عن التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة، ملف تناول “شهية إسرائيلية لتفتيت سوريا” – تحديث 04 نيسان 2025

لمتابعة مكونات الملف اتبع الرابط التالي
التدخل الاسرائيلي السافر في سورية الجديدة
———————————–
البيئة الدولية الجديدة..فرض منطقة نفوذ إسرائيلية على المشرق العربي/ عزمي بشارة
الجمعة 2025/04/04
إذا استتبَّ الأمر لترامب والأوليغارشيا الجديدة الحاكمة في الولايات المتحدة، وخلا لهما الفضاء مدّة كافية من دون ممانعة خارجية أو داخلية معتبرة، فسوف تشهد أعراف العلاقات بين الدول وقواعدها التي استقرّت عليها منذ الحرب العالمية الثانية تحوّلاً جذرياً. يمكن إجماله بانتقالٍ إلى سيادة مشروطة لقانون الغاب، يفترس في ظلّها القوي الضعيف شرط أن يتمكّن من الاستفراد به، أي إذا لم تتصدّ له تحالفاتٌ بين من يستضعفهم.
سابقاً، في ظل نظام القطبين، جرى ترسيم حدودٍ تقريبية لمناطق النفوذ، ودار الصراع بينهما، بما في ذلك الحروب بالوكالة، على ما يقع خارج تلك المناطق. وفي عصرٍ عُدَّ عصر زوال الاستعمار، لم يكن لأيٍّ منهما الحقّ بالاستيلاء على ما يريده لمجرّد أن يدّعي مصلحة اقتصادية عارية له فيه، وذلك حتى ضمن مناطق سيطرته، حيث استُخدمت في تبرير تلك السيطرة مسوّغات أيديولوجيةٍ كونيةِ الادّعاء مثل الاشتراكية والديمقراطية الليبرالية ومكافحة الشيوعية وغيرها.
ومع انهيار نظام القطبيْن، لم ينشأ نظام متعدّد الأقطاب كما خُيِّل لبعضهم، بل نظام قطب واحد في مركزه الولايات المتحدة مع وجود دولٍ إقليمية كبرى توازنه. وحتى بعد أن أصبحت الصين قوةً عالميةً اقتصاديةً عظمى تنافس الولايات المتحدة، فإنها ظلت على المستوى السياسي والاستراتيجي قوة إقليمية. وأعلن قطب النظام الأحادي هذا احترامَه النظام الدولي القائم، بل زعم الاضطلاع بمهمّة حماية القانون الدولي، تلك الحماية التي راوحت في حدود ازدواجية المعايير المشهورة، وهي، في نظري، عبارة أخرى لوصف معيارية المصالح الحصرية.
تُبان معالم نظام دولي جديد بالتدريج من خلال تصرفات الإدارة الأميركية. ويستشفّ من هذه التصرّفات اعتراف بوجود دولٍ قويةٍ على الساحة الدولية شرط أن تقرّ بتفوّق مركز هذا النظام، وهو الولايات المتحدة. وتعترف الأخيرة بمناطق نفوذٍ للدول القوية الأخرى تُطلق أيديها فيها للهيمنة والسيطرة، وفقاً لظروف كلٍّ منها. ولكن عليها أن تقبل صاغرة عزم البيت الأبيض الجديد على ترجمة هذا التفوّق اقتصادياً من خلال تعديل الميزان التجاري لمصلحة أميركا، بحيث تحظى بامتيازاتٍ بفضل قوتها الاقتصادية والعسكرية فقط، لا لتحالفاتها، ولا جاذبيّة نموذجها، ولا المساعدات التي تقدّمها، ولا بسبب قيادتها “العالم الحر”، فقد قرّر البيت الأبيض الاحتفاظ بامتيازات الدولة العظمى عاريةً من زينتها ومن مسؤوليات الدولة العظمى وواجباتها.
وهي تحتفظ بهذه الامتيازات، حين تدير ظهرها لحلفائها، وتعكف على رعاية مصالحها حصراً تحت عنوان “أميركا أولاً”، وذلك وفقاً لتحديد الأوليغارشيا المتنفّذة حالياً لهذه المصالح بأضيق فهمٍ ممكنٍ لها. ولا تُحرج من مطابقةٍ صريحةٍ لهذا التعريف مع مصالح أفرادها بتهيؤاتهم، ونرجسيّاتهم. وفي بالهم نظام ما بعد ليبرالي وما بعد اجتماعي، تتقلّص في ظله الحقوق الاجتماعية إلى أدنى حدٍّ ممكن ودولةٍ أمنيةٍ قويةٍ ليس من مهامها العناية بمواطنيها “الأقل حظاً”، ولا وضع ضوابط ومحاذير على شركات التكنولوجيا الكبرى، ولا تقييد مشاريع الذكاء الاصطناعي. لقد أدرك مالكو شركات التكنولوجيا الكبرى ومديروها قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة أن مصالحهم لا تتفق مع الليبرالية التي داروا يوماً في فلكها، بل مع الشعبوية اليمينية غير المعنيّة بأي قيود على التكنولوجيا ووسائل التواصل، والتي تحمي تمدّد نفوذ هذه الشركات على المستوى العالمي. فاستداروا نحو التحالف مع أشدّ القوى يمينيةً وشعبويةً في السياسة والاقتصاد. هكذا التقى أرباب الذكاء الاصطناعي مع رأس المال العقاري غير المنتج وأساطين الشعبوية والأمية السياسية.
يحتاج هذا الموضوع معالجة طويلة مستقلة، ولكن ما يهمّنا هو تزامن (وتلاقي) الابتعاد عن منجزات الديمقراطية الليبرالية داخلياً مع إطلاق العنان للجشع خارجياً، فأميركا تعلن على رؤوس الأشهاد أنها تريد ببساطة أن “تأخذ” (وفقاً لمعجم مفردات ترامب الفقير) قناة بنما، أو يُتاح لها العودة للسيطرة عليها، وأنها تريد أن تنتزع جزيرة غرينلاند الغنيّة بالموارد الطبيعية من الدنمارك، وضم كندا لتصبح ولاية أميركية. وهذا كله بالتوازي مع العمل على تقويض ما عُدّ نظاماً عالمياً للتجارة الحرّة، وإقرار سياساتٍ حمائيةٍ بمبادرةٍ من زعيمة النظام الرأسمالي العالمي من خلال رفع التعرفة الجمركية في التبادل التجاري مع الخصوم والحلفاء، فلم تعد تزعجها أواصر التحالف، فلا فارق جوهرياً بين الحلفاء والخصوم من منظور عقيدة “أميركا أولاً”، و”لنجعل أميركا عظيمة” الشعبوية نحو الداخل والإمبريالية نحو الخارج. والديمقراطية، بحد ذاتها، ليست أولوية، بل أصبحت في نظر الساكن الجديد في البيت الأبيض عائقاً.
وبين سطور الخطاب السياسي الجديد لترامب وأعوانه الموالين له، اعترافٌ بمنطقة نفوذٍ لروسيا وتفهمٌ لمطامعها في أوكرانيا، واعترافٌ بمنطقة نفوذ للصين، بحيث تتولّى تايوان المسؤولية عن مصيرها، وبحيث تلزَم دول مثل كوريا الجنوبية واليابان ودول أوروبا الغربية بالاضطلاع بدورٍ أكبر في الدفاع عن نفسها. ويجاهر حكام أميركا الجدد بموقفٍ سلبيٍّ من نهج الليبرالية السياسية الأوروبية والحقوق الاجتماعية الراسخة في بعض بلدانها، ويشجّعون اليمين المتطرّف فيها جهاراً نهاراً.
وفوق هذا كله، الجالس في البيت الأبيض منذ كانون الثاني/يناير لهذا العام مولعٌ بالقادة الأقوياء الذين تؤهلهم زعامتهم للدخول في صفقاتٍ بغضّ النظر عن ممارساتهم داخل بلدانهم، فليست حقوق الإنسان أو غيرها على جدول أعماله.
لم تستقر هذه البيئة الجديدة بعد، وقد لا تستقر، فما زالت المعارضة الداخلية الأميركية للسياسات الجديدة في حالة تبلور، ولكنها سوف تظهر بالتأكيد في الانتخابات النصفية للكونغرس، وربما قبل ذلك، لا سيما مع جلاء النزعة التسلطية المتناقضة مع أبسط مبادئ الديمقراطية، وتكاثر المتضرّرين من تقليص خدمات الدولة ومن رفع التعرفة الجمركية. ولم تتبلور بعد أشكال المقاومة الخارجية لهذه السياسات، فثمّة ارتباكٌ وحيرة، ولكن الفراغ لن يستمرّ مدة طويلة. ولهذا الافتراض دواعٍ وأسباب ليس هنا مجال الخوض فيها، أهمّها تضرّر مصالح دول كبيرة ومهمّة تبحث عن سبل للتصدّي في أوروبا وغيرها.
ضمن تشكّل البيئة الدولية الجديدة، تشجع الإدارة الأميركية إسرائيل على فرض ما يمكنها فرضه في سورية وفلسطين ولبنان، باعتبار أنها، في نظرها، القوة الإقليمية الأقوى، والأشد استعداداً لاستخدام القوة الضارية كما أثبتت خلال العامين الأخيرين، في مقابل ما تُبديه الدول العربية من وهنٍ وعجز، وحتى تواطؤ في بعض الحالات.
هل يصبح المشرق العربي منطقة نفوذ إسرائيلية؟ وما السبيل إلى منع ذلك؟
يشهد المشرق العربي انفلاتاً إسرائيلياً بلغ حد التوحش. ويُتاح هذا الانفلات بضوء أخضر أميركي. وفوق ذلك، تنفق الإدارة الأميركية الجديدة، التي تبخل على حلفائها في كل مكان، على إسرائيل بسخاء، فالأخيرة بالنسبة لها ليست مجرّد حليف يمكن الاعتماد عليه في منطقة مهمّة، بل هي أيضا حليف داخلي في أميركا.
في المقابل، تطالب الإدارة الأميركية دول الخليج العربية الثريّة بدفع الأموال بأشكالٍ شتى (استثمارات، زيادة صفقات الأسلحة وغيرها) ثمناً للتحالف معها وما تعدّه حمايتها. وأصبحت بعض الدول العربية تعوّل على محاربة إسرائيل حركات المقاومة، وضرب محور إيران وتحجيم نفوذ الأخيرة في المنطقة. وخلال هذه العملية الدامية المتواصلة منذ عامين، والتي تحوَّلت إلى عملية إبادة في قطاع غزّة، واتخذت أشكالاً أخرى، لا تقل خطورةً من ناحية أثرها السياسي، في بقية أرجاء فلسطين وفي لبنان، وفي غياب فعلٍ رسميٍّ عربيٍّ مضاد، تفرض منطقة نفوذ إسرائيلية في المشرق العربي ويجرى توسيعها باستمرار. لقد انحرف هذا التطوّر الواضح للعيان عن المسار الأصلي للتعويل على القوة الإسرائيلية.
لم تحاول الدول العربية المحيطة بفلسطين وقف الحرب، حتى بعد أن انقطعت صلة الحرب بالردّ على عملية طوفان الأقصى، وباتت حرب إبادة، وعجزت حتى عن إغاثة النساء والأطفال والشيوخ بإلزام الاحتلال على إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهو ما يفترض أن يكون مصدر حرج، حتى لمن ينتظرون القضاء على المقاومة. فمن الذي سوف يحسب حساباً لدولٍ تعجز عن إرضاء رأيها العام بهذا الحدّ الأدنى من الفعل والفاعلية؟
لقد تجاوزت الأحداث نهج انتظار إراحة إسرائيل نفسها والمنطقة من “إزعاج” حركات المقاومة التي يحول نشاطُها دون تطبيع العلاقات، ويعرقل تشكيل محورٍ حليفٍ للولايات المتحدة يمتد من دلهي إلى تل أبيب. واتضح أن إسرائيل غير قادرةٍ على “استئصال شأفة المقاومة” كما ترغب طالما تواصل الاحتلال، ولا على منع تعاطف الشعوب العربية معها. ولكنها باتت تستغلّ اندفاعتها الحربية الشرسة في غياب وازع داخلي أو رادع خارجي، وفائض القوّة الذي نجم عنها، لتحقيق أهدافٍ مثل تهجير الفلسطينيين وضم الضفة الغربية؛ ويُفترض أن تمنع هذه الأهداف، بحدّ ذاتها، أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل. وإضافة إلى ذلك، في ظل الانفلات الإسرائيلي بدعم غير مشروط من الإدارة الأميركية، لم تعُد الحرب تمهّد لتحالفٍ في محور عربي- إسرائيلي، بل إلى هيمنة إسرائيلية على المشرق العربي. من يريد تحالفاً مع كيان استعماري استيطاني عليه أن يفهم على الأقل أن هذا سيكون شكل التحالف.
ولن يؤدّي انتظار شنّ الحرب على إيران، مثل ما لم يؤدّ انتظار نتائج الحرب على المقاومة الفلسطينية، إلا إلى تعزيز التغوّل الإسرائيلي في الاتجاه المذكور… تعمل إسرائيل على تكريس واقع سياسي جديد، يخضع فيه “الملف الفلسطيني” لنفوذها الحصري، ولا حقّ لأحد بالتدخّل فيه، لا بمبادرة سلام ولا بـ”عملية سلام”. كما تعمل على تجاوز ذلك بالمجاهرة بأنّ لقادتها رأياً في كيفية حكم سورية ولبنان وإدارتهما، وربما غيرهما في المستقبل. وتدعمها الولايات المتحدة في ذلك، بل وتوصي القادة العرب بالتشاور مع نتنياهو بشأن قضايا الإقليم بعد أن أثبت “نجاعة” منطق القوة.
ترفض إسرائيل التسليم بالإدارة الجديدة في سوريا، وتعمل على فرض نزع السلاح عليها بالقصف الشامل غير المسبوق، الذي لا تجد كلاماً لتبريره سوى قدرتها على فعل ذلك، أي الهيمنة نفسها، كما تعمل على فرض منطقة نفوذٍ لها في جنوب سورية، في مقابل ما يمكن أن يصبح، من منظورها، منطقة نفوذ تركية في شمالها. كما تشترط نزع سلاح حزب الله، ونزع سلاح لبنان عملياً. وتتبنى الولايات المتحدة وبعض الدول العربية هذه الشروط، وبدلاً من مساعدة لبنان على مواجهتها في ظروفه الجديدة، تضغط عليه لنزع سلاح حزب الله بالقوّة ولفتح خطوط سياسية، وليس فقط عسكرية، بين سورية ولبنان وإسرائيل، غير مكترثة لاحتمال أن يقود نهجٌ كهذا إلى حروبٍ أهلية.
تخطئ أي قيادة سورية أو لبنانية إذا أعربت عن استعدادها لفتح خطوطٍ سياسيةٍ مع إسرائيل، وهي تحتلّ أراضيهما وتعلن إملاءاتها على الملأ وكأنها وصيةٌ عليهما، فلن يكون موضوع الاتصال الانسحاب من الجولان والعودة إلى حدود عام 1967، بل التدخّل في شؤون البلدين الداخلية. ولا سبيل لمقاومة هذا المخطّط الإسرائيلي في سورية سوى تقديم نموذجٍ وطنيٍّ تعدّدي غير طائفي، بل معادٍ للطائفية، قادر على توحيد الشعب السوري في الشمال والجنوب والشرق والغرب في الدولة السورية، وتجاوز رواسب المرحلة السابقة للتوصل إلى تفاهم بين لبنان وسورية لمواجهة هذه الضغوط. ثمّة بديهيةٌ ثابتةٌ منذ بدء الصراع، ومفادها أن كل ما يصبّ في مصلحة الدول العربية وشعوبها يضر بإسرائيل.
إذا قارنّا هذا التغوّل الإسرائيلي بالمراحل التي كانت فيها إسرائيل تلوذ بالصمت لكي لا تثير حساسياتٍ لدى الحلفاء العرب ورأيهم العام خلال الحرب الأميركية على العراق، أو خلال الثورة في مصر، ندرك حجم التغيير الحاصل.
شرط مواجهة العدوانية المتمادية لدولة ما في أي منطقة قانون دولي يُفرض فرضاً، أو قوة دولية راغبة وقادرة على وقفه، أو مواجهة القوة بالقوة إقليميّاً. لكن هذه العوامل غائبة في حالة إسرائيل. والقوى المستعدة لمقاومة التمدد الإسرائيلي بالقوة هي فقط حركات المقاومة، التي ثبت بشأنها ما صح دائماً، وهو أنها في ظروف العالم العربي، بما في ذلك الحصار المفروض عليها فيه، قادرة على المقاومة، ولا يفترض أن تسعى إلى خوض الحروب، وحتى أن تتجنّبها إذا فرضت عليها.
تصرّفت الدول العربية خلال الحرب الإسرائيلية على فلسطين في غزة كلٌ من منظور نظامها ومصالحه وعلاقاته الإقليمية والدولية، لا سيما مع الولايات المتحدة. ولم يتبلور تصوّر عربي أو إقليمي مشترك بالحد الأدنى في مقاربة تحدٍّ إقليميٍّ مفروضٍ عليها. ولذلك، حتى بعدما تحوّلت الحرب إلى عملية إبادة، لم نشهد محاولة عربية لوقف الحرب، ولو بإصدار تهديدٍ واحدٍ بقطع العلاقات. لقد كان بإمكان الدول العربية وقف الحرب، وما زال بإمكانها ذلك لو توفّرت الإرادة.
ويفترض أن يدرك أيّ شخصٍ عاقلٍ أن لا مصلحة للدول العربية، حتى الحليفة للولايات المتحدة، بأن يصبح المشرق منطقة نفوذٍ إسرائيلية. وتتوفر لدى البلدان العربية عناصر قوةٍ هائلةٍ لا تحتاج تفعيلها كلها لمنع تحول المشرق إلى مجال نفوذٍ إسرائيلي. لكنها تحتاج تجاوز الضغائن والخلافات وتغيير طريقة التفكير السائدة لديها لكي تتوصّل إلى إجماع على وقف هذه الصيرورة الجارية، إذا افترضنا أنها تدرك كنه هذه الصيرورة، أي التحوّل إلى منطقة نفوذٍ إسرائيليةٍ ومخاطره. ويفضّل أن يحصَّن مثل هذا الموقف من خلال التوصل إلى نظام أمن إقليمي بالتفاهم مع إيران وتركيا، بحيث يشتمل على احترام كاملٍ لسيادة الدول العربية، فتتمكّن من تأكيد عدم حاجتها للحماية الأميركية أو الإسرائيلية. ربما كان ما سبق مجرّد أضغاث أحلام وتمنّيات، فقد أثبتت تجربة غزّة أنه “قد أسمعتَ لو ناديتَ حيّاً”. ولكن ما يشير إليه عنوان هذا المقال هو تحوّل نوعي، من الواجب توضيحه، بغضّ النظر عن تشاؤم كاتبه البنيوي والعميق من احتمال أن تغيّر الحكومات العربية منظورها، فترى الأمور على نحوٍ مختلفٍ لمجرّد أنها فكرة مقنعة.
إذا فشلت حكومات الدول العربية في التحرّك لوقف هذه الصيرورة الخطيرة، فسوف يترسخ وضع جديد تجد نفسها فيه خاضعة للإملاءات الإسرائيلية. وهذا ليس في مصلحتها. ولكن الأمر لن يستقرّ للهيمنة الإسرائيلية على المدى البعيد، إذ سوف تجتمع التناقضات الاجتماعية والسياسية في العالم العربي مع قضية فلسطين ورفض الشعوب العربية الهيمنة الإسرائيلية على بلدانها. وقد خلَّفت حرب الإبادة الإسرائيلية احتقاناً هائلاً في الوطن العربي لم تتبيّن أبعاده وآثاره بعد.
المدن
—————————–
لكي تكفّ إسرائيل شرّها عن سورية/ معن البياري
04 ابريل 2025
صار مؤكّداً، للمرّة الألف على الأقل، أن إسرائيل لا تريد أن تكفّ شرّها عن سورية. … توضح شراسة الاعتداءات المتتالية، شبه اليومية أحياناً، أن ثمّة قراراً لدى دولة الاحتلال أن تبقى سورية في أضعف حال، بلا إمكاناتٍ عسكريةٍ لأيِّ جيش طبيعي، بلا أيِّ تسليح، ليس فقط لكي لا تستطيع الدفاع عن نفسها، بل أيضاً لتظلَّ ملعباً مستباحاً للمعتدي الإسرائيلي، بطيرانه وعتاده وجنوده. وأمام هذا الحال، سيتعلّق السؤال بالمطلوب الملحّ من السلطة في دمشق، ماذا عليها أن تصنع؟. بديهيٌّ أن التوازن الاستراتيجي الذي أطنب عنه كثيراً حافظ الأسد كان ينفع في تزويد كتّاب افتتاحيات صحيفة تشرين وزميلاتها بذخيرةٍ لغويةٍ لا تحفل بها غرفة قيادة الأركان الإسرائيلية. وبديهيٌّ أنه سيكون محرجاً، بل ومرفوضاً، الاستغراق أكثر وأكثر في اللغة الباردة التي تعاطت بها القيادة السورية الراهنة بشأن الاعتداءات الإسرائيلية في الأشهر الأربعة الماضية. وحسناً من الخارجية السورية أنها سمّت استهداف إسرائيل عدّة مواقع عسكرية ومدنية سورية في دمشق وحمص ودرعا عدواناً، وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي وسيادة الجمهورية العربية السورية. والمأمول أن تنشط الوزارة المعنيّة باتصالات دبلوماسية وسياسية مع العواصم الكبرى، ومع مجلس الأمن والأمم المتحدة، أقلّه ليشعُر العالم بأن الدولة السورية تؤدّي أضعف الإيمان بشأن استهدافٍ ضد أراضيها وقدراتها العسكرية، وضد شعبها من قبلُ ومن بعد، وقد سقط منه شهداء وجرحى.
ليس من حاجةٍ للقول إن دولة البغي تنعُم بفرصةٍ ربما لم تتوقّع مثلها، لمّا قامت قبل أزيد من 75 عاماً، أن العالم العربي منكشفٌ مبطوحٌ قدّامها، بلا أيِّ حوْل، منزوع الإرادة وبلا أيِّ قدرةٍ على أي قرارٍ جدّي، بل وفيه من يقيم أقوى العلاقات والتحالفات معها، فأن يضرب سلاح الجو الإسرائيلي في سورية، كيفما شاء ووقت شاء، نشاطٌ روتينيٌّ في يوم عملٍ عاديٍّ له، وتتفهّم هذا كل الدول العربية، المسمّاة منها مركزية والأخرى غير المسمّاة مركزية. وترفع هذه الدول، من النوعيْن، بعض شعورٍ بشيءٍ من الحرج، بالبيانات اللفظية إياها، والتي لا تشغل الدولة العبرية نفسَها بأي اكتراثٍ بها. ومن شديد البؤس أن يثرثر بعضُنا إن قصف الطيران الحربي الإسرائيلي مطاراً عسكرياً في حماة وقاعدة في حمص ومركز بحوثٍ في دمشق، الليلة قبل الماضية، رسالة تبعثها تل أبيب إلى أنقرة، وإنْ ذاع أن القاعدة المستهدفة كان مقرّراً أن تصير تركية، فالرسالة إلى السوريين، وليس إلى أحدٍ غيرهم، مفادُها بأنه غير مسموحٍ لهم أن يعملوا من أجل تعافي بلدهم، فهذه الاعتداءات الشرسة، غير المسبوقة على سورية، معطوفةٌ عليها تلك المحاولات الإسرائيلية لاحتضان السوريين الدروز، وكأن حكومة الاحتلال حاميتهم، وكذا تصريحات أكثر من مسؤولٍ في دولة العدوان بشأن الحكم في سورية الجديدة، وتعيين هويّته، في سفورٍ معلنٍ تنسب فيها الدولة المذكورة وصايةً على الشعب الذي أطاح بشّار الأسد ليتخيّر طريقه إلى النظام السياسي الذي يريد.
ليس في المقدور أن يُطرح جوابٌ عن السؤال الملحّ تُطالَب به السلطة السورية الراهنة لدفع الشر الإسرائيلي عن البلاد، ولكبح جموحه وهو يستهين بكل الأعراف والاعتبارات، سيّما وأن إمكانات الدولة السورية وقدراتها على أوضح ما يكون عليها الانكشاف والضعف وقلة الحيلة، وسيّما وأن الإسناد العربي لن يتحقّق بالمُراد الذي يشتهيه كل سوري، وكل مواطن من المنامة إلى نواكشوط. والبديهيُّ عن وجوب تحصين السلم الأهلي في البلاد، وصيانة الوحدة الوطنية، وإقامة إجماعاتٍ سوريةٍ تلتف حول وطنيةٍ عامة، وبناء مؤسّسات للدولة ذات مناعةٍ ضد الفساد والإفساد، ويتمثّل فيها كل السوريين عن استحقاقٍ وجدارة، البديهي عن هذا كله وغيره متطلّبٌ رئيسٌ في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتواصل، وفي العمل من أجل صوْغ استراتيجيةٍ وطنيةٍ من أجل هذا الهدف. ويبقى من عدّة دول عربية، ومنها في الخليج، أن تقدّم كل عونٍ لسورية من أجل بناء مؤسّستها العسكرية المسلحة، القادرة على إشعار العدو الإسرائيلي بأن الخروج من الحمّام ليس كما دخوله، وبأن في وسع الشعب السوري أن يقع على معادلةٍ أخرى، غير التسليم بالضعف والعجز، فثمّة ما يمكن تثميره والبناء عليه، وفي الأول والأخير أهل مكّة أدرى بشعابها.
العربي الجديد
——————————-
ضربات إسرائيلية استباقية تزعزع استقرار سورية/ مالك ونوس
04 ابريل 2025
شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي ليل الأربعاء (2 إبريل/ نيسان 2025) عشرات الغارات الجوّية على عدّة مواقع عسكرية سورية بينها قاعدة التياس (أو ما يعرف بمطار تيفور شرقي تدمر)، التي تخطّط تركيا لاتخاذها قاعدةً جوّيةً لها. وكان لافتاً ما قالته الإذاعة الإسرائيلية مباشرةً بعد الهجوم من أن هذه الغارات تعدّ بمثابة رسالة للرئيس التركي، أي أنها محاولة لمنع تركيا من إقامة قواعدَ في سورية، ما يشير إلى أن العدوّ سيمنع أيّ محاولة تثنيه عن الاستمرار في ضرب سورية وإضعافها إلى أقصى درجة ممكنة. وليست هذه الرسالة هي الأولى، فقد شنّ جيش الاحتلال ضربات مماثلة على هذه القاعدة قبل أسبوع، وأعقبها تصريح لمصدر عسكري إسرائيلي قال إنها رسالة إلى تركيا. وإذا كانت هذه الضربات تهدف إلى إضعاف سورية، فإن لها أهدافاً أخرى، أخطرها منع استقرار هذه البلاد، وهو ما يمكن أن يمنع استقرار الدول المحيطة بسورية، ومنها تركيا، التي لا تخفي إسرائيل خشيتها من استمرار صعودها قطباً إقليمياً قوياً.
وباتت التفاصيل بشأن إقامة قواعد عسكرية تركية في سورية تتكشّف شيئاً فشيئاً، جديدها أخيراً ما نقله موقع ميدل إيست آي الإخباري قبل أيّام من تصريحات “مصادر مطلعة”، أفادت بتحضيرات للشروع في هذا الأمر. ثمّ ما لبثت أن انتشرت أنباء عن وصول فعلي لقوات تركية ومهندسين وفنّيين أتراك إلى قاعدة التيفور. ويأتي هذا مع اتضاح الرؤى المتعلّقة بوجود تغيير سيحدّد مستقبل المنطقة، ويعيد رسم الخرائط السياسية، وربّما الجغرافية، في سياق واقع جديد سيفرض على المنطقة، من دون أن يكون لشعوبها دورٌ في هذا الواقع. غير أن حساسية هذا الأمر بالنسبة للاعبين الإقليميين، وخصوصاً دولة الاحتلال الإسرائيلي، يجعل تحقيق الاستقرار، الذي كان أحد الأهداف من إقامة هذه القواعد، مستبعداً مع الضربات الاستباقية التي شنّها الإسرائيليون ليل الأربعاء على المطار المقصود، والمتزامن مع توغّل إسرائيلي جديد في محافظة درعا.
وليس الكلام عن إقامة قواعد عسكرية تركية في سورية جديداً، بل ظهر مع الأيّام الأولى التي تلت إطاحة نظام بشّار الأسد، ثمّ كثر الحديث عن الموضوع مع زيارة الرئيس السوري للفترة الانتقالية، أحمد الشرع، أنقرة (4 فبراير/ شباط 2025)، وقيل إنها ستخصّص لمناقشة الوضع الأمني، وتدريب تركيا القوات السورية، وكذلك مناقشة العوامل التي تساهم في استقرار سورية وتعافيها اقتصادياً، تمهيداً لعودة أبنائها من مخيّمات اللجوء في الدول المجاورة. ويمكن لإقامة هذه القواعد أن يزيد من متانة العلاقات السورية التركية، ويدفعها باتجاهات متقدّمة مستقبلاً، ولا يُستبعَد أن تصل إلى درجة التحالف الاستراتيجي على الصعد كافّة. وهو لذلك ربّما سيكون موضع دراسة ونقاش في دوائر صنع القرار في المنطقة، علاوة على تسبّبه في زيادة اهتمام القوى الإقليمية والدولية بسورية، وبمدى تطوّر العلاقات بين دمشق وأنقرة، وضرورته لإبعاد الأخطار عن تركيا أبعد ما يمكن، إذا ما استطاعت تركيا لجم الإسرائيليين ومنعهم من الاستمرار في استباحة سورية، كما فعلوا ويفعلون طوال 41 سنة الماضية.
غير معروفٍ إلى أيّ مدى ستؤثّر هذه الضربات، وكذلك التصريحات الإسرائيلية الواضحة التي أعقبتها، في العلاقات التركية الإسرائيلية، التي تمرّ بحالة من التوتّر، خصوصاً بعد الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزّة، وهي العلاقات التي مرّت بمنزلقات كادت أن تؤدّي (أكثر من مرّة) إلى قطيعة بين الطرفَين. وإذا كان الإسرائيليون يجدون في هذه القواعد عاملاً يحدّ من حرّية حركتهم في الأجواء السورية، فإنهم في الوقت نفسه يبدون غير مرتاحين لظهور أنقرة لاعباً رئيساً ومقبولاً في الساحة السورية، وقادراً على منافسة القوة الإسرائيلية وتحكّمها بالمنطقة.
لكن، هل تُعدّ إقامة قواعد تركية العامل الوحيد الذي يساهم في تحقيق الاستقرار في سورية؟… مؤكّدٌ أن العامل الداخلي من أهم عوامل استقرار سورية، بغضّ النظر عن استمرار التدخّل الإسرائيلي المتواصل في شؤونها، واستمرار الضربات الجوية الإسرائيلية لقواعدها العسكرية، وحرمانها من القوة الضرورية لتحقيق الدرجة المطلوبة من الأمان، واللازمة لتشجيع المستثمرين على القدوم من الخارج للمساهمة في إعادة بناء البلاد. ويُعدّ الشروع في مسار تحقيق العدالة الانتقالية شرطاً داخلياً لتحقيق الاستقرار، خصوصاً بعدما ثبت أن تغييب هذا المسار هو الذي أسهم في ظهور الانتهاكات والمذابح بدافع الانتقام في الساحل السوري، بداية مارس الماضي. ويشكّل عدم الشروع في هذا المسار دافعاً لاستمرار حالة التوتّر الداخلية، لأن اهمال البتّ في قضية محاكمة المتّهمين بالانتهاكات خلال حكم بشّار الأسد، سيسهم في استمرار حالات الانتقام وانتشارها في نطاق واسع، وسيؤدّي إلى قتل الأبرياء، وهو ما لا يمكن توقّع التبعات التي قد يتسبّب بها.
لقد زادت الضربات الإسرائيلية للقواعد السورية من سرعة السير في الحلقة المفرغة التي دخلتها الإدارة السورية بعد إطاحة الأسد. بدايةً، أدّى عدم الشروع في مسار تحقيق العدالة الانتقالية إلى تغليب عامل الانتقام، وبالتالي حصول انتهاكات ومذابح فرملت الجهد المبذول لرفع العقوبات الدولية المفروضة على سورية. وإذا كان رفع العقوبات شرطاً من أجل البدء في تعافي البلاد الاقتصادي، فإن هذا التعافي شرط لزيادة مستوى معيشة السوريين، وبالتالي شرط لتخفيف التوتّر والاحتقان، اللذين لا يخفيا على أيّ مراقب للوضع العام في سورية، وهو ما يمكن أن يؤدّي إلى قلاقل تحدّ من استقرار البلاد.
وإذا كانت القواعد التركية تهدف إلى تحقيق الاستقرار في سورية، فإن الضربات العسكرية التي يوجّهها الإسرائيليون بهدف منع إقامتها هي عامل لمنع هذا الاستقرار. وهذا بحدّ ذاته يُعدّ دخولاً في الحلقة المفرغة من باب آخر. وإزاء هذه المعطيات، يبدو الملفّ السوري غائماً، وأيضاً دافعاً للإحباط، وربّما يتطلّب عقد مؤتمر دولي تتوافق فيه القوى الدولية والإقليمية على أجندة محدّدة تخفّف التحدّيات والتجاذبات والاستقطابات، التي سيُدفّع استمرارُها الشعبَ السوري أثماناً ليس مسؤولاً عنها.
العربي الجديد
————————–
التصعيد الإسرائيلي: هل باتت سوريا ساحة خلفية للصراع الإسرائيلي التركي؟/ أغيد أبو زايد
3 أبريل 2025
بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في الـ 8 كانون أول/ديسمبر 2024، بدأت ملامح النوايا الإسرائيلية ومخططاتها تتكشف حول سوريا، لاسيما جنوبي البلاد، إذ أخذت السياسة الإسرائيلية منحنى مختلفا عما كانت عليه إبان حكم الأسد، مستغلة حالة الضعف السياسي والعسكري وانشغال “الإدارة السورية الجديدة” بالأوضاع الداخلية، الاقتصادية والاجتماعية، ناهيك عن الأوضاع الأمنية، خاصة في الساحل السوري.
وتعمل إسرائيل على استهداف قواعد عسكرية تُشكل في نظرها تهديدا أمنيا لها، ناهيك عن التوغل البرّي شبه اليومي في محافظتي درعا والقنيطرة، حيث باتت توسع عملياتها البرية، التي وصلت ليل الأربعاء – الخميس إلى منطقة نوى بريف درعا الغربي، في حين أن سلاح الجو استهدف مطارَي حماة و “تي 4″، إضافة إلى قاعدة تدمر العسكرية.
إذ شهد التصعيد الأخير تطورا لافتا في السياسة الإسرائيلية تجاه تحالفات دمشق السياسية والعسكرية، فبعد أن كانت تل أبيب تخشى الوجود الإيراني في سوريا بات الوجود العسكري التركي “تهديدا محتملاً” لها، رغم عدم وجود تحرك عسكري تركي رسمي في سوريا، لكن على ما يبدو أن تل أبيب تستبق أي اتفاق محتمل بين دمشق وأنقرة، فهي تريد رسم واقع جديد في المنطقة.
ما دور التصريحات التركية؟
انطلاقا من العلاقات التركية الإسرائيلية المتوترة، فإن تل أبيت وجدت سوريا ساحة لتصفية حساباتها مع أنقرة، بل وكسر شوكتها من دون مواجهة مباشرة، لكن ذلك سيكون على حساب استقرار سوريا والسوريين، إذ تسعى إسرائيل لكبح جماح النفوذ التركي وتمدده لملء فراغ تركته إيران وميليشياتها في الأراضي السورية.
الصحفي محمود السعدي يرى أن التصريحات التركية حول توسيع نفوذها في سوريا ساهمت في تصاعد التوتر مع إسرائيل، إذ إن هذا التوتر المتزايد بين أنقرة وتل أبيب، الناتج عن التصريحات والتحركات المتبادلة، قد يكون أحد العوامل التي دفعت إسرائيل إلى تكثيف عملياتها العسكرية في سوريا، بهدف مواجهة النفوذ التركي المتنامي في المنطقة.
يتفق في ذلك الناشط ماجد عبد النور، في أن معظم محاولات التصعيد الإسرائيلي على سوريا سببه التصريحات التركية “اللا مسؤولة ومحاولاتها إظهار توسع نفوذها في سوريا”. وأوضح في تغريدة عبر منصة “إكس” أن ذلك بدأ من تصريحات تركيا حول ترسيم الحدود البحرية التي أثارت حفيظة اليونان وقبرص ومصر مروراً بتصريحاتهم حول وضع قواعد عسكرية متقدمة في العمق السوري وليس انتهاءً بالحديث عن اتفاقيات أمنية وإظهار اهتمامهم المبالغ برعاية المسجد الأموي لإثبات الرابطة الدينية على غرار ما كانت تحاول فعله إيران.
تسعى أنقرة إلى توظيف قدراتها العسكرية وملئ الفراغ الذي خلّفه انسحاب إيران وميليشياتها من سوريا، في حين أن تل أبيب تعتبر ذلك “تهديداً محتملاً”، مما يؤكد أن إسرائيل لن تسمح لتركيا أن توطد وجودها العسكري، حتى وإن تحولت سوريا إلى ساحة للصراع.
وأضاف أن سوريا ستبقى ساحة لصراع النفوذ بين تركيا وإسرائيل، لكن عبر وسائل غير مباشرة مثل الضربات الجوية الإسرائيلية والوجود العسكري التركي الداعم لفصائل معينة، من دون الوصول إلى حرب مفتوحة بين الدولتين.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة كانت رسالة إلى تركيا. وأوضح أن الرسالة الإسرائيلية حملت “تحذيراً شديداً” للرئيس أحمد الشرع من مغبة “السماح لأي جهة بتغيير الوضع القائم في سوريا بما يهدد أمن إسرائيل”، مؤكداً أن “من يسمح بذلك سيدفع الثمن”.
النفوذ التركي: هل تحقق أنقرة طموحها؟
على الرغم من أن تركيا لم تقم بأي خطوة عملية على الأرض لإقامة قواعد عسكرية في سوريا، إلا أنها تطمح لمد نفوذها عبر استغلال حالة الفراغ وعدم قدرة دمشق على بسط سيطرتها على كامل الأراضي السورية، في ظل ضعف إمكانياتها العسكرية وعدم وجود كوادر مدربة وجاهزة، لكن ذلك مستبعد في المدى القريب والبعيد.
إذ إن سياسة دمشق في التعاطي مع أنقرة ما زالت تأخذ طابع المراوغة السياسية، فهي تسعى للاحتفاظ بعلاقات ودّية مع تركيا لتكون حليفا إقليميا، لكن في نفس الوقت لا تريد خسارة العمق العربي، وتعتبره أولوية بالنسبة لها.
إلى الآن ورغم الطموح التركي إلا أنه لم يتم توقيع أي اتفاقيات عسكرية بين دمشق وأنقرة، وهذا يعود إلى إدراك “الإدارة السورية الجديد” أن وجود نفوذ تركي وقواعد عسكرية ليست من مصلحتها.
بحسب حديث الباحث في الاقتصادي السياسي، الدكتور محمد السعدي، لـ “الحل نت” فإن القواعد التركية لا يمكن أن تطبق على الأرض السورية، بسبب الموقع الجيوسياسي السوري، إذ ستهدد هذه القواعد الأمن العربي وبالتالي فإن الدول العربية لن تسمح لدمشق بأن تتحالف مع تركيا، مشيرا إلى أن دمشق تتصرف وفق رؤية عربية وليست إقليمية.
لكن رغم علم أنقرة بذلك، إلا أنها لن توفر أي فرصة لتحقيق طموحها في الأراضي السورية، إذ من غير المرجح أن تتراجع أنقرة عن خططها لإقامة قواعد عسكرية، خاصةً مع سعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي وتأمين مصالحها الاستراتيجية، بحسب الصحفي محمود السعدي.
تركيا تستعد لبناء قاعدة عسكرية في سوريا.. ما موقف تل أبيب؟
بالمقابل، قد يؤدي هذا التحرك إلى تصعيد التوترات في المنطقة، خاصةً مع استمرار الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي قد تكون رسالة واضحة لتركيا بشأن مخاوف إسرائيل من تزايد النفوذ التركي في سوريا.
ما سرُّ التصعيد الإسرائيلي الأخير؟
بالنسبة لتل أبيب فإنها ما تزال تعمل على تدمير القواعد العسكرية لجيش النظام السابق والتي كانت تتمركز فيها إيران، إذ إن الغارات الجوية التي استهدفت مطاري “تي 4” وحماة وقاعدة تدمر، كانت لتدمير غرف عمليات إيرانية تحت الأرض، بحسب مصدر أمني سوري.
وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، لـ “الحل نت“، إن هناك مبانٍ ضخمة ومحصنة تقع تحت أرض القواعد التي استهدفها سلاح الجو الإسرائيلي ليل الأربعاء – الخميس، وكانت إيران تستخدمها لإدارة عملياتها العسكرية في سوريا.
لكن تل أبيت استغلت الحدث بتوجيه رسالة تحذيرية إلى أنقرة، التي عملت على جس نبض إسرائيل عبر تصريحات حول نيّتها إقامة قواعد عسكرية في وسط سوريا لأهداف متعددة.
المحلل السياسي، الدكتور عامر السبايلة، اعتبر أن التصريحات التركية تأتي من بوابة محاولة ملء الفراغ الإيراني وإظهار الوصاية على سوريا.
وأضاف أن تركيا تحاول الاستفادة من هذه الجغرافيا، إذ تحاول أن تبرز نفسها كلاعب أساسي في المعادلة السورية وأن هذا النفوذ يمكن أن يعطيها المساحة للتفاوض في الإقليم، لكن فعلياً لا يمكن التعويل عليها عسكريا في سوريا، خصوصا في مواجهة اسرائيل وسياسة الولايات المتحدة.
ورجح السبايلة أن تستمر إسرائيل بالسياسة التي تقوم بها. وأضاف: “في النهاية فإن الأزمة يمكن أن تنتقل أكثر إلى الداخل السوري على شكل إعادة رسم الخارطة السياسية السورية وأيضا تعميق أزمة تركيا السياسية في الداخل وبالتالي احتواء أي تحركات مستقبلية على نمط السنوات الماضية كما أرادت تركيا، إذ إن الوضع الداخلي أصعب من أن تقوم تركيا بأي سياسة توسعية في المنطقة.”
ماذا عن جنوبي سوريا؟
فيما يخص الجنوب السوري، تحديدا محافظتي درعا والقنيطرة، فإن إسرائيل تعمل على رسم خريطة أمنية في المناطق القريبة من حدودها وتريد أن تكون منزوعة السلاح، إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس الأربعاء، إن هدف إسرائيل في سوريا يتمثل في نزع السلاح جنوبي البلاد، وضمان أجواء خالية من التهديدات فوق الأراضي السورية.
وادعى أن المنطقة ستشهد نشاطاً متزايداً لـ “منظمات إسلامية فلسطينية” في كل من لبنان وسوريا، وأضاف: “نحن نعمل على منع تسليح حزب الله والفصائل الفلسطينية… التحدي بدأ وسيتصاعد”.
لكن التحركات الإسرائيلية في جنوبي سوريا لا تبدو أنها ستتوقف عند حدود معينة، إذ بدأت تأخذ منحنى خطيرا يمكن أن يغير خريطة المنطقة، انطلاقا من جبل الشيخ حيث أنشأت إسرائيل قواعد لها، وصولا إلى ريف درعا الغربي ومرورا بمحافظة القنيطرة.
وتوغلت القوات الإسرائيلية ليل الأربعاء – الخميس في الأراضي السورية ووصلت إلى منطقة نوى بريف درعا الغربي، حيث استهدفت حرش سد الجبيلية بين مدينة نوى وبلدة تسيل، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص وجرح آخرين.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفخاي أدرعي، في بيان صدر اليوم الخميس، إن القوات الإسرائيلية ضمن “اللواء 474” في منطقة تسيل بريف درعا تمكنت من مصادرة وسائل قتالية وتدمير بنى تحتية أثناء عملية توغل بري وجوي. وأضاف أن العملية شهدت تبادل إطلاق نار مع مسلحين محليين، مما أسفر عن القضاء على عدد منهم دون وقوع إصابات في صفوف القوات الإسرائيلية.
هل تعيد إسرائيل صياغة ملامح جنوب سوريا.. لماذا تصمت دمشق؟
بدورها، دانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية، التصعيد الإسرائيلي “غير المبرر”، معتبرة أنه محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها. وأضافت: “في وقت تسعى فيه سوريا لإعادة الإعمار بعد 14 عاماً من الحرب، تأتي هذه الاعتداءات المتكررة في سياق محاولة إسرائيلية واضحة لتطبيع العنف مجدداً داخل البلاد، مما يقوض جهود التعافي ويكرس سياسة الإفلات من العقاب.”
ودعت، في بيان، المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم والضغط على إسرائيل لوقف عدوانها والالتزام بالقانون الدولي وتعهداتها بموجب اتفاقية فصل القوات لعام 1974. وحثّت الخارجية السورية الأمم المتحدة وجميع الجهات الدولية المعنية على اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذا التصعيد ومنع المزيد من الانتهاكات.
لذلك، فإن التحركات الإسرائيلية تشير إلى أن تل أبيب تعمل على تغيير المعادلة ورسم واقع جديد في المنطقة، في ظل عدم قدرة السلطات السورية على مواجهة المخطط الإسرائيلي، الذي عبّر عنه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في وقت سابق والذي يتمثل في “شرق أوسط جديد”، لكن تحقيق ذلك لا يتوقف عند سوريا، إذ إنه يشكّل تهديداً لدول عربية أخرى، وهو ما يجعل السيناريوهات مفتوحة، خصوصا في ظل التداخل التركي في المعادلة السورية.
الحل نت
———————————
الحرب أم الاستسلام؟/ يوسف بزي
الخميس 2025/04/03
تتوغل إسرائيل في غزة، في جنوب سوريا، في أرض لبنان وسمائه. الجغرافيا مستباحة من صحراء سيناء إلى صحراء الأنبار. وحيث لا تتوغل ولا تقصف هي أيضاً تسيطر وتهيمن على مصائر دول وحكومات وشعوب.. و”أقليات”!
ليست إسرائيل القوية وحسب، بل هذا الضعف الساحق الذي حطم الحدود والمجتمعات وفتت الكيانات على نحو يصعب معه الحديث عن أوطان تامة ودول مكتملة. ضعف لم تنزله إسرائيل فينا بسبب تفوقها العسكري والتكنولوجي، إنما هو أيضاً حصيلة ما اقترفناه على مدى نصف قرن من سلسلة إخفاقات أفضت إلى فشل تاريخي، يرتسم اليوم بأكبر هزيمة حضارية منذ سقوط السلطنة العثمانية.
القضية الفلسطينية وقد باتت يتيمة راهناً، انتقلت من مسار أوسلو إلى شبه “حرب أهلية” مصغرة منذ العام 2007، أفضت إلى دويلة مسلحة في غزة ودويلة عاجزة في الضفة، وفتحت المجال أمام مشروع إسرائيل لتصفيتها. كان الانقسام هو الباب العريض الذي دخلته إسرائيل للقضاء على دولة فلسطين المنشودة. غزة اليوم بين الإبادة والتهجير. الضفة اليوم بين الابتلاع والفصل العنصري والتهجير. أي أفق هذا؟
المسألة اللبنانية، راحت من إنجاز التحرير عام 2000 وإنجاز السيادة 2005، إلى احتراب أهلي، يتقلب بين البارد والفاتر والحار، نشأت عنه دويلة مذهبية مسلحة ودولة متهالكة تتناتشها عصبة أمراء الطوائف ومافيات المال والمصارف، فانتهت إلى الانهيار الشامل والقعر الصفري. ومن هذا القعر انطلقت الصواريخ الهزلية مستجلبة أشد الحروب تدميراً. وكانت الحصيلة اليوم: إما استئناف الحرب على لبنان، أو “مفاوضات” الاستسلام الشامل. وفي الأثناء، استباحة لا راد لها (وبرعاية دولية) للأرض والسماء والبشر، قصفاً واغتيالاً واحتلالاً.
المأساة السورية المبتدئة على الأقل منذ العام 2011، استقرت بعد هروب الأسد وعصابته، على جغرافيا ونفوس ممزقة، وهويات متذررة، وخراب اقتصادي وعمراني واجتماعي يوازي خراب أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. وبجيش مدمر، وحدود مستباحة، وإفلاس مالي، وميليشيات مسلحة تستسهل الحروب الأهلية. ساحة مفضلة لإسرائيل كي تلعب كما يحلو لها.
لن نتوسع إلى ما هو حال العراق أو اليمن، وسائر “كيانات” الزواج القسري بين الميليشيات والدولة، زواج قسري بين الصواريخ والمدارس، بين الكلاشينكوف والمستشفيات، بين صناعة المخدرات ومحاربة التصحر..
هكذا، على مدى خمسين عاماً من حروب أهلية وإقليمية وكونية، صاحبتها هستيريا جماعات وشعوب بالعودة إلى ماضٍ ديني طائفي متخيل أو مفتعل أو مشوه أو مؤسطر، ورافقتها ديكتاتوريات دموية وميليشيات “مقدسة”.. انتهى الحال إلى إدقاع أخلاقي وسياسي واقتصادي وعلمي وثقافي لا يمكن معه الاستمرار بادعاء أي انتصار، إلهي أو بشري.
طموح أهل غزة النجاة. طموح أهل لبنان عودة الكهرباء. طموح أهل سوريا تجنب الحرب الأهلية.
شعوب تقرِّر مصيرها قوافل المساعدات، رفع العقوبات، وقف القصف ليس إلا. لا أحد يسرح خياله في مسائل مستوى الدخل، نسب النمو، ضمان الشيخوخة، ميزانية البحث العلمي، التطوير العقاري، أو مسائل السياحة، نظافة المياه، الطاقة البديلة، الحكومات الإلكترونية وسائر المشاريع التي تهتم بها المجتمعات الطبيعية.
قد يبدو ليس “صواباً سياسياً” إعلان الهزيمة. فنتيجة الاستسلام وتسليم مصيرنا إلى عالم ترامب ونتنياهو وأشباههما، أقرب إلى الاندحار الشامل. مع ذلك، المكابرة أيضاً أقرب إلى الانتحار.
هذا هو المأزق اليوم. ولا نملك ترف التهرب من تبعاته.
المدن
——————————
لماذا قصف نتنياهو سوريا؟/ وائل علوان
4/4/2025
نفّذت الطائرات الحربية الإسرائيلية حملةً واسعة من القصف العنيف المدمر مساء الأربعاء 2 أبريل/ نيسان 2025، طالت المطارات في وسط سوريا ومراكز بحوث في حماة ومحيط دمشق، وتزامنت مع اجتياح بري، واشتباكات في محافظتي درعا والقنيطرة جنوب البلاد.
الغارات الكبرى والأعنف استهدفت مطار حماة العسكري ودمّرت أجزاء واسعة منه، كما دمّر القصف الإسرائيلي جزءًا كبيرًا من مطار التيفور T4 شرق حمص، وكان من الواضح التركيز على قصف المطارات في هذه الحملة الكبيرة نسبيًا، علمًا أن القصف الإسرائيلي كان مستمرًا بشكل متكرر بعد سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024.
دوافع القصف الإسرائيلي وأسبابه
لا يخلو القصف الإسرائيلي الأخير من الاستعراض الذي تحتاجه حكومة نتنياهو، وقد بلغت الحرب في غزة نهاياتها، ولعل سوريا بوضعها الراهن هي أفضل مكان لاستعراض القوة وتوجيه الرسائل الإقليمية والدولية.
غير أنّ السبب الرئيسي للقصف هو الاستمرار في تدمير البنية التحتية العسكرية بشكل كامل، لتكون سوريا دولة منزوعة السلاح، وغير قادرة على أن تشكل أي تهديد مستقبلي للأمن القومي الإسرائيلي، خاصة بعد أن فقدت تل أبيب نظام الأسد الذي حافظ على هدوء الجبهات وأمن إسرائيل لعقود.
إسرائيل تستمرّ في القصف والاجتياح البري والتدمير لإتلاف ما بقي من السلاح وإن كان قديمًا أو متهالكًا، وفي الوقت نفسه لن تسمح للدولة الجديدة بتشكيل جيش قوي يمتلك الصواريخ والطائرات ومنظومات الدفاع الجوي، وهي تعلن رسالتها في هذا القصف بأنها لن تسمح لأحد بتسليح هذا الجيش أو تقويته.
ماذا تريد إسرائيل في سوريا؟
بات واضحًا أن الجيش الإسرائيلي ماضٍ في فرض منطقة مدمرة على خطوط التماس، تسهل مراقبتها واقتحامها لتفتيشها بشكل دائم، وبالتالي منع قيام أي بنية تحتية سرية معادية على مستوى المجموعات البشرية، أو الأنفاق والتسليح.
وفي دائرة أوسع تفرض إسرائيل أن تكون منطقة جنوب العاصمة دمشق خالية تمامًا من القوة العسكرية أو السلاح، وقد تعمل إسرائيل وفق تحالفات إقليمية ودولية على أن تكون هناك نقاط مراقبة لوسطاء خارجيين، بالتأكيد لا تفضل إسرائيل أن تكون تركيا هي ذلك الوسيط، وهنا فإن روسيا هي المرشح الأكبر بحكم دورها السابق المماثل، والثقة الإسرائيلية بها في مقابل الدور الذي ترجوه روسيا بعودتها إلى الملف السوري حتى ولو كان من بوابة تل أبيب.
وفي دائرة أكبر ستعمد إسرائيل لتدمير القوة الجوية، وأي منظومات دفاع جوي أو مرافق يتم إنشاؤها لأغراض الدفاع الجوي في مسافة تصل إلى 200 كيلومتر، بعيدًا عن الحدود الإسرائيلية السورية شمال فلسطين، أي المناطق التي قصفتها إسرائيل في شرق حمص وحماة.
رسائل القصف الإسرائيلي؟
يأتي هذا القصف الإسرائيلي الواسع بعد أيام قليلة من الاتفاق الذي بدأ تنفيذه في حلب، والقاضي بخروج المجموعات المسلحة الموالية لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” من أحياء الشيخ مقصود والأشرفية.
ربما يعزز اتفاق حلب الاتفاق الذي وقّعه زعيم قسد مظلوم عبدي مع الرئيس السوري أحمد الشرع، والذي بالتأكيد لا يروق لإسرائيل، ويعد نهاية لما بدأته تل أبيب منذ أكثر من عقد من الزمن في تعزيز سيناريو التقسيم والإضعاف والتفكيك للخريطة السورية.
في الوقت ذاته، فقد أجرى فريق من الخبراء الأتراك في وقت سابق زيارة لمطارات وقواعد عسكرية وسط سوريا، بعضها قصف ودمر، وهذا قد يكون واحدًا من الرسائل الرئيسية من حكومة نتنياهو إلى أنقرة، بأن المشهد الأمني والعسكري في سوريا لا يمكن أن تديره تركيا والسعودية، وإن كان بضوء أخضر أميركي دون مشاركة إسرائيل في ذلك.
ربما يكون بعيدًا ما يتم تداوله عن أن إسرائيل تمنع النفوذ التركي في سوريا، خاصة أن هذا النفوذ هو في حكم الواقع، وهو وفق المشهد الجديد للشرق الأوسط الذي توافقت فيه القوى الغربية على إخراج إيران منه، وفي نفس الوقت تفرض إسرائيل قواعدها على هذا المشهد الجديد الذي ربما لا يكتمل في الوقت الراهن، فما يزال النفوذ الإيراني في العراق، وما تزال الولايات المتحدة تهيئ الأجواء لخروج قواتها من سوريا بالتزامن مع ظهور نتائج الانتخابات العراقية نهاية العام الجاري.
موقف الحكومة السورية وفرص السلام
بقيت الحكومة السورية على موقفها المعلن منذ تسلمها السلطة بعد سقوط نظام الأسد، وهو أنها لا قِبَل لها بأي مواجهة عسكرية، وبالتالي فإنها تلجأ للأمم المتحدة وللدول المؤثرة لإيقاف اعتداءات إسرائيل، خاصة أن هذه الاعتداءات استمرّت رغم الطمأنات المعلنة والمرسلة عبر الوسطاء بأن الحكومة السورية لن يكون في أهدافها الدخول في أي مواجهة مع دول الجوار، أو أي قوى إقليمية أو دولية.
بالتأكيد، إسرائيل لا تثق بهذه الحكومة وطمأناتها، وفي نفس الوقت فإنها قد تصل إلى تفاهمات مع هذه الحكومة ما دامت أنها لا تشكل خطرًا متوقعًا على الأمن القومي الإسرائيلي.
في المستقبل المنظور يتوقع أن تعمل إسرائيل أمنيًا وعسكريًا على تهيئة المشهد الميداني ليكون مناسبًا لمصالح إسرائيل على طاولة المفاوضات في المستقبل، فهي تجتاح وتدمر بريًا وتقصف جويًا، بينما ستفرض شروطها مُستقبلًا بما يحافظ على مكتسباتها في هذه المرحلة، وهو الأمر الذي لا تمتلك الحكومة السورية إلا أن تقبل به.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
باحث مختص في الشأن السوري
الجزيرة
——————————-
كيف نقرأ موجة التصعيد الإسرائيلي الجديدة ضد سوريا؟/ فراس فحام
2025.04.04
أطلقت إسرائيل موجة تصعيد جديدة ضد سوريا في 2 نيسان الجاري، وأسفر التصعيد عن تدمير شبه كامل للبنية التحتية لمطار حماة العسكري، كما طالت الغارات مراكز للبحوث العلمية ومواقع عسكرية أخرى في ريف دمشق.
وجاءت الهجمات بعد أسابيع من كثافة الحديث في وسائل إعلام إسرائيلية عن مخاوف من تعاظم النفوذ التركي في سوريا، إثر تسريبات عن نية أنقرة توقيع اتفاقية مع الحكومة السورية لتأسيس مراكز تدريب وقواعد عسكرية.
يبحث هذا التقرير التحليلي في السياقات والدوافع التي دفعت تل أبيب إلى خوض موجة تصعيد جديدة في سوريا، هي الثانية بعد الهجمات التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية على مواقع عسكرية ومستودعات أسلحة في اليوم التالي لهروب بشار الأسد من البلاد أواخر عام 2024.
مساعي إسرائيل لفرض هيمنة إقليمية
تسعى إسرائيل منذ مواجهات 7 تشرين الأول 2023 في غزة إلى فرض هيمنة إقليمية، وركّزت على إلحاق أضرار بالغة بالنفوذ الإيراني من خلال المواجهات المباشرة وغير المباشرة. ومع تراجع التهديد الإيراني، خاصة في ظل الضغوط التي تمارسها إدارة ترامب على طهران، تعمل تل أبيب على منع أي قوة إقليمية من ملء الفراغ الإيراني في المنطقة.
وتبدو إسرائيل قلقة من مؤشرات التنسيق المتزايد بين إدارة ترامب وأنقرة، إثر الاتصال الذي جمع الرئيسين ترامب وأردوغان، وما يتيحه هذا التقارب من تعاظم للدور التركي الإقليمي في العراق وسوريا والمنطقة، حيث تسعى أنقرة إلى قيادة تحالف يضم سوريا والأردن والعراق، وهو ما قد يتيح مستقبلاً لإدارة ترامب تقليص حجم قواتها في سوريا.
ومؤخراً، طلبت إسرائيل من الجيش المصري تفكيك البنية العسكرية في منطقة سيناء، في محاولة لفرض وقائع إقليمية جديدة لا تقتصر على سوريا فقط.
حاجة داخلية لنتنياهو
كشفت وسائل إعلام إسرائيلية في أواخر آذار الماضي عن طلب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من مستشاريه تكثيف العمل الإعلامي للتحذير من خطر النفوذ التركي في سوريا.
ويأتي سلوك نتنياهو بالتزامن مع تهديد زعيم المعارضة يائير لابيد بإغلاق البلاد والتمرد على الحكومة في حال لم يلتزم نتنياهو بقرارات المحكمة العليا، التي طالبت بتعليق قرار إقالة رئيس جهاز الشاباك رونين بار.
وجاءت إقالة بار بعد نشر نتائج تحقيقات الجهاز حول أحداث 7 أكتوبر 2023، والتي تضمنت تحميل المستوى السياسي مسؤولية الفشل، إلى جانب الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى.
وتتزايد الاعتراضات داخل إسرائيل على ما يبدو أنه محاولة من نتنياهو للسيطرة على السلطات المختلفة، بعد إقالة بار والمستشارة القضائية للحكومة غالي ميارا، إلى جانب الانتقادات التي تواجهه بسبب ما يعتبره الإسرائيليون “تعريض حياة الأسرى في غزة للخطر”.
وفي أواخر آذار، مثل نتنياهو أمام المحكمة المركزية في تل أبيب بتهم تتعلق بالفساد وتلقي رشى، ضمن فضيحة تشير إليها المعارضة بأنها مرتبطة بتلقّي مكتبه أموالاً من مصادر خارجية.
قلق إسرائيلي من تراجع تأثيرها في المشهد السوري
بالنظر إلى توقيت التصعيد، يتضح أن إسرائيل تسعى إلى لعب دور فاعل في تشكيل المشهد السوري. فقد نُفذت حملة القصف الإسرائيلية في اليوم التالي لانعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري في شباط، الذي أكد على وحدة الأراضي السورية واحتكار الدولة للسلاح، في تعارض واضح مع الرؤية الإسرائيلية الداعية إلى الفيدرالية وتعزيز دور الأقليات على حساب الدولة المركزية.
جاء التصعيد أيضاً بعد أيام من إعلان التشكيلة الوزارية الجديدة في سوريا، وما رافق ذلك من ارتياح داخلي وترحيب دولي، شمل تأييد وزارة الخارجية الأميركية لسيطرة الحكومة السورية على كامل الأراضي.
تكرار الاعتداءات الإسرائيلية بعد محطات سياسية سورية مهمة يشير إلى رغبة إسرائيلية في تعطيل مسار الانتقال السياسي، ومنع قيام حكومة ذات شرعية داخلية وقبول خارجي، وهو ما يبقي المجال مفتوحاً أمام تدخلاتها ومساعيها لفرض منطقة أمنية جنوبي سوريا.
من جهة أخرى، فإن التفاهمات المتقدمة بين الحكومة السورية وقسد، والتي كان آخرها اتفاق على انسحاب عناصر قسد من أحياء في محافظة حلب، وما سبقه من اعتراف قسد بالحكومة السورية على أساس الحفاظ على وحدة البلاد، يشير إلى توافقات أوسع تشمل أنقرة وواشنطن، وهو عكس ما تريده إسرائيل التي كانت تسعى لبقاء القوات الأميركية ودعم مشروع “الإدارة الذاتية”.
وبناء على ذلك، فإن تل أبيب لا ترغب أن تنفرد دول إقليمية مثل تركيا والسعودية بصياغة تفاهمات مع واشنطن لرسم مستقبل سوريا، وتستخدم في المقابل الضغط العسكري.
وبحسب ما تسرّب من معلومات، فقد وجهت تل أبيب رسائل إلى الحكومة السورية عبر قنوات غير مباشرة، تطالب فيها بتقليص دور أنقرة، إذ ترى إسرائيل في ذلك تهديداً لحرية تحرك طائراتها في الأجواء الإقليمية.
الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة باتت تشكل تحدياً كبيراً للإدارة السورية الجديدة، إذ يبدو أنها أداة لفرض مسارات داخلية ورسم حدود لعلاقات سوريا الإقليمية والدولية.
————————–
ثلاث قوى في مواجهة مفتوحة.. هل تعيد تركيا رسم خريطة النفوذ العسكري في سوريا؟/ طارق صبح
2025.04.04 تصاعد القلق الإسرائيلي والأميركي بالتوازي مع تكثيف الضربات الجوية الإسرائيلية داخل سوريا، في وقت تتواتر فيه التسريبات حول اتفاق دفاعي مشترك بين دمشق وأنقرة، يتضمن إنشاء قواعد جوية تركية في وسط البلاد، الأمر الذي يشير إلى تحول استراتيجي محتمل قد يعيد خلط أوراق القوى الإقليمية في المشهد السوري.
تسعى أنقرة إلى ترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في قلب سوريا، واضعة نفسها كلاعب رئيسي في صياغة مستقبل البلاد، في توجه لا يثير قلق إسرائيل فحسب، بل يزيد من مخاوف واشنطن أيضاً، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين أنقرة وتل أبيب نتيجة تضارب مصالحهما في الإقليم.
وتخشى إسرائيل أن تُقدم تركيا على نشر منظومات دفاع جوي متقدمة في الشمال السوري، ما قد يقيّد حرية الحركة الجوية الإسرائيلية التي اعتمدت عليها تل أبيب في تنفيذ ضربات متكررة ضد أهداف عسكرية داخل الأراضي السورية خلال الشهور الماضية.
لا مكان لجيش سوري
وفي الهدف الواضح، تواصل إسرائيل تكثيف ضرباتها داخل سوريا لتفكيك وتدمير ما تبقى من البنية التحتية العسكرية وتحويل البلاد إلى منطقة منزوعة السلاح، غير قادرة على تشكيل أي تهديد مستقبلي لأمنها القومي، خاصة بعد أن فقدت ضامن حدودها، الذي شغله نظام الأسد المخلوع لعقود طويلة.
ولا يستهدف القصف الإسرائيلي القدرات الحالية فقط، بل يحمل رسالة استراتيجية مفادها أن أي محاولة لبناء جيش سوري جديد يمتلك صواريخ أو منظومات دفاع جوي، لن يسمح له بالبقاء.
حتى الأسلحة القديمة والمتهالكة لم تسلم من الاستهداف، في إشارة إلى تصميم تل أبيب على منع تشكل أي قوة عسكرية في المستقبل، والمحافظة على الحرية التي تتمتع بها الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السورية.
وفي نطاق أوسع، تتجه إسرائيل إلى شلّ كامل للقدرات الجوية السورية، بما في ذلك تدمير منظومات الدفاع الجوي والمنشآت العسكرية ضمن دائرة يصل نصف قطرها إلى 200 كيلومتر من حدودها مع سوريا، وهي المناطق التي طالتها ضرباتها الأخيرة في شرقي حمص وحماة.
وأكد ذلك مسؤولون إسرائيليون، في كانون الثاني الماضي، مشيرين إلى أن تل أبيب ستحتاج إلى الحفاظ على محيط عملياتي يبلغ طوله 15 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، في حين سيحافظ الجيش الإسرائيلي على وجود داخل الأراضي السورية لضمان عدم تمكن حلفاء النظام الجديد في دمشق من إطلاق الصواريخ باتجاه مرتفعات الجولان.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن المسؤولين تشديدهم على ضرورة وجود مجال نفوذ استخباري يمتد 60 كيلومتراً داخل سوريا، ويكون تحت سيطرة المخابرات الإسرائيلية، لمراقبة ومنع التهديدات المحتملة من التطور.
أنقرة تتحرك نحو قلب الصحراء السورية
من جانب آخر، يسعى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى ترجمة الحضور العسكري لبلاده في سوريا إلى مكاسب سياسية ملموسة، عبر فرض واقع أمني جديد يمتد إلى عمق الجغرافيا السورية.
وتعكس المساعي التركية، التي تحظى بقبول الحكومة السورية الجديدة، رغبة أنقرة في لعب دور “الضامن الأمني” للإدارة الناشئة من خلال تقديم الدعم العسكري والتقني.
وسبق أن كشف موقع “ميدل إيست آي” أن أنقرة تدرس خيار نشر منظومة الدفاع الجوي الروسية “S-400” مؤقتاً في مطار تدمر، لتأمين الأجواء ضمن جهود إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن القرار لا يزال قيد البحث ويتطلب موافقة موسكو قبل اعتماده نهائياً.
كما تخطط تركيا لنشر منظومة الدفاع الجوي “حصار” متوسطة المدى، محلية الصنع، بالتوازي مع محادثاتها المستمرة مع موسكو حول إمكانية نشر منظومة “S-400″، وهي خطوة من شأنها تعقيد المشهد العسكري أكثر.
وتتزامن هذه الخطوات مع مشروع تركي لإعادة تأهيل وتوسعة قاعدة T4 الجوية، إحدى أكبر القواعد العسكرية في سوريا، بهدف تحويلها إلى نقطة ارتكاز استراتيجية تحتوي على أنظمة دفاع جوي وطائرات مسيّرة هجومية واستطلاعية.
وتكتسب القاعدة أهمية استراتيجية لوقوعها على بُعد نحو 225 كيلومتراً من الحدود التركية، في موقع يمكّن أنقرة من مراقبة المجال الجوي الممتد بين تركيا وإسرائيل، وبسط نفوذها في عمق البادية السورية، ما يمنحها هامشاً أوسع للمناورة عسكرياً جواً وبراً.
تهديد لإسرائيل ومخاوف للولايات المتحدة
ورداً على ذلك، صعّدت طائرات الاحتلال الإسرائيلي هجماتها على قاعدة T4، فنفذت غارتين خلال أسبوع واحد، مستهدفة مدارج الطيران ومرافق القيادة.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر أمني إسرائيلي أن الغارات تهدف إلى “منع أي تهديد جوي قد يقيّد حرية الحركة الجوية في الأجواء السورية”.
وأكد المسؤول الإسرائيلي أن هذه الهجمات تهدف إلى عرقلة خطط تركيا في نقل القوات والدفاعات الجوية إلى سوريا وتشغيل المنشآت العسكرية فيها، خاصة في ظل تقارير تحدثت عن رغبة أنقرة بتحويل المطار إلى منشأة لطائرات مسيرة، وربما نشر منظومات الدفاع الجوي “S-400” بشكل مؤقت في T4 أو مدينة تدمر.
وسبق ذلك أن صرح مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، أن إنشاء قاعدة جوية تركية في مطار تدمر قد يُفاقم التوترات الإقليمية ويزيد من خطر نشوب صراع مع إسرائيل.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تتصاعد فيه المخاوف الأميركية من تأثير منظومة “S-400” الروسية على حرية عمليات طائرات “التحالف الدولي” شرقي سوريا، حيث تنتشر قوات أميركية يبلغ تعدادها نحو 900 جندي بالتعاون مع “قوات سوريا الديمقراطية” لمحاربة ما تبقى من خلايا تنظيم “داعش”.
وتحذر تقارير غربية من أن أي احتكاك غير محسوب في هذه المنطقة المعقدة قد يؤدي إلى مواجهة إقليمية واسعة، خاصة مع التوتر المزمن بين أنقرة و”قسد”، التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب “العمال الكردستاني” المدرج على قائمتها للمنظمات الإرهابية.
هل تتكرر أزمة الـ F-35؟
يشكّل احتمال نشر منظومة “S-400” في سوريا فصلاً جديداً في الخلاف الأميركي التركي حول هذه المنظومة، إذ سبق أن أدّى شراؤها في عام 2019 إلى طرد أنقرة من برنامج طائرات “F-35″، بسبب مخاوف من تسرب بيانات حساسة إلى موسكو.
وكشفت المحادثات الأخيرة بين الرئيس التركي والأميركي أن أنقرة طرحت فكرة نقل منظومة S-400 الروسية إلى خارج حدودها، في مقابل رفع العقوبات المرتبطة بها عن برنامج طائرات “F-35”.
واليوم، يعيد الحديث عن نقل “S-400” إلى مطار T4 إحياء هذا الخلاف، مع احتمال تأثيره على محادثات رفع العقوبات الأميركية عن أنقرة.
ورغم تصريحات بعض المسؤولين الأتراك عن إمكانية تخزين المنظومة خارج البلاد كحل وسط، فإن نشرها داخل الأراضي السورية قد يُفسّر كاستفزاز مباشر لواشنطن وتحدٍّ واضح لمنظومتها الدفاعية في المنطقة.
ساحة اختبار لأنظمة الدفاع والطائرات التركية
تُعد منظومة “حصار” التركية حجر الزاوية في استراتيجية أنقرة لتوطين صناعتها الدفاعية، حيث يصل مدى هذه المنظمة إلى نحو 40 كيلومتراً وتعمل بتقنيات توجيه حراري وراداري، ما يجعلها فعالة ضد الطائرات المسيّرة والمقاتلات على ارتفاعات متوسطة.
أما منظومة “S-400” الروسية فتوفر قدرات تغطية جوية متقدمة، إذ تستطيع، بحسب تقارير متخصصة، رصد أهداف على مسافة 600 كيلومتر وتحييدها حتى مدى 400 كيلومتر، ومع ذلك، أُثيرت شكوك حول فعاليتها عقب فشلها في صد هجمات أوكرانية على مواقع روسية.
كما تسعى أنقرة لتوسيع حضورها الجوي عبر نشر طائرات “بيرقدار أكنجي” و”تاي أكسونغور”، القادرة على حمل ذخائر دقيقة والتشغيل لأكثر من 36 ساعة، ما يمنحها قدرة مستدامة على مراقبة واستهداف مناطق تمتد إلى عمق الشرق السوري، بما في ذلك دير الزور.
هل تدخل المنطقة في مواجهة ثلاثية؟
تمركز تركيا في مطار T4 قد يفتح الباب أمام تصادم محتمل بين ثلاث قوى رئيسية: تركيا، وإسرائيل، والولايات المتحدة،
فالقاعدة التي تتحرك أنقرة نحوها تعد موقعاً استراتيجياً بالغ الأهمية، إذ تمنح سيطرة على طرق التهريب والمجال الجوي، وتأتي في موقع وسطي بين قواعد “قسد” من جهة، والمناطق التي تستهدفها إسرائيل بانتظام في تدمر وحمص من جهة أخرى.
وتتزامن هذه التحركات مع محاولات واشنطن الحفاظ على توازن دقيق بين دعمها المستمر لـ”قسد”، وعلاقاتها المعقدة مع أنقرة، العضو المحوري في حلف “الناتو”، إلا أن تركيا تعتبر هذا الدعم تهديداً مباشراً لأمنها القومي، ما يضع العلاقة الثلاثية على حافة اختبار جديد.
كما أن لدى الولايات المتحدة أولوياتها الخاصة في الدفاع الجوي في المنطقة، مع وجود بطاريات “باتريوت” في العراق وأنظمة “ثاد” في إسرائيل، لكن تركيز واشنطن لا يزال منصباً على احتواء إيران، وليس مواجهة تركيا.
إلا أن نشر منظومة الدفاع الروسية “S-400” في قاعدة T4 قد يتحول من ورقة ضغط إلى عبء استراتيجي، لا سيما إذا واصلت إسرائيل استهداف القاعدة، أو أثرت المنظومة سلباً على العمليات الجوية الأميركية ضمن “التحالف الدولي” ضد تنظيم “داعش”.
ومع ذلك، فإن أي تصعيد بين القوى الثلاث في سوريا قد تعتبره الولايات المتحدة تعطيلاً للمهام ضد “داعش”، خاصة إذا أثارت ضربات إسرائيل رداً تركياً، مما يجر “الناتو” إلى مواجهة غير مرغوب فيها.
—————————-
أنقرة تريد قواعد عسكرية بسوريا..لا أحد آخر يرغب بها/ مها غزال
الخميس 2025/04/03
كشفت مصادر خاصة لـ”المدن”، عن جهود دبلوماسية وسياسية تقودها كل من الولايات المتحدة، فرنسا وكردستان-العراق، بهدف التوصل إلى اتفاق شامل بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، يتضمن ترتيبات أمنية وسياسية تؤدي إلى انسحاب تدريجي وكامل للقوات التركية من الأراضي السورية.
وتندرج هذه الجهود ضمن رؤية دولية جديدة لإعادة بسط سيادة الدولة السورية على كامل الجغرافيا، عبر دمج المؤسسات المحلية في الشمال والشرق ضمن هياكل الدولة المركزية، مع ضمان توازنات جديدة لا تتيح لأي طرف إقليمي تحويل سوريا إلى ساحة نفوذ مفتوحة.
ووفقاً للمصادر، فإن فرنسا تضغط بقوة من موقعها العسكري في قاعدة التنف ضمن التحالف الدولي، وتنسّق مع واشنطن لدفع أنقرة إلى القبول بالانسحاب كأمر واقع، بينما تتبنى إسرائيل هذا الاتجاه من منظور أمني خالص، إذ ترى في الوجود التركي والروسي تهديداً لحرية حركتها الجوية في سوريا، التي تعتبرها ضرورية لمواصلة عملياتها ضد إيران من تل أبيب إلى طهران.
استهداف عسكري للخطط التركية
في هذا السياق، جاءت الغارات الإسرائيلية المكثفة على مطاري “تي-4” وحماة العسكريين يوم أمس، لتشكل تجلياً ميدانياً لهذا الضغط الدولي، حيث اعتُبرت رسالة مباشرة لأنقرة ودمشق. وقد أسفرت الغارات عن دمار واسع وسقوط عدد من القتلى والجرحى، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وعقب الضربات، صرّح مسؤول عسكري إسرائيلي لصحيفة “جيروزاليم بوست”، بأن هذه العمليات لا تستهدف فقط مواقع سورية، بل “تشكل تحذيراً واضحاً لأنقرة بعدم تحويل الأراضي السورية إلى قواعد تركية دائمة”. وأضاف “لن نسمح بأن تتحول سوريا إلى حديقة خلفية لقوى إقليمية تعيق حريتنا في التحرك. رسالتنا وصلت إلى تركيا قبل أن تصل إلى دمشق”.
تركيا في مرمى الغارات
وبحسب تقارير إعلامية تركية وإسرائيلية، تعمل أنقرة منذ أشهر على تثبيت وجود عسكري جوي عبر تطوير مطارات عسكرية سورية، وتحويلها إلى منصات لطائراتها المسيّرة وأنظمة الدفاع الجوي. وكانت هذه التحركات تُقرأ دولياً على أنها مؤشر لمحاولة أنقرة إعادة إنتاج النموذج الإيراني في سوريا، لكن بوجه تركي هذه المرة، عبر قواعد دائمة تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
كما أن الصمت السوري الرسمي حيال تلك التحركات، وعدم نفي أو تأكيد وجود تنسيق مع أنقرة، أضفى مزيداً من الغموض على المشهد، وطرح تساؤلات حول قدرة دمشق على فرض سيادتها أو استثمار التحولات الدولية الجارية.
خارطة نفوذ تتبلور
وتسعى فرنسا وواشنطن ومعها أربيل إلى فرض مشهد سياسي جديد في سوريا، يقوم على دمج “قسد” ضمن بنية الدولة، وإنهاء الوجود الأجنبي غير المشروع. وتأتي هذه الجهود وسط حراك سعودي متوازٍ يهدف إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية السورية وتقديم الدعم الأمني، في محاولة لخلق توازن إقليمي يحيّد تركيا دون الدخول في صدام مع إسرائيل.
إسرائيل من جهتها، تدفع في هذا الاتجاه ليس فقط لضرب النفوذ الإيراني، بل أيضاً لمنع تركيا من إغلاق الأجواء السورية أمام طيرانها الحربي، وهو ما ترى فيه تل أبيب ضرورة استراتيجية لضمان حرية الضرب من المتوسط إلى العمق الإيراني متى استدعت الحاجة.
الشرع يتحرك بحذر
على الجانب السوري، ينتهج الرئيس أحمد الشرع سياسة دقيقة تقوم على فتح قنوات متزامنة مع السعودية و”قسد”، مع تجنب الدخول في أي صدام مباشر مع إسرائيل، في محاولة للحفاظ على علاقات مستقرة من جهة، واستثمار الدعم العربي والدولي لتعزيز شرعية دمشق من جهة أخرى.
مصادر دبلوماسية تشير إلى أن الشرع يسعى لتأمين اتفاق هادئ مع “قسد” يضمن وحدة الأراضي، مع منح صيغة حكم محلي لا تتعارض مع الدولة، وهو ما تحفّزه باريس وواشنطن في الوقت الراهن.
لا اتفاق نهائي مع تركيا
رغم غياب أي إعلان رسمي، تشير المؤشرات إلى تزايد الإجماع الدولي على ضرورة إنهاء الوجود التركي في سوريا. القوى الغربية باتت ترى في استمرار هذا الوجود عبئاً على الاستقرار، بينما تواجه أنقرة رفضاً داخلياً متزايداً لأي تورط عسكري طويل الأمد، في ظل توتر العلاقة مع الأكراد داخل تركيا وتصاعد الضغوط السياسية على الرئيس أردوغان.
الوجود التركي الذي بدأ كتحرك تكتيكي، تحوّل إلى عبء استراتيجي مكلف داخلياً وخارجياً، خصوصاً في ظل انكشاف التفاهمات مع موسكو وتراجع الغطاء السياسي الدولي لأنقرة.
لكن بات من الواضح أن سوريا تتحوّل مجدداً إلى مسرح لصراع النفوذ بين الأطراف الدولية، لكن هذه المرة على الطاولة لا الميدان فقط.
الغارات الإسرائيلية لم تكن استثناءً، بل جزءاً من تحالف غير معلن يسعى إلى إنهاء حالة التعدد في مراكز القوة داخل الأراضي السورية، عبر خروج تركيا وتقليص نفوذ روسيا، ودعم إعادة هيكلة الدولة السورية وفق توازنات جديدة.
وبينما تبقى الأجواء السورية مفتوحة للطائرات، تُرسم على الأرض معادلات سياسية تُهيئ الأرضية لما بعد الوجود التركي، في لحظة مفصلية قد تحدد شكل سوريا خلال العقد المقبل.
——————————–
الضربات الإسرائيلية في سورية – آذار 2025:الأهداف، التوزع، والدلالات
3 نيسان/أبريل ,2025
بلغ إجمالي عدد الضربات الجوية الإسرائيلية المسجّلة في سورية، خلال شهر آذار/ مارس 2025، 80 ضربة استهدفت مواقع عسكرية مختلفة في خمس محافظات سورية، وتُظهر البيانات تصعيدًا لافتًا في كثافة الضربات خلال شهر آذار، إذ نُفّذت العديد من الضربات المركزة في يوم واحد، وخاصةً في حمص وريف دمشق، وتشير الضربات المركزة والمتكررة خلال اليوم نفسه إلى استراتيجية إسرائيلية، تهدف إلى تقويض القدرات العسكرية السورية ومنع إعادة تموضع القوات في مواقع استراتيجية.
تُظهر الأرقام أن محافظة حمص كانت الهدف الأبرز، حيث استحوذت على أكثر من ثلثي الضربات (68.5%)، خاصة على مطاري T4 (التياس) وتدمر، ما يشير إلى نية واضحة لتعطيل البنية الجوية والدعم اللوجستي في العمق السوري، وفي المرتبة الثانية جاءت محافظة ريف دمشق بنسبة (13.75%)، وهو رقم مرتفع، بالنظر إلى انتشار الألوية والفرق العسكرية هناك، مثل اللواء 68 واللواء 90. أما درعا فشكّلت (11.25%) من الضربات، في حين كانت الضربات في اللاذقية وطرطوس محدودة وموجهة غالبًا نحو منشآت دفاعية ومستودعات، وفيما يلي جدول تفصيلي بتلك الضربات:
المحافظة المدينة/ البلدة الهدف عدد الضربات تاريخ الضربة
طرطوس طرطوس موقع دفاع جوي 2 3.03.2025
اللاذقية القرداحة ملعب القرداحة (مستودعات عسكرية) 1 3.03.2025
درعا إزرع اللواء المدرع 12 1 10.03.2025
ريف دمشق خان الشيح اللواء 68 2 10.03.2025
ريف دمشق كَوم اللواء 90 1 10.03.2025
ريف دمشق الكسوة قاعدة لواء عسكري 1 10.03.2025
درعا إزرع منطقة رادار للجيش 1 10.03.2025
ريف دمشق زاكية الفوج 137 مدفعية 1 10.03.2025
درعا إزرع اللواء المدرع 12 1 10.03.2025
ريف دمشق كَوم اللواء 90 1 10.03.2025
درعا جباب اللواء 89 3 10.03.2025
ريف دمشق الكسوة قاعدة لواء عسكري 1 10.03.2025
ريف دمشق مطار دمشق الدولي منطقة رادار للجيش 1 10.03.2025
ريف دمشق خان الشيح اللواء 68 1 10.03.2025
ريف دمشق الهيجانة قاعدة دفاع جوي 1 10.03.2025
ريف دمشق دمر البلد مقر الجهاد الإسلامي 1 13.03.2025
درعا إزرع اللواء المدرع 12 1 17.03.2025
درعا مدينة درعا اللواء 132 2 17.03.2025
حمص خربة التياس مطار T4 / التياس 16 21.03.2025
حمص تدمر مطار تدمر 13 21.03.2025
حمص خربة التياس مطار T4 / التياس 11 24.03.2025
حمص تدمر مطار تدمر 15 24.03.2025
اللاذقية مدينة اللاذقية اللواء 110 2 26.03.2025
شكّلت المطارات والقواعد الجوية الهدفَ الأساسي للضربات الإسرائيلية خلال آذار/ مارس 2025، إذ بلغت 55 ضربة بنسبة (73%) من إجمالي الضربات، وهو ما يعكس رغبة واضحة في شلّ البنية التحتية الجوية، ومنع أي محاولة لإعادة بناء سلاح الجو السوري، وكان من أبرز المواقع المستهدفة مطار T4 (التياس) ومطار تدمر العسكري، حيث استُهدف كل منهما مرتين متتاليتين خلال أقل من أربعة أيام، ما يشير إلى اعتماد سياسة الضربة المزدوجة لضمان التدمير الكامل.
في المرتبة الثانية، جاءت مقار الألوية والأفواج العسكرية، بعدد 18 ضربة تمثل )24%(من الإجمالي، وتوزعت على مناطق ريف دمشق ودرعا، مستهدفة تشكيلات رئيسية مثل اللواء 68، بالقرب من بلدة خان الشيح، اللواء 90 في كوم، اللواء 132 في مدينة درعا، واللواء المدرع 12 في إزرع، مما يدلّ على أن إسرائيل تسعى لتعطيل الدفاعات الجوية، ولإعاقة إعادة بناء التشكيلات البرية المؤثرة.
أما مواقع الدفاع الجوي ومنظومات الرادار، فقد نالت 5 ضربات (6.6%)، وشملت مواقع في طرطوس ومحيط مطار دمشق وزاكية والهيجانة، في حين لم تسجل سوى ضربة واحدة على مستودعات عسكرية في القرداحة (1.3%)، وهو ما يعكس تغيّرًا في بنك الأهداف، وتحوّل التركيز إلى البنية السيادية للجيش السوري، كذلك، وقعت ضربة وحيدة على مقرٍّ لحركة الجهاد الإسلامي في دمّر البلد بريف دمشق، صُنّفت كمحاولة اغتيال مستهدفة، وقد تكون رسالة إسرائيلية استباقية موجهة إلى تنظيمات فلسطينية ما زالت مرتبطة بإيران. ويُظهر هذا التصنيف أن معظم الضربات ركّزت على تعطيل القدرات الجوية (73%)، وبينما بقيت الوحدات البرية والدفاع الجوي أهدافًا مكملة، تراجعت الضربات على المستودعات والاغتيالات.
شهدت بلدة كويا في ريف درعا الغربي واحدة من أكثر الحوادث دموية وتصعيدًا خلال آذار/ مارس 2025، بعدما حاولت قوات إسرائيلية خاصة التوغل برًا في البلدة الحدودية، ما دفع الأهالي لمواجهتها بأسلحة فردية، في رد فعل شعبي مفاجئ، وقد تطورت المواجهات إلى قصف جوي ومدفعي إسرائيلي أجبر مئات العائلات على النزوح المؤقت، وانتهت العملية بانسحاب القوات الإسرائيلية، ورافق ذلك موجة غضب عارمة، محليًا وإقليميًا، خصوصًا بعد نفي السكان للرواية الإسرائيلية بشأن وجود خلايا (داعش) في البلدة. أما على مستوى الخسائر البشرية، فقد كانت كويا الأكثر تضررًا، حيث استشهد ما لا يقل عن 6 مدنيين، وأُصيب العشرات بجروح متفاوتة، بينهم نساء وأطفال. وسُجلت أيضًا 3 وفيات و22 إصابة أخرى، في مدينتي درعا وإزرع، في 17 آذار/ مارس، لتكون محافظة درعا هي الأعلى من حيث عدد الضحايا، مقارنة بباقي المحافظات، وفي المقابل، لم تُسجّل وفيات في ضربات حمص واللاذقية بسبب طبيعة الأهداف المعزولة، في حين قُتل شخص واحد فقط في ضربة على مقر لحركة الجهاد الإسلامي بريف دمشق.
الاستنتاجات:
يتبيّن من التوزّع الجغرافي للضربات الإسرائيلية، خلال آذار/ مارس 2025، أن محافظة حمص شكّلت محورًا أساسيًا في الاستهداف، لا سيما مع التركيز المكثّف على مطاري T4 وتدمر، ما يعكس نية واضحة لتعطيل هذين الموقعين الحيويين وشلّ أي قدرة تشغيلية أو لوجستية فيهما. وفي ريف دمشق، تنوّعت الضربات بشكل لافت، إذ شملت مقار ألوية عسكرية رئيسية إلى جانب مواقع رادار ودفاع جوي، ما يدل على محاولة ممنهجة لاستنزاف القدرات العسكرية في العاصمة ومحيطها، خصوصًا من حيث منظومات الإنذار المبكر والبنية التنظيمية للجيش الجديد. أما في درعا، فقد حافظت الضربات على نمطها التقليدي، مع تركيز على الألوية البرية ومواقع الرادارات، في مؤشر على استمرار الشكوك الإسرائيلية تجاه استقرار الجنوب السوري. وعلى الرغم من محدودية الاستهداف في الساحل، فإن الضربات على القرداحة وطرطوس بدت ذات طابع رمزي واستباقي، وتحمل رسائل ردع لضمان بقاء الهيمنة الجوية الإسرائيلية على الشريط الساحلي، ومنع نشوء أي نشاط عسكري غير محسوب في تلك المنطقة الحساسة.
تحميل الموضوع
مركز حرمون
——————————
ما تريده إسرائيل في لبنان وسوريا؟/ ساطع نورالدين
04 نيسان 2025
ما زالت الحملة العسكرية الإسرائيلية على سوريا، تقع في خانة استعراض القوة وفرض الهيبة وتحقيق الردع، بخلاف الحرب على قطاع غزة، التي استؤنفت بشراسة استثنائية الشهر الماضي وسجلت أرقاماً قياسية في عمليات الإبادة الجماعية للفلسطينيين والتدمير الشامل لسكنهم وأرضهم، وبعكس الهجمات على لبنان الهادفة الى إقامة منطقة أمنية مجردة من السلاح تتدرج من الحدود الجنوبية نحو خط افتراضي يبلغ نهر الاولي، وربما لاحقاً نهر الدامور المتاخم لبيروت الكبرى..من دون أن يمسّ بالسلطة المركزية اللبنانية التي ليست إنتقالية أو مؤقتة، مثل السلطة القائمة في دمشق، التي لا تعرف حتى الآن لماذا تتعرض لهذا الحجم من الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة.
تجاوزت الاعتداءات الإسرائيلية الحد الاستباقي أو الوقائي المزعوم، الذي يقوم على نظرية روّج لها المسؤولون الإسرائيليون منذ اليوم الأول لتحلل النظام الاسدي، وهي أن حكام دمشق الجدد أعداء بالفطرة والتكوين، وخطر وجودي كامن على دولة إسرائيل، من دون الإفصاح عما اذا كانت إسرائيل ستتولى تهديد حكمهم، الذي يحظى باعتراف عربي ودولي علني، ومشروط بالتخلي عن جدول أعمالهم الإسلامي المتشدد، والاعتراف بحقوق الأقليات السورية ودمجها في الدولة السورية المنشودة..في مهلة زمنية محددة بخمس سنوات كحد اقصى، جرى التفاهم عليها بين السلطة السورية الحالية وبين المجتمع الدولي.
وعلى الرغم من أن حكام دمشق أكدوا في أكثر من مناسبة أنهم غير معنيين بالمواجهة مع إسرائيل، التي كانت مبررة في ظل النفوذ الإيراني على دمشق، بل بالتعايش السلمي الذي يسمح لهم بإعادة بناء الدولة السورية، فإن الإسرائيليين ردوا بحملة عسكرية جوية وبرية لم يسبق لها مثيل منذ حرب تشرين العام 1973، وإقتطعوا مساحات شاسعة من الأراضي السورية وأعلنوها منطقة أمنية مغلقة تصل الى مسافة كيلومترات من العاصمة دمشق، وكثفوا غاراتهم الجوية على مختلف القواعد العسكرية السورية الخاوية، التي كان ولا يزال يفترض ان تشكل أساساً لبناء الجيش السوري الجديد.. بعدما عاشت سوريا طوال ستة عقود من الحكم الاسدي من دون جيش محترف.
في أي جدال حول تلك الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة يوماً بعد يوم، ثمة تسليمٌ بأنه ليس من أهداف إسرائيل اسقاط النظام الجديد في دمشق، المعترف به دوليا، والذي لو شاء الإسرائيليون الإطاحة به لما لجأوا الى ذلك الخيار العسكري تحديداً، بل الى خيارات عسكرية وأمنية أخرى. أما اذا كان هدفهم التأثير على قرارات هذا النظام وبرامجه، فإن ذلك الخيار العسكري هو الطريق الأقصر والأقل جدوى من وجهة نظر سياسية بحتة. وكذا الامر بالنسبة الى رغبة اسرائيل “المفترضة” في ان يكون لها دور في إعادة بناء الجيش السوري وتحديد عقيدته العسكرية ووظيفته ومواقع انتشاره.. وهي في الأصل عملية لا تقع على رأس قائمة اهتمامات حكام دمشق، التي تستبعد الامن الحدودي لمصلحة الامن الداخلي الذي يضمن استقرار المرحلة الانتقالية للسنوات الخمس المقبلة.
أما الافتراض بان إسرائيل تشن هذه الحملة العسكرية الواسعة النطاق على سوريا من أجل حماية إقل من مئتي ألف درزي على حدودها، لا يحتاج معظمهم الى تلك الحماية ولم يطلبوها، فهو تقليل من شأن الجيش الإسرائيلي واستخداماته السياسية.. التي يمكن ان تجيز مثلا الاشتباه في ان إسرائيل تتطلع الى توفير شبكة أمان لعلويي سوريا البالغ عددهم نحو ثلاثة ملايين علوي مهددين اليوم بأرواحهم وحقوقهم واقامتهم على الساحل السوري..مع أن هذه هي مهمة تركيا المركزية المتصلة بأمنها الداخلي، وموقعها الإقليمي، الذي لا يبرر الحديث عن تنافس او صراع إسرائيلي تركي على سوريا، طالما ان قنوات الاتصال مفتوحة بين البلدين، وهي تعمل تحت مظلة أميركية مشتركة، لا تحتاج الى التسابق على اقامة قواعد برية إسرائيلية في جنوب سوريا، أو بناء قواعد جوية تركية في وسط سوريا. التفاهم كان ولا يزال ممكنا بين البلدين، وسوريا في الأصل ليست بلداً مغرياً للنفوذ ولا حتى للاستعراضات العسكرية أو السياسية.
الثابت الوحيد الآن هو أن الجيش الإسرائيلي يعمل هذه الأيام بأقصى طاقته، يمارس ساديته المطلقة، ويرسم بسيول الدماء وتلال الدمار صورة الجيش الأكثر همجية ووحشية في تاريخ الشرق على مر العصور.
بيروت في 3 / 4 / 2025
—————————
“رسائل النار” الإسرائيلية في سوريا.. أهدافها وحدودها/ فيصل علوش
4 أبريل 2025
جددت إسرائيل اعتداءاتها داخل الأراضي السورية، حيث قامت ليلة 2 نيسان/أبريل بقصف عدد من المواقع والمطارات، معظمها سبق أن تعرض لغارات إسرائيلية خلال الأعوام السابقة، ومنها مركز البحوث العلمية في مساكن برزة (محيط دمشق)، ومطار حماة العسكري، وقاعدة “T4” العسكرية وسط البلاد.
إضافةً إلى ذلك، توغلت قوات إسرائيلية في ريف درعا الغربي، وقصفت عدة مواقع في محيط مدينة نوى وبلدة الجبيلية، مما أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من أبناء المنطقة. وتشير التقديرات الأولية إلى ارتقاء 9 شهداء وإصابة عدد كبير من المدنيين، بعضهم في حالة حرجة.
وحول أسباب التصعيد الإسرائيلي المستمر ضد سوريا، رأى مراقبون أنه بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، فقدت إسرائيل ما كانت تعتبره ضمانة أمنية شبه مطلقة بالنسبة إليها، وبات الحكم الجديد، الذي لم تتضح هويته وتوجهاته على نحو أكيد بعد، مبعث قلق وتوجس كبير في إسرائيل، على الرغم من الإشارات التطمينية التي دأب على توجيهها، ولكنها غير كافية، كما يبدو، بالنسبة للقيادة اليمينية المتشددة في تل أبيب التي أعلنت عزمها على رسم خرائط سياسية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، استنادًا إلى دعم ومؤازرة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت تتداخل فيه على نحو مركب وشديد التعقيد أسباب الصراع المحلية والإقليمية والدولية في سوريا، وبات من الواضح أيضًا أن جزءًا مهمًا من هذه الأسباب يتصل بالصراع على سوريا، وليس فيها فحسب.
رسالة إلى تركيا
لكن السبب الإسرائيلي المباشر والمعلن وراء الغارات الأخيرة كان توجيه رسالة إلى أنقرة مفادها أن إسرائيل “لن تسمح بالمساس بحرية عملياتها العسكرية في سوريا”، كما نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مصدر أمني إسرائيلي.
وإذا كانت تل أبيب تخشى فيما مضى من وجود إيران وميليشياتها في الأراضي السورية، في ظلّ علاقة التبعية التي ربطت بين نظام بشار الأسد وطهران، فهي تخشى الآن من تنامي النفوذ التركي في البلاد، في ظلّ العلاقات السياسية والعسكرية المميزة التي قد تربط مستقبلًا بين دمشق وأنقرة.
وتكاد تل أبيب أن تعلنها صراحة “لا نريد سوريا محمية تركية”، علمًا أن الحديث يدور الآن عن إقامة قواعد عسكرية تركية في سوريا، وذُكِر أن وفودًا تركية زارت سوريا لاستطلاع واقع المطارات والمراكز العسكرية واختيار الأنسب بينها ليكون مكانًا لقواعدها المزمعة، مما زاد المخاوف في إسرائيل التي اعتبرت أن ذلك يمثل “تهديدًا محتملًا لأمنها”، وسيؤثر على حرية عملياتها الجوية في سوريا والمنطقة، حسب الصحيفة الإسرائيلية ذاتها.
وإذا صحّ أن منع تركيا من تنفيذ مشروعها في سوريا هو الهدف الإسرائيلي وراء ضرباتها الأخيرة، فهذا يعني، كما يقول الكاتب والباحث السوري مالك حافظ، أن إسرائيل قد انتقلت من استراتيجية “الضربات الوقائية” إلى نهج جديد يمكن وصفه بـ”الهجمات التأسيسية”، التي تسعى عبرها إلى إعادة رسم موازين القوى في الداخل السوري، على نحو يمنع السلطات الجديدة من تمتعها بامتلاك السيادة الكاملة على أرضها، بل يُبقي سيادتها “منقوصة ومشروطة” بقوة السلاح الإسرائيلي، لا بقواعد القانون الدولي. وقد ظهر هذا جليًا في تصريحات رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التي أكد فيها أن إسرائيل “لن تسمح لقوات النظام الجديد بالتموضع جنوب دمشق”.
ويتفق الكاتب والروائي منصور المنصور مع هذه الرؤية، إذ يرى أن تركيا باتت لاعبًا قويًا في الساحة السورية، وتمتلك نفوذًا واسعًا إلى الحد الذي جعلها تُصنَّف كراعٍ رئيسي للنظام الجديد، ومتحدث غير رسمي باسمه. وقد عززت أنقرة هذا النفوذ من خلال خطوات عملية ومواقف كثيرة، ومنها إمكانية التوقيع على اتفاقية دفاع مشترك مع الحكم الجديد، وتسليح الجيش السوري المستحدث وتدريبه، ما أثار حفيظة دول إقليمية عدة، وليس إسرائيل وحدها.
وحسب موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، فقد بدأت تركيا جهودها لإنشاء قاعدة عسكرية في مطار “T4” العسكري، قرب تدمر وسط سوريا، وهي تخطط لنشر أنظمة دفاع جوي فيه، بما يساعدها على ترسيخ سيطرتها الجوية على المنطقة ودعم جهودها في مكافحة تنظيم “داعش”، الذي ما يزال لديه خلايا تعمل في البادية السورية. ونقل الموقع عن مصدر عسكري أن وجود أنظمة دفاع جوي وطائرات مُسيّرة تركية من شأنه كذلك أن يردع إسرائيل عن شنّ غارات جوية في المنطقة.
وذكر الموقع أنه منذ الإطاحة بالأسد، تتفاوض أنقرة ودمشق على اتفاقية دفاعية يمكن أن توفر غطاءً جويًا وحماية عسكرية للحكومة السورية الجديدة، التي تفتقر حاليًا إلى جيش فعّال. ولكن كيف سيكون رد فعل القيادتين السورية والتركية على الضربات (رسائل النار) الإسرائيلية في سوريا؛ هل ستتابعان تنفيذ مشروع تحالفهما الاستراتيجي، أم ستستغنيان عنه؟
الباحث مالك حافظ يستبعد أن يتم التراجع الفوري عن التفاهمات المشتركة التركية ـ السورية، بما في ذلك مسألة إنشاء قواعد عسكرية تركية، لأن هذا المشروع يخدم أجندة مزدوجة للطرفين. فمن جهة، تسعى السلطة الانتقالية السورية لردم الفراغ الأمني الذي خلّفه خروج الإيرانيين وحلّ الميليشيات المحلية والأمنية السابقة.
ومن جهة أخرى، ترى تركيا أن ترسيخ وجودها في العمق السوري هو ضمان استراتيجي طويل الأمد لمنع حصول نفوذ مستقر وواسع للقوى الكردية المدعومة أميركيًا، وتحقيق موقع تفاوضي أقوى في أي ترتيبات إقليمية لاحقة. ورجّح حافظ أن تجري عملية إعادة ضبط لإيقاع المشروع، على نحو يُبطئ التنفيذ، أو يُعيد صياغة حضور القواعد لتأخذ شكلًا تقنيًا لا يستفز الجانب الإسرائيلي.
وخلص إلى أن الضربات الإسرائيلية شكّلت تحذيرًا صريحًا بأن تل أبيب تعتبر أي تمركز عسكري تركي خارج إطار التنسيق معها ومع واشنطن يمثل تهديدًا مباشرًا لها، وهو ما يقودنا إلى أن تأمين المجال الجوي السوري من قبل تركيا يحتاج إلى موافقة عواصم عدة، وخصوصًا واشنطن. وهو ما يدفعنا للتساؤل عن الموقف الأميركي تجاه الخلاف الناشب بين حليفيها إسرائيل وتركيا بشأن سوريا؟ وكيف ستتصرف إدارة ترامب؛ هل ستميل لصالح أحدهما، أم ستحاول التوفيق بينهما؟
ما هو الموقف الأميركي؟
الكاتب منصور المنصور يعتقد أن الوضع في سوريا معقد ومتداخل، وخاصةً فيما يتعلق بعلاقة الولايات المتحدة مع كل من تركيا وإسرائيل والأكراد. ومن خلال فهمه لسياسة ترامب ونهجه في إدارة الملفات الدولية، يرى أنه يمكنه أن يسعى إلى عقد صفقات تحقق التفوق الإسرائيلي، مع محاولة إرضاء تركيا وعدم الإضرار بمصالح حلفائه الأكراد. ورغم صعوبة تحقيق هذا التوازن، إلا أن واشنطن تمتلك القدرة على فرض شروطها على تركيا والأكراد بما يخدم المصالح الإسرائيلية.
أما الباحث حافظ فذهب إلى أن الولايات المتحدة، كعادتها في الملفات المعقدة، لا تبحث عن حسم مباشر بقدر ما تُفضل إدارة التوازن بين الحلفاء. وفي المشهد السوري تحديدًا، واشنطن تمسك بخيوط حساسة لدى الطرفين، فهي من جهة الضامن الأعلى لأمن إسرائيل، وللحليف المصلحي تركيا من جهة ثانية، داخل الناتو وفي التوازنات مع روسيا.
وانتهى إلى أن أميركا لا تنظر إلى سوريا كدولة، بل كرقعة جيوسياسية يجب ألا يسيطر عليها أحد بالكامل، ويجب أن تظل مفتوحة لمساومات طويلة الأمد. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الولايات المتحدة لن تفرّط بإسرائيل، لكنها لن تُعادي تركيا بشكل علني ومباشر، بل ستعمل على خلق مساحة “تقاطع مصالح” مؤقتة، تتعايش فيها القواعد التركية مع شروط إسرائيلية ضمنية؛ فإن السيناريو المرجح بالتالي هو أن تلعب واشنطن دور “المنسق الصامت”، من خلال إعادة توزيع الأدوار بين الطرفين داخل سوريا، دون إعلان موقف واضح.
الترا سوريا
—————————-
“رسالة واضحة”.. سجال إسرائيلي تركي بسبب سوريا
الحرة – واشنطن
04 أبريل 2025
كثفت إسرائيل الغارات الجوية على سوريا، وأعلنت أن الهجمات هي “تحذير للحكام الإسلاميين” الجدد في دمشق كما اتهمت أنقرة بمحاولة “فرض وصايتها” على سوريا.
وردت تركيا بأن إسرائيل يجب أن تنسحب من سوريا وتتوقف عن “الإضرار بجهود إرساء الاستقرار” هناك، حسب بيان للخارجية التركية.
وأعادت الغارات، التي استهدفت قاعدتين جويتين وموقعا قرب العاصمة دمشق وجنوب غرب البلاد، التركيز على المخاوف الإسرائيلية من الإسلاميين الذين أطاحوا ببشار الأسد في ديسمبر إذ يرى مسؤولون إسرائيليون أنهم يشكلون تهديدا متزايدا على الحدود.
وتعمل إسرائيل، التي تتخوف أيضا من سطوة أنقرة على دمشق، على تحقيق أهدافها في سوريا منذ الإطاحة بالأسد.
واستولت على أراض في جنوب غرب البلاد وأعلنت استعدادها لحماية الأقلية الدرزية وقصفت الكثير من الأسلحة والعتاد العسكري السوري الثقيل في الأيام التي تلت سقوط الأسد.
وقال الجيش الإسرائيلي إن جنودا في جنوب غرب سوريا قتلوا خلال الليل عددا من المسلحين الذين أطلقوا النار عليهم في تلك المنطقة. وأضاف الجيش أن قواته كانت في مهمة مستهدفة في ذلك الوقت وراء المنطقة العازلة التي تنتشر فيها داخل سوريا.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) أن القصف الإسرائيلي أسفر عن مقتل تسعة في المنطقة.
وقال يسرائيل كاتس وزير الدفاع الإسرائيلي إن الغارات الجوية التي وقعت مساء الأربعاء “رسالة واضحة وتحذير للمستقبل، لن نسمح بالمساس بأمن دولة إسرائيل”.
وذكر كاتس في بيان أن القوات المسلحة الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سوريا وستتحرك ضد التهديدات لأمنها، محذرا الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمنا باهظا إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول.
ومما عكس مخاوف إسرائيلية من النفوذ التركي في سوريا، اتهم وزير الخارجية جدعون ساعر أنقرة بأداء “دور سلبي” هناك وفي لبنان ومناطق أخرى.
وقال في مؤتمر صحفي في باريس “إنهم يبذلون قصارى جهدهم لفرض وصاية تركيا على سوريا. من الواضح أن هذه هي نيتهم”.
وذكرت وزارة الخارجية السورية في بيان عن الضربات الإسرائيلية “يمثل هذا التصعيد غير المبرر محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سوريا وإطالة معاناة شعبها”. ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل “لوقف عدوانها والالتزام بالقانون الدولي”.
وقالت سانا إن غارات إسرائيلية استهدفت محيط مدينة الكسوة جنوبي العاصمة دمشق في وقت لاحق اليوم الخميس. ولم ترد أنباء بعد عن سقوط قتلى أو مصابين ولم يعلق الجيش الإسرائيلي بعد.
وشنت إسرائيل غارات جوية متكررة على سوريا خلال حكم الأسد، مستهدفة موطئ القدم الذي رسخته إيران حليفة الأسد خلال الحرب الأهلية.
الضربات التي شنتها إسرائيل في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء هي من أعنف الهجمات الإسرائيلية على سوريا منذ الإطاحة بالأسد.
وأعلنت وزارة الخارجية السورية أن إسرائيل شنت غارات على خمس مناطق مختلفة خلال 30 دقيقة مما أسفر عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب ما تبقى من قدرات عسكرية في القاعدتين الجويتين بمحافظتي حماة وحمص، بالإضافة إلى ما تبقى من بنية تحتية عسكرية في منطقة دمشق حيث قالت وسائل إعلام ومسؤولون سوريون إن محيط منشأة للأبحاث العلمية تعرض للقصف.
وأعلنت إسرائيل أمس الأربعاء أيضا استهدافها لقاعدة تي.4 الجوية في محافظة حمص، وهي قاعدة تعرضت لقصف إسرائيلي متكرر خلال الأسبوع الماضي.
وفي الواقعة في جنوب غرب سوريا، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته كانت تنفذ عملية في منطقة تسيل “بمصادرة أسلحة وتدمير بنية تحتية إرهابية” عندما أطلق مسلحون النار عليها.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المواجهة لم تسفر عن سقوط قتلى ومصابين في صفوفه وإن قواته “ردت بإطلاق النار وقضت على عدد من الإرهابيين المسلحين بضربات من البر والجو”.
وأضاف “وجود أسلحة في جنوب سوريا يشكل تهديدا لدولة إسرائيل… جيش الدفاع لن يسمح بوجود تهديد عسكري في سوريا وسيتحرك ضده”.
الحرة – واشنطن
—————————
قصف وتوغلات إسرائيلية في ريف درعا ودعوات إلى النفير العام/ ضياء الصحناوي
03 ابريل 2025
قصفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، تل الجموع في ريف درعا الغربي، جنوبي سورية بقذائف المدفعية والدبابات، وذلك بعد توغلها قرب مدينة نوى، وسط دعوات إلى النفير العام. وذكرت مصادر “العربي الجديد” في مدينة نوى أن قصفاً مدفعياً من ثماني قذائف طاول حرش الجبيلية الذي يبعد عن المدينة مسافة 10 كيلومترات، فيما لم تُستهدَف المدينة كما يُتداوَل على بعض المنصات، مضيفة أن قوات الاحتلال غيرت اتجاهها عن الحرش متجهة باتجاه سد تسيل. وأوضحت أن الضربات المدفعية لم تُوقع أي إصابات أو خسائر بشرية أو ممتلكات.
مصادر “العربي الجديد” في المدينة أكدت تحليق الطيران الإسرائيلي المسيَّر في الأجواء. وفي ظل تصاعد التحركات العسكرية الإسرائيلية على الحدود السورية مع الأراضي المحتلة، شهدت المناطق الريفية في محافظتي درعا والقنيطرة توغلات متكررة لقوات الاحتلال.
ووصل مساء اليوم الأربعاء رتل عسكري إسرائيلي إلى تل الأحمر الغربي في ريف القنيطرة، قادماً من هضبة الجولان المحتلة عبر طريق شقّته قوات الاحتلال بعد تمددها في المنطقة. كذلك قصفت قوات الاحتلال بقذائف الدبابات تل الجموع في ريف درعا الغربي. وتل الجموع هو التل الوحيد المرتفع في المنطقة، ويبلغ ارتفاع قمته نحو 200 متر، ويشرف على سهل منبسط من جهة الشرق يمتد حتى الشيخ مسكين في ريف المحافظة الأوسط، كذلك يشرف على معظم مناطق وادي اليرموك من الجهة الجنوبية.
ووفق شهادات سابقة لعسكريين منشقين من جيش النظام السوري، فإن التل يضم تحصينات من ثلاث طبقات: الأولى أسفل التل حصنت بسواتر ترابية، وجهزت بمساند رمي للدبابات من كل الاتجاهات، إضافة إلى ملاجئ عسكرية لحماية العناصر المتمركزين على التل، والثانية في وسط التل وتضم تحصينات ودشماً عسكرية على شكل طوق، وزوّدت بصواريخ مضادة للدروع، ومساند للرشاشات المتوسطة ومدفعية الهاون، بينما أقيمت في قمة التل طبقة ثالثة من التحصينات تطل على جميع الجهات، وتحتوي على محطات تشويش ورصد، وعلى تقنيات للتنصت واستطلاع إلكتروني.
من جهة أخرى، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي قنبلة مضيئة شوهدت في سماء قرية كويا، في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، وأكدت مصادر “العربي الجديد” في القرية أن مصدر القنبلة كان من ثكنة عسكرية في قرية معرية.
وقال أحد السكان، محمد البكر، لـ”العربي الجديد” إن تكرار مثل هذه الحوادث بشكل شبه يومي، يثير مخاوف السكان من تصعيد عسكري محتمل، مضيفاً أن هذه التحركات جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية الرامية إلى تعزيز نقاط الوجود العسكري على طول الحدود السورية، تحت ذرائع “مواجهة التهديدات الأمنية”.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من الحكومة السورية حول التوغلات الإسرائيلية والضربات الجوية الأخيرة، فيما يطالب ناشطون محليون بتحرك دولي لوقف “الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة”. ويعيش سكان الريف الغربي لدرعا والقنيطرة في حالة من القلق الدائم بسبب التحركات العسكرية والاستفزازات الإسرائيلية، التي تؤثر بحياتهم اليومية. كذلك إن تكرار إطلاق القنابل المضيئة يثير مخاوف من استخدامها أداةَ استطلاع تمهيداً لعمليات عسكرية أوسع.
وفي ظل تصاعد الوجود العسكري الإسرائيلي داخل الأراضي السورية، تبقى المناطق الريفية في درعا والقنيطرة على صفيح ساخن، حيث يمكن لأي اشتباك عابر أن يتحول إلى مواجهة أوسع. ومع استمرار سياسة الأمر الواقع التي تفرضها إسرائيل، يبقى المدنيون الضحية الرئيسية في معادلة يصعب إدراك مآلاتها، في ظل تعقيدات المشهد الإقليمي.
العربي الجديد
———————————–
استشهاد 9 مدنيين بتوغل إسرائيلي في درعا… ودمشق تدين العدوان/ عبد الله البشير
03 ابريل 2025
“تجمّع أحرار حوران”: عدد الشهداء مرشح للارتفاع
التوغل البري صاحبه قصف جوي ويتزامن مع تصعيد إسرائيلي ضد سورية
جيش الاحتلال يقرّ بالتوغل ويعلن قتل مسلحين وتدمير بنى تحتية
استشهد تسعة مدنيين من جراء قصف إسرائيلي استهدف حرش سد الجبيلية الواقع بين مدينة نوى وبلدة تسيل غرب درعا، جنوبي سورية، فيما أعلن جيش الاحتلال توغله مجدداً في جنوب سورية مدعياً قتله عدداً من المسلحين الذين أطلقوا النار على قواته. وأفادت محافظة درعا في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا)، بـ”استشهاد تسعة مدنيين، وإصابة آخرين في حصيلة أولية، إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي حرش سد الجبيلية”، مشيرة إلى أن “هناك استنفاراً وغضباً شعبياً كبيراً بعد هذه المجزرة، وخصوصاً في ظل توغل قوات الاحتلال لأول مرة إلى هذا العمق”.
وقال محافظ درعا أنور طه الزعبي لـ”التلفزيون العربي”، إن قوات الاحتلال توغلت للمرة الأولى في مناطق زراعية بالمحافظة، قبل أن تنسحب من محورين. وأشار إلى أن الأهالي يرفضون أي تواصل مع الاحتلال الإسرائيلي، وسينظمون تجمعاً احتجاجياً ضد الانتهاكات الإسرائيلية، مؤكداً أن “القيادة في دمشق هي المخولة للحديث باسمنا”.
من جهته، قال “تجمع أحرار حوران” (تجمع إعلاميين وحقوقيين في جنوب سورية)، في تقرير صدر عنه فجر اليوم الخميس، إن عدد الشهداء مرشح للارتفاع مع وجود عدد كبير من المصابين في مستشفى نوى، بعضهم في حالة حرجة. وأشار التجمع في تقريره إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي توغلت ليلة الخميس في ريف درعا الغربي، واستهدفت بقذائف المدفعية، بالتزامن مع القصف الجوي، مواقع تل الجموع، ومحيط مدينة نوى، وحرش الجبيلية (حرش تسيل)، ما أوقع شهداء وجرحى من المدنيين، وسط حالة استنفار شهدتها المنطقة.
بدوره، قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، إن قوات من اللواء 474 نفذت الليلة الماضية عملية بمنطقة تسيل جنوبي سورية و”صادرت وسائل قتالية ودمرت بنى تحتية إرهابية”، على حد زعمه، مشيراً إلى تعرّض هذه القوات لـ”عملية إطلاق نار من جانب عدد من المسلحين، قبل استهدافهم والقضاء على عدد منهم في قصف جوي وبري”. وفيما نفى جيش الاحتلال وقوع إصابات في صفوفه، اعتبر أن “وجود وسائل قتالية في منطقة جنوب سورية يشكل تهديداً على إسرائيل”، متوعداً بعدم السماح بذلك.
كاتس: الغارات على سورية تحذير للمستقبل
وتعليقاً على القصف والتوغل الإسرائيليين في سورية، قال وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن القوات الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سورية، وستتحرك لـ”التصدي للتهديدات لأمنها”، مهدداً الحكومة السورية في بيان بـ”دفع ثمن باهظ إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول” على حد تعبيره. وأضاف كاتس أن الضربات الجوية الليلة الماضية على حماة ودمشق “رسالة واضحة وتحذير للمستقبل… لن نسمح بأي ضرر يلحق بأمن إسرائيل”، على حد قوله.
وجاء التصعيد الإسرائيلي، وفق التجمع، بعد توغل القوات الإسرائيلية في عدة قرى بريف درعا والقنيطرة، مشيراً إلى أن “اقترابها من مدينة نوى، كبرى مدن درعا، يشير إلى تحول جديد في طبيعة هذه العمليات”.
وقال التجمع في تقريره إن “المخاوف تتزايد بين الأهالي من احتمال توسع العمليات العسكرية، خصوصاً أن نوى تضم كثافة سكانية كبيرة. ومع استمرار القصف والتوغلات، تتفاقم الأوضاع الإنسانية، في ظل تدهور الخدمات الأساسية وانعدام الاستقرار الأمني في المنطقة”.
وأكد مراسل “العربي الجديد” انسحاب القوات الإسرائيلية المتوغلة من حرش تسيل “في ظل حالة استنفار شعبي كبيرة في مدينة نوى والمناطق المحيطة بها”، مع الإشارة إلى أن أغلب الشهداء من أبناء مدينة نوى. وتشهد المدينة مراسم تشييع للشهداء التسعة ظهر اليوم بحسب محافظ درعا، وذلك تزامناً مع دعوات شعبية إلى مشاركة واسعة، تعبيراً عن الغضب من الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة في أراضي المحافظة.
ووصل مساء أمس الأربعاء رتل عسكري إسرائيلي إلى تل الأحمر الغربي في ريف القنيطرة، قادماً من هضبة الجولان المحتلة عبر طريق شقّته قوات الاحتلال بعد تمددها في المنطقة، وفق ما أكدته مصادر ميدانية لـ”العربي الجديد”. كذلك قصفت قوات الاحتلال بقذائف الدبابات تل الجموع بريف درعا الغربي. وتل الجموع هو التل الوحيد المرتفع في المنطقة، حيث يبلغ ارتفاع قمته نحو 200 متر، ويشرف على سهل منبسط من جهة الشرق يمتد حتى الشيخ مسكين بريف المحافظة الأوسط، ويشرف أيضاً على معظم مناطق وادي اليرموك من الجهة الجنوبية.
الخارجية السورية تدين القصف الإسرائيلي
إلى ذلك، أدانت وزارة الخارجية السورية بـ”أشد العبارات” سلسلة الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سورية، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم والضغط على إسرائيل لوقف عدوانها والتزام القانون الدولي.
وقالت الخارجية في بيان نشرته عبر قناتها على تليغرام الخميس: “في انتهاك سافر للقانون الدولي ولسيادة الجمهورية العربية السورية، شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية على خمس مناطق مختلفة في أنحاء البلاد خلال 30 دقيقة، مما أسفر عن تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة عشرات المدنيين والعسكريين. ويشكل هذا التصعيد غير المبرر محاولة متعمدة لزعزعة استقرار سورية وإطالة معاناة شعبها”.
وجاء في بيان الخارجية: “في الوقت الذي تسعى فيه سورية لإعادة الإعمار بعد 14 عاماً من الحرب، تأتي هذه الاعتداءات المتكررة في سياق محاولة إسرائيلية واضحة لتطبيع العنف مجدداً داخل البلاد، ما يقوّض جهود التعافي ويكرّس سياسة الإفلات من العقاب”. ودعت الخارجية السورية المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم والضغط على إسرائيل لوقف عدوانها، والتزام القانون الدولي وتعهداتها بموجب اتفاقية فصل القوات لعام 1974، وحثت الأمم المتحدة وجميع الجهات الدولية المعنية على اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذا التصعيد ومنع المزيد من الانتهاكات.
الأردن: انتهاك صارخ لسيادة ووحدة سورية
في السياق، أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، اليوم الخميس، بأشدّ العبارات العدوان الإسرائيلي الأخير على مناطق متفرّقة في سورية، الذي أدى إلى ارتقاء وإصابة عدد من الأشخاص، وعدته خرقاً فاضحاً للقانون الدولي، وانتهاكاً صارخاً لسيادة سورية ووحدتها، وتصعيداً خطيراً لن يسهم إلا في مزيد من الصراع والتوتر بالمنطقة.
وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سفيان القضاة في بيان، رفض بلاده المطلق، واستنكارها الشديد للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية، في خرق واضح لاتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 بين إسرائيل وسورية، مُجدِّداً وقوف المملكة وتضامنها الكامل مع سورية الشقيقة وأمنها واستقرارها وسيادتها. ودعا القضاة المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، وإلزام إسرائيل وقف اعتداءاتها الاستفزازية اللاشرعية على سورية، وإنهاء احتلال جزء من أراضيها، مشدّداً على ضرورة التزام إسرائيل قواعد القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة التي تفرض احترام سيادة الدول، وعدم التدخّل في شؤونها.
قطر تدعو إلى إلزام إسرائيل بوقف الاعتداءات على سورية
من جهتها، دانت دولة قطر بشدة الغارات الإسرائيلية التي استهدفت خمس مناطق في سورية، وعدتها “اعتداءً صارخاً على سيادة ووحدة سورية وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي”. ودعت وزارة الخارجية القطرية، في بيان اليوم الخميس، “المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لإلزام إسرائيل بالامتثال للقوانين والأعراف الدولية ووقف الاعتداءات المتكررة على الأراضي السورية، بما يحول دون المزيد من التصعيد والتوتر في المنطقة”، وجددت “دعم دولة قطر الكامل لسيادة سورية واستقلالها وسلامة أراضيها وتطلعات شعبها الشقيق في الأمن”.
بيان | قطر تدين بشدة الغارات الإسرائيلية على خمس مناطق بسوريا#الخارجية_القطرية pic.twitter.com/sSokoho3s9
— الخارجية القطرية (@MofaQatar_AR) April 3, 2025
حماس: جريمة جديدة تضاف لسجل الاحتلال الإرهابي
من جهتها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) “بأشد العبارات العدوانَ الصهيونيَّ المتواصل على أراضي الجمهورية العربية السورية، والذي تصاعد في الساعات الأخيرة عبر قصفٍ جويّ استهدف مناطق في أرياف دمشق ودرعا وحماة وحمص، وتوغُّلِ دبابات الاحتلال في ريف درعا، وارتقاء شهداء من أبناء مدينة نوى بمحافظة درعا، من جرّاء قصف طيران الاحتلال الصهيوني حرش الجبيلية غربي المدينة، في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الإرهابي الحافل بالعدوان والإجرام”.
وأشادت الحركة “بالموقف البطولي لأهالي درعا الصامدين، الذين تصدّوا بشجاعة لتوغُّل قوات الاحتلال، وأثبتوا مجددًا إرادة الشعوب الحرة في مقاومة الاحتلال ورفض الهيمنة والعدوان”، مؤكدة أن “هذا التصعيد الصهيوني يأتي في سياق سياسة العربدة والغطرسة التي تنتهجها حكومة الإرهابي (بنيامين) نتنياهو، ويمثّل امتدادًا لعدوانها الفاشي على شعبنا الفلسطيني، في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، حيث تواصل حرب الإبادة والحصار والتجويع والتهجير”. ودعت الحركة إلى “تضافر الجهود الوطنية والقومية والإسلامية، وتوحيد المواقف في مواجهة الاحتلال ومخططاته العدوانية، ومقاومته بكل السبل، حتى زواله عن أرضنا ومقدساتنا”.
مصر تدين الغارات الإسرائيلية
وأدانت مصر الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية، معتبرة أنها تشكل انتهاكاً صارخاً جديداً للقانون الدولي، وتعدياً سافراً على سيادة الدولة السورية واستقلالها ووحدة أراضيها. وطالبت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم الخميس، الأطراف الدولية الفاعلة بالاضطلاع بمسؤولياتها تجاه التجاوزات الإسرائيلية المتكررة، وإلزام إسرائيل بإنهاء احتلالها للأراضي السورية.
حزب الله يدين العدوان الإسرائيلي على سورية واليمن ولبنان وغزة
دان حزب الله في بيان، الخميس، “العدوان الأميركي – الإسرائيلي الهمجي المتصاعد على كل من سورية واليمن وغزة ولبنان”، معتبراً أنه “يشكل امتداداً للحرب المفتوحة التي يشنها محور الشر الأميركي-الصهيوني على شعوب المنطقة، مزعزعاً استقرار وأمن دولها ومستبيحاً سيادتها ومستنزفاً لقدراتها وعوامل القوة لديها، لإخضاعها لمتطلبات هيمنته ومصالح الكيان الصهيوني لتكون له اليد الطولى في المنطقة”.
وقال الحزب إنه في ظل هذا التصعيد الخطير يؤكد أن “استهداف سورية عبر الغارات المتكررة والتوغلات المستمرة في أراضيها يندرج في إطار إضعاف الدولة السورية ومنعها من استعادة عافيتها، ويمثل انتهاكاً فاضحاً لسيادتها وأن التصدي البطولي لأبناء سورية الشرفاء للتوغل الصهيوني، الذي أدى إلى سقوط شهداء وجرحى، دليلٌ على أن خيار الشعب السوري كان وما زال خيار المواجهة والتصدي للمحتل، وأن روح المقاومة متجذرة في وجدان السوريين”.
وأكد أن “استمرار العدوان الأميركي الهمجي على اليمن، وارتكاب المجازر بحق شعبه، هو محاولة يائسة لثني الشعب اليمني الأبي الصامد عن استمراره في دعم غزة والمقاومة في فلسطين، ودفعه إلى وقف عملياته البطولية. وكما هو الحال في سورية واليمن، فإن العدوان الإسرائيلي الوحشي المتصاعد على فلسطين وغزة، وحرب الإبادة المستمرة ومشاريع التهجير أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي المتخاذل، يكشف عجز العدو عن كسر إرادة المقاومة وروح الصمود والتصدي لدى الشعب الفلسطيني”.
العربي الجديد
————————–
شهداء وجرحى في عدوان إسرائيلي يحمل رسائل نارية إلى دمشق وأنقرة
2025.04.03
شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات جوية مركزة على مواقع عسكرية في العاصمة دمشق ومحافظتي حماة وحمص، تزامنت مع توغل بري محدود نفذته وحدات خاصة من جيش الاحتلال داخل الأراضي السورية من جهة الجولان المحتل.
واستهدفت الغارات الإسرائيلية عدة مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية، من بينها مطار “T4” في محافظة حمص، وقاعدة جوية عسكرية في محيط مدينة حماة، إضافة إلى منشآت وبنى تحتية عسكرية في العاصمة دمشق، بما في ذلك مركز البحوث العلمية في حي برزة، وهو الموقع الذي سبق أن تعرض لهجمات إسرائيلية متكررة في الأعوام الماضية.
وقالت وزارة الخارجية السورية إن الضربات الإسرائيلية طالت خمس مناطق مختلفة في أنحاء البلاد، واستمرت لنحو نصف ساعة، مشيرة إلى أن مطار حماة العسكري دُمر بشكل شبه كامل، كما أسفرت الغارات عن استشهاد وإصابة العشرات من العسكريين والمدنيين.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن سلاح الجو نفذ العملية بهدف “الحفاظ على التفوق الجوي لإسرائيل في المنطقة”، مشيراً إلى أن الغارات “استهدفت مسارات الطيران، ومستودعات الوقود، والرادارات في المواقع التي جرى قصفها”.
توغل بري في الجنوب
في اعتداء آخر، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي توغلاً برياً في جنوبي سوريا، حيث توغلت عشرات الآليات والمدرعات العسكرية إلى حرش سد الجبيلية الواقع بين مدينة نوى وبلدة تسيل غربي درعا.
وأفادت مصادر محلية أن أهالي مناطق نوى وتسيل والبلدات الغربية بدرعا اشتبكوا مع الرتل الإسرائيلي وأجبروه على التراجع، في حين ذكرت صحيفة “الوطن” المحلية أن 11 مواطناً استشهدوا وأصيب آخرون خلال الاشتباكات.
وزعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن “قوات من اللواء 474 عملت في منطقة تسيل جنوبي درعا، حيث صادرت وسائل قتالية ودمرت بنى تحتية إرهابية”، مضيفاً أنه “خلال النشاط أطلق عدد من المسلحين النار تجاه قواتنا العاملة في المنطقة، لتقوم القوات باستهدافهم والقضاء على عدد منهم في استهداف بري وجوي”.
واعتبر المتحدث باسم جيش الاحتلال أن “وجود الأسلحة في جنوبي سوريا يشكل تهديداً على دولة إسرائيل”، مشدداً على أن “الجيش الإسرائيلي لن يسمح بوجود تهديد عسكري داخل سوريا وسيتحرك ضده”.
الصحفي منتصر أبو نبوت ينفي من مكان الحدث رواية جيش الاحتلال الإسرائيلي ، مع رصد الطريق الذي سلكته قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال توغلها فجر اليوم قرب نوى وتسيل#درعا
pic.twitter.com/hw3K6RQ1bc — Omar Alhariri (@omar_alharir)
April 3, 2025
رسائل إلى تركيا: لا قواعد جوية في تدمر
تتزامن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا مع توارد الأنباء حول إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا، خاصة أن الرئيس السوري، أحمد الشرع، ناقش مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، في شباط الماضي، اتفاقية دفاع مشترك، تتضمن إنشاء قواعد جوية.
ووفق وكالة “رويترز”، تعمل أنقرة على وضع نفسها كلاعب رئيسي في سوريا الجديدة، الأمر الذي يثير قلق إسرائيل، حيث يسمح وجود قواعد تركية في سوريا لأنقرة بحماية المجال الجوي السوري في حال وقوع هجمات مستقبلية.
واعتبر مسؤولون إسرائيليون الغارات الإسرائيلية الأخيرة بمثابة “رسالة تحذير واضحة” إلى تركيا، مفادها “لا تُنشئوا قاعدة عسكرية في سوريا، ولا تتدخلوا في النشاط الإسرائيلي في المجال الجوي السوري”.
ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” عن مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية قوله إن الغارات الأخيرة “استهدفت منع أنقرة من إقامة موطئ قدم عسكري في سوريا”، مشيراً إلى أن مطار تدمر (T4)، الواقع في وسط البلاد، يُحتمل أن يكون موقعاً لقاعدة تركية مستقبلية، ما قد يهدد العمليات الجوية الإسرائيلية.
وأكد المسؤول الإسرائيلي أن هذه الهجمات “تهدف إلى عرقلة خطط تركيا في نقل القوات والدفاعات الجوية إلى سوريا وتشغيل المنشآت العسكرية فيها، خاصة في ظل تقارير تحدثت عن رغبة أنقرة بتحويل المطار إلى منشأة لطائرات مسيرة، وربما نشر منظومات الدفاع الجوي S-400 بشكل مؤقت في T4 أو مدينة تدمر”.
وسبق ذلك أن صرح مسؤول كبير في الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، أن “إنشاء قاعدة جوية تركية في مطار تدمر قد يُفاقم التوترات الإقليمية ويزيد من خطر نشوب صراع مع إسرائيل”.
وشدد المسؤول الإسرائيلي على أنه “نظراً لجهود إسرائيل المستمرة لمنع تمركز قوات معادية في سوريا، فإن أي وجود عسكري تركي كبير، وخاصة في مواقع استراتيجية مثل تدمر، قد يُنظر إليه على أنه تهديد للمصالح الأمنية الإسرائيلية”.
الغارات الإسرائيلية تُحبط مشروع قاعدة تركيا في مطار تدمر
دمرت الغارات الإسرائيلية، ليلة أمس وغارات سابقة، مطاري تدمر وحماة العسكريين بشكل كامل، بما في ذلك طائراتهما وأنظمة الرادار وأبراج المراقبة ومواقف السيارات والتخزين، وأن المدرجات أصبحت خارج الخدمة.
وتُظهر صور الأقمار الصناعية، الملتقطة في 21 من آذار الماضي، أن الغارات الجوية الإسرائيلية السابقة أحدثت حفرتين كبيرتين في مدرج مطار T4، مما يجعل هبوط أي طائرة نقل ثقيلة شبه مستحيل، فيما من السابق لأوانه الحصول على تقييم للأضرار الناجمة عن هجوم أمس، لكن من المؤكد أنه سبب أضراراً إضافية.
مطار تي فور
ويقع مطار T4 على بعد نحو 225 كيلومتراً جنوبي الحدود التركية مع سوريا، مما يجعل أي إمداد بري، وخاصة للأسلحة الدقيقة كالطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي المتطورة، خياراً صعباً وخطيراً، وفق موقع “وور زون”.
مخاوف إسرائيلية من منظومة “S-400” التركية
على الرغم من أن إسرائيل أكدت في أكثر من مناسبة أنها غير معنية بالدخول في صراع مع تركيا في سوريا، إلا أن العلاقة بين أنقرة وتل أبيب تشهد توتراً متزايداً، على خلفية تضارب المصالح الإقليمية، خصوصاً بعد انهيار نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، في كانون الأول الماضي.
وتخشى إسرائيل أن تنصب تركيا منظومات دفاع جوي متقدمة في مناطق شمالي سوريا، ما قد يحد من نشاط الطائرات الإسرائيلية التي نفذت ضربات على أهداف عسكرية داخل سوريا خلال الأشهر الأخيرة.
وكان موقع “ميدل إيست أي” نقل عن مصدر مطلع قوله إن أنقرة تدرس نشر أنظمة الدفاع الجوي “S-400” بشكل مؤقت في مطار تدمر، لتأمين المجال الجوي في سوريا خلال جهود إعادة الإعمار، مشيراً إلى أن هذا القرار “لم يتخذ بعد بشكل نهائي، وسيحتاج إلى موافقة روسيا”.
وتسعى إسرائيل إلى منع أي تموضع عسكري قريب من حدودها، حيث يخطط جيش الاحتلال لإقامة “منطقة سيطرة”، بطول 15 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، و”مجال نفوذ استخباري”، يمتد لنحو 60 كيلومتراً.
وفي 10 من كانون الثاني الماضي، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن تل أبيب “ستحتاج إلى الحفاظ على محيط عملياتي يبلغ طوله 15 كيلومتراً داخل الأراضي السورية”، مضيفين أن الجيش الإسرائيلي “سيحافظ على وجود لضمان عدم تمكن حلفاء النظام الجديد في سوريا من إطلاق الصواريخ باتجاه مرتفعات الجولان”.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسؤولين ذكروا “ضرورة وجود مجال نفوذ يمتد 60 كيلومتراً داخل سوريا، ويكون تحت سيطرة المخابرات الإسرائيلية، لمراقبة ومنع التهديدات المحتملة من التطور”.
ومن المقرر أن يعقد وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، اجتماعاً أمنياً رفيعاً، اليوم الخميس، لبحث تحركات تركيا في شمالي سوريا، ومخاوف تل أبيب من توسع النفوذ التركي على حساب حرية حركة طيران الاحتلال الإسرائيلي في الأجواء السورية.
وقال وزير دولة الاحتلال إن إسرائيل “أرسلت رسالة واضحة إلى الرئيس السوري الجديد مفادها أن أي محاولة لتغيير الوضع القائم بهدف تهديد إسرائيل ستقابل برد مكلف”.
ومساء أمس الأربعاء، زار قائد القيادة المركزية الأميركية “سنتكوم”، الجنرال مايكل كوريلا، إسرائيل والتقى رئيس أركان جيش الاحتلال في جلسة مشتركة تناولت التحديات الأمنية في سوريا والمنطقة.
—————————–
رسائل ومشاورات أمنية إسرائيلية بشأن تركيا عقب القصف على سورية/ نايف زيداني
03 ابريل 2025
تسعى دولة الاحتلال الإسرائيلي لتعزيز تفوقها الجوي في المنطقة، وإيصال رسائل إلى تركيا، ما يفسر بعض دوافعها إلى قصف عدة مواقع في سورية الليلة الماضية، من قبيل مطار حماة العسكري وقاعدة الـ”تي فور” في حمص، ومستودعات وقود ومواقع رادارات، ما ينذر باستمرار الغارات الإسرائيلية على مواقع مختلفة في الفترة المقبلة أيضاً، عدا عن محاولات التوغّل أكثر داخل الأراضي السورية وقصفها بزعم وجود مسلّحين، على غرار ما حدث في محافظة درعا، كما توعّد جيش الاحتلال بعدم السماح بوجود “وسائل قتالية في منطقة جنوب سورية.. تشكّل تهديداً على إسرائيل”.
منذ إطاحة السوريين نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال المنطقة العازلة في سورية، وسيطرت أيضاً على جبل الشيخ كاملاً. بالإضافة إلى ذلك، تتواتر هجمات سلاح الجو الإسرائيلي في جميع أنحاء سورية، خاصة بعد إعلان وزير الأمن يسرائيل كاتس ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مطالبتهما بنزع سلاح المنطقة الواقعة جنوب دمشق بالكامل.
وسبق أن أصدر المستوى السياسي تعليمات للجيش بمنع أي تمركز عسكري للقوات السورية التابعة لسورية الجديدة، على عمق حوالي 65 كيلومتراً من الحدود. وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن نتنياهو أن إسرائيل “لن تسمح لقوات النظام الجديد في سورية بدخول المنطقة الواقعة جنوب دمشق”.
في السياق، ذكرت صحيفة معاريف عبر موقعها الإلكتروني، اليوم الخميس، أن القوات الجوية الإسرائيلية، تحرّكت في الأيام الأخيرة “لإحباط محاولة فورية من قبل الجيش التركي للحصول على موطئ قدم داخل سورية بقوات كبيرة من أسراب سلاح الجو التركي. وفي ضربة خاطفة، بقيادة قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء تومر بار، قامت القوة بقصف مطارين في الأيام الأخيرة، كان يستخدمهما الجيش السوري في عهد نظام بشار الأسد. وهما مطار تدمر ومطار التيفور”.
ودمّر سلاح الجو كلا المطارين، فيما نقلت الصحيفة عن مصدر عسكري إسرائيلي لم تسمّه، قوله إنه “لم يبق فيهما أي بناء قائم. استهدفنا الطائرات، وأنظمة الرادار، وأبراج المراقبة، ومواقف السيارات وجميع مدارج الطائرات وجميع المباني والمستودعات. ببساطة لقد دمّرنا المطارين”.
وجاء هذا الاستهداف، وفقاً للصحيفة العبرية نفسها، بعد إدراك إسرائيل، أنه إلى جانب محاولات الأتراك تسليح الجيش السوري وإعادة تأهيله، فإن لديهم خططاً إمبريالية، وفق المزاعم الإسرائيلية، لتجديد السيطرة على سورية وتحويلها إلى دولة تحت وصاية تركية مع وجود عسكري دائم.
من ناحية أخرى، حددت إسرائيل، كما قال وزير الأمن كاتس أمس الاربعاء، خلال جولة على الجبهة الشمالية، قاعدتين ستلتزم بهما إسرائيل في سورية، أولاهما نزع السلاح من جنوب سورية، وثانيهما الحفاظ على حرية طيران القوات الجوية في الأجواء السورية. وقال كاتس إن إسرائيل نقلت في الأيام الأخيرة رسائل شديدة إلى الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، مفادها أنه “إذا سمح لأي كيان بتغيير الوضع في سورية من أجل تهديد إسرائيل فسوف يكون عليه تحمّل الثمن”، كما أوضحت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أمس أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لن تسمح بإعادة تأهيل وبناء المطارين اللذين دمرهما سلاح الجو.
ووجّه كاتس، اليوم الخميس، مجدداً رسالة إلى الرئيس السوري، مفادها “إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول إلى سورية وتهديد المصالح الأمنية الإسرائيلية، ستدفع ثمناً باهظاً”. وأضاف، وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام عبرية: “نشاط سلاح الجو الإسرائيلي بالأمس، ضد المطارات في التيفور، وحماة، ومنطقة دمشق في سورية، هو رسالة واضحة وتحذير للمستقبل، بأننا لن نسمح بالإضرار بأمن دولة إسرائيل”.
ومن المتوقع أن تعقد إسرائيل اليوم مشاورات أمنية واسعة النطاق، حول سياسة إسرائيل تجاه تركيا، بمشاركة كاتس، ورئيس هيئة الأركان إيال زامير، وشعبة الاستخبارات العسكرية، وقيادة المنطقة الشمالية في الجيش، وضباط رفيعي المستوى. وتؤكد إسرائيل أنها لا تسعى إلى مواجهة مباشرة بين جيشها والجيش التركي في سورية، لكنها لا تخفي شعورها بالقلق إزاء التدخل التركي المتزايد في سورية، واعتبار تركيا تحدياً لها، كما لا ترغب في وجود قواعد عسكرية تركية على مقربة منها.
———————————–
تركيا توجه رسالة نارية لإسرائيل بعد غاراتها على سوريا
تحذير لإسرائيل من تقويض الاستقرار في سوريا ومطالبة للمجتمع الدولي بالتحرك
أكدت وزارة الخارجية التركية في بيان أنه “يجب على إسرائيل التخلي عن سياساتها التوسعية، والكف عن عرقلة جهود إرساء الاستقرار في سوريا”.
وقالت وزارة الخارجية التركية إنه يجب “على إسرائيل أن تتخلى عن سياساتها التوسعية وتنسحب من الأراضي التي احتلتها وتتوقف عن تقويض جهود إرساء الاستقرار في سوريا، ومن المهم أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في منع عدوان إسرائيل المتهور بشكل متزايد”.
وأوضحت وزارة الخارجية التركية: “على الرغم من عدم وجود أي استفزاز أو هجوم من سوريا على الأرض، فإن الهجمات الجوية والبرية المتزامنة التي شنتها إسرائيل على العديد من النقاط الليلة الماضية 2 أبريل ليس لها تفسير آخر سوى نهج السياسة الخارجية الإسرائيلية الذي يغذي الصراع”.
وأكدت الوزارة أن “التصريحات الاستفزازية التي يطلقها الوزراء الإسرائيليون تجاه البلاد تعكس الحالة النفسية التي يعيشونها وكذلك السياسات العدوانية والتوسعية التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية الأصولية والعنصرية”.
كما أضافت: “يجب أن نتساءل لماذا تنزعج إسرائيل من التطورات في سوريا ولبنان، التي تحمل وعدا كبيرا بالسلام والاستقرار والازدهار في منطقتنا والتي يدعمها العالم أجمع”.
هذا وأعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن عن إدانته “للتصعيد العسكري الإسرائيلي المتكرر والمتزايد في سوريا” بما في ذلك الضربات الجوية التي أودت بحياة مدنيين.
—————————-
تركيا: إسرائيل أكبر تهديد للأمن في المنطقة وتزعزع استقرار سوريا
3 أبريل 2025 م
أكدت تركيا، الخميس، أن على إسرائيل الانسحاب من سوريا والكفّ عن عرقلة جهود إرساء الاستقرار هناك، وذلك بعد أن صعّدت إسرائيل غاراتها الجوية على سوريا، واتهمت تركيا بمحاولة وضع سوريا تحت وصايتها.
وقالت وزارة الخارجية في أنقرة: «أصبحت إسرائيل أكبر تهديد للأمن في المنطقة»، كما أصبحت «مزعزعة للاستقرار الاستراتيجي، وتسبب الفوضى وتغذي الإرهاب».
وأضافت: «لذلك، ومن أجل إرساء الأمن في جميع أنحاء المنطقة، على إسرائيل أولاً التخلي عن سياساتها التوسعية، والانسحاب من الأراضي التي تحتلها، والكفّ عن تقويض جهود إرساء الاستقرار في سوريا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وكثّفت إسرائيل الغارات الجوية على سوريا الليلة الماضية، وأعلنت أن الهجمات هي تحذير لـ«الحكام الجدد» في دمشق، كما اتهمت أنقرة بمحاولة فرض وصايتها على سوريا.
وقال يسرائيل كاتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، إن الغارات الجوية التي وقعت مساء الأربعاء «رسالة واضحة وتحذير للمستقبل، لن نسمح بالمساس بأمن دولة إسرائيل».
وذكر كاتس، في بيان، أن القوات المسلحة الإسرائيلية ستبقى في المناطق العازلة داخل سوريا، وستتحرك ضد التهديدات لأمنها، محذراً الحكومة السورية من أنها ستدفع ثمناً باهظاً إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بالدخول.
ومما عكس مخاوف إسرائيلية من النفوذ التركي في سوريا، اتهم وزير الخارجية جدعون ساعر أنقرة بلعب «دور سلبي» هناك وفي لبنان ومناطق أخرى.
وقال في مؤتمر صحافي في باريس: «إنهم يبذلون قصارى جهدهم لفرض وصاية تركيا على سوريا. من الواضح أن هذه هي نيتهم».
——————————
=======================