أبحاث

الأزمة السورية: هل هي صراع اجتماعي طويل الأمد؟

مقدمة:

أدى فشل أو إحجام نظام بشار الأسد عن تلبية مطالب المحتجين السوريين، في المرحلة الأولى من الربيع العربي، إلى اندلاع حرب أهلية في سورية. وعلى الرغم من أن الصراع لم يؤد إلى تغيير النظام، كما هو الحال في مصر أو ليبيا، فإن المدة الطويلة للحرب قوّضت الآمال في كسر الجمود لصالح أيّ من الجانبين. إلى جانب ذلك، تحوّلت الحرب الأهلية التي تكبّدت فيها قوات الجيش والمعارضة خسارة آلاف الضحايا، بعد ذلك، إلى أزمة دولية شارك فيها كثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين. حاليًا، حسب كثير من المراقبين، يوصف الصراع الجاري بأنه حرب بالوكالة بين هذه الجهات الفاعلة. وإضافة إلى التوازنات الخارجية، فإن التأخير في إيجاد حل وسط (تسوية) للأزمة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالبنية الاجتماعية والثقافية والسياسية لسورية. في هذا السياق، يلفت البعد الطائفي للسياسة السورية بشكل عام، والحرب الأهلية بشكل خاص، الانتباه إلى الديناميكيات الإثنية والدينية للأزمة الحالية.

تهدف هذه الورقة إلى دراسة دور الطائفية في الحرب الأهلية السورية، لفهم سبب إطالة أمدها واستعصائها على الحلّ. وسيتم تحليل الحرب الأهلية من خلال تطبيق نظرية إدوارد إلياس عازار للصراع الاجتماعي المطوّل كإطار لتحليل الصراع. وفقًا لهذا المفهوم، فإن السؤال البحثي الرئيس لهذه الورقة هو: “إلى أي مدى تتمتع الحرب الأهلية السورية بخصائص الصراع الاجتماعي المطوّل؟”. ضمن هذا السياق، يدور تحليل الورقة للحرب الأهلية متعددة الجوانب في سورية حول مجتمعها متعدد الطوائف. يقال إن أزمة الشرعية التي سببتها الاختلالات الاجتماعية والاقتصادية والطائفية دفعت البلاد إلى حرب أهلية.

قسمنا هذه الورقة إلى ثلاثة أجزاء. أولًا، تحديد السياق التاريخي ذي الصلة من أجل الكشف عن جذور عدم الثقة المتبادل بين المجموعات الإثنية المختلفة في سورية. العلويون، وهم أعضاء في فرع من الإسلام الشيعي يهيمن على المؤسسات السياسية والعسكرية، سيشكلون النقطة المحورية في العملية التاريخية. وبعد تقديم خلفية الصراع، سنبحث عن مدى توافقها مع نظرية عازار الخاصة بـالصراع الاجتماعي المطوّل، ونناقش مسألة تلبية الحالة السورية افتراضات الصراع الاجتماعي المطوّل. وأخيرًا، نتناول سبل حلّ الصراع السوري في سياق وجهة نظر عازار.

سبب اختيار هذا الإطار النظري هو الفجوة الموجودة في الدراسات السابقة، وتهدف هذه الورقة إلى سدّها. لا يوجد سوى عدد محدود من الدراسات التي تربط هذه النظرية بالحالة السورية، على الرغم من حقيقة وصفها بأنها “صراع مطول”. هناك دراسة حديثة حول هذا الموضوع كتبها ياسين أتلي أوغلو، باللغة التركية، تقدّم تحليلًا شاملاً للحرب الأهلية السورية، باستخدام نظرية الصراع الاجتماعي المطوّل. ويشير الباحث إلى أن النظرية تمكّن الباحثين من النظر في كثير من العوامل، فضلًا عن الطائفية أو التدخلات الخارجية، ويجادل بأن الحالة السورية تحتوي على كثير من عناصر الصراع الاجتماعي المطوّل [1]. وهناك دراسة أخرى على صلة بهذا الموضوع، وهي أطروحة ماجستير قدّمها بيتر غوميز في جامعة مينينديز بيلايو الدولية Menendez Pelayo International University في إسبانيا، يحلل فيها حالة العراق وسورية ويوغوسلافيا، على أنها حالات صراع بين الاثنيات يتردد الغرب في الانخراط فيها. ويذكر أن السبب الأساسي للصراع هو قضية “السياسات الفاشلة”، ويشير إلى أهمية ترتيب تقاسم السلطة بين المجموعات الاثنية من أجل المصالحة الوطنية [2].

يمكنكم قراءة البحث كاملًا بالضغط على علامة التحميل

[1] – Atlıoğlu, Yasin, “Suriye İç Savaşı ve Müzmin Toplumsal Çatışma”, Ankara Üniversitesi SBF Dergisi, Volume 73, Issue 1, 2018, pp. 129-156.

[2] -Gomez, Peter, Conflict Resolution in Iraq and Syria: Remembering Yugoslavia, Master’s Thesis, Universidad Internacional Menendez Pelayo (UIMP), International Cooperation, Public Policy Management and Development Programs and Projects, Madrid 2015.

تحميل الموضوع  

مركز حرمون

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى