عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان: إجراءات السلم الأهلي ضرورة لتفادي انفجارات أكبر

14 يونيو 2025
في الوقت الذي تواجه فيه سوريا تحديات كثيرة معقدة، لا سيما في إعادة بناء النسيج الاجتماعي وتحقيق العدالة، جاءت إجراءات تسوية أوضاع بعض الضباط والشخصيات المرتبطة بالنظام السابق لتثير جدلًا واسعًا، بين مؤيد يراها خطوة ضرورية لتفادي التوترات وتعزيز السلم الأهلي، ومنتقد يعتقد أنها ستكون شكلاً من أشكال الإفلات من العقاب.
وأثار كلام عضو لجنة السلم الأهلي، حسن صوفان، عن القيادي في ميليشيا “الدفاع الوطني”، فادي صقر، التي أسسها النظام البائد مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في عام 2011، موجة من ردود الفعل الغاضبة في أوساط السوريين، الذين أكدوا على ضرورة محاكمة صقر المتهم بارتكاب مجازر وانتهاكات ضد المدنيين في مناطق جنوب دمشق خلال السنوات الماضية.
وقال صوفان، خلال مؤتمر صحفي عقد في دمشق، إن إشراك شخصيات مثيرة للجدل مثل فادي صقر في مسار المصالحة الوطنية يأتي في إطار السعي لتفكيك العقد المتراكمة، ومعالجة الأزمات المعقدة، ومواجهة التحديات التي تهدد استقرار البلاد.
“الترا سوريا” حاور عضو لجنة السلم الأهلي، حسن صوفان، للوقوف على تفاصيل الإجراءات المتخذة وأسبابها، ومناقشة الانتقادات التي أثارتها تصريحاته، في ظل مرحلة انتقالية دقيقة تمرّ بها البلاد.
بدايةً، ما حقيقة الإجراءات التي اتُّخذت مؤخرًا لتسوية أوضاع بعض الضباط، وما الدوافع وراءها؟
دعوني أوضح أن هذه الإجراءات تتعلق بضباط سلموا أنفسهم منذ عام 2020، خصوصًا في منطقة السخنة، بعد سقوط النظام هناك. جرى استيعابهم ضمن ما يسمى بحالات الاستئمان، بناءً على نداء الأمان الذي أطلقته إدارة العمليات، والذي خُصّص لمن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين ولم يشاركوا في انتهاكات.
هؤلاء خضعوا لتحقيقات دقيقة من قبل المؤسسات المعنية، ولم تُثبت بحقهم تهم تتعلق بجرائم حرب أو تعذيب أو استهداف للمدنيين. وبعد استكمال الإجراءات القانونية، تمّت تسوية أوضاعهم.
ما هو الهدف من هذه الإجراءات؟ وهل تُعدّ بديلًا عن العدالة الانتقالية؟
إطلاق سراحهم جاء أولًا لعدم وجود مبرر قانوني لاستمرار احتجازهم، وثانيًا لضرورات السلم الأهلي، خاصة في مناطق مثل الساحل التي تشهد توترات عالية. استمرار احتجازهم كان سيؤدي إلى نتائج عكسية، قد تضر بالاستقرار المحلي، ولا تخدم المصلحة الوطنية أو العدلية.
لكن من المهم التأكيد أن هذه الخطوات لا تُغني عن العدالة الانتقالية، بل تُكمّلها. نحن أمام اجتهادات ظرفية تهدف لتهدئة الأرضية الاجتماعية، وهي قابلة للنقاش، لكنها ضرورية ضمن السياق الحالي. العدالة الانتقالية بدأت فعليًا عبر الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية بموجب مرسوم رئاسي، وهي المسار الأساس نحو دولة القانون والمواطنة.
هناك من يرى في هذه التسويات نوعًا من الإفلات من العقاب، خصوصًا مع ورود أسماء مثل فادي صقر. كيف تردون على هذه الانتقادات؟
أتفهم تمامًا هذا القلق. شخصيات مثل فادي صقر محل جدل كبير، لكن أود التوضيح أن الإجراءات لم تشمل من ثبتت بحقه تهم جرائم حرب أو انتهاكات. دور هذه الشخصيات يندرج ضمن محاولات تفكيك التوترات المحلية، وهو دور محدود ومؤقت، ولا يعني تبرئة أو إسقاط التهم.
المحاسبة لن تتم بالفوضى أو الثأر، بل عبر مسار منظم. الهيئة الوطنية تعمل على خارطة طريق واضحة لتحقيق العدالة، ونحتاج إلى صبر مجتمعي كي لا تنفلت الأمور وتتعرقل العدالة بسبب انفجارات غير محسوبة.
لكن ظهور هذه الشخصيات علنًا، حتى قبل انتهاء التحقيقات، فُسر على أنه استفزاز لأهالي الضحايا، خاصةً بوجود أدلة مصورة.
هذا الإحساس مفهوم، ونحن لا نستهين به. لكن أود التأكيد أن أي شخص سيثبت تورطه في انتهاكات لن يُشمله أي عفو أو تسوية. أما بخصوص الفيديوهات التي وُصفت كأدلة، فهي قيد التحقيق بالفعل، وإذا ثبتت الإدانة، فستتم المحاسبة.
دور هذه الشخصيات في هذه المرحلة مؤقت ومقيد، ويخضع لمتابعة أمنية وقانونية. نحاول التعامل مع الواقع المعقد دون أن نخسر السلم الأهلي أو نغامر باندلاع مواجهات جديدة. لسنا في موقع الدفاع عن أحد، بل في موقع إدارة مرحلة حساسة بكل ما فيها من تناقضات.
البعض يرى أن هذه الإجراءات تهدد فكرة العدالة بحد ذاتها، ما هو ردكم؟
العدالة لا تتحقق بالانتقام أو بردود الفعل العاطفية، رغم أنها مفهومة. نحتاج إلى دولة قوية ومؤسسات راسخة لإنصاف الضحايا، وإلا فإننا سنقع في فوضى لا تخدم سوى من يريدون دفن الحقيقة. نعم، نطالب بالصبر، لكن نعد أيضًا بالشفافية. لا وطن بلا عدالة، ولا عدالة دون إنصاف.
في الختام، ما الرسالة التي توجهونها للشارع السوري، وخاصة لعائلات الشهداء والضحايا؟
نؤكد لهم أن غضبهم مشروع، وأننا نعمل لضمان ألا يُضيع حق أحد. هذه مرحلة صعبة، وعلينا أحيانًا اتخاذ قرارات لا تُرضي الجميع، لكنها تمنع تفجّر الأوضاع. نعدهم أننا لن نساوم على العدالة، وأن كل ما يُتخذ اليوم هدفه النهائي هو بناء دولة المواطنة والقانون، دولة لا تفرّق بين ضحية وجلاد.
الترا سوريا