الإعلان الدستوري لسوريا 2025العدالة الانتقاليةسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعصفحات الحوار

الدكتور هاني حرب: مشروع البحث عن المفقودين يشمل أخذ مليون عينة

حرب يكشف عن “كيف يسعى مشروع ‘الأمل المستعاد’ لكشف مصير مئات آلاف المفقودين في سوريا؟

عمار زيدان

2025-06-03

أعلنت المؤسسة الألمانية السورية للبحث العلمي، في الـ 19 من أيار / مايو الجاري عن إطلاق مشروع “الأمل المُستعاد” والذي يهدف إلى دعم جهود التعرف على المفقودين وضحايا الاختفاء القسري في سوريا خلال عهد النظام المخلوع باستخدام أحدث تقنيات تحليل الحمض النووي.

ويقوم المشروع على مبادرة علمية تهدف إلى بناء قدرات وطنية ونقل الخبرات إلى كوادر سورية مؤهلة لضمان استمرارية المشروع بما يحقق الاستقلالية على المدى البعيد وبناء مستقبل سوري أكثر عدالة وشفافية.

وفي هذا الخصوص التقى “963+” مع رئيس مؤسسة “الأمل المستعاد” وعضو مجلس إدارة المؤسسة الألمانية السورية للبحث العلمي، الأستاذ الدكتور هاني حرب حيث تحدث عن تفاصيل خاصة حول أهداف مشروع البحث عن المفقودين وضحايا الاختفاء القسري بعهد النظام المخلوع، وحجم العينات التي ستأخذ للكشف عن هؤلاء المفقودين ولماذا يعتبر هذا المشروع سيادي بشكل كبير.

فيما يلي الحوار كاملاً:

لو تُحدثنا عن مشروع “الأمل المُستعاد” الذي بدأت بالعمل عليه مع مجموعة من الباحثين والعلماء السوريين فيما يتعلق بالبحث عن ضحايا ورفات المفقودين؟

مشروع “الأمل المستعاد” بدأ بعد يوم واحد من سقوط النظام وهو مشروع علمي وإنساني، يشارك فيه مجموعة من الباحثين السوريين في الداخل والخارج، هدفه الأساسي المساعدة في الكشف عن مصير ضحايا الاختفاء القسري.  حيث كان هناك حديث واسع عن العدالة الانتقالية والكشف عن المفقودين والمقابر الجماعية لكن لم يتم الحديث عن الطرق والآليات والصعوبات التي تواجه هذا العمل. ومن هنا ولد مشروع “الأمل المستعاد” والذي جاء كضرورة لبناء الخطوط والقدرات التقنية للكشف عن مصير المفقودين والشهداء من مخابر وحواسيب وسيرفرات مع تمكين وتدريب الأفراد في سوريا حول ذلك. وهذا المشروع يأتي استجابة لواحدة من أعمق الجراح المفتوحة في المجتمع السوري، وهو لا يهدف فقط إلى التعرف على الرفات، بل إلى رد الكرامة لعائلات المفقودين، والمساهمة في بناء مسار حقيقي للعدالة.

كيف آلية البحث عن المقابر الجماعية، وماهي حجم العينات التي ستأخذونها للكشف عن المفقودين؟

هنالك معلومات عن 200 مقبرة جماعية في سوريا ومهمتنا في هذا المشروع ستكون ضمن المخابر والعمليات التقنية والتعاون مع منظمة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” التي لديها القدرات على الكشف عن المقابر الجماعية بأجهزة متطورة. بالنسبة لكمية العينات هذا الأمر لا يمكن التنبؤ به، كل مقبرة جماعية سيتم فتحها والعمل عليها بطريقة احترافية بمعنى سيتم استخراج الجثث وتنفيذ دراسة عليها من قبل فريق متخصص لمعرفة كم جثة موجودة بالتحديد داخل كل مقبرة جماعية ومن الممكن في العديد من الحالات أن نأخذ ضعف العينات للجثث الموجودة في المقبرة وكل ذلك سيضاعف العمل بشكل كبير خلال الفترة المقبلة، كما سيكون هناك مخبر متحرك “موبايل لاب” مهمته تحليل الطرائق المختلفة الأنسب لعزل عينات الـ “DNI”.

من هي الجهات الممولة والمشاركة في هذا المشروع؟ وهل ترى بأن المشروع سيكون له جدوى حقيقة بالكشف عن مئات آلاف المفقودين؟

حالياً ليس هناك جهات ممولة هذا المشروع هو مشروع سيادي بمعنى لكي نحصل على تمويل نحتاج إلى موافقة وتفويض ودعم من الحكومة السورية، وعند الحصول على هذا التفويض هناك العديد من الجهات الدولية التي من ممكن العمل معها سواء الحكومة الألمانية أو الفرنسية أو الدنماركية أو البريطانية وكل هذه الحكومات قمنا بالتحدث معها خلال الفترة الماضية حول المشروع كما تتواجد جهات أخرى خاصة وعامة ممكن العمل معها في هذا الإطار. بالتأكيد هناك جدوى حقيقية بالكشف عن مئات آلاف المفقودين هذا الأمر مهم جداً لتكريم الضحايا وأن يكون لهم دور حقيقي في العدالة الانتقالية وملاحقة الجناة والمجرمين ومهم جداً أيضاً فيما يتعلق بالأمور القانونية كإصدار شهادات وفاة. لا نقول إننا نملك حلولًا سحرية، لكننا نؤمن أن العمل الممنهج والعلمي، إن بدأ الآن، يمكنه أن يحدث فرقًا حقيقيًا، ويضع حجر الأساس لمشروع وطني طويل الأمد هدفه الرئيسي كشف مصير المفقودين. نحن لا نعد بكشف مصير كل الضحايا فورًا، لكننا نضع أدوات العمل الصحيحة، والاستقلال العلمي، ونقل الخبرات في قلب هذه الجهود.

هل هناك تنسيق مع المؤسسات ذات الصلة في الحكومة السورية؟ وهل قُدمت لكم التسهيلات للعمل بشكل مناسب وماهي هذه التسهيلات؟

نحن على تواصل دائم وبشكل يومي مع الجهات الحكومية الرسمية وخاصة محمد رضا الجلخي مدير الهيئة الوطنية للمفقودين. نعمل على خلق توافق بين رؤيتنا للمشروع الذي نطرحه وبين الحكومة السورية ومن جهة أخرى مع عوائل الضحايا و” الآلية المستقلة لشؤون المفقودين” حيث نسعى بأن نكون الفريق التقني لدعم هذا المشروع.

هل المشروع يساعد بدفع العدالة الانتقالية إلى الأمام وبناء مسار وطني للعدالة والمصالحة؟

بالتأكيد فإن المشروع مهم جداً خاصة عند التعرف على هوية الضحايا وهو ما سيؤدي إلى تحقيق السلم الأهلي وسيشعر الكثير من السوريين بالاطمئنان. وكل هذا العمل يتم تحت إدارة الحكومة السورية ووزارة العدل بمعنى أن سلاسل التعرف والأدلة ستبقى محفوظة في مؤسسات الدولة المعنية بالتالي يستطيع المحامي أو المدعي العام المتخصص بشؤون العدالة الانتقالية استخدام هذه المعلومات لرفع دعاوى قضائية ضد مجرمي الحرب في المستقبل.

من أهداف المشروع المذكورة حماية استقلال القرار السوري، كيف ذلك؟

حماية استقرار القرار السوري يعتبر أمراً بالغ الأهمية. بالإضافة إلى وجود “الداتا” وعينات “DIN” المتعلقة بالمفقودين داخل سوريا ومعلومات عن عوائل الضحايا أيضاً. هذا المشروع ضخم جداً ويشمل أخذ مليون عينة يجب أن نقوم بقياسها يعني تقريباً 5 بالمائة من سكان سوريا، ما تحدثت به هو ثروة قومية ويمكن أن تكون أساس لمشروع البصمة الوراثية السورية وهذه “الداتا” بالإمكان استخدامها لاكتشاف الأمراض الوراثية والسرطانية مستقبلاً. يضاف إلى ذلك فإن المخابر الذي سيتم استحداثها بهذا الإطار ستكون بمثابة بنية تحتية هائلة تقدم لاحقاً لوزارات الداخلية والعدل والتعليم العالي والصحة للاستفادة منها بمختلف المجالات، كما أن القدرات الحاسوبية التي سيتم بنائها في مشروع “الأمل المستعاد” ستقدم بعد انتهاء العمل لوزارة الاتصالات والتكنولوجيا. هناك أمثلة عالمية عديدة حول البحث عن المفقودين لم تكن بالشكل المطلوب ففي قبرص وبعد 30 عاماً من الحرب تم اكتشاف وتسليم 40 عينة فقط من الضحايا أما في البوسنة وبعد 35 عاماً تم التعرف على حوالي 70 بالمائة من الأشخاص الذين قتلوا في الحرب وكل ذلك يعود إلى عدم وجود قرار جدي من هذه الدول بالكشف عن الضحايا على عكس دول أخرى مثل الأرجنتين وغواتيمالا التي اتخذت قراراً وطنياً بهذا الخصوص.

نحن نرفض أن يتحول ملف المفقودين إلى أداة سياسية بيد أي طرف. ولهذا يعمل المشروع ضمن نموذج “BOT Build, Operate, Transfer “، القائم على البدء ببناء القدرات والمختبرات والتدريب، ثم نُسلمها لكوادر سورية قادرة على متابعة العمل بشكل مستقل. الهدف هو أن تُدار هذه الملفات الحساسة بأيدٍ سورية، ضمن مؤسسات وطنية مسؤولة وشفافة وتستجيب لأصوات الأهالي، لا لضغوط أو توظيفات سياسية.

963+

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى