منوعات

احذر/ي من الانتقاد… مسلسلات سوريا عصيّة على التقييم!/ عمّار المأمون

تسييس مسلسلات رمضان قديم قدم هذه الصناعة، التي يتغير محتواها بحسب تغير المزاج السياسي، أسماء ممثلين تحذف بسبب موقفهم السياسي، ثم تضاف لاحقاً في حال استعادوا الرضا، ولا يخلو الأمر من إنتاجات مبتذلة وسخيفة وتسليع للأجساد الحيّة والميتة من دون أي تردد.

يكشف كلّ موسم رمضانيّ الأثر السياسي على صناعة “الترفيه” المُسمّاة “الدراما الرمضانيّة”، وخصوصاً تلك السوريّة. وفي كلّ عام يُبث مسلسل أو اثنان يثيران الجدل، ويبدأ الحذر في التعامل معهما، هل يجوز الانتقاد أم لا؟ هل نصمت خوفاً على مصالح مستقبليّة أم نكتفي بالمحاباة؟ لكل شخص إجاباته بحسب موقعه المهنيّ وعلاقاته الشخصيّة، والأهم المنبر الذي “يعبر منه عن رأيه”.

التحذير رقم 1: اعرفْ نفسك قبل أن تقول رأيك!

نعلم أن “شكل” المسلسلات نادراً ما يتغير، هي قوالب ثابتة، لا ننفي أثرها على المشاهدين بأنواعهم، “المُصدق، الساخر، الحالم، الرومانسي…”، لكنها في الوقت ذاته “صناعة أيديولوجيّة”، لا إنتاج مستقلاً وراءها، هناك دوماً دول تموّل، وتسيس، وتوجّه.

 مفهوم الفرصة السانحة التي يجب اغتنامها “لنقول ما نريد قوله” ولو كان التمويل “رسمياً” ولم يعد مُقنعاً، ومحاولة الجدل واتخاذ موقف من هذه الصناعة، يقودنا إلى منطقة أخلاقيّة، يقول البعض “بدنا نعيش!”، فلا مهنة أخرى للكثير من الممثلين والفنيين والتقنيين، بالتالي من الصعب لوم أحدهم على “العمل” في سبيل لقمة العيش. تكفي متابعة صفحات الفنانين السوريين وأخبارهم لنكتشف المآسي التي يخوضونها.

التحذير رقم 2: لا تنتقدْ من يسعى وراء رزقه!

تسييس مسلسلات رمضان قديم قدم هذه الصناعة، التي يتغير محتواها بحسب تغير المزاج السياسي، أسماء ممثلين تحذف بسبب موقفهم السياسي، ثم تضاف لاحقاً في حال استعادوا الرضا، ولا يخلو الأمر من إنتاجات مبتذلة وسخيفة وتسليع للأجساد الحيّة (مسلسلات العشق الممنوع والدلع)  والميتة (صور ضحايا القصف في سوريا) من دون أي تردد، ما يثير ضجة وانتقادات من دون أن تتغير أو يتوقف إنتاج هذا النوع من “الدراما”، التي كثيراً ما تتجاهل المنتقدين وصيحات المشاهدين المستهجنين.

التحذير رقم 3: اتبعِ المال قبل أن تنتقد!

تكرار الانتقادات الجديّة والساخرة، لا فائدة منه، وهنا المفارقة، وسط انفصال كامل بين عالم الصحافة والنقد، وبين هذه الصناعة، ولا نحتاج إلى تحقيقات صحافيّة، لنكتشف أن بعض العاملين في المسلسلات، هم “نقاد” بأنفسهم وفاعلين ثقافيين، وفي حال كتبوا، يفعلون ذلك إما للمطالبة بحقّ مهدور، أو تربيتاً على كتف هذه الصناعة الوطنيّة، والوطنيّة حصراً، إذ لا تمكن مقاربتها سوى لكونها إنتاجاً محليّاً لا يستطيع منافسة العالميّ.

التحذير رقم 4: كلامك لا يغيّر شيئاً على الشاشة!

ارتباط الإنتاجات التلفزيونية صراحةً أو سراً بدول ومؤسسات رسمية وشبه رسميّة، حولها إلى سلاح أيديولوجي بامتياز، لنأخذ مسلسل معاويّة، هل سيبث أم لا؟ ألغت MBC بثه في اليوم الأول من رمضان،  سبقت ذلك أخبار كاذبة وبيانات مزورة تعلن إيقاف بثه ثم بثه مرة أخرى.

تنطح مقتدى الصدر في حالة “معاوية” مخاطباً محمد بن سلمان، لا صناع المسلسل، ولا ممثليه، بل المال ومن يقف وراءه، واعتلى الجدل قبل بث المسلسل والتنبؤات حوله، لكن من وجهة نظر اقتصاديّة. لم تُهدد شركة الإنتاج، ولم  “تخسر” كما أظن، في معيار البث من عدمه، لا علاقة له بنجاح أو فشل المسلسل، ولا المال، بل رغبة الإنتاج، “باب الحارة” أكبر مثال، ما زال مستمراً، ويتغير مضمونه بحسب الموقف من فرنسا وتركيا والإرهاب والدولة الوطنيّة وما إلى ذلك.

التحذير رقم 5: إلغاء مسلسل وبثه لا علاقة لهما برأيك، بل بالقرار السياسي!

المسلسل “مُنتَج” لا يخضع للسوق الجماهيري بصورة كاملة، فلا اشتراكات ولا شباك تذاكر، إعلانات فقط، وسوق الإنتاج يتحرك بين السلطة السياسية وسطوة المعلنين، نحن إذاً أمام دليل للتعليمات  للمشاهدين إما اشتر أو أطع، ولا تؤثر فيه الانتقادات إلا نادراً، كما حصل في أحد مسلسلات البيئة الشاميّة، ونقصد “سوق الحرير- 2020” لبسام الملا الذي يفترض أنه “انتصر للمرأة” بعدما تعرض باب الحارة بأجزائه الألف لشتائم وانتقادات طاولت المخرج وفريق العمل، وبدأ الجدال بالفعل، هل يدرك الممثلون ما ينطقونه وما يؤدونه أمام الكاميرا؟

التحذير رقم 6: كلامك لا يؤثر بفريق العمل كون بعضهم، كما ترى على الشاشة، يردد ما لا يقتنع به، وهذا ما يسمى بالتمثيل يا فهمان!

ماذا عن “ابتسم أيها الجنرال” وهو انتاج هذا الموسم الرمضاني، لكن هنا الحذر واجب كوننا ما زلنا في الحلقات الأولى، نحن أمام ممثلين صف أوّل من معارضي النظام السوري، وكاتب إشكالي كسامر رضوان، إنما ممنوع انتقاد المسلسل قبل عرضه، ولا بد من التعامي عن البعد السياسي لمسلسل كهذا تموله دولة هي قطر. وبمجرد توجيه ملاحظات حول الإنتاج ومضمون العمل، انتفض كثيرون لشتم الجمهور الجاهل، وتحقير آرائه، وهو الجمهور الذي نظرياً، صنع المسلسل لأجله، ولأجل “متعته”، وكأن علينا أن نهضم 30 ساعة من أي مسلسل قبل أن نتجرأ ونقول كلمة، لا حرصاً على مشاعر الأصدقاء، واحتمالات العمل المستقبليّة، وحسب، بل أيضاً، خوفاً من المدافعين عن “النقد”، الداعين إلى ضرورة الالتزام بقواعده، في تناس وتعام تامّ، عن أنه يحق لنا، نقاداً، وجمهوراً، وكائناً من كنا، أن نحكم على مسلسل من “البوستر” الخاص به، ومن عنوانه، ومن الفيديو الترويجي، لكن لا، المسلسلات السوريّة مُنتجات مقدّسة، لا تمسّها الأيدي والألسن إلا بعد هضمها كليّاً، والصلاة عليها، والتأكد من كل ما يحيط بها من إشكاليات، والأهم لا تمكن مقارنتها سوى بما يشبهها. صحيح أن لها جماليتها الخاصة، لكن يحق للناس أيضاً أن يطلبوا الجديد.

درج

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى