سياسة

لماذا سحبت روسيا أنظمة “إس 300” من سوريا.. الأهداف والتبعات؟/ عاصم الزعبي

في تطور عسكري لافت من قِبل روسيا، قامت الأخيرة مؤخرا بسحب منظومة الدفاع الجوي الصاروخية “إس 300″، من سوريا وأعادت شحنها إلى روسيا.

وكشفت صور أقمار اصطناعية نشرتها شركة استخبارات إسرائيلية “إيمدج سات إنترناشيونال”، يوم السبت الماضي، أن نظام الدفاع الجوي الروسي “إس 300”، أعادت موسكو شحنه من سوريا إلى أراضيها، في ظل استمرار غزوها لأوكرانيا، حيث تم تفكيك هذه المنظومة الموجودة في شمال غربي سوريا، خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن كانت موجودة في المنطقة، منذ عام 2018 .

وبحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإن نظام الـ”إس 300″، نُقل إلى ميناء طرطوس، حيث تم شحنه إلى ميناء نوفوروسيسك، على البحر الأسود، ومن المتوقع أن ترسو السفينة التي تحمله في المدينة الساحلية، يوم الجمعة المقبل.

وفي هذا الصدد لم يصدر أي تعليق من جانب موسكو حتى الآن، بشأن المعلومات والصور التي كشفت عنها شركة الاستخبارات الإسرائيلية، كما لم يصدر أي تعليق عن دمشق.

لماذا سُحبت الصواريخ؟

العديد من الأسباب أوردتها تقارير صحفية، اطلع عليها “الحل نت”، من بينها أن جزءا من المنظومة بحاجة للصيانة، فيما أرجعت تقارير أخرى أن سحبها يتعلق بالتراجع العسكري الروسي في سوريا، وسحبه لأوكرانيا.

الخبير في الشأن الروسي، طه عبد الواحد، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أنه لا يوجد تراجع عسكري كبير من قِبل روسيا في سوريا، لا سيما في ظل التعقيدات الحالية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، والتي جعلت سوريا ورقة أكثر أهمية بالنسبة للروس من أي وقت مضى.

كما يعتقد عبد الواحد، أنه لن يكون لسحب صواريخ “إس 300″، من سوريا تأثير كبير على المشهد في سوريا بشكل عام، فروسيا لم تستخدم المنظومة خلال الأعوام السابقة، وبالإضافة لذلك فهي تحتفظ بمنظومات أخرى على الأراضي السورية من بينها صواريخ “اسكندر”، وصواريخ “إس 400″، ومشيرا في الوقت نفسه إلى أن ما تم سحبه، هو جزء من منظومة “إس 300″، وليست كاملة.

ما هي تبعات سحب هذه المنظومة؟

من الواضح أن روسيا، لم تكتف فقط بسحب جزء من منظومة صواريخ “إس 300″ من سوريا، فقد سبق ذلك سحب أنواع أخرى من العتاد الروسي من سوريا، إلى روسيا بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”.

ونقل التقرير عن أحد مسؤولي الاستخبارات الأوروبية، إن “شحنات روسيا، من سوريا من المرجح لتغذية لوجستياتها الشمالية، حيث يتم نقلها إلى ميناء نوفوروسيسك، ومن هناك لإعادة إمداد القواعد في شبه جزيرة القرم، ومن ثم إلى منطقتي خيرسون، وزابوريزهجيا جنوبي أوكرانيا”.

أما بالنسبة لتبعات سحب هذه الصواريخ من سوريا، فيرى العديد من الخبراء، أنها محدودة وغير مؤثرة لعدم اعتماد روسيا عليها في سوريا، وعدم حصول مواجهات مع روسيا تستوجب استخدامها، بالإضافة إلى اعتمادها على أنظمة أخرى أكثر أهمية.

وبحسب طه عبد الواحد، فإنه لا يعتقد أنه ستكون هناك تبعات مؤثرة على سحبها، لأن نظام الدفاع الجوي الروسي في سوريا، وإن كان مرتبطا باسم “إس 300″، إلا أنه يعتمد بصورة أكبر على تكامل بين منظومتي، “إس400″، و”بانتسير”، كما أن الروس قاموا بتوسعة قواعدهم الجوية في حميميم، والبحرية في طرطوس، لتكون حميميم قادرة على استقبال قاذفات استراتيجية، وطائرات شحن عسكرية ضخمة، وليكون ميناء طرطوس قادرا على استقبال قطع عسكرية بحرية بمحركات نووية، أي أن “إس 300″، مجرد جزء صغير من هذا كله.

ولفت عبد الواحد، أن المعلومات تشير إلى أن الصواريخ التي قامت روسيا بسحبها من سوريا قديمة لجهة تاريخ التصنيع، لذلك سحبتها لتتدارك استخدامها في أوكرانيا قبل أن يصيبها العطب لعدم استخدامها في سوريا.

سحب للاستخدام في أوكرانيا

تقرير سابق لـ”الحل نت”، نقل عن شركة الاستخبارات الإسرائيلية، ” إيمدج سات إنترناشيونال”، أن سحب بطاريات صواريخ “إس300″، جاء على خلفية الحاجة الماسة لموسكو في تعزيز قوات جيشها في المعارك أوكرانيا.

وأشارت شركة “إيميجسات إنترناشيونال”، إلى أن صورا تظهر أن نظام “إس-300”، الموجود في شمال غرب سوريا، قد تم تفكيكه خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن كان موجودا بالمنطقة لعدة سنوات.

من جهة ثانية، وفي مطلع آب/أغسطس الجاري، أفادت وكالة “بلومبرغ” الأميركية، نقلا عن مصادر استخبارية أوروبية، أن سفينة تجارية قادمة من سوريا، عبرت مضيق البوسفور، التركي أواخر تموز/يوليو الماضي، تحمل مركبات وآليات ومعدات عسكرية للجيش الروسي، كانت في طريقها إلى أوكرانيا.

الوكالة الأميركية، أردفت في تقريرها السابق أن عبور السفينة “إسبارتا 2” من الساحل السوري إلى ميناء روسي، “يظهر كيف تعيد موسكو عتادها العسكري إلى روسيا مرة أخرى”.

وبيّنت “بلومبرغ”، آنذاك، أن “رحلة السفينة إلى ميناء نوفوروسيسك على البحر الأسود، تؤكد جهود الكرملين للاستفادة من الموارد لدعم غزو أوكرانيا في شهره السادس”، مشيرة، إلى أن “خطوط الإمداد الروسية متوترة تحت ضغط أكبر حملة عسكرية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.

وبحسب المصادر الاستخبارية وصور الأقمار الصناعية، فإن السفينة “إسبارتا 2”، حمّلت مركبات عسكرية من ميناء طرطوس على الساحل السوري، دون التمكن من التّعرف على الطبيعة الدقيقة للمركبات التي تم تحميلها، وفق تقرير الوكالة الأميركية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن السفينة تم رصدها، وهي تعبر مضيق البوسفور، وتم التعرف إليها لاحقا في ميناء نوفوروسيسك، مع ما لا يقل عن 11 مركبة كان من المحتمل تفريغها في الميناء.

ونوّهت وكالة “بلومبرغ”، إلى أن بيانات التتبع البحري تظهر أن ملكية سفينة “إسبارتا 2″، لشركة مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية منذ أيار/مايو الماضي، وتسيطر عليها وزارة الدفاع الروسية، قامت برحلتها من سوريا إلى روسيا، دون عوائق أو اعتراض من قِبل تركيا، العضو في حلف الشمال الأطلسي “الناتو”.

تاريخ “إس 300” في سوريا

وفي عام 2018، قدمت روسيا، نظام الدفاع الجوي المتقدم “إس-300” للجيش السوري مجانا، حيث نقلت ثلاث كتائب مع ثماني قاذفات لكل منها إلى حكومة دمشق، على الرغم من الاعتراضات الشديدة من الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل.

وبحسب تقارير صحفية إسرائيلية سابقة، فإن القوات الروسية نصبت بطاريات “إس -300”، في سورية بهدف ردع إسرائيل عن مواصلة تنفيذ هجماتها في عمق الأراضي السورية، التي تستهدف الميليشيات الإيرانية المتمركزة هناك.

ووفق تقارير صحفية سابقة، جاء تسليم روسيا لنظام الدفاع الجوي إلى سوريا، في أعقاب إسقاط طائرة تجسس روسية من قِبل القوات السورية التي كانت ترد على غارة إسرائيلية فوق المجال الجوي السوري. وألقت روسيا آنذاك باللوم على إسرائيل في الحادث الذي أسفر عن مقتل 15 من أفراد الطاقم الروسي.

وضغطت إسرائيل وحلفاؤها لسنوات على روسيا، لعدم منح سوريا واللاعبين الإقليميين الآخرين نظام “إس-300″، بحجة أنه سيحد من قدرة إسرائيل على تحييد التهديدات، بما في ذلك التهديدات من قِبل “حزب الله” اللبناني، الموالي لإيران.

والجدير ذكره أن بطاريات “إس – 300” التي نُشرت في سوريا، وتشرف على تشغيلها طواقم روسية، لم تستخدم في اعتراض طائرات الجيش الإسرائيلي التي تنفذ الهجمات في الأراضي السورية. أيضا، وتحتفظ موسكو بأحدث أنظمة الدفاع الجوي من طراز “إس-400” لحماية مصالحها في سوريا.

من الواضح أن روسيا قررت سحب المنظومة الصاروخية من سوريا نظرا لعدم استخدامها، في حين تحتاج إليها بشكل كبير في غزوها لأوكرانيا، حيث تتعرض لخسائر كبيرة من قبل الأوكرانيين خاصة، مع استخدامهم للطائرات المسيرة التي أربكت الروس بشكل كبير خلال أشهر الغزو الماضية.

الحل نت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى