سياسة

عن قصف اللاذقية، الأسباب والتطورات -مقالات مختارة-

————————-

من مرفأ بيروت إلى ميناء اللاذقية/ بكر صدقي

كان من حسن حظ سكان اللاذقية أن قصف مينائها، قبل يومين، لم يؤد إلى الدمار الهائل الذي أصاب بيروت في آب 2020، ووصف الانفجار حينها بأنه يشبه انفجاراً نووياً صغيراً. نرى في الحادثين حزب الله وإيران، وتضاف إليهما إسرائيل في الثاني.

إسرائيل واضحة في أنها لن تسمح بتمركز إيران وتوابعها في سوريا، ولا بتمرير الأسلحة إلى حزب الله عبر الأراضي السورية. بعد الهجوم الصاروخي الأخير تكون إسرائيل قد أضافت البحر السوري أيضاً إلى سلة أهدافها الحربية. كذلك هي واضحة بشأن تدخلها في الصراع السوري بقصر ذلك على الأهداف الإيرانية ـ الحزبلاهية، فهي غير معنية إذن بضرب أهداف تابعة للنظام السوري بالذات، وذلك لأن خيارها واضح بشأنه: أن يبقى على ضعفه المكشوف، أفضل لإسرائيل من سقوطه وفتح الباب أمام المجهول.

نحو 300 طن من نترات الأمونيوم خزنها حزب الله في مرفأ بيروت قبل سنوات، وأدى انفجارها، بالتضافر مع الفساد الحكومي وانسداد أفق ثورة تشرين الأول 2019، إلى «نهاية لبنان» كما يعبر كثير من اللبنانيين منذ ذلك الوقت، على ما في هذا التعبير من تهويل مفهوم ومشروع. قيل إن نترات الأمونيوم تلك كانت مخصصة كمادة أولية لتصنيع المزيد من البراميل المتفجرة التي دمرت نصف العمران في سوريا وقتلت مئات آلاف المدنيين. فأدى الإهمال «البيروقراطي» لحزب الله إلى حدوث الانفجار، فكانت «ذخيرة» البراميل الأسدية من نصيب سكان بيروت.

الجاني، حزب الله، بدلاً من الاتعاظ من مجزرة المرفأ هذه أو انكسار شوكته بالمعنى الأخلاقي، يستقوي على القضاء اللبناني لإبعاد القاضي المكلف بالتحقيق في الجريمة. بل بلغ به الأمر أن يعمل بروفا مصغرة لبداية حرب أهلية جديدة في بيروت ولبنان، فقط لوقف التحقيق القضائي الجاري، ثم لجأ إلى لعبته المفضلة في تعطيل تشكيل الحكومة في ابتزاز لوقف التحقيق إياه.

أما قصف ميناء اللاذقية الذي قام به الطيران الإسرائيلي من البحر، كما تلمّح صحيفة يديعوت أحرونوت، فقد استهدف حاويات فيها أسلحة إيرانية معدة للنقل إلى حزب الله في لبنان «بينها وسائل دفاع جوي» كما تفيد الصحيفة.

مذهل كم الطاقة والموارد والاهتمام التي توظفها إيران وصنيعها اللبناني في وسائل التدمير والقتل والخراب! نترات أمونيوم بآلاف الأطنان… أسلحة… متفجرات… مرتزقة… اغتيالات… استعداد دائم لخوض الحروب الأهلية، أو الانغماس فيها فعلاً، في سوريا واليمن والعراق ولبنان… مع نبرة عالية مهددة منذرة بالويل لكل من يعترض على هذا الخراب العام الذي ينتج عن أنشطتهما. ويتطاير البصاق من فم «قائد المقاومة» وهو يتوعد إسرائيل في كل مناسبة، لكن إجرامه يطال الجميع باستثناء إسرائيل. «طريق القدس» يمر في بيروت وحلب ودمشق وحمص ودير الزور، لكنه لا يتجه جنوباً على الإطلاق، كأن سيد المقاومة يمشي على خطا كريستوف كولومبس الذي اتجه، من شواطئ البرتغال غرباً بهدف الوصول إلى الهند في الشرق.

ليس اكتشافاً جديداً هذا الكلام عن المفارقة الفاجعة بين ادعاءات «محور الممانعة» وأعماله الإجرامية بحق شعوب المنطقة. ولكن من المحتمل أن مرور الزمن وتراكم الجرائم، من اغتيال حسين مروة ومهدي عامل إلى قتل المدنيين السوريين طوال السنوات السابقة، مروراً باغتيالات رجال السياسة والثقافة في لبنان وتفجير مرفأ بيروت، وابتزاز اللبنانيين الدائم بسلاحه… من المحتمل أنه أدى إلى انكشاف كامل لأي غطاء ديماغوجي من نوع الممانعة والمقاومة، ليس بالنسبة لخصوم إيران وحزب الله وعصابة الأسد، بل كذلك لدى القواعد الاجتماعية لهذه القوى.

في لبنان ظهر هذا جلياً حين هتف متظاهرو حزب الله في الشوارع «شيعة! شيعة!» في عودة صريحة إلى حقيقة الممانعة المزعومة التي هي ممانعة لأي حياة طبيعية، لا لإسرائيل أو غيرها من الشياطين المزعومة. انكشاف الدور الحقيقي لمحور الممانعة هذا ليس مما يدعو للتفاؤل، لأنه يكشف في الوقت نفسه عن عمق الانقسامات الاجتماعية في كل دولة من الدول المبتلية بهذا المحور. كانت ثورة 2019 في لبنان محاولة شجاعة لتجاوز هذه الانقسامات، لكنها كانت محكومة بالفشل بسببها، أو بسبب الثنائي الشيعي وحلفائه.

أما في سوريا فالوضع أكثر تعقيداً وضبابية. لا أحد يمكنه الجزم بمدى اتساع القاعدة الاجتماعية للنظام، أو هل بقي منها شيء بعد سيطرته على مساحة واسعة من الأراضي السورية منذ بداية التدخل العسكري الروسي، وبعد تفاقم شروط الحياة بصورة مخيفة في هذه المناطق. لكنه، في كل الأحوال، ما زال قادراً على تجنيد الرجال للقتال في حروبه التي لا يمكن أن تنتهي، وما زال يتمتع بمساندة طبقة مستفيدة من بقائه في مختلف مجالات النشاط (أمراء حرب، تجار، فنانون ومثقفون، بيروقراطية الأجهزة الإدارية وغيرها). ولكن بصرف النظر عن الضبابية في معرفة حجم الولاء الاجتماعي للنظام، السوريون منقسمون بعمق على أسس سياسية وطائفية وقومية، وفي الارتهان لقوى أجنبية، فضلاً عن الانقسام الجغرافي بين مختلف دويلات الأمر الواقع والمهاجر في أنحاء العالم.

كل هذه الانقسامات المكشوفة لا تمنع مختلف القوى من الاستمرار في مزاعم أيديولوجية بلا أي رصيد من الواقع. أي أن انكشاف الغطاء الأيديولوجي حتى في نظر الكتل الاجتماعية المستهدفة به، لا يؤدي إلى توقف الفاعلين السياسيين عن استخدامه كأداة حشد، وتبرير، واستقطاب.

كاتب سوري

القدس العربي

————————–

«رسائل» قصف إسرائيل لميناء اللاذقية/ إبراهيم حميدي

بالفعل، القصف على ميناء اللاذقية فجر الثلاثاء، هو الأكثر حملاً لـ«الرسائل» منذ بدء الاستهدافات الإسرائيلية في سوريا نهاية 2013 بعد أشهر من «صفقة الكيماوي» بين واشنطن وموسكو، التي شملت خلال ثماني سنوات مئات الغارات في معظم مناطق البلاد. لماذا؟

1 – ميناء اللاذقية: وقع الاستهداف في أبرز ميناء سوري على بعد كيلومترات من قاعدة حميميم العسكرية الروسية التي تستضيف منظومة صواريخ «إس 300» المتطورة و«إس 400». وهذه أبرز إشارة إلى «رضا» روسيا عن الغارات الإسرائيلية، أو على الأقل، عدم معارضتها لها ومنع حصولها.

2 – غضب روسي: موسكو سبق أن أعربت لدمشق عن «غضبها» من قرار الحكومة السورية في فبراير (شباط) 2019، إعطاء عقد إدارة ميناء اللاذقية إلى إيران بعد فسخ عقد مع شركة دولية. حاولت دمشق إرضاء موسكو بإعطائها امتيازات في ميناء طرطوس القريب في إطار «لعبة التوازن بين الحليفين»، لكن الغضب الروسي بقي مضمراً ومعمراً.

3 – «عقدة سبتمبر (أيلول)»: في سبتمبر 2018، أسقطت الدفاعات الجوية السورية خطأ طائرة عسكرية روسية خلال تصديها لغارات إسرائيلية. وأدى الحادث إلى مقتل 15 جندياً روسياً، وتسبب ذلك في توتر بين موسكو وإسرائيل، تطلب زيارات من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لحل الأزمة والعودة إلى تشغيل «آلية التنسيق» العسكرية بين الطرفين في سوريا، لكن إسرائيل بقيت حذرة في استهداف جوار القاعدتين الروسيتين في اللاذقية وطرطوس لتجنب أي إصابات روسية.

4 – بوتين – بنيت: منذ تولي نفتالي بنيت رئاسة الحكومة خلفاً لنتنياهو في يونيو (حزيران)، سعت روسيا إلى «تذكير» إسرائيل بوجودها في سوريا، عبر تقديم بيانات تفصيلية عن الرد السوري على الغارات واستخدام دمشق لمضادات روسية، مع تحذيرات لتل أبيب بعدم استهداف مصالح روسية أو حكومية سورية.

لكن وحسب تسريبات إسرائيلية، فإن بنيت حصل من بوتين خلال لقائهما في سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، «على أكثر مما كان لدى نتنياهو»، إذ جرت استعادة التنسيق العسكري و«الخط الأحمر» بين تل أبيب وحميميم، بل إن أول غارة بعد لقاء بوتين – بنيت في 30 أكتوبر، حصلت بصواريخ أرض – أرض واستهدفت أطراف دمشق.

5 – «اتساع وتركيز»: منذ لقاء بوتين وبنيت، اتسعت مروحة الغارات. تكرر «قصف غامض» على «مواقع إيرانية» شرق سوريا، فيما استهدفت إسرائيل مرات عدة أطراف دمشق ووسط سوريا، في 30 أكتوبر و3 و8 و24 نوفمبر (تشرين الثاني)، طالت «مستودعات أسلحة وذخائر إيرانية»، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

6 – «غير إنساني»: المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، قال خلال مشاركته في منتدى بدمشق في منتصف نوفمبر: «فيما يتعلق بالسؤال الذي يخص القصف غير الشرعي من طرف إسرائيل لأراضي سوريا، فنحن نرفض بشكل قاطع هذه الأعمال اللاإنسانية، وندعو للتواصل مع الطرف الإسرائيلي على جميع المستويات حول ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ووقف عمليات القصف هذه». وأضاف «في هذا السياق سيكون الرد باستخدام القوة غير بناء لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب في أراضي سوريا».

7 – «مقاومة إسرائيل»: يختلف موقف لافرينتييف تماماً عن موقف طهران، إذ إن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قال خلال لقائه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في طهران أمس، إن «المقاومة هي السبيل الوحيدة لاستئصال هذه الغدة السرطانية من المنطقة»، وفقاً لوكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا).

8 – مقاربتان ومسرح: أمام اختلاف مقاربتي موسكو وطهران في مناطق سيطرة الحكومة والعلاقة مع تل أبيب، سعت روسيا إلى إقناع إيران لإخراج تنظيماتها من قاعدة «تي فور» وسط البلاد، التي تعرضت لغارات إسرائيلية عدة، في المقابل، اتهم مسؤولون أميركيون إيران بقصف قاعدة التنف الأميركية جنوب شرقي سوريا، «انتقاماً» لقصف طائرات إسرائيلية «تي فور» بعد مرورها من فوق التنف، الأمر الذي أزعج موسكو التي تقيم تفاهمات كبرى مع واشنطن، وسوريا جزء منها.

9 – بوتين – بايدن: قبل لقاء بوتين – بنيت في نهاية أكتوبر، استهدفت تنظيمات تابعة لطهران قاعدة التنف بخمس مسيرات، في إطار «رسائلها» إلى سوتشي مقر اللقاء الخصم الإسرائيلي والحليف الروسي. وليست صدفة أن يأتي القصف الإسرائيلي الأخير على «شحنة إيرانية» في اللاذقية قرب حميميم قبل ساعات من قمة الرئيسين الروسي والأميركي، اللذين لديهما علاقة جيدة مع إسرائيل و«ضمان أمنها».

10 – «النووي» و«التطبيع»: لا يمكن إخراج الغارات عن سياق التطورات الإقليمية والدولية الحاصلة خصوصاً ما يتعلق بانسداد مفاوضات «الاتفاق النووي» في فيينا وتهديدات إسرائيلية وأميركية بـ«خيارات أخرى»، إضافة إلى وجود رهانات بأن يؤدي «التطبيع» مع دمشق إلى «تقليص الوجود العسكري الإيراني» في سوريا… حتى لو كان بتفاهم بين موسكو ودمشق وطهران، التي زارها أمس المقداد.

الشرق الأوسط

——————————-

إيران تخسر ميناء اللاذقية.. مجدداً/ إياد الجعفري

فيما ركزت التحليلات والتقارير التي تناولت مؤخراً، سابقة استهداف إسرائيل لميناء اللاذقية، فجر الثلاثاء، على الأبعاد الأمنية والسياسية، غاب البعد الاقتصادي قصير الأمد، والاستراتيجي بعيد الأمد، المتعلق بطموحات إيران على ساحل المتوسط.

 فطهران التي خسرت إدارة ميناء اللاذقية، وتحديداً منه، محطة الحاويات، عام 2020، بضغط روسي مدعوم بتهديدات إسرائيلية، لم تتخل منذ ذلك التاريخ، عن انتهاج سبل مختلفة للحصول على موطئ قدمٍ في الميناء ذاته. سواء كانت تلك السبل، غير علنية وغير رسمية، وفي مقدمتها التهريب، واختراق شركة ميناء اللاذقية. أو كانت علنية ورسمية، من قبيل تدشين خط للنقل التجاري البحري بين الشواطئ الإيرانية وميناء اللاذقية.

 وتأتي الضربة الإسرائيلية الأخيرة في سبيل تقويض الجهود والمساعي الإيرانية تلك، بعد أن توسعت مروحة الاستهدافات الإسرائيلية، في الآونة الأخيرة، لتطاول بشكل مكثف مسارات النقل البرّي والجوي، بين إيران وسوريا، تحت عنوان وقف تمرير السلاح الإيراني إلى حزب الله وأذرع إيران بسوريا.

ولفهم المشهد من كل زواياه، قد يكون من المفيد الإضاءة أكثر على تفاصيل خسارة إيران، رسمياً، لميناء اللاذقية، في صيف العام 2020. ففي ربيع العام الذي سبقه، وعد رأس النظام بشار الأسد، الإيرانيين، بمنحهم ميناء اللاذقية، مقابل منح الروس استثمار ميناء طرطوس، لـ 49 عاماً. لكن وعد الأسد ذاك، لاقى امتعاضاً روسياً، أيدته تهديدات إسرائيلية صريحة باستهداف ميناء اللاذقية -المتنفس التجاري البحري الأول لسوريا- إن هو بات بإدارة إيرانية. ونجحت تلك الضغوط في ثني الأسد عن منح الميناء للإيرانيين، وتم تمديد عقد إدارة محطة الحاويات بالميناء لصالح الشركة المستثمرة له منذ العام 2009، -شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية-، والتي تساهم فيها كل من مجموعة CMA CGM، ثالث أكبر شركة في العالم بمجال النقل البحري والخدمات اللوجستية، والتي يقودها ورثة رجل الأعمال الفرنسي – اللبناني، من أصول سوريّة، الراحل جاك سعادة، وشركة “سورية القابضة” التي تمثّل استثمارات نخبة من رجال الأعمال السوريين المقيمين والمغتربين.

وكانت سلطات النظام السوري قد ماطلت في تمديد عقد شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية، منذ انتهاء مدته في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وحتى صيف العام 2020، حيث كان الصراع الروسي – الإيراني داخل أروقة نظام الأسد، يدور على أشُده، بغية حسم مصير استثمار محطة حاويات الميناء ذات القيمة الاقتصادية الاستراتيجية. وكانت الخاتمة لصالح الروس، إذ مدد النظام للشركة المشار إليها، لـ 5 سنوات.

محطة الحاويات تلك، هي التي استهدفتها الطائرات الإسرائيلية بضرباتها، فجر الثلاثاء، وهو ما يعني تنفيذاً إسرائيلياً للتهديدات المعلنة منذ العام 2019، وبضوء أخضر روسي، إذ يقع الميناء على مسافة قريبة جداً من قاعدة حميميم الروسية في ريف اللاذقية.

تنفيذ التهديدات الإسرائيلية القديمة، جاء نتيجة مساعي إيران التي لم تتخل، منذ صيف العام 2020، عن العمل على كسب موطئ قدمٍ لها في الميناء، رغم خسارتها لإدارته، رسمياً.

ولميناء اللاذقية قيمة استراتيجية بعيدة الأمد، في الحسابات الإيرانية. فهو يشكل خاتمة طريق تجاري مُتخيل، تراهن إيران على تدشينه يوماً ما، لينطلق من أراضيها، عبر العراق، وصولاً إلى ساحل المتوسط، الأمر الذي سيؤهلها لتكون مركزاً رئيسياً لمبادرة “الحزام والطريق” الصينية، والتي تسعى لربط الشرق بالغرب، عبر طرق برية وبحرية.

وفي سبيل ذلك، عملت إيران جاهدةً على تحقيق الخطوة الأولى من حلمها بالربط السككي بين أراضيها وساحل المتوسط، عبر مشروع خط سكك الحديد الذي من المزمع أن يربط محافظة البصرة العراقية بإيران، عبر منفذ الشلامجة الحدودي، في اتفاقٍ مع الحكومة العراقية. أما الأفق البعيد لهذا الخط، فينتهي في ميناء اللاذقية على المتوسط، وفق الحسابات الإيرانية.

إلا أن عوائق نوعية جعلت الربط البرّي، السككي أو الطُرقي، بين إيران وسوريا، عبر الأراضي العراقية، غير مجدٍ من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، على حدٍ سواء. من أبرز تلك العوائق، الاستهداف الأمريكي والإسرائيلي المتكرر لقوافل السلاح الإيراني المزعومة عند الحدود العراقية السورية. إلى جانب تعرض الطرق البرية داخل البادية السورية، التي تربط الحدود العراقية بساحل المتوسط، لهجمات تنظيم “الدولة الإسلامية”. فيما تخضع باقي الطرق البرية، المارة عبر منطقة الجزيرة السورية، لسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة أمريكياً، أو سيطرة قوى محسوبة على روسيا.

وبذلك تلاشت آمال إيران في النفاذ برّاً إلى المتوسط، بوصفه طريقاً لتهريب السلاح للقوى المحسوبة عليها، من جانب، وطريقاً لتهريب بضائعها ونفطها، التفافاً على العقوبات المفروضة عليها، من جانب آخر.

ومع ارتفاع تكلفة النقل الجوي، واستهداف المطارات التي تستخدمها إيران في سوريا (مطار دمشق الدولي، ومطار تي فور)، بات النقل البحري، السبيل الوحيد لتحقيق الغايتين، العسكرية – الأمنية (تهريب السلاح للمليشيات المدعومة من إيران)، والاقتصادية (تهريب البضائع والنفط).

وهكذا، ذهبت إيران في رهاناتها إلى الربط البحري بين موانئها، والشواطئ السورية. ففعّلت في ربيع العام الجاري خطاً بحرياً –تجارياً- يربط بين ميناء بندر عباس، وميناء اللاذقية. وفيما يُعتقد، على نطاق واسع، أن السفن الإيرانية المحملة بالبضائع التجارية والغذائية، القادمة إلى ميناء اللاذقية، تحوي سلاحاً، تصوّب الضربة الإسرائيلية الأخيرة على البعدين الاقتصادي والأمني، معاً. وتضرّ بمصالح إيران الاستراتيجية بعيدة الأمد.

فإيران التي انتقلت بخط التهريب من ميناء طرطوس، إلى ميناء اللاذقية، بعد أن أُحيل الأول لإدارة روسية عام 2019، تتعرض اليوم لتحدٍ يتعلق بإيجاد مسارٍ مختلفٍ لنقل بضائعها وسلاحها، إلى الأراضي السورية، ومنها، إلى لبنان أيضاً. فالإسرائيليون أرسلوا، عبر إعلامهم، رسائل واضحة لرأس النظام في دمشق، أن عليه أن يبعد الإيرانيين عن ميناء اللاذقية، أو أنه سيصبح هدفاً دائماً على قائمة بنك الأهداف التي تستهدفها إسرائيل، دورياً، على الأراضي السورية. الأمر الذي سيُضرّ بشدة، بالاقتصاد السوري، المتعثر أساساً، نظراً لأن ميناء اللاذقية، هو المتنفس البحري الرئيس الذي تستورد البلاد من خلاله معظم حاجاتها غير النفطية.

أما إذا عجز الأسد عن ذلك، فهذا يعني ربما، خروج ميناء اللاذقية، تدريجياً، من قائمة المواقع الاقتصادية الحيوية بسوريا، لصالح ميناء طرطوس، الخاضع للاستثمار الروسي. وهو خيار، لن تقبل به حاضنة الأسد الطائفية –العلويون-، الذين ينشط الكثيرون منهم في أعمال تجارية ولوجستية، مرتبطة بميناء اللاذقية، بصورة أساسية. وهكذا، يبدو أن الأيام المقبلة ترجح خسارة إيران، مجدداً، لميناء اللاذقية.

المدن

————————-

====================

تحديث 10 كانون الأول 2021

——————–

عن الرعاية الروسية لقصف مرفأ اللاذقية/ مها غزال

لا تخافوا… إسرائيل لا تقصف المدنيين” عبارة كتبها أحد الموالين لنظام الأسد لطمأنة أهالي اللاذقية خلال القصف الإسرائيلي، تظهر هذه العبارة التي تم تداولها، الاعتراف الضمني بأن ثمة طيرانا آخر يستهدف المدنيين في سوريا.

بخبر عاجل يفيد مراسل “سانا”: “عدوان إسرائيلي يستهدف محيط مرفأ اللاذقية”، وثلاثة أخبار مقتضبة أخرى تبين معلومات عامة غير تفصيلية تؤكد أن قصف ميناء اللاذقية استهدف “حاويات تجارية”، وخبر إدانة لبنان بشدة العدوان الإسرائيلي على الميناء. ينتهي الحدث على وكالة الأنباء الرسمية سانا، باستئناف العمل في محطة حاويات اللاذقية بعد إزالة أضرار “العدوان” الإسرائيلي.

هكذا يبدأ الحدث وينتهي في أقل من 48 ساعة في بلاد الصمود والتصدي، دون رد عسكري أو ديبلوماسي أو إعلامي حتى، فلا أحد يريد حرباً في سوريا كما قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، خلال مشاركته في منتدى بدمشق منتصف نوفمبر الفائت، وكأن هذه الحرب ليس قائمة بالفعل، لكن لا أحداً يريد حربا مع إسرائيل في سوريا!

قد تكون هذه العبارة أكثر دقة.

تجاهل محور المقاومة للحدث مؤشر على أهميته، والضربة هذه المرة كانت في مكان غير متوقع وغير محسوب. إنها المرة الأولى التي تقدم فيها إسرائيل على قصف ميناء اللاذقية الذي تديره شركات إيرانية عبر عقد وقعته إيران مع النظام بعد زيارة قام بها بشار الأسد الى طهران في عام 2019 الأمر الذي أزعج روسيا التي كانت تخطط للسيطرة على كامل الساحل السوري.

“لا تخافوا… إسرائيل لا تقصف المدنيين” عبارة كتبها أحد الموالين لنظام الأسد لطمأنة أهالي اللاذقية خلال القصف الإسرائيلي، تظهر هذه العبارة التي تم تداولها، الاعتراف الضمني بأن ثمة طيرانا آخر يستهدف المدنيين في سوريا، كما يبين إدراك السوريين لقواعد اللعبة الإيرانية الروسية الإسرائيلية في سوريا، لأن الجميع يعلم أن إسرائيل تقصف المدنيين، ولكن ليس في سوريا وليس الآن على الأقل.

كشف القصف الإسرائيلي الأخير عن حجم الاحتقان الشعبي في مناطق سيطرة نظام الأسد من التواجد الروسي والإيراني والصراع الخفي بينهما، إذ بات السوريون يشعرون بثقل هذا الوجود على الصعد الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية. وتحدثت أوساط موالية لنظام الأسد بشكل صريح عن التنسيق الروسي الإسرائيلي الذي أدى إلى تعطيل الدفاعات الجوية وصواريخ s400 المتواجدة في مطار حميميم القريب من موقع الاعتداء، والجدوى من الصواريخ الإيرانية التي يتم تهريبها باستمرار وقصف الأراضي السورية بسببها، إذ لم تشكل أي رادع لاسرائيل، أو أي حماية لهم.

وفيما صهر القصف الحاويات المستهدفة في الميناء، حافظت أكياس النسكافيه الفارغة وأكياس الأرز في الصور التي نشرتها وسائل الإعلام التابعة لنظام الأسد على بريقها ولم تتأثر بحرارة الانفجار، ليستعيد السوريون الصور التي بثها نظام الأسد للتفجيرات التي قال إنها استهدفت مواقع عدة من دمشق. وإذا كان نظام الأسد في الصور القديمة يريد فبركة تفجيرات لبث الرعب والخوف في نفوس السوريين، ولتثبيت ادعائه بأنه يحارب تنظيمات إرهابية تروع المدنيين، فإنه اليوم يسعى لإخفاء ما تم استهدافه بالفعل، فهل كان المستهدف مستلزمات لصناعة الطائرات المسيرة “الدرون”، أم إنها شحنة أسلحة وصواريخ للميليشيات الإيرانية، أم هي شحنة مخدرات جديدة كان يتم التحضير لها في ميناء اللاذقية أحد أهم مراكز تهريب المخدرات التي تشكل أبرز مصادر دخل الميليشيات الإيرانية في المنطقة.

يريد نظام الأسد من تلك الصور التأكيد على أن ما تم قصفه هو مواد غذائية، ليقول إن القصف استهدف لقمة السوريين، وقد يكون هذا مبررا جديدا يسوقه لارتفاع الأسعار الجنوني في سوريا، لكنه يتجاهل التواطؤ الروسي بالقصف الإسرائيلي، اذ أنه لا يمكن لإسرائيل أن تقصف نقطة قريبة إلى هذا الحد من أكبر قاعدة روسيا في سوريا دون إخبار الروس عبر “الخط الأحمر” الذي أعيد تفعيله عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و نفتالي بينت رئيس الوزراء الإسرائيلي في 30 أكتوبر الفائت، وبهذا ستكون روسيا أحد الأطراف المتآمرة على لقمة السوريين، وهو ما يتم تداوله على الصفحات الموالية للنظام في مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى خلاف العادة، اختفت كل مظاهر الاحتفال بالانتصار على العدو الإسرائيلي التي كانت تظهر بعد كل قصف، وللمرة الأولى تشابهت تعليقات بعض الموالين لنظام الأسد مع السوريين المعارضين له، لجهة انتقاد صمت النظام والتواطؤ الروسي مع إسرائيل ضد الشعب السوري، وانتقاد الوجود الإيراني الذي يستدرج القصف والدمار الى سوريا.

قد لا تكون هذه الأصوات مرتفعة بما فيه الكفاية الآن، وقد يحافظ بعضها على مسافات الأمان، وقد يحكم البعض الآخر الخوف من اعتقال أو القتل، إلا أن وجودها يشكل عاملا مشتركا يجب البناء عليه، فهناك في سوريا في كل بلدة ومدينة تحت سيطرة النظام أو أي من سلطات الأمر الواقع، يتصاعد الشعور بالرفض للحرب ومخلفاتها، وللتواجد العسكري الأجنبي وسيطرته على القوى المحلية، وتنمو رغبة عارمة بإيجاد حل يضمن الحد الأدنى من الاستقرار.

درج

———————–

================

تحديث 16 كانون الأول 2921

——————

بايدن والخروج من مأزق فيينا/ رانيا مصطفى

دخلت الدول المعنية بمفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني 2015، في 3 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، جولة صعبة من استكمال المفاوضات المتوقفة في يونيو/ حزيران الماضي، وقد تغير الظرف الدولي والإقليمي، وانتقلت الأجواء من التفاؤل، في بداية المفاوضات في إبريل/ نيسان 2021، إلى التشاؤم، حيث انقلبت طهران على ما تم التوصل إليه من توافقات في جولات النصف الأول من العام الحالي (2021)، والتي نالت رضا الأوروبيين، أي قبل انتخاب إبراهيم رئيسي، رئيساً لإيران، وصعود المحافظين الأكثر تشدّداً، وتعيين علي باقري كني كبيراً للمفاوضين الإيرانيين، وهو أحد أكبر منتقدي اتفاق 2015. صعّد الوفد الإيراني من شروطه نحو رفع كامل العقوبات الاقتصادية الأميركية، وضمان استمرارية الاتفاق، وأن يقرّه الكونغرس الأميركي، إضافة إلى استمرار طهران في تخصيب اليورانيوم، وإعلانها الشهر الماضي امتلاك 30 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بدرجة 60%، ومصادقة البرلمان الإيراني على زيادة تخصيب اليورانيوم؛ بالتالي لا تكترث طهران بالمفاوضات، وقبلت بها كسباً للوقت، لتطوير قدراتٍ تلقائيةٍ على تفعيل السلاح النووي، وعدم فرض عقوباتٍ اقتصاديةٍ جديدة عليها. وبناء على ذلك، تستعد واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون للبحث عن الخيارات البديلة للضغط على طهران.

تبرز هنا حجم الورطة التي أوقع بها ترامب بايدن، نتيجة انسحابه من الاتفاقية النووية مع إيران، وتطبيق سياسة “الضغوط القصوى” عبر فرض العقوبات الاقتصادية على قطاعات النفط والتعدين والمصارف. تبيَّن لإدارة بايدن، بالتجربة، عدم نجاعة العقوبات الاقتصادية وحدها في تشكيل ضغوط كافية لكبح جماح إيران النووي، والتي باتت تتفنن في إيجاد سبلٍ للتغلب عليها، يصعب متابعتها. كانت إيران مستعدّةً مسبقاً للعقوبات. وعلى ذلك، بنت علاقات اقتصادية استراتيجية مع دول المنطقة، مكّنتها من التغلب على مشكلة العقوبات إلى حدّ ما، فهي تصدّر معظم نفطها إلى الصين، بأسعار أرخص من السوق العالمي، في ظل ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وتصدّر منتجات الغاز والمكثفات ومشتقات نفطية، عبر الصين والإمارات إلى دول العالم، وتصدّر الغاز إلى تركيا، وهناك تجارة بينية معتبرة بين البلدين. وتُضاف إلى ذلك براعة إيران في إيجاد طرق بحرية غير مباشرة، عبر سفن غير مرصودة بأجهزة التتبع.

حتى اللحظة، لم تنجح إدارة بايدن في تشكيل ضغوط حقيقية على طهران، حيث فشلت في رفع منسوب إنتاج النفط لتخفيض الأسعار عالميا، الأمر الذي رفضته دول الخليج، خصوصا السعودية، الأكثر تأثيراً في منظمة أوبك، لأنه سيتسبّب لها في خسائر كبيرة. كما أن تخفيض أسعار النفط لا يضمن ثني طهران عن برنامجها النووي وبرنامجها للصواريخ، ولا عن مشروعها المليشياوي التوسّعي، والذي بات يحاصر دول الخليج، في اليمن خصوصاً، ولا يوقف استفزازاتها المستمرّة في الخليج، بل العكس، سيزيدها كردِّ فعل مباشر أو غير مباشر على أي ضغوطٍ في المنطقة تُمارس على طهران.

تريد إيران أن تثبت أنها دولة إقليمية، ونووية، وإنْ غير معلنة، كإسرائيل والهند وباكستان، وتريد اتفاقاً يكون في مصلحتها من جهة إزالة العقوبات اللازمة لتعويم الاقتصاد وعودتها الشرعية إلى أسواق التجارة العالمية، لكن من دون تقديم تنازلات كبيرة في برنامجها النووي وبرنامجها الصاروخي ومشروعها المليشياوي في المنطقة. وتراهن على الرغبة الدولية في العودة إلى الاتفاق النووي، وعلى التلويح بمعدّلات تخصيب مرتفعة لليورانيوم، وعلى تأزيم الاستقرار الإقليمي والملاحة في الخليج، وعلى محدودية خيارات بايدن وعجزه عن إيقاف صادرات النفط الإيرانية، في ظل إتقان طهران طرق التهريب، وحصولها على دعم دول مجاورة، وقدرتها على الانتقام.

تعتقد طهران أن إدارة بايدن لن تتورّط في عمل عسكري ضدّ مواقعها النووية، ولن تسمح لإسرائيل بذلك، وأن واشنطن تحتاج إيران في أفغانستان، وتحتاجها إلى جانب الهند وباكستان النوويتين لمحاصرة الصين. وتُجازف طهران في بناء تصوراتها على فكرة أن أميركا تنسحب من الشرق الأوسط لمصلحة المواجهة مع الصين، وأن الملف الإيراني هامشي بالنسبة لها؛ لكن بايدن الذي رفع شعار “عودة أميركا”، ردّاً على شعار الانكفاء الترامبي “أميركا أولاً”، يفتش عن مخرجٍ لورطته في مفاوضاته مع إيران، والتي تتم بشكل غير مباشر، حيث رفض الإيرانيون الجلوس مع الأميركيين وجهاً لوجه، وقبلوا بالأوروبيين والروس والصينيين.

على بايدن أن يجد مخرجاً يحفظ ماء وجهه، أمام ناخبيه ومعارضيه؛ وهو، إلى جانب التركيز على الضغط على إيران في المفاوضات، يحاول البحث في كيفية جعل العقوبات على طهران ذات جدوى؛ لذلك عليه إدارة جملة ملفاتٍ معقدةٍ ومتشابكة، وصياغة خلطةٍ تخرجه من المأزق. بدأ بالتركيز على الإمارات، كون شركاتها تلعب دوراً كبيراً بالتجارة مع إيران، فهي ثالث دولة تستورد من إيران بضائع بقيمة 4.6 مليارات دولار، وبحجم تداول تجاري بيني وصل العام الماضي إلى 9.6 مليارات دولار. وعليه البحث في المهمة الأصعب، وهي تقديم تنازلات إلى الصين، أكبر مستورد للنفط الإيراني، بالتوازي مع إقناع السعودية بالموافقة على رفع منسوب إنتاج النفط، وتخفيض الأسعار، والذي سيكون في مصلحة الصين، ويسمح لها بإيجاد بدائل عن النفط الإيراني الرخيص. يجري ذلك كله بالتزامن مع زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى واشنطن، لمناقشة الخطط البديلة في حال الفشل، أي القيام بعمل عسكري محدود، حيث لا ترغب واشنطن بنشر مزيد من القوات في المنطقة، وربما الاكتفاء بالهجمات الإسرائيلية السيبرانية على طهران، باعتبار أن إسرائيل أكثر المتضرّرين من أن تصبح إيران دولة نووية، لأنه سيقلل من حماسة هجرة اليهود إلى إسرائيل.

الملف المؤلم لطهران، إذا ما تم المساس به، هو ملفّ المليشيات الشيعية الموالية لها؛ ما زالت إدارة بايدن تفصل هذا الملف عن عملية المفاوضات النووية، باعتبار أن واشنطن مستفيدةٌ من الدور التفتيتي الذي تقوم به هذه المليشيات الطائفية في الشرق الأوسط، طالما أنها تحت سيطرة الأميركيين ونظرهم، في العراق ولبنان وسورية، وفي اليمن، تهدّد أمن دول الخليج، ولا يمكن حلها من دون التنسيق مع واشنطن. هذا يعني أن ملف المليشيات الشيعية ورقة مهمة بيد واشنطن أيضاً، للضغط على دول الخليج. ومن غير المستغرب، بعد كل هذا التصعيد المتبادل والضغوط، أن يصل الأميركيون والإيرانيون بوساطةٍ أوروبية، ودور روسي وصيني، إلى صيغة اتفاقٍ ما، يخفّف بعض العقوبات الاقتصادية عن طهران، التي تعاني من ضغط داخلي شعبي؛ وهذا لا يلغي حقيقة أن إيران على عتبة أن تصبح دولةً نووية، لكنها قد تقدّم تنازلات، تشمل بعض المليشيات الموجودة في أربع دول عربية.

العربي الجديد

————————

إسرائيل لا تريد إيران في الساحل السوري/ منير الربيع

على صعيد واسع، ثمة معادلة واضحة يتم تداولها، أشارت إليها تقارير ودراسات متعددة، فإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي بين إيران والغرب، ستكون منطقة الشرق الأوسط أمام حرب مشتعلة. يدعم أصحاب هذه النظرية وجهات نظرهم بالنظر إلى عدد من الدول العربية ودول الخليج التي تحاول ترتيب العلاقة مع إيران لتجنّب أي تصعيد. لم تعد مقومات المعركة منحصرة بطهران، والتي وصلت إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 بالمئة، وهو ما تسعى إلى تكريسه في حال توصلت إلى اتفاق مع واشنطن. هنا لا بد من إلقاء نظرة شاملة ودقيقة على ما يجري بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا في أوكرانيا. ولا بد من إلقاء نظرة على التطورات بين الصين وتايوان.

بين إيران وواشنطن كل التصريحات والقواعد السياسية التي يحتكم إليها الطرفان مشهودة سابقاً وأصبحت متكررة إلى حدّ بعيد حتى إنها وصلت إلى حدود الملل، بناء على تصريحات جامدة والجميع يحفظها عن ظهر قلب، بأن واشنطن تركز على التفاوض الدبلوماسي مع إيران ولا تجد نفسها منعدمة الخيارات الأخرى ولكنها تصر على الدبلوماسية. في حين المسؤولون الإيرانيون يكررون مواقفهم أيضاً والتي تنقسم إلى قسمين، الأول هو رفض الإملاءات ورفض تقديم التنازلات واشتراط رفع العقوبات كمقدمة للاتفاق، أما القسم الثاني يتعلق بقادة الحرس الثوري الذين يهددون بتسوية إسرائيل بالأرض في حال قررت القيام بأي اعتداء.

هذا التصريح الأخير، يتوقف عنده كثير من المحلليين السياسيين والعسكريين بنوع من السخرية، هؤلاء الذين يعرفون أن طهران تنتهج مسلك التفاوض على حافة الهاوية، لا يمكن لمسؤوليها إطلاق مثل هذه التصريحات التصعيدية والمهددة إلا بعدما تكون إيران قد تأكدت من تحقيق خروقات سياسية أساسية في مسار المفاوضات وبالتالي أصبح وضع التفاوض أقرب إلى الاتفاق أو أن طريقه معبدة. لأنه لو كانت الأجواء سلبية جداً والمخاطر الأمنية والعسكرية جدية فإيران تلجأ إلى التراجع خطوة إلى الوراء في مثل هذه الحالات.

بين روسيا والولايات المتحدة على خلفية الصراع الأوكراني، لا يبدو المشهد متكرراً، فما يجري يختلف جذرياً عن الغزو الروسي لجورجيا في العام 2008، أهمية جورجيا بالنسبة إلى موسكو معنوية أكثر منها استراتيجية مقارنة مع أوكرانيا، فجورجيا موطن ستالين. أما أوكرانيا فهي نافذة روسيا أو الاتحاد السوفييتي سابقاً إلى البحر وإلى أوروبا، وهي المعبر الأساسي للغاز الروسي. كل الحشود العسكرية والتصريحات التصعيدية لا تعني بالضرورة استعداد الطرفين للذهاب إلى حرب، الموقف قد يكون مشابهاً لأزمة الصواريخ الكوبية بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي.

يبقى الوضع الأخطر هو الصراع الصيني الأميركي، لا سيما في ضوء التحشيدات والتوترات في تايوان، والذي تعتبره الصين معركتها الوجودية، ولا يمكنها التفريط بالقبول بأي نزعة استقلالية للإقليم. هذا الصراع هو الذي يدفع واشنطن إلى استعجال الوصول إلى اتفاق مع كل من روسيا وإيران لأنه يريدهما إلى جانبه في معركته بمواجهة الصين. وحتماً لكل هذه التطورات انعكاسات في منطقة الشرق الأوسط، والتي يمكن قراءتها انطلاقاً من التصعيد الإسرائيلي الواضح ضد إيران وممارسة مزيدٍ من الضغوط في سبيل إقناع الأميركيين بتنفيذ ضربة عسكرية ضد  طهران، وهو ما تستخدمه واشنطن كعنصر من عناصر التفاوض والضغط على الإيرانيين.

على وقع هذه التطورات، وسعت إسرائيل الأسبوع الماضي من نطاق عملياتها العسكرية في سوريا، وقد استهدفت أحد العنابر في مرفأ اللاذقية والخاضع لسيطرة الإيرانيين، لا يمكن لإسرائيل تنفيذ مثل هذه الضربة في منطقة تعتبر خاضعة لسيطرة روسية كاملة من دون موافقة موسكو، أهمية هذه الضربة وأبعادها أنها تستهدف الوجود الإيراني في الساحل السوري، ما يعني أنه ممنوع على إيران أن تكون موجودة هناك، وثانياً أنه ممنوع على إيران التمتع بأي منفذ بحري على البحر الأبيض المتوسط، وثالثاً أن هذه الضربة تأتي كاستكمال لضربة إسرائيلية حصلت سابقاً قبل أشهر لأحد أكبر وأبرز المواقع الإيرانية في صافيتا. مثل هذه الضربات ستكون مستمرة في المرحلة المقبلة سواء تم التوصل إلى اتفاق نووي أم بقيت المفاوضات متعثرة. فبعد الوصول إلى الاتفاق سيكون التفاوض بالنار على ترسيم مناطق النفوذ.

تلفزيون سوريا

———————-

 إسرائيل وإيران وروسيا في لعبة عضّ أصابع السوريين! مركز حرمون للدراسات. سميرة المسالمة

تحاول روسيا التحايل على حرج توصيف القصف الإسرائيلي في الأراضي السورية كعدوان خارجي، بتوصيفه بأنه قصف غير شرعي أو لا إنساني، وذلك في تخلٍّ واضح عن مكانتها، كشريكة أو كصديقة للنظام السوري، بحسب اتفاقية 1980، أو كحليفة حسب اتفاقية 1994، أو ضمن مسؤولية مظلة الدفاعات الجوية الروسية (إس 300) التي سلمتها إلى دمشق عام 2018، متعمدة تجاهل أن القصف الإسرائيلي هذه المرة كان في منطقة اللاذقية، أي قرب قاعدتها العسكرية حميميم.

بهذا التمييز أو التلاعب في التسمية، بين القصف الشرعي وغير الشرعي، تُحدد روسيا، أيضًا، طبيعة كل رد وحكمه، للتغطية على دورها في الحرب ضد السوريين، حيث “الشرعي”، بالنسبة إليها، هو ما تمارسه قواتها ضد السوريين المعارضين لحكم بشار الأسد، منذ بداية تدخلها العسكري في أواخر عام 2015، والذي يشمل، وفق مشروعيتها، استخدام كامل قواتها ومختلف أنواع أسلحتها في قصف بيوت السوريين المدنيين، وأسواقهم وخيمهم ومدارسهم ومستشفياتهم. أما ما هو “غير شرعي”، ويمكن إدانته “إعلاميًا فقط”، دون الحاجة إلى استخدام القوة في صده، بالنسبة إليها، فهو القصف الإسرائيلي للقوات الإيرانية وأسلحتها في سورية، بحسب تعبير المبعوث الروسي الخاص لسورية ألكسندر لافرينتييف في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، حين برّر عدم الرد العسكري على الضربات الإسرائيلية المتكررة، بأن “استخدام القوة غير بناء، لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب في أراضي سورية”، وبذلك توضح روسيا أنّ صد الاعتداءات الإسرائيلية ليس من مهمات قواتها أو أسلحتها أو مظلة دفاعاتها الجوية في سورية.

تفهم إيران تلك التصريحات الروسية الهادئة ضدّ القصف المتكرر لإسرائيل على مواقع قواتها، وقوات الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لها، بأنها تمثل رسائل عدة، منها:

أولًا أنها بمنزلة بوابة عبور مفتوحة، أو متفاهم عليها، بين الجانبين الصديقين (روسيا وإسرائيل).

ثانيًا أنها تدخل، إضافةً إلى التفاهم الروسي-الإسرائيلي على ذلك، ضمن طبيعة النزاع، أو التنافس، بينها وبين موسكو على “شرعية” وجودها في سورية من جهة، وعلى حجم حصة كل منهما فيها، من جهة ثانية.

وثالثًا أنّ ما يجري يشكل محاولة للحدّ من قدرتها على استخدام وجودها العسكري غير المرغوب “إسرائيليًا”، كورقة ضغط على المجتمع الدولي في ملفاتها الخارجية. وهنا تمارس إيران اللعبة الروسية ذاتها، بالرغم من اختلاف الجبهات التي تحاول إيران التصدي لها، أو ليّ ذراعها، مقابل الإفراج عنها كدولة غير مارقة في المنطقة، تستعيد قدرتها الإقليمية وتنزع عنها قيد العقوبات الدولية المفروضة عليها، أميركيًا وأوروبيًا.

أما بخصوص واقع استمرار القصف الإسرائيلي على المواقع أو القواعد، أو قوافل التسلّح، الإيرانية، في سورية، فله أكثر من بعد ثنائي؛ إذ يمكن فهمه كجزء من معركة إقليمية لصياغة خارطة المنطقة بكاملها، وهو ما يتمثل ليس فقط بالتصارع الإسرائيلي-الإيراني، المعلن أو الصريح والمباشر، وإنما أيضًا بذلك الصراع الخفي، المباشر وغير المباشر، بين الدول الثلاث الإقليمية (إيران وتركيا وإسرائيل) في الجغرافيا السورية، وعلى النفوذ في سورية، أو على تقرير مستقبل سورية.

ولكن ما يميز إسرائيل هنا، عن الطرفين الآخرين، أمورٌ: أولًا أنها تحتل جزءًا من الأرض السورية، وهو هضبة الجولان منذ عام 1967، منذ 65 عامًا، التي تم ضمها إلى إسرائيل؛ وثانيًا أن مستقبل سورية يشكل همًا لإسرائيل أكثر من الطرفين الآخرين، لأنه يمس مباشرة بوجودها، أو بما تسميه أمنها القومي، لا سيّما أنها دولة مجاورة؛ وثالثًا أنها الطرف الإقليمي الأقرب للدولتين الكبريين المتحكمتين في الصراع السوري، أي الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، مع ملاحظة أن إسرائيل لها أسهم كبيرة أو مقررة في صياغة الدور الأميركي في سورية؛ ورابعًا أنها إزاء الطرفين الإقليميين الآخرين (تركيا وإيران) تتمتع بعلاقات عادية مع الأولى، وعدائية مع الثانية، مع ملاحظة أن لكل طرف منهما مشكلة مع الطرفين الآخرين؛ خامسًا أن إسرائيل تعدّ الوجود العسكري لإيران، وميليشياتها، تهديدًا لأمنها القومي، ولهذا فهي تعمل مباشرة على قضم الوجود العسكري لإيران وحلفائها، كما تعمل على إبعاد ذلك الوجود عن حدودها، من دون أن تذهب إلى كسره أو إخراجه نهائيًا، وذلك حرصًا منها على استثمار الوجود الإيراني في زعزعة الاستقرار في البلدان المجاورة، وهو ما فعلته في العراق وسورية ولبنان، وهو ما استفادَت منه إسرائيل، وبنت من خلاله استراتيجية جديدة في تقاربها مع الدول العربية.

ضمن هذه الاعتبارات، يمكن فهم الضربات الإسرائيلية المتوالية لما تعتبره قواعد أو مخازن أسلحة أو قوافل ذخائر عابرة لجماعات عسكرية إيرانية، أو تابعة لها، من الميليشيات المتعددة الموجودة في سورية، منذ العام 2013، على أنه محاولة للاستفراد بسورية، كموقع جغرافي حدودي معها آمن من وجود أي منافس عليه، وهذا ما يفسر اشتراطها في مباحثاتها مع روسيا إبعاد أية قوات إيرانية، أو تابعة لإيران (من الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لها) عن حدودها، على الرغم من أن عبور إيران تلك الحدود لم يكن في غياب إرادتها، أو على الأقل فهو تم بموافقة صامتة من حليفتها الولايات المتحدة الأميركية.

في المقابل، إن ايران عملت، من جهتها، على ضبط إيقاع ردات فعلها على الضربات الإسرائيلية، وفقًا لبضع قواعد، منها تعزيز وجودها في المناطق السورية البعيدة عن الحدود، والتركيز على الوجود في بعض نقاط الحدود العراقية السورية، وأيضًا انتهاج سياسة عدم الرد على الضربات الإسرائيلية، لا في سورية ولا في العراق، ولا في إيران ذاتها، وأنها ظلت على الدوام تحاول ركوب القضية الفلسطينية لشرعنة وجودها في سورية، بادعاء “مقاومة إسرائيل”، فيما هي تشتغل لتعزيز نفوذها الإقليمي، والإبقاء على “الكريدور” الشيعي موصولًا بين طهران وبغداد وبيروت ودمشق وإنجاح خطتها في شق المجتمعات العربية على أسس طائفية – مذهبية.

باختصار، لا يهمّ إسرائيلَ تصنيفُ القصف (شرعي أو لا شرعي)، المهمّ أنها تشتغل لتوسيع حصتها في المنطقة، على حساب تحجيم الوجود الإيراني، فيما إيران ما زالت تنتظر الزمان والمكان المناسبين للرد، وفي كل الأحوال، يحاسَب الشعب السوري على الفاتورة الباهظة لصراع الأطراف الإقليمية على أرضه، من دمه وجسده.

مركز حرمون

———————

======================

تحديث 28 كانون الأول 2021

—————————–

3 دلالات لضربة الفجر في اللاذقية.. والاختلاف “يكمن بالجغرافيا”/ ضياء عودة

ليس بعيدا عن قاعدة حميميم الروسية، الواقعة غربي سوريا، استهدف قصف صاروخي، قيل إنه إسرائيلي، فجر الثلاثاء، أهدافا في ميناء مدينة اللاذقية، في حادثة هي الثانية من نوعها في أقل من شهر.

ويعطي هذا القصف دلالات ورسائل، بحسب ما تحدث محللون وخبراء عسكريون لموقع “الحرة”، بينما يعتبر التوقيت الذي جاء فيه “نقطة على غاية من الأهمية”، لاسيما أنه، وعند الحديث عن الميناء المذكور، لا يمكن تجاهل موقعه كشريان حيوي للنظام السوري، حيث يستمد من خلاله إمدادات النفط، وغير ذلك من المواد الأخرى.

وقال المدير العام لمرفأ اللاذقية، أمجد سليمان في تصريحات لصحيفة “الثورة” الحكومية إن “الأضرار الناجمة عن الاعتداء كبيرة”، وقد امتدت على مساحة أكبر نسبيا من القصف السابق، الذي حصل في السابع من ديسمبر الحالي.

واستهدف القصف الصاروخي ساحة “الحاويات”، بحسب وكالة الأنباء السورية “سانا” التي ذكرت صباح الثلاثاء: “نفّذ العدو الإسرائيلي عدوانا جويا برشقات من الصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية، مستهدفا ساحة الحاويات في الميناء التجاري باللاذقية”.

وخلال السنوات الماضية شنت إسرائيل عشرات الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة بشكل خاص مواقع للجيش السوري، وأهدافا إيرانية وأخرى لميليشيات “حزب الله” اللبناني.

ويصر الجيش الإسرائيلي على مواصلة ضرباته الصاروخية والجوية داخل سوريا، ويقول إنها لمنع إعادة التموضع الإيراني في المنطقة، لكنه ومع ذلك من النادر أن يتبنى حوادث القصف التي يعلن عنها النظام السوري بشكل متواتر.

وتتبع إسرائيل منذ سنوات سياسية عدم التعليق على ضرباتها الصاروخية أو الجوية في سوريا.

في المقابل، وعلى نحو غير معتاد، كانت روسيا حليفة النظام السوري قد اتجهت منذ خمسة أشهر إلى التعليق على هذه الهجمات، وفي الوقت الذي قالت فيه مرارا إنها اعترضت جزء كبير من الصواريخ بواسطة منظومات دفاعها الجوي لم يصدر منها أي تعليق بشأن قصف الميناء التجاري حتى اللحظة

“3 دلالات”

وليس خفيا أن محافظة اللاذقية تعتبر ضمن النطاق التشغيلي لمنظومة الصواريخ الروسية “S-400” وأيضا منظومة “S-300″، بمعنى أن الصواريخ التي استهدفت أهداف للنظام السوري مرت من أمام “أعين الروس”، بحسب محللين.المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، اعتبر أن الضربات الليلة التي استهدفت ميناء اللاذقية للمرة الثانية تشير إلى 3 نقاط “مهمة”.

ويقول شتيرن لموقع “الحرة”: “أولى هذه النقاط أن إسرائيل لم تتنازل عن مواجهة الوجود العسكري الإيراني في سوريا، وكما صرح بينيت عليها تفكيك طوق الصواريخ الذي تحاول إيران نصبها حول إسرائيل”.

أما النقطة الثانية، يشير المحلل السياسي: “من الواضح جدا عمق التنسيق الاستراتيجي ما بين إسرائيل وروسيا، معتبرا: “ليس هناك إمكانية للمبالغة في أهمية هذه النقطة”.

يضيف شتيرن: “الدلالة الثالثة ترتبط بأن سوريا دولة قد انهارت، وأصبحت ليس أكثر من نظام يحاول البقاء. الثمن هو أن الأرض السورية أصبحت ساحة معركة لقوى محلية إقليمية ودولية على حساب المواطنين”.

لكن، وعلى خلاف ذلك، يضع المحلل السياسي المقيم في دمشق، غسان يوسف، استهداف الميناء التجاري “في إطار تصعيد الحرب على سوريا وإضعافها، وضرب البنى التحتية والمرافق السورية”.

يقول يوسف لموقع “الحرة”: “الميناء تحت سيطرة الحكومة السورية، وهو شريان حيوي لإدخال المواد، سواء النفط أو الغذاء والدواء، لذلك تستهدفه إسرائيل”.

وتريد إسرائيل “أن تستفز روسيا باعتبار أن المرفأ قريب من قاعدة حميميم”، وفق يوسف الذي يشير: “تعي إسرائيل أنه وعند ضرب اللاذقية سيتم إحراج روسيا في سوريا والتساؤل عن دور الأخيرة في البلاد”.

ماذا عن موسكو؟

وبينما لم يصدر أي تعليق من جانب موسكو عن الضربات التي استهدفت المنطقة الساحلية السورية، يذهب محللون وصحفيون سوريون إلى أن روسيا على تنسيق واضح ومعلن مع إسرائيل بشأن القصف الذي تنفذه الأخيرة بشكل متواتر.

وبدأ هذا التنسيق بصورة أوضح بعد حادثة إسقاط الطائرة في 2018، ليتم فيما بعد السير بموجب ما يسمى آلية منع التصادم، التي تضمن عدم التصادم العسكري داخل الأراضي السورية وفي الأجواء، على أن يتم إخطار كل طرف للآخر عن الأهداف التي ينوي ضربها، قبل فترة محددة من الوقت.

وتحدثت وكالة “تاس” الروسية، الثلاثاء، عن رفض المكتب الإعلامي لقوات الدفاع الإسرائيلية التعليق على تقارير إعلامية عن الهجمات الصاروخية الإسرائيلية على الميناء.

ونقلت الوكالة عن متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي ردها على الأسئلة الصحفية بالقول، “نحن لا نعلق على التقارير الواردة في وسائل الإعلام الأجنبية”، مضيفة أن الميناء الذي تم استهدافه يبعد 15 كيلومترا من قاعدة القوات الجوية الروسية (حميميم).

ونادرا ما تتعرض منطقة اللاذقية، التي تنحدر منها عائلة رئيس النظام السوري بشار الأسد، لضربات إسرائيلية.

لكن حدوث ذلك على مرتين خلال هذا الشهر أفضى إلى حالة تذمر، عبّرت عنها الحاضنة الشعبية من السياسيين والمواطنين العاديين الذين يقيمون في مناطق سيطرة النظام السوري، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتب رئيس “اتحاد الغرف الصناعية”، فارس الشهابي، عبر “تويتر” الثلاثاء: “يحتاج شخص ما لإخبار بوتين بأن الاستياء الشعبي من روسيا في سوريا يرتفع بشكل صاروخي بسبب الهجمات الإسرائيلية المتكررة في ظل الصمت الروسي”.

وأضاف: “بالنسبة لنا الأمر لا يتعلق بالضغط على الأسد بل بسلامتنا وكرامتنا!”

فيما قالت ريما حكيم الأستاذة المشاركة في جامعة دمشق عبر “فيس بوك”: “الهجوم المتكرر على ميناء اللاذقية يهدف للإهانة أكثر منه تحقيق نتائج مبيتة”.

وتابعت: “هو تحد للروسي أكثر منه للسوري. إما أن يمنع الروسي الصهيوني من العدوان أو نرد ونشعلها فوق حسابات الروسي والصهيوني”، بحسب تعبيرها.

“الاختلاف يكمن بالجغرافيا”

وقبل أيام قال المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف إنه “من المستحيل إغلاق هذه القضية”، في تعليقه عن الضربات الإسرائيلية المتكررة في البلاد.

وأضاف، في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم”: “الإسرائيليون يصرون على ما يسمونه حق الدفاع عن النفس وحماية الأمن القومي. هم يقولون إنهم يستهدفون أهدافا إيرانية. لنقل ذلك بصراحة”.

وبحسب الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، فإن المواقع التي استهدفتها إسرائيل في سوريا منذ عام 2013 “تشكل خطرا لحظيا على الأمن القومي الإسرائيلي، أو يمكن أن تستثمر التفاصيل الخاصة بها لاستهداف هذا الأمن”.

ويقول شعبان لموقع “الحرة”: “النقطة الفارقة في استهداف ميناء اللاذقية هو الجغرافيا”، معتبرا أن “الخطر ليس الاستهداف بعينه، بل هو قدرة إيران وأحد أذرعها على استخدام هذا الميناء”.

وتعنى الضربات الأخيرة “شيئا واحدا” فقط، وفق الباحث، “وهو أن إيران نجحت في تكوين نوع من التأثير داخل ذلك الميناء، وبدأت في استخدامه كنقاط لوجستية جديدة من أجل تحقيق أهدافها الحالية”.

بدوره يرى المحلل السياسي، غسان يوسف أن “إسرائيل تريد خلط الأوراق، والإيحاء بأنها تضرب مواد استقدمتها إيران إلى سوريا. هذا الأمر شماعة تعلق عليه الأخيرة جميع ضرباتها في البلاد”.

ويؤكد يوسف فكرته من زاوية أن “الضربات تستهدف إضعاف الدولة السورية وإحراج أصدقاء سوريا وعلى رأسهم الحليف الروسي”.

ممر عبر البحر

في غضون ذلك كان “مجلس العلاقات الخارجية”، وهي منظمة بحثية مقرها نيويورك، أصدر تقريرا في أبريل الماضي قال فيه إن روسيا عمدت مؤخرا إلى توفير الحماية لعمليات تهريب الصواريخ والذخائر من إيران إلى سوريا، عبر البحر، بعد تزايد الهجمات التي تنفذها إسرائيل ضد قوافل التهريب القادمة عبر الطرق البرية.

وأضاف تقرير المنظمة البحثية أن طهران، وبحماية من موسكو، أوجدت طرقا بحرية للتهريب، حيث يتم نقل الصواريخ في سفن وناقلات نفط ترافقها سفن روسية، لضمان وصول الشحنات إلى داخل الأراضي السورية، حيث يتم تخزين بعضها هناك، وبعضها الآخر في لبنان.

وأشار إلى أن الضربات التي قامت بها إسرائيل داخل الأراضي السورية كانت تستهدف تدمير هذه الذخائر، حتى لا تصل إلى يد ميليشيات إيران، خاصة “حزب الله” اللبناني.

ونقل التقرير معلومات تتحدث عن أن “السفن الإيرانية تبحر عبر البحر الأحمر وتمر من قناة السويس وتصل إلى البحر المتوسط، بوثائق تزعم أنها تحمل شحنات نفط فقط، ولكن في حقيقة الأمر هي ليست البضاعة الوحيدة التي تحملها”.

وتقول إيران، منذ تدخلها الأول في سوريا عام 2012، إن وجودها العسكري يقتصر على “مستشارين” فقط. ولم يسبق أن علّقت رسميا على الضربات الجوية والصاروخية التي ارتبط اسمها بإسرائيل، واستهدفت مواقعا متفرقة من جنوب إلى شرق وشمال وغربي البلاد.

ويرى الخبير العسكري، اللواء فايز الدويري، أن الضربات التي تحدث بشكل متواتر تستهدف بشكل أساسي “طرق تهريب الأسلحة التي تسلكها إيران”.

وهذه الطرق لا تقتصر على البر، بل تنسحب إلى الجو عبر مطار دمشق الدولي، ومن خلال البحر مرورا بمرفأ اللاذقية.

ويضيف الدويري لموقع “الحرة”: “هناك مئات الغارات في عمق الجغرافيا السورية لتتبع عمليات التهريب، الآن بدأت عمليات التهريب من البحر، والضربات التي نراها هي تعقب لها”.

ضياء عودة – إسطنبول

الحرة

————————–

سوريا تتهم إسرائيل بقصف ميناء اللاذقية.. وجدل حول دور روسيا في الدفاع عن “حليفتها

اتهمت سوريا إسرائيل بشن غارات جوية على منياء اللاذقية الرئيسي في الساحل السوري، فجر الثلاثاء، ما أسفر عن أضرار مادية بالغة، وفقا لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وقالت الوكالة إن الهجوم الإسرائيلي استهدف ساحة الحاويات في الميناء الذي يعتبر أحد الشرايين الرئيسية للاقتصاد السوري، وقد تأكد وقوع خسائر مادية كبيرة، حسبما ذكرت الوكالة السورية.

محتوى إعلاني

وقال مصدر عسكري سوري في تصريحات نقلتها سانا: “والي الساعة ٣،٢١ من فجر اليوم نفذ العد.و الإسر.ائيلي عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية مستهدفاً ساحة الحاويات في الميناء التجاري في اللاذقية، ما أدى إلى اشتعال الحرائق في المكان وحدوث أضرار مادية كبيرة”، حسب قوله.

وأعلنت الوكالة السورية في وقت لاحق الثلاثاء عن إخماد الحريق الناجم عن الهجوم الإسرائيلي على الميناء الذي يقع في المحافظة التي ينتمي لها الرئيس السوري، بشار الأسد.

أثار هذا الهجوم غضب بعض الإعلاميين ورجال الأعمال في سوريا، ودار الجدل حول دور “الحلفاء” بالتصدي لهذا الهجوم، في إشارة إلى عدم استخدام روسيا مضاداتها الجوية للتصدي للهجوم الإسرائيلي على الميناء الذي لا يبعد كثيرا عن قاعدة حميميم الروسية في سوريا.

وكتب رجل الأعمال السوري فارس الشهابي عبر صفحته على تويتر: “كل “الحلفاء” دون استثناء استطاعوا خلال السنين عبرنا وبمساعدتنا تثبيت معادلات ردع استراتيجية مع خصومهم الدوليين إلا نحن! متى سيدرك هؤلاء الحلفاء ان قبول الشعب السوري بهم و احتضانه لهم منوط بإعادة تثبيت توازن الرعب مع العدو الصهيوني بمعادلات ردع جديدة..؟”، حسب قوله.

    كل “الحلفاء” دون استثناء استطاعوا خلال السنين عبرنا و بمساعدتنا تثبيت معادلات ردع استراتيجية مع خصومهم الدوليين إلا نحن! متى سيدرك هؤلاء الحلفاء ان قبول الشعب السوري بهم و احتضانه لهم منوط بإعادة تثبيت توازن الرعب مع العدو الصهيوني بمعادلات ردع جديدة..؟! #سوريا_اولاً

من جانبه، كتب الكاتب الصحفي السوري، سامي جعارة: “مرفأ اللاذقية الذي قصفته اسرائيل فجر اليوم يبعد 15 كم فقط عن قاعدة حميميم المحتلة روسيا!”، حسب قوله.

    مرفأ اللاذقية الذي قصفته اسرائيل فجر اليوم يبعد 15 كم فقط عن قاعدة حميميم المحتلة روسيا!

وقال الممثل السوري، قاسم ملحو، عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك: “الروسي لافف رجل على رجل وعم ياكل كافيار ويتفرج ع قصف الاسرائيلي لاراضينااوالايراني شرحو، مابدنا حدا غريب ببلدنا، لا امريكي ولا تركي، ولا اي احدا بنوووب سوريتنا للسوريين فقط”، حسب تعبيره.

    الروسي لافف رجل على رجل وعم ياكل كافيار ويتفرج ع قصف الاس ر ا ئي ل ي لاراضيناا والايراني شرحو مابدنا حدا غريب ببلدنا لا امريكي ولا تركي ولا اي احدا بنوووب سوريتنا للسوريين فقط

    Posted by ‎قاسم ملحو‎ on Tuesday, December 28, 2021

بالمقابل، كتب الإعلامي السوري المعارض، فيصل القاسم، عبر صفحته على تويتر: “حقيقة: للمطالبين روسيا بالتصدي للهجمات الاسرائيلية على سوريا والميليشيات الايرانية. روسيا قالت للنظام وللايرانيين منذ البداية، لا دخل لي بصراعكم مع اسرائيل. لن اتدخل لصالح احد، ولا اريد ان اكون جزءا من هذا الصراع، فهل انتم موافقون، فقالوا نعم. تعالي واحمنا فقط من الشعب السوري”، حسب تعبيره.

   حقيقة: للمطالبين روسيا بالتصدي للهجمات الاسرائيلية على سوريا والميليشيات الايرانية. روسيا قالت للنظام وللايرانيين منذ البداية، لا دخل لي بصراعكم مع اسرائيل. لن اتدخل لصالح احد، ولا اريد ان اكون جزءا من هذا الصراع، فهل انتم موافقون، فقالوا نعم. تعالي واحمنا فقط من الشعب السوري.

ولم يصدر بعد تعليق روسي أو إيراني على عملية استهداف ميناء اللاذقية للمرة الثانية.

————————-

استمرت لساعات.. حرائق بميناء اللاذقية إثر قصف إسرائيلي وخسائر “فادحة

أعلن النظام السوري السيطرة على الحرائق المشتعلة في ميناء اللاذقية التجاري، بعد أكثر من سبع ساعات على قصف إسرائيلي استهدف “ساحة الحاويات”، للمرة الثانية خلال شهر.

ونقلت وكالة أنباء النظام “سانا”، اليوم الثلاثاء، عن محافظ اللاذقية عامر إسماعيل هلال قوله إن فرق الإطفاء تمكنت من إخماد الحرائق في الميناء، وبدأت أعمال المراقبة والتبريد، مشيراً إلى وجود “بؤر مشتعلة” يجري العمل على إخمادها.

وأضاف هلال أن الفرق ستبقى في الموقع لمراقبة المواقع المحترقة، واستمرار أعمال التبريد لحين الانتهاء بشكل كامل من إخماد النيران.

    غارات إسرائيلية تستهدف محيط مرفأ اللاذقيةhttps://t.co/arKmvCfheP#سوريا #إسرائيل pic.twitter.com/DMLG1phBYy

    — RTARABIC (@RTarabic) December 28, 2021

وشهد ميناء اللاذقية الحيوي، فجر اليوم، قصفاً صاروخياً وصف بـ”العنيف” ويُرجح أنه إسرائيلي.

حيث استهدف ساحة الحاويات، وتسبب بأضرار مادية “كبيرة”، بحسب ما أعلن النظام، والذي قال إن “القصف تم برشقات صاروخية من عمق البحر المتوسط”.

ولم تعلن إسرائيل رسمياً مسؤوليتها عن الغارات، في حين ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن القصف استهدف شحنة أسلحة إيرانية متطورة تم تهريبها من إيران وتخزينها في مرفأ اللاذقية، وتضم صواريخ “كروز” وطائرات بدون طيار.

وتداول ناشطون صوراً ومقاطع فيديو تظهر اشتعال حرائق ضخمة في الميناء، استمرت لأكثر من سبع ساعات بعد الغارات، وسط توقعات بخسائر مادية “فادحة”.

    #سوريا شنت إسرائيل ، الليلة الماضية ، غارة جوية استهدفت ميناء اللاذقية في سوريا. وهذا هو الهجوم الثاني على هذه المنشآت في أقل من شهر pic.twitter.com/nvGsUsHdYt

    — kinsleyhub (@ukhub_uk) December 28, 2021

وكانت إسرائيل قد استهدفت ميناء اللاذقية، غربي سورية، لأول مرة في 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، في استهداف “غير مسبوق”.

وذكرت تقارير إعلامية، حينها، أن الضربة استهدفت شحنة أسلحة إيرانية مخزنة في الساحة، دون تعليق إسرائيلي رسمي عليها.

من جانبه، قال مدير مرفأ اللاذقية، أمجد سليمان، لصحيفة “الثورة” الحكومية، اليوم، إن “الأضرار الناجمة عن الاعتداء (الذي وقع اليوم) كبيرة، وقد امتدت على مساحة أكبر نسبياً من الاعتداء السابق، في السابع من هذا الشهر، ما تطلب جهوداً جبارة من العمال وفرق المؤازرة، لنقل الحاويات السليمة وإبعادها عن دائرة النيران والخطر”.

وتعتبر هذه الضربة العاشرة المنسوبة لإسرائيل في سورية خلال الشهر ونصف الماضيين، وتزامنت مع تهديدات رسمية إسرائيلية لإيران باستهداف تحركاتها في سورية ولبنان.

    للمرة الثانية خلال ديسمبر الجاري تستهدف #إسرائيل بالقصف #ميناء_اللاذقية

    الميناء تسيطر عليه #إيران وتستخدمه للتجارة ولتصدير المخدرات ونادراً ما استخدمته قبل منتصف 2021 لأغراص عسكرية

    مؤخراً اعتمد الحرس الثوري على الميناء لنقل الأسلحة بعد تصعيد القصف على المطارات والطرق البرية pic.twitter.com/3H12W2hmEn

    — وائل علوان waiel olwan (@waiel_olwan) December 28, 2021

إذ قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الشهر الماضي، إن إسرائيل تراقب التحركات والنفوذ الإيراني في سورية، إلى جانب المحادثات التي تدور حالياً حول الاتفاق النووي، مطالباً المجتمع الدولي بالتحرك لمواجهة إيران.

وأضاف كما ما نقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” عنه، أن بلاده ستفعل كل ما يلزم لمواجهة نفوذ إيران والمليشيات الداعمة لها، خاصة في سورية ولبنان.

    مناطق جديدة طالتها ضربات 2021..نيران إسرائيلية في مرفأ اللاذقية

كما تأتي الضربة على الميناء بعد أربعة أيام على تصريحات المبعوث الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرينتيف، والتي قال فيها إن قضية الضربات الإسرائيلية في سورية “من المستحيل إغلاقها”.

وتشن إسرائيل منذ سنوات ضربات عسكرية في سورية، وتقول إنها تستهدف مواقع عسكرية إيرانية، وتتبع لـ”الحرس الثوري” الإيراني.

—————————–

في نهاية 2021.. 3 تحركات في سورية ترسم ملامح العام الجديد

شهدت الساحة السورية، خلال الأيام القليلة الماضية، أحداثاً وتحركات لافتة لقوى فاعلة في الملف السوري، في إشارات ودلالات غير واضحة المعالم، تنوي تلك الدول ترسيخها قبل أيام من بدء العام الجديد.

وفيما يدور الحديث مؤخراً عن معاناة النازحين السوريين في الخيام نتيجة الظروف الجوية السيئة، وسط التعاطف المعتاد معهم، تبتعد تلك الدول عن الملف الإنساني السوري نحو تحركات سياسية وعسكرية تحمل رسائل ختامية لعام 2021، والذي لم يحمل في طياته أي تقدم ملموس نحو تحقيق واقع أفضل للسوريين.

روسيا.. مناورات وتصريحات تخلط الأوراق

على الصعيد العسكري، تجري روسيا، منذ السبت الماضي، مناورات “واسعة النطاق” في الأجواء السورية، بمشاركة أكثر من 20 طائرة حربية ومروحية، وباستخدام قوات قتالية كبيرة وطائرة أواكس، حسبما ذكر  موقع “rusvesna” المتخصص بنشر التحركات العسكرية الروسية في سورية.

وبحسب الموقع: “تم التحكم في عمليات الطيران في الأجواء فوق قاعدة حميميم الجوية بواسطة طائرة A-50 أواكس”.

كما شاركت “طائرة الإنذار المبكر” من طراز A-50 في التدريب “لضمان سلامة منطقة الطيران والتحكم في نقل التدريب للطائرات إلى مطارات القامشلي في الحسكة ودير الزور”.

فيما ذكر موقع “نورث برس” المحلي أن مدينة القامشلي وأريافها شهدت، ليلة السبت الماضي، تحليقاً مكثفاً للطيران المروحي الروسي، دام نحو ساعتين.

ولم تتضح بعد الأهداف الروسية من تلك المناورات، التي تزامنت مع تعزيز موسكو تواجدها شمال شرق سورية، خلال الأشهر الماضية، عبر عدة تحركات كان أولها وصول مقاتلة روسية من طراز “Su-35” إلى مطار القامشلي بمحافظة الحسكة، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

أما على الصعيد السياسي، أحدث تصريح المبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرينتيف، جدلاً كبيراً حول مستقبل “اللجنة الدستورية السورية”، حين قال إن “الدستور السوري الجديد يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة”.

وأضاف خلال مقابلة مع وكالة “تاس” الروسية، أمس الاثنين، أن “الحكومة السورية راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديلات”، مضيفاً: “إذا رأت المعارضة إجراء تغييرات، يجب النظر في القضايا التي تهمها وطرحها على التصويت. في استفتاء أو للموافقة عليه بطريقة أخرى”.

ولاقت تصريحات المسؤول الروسي استياءً من قبل ناشطين، رأوا في استمرار عمل “اللجنة الدستورية” إضاعة للوقت، وسط مطالب بانسحاب المعارضة السورية منها.

وخلال الأشهر الماضية عقدت سبع جولات للجنة في جنيف، لكنها لم تفض إلى أي نتائج ملموسة، في ظل اتهامات متبادلة بين وفدي المعارضة والنظام.

المسيرات التركية في معقل “قسد”

من جانبها، أظهرت تركيا تحركات عسكرية وسياسية قبيل انتهاء العام الجاري، تمثلت باستهداف فصيل “الشبيبة الثورية” العامل في مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي سورية.

ووثقت مراصد محلية استهداف مسيرة تركية لمقر “الشبيبة الثورية” في مدينة عين العرب شرقي حلب، السبت الماضي، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص منهم وإصابة 5 آخرين.

ولا ترتبط “الشبيبة الثورية” في العلن بأي كيان أو جسم سياسي أو عسكري في شرق سورية، لكن أعضاء “المجلس الوطني الكردي” يتهمونها بالتبعية لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” (pyd)، والمتهم بدوره بالارتباط بـ”حزب العمال الكردستاني”، المصنف على قوائم الإرهاب.

ويأتي ذلك ضمن التحركات التركية ضد “قسد” و”الوحدات” في سورية، والتي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً خلال عام 2021، باستخدام طائرات “بيرقدار” المسيرة.

وأبدت تركيا أيضاً تحركات سياسية في الملف السوري، محددة أربعة شروط للانسحاب من سورية، أبرزها “توافق جميع الأطراف على الدستور الجديد بما يحمي حقوق كافة شرائح سورية”، و”إقامة نظام انتخابي يمكن لجميع الفئات المشاركة فيه بحرية”، حسبما نقلت صحيفة “حرييت” عن مصادر “مسؤولة”.

عين إسرائيل على إيران في ميناء اللاذقية

أبرز الأحداث اللافتة التي شهدها عام 2021 في ختامه، هو الاستهداف الإسرائيلي الثاني لميناء اللاذقية الحيوي في سورية، والواقع على بعد أمتار من قاعدة حميميم العسكرية الروسية هناك.

الاستهداف الأول للميناء كان في 7 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ليتكرر اليوم الثلاثاء، لكن بشكل “أعنف” مقارنة بسابقه، حسب تصريحات مسؤولي النظام، الذين تحدثوا عن أضرار مادية “جسيمة”.

ورغم غياب التعليق الإسرائيلي الرسمي، تشير تقارير إسرائيلية إلى استهداف شحنات أسلحة إيرانية متطورة يتم نقلها من إيران وتخزينها في ساحة الحاويات في ميناء اللاذقية، وتضم صواريخ “كروز” وطائرات بدون طيار.

وتعتبر هذه الضربة العاشرة المنسوبة لإسرائيل في سورية خلال الشهر ونصف الماضيين، وتزامنت مع تهديدات رسمية إسرائيلية لإيران باستهداف تحركاتها في سورية ولبنان.

ولاقت الضربات السابقة استياء في أوساط الحاضنة الشعبية الموالية للنظام السوري، وسط تساؤلات عن الدور الروسي حيال الضربات الإسرائيلية المتكررة، والتي تستهدف أكبر معاقل النظام في سورية.

—————————

==================

تحديث 29 كانون الأول 2021

———————

ضربات اللاذقية تهز صورة بوتين.. وقصة “طائرة النقل” أزعجت دمشق/ ضياء عودة

بعد أشهر قليلة من التدخل العسكري لموسكو في سوريا عام 2015، أطلق مناصرون لرأس النظام السوري بشار الأسد وصف “أبو علي بوتين” على الرئيس الروسي، نسبة إلى شخصية الضابط الكبير المنحدر من مناطق الساحل السوري.

وعلى مدى السنوات الماضية ارتسمت صورة واحدة بين تلك الأوساط بأن بوتين “حافظ على السيادة الوطنية، وأعاد الأمن والأمان إلى البلاد، من خلال مشاركته بالحرب ضد الإرهاب، التي استهدفت عموم المناطق والمحافظات”.

لكن، وبعد الضربات الصاروخية التي نُسبت لإسرائيل، واستهدفت ميناء مدينة اللاذقية فجر الثلاثاء، كان اللافت أن هذه الصورة قد اهتزت.

وفي الوقت الذي كانت فيه ألسنة اللهب وسحاب الدخان تتصاعد من “ساحة الحاويات” اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمواقف استهجان وانتقاد، عبّر عنها مواطنون وصحفيون وسياسيون عرفوا بمناصرتهم للنظام السوري، خلال السنوات العشر الماضية.

وكتب دريد الأسد، ابن عم بشار الأسد، عبر “فيس بوك” متسائلا: “ألم ترصد منظومات الرصد والمسح الجوي المنتشرة في مطار حميميم والمنطقة المحيطة به أهدافا عدوّة (طائرات أو صواريخ موجهة)، وتقوم على إثر ذلك بتشغيل وتفعيل ومن ثم إطلاق مضاداتها الصاروخية المنتشرة هناك”؟!

وأضاف: “عليه فإن روسيا لم تمانع ولن تمانع حدوث هكذا ضربات البارحة ولا اليوم ولا في المستقبل”!

وقبله بساعات قال رئيس “اتحاد الغرف الصناعية”، فارس الشهابي، عبر “تويتر”: “يحتاج شخص ما لإخبار بوتين بأن الاستياء الشعبي من روسيا في سوريا يرتفع بشكل صاروخي بسبب الهجمات الإسرائيلية المتكررة في ظل الصمت الروسي”، مضيفا: “بالنسبة لنا الأمر لا يتعلق بالضغط على الأسد بل بسلامتنا وكرامتنا”!

وأضيف إلى جانب هذين الموقفين آراء أخرى لصحفيين وفنانين، حيث اعتبر الصحفي السوري، يوشع يوسف، أن التعليق الروسي “شديد البرودة كما طقس موسكو على تصرف العدو الإسرائيلي”.

بينما قال الفنان السوري، بشار إسماعيل في انتقاده للموقف الروسي إزاك الضربات الصاروخية: “كنا نسميه أبو علي بوتين. قررنا تغيير الاسم إلى أبو لهب بوتين”.

ماذا قالت موسكو؟

في بيان لوزارة الدفاع الروسية ليل الثلاثاء – الأربعاء بررت موسكو عدم صدها للغارات بأن طائرة نقل عسكرية روسية كانت تهبط في مطار حميميم أثناء هجوم مقاتلات سلاح الجو الإسرائيلي.

وقال العميد في البحرية الروسية، أوليغ جورافليف لوكالة “ريا نوفوستي”: “الدفاع الجوي السوري لم يتصد للغارات الإسرائيلية، لأنه أثناء الضربة تواجدت طائرة لطيران النقل العسكري للقوات الجوية الفضائية الروسية، في منطقة نيران منظومات الدفاع الجوي”.

وأسفرت الضربات بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن “أضرار كبيرة”، حيث امتدت على مساحة أكبر نسبيا من القصف السابق، الذي حصل في السابع من ديسمبر الحالي.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الصواريخ استهدفت شحنات أسلحة إيرانية.

وبحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الأربعاء فإن “الجيش الإسرائيلي يأمل أن تدق هذه الهجمات إسفينا بين نظام الأسد وإيران”، وأن “تدفع سوريا ثمن السماح لإيران بالعمل على أراضيها في محاولة لإقناع الأسد بالتوقف أو تقليص الدعم”.

من جهتها استنكرت وزارة الخارجية الإيرانية الغارات الجوية الإسرائيلية، وقال المتحدث باسمها، سعيد خطيب زادة، إن بلاده تندد بالاستهدافات المتكررة، خاصة التي تطول مستودعات “الغذاء والدواء” في ميناء اللاذقية.

“شكوك وتساؤلات”

وكانت روسيا وإسرائيل قد أنشأتا خطا عسكريا ساخنا، لتنسيق عمليات القوات الجوية فوق سوريا وتجنب الاشتباكات، منذ عام 2018.

وفي عام 2018 تم اختبار العلاقات الروسية الإسرائيلية من خلال إسقاط طائرة حربية روسية من قبل دفاعات نظام الأسد، وذلك عن طريق الخطأ، في أثناء الرد على طائرات حربية إسرائيلية كانت تُغير قرب الساحل السوري.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية، في شهر أكتوبر الماضي، بينها “يسرائيل هيوم”، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نيفتالي بينيت، اتفقا في نهاية زيارة الأخير إلى موسكو “على استمرار سياسة حرية العمل الإسرائيلية القائمة في سوريا”.

وأضافت الصحيفة: “تلخص النقاش بنموذج الاستمرار في العلاقة إلى مستوى جديد”.

بدوره يقول المحلل السياسي المقيم في دمشق، علاء الأصفري إن “الضربة الإسرائيلية كانت موجهة بالنسبة لميناء اللاذقية، ولا أعتقد أن هناك أسلحة إيرانية”.

ويضيف الأصفري لموقع “الحرة”: “هناك استهجان كبير في الشارع السوري، خاصة أنه لم يصدر أي تصريح حازم وصارم من قبل أصدقائنا الروس، كونهم على علم بها”.

ودائما وعندما تقصف إسرائيل أهدافا في سوريا تضع روسيا في الصورة، ووفق المحلل السياسي فإن “هذا الأمر شكل استهجان كبير جدا منذ الثلاثاء. أعتقد أن الهيبة الروسية في محل شك وتساؤل، ولا مصلحة لموسكو بهذا الخلل الكبير في نظرة السوريين لها”.

ويتابع الأصفري: “لطالما نظر السوريون إلى روسيا بأنها صديقة وحليفة وتعطي أمانا في سوريا. روسيا أخطأت كثيرا بالسماح لإسرائيل بهذه الضربة، وقد خسرت كثيرا من سمعتها وهيبتها في الوقت الحالي”.

لا اتفاق ضمنيا أو غير ضمني

ويوصف ميناء مدينة اللاذقية بأنه شريان حيوي يعتمد عليه النظام السوري في الحصول على الكثير من الموارد، على رأسها النفط القادم من إيران.

ويعطي قصفه لمرتين في أقل من شهر “دلالات ورسائل”، بحسب ما تحدث محللون وخبراء عسكريون في وقت سابق لموقع “الحرة”، بينما يعتبر التوقيت الذي جاء فيه “نقطة على غاية من الأهمية”.

لكن المحلل السياسي المقرب من الخارجية الروسية، رامي الشاعر يؤكد أنه “لا يوجد أي توافق ضمني أو غير ضمني بين إسرائيل وروسيا بخصوص الضربات الجوية الإسرائيلية على أهداف معينة في سوريا”.

ويقول الشاعر لموقع “الحرة”: “العلاقة الروسية الإسرائيلية ليست على ما يرام. إسرائيل حتى الآن تماطل في إعادة أملاك روسيا من أراضي ومباني تاريخية دينية في الأراضي المقدسة”.

وإضافة إلى ذلك “تؤكد روسيا مرارا أنها ضد سياسية التوسع الاستيطاني، كما تؤيد قيام الدولة الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية”.

وبخصوص الضربات الإسرائيلية في سوريا يرى المحلل السياسي المقيم في موسكو أن “إسرائيل تقوم بهذه الهجمات، لانزعاجها من العلاقة الجيدة بين دمشق وطهران وبين الأخيرة وموسكو”.

“وتراهن إسرائيل بكل الوسائل على ضعضعة العلاقات الإيرانية الروسية”، بحسب الشاعر الذي يشير: “الهدف من الاعتداءات على الأراضي السورية هو استفزازي لنسف نظام التهدئة والتنسيق بموجب أستانة”.

وقبل أيام قال المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، إنه “من المستحيل إغلاق هذه القضية”، في تعليقه عن الضربات الإسرائيلية المتكررة في البلاد.

وأضاف، في مقابلة مع قناة “روسيا اليوم”: “الإسرائيليون يصرون على ما يسمونه حق الدفاع عن النفس وحماية الأمن القومي. هم يقولون إنهم يستهدفون أهدافا إيرانية. لنقل ذلك بصراحة”.

ومنذ عام 2015 كان من النادر أن تخرج انتقادات موجهة للروس من الحاضنة المؤيدة للنظام السوري.

وعلى خلاف ذلك لطالما أشاد المسؤولون العسكريون والسياسيون بالدور الذي لعبته موسكو في سوريا، على رأسهم بشار الأسد ووزير خارجيته، فيصل المقداد.

ويوضح الشاعر أن “القوات الروسية المتواجدة في سوريا تقوم بمهام خاصة ومحددة، ومتعلقة بالدرجة الأولى في محاربة الإرهاب”.

واعتبر أن “حماية الأجواء السورية وأهداف معينة في سوريا هي من مهام الجيش العربي السوري، وغير صحيح أن روسيا تمنع سوريا من استخدام أنظمة الدفاع، وهذا ينطبق على المناطق القريبة من قاعدة حميميم”.

“المصالح هي الأولوية”

ورسم التدخل الروسي في سوريا قبل 6 سنوات خريطة جديدة لنفوذ النظام السوري وحلفائه، بعد انسحابات أولية لقوات الأسد أمام فصائل المعارضة في محافظات رئيسية.

وكان الغطاء الجوي هو الورقة الرابحة في التدخل الروسي ولا يزال حتى الآن، وأسهم في قلب وضعية الأسد من التراجع إلى الهجوم، إلى جانب ترسانة عسكرية كبيرة تضمنت 162 نموذج سلاح اختبرتها وزارة الدفاع الروسية، وحولت سوريا إلى “حقل تجارب” عسكري.

الكاتب والناشط السياسي، حسن النيفي، يقول إنه “من الصحيح أن الروس استطاعوا عبر سنوات مضت أن يعززوا في نفوس الكثير من السوريين، وعلى وجه الخصوص الموالين للنظام، بأنهم هم من جعل نظام الأسد على قيد الحياة”.

وهذه الوضعية كانت “سواء من الناحية العسكرية الميدانية، أو من خلال دفاع روسيا عن الأسد في مجلس الأمن والمحافل الدولية”.

ويضيف النيفي لموقع “الحرة”: “من الصحيح أيضا أن السوريين، بمن فيهم الموالون للنظام باتوا يدركون أن مساندة روسيا للأسد لا تأتي بوازع قيمي أخلاقي، بل انطلاقا من الدفاع عن مصالحها ذات الأولوية، بل ربما تكون هذه المصالح في كثير من الأحيان على حساب مصلحة من هم موالون للأسد”.

ويشير الكاتب السوري: “ربما وصل الاستياء الشعبي من تلك الانتهازية الروسية ذروته، خاصة حين يعلم الجميع أن القصف الاسرائيلي لا يمكن أن يكون إلا بالتنسيق مع الروس”.

وعلى الرغم من أنه ثمة استياء شعبي وشعور واضح بأن “ما يسمى سيادة وطنية ما هو إلا نوع من الوهم”.

إلا أن النيفي يرى أنه ومع ذلك “لا أعتقد أن هذا الامتعاض الشعبي والشعور بالإهانة يرتقيان ليصبحا انتفاضة أو بداية لاحتجاج علني بوجه النظام وحليفه الروسي. ربما سبب ذلك هو حالة القمع والتوحش الأمني التي يمارسها النظام، والتي بفضلها فقط، يستمر النظام ببسط سيطرته وتحكمه بالسوريين”.

ضياء عودة – إسطنبول

الجرة

————————–

هجوم معارض على جماعة الإخوان-سوريا..لإدانتها الغارات الإسرائيلية على اللاذقية/ خالد الخطيب

أثار بيان جماعة الاخوان المسلمين في سوريا الذي أدان القصف الإسرائيلي على ميناء اللاذقية جدلاً واسعاً في الأوساط الشعبية المعارضة في منطقتي حلب وإدلب شمال غربي سوريا، والتي وصفت البيان بالمخزي واعتبرته دليلاً دامغاً على العلاقة بين الجماعة وإيران، على اعتبار أن القصف استهدف مواقع ومستودعات أسلحة للأخيرة ولم يطاول مواقع حيوية يستفيد منها السوريون ليستوجب اتخاذ موقف مستنكر.

وكانت الجماعة قالت في بيانها، إن “مدينة اللاذقية عاشت وللمرة الثانية خلال هذا الشهر، يوماً آخر من الخوف والرعب، حين أقدمت طائرات صهيونية متمركزة عبر المتوسط بقصف أهداف في ميناء اللاذقية الحيوي، الذي يعتبر الرئة الأولى لسوريا”.

وأضاف البيان أن “المخزي في الأمر أن الميناء المذكور يقع على بعد أميال قليلة من قاعدة حميميم الروسية ومن قواعد صواريخ إس-200 وإس-300، والتي لم تفعّل ضد الهجمات الصهيونية المتكررة، والأكثر عاراً وخزياً ما تفوّه به وزير خارجية الأسد فيصل المقداد في المرة الأولى فقال إنهم يردون على العدوان الصهيوني بقصف من سماهم الإرهابيين من ثوار سوريا الأحرار وأطفالهم ونسائهم”.

وتابع البيان: “أيها السوريون الأحرار الشرفاء على أرض الوطن إننا في جماعة الإخوان المسلمين سنظل متمسكين بحرمة شعبنا وأرضنا وبحرنا وجوّنا ضد كل أشكال الانتهاك والعدوان الصهيوني والروسي والإيراني، وسواء كانت العدوانات الصهيونية خلبية لإعطاء شعار المقاومة والممانعة الكذوب معناه، أو كانت نتيجة لصراع اللصوص على الضحية، فإننا لن نملّ من إدانة كل عدوان يقوم به العدو الصهيوني على أرضنا وديارنا وأهلينا”.

وقال أحد أعضاء حملة “إرم معهم بسهم” ل”المدن”، إن “الاخوان أرادوا إيصال رسالتين، الأول إثبات أنهم وطنيون وأنهم ضد أعداء الوطن، والثاني إثبات عداوتهم لإسرائيل والرد على اتهامات النظام لهم بعلاقتهم مع إسرائيل، لكن بالحقيقة هذا التصريح لم ينتج عنه إلا خسارة الحاضنة الشعبية، والتعويل على هكذا بيانات لن يزيد في رصيد الجماعة إطلاقاً”.

من جهته، رأى الناشط السياسي عبد الوكيل الشحود أن “موقف الجماعة فاضح ويثبت تبعيتهم سياسياً وتاريخياً لإيران التي تلطخت أيديها بدماء الشعب السوري على مدى 10 سنوات من عمر الثورة”. وأضاف ل”المدن”، أن ” الجماعة بخطاباتها ونهجها لا تختلف عن داعش”.

ويبدو أن الجماعة اختارت التوقيت الخطأ للتعبير عن موقفها ضد الضربات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف مرافق ومنشآت حيوية، ولتعبر عن موقفها من إيران وروسيا والنظام باعتبارهم شركاء في العدوان على مقدرات البلاد.

وقال الناشط عبد الرحمن إسماعيل ل”المدن”، إن”الجماعة لديها أولويات ومصالح مختلفة عن مصالح السوريين، وهي ترى أن مصلحتها فوق مصلحة الوطن وتضحيات أبنائه، والبيان الأخير بخصوص الضربات الجوية الإسرائيلية يعبر عن ذلك بوضوح، كما أن غباء الجماعة أوصل الثورة إلى ما هي عليه من ضعف ووهن”.

ورأى إسماعيل أنه ومنذ العام 2011 كان للجماعة دور في خلق تحالفات معادية للثورة من خلال حساباتها الأنانية والضيقة وتوجهاتها السياسية والأيديولوجية التي جلبت الكوارث على رؤوس السوريين.

لكن هذه المرة طاول القصف مواقع تتكدس فيها الأسلحة الإيرانية التي لطالما استخدمتها المليشيات المدعومة من إيران في معاركها ضد المعارضة، وهو ما أُخذ على الجماعة في بيانها، واعتبرته المعارضة دليلاً يثبت نهج الجماعة المعادي للثورة والمتطلع دائماً إلى السلطة ولو على حساب تضحيات السوريين.

وقال النقيب المنشق عن جيش النظام عبد السلام عبد الرزاق ل”المدن”، إن “بيان جماعة الإخوان يدين تدمير أسلحة وصلت الى سوريا لتقتل أبنائها، حتى وإن كان الهدف من البيان التنديد باستهداف المنشآت والمرافق الحيوية لسوريا، فعن أي مرافق تتحدث الجماعة، بشار الأسد سلم كل شيء للإيرانيين والروس، ولم يعد هناك مرفق واحد يعود بالفائدة على السوريين”.

فيما اعتبر مسؤول الدائرة السياسية في اتحاد ثوار حلب هشام سكيف أن البيان يفتقر للحس السياسي وهو عديم الفائدة إذ أنه يدين ضربات جوية على مواقع إيرانية تحتلها إيران وتقتل بها الشعب السوري.

وأضاف ل”المدن”، أن “البيان مخزٍ ومخيب للآمال لجهة الادانة لعمل عسكري من عدو محتل ضد عدو محتل آخر، من مصلحتنا أن تكون إيران هدفاً لأي ضربات تخرجها من سوريا بعد ان دفع الشعب السوري مئات الالاف من الشهداء في المواجهة مع إيران ومشروعها”.

—————————

سوريا: قصف إسرائيلي يستهدف حاويات أسلحة وذخائر في مرفأ اللاذقية… والنظام: أضرار مادية كبيرة

استهدف قصف جوي إسرائيلي مجدداً ساحة الحاويات في مرفأ اللاذقية في غرب سوريا فجر أمس الثلاثاء، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي للنظام السوري، في ثاني استهداف من نوعه يطال هذا المرفق الحيوي خلال الشهر الحالي. واستهدفت ميناء اللاذقية للمرة الأولى في السابع من كانون الأول/ ديسمبر الحالي.

تزامناً قال التلفزيون الرسمي للنظام السوري أمس إن صوت الانفجار الذي سُمع في العاصمة دمشق ناتج عن تفجير وحدات الجيش عبوات ناسفة كانت قد صادرتها من مقاتلين في ضاحية دوما.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قصف مرفأ اللاذقية تسبّب “بانفجارات عنيفة ترددّ صداها في مدينة اللاذقية وضواحيها، عدا عن اشتعال النيران ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرفأ والمباني والمنشآت السياحية المحيطة به”.

وبحسب المرصد، استهدف القصف الإسرائيلي “حاويات تضم أسلحة وذخائر لا يُعلم ما إذا كانت إيرانية المصدر”.

وأفادت مصادر سورية لوكالة “د ب أ” الألمانية بسقوط قتيلين وإصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة في القصف الصاروخي الإسرائيلي على مرفأ اللاذقية الساحلية. وقالت المصادر المقربة من قوات النظام السوري إن الضحايا من عمال المرفأ.

وقال سكان محليون في اللاذقية إن “ألسنة النيران شوهدت تندلع في وسط الميناء على مسافات بعيدة قبل أن تنجح فرق الإطفاء بإخمادها بعد نحو ساعة من القصف”. ونقلت وكالة “سانا” عن مصدر عسكري قوله إن “العدو الإسرائيلي شن عدواناً جوياً برشقات من الصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية مستهدفاً ساحة الحاويات في الميناء التجاري في اللاذقية”.

وأفاد المصدر أنّ القصف أدّى إلى “أضرار مادية كبيرة” واندلاع حرائق، من دون أن يُبين ما تمّ استهدافه تحديداً في ساحة الحاويات في المرفأ. لكن وكالة سانا نقلت عن قائد فوج إطفاء اللاذقية الرائد مهند جعفر قوله إنّ “المواد المستهدفة في الحاويات هي عبارة عن زيوت وقطع غيار الآليات والسيارات”.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من اسرائيل حول القصف. واكتفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالقول “لا نعلّق على تقارير ترد في وسائل إعلام أجنبية”، بحسب وكالة رويترز.

وأظهرت صور نشرتها “سانا” حاويات مبعثرة ونيراناً مندلعة بينها، يعمل عناصر الإطفاء على إخمادها.

ونقلت قناة الإخبارية الرسمية للنظام عن مراسلها قوله إن أضراراً لحقت بعدد من المباني السكنية وبمستشفى وبعدد من المتاجر والمنشآت السياحية من شدة الانفجار.

ومرفأ اللاذقية هو المرفأ التجاري الرئيسي في سوريا. وتدير روسيا، أقوى حلفاء نظام بشار الأسد في الحرب، قاعدة حميميم الجوية التي تبعد حوالى 20 كيلومتراً عن اللاذقية.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن إسرائيل استهدفت الأراضي السورية 29 مرة منذ مطلع العام الجاري، وأسفرت هذه الضربات عن إصابة وتدمير نحو 71 هدفًا ما بين مبانٍ ومستودعات للأسلحة والذخائر ومقرات ومراكز وآليات، كما أنها تسببت بمقتل 130 شخصاً، خمسة مدنيين و125 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من حزب الله اللبناني والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها.

———————

حميميم:طائرة روسية..منعت الرد السوري على الغارة الإسرائيلية

أعلن نائب رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا الأدميرال أوليغ جورافليوف الثلاثاء، أن مقاتلتين إسرائيليتين من طراز “إف-16” قامتا بقصف ميناء اللاذقية السوري، بأربعة صواريخ موجهة، بدون عبور الحدود.

وقال جورافليوف للصحافيين: “نتج عن القصف الإسرائيلي خسائر ليست كبيرة في البنية التحتية للميناء”. وأضاف أن “قوات الدفاع الجوي السورية لم تدخل في معركة نظراً لوجود طائرة نقل عسكرية تابعة للقوات الجوية الروسية كانت تقوم بالهبوط في مطار حميميم، في مرمي نيران منظومات الصواريخ في ذلك الوقت”.

واستهدفت إسرائيل بقصف صاروخي فجر الثلاثاء، ساحة “الحاويات” في ميناء اللاذقية، وذلك للمرة الثانية خلال كانون الأول/ديمسبر. وقالت وكالة أنباء النظام السوري “سانا”: “نفّذ العدو الإسرائيلي عدوانا جويا برشقات من الصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية، مستهدفا ساحة الحاويات في الميناء التجاري باللاذقية”.

وخلال السنوات الماضية شنت إسرائيل عشرات الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة بشكل خاص مواقع لقوات النظام السوري، وأهدافاً إيرانية وأخرى ل”حزب الله”.

يأتي ذلك في وقت أعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ نحو ألف هجوم على أهداف في الشرق الأوسط خلال 2021، بما يشمل الهجمات التي شنها خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة في أيار/مايو الماضي، والضربات في سوريا، مشيرا إلى أن ذلك لا يشمل العمليات الخاصة والهجمات السرية التي نفذها خلال هذه الفترة.

وأعلن رئيس الأركان الإسرائيلي أفيف كوخافي أن القوات الإسرائيلية نفذت 1600 عملية ساهمت في “عرقلة ومنع تهريب” كميات كبيرة من الأسلحة من إيران إلى المنطقة. وأضاف أن “امتناع  إيران عن الرد على الضربات الجوية المنسوبة لإسرائيل على مواقع قد تستخدم لتخزين الأسلحة يدل على زيادة قوة الردع للدولة وأن جيش الدفاع يواصل تحسين قدرات وحداته في شتى المجالات”.

وقال كوخافي في تصريح نقلته هيئة البث الإسرائيلي “كان”، إن الجيش الإسرائيلي “يواصل استعداداته لاحتمال توجيه ضربة على المنشآت النووية في إيران تماشيا مع نشاطاته ضد محاولات تموضعها في سوريا”.

————————–

إسرائيل تدعو الأسد لكبح إيران:الغارات ستستمر في 2022

احث وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس سوريا على منع إيران من العمل داخل حدودها، وذلك بعد يوم من غارات إسرائيلية استهدفت ساحة الحاويات في ميناء اللاذقية السورية.

ودعا غانتس خلال تفقده قاعدة “رامات دافيد” الجوية شمال إسرائيل، سوريا إلى منع إيران من العمل داخل حدودها، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي سيواصل التحرك حسب الحاجة لإحباط أنشطة طهران. واتهم إيران بالعمل على “زعزعة الاستقرار في سوريا ولبنان واليمن ودول أخرى، والسعي إلى إشعال المنطقة”.

وتوجه غانتس إلى دول منطقة الشرق الأوسط، داعيا إياها إلى “منع إيران من التعدي على سيادتها ومواطنيها”. وقال إن القوات الإسرائيلية “تنهي سنة أنشطة عملياتية كبيرة”. وأضاف “هذه السنة تعاملنا مع تهديدات على جبهات مختلفة، جرت تغذيتها كلها من قبل إيران، التي تمثل العدو الأكبر لبلادي ولشعوب الشرق الأوسط”.

وتابع غانتس: “أدعو جميع دول المنطقة إلى إنهاء تعدي إيران على سيادتها ومواطنيها. وإسرائيل لن تسمح لإيران بنقل أسلحة قادرة على تغيير اللعبة إلى عملائها وتهديد مواطنينا”.

واستهدف قصف صاروخي إسرائيلي فجر الثلاثاء، أهدافاً في ميناء مدينة اللاذقية، في عملية هي الثانية من نوعها في أقل من شهر. وتشعر  إسرائيل بقلق بالغ إزاء وجود الميليشيات الموالية لإيران وحزب الله بالقرب من حدودها، وترغب في إخراجها جميعاً من سوريا، من خلال تكثيف الهجمات على مواقعهم.

وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن الجيش الإسرائيلي يخطط لمواصلة عملياته وضرباته الجوية في سوريا خلال العام المقبل؛ لكبح جماح إيران وللحد من قدرتها على نقل الأسلحة، حيث يعتقد أن مثل تلك الضربات حققت أهدافها في 2021. ويأمل الجيش الإسرائيلي أن “تدق هذه الهجمات إسفينا” بين نظام الأسد وإيران.

وأضافت الصحيفة أنه بالرغم من أن هذه الضربات تستهدف بشكل مباشر مخابئ الأسلحة الإيرانية والمنشآت المرتبطة بإيران في سوريا، فإن الجيش الإسرائيلي يسعى أيضا من خلالها “لأن تدفع سوريا ثمن السماح لإيران بالعمل على أراضيها في محاولة لإقناع الأسد بالتوقف أو تقليص الدعم”.

ويظهر هذا في ضربات الجيش الإسرائيلي للدفاعات الجوية السورية وقواعد الوحدات العسكرية السورية التي تتعاون مع الحرس الثوري الإيراني، بحسب الصحيفة.

من ناحية ثانية، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إسرائيل ستعمل على تنفيذ ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية على اعتبار أن مثل هذا الهجوم سيؤدي إلى ردة فعل معاكسة واسعة النطاق من قبل إيران بشكل مباشر وعبر وكلائها في المنطقة، مما يضع إسرائيل أمام حرب ضخمة متعددة الجبهات، وفقا للصحيفة الإسرائيلية.

وذكرت الصحيفة أنه في الوقت الحالي، لدى الجيش الإسرائيلي القدرة على قصف موقع التخصيب الإيراني في نطنز، وهو هدف أسهل حيث أن أجزائه الموجودة تحت الأرض قريبة بما يكفي من السطح لضربه باستخدام الذخائر العادية. وأشارت إلى أنه في المقابل فإن منشأة فوردو، الموجودة تحت الأرض في جبل من الصخور، سيكون من الصعب ضربها دون استخدام قنابل قوية ثقيلة للغاية.

ومع ذلك، سيواصل الجيش الإسرائيلي استعداداته لشن ضربة ضد المنشآت النووية الإيرانية في العام المقبل، مع خطط لإجراء تدريب في الربيع لمحاكاة مثل هذا الهجوم والجهود المستمرة للحصول على الذخائر اللازمة للمهمة.

ومن المرجح أن يستغرق الأمر أكثر من عام لتطوير القدرات لتوجيه ضربة أكثر شمولا من شأنها أن تعرقل البرنامج النووي الإيراني لعدة سنوات، بحسب الصحيفة.

———————

حاويات تضم أسلحة وذخائر.. قصف إسرائيلي على ميناء اللاذقية

إعلام النظام السوري: اشتعال حرائق وأضرار مادية كبيرة في الميناء جراء الهجوم الإسرائيلي

استهدف قصف جوي إسرائيلي، فجر الثلاثاء، ساحة الحاويات في مرفأ اللاذقية في غرب سوريا، ما أشعل الحرائق في الميناء، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي السوري، في ثاني استهداف من نوعه للمرفق الحيوي خلال شهر واحد.

واشنطن: ننتظر الحوار مع روسيا بفارغ الصبر

أميركا

إلى هذا، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القصف الإسرائيلي الذي تعرض له مرفأ مدينة اللاذقية بعدة صواريخ فجر اليوم الثلاثاء استهدف حاويات تضم أسلحة وذخائر “لا يُعلم مصدرها”.

وأضاف المرصد أن القصف تسبب في اشتعال النيران ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرفأ والمباني والمنشآت السياحية المحيطة به.

وأشار إلى أن هذا هو الاستهداف الثاني لمرفأ اللاذقية خلال ديسمبر كانون الأول الجاري، بعد الهجوم الذي شنته طائرات إسرائيلية على الميناء في السابع من الشهر نفسه مستهدفة حاويات عبارة عن شحنة أسلحة تابعة للفصائل الإيرانية.

وفي وقت سابق اليوم، نقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عن مصدر عسكري لم تسمه القول إن إسرائيل شنت هجوما جويا بالصواريخ من عمق البحر المتوسط غرب مدينة اللاذقية استهدف ساحة الحاويات في الميناء التجاري باللاذقية، مما أدى إلى اشتعال حرائق وحدوث أضرار مادية كبيرة.

شحنات أسلحة لميليشيات إيرانية

وكانت إسرائيل قد استهدفت في وقت سابق، ساحة الحاويات بمرفأ اللاذقية في غرب سوريا، بحسب وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، في ضربات نادرة من نوعها على المرفق الحيوي في البلاد.

وقال مصدر عسكري للنظام: قامت إسرائيل بالقصف بعدة صواريخ من اتجاه البحر المتوسط جنوب غربي اللاذقية، مستهدفة ساحة الحاويات في ميناء اللاذقية التجاري، وفق فرانس برس.

كما أوضح أن القصف أدى إلى “اشتعال عدد من الحاويات التجارية” من دون وقوع خسائر بشرية، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام التي أفادت بتصدّي الدفاعات الجوية التابعة للنظام للقصف الإسرائيلي في أجواء اللاذقية.

كذلك أضافت أن فرق الإطفاء “تمكنت من إخماد النيران التي اشتعلت في ساحة حاويات المرفأ نتيجة القصف الإسرائيلي”.

مئات الضربات الجوية

يذكر أنه خلال الأعوام الماضية، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية في سوريا، مستهدفة مواقع لجيش النظام، خصوصاً أهدافاً إيرانية وأخرى لميليشيا حزب الله اللبناني.

وأدى قصف إسرائيلي في 24 نوفمبر إلى مقتل 5 أشخاص بينهم 3 جنود من النظام السوري، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

مستودعات سلاح وذخائر

كما أصيب جنديان من النظام السوري بجروح في الثامن من نوفمبر الماضي جراء قصف إسرائيلي استهدف مواقع في وسط وغرب سوريا، وفق وسائل إعلام تابعة للنظام. وفي الثالث من الشهر ذاته، استهدفت ضربة إسرائيلية منطقة تقع فيها مستودعات سلاح وذخائر تابعة لمقاتلين موالين لإيران في ريف دمشق، بحسب المرصد.

ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ ضربات في سوريا، لكنها تكرر أنها ستواصل تصديها لما تصفها بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.

—————————–

====================

تحديث 01 كانون الثاني 2022

—————–

ماذا نفهم من قصف مرفأ اللاذقية؟/ راتب شعبو

بعد ثلاثة أسابيع من أول هجوم جوي لها على مرفأ اللاذقية في 7 الشهر الماضي (ديسمبر/ كانون الأول)، هاجمت إسرائيل المرفأ ثانية، بصورة أوسع، نجم عنها، سوى الأضرار المادية الكبيرة، سقوط قتيلين وجريحين. المدينة الغارقة في الظلام استيقظت في الفجر (الساعة الثالثة وثلث) على صوت الانفجارات وعلى الحرائق والدخان والرعب.

ماذا تستهدف إسرائيل في مرفأ اللاذقية؟ يقول مسؤولو النظام السوري إنها استهدفت زيوتاً وقطع غيار آليات. إذا صح هذا، يصعب فهم الضربة خارج ما يستقر عليه سوريون كثيرون يحمّلون روسيا مسؤولية ما يجري، ويضعون الهجمات المتكرّرة على مرفأ اللاذقية في إطار رسالة روسية تقول بضرورة أن تستلم روسيا المرفأ كي تحميه، كما استملت مرفأ طرطوس وحمته، وهكذا تضع روسيا يدها تماماً على المنافذ البحرية لسورية، أو أن الرسالة تريد تهميش مرفأ اللاذقية لصالح مرفأ طرطوس “الروسي” الذي لا تجرؤ إسرائيل على قصفه. على هذا، يتعاون “الصديق” مع “العدو” على استباحة سورية.

أما إذا كان كلام مسؤولي النظام السوري كاذباً، وأن في الحاويات المستهدفة أسلحة أو مواد حربية إيرانية يراد خزنها أو شحنها إلى مكان ما، فإن السكوت الروسي يأتي في سياق تحجيم الدور الإيراني المنافس في سورية، أو في السعي إلى مزيد من تطويعه وضبطه في الخط الروسي. في هذه الحالة، يتجلى الاستهتار والإجرام الإيراني عاريين، فإيران لا تمتلك القدرة على حماية “بضاعتها” من الهجمات الجوية الإسرائيلية، ولا تملك القدرة على صيانة حركتها من الخروق الاستخباراتية الإسرائيلية، فقد استطاعت هذه أن تخترق طهران نفسها، وفي أكثر مناطقها حساسية، نقصد الصناعة النووية، ومع ذلك، تضع إيران حياة الأهالي، وما تبقى لهم من أمان ومن موارد، تحت الخطر الذي غالباً أو دائماً ما يقع، على خلفية عجز وتبعية طغمة الحكم التي بات ولاؤها موزّعاً بين ايران وروسيا، تاركة سورية فريسة يتيمة.

ولكن من غير المستبعد أن تكون الصواريخ الإسرائيلية التي ضربت المرفأ هي الذراع التي تتحرّك لتنفيذ إرادة، ليست فقط أميركية، غرضها ردع نظام الأسد عن استخدام المرفأ لشحن مزيد من حبوب “الكبتاغون” إلى شتى جهات العالم، بكثافة وكميات غير مسبوقة، كما كشفت أخيرا صحيفة نيويورك تايمز، في 5 ديسمبر/ كانون الأول، أي قبل يومين من الضربة الإسرائيلية الأولى للمرفأ (بوصفه أداة جريمة)، بعد أن بقي طوال السنوات الماضية في منأى عن القصف الإسرائيلي الذي طاول كل مكان من سورية.

في هذه الحالة، فإن تحوّل طغمة الأسد إلى كارتل مخدّرات، وتحويل الدولة السورية إلى دولة مخدّرات (narco state)، وهو تطور طبيعي لهذا النمط من الدول، أو كما كتب بذكاء أحد المعلقين: “دولة الكبتاغون هي أعلى مراحل دولة الأسد”، نقول إن هذا التحوّل أعطى إسرائيل فرصة أن تأخذ دوراً “أخلاقياً” أمام العالم، وأن تكون ذراعاً أممياً يقمع تجارة مخدّرات تقوم بها طغمة تستخدم مقدّرات الدولة التي تسيطر عليها. تماماً كما وفرت الطغمة نفسها لإسرائيل أن تقوم بدور “أخلاقي” أمام العالم وأمام الشعب السوري بأن تُنجد سوريين هاربين من آلة القتل الأسدية، وتوفر لهم ملاذاً وغذاء وعلاجاً.

في هذه الحالات، أو الاحتمالات كلها، تبدو الأطراف الثلاثة الفاعلة في مناطق سيطرة النظام من سورية (روسيا، إيران، طغمة الأسد) شريكة لإسرائيل في غاراتها المتكرّرة على هذه المناطق، وفي استباحتها السهلة لها من دون أي تبعات. حتى التهديد الفارغ بالرد في الزمان والمكان المناسبين لم يعد يُسمع. وكان وزير خارجية نظام الأسد قد ابتكر، قبل ساعات من العدوان الإسرائيلي الأول على مرفأ اللاذقية، صيغةً تقول إن النظام بات الآن يرد على الغارات الإسرائيلية يومياً، من دون أن يحدّد شكل الرد، بانقطاع الكهرباء والخبز والوقود، أم بمزيد من التشبيح والفساد، أم بفرض ضرائب على الكلاب؟

يمكن وصف تكوين النظام السوري وأشباهه على أنه مقلوب إسرائيل، فهذه عدوانية على محيطها وتصالحية مع الداخل الإسرائيلي، فيما ذاك عدواني على الداخل وتصالحي أو انهزامي مع محيطه. لا غرابة، والحال هذا، أن تكون استجابة النظام على العدوان الإسرائيلي المتكرّر عليه عدواناً “يومياً” على الداخل السوري، بحسب تصريح الوزير.

كل طرف خارجي مهتم أخذ حصة من سورية، وبات الوضع السوري الحالي مكسباً لهذه الأطراف التي صار الصراع فيما بينها يقوم على زيادة الحصة أو مقايضتها. ليس لدى الأطراف، والحال هذا، دافع إلى إيجاد حل قد يعني لكل الأطراف، أو لبعضها، خسارة جزئية أو كلية، يستحسن تفاديها أو المماطلة فيها بالقدر الممكن. هذه فكرة سبق أن أشار إليها ميشيل كيلو قبل رحيله بأشهر.

ما تأخذه هذه الأطراف مجتمعة، يخسره الشعب السوري. وعلى اعتبار أن هذا الشعب بات مشتتاً في وجوده المادي وفي تمثيله السياسي وفي ولاءاته وتطلعاته، فإن قدرته باتت ضعيفة على استعادة ما خسر، سيما أن الدولة التي يفترض أنها تعبّر عن إرادته تخلت عن عموميتها وتحوّلت إلى مجرّد طرفٍ محاصص، واحتفاظها بحصّتها يرتبط باحتفاظ الآخرين بحصصهم. من ناحية أخرى، لا تميل قوى الأمر الواقع المسيطرة في سورية، ومن ضمنها نظام الأسد، إلى إعادة توحيد سورية. إذا عاد الخيار لأي من هذه القوى، فإنها تختار سيطرةً منفردةً فوق أرض أقل، على سيطرة مشتركة فوق أرض أوسع.

قليلة البلدان التي تحوّلت نخبها المسيطرة إلى شركاء للأجانب في صلب البلد وتقطيع أوصاله ونهبه، كما هو حال سورية اليوم. قليلة الشعوب التي تقطّعت بها السبل وتاهت في دروب سياسية عمياء وخاوية، كما حال الشعب السوري اليوم.

العربي الجديد

————————-

غارة اللاذقية… نقطة تحوّل روسية؟/ إبراهيم حميدي

الغارة الإسرائيلية الأخيرة على «حاوية أسلحة» في ميناء اللاذقية، قد تشكل نقطة محورية، أو على الأقل محطة أساسية، في الصراع السوري، خصوصاً إذا جرى التدقيق في التغيير بالموقف الروسي، وتم وضع ذلك في سياق تطورات حصلت في سوريا ودمشق وعواصم أخرى.

شنت إسرائيل في السنوات الماضية، مئات الغارات بصواريخ أرض – أرض أو بقصف جوي، على «مواقع إيرانية» في سوريا، كما أنها المرة الثانية التي يُقصف فيها ميناء اللاذقية. لكن بالتأكيد الغارة الأخيرة على الميناء تضمنت رسائل روسية واضحة إلى دمشق وطهران وواشنطن وعواصم أخرى.

إحدى إشارات التغيير الكبير في الموقف الروسي، هو أنه في 2018 حصل توتر بين موسكو وتل أبيب على خلفية إسقاط سوريا لطائرة روسية في البحر المتوسط، بعد غارات على غرب سوريا. وقتذاك، تطلب الأمر زيارات و«اعتذارات» من رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، للرئيس فلاديمير بوتين، لطي صفحة التوتر.

الآن، يبدو بالفعل، أن حجم ونطاق وكثافة القصف الإسرائيلي، ما بعد لقاء بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت، في سوتشي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ليس كما كان قبله. واضح أن بينت حصل على «ضوء أخضر» من بوتين لتوجيه «ضربات أشد وأدق وملاحقة إيران في سوريا ومنع تموضعها الاستراتيجي». فقط طلب بوتين من إسرائيل، «عدم التعرض للمصالح الروسية في سوريا» و«تجنب استهداف مباشر للقوات السورية»، إضافة إلى إبلاغ قاعدة حميميم عبر الخط الساخن بموعد القصف قبل «فترة معقولة» من حصوله. لا شك، أن قصف أطراف دمشق بصواريخ أرض – أرض في نهاية أكتوبر مثالٌ. منع الرد على قصف قاعدة «تي فور» في ريف حمص مثال ثان. أما الاختبار الثالث، فكان بقصف ميناء اللاذقية في 7 من الشهر الماضي، ثم قبل يومين.

منذ لقاء بوتين – بينت، تغير الخطاب الروسي. قبل ذلك، كانت قاعدة حميميم تفاخر بقيام مضادات الدفاع الجوي السوري، الروسية، بالرد على القصف. وتنشر بياناتها الرسمية تفاصيل أنواع الصواريخ، التي بالتأكيد لم تشمل منظومات «إس 300» و«إس 300 المتطورة» و«إس 400». لكن بعد اللقاء، هناك ثلاثة اختبارات تؤكد تغير تعليمات الكرملين:

الأول، جاء من المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف خلال زيارته دمشق في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما قال رداً على الغارات إن موسكو «ترفض بشكل قاطع هذه الأعمال اللاإنسانية، وندعو للتواصل مع الطرف الإسرائيلي على جميع المستويات حول ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ووقف عمليات القصف». وأضاف: «في هذا السياق سيكون الرد باستخدام القوة غير بناء لأنه لا أحد يحتاج إلى حرب في أراضي سوريا».

الثاني، في نهاية الشهر الماضي، عندما أعلنت قاعدة حميميم أن القصف الإسرائيلي استهدف «مستودعاً» في مطار دمشق، في إشارة إلى مصالح إيرانية، على عكس البيان الرسمي السوري الذي أشار إلى أن «رشقات» القصف استهدفت جنوب سوريا.

الثالث، جاء بعد القصف الأخير على اللاذقية، إذ إنه لأول مرة تشرح وزارة الدفاع الروسية أسباب عدم الرد على القصف، إذ قالت في بيان إن «قوات الدفاع الجوي السورية لم تدخل قتالاً جوياً، لأنه تواجدت وقت الضربة في منطقة نيران منظومات الدفاع الجوي طائرة تابعة لقوات النقل العسكري للقوات الجوية الفضائية الروسية خلال عملية الهبوط في مطار حميميم».

لهذه الكلمات معانٍ كثيرة، خصوصاً إن تأتي من بلد مثل روسيا، حيث الكلمات تدرس في المختبرات قبل توزيعها وإلقائها. واضح، أن موسكو قررت بعث رسائل عدم رضا إلى طهران ومحاولة تمددها العسكري في سوريا. أكيد أنها لم تكن مسرورة، عندما قال أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، خلال لقائه وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في طهران، الشهر الماضي، إن «المقاومة هي السبيل الوحيد لاستئصال هذه الغدة السرطانية (أي إسرائيل) من المنطقة». كما أنها لم تكن راضية على قيام مسيّرات إيرانية بقصف قاعدة التنف الأميركية جنوب شرقي سوريا «رداً» على قصف تل أبيب لقاعدة «تي فور» في ريف حمص.

أيضاً، موسكو يبدو أنها قررت رفع مستوى الضغط على دمشق، كي تنحاز إلى الخيارات الروسية. ولا شك أن ظل القصف الإسرائيلي في القنيطرة، شيء، وفي وسط سوريا، شيء آخر. أما أن يكون القصف في اللاذقية، المعقل الرئيسي لموالي النظام وقاعدته الاجتماعية، وعلى بعد 20 كلم من قاعدة حميميم الروسية، ففي هذا رسائل كثيرة، لا تخطئ وجهتها.

لا شك أن لجم الاستهداف الإيراني للوجود العسكري الأميركي، ومباركة القصف الإسرائيلي للوجود الإيراني، وغض الطرف على تأليب القاعدة الاجتماعية في الساحل السوري، والتدخل مباشرة لتفكيك شبكات المخدرات قرب حدود الأردن، رسائل روسية إلى دول عربية كي لا تتراجع عن «التطبيع» مع دمشق، وإلى واشنطن وتل أبيب كي تباركا أكثر الدور الروسي في سوريا.

——————————

عندما تدين جماعة”الاخوان”في سوريا..غارات إسرائيل/ ساطع نور الدين

يلامس البيان الاخير لجماعة الاخوان المسلمين في سوريا والجدل الذي أثاره في أوساط المعارضة السورية، مسألة بالغة الدقة والحساسية، لطالما جرى التغاضي عنها وتفادي مناقشتها بهدوء، بعيداً عن الانفعالات والضغائن التي تحكم الحدث السوري الملتهب: وهي الدور الاسرائيلي المعقد في سوريا، الذي لا يرسم باللون الابيض أو الاسود، إلا في دعمه لبقاء نظام الرئيس بشار الاسد في السلطة.

بدت الجماعة، الصامتة نسبياً، وكأنها تخالف “إجماع الامة السورية”-إذا جاز التعبير- عندما أدانت الغارات الاسرائيلية الاخيرة على مرفأ اللاذقية، الذي وصفته بأنه “الرئة الاولى لسوريا”، وقالت ما حرفيته: “إننا سنظل متمسكين بحرمة شعبنا وأرضنا وبحرنا وجوّنا ضد كل أشكال الانتهاك والعدوان الصهيوني والروسي والايراني..ولن نمل من إدانة كل عدوان يقوم به العدو الصهيوني على أرضنا وشعبنا وديارنا”.

هو في الأصل، موقف مبدئي متقدم، بالمقارنة مع سكوت بقية أطراف المعارضة السورية، أو فرحتها المكتومة- أو حتى المعلنة أحيانا، بمثل هذه الغارات التي تستهدف بشكل رئيسي مواقع إيران وحلفائها اللبنانيين او العراقيين أو غيرهم.. وقد سبق للجماعة بالفعل أن أدانت، الى حد الملل، مختلف الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا وفلسطين ولبنان، ثم إستراحت، حتى ضرب الاسرائيليون “الرئة الاولى لسوريا”، مرتين في شهر واحد، في ما يبدو أنه منعطف جوهري في الصراع المحتدم بين حلفاء النظام وشركائه، على سوريا ومنشآتها ومرافقها الحيوية ومستقبلها.

الادانة بديهية، لكنها لم تتوقف عند هذا الصراع، ولم تشرح وقائعه ومعانيه، ولم تعبر عن موقفها و تقديرها لمآلاته. تفادت الجماعة عن عمد، الدخول في هذه التفاصيل، على أهميتها الفائقة، في قولها أنها تدين الاعتداءات الصهيونية، “سواء كانت خُلبية لإعطاء شعار المقاومة والممانعة الكذوب معناه، أو كانت نتيجة لصراع اللصوص على الضحية”. وفي الحالتين اللتين لم تشرحهما ولم تدرك الفوارق بينهما، بدت “الجماعة” وكأنها منفصلة عن الواقع أكثر من أي وقت مضى. فالغارات الأخيرة التي إستفزت “الاخوان” أكثر من مئات بل آلاف الضربات الاسرائيلية السابقة، لم تكن مخادعة، أو صورية(خُلبية)، ضد الاهداف الايرانية، بل لعلها من أهم وأقوى الغارات تأثيراً ضد إيران ومواقعها ومصالحها السورية التي بلغت مرفأ اللاذقية.. وهي بالتأكيد ليست صراع لصوص مجهولي الهوية على التركة السورية. الغارات هي ذروة التنافس الاستراتيجي الروسي الايراني على الاستيلاء على سوريا. والطيارون الاسرائيليون كانوا يغيرون ، هذه المرة ، بأوامر مباشرة من غرفة العمليات العسكرية الروسية، ويلتزمون ببرامج شركات روسية معنية بالهيمنة على المرافىء والمطارات والقطاعات الاقتصادية السورية كافة، وطرد الايرانيين منها. ولذلك، بات الخطاب الرسمي الروسي، يضيف الى أهداف روسيا التقليدية من غزوها لسوريا، أي مكافحة الارهاب وإعادة الاستقرار ، هدفاً جديداً هو “الاسهام الروسي في إعادة بناء سوريا”، على ما جاء في برقية المعايدة التي وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى نظيره السوري بشار الاسد قبل أيام.

كان يتوقع من “الجماعة”، بعد الادانة، وبعد تعبيرها عن الحرص على ثروات سوريا ومرافقها الوطنية، أن تجادل في هذه الوقائع الإستثنائية. عندها كان يمكن للموقف المبدئي المقدّر، أن يمثل إضافة نوعية على وعي سياسي سوري مفتقد، وعلى دور سياسي سوري منشود.. وأن يخرج الجماعة السورية من العتمة التي حشرتها فيها تنظيمات وشبكات بل وعصابات إسلامية سورية، تشكل اليوم أكبر إساءة لجميع تيارات الاسلام السياسي، وأخطر تهديد لمستقبل الوطن السوري وبقية الاوطان العربية والاسلامية من دون إستثناء.

مع ذلك، فإن الجماعة، في بيانها الاخير، وبرغم ما أثاره من تشكيك متجدد بوطنيتها، قد تكون حفرت ثغرة صغيرة في جدار الموات السياسي السوري، يمكن أن تفتح باباً  لسجالات منتظرة حول مصير سوريا، وحول عدو تاريخي لا يحتمل الموقف منه أي مساومة، ولا يسمح له بأي إختراق للوطنية السورية، التي أثبتت بالفعل، طوال السنوات العشر الماضية، أنها عصية على الاختراقات الاسرائيلية..التي كانت ولا تزال نادرة في بيئة المعارضة السورية، وأصبحت فاقعة، بل فاضحة، في بيئة النظام وأنصاره، بدليل الغارات الاسرائيلية نفسها.

لعل بيان الجماعة يقدم خدمة إضافية متواضعة، إذا تمكن من لجم بقية أطراف المعارضة السورية وإلزامها بالصمت المطبق، إذا لم يكن لديها قولٌ ذو معنى، عن الدور الاسرائيلي في سوريا، الذي لا يختزل بالغارات العدوة على أهداف إيرانية معادية. 

المدن

————————-

=================

تحديث 02 كانون الثاني 2022

———————-

سورية .. مصالح روسيا وإيران/ فاطمة ياسين

يعدّ ميناء طرطوس المنفذ البحري الوحيد الذي تستطيع روسيا استخدامه بحريةٍ مطلقةٍ خارج نطاق دول الاتحاد السوفييتي السابق، ففي العام 2019 وقّع نظام الأسد مع روسيا اتفاقا يمكّن الجانب الروسي من استخدام ميناء طرطوس لمدة تصل إلى 49 عاماً، وتكون لروسيا السيادة السياسية والقضائية على الميناء، ويمكنها أن تنشر فيه العدد الذي ترغب فيه من السفن، ويشمل ذلك السفن النووية.. بينما الميناء الآخر الواقع إلى شماله، على بعد 90 كم، في اللاذقية، تشغله إيران جزئياً، وتوجد فيه بشكل مؤثر، إذ تحرّكت إيران بشكل جدي، حين انتهى العقد المبرم، بين ائتلاف شركة فرنسية لتشغيل خطوط النقل البحري وإدارة محطة الحاويات مع شركة “سوريا القابضة” لصاحبها هيثم جود في 2019، لتضع يدها على إدارة ساحة التخزين الرئيسية في ميناء اللاذقية. ولقي الاتفاق اعتراضاً روسياً بسيطاً لقرب الميناء الشديد من قاعدة الوجود العسكري الجوي الروسي في حميميم، خصوصاً أنّ هذه القاعدة تعرّضت أكثر من مرة لهجوم من طائرات درون مجهولة المصدر، لكنّ الاعتراض اختفى بعدما حصل الروس على حصّتهم البحرية في طرطوس، وبعد عدة لقاءات بين مسؤولين روس وإسرائيليين، جمع أحدها فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو، وتضمّنت وقوف روسيا على الحياد، في حال قرّرت إسرائيل القيام بهجمات ضد أهداف إيرانية في سورية. أدارت إيران، وبشكل رسمي، ساحة تخزين الحاويات الرئيسية في الميناء، على الرغم من قلة السفن الراسية هناك بعد بداية الحرب، لكنّ الجانب الإيراني وجد نفسه على منفذٍ مباشر على البحر المتوسط، استغله لصالح سياسته المعروفة، وإحكام سيطرته على ما يستطيع ابتلاعه من الأرض السورية، خصوصاً بوجود منافس روسي صلب وعنيد.

تلقت الأراضي السورية في العام السابق وحده حوالي 30 هجوماً إسرائيلياً على أهداف سورية وإيرانية، بمعدل هجومين إلى ثلاثة في الشهر، ما يعني أنّ النشاط الإيراني داخل الأراضي السورية تتابعه إسرائيل وبشكل دقيق ومنظم، لكنّ ميناء اللاذقية الذي أصبحت إيران تشغل قسماً مهماً منه، وبشكل رسمي، لم يتم الاقتراب منه إلّا مع بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فقد تعرّض الميناء، وبالذات قسم ساحة تخزين الحاويات الذي تديره إيران، إلى هجمتين، قيل إنّ الهجمة الثانية كانت واسعةً ومدمرة بشكل كبير، وقد حفزت شدّة الضربة جزءاً من جمهور النظام والإيرانيين على توجيه اللوم للجانب الروسي الذي يوجد بكثافة في سورية.

لا يجيد جمهور النظام القراءة، أو أنّه يتقصد توجيه رسائل محرجة إلى روسيا التي اكتفت بتبرير هزيل، وكأنّه يريد حرف اللوم عن الجهة التي يُفترض عليها حماية مصالحها، وهي إيران، ربما طمعاً منه بقدرة الروس، لكن في الواقع فميناء طرطوس الذي انتقل عملياً إلى إدارة روسيا لم يُمسّ، وتحرص روسيا على تطويره، ولا تخفي خططها اللوجستية والتوسعية التي تنوي القيام بها في الميناء من دون أن تتعرّض لهجمة إسرائيلية واحدة، فيما يتعرّض ميناء اللاذقية للقصف المركّز مرة بعد مرة، وهو، كما سبق القول، مكان مهم لوجود القوات الإيرانية، فمن الأوْلى أن يحمي الإيرانيون امتيازاتهم، وليس من مهام الروس الدفاع عنهم أو الردّ على أي هجوم يستهدف وجودهم. أما سورية المستباحة فيتملكها القوي ويفرض نفسه، وهو القادر بوضع اليد على ذلك، بعد الغياب الرسمي للدولة التي لا تقوى على أية مواجهة، وعلى كلّ مستفيدٍ من الوجود في سورية أن يحمي ممتلكاته… هذه الرسالة القصيرة والمباشرة التي تريد روسيا أن تقولها من خلال الاكتفاء بمشاهدة آثار الدمار في ميناء اللاذقية.

العربي الجديد

———————

أسد.. أبد.. إعمار البلد!!!/ غزوان قرنفل

على خدها الأيمن ابتداءً تلقت المعارضة السورية صفعة (سيرغي لافروف) وزير الخارجية الروسي عام 2012 عندما صرح قائلا إن بلاده “لن تسمح للسنة بحكم سوريا”، وعندما أدارت له خدها الأيسر تلقت الصفعة الثانية من المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا (ألكسندر لافرنتييف) عندما صرح أن الدستور الذي يتم الاشتغال عليه يجب أن لا يهدف إلى إزاحة الأسد عن السلطة أو التقليل من صلاحياته(!) وما بين الصفعتين كانت الطائرات الروسية تشن حرب إبادة حقيقية على السوريين بقنابلها المدمرة لتنتزع منهم كل ما كان بين أيديهم من أراض دفعوا ثمن تحريرها من احتلال قوات النظام وميليشياته الطائفية دما وتجويعا وتهجيراً لم يسبق لسلطة أن فعلته بشعبها عبر التاريخ، وفي بث مباشر وحي لكل الوقائع والأحداث التي كان يشاهدها العالم دون أن يفكر مرة بخيار واحد تفرضه عليه قيمه الإنسانية والحقوقية، فضلا عن التزاماته القانونية المفترضة بحماية المدنيين.

الحقيقة أن الروس كانوا دائما واضحين وشفافين تماما في أسلوب تعاطيهم مع الملف السوري وإدارة الصراع بين أطرافه، فهم لم يخفوا قط دعمهم العلني واللامحدود لنظام الأسد، وهم قالوا صراحة إن تدخلهم العسكري المباشر في الصراع السوري عام 2015 جاء تماما لدعم وحماية نظام الأسد من التداعي والسقوط، وبالتالي لا يمكن الزعم أن المعارضة السورية متفاجئة ومصدومة من التصريح الأخير خصوصا أنه يأتي ضمن السياق الطويل لاشتغال الروس على عدة مسارات تبدأ بإعادة تثبيت نظام الأسد وتدعيم مقومات استمراره، مرورا بتعزيز فكرة أبدية هذا النظام الذي انتصر على شعبه المتآمر (!) وانتهاء بالعمل الحثيث على دفع الشركاء الدوليين نحو ضرورة إعادة الإعمار بالنظر للأمر الواقع الذي يتعين عليهم التعامل معه بعد طي صفحة العقوبات الاقتصادية، ونسيان موضوع المساءلة عن الجرائم والانتهاكات، وعلى المعارضة السورية أن تفهم تلك المعادلة وأن تتقبل نتائج هزيمتها وتتشارك مع النظام ببعض المناصب الحكومية الوضيعة التي يقبل النظام أن يتكرم بها عليها.. ولأجل ذلك هي فرضت نسقا مغايرا لإدارة الصراع سياسيا عن مسار جنيف والقرارات الدولية فاجترحت مسار أستانا ومناطق خفض التصعيد، ومن ثم سوتشي وسلال ديمستورا واللجنة الدستورية، واللافت كان حجم الاستجابة والمطواعية التي تعاطت معها المعارضة في هذا المسار وكم الأوهام التي عششت في عقولها، والقائمة على افتراض أن خيوط فجر سوريا الجديد ربما تتبدى ملامحه من إشراقة شمس موسكو !!!.

ما يثير الدهشة أن قوى المعارضة اكتفت بمجرد بيان تافه وخجول أو مجرد تصريحات أو تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعلن رفضها لما جاء في تصريحات المبعوث الروسي، والتي من شأنها حسب قول أحدهم أن تقوض العملية السياسية برمتها (!!!) وكأن العملية السياسية أصلا تسير بالشكل القويم على سكة الحل بلا أية منغصات أو عراقيل وجاء هذا التصريح لينسفها أو يقوضها(!).

هذه الضحالة والصبيانية في إدارة الصراع والتعاطي مع الحال السوري، وقبول المعارضة بما صدر عن اجتماع أستانا الأخير لجهة قضايا ما سمي التعافي المبكر المزعوم، وللعقوبات الاقتصادية على سلطة العصابة، هي ما يفضي بالضرورة لتلك التصريحات والمواقف الروسية، وهي ما سيقود تلك المعارضة المتهافتة للقبول بأي حل يصوغه الروس ضمن المحددات التي عبروا عنها في تصريحاتهم وسياساتهم منذ 2012 وحتى الآن  وسيقود القوى الدولية الأخرى إلى التخلي كليا عن مسار جنيف وموجبات القرار الدولي 2254، والبحث الجدي عن مصالحها الاقتصادية المباشرة طالما أن أصحاب القضية قد باعوا قضيتهم.

من الواضح تماما بالنسبة للسوريين عموما أن هذه المعارضة في تركيبتها الحالية المترهلة وأدائها ليست بمستوى القضية التي يتعين عليها حمل عبئها، وأنه لابد من مراجعة سريعة وجراحة عاجلة لإعادة بناء تصور جديد ليس فقط لبنية المعارضة وإنما أيضا لإعادة الصراع إلى مسرحه الحقيقي والتمسك بالقرارات الدولية ذات الصلة بالمسألة السورية، واعتبارها الأجندة والإطار الوحيد للحل وفك ارتباطها بباقي المسارات المبتدعة الأخرى الأستانوية والسوتشية والدستورية وغيرها من البدع التي يتحفنا بها الروس بين الحين والآخر.. ولدى المعارضة القوة لفعل ذلك وهي قوة الامتناع والرفض، وهي قوة لايستهان بها.. ذلك أن روسيا أولا والمجتمع الدولي ثانيا صار يحتاج إلى حل لإطفاء جذوة هذا الصراع، وهذا يحتاج إلى شركاء في صناعته وتنفيذ موجباته، والمعارضة هنا هي الشريك المفترض الذي يجب أن يعرف كيف يستثمر تلك الحاجة في تغيير معادلات الحل السياسي الذي يريده الروس، والعودة إلى معادلات الحل التي توافق عليها المجتمع الدولي ومنهم الروس أنفسهم.

قوة الرفض والامتناع ليست شيئا يجب الاستهانة فيه وفي فاعليته إن أحسنت المعارضة استخدامه واستثماره.. ولعبة عض الأصابع أهون وأنجع ألف مرة من الرضوخ لحل يحيي شرعية النظام وديمومته ويدخل سوريا في غيبوبة الاستبداد لقرن آخر… فارفضوا وامتنعوا يا أولي الألباب.

تلفزيون سوريا

———————-

زهايمر سياسي روسي بعد أستانة17/ د.باسل معراوي

يدرك الجميع هدف الروس الحقيقي بسورية ولكن دون تجاوز خطوط دبلوماسية حمراء…في احاديث دائمة ومن مختلف المستويات ان هدف التدخل المعلن هو ابقاء نظام الاسد وعودة سلطة (الدولة السورية) الى كامل التراب السوري…ولكن يتميز الروس بالبراغماتية فهم ليسوا مستعدين للصراع مع الاطراف الفاعلة بالقضية السورية (أمريكا–تركيا–ايران–العرب –الاتحاد الاوربي) فهي تحاول تقديم نفسها طرف يتكلم معه الجميع

حاولت روسيا حسم الملف السوري عسكريا لفرض رؤيتها السياسية لكن التموضع الأمريكي والتركي في الشمال حال دون ذلك…وبالتالي اصبح الروس غير قادرين على ذلك عمليا كما انهم غير قادرين على منع استهداف إسرائيل للتموضعات الايرانية وغير قادرين(لحد الآن) عن التخلي عن الجهد الميليشياوي الايراني على الارض…

بالإضافة لكونهم غير راغبين بتحدي المانحين الدوليين لاعادة الإعمار المرتقبة وهم دول الاتحاد الاوربي ومجلس التعاون الخليجي

الثابت الرئيس في السياسة الروسية أن زمن المعارك الكبرى قد انتهت وان لاتحول بمناطق السيطرة على الارض جوهريا وأنه لابد من استثمار ذلك الجهد العسكري الذي قدموه سياسيا ومن ثم اقتصاديا

لم ينجح تسول الروس للاموال من المانحين بعقد مؤتمرات صورية لتأمين عودة اللاجئين من الدول التي تحتضنهم الى سورية وبالتالي يسبق ويرافق ذلك اعادة للاعمار باشرف روسي ونيل حصة الاسد من اموال مخصصة لذلك مع تقديم نفسها راعي الحل وتخليص العالم من صداع القضية السورية وبالتالي تثببت روسيا نفسها كدولة حققت السلام والهدوء المنشود دون الحاجة لتطبيق القرارات الدولية وتفسيراتها…

مر العام 2020 و2021  بعد توقف المعارك الكبرى في ادلب ولم تحقق روسيا شيئا مما تخطط له…

حاولت استغلال رغبة الرئيس الديمقراطي المعلنة بالانسحاب من مناطق النزاع التي لانهاية للحروب فيها وخاصة بعد الانسحاب الامريكي من افغانستان…وبدأت تعد العدة للحلول مكان القوات الامريكية المنسحبة وهو ما عبر عنه بوتين صراحة عند استقباله لرئيس النظام السوري في موسكو بان ميليشيات نظامه تسيطر على 90% من الجغرافيا السورية..وبالتالي لايمكن عقد شراكة مع المعارضة التي تسيطر على 6% من الجغرافية (طبعا مع استثناء هيئة تحرير الشام من مناطق سبطرتها على ادلب لانها كما يرى الاغلبية انها فصيل نابع للنظام)…

كانت اشارة القيصر الروسي معناها انه تم اطلاق النار على الراس على القرار الدولي 2254 وبالتالي اصبح ذلك القرار ميتا وإكرام الميت دفنه

ثم عزز موقف الروس بعد لقاء القمة مع الرئيس الامريكي بصيف 2021 في جنيف ..وبدا ان للامريكان مقاربة إنسانية بحتة للملف السوري خاصة إنهم لايوردونه في قائمة اولوياتهم وان الامريكان ذاهبون للتوقيع على اتفاق نووي مع الايرانيين وسيتركون  سورية لراعي دولي له علاقات مع كل اطراف النزاع..بحيث تسود الهيمنة الروسية على سورية ويتم تحقيق امن اسرائيل ومحاربة بعض بقايا الارهاب والحفاظ على وقف اطلاق النار وعدم التصعيد….وقدم الرئيس بايدن تنازلات حقيقية للرئيس الروسي لتمرير 2585  في مجلس الامن القاضي بالموافقة على استمرار تدفق المساعدات الاممية عبر معبر باب الهوى حيث استثنى الرئيس الامريكي جملة من الانشطة تحت مسمى التعافي المبكر من العقوبات القيصرية الامريكية…واعتبر الروس ان خطوة الالف ميل باعدام قانون قيصر قد بدات وسيتم خرقه مجدد

زيارة العاهل الاردني لواشنطن وموسكو في الصيف الماضي وما اعقبها من تطبيع اردني وقبول النظام السوري كامر واقع لامناص من التعامل معه وترافق ذلك مع اغماض العين الامريكية بل تشجيعها  على مبادرة خط وصول الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى لبنان عبر مناطق سيطرة النظام وحصول النظام على حصص عينية من كهرباء وغاز والاهم من ذلك هو الحرارة السياسية التي اعقبت ذلك تجلى باجتماعات وزارية بين الدول الاربعة كانت الاولى للنظام السوري بعد قطع العرب اتصالاتهم العلنية معه…

كانت دعوات عودة النظام السوري لشغل مقعد الجمهورية العربية السورية في الجامعة العربية في قمة الجزائر القادمة 2022 كانت تطرب اسماع الروس ..واخذوا يعدون العدة لتطبيع متدرج مع النظام السوري من مختلف الافرقاء ..نظرا لعدم توفر بديل له…ولايخفى على الجميع ان رمز الانتصار العسكري  الروسي (المزعوم) في سورية  هو وجود بشار الاسد في قمة السلطة وهو الذي كان مهددا بالسقوط خلال اسبوعين لولا تدخل الالة العسكرية الروسية

لماذا  تعكرت الأجواء على الروس مؤخرا؟

يمكن ادراج عدة اسباب جرت في الشهرين الاخيرين ادت لتعطيل المسار الذي كان الروس يمنون النفس به منها:

1–تعثر المفاوضات في فيبنا بين المجموعة الغربية وإيران وظهور مؤشرات عديدة تقول انه من الوارد عدم حدوث اي اتفاق وعودة المنطقة للتصعيد بحرب رمادية او مباشرة وقد بدأت الاصوات تعلو عن ضربة اسرائيلية قريبة للمنشآت النووية الايرانية تقوم بها لوحدها او بالمشاركة مع الولايات المتحدة برغبتها او توريطها بذلك

2– ازاء تعثر المفاوضات برزت مواقف ومؤشرات امريكية لاتسر الجانب الروسي..فقد قرر الرئيس الامريكي برسالة موجهة الى الكونغرس ان بقاء القوات الامريكية في سورية اثر سحب القوات القتالية من العراق بقاء غير محدد باجل طالما يستدعي أمن الولايات المتحدة ذلك.

ترافق ذلك مع حملة صحفية من اهم صحيفتين في الولايات المتحدة(الواشنطن بوست  والنيويورك تايمز) بشن حملة على ممارسات النظام السوري وشخص رئيسه وعائلته..تلاه ربط مشروع قانون لكشف ثروة عائلة اسد وعشيرتها الاقربون وامهال الكونغرس للحكومة الامريكية مدة 4 اشهر لانجازه وربط مشروع القانون بقانون الدفاعةالوطتي الامريكي لضمان توقيع الرئيس عليه واصبح قانونا بعد توقيعه وتم اسقاط مشروع قانون بتعطيل شبكات تصنيع وتجارة المخدرات التي يقوم بها النظام السوري والتي تهدد الامنىالمجتمعي لدول الجوار والعالم اجمع…ولكنه بقي مسودة قرار تم صباغته من المشرعين الامريكان ويمكن ان يقر في هذا العام…

3–تزايد حدة ومواقف الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة من النظام السوري خاصة بعد فشل زيارة وزير الخارجية الاماراتي لدمشق والبناء عليها ان لا أمل بنزع النظام السوري من الحضن الايراني باي شكل من الاشكال..

4–لايمكن اغفال نشر الصحافة الامريكية لضربات امريكية تمت في عام 2020 وبحزيران 2021 لمتشآت سورية قرب دمشق تعمل على استمرار مشروع النظام السوري بامتلاك غاز السارين ..وبالتالي فشل كل الضمانات الروسية بتسليم كامل مخزونات النظام من السلاح الكيماوي وعدم العودة لمشروع انتاجه مجددا وهو موضوع القرار الدولي تحت الفصل السابع 2118…ايضا اثارة الموضوع في الجمعية العامة للامم المتحدة ..وليس بعيدا عن ابراز الملف دوليا هو اعتقال السلطات الفرنسية لتاجر فرنسي من اصل سوري قام بتوريد مواد ومعدات لصناعة اسلحة كيماوية

القشةالتي قصمت ظهرالدب الروسي

5- هذه القشة هي تصريحات السفير السعودي في الامم المتحدة حيث عبر عن موقف بلاده(وموقف المجموعة الدولية الفاعلة بالملف السوري حيث تعتبر المملكة حجر اساس لتنفيذ اي سياسة بالمنطقة) بكلمته الاخيرة والتي عنوانها لاتصدقوهم وملخصها ان النظام السوري هو نظام إبادة بشرية وليس نظام مارق او دكتاتوري…لايمكن التوصل لاي اتفاق مع انظمة الابادة البشرية حتى بعد حرب..اذا لابد من استئصالها تماما (كنظام هتلر) ..

وصلت الرسالة للروس ان هناك قرار دولية بسكب سطل ماء متجمد على كل المساعي الروسية لتعويم النظام سياسبا ومن ثم اقتصاديا او بالعكس…اذ ان *لادولار لإعادة الإعمار ولا تطبيع مع بشار* هو موقف دولي وانه من الممكن تم صنع فخ او مازق  او مستنقع سوري لروسيا بحيث تبقى تستنزف ولاتستطيع التقدم خطوة للامام ولا التراجع خطوة الى الخلف..اصيبت بصدمة عبر عنها لافرنتيف مؤخرا وحاول تخفيف اثرها بل حتى تكذيبها(بتبادل ادوار) من قبل بوغدانوف ..وبدا ان الروس يوصلون الامور لحافة الهاوية فيما الامريكان سعيدين باستنزاف كل القوى المنخرطة بالشان السوري للتخفيف من طلبات الرؤوس الحامية بعد إنهاكها وقبل الجلوس الى طاولة مستديرة.

ويبقى كالعادة الشعب السوري يتحمل كل اوزار الصراع الدولي في سورية وعلى سورية.

———————————-

في تشابه مرفأي اللاذقية وبيروت..يختبئ شيطان/ باسل العودات

عام ونيّف يفصل بين التاريخين، الثلاثاء 4 آب/أغسطس 2020، والثلاثاء 28 كانون الأول/ديسمبر 2021، في الأول حصل انفجار مهول في مرفأ بيروت اللبناني، وفي الثاني حصل تفجير لمرفأ اللاذقية السوري، ورغم اختلاف الطريقة والفاعل والأسلوب، إلا أنهما حدثان متشابهان في كثير من التفاصيل.

صحيح أن انفجار مرفأ بيروت أضخم بكثير من ذلك الذي تعرض له مرفأ اللاذقية، وتسبب بخسائر بشرية ومادّية غير محدودة للبنانيين، شعباً ودولة، إلا أنه وبالنظر إلى الموضوع بكلّيته، تتضح أوجه الشبه، وتتضح مأساة شعبين مغلوبين على أمرهما منذ عقود.

البضاعة التي انفجرت في مرفأ بيروت لا علاقة للبنانيين بها لا من قريب ولا من بعيد، وكذا الأمر في مرفأ اللاذقية، في الأول انفجرت مواد تُستخدم لصناعة أسلحة ومتفجرات، لا يُعرف من ستقتل في لبنان، وفي الثاني أسلحة ومتفجرات معروف من ستقتل في سوريا، وفي الأول أيضاً، لا مالك البضاعة ولا بلد الوصول، لهما صلة بلبنان، وفي الثاني كذلك، لا مالك البضاعة ولا الجهة التي ستذهب إليها، له صلة بسوريا، وفي مرفأ بيروت يُسيطر حليف إيران بالكامل على المرفأ، ويبتلع الدولة، فيما يُسيطر النظام السوري على مرفأ اللاذقية، ويبتلع الدولة أيضاً.

المرفأن الفينيقيان منفذان رئيسان للاقتصاد الوطني لكل من لبنان وسوريا، وللتجار والمواطنين، والمساس بهما -فضلاً عن أنّه يمسّ جزءاً معنوياً من تاريخ هاتين المدينتين- فإنه يشلّ الحركة التجارية والاقتصادية ويُجوّع الشعبين، ولا يؤثر بطبيعة الحال على السلطتين لأنهما لا تأبهان بردود الفعل، ولا تعترفان بأخطائهما، ولا تتحدثان إلا بمنطق أن ما يجري هو مؤامرة عليهما بسبب وطنيتهما وصمودهما وتصدّيهما، وتستمران في غيّهما رغم رفضهما شعبياً على مستوى واسع.

في هذين المرفأين، يُمنع تخزين مثل هذه البضاعة “التدميرية”، وهذا الأمر إلزامي في كل المرافئ التجارية في بلاد العالم، وإدارات المرافئ لا تسمح مُطلقاً بتفريغ أي شحنة تحتوي على مواد حارقة أو متفجرة أو قابلة للاشتعال، وحدها سلطة مرفأ بيروت وسلطة مرفأ اللاذقية تسمحان بذلك من دون أن يرف لهما جفن.

في تفجير بيروت اتُهمت إسرائيل بصلتها بالموضوع، وأن ما جرى هو قصف متعمّد وليس تفجيراً غير مقصود، كما اتُّهمت إيران بشكل غير مباشر بتخزين مواد لتسريبها تدريجياً من المرفأ إلى الحليف السوري، وفي تفجير اللاذقية اعترفت إسرائيل بصلتها بالموضوع وبغارتها، وكانت هناك تأكيدات على تخزين إيران لأسلحة خطيرة.

 إسرائيل وإيران عاملان مشتركان في القصتين، والحدثان التخريبيّان وهما نتيجة مباشرة لتدخّل هاتين الدولتين في سوريا ولبنان، ولأهداف لا علاقة لها بالشعبين ولا الدولتين، تدخّل يُلامس حدود الاحتلال لهاتين الدولتين، والسوريون واللبنانيون ضحايا مشتركون على الصعيد الاقتصادي والبشري والسياسي.

منذ استقلال سوريا ولبنان، كانت هناك جمارك مشتركة بينهما، يرأسها دائماً لبنانيون، وكان المرفأ المشترك في بيروت، إلى أن قرر الرئيس السوري خالد العظم فصل الوحدة الجمركية مع لبنان، وأنشأ مرفأ اللاذقية، فكان واحداً من أهم المشاريع الاقتصادية في عهده. لكن ذلك لم يُغير من حقيقة ترابط وتكامل البلدين اقتصادياً واجتماعياً وإنسانياً، إلى أن بدأ التدخل الإيراني، الذي استفزّ بدوره وبقوّة الطغيان الإسرائيلي، ورافقه الطغيان السلطوي الذي أفسد ودمّر في لبنان كما في سوريا.

بعد حادثتي المرفأين، تعمّقت أزمات البلدين، اللذين يعانيان أساساً من أزمات مالية واقتصادية وسياسية خانقة، ومن قطيعة عربية، وخليجية خصوصاً، تطاول البلدين.

منظومة السلطة في كلا البلدين، سوريا ولبنان، منظومة شمولية قمعية فاسدة، تتستر بغطاء ديماغوجي قوامه الممانعة والمقاومة، منظومة سمحت لإيران بأن تستثمر في الفوضى الشرق أوسطية، فتحكّمت بالسلاح والقرار السياسي وغير السياسي، على حساب اللبنانيين والسوريين، ومن دون أي حساب إلا في حدود ما تفيد الاستراتيجية الإيرانية.

لن يطول الحال كثيراً حتى يستعيد السوريون واللبنانيون، من صور إلى طرابلس، ومن درعا إلى حلب، زمام المبادرة كشعب واحد تحكمه طغمتان، ولا انفكاك وحرية لواحد إلا بحرية الآخر، وإبقاء شعلة العلاقة التاريخية والإنسانية متّقدة، لأنها إحدى الأدوات التي تكسر أُسس الطغيان.

المدن

—————————-

قصف اللاذقية:فخ إسرائيلي..وتواطؤ روسي/ بسام مقداد

انتهى العام 2021 بحملة إنتقادات واسعة في الإعلام السوري الموالي للأسد لموقف روسيا من القصف الإسرائيلي لميناء اللاذقية مرتين في الشهر الأخير من السنة. وتساءلت صحيفة سورية قي عنوان كبير”أين روسيا من قصف ميناء اللاذفية للمرة الثانية خلال شهر. وتحدثت أخرى عن رسالة سورية إيرانية “حازمة” إلى موسكو تبلغها عن نية الطرفين تنفيذ رد عسكري على الغارة ضد إسرائيل مماثلة للغارة على قاعدة التنف الأميركية الشهر قبل الماضي، رداً على قصف أميركي لأهداف قرب تدمر.

ويبدو أن تبرير نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا الأدميرال أوليغ جورافلافوف لعدم رد الدفاعات الجوية السورية بوجود طائرة نقل عسكرية روسيا في مجال قصف الدفاعات، لم يقنع الروس أنفسهم وليس السوريين فقط. فقام عدد من المواقع الإعلامية الروسية بنشر نصوص تعبر عن عدم رضى الروس عن قصف أهداف سورية قريبة من قاعدة حميميم. كما استخدمت روسيا الحدث للإعلان عن ما كانت تخطط له سابقاًن كما يبدو، من إرسال سفن جديدة لتنضم إلى أسطولها في طرطوس، تحمل صواريخ مجنحة مزودة بسلاح الموجات فوق الصوتية، وتغطي البحر المتوسط بأكمله.

صحيقة الكرملين vz نشرت في 30 الشهر المنصرم نصاً بعنوان “إسرائيل نصبت فخاً للطيارين العسكريين الروس”. قالت الصحيفة بان روسيا بدأت عمليتها العسكرية في سوريا على نحو مفاجىء، وبعد الضربات الجوية الأولى، اقترحت موسكو على جميع البلدان المعنية اللقاء وتبادل الرأي بشأن مصالح كل منها.

وإذا كانت الولايات المتحدة وتركيا رفضتا الفكرة حينها، وافق الإسرائيليون على اللقاء. وبفضل مزيج من البراغماتية والثقة المتبادلة بين تل أبيب وموسكو تم التوصل إلى حل وسط “غير مسبوق، بمعنى ما”. فقد كان إتفاقاً حساساً، شديد الأهمية للطرفين. في إطار هذا الحل الوسط لم تعرقل إسرائيل قضاء روسيا على الإرهابيين السوريين وهي تساعد بشار الأسد، عدو إسرائيل اللدود. فقد كانوا يدركون في تل أبيب أن بشار الأسد أبعد ما يكون عن الخيار الأسوأ للقائد السوري، مقارنة بمن قد يحل محله. ومن جانب آخر لم تتدخل روسيا في صراع إسرائيل مع إيران، عدوها الأشد، بما في ذلك على الأراضي السورية.

حياد روسيا وإسرائيل حيال أهداف بعضهما كان مسالة مبدئية. فقد التزمت إسرائيل بضمان أمن المواطنين الروس والمواقع العسكرية في سوريا خلال قصف اهداف فيها. ومن جانبها التزمت روسيا بعدم إستخدام قواتها العسكرية خلال صد سوريا هجمات إسرائيل. مثل هذه الهجمات كانت بالعشرات خلال السنوات الأخيرة بمستوى متفاوت من النجاح، وموسكو لم تتدخل حين كانت إسرائيل توجه ضربات للقواعد الإيرانية قرب الجولان، مما يشير إلى وجود إتفاقات ما أيضاً بهذا الشأن. 

بعد أن تتطرق إلى الضربات الإسرائيلية الأخيرة على ميناء اللاذقية، تقول الصحيفة أنه “من المخزي للغاية لسوريا” أن إسرائيل هاجمت أهدافاً على الأراضي السورية عشرات المرات خلال السنوات الأخيرة، وكانت الطائرات الإسرائيلية تدخل من جهة البحر المتوسط وتضرب من دون أن تدخل الأجواء السورية. معظم هذه الضربات أصابت أهدافها، ولم تتمكن الدفاعات الجوية السورية ولا مرة من إسقاط الطائرات الإسرائيلية.

تسهب الصحيفة في تفسير أسباب فشل الدفاعات الجوية السورية، وتذكر من بينها حظر القيادة الروسية عمل هذه الدفاعات أثناء تواجد طائرات نقل عسكرية روسية في مجال قصفها، حتى لو كانت الطائرات الإسرائيلية تقصف في هذه الأثناء، “والقيادة الإسرائيلية تعرف كل ذلك”. وتقول بان الإسرائيليين إما أنهم يعرفون برنامج طلعات طائرات النقل العسكرية الروسية، وإما أنهم يبقون على مجموعة ضاربة على أهبة الإستعداد في المطار، وبمجرد إكتشاف طائرة تستعد للهبوط في حميميم (أو أي مطار آخر) تقلع المجموعة في الجو.

لتأكيد مقولة الفخ الإسرائيلي هذا الذي يسمح بالقول بخرق إسرائيل الإتفاق الروسي الإسرائيلي المذكور أعلاه، وبالتالي إسكات الإنتقادات السورية، تستضيف الصحيفة جنرالاً طياراً. يقول الجنرال بأن ضربات الطيران الإسرائيلي على مرفأ اللاذقية أثناء وصول طائرة روسية، “ليس صدفة، بل هو حساب دقيق”. ويؤكد أن هذه كانت عملية خاصة للقوات الإسرائيلية، تقنية تكتيكية “تنفذ مهمتك الخاصة تحت مظلة العدو”.

بعض المصادر تربط الضربات الإسرائيلية بالسلوك العدواني الإيراني المتنامي في سوريا في الفترة الأخيرة. وبما أن إسرائيل تعتبر أن روسيا ملزمة تنقيذ الإتفاقات غير المعلنة بشان حجم وجغرافية الوجود العسكري الإيراني في سوريا، تأتي الضربات الإسرائيلية تحت مظلة الطائرة الروسية كتحذير ما لموسكو من عواقب عدم تطبيق الإتفاقات. لكنهم في روسيا يرون في ذلك إبتزازاً إسرائيلياً لموضوع الإتفاقيات، وأن إسرائيل تعرض بذلك للخطر إنجازاً سياسياً مهماً ــــــ العلاقات الودية مع روسيا.

صحيفة NG الروسية نشرت في 28 من الشهر المنصرم نصاً بعنوان “إسرائيل تَضرب سوريا دون عقاب”، ألحقته بآخر ثانوي “القاعدة الروسية في الجمهورية العربية قد يعززوها بصواريخ “سيركون””. تنقل الصحيفة عن برفسور في أكاديمية العلوم العسكرية قوله بأن إسرائيل تحاول إبراز دورها كزعيم شرق أوسطي، وتجهد كي لا تصبح طائراتها هدفاً للدفاعات الجوية الروسية في المنطقة. ثمة ما يبرر خشية إسرائيل من أن تسقط أنظمة الدفاع الجوي الروسية صواريخها أو طائراتها وأن لا تتحقق أهدافها. في هذه الحالة ، سيتم توجيه ضربة قاسية لصورة الجيش الإسرائيلي. من ناحية أخرى، تنظر إسرائيل بحساسية شديدة إلى الشحنات الإيرانية إلى سوريا. وفي الوضع الراهن، تلعب إيران دوراً مهماً في تسوية الأزمة السورية، وتطمح لدور رائد في المنطقة. ويرى البروفسور أن من المستحيل تغطية سوريا بالكامل ضد الغارات الجوية، والإسرائيليون يعرفون جيداً مواقع أنظمة الدفاع الجوي الروسية والسورية، ويحلقون بعيداً عن مجالها من أجل ضمان إفلاتهم من العقاب.

إضافة إلى بروفسور أكاديمية العلوم العسكرية، تستضيف الصحيفة خبيراً عسكرياً يقول بان الطائرات الإسرائيلية نادراً ما تدخل الفضاء الجوي السوري، وبدلاً من ذلك تطلق صواريخها وتلقي قنابلها وهي فوق لبنان أو فوق المياه الدولية للبحر المتوسط. ومواجهة هذه الصواريخ والقنابل هي المهمة الرئيسية لمنظومة الدفاع الجوي “Pantsir-C1″، والتي تظهر نفسها على نحو جيد في هذا المضمار. وأطقم هذه المنظومات يتحملون العبء الرئيسي في تدمير صواريخ وقنابل الطائرات الإسرائيلية، ويتمكنون أحياناً من تدميرها كلها، “لكن غالباً ما يدمرونها جزئيا”. ويشير الخبير إلى أن الجيش السوري، وحسب مصادر مختلفة، يملك بين 38 و 50 واحدة منها، ومن الواضح أنها لا تكفي لتغطية جميع الأهداف في سوريا. ويستهدف الجيش الإسرائيلي بضرباته نظام الدفاع الجوي السوري ويكبده خسائر بما فيها واحدتان من المنظومة المذكورة.

من جهة أخرى، ينقل موقع أوكراني ناطق بالروسية في 30 من الشهر المنصرم عن مركز الدفاع عن حقوق الإنسان السوري إلى أن الدفاعات الجوية الروسية في قاعدة حميميم أطلقت صواريخ على “أهداف غير واقعية”، اي في الهواء بكلام آخر. ويقول الموقع ان إطلاق الصواريخ جاء بسبب إستياء الناشطين السوريين المؤيدين للنظام من عدم تحرك روسيا اثناء الغارات الإسرائيلية على ميناء اللاذقية

المدن

————————–

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى