التدخل الاسرائيلي السافر في سورياالشرع و المقاتلين الأجانب و داعشالعقوبات الأميركية على سورياسقوط بشار الأسد، الرئيس الفار والمخلوعسياسةلقاء الشرع-ترامب ورفع العقوبات الأمريكية عن سوريا

لقاء الشرع ترامب ورفع العقوبات الأمريكية عن سوريا تحديث 17 حزيران 2025

لمتابعة هذا الملف اتبع الرابط التالي

ملف رفع العقوبات عن سوريا

——————————

 هل أنقذت أميركا الشرع من محاولة اغتيال؟

الإثنين 2025/06/16

هل أنقذت الولايات المتحدة الأميركية الرئيس السوري أحمد الشرع من محاولة اغتيال كان يتم إعدادها له؟ كثيرة هي المؤشرات التي تفيد بذلك وفق ما تكشف مصادر ديبلوماسية. وتضيف هذه المصادر إن عملية اغتيال كان يتم تحضيرها لاستهداف الشرع هي الثانية منذ دخوله إلى قصر الشعب في دمشق، وتؤكد المصادر أن العملية الأخيرة كانت قبل حوالى الأسبوعين. أما محاولة الاغتيال الأولى كانت في شهر آذار الفائت. هذه المحاولات هي التي دفعت المبعوث الأميركي إلى سوريا توم باراك إلى الإعلان بشكل واضح من احتمال تعرض الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع لمحاولات اغتيال، في ظل مساعيه لتعزيز الحكم الشامل والانفتاح على الغرب.”

وقال باراك:” نحن بحاجة إلى تنسيق نظام حماية حول الشرع”، مشدداً على ضرورة تبادل المعلومات الاستخباراتية بين حلفاء الولايات المتحدة لردع “الأعداء المحتملين” دون اللجوء إلى تدخل عسكري مباشر. ورأى باراك أن فصائل المقاتلين الأجانب التي قاتلت إلى جانب قوات الشرع في “الحملة الخاطفة” التي أطاحت ببشار الأسد، تمثل تهديداً متزايداً، لا سيما في ظل محاولات تنظيم “داعش” إعادة تجنيدهم، وأضاف “كلما تأخرت المساعدات الاقتصادية، زادت فرص المجموعات المنقسمة لتعطيل العملية السياسية”.

وبحسب ما تشير المصادر فإن مجموعات جهادية تابعة لتنظيم داعش هي التي كانت تحاول اغتيال الشرع رفضاً للمسار السياسي الذي ينتهجه. وتكشف المعلومات أن داعش تعمل على تكثيف نشاطها وتحاول استقطاب الكثير من قادة سابقين في جبهة النصرة وهيئة تحرير الشام من الذين يعترضون على التغيرات التي أقدم عليها الشرع، بالإضافة إلى محاولات داعش استقطاب الكثير من المقاتلين الأجانب في سوريا.

وتشير المعلومات إلى أن الأميركيين يتهمون جهات عديدة بالعمل على التخلص من الشرع، سواء إيران وروسيا إما عبر عملية اغتيال، أو من خلال تحريك خلايا عسكرية في الساحل السوري أو في مناطق أخرى لمنعه من بسط سيطرته الكاملة على الجغرافيا السورية. وفي ضوء كل هذه المعلومات فإن الأميركيين أكثروا من الضغوط على جهات مختلفة لعدم الإقدام على أي هز للاستقرار في سوريا. وفي هذا الإطار جاء التصريح الأميركي بضرورة توفير الحماية للشرع، فيما تكشف المصادر أن الأميركيين يعرضون تولي المسؤولية الأمنية عن أمن الشرع وتنظيم جهازه الأمني بشكل كامل، بالإضافة إلى العمل على تعزيز التنسيق الأمني مع الأجهزة السورية ولا سيما مع وزارة الداخلية وأنس خطاب بالتحديد.

وفي هذا السياق، فإن التحركات الأميركية تهدف إلى تكريس الاستقرار في سوريا وعدم السماح بحصول أي مشكلات داخلية قد يقدم عليها المتشددون بالإضافة إلى إبقاء الاستعداد كاملاً لمواجهة أي تحرك سيقدم عليه تنظيم داعش. وتكشف المصادر الديبلوماسية أن أميركا ستعمل على تعزيز عدد قواتها في سوريا، ولن تقدم على سحب هذه القوات في هذه المرحلة قبل الانتهاء من مسألة النفوذ الإيراني، بالإضافة إلى تثبيت الاستقرار وتحويل سوريا إلى منطقة اقتصادية وصناعية منفتحة على استثمارات متعددة، لا سيما أن واشنطن لا تريد للصين أن تحقق أي تقدم استثماري أو اقتصادي على الساحة السورية.

المدن

——————————-

 180 يوماً للاختبار.. هل تنجح واشنطن ودمشق في صياغة معادلة تفاهم جديدة؟/ مالك الحافظ

2025.06.16

منذ اللقاء المعلن بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، منتصف أيار/مايو الفائت، برزت تحولات لافتة في السياسة الأميركية تجاه سوريا، أعادت طرح الأسئلة حول طبيعة الدور الأميركي خلال المرحلة المقبلة، وحدود الانفتاح الأميركي الممكن على السلطة الانتقالية في دمشق.

اتّخذت واشنطن، في أعقاب لقاء الرياض، سلسلة إجراءات متدرجة يُستشف منها توجّه جديد يقوم على إعادة ضبط ما كان يُعدّ خطوطاً حمراء، وتكييف أدوات العقوبات بما يتناسب مع تعقيدات المرحلة الانتقالية. ومع تتابع هذه الخطوات، بدأت تتّضح ملامح مقاربة أميركية جديدة في إدارة العلاقة مع الحكومة الانتقالية السورية.

بين المطالب الأميركية واستجابة دمشق المرحلية شكّل لقاء الرياض (منتصف أيار/مايو الماضي) بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري أحمد الشرع أول اجتماع مباشر بين رئيسين للبلدين منذ ربع قرن، وقد جاء عقب إعلان مفاجئ من ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، ما أضفى على اللقاء طابعاً استثنائياً من حيث الرمزية والتوقيت.

وفي بيان رسمي أعقب الاجتماع، صرّحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بأن الرئيس ترامب تعهّد بالعمل إلى جانب المملكة العربية السعودية من أجل “تشجيع السلام والازدهار في سوريا”، مشيرةً إلى أن ترامب قدّم خلال اللقاء خمسة مطالب رئيسية إلى الشرع؛ تمثّل أولها في التوقيع على اتفاقية أبراهام للتطبيع مع إسرائيل، وثانيها مطالبة جميع المقاتلين الأجانب بمغادرة الأراضي السورية، وثالثها ترحيل عناصر من فصائل فلسطينية مسلحة، أما رابع المطالب فتمثل في التعاون مع الولايات المتحدة في منع عودة تنظيم “داعش”، في حين انصبّ المطلب الخامس والأخير على تحمّل المسؤولية عن مراكز احتجاز عناصر التنظيم في شمال شرقي البلاد. جاءت نقطة الانطلاق في التحول الأميركي الأخير بإعلان رفع جزئي ومؤقت للعقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة اعتبرها مراقبون تحولاً نوعياً في مقاربة واشنطن للملف السوري. وفي 24 أيار/مايو الفائت، صرّح وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بأن الولايات المتحدة منحت إعفاءً لمدة 180 يوماً من العقوبات المفروضة بموجب “قانون قيصر”، مؤكداً أن هذا الإجراء يهدف إلى “اختبار النوايا والقدرة على الوفاء بالالتزامات الدولية”. وبالتوازي، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية الترخيص العام رقم (25)، والذي يسمح بتخفيف القيود المفروضة على التعاملات المالية والاقتصادية في سوريا.

وفي مقاربة تحليلية لمسار التعامل السوري مع هذه المحددات الأميركية، يتّضح أن دمشق قد استجابت بدرجات متفاوتة، اتّساقًا مع تعقيد الملفات وتفاوت حساسياتها السياسية والأمنية. فعلى صعيد المقاتلين الأجانب، وافق المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، في مطلع حزيران/يونيو الجاري، على خطة لدمج نحو 3500 مقاتل أجنبي – معظمهم من الإيغور المنضوين ضمن تنظيمات كـ”حزب تركستان الإسلامي” – ضمن صفوف الفرقة 84 التابعة للجيش الوطني السوري، وذلك بشرط إخضاعهم لرقابة أمنية صارمة. وقد عُدّت هذه الخطوة تراجعاً ملحوظاً عن موقف أميركي سابق كان يرفض دمج المقاتلين الأجانب في مؤسسات الدولة. وبرر باراك القرار بالقول إن هذه المقاربة أكثر أماناً من إبقائهم خارج السيطرة التنظيمية.

أما فيما يتعلق بمسار التطبيع مع إسرائيل أو الانخراط في اتفاقيات إبراهام، فقد برزت خلال الأسابيع الأخيرة مؤشرات تفيد بتقدم محدود لكنه ملموس. فقد نقلت وكالة “رويترز” في 11 حزيران/يونيو الجاري عن قس أميركي مقرّب من ترامب أن “السلام بين سوريا وإسرائيل ممكن جداً”، مشيراً إلى لقائه – إلى جانب حاخام أميركي مؤيد لإسرائيل – بالشرع في القصر الرئاسي في دمشق. وفي تقارير أخرى، أفادت “رويترز” بأن البلدين أجريا خلال الأسابيع الماضية، محادثات غير مباشرة، تلتها أخرى مباشرة، بهدف تهدئة التوتر بينهما، ما يشي بوجود مسار دبلوماسي قيد التبلور، وإن بقي خارج الإعلان الرسمي حتى اللحظة.

وفي ملف الفصائل الفلسطينية، أظهرت دمشق تجاوباً سريعاً مع أحد أبرز المطالب الأميركية، حيث أفادت وكالة الصحافة الفرنسية في أواخر أيار/مايو بأن قادة فصائل فلسطينية مدعومة من طهران غادروا العاصمة السورية بعد تضييق السلطات عليهم، وقيام بعض الفصائل بتسليم أسلحتها. ونقلت الوكالة عن قيادي فلسطيني قوله إن “معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعماً من طهران غادروا دمشق”، مشيراً إلى انتقال بعضهم إلى لبنان ودول أخرى. ويُعدّ هذا التطور

بمثابة تغيير ميداني مهم في خارطة تموضع ما يسمى بـ “محور المقاومة” داخل سوريا، في سياق ما يبدو أنه تكيّف مع متطلبات المرحلة الجديدة.

أما في ما يخص ملف تسلّم مراكز احتجاز عناصر داعش، فقد شهد يوم 24 أيار/مايو الفائت زيارة رسمية أجراها وفد من الحكومة الانتقالية إلى مخيم الهول شمال شرقي البلاد، بمرافقة قوة من التحالف الدولي. ووفق ما تم تداوله، ناقش الوفد مع إدارة المخيم – التابعة للإدارة الذاتية – أوضاع قاطني المخيم، وسبل إخراج العائلات السورية منه ضمن آلية تدريجية منسقة.

وفي الرابع من حزيران/يونيو، أدلت وزارة الدفاع الأميركية بتصريحات لقناة “الحدث”، أكدت فيها استمرار التعاون مع “شركائها السوريين” لمواجهة أي تهديد من قبل داعش، معتبرة أن “داعش لا يزال يسعى لاستغلال أي حالة من عدم الاستقرار في سوريا”، وأن واشنطن تعمل على تمكين شركائها المحليين من تنفيذ المهام المتبقية في مكافحة الإرهاب. تكشف القراءة المتأنية لاستجابة دمشق للمطالب الأميركية عن نمط سلوك براغماتي يتقاطع مع ما يمكن تسميته بـ”الانفتاح المشروط” من الطرف الأميركي، والذي لا يرقى بالضرورة إلى مستوى الاعتراف السياسي الكامل، لكنه يُجسد تحولاً تدريجياً في كيفية إدارة العلاقة مع السلطة السورية الجديدة. فواشنطن التي لا تزال حذرة في خطابها العلني، بدأت فعلياً في اختبار مدى التزام دمشق بشروط تعتبرها أساسية لإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي والدولي.

ولعل المفارقة الأبرز أن هذه المحددات الأميركية لم تأتِ بوصفها شروطاً تفاوضية كلاسيكية، وإنما كمصفوفة سياسية–أمنية ترسم مفهوم “الخطوط الحمراء” في التعامل مع السلطة الانتقالية في سوريا، حيث ركّزت واشنطن على قضايا ذات طبيعة أمنية–جيوسياسية.

بهذا المعنى، لا يمكن النظر إلى استجابات دمشق بوصفها تنازلات مجانية، بقدر ما هي جزء من إعادة تموضع محسوبة تسعى فيها السلطة إلى تجاوز الطوق السياسي المفروض عليها، من دون إثارة استفزازات مباشرة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على هامش من الاستقلال السيادي الظاهري.

في المقابل، تبدو واشنطن كأنها تختبر نموذجاً جديداً للتعامل مع الأنظمة غير المعترف بها رسمياً، من خلال اعتماد سياسة “الاعتراف المؤجل”، أي التعامل العملي والمؤسساتي من دون إعلان سياسي رسمي وكامل، بما يسمح لها بالاستفادة من الترتيبات الأمنية والميدانية، من دون دفع ثمن سياسي داخلي أو خارجي.

هذا النهج إذا استمر، قد يؤدي إلى تراكم مؤشرات من شأنها أن تنتج لاحقاً حالة أمر واقع، تتجاوز شروط الاعتراف التقليدية، وتُمهّد لمسار تطبيع تدريجي تحت سقف التحفّظات، لكنه خالٍ من التصعيد أو العزل.

إعادة التموضع الأميركي في الفراغ السوري

في السادس من حزيران/يونيو الحالي، أجرى المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم باراك، مباحثات مع الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو، تناولت الملفات المتعلقة بسوريا وتركيا.

وفي 29 أيار/مايو الفائت، زار باراك دمشق، والتقى الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع، ووزير الخارجية أسعد الشيباني، في أول زيارة رسمية له منذ تكليفه بمنصب المبعوث الخاص إلى سوريا.

وخلال زيارته إلى دمشق، أعلن باراك أن الرئيس ترامب يعتزم إزالة اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب قريباً، مؤكداً أن الهدف الأساسي للإدارة الأميركية هو تمكين الحكومة الحالية في دمشق. وفي وقت سابق زار باراك إسرائيل بهدف مناقشة تطورات الملف السوري والوضع الإقليمي، بحسب وسائل إعلام عبرية.

وذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم” أن باراك اطّلع على الأوضاع الأمنية في الجولان، وزار عدة مواقع استراتيجية برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير الأمن الداخلي رون درمر، إلى جانب عدد من القادة العسكريين.

وفي الـ 23 من أيار الفائت أعلن السفير الأميركي لدى تركيا، توم باراك، أنه تولى دور المبعوث الخاص إلى سوريا.

وقال باراك في تغريدة على منصة “إكس” إنه سيدعم وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في رفع العقوبات عن سوريا، بعد أن أصدر الرئيس دونالد ترامب إعلاناً تاريخياً في وقت سابق من الشهر الماضي بأن واشنطن ستخفف هذه الإجراءات.

الواضح أن واشنطن لا تسعى في الوقت الراهن إلى فرض مسار سياسي تقليدي من أعلى، وإنما تعمل على إعادة تشكيل البيئة السياسية والأمنية من خلال مجموعة أدوات “ليّنة” تعتمد على رفع العقوبات الجزئي، إشارات ديبلوماسية مدروسة انطلقت من تعيين مبعوث رئاسي خاص إلى سوريا، ودفع الحكومة السورية الحالية إلى مزيد من الخطوات التي تصب في خانة بناء الثقة.

وبذلك، يمكن فهم المرحلة الحالية على أنها انتقال من منطق الضغط القصوى إلى منطق “الاحتواء التفاعلي”، الذي يُبقي أوراق الضغط حاضرة، لكنه يُتيح في الوقت ذاته اختبار الفاعلين الجدد وفق شروط متغيرة.

أمام هذا المشهد، يبرز تساؤل جوهري؛ هل تمثل مدة الـ180 يوماً فرصة سياسية حقيقية لإعادة ضبط العلاقة بين واشنطن ودمشق، أم أنها مجرد نافذة مؤقتة للاختبار؟

في حال استمر التنسيق في الملفات ذات الأولوية بالنسبة للإدارة الأميركية، لا سيما مكافحة الإرهاب، فإن من المرجّح أن تذهب واشنطن نحو تمديد العمل بآليات تخفيف العقوبات أو توسيع نطاق التراخيص الخاصة، مع احتمالية الإبقاء على الإطار المؤسسي القائم الذي يفصل بين التعامل الإجرائي والاعتراف السياسي الكامل.

وفي المقابل، إذا تباطأت وتيرة الاستجابة أو طرأت مستجدات داخلية أو إقليمية تُقيد هامش الحركة الأميركية، فقد تتجه واشنطن إلى إعادة تقييم مؤشرات الانفتاح، من دون العودة إلى سياسات التصعيد السابقة، وذلك في ظل ما يظهر من إدراك أميركي لتعقيدات المرحلة الانتقالية في سوريا، وتوازنات الإقليم التي تفرض مرونة تكتيكية في إدارة هذا النوع من الملفات.

ما تقوم به الولايات المتحدة اليوم يمكن وصفه بأنه سياسة إعادة تموضع ذكية، تحاول من خلالها واشنطن استعادة تأثيرها داخل الملف السوري، من دون دفع كلفة سياسية أو عسكرية مباشرة، مستفيدة من نضج ظروف إقليمية ملائمة، وواقع دولي يتطلب ضبط الساحات المتروكة من دون إشعالها.

بين انتظار ما ستؤول إليه الأشهر القادمة، تبقى العلاقة بين واشنطن والحكومة السورية الانتقالية محكومة بمبدأ الانفتاح المشروط والتقدّم التدريجي. وفي ضوء هذه التحولات، تبدو السياسة الأميركية في سوريا أمام مفترق دقيق يتمثل في الحفاظ على التماسك الإقليمي من دون التفريط بملف ظل خارج أولوياتها لسنوات. أما دمشق، فهي بدورها تتحرك في مساحة اختبار لا تزال غير محددة السقف، تسعى عبرها لتثبيت حضورها الإقليمي عبر بوابة التعاون الأمني والبراغماتية السياسية، في انتظار ما إذا كانت النوافذ المؤقتة ستُفتح على أفق أطول مدى.

تلفزيون سوريا

———————————–

الشرق الأوسط في زمن التحولات.. تحالفات القوة الناعمة أم مواجهة الهيمنة الصلبة؟/ عدي محمد الضاهر

2025.06.16

يشهد الشرق الأوسط في الوقت الراهن مرحلة مفصلية تتسم بإعادة تشكيل موازين القوى وتداخل المصالح الدولية والإقليمية، وسط تراجع واضح لدور بعض الفاعلين وصعود نسبي لآخرين. غير أن هذا التحول لا يمكن قراءته من زاوية تقليدية تعتمد على نظريات العلاقات الدولية الكلاسيكية، فهذه النظريات كثيرًا ما تعجز عن تفسير الخصوصية الجيوسياسية للمنطقة.

منطق التوازن التقليدي

في السياقات الغربية، يُفترض أن النظام الدولي يعمل على أساس توازن القوى بين الفاعلين. إلا أن هذا المنطق يتعطل عند إسقاطه على مشهد الشرق الأوسط. فبدلًا من تحقيق توازن مستقر، تسود المنطقة ديناميكيات كسر التوازن وإعادة تشكيله قسرًا عبر فرض واقع جديد يكون فيه الطرف الأقوى – سياسيًا وعسكريًا – هو من يحدد معايير اللعبة.

في هذا السياق، تُبرَز إسرائيل من قِبَل القوى الغربية كقوة مركزية لا غنى عنها لضمان الاستقرار النسبي في منطقة الشرق الأوسط، وهو طرح يُحاكي إلى حدّ كبير صورة الولايات المتحدة كقطب أوحد في النظام الدولي. هذا التمركز الإسرائيلي في قلب معادلات القوة يتم تعزيزه عبر التفوق التكنولوجي والعسكري والاستخباراتي، إضافة إلى شبكة علاقات ممتدة تشمل تطبيعًا متسارعًا مع عدد من العواصم العربية، ما يمنحها غطاءً شرعيًا يتجاوز البعد الأمني.

تركيا والسعودية: قوتان متمايزتان ضمن المساحة الرمادية

رغم محاولة بعضهم قراءة تراجع الدور الإيراني كنتاج مباشر لصعود قوى إقليمية مثل تركيا والسعودية، إلا أن هذا التفسير يتسم بالتبسيط. فتركيا، على الرغم من حضورها الجيوسياسي المتزايد، تواجه تحديات اقتصادية بنيوية تجعل من قدرتها على الاستمرار في ماراثون النفوذ الإقليمي محل تساؤل. ومع ذلك، فإن تموضعها الذكي داخل فضاء المصالح الأميركية لا سيما في الملفات الأمنية والطاقة يمنحها هامشًا معتبرًا من التأثير، ولو كان محدودًا بحجم اقتصادها المتقلب.

أما السعودية، فقد اختارت طريقا مختلفا يتمثل في دبلوماسية مرنة وواقعية، قادرة على التكيف مع المتغيرات، مع تركيز واضح على الاستثمار في الاستقرار والتنمية. فهي لا تسعى إلى تصدير أيديولوجيا أو فرض هيمنة فكرية، بل إلى بناء شرق أوسط جديد يسوده السلام والنمو الاقتصادي، وهو توجه يلقى قبولًا متزايدًا إقليميًا ودوليًا.

نحو تحالف إقليمي يوازن الهيمنة

السؤال المحوري الذي يُطرح اليوم هو: كيف ننتقل إلى مرحلة القوة الحقيقية؟

الجواب لا يكمن في سباق تسلح جديد أو اجترار شعارات راديكالية، بل في بناء تحالف إقليمي جماعي، يضم السعودية وتركيا ودول الخليج ودول الطوق (الأردن، مصر، سوريا ولبنان) تحالف يتجاوز التباينات الثانوية ويوحّد المصالح الأمنية والاقتصادية تحت مظلة استراتيجية واحدة.

مثل هذا التحالف يمكن أن يشكل نقطة ارتكاز جديدة لتوازن قوى حقيقي في المنطقة، توازن لا يتحدى إسرائيل فقط، بل يعيد ضبط العلاقة مع القوى الدولية الكبرى، ويوفر بديلًا عمليًا للنظام الإقليمي المتهالك. إذ إن القوة هنا ستكون جيوسياسية، اقتصادية، عسكرية وناعمة في آن واحد، قادرة على التفاوض من موقع الندية، لا التبعية.

إيران.. نموذج يجب تجاوزه

في المقابل، فإن النموذج الإيراني في إدارة النفوذ الإقليمي يبدو أنه بلغ نهايته. لقد اعتمدت طهران على سياسة منفردة ومتغطرسة، وظفّت أدوات طائفية للتمدد داخل دول المنطقة، تحت راية “مقاومة إسرائيل”، لكنها في الواقع أنهكت اقتصادات وشعوبًا، وزرعت الفوضى والاقتتال الأهلي.

ظنّ النظام الإيراني أنه قادر على ابتلاع المنطقة، متجاهلًا التحولات الدولية ومصالح القوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي وإن تغاضت لفترة عن تمدد طهران، فإنها لم تكن لتقبل يومًا أن يتحول ذلك التمدد إلى واقع دائم. ويبدو أن المرحلة المقبلة تشهد بداية تفكيك هذا المشروع، وتهيئة المجال أمام فاعلين جدد يتسمون بالمرونة والواقعية.

نموذج إيران بدأ بالتشكل بعد الفراغ الذي خلّفه سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وقد سمحت له الولايات المتحدة بالتمدد في إطار سياسة “ملء الفراغ”. لكن اليوم، يتكرر المشهد بشكل مختلف، إذ أن القوى الدولية تسعى إلى تعزيز استقرار شامل لا يسمح بإعادة إنتاج الهيمنة تحت شعارات جديدة.

المستقبل لمن يتحكم بالقوة الناعمة

المرحلة المقبلة ستتسم بانتقال ميزان التأثير من القوة الصلبة (العسكرية) إلى القوة الناعمة المسالمة، المتمثلة في الاقتصاد المستقر والعلاقات الدولية المتوازنة والمشاريع التنموية العابرة للحدود، مع التأثير الثقافي والإعلامي المدروس. فالقوة في المستقبل لن تكون لمن يملك أكبر عدد من الصواريخ، بل لمن يستطيع بناء شبكات مصالح تحاكي منطق الاقتصاد العالمي وتتكامل معه. من يتقن هذا النموذج، يستطيع فرض نفسه كفاعل إقليمي ودولي فاعل، أما من يصر على سلوك طريق الهيمنة والصدام، فسيجد نفسه معزولًا أو هدفًا مباشرًا في مواجهة قادمة.

إننا أمام مشهد جديد قيد التبلور في الشرق الأوسط، تتحدد فيه مواقع اللاعبين لا بناءً على الشعارات أو موازين العسكر فقط، بل على أساس القدرة على خلق بيئة مستقرة، متطورة، متصلة بالعالم، ومحترِفة للعبة التوازنات.

الفرصة متاحة اليوم أمام الدول العربية وتركيا لتقديم بديل إقليمي متماسك يضع حدًا لعقود من الاستقطاب والتدخلات. وإذا لم يتم التقاط هذه اللحظة التاريخية، فقد نجد أنفسنا بعد عقد من الزمان أمام صراع عسكري منفرد جديد، طرفه الأول دولة تتوهم أنها قادرة على ابتلاع المنطقة، وطرفه الآخر وكيل غربي إسرائيلي يفرض نفسه مجددًا كصاحب الحل والربط.

تلفزيون سوريا

—————————————–

 استجواب أميركي في بيروت يكشف: الأسد أصدر أمرا بإعدام أوستن تايس عام 2013

2025.06.15

أفادت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، الأحد، بأن مسؤولا أمنيا مقربا من رئيس النظام المخلوع بشار الأسد، أبلغ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أن الصحفي الأميركي أوستن تايس قُتل في عام 2013 بأمر من الأسد، وهي رواية لم تؤكدها الولايات المتحدة بعد، لكنها تمثل المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول رفيع في نظام الأسد إلى مسؤولين أميركيين بشأن مصير تايس، بحسب الصحيفة.

وأشارت الصحيفة

إلى أنّ الحكومة الأميركية تتحقق من الادعاءات التي قدمها بسام الحسن، أحد أعضاء الدائرة المقربة من الأسد ومستشاره للشؤون الاستراتيجية، وفقاً لمسؤولين أميركيين وأشخاص آخرين مطلعين على الأمر، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم نظراً لحساسية القضية.

وجرى استجواب الحسن من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) على مدار عدة أيام في أبريل/نيسان، في العاصمة اللبنانية بيروت.

ورفض مكتب التحقيقات الفيدرالي التعليق على الموضوع، مشيراً إلى أن التحقيق لا يزال جارياً، لكنه أكد أنه “مصمم بشدة على تحديد مكان الرهائن أو رفاتهم وإعادتهم إلى عائلاتهم”. كما امتنعت وكالة الاستخبارات المركزية عن التعليق.

الأسد أمر بقتل تايس

أبلغ الحسن مكتب التحقيقات الفيدرالي، بحضور مسؤولين لبنانيين، أن الأسد أمره بقتل أوستن تايس، وأنه حاول من دون جدوى إقناع الأسد بالعدول عن الأمر، بحسب مسؤولين أميركيين وشخص آخر مطلع على القضية.

وذكر الحسن أنه أمر أحد مرؤوسيه بتنفيذ عملية القتل، وأن ذلك وقع في عام 2013، وفقاً لما أفاد به المسؤولون والمطلعون على القضية. وأضافوا أن الأمر جاء بعد أن تمكن تايس لفترة وجيزة من الهروب من زنزانته.

ولفتت الصحيفة إلى أنّه في السنوات الأخيرة، استعاد مسؤولون أميركيون مذكرة تم تعميمها على الأجهزة الأمنية السورية تطلب منهم البحث عن أوستن تايس، مشيرة إلى أنها صدرت في أواخر أكتوبر 2012 — وهو تاريخ لم يُكشف عنه علنًا من قبل — مما يشير إلى أنه كان قد فرّ من الأسر في تلك الفترة، بحسب ما أفاد به المسؤولون. وقد اعتُبرت هذه المذكرة دليلاً على أن نظام الأسد كان يحتجزه، رغم نفيه الرسمي لذلك.

وتابع الحسن أنه نصح الأسد بأن تايس، الذي كانت قضيته محل اهتمام من البيت الأبيض، يمكن استخدامه كورقة ضغط مع الولايات المتحدة، وأنه أكثر فائدة حياً من ميت، بحسب ما نقله المسؤولون وشخص آخر مطّلع على الأمر للصحيفة.

لكن، وفقًا لشخص ثانٍ مطّلع على القضية، فإنه من المشكوك فيه أن الحسن حاول فعلاً معارضة القرار. وأضاف هذا الشخص أنه من الأرجح أن الحسن كان يحاول “التنصل من مسؤوليته”، لكنه أشار إلى أن الجزء المتعلق بأن الأسد أصدر أمرًا بقتل تايس يبدو “ذا مصداقية”.

الحسن يصف موقع دفن تايس

عندما انهار نظام الأسد في أواخر العام الماضي عقب تقدم خاطف لقوات المعارضة، رأت عائلة تايس أن الفرصة قد حانت أخيرًا. لكن مع إفراغ السجون السيئة السمعة للنظام، لم يظهر أي أثر لأوستن تايس. الحكومة السورية الجديدة تعاونت مع الجهود الأميركية وجهود عائلة تايس للعثور عليه.

أما بسام الحسن، الذي فرضت عليه الحكومة الأميركية عقوبات في عام 2014 بسبب صلته ببرنامج الأسلحة الكيماوية السوري، فقد فرّ إلى إيران قبيل سقوط النظام في ديسمبر، بحسب ما أفاد به مسؤولون أميركيون. وأضافوا أنه سافر في ربيع هذا العام إلى بيروت، حيث يقيم بعض أقاربه.

وقدم الحسن لمحققي مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافًا للموقع الذي يمكن العثور فيه على رفات أوستن تايس. وعلى الرغم من أن تلك الأوصاف تغيّرت بعض الشيء، إلا أنها تظل دائمًا ضمن منطقة دمشق، بحسب أحد المسؤولين. ويحاول مكتب التحقيقات الفيدرالي الوصول إلى تلك المواقع من أجل البحث عن الرفات.

قال أحد الأشخاص المطلعين على القضية: “لا يوجد، على الأقل في الوقت الحالي، ما يؤكد صحة ما يقوله الحسن”، لكنه أضاف: “ومن ناحية أخرى، وبالنظر إلى موقعه في النظام، من الصعب فهم سبب رغبته في الكذب بشأن أمر كهذا”.

وأكد مسؤول سوري سابق آخر في مقابلة مع واشنطن بوست أن الحسن كان يحتجز أوستن تايس.

بعد اختطاف تايس في أغسطس 2012، احتُجز في البداية في سجن مؤقت داخل كراج سيارات يقع على بعد شارع واحد من مكتب الحسن في جنوبي دمشق، بحسب ما قاله صفوان بهلول، الذي وصف نفسه بأنه جنرال برتبة ثلاث نجوم في جهاز الاستخبارات الخارجية السورية.

ولم يكن المسؤولون الأميركيون على علم بوجود بهلول حتى ظهوره في مقابلة نُشرت مؤخرًا في مجلة الإيكونوميست، ولم يتمكنوا من التحقق من روايته، بحسب مسؤول أميركي.

وقال بهلول، الذي يتحدث الإنجليزية بطلاقة ويعيش في بريطانيا، إن الحسن كلّفه باستجواب تايس وسلّمه هاتفه الآيفون. وأوضح أن مهمته كانت التحقق مما إذا كان تايس “مجرد صحفي” أم “جاسوسًا أميركيًا”.

وأضاف أن تايس أصر على أنه جندي سابق في مشاة البحرية الأميركية يعمل كصحفي مستقل. وأشار بهلول إلى أن تايس كان يُعامل بشكل جيد لكنه كان مقيّد اليدين، وهو ما طلب بهلول إزالته خلال جلسات الاستجواب التي استمرت لثلاثة أيام. وأضاف أن جلسات التحقيق لم تخلُ من لحظات خفيفة، حيث دارت بينهما أحاديث عفوية عن نجم موسيقى الكانتري جوني كاش.

وقال بهلول أيضًا إن الحسن هو من رتّب تصوير الفيديو الذي نُشر على موقع يوتيوب في سبتمبر 2012. وقد خلص مسؤولو الاستخبارات الأميركية منذ البداية إلى أن المقطع كان مُفبركًا من قبل عناصر النظام، لإيهام العالم بأن تايس محتجز لدى جماعات متشددة.

———————————–

====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى