، فبلدانهم الأصلية لا تريدهم، وقد يكون الحل الأفضل لهم هو تفكيك فصائلهم بصورة تدريجية وتحويلهم إلى مدنيين مع منحهم صفة اللاجئين، ومحاسبة من تورط منهم في انتهاكات ضد المدنيين في إطار محاسبة السوريين أيضاً. هذا ما لا يبدو أن إدارة الشرع بصدد القيام به.

كاتب سوري

القدس العربي

—————————

مشكلة المقاتلين الأجانب في سورية/ حسان الأسود

05 يونيو 2025

مع اندلاع الثورة السورية في 18 مارس/ آذار 2011 من مدينة درعا، وبعد تعاظمها وامتدادها إلى بقية المحافظات والمدن والقرى السورية، ومع انتهاج الحلّ الأمني العسكري، وبعد تآكل قدراته على مواجهة الشعب والثوّار المسلّحين، استعان نظام الأسد بمقاتلين أجانب منظّمين في مليشيات طائفية مدعومة من قوى إقليمية. كان حزب الله اللبناني رأس حربة تلك المليشيات، وتعدّدت بقيّتها، فضمّت (مثلاً لا حصراً) لواء فاطميون الأفغاني ولواء زينبيّون الباكستاني، بالإضافة إلى مليشيات عراقية متنوّعة، بهدف تعزيز قدراته القتالية. وكان النظام قد اتّبع استراتيجيةً واضحةً منذ البداية لمحاربة الثورة السلمية، تقضي بإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين المتشدّدين من سجونه، وسبق أن شارك بعضهم في الحرب ضدّ الأميركيين في العراق وأفغانستان، مقابل اعتقال الثوّار السلميين المدنيين. كان الهدف إغراق البلاد في دوامة عنف لوضع دول الإقليم، والمجتمع الدولي، بين خيارَين، فإمّا النظام وإمّا المتطرّفون من كلّ بقاع الأرض.

تفيد تقديرات متنوعة بأنّ عشرات الآلاف (ربّما تجاوز عددهم 40 ألف مقاتل من أكثر من مائة دولة) قد توافدوا إلى الأراضي السورية. لم تكن دوافع هؤلاء المتطوّعين متجانسةً، فمنهم من انضمّ إلى فصائل المعارضة المسلّحة المتنوعة، مدفوعاً بمزيج من التضامن مع الثورة الشعبية ضدّ نظام استبدادي، وشريحة أخرى حظيت بالقدر الأكبر من الاهتمام الإعلامي والسياسي، التحقت بتنظيم القاعدة. جبهة النصرة التي غيّرت اسمها لاحقاً إلى هيئة تحرير الشام (وغيرها) التحقت بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). جاء هؤلاء جميعاً حاملين برامجَ أيديولوجيةً عابرةً للحدود، تسعى إلى إقامة خلافة إسلامية أو تطبيق تفسيرات متشدّدة للشريعة الإسلامية. لم يقتصر تدفّق الأجانب على هذه الفئات، بل شهد الصراع العسكري لاحقاً أيضاً انخراط أفراد في صفوف وحدات حماية الشعب الكردية، بدوافع تراوحت بين التعاطف الأيديولوجي مع المشروع الكردي في شمال سورية، والرغبة في محاربة تنظيم داعش، أو حتى البحث عن مغامرة قتالية.

يثير ملفّ المقاتلين الأجانب وعائلاتهم في سورية كثيراً من الأسئلة، فهل يجب إعادتهم قسراً أو طوْعاً إلى بلدانهم الأصلية لمواجهة العدالة، أم الخضوع لبرامج إعادة تأهيل كما يُطالب فريقٌ سوري يرى فيهم قنبلة موقوتة في مجتمع متنوّعٍ لا يحتمل التشدّد الأيديولوجي؟ أم يمكن دمجهم (أو على الأقلّ دمج بعضهم) في النسيج المجتمعي السوري الهشّ والمثقل أصلاً بجراحات الحرب، كما يذهب أنصار فريق سوري آخر يرون فيهم قيمةً مضافةً لما قدّموه من خدمات لمصلحة إزاحة النظام الاستبدادي؟ أم يجب ترحيلهم إلى دول ثالثة، ومن ثمّ إنشاء محاكم دولية خاصّة لمحاكمة المتورّطين منهم في جرائم حرب والجرائم ضدّ الإنسانية؟

ليست الإجابة عن هذه التساؤلات بالأمر اليسير، ولا تقتصر على الأبعاد الأمنية والقانونية، بل تشمل اعتبارات إنسانية، اجتماعية وسياسية عميقة. يستدعي هذا استقراء تجارب شعوب أخرى للاستفادة منها، وذلك كلّه يجب أن يتم مع الأخذ في الاعتبار المصالح المتضاربة للقوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الملفّ السوري، والأهم من ذلك كلّه احتياجات (وتطلّعات) المجتمع السوري المنهك من طول فترة الصراع والحرب.

يفرض وجود المقاتلين الأجانب ذوي الانتماءات المتطرّفة تحدّيات عديدة على المستويات المحلّية والإقليمية والدولية. يشكّل هؤلاء الذين اكتسبوا خبرات قتالية متقدّمة، وتمرّسوا على تكتيكات حرب العصابات، وتلقّوا تدريبات على صنع المتفجّرات، تهديداً أمنياً جسيماً وطويل الأمد. هذا التهديد لا يقتصر على سورية فحسب، بل يمتدّ ليشمل دولهم الأصلية والمنطقة برمتها، وحتى دولاً لم تكن طرفاً مباشراً في النزاع. يعيد المشهد السوري الراهن إلى الأذهان تجربة الأفغان العرب، الذين تحوّلوا منظّرين وقادةً في تنظيم القاعدة بعد انسحاب السوفييت من أفغانستان، كما يذكّرنا أيضاً بالمقاتلين الشيشان الذين تشرّدوا في بقاع الأرض بعد هزيمتهم على يد الروس، وبعضهم حضر إلى سورية، وما زال موجوداً فيها.

استطاعت القيادة السورية الجديدة تغيير موقف الإدارة الأميركية من هذا الملفّ بشكل جذري، فبعد أن كانت المطالب واضحةً وحازمةً ومباشرةً بضرورة إخراج هؤلاء المقاتلين من سورية، أصبح الآن بإمكان الحكومة السورية دمجهم في الجيش السوري الجديد، حسب تصريحات متواترة أطلقها مسؤولون أميركيون رفيعو المستوى، فقال مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سورية، توماس باراك، إن الولايات المتحدة وافقت على خطّة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف من المقاتلين الأجانب، الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة، بالانضمام إلى الجيش السوري، شريطة أن يتم ذلك بشفافية. وتأتي زيارة وزير الدفاع الأميركي بيتر بيريان هيغسيث، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كين، المرتقبة إلى دمشق، لتعزيز هذا الاتجاه التصالحي والتغيّر الجذري في الموقف الأميركي من وجود هؤلاء المقاتلين، وبقائهم في سورية، ودمجهم في القوات المسلّحة السورية. لا شكّ أنّ هذين المسؤولَين رفيعَي المستوى لن يبحثا موضوع تسليح الجيش السوري الجديد فقط، بل سيناقشان بالتفصيل خطط إدماج هؤلاء المقاتلين ومنع تسرّبهم إلى بقايا “داعش”، وضمان عدم تشكيلهم أيّ خطر على إسرائيل، راهناً ومستقبلاً.

ما الذي ينتظره السوريون والسوريات من السلطة السياسية الجديدة في هذا الملفّ؟ وهل هم أصحاب القول الفصل في هذا الشأن؟ وهل استشيروا أو استطلعت آراؤهم؟ وأين تقف مصالحهم وحقوقهم وكرامتهم، وهم الذين عانوا الأمرَّين من هذا الصراع المدمّر؟… الإجابة عن هذه الأسئلة تفترض التعريج على عدد من النقاط المهمّة. فلا يمكن إقامة سلامٍ دائمٍ ولا مصالحة حقيقية في سورية من دون تحقيق العدالة، فلا بدّ من محاسبة مرتكبي الانتهاكات الخطيرة، بمن فيهم المقاتلون الأجانب. لا بدّ من ملاحظ مشكلة هؤلاء المقاتلين الأجانب وعائلاتهم في خطط إعادة الإعمار، وإلا سيكون علينا توقّع انخراطهم في جماعات إرهابية أو قيامهم بأنشطة تخريبية، مثل التحاقهم بعصابات تهريب المخدّرات لتأمين فرص عيشهم. كذلك، يشكّل المقاتلون الأجانب تهديداً محتملاً لغالبية الفئات المجتمعية السورية، ليس للأقليات فقط، بل للأكثرية المسلمة السُّنية أيضاً. فهؤلاء لا ينتمون إلى الثقافة السورية، ولا يدركون سياقات تطوّر المجتمع السوري وتعايش أفراده ومجموعاته المتنوّعة دينياً وطائفياً ومذهبياً وقومياً. إضافة إلى ذلك، ثمّة مشاكل تتعلّق بالأولويات الوطنية السورية، وخاصّة تلك المتعلّقة بإعادة الضبّاط وصفّ الضباط والأفراد، المنشقّين عن الجيش خلال مرحلة الصراع مع النظام البائد إلى أماكنهم، أو أماكن تناسبهم. وهناك أولويات إعادة السوريين النازحين واللاجئين إلى مدنهم وقراهم. كذلك هناك تحدّيات دمج قوات سورية الديمقراطية وغيرها من التنظيمات المسلّحة. يجدر القول إنّ خطط إدماج المقاتلين الأجانب، وأغلبيتهم من الإيغور، ضمن فرقة عسكرية واحدة، أطلق عليها اسم “الفرقة 84″، يعطي حافزاً لبقية القوى للتمسّك بمطلبها أن تدخل الجيش كتلةً واحدةً.

في الختام، لا بدّ من النظر إلى هذه المشكلة بعيون جميع الأطراف، ولا بدّ من أخذ تجارب الشعوب بعين الاعتبار، حتى لا تكرّر الأخطاء التي ارتكبت سابقاً، وحتى نخفّف من الآثار المستقبلية السلبية المحتملة على المجتمعَين السوري والإقليمي.

العربي الجديد

———————–

اتفاق دمج المقاتلين الأجانب.. تحوّل في منطق إدارة الصراع أم اضطرار سياسي؟/ بشار الحاج علي

2025.06.04

في الثاني من يونيو الجاري، كشفت وكالة رويترز عن موافقة الولايات المتحدة على خطة تقدّمت بها السلطة الانتقالية في سوريا لدمج نحو 5000 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور، ضمن وحدة جديدة تحمل اسم “الفرقة 84” في إطار الجيش السوري الوطني.

خطوة أثارت تساؤلات حيوية حول أبعادها الأمنية والسياسية، خاصةً أن هذه الفئة من المقاتلين كانت – حتى وقت قريب – تُدرج في صلب لوائح الاستهداف الدولي، سواء بحجة الإرهاب أو الانتماء إلى تنظيمات عابرة للحدود، ما يجعل إدماجها اليوم في مؤسسة وطنية، تحت مظلة توافق دولي، تحوّلًا لافتًا في مقاربة إدارة الملف السوري.

هذه التطورات تفرض قراءة متأنّية تتجاوز منطق الإدانات المسبقة أو الترحيب المتسرّع. فالسلطة الانتقالية الناشئة في دمشق، التي وجدت نفسها أمام تركة أمنية بالغة التعقيد، لا تبدو وكأنها تعيد إنتاج الدولة وفق النموذج المركزي القديم، بل تسعى إلى بناء نموذج انتقالي قادر على احتواء ما أمكن من مفاعيل ما بعد الصراع، دون أن تدخل في مواجهات مباشرة مع قوى ما زالت تحتفظ بمشروعية السلاح أو رمزية النفوذ الميداني. من هذا المنظور، يمكن النظر إلى الاتفاق بوصفه تعبيرًا عن دولة تتشكّل على وقع الموازين لا المواقف، وتعيد رسم خارطتها المؤسسية من خلال التفاهم لا الحسم.

اللافت في هذا السياق ليس فقط طبيعة المقاتلين المعنيين، بل القبول الدولي بهذا الترتيب.

الولايات المتحدة، التي لطالما تبنّت نهجًا صارمًا في التعامل مع المقاتلين الأجانب، وافقت هذه المرة على إدماجهم داخل بنية الجيش الوطني، شريطة أن يخضعوا لرقابة أمنية صارمة، ويُسحب سلاحهم تدريجيًا في إطار عملية إعادة التأهيل العسكري.

هذا القبول الأميركي لا يعكس بالضرورة تحوّلًا في المبادئ، بقدر ما يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الانخراط المباشر في مسارات العزل والتصفية لم يعد عمليًا أو قابلًا للتطبيق، لا سياسيًا ولا لوجستيًا، خصوصًا في ظل ما خلّفته سنوات النزاع من تشابك عضوي بين الفصائل، والجغرافيا، والمجتمعات المحلية.

بهذا المعنى، فإن التحوّل الذي نرصد ملامحه لا يتعلق فقط بالجانب السوري، بل بزاوية الرؤية الدولية إلى طبيعة الحل في سوريا. فبدلًا من التركيز على هندسة دولة مثالية من خارج السياق، يجري الآن الاستثمار في إدارة ما هو ممكن، حتى لو تطلّب ذلك إدماج عناصر كانت إلى عهد قريب تُعتبر جزءًا من المشكلة الأمنية. هذا لا يعني تبرئة هذه العناصر، بل يعني ببساطة تكييف منطق بناء الدولة مع تعقيدات الواقع، حيث لا يوجد فصل نقي بين العدو والحليف، ولا بين ما هو شرعي وما هو ممكن احتواؤه. وما يجري اليوم هو إعادة تعريف “الشرعية” ذاتها: ليس بوصفها مفهوماً قانونيًا صرفًا، بل كأداة تكيّف سياسي وظيفي.

لكن هذا الترتيب، على وجاهته السياسية، لا يخلو من مخاطر ميدانية وأمنية جدّية، فدمج مقاتلين سبق لهم الانتماء إلى تنظيمات ذات مرجعيات عقائدية مغلقة في مؤسسة وطنية يُفترض أنها تقوم على الولاء للدولة، يتطلب ما هو أكثر من إعادة توزيع للمهام أو إعادة هيكلة شكلية، إنه يتطلب إعادة صياغة للعقيدة القتالية، وتأهيلًا نفسيًا وسياسيًا يضمن انتقالهم من منطق الجماعة إلى منطق الدولة، وفي غياب هذا الجهد العميق، فإن “الفرقة 84” قد تتحوّل إلى كيان موازٍ داخل الجيش، لا يخضع بالضرورة لسلطة مركزية، بل يحتفظ بولاءات فرعية قد يُعاد تفعيلها عند أول أزمة.

الانعكاسات الإقليمية لهذا الاتفاق لم تتأخّر، فالصين، التي تعتبر ملف المقاتلين الإيغور مسألة أمن قومي، تتابع بقلق هذه التطورات، ولو من خلف الستار. وفي حال غياب ضمانات واضحة حول إخراج هؤلاء من الحلقات العابرة للحدود، فقد تعيد بكين النظر في طبيعة انخراطها المستقبلي في الملف السوري، لا سيما فيما يتعلق بالمشاركة في إعادة الإعمار أو تطبيع العلاقات مع السلطة الانتقالية.

أما تركيا، التي راكمت علاقات متشابكة مع فصائل المعارضة السورية، فتشعر بأن ترتيبات كهذه تُجرى خارج حساباتها، ما يضعها أمام معادلة جديدة: إما التكيّف مع بنية أمنية سورية لا تمر عبرها، أو إعادة تموضعها بشكل يضمن لها نفوذًا في مشهد آخذ بالتبلور دون العودة إلى خرائط النفوذ القديمة.

في هذا المناخ، تبرز السلطة الانتقالية كمحور تفاوضي لا كلاسيكي، تُدار فيه السلطة كمنظومة توافقات متعدّدة أكثر منها كهرم قرار واحد. من هنا، فإن الاتفاق الأخير لا يمكن فصله عن مشهد أوسع يتكوّن في دمشق؛ حيث يُعاد تشكيل الدولة على قاعدة براغماتية تحاول أن تجمع بين التهدئة الميدانية، والتفاهمات الخارجية، وإعادة إنتاج مؤسسات الأمن والجيش، ولكن بشكل يعترف ضمنًا بأن الدولة السورية – في شكلها الذي كان – قد انتهت، وأن المطلوب اليوم ليس استعادتها، بل إنتاج نسختها الممكنة.

وعلى ضوء كل ذلك، لا يمكن النظر إلى هذا الاتفاق كحدث تقني يخص هيكلية الجيش السوري فحسب، بل هو لحظة سياسية فاصلة في سياق إعادة بناء الدولة السورية. فمنذ اندلاع الأزمة قبل أكثر من عقد، لم تكن المعضلة في “من يحكم”، بل في “كيف تُبنى الدولة” وسط تشظيات ما بعد الحرب. واليوم، تقدّم السلطة الانتقالية نموذجًا أوليًا لما يمكن تسميته “إدارة الفوضى المنتجة”، حيث يجري استيعاب التناقضات بدلًا من استئصالها، ويتم التفاوض مع الواقع لا تجاوزه.

مع ذلك، فإن نجاح هذا النموذج سيظل مشروطًا بقدرة النخبة الجديدة على ضبط إيقاع التوازن بين ضرورات الأمن ومتطلبات الشرعية. فلا الاستقرار وحده يكفي لبناء دولة، ولا الاحتواء وحده قادر على تحويل جماعات مسلّحة إلى نواة مؤسسة وطنية. وبين الأمرين، ستتحدّد ملامح سوريا الجديدة، لا بوصفها استعادة لماضٍ انتهى، بل كتحوّل هادئ – ومرن – نحو دولة تتّسع للواقع دون أن تذوب فيه.

تلفزيون سوريا

————————–

شروط إصلاح “الجهادية القتالية” في سوريا/ وليد فارس

كان قرار ترمب بتغيير سياسة واشنطن تجاه دمشق حاسماً وسريعاً

الأربعاء 4 يونيو 2025

صدر عن البيت الأبيض سلسلة قرارات لإعفاء عدد من المسؤولين في الإدارة، على خلفية كونهم مقربين من إسرائيل وممانعين للتواصل مع السلطة الجديدة في سوريا، وعلى رأسهم مستشار الأمن القومي مايكل والتز. واستمرت حركة الإعفاءات لمسؤولين كبار كمورغان أورتاغوس، وإيريك تراغر مدير الشرق الأوسط، وغيرهم.

يشكل تطوران مهمان في الشرق والغرب منذ انطلاقة إدارة ترمب منطلقاً لنقاشات حول مستقبل سوريا بشكل عام وحكمها الحالي بشكل خاص. التطور الأول كان سيطرة “هيئة تحرير الشام” وحلفائها على معظم سوريا والعاصمة دمشق خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، وكان التساؤل المستمر حول مستقبل السلطة الجديدة: فهل ستصمد أم تتهاوى أم تسيطر على جزء من البلاد، أم إنها ستحظى بالاعتراف؟ أما التطور الثاني فحدث بعد أن تم الاعتراف بالسلطة الجديدة في دمشق من قبل القمم الخليجية- الأميركية خلال مايو (أيار) الماضي، وركزت التساؤلات حول التطور الثاني على شروط أميركا والغرب لاستكمال الاعتراف والدعم للحكم في دمشق. فلنستعرض تطور موقف الإدارة من التطورين.

جاء دخول المعارضة إلى العاصمة السورية في مرحلة فراغ سياسي في واشنطن، حيث لم يتسلم دونالد ترمب بعد، وحيث انتهت عملياً ولاية جو بايدن. فكانت المرحلة لمصلحة “المنتصر” على نظام الأسد. البيروقراطية الأميركية الخارجية سارعت إلى الاتصال والتواصل مع السلطات الجديدة في دمشق، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي. ومرت مرحلة ضبابية حول الموقفَين العربي والغربي من السلطات الجديدة. بالطبع، كانت الحكومة التركية التي يقودها حزب “العدالة والتنمية” أول المعترفين بقيادة الرئيس أحمد الشرع. الموقف العربي تطور بسرعة، حيث مرت مرحلة متأرجحة حتى وصول ترمب إلى المكتب البيضاوي في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. إلا أن الدولة العربية الأولى التي اعترفت بسلطة الحكومة الجديدة كانت قطر، بتنسيق مع تركيا. أما الولايات المتحدة والغرب فقد تمهلا، وانقسمت طواقمهما بين مؤيد للاعتراف ومعارض له. فقد عارضت الأوساط المؤيدة لإسرائيل، وتلك الممثلة للإنجيليين، التواصل مع القوة العسكرية الإسلامية، وصرح مدير دائرة مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض سيباستيان غوركا بأن أميركا غير قادرة على التعاطي مع المتشددين، مضيفاً “إنهم على لوائحنا”. في المقابل، تحرك عدد من المقربين من الرئيس ترمب من أوساط رجال الأعمال، وطالبوا بالتواصل مع الحكم الجديد للتوصل إلى الموارد الهائلة التي أراد محور طهران- موسكو- وآل الأسد السيطرة عليها. وانقسم المستشارون الرسميون إلى جناحين، مما أجل البت في الاعتراف.

وجاءت أحداث الساحل مع العلويين، والاختلافات مع الأكراد، والصدام مع الدروز، والضربات الإسرائيلية في سوريا، وخصوصاً الجنوب، لتؤجل قرار التعاطي مع ملف سوريا في واشنطن. ولكن الموقف العربي بدأ يتغير، فقامت السعودية والإمارات والبحرين بدعوة الرئيس السوري واعترفت بشرعيته لحكم سوريا. أما في واشنطن، فصدر عن البيت الأبيض سلسلة قرارات لإعفاء عدد من المسؤولين في الإدارة، على خلفية كونهم مقربين من إسرائيل وممانعين للتواصل مع السلطة الجديدة في سوريا، وعلى رأسهم مستشار الأمن القومي مايكل والتز. واستمرت حركة الإعفاءات لمسؤولين كبار كمورغان أورتاغوس، وإيريك تراغر مدير الشرق الأوسط، وغيرهم.

وكان ترمب قد طلب من مستشاره ستيف ويتكوف إدارة مفاوضات لإنهاء المواجهات مع الحوثيين و”حماس” و”حزب الله” والنظام الإيراني في نفس الوقت تقريباً. وفي هكذا أجواء، تم التوافق على إجراء ثلاث زيارات لترمب إلى الرياض والدوحة وأبوظبي لإرساء جسور التعاون الأميركي الخليجي. وفاجأ ترمب العالم بأنه استقبل الرئيس السوري خلال زيارته للمملكة العربية السعودية، وأغدق عليه بالمدح وقرر رفع العقوبات عن الدولة السورية. وكان قرار ترمب بتغيير سياسة واشنطن تجاه دمشق حاسماً وسريعاً، فوجه إدارته لإسقاط القرارات التنفيذية بحق سوريا والعمل على دعم الحكم وتجهيزه وتسليحه ليتحول إلى شريك لواشنطن تدريجاً.

بالطبع، فإن أصواتاً تتعالى، لا سيما في الكونغرس، للمطالبة بضمانات حول من سيحكم البلاد ومصير “المقاتلين الأجانب” الملقبين بـ”الجهاديين الدوليين”. فتقدم السيناتور تيد كروز بمشروع قانون لوضع “الإخوان المسلمين” على لائحة العقوبات الأميركية، وإن حصل، فسيؤثر على الجماعات الإسلامية المقاتلة في العالم. ولكن هكذا مشروع قد يأخذ أكثر من عام ليتم مناقشته وإقراره، وعلى الرئيس أن يوقعه قبل اعتماده، وسيصعب استعماله ضد السلطة الجديدة في سوريا. أما البيت الأبيض، فيبدو مصمماً حتى الآن على أن يمضي بمشروع التطبيع مع الرئيس الشرع.

ومن أهم ما ترشح هو زيارة لدمشق من قبل وزير الدفاع الأميركي ووفد من “البنتاغون” للاطلاع على “حاجات الدولة السورية من السلاح”، مما يعني أن ترمب يضع العلاقات الجديدة مع الحكومة الجديدة فوق القلق السائد في واشنطن حول هوية السلطة العقائدية والتاريخية. أي، بكلام آخر، أن يكونوا على لائحة الإرهاب أم لا، فخيار البيت الأبيض هو تثبيت الاستثمار الخليجي، وخصوصاً في سوريا، بغض النظر عن هوية ونوايا المعارضة سابقاً والدولة حالياً.

إلا في موضوع واحد شددت عليه كل أجهزة الاستخبارات، وهو موقع الجماعات الأجنبية المقاتلة التي انضمت سابقاً إلى فصائل المعارضة قبل ذلك. فقد وضعت الولايات المتحدة شرطاً بإقصاء هذه المجموعات من مؤسسات الدولة السورية. إلا أن المفاوضات الأخيرة سمحت “للمقاتلين الأجانب” بأن يتم استيعابهم في وزارتي الدفاع والداخلية، ولكن ضمن شرط أخير وهو ألا يُسلَّموا مسؤوليات حساسة. فالجيش الأميركي قد يزود السلطة بمعلومات دقيقة تتعلق بتنظيم “داعش” وتنظيمات أخرى شبيهة بالجماعات الإسلامية القتالية في سوريا.

وهنا يختلط الحابل بالنابل، وسيُساءل الكونغرس الإدارة حول هذا الملف. والجدير بالذكر أن الحكومة الجديدة ستحصل على نتائج أفضل لأجندتها من نفس هذه القوى مقارنة بما حصلت عليه خلال مفاوضاتها مع إدارة أوباما. ولعل المصالح الاقتصادية باتت تطغى على مشاريع الأمن القومي في واشنطن.

——————————

 الإيغور كطبقة أنساب جديدة في سوريا/ محمد حجيري

الخميس 2025/06/05

الشرق الأوسط إقليم استراتيجي لا يهدأ ولا يستقر، مثل كثبان رملية، سواء في الحرب أو من خلال التغيير الديموغرافي. كثر يعتبرون بعض مناطقه مَوطن أديانهم وآلهتهم وأنبيائهم، وكثر ينسجون الحكايات السرديات حول مناطق أخرى باعتبارها موطن أجدادهم وجذورهم وثقافتهم، وكثر يبحثون عن أوطانهم الخيالية في هذا الإقليم الملتهب.

تقديس الأمكنة يجعل سرديتها مربكة. مَن يقرأ تاريخ تركيا المعاصر، يدرك حجم العواصف التي أصابتها وطاولت النسيج المسيحي والأرمني والكردي والسرياني. ولا يختلف واقع العراق في ظل حكم صدّام أو بعد سقوطه أو في مراحل أخرى. لبنان يعيش تحولات وأزمات في كل الأوقات، “بيت بمنازل كثيرة”، لوحات نهر الكلب دليلٌ على أنه طبقات من الشعوب والأجناس والحضارات. فلسطين لا تختلف عن لبنان، وفي زمن الاحتلال الإسرائيلي كانت ذروة التهجير القسري…

وإذا ما ركزنا الآن على سوريا، نلاحظ التالي: قبل أيام، اجتمع المئات من الشركس السوريين، في ساحة الأمويين وسط دمشق، لإحياء “يوم الحزن الشركسي”، في الذكرى الـ161 لنهاية الحرب الروسية الشركسية وبدء عمليات التهجير القسري لشعبهم من موطنه التاريخي في شمال القوقاز العام 1864. ففي 21 أيار/مايو 1864، أعلن القيصر الروسي نيكولاي الثاني، نهاية الحرب التي استمرت أكثر من قرن ضد شعوب القوقاز، معلنًا السيطرة الكاملة على بلاد الشركس. ولم تنتهِ المأساة بانتهاء المعارك، بل بدأت حينها عملية تهجير قسري ممنهجة بحق السكان الأصليين، حيث تشير التقديرات إلى أن نصف الشعب الشركسي أُبيد خلال الحرب، فيما تم تهجير 90% من الناجين قسراً إلى أراضي السلطنة العثمانية في دمشق ومناطق أخرى من سوريا والأردن. وطوال عقود، ظلَّ الشركس صامتين على حزنهم بسبب الأنظمة الاستبدادية المتعاقبة.

“طوشة النصارى”

وفي العام 1860، قبل مجيء الشركس بأربع سنوات، شهدت دمشق “طوشة النصارى”. التحول الحداثي والحياتي والسياسي أدى إلى توتر ومجازر وتهجير ديموغرافي بحق المسيحيين، وفي تلك المرحلة برز الأمير عبد القادر الجزائري كحامٍ لهم. ولم تختلف طوشة النصارى عن واقع الشركس إعلامياً. يقول المؤرخ سامي مبيض في كتابه “نكبة نصارى الشام” أن السوريين بكل طوائفهم وخلفياتهم السياسية حاولوا “التعتيم على هذه الحقبة المظلمة من تاريخهم الحديث، ملقين اللوم في ما حدث إما على الدولة العثمانية الحاكمة يومها أو على الدول الأوروبية، رافضين الاعتراف بأن أجدادهم شاركوا في مذبحة شنيعة من هذا الحجم، يندى لها الجبين… وبقيت الفتنة الشنيعة خارج إطار الدراسات، فلم تأتِ كتب التاريخ (السورية) المدرسية أو الجامعية المطبوعة حكومياً منذ نهاية الحكم العثماني وحتى يومنا هذا على ذكرها”.

وفي بداية شهر أيار الفائت، وخلال محاضرة في  الجامعة الأميركية في بيروت، روى المؤرخ الأميركي يوجين روغان أحداث دمشق 1860 وكيف اندلعت الاضطرابات وأعمال العنف خلال لحظات في أنحاء الشام. وأدت إلى مجزرة بحق آلاف المسيحيين من سكان دمشق، والذين كانوا يشكلون 15% من مجموع سكانها. ولم تكن طوشة النصارى إلا جولة ثانية من الخلافات التي نشأت بين المسيحيين والدروز في جبل لبنان بداية العام 1860، وقد تركت تلك الأحداث انطباعاً خطيراً في السياسة والمجتمع في دمشق. ومع اندلاع الحرب في الجبل ودمشق وحلب العام 1860، شهدت بيروت توسّعاً، بسبب النزوح الكثيف إليها، وانتقل الكثير من مسيحيي دمشق وحلب إلى بيروت، التي حتى منتصف القرن التاسع عشر، كانت بلدة صغيرة لا تتعدّى مساحتها 15 هكتاراً، وعدد سكانها يقارب الـ4000. وبسبب الحروب والتهجير صارت “مدينة الغرباء”. يقول الروائي الياس خوري أنه خلال الحرب الأهلية الأولى العام 1860، استقبلت بيروت اللاجئين الهاربين من هول المذبحة في جبل لبنان، ثم استقبلت الهاربين من مذبحة دمشق. وجد اللاجئون فيها مدينتهم، لأنها من دونهم ما كان لها أن تصير مدينة. وتعاقبت عليها موجات اللاجئين”.

معركة عين دارة

قبل الحديث عن ذكرى 1860 ومدينة الغرباء والطوائف، كانت قضية الدروز في سوريا وعلاقتهم المتوترة مع النظام السوري الجديد. كثر لا يعرفون أنه في ربيع 1711 وفي شهر أيار تحديداً، تواجَه الحِزبان القيسي واليَمني في خراج قرية عين دارة في جبل لبنان، في معركة شرسة غيّرت الوجه السياسي والاجتماعي للمنطقة. يقول الباحث اللبناني مكرم رباح إن “معركة عين دارة انتهت بإعدام أمراء اليَمَنيين وجلاء العائلات اليمَنية من جبل لبنان إلى موطنهم الجديد في جنوب شرقي دمشق في محافظة السويداء”.

الحروب المتعاقبة وتبدل الأنظمة، أدت إلى تبدل جوهري في النسيج السكاني للمنطقة، سواء الغزوات الصليبية أو سلطة صلاح الدين الأيوبي أو سلطات الفاطميين والمماليك والعثمانيين، كلها أنظمة أدت إلى تغيير ديموغرافي. مئات العائلات الأيوبية الكردية والتركية والعربية والأرمنية والقوقازية، انصهرت في النسيج المديني الدمشقي والحلبي. لن أحكي عن التحول الديني وتقلباته وتشعباته، من المسلمين الذين يتكلمون السريانية في سوريا، إلى مناطق كسروان وطرابس والضنية التي كانت حواضر شيعية. والأضرحة والقبور في دمشق تحكي واقع التحولات السياسية والاجتماعية ولعبة الأنساب، من قبر صلاح الدين الأيوبي إلى قبر معاوية والسيدة زينب ويوحنا المعمدان ومولانا خالد وابن عربي وسائر الأسماء. وطوال القرن العشرين، لم تتوقف رياح التحولات الديموغرافية القسرية والطبيعة في سوريا. في زمن الحرب العالمية الأولى، سار الآلاف من الأرمن على أقدامهم في ظروف قاسية، هرباً من المجازر التركية. وأصدر الشريف حسين، وقتها، مرسوماً لجميع القبائل بإيواء الأرمن واستضافتهم وحمايتهم مما يتعرضون له من مذابح.

وفي زمن الحرب الإسرائيلية العربية، كانت سوريا -كما لبنان- مركزاً لنزوح جديد لآلاف الفلسطينيين الهاربين من جحيم الاحتلال. وفي زمن النظام البعثي الأسدي، كان حافظ الأسد يرعى بشكل ممنهج وخبيث، التغيير الديموغرافي. فعدا عن هجرة المسيحيين لأسباب اقتصادية ومعيشية، وتقلّص وجودهم إلى أدنى مستوياته، كان النظام يستولى على الأراضي بطريقة مُقنّعة ويصنع الضواحي الجديدة في المدن السورية من خلال إسكان الضباط العلويين الموالين له فيها. مع الثورات العربية، عاشت سوريا نوعاً جديداً من التحول القسري الديموغرافي. فعدا التهجير بالبراميل المتفجرة لسكان المدن والقرى، كان التوطين من خلال التجنيس لمجموعات من أفغانستان وإيران والعراق ولبنان.

ومع سقوط بشار الأسد وهروبه، برز تطوّر جديد تمثّل في المقاتلين الأجانب في صفوف القوى المسلحة التابعة للنظام الجديد، ولعل أبرزُهم القوقازيين الآتين من الشيشان، والإيغور الآتين من الصين عبر تركيا. منذ العام 2012، وصل آلاف الإيغور إلى سوريا، وتقدر أعدادهم اليوم بنحو 15 ألف شخص، بينهم خمسة آلاف مقاتل، وتمركزوا في إدلب ومحيط جسر الشغور وظهروا في المسجد الأموي بعد سقوط بشار الأسد. يطلق عليهم السوريون اسم “التركستان”، وقد أسسوا مدارس ومشاريع صغيرة من مطاعم ومحطات وقود، كما التحق المئات منهم بجامعة إدلب مجانًا، شأنهم شأن الطلاب السوريين.

بين بشار الأسد والحزب الشيوعي الصيني

ويحظى الإيغور بدعم معنوي من الجاليات الإيغورية حول العالم. ورغم شطب واشنطن لحركة تركستان الشرقية الإسلامية من لائحة العقوبات الأميركية، إلا أن الصين تقول إن الإسلامي التركستاني يُعد امتدادًا لحركة تركستان الشرقية، وتتهمه بتنفيذ هجمات داخل الصين، بالإضافة إلى تفجير السفارة الصينية في بيشيك عاصمة قيرغزستان. الإيغور جاؤوا إلى سوريا بحثًا عن مكان للاستقرار، وهم لمسوا “أوجه شبه بين نظام بشار الأسد القمعي ونظام الحزب الشيوعي الصيني، ولذلك انضموا إلى القتال إلى جانب السوريين”. والآن أُعلن ضمّ مقاتليهم إلى الجيش السوري، ربما يتحولون في المستقبل نقطة خلاف بين الصين والولايات المتحدة…

والحال أن الصين التي تغزو العالم بالبضائع والتفاصيل والديموغرافيا، وترفع شعار التفوق التكنولوجي للعام 2030، لم تستطع إيجاد حل لأقلية ضئيلة من سكانها، تمارس عليها شتى أنواع الانتهاكات الحقوقية. وبات جزء من الإيغور الآن، طبقة أنساب جديدة، في ظل النظام السوري الجديد وبموافقة أميركية.

المدن

—————————

الشارع السوري.. بين مرحب بتجنيس مَن قاتل إلى جانب الثوار وبين قلق على السلم الأهلي والتعايش المشترك/ جانبلات شكاي

بين مرحب بالإجراء باعتباره يمثل حالة من الوفاء لمن قاتل إلى جانب الثوار، وبين معارض ومنتقد له باعتباره غير قانوني ويفتح الباب أمام الأجانب، فيما يغلقه أمام شرائح مختلفة من المجتمع، برزت موجة جدل بين السوريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية إعلان الولايات المتحدة الأمريكية موافقتها على خطة لدمج آلاف من المقاتلين الأجانب ضمن صفوف الجيش السوري الجديد، وسط صمت رسمي، ظهر وكأنه مقصود.

واعتبر رئيس نقابة المحامين في سوريا أحمد دخان في تصريح لـ”القدس العربي” أن “الانتقادات الواسعة تعكس قلقاً شعبياً مشروعاً تجاه مسألة تتعلق بالسيادة الوطنية والأمن القومي”، معتبراً الوقت ذاته أن الأجراء “يمكن أن يُنظر إليه كخطوة نحو المصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة”.

ضوء أخضر

وأعلن مبعوث الرئيس الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، الاثنين، أن الولايات المتحدة وافقت على خطة طرحتها القيادة السورية الجديدة للسماح لآلاف من المقاتلين الأجانب، الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة، بالانضمام إلى الجيش الوطني، شريطة أن يتم ذلك بشفافية.

ونقلت وكالة “رويترز” عن باراك قوله ردا على سؤال عما إذا كانت واشنطن وافقت على دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري الجديد: “أعتقد أن هناك تفاهما وشفافية”، وأضاف أنه من الأفضل إبقاء هؤلاء المقاتلين ضمن مشروع الدولة بدلا من إقصائهم، ووصف كثيرين منهم بأنهم “مخلصون للغاية” للإدارة السورية الجديدة.

كما نقلت الوكالة عن مسؤولين سوريين أن الخطة تنص على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة مشكّلة حديثاً، وهي الفرقة 84 من الجيش السوري، والتي ستضم سوريين أيضا.

وذكرت “رويترز” أن مصدرين مقرّبين من وزارة الدفاع السورية قالا إن (رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد) الشرع والمقربين منه، حاولوا إقناع محاورين غربيين بأن ضم مقاتلين أجانب إلى الجيش سيكون أقل خطورة على الأمن من التخلي عنهم، الأمر الذي قد يدفعهم إلى الانضمام مجدداً إلى تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال الشرع، بحسب الوكالة ذاتها، إن المقاتلين الأجانب وأسرهم قد يحصلون على الجنسية السورية لدورهم في محاربة الأسد.

والمقاتلون الإيغور من الصين ووسط آسيا، هم أعضاء في الحزب الإسلامي التركستاني، وهي جماعة تصنّفها بكين على أنها إرهابية. وقال المسؤول السياسي في الحزب الإسلامي التركستاني عثمان بوغرا، لـ”رويترز” في بيان مكتوب، إن الجماعة حلّت نفسها رسمياً واندمجت في الجيش السوري، وتعمل حالياً بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع، وتلتزم بالسياسات المتبعة في البلاد، وتحافظ على عدم الارتباط بأي كيانات أو جماعات خارجية.

لا مكان للأقليات

ومع تداول الخبر الذي يؤشر على إغلاق ملف المقاتلين الأجانب في سوريا، شن ناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي حملة ضد ما وصفه البعض بتدخل صارخ في الشأن السوري الداخلي وبما يتناقض مع تصريحات سابقة لباراك ذاته أعلن فيها أن عصر التدخل الغربي بشؤون الآخرين قد انتهى.

وكتب رئيس حركة البناء الوطني أنس جودة عبر صفحته على “فيسبوك” إن تصريح باراك ليس زلة دبلوماسية، بل هو مؤشر خطير على شكل الدولة التي يُراد فرضها على السوريين تحت عنوان “الانتقال” أو “الاستقرار”.

وتابع: “بدل أن يكون الجيش القادم انعكاساً للتنوع السوري، وتعبيراً عن عقد اجتماعي جامع، يتم هندسة جيش بعقيدة جهادية سلفية طاغية، موالية أيديولوجياً لا وطنياً، ومنفتحة على استيعاب المقاتلين الأجانب لكنها مغلقة أمام السوريين المختلفين”.

وقال جودة: “نحن أمام جيش لا مكان فيه للأقليات، لأن وجودهم “يهدد الانسجام العقائدي”، ولا للعلمانيين، لأنهم لا يرفعون راية التمكين، ولا حتى لعموم السوريين الذين لا يتطابقون مع النسخة المفروضة من الهوية الدينية المقاتلة”، معتبراً أن الأبواب تُفتح لمجندين قاتلوا في كل بقاع الأرض وعبروا الحدود بدعم وتشجيع دول الجوار، ويُطلب من بقية السوريين الصمت، والاندماج في ظل دولة لا تعترف بوجودهم السياسي أو الثقافي.

واعتبر أن “هذا ليس مشروع دولة، بل إعادة تدوير لمنطق الغلبة ولكن بلباس جديد، وبمباركة دولية هذه المرة”، مؤكدا أن أي جيش يُبنى على ولاء عقائدي بدلاً من الولاء الوطني، هو جيش ميليشيا وأن الاستقرار القائم على تحالف الأمر الواقع هو قنبلة مؤجلة، لا مشروعا لبناء وطن.

بدوره، انتقد الكاتب والباحث السوري روجيه أصفر، آلية تسريب الخبر، مؤكداً أن دمج هؤلاء المقاتلين رسالة سيئة لنسبة كبيرة من السوريين، مشيراً إلى أنه ليس من حق سلطة منقوصة الشرعية، في دولة تعيش أوضاعاً معقدة وانقسامات عميقة أن تذهب وتأخذ مثل هذا القرار، ثم نسمع به من الخارج، مشدداً على أن سوريا “بلدنا ونحن لسنا غنيمة نصر تتصرفون بها كما تريدون”.

الكاتب والصحافي حسن عبد الله الخلف، انتقد التدخل الأمريكي، وتساءل: “ماذا لو قرّرت غداً دعم تجنيس مقاتلي قسد الأجانب بالطريقة نفسها؟ والسابقة أصبحت موجودة، والدعم العلني حصل، وإن قيل إن هناك فيتو من تركيا، فإنه كان هناك فيتو أمريكي وأوروبي من قبل وتبخر”، مشيراً إلى أن التحالفات في سوريا مؤقتة، والخطوط الحمراء تُرسم بقلم رصاص.

وفي الإطار ذاته، اعتبر الصحافي هاني هاشم، أن حساسية موضوع ضم الإيغور لصفوف الجيش السوري وتجنيسهم، منطلقها ليس سياسيا ومن الأمن القومي ومصالح دول وتوجسات دول أخرى فقط، وإنما هناك اعتبارات اجتماعية لا يدركها إلا الشعب السوري ككل، باعتبار أن الموضوع يتعلّق بالولاء والانتماء والحس الوطني والاندماج والتماهي مع كل فئات المجتمع السوري وخاصةً المختلفة عن الإيغور أيديولوجياً.

وتابع: “لست ضد منح الإيغور الجنسية السورية طالما هناك ضمانات حكومية وضمانات دولية، ولكن أن يتم كيل الموضوع بمكيالين من أجل مصالح ومكاسب سياسية فقط، فهذا الشيء حتماً سيهدد السلم الأهلي والتعايش المشترك”.

وتحدث الكاتب والصحافي عبد الله علي عن حلول أخرى يمكن اتخاذها تجاه المقاتلين الأجانب، مشيراً إلى أن من بينها إحالتهم إلى التقاعد مع إعطائهم رواتبهم المستحقة، أو توظيفهم في وزارة الكوارث على سبيل المثال، أو التفاوض مع تركيا حول ضرورة تحملها مسؤولية هؤلاء لدورها في إدخالهم، علماً أن تركيا لم تمنح الإيغور اللاجئين في أراضيها الجنسية التركية، بل تقوم أحياناً باعتقالهم بحسب علاقتها مع الصين.

ومن بين الحلول التي قدمها علي، التباحث مع أفغانستان لأخذهم إلى هناك بحيث ينضموا إلى حركتهم الأم، وبنفس الوقت، يصبحون أقرب إلى وطنهم الأم الذين تأسسوا لتحريره حسب قولهم، أو توظيفهم في سوريا، ولكن في وظائف مدنية، ويبقى السؤال بحسب عبد الله علي: “لماذا في مؤسسة الجيش حصراً؟”.

الشفافية وثقة المواطن

وفي أول موقف شبه رسمي ورداً على أسئلة “القدس العربي”، اعتبر رئيس نقابة المحامين في سوريا أحمد دخان، أن الانتقادات الواسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تعكس قلقاً شعبياً مشروعاً تجاه مسألة حساسة تتعلق بالسيادة الوطنية والأمن القومي، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يثير إعلان المبعوث الأمريكي الخاص بعدم ممانعة واشنطن لضم المقاتلين الأجانب إلى الجيش السوري تساؤلات حول الأبعاد القانونية والسياسية لهذا القرار.

وقال: “نحن كممثلين عن الجسم الحقوقي، نؤكد على أهمية الشفافية في مثل هذه القرارات، وضمان توافقها مع القوانين الوطنية والمعايير الدولية، بما يحفظ استقرار البلاد ويعزز ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة”.

واعتبر دخان أن دمج المقاتلين الذين ساهموا في الدفاع عن الوطن في مؤسسات الدولة يمكن أن يُنظر إليه كخطوة نحو المصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة، مؤكداً ذات الوقت أن هذا الدمج يجب أن يتم وفقاً لضوابط قانونية واضحة، تضمن التحقق من خلفيات هؤلاء الأفراد والتزامهم بقيم الدولة المدنية، مشيراً إلى أن الهدف هو بناء جيش ومؤسسات أمنية تعكس تنوع المجتمع السوري وتحترم حقوق الإنسان، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام المستدام.

وتطرق دخان إلى الآليات القانونية التي يمكن اتباعها لتنفيذ دمج المقاتلين الأجانب بالجيش الوطني، وقال: “وفقاً للقانون السوري، يمكن منح الجنسية للأجانب عبر التجنيس، بشرط الإقامة المستمرة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، والإلمام باللغة العربية، وحسن السيرة والسلوك، وفي حالات الزواج من مواطنات سوريات، لا يُمنح الزوج الأجنبي الجنسية تلقائياً، بل يجب عليه التقدم بطلب رسمي يُدرس وفقاً للمعايير القانونية، أما بالنسبة لعدد المقاتلين الأجانب الذين يُنظر في دمجهم وهو لا يتجاوز 3500 فرد، مع وجود حالات زواج من سوريات، فإنه من الضروري التعامل مع كل حالة على حدة”.

وشدد دخان على أن قضية تجنيس الأفراد ودمجهم في مؤسسات الدولة، يجب أن يتم وفقاً لمعايير قانونية واضحة، تأخذ بعين الاعتبار مصلحة الدولة العليا، والأمن القومي، والتوازن المجتمعي.

وإن كان دمج هؤلاء الأجانب قد يفتح الباب أمام مطالبة “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” بدمج مقاتليها الأجانب من أعضاء حزب العمال الكردستاني أيضا ومنحهم الجنسية السورية، قال دخان: “يجب تقييم كل حالة بشكل منفصل، مع التأكيد على أهمية الالتزام بالقوانين الوطنية، واحترام سيادة الدولة، وعدم الانتماء إلى تنظيمات مصنفة كإرهابية”.

فرنسا وجيشها الرديف

حملة الانتقادات لموضوع دمج المقاتلين الأجانب، قوبلت برد من آخرين، بررت ورحبت بالدمج والتجنيس. وقال الصحافي سعيد هلال الشريفي، إن “الموضوع أثار حنق الفلول فراحوا ينفخون بقربة مثقوبة جديدة يهولون ويحذرون بالثبور وعظائم الأمور وبأن دمج أصحاب العقيدة الجهادية سوف يشكلون بؤرة خطرة، حسب زعمهم، على الحياة المدنية السورية”.

وتساءل الشريفي: “ألم يمنح الرئيس المخلوع الجنسية السورية (والتي تعمل الحكومة على شطبها) لنحو مليوني عنصر من ميليشيات إيران الطائفية ومرتزقتها العابرة للحدود، ولولا خلع ذاك النظام وطرد تلك الميليشيات لفقدت سوريا هويتها، ولظل حوالي 12 مليون سوري مهجرين خارج حدود الوطن إلى يوم الدين؟”.

وقال: “لمن لا يعرف، فإن لدى فرنسا منذ القرن التاسع عشر جيشاً رديفاً للجيش الفرنسي فوق أراضيها قوامه 100 ألف عنصر مؤلف حصرياً من مقاتلين أجانب يمنحهم القانون الحق في الحصول على الجنسية الفرنسية في نهاية خدمتهم المتعاقد عليها”.

وأضاف: “ضاق الفلول ذرعا بـ3500 مقاتل، لا حل أمام الدولة إلا بدمجهم تحت علم الوطن، في حين لم يسمع أحد صوت الفلول طوال سنوات الحرب عندما كانت الميليشيات الطائفية تسرح وتمرح في طول البلاد وعرضها، تفتك بالمدنيين، تقتل، تعتقل على الحواجز، تهجر، تعفش، تفرض الإتاوات، تنشر الكبتاغون وترتكب أبشع الموبقات، أم حلال عليهم.. حرام على غيرهم؟”.

الناشط الشركسي محمد بشموقة، دافع بدوره عن عملية الدمج، وقال: “إن الإيغور ليسوا أول قومية تحصل على الجنسية السورية عبر التاريخ، فقد سبقهم العديد من القوميات التي استقرت في سوريا وأصبحت جزءاً من نسيجها الاجتماعي”.

وأضاف: “الأرمن حصلوا على الجنسية السورية بعد المجازر التي تعرضوا لها في الدولة العثمانية ولجأوا إلى سوريا، حيث أسسوا مجتمعات قوية وشاركوا في بناء البلاد، وكذلك اليونانيون استقروا في مناطق مختلفة، خاصة في المدن الساحلية، وأصبحوا جزءاً من تاريخ سوريا التجاري والثقافي. والشراكسة، جاؤوا إلى سوريا بعد تهجيرهم من القوقاز في القرن التاسع عشر، وساهموا في حماية سوريا والدفاع عنها وكانوا جزءاً أساسياً من مؤسساتها”.

وأكد بشموقة أن التاريخ السوري قائم على التنوع والانفتاح، ولم تكن الجنسية يوماً محصورة بفئة واحدة، بل منحت لكل من ساهم في بناء هذا الوطن وسعى ليكون جزءاً منه، ومن يشعر بالضيق، فليعِد قراءة التاريخ، لأن سوريا لم تكن يوماً دولة مغلقة، بل كانت دائماً أرضا احتضنت الجميع.

رد للجميل

الحقوقي والقانوي عارف الشعال اعتبر في تصريح لـ”القدس العربي” أن القيام بدمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري هو نوع من المنطق ورد الجميل لأناس جاؤوا وجاهدوا وحاربوا مع مجموعة من الثوار وانتصروا، مؤكداً أنه من غير المنطق أن يتم رميهم بعدها وبما يدل على عدم وجود الوفاء في هذه الحالة.

وبين الشعال أن هناك سوابق كثيرة في مثل هذه الحالات وليست لدي مشكلة بهذه المسألة لأنه إذا ما تم إقصاء هؤلاء وطردهم فإنهم سيتجهون إلى القاعدة وداعش باعتبار أنهم يحملون الفكر الجهادي وبهذه الحالة فليبقوا تحت نظر الدولة وبكل الأحوال سيبقون في تشكيل واحد، بهدف سهولة مراقبتهم.

الشعال المرحب بعملية الدمج عبر ذات الوقت عن انتقاده لآلية الدمج والتعاطي القانوني مع الملف وقال: إن منح الرتب اليوم هو مخالف للقوانين، وهذا ربما لا يعتد به لأن الكثير من القوانين الإدارية يتم خرقها، وتابع: يقول نص قانون خدمة الشرطة رقم 1 لعام 2012 في المادة 15 أنه لا تمنح رتبة ضابط إلا لمن كان حاملاً الجنسية العربية السورية منذ خمس سنوات على الأقل أو معتبراً كالسوري من الفلسطينيين وفق القوانين النافذة، والحال ذاته بالنسبة لضباط الجيش، وخلال مشاركتنا في اجتماع وزارة الداخلية عند الإعلان عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية قال حينها رئيس الدائرة القانونية في الوزارة إن الوزارة تطبق القانون.

وعبر الشعال عن اعتقاده بأن الأجانب سيمنحون الجنسية طبعاً ومنحهم الرتب العسكرية يشترط مرور خمس سنوات على حصولهم للجنسية، وبالتالي يمكن أن يأخذوا في البداية كأفراد.

واستبعد الشعال أن يشكل هؤلاء خطراً على الوضع الداخلي في سوريا وقال لن يؤدي دمجهم واستيعابهم ومنح الجنسية لهم أي تغيير ديموغرافي باعتبارهم من السنة والسنة في سوريا يشكلون الأغلبية المطلقة.

القدس العربي

—————————–

ضم المقاتلين الأجانب للجيش السوري من الرفض إلى الترحيب الأميركي/ إبراهيم العلبي

4/6/2025

وافقت الإدارة الأميركية على خطة للحكومة السورية تقضي بضم آلاف المقاتلين الأجانب الذين شاركوا في القتال ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى الجيش الجديد، وذلك بعدما كان إبعاد هؤلاء المقاتلين أحد الشروط الرئيسية لواشنطن مقابل الانفتاح ورفع العقوبات عن دمشق.

وبحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، فإن هناك “تفاهما وشفافية” بين الولايات المتحدة وسوريا حول خطة للسماح لحوالي 3500 من المقاتلين الأجانب، معظمهم من الإيغور ودول الجوار، بالانضمام إلى الفرقة 84 من الجيش السوري.

واعتبر باراك أيضا أنه من الأفضل ضم هؤلاء المقاتلين ضمن مشروع للدولة بدلا من إقصائهم، في عدول واضح عن شرط أميركي سابق في هذا الصدد، فما أبرز ملامح هذه الخطة؟ وكيف أقنعت دمشق واشنطن باحتواء المقاتلين الأجانب بدلا من إبعادهم؟

الموقف الأميركي من الاشتراط إلى الموافقة

لا توجد أرقام رسمية حول عدد المقاتلين الأجانب الذين لا يزالون في سوريا، وقد قاتل معظمهم تحت لواء هيئة تحرير الشام التي قادت معركة إسقاط النظام السابق في دمشق.

وسبق أن صرح الرئيس السوري أحمد الشرع أن معظم هؤلاء اندمجوا في المجتمعات المحلية وخاصة في شمال غرب البلاد وتزوجوا من سوريات وأنجبوا أطفالا، وأعلن مرارا بأنهم ينظرون في تجنيس هؤلاء أو من تنطبق عليهم شروط يفرضها القانون بعد إقرار دستور جديد للبلاد.

وللإشارة فإن تصريحات الشرع جاءت خلال زيارته الأخيرة إلى باريس، وأثناء المؤتمر الصحفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم يطالب في المؤتمر نفسه بالمطلب الأميركي، وهو ما عده مراقبون تأكيدا ضمنيا لمطالبات أوروبية معاكسة تقضي بإبقاء المقاتلين الأجانب وعدم السماح لهم بالعودة إلى بلدانهم الأصلية.

وأوضح الشرع أن الحكومة السورية تضمن لجميع دول العالم، أن المقاتلين الأجانب الذين بقوا في سوريا لن يشكلوا خطرا على أي من الدول المجاورة، ولن يُلحقوا الضرر ببلدانهم التي جاؤوا منها.

وأثير هذا الملف الحساس لأول مرة بعد صدور قرار بترفيع عدد من الضباط المشاركين في غرفة إدارة العمليات العسكرية التي قادت معركة إسقاط النظام في ديسمبر/كانون الأول الماضي ليشكلوا نواة لأركان الجيش الجديد، 6 من بينهم أجانب، وهذا أثار قلقا داخليا وخارجيا حول هذه الخطوة تحديدا.

وفي أول اتصال دبلوماسي مباشر بين إدارة ترامب والحكومة السورية، سلمت ناتاشا فرانشيسكي، نائبة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون بلاد الشام، وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قائمة بشروط تريد من دمشق الوفاء بها مقابل تخفيف جزئي للعقوبات، منها ضمان عدم تولي أجانب مناصب قيادية في الحكومة والجيش.

وفي وقت لاحق، من أواخر أبريل/نيسان الماضي، ردت الخارجية السورية كتابيا على قائمة الشروط الأميركية، قائلة إنها طبقت معظمها لكن البعض الآخر يتطلب “تفاهمات متبادلة” ونقاشات أوسع مع واشنطن بينها ملف المقاتلين الأجانب الذين تم تعليق إصدار الرتب العسكرية لهم، وفقا لنسخة من الرسالة اطلعت عليها “رويترز”.

ومنذ الكشف عن الرد السوري، لم تعلق واشنطن على هذه القضية، لكن نهج واشنطن الحذر بشكل عام تجاه سوريا شهد تحولا كبيرا منذ زيارة ترامب  إلى الشرق الأوسط الشهر الماضي.

وقال مصدران مقربان من وزارة الدفاع السورية لرويترز إن الشرع والمقربين منه حاولوا إقناع مفاوضين غربيين بأن ضم مقاتلين أجانب إلى الجيش سيكون أقل خطورة من التخلي عنهم، الأمر الذي قد يدفعهم إلى الانضمام مجددا لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية.

توازن حرج

يقول جيروم دريفون، المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية إن الحكومة السورية حاولت عزل المقاتلين الأجانب، لكنها تواجه مشكلة حقيقية في تنفيذ المطلب الأميركي، وتحديدا في تعريف من هم “الإرهابيون”، وحتى إذا تم طردهم فإن بلدانهم لا تريد عودتهم.

وأفادت واشنطن بوست بأن الأكثر تشددا من بين المقاتلين الأجانب بدؤوا يصبون جام غضبهم على “رفيق سلاحهم السابق”، وذلك بسبب عدم فرضه الشريعة الإسلامية في سوريا حتى الآن، ويزعمون أنه يتعاون مع الولايات المتحدة والقوات التركية لاستهداف الفصائل المتطرفة.

ونقلت عن أحد المقاتلين الأوروبيين -الذي تحدث في مقابلة أُجريت معه في مدينة إدلب الشمالية شريطة عدم الكشف عن هويته- قوله إن “الجولاني يهاجمنا من الأرض، وأميركا من السماء”، مستخدما الاسم الحركي لأحمد الشرع عندما كان يقاتل النظام السابق.

ونسبت الصحيفة إلى محللين سياسيين ومقاتلين أن حكومة دمشق أمرت الأجانب بالتواري عن الأنظار وعدم التحدث علنا، في حين يعمل الشرع جاهدا لتحقيق توازن يبدو صعبا.

وأشارت إلى أن مراسليها التقوا -في 3 مناسبات منذ سقوط الأسد- مقاتلين أجانب في عدة مناطق من البلاد. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان مقاتلون أتراك متمركزين في الطريق المؤدية إلى مدينة حماة وسط البلاد، حيث مقام الإمام علي زين العابدين، بينما كان مقاتلون عراقيون يجوبون المدينة على أنهم سياح.

وفي مارس/آذار الماضي، كان مقاتلون من آسيا الوسطى يسيطرون على نقطة تفتيش في الطريق إلى جبل قاسيون الشهير في دمشق، ثم في أوائل مايو/أيار الماضي، اختفى جُلّهم من نقاط التفتيش وشوارع وسط وجنوب سوريا على الأقل.

ضم الحزب التركستاني وتشكيل الفرقة 84

في 17 من مايو/أيار الماضي، أعلن وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، مهلة 10 أيام للفصائل العسكرية التي لم تنضوِ بعد ضمن هيكلية وزارة الدفاع الجديدة.

ومع اليوم الثالث من مهلة العشرة الأيام، قرر الحزب الإسلامي التركستاني، المؤلف في غالبية أفراده من الإيغور الصينيين حل الحزب والانضمام إلى وزارة الدفاع وفق شروطها. وقال عثمان بوغرا، وهو مسؤول سياسي في الحزب الإسلامي التركستاني، لرويترز في بيان مكتوب، إن الجماعة حلّت نفسها رسميا واندمجت في الجيش السوري.

وأضاف أن الجماعة تعمل حاليا بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع، وتلتزم بالسياسات المتبعة في البلاد، وتحافظ على عدم الارتباط بأي كيانات أو جماعات خارجية.

وأصدر وزير الدفاع أبو قصرة، يوم الجمعة الفائت 30 مايو/أيار، لائحة للعاملين في الجيش والقوات المسلحة خاصة بالسلوك والانضباط، وهي، بحسب ما نقل موقع “الحل نت” المحلي عن مسؤول سوري، موجهة بالمقام الأول للعناصر الأجنبية في الجيش، لضمان تطويع هؤلاء المقاتلين والتزامهم بأوامر القيادة.

ووفقا للمصدر نفسه، فقد تم تشكيل الفرقة 84 قوات خاصة بقيادة كل من عبد العزيز داود خدابردي، المعروف باسم أبو محمد تركستان، وعمر محمد جفتشي المعروف باسم مختار التركي، وذو القرنين زنور البصر عبد الحميد، الملقب بعبد الله الداغستاني، وهو قائد جيش المهاجرين والأنصار.

وحول تعدادها، يقول المسؤول العسكري السوري إن “الفرقة 84 قوات خاصة” سيكون تعدادها 30 ألف مقاتل، ومقرها الرئيسي الكلية البحرية في محافظة اللاذقية، وسيكون انتشارها في شمال غربي سوريا. وتتألف من 6 ألوية عسكرية مختصة، لواء مدرعات ولواءي “قتال جبال” ولواء مداهمة ولواء مدفعية، إضافة إلى لواء “حرب شوارع”.

ردود فعل السوريين

وتباينت ردود أفعال السوريين من أنباء دمج آلاف المقاتلين الأجانب في الجيش ومنحهم في نهاية المطاف الجنسية السورية، فبينما أبدى البعض تخوفا من تأثير ذلك على توجهات الجيش والواقع الديمغرافي في البلاد، لا سيما في ظل مزاعم حول صلتهم بأحداث قرى الساحل السوري، برز تيار أوسع يبدي تقبلا واضحا لخطط الحكومة حول هذه القضية.

الصحفي السوري المقيم في تركيا، نضال معلوف، وهو رئيس تحرير موقع سيريا نيوز، اعتبر أن الموافقة على ضم 3500 مقاتل أجنبي إلى صفوف الجيش السوري “أمر خطير وغير مقبول، إن كانت الولايات المتحدة واقفت أم لم توافق، هذا ليس شأنها”.

وأضاف، في منشور على صفحته في فيسبوك: “أرى أنه تجاوز لصلاحيات الحكومة الانتقالية لا يمكن السكوت عليه، لأن هذا سيؤثر على مستقبل كل السوريين ويهدد أمنهم في الداخل ويؤثر على علاقاتهم مع الخارج”.

وفي منشور آخر، كتب معلوف “يمكن أن يتم تفهم القرار بأنه ضرورة تكيتيكية لدفع خطر إستراتيجي.. ولكن يجب أن نحذر بأن الجرائم التي ارتكبتها بعض عناصر الفصائل الأجنبية في الماضي، كانت توجه التهم وقتها لفصائل منفلتة واليوم بعد الدمج (…) أي تجاوز وأي جريمة ستقوم بها عناصر أجنبية، سيوجه الاتهام مباشرة إلى وزارة الدفاع وإدارة الرئيس الشرع”.

في المقابل، اعتبر الباحث والسياسي السوري، ومدير موقع الذاكرة السورية، عبد الرحمن الحاج، أن قرار ضم المقاتلين الإيغور (التركستان) إلى الجيش طبيعي، اعترافا بإسهاماتهم في عملية ردع العدوان، إضافة إلى أنه مبني على وجهة نظر سياسية منطقية.

ولفت إلى أن تعداد المقاتلين وهو نحو 3500  لا يشكل أي تغيير ديمغرافي، مؤكدا أن المنتقدين لهذا القرار لم يطلعوا على الأرجح على التجارب العالمية مع المقاتلين الأجانب في حالات شبيهة.

من جهته، اعتبر ياسر العيتي، رئيس تيار سوريا الجديدة، أنه لا مبرر لتخوف البعض من الخطوة طالما كانت العقيدة القتالية للجيش الجديد ملتزمة بالوطنية السورية والدفاع عن السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم وعدم التعدي على الحقوق والكرامات كما جاء في “لائحة قواعد السلوك والانضباط العسكري” التي أصدرتها وزارة الدفاع مؤخرا.

ويقول الخبراء في الجماعات الإسلامية إن المقاتلين بشكل عام أصبحوا أقل تطرفا بمرور الوقت، ويرى العيتي أن تجنيس المقاتلين الأجانب وإلحاقهم بالجيش السوري الجديد هو “الخيار الأفضل، وكان المعيق الأكبر رفض الدول ويبدو أنه زال بفضل جهود الحكومة”.

المصدر: الجزيرة

——————————–

كيف استقبل السوريون خطة دمج المقاتلين الأجانب بالجيش؟/ سنا الشامي

تنتقد الغالبية قرار توطين الإيغور وغضب من الموقف الأميركي الداعم وترقب للرد الصيني

الأربعاء 4 يونيو 2025

يقول الكاتب والمحلل السياسي السوري خلدون النبواني إن المسلحين الأجانب يجري تجنيسهم بينما أبناء الوطن يحتاجون إلى تأشيرة دخول.

فوجئ السوريون بإعلان المبعوث اﻷميركي الخاص إلى دمشق توم باراك، موافقة الولايات المتحدة على خطة مطروحة من قبل القيادة الجديدة للسماح لآلاف المقاتلين الأجانب الذين كانوا في السابق ضمن المعارضة، بالانضمام إلى الجيش الوطني الجديد شرط أن يُنجز ذلك بشفافية.

ثلاثة مسؤولين دفاعيين سوريين تحدثوا بدورهم عن أن الخطة تنص على انضمام نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور من الصين والدول المجاورة، إلى وحدة مشكلة حديثاً، وهي الفرقة 84 من الجيش السوري التي ستضم سوريين أيضاً.

استياء وإحباط

هذا الخبر نزل كالصاعقة على بعض السوريين، فعبروا عن استيائهم وإحباطهم من الخطة المطروحة، إذ كانوا يعتقدون بأن الدول الغربية تعمل حتى لا يصبح ذلك حقيقة على أرض الواقع، ليأتي القرار من واشنطن نفسها.

الناشطة والمحللة السياسية السورية فرح يوسف كتبت على حسابها في “فيسبوك”، “كلما قلت لنفسي يجب أن أتفاءل قليلاً فربما من يحكمون دمشق اليوم تغيروا، لأقرأ بعدها خبراً كارثياً جديداً”.

وطرحت يوسف بعض الأسئلة، ما هذا العقاب الجماعي على الشعب السوري؟ ماذا يعني أن يتفق الرئيس السوري أحمد الشرع وأميركا على توطين المقاتلين الإرهابيين؟ ولماذا نضطر إلى البقاء مرعوبين من أننا بؤرة نزاع ومن وجود الإرهابيين بيننا في أرفع المناصب؟

وتنبه إلى أن الإدارة السورية تخشى من انقلاب المجموعات المسلحة عليها، مشيرة إلى أن السوريين هم من يدفعون فاتورة ذلك. وقالت “لا نريد الإيرانيين ولا ’حزب الله‘ ولا الإيغور ولا التركستان ولا الفرنسيين ولا السنغال ولا مخلوقاً ترك بلاده وحل علينا بمشروع عابر للحدود”.

أسلحة المأجورين

أما الكاتب والمحلل السياسي السوري خلدون النبواني فكتب أن المسلحين الأجانب يجري تجنيسهم بينما أبناء الوطن يحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى بلدهم، ثم ألحقه بمنشور آخر للدلالة على فداحة هذا القرار، فاقتبس فقرة من كتاب “اﻷمير” لمكيافيلي، “أنا أرى أن الأسلحة التي يدافع بها أمير عن ممتلكاته إما أن تكون أسلحته الخاصة، أو أسلحة لقوات مأجورة أو أسلحة حلفاء له أو مختلطة، وأسلحة المأجورين والحلفاء بلا فائدة وخطرة، وكل من يقيم دولته على أسلحة قوات مأجورة لن يستطيع التأكد من قوة وثبات ولايته لأنها قوات مفككة ولها مطامعها الخاصة، وغير منظمة ولا عهد لها. وهي تبدو قوية أمام الأصدقاء، لكنها جبانة عند مواجهة الأعداء”.

أما الصحافية والمذيعة ريما نعيسة، فكتبت أن “‏ضم المقاتلين الأجانب إلى الجيش ‎السوري يعني منحهم الجنسية، يعني ما عادوا أجانب، نحن صرنا أجانب، أهلاً بالإيغور في الجيش السوري”. بينما قال المحامي زيد العظم، “من الآن فصاعداً، وداعاً للساحل السوري، وأهلاً بكم في الساحل الإيغوري، بعد السماح لانضمام 3500 مقاتل تركستاني متشدد إلى الفرقة 84 الموجودة في الساحل”، مشيراً إلى أن الساحل في سوريا يتحول تدريجاً إلى منتجع إرهابي فاخر.

بينما كشفت المذيعة ريم بو قمرة خلال برنامجها المسائي على القناة “عندما اجتمعنا مع الرئيس الشرع في لقاء مغلق في دمشق وبعيد من اﻹعلام، سألته عن عدد المقاتلين اﻷجانب، فقال لي أمام عدد كبير من الزملاء إنهم بالعشرات لنتفاجأ أنهم باﻵلاف”.

بين النكتة والتأييد والمعارضة

أما عن آراء السوريين، فكتب بعضهم على صفحاتهم ومن بينهم معارضون وآخرون مؤيدون حاولوا مقارنة الوضع بالسابق، فقال أحدهم، “الإيغور أسهموا في تحرير سوريا من بقايا الغزوات الصليبية وأبناء الزيف التاريخي وما يسمى ’شركاء الوطن الطائفيين‘ الذي قتلوا 2 مليون سوري خلال 14 عاماً وهجروا 13 مليوناً”.

وكتبت أخرى، “ناس وقفوا ودافعوا معنا وانتصرنا، أنقول لهم شكراً مع السلامة، فهذه قلة أصل ونحن شعب أصيل، أهلا بهم في بلدهم وهذا أقل شيء نستطيع أن نقدمه لهم بعدما قدموا أرواحهم”. بينما قالت إحدى السيدات المعارضات للخبر، “عوضاً عن محاسبتهم على إجرامهم في الساحل، جرت مكافأتهم بضمهم إلى الجيش النظامي ومنحهم الجنسية السورية، عليه العوض ومنه العوض، الله يرحمك سوريانا”.

فيما خرجت بعض النكات واﻷغاني التي تعبر عن استهزائها بهذا القرار وما وصلت إليه سوريا، فكتب أكرم خزام، “إرفع رأسك فوق أنت إيغوري حر”. وانتشرت أغنية شاركها كثير من الناشطين والفنانيين تقول، “مين إيغور إنّي لغيرك، أنا ليك ماني لغيرك، أنا متعلق مصيري، يا حبيبي في مصيرك”، وهي مأخوذة من أغنية للفنان راشد الماجد “من يقول إني لغيرك”.

أما الحساب الذي يدعى “ماغوط حوران”، فكتب “اليوم طالعتنا المواقع الإخبارية بالبشارات المقلقة وجاء عزيز قومهم بكتاب توطين أبناء إقليم شينجيانغ الصيني (تركستان الشرقية) ليندمجوا بالآلاف المؤلفة في جيش الوطن العربي السوري مكافأة لهم على دحر الطاغية في أخطر عبث بأخطر مؤسسات الوطن السوري”.

وفي لفتة مختلفة كتب رئيس التيار المدني السوري الحر في واشنطن عزيز وهبي بعد حديثه مع أحد كبار المسؤولين عن الملف السوري، تحديداً في وزارة الخارجية، فأجابه “نحن في النهاية لسنا مجبرين على حماية الشعب السوري ولكن من حقنا الطبيعي كقوة عظمى بأن نحمي مصالحنا الاستراتيجية في المنطقة وعلى الشعب السوري أن يتحمل مسؤوليته حول هذا الموضوع، فالشروط المفروضة تتضمن إبعاد هؤلاء المقاتلين من المشهد السوري، بخاصة بعد تورطهم الواضح في مجازر الساحل”.

ويعلق عزيز على هذا الكلام ضمن المنشور نفسه بالقول، “يبدو أن المشهد السوري يزداد تعقيداً بعد هذه التصريحات الرنانة من قبل المبعوث الرئاسي الأميركي، بخاصة بعد تأزم الأوضاع في الشأن الروسي- الأوروبي، فهذا التناقض الكبير والسريع ما بين شروط الحكومة الأميركية حول موضوع المقاتلين الأجانب وما بين تصريح المبعوث الأميركي الحالي، فإن دل على شيء فهو يدل على أنها ورقة ضغط حالية على الوجود العسكري الروسي في الساحل وليس قراراً تتبناه واشنطن وربما قد يكون من إحدى المحاولات السياسية الذكية لسحب ورقة المقاتلين الأجانب من يد السيطرة التركية الأكثر خطورة على وجود إدارة الحكومة الموقتة”.

من هم هؤلاء اﻹيغور؟

والإيغور هم مجموعة عرقية تعيش في منطقة شينجيانغ الواقعة شمال غربي الصين، ويتحدث الإيغور اللغة التركية، ويعتبرون أنفسهم ينتمون إلى دولة تركستان الشرقية وهي مقاطعة شينجيانغ الصينية، ولديهم حزب في سوريا منذ أن أتوا إليها وهو “الحزب الإسلامي التركستاني”.

وبررت مصادر مقربة من وزارة الدفاع السورية هذا التوجه، مشيرة إلى أن الشرع ودائرته المقربة كانا يجادلان محاوريهما الغربيين بأن دمج المقاتلين الأجانب في الجيش يشكل خطراً أمنياً أقل من التخلي عنهم، مما قد يدفعهم للانضمام إلى ’القاعدة‘ أو تنظيم ’داعش‘”.

وحول هوية بعض هؤلاء المقاتلين، أوضح مسؤول سوري ودبلوماسي أجنبي أن المقاتلين الإيغور الآتين من الصين وآسيا الوسطى أعضاء في “الحزب الإسلامي التركستاني” المصنف منظمة إرهابية من جانب بكين، وسعت الصين إلى تقييد نفوذ هذه الجماعة في سوريا.

وفي رد فعل على هذه التطورات، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، “نأمل في أن تعارض سوريا جميع أنواع الإرهاب والقوى المتطرفة، استجابة لمخاوف المجتمع الدولي”. في وقت أعلن المسؤول السياسي في “الحزب الإسلامي التركستاني” عثمان بُغرا خلال بيان مكتوب لـ”رويترز” أن “الجماعة جرى حلها رسمياً ودمجها في الجيش السوري. وفي الوقت الحالي، تعمل الجماعة بالكامل تحت سلطة وزارة الدفاع وتلتزم السياسة الوطنية، ولا تحتفظ بأية ارتباطات مع جهات أو مجموعات خارجية”.

——————————

 “ذا ناشيونال”: سوريا تجنّد نصف جيشها المرتقب ليكون قوامه 200 ألف جندي

2025.06.04

كشفت صحيفة “ذا ناشيونال” أن السلطات السورية تمكنت حتى الآن من تجنيد نحو نصف العدد المخطط للجيش الجديد، والمقدّر بـ 200 ألف جندي، ودمجت 3500 مقاتل أجنبي في لواء ضمن التشكيلة الجديدة للجيش السوري.

وقال مسؤول عسكري سوري للصحيفة

إن الجيش السوري الجديد يعتمد بشكل أساسي على مقاتلي الفصائل، من بينهم عناصر من “هيئة تحرير الشام” وفصائل متحالفة معها، إلى جانب 30 ألف عنصر من “الجيش الوطني السوري”، و15 ألفاً من “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”.

وذكر المصدر أنه، استجابةً لمطلب أميركي، تم إنشاء لواء جديد يضم 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور، ويقوده شخص يُعرف باسم “أبو محمد التركستاني”، التابع لقيادي آخر يُدعى “أبو دجانة”.

وأشار المسؤول إلى أن غالبية المقاتلين الأجانب، ومن ضمنهم الإيغور، سيُمنحون الجنسية السورية بحلول نهاية العام الجاري، موضحاً أن التشكيل الجديد يعتمد على عناصر ذات خبرة قتالية وليس على مجندين جدد.

وقال إن ثلثي القادة العسكريين الكبار المعينين حتى الآن ينتمون إلى “هيئة تحرير الشام”، بينما ينتمي الباقون إلى فصائل متحالفة معها، من أبرزها الجيش الوطني السوري، وفقاً لـ “ذا ناشيونال”.

وأوضح أن الرواتب المقدمة للعناصر العسكرية تتراوح بين 150 و500 دولا شهرياً، ويتم تمويلها من موارد اقتصادية، من ضمنها شركتا اتصالات كانتا مملوكتين للنظام المخلوع.

وأضاف أن قرار الإدارة الأميركية برفع العقوبات عن سوريا الشهر الماضي سيفتح الباب أمام دعم عربي محتمل لتمويل المؤسسة العسكرية الجديدة.

ويتكون الجيش الجديد من عدة فيالق، يُقدّر عدد عناصر كل فيلق بـ20 ألف جندي موزعين على خمسة ألوية: لواءان للمشاة، ولواء مدرع، ولواء قوات خاصة، ولواء “متعدد المهام”.

وأفاد المصدر بأن معظم هذه الألوية، باستثناء ألوية المشاة، لا تزال في مراحل التأسيس الأولى، حيث يقود عملية إعادة هيكلة الجيش كل من رئيس الأركان الجديد علي نور الدين النعسان، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة.

واشنطن تدعم دمج المقاتلين الأجانب في الجيش السوري

في وقت سابق، قال المبعوث الأميركي توماس باراك إن الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر لخطة القيادة السورية الجديدة التي تهدف إلى دمج آلاف المقاتلين الجهاديين السابقين في الجيش السوري الجديد.

وأوضح المبعوث في تصريح لوكالة (رويترز) للأنباء أن واشنطن تدعم هذه الخطة بشرط الالتزام بالوضوح والشفافية في تنفيذها.

وأفاد ثلاثة مسؤولين دفاعيين سوريين بأن الخطة تتضمن دمج نحو 3500 مقاتل أجنبي، معظمهم من الإيغور القادمين من الصين ودول مجاورة، ضمن وحدة عسكرية جديدة تم تأسيسها حديثاً تحت اسم “الفرقة 84” في الجيش السوري. وستضم هذه الفرقة أيضاً مقاتلين سوريين.

وأضاف باراك أن من الأفضل الاحتفاظ بهؤلاء المقاتلين، الذين وصف كثيراً منهم بأنهم “موالون للغاية” للإدارة السورية الجديدة، ضمن مشروع الدولة، بدلاً من استبعادهم.

————————-

 جو ويلسون: وزارة الدفاع يجب أن تتحرك بحرية في كل أرجاء سوريا

2025.06.04

قال عضو مجلس النواب الأميركي جو ويلسون إن على الحكومة السورية الجديدة أن تضمن حرية تحرك وزارة الدفاع في جميع أرجاء البلاد، حتى تتمكن من الوفاء بالتزاماتها تجاه الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وأضاف ويلسون، في تغريدة نشرها على منصة “إكس” اليوم الأربعاء، أن المسؤولين السوريين أكدوا بوضوح أن سوريا لن تُشكّل تهديداً لإسرائيل، إلا أن تقييد وصول القوات الأمنية إلى بعض المناطق قد يُستغل من قبل أطراف معادية.

وكان ويلسون قد أعرب سابقاً عن امتنانه للرئيس دونالد ترامب ووزيري الخارجية والخزانة على قرار رفع العقوبات عن سوريا، معتبراً أن الوقت قد حان لبدء عملية إعادة الإعمار بقيادة أميركية.

وأضاف: “نأمل أن ترفع وزارة التجارة أيضاً قيود التصدير، ويجب أن تتولى البنية التحتية والاتصالات الأميركية مهمة إعادة إعمار سوريا، وليس الصين”.

الوجود الأميركي في سوريا

كشف مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة سحبت 500 جندي أميركي من سوريا، وأغلقت قاعدتين على الأقل، وسلمت قاعدة ثالثة لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، خلال الأسابيع القليلة الماضية.

والإثنين، كشف السفير الأميركي في أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، عن توجه الولايات المتحدة لتقليص عدد قواعدها العسكرية في سوريا.

وأوضح باراك أنه “من 8 قواعد، سينتهي الأمر بقاعدة واحدة فقط”، في إشارة إلى رغبة الولايات المتحدة في تقليل انتشارها العسكري في سوريا.

القصف الإسرائيلي مستمر

وجدد الاحتلال الإسرائيلي قصفه الجوي على مناطق عدة في الجنوب السوري، فجر الأربعاء، وذلك بعد ساعات قليلة من استهدافه بالمدفعية ريف محافظة درعا.

وقال مراسل تلفزيون سوريا إن غارات جوية إسرائيلية استهدفت منطقة تل المحص والمال والفوج 172 في ريف درعا، وتل الشعار في ريف محافظة القنيطرة.

ودانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية القصف الإسرائيلي، في حين أكدت عدم تثبّتها من صحة الأنباء المتداولة بشأن القصف باتجاه الجانب الإسرائيلي.

وشدد المكتب على أن سوريا لم ولن تُشكّل تهديداً لأي طرف في المنطقة، مشيراً إلى أن الأولوية القصوى في الجنوب السوري تتمثل في بسط سلطة الدولة، وإنهاء وجود السلاح خارج إطار المؤسسات الرسمية، بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار لجميع المواطنين.

————————-

خطّاب: «داعش» من أخطر التحديات الأمنية التي نواجهها

رأى وزير الداخلية السوري أنس خطاب أن تنظيم «داعش» هو من أخطر التحديات الأمنية التي تواجهها بلاده اليوم، مشيراً إلى إحباط محاولاته لاستهداف المسيحيين والشيعة.

الأربعاء 4 حزيران 2025

رأى وزير الداخلية السوري أنس خطاب أن تنظيم «داعش» هو من أخطر التحديات الأمنية التي تواجهها بلاده اليوم، مشيراً إلى إحباط محاولاته لاستهداف المسيحيين والشيعة.

وأشار خطاب، خلال مقابلة مع قناة «الإخبارية السورية»، إلى أن تلك التحديات تستدعي وجود «رأس واحد» للعمل الأمني في كل محافظة، لافتاً إلى استحداث «إدارة مكافحة الإرهاب المعنية بملاحقة فلول النظام وتنظيم داعش وإدارة أمن الطرق المعنية بحفظ السلامة على الطرق العامة»، إضافة إلى « إدارة حرس الحدود بعد أن كانت سابقاً من مهام وزارة الدفاع».

وعن أحداث الساحل التي وقعت في شهر آذار الماضي، قال وزير الداخلية إنّ هناك «محاولات مستمرة لزعزعة الأمن في الساحل، بدأت بمهاجمة وحصار النقاط الأمنية الموجودة في المنطقة»، مذكّراً بلجان التحقيق التي تم تشكيلها في هذا الشأن.

وأوضح خطاب أن الأجهزة الأمنية ستكون خاضعة «للرقابة والتفتيش والمحاسبة المسلكية»، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى وجود«بعض التجاوزات من عناصر تابعين لوزارة الداخلية»، إلا أن عددها «سيقل بعد خضوع العناصر الجدد في الأمن للدورات التدريبية».

ونفى وزير الداخلية السوري أن تكون وزارته قد تلقت، «حتى الآن»، أي دعم مادي أو تجهيزات تقنية من الخارج.

في ما يخص السجون، كشف خطاب عن خطط لبناء سجون جديدة تخضع للمعايير الإنسانية والقانونية الحديثة، مشيراً إلى أن إدارة السجون ستعمل على إعادة تأهيل المحكومين بدل إيذائهم.

كما أعلن عن إلغاء غالبية قوائم المطلوبين أمنياً والإبقاء على المطلوبون لأسباب قضائية وجنائية، لافتاً إلى إلغاء كثير من الإجراءات القديمة وتقليل تدخل الأمن في الحياة اليومية.

—————————————

 انضمام الحزب الإسلامي التركستاني إلى الجيش السوري: مخالفة للمطالب الأميركية أم تمهيد لأدوار مستقبلية؟/ بدالله سليمان علي

يعتبر الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا فرعاً من فروع الحزب الأصلي الذي يتخذ من أفغانستان مقراً له بقيادة الشيخ عبدالحق.

المصدر: النهار

كشف الصحافي الأميركي داريل فيلبس قبل أيام عن انضمام الحزب الإسلامي التركستاني إلى صفوف وزارة الدفاع السورية. وفيما لاذت الأخيرة بالصمت ولم يصدر عنها تأكيد أو نفي للخبر، شكك سوريون في صحة الخبر من باب غرابته فقط، وليس استناداً إلى معطيات أو أدلة معينة.

وقال فيلبس الذي أصبح يُعرف باسم بلال عبد الكريم منذ اعتناقه الإسلام: “انضم الحزب الإسلامي التركستاني رسمياً إلى هيكلية الجيش السوري المشكّل حديثاً تحت مسمى الفرقة 84”. وأشار إلى أن الخطوة “تأتي استجابة لدعوة وزارة الدفاع جميع الفصائل المتبقية إلى الاندماج تحت القيادة الوطنية”.

وأضاف أنه “يُنظر إلى انضمام الحزب على أنه خطوة مهمة نحو توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة المرحلة الانتقالية في سوريا”، مشيراً إلى أنه لم يُكشف بعد عن مهمات الفرقة الجديدة أو مناطق انتشارها.

وأعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة الأسبوع الماضي عن “دمج كل الوحدات العسكرية ضمن وزارة الدفاع”، مشدداً على ضرورة التحاق ما تبقى من المجموعات العسكرية الصغيرة بالوزارة في مدة أقصاها 10 أيام من تاريخ الإعلان، استكمالاً لجهود التوحيد والتنظيم، مشيراً إلى أن “أي تأخير في هذا الصدد سيستلزم اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المعمول بها”.

ولم يستثن وزير الدفاع الحزب الإسلامي التركستاني ولا أي فصيل آخر من عملية الدمج، باستثناء ما سمّاها “المجموعات الصغيرة” التي أعطاها مهلة 10 أيام لحسم موقفها.

ولم يصدر عن وزارة الدفاع أي نفي للخبر الذي نشره الإعلامي الأميركي الذي سبق أن اعتقلته “هيئة تحرير الشام” قبل سنوات، بسبب عدم رضاها عن تغطيته لبعض التطورات في إدلب.

ويعزز ما سبق صحة انضمام الحزب الإسلامي التركستاني إلى وزارة الدفاع السورية، بل إن هذا الانضمام هو المسار الطبيعي الذي يمكن أن تتخذه الأمور، خصوصاً أنه سبق للقيادة العامة ترفيع القائد العسكري للحزب عبدالعزيز خرديرباري إلى رتبة عميد.

ويعتبر الحزب الإسلامي التركستاني في سوريا فرعاً من فروع الحزب الأصلي الذي يتخذ من أفغانستان مقراً له بقيادة الشيخ عبدالحق.

ويقود الحزب في سوريا الأمير العام أبو عمر كوثر. وقائده العسكري هو عبد العزيز أبو محمد الذي يعرف أيضاً باسمه الحركي زاهد قاري. وفي آذار/مارس من العام الماضي صدر قرار من مجلس شورى التركستاني في أفغانستان بتعيين كل من عبدالعزيز والشيخ طوبى نائبين للقائد العام في سوريا.

وتختلف التقديرات في تحديد عدد المقاتلين العاملين تحت لواء الحزب التركستاني، وغالباً ما تتباين بحسب الظروف السياسية والعسكرية المحيطة.

وفي هذه المرحلة التي تشهد تركيزاً دولياً على قضية المقاتلين الأجانب، ثمة ميل عام إلى تقليل أعدادهم إعلامياً، إذ بدأ بعض وسائل الإعلام يتحدث عن رقم زهيد هو 1500 مقاتل، بينما كان “تلفزيون سوريا” يقدر العدد قبل سقوط النظام بقرابة 3000.

وقد ذهبت الدراسات والبحوث المعدة عن الحزب التركستاني إلى تقدير عديده بقرابة 5000 مقاتل.

ويتمركز مقاتلوه في ريف اللاذقية الشمالي وريف جسر الشغور، ولهم مستوطنات شبه مستقلة لكونهم اصطحبوا عائلاتهم معهم. ومعظم المنتسبين ينتمون إلى أقلية الإيغور المسلمة في الصين، وتحديداً من إقليم شينجيانغ.

واعتبر بعض المراقبين خطوة ضمّ الحزب إلى وزارة الدفاع بمثابة تحدّ للمطالب التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء لقائه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في الرياض، وعلى رأسها طرد المقاتلين الأجانب.

لكن الخطوة تتسق مع خطاب الشرع من حيث وعده بمنح المقاتلين الأجانب الجنسية السورية تكريماً لهم، وتقديراً للأدوار التي قاموا بها في إسقاط النظام السوري السابق.

ورفعت الولايات المتحدة الحزب الإسلامي التركستاني من قائمة الإرهاب عام 2020، بسبب عدم وجود أدلة على استمرار وجوده وفق القرار الذي أصدره وزير الخارجية الأميركي آنذاك مايك بومبيو.

وكانت واشنطن قد وضعت الحزب على قوائم الإرهاب عام 2002 بسبب ارتباطه بتنظيم “القاعدة”.

في المقابل، تعتبر الصين الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية (إقليم شينجيانغ) خطراً يهدد أمنها القومي بسبب مطالبته باستقلال الإقليم. وتتهم السلطات الصينية الحركة بارتكاب أعمال عنف وهجمات إرهابية، بلغت بحسب إحصائها نحو 200 هجمة بين عامي 1990 و2001، مما أسفر عن مقتل أكثر من 162 شخصاً وإصابة نحو 440 بجروح متفاوتة.

وفي جلسة مجلس الأمن عن الوضع في سوريا المنعقدة الأربعاء، شدد المندوب الصيني الدائم على خطورة المقاتلين الأجانب ولا سيما منهم الإيغور، معتبراً أن وجودهم يشكل خطراً على استقرار المنطقة.

ولا يستبعد بعض المراقبين أن تغض الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الطرف عن انضمام التركستانيين إلى الجيش السوري، مشيرين إلى أنه قد تكون لبعض فئات المقاتلين الأجانب أدوار وظيفية في المستقبل للحد من النفوذ الصيني في إطار الصراع المتصاعد بين واشنطن وبكين.

النهار

—————————–

========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى