الشرع و المقاتلين الأجانب و داعش تحديث 11 حزيران 2025

لمتابعة هذا الملف اتبع الرابط التالي
الشرع و المقاتلين الأجانب و داعش
—————————-
الإيغور في سوريا… من مقاتلين عابرين للحدود إلى فصيل عسكري ملتزم/ صبحي فرنجية
آخر تحديث 10 يونيو 2025
شرعت الحكومة السورية بتنفيذ خطة لدمج آلاف المقاتلين الأجانب في وزارة الدفاع السورية ضمن فرقة من المفترض أن تحمل اسم “الفرقة 84″، وذلك بعد أشهر من المفاوضات واللقاءات بين الحكومة السورية ودول عربية وغربية من بينها الولايات المتحدة حول مصير المقاتلين الذين كانوا في مناطق “هيئة تحرير الشام”، والذين أثبتوا انضباطهم والتزامهم بخط “هيئة تحرير الشام” سابقا، والدولة السورية في الوقت الراهن. واشنطن وافقت على خطة الحكومة السورية لدمج هؤلاء المقاتلين، وقال مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى سوريا، توماس باراك، قبل أيام، إن بلاده وافقت على خطة الحكومة السورية فيما يخص هذا الملف، وأضاف لوكالة “رويترز”: “أعتقد أن هناك تفاهما وشفافية”، موضحا أن إبقاء هؤلاء المقاتلين ضمن مشروع الدولة أفضل من إقصائهم، وعدّ أنهم “مخلصون للغاية” للحكومة السورية الجديدة.
ملف المقاتلين الأجانب هو ملف شائك ومثير للجدل داخليا وخارجيا، فالحديث عن دمجهم ضمن وزارة الدفاع أثار كثيرا من النقاشات وتفاوت وجهات النظر في أوساط السوريين، بين مؤيد ومشكك في صحة هذه الخطوة. خطة الحكومة المرحلية تتوجه إلى أبرز مكون أجنبي كان عوناً لها، وهم الإيغور المنحدرون من تركستان الشرقية غرب الصين والذين يُعدّون القوة الضاربة داخل “الحزب الإسلامي التركستاني” في سوريا، حيث يشكلون ما يربو على 90 في المئة من قوام هذا الفصيل الذي تمزكز في أصعب وأخطر الأماكن الجغرافية في محافظة إدلب والمناطق المطلّة على الساحل السوري.
معلومات “المجلة” تقول إن الحكومة السورية خاضت مفاوضات طويلة مع واشنطن حيال ملف المقاتلين الأجانب، وقدمت الكثير من التبريرات حول ضرورة التعامل مع هذا الملف بحذر وحكمة كي لا يتحول الملف إلى نار وحديد، كما قدّمت خطة لدمج بعضهم- الموثوق بهم- داخل مؤسسة الجيش وضمان عدم قيامهم بأي تحرك من شأنه زعزعة الاستقرار في سوريا أو التحرك في الظل عبر الحدود خارج الجغرافيا السورية. ومن غير الواضح إن كانت واشنطن قد وافقت على دمج بعضهم ضمن الجيش دون إعطائهم مناصب عليا (وهو طلب سابق لواشنطن) أم إن الخطة التي قدمتها الحكومة السورية بددت شكوك ومخاوف الإدارة الأميركية والدول الإقليمية والغربية.
الحديث اليوم عن ضمّ أكبر مكون أجنبي في سوريا كان ضمن تحالف عسكري مع “هيئة تحرير الشام” في إدلب سابقا، وهم المقاتلون الإيغور، الذين هاجروا من الصين إلى سوريا بدءا من عام 2013، وبدأوا تشكيل فصيل “الحزب الإسلامي التركستاني” في سوريا عامي 2014-2015، وهو الاسم نفسه الذي يحمله فصيل في أفغانستان ويُشكل الإيغور أيضا عصب قوته.
القبول الأميركي لدمج هؤلاء المقاتلين ضمن الجيش السوري ليس حادثة فريدة من نوعها في سياق تعامل واشنطن مع ملف الإيغور العابرين للحدود، حيث قامت الولايات المتحدة الأميركية بشطب “الحزب الإسلامي التركستاني” في أفغانستان من قوائم الإرهاب في أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، وذلك- بحسب المعلومات- بعد تلقي واشنطن تأكيدات صارمة بأن الحزب لن يعترض مصالح الولايات المتحدة في أي جغرافيا، كما أن قرار الإدارة الأميركية فُهمَ حينها على أنه خطوة تأتي في سياق التوترات الأميركية-الصينية.
ماذا نعرف عن الإيغور في سوريا؟
الإيغور بدأ توافدهم إلى سوريا لمواجهة النظام السوري ومساعدة القوى السورية المعارضة مطلع عام 2013، ولم يكونوا ضمن فصيل محدد كما لم يشكلوا فصيلا مستقلا حتى عام 2015 حيث أعلنوا تشكيل “الحزب الإسلامي التركستاني”. وبحسب إحصائيات غير رسمية فإن عددهم 3500 مقاتل، في حين يشكك البعض في دقة هذا الرقم في الوقت الراهن ويقولون إن العدد أقل من 3000 مقاتل، وذلك بعد أن خسروا مئات المقاتلين على الجبهات خلال السنوات الماضية، مقاتلو الإيغور تجمعوا في مجملهم ضمن محافظة إدلب ومشارف اللاذقية، ومع بدء “هيئة تحرير الشام” خطواتها في تشكيل بنية عسكرية ومدنية في محافظة إدلب، تماشى الفصيل مع سياسة الهيئة ليخلق من نفسه حليفا استراتيجيا للهيئة يتمركز في نقاط ساخنة جدا على جبهات القتال ضد النظام السوري والميليشيات التابعة لإيران، فهم كانوا خط الدفاع الأول في جبهات جسر الشغور وعُرف عنهم صلابتهم في الدفاع والقتال على الجبهات.
وعلى الرغم من الحديث والأنباء عن التنسيق بين الإيغور ضمن فصيل “الحزب الإسلامي التركستاني” في سوريا وقيادة “الحزب الإسلامي التركستاني” في أفغانستان فإن الفصيل الموجود في سوريا نفى أكثر من مرة ارتباطه بأي أجندات خارجية أو بـ”القاعدة”، كما التزم الإيغور في سوريا بسياسات “هيئة تحرير الشام”، وتماشوا معها بشكل واضح، وعاشوا تحولات “هيئة تحرير الشام” السياسية والعسكرية دون اعتراض أو تحركات مضادة. فهم لم يدخلوا في أي صراعات داخلية، ولم يكونوا طرفا في مواجهة أي فصيل سوري معارض، كما أن سلوكهم ضمن الأراضي السورية كان منضبطا بشكل كبير، فنادرا ما كان الناس في إدلب يسمعون عن إشكال سببه أو أحد أطرافه عناصر “الحزب الإسلامي التركستاني”.
الفصيل وقف مع أحمد الشرع عندما أعلن انفكاك “جبهة النصرة” عن “القاعدة”، وكان بين صفوف “هيئة تحرير الشام” في حربها ضد خلايا “داعش”، وفي تفكيك فصائل إسلامية متشددة مرتبطة بـ”القاعدة” مثل “حراس الدين”، كما أنه كان رأس حربة في الحفاظ على خطوط التماس بين “هيئة تحرير الشام” والنظام السوري على جبهات جبلي التركمان/الأكراد وضمن مناطق جسر الشغور، وكانت أيضا مشاركته فعالة- بحسب معلومات “المجلة”- على جبهات القتال خلال عملية ردع العدوان، دون أن يخالفوا الخطط أو يتجاوزوا أوامر غرفة ردع العدوان طيلة أيام القتال حتى الوصول إلى دمشق، وبعد سقوط النظام عاد من طلب منه العودة إلى أماكن تمركزهم في محافظة إدلب، وأعلنوا لاحقا عن حلّ فصيلهم والتزامهم بقرارات وزارة الدفاع السورية.
تطور مفاهيم ومنطق الإيغور في سوريا لافت للنظر، وربما يعكس ارتياح واشنطن لفكرة توطينهم في سوريا، فهم تحوّلوا من مقاتلين عابرين للحدود إلى فصيل عسكري ملتزم بجغرافيا غريبة عنه فلم يلعب دورا في أي تحرك خارج الحدود السورية، كما لم يكن طرفا في تمكين أي قوة أجنبية أخرى قدمت إلى سوريا. لم يُعلن ولاءه لأي قوة خارجية، وتحول بصمت من فصيل عابر للحدود إلى فصيل وقوة تخدم المسار السوري وتحتكم لأوامر وزارة الدفاع السورية وقرارات الرئيس السوري أحمد الشرع وحكومته، وهو ما يُفسر تقييم المبعوث الأميركي توماس باراك بأنهم “مخلصون جدا” للحكومة السورية.
كما أن التطور الذي شهده الإيغور في سوريا لم يكن من الناحية الأيديولوجية والعسكرية فحسب، بل تعدى ذلك إلى سياق الاندماج في النسيج السوري، فقد تعلّموا اللغة العربية، وتعايشوا مع المزاج المدني والمحلي في مناطق انتشارهم، حتى إن بعضهم قرر ترك صفوف القتال والتحول إلى الحالة المدنية، فعملوا في الزراعة والتجارة وامتهنوا حرفا يدوية، وباتوا يفكرون بالاستقرار في جغرفيا صديقة بالنسبة لهم على حدّ قولهم، خصوصا أن العودة إلى غرب الصين يعني بالضرورة الموت أو الاعتقال أو التعرض للعنصرية، بحسب ما قال أحد المدنيين في إدلب والذي تربطه علاقات صداقة مع كثير من الإيغور الذين يعملون بالتجارة والزراعة.
كيف سيتم دمجهم في الجيش السوري
نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، قام الرئيس السوري أحمد الشرع بترفيع عبدالعزيز داود خدابردي (المعروف باسم أبو محمد تركستان) إلى رتبة عميد في الجيش السوري، خدابردي كان يقود الجناح العسكري في “الحزب الإسلامي التركستاني”، وتم ترفيعه إلى رتبة عميد دون منحه الجنسية السورية، وهي خطوة أثارت كثيرا من الأسئلة عن قانونية القرار وأهدافه. ومن المرجح أن الشرع أراد أن يُطمئن الإيغور بأنه لن يكون عدوا لهم ولن ينسى تحالفه معهم والخدمات التي قدّموها لـ”هيئة تحرير الشام” وغرفة ردع العدوان.
اليوم يتم الحديث عن توجه وزارة الدفاع لاستحداث فرقة في الجيش السوري، تستوعب المقاتلين الإيغور الذين يرغبون في البقاء ضمن صفوف الجيش السوري- خصوصا أن بعض المقاتلين الإيغور تركوا القتال في أوقات سابقة والتفتوا إلى الحياة المدنية والعمل في التجارة والزراعة- والعمل في صفوفه، وعلى الرغم من أن اسم الفرقة لم يتم تحديده رسميا فإن المعلومات تقول إنها ستحمل اسم “الفرقة 84″، وسيكون نطاق عملها بحسب المعلومات في الشمال السوري. المعلومات تقول إن العدد الكلي للفرقة لم يتم تحديده بعد، وأن نقاشات ما زالت تتم حول البنية البشرية للفرقة، بحيث تكون الفرقة مشكلة ببنية لا تثير كثيرا من الجدل، بمعنى أن الحكومة السورية لا تفكر- وفق المعلومات- بأن تكون الفرقة في كلّيتها من الإيغور، لأن ذلك سيفتح أبوابا تحاول الحكومة السورية إغلاقها في سياق تفاوضها مع “قسد” والقوى العسكرية في السويداء، كون الطرفين يطالبان الحكومة السورية بدخولهم إلى الجيش ككتلة واحدة وأن يكون عملهم في جغرافيا محددة، وهو أمر تراه الحكومة السورية تهديدا لفكرة المركزية ووحدة الأراضي السورية.
مصادر “المجلة” تقول أيضا إن قرار اسم الفرقة، وتعداد عناصرها، وتكوينها البشري، ونطاق عملها الجغرافي، ما زال قيد النقاش، ليس لكون الفرقة ستحتوي على مكون غير سوري- في الوقت الراهن لأن خطوة دمجهم في الجيش تعني أنهم اقتربوا من الحصول على الجنسية السورية- فحسب، بل لأن وزارة الدفاع ما زالت تدرس هيكلية الجيش، وبنيته التنظيمية، وطبيعة انتشار الفرق ونطاق عملها.
من الواضح أن الحكومة السورية تُفكر مليّا في الخطوات التي ستتخذها في إطار دمج المقاتلين الأجانب وذلك لعدّة اعتبارات، الأول هو الحفاظ على خطوط التفاهمات مع الولايات المتحدة الأميركية ومسار تطمين الدول الإقليمية والغربية، والثاني عدم الخروج عن السياق التفاوضي الذي انتهجته الدولة مع مكونات عسكرية سورية مثل “قسد”، وفصائل السويداء، وفصائل رئيسة كانت في درعا. والثالث هو عدم فتح أبواب الأمل أمام كل مقاتل أجنبي على الأراضي السورية، خصوصا عناصر الفصائل المتشددة التي بذلت “هيئة تحرير الشام” جهودا كبيرة في تفكيكها داخل محافظة إدلب كـ”حراس الدين”، أما الرابع فهو تطمين السوريين بأن الجيش السوري الجديد لن يكون قوامه كانتونات تحكمها تمايزات عرقية أو جنسيات معينة.
المجلة
——————————–
حسام جزماتي : كيف تغير الشرع ورجاله… وماذا عن تجنيس الأجانب؟
استضاف “المنتدى” الكاتب والباحث السوري حسام جزماتي في حوار عن سوريا وحكومتها الجديدة وواقع المقاتلين الأجانب والفصائل.
تناول الحوار ملفات عدة، منها تجنيس المقاتلين الأجانب، وإشكالية دمجهم في هيكلية وزارة الدفاع، بالإضافة للشروط التي وضعتها الولايات المتحدة على القيادة السورية.
كما تحدث جزماتي عن عقلية الرئيس أحمد الشرع والطاقم الذي رافقه من “الهيئة” وصولا للقصر الجمهوري.
محاور الحلقة
00:00 البداية
02:27 تغير مسار “الهيئة” بعد السيطرة على دمشق
07:02 خارطة “الفصائل” والنفوذ السياسي والأمني داخل الدولة السورية
11:56 هل اندماج المقاتلين داخل المؤسسات حقيقي أم شكلي فقط؟
19:02 تعامل السلطات الجديدة مع ملف المقاتلين الأجانب
25:44 الطاقم الأساسي للرئيس أحمد الشرع
38:55 السياسة الخارجية والمحادثات مع إسرائيل
———————————-
ماذا لو أصبح جيشنا السوري طوائف وقوميات؟/ سميرة المسالمة
الثلاثاء 2025/06/10
يبرر الرافضون لضم المقاتلين الأجانب كفرقة مستقلة بذاتها ضمن الجيش السوري- المزمع تكوينه حديثاُ- بأن ذلك قد يفتح الباب لمطالبات مماثلة على أسس طائفية أو قومية. بمعنى آخر، قد يبرر ذلك مطالب قيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أو مطالب بعض الدروز بزعامة شيخ العقل حكمت الهجري، وربما لاحقاً العلويين، بانضمامهم ككتل متماسكة تابعة للجيش اسمياً، وهو ما ترفضه القيادة السورية، لأن من شأنه تشتيت أهداف الجيش الموحد تحت قيادة مركزية سيادية، ما يجعله نواة التقسيم لسوريا، بديلاً عن حمايتها.
في المقابل، يشير بعض السوريين أن فردانية وجود قوة أجنبية من الأيغور تابعة مباشرة لرئيس الدولة، يعيد إلى الأذهان تجربة الحرس الجمهوري الذي تأسس عام 1976، وكانت له صلاحية الدخول إلى العاصمة السورية، دمشق، والتمركز حول مداخلها الأربعة لحماية السلطة المركزية، وقد ارتبط اسمه بانتهاكات جسيمة بحق السوريين، دفاعاً عن نظام الأسد الأب، خلال مواجهاته مع الاخوان المسلمين في الثمانينات، والأسد الابن خلال سنوات الثورة السورية ضده. أي أنها مخاوف من أنها قد تكون مقدمة لإنتاج أدوات سلطوية (غير وطنية) يمكن توظيفها في مواجهات مستقبلية “متخيلة”.
بعبارة أخرى، تتركز المخاوف المحلية في معظمها على احتمال استخدام فرقة الأيغور ضد المدنيين، إلا أن هذه المخاوف المتعلقة بجنسية المقاتلين وحدها، في ضوء التجربة السورية، لا يمكن الركون لها. فالحرس الجمهوري، ومعه الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد، وكامل وحدات الجيش السوري، في عهد الأسدين كانت تتكون من سوريين، ورغم ذلك انخرطوا في أعمال قمع وقتال ضد المدنيين السوريين، وضد الشعب اللبناني وجنسيات أخرى. فالجنسية السورية لم تكن ضمانة لعدم ارتكاب القوات المسلحة جرائم ضد الداخل السوري أو ضد جواره العربي. فالعقيدة التي يبنى عليها الجيش هي ما توجه عملياته ونشاطاته، وتبعية الجيش للنظام القمعي السابق هي ما جعلته أداة لتدمير سوريا، ووضعته في مواجهة السوريين حتى لحظة استسلامه في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024.
قد لا أكون من المؤيدين لوجود مقاتلين أجانب في الجيش السوري، خصوصاً أن الحديث هو عن 3500 مقاتل من الأيغور. لكن ذلك لا يعني أن المخاوف من وجودهم تتعلق بجنسياتهم، فحيث العمل المسؤول والمنظم وطريقة قيادته وتوجيهه هي ما يفترض أن تقيّمه، وحياة التشرد والهجرة والجنسيات الجديدة التي حصل عليها السوريون، ومن بينهم أولادي على سبيل المثال، لا تقلل من انتماءاتهم إلى مجتمعات أوطانهم الجديدة، أو تحد من تقديمهم واجب الدفاع عنها. وهو بالطبع ينطبق على القادمين إلى سوريا من الأجانب. ولكن ما يخشى منه السوريون هو تعثر اندماجهم في مجتمعنا، وصعوبة إحلال عقل النظام المؤسساتي مكان عقلية الجهاد العابر للدولة الوطنية، التي ناضل هؤلاء تحت ظلها خلال الأعوام السابقة في حربهم ضد الأسد، وبعض الفصائل السورية المحسوبة على الثورة المنتصرة ذاتها.
وكما دفعت الأسباب الأمنية الولايات المتحدة الأميركية إلى إعادة النظر في مطالب إبعاد المقاتلين الأجانب، والقبول بتجنيدهم ضمن الجيش السوري (المتاخم لحليفتها إسرائيل) من خلال رؤية أمنية متكاملة، تحافظ من خلالها على مسافة أمان تمكنها من رقابتهم وتنظيمهم، وحمايتهم من استغلال الجماعات الإرهابية، التي تراهن على قدرتها في تجنيدهم من منطلق الجهاد الإسلامي، الذي يؤمنون بالسعي من أجله في كل اتجاه.. فإن هذه المخاوف هي ذاتها، التي تحّمل وزارة الدفاع والرئاسة السورية مسؤولية الاستثمار في قدراتهم وخبراتهم القتالية وفق عقيدة وطنية، وبضوابط قانونية، تعلي من شأن انتمائهم إلى وطنهم الجديد سوريا.
ولكن تبقى الأسئلة عالقة: هل يتحول نجاح السلطة في إقناع الغرب بأهمية الحفاظ على المقاتلين الأجانب ضمن وحدة قتالية داخل الجيش السوري، إلى ذريعة لتمسك جهات طائفية وقومية بمطالبها للانضمام إلى الجيش ككتل صلبة؟ وما هو شكل هذا الجيش وهو كتل أجنبية وطائفية وقومية؟ وكيف تتجاوز وزارة الدفاع كل ما سبق لتحقيق رؤيتها في تأسيس جيشها الموحد، والعابر لكل الانقسامات الداخلية الراهنة، التي لا تزال تهدد وحدة سوريا شعباً وجغرافيا؟
المدن
—————————–
نيويورك تايمز: رفاق السلاح الأجانب ملف ثقيل بين يدي الرئيس الشرع
8/6/2025
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن ملف المقاتلين الأجانب، الذين شاركوا في الحرب إلى جانب الفصائل في سوريا، لا يزال مصدر جدل داخلي ودولي وسط تحولات سياسية دقيقة تمر بها البلاد.
وتوضح الصحيفة في تحقيق ميداني لها أنه في الوقت الذي تعدّهم السلطات السورية الجديدة “رفاق السلاح” و”أوفياء للثورة”، تنظر إليهم بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بريبة وشك، مستحضرة تجارب ماضية مع جماعات متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية.
وتابعت أنه منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، وفد آلاف الأشخاص من مختلف الجنسيات إلى سوريا للقتال في صفوف الفصائل المسلحة التي وقفت ضد النظام، لا سيما في المناطق الشمالية والشرقية.
تحدٍ كبير
وزادت أن الرئيس السوري أحمد الشرع يواجه تحديا كبيرا يتمثل في الموازنة بين دعم مقاتلين أجانب قاتلوا إلى جانب الثورة منذ سنوات، وبين رغبة شركائه الدوليين في تقليص نفوذ هؤلاء أو إبعادهم كليا.
وذكرت أن الولايات المتحدة، التي بدأت تخفيف العقوبات عن سوريا وتبحث في تطبيع تدريجي للعلاقات، عبّرت في مناسبات متعددة عن قلقها من استمرار وجود هؤلاء الأجانب.
وتؤكد الصحيفة الأميركية أن كثيرا من هؤلاء، بحسب شهاداتهم، لا يمكنهم العودة إلى بلدانهم الأصلية خشية الملاحقة القضائية أو السجن، كما أن ارتباطهم العائلي بالمجتمع السوري يجعل فكرة المغادرة أكثر تعقيدا.
وتحدثت في ريف إدلب مع مقاتل مصري متزوج من سورية، محاطا بأطفاله الذين يتعلمون الخط العربي، حيث قال لها “هذا بيتي الآن، لا أملك مكانا آخر أذهب إليه”.
وطن جديد
وقال إنه لا يستطيع العودة إلى مصر دون خطر الاعتقال، مشيرا إلى أطفاله بجواره “ماذا سيحدث لأطفالي إذا اضطررت للمغادرة؟”.
ونقلت عن عبد الله أبريك (36 عاما)، وهو مقاتل أجنبي من داغستان، في مقهى بالعاصمة دمشق قوله “من المستحيل أن يتخلى عنا الشرع، كنا أمامه وخلفه وبجانبه”. أبريك، الذي بدأ عملا في مجال الاستيراد، قال إنه يريد البقاء والحصول على جواز سفر سوري، بحسب نيويورك تايمز.
أما إسلام شخبنوف (39 عاما) الذي التقته الصحيفة في مدينة إدلب، فقال إنه من داغستان وجاء إلى سوريا عام 2015 للانضمام إلى الثوار، وأشار إلى أنه غير متأكد من انضمامه للجيش، لكنه صرح “سأدافع عن بلدي إذا اندلعت اشتباكات بين الحكومة وبقايا نظام الأسد”.
وذكرت نيويورك تايمز أن الحكومة السورية الجديدة بدأت في دمج بعض هؤلاء المقاتلين ضمن صفوف الجيش النظامي.
أرقام
وبحسب تقديرات دبلوماسية، يتراوح عدد المقاتلين الأجانب المتبقين في البلاد بين 3 آلاف و5 آلاف، ومعظمهم من الإيغور ودول خاضعة لروسيا ودول عربية.
وكان الشرع قد أكد في مقابلة مع نيويورك تايمز في أبريل/نيسان الماضي أن حكومته قد تنظر في منح الجنسية للمقاتلين الأجانب “الذين وقفوا إلى جانب الثورة” وعاشوا في سوريا لسنوات.
وأضاف “ما دام هؤلاء لا يشكلون تهديدا لأي دولة أجنبية ويحترمون القوانين والسياسات الداخلية لسوريا، فالموضوع ليس ملحا فعلا”.
ومؤخرا، وافقت الإدارة الأميركية على خطة للحكومة السورية تقضي بضم آلاف المقاتلين الأجانب، الذين شاركوا في قتال نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، إلى الجيش الجديد، وذلك بعدما كان إبعاد هؤلاء المقاتلين أحد الشروط الرئيسية لواشنطن مقابل الانفتاح ورفع العقوبات عن دمشق.
وبحسب ما نقلت وكالة رويترز عن مبعوث الرئيس الأميركي إلى سوريا توماس باراك، فإن هناك “تفاهما وشفافية” بين الولايات المتحدة وسوريا حول خطة للسماح لحوالي 3500 من المقاتلين الأجانب، معظمهم من الإيغور ودول الجوار، بالانضمام إلى الفرقة 84 من الجيش السوري.
المصدر: نيويورك تايمز
——————————–
=========================