مقالات سينمائية

الوميض الأخير لجوائز «غولدن غلوبز»: مستقبلها مرهون باحتمالات وبمفاجآت/ محمد رُضا

وافق المدّعي العام لولاية كاليفورنيا، يوم الاثنين الماضي، على خطة تقتضي بالفصل بين جوائز «غولدن غلوبز» الشهيرة وبين الجمعية التي تمنحها وهي «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» المعروفة بـHollywood Foreign Press Association أو HFPA اختصاراً.

هذا القرار تم اتخاذه بعد أشهر طويلة من المباحثات بين مؤسسة بولي التجارية والجمعية الأميركية. لجانب مؤسسة بولي دخلت شركة بنسسكي ميديا كوربوراشن على الخط، التي هي شريك في تموّيل إنتاجات الإعلامي دِك كلارك التي تتضمّن، ومنذ عقود، إنتاج وبث جوائز «غولدن غلوبز» على محطة NBC التلفزيونية.

بموجب القرار الذي وافقت عليه كل الأطراف المعنية فإن «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» بقيت مؤسسة خاصّة غير خاضعة للضرائب كونها ليست مؤسسة ربحية، بينما أصبحت جوائزها المعروفة ملكاً للمؤسستين التجاريّتين المذكورتين.

كيت بلانشت فازت بالجائزة مطلع هذا العام (فوكاس فيتشرز)

يشبه هذا الوضع، كثيراً، عملية خلع أسنان شخص في التاسعة والسبعين من العمر (وهو عمر الجمعية منذ تأسيسها سنة 1943) من دون تركيب وجبة أسنان بديلة. فـ«غولدن غلوبز» كان مصدر فخر واعتزاز وقوّة الجمعية في هوليوود وكانت، لسنوات عديدة، شوكة في خاصرة مؤسسات أخرى (من بينها صحف وجمعيات نقدية مختلفة) ومنافساً في الشهرة والمكانة لجوائز الأكاديمية.

صحيح أنها لم تخطف الضوء منها كاملاً، لكن جوائز «غولدن غلوبز» نالت تلك الشهرة العالمية التي نالتها جوائز الأوسكار وبنجاحها تبوأت المرتبة الثانية من الاهتمام والنجاح بين مناسبات الجوائز السنوية. حتى سنوات قليلة ماضية، كانت حفلة توزيع الجوائز، تحت إدارة HFPA تحصد الإعجاب والاهتمام من جميع أركان صناعة السينما في هوليوود، وفي مناطق مختلفة من العالم. جوائز الجمعية الذهبية كانت محط منافسة الشركات والمؤسسات الإنتاجية وما تنتجه من أفلام وبرامج تلفزيونية، كما الممثلين والكتاب والمخرجين.

وكثيراً ما تمّت، في الصحافة المكتوبة أو في مواقعها، المقارنة بين حفلتي الأوسكار والغولدن غلوبز وتم الثناء على الأخيرة لتصاميمها وبرامجها وحرية الحركة خلال الحفلة عوض الالتزام بالمقاعد الثابتة لثلاث ساعات كما الحال حين توزيع جوائز الأوسكار.

كل هذا انتهى سنة 2020 عندما نشرت صحيفة «لوس أنجليس تايمز» مقالاً يتهم الجمعية بالفساد والعنصرية والرشوة. التهمة في زمن كهذا تسوده حملات الإصلاح المختلفة دفعت معظم شركات الإنتاج والوكالات الصحافية التي تعتمدها تلك الشركات لمقاطعة المؤسسة التي كانت أمضت سبعة عقود من النشاط السينمائي الفريد. إدارة الجمعية لم تحسن الدفاع عن نفسها حيال تلك التهم، بل اعترفت ضمنياً بها عندما اكتفت بإصدار بيانات تعد فيه بالإصلاح من دون أن تفنّد تلك التهم أو تواجهها.

كل ذلك يبدو اليوم في التاريخ القريب (وأشرنا إليه في «الشرق الأوسط» حينها)، لكن ما حدث منذ ذلك العام هو أن محاولات وضع اليد على جوائز الجمعية اكتملت بنجاح وبذلك تم خلع تلك القوّة النوعية منها. وعلى الرغم من عودة حفل توزيع «غولدن غلوبز» هذه السنة على نحو واعد إذ حفلت بالأسماء المتسابقة ففاز كولِن فارل بجائزة أفضل ممثل كوميدي (عن The Banshees of Inisherin) وجاوره أوستن بتلر كأفضل ممثل درامي (عن Elvis). كما خرجت كيت بلانشت بجائزة أفضل ممثلة درامية عن Tar وحظت ميشيل يوا «غولدن غلوبز» عن «كل شيء كل مكان في ذات الوقت».

بدأ «غولدن غلوبز» تحت إدارة جماعية، واعداً أكثر عندما كسر المخرج والمنتج ستيفن سبيلبرغ موانع هوليوود وحضر الحفل، حيث فاز بجائزتي «غولدن غلوبز» واحدة كأفضل مخرج والثانية كأفضل فيلم (عن The Fabelmans).

بخطف «غولدن غلوبز» من «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» يتوقع أن تصبح الجمعية هيكلاً شبه خاو. كيان يُذكر لماضيه وليس لحاضره أو مستقبله.

رغم ذلك، فأن المسألة قد تنقلب لصالح الجمعية من حيث إنه ما زال لديها خيط متين يربطها بـ«غولدن غلوبز». ذلك أن تحويلها من مالكة الجوائز إلى مجرد جمعية سينمائية محدودة القدرات، لن يمنعها من لعب دورين أساسيين: الأول إعادة تكوين نفسها في المدى القصير، وربما إطلاق جائزة جديدة خاصّة بها فيما بعد، والثاني إن جوائز «غولدن غلوبز» تحتاج إلى أعضاء الجمعية لكي تصوّت عليها.

مؤامرة

بكلمات أخرى، فإن أعضاء الجمعية هم من سيصوّتون على جوائز «غولدن غلوبز» تماماً كما كان الحال سابقاً. الاختلاف الكبير هو أنه عوض قيامهم بهذه المهمّة مجاناً، كما في الماضي، سيتقاضى كل منهم 75 ألف دولار سنوياً لقاء مشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية والإدلاء بصوته.

هذا وحده يمنح الجمعية وجوداً فعلياً ولو بحجم وبفاعلية إعلامية ومعنوية أقل مما كانت عليه أيام عزّها. صحيح أن مؤسسة بولي وشركائها دفعت ما يعوّض الجمعية وأعضائها مادياً، إلا أن هناك ما لا يعوّض مثل لعب الدور الكبير الذي كانت الجمعية تؤديه منذ الأربعينات.

هذا كله لا يعفي من التساؤل حول مصير جوائز «غولدن غلوبز» ذاتها، من حيث قدرتها على استعادة أهميّتها الكبيرة التي كانت لها سابقاً. الأسئلة المناطة في هذا الوضع الحالي هي: هل ستثق هوليوود بالمؤسسة الجديدة المالكة لـ«غولدن غلوبز»؟ هل ستنجح المؤسسة في تحقيق أرباح عبر تلك الجوائز (إيراد الجمعية سابقاً من وراء بث الحفل على محطة NBC قُدّر في السنوات الأخيرة قبل النكسة بنحو 20 مليون دولار سنوياً)؟ ثم من هي المحطة التلفزيونية التي ستتعاقد مع مؤسسة بولي لبث الحفل بعد اليوم؟

الاتصالات جارية الآن بين مالكي الجوائز الجدد وبين NBC بغية تجديد العقد القائم. وهذه الاتصالات والمباحثات غالباً ما ستؤتي ثمارها رغم أن المؤسسة تتباحث كذلك مع محطات ومنصّات أخرى كأي صاحب مشروع يود الحصول على العرض الأفضل.

جواثز غولدن غلوبز (ذا هوليوود فورين برس)

جوائز «غولدن غلوبز» في السنوات العشر الأخيرة

* دراما:

‫2012: The Descendants

2013: Argo

2014: Twelve Years a Slave

2015: Boyhood

2016: The Revenant

2017: Moonlight

2018: Three Billboards Outside Ebbing, Missouri

2019: Bohemian Rhapsody

2020: 1917

2021: Nomadland

2022: The Power of the Dog

‫2023: The Fabelmans

* كوميدي أو موسيقي:

‫2012: The Artist

2013: Les Misérables

2014: American Hustle

2015: The Grand Budapest Hotel

2016: The Martian

2017: La La Land

2018: Lady Bird

2019: Green Book

‫2020: Once Upon a Time in Hollywood

2021: Borat Subsequent Moviefilm

2022: West Side Story

2023: The Banshees of Inisherin

الشرق الأوسط

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى