وقائع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وحكومة الجمهورية العربية السورية مقالات وتحليلات تتحدث يوميا تحديث 15 حزيران 2025

متابعة تفاصيل هذا الملف اتبع الرابط التالي
دوافع وكواليس الاتفاق بين “قسد” وأحمد الشرع
————————–
تكتيكات الولايات المتحدة في التعامل مع الكُرد/ مهند الكاطع
2025.06.15
لطالما شكّل الكُرد، بوصفهم أمة بلا دولة – بلغة الدكتور عبد العزيز المفتي- ، عقدة معقدة في خريطة الشرق الأوسط السياسية، وتاريخياً، لم تكن علاقة الولايات المتحدة بهذه القومية واضحة الحدود أو المبادئ، بل تبدو، في أفضل توصيف، علاقة تكتيكية مرهونة بالظرف لا المبدأ.
تُعد العمليات القتالية المشتركة حجز الزاوية في العلاقة بين واشنطن والقوى الكردية، فخلال ما سُميّ الحرب على “داعش” وُلد تحالف فعلي بين الولايات المتحدة وما يسمى بقوات حماية الشعب YPG التي طلبت منها الولايات المتحدة تغيير اسمها ليصبح قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والتي ضمت بالإضافة إلى مقاتلين من حزب العمال الكردستاني المدربين، مقاتلين محليين عرب وأكراد سواء متطوعين أو مجندين قسراً. في هذا الإطار، لم تكن العلاقة قائمة على الاعتراف السياسي أو الالتزام الاستراتيجي، بل على الفعالية العسكري الفورية لتنفيذ مهام قتالية “بريّة” نيابة عن التحالف الدولي.
في أطروحته حول السياسة الأميركية تجاه الحركات القومية، يوضح الباحث محمد سالم من جامعة جورج ميسون، أن العلاقة الأميركية مع الكُرد تُبنى غالباً على ثلاثة أدوات أساسية هي : القتال المشترك، والهوية السياسية المقموعة، والثقة الوجدانية ( (Affective Trust، ويفسر ذلك بأن التحالفات الأميركية مع المجموعات القومية، مثل الكُرد، غالباً ما كانت تقوم على الحاجة الأمنية لا الاعتراف السياسي. فالثقة تتكون في ميدان القتال، لكنها نادراً ما تترجم إلى التزامات طويلة الأجل.
الثقة الوجدانية: انطباع صداقة من دون التزام سياسي
غالباً ما تبني الولايات المتحدة لدى الحلفاء الكُرد انطباعاً بأنهم “شركاء في المصير”، خصوصاً عند مواجهة عدو مشترك كتنظيم داعش. لكنها، حين تعود لمصالحها الجيوسياسية الأشمل، تتراجع عن أي خطاب التزام، تاركة حلفاءها في حالة من الخذلان المتكرر. ظهرت هذه الديناميكية بوضوح عندما انسحبت القوات الأميركية فجأة من أفغانستان، وكذلك من مناطق سيطرة قسد في شمال شرقي سورية عام 2019، ما سمح لتركيا بشن عمليات عسكرية والسيطرة على مناطق جديدة وطرد قسد منها.
التوظيف التكتيكي لهوية مقموعة
الهوية الكردية، التي طالما كانت مقموعة على المستوى الشعبي في ظل أنظمة إقصائية، تُستخدم في السياسة الأميركية كوسيلة لشرعنة التدخل. تُقدَّم القضية الكردية في الخطاب الأمريكي أحياناً كقضية “ديمقراطية” أو “تحرر قومي”، خاصة في أروقة الكونغرس ووسائل الإعلام. لكن هذا التوظيف لا يتجاوز الطابع الرمزي، ولا يُترجم إلى دعم سياسي حقيقي للمطالب التي ينادي بها الكُرد كحق تقرير المصير -الذي لا ينطبق على الأكراد في سورية- أو الاعتراف بالإدارة الذاتية الكردية “روجافا” على مناطق يشكل العرب فيها الغالبية الساحقة. بل يتم في معظم الأحيان كبح هذا الخطاب عندما يتعارض مع مصالح واشنطن مع حلفاء آخرين مثل تركيا، ما يجعل الهوية الكردية أداة نفعية أكثر من كونها قيمة محمية.
سياسات متعددة .. بحسب موضع الكُرد الجغرافي
الولايات المتحدة لا تتعامل مع القضية الكردية كملف موحد، بل تتبع تكتيكات مختلفة تبعاً للبلد الذي ينتمي إليه الكُرد.
في العراق، حافظت واشنطن منذ التسعينيات على علاقة قوية مع أكراد العراق، خاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. هذا التحالف تعزّز بعد الغزو الأميركي عام 2003 ، لكن واشنطن عارضت الاستفتاء على الاستقلال الذي أعلن عنه مسعود البرزاني عام 2017، ما شكل خيبة أمل كبيرة لدى الكُرد.
في سوريا، تبرز قوات سوريا الديمقراطية باعتبارها الشريك الميداني الأساسي ضد داعش. وبالرغم من الدعم اللوجستي والميداني الكبير الذي تلقته هذه الميليشيات، إلا أنه ظل خالياً من الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية المعلنة من قبل هذه القوات أكثر من ثلاث مرات على الأقل، وبالتالي العلاقة هنا استمت بأنها “علاقة وظيفية محضة” تماماً كالعلاقة التي استخدم فيها بشار الأسد هذه الميليشيات منذ بداية الثورة، وكالعلاقة التي جمعت بين حافظ الأسد كذلك وهذه المنظومة التي كان لها شكلاً تنظيمياً واحداً حينها (حزب العمال الكردستاني) قبل تسليم عبد الله أوجلان، وبالتالي العلاقة الأميركية كانت محدودة بالتهديد الأمني من دون التزام، وسرعان ما تم تقليصها فعلاً بعد وصول السلطة الجديدة إلى دمشق وتبدل الواقع السياسي في سورية.
في تركيا، وبعكس سورية والعراق، تبقي واشنطن الملف الكردي بعيداً عن الطرح العلني بسبب حساسيات علاقتها مع أنقرة، وتصنّف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية ورغم الاعتراف الضمني بتعقيدات القضية الكردية داخلياً في تركيا، إلا أن الضغوط التركية، وموقع أنقرة في حلف الناتو، يدفعان واشنطن لتجاهل هذا الملف بالكامل تقريباً.
أما أكراد إيران، فحضورهم في الخطاب الأميركي محدود جداً، بالرغم من أن أكراد إيران لديهم تاريخ نضالي طويل، والسبب ربما يعود إلى غياب القدرة العملية على دعمهم من ناحية، وكذلك نظراً لأولويات واشنطن المتعلقة بالملف النووي من ناحية أخرى.
بعد الأسد نهاية الورقة الكردية
مع التحولات المتسارعة في الملف السوري بعد سقوط نظام الأسد وبروز حكومة جديدة في دمشق، بدأت واشنطن بانتهاج سياسات منفتحة على الحكومة الجديدة على المستوى الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي، ومن أبرز مؤشرات هذا التحول قرار رفع العقوبات عن سورية، وتعيين مبعوث أميركي خاص، ولقاء ترمب مع الرئيس الشرع، ودفع واشنطن باتجاه الضغط على قسد لتوقيع اتفاق دمج قسد في مؤسسات الدولة السورية المدنية والعسكرية، وكذلك إعلان نيتها إغلاق معظم القواعد العسكرية باستثناء واحدة في التنف. هذا التوجه يشير إلى أن التحالف المؤقت مع قسد قد انتهى عملياً، وأن مرحلة جديدة بدأت تقوم على العمل مع الدولة المركزية ستصبح هي الأساس في ملفات الأمن ومكافحة الإرهاب. وهكذا تطوى صفحة العلاقة التكتيكية، وتًعاد صياغة أولوليات أميركا في سوريا من خلال الدولة، لا الميليشيات.
رهانات التكتيك وحدود الثقة
العلاقة بين الولايات المتحدة والكُرد كما وضحنا، لم تكن قصة تحالف استراتيجي بقدر ماهي سلسلة رهانات تكتيكية متبادلة، استفادت فيها واشنطن في السابق من القدرة الكردية في إدارة ميليشيات منظمة وظيفية تستطيع القتال وتنفيذ المصالح الأميركية من دون نقاش، في حين سعت أطراف الإدارة الكرديّة المرتبطة بحزب العمال الكردستاني بالمقابل، لتحويل الدعم المؤقت إلى اعتراف دائم. لكن هذا التوازن غير متكافئ، لذلك لم ينجح، وانكسر عند أول اختبار سياسي جاد.
تكشف هذه الديناميكيات عن منطق القوة في العلاقات الدولية، حيث تُحدد الجغرافيا والمصالح اللحظية شكل التحالفات، لا القيم أو المبادئ. وهكذا، يبقى الكُرد على هامش الاعتراف الدولي الكامل، في انتظار فرصة قد تأتي… أو تُجهض باسم “الاستقرار الإقليمي”.
تلفزيون سوريا
—————————
هل تتوافق مع سياسات دمشق مع القومية الكردية واللامركزية في حقيبة الوفد الكردي/ أمير حقوق
14 حزيران2025
يتجه الحوار بين النسيج الكردي وحكومة دمشق نحو خطوات عملية، قد تفضي إلى تفاهمات على إدارة مشتركة، أو تحديد آليات لضمان حقوق جميع مكونات النسيج، بما يناسب تطلعات الحكومة، وذلك في إطار خطوات ترسخ فكرة الحل السياسي الشامل.
أقر مؤتمر “وحدة الصف الكردي” الذي عُقد في مدينة القامشلي، في 26 من نيسان الماضي، بتشكيل وفد كردي، مهمته التفاوض حول حقوق الشعب الكردي في سوريا ومستقبله.
وقال قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، إن تشكيل “الوفد الكردي الموحد الذي سيتفاوض مع الحكومة السورية بشأن مخرجات مؤتمر “وحدة الصف الكردي”، يأتي في إطار تنفيذ اتفاقه مع الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع.
وأوضح عبدي في تغريدة نشرها عبر حسابة بمنصة “إكس“، في 5 من حزيران، أن “الوفد الكردي الموحد” يؤكد على تثبيت حقوق الشعب الكردي دستوريًا في سوريا موحدة.
القومية الكردية لبّ المناقشة
التحركات الأخيرة هذه، تطرح عدة تساؤلات حول طبيعة التفاهمات الممكنة بين الأطراف المختلفة، وكيفية المباحثات التي من شأنها الوصول لاتفاق بين المكون الكردي ككل، وبين الحكومة السورية.
مدير المكتب الكردي للدراسات، نواف خليل، قال لعنب بلدي، إن الوفد الكردي سيناقش بُعدين، أولهما البعد العام لشكل الدولة السورية، وهذا البعد يؤسس لسوريا الغد، وسيتضمن حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية ومؤسسات الدولة، بناء على الكفاءات وبغض النظر عن الخلفية الدينية.
أما الثاني فهو البعد الخاص المتعلق بالقومية الكردية، باعتبار أن المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية، وتضمن الحكومة حقه في المواطنة وجميع حقوقه الدستورية، وهذا “لبّ ما سيتم مناقشته”، بحسب خليل.
وقال إن الهدف الوصول إلى مخرجات، أهمها الاعتراف دستوريًا بالقومية الكردية، والحقوق الدستورية للكرد، إذ طالبت الأحزاب الكردية أن تكون سوريا دولة لامركزية ديمقراطية.
معارضة حول اللامركزية
الباحث السياسي حسن النيفي، يرى أن المسافة بعيدة بين ما يطرحه الوفد الكردي، وما تطالب به وتريده حكومة دمشق.
وأوضح لعنب بلدي أن الوفد الكردي يتمسك بمسألة اللامركزية، ورغم أنها غامضة بعض الشيء، ولا أحد يعلم حدودها، فإن المؤشرات تصب حول اللامركزية السياسية، بناء على مخرجات مؤتمر القامشلي، وهذا ما لا تقره حكومة السورية.
واعتبر النيفي أن المفاوضات الحالية لا تلامس صلب الموضوع، وإنما تتشكل لجان، للتأكيد على أن لغة الحوار ما زالت قائمة بين “قسد” والحكومة المركزية.
ويعتقد أنه بالإضافة إلى اللامركزية، أيضًا يوجد خلاف حول اندماج قوات “قسد” بوزارة الدفاع السورية، إذ تريد “قسد” أن تحافظ على قوتها العسكرية ككتلة واحدة، ولا تحبذ الاندماج كأفراد بوزارة الدفاع، وأن تتموضع بمكانها الحالي بالجزيرة السورية، لتحافظ على مكتسباتها، وهذا ما ترفضه الحكومة السورية.
وفدان مكملان لبعضهما
أكد مظلوم عبدي أن الوفد الممثل لشمال شرقي سوريا (وفد الإدارة الذاتية) والوفد الكردي الموحد، مسار متكامل، يجسدان التزام “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بالحوار الوطني كخيار استراتيجي نحو مستقبل يحقق العدالة والمساواة.
وهنا اعتبر الباحث السياسي حسن النيفي، أن وفد “الإدارة الذاتية” يمثل “قسد” حصرًا، أما الوفد الكردي فيمثل جميع مكونات الطيف الكردي، أي الأحزاب الكردية التي اجتمعت في مؤتمر القامشلي.
أما مدير المكتب الكردي للدراسات، نواف خليل، فيعتقد أن الوفد الكردي سيبحث عن وضع أسس دستورية للاعتراف بالقومية الكردية، وما يترتب على ذلك، وذلك ضمن ما ينضوي عليه الاتفاق القائم بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، والجنرال مظلوم عبدي.
وكانت الأوساط الكردية، أوضحت أن وفد “الإدارة الذاتية” يضم في صفوفه العرب والكرد والسريان الآشوريين، ومهمته التفاوض حول كل ما يتعلق بـ”الإدارة الذاتية”، أما الوفد الكردي فيضم فقط مكونات النسيج الكردي، ويبحث عن القضايا المتعلقة بالشعب الكردي.
جدية دمشق و”قسد” بالاتفاقية
شهدت العاصمة دمشق، في 1 من حزيران، زيارة لوفد رفيع المستوى يمثل “الإدارة الذاتية”، حيث عقد اجتماعًا مع اللجنة المختصة بإتمام الاتفاق مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وتم خلال الاجتماع التوافق على عدد من الملفات المهمة، أبرزها تشكيل لجان فرعية تخصصية، لمتابعة تنفيذ اتفاق 10 من آذار الماضي، الموقّع بين الرئيس أحمد الشرع، وقائد “قسد” مظلوم عبدي.
الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، قال لعنب بلدي، إن الاجتماعات والحوارات هي استكمال للاتفاقية التي حصلت في 10 من آذار، وهي تعطي مؤشرين مهمين، أولهما جدية لدى “قسد” ودمشق في تطبيق اتفاقية الاندماج، والثاني أن الدول الراعية لهذه الاتفاقية (تركيا والولايات المتحدة الأمريكية)، تدفع بقوة باتجاه استكمال هذه الاتفاقية، ومع نهاية العام الحالي يفترض أن يكون هناك تقدم كبير بهذا المسار.
ويرى أن الاتفاقية الأصلية لم تحدد بوضوح شكل الاندماج، ولا مستقبل الهيكل العسكري لـ”قسد”، ولا مستقبل “الإدارة الذاتية”، بل أوجدت حالة من الضبابية، وهذه الحالة أوجدت حالة لـ”الإدارة الذاتية” من أجل طرح تصورات خاصة.
علوش يتوقع أن تركز الملفات الكبرى على مستقبل الهيكل العسكري لـ”قسد”، ودمجها كأفراد وكتكتل عسكري، ومستقبل “الإدارة الذاتية” الموجودة في شمال شرقي سوريا، وطرح اللامركزية، وتقاسم الموارد الاقتصادية الموجودة بالمنطقة، وأيضًا المسألة لا تقتصر على العلاقة بين “قسد” ودمشق، بل هناك مصالح تركية في المنطقة، وكذلك مستقبل الوجود الأمريكي وملفات محاربة الإرهاب.
لا تفاصيل
أما مدير المكتب الكردي للدراسات، نواف خليل، فيرجح أن العلاقة بين “قسد” وحكومة دمشق قائمة ومستمرة، وبحاجة للتنسيق بين الجانبين، إذ بدأت المحادثات بين الطرفين منذ بدء عملية “ردع العدوان”.
الباحث السياسي حسن النيفي، قال إن اتفاق 10 من آذار هو اتفاق على مبادئ عامة، وهو خالٍ من التفاصيل، وجاء نتيجة دفع دولي وضغوطات دولية وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، لذلك تضمن بنودًا عامة، ولم يتطرق إلى التفاصيل.
عنب بلدي
———————————-
==========================