سياسة

عودة “داعش” في سوريا: ملاحظات وأسباب -مقالات مختارة-

عودة “داعش” في سوريا: ملاحظات وأسباب/ بشير البكر

عاد تنظيم “داعش” بقوة إلى المشهد السوري من خلال سلسلة العمليات التي تستهدف جميع الأطراف في البادية السورية وشرقي الفرات. وكانت العملية الأخيرة التي جرت يوم الأربعاء الماضي، في البادية ما بين ريفي دير الزور وحمص هي ذروة العمليات التي بدأت بالتصاعد تدريجيا منذ منتصف السنة الماضية.

وجاءت نتيجة تلك العملية ثقيلة على النظام السوري الذي ألغى المظاهر الاحتفالية بالعام الجديد في التلفزيون الرسمي، تضامنا مع أهالي الضحايا الذين صدرت عن بعضهم ردود فعل تندد بتهاون النظام عن تأمين عساكر ذاهبين لقضاء الإجازة. وذكر بيان داعش الذي تبنى العملية أن عدد القتلى بلغ أربعين من بين الجنود الذين ينتمون إلى الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، والتي تشارك الميليشيات الإيرانية العمل في منطقة شرقي الفرات، وعلى نحو خاص في البوكمال التي تحولت إلى قاعدة إيرانية باسم قاعدة الإمام علي، وتسيطر عليها ميليشيات فاطميون الأفغانية والحشد الشعبي العراقي تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني.

ويمكن تسجيل عدة ملاحظات حيال العمليات التي يقوم بها تنظيم داعش. الأولى هي أنها تجري على رقعة جغرافية واسعة تمتد من محافظة الحسكة وتشمل محافظتي دير الزور والرقة في اتجاه البادية. والثانية هي أن هذه العمليات تستهدف كل الأطراف المسيطرة على هذه الجغرافيا على نحو شبه يومي. وسقط من جرائها قادة أمنيون وعسكريون من “قسد” والروس والنظام والميليشيات الإيرانية، وأبرز القتلى الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ الذي لقي مصرعه مع قيادي بميليشيا الدفاع الوطني، في 18 من آب الماضي، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في ريف محافظة دير الزور. والنقطة الثالثة هي أن العمليات في تصاعد واتساع رقعة تدريجي، وتكثفت على نحو ملحوظ في الآونة الأخيرة، رغم التعزيزات العسكرية المضادة.

أما الملاحظة الرابعة فتتمثل بالإخفاق في وقف هذه العمليات أو الحد منها، وهذا الفشل يسجل على الأطراف الموجودة على الأرض في هذه المناطق، أي روسيا، النظام، قسد، والميليشيات الإيرانية. ومن المعروف أن روسيا أعلنت في الصيف الماضي عن حملة عسكرية واسعة تحت مسمى الصحراء البيضاء بهدف القضاء على خلايا داعش في البادية، ما أدى إلى تصفية 327 مسلحاً وتدمير 134 ملجأ و17 نقطة مراقبة و7 مخازن عتاد و5 مخازن تحت الأرض للأسلحة والذخيرة” حسب التصريح الروسي الرسمي عن نتائج العملية.

يعزو خبراء من المنطقة التي تدور فيها العمليات نشاط داعش المتصاعد إلى عدة أسباب. السبب الأول هو سيطرة “قسد” التامة على المنطقة، ماعدا البادية التي آلت إلى النظام وروسيا. ومن دون شك يلقى مشروع قسد السياسي في المنطقة رفضا عاما من الأغلبية العربية، وخصوصا في محافظتي دير الزور والرقة ذات الأغلبية العربية المطلقة بنسبة تتجاوز 95%. ومنذ نهاية دولة داعش باتت المدينتان تحكمان من قبل قسد، الأمر الذي ولد نقمة شعبية غذاها التمييز، ووضع اليد على الثروات، وحرمان أهل المنطقة منها، وفرض مناهج دراسية من قبل الإدارة الذاتية الكردية.

ويعود السبب الثاني إلى سيطرة الميليشيات الإيرانية على مناطق واسعة في ريف دير الزور المحاذي للعراق، وقيامها بممارسات ضد أهل المنطقة، ومن ذلك حملات التشييع الواسعة التي تلقى معارضة شعبية من قطاعات واسعة.

أما السبب الثالث فهو يتلخص في عمل الروس على إعادة تأهيل النظام في المنطقة، وذلك في إطار السياسة التي تتبعها موسكو في كل المناطق التي سيطرت عليها منذ تدخلها العسكري في أيلول 2015. والتي أثبت فشلها كليا كما هو الحال في الجنوب، حيث إنها لم تتمكن حتى اليوم من تنفيذ اتفاقات 2018، ولذلك تشهد المنطقة حالة رفض شاملة للنظام وفوضى أمنية رغم قيام روسيا بإنشاء تشكيلات عسكرية موالية لها كالفيلق الخامس الذي تعمل على تعميمه في دير الزور.

تحتاج هزيمة داعش إلى مشروع مختلف يقوم على معالجة الاختلالات الكبيرة الحاصلة بسبب ممارسات الأطراف المسيطرة على الأرض، وأولها تسليم إدارة المنطقة لأهلها بما في ذلك مواجهة داعش عسكريا. ولابد في الختام من ملاحظة مهمة وهي أن داعش لا يحظى بشعبية في المنطقة، ولم تعد له حاضنة بين السكان، ولكن لا أحد من أهل المنطقة يجد نفسه معنيا بمواجهته، طالما أن ذلك يصب في صالح روسيا والنظام وإيران.

تلفزيون سوريا

————————-

بعد مقتل 40 عنصرا من الفرقة الرابعة: هل سيجر تنظيم “الدولة” روسيا إلى الرمال المتحركة في البادية السورية؟/  منهل باريش

توسعت مناطق عمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” في شرق سوريا، سواء في مناطق سيطرة النظام السوري غربي نهر الفرات أو في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في ريف دير الزور شرقي نهر الفرات. وتحول التنظيم من العمل بتكتيك الخلايا الأمنية إلى السيطرة الفعلية على عدة جيوب في شرق أثريا وريف سلمية في الغرب وصولا إلى الحدود العراقية جنوبي مدينة البوكمال.

وفي أكبر مقتلة بصفوف قوات النظام السوري في البادية السورية، منذ سيطرة الأخير وحلفائه على البادية السورية عام 2018 قتل تنظيم “الدولة” 40 عنصراً من الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد، عَصر الأربعاء، ونصب مقاتلو التنظيم كمينا لرتل عسكري يضم عددا من حافلات المبيت الخاصة بالفرقة، حيث استهدفوا الرتل بقذائف “ار بي جي” والرشاشات الثقيلة غربي تقاطع الشولا على طريق تدمر-دير الزور. وتمكنت باصات المبيت من الفرار والوصول إلى دير الزور، فيما اشتبك مقاتلو حماية الرتل مع مقاتلي التنظيم لنحو ثلاث ساعات لتصل مؤازرات الفرقة الرابعة المنتشرة على الطريق وتتمكن من انتشال الجثث وإسعاف الجرحى بالسيارات القتالية رباعية الدفع، حسب ما تناقلت صفحات مقربة من الفرقة الرابعة في جيش النظام. وهو ما كذب إعلام النظام السوري الذي صرح بمقتل 29 مدنيا في هجوم إرهابي على باص نقل مدني.

وتركزت هجمات مقاتلي التنظيم في شهر كانون الأول (ديسمبر) في ريف الرقة الشرقي على مشارف بلدة معدان وصولا إلى جبل بشري، حيث خطفوا عددا من عناصر الفرقة الرابعة والفيلق الخامس. وأصبح طريق الشولا-الرقة المحاذي لجبل البشري غاية في الخطورة أمام الميليشيات المتحركة عليه، وباتت السيطرة عليه شبه مفقودة من قبل النظام وحلفائه. حيث تعرضت قوات النظام لعشرات الكمائن عليه بين الشولا ورجم أبو جبر، قبل أن يتفرع عندها إلى طريقين شمالي باتجاه معدان وغربي يصل إلى الرصافة ومنها إلى المنصورة.

وانسحبت الميليشيات الإيرانية من جبل البشري، قبل عشرة أيام، بعد فشلها في القضاء على جيب التنظيم في قسم الجبل داخل حدود المنطقة الإدارية في دير الزور، وهو أحد المحاور الأساسية لميليشيا “زينبيون” الشيعية الباكستانية، و”فاطميون” الشيعية الأفغانية، وتمركزت في التلال المرتفعة في المنطقة الواقعة إلى الغرب من اللواء 137 غرب مدينة دير الزور، في قصيبة وتل الطريفاوي والمزرعة وصولا إلى الفصيات ووادي العين.

ورصدت “القدس العربي” مقتل عناصر يعتقد انهم يتبعون للحرس الجمهوري في جيش النظام السوري، قبل أسبوع من الهجوم على الفرقة الرابعة المذكور أعلاه، خلال استهداف حافلة عسكرية تقلهم بقذائف “ار بي جي” بالقرب من عقدة طرق الشولا، الواقعة في جنوب دير الزور على الطريق الواصل إلى تدمر.

وفي دير الزور، فقدت عمليات الفيلق الخامس التابع لروسيا، عددا من عناصرها في بادية التبني ولم تتمكن من العثور عليهم رغم عمليات البحث الطويلة.

في السياق، صعد الطيران الحربي الروسي من وتيرة قصفه في مناطق البادية وخصوصا في القسم الشرقي من جبل البشري، وتحول الجبل إلى مرمى أهداف الطيران بشكل كامل، حيث تستهدف القاذفات الروسية كل ما يتحرك في المنطقة شديدة الوعورة، والتي تعتبر منطقة تمركز ينطلق منها التنظيم لعمليات غرب دير الزور.

ويتخذ التنظيم من بادية الميادين نقطة تجمع أساسية، بدأت تتوسع باتجاه حقل التيم النفطي، وحقل الشولا. فأصبح التنظيم يهدد سيطرة النظام على الحقل بشكل كبير، فيقوم بعمليات يومية شرقه باتجاه الميادين. وفرض مقاتلوه (تنظيم الدولة) سيطرتهم على الجيب مؤخرا بعد أن كانوا مجرد خلايا أمنية تتحرك بحذر شديد.

ويعتبر جيب بادية الميادين الجنوبي أكبر المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة” فيمتد من فيضة الجب شرقا إلى فيضة ابن موينع غربا، ويحده من الجنوب محطة الضخ النفطية الثانية (T2). فيما تعتبر منطقة جنوب السخنة هي ثالث مناطق سيطرة التنظيم الفعلية في البادية، ويتحرك التنظيم في مناطق البادية بحرية كبيرة وصولا إلى منطقة الـ 55 (معبر التنف ومخيم الركبان) التي يسيطر عليها التحالف الدولي ويتواجد فيها جيش “مغاوير الثورة” المدعوم من البنتاغون والذي يقوده المقدم مهند الطلاع. ويسيطر التحالف الدولي على معبر التنف الحدودي مع العراق، قاطعا طريق دمشق-بغداد، وهي المنطقة التي زارها قبل أيام قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط فرانك ماكينزي.

عمليا، تتحرك خلايا تنظيم “الدولة” ومقاتلوه بأريحية كبيرة دون تهديد مباشر من بادية الميادين إلى منطقة العليانية في بادية حمص والتي هاجم منها حقل فوسفات الصوانة، حتى بادية السويداء الشرقية، وتقدر مساحة نشاط التنظيم وحركته في مناطق سيطرة النظام بنحو 50 كم2، عدا نشاطه في مناطق سيطرة قسد، وعمل خلاياه الأمنية في مناطق إدلب وعفرين ودرع الفرات.

وبسبب ارتفاع عدد عمليات التنظيم وتوسع منطقة سيطرته في البادية السورية، تخشى روسيا أن تفقد سيطرتها على الحقول النفطية وحقول الغاز والفوسفات التي حصلت على عقودها من النظام السوري. فدفعت بتعزيزات عسكرية جديدة إلى مدينة تدمر، تمركزت في مضمار الخيول جنوب غرب المدينة، ومن المرجح نشرها في حقل التيم والشولا. وتشمل التعزيزات عربات مدرعة وناقلات جند BMB. وتزيد روسيا من تواجدها في بادية الميادين بهدف حفظ المناطق النفطية، ومحاولة ملء الفراغ الأمني والعسكري الذي تخشاه بسبب إخفاق الميليشيات الإيرانية في ضبط الوضع.

ولم تقتصر خسائر محور النظام على جنوده ومقاتلي الميليشيات الإيرانية، بل طالت حزب الله اللبناني أيضا، حيث سقط عدد من عناصره بين قتيل وجريح في كمين لعناصر تنظيم “الدولة” في بادية البوكمال، فيما نعى الحزب علي الهادي يوسف بلوط، وقالت مواقع مقربة منه أن بلوط قتل في البادية السورية “أثناء أداء واجبه الجهادي” في سوريا، وجرى تشييعه في حومين التحتا في جنوب لبنان، من دون التصريح بتفاصيل إضافية حول مصير زملاء بلوط.

وفي مناطق سيطرة قسد، تستمر عمليات الاغتيالات بحق العناصر المنتسبين إلى قسد أو مجالسها المدنية، ويسجل ان رئيس المجلس المدني في قرية الكبر، حمد خلف النجم، كان آخر قتلى التنظيم. حيث فجر التنظيم سيارته بعبوة ناسفة وطال عدد كبيرا من الذين يقيمون علاقات مع قسد أو الأسايش (قوات الأمن الداخلي) أو يشتبه بتعاونهم أمنيا معها. كما تستهدف الاغتيالات العناصر السابقين في التنظيم والذين تخلوا عنه رغم بيعتهم. مؤخراً، يركز التنظيم عمليات الاغتيالات ضد التجار والمزارعين الذين فرضت عليهم مبالغ “الزكاة” وحذرتهم سابقاً من عواقب تخاذلهم عن دفع الزكاة لبيت مال المسلمين لـ “دولة الخلافة”.

في سياق آخر، تسعى قوى الأمن الداخلي في قسد “الأسايش” إلى مطاردة خلايا التنظيم والمتعاونين معه في مناطق سيطرتها  وتقوم بعمليات اعتقال مستمرة، كما حصل، صباح الجمعة، إذ اعتقلت ما يزيد عن 30 مدنيا بتهمة الاشتباه بتعاونهم مع تنظيم “الدولة الإسلامية”. وجرت الاعتقالات في قرى أبو النيتل، والحريجة، والعلية شمالي دير الزور، واقتادهم إلى سجن الصور الواقع بالقرب من قرية الصور على طريق دير الزور-الحسكة.

الورطة الروسية

ستنعكس قوة تنظيم “الدولة” في البادية على الحاق خسائر كبيرة في صفوف القوات الروسية ومرتزقة فاغنر الذين يقومون بحماية حقول النفط والغاز والفوسفات. فنجاح فاغنر في حماية حقول خنيفيس والصوانة جنوبي تدمر، لا يمكن قياسه على باقي المناطق وخصوصا حقول النفط في دير الزور، فأغلبها بعيد عن الطرق الرئيسية وتقع في قلب البادية، مكان تمركز مقاتلي التنظيم، بخلاف منطقة خنيفيس المؤمنة بسبب قربها من طريق تدمر-دمشق القديم.

إضافة إلى أن عدد المرتزقة والقوات الروسية غير كاف على الأرض لحماية كل المنشآت بما فيها الشركات الأمنية السورية التي أسستها فاغنر، مثل “صائدو داعش” و”سند الأمن العسكري”. فحماية المنشآت يحتاج إلى منطقة آمنة واسعة حولها، تحميها من قذائف الهاون والمدفعية، إضافة إلى شبكة طرق تسهل الحركة اليومية من وإلى الحقول، وهذا يعني ان على روسيا الاعتماد أكثر على المليشيات الإيرانية، وهذا يتطلب إرضاء إيران من خلال تقديم حصة من العائدات أو منحها جزءا من العقود. وفي حال عدم اعتمادها على الميليشيات الإيرانية فعليها تسخير قوة إضافية من فصائل الفيلق الخامس أو الفرقة 25 مهام خاصة التي يقودها العميد سهيل الحسن. وهذا يتطلب سحب آلاف المقاتلين من محيط إدلب إلى البادية السورية بهدف ملاحقة خلايا التنظيم ومطاردته في البادية السورية.

نهاية، سيغير الجهد الروسي في البادية من أولويات عملها في سوريا وأجندتها، ويفرض أولوية الحرب ضد التنظيم على البدء بعمل عسكري في شمال غرب سوريا. خصوصا وأن فصائل الجيش الوطني غير قادرة على تغيير موازين القوى بشكل نهائي أو المبادرة بهجوم، فهي في موقع دفاعي حسب التفاهمات السياسية الروسية التركية، ولا تتجرأ على نقض الاتفاق بأي شكل من الأشكال، وهذا يتيح الفرصة لموسكو تركيز ثقلها في البادية بهدف تطهيرها من خلايا التنظيم والعودة لعقدة إدلب.

القدس العربي

——————————

الاستثمار في “داعش”/ عبسي سميسم

مع بداية العام الجديد كثّفت قوات النظام السوري و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) من حملتيهما على تنظيم “داعش” الذي بدأ يستعيد قوته ضمن البادية السورية خلال الفترة التي تلت إعلان التحالف الدولي القضاء على التنظيم في سورية، بعد السيطرة على آخر معاقله في بلدة الباغوز في ريف محافظة دير الزور. وبدأ التنظيم بالعمل على شكل خلايا انتشرت في البادية السورية، تشن هجمات متفرقة على قوات النظام في كل من محافظتي دير الزور وحماة، وعلى عناصر “قسد” في مناطق سيطرتها شرقي نهر الفرات، بالإضافة إلى وقوع تفجيرات بعبوات ناسفة في تلك المناطق يعتقد أن “داعش” يقف خلفها.

على الرغم من توجيه التنظيم بعض الضربات الموجعة لكل من قوات النظام والمليشيات التي تسانده، وحتى للقوات الروسية في محافظة دير الزور، ومهاجمته حقول النفط فيها، إلا أن الضرر الذي ألحقته تلك الضربات لا يُقارن بالفائدة التي عادت بها على كل من النظام وروسيا اللذين استثمرا تلك الضربات سياسياً. ووجدت موسكو في هذا التطور فرصة ثمينة لإعادة محاولة تعويم نظام بشار الأسد كمحارب لـ”الإرهاب الداعشي” ومحاولة تسويق بقائه على أنه حاجة ماسة لا يمكن الاستغناء عنها، لأن البديل سيكون استعادة “داعش” مناطق أخرى من سورية، الأمر الذي من شأنه تهديد الأمن والسلم العالميين، خصوصاً مع تصاعد العقوبات الأميركية والأوروبية على النظام.

في المقابل، حذت “قسد” حذو النظام، وقامت بشن حملة مماثلة في مناطق سيطرتها ضد “داعش” الذي يُعتبر السبب الرئيسي لوجودها، الأمر الذي يجعل من تلك الحملة وسيلة لإثبات وجودها أكثر منها حملة تهدف للقضاء على “داعش”. فالنظام والتنظيمات الوظيفية الأخرى في سورية تحارب الإرهاب ليس بهدف القضاء عليه وإنما من أجل استمرار البقاء، بسبب ارتباط وجودها بوجود الإرهاب. لذلك نجد أن النظام و”قسد” يعملان بين الحين والآخر على صناعة الإرهاب من أجل محاربته، فشهدنا كيف أفرج النظام عن كل المعتقلين الجهاديين من سجونه في بداية الثورة السورية والذين شكلوا كل التنظيمات الإرهابية التي نشهد خطرها حالياً، وذلك في سبيل تبرير حربه على الشعب الثائر. من جهته، كانت “قسد” قد هددت المجتمع الدولي بالإفراج عن معتقلي “داعش” حين شعرت بخطر يهدد وجودها، الأمر الذي يقود إلى نتيجة مفادها أن معركة النظام و”قسد” ضد “داعش” لن تُحسم أبداً، فاستمرارها مصلحة مشتركة للجميع.

العربي الجديد

——————————

أسباب فشل القضاء على “داعش” في البادية السورية؟/ محمد حسان

شنت الطائرات الحربية الروسية عشرات الغارات الجوية خلال الأيام الماضية، على مناطق البادية السورية، التي تمتد بين أرياف وبوادي محافظات الرقة وحماة وحمص وديرالزور، مستهدفة مواقع لتنظيم “داعش” في البادية السورية، خاصة المثلث الواقع بين محافظات الرقة وحمص وديرالزور.

التصعيد الروسي جاء عقب هجوم عسكري نفذه تنظيم “داعش”، على طريق دمشق-ديرالزور بالقرب من بلدة كباجب، أسفر عن مقتل 37 عنصراً من قوات النظام، بينهم 8 ضباط برتب مختلفة.

لكن الهجوم الروسي، ضد خلايا التنظيم المنتشرة في البادية السورية، ليس الأول من نوعه، فقد نفذت القوات الروسية مع قوات النظام، ثلاث عمليات عسكرية خلال عام 2020، بهدف القضاء على خلايا “داعش”، كان آخرها عملية “الصحراء البيضاء”، لكن جميع تلك العمليات باءت بالفشل ولم تحقق الأهداف المعلنة لها.

وتعود أسباب فشل النظام وحلفائه في القضاء على خلايا التنظيم، إلى عوامل عديدة منها ما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية للنظام وحلفائه، وأخرى تتعلق بالتكتيك القتالي الذي تتبعه خلايا التنظيم في عملياتها العسكرية.

السبب الأول في فشل كل من النظام وروسيا وإيران، في القضاء على خلايا “داعش” في البادية، يكمن في أن العمليات العسكرية، تكون عبارة عن ردّات فعل غير منتظمة وتفتقر للاستراتيجية، وتكون دائما عقب الهجمات العنيفة للتنظيم، والتي تتسبب بخسائر فادحة للنظام وحلفائه.

فعملية التطهير التي أعلن عنها منتصف عام 2020، كانت رداً على هجمات التنظيم على السخنة وحقلي آراك والهيل النفطية، أما عملية الصحراء البيضاء كانت رداً على مقتل الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ، في ريف ديرالزور الجنوبي، أما العملية الحالية هي رد على الهجوم الذي استهدف عناصر الفرقة الرابعة في 30 من كانون الأول/ديسمبر 2020.

عمليات النظام وحلفائه ضد خلايا التنظيم، لم تقتصر على كونها ردّات فعل فقط، بل غابت عنها الخطط الاستراتيجية المتكاملة. فلا يملك الحلف المعادي للتنظيم مخططاً عسكرياً وزمنياً محدداً للقضاء على تلك الخلايا، بل يعتمد على هجمات متقطعة غالباً ما تكون برية دون عمليات إسناد جوي، أو عمليات تنفذها الطائرات الحربية وحدها، كما يجري الآن داخل البادية.

أما السبب الثاني هو التنافس الروسي الإيراني على النفوذ في شرق سوريا، فالقوات الروسية والإيرانية لا تلعب الدور الكافي في دعم العمليات العسكرية ضد خلايا التنظيم في البادية، وتركز فقط على تعزيز مناطق نفوذها في الحواضر المدنية في ريف حمص وديرالزور وريف الرقة الجنوبي.

ويمتنع كلا الطرفين عن الدفع بثقلهم العسكري البري في معركة تطهير البادية، خوفاً من أن يستغل الطرف الأخر حالة الفراغ العسكري لتعزيز نفوذه. فالقوات الإيرانية لم تشارك في عملية الصحراء البيضاء أو العملية الحالية حتى الآن، بينما تكتفي روسية بالمشاركة الجوية لإسناد قوات النظام المتقدمة برياً.

حالة التنافس زادت في الفترة الأخيرة، خاصة بعد افتتاح القوات الروسية مقراً لها، في مبنى الفندق السياحي في مدينة البوكمال، على الحدود السورية العراقية، التي تُعتبر أهم معاقل القوات الإيرانية شرق سوريا، وازدياد حالات الانشقاق في صفوف المليشيات الموالية لإيران والتحاقها بالتشكيلات المدعومة روسياً.

بينما يعتبر الضعف الاستخباراتي سبباً من أسباب الفشل في القضاء على خلايا تنظيم “داعش” في البادية. فشكل العمليات العسكرية ومناطق انطلاقها والنقاط المستهدفة، يؤكد أن القوى المهاجمة تجهل أماكن تمركز التنظيم والمواقع المحتملة لوجود خلاياه، كما تغيب عنها المعلومات التي يمكن من خلالها رصد تحركات التنظيم وتوقع هجماته والتعامل معها قبل حدوثها.

ويشكل وجود التنظيم في مناطق نائية في البادية بعيداً عن المجتمعات السكانية، عاملاً أساسياً في عدم قدرة النظام وحلفائه على الحصول على معلومات استخباراتية عن التنظيم، من خلال الأسلوب التقليدي الذي يقوم على تجنيد متعاونين خارج صفوف التنظيم، مهمتهم نقل التحركات وجمع المعلومات الاستخباراتية المبدئية.

الاستراتيجية التي يتبعها التنظيم أيضاً، تلعب دوراً مهماً في جعل عملية القضاء عليه أمراً صعباً جداً، من خلال عدد من التكتيكات العسكرية، التي تساعده في البقاء.

أول تلك التكتيكات عدم إيجاد مناطق مواجهة مباشرة مع النظام وحلفائه، بحيث تكون الهجمات عبارة عن عمليات صغيرة لها أهداف محددة وتختلف زمنياً وجغرافياً في كل مرة. فالتنظيم يبتعد عن إيجاد مناطق سيطرة واضحة في المناطق المأهولة بالسكان في القرى والبلدات والمدن، وذلك لأسباب عديدة، أولها تجنب وجود خطوط مواجهة فعلية تجعله تحت ضربات القوى المعادية له بشكل مباشر، ما يرهقه على الصعيد البشري والعسكري.

كما تشكل عمليات التحرك المستمر في البوادي الشاسعة، وأسلوب حرب العصابات الذي يعتمده التنظيم، وقدرة عناصره على التخفي ضمن الطبيعة الجغرافية في البادية، عوامل إضافية تساعده على البقاء وتصعب من عملية ملاحقته.

تحتاج حرب القضاء على “داعش” إلى استرتيجية مشتركة بين القوى المتصارعة في البادية، خصوصا بين الروس والإيرانيين. كما تحتاج إلى عنصر أساسي آخر وهو مشاركة أكثر فعالية من الولايات المتحدة في حرب التنظيم داخل البادية السورية، باعتبارها أحد أطراف النفوذ، وصاحبة القدرة العسكرية الأكبر في المنطقة.

—————————

مناورات أميركية في التنف..مع مغاوير الثورة

أعلن المتحدث العسكري باسم التحالف الدولي في عملية العزم الصلب العقيد واين ماروتو عن إجراء مناورات عسكرية ليلية في منطقة التنف بمشاركة فصيل مغاوير الثورة.

وقال ماروتو في تغريدة: “قوات مغاوير الثورة الشريكة في سوريا ساعدت التحالف الدولي على دخول العام الجديد بقذيفة هاون وصواريخ “HIMARA”. تدريب جيد للاحتفال بعام 2021. لا يزال التحالف ثابتاً في التزامه بدعم شركائنا في سوريا لدحر تنظيم الدولة”.

وبثّ فصيل مغاوير الثورة تسجيلاً مصوراً للمناورات الليلية التي استخدم فيها المنظومة الصاروخية الأميركية المتطورة (HIMARS) وقذائف الهاون المضيئة.

    Partner forces in Syria @MaghaweirThowra assisted @CJTFOIR bringing in the New Year with a mortar and HIMARS shoot. Good training to celebrate 2021. The Coalition remains steadfast in its commitment to supporting our partners in Syria as they secure the enduring #defeatdaesh https://t.co/7WGwI8W1st

    — OIR Spokesman Col. Wayne Marotto (@OIRSpox) January 1, 2021

وقبل شهر أجرى سلاح الجو الأميركي مناورات عسكرية في منطقة ال55 كم في التنف جنوبي سوريا، “لحماية المنطقة من أي تهديد”، بحسب ما أعلن فصيل مغاوير الثورة.

وقال الفصيل في تغريدة: “قامت القوات الأميركية بتنفيذ ضربات جوية تدريبية ناجحة بالقرب من حامية التنف، ومثل هذه التدريبات إلى جانب شركائهم، تثبّت قدرتهم على حماية المنطقة من أي تهديد”.

وشاركت في المناورات طائرات أميركية من طراز “إف-15”. وسبق أن أجرت مقاتلات تابعة للقوات الجوية الأميركية مناورات مماثلة في منتصف حزيران/يونيو 2020.

ومنذ 2018 كثفت القوات الأميركية وفصيل مغاوير الثورة من مناوراتهم وتدريباتهم، وأكدوا مراراً على أن الهدف منها ضمان عدم وصول تنظيم “داعش” والميليشيات الإيرانية إلى منطقة ال55 كم في التنف.

المدن

————————

داعش” في سورية: غضّ نظر مزدوج/ أمين العاصي

تتسارع التطورات الميدانية في محافظة دير الزور السورية، على جانبي نهر الفرات الجنوبي والشمالي، مع ازدياد نشاط تنظيم “داعش”، الذي بدأ في الآونة الأخيرة برفع وتيرة هجماته وتنفيذ عمليات اغتيال، ما يؤكد أن هذا التنظيم لا يزال يمتلك خلايا نشطة و”ذئاباً منفردة”، يمكن أن تجعل منه لاعباً في مشهد الصراع المحتدم على الشرق السوري. وفي اليوم الأخير من العام الماضي، تلقت قوات النظام ضربة في بادية دير الزور، هي الكبرى خلال العام من التنظيم، ما دفعها إلى الشروع بحملة عسكرية واسعة النطاق.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام، مدعومة بقوات “الدفاع الوطني” ولواء “القدس”، بدأت، أول من أمس الجمعة، حملة عسكرية واسعة النطاق على مواقع انتشار تنظيم “داعش” في البادية الجنوبية لمحافظة دير الزور، وذلك بدعم جوي من الطائرات الروسية، التي بدأت بدورها بتنفيذ عشرات الضربات الجوية على مواقع التنظيم في المنطقة، ومناطق أخرى ضمن مثلث حماة-حلب-الرقة. من جهتها، أكّدت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن النظام زجّ بالفرقة 17 وكتيبة الاقتحام في الفيلق الخامس في هذه الحملة، التي تستهدف أيضاً تأمين الطريق الدولي الذي يربط محافظة دير الزور بمدينة تدمر في وسط البادية، والذي يتفرّع بعد ذلك باتجاه مدينتي دمشق العاصمة وحمص.

وتأتي العملية غداة كمين من تنظيم “داعش” في بلدة كباجب على طريق تدمر- دير الزور، أدى إلى مقتل نحو 40 عنصراً من “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد شقيق رئيس النظام بشار الأسد، من بينهم 8 ضباط برتب مختلفة. وشيّع النظام قتلاه الجمعة في حي “الزهراء” في مدينة حمص وسط سورية، في ظل استياء كبير من موالي النظام الذين طالبوا بتمشيط البادية وتعقب الفاعلين. ويُعد هجوم تنظيم “داعش” الأكبر خلال العام الماضي، لجهة عدد القتلى في صفوف قوات النظام السوري، التي فقدت مع المليشيات المحلية والإيرانية المساندة لها خلال العام الماضي نحو 819 عنصراً، عبر كمائن وقصف واشتباكات من قبل التنظيم ضمن البادية السورية، وفق المرصد السوري. وأشار المرصد إلى أن التنظيم خسر 507 من مقاتليه في العمليات ذاتها وبالقصف الجوي من قبل طيران النظام والروس.

وينشط تنظيم “داعش” في عموم البادية السورية، مترامية الأطراف، والتي تصل مساحتها إلى أكثر من 70 ألف كيلومتر مربع، وتتوزّع إدارياً على عدة محافظات سورية، هي: دير الزور، والرقة، وحلب، وحماة، وحمص، وريف دمشق، والسويداء. وتعد محافظة دير الزور ثاني أكبر المحافظات السورية لجهة المساحة، والبالغة نحو 33 كيلومتراً مربعاً، يشطرها نهر الفرات إلى قسمين، جنوبي يطلق عليه تسمية “الشامية”، وشمالي تطلق عليه تسمية “الجزيرة”.

ورأى مدير مركز الشرق للدراسات فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “وجود التنظيم وظيفي يخدم الطرفين”، مضيفاً: “هناك مصلحة متبادلة ما بين خلايا داعش وقوات النظام”. وأشار إلى أن التحالف الدولي “يغض النظر عن دخول مسلحين من التنظيم من العراق إلى شرقي سورية الذي تسيطر عليه مليشيات إيرانية، والأخيرة تغض النظر كذلك عن نشاط داعش في مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)”. وأوضح أن “وجود التنظيم ورقة بيد النظام وقسد لجهة الادعاء بمحاربة الإرهاب”، مضيفاً: “قسد تحصل على دعم سياسي وعسكري من دول التحالف بحجة محاربة الإرهاب، بينما النظام يروّج لفكرة أنه مستهدف من تنظيمات متطرفة وأنه يحاربها، ولهذا ربما يعود التنظيم بقوة إلى شرقي سورية والبادية”.

وفي السياق ذاته، كثرت في الآونة الأخيرة عمليات الاغتيال بحق عدد من أبناء ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات والخاضع لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، يُعتقد أن خلايا تابعة لتنظيم “داعش” تقف وراءها. ودفعت هذه العمليات “قسد” للقيام بمداهمات. وأكدت مصادر محلية أن هذه القوات اعتقلت الجمعة نحو 20 شخصاً في قرية أبو نيتل التابعة لبلدة الصور.

إلى ذلك، ذكرت شبكة “فرات بوست” الإخبارية المحلية أن مجلس دير الزور العسكري، التابع لـ”قسد”، أصدر قراراً “يقضي بفرض حظر كامل للدراجات النارية في منطقة الخابور الشرقي، وفي المنطقة الممتدة من حاجز مركدة وصولاً إلى دوار العتال بريف دير الزور الشرقي، اعتباراً من اليوم الأحد، بسبب ازدياد عمليات الاغتيال في الآونة الأخيرة. وذكرت الشبكة أن “قسد” طالبت وجهاء بلدة الشحيل بطرد النازحين إلى البلدة، وإيقاف نشاط معابر التهريب عبر نهر الفرات باستثناء نقل الركاب المدنيين، وحظر الدراجات النارية وتسليم المطلوبين.

ومن الواضح أن “قوات سورية الديمقراطية” تحاول من خلال هذه الإجراءات الحد من نشاط تنظيم “داعش”، بينما تؤكد مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، أن هذه القوات “قادرة بالفعل على القضاء على كل خلايا التنظيم في ريف دير الزور الشرقي”، مضيفة “ولكن هذه القوات تدرك أن سبب استمرارها في المشهد يعود إلى محاربة التنظيم، ومن ثم فهي تحاول إطالة أمد الصراع”. وكانت “قوات سورية الديمقراطية” قد سيطرت مطلع عام 2019 على آخر معقل لتنظيم “داعش” في منطقة شرقي نهر الفرات، وهو بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، لتعلن مع التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، نهاية التنظيم في المنطقة. ودخل “داعش” من بعدها في مرحلة “كمون”، قبل أن تتحرك خلاياه لتنفيذ عمليات اغتيال بحق متعاونين مع “قسد”، أو بحق من يرفض التعامل معه في عدة قرى وبلدات في ريف دير الزور الشرقي، وهو ما دفع هذه القوات إلى القيام بعدة حملات، بمساعدة قوات التحالف، للقضاء على هذه الخلايا. ويحتفظ التحالف الدولي بوجود قوي له في ريف دير الزور شمال النهر، حيث أقام قاعدة عسكرية كبرى في حقل “العمر” النفطي الذي يعد من أكبر الحقول في سورية.

العربي الجديد

———————

فوضى أمنية في إدلب..هل عاد داعش؟

عادت الفوضى الأمنية الى إدلب ومناطق غربي حلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام بعد فترة من الاستقرار الأمني النسبي الذي عاشته المنطقة. ويرجع السبب في عودة الاغتيالات والتفجيرات إلى زيادة في أنشطة خلايا تنظيم “داعش”، وتمكن عناصرها من التحرك برغم القبضة الأمنية التي تفرضها الجبهة وشرطتها.

وتعرض وزير الأوقاف في “حكومة الإنقاذ” التابعة لتحرير الشام إبراهيم شاشو إلى محاولة اغتيال بعد خروجه من صلاة الفجر في إدلب. وقالت مواقع إعلامية تابعة للهيئة، إن “ملثمين أطلقوا الرصاص بشكل مباشر على شاشو الذي أصيب في منطقة الرأس بإصابة خطيرة نقل على إثرها الى المشفى في تركيا”.

وليل الأحد/الاثنين، تعرضت عربة عسكرية تركية لاستهداف مباشر بقذيفة “RBG” نفذه مجهولون أثناء مرورها من مفرق كفريا على طريق باب الهوى شمالي ادلب، ولم ترد أي معلومات عن وقوع خسائر بشرية أو مادية بالاستهداف. ونفذت الفصائل في “الجبهة الوطنية للتحرير” عملية أمنية محدودة في محيط منطقة الاستهداف.

وتكررت الحوادث الأمنية (محاولات الاختطاف والاغتيالات والتفجيرات بعبوات ناسفة) خلال الأيام القليلة الماضية في إدلب. وتتحاشى تحرير الشام الحديث عن عودة الفوضى الأمنية في ادلب لأنها لا تخدم دعايتها وترويجها للنجاح الأمني المفترض، والذي حققه جهازها الأمني، وجهاز الشرطة التابع للإنقاذ.

وتدعي الجبهة بأنها قضت بشكل شبه كامل على نشاط داعش في إدلب بعد أن اعتقلت العدد الأكبر من العناصر والقيادات النشطة خلال النصف الثاني من العام 2020، وذلك خلال عمليات الدهم والاعتقال التي نفذتها في مناطق تتركز فيها أنشطة عناصر التنظيم، بينما يشير الواقع الميداني إلى أن الاختراق الأمني لا يزال موجوداً بعكس ما تروج له الدعاية المفترضة.

وفي آخر التطورات الميدانية في جبهات إدلب، ومنطقة العمليات الجنوبية (جنوب إم-4)، استطلع رتل عسكري تركي منطقة قسطون في سهل الغاب الشمالي. وفي الغالب سيقوم الجيش التركي بإنشاء نقطة عسكرية في أطراف البلدة القريبة من خطوط التماس مع قوات النظام والمليشيات الموالية لها، وذلك بعد أن أنهى عمليات إعادة انتشاره في جبل الزاوية المقابل للطرق إم-4 في الجزء الشرقي.

وتزامنت التحركات الاستطلاعية للجيش التركي جنوبي إدلب مع قصف بري نفذته قوات النظام استهدف قرى الفطيرة وكنصفرة وعدداً آخر من القرى والبلدات في منطقة جبل الزاوية.

المدن

——————————-

داعش يكثّف هجماته ضد قوات النظام في سوريا

بيروت: قُتل 15 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، جراء هجوم لتنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا، في ثاني هجوم من نوعه خلال أقل من أسبوع يستهدف حافلات عسكرية.

ويصعّد التنظيم المتطرف في الآونة الأخيرة من وتيرة هجماته ضد قوات النظام، ما يعكس وفق محللين صعوبة القضاء نهائياً على خلاياه التي تنشط في البادية السورية المترامية الأطراف.

واستهدف عناصر التنظيم ليل الأحد، حافلة تقل عسكريين وسيارات وصهاريج وقود في منطقة وادي العذيب في شمال محافظة حماة، أثناء مرورها على طريق يربط محافظة الرقة (شمال) بدمشق، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، متحدثاً عن “كمين”، أعقبه اشتباكات.

وتسبّب الهجوم بمقتل ثمانية عناصر من قوات النظام وأربعة من قوات الدفاع الوطني الموالية لها على الأقل، إضافة إلى ثلاثة مدنيين. كذلك، أصيب 15 آخرون بجروح، وفق المرصد.

وكانت حصيلة أولية للمرصد ليلاً أفادت بمقتل تسعة أشخاص بينهم مدنيان، فيما أحصت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مقتل “تسعة مدنيين” وإصابة أربعة آخرين بجروح “جراء اعتداء نفّذته التنظيمات الإرهابية”.

ونقل الاعلام الرسمي عن محافظ حماة طارق كريشاتي قوله إن الهجوم “تمّ غالباً بالأسلحة الرشاشة”.

وفي أعقاب الهجوم، خاضت وحدات الجيش، وفق ما نقلت صحيفة الوطن المقربة من دمشق عن مصدر على الأرض، حدوث “اشتباكات ضارية مع الإرهابيين”.

واستقدمت قوات النظام تعزيزات الى المنطقة بحسب المرصد، تزامناً مع شن الطائرات الروسية غارات مكثفة على البادية السورية.

ولم يعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم الذي وقع بعد ثلاثة أيام من هجوم مماثل كان قد تبنى تنفيذه الخميس. واستهدف حافلة عسكرية في محافظة دير الزور (شرق)، ما أودى بحياة 39 عنصراً من قوّات النظام، بينهم ثمانية ضباط، بحسب المرصد.

ويعدّ ذلك الهجوم وفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن “الأكثر دموية” منذ إعلان قوات سوريا الديموقراطية، ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، في آذار/مارس 2019 دحر التنظيم والقضاء على “الخلافة” التي أعلنها صيف العام 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور.

وانكفأ التنظيم حينها الى البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلو التنظيم في مناطق جبلية.

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها، يواصل التنظيم خوض حرب استنزاف ضد الجيش السوري والمقاتلين الموالين له من جهة والقوات الكردية من جهة ثانية، رغم الغارات الجوية التي تستهدف تحرّكاته بين الحين والآخر. وينطلق في هجماته تحديداً ضد قوات النظام، من نقاط تحصّنه في منطقة البادية.

ويقول عبد الرحمن “عاود التنظيم تصعيد نشاطه وشنّ هجمات تستهدف قوات النظام منذ الربيع الماضي” متحدثاً عن “هجمات بشكل شبه يومي.. تشنّها خلايا تابعة للتنظيم تنفذ العمليات ثم تتوارى” في البادية.

ويعكس الهجوم الأخير، وفق ما يشرح الباحث في شؤون التنظيمات الجهادية أيمن التميمي لوكالة فرانس برس، صعوبة القضاء على “الخلايا النائمة” التابعة للتنظيم في منطقة مترامية المساحة كالبادية.

ويوضح “على القوات الحكومية السورية وحلفائها أن يغطوا منطقة شاسعة ذات كثافة سكانية منخفضة، يسهل على تنظيم الدولة الاسلامية البقاء فيها وشنّ هجمات” منها.

وبعدما خرجت مناطق كثيرة عن سيطرة النظام في بداية النزاع، تمكّنت دمشق بدعم من حليفيها روسيا وإيران من تحقيق انتصارات ميدانية متتالية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وباتت تسيطر اليوم على أكثر من سبعين في المئة من مساحة البلاد.

وأسفر النزاع منذ اندلاعه في العام 2011، عن أكثر من 387 الف قتيل، وأدى الى استنزاف البنى التحتية والاقتصاد، عدا عن تشريد أكثر من ستة ملايين سوري داخل البلاد، وتهجير 5,5 ملايين خارجها، وفق الأمم المتحدة.

—————————-

روسيا تعلّق على هجمات تنظيم “الدولة”: الوضع يزداد سخونة

علّقت روسيا على الهجمات المتصاعدة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية، والتي أسفر آخرها عن مقتل 40 عنصراً من قوات الأسد، بعد تعرضهم لكمين في بادية دير الزور.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، اليوم الاثنين، إن الوضع في محيط نهر الفرات شرقي سورية يزداد سخونة فيما يتعلق بتنشيط مقاتلي تنظيم “الدولة”.

وأضاف المسؤول الروسي في مقابلة مع وكالة “ريا نوفوستي” الروسية: “الوضع على الأرض في سورية استقر، لكنه لا يزال متفجراً ومعقداً، ولا تزال التوترات قائمة في المناطق التي لا تسيطر عليها دمشق”.

وما سبق هو أول تعليق روسي على هجمات تنظيم “الدولة” التي استهدفت قوات الأسد في عدة مواقع، وخاصة في مناطق شرق سورية.

وكانت روسيا قد أطلقت عدة عمليات عسكرية للقضاء على خلايا التنظيم في البادية السورية، أبرزها “الصحراء البيضاء”، لكنها لم تتمكن من إحراز أي تقدم ميداني على الأرض.

وباتت البادية السورية “ثقباً أسوداً” قتل فيه على مدار الأشهر الماضية من عام 2020، المئات من قوات الأسد، على يد خلايا تتبع لتنظيم “الدولة”.

وعلى الرغم من إعلان إنهاء نفوذ التنظيم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، أواخر عام 2019، إلا أنه مايزال نشطاً في سورية والعراق أيضاً، وهو ما تؤكده هجماته التي يعلن عنها بين الفترة والأخرى.

وتبلغ مساحة البادية السورية التي تتحرك فيها خلايا تنظيم “الدولة” نحو 80 ألف كيلومتر مربع، وتتوزع على محافظات: دير الزور، الرقة، حلب، حماة، حمص، ريف دمشق، والسويداء.

وحسب مراقبين فإن نشاط خلايا التنظيم في البادية يأتي ضمن استراتيجية مختلفة بشكل جذري عن استراتيجياته السابقة في القتال، خاصة من ناحية تنقّل المقاتلين أو أساليب الاستهداف المحددة.

وكانت أبرز الضربات التي نفذها تنظيم “الدولة” ضد قوات الأسد، منذ خمسة أيام، إذ استهدف حافلة مبيت لقوات الأسد في أثناء توجهها من دير الزور إلى مدينة حمص، ما أدى إلى مقتل 40 عنصراً، وإصابة العشرات، معظمهم ينتمون لـ”الفرقة الرابعة”.

وسبق وأن قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في تقرير لها صدر في 31 من مارس 2020 إن تنظيم “الدولة” يحافظ على “مستوى منخفض” من عملياته داخل المنطقة الشرقية في سورية، بالإضافة إلى قدرته على اتخاذ إجراءات دفاعية محدودة من حيث النطاق والمدة وعدد المقاتلين.

وحسب التقرير: “لدى الإدارة الأميركية تخوف من قدرة التنظيم على إعادة تشكيل نفسه في البادية السورية في وقت قصير، بما يتجاوز القدرات الحالية للولايات المتحدة لتحييده”.

—————————

هل تشهد البادية السورية ولادة جديدة لتنظيم “داعش”؟/  أمين العاصي

تؤكد الوقائع الميدانية أن تنظيم “داعش” يتّبع أسلوب الاستنزاف ضد قوات النظام والمليشيات المساندة لها في البادية السورية مترامية الأطراف، ويريد بذلك تحويلها شيئا فشيئا إلى منطقة نفوذ له ومنطلقا جديدا يمكن من خلاله العودة إلى مجرى الصراع المحتدم في سورية.

وأواخر العام الماضي وبداية الجاري، كبّد التنظيم قوات النظام خسائر فادحة في أرواح مسلحيها في كمينين، الأول في قلب البادية، والثاني على أطرافها الشمالية، ما يدلل أيضا على عدم قدرة هذه القوات عن حماية مجموعات لها تتحرك في مساحة جغرافية مكشوفة تمكّن التنظيم من سرعة التحرك والإفلات من الضربات الجوية من الطيران الروسي.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن حصيلة القتلى من قوات النظام ومليشيا الدفاع الوطني ارتفعت إلى 12، إضافة إلى 3 مدنيين، بينهم طفلة، جراء استهداف عناصر التنظيم الأحد لحافلة وسيارات وصهاريج وقود على طريق دمشق– الرقة قرب منطقة وادي العزيب، مشيرا إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود نحو 15 جريحا، بينهم 3 مدنيين، بعضهم في حالات خطرة، في ظل وجود معلومات عن قتلى آخرين.

وأعلن التنظيم الثلاثاء مسؤوليته عن العملية، مشيرا، في بيان، إلى أنه استهدف رتل صهاريج تنقل النفط إلى مناطق النظام من شمال شرقي سورية، مؤكدا مقتل 7 من عناصر حماية الرتل، وإحراق 10 سيارات منه.

وهذه ليست المرة الأولى التي يقطع فيها التنظيم هذا الطريق، حيث سبق له أن قتل منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عناصر تابعين لمليشيا “القاطرجي” التابعة للنظام، كانوا يقودون صهاريج محملة بالنفط قادمة من مناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) شمال شرقي البلاد إلى منطقة خاضعة لسيطرة النظام.

إلى ذلك، ذكرت شبكة “فرات بوست” الإخبارية المحلية أن تعزيزات إيرانية وروسية بدأت بالتوافد بعد هجوم الخميس إلى البادية في المنطقة الممتدة من البوكمال إلى ريف حمص وحماة والرقة.

وأشارت الشبكة إلى أنه جرى تخريج دفعة من مقاتلي مليشيا “لواء الباقر” المحلية التابعة للإيرانيين وإرسال عناصرها إلى كل من دير الزور وحماة للقتال في معارك البادية ضد التنظيم، وحماية طريق أثريا-السخنة، الذي تنتشر فيه نقاط عدة لهذه المليشيا التابعة للشيخ القبلي نواف البشير.

كما أكدت الشبكة أن الجانب الروسي وجّه قوة كبيرة من الفيلق الخامس ومليشيا “لواء القدس”، التي تضم مسلحين فلسطينيين من مدينة دير الزور، باتجاه بادية الرقة، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي الروسي، الذي “شن ليلاً عشرات الغارات الجوية في البادية، والتي أدت إلى حدوث انفجارات عنيفة هزت ريف دير الزور الشرقي والغربي وريف الرقة الغربي”. كما أشارت إلى أن الحرس الثوري الإيراني أرسل عدداً كبيراً من العناصر المحليين من الفوج 47 إلى بادية ريف البوكمال في كل من الصالحية حسرات ومعيزيلة.

وكان تنظيم “داعش” شن في اليوم الأخير من العام الماضي هجوما هو الأكبر خلال العام الماضي، لجهة عدد القتلى في صفوف قوات النظام السوري، حيث قتل في الهجوم قرب بلدة كباجب على طريق تدمر- دير الزور، نحو 40 عنصراً من “الفرقة الرابعة”، التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رئيس النظام بشار الأسد، من بينهم 8 ضباط برتب مختلفة.

وغداة هذا الهجوم، شرعت قوات النظام، مدعومة بقوات “الدفاع الوطني” ولواء “القدس”، بحملة عسكرية واسعة النطاق على مواقع انتشار تنظيم “داعش” في البادية الجنوبية لمحافظة دير الزور، وذلك بدعم جوي من الطائرات الروسية، ولكن هجوم الأحد يؤكد أن التنظيم لم يعد يتأثر بالحملات التي تقوم بها قوات النظام.

وكان التنظيم، الذي يتحرك في طول البادية السورية وعرضها، استهدف خلال العام الماضي عدة أرتال لقوات النظام التي تبدو عاجزة تماما عن التصدي لهذا التنظيم.

وبحسب المرصد السوري، تنتشر خلايا التنظيم ضمن مساحة تقدر بنحو 4000 كيلومتر مربع انطلاقاً من منطقة جبل أبو رجمين في شمال شرق تدمر، وصولاً إلى بادية دير الزور وريفها الغربي، إضافة الى وجوده في بادية السخنة وفي شمال الحدود الإدارية لمحافظة السويداء.

وأشار المرصد إلى أن التنظيم “لا يزال يملك القوة الكافية لمجابهة النظام وحلفائه”، مبينا أنه “لا يكاد يمر يوم دون تفجير أو كمين أو استهداف أو هجوم خاطف ضمن مناطق متفرقة من البادية”.

وكان لافتا أن معظم القتلى في هجوم بادية دير الزور ينتمون إلى الطائفة العلوية، وهي طائفة الرئيس السوري بشار الأسد، حيث جرى تشييعهم في حي “الزهراء” ذي الغالبية السكانية من العلويين في مدينة حمص.

وكان للحادث وقع الصدمة على الطائفة التي استنزفت طيلة سنوات الأزمة السورية، كون أغلب مليشيات الدفاع الوطني المساندة لقوات النظام منها، وخاصة من محافظتي طرطوس واللاذقية على الساحل السوري.

وتؤكد الهجمات التي يشنها التنظيم ضد قوات النظام أنه بصدد نقل عملياته إلى مستويات أكثر خطورة في وقت باتت فيه هذه القوات متهالكة بعد مرور نحو 10 سنوات من الحرب التي شنها النظام ضد السوريين المطالبين بالتغيير.

ورغم الإعلان من قبل التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بدايات عام 2019 عن نهاية تنظيم “داعش” في سورية، إلا أن الأخير ربما يتجهز لـ”ولادة جديدة” اختار البادية مسرحا لها، متخذا من جبالها وهضابها وتضاريسها الصعبة ملاذا يصعب الوصول إليه.

وفي هذا الصدد، يرى الباحث السياسي المتخصص بالجماعات الإسلامية عرابي عبد الحي عرابي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن ظهور تنظيم “داعش” في البادية “ليس عشوائيا”، مضيفا: “ظهرت مقدمات لهذا الظهور منذ أكثر من سنة”.

وأضاف عرابي: “خلال العام الماضي استهدف التنظيم قوات النظام بشكل متصاعد، ما يؤكد أنه أعاد هيكلته، وفرز خلاياه مرة أخرى وتجددت قياداته”. وأكد أن شبكة القيادة التي كانت في البادية السورية “نُقلت إلى العراق وصُعدت قيادات جديدة لها خبرة أكثر في الوضع السوري”.

وأشار إلى أنه يبدو أن خطة التنظيم “تقوم على استهداف قوات النظام، لأنها الطرف الأضعف في المعادلة السورية”، لافتا إلى أن التنظيم يستهدف أيضا من وراء استهداف قوات النظام إرسال رسائل إلى الأطراف الأخرى.

وتوقع عرابي أن يبدأ التنظيم خلال العام الجاري بشن هجمات على مدن وبلدات على تخوم البادية السورية في المحافظات التي تتوزع البادية إداريا عليها، مثل حلب وحمص، معربا عن اعتقاده بأن التنظيم “لن يتمركز في هذه المدن والبلدات”.

العربي الجديد

—————————-

داعش” يصعّد حرب العصابات: جبهة النظام السوري ضعيفة أمام التنظيم/ ريان محمد

تتصاعد تهديدات تنظيم “داعش” في سورية، مع استعادته لنشاطه العسكري، بتكتيك جديد يستند إلى حرب العصابات والضربات المحدودة والسريعة، الأمر الذي يهدد الاستقرار النسبي الذي حققّه الروس في مناطق سيطرة النظام، ويدفع إلى إعادة تقطيع أوصال المناطق التي يسيطر عليها الأخير عبر العمليات التي تستهدف الطرق الدولية. من جهتها، تبدو إمكانات النظام متهالكة لفتح معركة واسعة ضد التنظيم، خصوصاً أن الأول يعاني من عجز في استقطاب الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية في صفوف قواته، في حين يُحيّد الإيرانيون والمليشيات الموالية لهم أنفسهم عن هذه المعركة، فيما تبقى الضربات الجوية الروسية محدودة الفاعلية.

وتركز خلايا “داعش” وجودها في البادية السورية المترامية الأطراف، والتي تمتد من جنوب دير الزور في الشمال الشرقي إلى أرياف الرقة وحلب وإدلب في الشمال الغربي، نزولاً إلى حماة وحمص غرباً، وإلى ريفي دمشق والسويداء جنوباً، في حين هي مفتوحة على البادية العراقية والأردنية، باستثناء منطقة الـ55، التي توجد فيها قاعدة أميركية على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، إلى جانب وجود مجموعة من الفصائل المسلحة المعارضة أبرزها “مغاوير الثورة”. وما يميز هذه المساحة الشاسعة أنها شبه خالية من السُكّان، وذات تضاريس صعبة تكثر فيها الوديان والجبال والمغاور، ما يساعد مجموعات التنظيم على التحرك والتخفي، الأمر الذي يسهل على “داعش” تنفيذ ضربات محدودة على أطراف البادية، تأقلم معها عناصره، وأصبحت لديهم خبرات في العمل العسكري ضمنها. مع العلم أن البادية كانت المنطلق الأساسي للعناصر مع سيطرة التنظيم على المناطق السكنية في العديد من المناطق، مثل تدمر.

سياسة/داعش سورية/(ديليل سليمان/فرانس برس)

ولا يبدو اليوم أن النظام لديه توجه للقضاء على “داعش” في البادية، في ظل توظيفه بقاء التنظيم ورقةً سياسيةً لتقديم نفسه طرفاً في “الحرب على الإرهاب”، وبما قد يساهم في بقاء رئيسه بشار الأسد في الحكم مستقبلاً. إضافة إلى ذلك، يأتي عدم توفر الإمكانات اللازمة لخوض مثل هذه المعركة، بعد استنزاف النظام للبيئة الحاضنة له في الساحل السوري، والتي أصبح يتنامى لدى أفرادها الشعور بعبثية الحرب الطويلة التي خاضوها، وضخامة الثمن الذي دفعوه بدون أي نتائج ملموسة. فحياة هؤلاء من سيئ إلى أسوأ، والفقر يتعمق بينهم، في حين أن النظام، وعلى رأسه رئيسه بشار الأسد، عاد ليحاول مغازلة الشارع السُنّي عبر مشايخ السلطة الذين والوه خلال السنوات الأخيرة، معتبراً أنهم كانوا رديفاً للقوات النظامية، بحسب حديث لللأسد في اجتماع دوري نظمته وزارة الأوقاف. ويزيد كلّ ذلك من أعداد المستنكفين عن الخدمة العسكرية، ممن حسبوا أنهم حاضنته.

كما فشل النظام في بناء مصالحات حقيقية مع أهالي المناطق المعارضة، التي أعاد السيطرة عليها خلال السنوات الثلاث الماضية، جرّاء عدم التزامه ببنود التسويات، بل أمعن في عمليات الاعتقال والتنكيل والإذلال بمختلف أشكاله، ما تسبب بانعدام الثقة بينه وبينهم. ويأتي ذلك في وقت يستنكف فيه عشرات آلاف الشباب من السويداء جنوب سورية عن الخدمة العسكرية منذ بداية المواجهات، على الرغم من أن غالبية سكان المحافظة من الأقليات التي حاول النظام طرح نفسه حاميا لها.

وتعاني مناطق النظام الملامسة لوجود “داعش” من أزمات عميقة، حيث تعصف بها صراعات النفوذ، كحال جنوب نهر الفرات في محافظة دير الزور، حيث تبدو واضحة المزاحمة ما بين الإيرانيين عبر مليشياتهم، والروس الذين يستخدمون بدورهم جزءاً من القوات النظامية العسكرية والأمنية، إضافة إلى عناصر الفيلق الخامس المشكل من شباب المصالحات. كما يمكن أن ينسحب هذا الصراع على مختلف الجبهات، مع فارق بسيط، وهو تمركز صراعات النفوذ ما بين أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، استناداً إلى توزع الولاءات ومصالح المتنفذين فيها، وصولاً إلى السويداء التي تشكل البيئة المجتمعية فيها ورقة صدّ للتنظيم. وهذا الأمر ظهر واضحاً في العام 2018، عندما فشل في التقدم في الريف الشرقي من المحافظة والمحاذي للبادية.

وتبقى الأزمة الأكبر انعدام الثقة ما بين سُكّان تلك المناطق وسلطات الأمر الواقع، والتي قد ترى في تلك الصراعات حروب مصالح وفرض نفوذ، الأمر الذي جعل هؤلاء السُكان يتخذون موقفاً سلبياً، ولديهم ميل في المقابل للتخلص من النظام والإيرانيين، كما حدث في العديد من المناطق في العام 2014 وما بعد.

ورأى المحلل العسكري أحمد رحال، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “النظام لا يمتلك جبهة قوية في محيط البادية، فهي بالنسبة إليه اليوم منطقة مجهولة صحراوية واسعة، وهو غير قادر على البقاء فيها طويلاً، ولا يملك قوات مدربة على العمليات العسكرية في الصحراء والتقفي للآثار والتخفي وصنع الكمائن، في حين أن عناصر التنظيم لديهم هذه الخبرات”. ولفت رحال كذلك إلى أن “داعش ليس لديه اليوم الكثير من الخيارات أيضاً، فهو يعمل في مثلث يمتد ما بين دير الزور وتدمر وقاعدة التنف”.

ورأى رحال أن “الروس دخلوا اليوم في مستنقع في مناطق مثل السخنة والمنصورة وغيرها، حيث تشهد ولادة جديدة لداعش، تهدد بعودة التنظيم إلى تدمر وأرياف حمص وحماة، ما يعني فشل المشروع الروسي، خصوصاً أن الأميركيين يقولون إنه مع انتهاء داعش في الباغوز بريف دير الزور فقد قضينا على التنظيم، أما الإجهاز عليه في بقية المناطق فهي مسؤولية الروس”. وبحسب المحلل العسكري، فإنه لهذه الأسباب “يحضّر الروس للقيام بعملية عسكرية، وينشطون في محاولة تجنيد الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية، كما ظهر في درعا والسويداء، لتغطية عجز النظام عن القيام بمثل هذه العملية”. ولفت رحال أخيراً إلى “وجود غياب إرادة لدى مختلف القوى في القضاء على تنظيم داعش وجبهة تحرير الشام في محافظة إدلب، حيث إنهما لا يزالان يشكلان مبرراً لافتعال العمليات العسكرية واستمرار الحروب في المنطقة، وورقة لتبادل الاتهامات، ما يجعل أي عملية عسكرية هدفها اليوم فقط ردع وتحجيم التنظيم، لحماية مناطق نفوذهم، لكن هذا التشتت بين القوى سيكون سبباً لإحياء التنظيم وتمكنه من استعادة نشاطه”.

—————————

=====================

تحديث 10 كانون الثاني 2021

————————–

داعش” في 2020.. هل عاد التنظيم إلى الواجهة من جديد؟/ مصطفى ديب

واحدة من سمات العام الفائت، 2020، هي عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، حيث شهدت منطقة البادية السورية خلال هذا العام، تحديدًا بادية محافظتي دير الزور وحمص، هجماتٍ مكثفة اعتمد التنظيم في تنفيذها على “الذئاب المنفردة”، وقام بشنها على ضوء تحولاتٍ محلية وعالمية، تمثلت في ظهور فيروس كوفيد – 19، وما أفرزه من ظروفٍ وإجراءاتٍ احترازية ساعدت عناصره على التحرك ضمن هامشٍ واسع، بالإضافة إلى تغيير الميليشيات الموالية لإيران لمواقع انتشارها في ريف دير الزور الشرقي عقب اغتيال قاسم سليماني، وهو ما استغله التنظيم لتنفيذ هجماتٍ مباغتة ضدها طوال العام.

نشاط تنظيم الدولة في سوريا خلال 2020

استغل تنظيم الدولة في العراق والشام “داعش” انتشاره في مناطق غير مأهولة، وتكيفه مع طبيعة البادية السورية وظروفها، بالإضافة إلى قدرته على التأقلم مع المستجدات الميدانية، واستفادته من تناقضات أطراف الصراع شرق نهر الفرات؛ لتنفيذ هجماتٍ ضد مجموعة واسعة من الأهداف، شملت قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وميليشيات النظام، والميليشيات الإيرانية، وبعض الشخصيات المدنية المحسوبة على أحد الأطراف السابقة.

اعتمد تنظيم داعش في تنفيذ عملياته على الهجمات المباغتة والعبوات الناسفة. وبلغ عدد هذه العمليات خلال كانون الثاني/ يناير 2020، نحو 65 عملية توزعت على المحافظات التالية: دير الزور 49 عملية، الرقة 7 عمليات، الحسكة 3 عمليات، حمص 3 عمليات، بالإضافة إلى عمليتين في حلب، وواحدة في درعا.

ومع نهاية النصف الأول من عام 2020، سجلت هذه الأرقام ارتفاعًا كبيرًا، إذ بلغ عدد عمليات التنظيم خلال هذه الفترة نحو 399 عملية، نالت محافظة دير الزور النصيب الأكبر منها بـ 244 عملية، وحلت محافظة الرقة في المرتبة الثانية بـ 79 عملية، فيما توزعت بقية العمليات على محافظات الحسكة 38 عملية، ودرعا 19 عملية، وحمص 13، وحلب 12، بالإضافة إلى عمليتين في القنيطرة، وواحدة في السويداء.

وبحسب إحصائية نشرها “مركز جسور للدراسات”، استهدفت 302 عملية من أصل 399، قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بشكلٍ مباشر، وأسفرت عن مقتل نحو 288 من عناصرها، فيما استهدفت 77 عملية قوات النظام، موقعةً في صفوفها نحو 370 قتيل، يضاف إليهم أكثر من 19 قتيلًا تابعًا للميليشيات الرديفة الموالية لإيران.

وعلى مدار 12 شهرًا، استثمر التنظيم حالة الفوضى التي شهدتها منطقة شرق الفرات وبادية محافظة حمص، لتكثيف هجماته، حيث شهد النصف الأخير من العام الفائت تنفيذ أكثر من 327 عملية، توزعت كالتالي: 164 عملية في محافظة دير الزور، 85 عملية في الرقة، 32 عملية في الحسكة، 16 عملية في درعا، 15 في حمص، 14 في حلب، وعملية واحدة في القنيطرة. وتركزت هجمات التنظيم خلال هذه الفترة على قوات سوريا الديمقراطية، حيث جرى استهدافها بنحو 215 عملية، فيما استهدفت 57 عملية ميليشيات النظام.

ووفقًا لإحصائية نشرها “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، رصد فيها نشاط تنظيم الدولة في سوريا خلال 2020، نفذ التنظيم أكثر من 480 عملية ضمن مناطق سيطرة “قسد”، وهي دير الزور، والحسكة، والرقة، بالإضافة إلى منطقة منبج غرب نهر الفرات. وتسببت هذه الهجمات بمقتل 208 شخص، منهم نحو 86 مدني، و122 عنصرًا من “قسد”. وبحسب هذه الإحصائية، قتل التنظيم أكثر من 700 عنصرًا من قوات النظام والميليشيات المساندة لها، بينهم 108 من الميليشيات الإيرانية من جنسيات مختلفة.

ولعل أكبر عمليات التنظيم خلال العام الفائت، لناحية الزخم الإعلامي، هي عملية اغتيال الجنرال الروسي فياتشيسلاف جلادكيخ، الذي لقي مصرعه بانفجار عبوة ناسفة محلية الصنع، أثناء مرور موكبه في حقل ألغام زرعه التنظيم شرق منطقة السخنة في بادية محافظة حمص.

وتشير هذه المعطيات إلى ازدياد احترافية العمل العسكري والأمني للتنظيم، فيما يعزز المنحى التصاعدي لعملياته من احتمال ذهاب منطقة شرق الفرات والبادية، إلى المزيد من التصعيد والمواجهات العسكرية بين التنظيم من جهة، وميليشيات النظام وقوات “قسد” من جهةٍ أخرى. كما تدل عملياته خارج حدود مناطق انتشاره التقليدية، إلى اتساع مساحة التحرك والرصد الاستخباراتي عنده، واتسامها بالمزيد من المرونة.

وتدخل هذه التحولات في استراتيجيات التنظيم ضمن إطار سعيه إلى توسيع نطاق حركة عناصره، واختراق المجتمعات المحلية بهدف توفير مصادر متعددة للمعلومات حول تحركات الخصوم، وتحديد أماكنهم، ومعرفة الوقت المناسب لاستهدافهم.

نشاط تنظيم الدولة في العراق خلال 2020

اختلف وضع تنظيم الدولة في العراق عما هو عليه الحال في سوريا، إذ استطاعت القوات العراقية، بغطاءٍ جوي وفره طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، تتبع خلايا التنظيم وتفكيك الكثير منها خلال العام الفائت، كما نجحت أيضًا في إعاقة عملية إعادة ترتيب التنظيم لما يُعرف بـ “التواصل الخيطي” بين خلاياه المنتشرة شمال وغربي البلاد، وهي عبارة عن عملية تؤمن لقياداته التواصل فيما بينهم من جهة، وتواصلهم مع عناصرهم من جهةٍ أخرى، بهدف تسليم التعليمات وتنسيق الهجمات.

وشهد الربع الأخير من 2020، نجاح قوات الجيش العراقي في تفكيك 8 خلايا للتنظيم الإرهابي، وقتل عددٍ من قياداته وعناصره خلال مواجهاتٍ مسلحة جرت معظمها في الجزء الشمالي الغربي من العراق، تحديدًا في بادية محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين.

وغيرت القوات العراقية خلال العام المنصرم من طبيعة عملياتها ضد التنظيم، إذ اعتمدت على أسلوب المباغتة وجمع المعلومات، وتتبّع العناصر المشتبه بهم، واعتماد المراقبة الجوية عبر الطائرات المسيرة لرصد تحركاتهم. وأثبتت هذه الاستراتيجية الجديدة نجاحها في قتال بقايا التنظيم، مقارنةً بالاستراتيجيات السابقة القائمة على الحملات العسكرية الضخمة التي فشلت في تحقيق الهدف المرجو منها.

وعلى الرغم من تراجع خطر التنظيم داخل العراق نهاية العام الفائت، مقارنةً بما كان عليه الحال خلال نصفه الأول، إلا أن خطر عودة هجماته الإرهابية لا يزال قائمًا، خصوصًا في ظل الأزمة الأخيرة بين الحكومة المركزية والميليشيات الموالية لطهران، والتي من المرجح أن يسعى التنظيم إلى استثمارها بهدف العودة إلى المشهد مجددًا.

نشاط تنظيم الدولة خارج حدود “الخلافة”

في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، أعلن الرئيس الأفغاني أشرف عن يالقضاء على جميع خلايا تنظيم الدولة في أفغانستان على نحوٍ حاسم، وبشكلٍ يمنعها من إعادة ترتيب صفوفها مجددًا. ولكن تصريحات أشرف غني افتقرت إلى الدقة، إذ عاد التنظيم إلى المشهد عبر سلسلة هجماتٍ اختلفت لناحية الطابع والشدة، ولكنها ركزت على إعادته إلى المشهد، خصوصًا بعد اعتقاله العقيد غلام سخي، أحد مسؤولي الأمن القومي، وتصفيته بعد فشل المفاوضات بشأن إطلاق سراحه بين التنظيم والسلطات الأفغانية.

وتظهر عمليات تنظيم الدولة في أفغانستان، والتي تجاوزت 30 عملية خلال 2020، قدرته على التمويه والعمل رغم ضيق المساحة المتوفرة، بالإضافة إلى إثبات قدرته على إعاقة تنفيذ مخرجات اتفاق السلام الذي توصلت إليه الولايات المتحدة الأمريكية وحركة طالبان، بالتوازي مع مساعيها في استقطاب عناصر الحركة الناقمين على الاتفاق الأخير، والاستمرار في سياسة ضرب الأمن الداخلي وبث الفوضى.

أما على صعيد اليمن، فقد سجل نشاط التنظيم خلال 2020 تراجعًا كبيرًا، إذ انخفض عدد عملياته إلى حدٍ كبير، بمعدل عملية واحدة شهريًا، وذلك على ضوء المنافسة الشرسة بينه وبين تنظيم القاعدة على النفوذ في جبال منطقة قيفة الواقعة في محافظة البيضاء، والتي بلغت أوجها بعد اغتيال الولايات المتحدة القائد السابق للقاعدة في اليمن، قاسم الريمي، واتهام قيادة القاعدة تنظيم الدولة بالتنسيق مع الولايات المتحدة بهدف السيطرة على المنطقة.

وعلى الصعيد الأفريقي، شهدت القارة خلال العام الفائت ارتفاعًا ملحوظًا في نشاط التنظيم، بعد أن بلغ عدد عملياته 280 عملية، تركزت في نيجيريا بمعدل 115 عملية، ومصر 81 عملية، والكونغو 22 عملية، والصومال 19 عملية، فيما توزعت بقية عملياته على تشاد، والنيجر، ومالي، وبوركينا فاسو، وموزمبيق.

الترا صوت

—————————–

طرق إمداد النظام..أهداف “داعش” المفضلة في البادية/ محمد حسان

تكررت هجمات تنظيم “داعش”، على قوات النظام السوري وحلفائه، منذ مطلع العام 2021، وتركزت هذه الهجمات على الطرق الرئيسية العابرة للبادية، والتي تصل محافظات الشمال والشرق السوري مع محافظات الوسط والعاصمة دمشق، خاصة طريقي ديرالزور-دمشق وطريق أثريا.

الهجمات تؤكد أن التنظيم يعتبر استهداف طرق الإمداد خياراً مفضلاً ومتاحاً لمقاتليه، لأسباب تتعلق بإمكانية تنفيذ تلك الهجمات، وأخرى تتعلق بمقتضيات الحاجة العسكرية لتعزيز قدرات عناصره القتالية.

لماذا طرق الإمداد؟

يُفضل تنظيم “داعش” تركيز هجماته التي تستهدف قوات النظام وحلفائها، على الطرق العابرة للبادية السورية، أولاً لأن التحركات العسكرية لقوات النظام وحلفائها هناك، غالباً ما تكون عبارة عن مجموعات عسكرية صغيرة بتسليح خفيف ومتوسط، ما يسمح لمجموعات التنظيم القتالية من التعامل معها ضمن إمكانياته المتواضعة. فالتنظيم تقتصر تجهيزاته على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والثقيل المتوفر لا يتم الزجّ به في مثل هذه العمليات.

والسبب الثاني الأساسي يعود إلى وجود طرق الإمداد في مساحات جغرافية بعيدة عن نقاط تمركز قوات النظام في المدن والبلدات الرئيسية، ما يُصعّب من عمليات التعزيز والإسناد للقوى المُهاجَمة على تلك الطرق، ويُعطي التنظيم القدرة على التعامل مع محدودية الهدف. فخلال هجمات التنظيم الأخيرة قرب منطقة كباجب وطريق أثريا، لم تصل تعزيزات النظام إلا بعد مضي وقت من انتهاء الهجمات.

كما أن طبيعة الأهداف المتحركة على الطرق، لا تفرض على التنظيم ضرورة الهجمات العسكرية المباشرة عبر العنصر البشري، فالكثير من الهجمات تكون عبر زرع العبوات الناسفة والألغام، وهذا يمنح التنظيم ميزات الحفاظ على عناصره البشرية وعدم تعريضها للخطر، خاصة وأن عمليات التجنيد تراجعت منذ هزيمته في سوريا والعراق.

تعزيز القدرات القتالية

لا يضع “داعش” من خلال هجماته، في حساباته أهدافاً استراتيجية، مثل قطع طرق الإمداد، لآن الأمر غير قابل للتطبيق حالياً، بسبب قدرات النظام وحلفائه العسكرية وأهمية تلك الطرق بالنسبة لهم، وأيضاً لعدم وجود مقومات عسكرية وبشرية كافية.

ويقول المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الناصر العايد ل”المدن”، إن “هجمات التنظيم في البادية وعلى طرق الإمداد، هدفها الأول هو تعزيز القدرات العسكرية لمقاتليه، خاصة المنتسبين الجدد الذين يتوافدون إلى صفوف التنظيم بمعاقله في البادية، والذين يحتاجون لخوض المعارك وصقل تجاربهم القتالية، إضافة إلى تعزيز عوامل اللياقة البدنية لقدامى المقاتلين، وتجنب دخولهم في حالة الخمول والكسل نتيجة غياب النشاطات العسكرية”.

ويضيف العايد أن من بين أهداف التنظيم أيضاً، “تعزيز فكرة وجوده وعدم القضاء عليه، وأنه طرف يملك النفوذ الكامل على مناطق البادية السورية، وهذا يخدم التنظيم في نظريته الدعائية القائمة على البقاء”. ويتابع أن ل”داعش” أهدافاً تتعلق بمجال “الاستقطاب البشري إلى صفوفه، والدعم المعنوي لفروعه المنتشرة في العالم، عبر تأكيد وجوده القوي في سوريا والعراق المنطلق الرئيسي له وموطئ خلافته الأولى”.

ويشير العايد إلى أن “داعش” يعي أن الهجمات على طرق الأمداد غير مكلفة عسكرياً له، وبالتالي لا تستنفذ قدراته المحدودة، بل يمكنه من خلال تلك الهجمات السيطرة على المعدات والأسلحة، التي تكون عاملاً في رفد مخازنه.

هل يملك النظام الحل؟

لا يملك النظام السوري وحلفاؤه القدرة على وقف هجمات تنظيم “داعش” في البادية بشكل كامل، لكنه يمتلك بعض الآليات في حال تطبيقها يمكن أن تخفف من تلك الهجمات أو حتى الخسائر البشرية في صفوفه، سواء في عمق البادية أو على طرق الأمداد، الواصلة بين المحافظات.

إحدى تلك الآليات، تكثيف الحواجز والنقاط العسكرية الثابتة على طريقي ديرالزور-دمشق وطريق أثريا، للحد من عمليات استهداف آليات النظام وحماية الطريق من عمليات زرع الألغام والعبوات الناسفة، وأيضاً لتكون قوى متقدمة لمؤازرة القوات العابرة للطرق في حال تعرضها للهجمات.

هذا التكتيك الذي يشبه الطوق الأمني، نفذته قوات النظام في محافظتي الرقة وديرالزور خلال العامين الأخيرين، عبر نشر وحدات عسكرية على أطراف البادية المحاذية لمناطق سيطرتها في وادي الفرات. وقد حقق هذا التكتيك فاعلية كبيرة، لكن تطبيقه لحماية طرق الإمداد العابرة للبادية يحتاج لآلاف العناصر، وهو أمر غير متوفر حالياً.

كما أن الحد من تحركات النظام البرية في البادية سواء على الطرق الفرعية أو الرئيسية، والاعتماد على النقل الجوي، أو حصر عمليات التنقل بقوات عسكرية ضخمة مدعومة بإسناد جوي، يمكنه التخفيف من تعرض قواته للهجمات، فالتنظيم يختار الأهداف الضعيفة في عملياته العسكرية، ويتجنب الحشود العسكرية الضخمة.

المدن

—————————

هجمات جديدة ل”داعش” توقع قتلى من قوات النظام

قُتل سبعة عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني الموالية للنظام السوري، ليل السبت، في هجوم لتنظيم “داعش” شرق سوريا، في عملية تندرج في إطار سلسلة هجمات للتنظيم.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه وثّق مقتل سبعة عناصر من ميليشيا الدفاع الوطني جراء اشتباكات مع خلايا تابعة لتنظيم “داعش” في منطقة الشولا ببادية دير الزور الغربية.

وأوضح المرصد أن الهجوم وقع “أثناء عملية تمشيط قامت بها الميليشيا، كما أصيب آخرون بجروح متفاوتة، بعضهم في حالات خطرة”، مشيراً إلى أن الحصيلة مرشّحة للارتفاع.

ويعتبر هذا الهجوم الثاني من نوعه خلال أسبوع ضد قوات النظام، إذ قُتل 15 شخصاً على الأقل الأحد، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، في “كمين” نصبه تنظيم “داعش” في محافظة حماة.

وتشتد في الآونة الأخيرة هجمات التنظيم على قوات النظام والمليشيات التابعة له في البادية السورية مع سقوط عشرات القتلي والجرحى، ويقوم سلاح الجو الروسي بملاحقة خلايا التنظيم.

————————–

=====================

تحديث 11 كانون الثاني 2021

———————————

«داعش» في البادية السورية… عودة قوية بعد سنتين من «الهزيمة» توارى في الصحراء ومغاورها واستفاد من صراعات النفوذ

لندن: كميل الطويل

تشهد البادية السورية منذ أسابيع تصاعداً لافتاً للهجمات التي يشنها تنظيم «داعش»، ضد قوات النظام وحلفائه، ما يوحي بأنه تمكّن إلى حد كبير من إعادة تنظيم صفوفه في هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة.

يأتي ذلك بعد أقل من سنتين من الهزيمة الساحقة التي مُني بها في الباغوز، البلدة التي شكّلت آخر معاقله على ضفاف الفرات بريف دير الزور شرق سوريا. وبالإضافة إلى هجمات الكر والفر التي يقوم بها التنظيم ضد قوات النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في البادية، تقوم خلايا «داعش» أيضاً باغتيالات وعمليات ترهيب وابتزاز في المناطق الممتدة من شرق الفرات حتى الحدود العراقية وهي مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» التي هُزم «داعش» على أيديها في الباغوز، بدعم أميركي، في مارس (آذار) 2019.

وتشكّل البادية السورية، في واقع الأمر، مكاناً مثالياً لـ«داعش» للاختباء والتقاط الأنفاس، ومن ثم شن هجمات خاطفة ضد القرى المعزولة أو القوافل التي تعبر الطرقات الصحراوية المكشوفة غالباً والتي يصعب تأمينها كلياً. ورغم نجاح قوات الرئيس السوري بشار الأسد، بدعم روسي ضخم، وبآلاف المقاتلين المرتبطين بإيران، في استعادة كل المدن المهمة في البادية منذ عام 2017، فإن عمق البادية –التي تشكل قرابة نصف مساحة سوريا الإجمالية– بقيت فعلياً خارج نطاق سيطرة النظام، الذي لم يكن يملك ما يكفي من الجنود لملاحقة «الدواعش»، خصوصاً أن هؤلاء بدوا كأنهم ذابوا في رمال الصحراء أو ابتلعتهم مغاور جبالها.

كان النظام يعرف بالطبع أن «داعش» يختبئ في بواديه الشاسعة، فقد كان معروفاً أن مقاتلي التنظيم ينشطون في الجنوب، بدءاً من بادية السويداء بالغة الوعورة، مروراً بأرياف دمشق وحمص ودور الزور، شرقاً، وصولاً إلى الرقة وحماة في وسط سوريا. لكن تقدير النظام السوري وحلفائه، كان، على الأرجح، أن «داعش» المعزول في الصحراء لا يشكل خطراً وجودياً، وأن مواجهته يمكن أن تأتي لاحقاً، وبالتالي فإن التركيز يجب أن يتم على معاقل المعارضة المتبقية. وتُرجمت هذه السياسة، كما يبدو، في الحملة الواسعة التي استهدفت محافظة إدلب بشمال غربي البلاد في بداية العام الماضي، والتي تمكن فيها النظام وحلفاؤه الروس في انتزاع مناطق مهمة من أيدي فصائل المعارضة.

وتوضح ورقة بحثية للمعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)، أن أوكار «داعش» في البادية السورية تتركز أساساً في ثلاث مناطق في عمق الصحراء: الأولى، جبل بشري في أقصى القسم الجنوبي الشرقي من محافظة الرقة. الثانية، في منطقة الدفينة بجنوب غربي دير الزور. والثالثة، في الصحراء بين تدمر والسخنة، غرباً، منطقة حزام الـ«55 كلم» جنوباً، محطة الـ«تي 2» النفطية شرقاً، ومنطقة فيضة بن موينع شمالاً. وتشير هذه الورقة، المنشورة عام 2019 إلى أن «هذه المناطق تمتاز بطبيعة ملائمة للاختباء، مثل الجبال، والأودية، والكهوف الطبيعية العميقة جداً، بالإضافة إلى حجم المنطقة الكبير، وعواصف الغبار اليومية التي تشوش الرؤية الجوية وتمحو بسرعة آثار الحركة».

استغلال صراعات النفوذ

واستغل «داعش» بلا شك كل هذه العوامل أحسن استغلال، لكنه استفاد أيضاً من عوامل أخرى مرتبطة بصراع النفوذ الأميركي – الروسي، والإسرائيلي – الإيراني، في سوريا. ويشكو النظام السوري باستمرار من أن «داعش» يستفيد من وجود قاعدة للمعارضة السورية، يحميها الأميركيون وقوات غربية خاصة، في التنف عند مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية، وهي شكوى دعمتها موسكو بقوة، مطالبةً تكراراً بتسليم التنف لحكومة دمشق. ومعلوم أن الأميركيين فرضوا حزام حماية حول هذه القاعدة يمتد على دائرة مساحتها 55 كلم، وقصفوا قوات النظام وميليشيات مرتبطة بإيران عندما اقتربت من حدود الحزام الأمني.

ووزعت الحكومة السورية، العام الماضي، اعترافات تلفزيونية مزعومة لعناصر من «داعش» أُسروا في البادية، قدموا فيها معلومات عن لجوئهم إلى قاعدة التنف لتلقي العلاج والحصول على مؤن قبل العودة إلى الصحراء، وهي اعترافات يصعب تصديقها لكنها توضح رغبة النظام في إلقاء اللوم، جزئياً على الأقل، على الأميركيين لفشله في التصدي لهجمات «داعش».

واستفاد تنظيم «داعش»، أيضاً، كما يبدو، من رغبة إسرائيل في منع إيران من تثبيت أقدامها في سوريا. فقد استعان النظام السوري على مدى السنوات الماضية، بسيل من آلاف المقاتلين الذين جنّدتهم إيران لدعمه ضد معارضيه. لكن انتشار «ميليشيات إيران» في مناطق مكشوفة في البادية جعلها مكشوفة للطيران الإسرائيلي، ما دفعها، كما يبدو، إلى حصر انتشارها في مناطق محددة، مركّزة على تأمين خط الإمداد العراقي الذي يمر بمدينة البوكمال في ريف دير الزور، فيما بقيت قوات تابعة لـ«حزب الله» منتشرة في مناطق بالبادية لمساعدة قوات النظام في حال تعرضها لهجمات من «داعش». ويقول مسؤولون إسرائيليون، حالياً، إن الإيرانيين قلّصوا انتشارهم في سوريا وأخلوا بعض القواعد نتيجة الضربات الإسرائيلية، كما يبدو.

غياب الضربات الذكية

لكن من العوامل الأخرى التي تساعد «داعش» على إعادة بناء نفسه في البادية السورية، أن النظام وحلفاءه الروس، لا يملكون تقنيات جوية تسمح لهم بتوجيه ضربات «ذكية» لتحركات مقاتلي التنظيم وعلى وجه السرعة. فقد شهدت السنوات الماضية مشاركة روسية كثيفة في مساعدة النظام على استعادة مناطق من أيدي المعارضين. لكن ذلك تم إلى حد كبير من خلال صب قدرة تدميرية كبيرة على منطقة محددة، ما يجعل بقاء المعارضين فيها مستحيلاً. وكان واضحاً من المشاهد المصوّرة لكثير من المدن والبلدات التي استعادها النظام، أنها لم تعد سوى أنقاض وركام، ما يؤكد الأسلوب الروسي لخوض الحروب متمثلاً بتدمير المدن على أنقاض المعارضين المتحصنين بها، كما حصل في تسعينات القرن الماضي في غروزني، عاصمة الشيشان. والحقيقة، أنه حتى ولو امتلك النظام وحلفاؤه تقنيات جوية حديثة، فإن ذلك قد لا يكون كافياً لهزيمة «داعش» في البادية.

فالفرنسيون مثلاً، ورغم قدراتهم التقنية الهائلة وطائراتهم المسيّرة وأقمارهم الصناعية، ما زالوا عاجزين منذ سنوات عن هزيمة «القاعدة» في صحراء مالي والنيجر، فيما يعرف الأميركيون، بدورهم، صعوبة هزيمة فلول «داعش» المختبئة في صحراء الأنبار بالعراق.

بالإضافة إلى كل ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن «داعش» لا يحتاج إلى عناصر بشرية كبيرة لشن هجمات في البادية السورية. إذ يكفي أن يرسل التنظيم عدداً قليلاً من عناصره مع قاذفات صاروخية لنصب كمين للقوافل العابرة عبر الصحراء، حيث يتم استهدافها من موقع بعيد، ثم الفرار والعودة للاختباء في مغاور في عمق الصحراء.

وهذا ما يبدو أنه حصل في الأيام الماضية من خلال استهداف حافلات تُقلّ جنوداً ومدنيين خلال عبورهم في الصحراء، بمنطقة كباجب، في طريقهم غرباً من دير الزور في اتجاه تدمر وحمص. لكن هجمات التنظيم الأخيرة في مناطق أخرى من البادية، وتحديداً ريف حماة الشرقي، يبدو أنها تشمل أعداداً كبيرة من المقاتلين، ما يوحي بأن الثقل البشري للتنظيم يتركز في هذه المنطقة القريبة من المنشآت النفطية المهمة المنتشرة وسط سوريا، والتي يشارك جنود روس في حمايتها، وهو ما يمكن أن يفسّر كثافة الغارات الجوية الروسية التي تلت هجمات «داعش» الأخيرة.

الشرق ا|لأوسط

————————

إعلام روسيا يروج لتصاعد هجمات دا.-عش في البادية السورية فما أهدافه …؟

شنت طائرات حربية روسية غارات جوية مكثفة على منطقة “الرهجان” بريف حماة الشرقي، فيما اندلعت اشتباكات بين عناصر تنظيم الدولة وقوات الأسد في المنطقة ذاتها، وسط حديث إعلام الاحتلال الروسي عن زيادة تسلل عناصر التنظيم باتجاه المنطقة.

وبحسب وكالة “سبوتنيك” الروسية فإن خلايا تابعة لتنظيم “داعش” حاولت التسلل باتجاه مواقع جيش النظام على محور “الرهجان” بريف سلمية الشمالي الشرقي، شرق محافظة حماة وسط البلاد.

وقالت في تقرير لها إن محاولات التسلل نتج عنها اشتباكات عنيفة بالتزامن مع تحليق مكثف للطيران الحربي الروسي في سماء المنطقة، حيث نفذ سلسلة غارات على مواقع في البادية السورية، وأشارت إلى أن ميليشيات النظام استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى محاور الاشتباك، وذلك نقلاً عن مصدر وصفته وكالة الأنباء الروسية بأنه “مصدر ميداني”.

وقد يكون للإعلان الروسي عن هذه التطورات الميدانية أبعاده، إذ تحدث الإعلام ذاته قبل أيام عن تلقي عناصر تنظيم “داعش” دعماً أمريكياً كبيراً من القوات المتمركزة في منطقة التنف، ليتصاعد هجوم التنظيم تحديداً في منطقتي “الرهجان” و”أثريا” بريف حماة الشرقي، وفق وصفها

في حين قال ناشطون في شبكة “ديرالزور24” إن ميليشيات النظام شنت حملة تمشيط في محيط جبل بشري بريف دير الزور الغربي، بعد هجمات داعش المتكررة في بادية ديرالزور، والتي تزايدت خلال الفترة الماضية، وراح نتيجتها العشرات من عناصر الميليشيات.

هذا وتحدثت مصادر إعلامية عن تكبد ميليشيات النظام خسائر فادحة إثر هجمات متفرقة شنتها خلايا تابعة لتنظيم “داعش”، في عدة مواقع تابعة لجيش النظام في البادية السورية، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى بين صفوف الميليشيات.

وشهدت الأيام القليلة الماضية هجمات عديدة نفذها تنظيم “داعش” على محاور دير الزور وتدمر وريف حماة واستهدفت حافلات وصهاريج خلال مرورها على الطرق المنتشرة في المنطقة، تبنى التنظيم معظمها عبر وكالة أنباء التنظيم “أعماق”.

—————————-

فرنسا تحذر من عودة “داعش” في سوريا والعراق

قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن تنظيم “داعش” قد يعود إلى الظهور مجدداً في سوريا والعراق.

وجاء تصريح بارلي ضمن حوار صحافي أوضحت فيه أن “فرنسا ترى أن تنظيم داعش لا يزال موجوداً. حتى أنه يمكن الحديث عن شكل من أشكال عودة ظهوره في سوريا والعراق”. وأشارت أنه “منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات، حيث كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أن داعش يستعيد قوته في سوريا”.

وأكدت بارلي أن التنظيم “يعيد بناء صفوفه في العراق أيضاً”، معتبرة أن تنظيم داعش “لم يتم اجتثاثه في بلاد الشام. لذا نحن لا نزال هناك عبر مهمات تدريبية وعبر مقاتلاتنا”، وعددها أربع طائرات من طراز رافال تشارك في مهمات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة.

تأتي تصريحات الوزيرة الفرنسية في الوقت الذي ازدادت فيه هجمات تنظيم “داعش” على قوات النظام السوري والمليشيات التابعة له كان آخرها عملية هجومية السبت أدت إلى مقتل 7 عناصر من مليشيا الدفاع المدني في منطقة الشولا بريف دير الزور الغربي.

بالمقابل يقوم سلاح الجو الروسي بشن غارات على مواقع التنظيم في البادية التي تشكل عمقاً مثالياً لإختباء خلايا التنظيم فيها، فوفق تقارير استخباراتية أوربية فإن التنظيم يتركز في عمق الصحراء في نقاط التقاء بين محافظات الرقة ودير الزور وحمص وبالتحديد بين تدمر والسخنه، يشن منها هجمات خاطفة على قوات النظام، وتركزت عمليات في الآونة الأخيرة عند المناطق المكشوفة بأطراف محافظتي حماه والرقة.

—————————-

 المرصد: مقتل 8 عناصر موالين للنظام بهجوم لـ«داعش» شرق سوريا

قُتل ثمانية عناصر من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين له، اليوم الإثنين، في هجوم جديد لتنظيم «داعش» في شرق البلاد، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وصعّد التنظيم المتطرف في الآونة الأخيرة من وتيرة هجماته على قوات النظام، مما يعكس وفق محللين صعوبة القضاء نهائياً على خلاياه التي تنشط في البادية السورية الممتدة من شرق محافظة حمص (وسط) وصولاً إلى أقصى شرق محافظة دير الزور (شرق).

وأفاد المرصد السوري أن مسلحي التنظيم الإرهابي شنوا هجوماً جديداً على مواقع لقوات النظام و«لواء القدس» الفلسطيني الموالي له في جنوب محافظة دير الزور.

وأسفر الهجوم، حسب المرصد، عن مقتل خمسة عناصر من قوات النظام وثلاثة من «لواء القدس» على الأقل، فضلاً عن إصابة أكثر من عشرة آخرين بجروح.

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها خصوصاً مع إعلان «قوات سوريا الديموقراطية» المكونة من ائتلاف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، في مارس (آذار) 2019 القضاء عليه، يواصل التنظيم المتطرف خوض حرب استنزاف ضد الجيش السوري والمقاتلين الموالين له من جهة والقوات الكردية من جهة ثانية. وينطلق التنظيم في هجماته على قوات النظام من نقاط تحصّنه في منطقة البادية، رغم الغارات الروسية التي تستهدف مواقعه بين الحين والآخر دعماً للقوات الحكومية.

والسبت، قُتل سبعة مقاتلين موالين للنظام في هجوم لـ«داعش» في دير الزور. كما قتل في الرابع من الشهر الحالي، 15 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من قوات النظام والمقاتلين الموالين لها، في هجوم استهدف حافلات عسكرية في بادية حماة في وسط البلاد.

ولا يزال مجهولاً، وفق المرصد، مصير نحو 15 عنصراً من قوات النظام كانوا يستقلون يوم الجمعة حافلة تعرضت لهجوم مباغت من التنظيم في ريف حماة الشرقي. وتم لاحقاً العثور على الحافة محترقة، من دون أن يتضح مصير العناصر، وفق المرصد.

—————————

 «داعش» يعود إلى البادية السورية مستغلاً صراعات النفوذ

كميل الطويل

استغل تنظيم «داعش» في البادية السورية، عدة عوامل، لاستعادة قوته، وشن هجمات ضد قوات النظام وحلفائه، ما يوحي بأنه تمكّن إلى حد كبير من إعادة تنظيم صفوفه في هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة. لكنه استفاد أيضاً من عوامل أخرى مرتبطة بصراع النفوذ الأميركي – الروسي، والإسرائيلي – الإيراني، في سوريا.

ويشكو النظام السوري، باستمرار، من أن «داعش» يستفيد من وجود قاعدة للمعارضة السورية، يحميها الأميركيون وقوات غربية خاصة، في التنف عند مثلث الحدود السورية – العراقية – الأردنية. وهي ادعاءات يصعب تصديقها، إلا أنها توضح رغبة النظام في إلقاء اللوم، جزئياً على الأقل، على الأميركيين لفشله في التصدي لهجمات «داعش».

وتشهد البادية تصعيداً لافتاً لهجمات «داعش»، بعد أقل من سنتين من الهزيمة الساحقة التي مُني بها في الباغوز، البلدة التي شكّلت آخر معاقله على ضفاف الفرات بريف دير الزور شرق سوريا.

من ناحية ثانية، عادت طوابير البنزين إلى الظهور في مدن سوريا. وعزت وزارة النفط الأزمة الجديدة إلى تأخر وصول توريدات المشتقات النفطية المتعاقد عليها، مبررة ذلك بـ«العقوبات والحصار الأميركي»، غير أن متابعين في دمشق، يرون أن السبب المباشر لتجدد الأزمة هو ازدياد هجمات تنظيم «داعش» في البادية السورية.

———————–

=====================

تحديث 13 كانون الثاني 2021

————————–

فيروس داعش المتحور/ عمر قدور

عاد تنظيم داعش ليعلن عن وجوده باستهداف متكرر لقوات الأسد في البادية الشرقية، بعد مضي عشرين شهراً على استسلام المئات من مقاتليه أمام قسد، في آخر معاقله في قرية الباغوز التابعة لدير الزور. القضاء على آخر معقل لداعش كان قد أنهى عملياً وجود التنظيم الوحيد الخارج عن السيطرة، لتصبح المناطق السورية كافةً ممسوكة من قبل القوى الخارجية، مباشرة أو بواسطة ميليشيات محلية أضخمها تلك التابعة للأسد.

قضية الإمساك بالميليشيات المحلية قد تفوق بأولويتها “الحربَ على الإرهاب”، فالحرب على جبهة النصرة “كهدف أو كذريعة” بقيت مجمدة من قبل الجانب الأمريكي، مقابل إصرار روسي يظهر ويختفي حسب إيقاع العلاقة مع أنقرة، ويحركه دائماً السعي إلى توسيع منطقة النفوذ الروسي ليس إلا. العبرة في تأجيل معالجة ملف النصرة هي في انصياعها، ولو ضمناً وعلى مضض، للنفوذ التركي وتفاهماته مع موسكو، وقبل ذلك في عدم إقدام النصرة على “حماقات” مشابهة لما فعله داعش بإعدام رهائن غربيين.

عودة داعش مؤخراً تخلخل استقرار مناطق النفوذ، إذ يدخل التنظيم مرة أخرى كلاعب قد يجبر لاعبين آخرين على تغيير أولوياتهم أو تكتيكاتهم القتالية. مثلاً، باستهدافه قوات الأسد، باتت الأخيرة وحلفاؤها مضطرين إلى الاهتمام بجبهة جديدة قد تنتقص من الاهتمام الذي تحوزه جبهة إدلب بالنسبة لموسكو، وقد تضيف أرقاً إضافياً للميليشيات الإيرانية الواقعة تحت ضغط الغارات الإسرائيلية.

هذا ليس تنظيم داعش كما غلبت صورته في الأذهان، ليس تنظيم الدولة الإسلامية “الباقية وتتمدد”. من مستلزمات الدولة كما شهدنا السيطرة على الأرض، ليحكم الخليفة بقعة مهما صغرت واعداً بالجهاد والتوسع لاستعادة أمجاد الخلافة الإسلامية القديمة. هنا وجه من أوجه الاختلاف بين داعش وتنظيم القاعدة، فالثاني اعتمد على معاداة الغرب ومحاربته قبل الشروع في إقامة الخلافة، مع أنه لم يوفّر الفرصة مع تقدّم حركة طالبان للسيطرة على أفغانستان وإعلان المُلا محمد عمر أميراً للمؤمنين بمباركة من القاعدة. بل كان إعلان خلافة البغدادي قد إستمال قسماً من مجاهدي القاعدة وطالبان، خاصة مع تواري “أمير المؤمنين” المُلا عمر الذي أُعلنت وفاته لاحقاً، ودخول طالبان في مفاوضات مع واشنطن.

لقد تحور داعش الذي لم يتوقف عن التمدد في أماكن جديدة، في ليبيا ونيجيريا والصومال والفلبين وأندونيسيا وباكستان وأفغانستان، أي أنه أثبت قابلية ومرونة في الانتشار، كلما لاحت فرصة في أماكن رخوة أمنياً. ومن المحتمل أن مقتل “الخليفة” أبي بكر البغدادي قد ساعد خلَفه على التخلص من أوهام الخليفة، وعلى إدراك سراب موضوع الدولة كهدف عملي، مع الإبقاء عليه كهدف نظري نهائي أسوة بتنظيمات إسلامية أخرى تبشّر بعودة الخلافة يوماً ما.

ظهور داعش في البادية السورية نموذج عن التكتيكات التي يستطيع بها التنظيم إرهاق الآخرين بكلفة قليلة، خاصة إذا توفر له مقاتلون على استعداد كافٍ للتضحية مع مهارات عالية في التخفي. البادية “نظرياً” مكان مكشوف لا يصلح للاختباء، لكن هذه الميزة التي يخسرها التنظيم تخسرها على نحو مضاعف وأشد الميليشيات النظامية التي تقاتله. الأخيرة، بطبيعة تنظيمها وطبيعة تحركها، ستكون هدفاً يسهل رصده بسبب ثقل حركته ومعداته وحجمه البارزين للعيان بخلاف عناصر داعش المعتمدين على الحركة المستمرة، وعلى معدات خفيفة يصعب رصدها، ويسهل نقلها رغم آليات الرصد المتطورة لدى الخصوم.

في البادية، لن تحل موسكو معضلة هجمات التنظيم بسياسة الأرض المحروقة التي لا تتقن سواها، وقد تغطي على عجزها بإلقاء اللوم على الغرب الذي لا يترك لها السيطرة التامة على الأراضي السورية لتعالج موضوع “الإرهاب”! قائمة التبريرات الأسدية جاهزة، بالقول أن التنظيم يحظى بمباركة غربية، والشكوى من العقوبات الغربية التي تعيق حربه المزعومة على الإرهاب أيضاً. لا يُستبعد أن تكون سلطة الأسد فرحة بمقتل عناصر لها بتكرار هجمات داعش، فها هي مرة أخرى “ضحية” التنظيم الإرهابي الذي يخيف العالم كله، ها هي في الموقع نفسه مع الغرب.

لن تتوانى طهران، بلسان موسكو أو سلطة الأسد، عن التركيز على خطر داعش الكامن في البادية على امتداد الحدود بين سوريا والعراق، أي تماماً في المنطقة التي يُراد إبعاد السيطرة الإيرانية عليها، والتي تُعدّ حلقة أساسية في السلسلة التي تربط طهران بالضاحية الجنوبية. مع داعش، ثمة خطر متفق عليه دولياً، يصلح لتغييب الخطر المتفق عليه أمريكياً وإسرائيلياً. وقد يأتي العون من مسؤولين أوروبيين ينتبهون جيداً إلى خطر داعش، ولا يرون خطراً في النفوذ الإيراني وجرائمه في حق السوريين وسواهم.

أما أقوى الآمال التي تبنى على عودة داعش فهي تتعلق بانتهاء ولاية ترامب وتنصيب الديموقراطي بايدن، لعل الأخير يرى في خطر داعش مخرجاً جيداً لتعاون غير مباشر مع طهران، لعله يسلك طريق أوباما. لا ننسى أن عودة داعش تقدّم هدية لبايدن بتفنيد ادعاءات ترامب حول هزيمته التنظيم، ولو أتت العودة خارج مناطق نشاط القوات الأمريكية فقد يكون الأهم استخدام ذلك في الدعاية السياسية الداخلية.

ثم إن خطر داعش قد يكون مزدوجاً، فيطال قوات قسد المحمية أمريكياً، والموعودة بدعم أقوى في عهد بايدن. استهداف قسد قد يكون على نحو موارب استهدافاً للقوات الأمريكية، بل ربما تُستهدف القوات الأمريكية “باسم” داعش لجس نبض العهد الجديد، ومعرفة مدى استعداده للرد على المصادر الحقيقية للهجوم أو الجهات التي تقدّم دعماً لوجستياً للتنظيم. لقد كان الوجود الأمريكي المحدود محمياً نسبياً بالخشية من “تهور” ترامب، وربما تُختبر عزيمة الرئيس الجديد عما قريب.

قد لا يكون داعش صنيعة مخابراتية كما يروّج البعض، هذا لا ينفي مرونته وقابليته للتعاون مع أجهزة مخابرات لها باع مشهود في التعاطي مع هذه التنظيمات. ظهور داعش الأول استُخدم للتغطية على جرائم الأسد، وعلى جرائم أزلام طهران في بغداد. عودته، بقدرة أكبر على التخفي، ومع الضائقة التي يعيشها الأسد وحلفاؤه يُرجح ألا تكون بريئة من استكمال الأذى الذي ألحقه بالسوريين والعراقيين من قبل. الإجابة على ذلك هي في الغرب، فإما أن يقرر رؤية ما وراء داعش، أو أن يبقى مصراً على تجاهل العلاقة الوثيقة بين إرهاب يجتهد لإظهار محليته وآخر يجتهد لإظهار عالميته.

المدن

————————

داعش .. الحرب الأبدية/ مروان قبلان

شهدت عمليات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) طفرة كبيرة خلال الأسابيع القليلة الماضية في العراق، لكن في سورية خصوصا. إذ تعدّدت العمليات التي قام بها التنظيم وتنوعت أهدافها، فجرى استهداف عناصر من قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وكذلك من قوات النظام السوري والمليشيات إيرانية الإدارة المتحالفة معه. كما بدأت عمليات التنظيم تقترب أكثر من مدن الوسط (حمص وحماه)، بعد أن كانت محصورة في البادية والشرق، ما حدا بروسيا والولايات المتحدة على السواء إلى رفع وتيرة تدخلهما الجوي، كل لدعم حلفائه على الأرض. لم تمثّل الزيادة الكبيرة في عمليات “داعش” مفاجأة لمتابعي أوضاع التنظيمات الجهادية الذين سخروا من مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في فبراير/ شباط 2019، وأعلن فيها القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية بنسبة “مائة بالمائة”، كما قال، في سياق تبرير رغبته بالانسحاب من سورية، في ضوء معارضة المؤسسة العسكرية التي ظلت تتخوّف من تكرار سيناريو العراق، عندما تسبب الانسحاب المبكر للقوات الأميركية، تنفيذا لسياسة الخروج بأي ثمن (cut and run)، التي تبنتها إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، في انبعاث “داعش”، بعد أن كانت إدارة بوش أضعفت سلفه، تنظيم دولة العراق الإسلامية، بشكل كبير، إثر الزيادة الكبيرة التي أجرتها على عدد القوات الأميركية هناك، وإنشاء الصحوات في الفترة 2007 – 2008.

واقع الحال أن الولايات المتحدة التي تتحمّل قدرا من المسؤولية عن نشأة الجهاد العالمي، سواء بصورة مباشرة، عندما دعمته لهزيمة السوفييت في أفغانستان، أو بصورة غير مباشرة، بسبب سياساتها في العالمين العربي والإسلامي، دخلت في مواجهةٍ معه منذ عام 2001. وباستثناء أنها منعت، منذ ذلك الوقت، وقوع هجوم كبير على أراضيها، فإن حربها معه مستمرة منذ عقدين، ومرشّحة للاستمرار عقودا عديدة مقبلة، إذا ما ثابرت على استخدام المقاربة نفسها في التعامل معه. بكلمة أخرى، “الحرب على الإرهاب”، إذا وافقنا على استخدام المصطلح الذي اخترعته إدارة جورج بوش الابن، مرشّحة لأن تصبح أطول الحروب في التاريخ المعاصر.

لقد بليت الألسن والأقلام من ترديد بدهية أن القضاء على “داعش”، وغيره من التنظيمات الجهادية المتشدّدة، لا يمكن إنجازه طالما ظلت الظروف التي أدت إلى صعوده وانتشاره قائمة، وهي، أي التنظيمات المتشدّدة، وإن توارت بسبب حجم القوة النارية المستخدمة ضدها لا تلبث أن تنبعث بمجرّد تغذية التربة التي تنمو فيها. سوف تنمو على الأرجح خلال الفترة المقبلة قدرات تنظيم الدولة الإسلامية، وتتزايد عملياته وتبلغ ذروتها في حال تحوّلت إدارة بايدن، كما يتخوّف بعضهم، إلى إدارة “أوباما 3″، بمعنى أنها أعادت إنتاج الظروف التي أدّت إلى انبعاث التنظيم في سورية والعراق، عبر تبني سياسة “استرضاء” إيران، من أجل ضمان عودتها إلى الاتفاق النووي، مع الاستمرار في تجاهل سياساتها في المنطقة، والتي تعد سببا رئيسيا في صعود التنظيم وانتشاره في عموم المشرق العربي.

عندما عاد تنظيم الدولة الإسلامية من صحراء الأنبار مع تطور اعتصامات الرمادي عام 2012، كانت الولايات المتحدة قد غادرت العراق، وتركته لإيران لتُحكم قبضتها عليه عن طريق حلفائها في حزب الدعوة وغيره من القوى السياسية المرتبطة بها. ومع إمعان حكومة نوري المالكي في سياسات التهميش والإقصاء التي طاولت المجتمعات السنّية، بما فيها النخب التي سلمت بخسارة حكم العراق وانخرطت في العملية السياسية، مثل طارق الهاشمي ورافع العيساوي، عاد التنظيم ليقدم نفسه باعتباره الحل لسنة العراق، وتمكّن من إقناع جزء منهم بذلك، بعدما أغلق المالكي كل السبل في وجوههم. تكرّر الأمر نفسه في سورية، حيث دعمت إيران استخدام النظام أقصى درجات العنف لمواجهة المجتمعات التي ثارت عليه، وساهمت من ثم في تحويل الصراع إلى صراع أهلي – طائفي بامتياز، وهي بيئةٌ مثاليةٌ لازدهار فكر “داعش” وانتشاره.

إذا قرّرت واشنطن في عهد بايدن غض النظر عن السياسة الإيرانية القائمة على منع قيام دولة قوية في العراق تمثل العراقيين، وتفكّك المليشيات التي تدين بولائها لطهران، وفي منع حل سياسي عادل في سورية يسمح بإعادة بناء الدولة، ويحقق للسوريين تطلعاتهم في استرداد بلدهم وإعادة بنائه، سوف تبقى الولايات المتحدة على الأرجح متورّطة في حربٍ أبديةٍ ضد “داعش” وأشباهه، ما أن تنتهي فيها جولةٌ حتى تنطلق أخرى.

العربي الجديد

——————————-

هل انتهى تنظيم «داعش» فعلاً؟/ محمد عايش

من يريد القضاء على الفكر المتطرف الذي يجنح نحو العنف فعليه بالضرورة أن يتيح المجال لقوى الاعتدال

القوة العسكرية القاهرة يمكن أن تُغير نتيجة معركة لكنها لا تغير أفكاراً ومعتقدات يتداولها الناس عبر أدمغتهم وعقولهم.

تتحالف أمريكا مع أنظمة عربية تقمع حركات إسلامية معتدلة وقوى سياسية تؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية السلمية!

الأنظمة العربية تنتج التطرف عندما تنشر الاستبداد والقمع، وتعتقل الآلاف من أبناء شعوبها ولا تسمح لهم بالمشاركة.

هل انتهى التنظيم فعلاً؟ أم كان منشغلاً بإعادة تنظيم صفوفه وبيته الداخلي للعودة إلى العمل في سوريا والعراق وأماكن أخرى وبوسائل جديدة؟

التنظيم لم يُهزم كما زعمت أمريكا في 2017 وما حدث انسحاب تكتيكي لمقاتليه واستراحة محارب لإعادة ترتيب الصفوف ثم العودة للقتال!

الطريقة الوحيدة للتغلب على التنظيمات المتطرفة وتجفيف منابعها دعم التحول الديمقراطي في منطقتنا العربية وإتاحة فرصة المشاركة السياسية.

*     *     *

تقارير عديدة واردة من سوريا تتحدث عن عودة قوية لتنظيم «داعش» وسيطرة على مساحات واسعة من البادية والمناطق غير المأهولة بالسكان، وهو ما يعيد إلى الواجهة سؤال:

هل انتهى التنظيم فعلاً؟ أم أنه كان منشغلاً فقط في إعادة تنظيم صفوفه وبيته الداخلي، من أجل العودة إلى العمل مجدداً في سوريا والعراق، وربما أماكن أخرى وبوسائل جديدة؟

إذا صحَّت المعلومات عن حراك نشيط لمقاتلي التنظيم وخلاياه وتنفيذهم هجمات واسعة خلال الأيام الماضية في المناطق التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) فهذا يعني بالضرورة أن التنظيم لم يُهزم، كما زعمت الولايات المتحدة في عام 2017!

وأن ما حدث لم يكن سوى انسحاب تكتيكي لمقاتليه، واستراحة محارب، لإعادة ترتيب الصفوف ومن ثم العودة للقتال، وهو ما يعيد إلى الأذهان أيضاً ما حدث في أفغانستان عندما اعتقد الأمريكيون أنهم أطاحوا بحركة طالبان وتنظيم «القاعدة» في عام 2002.

في حين ما حدث حينها لم يكن سوى «إعادة انتشار» للتنظيم والحركة، ولم يكن ممكناً التعامل معهم إلا عبر قنوات التفاوض والاتفاق، لا بالهزيمة العسكرية المباشرة.

عودة النشاط مؤخراً لتنظيم «داعش» في سوريا يعني أن الحرب العسكرية التي انتهت بطرده من مدن شرق سوريا لم تكن تعني أن التنظيم قد انهزم، ولا تعني بالضرورة أنه انكفأ وتراجع.

وهذا يعيد التأكيد على أن إنهاء ظاهرة الحركات العقائدية المتطرفة، أو التنظيمات التي تُمارس العنف يحتاج بالضرورة إلى آليات غير تقليدية غير الحرب العسكرية التقليدية المباشرة.

من يريد القضاء على الفكر المتطرف الذي يجنح نحو العنف فعليه بالضرورة أن يتيح المجال لقوى الاعتدال، وفي حالة «داعش» فالبديل لا يمكن أن يكون إلا في حركات الإسلام المعتدلة، التي تؤمن بالديمقراطية والمشاركة وقبول الآخر، وتريد المشاركة في العمل السياسي.

وهي حركات تواجه القمع في عالمنا العربي، ما يعني بالضرورة في نهاية المطاف أن قمع الإسلاميين المعتدلين سيؤدي إلى إنعاش الإسلاميين المتطرفين، الذين يؤمنون بالعنف.

الولايات المتحدة التي حاربت تنظيم «داعش» لسنوات عديدة ماضية، وقبله حاربت تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق» الذي كان يتزعمه أبو مصعب الزرقاوي، وقبله حاربت تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان، هي ذاتها التي تتحالف مع أنظمة عربية تقمع الحركات الإسلامية المعتدلة وغيرها من القوى السياسية التي تؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية السلمية!

وهذه الأنظمة هي التي تنتج التطرف عندما تنشر الاستبداد والقمع، وتعتقل الآلاف من أبناء شعوبها، ولا تسمح لهم بالمشاركة.

خلال العشرين عاماً الماضية احتل الأمريكيون العراق وأفغانستان، وقصفوا مواقع لتنظيم «القاعدة» في السودان واليمن ومالي والصومال ومع ذلك كله لم ينجحوا في القضاء على هذه التنظيمات، بل تطورت نحو مزيد من التطرف ومزيد من العنف.

ومارست أشكالاً جديدة من العمليات المسلحة، حتى وصلت إلى شكل أكثر خطورة، وهو ما يؤكد أن هذه السياسة كانت بائسة، وفشلت في هزيمة هذا الفكر المتطرف.

ما حدث أن تنظيم «القاعدة» لم يُهزم في أفغانستان وإنما أعاد إنتاج نفسه، وكذا «داعش» وهذه الحركات نشأت وترعرعت كرد فعل عفوي على القمع والاستبداد والتسلط والظلم، الذي تمارسه بعض الأنظمة العربية ضد شعوبها، في الوقت الذي تتحالف فيه الولايات المتحدة وقوى الغرب مع هذه الأنظمة وتقدم لها الحماية.

التجربة الأمريكية الفاشلة خلال عقدين من الزمان تؤكد على أن الطريقة الوحيدة للتغلب على التنظيمات المتطرفة وتجفيف منابعها، هو في دعم التحول الديمقراطي في منطقتنا العربية، وإتاحة الفرصة للناس بأن تشارك في العملية السياسية، وأن تكون ممثلة في صناعة القرار في بلادها.

وكذا إتاحة الفرصة أمام حركات الإسلام السياسي المعتدلة، التي تؤمن بحق الغير في الوجود، وتؤمن بالديمقراطية والمشاركة السياسية السلمية، هذه فقط يمكن أن تكون الضمانة لإنهاء ظاهرة «داعش»..

أما القوة العسكرية القاهرة فهذه يمكن أن تُغير واقعاً على ساحة معركة، لكنها لا تغير أفكاراً ومعتقدات يتداولها الناس عبر أدمغتهم وعقولهم.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العرب

———————————-

تعزيزات إلى البادية السورية: ضربات “داعش” تنهك النظام/ أمين العاصي

تتجه المواجهات بين تنظيم “داعش” وقوات النظام السوري في البادية السورية إلى مزيد من التصعيد. وقد دفعت قوات النظام بتعزيزات كبيرة لتأمين الطرق والحدّ من خطورة “داعش” على مدن تقع على حدود البادية. وكشفت مصادر إعلامية تابعة للنظام السوري عن إرساله، أول من أمس الاثنين، تعزيزات عسكرية إلى طريق خناصر- أثريا في ريف حماة الشرقي، استعداداً لإطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة البادية، بعد الهجوم الأخير الذي نفذه “داعش” في ريف مدينة سلمية. في السياق، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام استقدمت بالفعل تعزيزات إلى المنطقة، مشيراً إلى أن مصير نحو 15 ضابطاً وعنصراً من قوات النظام ممن فُقد الاتصال بهم مساء الجمعة الماضي لا يزال مجهولاً، بعد هجوم التنظيم المباغت على محوري الرهجان والشاكوسية، شرقي حماة. وأشار إلى أنهم “كانوا يستقلون باص مبيت في المنطقة”، عثر عليه لاحقاً وكان محترقاً.

وتلقت قوات النظام في الأيام الأخيرة من العام الماضي والأولى من العام الحالي، ضربات عدة من “داعش”، أدت إلى مقتل وخطف العشرات من عناصرها، بينهم ضباط برتب رفيعة. وظهرت بوادر “ولادة ثانية” للتنظيم في سورية، في نهاية العام الماضي، مع تضاعف عملياته ضد قوات النظام، بل بدأ بالاقتراب من مدن عدة، فضلاً عن قطعه طرقاً يعتمد عليها النظام في توريد الحبوب والمحروقات من مناطق سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، في الشمال الشرقي من سورية. ودفعت كل هذه التطورات في البادية وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي للتعبير عن قلقها من عودة “داعش” في العراق وسورية، مشيرة إلى أن بلادها تعتبر أن التنظيم لا يزال موجوداً. ولفتت الوزيرة الفرنسية في مقابلة تلفزيونية، إلى أنه “منذ سقوط بلدة الباغوز في وادي الفرات (عام 2019)، الذي كان المعقل الأخير للتنظيم، يمكن أن نلاحظ أن داعش بدأ يستعيد قوته في سورية”. وتعد فرنسا من الدول الفاعلة في التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تأسس في عام 2014 في ذروة صعود التنظيم في سورية. ويحتفظ التحالف بقيادة الولايات المتحدة بوجود قوي في سورية، منشئاً قواعد عدة، أبرزها قاعدة التنف. ومن اللافت أن التحالف لم يتدخل ضد التنظيم في مناطق سيطرة النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في البادية. مع العلم أن النظام يبحث عن التنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة “داعش” بغية كسر حالة العزلة الدولية المحيطة به، ولكن من الواضح أن التحالف يرفض التعاون مع النظام وحلفائه الروس والإيرانيين في هذا المجال. وحول هذا الموضوع، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “ليست لدى النظام رغبة في محاربة داعش، وقد أكدت الولايات المتحدة هذا الموقف أكثر من مرة”. وحول إمكانية استغلال النظام لصعود تنظيم “داعش” مرة أخرى لتعويم نفسه كطرف محارب للإرهاب، أبدى زيادة اعتقاده بأن “لا أحد يكترث لما يقوله النظام، فهو في عزلة دولية تماماً، باستثناء دعمه من روسيا وإيران”. وأشار إلى أن “ظهور تنظيم داعش مرة أخرى، يفرض تحديات جديدة على المجتمع الدولي عليه التعامل معها”، مستدركاً “لا أعتقد أن ذلك سيكون من بوابة النظام، لذلك فالقوات الأميركية موجودة هناك”. من جانبه، اعتبر الباحث في “مركز الحوار السوري” محمد سالم، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن التنظيم “عملياً عاد بقوة، ولكن إلى نموذج سابق لما كان عليه في حالة (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) وحالة (دولة العراق الإسلامية). وهي الحالة التي كان عليها في العراق من ناحية شن حرب عصابات مع سيطرة مكانية مرنة”. وأضاف أنه “لا تبدو في المدى المنظور القريب أي إمكانية لعودة داعش لنموذج السيطرة المكانية على الحواضر، كما حدث في الموصل والرقة، وهذا لا ينفي مطلقاً حدوث ذلك على المدى البعيد، لأن عقلية التنظيم وأيديولوجيته تحثُّ على ذلك”. وأعرب عن قناعته بـ”أن الظروف لا تسمح في المدى القريب بعودة تنظيم داعش إلى ما كان عليه في سورية قبل عام 2019″، لجهة السيطرة على مساحات جغرافية كبيرة تضم مدناً كبرى وبلدات. وأوضح أن “مثل هذه السيطرة لم تكن لتتم لولا تدخل عامل خارجي واضح، كما في حالة سيطرة التنظيم على الموصل، والتي تمت بدعم إيراني خفي”.

ومن الملاحظ أن النشاط المتزايد لتنظيم “داعش” في سورية، يأتي قبل أشهر قليلة من انتخابات رئاسية ينوي النظام إجراؤها في منتصف العام الحالي، والتي من المؤكد أن بشار الأسد سيفوز فيها. ما يعزز الاعتقاد بأن الأخير يحاول الاستثمار مجدداً في مسألة الإرهاب، لدفع الغرب إلى الموافقة على بقائه في السلطة 7 سنوات أخرى. وفي هذا الصدد، شدّد سالم على أن بشار الأسد “أول المستفيدين من صعود تنظيم داعش”، مضيفاً أن “هذا الصعود يدعم سردية النظام والأسد في ادعائه محاربة الإرهاب، وأنه الخيار الأقل سوءاً للمجتمع الدولي بوجود تنظيمات يمكن أن تصعد مثل تنظيم داعش”.

——————————

ما الذي يجمع بين النظام الإيرانيّ و«داعش»؟/ حازم صاغية

بين النظام الخمينيّ في إيران وتنظيم «داعش» آلاف الفوارق: في الطبيعة والنشأة والتركيب والتمثيل والآيديولوجيا… مع هذا، ثمّة شيء أساسيّ مشترك بينهما: إنّ ولادة مشروعيهما مرتبطة بحطام المشاريع التي عرفها المشرق العربيّ.

الثورة الخمينيّة في 1979 جاءت بعد انهيار متدحرج دام عقدين وطال كلّ الأيقونات السياسيّة والآيديولوجيّة العربيّة، لا سيّما المشرقيّة منها:

– الوحدة العربيّة تلقّت هزيمتها القاتلة مع انهيار «الجمهوريّة العربيّة المتّحدة» وانفصال سوريّا عنها عام 1961. بعد ذلك، ورغم محاولات ومشاريع كثيرة، لم تقم للوحدة قائمة. لقد حلّت محلّها أعمال غزو مارسها عراق صدّام للكويت، وأعمال استتباع مارستها سوريّا الأسد للبنان.

– الاشتراكيّة تكشّفت عن رأسماليّات دولة محكومة بجهاز الأمن الصارم. لقد استخدمتها السلطات لإحكام قبضتها على مجتمعاتها ومدّ شبكة تحكّمها إلى المناطق والبيئات التي استطاعت الحفاظ على شيء من الاستقلاليّة. في أواسط السبعينات انعطف أنور السادات بمصر عن تلك الاشتراكيّة، ثمّ كان انهيار الاتّحاد السوفياتيّ إجازة عبور تدريجيّ في سوريّا وبلدان أخرى إلى النيوليبراليّة.

– تحرير فلسطين طوي أمره بعد حرب 1967 ليحلّ محلّه شعار «استعادة الأراضي التي احتلّتها إسرائيل». محاولات المقاومة الفلسطينيّة وضع الشعار القديم في الصدارة قادت إلى حروب أهليّة وغزو إسرائيليّ في 1982. بعد ذاك، ومن تونس، صار النضال الفلسطينيّ من طبيعة سياسيّة محكومة بالحصول على دولة إلى جانب الدولة العبريّة.

– مناهضة السياسات الغربيّة في المنطقة ضمرت أيضاً بعد ضمور الناصريّة الذي سبق وفاة عبد الناصر. المقاومة الفلسطينيّة راحت تعتدل. حافظ الأسد وقف إلى جانب التحالف الدوليّ لتحرير الكويت وساوم الأميركيّين في لبنان. صدّام حسين خاض حربه مع إيران في الثمانينات مدعوماً من الغرب، ولم يكن بلا دلالة أنّ هذه الحرب نفسها كانت الجسر الإيرانيّ الأعرض إلى عمق المشرق.

الثقافة السياسيّة العربيّة، بطبيعة الحال، كانت أكثر المتلكّئين عن التقاط المعاني الجديدة. مضغ الكلام النضاليّ القديم استمرّ ولا زال مستمرّاً. مَن كان سبّاقاً في الإدراك وسارع إلى طلب الوراثة كان إيران الخمينيّة الجاهزة، كسلطة مركزيّة متماسكة، لذلك.

بطبيعة الحال، لا تستطيع إيران الخمينيّة، وهي غير عربيّة، أن ترث الدعوة إلى الوحدة العربيّة، كما لا تستطيع أن ترث الدعوة إلى الاشتراكيّة في ظلّ زعمها امتلاك فلسفة اقتصاديّة إسلاميّة. لكنّها سطت على قضيّتي فلسطين ومكافحة النفوذ الغربيّ وصبّتهما في قالب إسلاميّ. في هذا استفادت الخمينيّة من عناصر عدّة: استفادت من انهيار ما كان قد تبقّى من العراق بعد حرب 2003 والانشغالات المعقّدة والدامية في ترتيب حقبة ما بعد صدّام. استفادت من الصعود المدوّي لمسألة الهويّات الطائفيّة والدينيّة والإثنيّة، كما ساهمت في تصليب ذاك الصعود. التعبير الأوضح عن ذلك جسّدته الأطراف النضاليّة الشيعيّة في العراق ولبنان، وبعضها صناعة إيرانيّة مباشرة. استفادت طهران أيضاً من اعتلال النظام السوريّ وحركات المقاومة الفلسطينيّة (حماس، الجهاد…) التي باتت في أمسّ الحاجة إلى نجدتها. واستفادت من خليط يجتمع فيه اليأس والبراءة والانتصار بالماضي وشعاراته لدى بيئات ثقافيّة في المشرق صدّقت الزعم الإيرانيّ ووجدت فيه ما يُنعشها ويبقي الماضي حيّاً.

ومثلما ولد دور الخمينيّة في المشرق من فشل الانقلابات وأنظمتها ودعاواها، ولد دور «داعش» وشقيقاتها من فشل الثورات ووعودها. صحيح أنّ آلة الرعب هذه غير صالحة لأن تُفسَّر بعامل واحد وحيد، غير أنّ أحد العوامل المؤكّدة إحباط العالم العربيّ، لا سيّما منطقة المشرق، بإمكان التغيير. هذا الإحباط، الذي حلّ معه التنازع الأهليّ والعنف محلّ التحوّل المدنيّ والسلميّ، كان الهديّة الثمينة لمساجين سابقين حوّلوا حرمانهم من الحرّيّة إلى عقاب بالغ التوحّش لكلّ كائن أو شيء يتحرّكان في هذا العالم. لقد استحال الصعود إلى فوق مع الثورات فبدأ الهبوط إلى تحت مع «داعش».

وإذا كان تمكين النفوذ الإيرانيّ في المحيط هو الهدف الأخير لطهران، فإنّ تمكيناً من نوع آخر استولى على وعي «داعش» وسلوكها: احتلال الأرض وإقامة سلطة الخلافة عليها. وبدل تغيير نظام من الأنظمة، وفّرت «داعش» للسلفيّين على مدى العالم فرصتهم لـ«الهجرة» إلى حيث النقاء الكامل المزعوم. إذن، ليس مُهمّاً تحسين شروط السكّان. المهمّ تحسين شروط الدين وفق تأويل «داعش» له.

هكذا كان أبو بكر البغدادي شرطاً لقاسم سليماني بقدر ما كان سليماني شرطاً للبغدادي. كلٌّ منهما اختار العدوّ الذي يناسبه: مقاتلة أحدهما للآخر تؤكّد له أحقيّة تمثيله المذهبيّ وأحقيّته في وراثة ذاك العدد الضخم من حطام المشاريع، بصالحها وطالحها، التي عرفها المشرق العربيّ.

لقد ولد الدَوران الكارثيّان من حطامنا ومن العدم الذي انتهينا إليه.

الشرق الأوسط

—————————

في إطار محاربة “داعش”.. حاملة الطائرات الفرنسية تعود إلى شرق المتوسط

قالت فرنسا، أمس الثلاثاء، إنّ حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول ستنفّذ خلال النصف الأول من هذا العام مهمّة في شرق البحر الأبيض المتوسط وفي المحيط الهندي.

وتأتي مهمة حاملة الطائرات الفرنسية، في إطار العمليات العسكرية التي يقودها التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش) في سوريا والعراق.

وقالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي أمام لجنة الدفاع النيابية إنّ “المهمّة التالية لحاملة الطائرات شارل ديغول ستكون تعزيز قواتنا المشاركة في عملية شامال.”

وعملية “شامال” هي الشقّ الفرنسي من العملية العسكرية الدولية التي تقودها الولايات المتّحدة ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

وأشارت إلى أنّ “حاملة الطائرات ستنتشر بالتالي في النصف الأول من عام 2021 في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي.”

وأضافت: “هذا الالتزام يؤكّد، إذا ما لزم الأمر، على إرادتنا في مكافحة الإرهاب بشكل دائم وغير مشروط.”

وتعتبر هذه المهمة الأولى التي تقوم بها حاملة الطائرات الفرنسية منذ مطلع عام 2020 حين أصيب ثلثا طاقمها تقريباً بفيروس كورونا.

وقالت بارلي: إن “قرابة 900 جندي يواصلون القتال ضدّ داعش في إطار عملية شامال” المنضوية في التحالف الدولي لمكافحة التنظيم.

وكانت بارلي أعربت عن قلقها من “عودة ظهور” التنظيم الجهادي في العراق وسوريا.

وقالت وزيرة الدفاع خلال مقابلة تلفزيونية الأحد إنّ “فرنسا تعتبر أنّ داعش لا يزال حاضراً. ويمكننا الحديث حتّى عن شكل من أشكال عودة ظهور داعش في سوريا والعراق”.

وتتزامن عودة حاملة الطائرات الفرنسية إلى مياه شرق المتوسط مع استمرار التوترات بين باريس وأنقرة بسبب خلافاتهما بشأن النزاعين العسكريين الدائرين في سوريا وليبيا.

كما يزداد الخلاف بين البلدين بسبب أعمال التنقيب عن الغاز التي تقوم بها تركيا في مياه تتنازع عليها السيادة مع كل من اليونان وقبرص.

ويضاف إلى ذلك الخلاف الأخير بين فرنسا وتركيا بشأن الحرب التي دارت بين أذربيجان وأرمينيا في ناغورني قره باغ.

وتأجّج التوتّر بين باريس وأنقرة في تشرين الأول/أكتوبر عندما شكّك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ب”الصحة العقلية” لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

واتهم أردوغان ماكرون، بشنّ “حملة حقد” على الإسلام لأنه دافع عن الحق في نشر الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد.

لكنّ أنقرة بدت في الآونة الأخيرة وكأنّها تريد نزع فتيل الأزمة.

والخميس، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنّ بلاده مستعدّة “لإعادة العلاقات إلى طبيعتها” مع فرنسا.

وأشار أوغلو إلى أنّه وضع ونظيره الفرنسي جان-إيف لودريان “خريطة طريق” لتحقيق ذلك.

——————————

البادية السورية:ضربات روسيا والنظام لم تكبح عمليات داعش

وجهّت طائرات حربية روسية ضربات جوية عنيفة استهدفت مناطق انتشار تنظيم “داعش” في البادية السورية ضمن مثلث حلب-حماة-الرقة.

ونفذت الطائرات الروسية المتواجدة في سماء الباديةـ أكثر من 40 غارة جوية ليل السبت وصباح الأحد، في حين تواصل قوات النظام وميليشيا الدفاع الوطني التابعة لها، وقوات الفيلق الخامس ولواء القدس الموالية لروسيا، عمليات تمشيط البادية بين دير الزور وحمص، وذلك لتأمين الطريق الواصل بين المحافظتين.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات مشتركة من “لواء القدس” و”الفيلق الخامس” الموالين لروسيا وميليشيا الدفاع الوطني، قامت بحملة أمنية جديدة ضمن البادية السورية، وذلك بهدف تأمين طريق دير الزور-حمص بعد تصاعد نشاط “داعش” هناك عبر كمائن كثيرة تسببت بمقتل وجرح العشرات. وقال إن عمليات التمشيط بدأت انطلاقاً من كباجب والشولا غربي دير الزور وصولاً إلى السخنة، وسط مشاركة جوية من قبل مروحيات روسية بعمليات التمشيط.

ونعى “لواء القدس” خمسة من عناصره إثر اشتباكات مع تنظيم “داعش” في البادية القريبة من مدينة السخنة بريف حمص الشرقي. وقالت إنهم قُتلوا في منطقة الطيبة بمحور السخنة.

ويصعّد تنظيم “داعش” في الآونة الأخيرة من وتيرة هجماته على قوات النظام انطلاقاً من نقاط تحصنه في البادية الممتدة من شرق محافظة حمص وصولاً إلى أقصى شرق محافظة دير الزور، معتمداً على مبدأ الضرب ثم الاختباء، إذ أسهمت البادية في انطلاقة جديدة لعملياته، حيث يخبئ معداته وأسلحته وآلياته ومفخخاته، كونها منطقة مفتوحة وذات مساحات واسعة وطبيعتها الجغرافية تساعده على الاختباء فيها ليقوم بكمائن خاطفة انطلاقاً منها.

ومن الصعوبة بمكان أن تشن قوات النظام والمليشيات التابعة لها عمليات عسكرية كبيرة في البادية السورية، الأمر الذي سوف يستنفذ قواتها، لتبقى تلك المنطقة مسرحا للكر والفر بين الجانبين.

المدن

——————————

هل عاد تنظيم داعش أم استُدعي؟/ عمر كوش

يشير تزايد وتواتر العمليات العسكرية لتنظيم “داعش” في مناطق البادية السورية، ضد قوات نظام الأسد وحلفائه وسواهم، إلى عودة نشاط التنظيم في هذه المنطقة الواسعة من شرقي سوريا، وذلك بالرغم من تلقيه ضربات عسكرية قوية من طرف قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أفضت إلى خسارته آخر معاقله في منطقة الباغوز في آذار/ مارس عام 2018، وإعلان أكثر من طرف دولي ومحلي عن القضاء على التنظيم والانتصار عليه.

ولعل عودة داعش مجدداً تظهر بوضوح أن الحل العسكري، مهما كان فتاكاً وقوياً، فإنه لا يجدي نفعاً وحده في حلّ مشكلات التنظيمات الإرهابية في سوريا، وأن الحلّ المطلوب يجب أن يكون شاملاً ومتعدد الجوانب، ويبدأ بالتخلص من نظام الأسد الإجرامي، لأنه أصل المشكلات جميعاً، والعامل الأساس في كل ما آلت إليه الأوضاع في سوريا.

وإن كانت حرب الأربع سنوات، التي خاضتها قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، قد أفضت إلى خسارة التنظيم معظم قادته وفقدانه المناطق الشاسعة التي كان يسيطر عليها، إلا أن جلّ مقاتليه لجؤوا إلى مناطق البادية في أرياف محافظات دير الزور والرقة وتدمر وحلب، وبعضهم انتقل إليها عبر اتفاقات ملتبسة مع قوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب آلاف آخرين نقلهم إليها نظام الأسد من مناطق في أرياف دمشق والسويداء ودرعا عبر تسويات مشبوهة معهم، الأمر الذي أفضى إلى تجميع أغلب عناصر التنظيم في البادية السورية، التي شكلت بيئة مناسبة لهم للاحتماء والاستقرار فيها، بالنظر إلى معرفة معظم مقاتليه تفاصيلها وتضاريسها وطرقاتها، حيث راحت عناصر تنظيم داعش تستخدم الوديان والكهوف الموجودة في الجبال للتخفي والاحتماء، وتستغل ظروف البادية للتحرك ونقل الإمدادات والذخائر وسواها.

ولا شك في أن الانتهاكات والإجحاف والظلم، الذي وقع على أهالي البادية من قبل قوات النظام والميليشيات الإيرانية وميلشيات قسد، جعل بعض أهالي المنطقة ينضمون إلى داعش طلباً للحماية والانتقام، الأمر الذي شكل عاملاً مساعداً للتنظيم، زاد من قدرته على التحرك للقيام بعمليات عسكرية وفق استراتيجيات وتكتيكات جديدة، تنهض على تشكيل مجموعات صغيرة من المقاتلين، يسهل عليها القيام بعمليات استنزاف سريعة ومباغتة، عبر هجمات ليلية على المواقع، ونصب كمائن للقوافل العابرة للبادية، ثم الهروب للعودة والاختباء.

واستغل داعش جملة من العوامل كي يعود بقوة، وخاصة صراعات النفوذ والسيطرة على الأرض السورية ما بين الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وتأثير جائحة كورونا على الدول المنخرطة في التحالف الدولي، والانكفاء العسكري لها بعد انسحاب التنظيم من المراكز الحضرية التي كان يسيطر عليها، وتغيير وجهة قوات سوريا الديمقراطية نحو حماية كيان انفصالي في مناطق شرقي نهر الفرات. إضافة إلى الغارات والهجمات الإسرائيلية على مواقع الميليشيات الإيرانية، التي أثرت على انتشارها في مناطق البادية السورية، ولجأت كي تؤمن الحماية لمقاتليها إلى الانتشار في المناطق السكنية في المدن، فضلاً عن أنها غير معنية أصلاً بالحرب على داعش.

غير أن أطرافاً عديدة تستفيد من عودة داعش، ولها مصلحة في ذلك، بالرغم من أنها تدعي معادته ومحاربته، مثل نظام الأسد والروس والإيرانيين، حيث إن من مصلحة النظام أن يعود داعش، بغية استغلاله كي يظهر للعالم أنه يحارب التنظيمات الإرهابية، خاصة وأنه يتحضر لإجراء مهزلة انتخاباته الرئاسية في منتصف العام الجاري. كما أن ميليشيات قسد مستفيدة أيضاً من عودة داعش، كونها تشكلت بالأساس من أجل أن تستخدمها الولايات المتحدة في حربها ضد داعش، لذا فإنها باتت مرتاحة لعودة داعش، بوصفها فرصة لاستدرار المزيد من الدعم الأميركي والدولي مع مجيء إدارة أميركية جديدة داعمة لها.

وتعد كل من إيران وروسيا من الأطراف المستفيدة من عودة داعش، كونها تشكل لنظام الملالي الإيراني ذريعة من أجل توسيع تموضعه الميليشياوي في الأراضي السورية، وخاصة على الحدود السورية العراقية، وفي مناطق البادية التي تنافسه روسيا في السيطرة عليها، حيث تسعى روسيا إلى السيطرة على المناطق التي توجد فيها حقول النفط والغاز والفوسفات، لذلك تخطط لإخراج الميليشيات الإيرانية منها، وبنفس الوقت تقوم مقاتلاتها بقصف مناطق وجود داعش القريبة منها.

وسبق أن جرى استدعاء داعش في العراق من طرف رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، الذي قدم لها معدات وأسلحة ثلاثة ألوية من الجيش العراقي بأكملها، وسهل لها السيطرة على مناطق واسعة في عدة محافظة عراقية وعلى مدينة الموصل التي أعلنت دولة الخلافة فيها. كما سبق وأن استقدم نظام الأسد داعش في أكثر من منطقة في جنوبي سوريا وشمالها، إضافة إلى أن عودة داعش مجدداً تشكل مناسبة للأطراف المستفيدة كي تقوي مواقعها، لذلك فإنه بقدر ما تشير العمليات العسكرية للتنظيم إلى عودته القوية في سياق التطورات الحاصلة على الأرض السورية، بقدر ما يظهر الأمر وكأنه استدعاء لها من طرف قوى مستفيدة من هذه العودة لغايات وأهداف خاصة بها في إطار صراعات النفوذ والسيطرة في سوريا.

وكشفت تطورات الصراع في سوريا وعليها أن ظهور داعش، وتحوّله إلى قوة فاعلة فيه، كان مرتبطاً على الدوام بتداخلات القوى الدولية والإقليمية والمحلية على الأرض السورية، إذ جرى توظيفه في إطار الصراع بينها بغية تحقيق أجنداتها ومصالحها، وخاصة من طرف نظام الأسد وحلفائه في النظامين الإيراني والروسي، ولا يستثنى من ذلك كل من الولايات المتحدة وتركيا، وبالتالي فإن عودة داعش أو استدعاؤه تأتي من جهة الحاجة إلى تجديد دوره في تطورات وتغيرات الصراع على سوريا خدمة لمشاريع القوى المتدخلة فيها.

تلفزيون سوريا

———————————–

الروس في ورطة: عاش داعش.. مات داعش/ العميد الركن أحمد رحال

طوال السنوات الست الماضية تسابقت موسكو وواشنطن بالإعلان، كل منهما على حدة بالانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والقضاء عليه، لكن بعد أسابيع قليلة كنا نسمع أو نشاهد عبر إصدارات إعلامية للتنظيم وعبر الوقائع عن عودته وقيامه بعمليات يمكن وصفها بالدقيقة والمؤثرة، لتنسف كل تلك الانتصارات الوهمية التي يدعيها البعض خدمة لأهداف سياسية وتلميعاً لصورة قادتهم ورؤسائهم.

لا أريد الخوض بكيفية سيطرة تنظيم داعش على قرابة نصف الأراضي السورية والعراقية (عام 2014 سيطر التنظيم على مساحة تصل لـ 110 آلاف كم2)، وكيفية وصول التنظيم لقمة التمدد، والدفع بأمرائه للتربع على عرش مساحة جغرافية مترامية الأطراف، وإعلان ولايات الدولة وأن الرقة هي عاصمة الخلافة البغدادية، تلك الأمور تم نقاشها والاستفاضة فيها وقد نعود إليها، لكن اليوم سنتحدث عن أسباب عودة تنظيم “داعش” للبادية السورية والحرب الروسية المعلنة للقضاء عليه.

مع نهاية شهر آذار/ مارس من عام 2019 أعلن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفه “قسد” (قوات سوريا الديمقراطية) عن الانتصار على تنظيم داعش والقضاء عليه وطرده من آخر الجيوب في قرى “الباغوز” شمال شرق الفرات وبمحاذاة الحدود العراقية، وحينها قيل إن معظم قيادات “داعش” قد قُتلت، وأن قلة قليلة منهم قد هربت جنوباً نحو البادية السورية أو شرقاً نحو “صحراء الأنبار” العراقية، وأن التنظيم لن تقوم له قائمة بعدها، وأن ما تبقى من التنظيم يبقى مهمة للقوات الروسية وحلفائها باعتبار أن مناطق البادية السورية تقع ضمن مناطق نفوذ وسيطرة “الروس” وحلفائهم.

لكن، خلال الأشهر الثلاثة الماضية يمكن القول إن تنظيم “داعش” قد آلم ميليشيات الأسد والروس عبر عمليات نوعية دقيقة، اعتمد فيها على التخطيط الدقيق والتنفيذ الصحيح العالي المستوى وحققت غزواته نتائج مؤلمة من حيث أعداد ونوعية الضربات والقوى المستهدفة.

مسرح الأعمال القتالية الذي يعمل عليه التنظيم في سوريا يمتد على مساحة تقارب 80 ألف كيلومتر مربع، ما يمنح التنظيم القدرة على المراقبة وجمع المعلومات واستغلال الظرف المناسب للانقضاض على ميليشيات النظام بشكل مفاجىء، وذلك أثناء انتقالها من وإلى محافظة دير الزور في أقصى شرق سوريا عبر صحراء الرقة، أو أثناء عمل دورياتها أو دوريات الروس، وكان ملاحظاً أن بعض الضربات كانت تحتاج لمعلومات استخباراتية “سطعية” دقيقة، وأن استطلاع “داعش” حصل عليها وخلال أزمنة قليلة نسبياً، تلك المزايا أعطت للتنظيم القدرة على تنفيذ هجمات ونصب كمائن في مناطق مختلفة من البادية، وتحديداً في منطقة الشعلة (غرب دير الزور)، صحراء البوكمال (شرق دير الزور)،  طريق دير الزور – الميادين، طريق محطة حميمة الثالثة باتجاه مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي، منطقة الرصافة في ريف الرقة، منطقة إثريا في ريف حماة الشرقي، وصحراء السويداء، وبالتالي أضاف ميزة أخرى لعملياته العسكرية وهي القدرة على المناورة بالنيران والمناورة بالقوات ليس عن طريق الحركة بل عن طريق الانتشار والتموضع المتفرق وبمجموعات صغيرة لكنها مؤثرة، واستطاع “داعش” بعملياته اللاحقة وبالتكتيكات المستخدمة والأساليب المتبعة من تحويل البادية السورية لثقب أسود يبتلع ميليشيات النظام والقوات الروسية.

عملية الهجوم على رتل لـ “لفرقة الرابعة” التي يقودها اللواء “ماهر الأسد” والتي تعد الآن من أقوى تشكيلات جيش الأسد، وتتميز تحركاتها بالحماية العالية والإجراءات الأمنية شديدة التعقيد، ومع ذلك عندما انطلقت حافلاتها ضمن رتل محمي وتسبقه عربات استطلاع من مواقعها في محافظة دير الزور (شمال شرق سوريا) باتجاه العاصمة دمشق بإجازة صغيرة قبل رأس السنة الميلادية، وبعد أقل من (85) دقيقة على انطلاقها، نال منها أفراد تنظيم “داعش” وأوقعوا فيها خسائر كبيرة وصلت من حيث القتلى فقط لأكثر من (40) عنصراً، عدا عن الجرحى وحرق وتدمير العربات القتالية والحافلات، وكان سبق ذلك هجمات متعددة حققت نتائج جيدة للتنظيم وكارثية لنظام الأسد وحلفائه، وخاصة الروس عندما استطاع التنظيم من اصطياد وقتل ضابط روسي كبيرة برتية “لواء” بإحدى عملياته نهاية شهر آب:/أغسطس 2020، وبعملية مناورة عالية الدقة ينتقل “داعش” ليحرق رتلاً من صهاريج النفط على طريق “إثرياً” ثم ينصب كميناً لحافلة تقل (15) ضابطا وجنديا ما زال مصيرهم مجهولاً حتى الآن.

كيف نجح التنظيم بالعودة؟

من المؤكد أن هيكلية القيادة ومنظومات الاتصال وبقية مؤسسات الدولة الإسلامية التي كان يرأسها أبو بكر البغدادي قد تعرضت للكثير من الخسائر المادية والمعنوية والبشرية بعد المعارك القاسية التي خاضها ضد التحالف الدولي وشريكه “قسد”، تلك المعارك التي ألحقت دماراً هائلاً بمكونات وعناصر الدولة الإسلامية، والتي توجت بقتل أمير التنظيم “أبو بكر البغدادي” بعملية استخباراتية عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية في شمال إدلب وعلى مقربة من الحدود التركية.

لكن الواضح أيضاً أن مقولة “الضربة التي لا تقصم ظهرك تقويك” كانت أحد المبادئ الذي اعتمدت عليه القيادة الجديدة لتنظيم “داعش” من حيث إعادة ترتيب ما تبقى من فلول التنظيم، وضمن الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة، مع تغيير في الاستراتيجية والخطط وبعض المبادئ.

تنظيم الدولة أدرك بأن سياسة الاحتفاظ بالمدن والتكفل بخدمات سكانها وضرورة رصد أعداد من المسؤولين والموظفين والعناصر لخدمتهم والحافظ على الأمن بمناطق وجودهم وغيرها من المسؤوليات التي تلزمه بها عملية الاحتفاظ بالمدن، كان خياراً خاطئاً  كلفه الكثير من الأعباء ويجب الابتعاد عنه حالياً وبما يتواءم مع وضعه المرتبك، وبالتالي التخلي عن تلك السياسة والابتعاد عن المدن والمناطق المأهولة.

أيضاً، تنظيم الدولة استوعب أن بنيته التنظيمية والقتالية وبنية منظومة الاتصال التي كانت تعتمد على القيادة المركزية لم تعد تصلح لتفاصيل المرحلة الحالية، وبالتالي أعاد صياغة استراتيجية منظومة قيادته العسكرية بنقل القيادة للأطراف ومنح حرية اتخاذ القرار للقيادات الفرعية مع الاحتفاظ بتوجه عام يرسمه أمير التنظيم ومجلس الشورى المحيط به، وبالتالي الانتقال من القيادة المركزية للقيادة اللامركزية وبما يتلاءم مع الظروف الميدانية المستجدة دون العودة للمستوى الأعلى.

بـتغيير استراتيجية العمل كان لابد أيضاً من تحضير مسرح الأعمال القتالية وتكتيكات خوض القتال، فالوجود في البادية السورية الخالية من أي وسائط يمكن أن تستخدم للتمويه والتخفي وفي ظل ظروف جوية قاسية “صيفاً وشتاء” كان لابد من تحضيرات وإجراءات فنية وبشرية شملت تطوير شبكات الأنفاق والكهوف القديمة، وإيجاد مقرات قيادة تحت أرضية، ومخازن ومستودعات قتالية وإدارية متعددة ومتفرقة، والتعاون مع عناصر تتبع لهم على دراية بمداخل وطرق البادية ومخارجها، كما يلعب عامل الطقس والرياح الرملية قدرة على التحرك والتخفي يمكن الاستفادة منها، وبما يشكل له الملاذ الآمن، والاعتماد على بناء منظومة سطعية وعناصر عملاء يتوزعون بمختلف المناطق لرصد تحركات خصومهم واستقاء المعلومات اللازمة لتكتيكاتهم الجديدة التي تعتمد مبدأ الكمائن والتلغيم مع استخدام عنصر المفاجأة، وتكتيك “أهجم، اضرب، أقتل، اغتنم، أهرب”، مع التركيز على القتال بتكتيك المجموعات الصغرى أو ما يسمى “الذئاب المنفردة”، ولنجاح هذا العمل كان يتوجب الحصول على المقاتل النوعي القادر على التنفيذ ولا نبالغ بالقول: إن عناصر “تنظيم داعش” هم الأقدر بين الموجود على الساحة السورية من حيث قدراتهم على التحمل ومن حيث معرفتهم بمسرح الأعمال القتالية، ومن حيث إصرارهم على تنفيذ المهام الموكلة نظراً للعقيدة القتالية التي زرعها قادة وأمراء وشرعيي التنظيم برؤوس مقاتليهم.

على الضفة الأخرى نجد أن الأمريكان وكأنهم يقولون نحن قمنا بما علينا وأن الكرة الآن بالملعب الروسي لإتمام المهمة كون وجود وتحركات التنظيم تقع في مناطق نفوذ الروس وحلفائهم.

أيضاً، الروس تلقوا ضربات موجعة على يد تنظيم “داعش”، و أدركوا أن خطر التنظيم يتمدد لأماكن باتت معها مواقعهم بخطر شديد، خصوصاً الموجودة في مدينة تدمر ومحيطها، لذلك أعلنت قيادة قاعدة “حميميم” عن إطلاق عملية عسكرية للقضاء على تنظيم “داعش” في البادية السورية أسمتها “الصحراء البيضاء” رداً على مقتل الجنرال روسي (اللواء فيتشسلاف غلادكيخ) بعد أن وقعت دوريّة للجيش الروسي في حقل ألغام زرعه مقاتلو التنظيم شرق مدينة “السخنة” في بادية “حمص”، ما أسفر عن مقتل الجنرال وإصابة آخرين.

هل نجح الروس بتحضيرات المعركة؟؟

لضمان نجاح أي معركة يجب أن تتوفر لها المقومات وأهمها الاختيار الصحيح لعناصر المعركة القادرة على تنفيذ المهام الموكلة بعد تدريبهم وتزويدهم بمعدات المعركة التي تتناسب مع حجم وطبيعة المهام.

وضباط التخطيط العملياتي في غرف العمليات العسكرية الروسية يدركون أيضاً أن أهم عناصر النجاح بالعمل العسكري بعد اختيار الأدوات والحليف القوى هو عملية قطع الموارد البشرية والمادية عن العدو، وهذا ما لا يتوفر بحيثيات المعركة القادمة لأن موسكو تدرك أنها فاقدة للحليف والشريك الصحيح القادر على تطبيق الخطط التي أفرزتها خرائط غرف العمليات في قاعدة “حميميم”.

التجربة ومعايشة الوقائع للجانب الروسي تقول إن حلفاءها من إيران ومن حزب الله وحتى نظام الأسد هم خير شريك وحليف لتنظيم داعش.

ألم يقم نظام الأسد وحلفاؤه من إيران وحزب الله بالحرب على فصائل الجيش الحر في “مخيم اليرموك” والتخلص منهم جميعاً عدا مقاتلي “داعش” حيث قاموا بنقلهم وتحت أنظار الجميع إلى وادي اليرموك بريف محافظة “درعا” معززين مكرمين بدل القضاء عليهم؟

ألم يطبق الجيش اللبناني الحصار على عناصر تنظيم “داعش” بالقلمون الغربي على الحدود اللبنانية بمعركة “فجر الجرود”، وبدلاً من قتلهم أو أسرهم كان لـ “حزب الله” رأيٌ آخر عندما قام بنقلهم بالحافلات المكيفة لمحافظة “دير الزور” ومنع عن الجيش اللبناني انتصاراً كان قادراً عليه؟؟

أحد ضباط جيش الأسد يقول في حديث خاص “تم نقله لنا”: إن المستغرب عندما تقوم وزارة الدفاع السورية بإعطاء أوامر بتشكيل محارس صغيرة على أوستراد “دمشق_بغداد” وبتعداد صغير من العناصر غير المدربة، ويُطلب منا تزويدها بمستودع ضخم من السلاح والذخائر لا يتناسب مع حجم الطاقم البشري ولا يتناسب مع خطورة المكان لقربه من أماكن نشطة لتنظيم داعش، ولنفاجأ بعد أيام قليلة بأن تنظيم “داعش” قد قام بقتل عناصر تلك المحارس واستولى على مستودعاتها من الأسلحة والذخائر، وكأنه يقوم بإمداد تنظيم داعش بالسلاح وتعويض النقص الذي يعانيه لاستمرار وجوده على الجغرافية السورية.

(لكن هذا لا يعني أن تنظيم “داعش” عجينة لينة وأداة طيعة بيد نظام الأسد وإيران، بل يمكن القول إنهم يتقاتلون أحياناً بمكان ويتوافقون أحياناً بمواقع أخرى ويتبادلون المنافع والخدمات وأن التحالفات التي تجمعهم هي تحالفات منفعية تزول بالوصول للأهداف المحددة لكلا الجانبين، والتجربة علمتنا أنهم يختلفون بأشياء كثيرة لكن الشيء الوحيد غير المختلف عليه هو كيفية وأد الثورة وقتل الجيش السوري الحر).

أيضاً، الروس يعلمون أن كافة ميليشيات إيران ومن يعمل معها من حزب الله وفاطميون وزينبيون وغيرهم لا يشاركون بأي عملية يكون طرفها الآخر تنظيم داعش ويضعون مبررات متعددة غير واقعية.

الروس اليوم بورطة حقيقية، تنظيم داعش يتمدد وباتت عملياته تشكل خطورة حقيقية على ما يسميه الروس “إنجازات” داخل الأرض السورية، وتزداد الورطة كون الشريك اللازم والكافي للقتال غير موجود في ظل غياب خبرات للجيش الروسي بالقتال الصحراوي والقتال بظروف جوية لا تتناسب مع إمكانيات وطبيعة الجيش الروسي غير الكافي أصلاً من حيث التعداد في الجغرافية السورية، وأن الاكتفاء بالزج ببقايا جيش الأسد لا يكفي، لأن كل العمليات التي قام بها هذا الجيش سابقاً كانت فاشلة عسكرياً بسبب استنزاف قوتها، وغياب القدرات البشرية أو الفنية أو المادية لخوض هذه المعركة، وغياب الدافع الأساسي الذي يحرض جيش الأسد على القتال وهو “التعفيش” (كون البادية السورية فارغة ولا توجد فيها مناطق مسكونة يمكن تعفيشها)، وفي ظل رفض عناصر المصالحات الالتحاق بجيش الأسد وانتهاء الرصيد البشري من الموالين للنظام في الساحل السوري أو رفضهم معظمهم الانضمام لجيشه، وزاد “الطين بلة” على الروس، قرار الانسحاب مجهول السبب لشركة مرتزقة مقاتلي “فاغنر” من دير الزور (وقد يكون انسحابها من كامل الجغرافية السورية) والذي وضع الروس بورطة جديدة.

الروس يدركون أيضاً أن سحب كامل وحدات “الفيلق الخامس” و “لواء القدس” (لواء القدس تستخدمه موسكو رأس حربة بالقتال ضد داعش في البادية السورية) التابعين لقاعدة حميميم من مواقعها في أطراف حلب وإدلب للقتال بالبادية السورية سيشكل فراغاً بالنفوذ ستستغله إيران بالسيطرة على ما تبقى من مدينة حلب ومحيطها.

جنرالات قاعدة حميميم وعلى رأسهم قائد قاعدة حميميم “الكساندر تشابكو” يرسلون البرقيات المستعجلة لمقرات عملياتهم في موسكو تختم جميعها بسؤال: ما العمل … نحن بورطة؟؟

———————————–

تفجيرات بغداد: هل استيقظ المسخ؟/ حازم الأمين

ما حصل في باب شرقي في بغداد هو عملية مركبة شاركت فيها خلية بأكملها تحضيراً وتخطيطاً وتنفيذاً، وتصبح هذه الحقيقة مخيفة حين نردها إلى حقيقة استيقاظ التنظيم في البادية السورية وتنفيذه عمليات مركبة أيضاً…

قبل نحو سنتين زرنا بغداد والتقينا مسؤولين فيها، وبينما كان الأمنيون ممن التقيناهم يؤكدون أن “داعش” ما زال يتحرك في مساحات غير حضرية واسعة في الصحراء الغربية، وأن مواجهات يومية تقع بين فلوله وبين القوى العسكرية العراقية، كان السياسيون يتصرفون وكأنهم انتقلوا إلى مرحلة ما بعد “داعش”، وكان الانتصار على التنظيم جزءاً من مشهد “انتصار” أوسع على القاعدة الاجتماعية والمذهبية التي بنى التنظيم نفوذه فيها.

ماذا تقول لنا تفجيرات بغداد اليوم؟ هل استيقظ التنظيم؟ فتفجيرات اليوم ليست عملاً يائساً نفذه انغماسي فردي. ما حصل في باب شرقي في بغداد هو عملية مركبة شاركت فيها خلية بأكملها تحضيراً وتخطيطاً وتنفيذاً، وتصبح هذه الحقيقة مخيفة حين نردها إلى حقيقة استيقاظ التنظيم في البادية السورية وتنفيذه عمليات مركبة أيضاً، سقط في إحداها في ريف مدينة دير الزور نحو 40 قتيلاً من جنود النظام السوري.

لم يولد “داعش” من الفراغ، بل ولد في لحظة سياسية شديدة الوضوح. كان جواباً على “انتصار الشيعة على السنة” على رغم أن ضحاياه من السنة فاقوا ضحاياه من أي جماعة أخرى. النصر على التنظيم كان عسكرياً ولم يترافق مع أي تسوية سياسية، لا بل نجم عن هذا النصر تكثيف لهزيمة السنّة في العراق وسوريا. يقول صديقنا حسن أبو هنية، وهو أكثر العارفين بخبايا التنظيم إن السؤال ليس هل سيستيقط “داعش”؟ إنما متى سيستيقظ؟ ذاك أن استيقاظه أمر لا بد منه، فهو نائم اليوم في البادية بانتظار لحظة سياسية توفر له معاودة تدفقه على المشهد. واليوم يوفر الواقع في العراق وفي سوريا فرصاً حقيقية لمعاودة التنظيم نشاطه وإن وفق شروط مختلفة.

إنها لحظة “زرقاوية” ومشهد “زرقاوي”، الانقضاض الوغدي على المدنيين في لحظة مذهبية شديدة الدلالة.

عملية اليوم في بغداد وقبلها في دير الزور وبينهما هجمات عدة في الصحراء وفي البادية، مؤشرات تدعو إلى قلق فعلي. فبغداد التي تتحرك فيها فرق الموت التابعة للفصائل الموالية لإيران، لن تكون عصية على فرق موت موازية. الفراغ الأمني الهائل الذي يوفره الفراغ السياسي والمزاج الانتصاري، فرصة حقيقية للتنظيم. هذا في بغداد، أما في البادية والصحراء فالفرص مضاعفة.

إنها لحظة “زرقاوية” ومشهد “زرقاوي”، الانقضاض الوغدي على المدنيين في لحظة مذهبية شديدة الدلالة. لا فرص تلوح لأي تسوية، فقد تم خنق انتفاضة الشباب بالعصا الإيرانية، ولا أحد يفكر بملايين المقيمين في المخيمات، وأهل مدن الغرب والشمال هم ذميو الدولة وسلطتها العميقة.

و”داعش” وفي أعقاب القتل السهل لـ”خليفته” أبو بكر البغدادي، عاد ونصب خليفة من الحلقة الأمنية للتنظيم وليس من الوجوه “الشرعية” على ما كانت حال السلف. إنه أبو إبراهيم الهاشمي، وهو عراقي تركماني من مدينة تلعفر التي يتحدر منها معظم أمنيو التنظيم. والخليفة الجديد كان قريباً جداً من المؤسس الفعلي للتنظيم أبو علي الأنباري الذي قتل في سوريا. والمؤشرات تقول إن الهاشمي قرر العودة إلى ما قبل مرحلة السيطرة المكانية، أي إلى حروب العصابات القائمة على العمل الأمني، وعلى بناء الخلايا النائمة، التي تستيقظ في لحظات يسبقها عمل وصبر وتخطيط.

عملية بغداد اليوم إذا ما ربطت بعمليات دير الزور والبادية السورية، قد تكون افتتاحاً لزمن مختلف في العراق والأرجح في سوريا.

المشهد بين العراق وسوريا يكفي لمستوى من الخوف والتشاؤم. للاستعصاء في سوريا أصداء في العراق والعكس صحيح، والحدود بين البلدين مخترقة بصدع مذهبي هائل، ومثلما تؤمن هذه الحدود فرصاً للغارات الإسرائيلية على مواقع القوى الموالية لإيران التي تعبر مواكبها هذه الحدود خلال جولات القتال المذهبي في البلدين، توفر أيضاً فرصاً للتنظيم المسخي ليُنشئ نفوذه في تلك البيئة العشائرية، التي أقصيت عن التسويات السياسية، وتحولت إلى جماعة مهزومة تقيم في مخيمات البؤس التي تزنر كل من العراق وسوريا.

درج

——————————–

عودة الروح لـ«داعش» في المشهد السوري!/ أكرم البني

تتباين الآراء حول أسباب تواتر العمليات العسكرية لتنظيم «داعش» في الآونة الأخيرة، حتى بدا وكأنه لا يكاد يمر يوم من دون أن نسمع بتفجير أو كمين أو اغتيال أو هجوم خاطف، يقوم به هذا التنظيم في مناطق متفرقة من البادية السورية، الممتدة بين أرياف محافظات الرقة وحماة وحمص ودير الزور، مستهدفاً أمنيين وعسكريين من جيش النظام أو الميليشيا الإيرانية أو القوات الكردية أو الخبراء الروس، كان أبرزها اغتيال الجنرال الروسي فيتشسلاف غلادكيخ في شهر أغسطس (آب) الفائت، وكان آخرها مهاجمة سيارات مبيت للجيش السوري على طريق تدمر– دير الزور، في آخر يوم من العام المنصرم، ذهب ضحيتها أكثر من أربعين عسكرياً وضابطاً، تلاها في مطلع العام الجديد مهاجمة حافلات نقل وصهاريج وقود، شمال محافظة حماة، أدت لمقتل خمسة عشر عسكرياً على الأقل من قوات النظام والمقاتلين التابعين لها.

والحال، على الرغم من الإعلان الأميركي عن تصفية تنظيم «داعش» في ربيع 2019، واستسلام المئات من مقاتليه إثر سقوط آخر معاقله في قرية الباغوز قرب دير الزور، ونجاح واشنطن في قتل زعيمه البغدادي، وعلى الرغم من الحملات الجوية والبرية التي نفذتها القوات الروسية وجيش النظام في البادية السورية لملاحقة فلوله، وكان آخرها عملية «الصحراء البيضاء»، وأيضاً على الرغم من تمكن قوات أمنية عراقية من قتل واعتقال عديد من قادته وكوادره، واضطرار «جبهة النصرة»، خلال الشهور المنصرمة، لملاحقة واعتقال أهم ناشطي «داعش» ممن لجأوا إلى مناطق سيطرتها؛ على الرغم من كل ذلك يبدو أن هذا التنظيم قد نجا من الموت والهلاك، وأعاد الروح لنشاطاته العسكرية، معتمداً أسلوب حرب العصابات، ومستقوياً بقدرة عناصره على الانتشار والتخفي ضمن الطبيعة الجغرافية للبادية السورية المترامية الأطراف، والمتصلة مع الحدود العراقية والأردنية والتركية.

هل يصح القول بأن خصوصية «داعش»، ببنيته الجهادية ولحمته الآيديولوجية، وما راكمه من كفاءات وإمكانيات عسكرية ومادية، تمنحه القدرة على التجدد وإعادة إنتاج ذاته بذاته متجاوزاً الضربات الأمنية أياً تكن شدتها، ما يفسر عودته اللافتة إلى المشهد السوري؟ أم ينبغي البحث، هذه المرة، عن الأسباب في عوامل خارجية، ربطاً بالخسائر الكبيرة التي تكبدها التنظيم على صعيد قادته وكوادره، ومصادرة جل ما يمتلكه من مال وأسلحة وعتاد، وربطاً بانحسار حاضنته الشعبية، وتنامي حالة الجفاء بينه وبين الجماعات الأهلية التي اعتاد الاستناد إليها، بما يعني ربط تسعير نشاطه الراهن بتنامي حاجة بعض الأطراف المتصارعة لتوظيفه كورقة سياسية وعسكرية في معارك الابتزاز والنفوذ؟!

من هذه القناة، يمكن النظر إلى حاجة حكام طهران والنظام السوري لإعادة الروح لدور «داعش»، إنْ لقطع الطريق على أي خطة للتسوية السياسية، وإنْ للتلويح ببعبع الإرهاب لمحاصرة ردود فعل الناس ضد معاناة معيشية لم تعد تطاق، وإنْ – وهو ما دأبتا عليه تاريخياً – لتأجيج المخاوف الغربية من الجهادية المتشددة، وتحصيل قبول دولي بهما، كأهون الشرور، ولا يغير هذه الحقيقة ازدياد أعداد قتلاهما على يد «داعش»، فذلك يجعل رهانهما مجدياً وقابلاً للتصديق؛ بل يؤكدها توقيت تصاعد عملياته العسكرية مع وصول رئيس جديد للبيت الأبيض، بغرض تغذية التحذيرات الأميركية والغربية المتكررة من خطر عودة «داعش»، ولعل أولى ثمارها إرسال حاملة الطائرات الفرنسية «شارل ديغول» إلى شرق المتوسط.

لنتذكر إطلاق سراح مئات المتطرفين من سجون العراق وسوريا الذين شكلوا النواة الأولى لتأسيس «داعش»، ثم ما أثير عن تواطؤ حكومتي البلدين لتسهيل سيطرته على مدينة الموصل وعلى كميات وفيرة من السلاح والذخائر، ثم تمكينه من الاستيلاء على مدينتي الرقة وتدمر وقطاع واسع من البادية السورية، وأيضاً لنتذكر اكتشاف كوادر لـ«داعش» مرتبطين بالأجهزة الأمنية السورية، ثم وجوه التعاون الاقتصادي بين الطرفين في مجال تسويق النفط وتبادل المنتجات الزراعية، والأسوأ التواطؤ العسكري بينهما في توقيت بعض المعارك والانسحابات لتسهيل سحق مناطق التمرد المستعصية؟ ثم أليست ذات دلالة عبارة زلق بها أحد قادة «الحرس الثوري»، تفوح بقلق من أن تفضي الجدية في القضاء على «داعش»، لحرمان بلاده من إحدى شبكات اللعب والتأثير في المنطقة؟!

ومن القناة نفسها يصح النظر إلى دور حكومة أنقرة في تنشيط «داعش»، ما دامت صاحبة مصلحة حقيقية في توظيفه لأهداف متنوعة: أولاً، لضرب القوات الكردية ومحاصرتها، وللنيل اغتيالاً من قادتها وكوادرها، وثانياً، لإشغال موسكو وتخفيف ضغطها على مدينة إدلب؛ حيث تهدد نشاطات «داعش» الأخيرة الاستقرار في حقول النفط والغاز والفوسفات التي تستثمرها الشركات الروسية، ما يستدعي إعادة توجيه الجهود صوب البادية السورية، بدليل عنف قصف الطيران الروسي لهذه المنطقة، وتواتر حملات الاجتياح والتطهير التي تقوم بها الكتائب الموالية، وثالثاً، لركوب موجة الفوبيا العالمية من الإرهاب الداعشي، كي تفرض نفسها كخيار للاعتدال، كما يحاول الإسلام السياسي عادة، عساها تحسن من فرص تقبلها في أوساط الرأي العام العربي والغربي.

لنتذكر كيف فتحت حكومة إردوغان الحدود على مصراعيها لتسريب الآلاف من الكوادر «الجهادية» من الشرق والغرب، كي ترفد تنظيم «داعش» وتمده بالخبرات والأموال، وأيضاً ما أثير عن اكتشاف مخازن أسلحة نوعية لـ«داعش» فوق الأراضي التركية، وعن عمليات عسكرية أُعلنت باسم «داعش»، وتبين أن من قام بها هم عناصر من جماعات إسلاموية متشددة لها صلات ملتبسة مع أجهزة الأمن التركية.

واستدراكاً، ما كانت الأسباب السابقة عن عودة الروح لـ«داعش»، والتي يحلو للبعض إدراجها في إطار نظرية المؤامرة، أن تأخذ طريقها إلى الضوء والجدل، لولا حالة الإبهام والتعمية التي تلف هذا التنظيم بنشأته وكوادره وقادته، وغموض بنيته الداخلية وآليات تشكيل هيئاته، ما يوفر الفرص لاختراق صفوفه وزرع كفاءات استخباراتية يمكنها تجيير بعض نشاطاته لمصلحة الجهة الموالية لها، والأهم لولا انحطاط الصراع السياسي في المنطقة نحو عنف طائفي بغيض، يحدوه اكتفاء مقصود من قبل جميع الأطراف التي تدعي مناهضة «داعش»، بالحلول الأمنية والعسكرية وتجاهل العوامل السياسية والمعرفية والاقتصادية، كالاستبداد والتمييز والجهل والفقر والفساد، والتي من دون معالجتها لا يمكن هزيمة هذه الآفة جذرياً وتجفيف منابعها.

الشرق الأوسط

———————————-

تنظيم “الدولة الإسلامية” 2021.. العائد الذي لم يغب/ علي درويش-نور الدين رمضان

احتفلت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة من التحالف الدولي لقتال تنظيم “الدولة الإسلامية”، في آذار 2019، بالقضاء على آخر مناطق سيطرة التنظيم في الأراضي السورية.

وسبق ذلك إعلان رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، في كانون الأول 2017، السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع سوريا، مؤكدًا نهاية الحرب ضد التنظيم في العراق.

لكن التنظيم لم ينتهِ بشكل فعلي، إذ استمرت هجماته في العراق وسوريا، وطالت مختلف القوى العسكرية في البلدين.

وفي سوريا، استمرت “قسد” وقوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والقوات العسكرية المدعومة من روسيا، كـ”فيلق القدس الفلسطيني” و”الفيلق الخامس”، بإعلان العمليات العسكرية ضد التنظيم الذي انحصر نفوذه في البادية السورية، وعلى شكل خلايا في مناطق أخرى.

وبعد مقتل زعيمه، “أبو بكر البغدادي”، بعملية أمريكية في تشرين الأول 2019، زاد التنظيم من وتيرة عملياته، وخاصة منذ مطلع العام الحالي، إذ استهدف أرتالًا عسكرية للنظام وصهاريج إمداده النفطية من مناطق “قسد”، وأوقع خسائر بشرية ومادية، ما أدى إلى إرسال تعزيزات إلى مناطق البادية لاستكمال العمليات العسكرية ضده، التي بدت دون طائل حتى الآن.

قابلت عنب بلدي في هذا الملف خبراء وباحثين في شؤون الجماعات الجهادية، تحدثوا عن مرحلة “سبات استراتيجي” لنشاط التنظيم، عاد بعدها اليوم للظهور بتغيير استراتيجيته والاعتماد على منطقة البادية السورية وخلايا أمنية تمنع الاستقرار، وتشعِر الأطراف أنه ما زال حيًا، ويضرب خصومه ويرهب الأطراف من أجل بقائه في البادية، وتصاعدت هذه العمليات بشكل خاص بعد مقتل “أبو بكر البغدادي”.

وتبحث عنب بلدي العوامل السياسية والاجتماعية التي ساعدت في عودة نشاط التنظيم، وطبيعة البادية التي تحكم بها التنظيم عبر عملياته العسكرية، وحوّلها إلى “ثقب أسود” لأعدائه، وإلى أين ستتجه الأمور في 2021، ودور القوى العسكرية في ذلك.

التهميش والفساد..

عوامل ساعدت في العودة تحت أعين “قسد”

سمحت الظروف الخارجية المحيطة بالتنظيم بظهوره بقوة، والتطور وتوسيع نشاط عملياته سواء بمناطق “قسد” أو النظام، إذ خلق عدم قدرة روسيا على ضبط البادية السورية، وغياب التنسيق الإيراني- الروسي، مجالًا ضخمًا لعمل التنظيم في مناطق البادية وريف دير الزور، حسب حديث مدير وحدة المعلومات في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، الباحث نوار شعبان، إلى عنب بلدي.

واستغل التنظيم في مناطق سيطرة “قسد” الواقع الأمني الهش، وعزز حضوره من خلال بوابات المشاكل بين إدارة “قسد” والمكوّن العربي وغيرهما، بحسب الباحث، الذي يستدل بذلك على ازدياد عمليات التنظيم تزامنًا مع العمليات الأمنية التي تطلقها “قسد”.

وأطلقت “قسد” خلال 2020 عملية “ردع الإرهاب” (المرحلة الأولى والثانية) لملاحقة خلايا التنظيم في مناطق سيطرتها، وأتبعتها بعمليات تمشيط للمناطق الحدودية مع العراق، وأعلنت عن اعتقال العديد من الأشخاص بتهمة الانتماء للتنظيم.

لكن الاعتقالات قوبلت بانتقادات حقوقية، إذ كانت تشمل مواطنين لا علاقة لهم بالتنظيم، سرعان ما تفرج عنهم “قسد” بعدها بوساطات مدنية وعشائرية.

واتهم ناشطون “قسد” بشن هذه العمليات بعد كل توتر بينها وبين الأهالي، الذين يخرجون بمظاهرات للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي ومحاربة الفساء، ورفضًا للتجنيد الإجباري، خاصة تجنيد المعلمين والعاملين في الحقل الطبي، وعمال البلديات.

كما حاصرت “قسد”، في تموز وآب 2020، مناطق ذبيان والشحيل والحوايج وعددًا من القرى شرقي دير الزور أو ما يعرف بـ”خط الجزيرة” ومنطقة العكيدات، ومنعت التجول كاملًا والخروج من المنازل، ونشرت مزيدًا من الحواجز في المنطقة عقب المظاهرات، قائلة حينها، إنها أطلقت حملة تمشيط بين الشحيل والحوايج اللتين تعتبران “معقلًا” لخلايا تنظيم “الدولة”، حسب وصفها.

وانتقدت عدة تقارير حقوقية “قسد”، منها تقرير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في أيلول 2019، الذي اتهمها باعتقال وإخفاء قرابة ثلاثة آلاف شخص، مع استمرار التضييق على منظمات المجتمع المدني العاملة في المناطق التي تسيطر عليها، في محاولة لـ”تشريع جميع عمليات القمع والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والخطف بهدف التجنيد الإجباري، وغير ذلك من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها، تحت ذريعة محاربة الإرهاب والإرهابيين”.

وشبهت “الشبكة السورية” تكتيك “قسد” إلى حد بعيد بـ”ما قام به النظام السوري، الذي اعتبر كل من يعارض سياسته ويطالب بتغيير حكم العائلة الحاكمة والحكومة التي عيّنها بأنه إرهابي يجب اعتقاله وإخفاء صوته، وجعله عبرة لبقية أفراد المجتمع”.

وتدير “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، التي تُتهم “قسد” بالسيطرة على كامل قراراتها، شرق الفرات في سوريا خدميًا واجتماعيًا وعسكريًا وأمنيًا.

الأستاذ الجامعي والباحث في الشؤون الجهادية عبد الرحمن الحاج، يرى أن إدارة “قسد” للمنطقة خلقت بيئة سياسية لعودة التنظيم، بسبب تهميش الأطراف المحلية والعرب بشكل خاص، وتعزيز أيديولوجيتها التي استخدمتها وفرضتها على الجميع، سواء كان عبر “الإدارة المحلية” أو مناهج التعليم، ما أدى إلى مجموعة من الاستفزازات، إضافة إلى موضوع النفط.

و”هناك إحساس واسع بالغبن بعد هزيمة التنظيم، خاصة لدى أبناء المنطقة الذين لعبوا دورًا أساسيًا في العملية، وكانوا في الخط الأول”، بحسب عبد الرحمن الحاج، إضافة إلى أن الأمل بالتغييرات الكبيرة “ربما غير متاح”، وبالتالي حالة النقمة الشعبية ضد الممارسات السياسية لـ”قسد” في ازدياد، وهي بيئة “مواتية جدًا”.

ويسود شعور لدى الأهالي أن مصادر النفط والطاقة ليست تحت سيطرتهم، وهناك قسم كبير منها يذهب إلى أطراف أخرى، ولا تصرف على السكان المحليين في الحد الأدنى، والاستفادة منها شبه معدومة، والمناطق شبه مهملة، ولا يتوفر الحد الأدنى من المعيشة في المنطقة، ولا يوجد تمكين للحكم المحلي، وهذا يضاعف نقمة السكان.

ووثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” استيلاء “لواء الشمال الديمقراطي” المنضوي ضمن “قسد” على أكثر من 80 منزلًا في مدينة الرقة (التي كان تنظيم “الدولة” يتخذها عاصمة لما يسمى الخلافة)، منذ شباط حتى 9 من كانون الأول 2020.

بينما بلغ عدد المنازل المستولى عليها في عموم مدينة الرقة، والتي رفع أصحابها شكاوى ضد جهات عسكرية تابعة لـ”قسد”، منذ أواخر 2019 حتى حزيران 2020، 1200 منزل، بحسب ما أفاد عنب بلدي مصدر خاص من “بلدية الشعب” التي تدير الرقة.

وكان قائد “قسد”، مظلوم عبدي، وقّع اتفاقية مع شركة نفط أمريكية من أجل تحديث آبار النفط التي تسيطر عليها، في تموز 2020.

وتسيطر القوات الأمريكية الداعمة لـ”قسد” على أهم حقول النفط والغاز في شرقي سوريا، وأبرزها حقل “العمر” النفطي، الذي يعد أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجًا، إضافة إلى حقل “التنك”، وهو من أكبر الحقول في سوريا بعد حقل “العمر”، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، وحقل “كونيكو” للغاز، وهو أكبر معمل لمعالجة الغاز في سوريا، كما يُستفاد منه في إنتاج الطاقة الكهربائية، ويقع في ريف دير الزور الشمالي.

البادية السورية.. ثقب أسود

لم يغادر تنظيم “الدولة” مناطق سيطرة النظام أبدًا، واعتمد على مبدأ الضرب ثم الاختباء، إذ أسهمت البادية في انطلاقة جديدة لعملياته، حيث يخبئ معداته وأسلحته وآلياته ومفخخاته، ليصل مجددًا إلى دير الزور وريفها الشرقي الواقع تحت سيطرة النظام.

وتمتد البادية السورية من ريفي حماة وحمص الشرقيين إلى الحدود العراقية، ومن ريفي دير الزور والرقة شمالي سوريا إلى الحدود الأردنية- السورية، وتبلغ مساحتها أكثر من 75 ألف كيلومتر مربع من مساحة سوريا البالغة نحو 185 ألف كيلومتر مربع.

ويمكن اعتبارها منطقة هشة أمنيًا نظرًا إلى اتساعها وطبيعتها الجغرافية، ومنحت التنظيم التحرك فيها بحرية، وتنفيذ عمليات وكمائن فيها وفق تكتيكاته الخاصة.

الكلمة لمن يسيطر بريًا

المحلل العسكري اللواء محمود علي قال لعنب بلدي، إن للبادية من الناحية العسكرية سلبيات، فالمعارك فيها لها خصوصيتها، ويمكن لكل الأطراف المتحاربة الاستفادة منها، وهي معقدة، لكن أكثر الأطراف المستفيدة هي التي تسيطر على الأرض بريًا.

وأوضح أنه في الوضع القائم الآن، المستفيد من القتال في البادية هو تنظيم “الدولة”، لأن مقاتليه يعرفون طبيعتها الجغرافية تمامًا وقادرون على التعامل مع الظروف الجوية فيها، ويعرفون الوديان والمغارات، مشيرًا إلى أن أي قوة ترغب بالقتال في البادية عليها أن تخضع لتدريبات خاصة.

ونظرًا إلى معرفتهم بها وتأقلمهم فيها، يعرف عناصر التنظيم كيف يستفيدون من كل تحرك وتضريس، فالطيران يمكن أن يحيد عن بعض البوادي، لكن الآليات المستخدمة فيها تتأثر إذا كانت رملية أو وعرة، مع اعتبار أن “القوة للفرد” في البادية.

لماذا لا تُشن عمليات عسكرية في البادية؟

المحلل العسكري العقيد فايز الأسمر قال لعنب بلدي، إن التنظيم بعد خسارته مناطق شرق الفرات وخروجه منها، انتقل إلى العمل السري أو الخلايا العنقودية النائمة، وتكيّف بمجموعات صغيرة مع أعمال الاستنزاف والكر والفر، وحرب العصابات والكمائن والإغارات الخاطفة، وأعمال التلغيم والاغتيالات ضد خصومه في البادية أو في الجزيرة السورية، التي أصبحت عمليات شبه يومية تؤرق أعداءه وتكلفهم خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، كما في “كمين البادية” على طريق تدمر- دير الزور.

تكتيكيًا، يرى العقيد فايز الأسمر أن قوات النظام السوري وروسيا في البادية، و”قسد” في الجزيرة، مدعومة بالتحالف من جهة أخرى، تخوض أحد أصعب أنواع الحروب، لأن التنظيم غير مرئي ولا يملك منطقة جغرافية محددة، فهو مستعد لهذا النوع من الحروب في البادية السورية، التي يعرف مداخلها ومخارجها وتضاريسها وما تقدمه له وأفضل الطرق للتقرب من أهدافه، علمًا أن البادية متسعة، ويستخدم التنظيم المغارات والكهوف والملاجئ، ويعرف كيف يخفي ويموّه فيها آلياته وتحركاته وكيف ينقل عناصره.

وبحسب الأسمر، فلا تنهي الضربات الجوية التنظيم بهذه السهولة، مشيرًا إلى أن عملًا عسكريًا ضد التنظيم في البادية يحتاج إلى تمشيط دقيق وقوات بأعداد كبيرة مدربة، وهو ما لا تملكه قوات النظام المنهكة عسكريًا.

وفشلت جميع الحملات الإيرانية والروسية بالقضاء على وجود التنظيم، وتعرضت الأرتال العابرة من البادية، وخاصة التابعة للميليشيات الإيرانية، لهجمات، أدت إلى خسائر في الأرواح والمعدات.

بينما قللت سياسة التحالف من خسائره وخسائر حليفته “قسد”، باستثناء الخسائر التي تتعرض لها القوات المحلية في عمليات أمنية تستهدف خلايا التنظيم.

إذ تعمل الولايات المتحدة على مسألة الاستطلاع والتجسس والتنصت على بعض قادة التنظيم ومجموعاته، وتشن غارات مفاجئة، لذلك تحقق بعض النجاحات بخلاف الروس، الذين يعتمدون على القوة المفرطة وليس على تكتيك الحرب النظيفة.

وبحسب ورقة بحثية لمركز “جسور للدراسات”، فإن التعزيزات التي أرسلها الروس والنظام في تشرين الثاني 2020، تبعها إطلاق روسيا المرحلة الثالثة من معركة “الصحراء البيضاء” التي بدأتها أواخر آب من العام ذاته، لملاحقة خلايا التنظيم الموجودة في منطقة البادية.

وبدأت روسيا عملية “الصحراء البيضاء” عقب مقتل الجنرال فياتشيسلاف جلاديخ، بانفجار عبوة ناسفة، في 18 من آب 2020، وشملت قسمًا من بادية ريف دير الزور الواقع غرب نهر “الفرات”، بينما شملت المرحلتان الأولى والثانية بادية السخنة شرقي حمص.

وشارك في الحملة العسكرية “الفيلق الخامس” و”لواء القدس الفلسطيني” بقيادة مباشرة من ضباط الجيش الروسي، ومجموعتان من تشكيلات القوات الروسية، واحدة تتبع للقوات الخاصة الروسية بقوام 75 مقاتلًا، وأخرى تتبع لمرتزقة “فاغنر” بقوام 120 مقاتلًا، حسب ورقة بحثية لمركز “جسور للدراسات”.

وشكّك الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، نوار شعبان، بقدرة هذه القوات على التصدي لهجمات التنظيم أو نجاحها في القضاء على خلاياه، متسائلًا عن مدى جاهزية هذه القوات للقتال ومدى تدريبها وتسليحها، وهل هي قوات مشاة أم خاصة.

وأصبح من الواضح، حسب شعبان، أن هناك نقصًا في التدريب والحنكة العسكرية للقوات المدربة من قبل روسيا، لذلك كثفت مؤخرًا من التدريب الذي تقوم به الشركات الخاصة الروسية كـ”فيغا” و”باتريوت” و”موران”، ولكن “من الصعب تأكيد التدريب، أو الحصول على توثيق أن التدريب يحصل فعلًا من قبل هذه الشركات الروسية، ونكتفي بالأخبار التي تنشرها هذه الشركات”.

وأدى عدم التنسيق بين الروس والإيرانيين، وغياب آلية التعاون العسكري والاستراتيجي بين الجهتين في العمليات العسكرية ضد التنظيم إلى فشلها، حسب نوار شعبان.

كما تنطلق قوات النظام أو الميليشيات الموالية لروسيا وإيران من مناطق مختلفة في سوريا خلال العمليات العسكرية ضد التنظيم في البادية، ومع دخولها المنطقة تصبح مكشوفة، خاصة في حال وجود فرق استطلاع للتنظيم، فالأرتال الداخلة ليست عبارة عن مجموعات تعتمد على سيارات رباعية الدفع عددها لا يتجاوز خمس سيارات، كما يفعل التنظيم في تحركاته، بحسب رصد عنب بلدي لعدة إصدارات وصور للتنظيم.

أهمية اقتصادية للبادية؟

وللبادية أهمية استراتيجية لجميع الأطراف في سوريا، فبالنسبة إلى النظام السوري تعتبر أهم طريق إمداد له بالموارد الحيوية من المنطقة الشرقية ولا سيما النفط، ويعني بسط سيطرته عليها تأمين وصول تلك الموارد، ولها أهمية أيضًا عند روسيا التي ترغب ببسط النظام سيطرته على كامل الأراضي السورية.

ومثّل الاستهداف المتكرر لقوات النظام وصهاريج شركة “القاطرجي” على طريق حماة- الرقة، وريف حماة وحمص الشرقيين، تهديدًا لمصالح النظام و”قسد” الاقتصادية.

وقال الباحث الاقتصادي أحمد قاروط، لعنب بلدي، إن من الواضح أن هدف التنظيم من استهداف عملياته وقف إمدادات النظام والتضييق عليه بشكل أكبر.

قطع الطريق يؤثر على إمدادات النظام الاقتصادية، “لكن الأمر ليس استراتيجيًا بشكل مباشر في هذه المرحلة، لأنه لم تحصل تطورات كبيرة على الأرض”، ومع ذلك يجب على النظام الدفاع عن الطريق بشكل أكبر لأنه لا بديل له عنه، حسب أحمد قاروط.

إعادة بناء الشبكات بطريقة متسارعة

استطاع التنظيم، مستفيدًا من الأوضاع على الأرض، إعادة بناء شبكة تجنيده مرة أخرى وترميمها، سواء من الأشخاص الذين كانوا سابقًا منضمين له، أو أقربائهم، أو من الأشخاص الذين كانوا أطفالًا وأصبحوا شبابًا وعاشوا في هذه المنطقة في ظل الجو المناسب للتنظيم، حسب الأستاذ الجامعي والباحث في شؤون الجماعات الجهادية عبد الرحمن الحاج.

وساعده أمن المنطقة الضعيف في التحرك وبناء هذه الشبكة مجددًا بسرعة، وهي سرعة كبيرة بالنسبة لوضع التنظيم وانهياره، حسب الحاج، كما أن عملياته الأمنية المتوالية جذب من خلالها أنظار الشبكة الدولية للتجنيد، الأمر الذي فتح له طريق إعادة ترميم شبكة لأنصاره، وربما يستجلب دعمًا ماليًا عبر شبكته الخاصة.

وأوضح عبد الرحمن الحاج أن التنظيم الذي احتفظ بقسم جيد من مصادره المالية، خاصة التي كان يجنيها من النفط، أعاد الاستثمار فيها حاليًا، وبدأ يعيد بناء الشبكة، وفي الوقت نفسه بدأ يستثمر في الشبكة من الناحية المالية.

“عودة التنظيم ليست سهلة على الإطلاق، وإمكانية ضربه ليست بنفس اليسر التي كانت سابقًا”، حسب الحاج، إذ كان انتقال التنظيم من تكتيك الكمائن إلى تكتيك الهجوم، باعتبار أن شبكته كبرت، وازداد عدد أعضائه، ما يعني أن الأسلحة أصبحت متوفرة لديه أكثر، إضافة إلى خبرته بشبكات تهريب السلاح وكيفية شرائه، و”العمليات الأخيرة مؤشر على نمو قدراته”.

قافلة لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية أثناء استعراض في شوارع الرقة بسوريا منتصف 2014 (رويترز)

بعد فشل الجميع.. ما شكل المواجهة في 2021

أوضح الأستاذ عبد الرحمن الحاج أن الشيء الأساسي في مواجهة التنظيم يتعلق بتغيير البيئة (السياسية والاجتماعية) التي هيأت عودته، وهذا يتطلب من الإدارة الأمريكية والمعنيين بمنطقة شرق الفرات، وخاصة المناطق ذات الأغلبية العربية، عملًا كبيرًا من أجل تأمين الاستقرار من جهة، وتقديم حلول على مستوى التعاطي مع “قسد”، وإدارة المنطقة من قبل السكان المحليين إدارة حقيقية.

وحتى يتمكن السوريون بمساعدة التحالف والفاعلين المحليين من أن يواجهوا هذا التنظيم، يحتاج الأمر إلى تغيير وضع القيادة وعلاقة “قسد” في المواجهة، وتطويرها باتجاه إقامة تنظيمات محلية تقوم بهذا الدور، بحسب الحاج، فإذا لم يكن هناك تحول في إدارة المنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية والشرقية الوسطى ذات الأغلبية العربية (في مناطق سيطرة قسد)، ولم يُمنَح السكان القدرة على التحكم لتحقيق مصالحهم، سيكون من شبه المستحيل مواجهة هذا التنظيم، الذي يمكن أن يعيش لعقود بهذه الطريقة دون أن تكون هناك إمكانية لمواجهته وحسمه إذا لم تكن هناك حلول سياسية.

بمعنى ألا ينتقل السكان من حكم أقلية إلى حكم أقلية أخرى، لأن هذا سيعزز الأزمة الأساسية التي نشأ على أساسها التنظيم، والآن يتوقف الأمر على تغيير جذري أو حقيقي في الممارسة، ويتوقف على ضغط الإدارة الأمريكية، باتجاه تعميق التحولات في “قسد”.

لكن الإدارة الأمريكية الجديدة مثيرة للقلق بخصوص هذا الملف، فبينما لديها تخوف من عودة التنظيم، تريد تكريس دور أكبر لحزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي” (PYD)، وتعزيز سيطرته على “الإدارة الذاتية” باتجاه حكم ذاتي، بحسب عبد الرحمن الحاج.

ورجح الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” نوار شعبان، أن 2021 سيشهد عمليات عسكرية في البادية ضد التنظيم مع اختلاف الجهات العسكرية، وحتى الأساليب والجاهزية العسكرية بالمعارك، و”قسد” هي القوة المهاجمة الأفضل بين القوى بسبب الدعم الأمريكي.

ولم يرجح شعبان سيطرة التنظيم على مناطق جديدة، “لأن الأسلوب الذي يتبعه أفضل له، فهو ينفذ عملياته العسكرية دون أن يعرف أحد مكان وجوده، ويسيطر على أسلحة من الأطراف الأخرى، ويعيد خلق ونشر الرعب”.

وهو ما يتفق معه عبد الرحمن الحاج، ففي ظل هذه الظروف، سيستمر التنظيم في التقدم، وسيسيطر على مناطق أخرى، لكن ليست كالسيطرة على منطقة جغرافية محددة وإقامة نظام إداري فيها (سيطرة حكمية)، بل سيسيطر على مناطق لا يمكن السيطرة عليها من قبل النظام و”قسد” وحتى التحالف الدولي، لتصبح تحت نفوذ التنظيم حكمًا، وهذا سيعزز فرصه في المستقبل لأن يزيد من عملياته وتأثيره، وربما يقترب من منطقة تدمر والمناطق القريبة منها.

عنب بلدي

—————————–

طريق دير الزور- تدمر: كابوس لقوات النظام السوري/ أمين العاصي

لم تنقطع هجمات تنظيم “داعش” على قوات النظام السوري العابرة على الطريق الدولي الذي يصل محافظة دير الزور في أقصى الشرق السوري بمدينة تدمر في قلب البادية السورية، على الرغم من الحملات العسكرية التي قامت بها هذه القوات أخيراً لتأمين الطريق، وانتشار مليشيات إيرانية على بعض محاوره، في دلالة على أهمية هذا الطريق للجانب الإيراني.

وفي أحدث الهجمات، أعلن النظام السوري، مساء الأحد، مقتل ثلاثة عناصر تابعين له وإصابة 10 آخرين، بهجوم لمسلحين من تنظيم “داعش” على طريق دير الزور – تدمر، في منطقة المالحة – الشولا. وقال الناشط جاسم عليان لـ”العربي الجديد” إن الحافلة تتبع الحرس الجمهوري، وكان النظام ينقل هؤلاء بحافلة مدنية للتمويه، مشيراً إلى أن الجرحى نُقلوا إلى مستشفى دير الزور العسكري. من جهته، أعلن تنظيم “داعش”، عبر وكالته الرسمية “أعماق”، مسؤوليته عن الهجوم، مشيراً إلى أنه أسفر عن مقتل وجرح 20 عنصراً.

وكانت مليشيات تتبع للحرس الثوري الإيراني، قد وضعت يدها على هذا الطريق الدولي، عقب هجمات متكررة من قبل تنظيم “داعش” فشلت قوات النظام في التصدي لها، ما يدل على أهمية هذا الطريق للجانب الإيراني. وأكدت مصادر متقاطعة، الأسبوع الماضي، لـ”العربي الجديد”، أنّ مليشيات عدة تابعة لطهران، أبرزها “لواء فاطميون” الذي يضم مرتزقة أفغانيين، و”كتائب حزب الله” العراقية، نشرت حواجز ثابتة لها على الطريق الذي يصل محافظة دير الزور بمدينة تدمر عقب سحب قوات “الدفاع الوطني” والفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام، عناصرها من سبعة حواجز على الطريق، نحو بلدة السخنة شمال شرقي مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي في البادية السورية. ويبدأ هذا الطريق الذي يبلغ طوله نحو 500 كيلومتر من العاصمة السورية دمشق، ويعبر بلدتي الضمير والناصرية في ريف دمشق الشرقي، وصولاً إلى مدينة تدمر ومنها إلى الأرك، فبلدة السخنة، ومن ثمّ إلى مدينة دير الزور، ومنها إلى مدينتي الميادين والبوكمال الواقعتين تحت سيطرة مباشرة من المليشيات الإيرانية منذ أواخر عام 2017. ويعد هذا الطريق الأهم في البادية السورية، إذ يعتمد عليه النظام والإيرانيون في نقل الإمدادات من وإلى العاصمة دمشق من شرقي سورية، فضلاً عن القوافل التجارية التي تتحرك عبره وسيارات النقل العامة. وكان تنظيم “داعش” قطعه أكثر من مرة خلال العام الفائت، خصوصاً عند بلدة السخنة التي لطالما كانت ميدان معارك كر وفر بين خلايا التنظيم وقوات النظام.

ويعتبر هذا الطريق هاماً في سياق استراتيجية إيران التي تهدف إلى ربط أراضيها برياً بسورية ولبنان مروراً بالعراق. ويأتي تحرك المليشيات الإيرانية بعد أيام من تلقيها ضربة جوية غير مسبوقة من طيران يُعتقد أنه إسرائيلي، استهدف أكثر من 30 موقعاً لمليشيات “لواء زينبيون” الباكستاني، و”لواء فاطميون” الأفغاني، و”الفوج 47″، و”كتائب حزب الله” العراقية في دير الزور.

في السياق، أوضح أحمد خضر المحيا، الناطق باسم فصيل “مغاوير الثورة” التابع للمعارضة السورية والمتمركز في منطقة الـ55 (55 كيلومتراً بمحيط قاعدة التنف العسكرية التابعة للتحالف الدولي) في البادية السورية، أن “طريق دير الزور- تدمر يبعد نحو 200 كيلومتر عن مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية”. وبيّن في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ “المليشيات الإيرانية بدأت تعيد انتشارها بعد الضربة التي تلقتها أخيراً من الطيران الإسرائيلي”. من جهتها، أوضحت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أنّ تنظيم “داعش” يسيطر على طريق دير الزور – تدمر في الليل، مؤكدةً صعوبة السيطرة عليه من المليشيات الإيرانية أو غيرها، وخصوصاً في الليل.

ولم تستطع قوات النظام ومليشيات محلية تتبعها، كبح نشاط تنظيم “داعش” في البادية السورية مترامية الأطراف، والتي تتوزع إدارياً على محافظات سورية عدة، على الرغم من قيامها بحملات عسكرية عدة مع مليشيات محلية، منها “لواء القدس”، تحت غطاء ناري جوي روسي تركز في الآونة الأخيرة على محيط منطقة الرصافة الأثرية في ريف الرقة الجنوبي الغربي، والتي شهدت أكثر من هجوم من خلايا تنظيم “داعش”.

وإضافة إلى طريق تدمر – دير الزور، يركز تنظيم “داعش” نشاطه في منطقة أثريا على تخوم البادية السورية الشمالية في ريف حماة الشرقي، التي يعبر منها طريق لا يقل أهمية، آتٍ من محافظة الرقة، ويتفرع عند بلدة سلمية إلى 3 طرق؛ الأول باتجاه مدينة حماة، والثاني إلى ريف حلب الجنوبي مروراً ببلدة خناصر، والثالث إلى مدينة حمص في وسط سورية، ومنها إلى العاصمة دمشق، مروراً بمنطقة القلمون. كما يعد هذا الطريق، الذي يبلغ طوله من دمشق إلى الرقة نحو 450 كيلومتراً، الوحيد الذي تسلكه وسائل النقل العامة والخاصة للسوريين الوافدين والمغادرين من مناطق النظام في حمص وحماة، إلى منطقة شرقي نهر الفرات. ويعتمد النظام على هذا الطريق في نقل الحبوب والمحروقات من منطقة شرقي نهر الفرات التي تسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، إلى مناطق نفوذه، لذا يحاول بشتى الطرق حمايته من هجمات تنظيم “داعش”، خصوصاً أنّ القسم الأكبر منه يقع تحت سيطرة قواته، حيث تبدأ سيطرة قوات “قسد” من مفرق الرصافة وصولاً إلى مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي بطول نحو 10 كيلومترات فقط.

من جهته، قال الباحث السياسي، سعد الشارع، في حديث مع “العربي الجديد”، إنّ “الوجود المليشيوي الإيراني في البادية السورية ليس جديداً”، موضحاً أنه “في العام 2017، انطلقت المليشيات الإيرانية مع قوات النظام، وتحت غطاء ناري من الطيران الروسي، من منطقة تدمر باتجاه محافظة دير الزور، فاستطاعت انتزاع المحافظة من تنظيم داعش، وسيطرت على المدن الرئيسية الثلاث فيها وهي دير الزور والميادين والبوكمال، على الضفة الغربية لنهر الفرات”. وأضاف الشارع أنّ إيران “أولت المنطقة اهتماماً كبيراً منذ ذلك الحين، والطرق الواصلة إلى محافظة دير الزور من وسط سورية”، مشيراً إلى أنّ السيطرة الإيرانية على طريق دير الزور – تدمر “تعني عملياً افتتاح الطريق البري الذي يمتد من طهران إلى بغداد ودمشق، وصولاً إلى بيروت على ساحل البحر الأبيض المتوسط”.

وأوضح الشارع أن قائد “فيلق القدس” السابق بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، “زار قبل مقتله مطلع العام الماضي البوكمال على الحدود السورية العراقية، مرتين، وألقى هناك ما سمّاه بخطاب النصر، ما يؤكد أهمية الشرق والبادية في استراتيجية إيران في سورية”. وبيّن الشارع أنّ “المليشيات الإيرانية بعد تلقيها قبل أيام ضربة هي الأعنف من الطيران الإسرائيلي في ريف دير الزور الشرقي، بدأت تعيد انتشارها العسكري باتجاه ريف حمص الشرقي وخصوصاً منطقة تدمر، ومنطقة جبل البشري على المدخل الغربي لمدينة دير الزور، التي تتصل بالطريق الدولي الذي يربطها بمدينة تدمر وسط البادية”

العربي الجديد

—————————–

“داعش” يصعّد حرب العصابات: جبهة النظام السوري ضعيفة أمام التنظيم/ ريان محمد

تتصاعد تهديدات تنظيم “داعش” في سورية، مع استعادته لنشاطه العسكري، بتكتيك جديد يستند إلى حرب العصابات والضربات المحدودة والسريعة، الأمر الذي يهدد الاستقرار النسبي الذي حققّه الروس في مناطق سيطرة النظام، ويدفع إلى إعادة تقطيع أوصال المناطق التي يسيطر عليها الأخير عبر العمليات التي تستهدف الطرق الدولية. من جهتها، تبدو إمكانات النظام متهالكة لفتح معركة واسعة ضد التنظيم، خصوصاً أن الأول يعاني من عجز في استقطاب الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية في صفوف قواته، في حين يُحيّد الإيرانيون والمليشيات الموالية لهم أنفسهم عن هذه المعركة، فيما تبقى الضربات الجوية الروسية محدودة الفاعلية.

وتركز خلايا “داعش” وجودها في البادية السورية المترامية الأطراف، والتي تمتد من جنوب دير الزور في الشمال الشرقي إلى أرياف الرقة وحلب وإدلب في الشمال الغربي، نزولاً إلى حماة وحمص غرباً، وإلى ريفي دمشق والسويداء جنوباً، في حين هي مفتوحة على البادية العراقية والأردنية، باستثناء منطقة الـ55، التي توجد فيها قاعدة أميركية على المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني، إلى جانب وجود مجموعة من الفصائل المسلحة المعارضة أبرزها “مغاوير الثورة”. وما يميز هذه المساحة الشاسعة أنها شبه خالية من السُكّان، وذات تضاريس صعبة تكثر فيها الوديان والجبال والمغاور، ما يساعد مجموعات التنظيم على التحرك والتخفي، الأمر الذي يسهل على “داعش” تنفيذ ضربات محدودة على أطراف البادية، تأقلم معها عناصره، وأصبحت لديهم خبرات في العمل العسكري ضمنها. مع العلم أن البادية كانت المنطلق الأساسي للعناصر مع سيطرة التنظيم على المناطق السكنية في العديد من المناطق، مثل تدمر.

ولا يبدو اليوم أن النظام لديه توجه للقضاء على “داعش” في البادية، في ظل توظيفه بقاء التنظيم ورقةً سياسيةً لتقديم نفسه طرفاً في “الحرب على الإرهاب”، وبما قد يساهم في بقاء رئيسه بشار الأسد في الحكم مستقبلاً. إضافة إلى ذلك، يأتي عدم توفر الإمكانات اللازمة لخوض مثل هذه المعركة، بعد استنزاف النظام للبيئة الحاضنة له في الساحل السوري، والتي أصبح يتنامى لدى أفرادها الشعور بعبثية الحرب الطويلة التي خاضوها، وضخامة الثمن الذي دفعوه بدون أي نتائج ملموسة. فحياة هؤلاء من سيئ إلى أسوأ، والفقر يتعمق بينهم، في حين أن النظام، وعلى رأسه رئيسه بشار الأسد، عاد ليحاول مغازلة الشارع السُنّي عبر مشايخ السلطة الذين والوه خلال السنوات الأخيرة، معتبراً أنهم كانوا رديفاً للقوات النظامية، بحسب حديث لللأسد في اجتماع دوري نظمته وزارة الأوقاف. ويزيد كلّ ذلك من أعداد المستنكفين عن الخدمة العسكرية، ممن حسبوا أنهم حاضنته.

كما فشل النظام في بناء مصالحات حقيقية مع أهالي المناطق المعارضة، التي أعاد السيطرة عليها خلال السنوات الثلاث الماضية، جرّاء عدم التزامه ببنود التسويات، بل أمعن في عمليات الاعتقال والتنكيل والإذلال بمختلف أشكاله، ما تسبب بانعدام الثقة بينه وبينهم. ويأتي ذلك في وقت يستنكف فيه عشرات آلاف الشباب من السويداء جنوب سورية عن الخدمة العسكرية منذ بداية المواجهات، على الرغم من أن غالبية سكان المحافظة من الأقليات التي حاول النظام طرح نفسه حاميا لها.

وتعاني مناطق النظام الملامسة لوجود “داعش” من أزمات عميقة، حيث تعصف بها صراعات النفوذ، كحال جنوب نهر الفرات في محافظة دير الزور، حيث تبدو واضحة المزاحمة ما بين الإيرانيين عبر مليشياتهم، والروس الذين يستخدمون بدورهم جزءاً من القوات النظامية العسكرية والأمنية، إضافة إلى عناصر الفيلق الخامس المشكل من شباب المصالحات. كما يمكن أن ينسحب هذا الصراع على مختلف الجبهات، مع فارق بسيط، وهو تمركز صراعات النفوذ ما بين أجهزة النظام الأمنية والعسكرية، استناداً إلى توزع الولاءات ومصالح المتنفذين فيها، وصولاً إلى السويداء التي تشكل البيئة المجتمعية فيها ورقة صدّ للتنظيم. وهذا الأمر ظهر واضحاً في العام 2018، عندما فشل في التقدم في الريف الشرقي من المحافظة والمحاذي للبادية.

وتبقى الأزمة الأكبر انعدام الثقة ما بين سُكّان تلك المناطق وسلطات الأمر الواقع، والتي قد ترى في تلك الصراعات حروب مصالح وفرض نفوذ، الأمر الذي جعل هؤلاء السُكان يتخذون موقفاً سلبياً، ولديهم ميل في المقابل للتخلص من النظام والإيرانيين، كما حدث في العديد من المناطق في العام 2014 وما بعد.

ورأى المحلل العسكري أحمد رحال، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “النظام لا يمتلك جبهة قوية في محيط البادية، فهي بالنسبة إليه اليوم منطقة مجهولة صحراوية واسعة، وهو غير قادر على البقاء فيها طويلاً، ولا يملك قوات مدربة على العمليات العسكرية في الصحراء والتقفي للآثار والتخفي وصنع الكمائن، في حين أن عناصر التنظيم لديهم هذه الخبرات”. ولفت رحال كذلك إلى أن “داعش ليس لديه اليوم الكثير من الخيارات أيضاً، فهو يعمل في مثلث يمتد ما بين دير الزور وتدمر وقاعدة التنف”.

ورأى رحال أن “الروس دخلوا اليوم في مستنقع في مناطق مثل السخنة والمنصورة وغيرها، حيث تشهد ولادة جديدة لداعش، تهدد بعودة التنظيم إلى تدمر وأرياف حمص وحماة، ما يعني فشل المشروع الروسي، خصوصاً أن الأميركيين يقولون إنه مع انتهاء داعش في الباغوز بريف دير الزور فقد قضينا على التنظيم، أما الإجهاز عليه في بقية المناطق فهي مسؤولية الروس”. وبحسب المحلل العسكري، فإنه لهذه الأسباب “يحضّر الروس للقيام بعملية عسكرية، وينشطون في محاولة تجنيد الشباب المستنكف عن الخدمة العسكرية، كما ظهر في درعا والسويداء، لتغطية عجز النظام عن القيام بمثل هذه العملية”. ولفت رحال أخيراً إلى “وجود غياب إرادة لدى مختلف القوى في القضاء على تنظيم داعش وجبهة تحرير الشام في محافظة إدلب، حيث إنهما لا يزالان يشكلان مبرراً لافتعال العمليات العسكرية واستمرار الحروب في المنطقة، وورقة لتبادل الاتهامات، ما يجعل أي عملية عسكرية هدفها اليوم فقط ردع وتحجيم التنظيم، لحماية مناطق نفوذهم، لكن هذا التشتت بين القوى سيكون سبباً لإحياء التنظيم وتمكنه من استعادة نشاطه”.

——————————-

======================

تحديث 01 شباط 2021

———————————–

مقتل والي بغداد كمؤشر على أن “دولة الخلافة” انبعثت/ حازم الأمين

انتصرنا على “داعش” بثقافة غير بعيدة من الثقافة المسخية للتنظيم. من الأخلاقي أن نرفع الصوت اليوم في ظل مؤشرات الولادة الجديدة. وهي مؤشرات مخيفة في العراق وفي سوريا.

العالم صار مكاناً مخيفاً أكثر مما كان عليه في العقد الفائت. ليست جائحة “كورونا” وحدها ما يستدعي هذا الاستنتاج، ثمة وقائع مذهلة سبقت الفايروس والأرجح أنها سترافقنا إلى ما بعده. العالم صَوّر لنا أنه حقق انتصاراً على “داعش”! قضى على دولة الخلافة في عقر دارها في الباغوز في شمال شرقي سوريا، وسبق ذلك سحْقها في عاصمة دولتها الموصل، وبينهما كانت الرقة مسرحاً لهزيمة مدوية للتنظيم!

الهزيمة عارية من أي دلالة. هزيمة عسكرية فقط. كل ما سبق أن مهد لولادة التنظيم بقي كما هو، لا بل تم تزخيمه بوقائع جديدة، وكل ما نجم عن هزيمة التنظيم من حقائق ثقيلة حصل تعامٍ متعمد عنه. واليوم تبدو شروط الولادة الجديدة مخصبة بمزيد من الأسباب، ما يجعلها قدراً لا مفر منه. أما ما أحدثته الهزيمة من صعوبات في وجه هذه الولادة، فلا يبدو أنها معيقة لها. ثم إن الخبر الأخير الذي زُف إلينا من بغداد عن مقتل نائب الخليفة الجديد، وواليه في العراق، أبو ياسر العيساوي في عملية أمنية نفذتها المخابرات العراقية، جاء ليؤكد أن التنظيم حي يرزق وأن للخليفة نواباً جدداً، يعملون في بغداد وفي غيرها من مدن العراق وسوريا، وأننا أمام فرص متجددة لـ”النصر” على “داعش”. فرص انتصارات تتناسل على نحو ما يتناسل التنظيم، فالتناسلان من الطينة ذاتها، كحال المنتصر والمهزوم.

هُزم “داعش”. حقاً هُزم شر هزيمة. قتل “الخليفة” وقتل معظم أعضاء الدائرة الأمنية التي كانت تُشغّل التنظيم. تمكنا نحن متعقبي الولادة وراصدي تدفق “الدولة” على المدن العراقية والسورية، وطوفانها حول العالم، من بلورة هوية رهيبة للتنظيم ولأهله، جعلنا فيها رجاله مسوخاً ونساءه عرابات الجريمة الذكورية، وأطفال “الخلافة” قنابل المستقبل القريب.

بماذا أفادنا هذا كلّه؟ ماذا بني على حقيقة سحق التنظيم؟ هذا الفعل إذا ما جُرد من وظيفته الإنسانية والسياسية والاجتماعية يتحول إلى نمط “داعشي” من الانتصارات. انتصرنا على “داعش” بثقافة غير بعيدة من الثقافة المسخية للتنظيم. من الأخلاقي أن نرفع الصوت اليوم في ظل مؤشرات الولادة الجديدة. وهي مؤشرات مخيفة في العراق وفي سوريا.

أذيع الخبر، وسمعه العالم. لقد هزمنا “داعش”! وجاء حفار القبور، وألقى جثة الخليفة في حفرة في مكان مجهول في الصحراء. وساد صمت عميق امتد إلى يومنا هذا. ووسط هذا الصمت كانت وقائع رهيبة تحصل بصمت أيضاً. ذاك أن أصوات سكان المخيمات مخنوقة، وتم إخراسها على نحو أخرق.

فما الذي حصل منذ إعلان الخبر الذي غبط العالم عن هزيمة التنظيم؟

بعد تدمير المدن على رؤوس عناصر التنظيم، وعلى رؤوس من تبقى من أهلها، أُنشئت المخيمات التي أوت أهل هذه المدن. مساحات منبسطة هائلة تم رصفها بخيم وأقيمت حواجز أمنية على مداخلها. حصل ذلك في العراق وفي سوريا. وذروة المشاهد كانت في محيط مدينة الموصل العراقية وفي شمال سوريا وشرقها. هذه المخيمات مستمرة إلى اليوم في إيواء ملايين المنكوبين، ويعوزها الحد الأدنى من الخدمات الصحية والغذائية والتعليمية، ولا يبدو أن ثمة خطة لعودة الناس إلى المدن المدمرة.

أكثر من 10 آلاف من مقاتلي التنظيم من أكثر من 50 جنسية ما زالوا في سجون “قوات سوريا الديموقراطية” في شمال سوريا وفي السجون العراقية. الدول التي جاء منها هؤلاء المواطنون، لا بل التي سهلت قدومهم أو في أحسن الأحوال صمتت عنه، ترفض اليوم تسلم أسرى التنظيم ممن يحملون جنسياتها. وإذا كانت تونس ذروة هذه الدول لجهة عدد مواطنيها، فإن دولاً مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وحتى الولايات المتحدة الأميركية، ناهيك بدول الخليج، ما زالت إلى اليوم ترفض التعامل مع هذه المشكلة بصفتها مشكلتها، وتطلب محاكمة العناصر في العراق وفي سوريا، مع ما ينطوي عليه هذا الطلب من استحالة، في ظل عدم وجود قضاء في مناطق حكم “قسد” وفي ظل عجز القضاء العراقي عن إصدار أحكام غير حكم الإعدام!

ويوازي هذا التنصل الغربي من المسؤولية تنصل من المسؤولية عن هوية التنظيم، فـ”داعش” ليس ابن تنظيم “القاعدة” أو ابن “حزب البعث” فحسب، إنما هو أيضاً ابن فشل غربي هو وحده ما يفسر وصول آلاف المقاتلين من أوروبا إلى العراق وسوريا، ومن بينهم مئات من أصول أوروبية. أوروبا اكتفت بالهزيمة العسكرية للتنظيم، ولم تفكر بهذه الحقيقة. ودفن الوجه في الرمال لا يُبشر بأن “داعش” كان درساً للمجتمعات الغربية لكي تفكر بنفسها أيضاً. لا بل أن ثمة ما يخيف على هذا الصعيد، ذاك أن ثمة من توهم في الغرب أن بلاده تخففت من مواطنيها ممن قرروا الالتحاق بالتنظيم في دولته. وهذا ما يفسر رفضها استعادة الأسرى من مواطنيها من السلطات العراقية والكردية. وما يُقلق هنا هو أن توهم هذا الحل هو نفسه ما أفضى إلى ولادة الذئاب المنفردة التي نفذت العمليات الأخيرة في فرنسا.

لكن مؤشر التردي الأهم الذي يبعث على التشاؤم في ظل تفجيرات بغداد وعمليات التنظيم في البادية السورية، هو الممارسات المذهبية التي تتولاها فصائل “الحشد الشعبي” الشيعية في المناطق السنية. فمنطق المنتصر والمهزوم يمارس إلى أقصاه في المحافظات السنية، والتعامل مع المدن السنية بصفتها جزءاً من الهزيمة التي أصابت التنظيم يتولى تخصيب ظروف استعادة “داعش” المبادرة في هذه المناطق.

وفي هذا الوقت، تستعد الأمهات الكثيرات التي ولد منها التنظيم، إلى تقاذف كرة النار. الدول السنية ستتهم إيران بالوقوف وراء هذه الولادة في ظل حاجتها لتأكيد ضرورة دورها في مكافحة “داعش”، وقد يكون في هذه الادعاءات بعض الصحة، إلا أنها لا تنفي حقيقة أن بطناً ولّادة للإرهاب تستعين بما يتعدى الرغبة الإيرانية في توظيف “داعش”، وأن لا أحد بريء. وقد يُجاب على هذه الادعاءات بعلاقة الخليفة الجديد بالمخابرات التركية، كونه تركمانياً ويتحدر من مدينة تلعفر. وأيضاً قد ينطوي ذلك على صحة إنما لا يكفي لتفسير الاستيقاظ.

لا أحد بريئاً من هنا إلى واشنطن.

درج

——————————–

“داعش” حاضر في انتخابات الأسد/ فاطمة ياسين

أعلنت الولايات المتحدة، في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2019، أنها قتلت زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أبو بكر البغدادي، وأكد التنظيم الخبر بتعيين إبراهيم الهاشمي القرشي خليفة له. وكان التنظيم قد انحسر بصورة كبيرة، وتراجعت أخباره إلى الصفحات الداخلية في الصحف، بعد أن كان يحتل ثلث سورية وربع العراق، ويتحكّم في نصف مجرى نهر الفرات المارّ بسورية والعراق. ووصل انحسار التنظيم إلى درجة إعلان الرئيس دونالد ترامب، في نهاية العام 2018، عن الانتصار عليه عبر تويتر بقوله: “لقد هزمنا التنظيم في سورية، وهذا كان مبرّر وجود القوات الأميركية هناك”. أراد حينها ترامب سحب قواته، ولكن الأمر لم يخرج عن نطاق “تغريدته”، فبقيت القوات الأميركية مكانها.

منذ بداية 2014، انتشر تنظيم داعش بشكل ملحوظ في المنطقة، وأصبح قوة كبيرة ومسيطرة على مناطق ارتخت فيها قوة الأنظمة، سواء في العراق أو سورية، وتحوّلت عناصره، في لحظة مناسبة، من مجموعة خلايا مترقبة ويقظة إلى جيش منظم وقوي ملأ الفراغات، مستغلا الفجوات الأمنية التي تُركت عن قصد، أو من دون قصد. وأوجد التنظيم قواعد فكرية وعسكرية له في المنطقة، ساعده في ذلك تراجع القوات النظامية عن أماكن وجودها بسرعة مريبة، فقد خسر النظام أراضيه في المنطقة الشرقية، وتكبد خلال معاركه القصيرة مع التنظيم خسائر بشرية مهولة، وتضخّمت صورة تنظيم الدولة إعلاميا، وتراجعت أخبار النظام لصالح رصد تحرّكات “داعش”، ومتابعة المقاطع المصورة لجرائمه، حتى غدت مواجهته معركةً ملحّة حشدت لأجلها الولايات المتحدة تحالفا عسكريا عريضا.

كان النظام وحلفاؤه خلال هذه المدة يبنون مواقعهم ببطء في ما يسمى سورية المفيدة، بعد أن تم تسليم غير المفيد منها لتنظيم الدولة الإسلامية، لتتحوّل إلى ساحة معارك، اشترك فيها المجتمع الدولي والكرد وتركيا ضد “الدولة الإسلامية”، حتى وصلنا إلى لحظةٍ خُيِّل للجميع فيها أن الانتصار على التنظيم قد أُنجز. التنظيم الذي قُتِلَ خليفتُه قبل أكثر من سنة، ارتفع رأسه من جديد، وعادت عملياته في الشهر الماضي (ديسمبر/كانون الأول)، لتظهر بقوة في عناوين الأخبار الأولى، فمنذ الثلاثين منه شن التنظيم ثلاث هجمات منفصلة وفي مواقع متعددة، قتل فيها 59 عنصرا من جنود النظام والمليشيات التابعة له في سورية، ثم قتل ثلاثة جنود في كمين قبل أسبوع، وسُجل خطف مسؤولين في المنطقة الكردية وقتلهم في التوقيت ذاته، كل هذه العمليات تحمل توقيع التنظيم، بما يظهر ملامح عودة “داعش”.

فسَّر بعضهم الظهور الأخير النشط لتنظيم الدولة الإسلامية بأنه رسائل إلى الإدارة الأميركية الجديدة، أو تعبير عن رخاوة قبضتها على المنطقة. قد يكون هذا التفسير صحيحا جزئيا، ولكن الحدث الملحّ الآن، ويكاد أن يكون العنوان السياسي الأهم، هو معركة بشار الأسد الجديدة مع الانتخابات، فقد مرّت سبع سنوات أخرى على مدة رئاسته، وبات، بحسب الدستور، رئيسا منتهي الولاية، وعليه التجديد. ولطالما كانت هذه العملية صوريةً في تاريخ سورية الممتد خمسة عقود إلى الوراء، ولكن لا بد لرأس النظام الآن من أن يخضع إلى عمليات تجميلٍ عميقة، تجعله مقبولا في الأسواق الدولية. والتجميل يمكن أن يتم بوضع بعض الدمى في مواكبةٍ انتخابية لشخص بشار، ولكن الرجل الذي أراد طوال العشر سنين الماضية أن يترافق اسمه مع عنوان مكافحة الإرهاب، بدل قمع الثورة، يرغب في أن يستمر كذلك، فجاءت حوادث قتل الجنود المتلاحقة والمتقاربة، واقترن اسم تنظيم الدولة الإسلامية بتنفيذها، وذلك تذكيرا بالتنظيم المُفزع الذي يقول، عبر عملياته، إنه جاهز، ويمكنه العودة في أية لحظة! ليس هذا التوقيت عارضا، وربما لم يتم الاتفاق عليه، ولكنه تزامنٌ ملفت، يمكن أن يُكسبَ الرجل المتمسك بالسلطة في سورية نقاطا قد تنفعه في معركته للبقاء أطول أمد ممكن.

العربي الجديد

———————————–

=============================

تحديث 09 شباط 2021

—————————————–

الحرب على “داعش” في البادية السورية: لكل طرف أهدافه/ عدنان أحمد

على الرغم من الحملات العسكرية والأمنية المستمرة ضد تنظيم “داعش” في البادية السورية والتي تشارك فيها أطراف عدة، إلا أن التنظيم يواصل شنّ هجمات على نحو لافت، ما يلقي بظلال من الشك حول حقيقة هذه الحملات، ومدى جديتها، وهل تستهدف فعلاً القضاء على التنظيم، أم أن لها أهدافاً أخرى، خاصة بكل طرف؟ وفي آخر الهجمات، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الإثنين أن 26 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها قُتلوا أمس في كمين لتنظيم “داعش” في بادية مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي. كما قُتل 11 عنصراً من التنظيم، وفق المرصد، الذي أشار إلى أن قوات النظام أرسلت تعزيزات عسكرية إلى منطقة الاشتباكات.

وفي الأيام الأخيرة، بدأت قوات النظام السوري حملة عسكرية جديدة ضد “داعش” في البادية السورية، مدعومة بمليشيات محلية وأخرى مدعومة من إيران، إضافة إلى الطيران الحربي الروسي. ووصفت مصادر النظام، كما نقلت وسائل إعلام مقربة منه، تلك الحملة بأنها “محدودة” وتستهدف تمشيط مناطق البادية التي تربط محافظات دير الزور وحمص وحماة والرقة، خصوصاً في بادية دير الزور المتاخمة لحقل التيم النفطي، بهدف رفع مستوى حماية طريق دير الزور – دمشق بشكل أساسي، بعد الهجمات الأخيرة للتنظيم على قوافل وحافلات تقل عناصر النظام.

ويردد النظام السوري، ومعه روسيا، اتهامات للقوات الأميركية الموجودة في سورية، بتسهيل تنقّل عناصر التنظيم، ودفعهم لمهاجمة قواته ومواقع المليشيات الإيرانية. وتحدثت وسائل إعلام موالية للنظام عن استخدام عناصر “داعش” مناطق قريبة من القاعدة الأميركية في “التنف” ومنطقة 55 كلم، لشنّ هجماتهم الأخيرة على طريق دير الزور ـ دمشق. ووفق تلك الوسائل، يسعى الأميركيون إلى استغلال نشاط خلايا التنظيم لتعطيل الطريق الذي يربط دمشق ببغداد عبر بادية دير الزور ومعبر البوكمال، في محاولة لقطع أي تواصل عسكري وميداني بين البلدين. وتابعت أنه يُضاف إلى ذلك سعي الأميركيين لاستخدام هذه الخلايا لضرب القوات المدعومة من إيران في البلدين، ليكون ذلك مكمّلاً للغارات التي تشنها إسرائيل والطائرات الأميركية ضد هذه القوات، في محاولة للضغط عليها للانسحاب من سورية، إضافة إلى استهداف الطرق الرئيسية لنقل البضائع، بما فيها صهاريج النفط، وجعل الطرق الحيوية الرابطة بين مناطق سيطرة النظام مناطق خطرة. كما يتهم النظام الولايات المتحدة بالسماح لعناصر “داعش” في العراق بالتنقل بحرية باتجاه سورية، ومن ثم انتقالهم نحو البادية السورية.

وقال عمر رحمون، المعروف بأنه “عراب المصالحات” بين النظام وفصائل المعارضة، في حديث لوسائل إعلام موالية للنظام، إن استهداف الحافلات التي تقل عناصر من قوات النظام، وكذلك القاعدة الروسية في الرقة، “هو إشعار بعودة داعش، ومقدمات لظهوره من جديد، ورسالة أميركية واضحة أنها غير راضية عن الوجود السوري- الروسي شرقاً، وقد تعيد داعش لتنفيذ مهمة إخلاء القوات الروسية والسورية من شرق الفرات”.

وينتشر عناصر التنظيم على شكل خلايا منعزلة في مناطق شاسعة تمتد من منطقة جبل أبو رجمين في شمال شرقي تدمر، وصولاً إلى بادية دير الزور وريفها الغربي، إضافة إلى وجودهم في بادية السخنة وفي شمال الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، ويقومون بشنّ هجمات ونصب كمائن لقوات النظام والمليشيات التي تدعمها، ومن ثم معاودة التخفي في الكهوف والأودية، أو المناطق المفتوحة في الصحراء. وتُشكّل المنطقة المقصودة نحو نصف مساحة سورية، وتبلغ 80 ألف كيلومتر مربع، وتتميز بتضاريس وكثبان رملية تسمح لعناصر التنظيم بالتخفي والتحرك، وهي تربط بين 7 محافظات سورية: دير الزور وحماة والرقة وحمص وحلب وريف دمشق والسويداء، وتصل إلى الحدود السورية – العراقية شرقاً والحدود – الأردنية جنوباً وأطراف الرقة ودير الزور، وهي ذات كثافة سكانية منخفضة.

وإضافة إلى هذه العوامل الطبيعية، يمكن رصد مجموعة أخرى من الأسباب التي تجعل مبادرات النظام وروسيا العسكرية تجاه “داعش” قليلة الفاعلية. من هذه العوامل، بحسب المحلل العسكري هيثم الحامد، ضعف استخبارات قوات النظام وعدم درايتها بتفاصيل المنطقة التي ينتشر فيها عناصر التنظيم، واقتصار عملياتها على ردود فعل غير منتظمة، واكتفاء روسيا بالمشاركة الجوية لإسناد قوات النظام، فضلاً عن اعتماد “داعش” استراتيجيات وتكتيكات عسكرية متقنة تقوم على حرب العصابات والتخفي في البادية.

وأضاف الحامد، في حديث مع “العربي الجديد”، أن النظام، وحتى روسيا، لا يملكان تقنيات “ذكية” لتعقّب عناصر “داعش” في الصحراء، وترتكز قوتهما على صب قوة تدميرية كبيرة في مكان مكتظ ومحدود المساحة لتحويله إلى أنقاض، بينما لا يتوفر هذا الوضع في محاربة عناصر “داعش” المنتشرين بأعداد محدودة في مناطق شاسعة ومجهولة بالنسبة لهم. ولفت إلى أن النظام يعلم بوجود عناصر “داعش” في البادية السورية، لكنه لم يكن يعتبر ذلك الوجود خطراً كبيراً عليه، وكانت لديه أولويات في محاربة فصائل المعارضة شمال غربي البلاد وغيرها من المناطق، لكنه اليوم بدأ يعاني من هجمات التنظيم على طرق تنقّل قواته وبضائعه عبر البادية السورية. واعتبر الحامد أن “داعش” بات مجرد ذريعة لدى القوى الكبرى المتدخلة في الشأن السوري، إذ يسعى الروس لاستهدافه إعلامياً فقط، من دون شنّ حملة عسكرية حقيقية ضده، وذلك في إطار ردهم على الولايات المتحدة التي تقول أيضاً إنها تحارب التنظيم، مضيفاً أن إيران غير معنية كثيراً بمحاربة التنظيم، بل ربما تعتبر أن وجوده يخدم مصالحها، لأنه يقدّم المبرر لها لمواصلة إبقاء مليشياتها في سورية. وأشار إلى أن العامل الدعائي عنصر أساسي في حملات النظام وروسيا وإيران المزعومة على “داعش”، للزعم بأنها تحارب التنظيم، بينما الولايات المتحدة لا تحاربه، بل تسهل من تحركه، وفق روايتهم.

والحقيقة أن لكل هذه الأطراف أهدافاً أخرى في “حروبها” ضد “داعش”، إذ يسعى النظام وحلفاؤه إلى جانب الدعاية السياسية، لمحاولة التمدد إلى منطقة حقول النفط والثروات الأخرى، وسط تنافس غير خافٍ بين إيران وروسيا لتثبيت وجودهما في مناطق الثروات السورية، والطرق والمواقع الاستراتيجية على طريق دمشق بغداد. كما أن “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، والتي أعلنت يوم الجمعة الماضي، إطلاق عمليات أمنية وعسكرية في ريفي الحسكة ودير الزور من أجل القضاء على خلايا تتبع للتنظيم في هاتين المحافظتين، تستغل هذا الوضع لترهيب واعتقال معارضيها في المناطق ذات الأغلبية العربية التي تسيطر عليها، بحجة محاربة “داعش”.

—————————–

تقديرات أميركية تشير لوجود 10 آلاف مقاتل من “داعش” بسورية/ محمد الأحمد

قال قائد القيادة المركزية الوسطى في الجيش الأميركي، الجنرال كينيث ماكينزي، إن تقديرات بلاده تشير إلى أن “هناك نحو 10 آلاف مقاتل لتنظيم الدولة في سورية”، وذلك في تصريحات نقلتها وسائل إعلام مختلفة، مساء اليوم الإثنين، وتطرق خلالها للأوضاع في المنطقة. وأضاف ماكينزي أن “روسيا تتحدى التواجد الأميركي وتقدم نفسها كبديل للغرب عبر التوسط في النزاعات الإقليمية”.

بدوره، قال المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة “داعش” في سورية والعراق، واين ماروتو، مساء اليوم، إن “التحالف يواصل العمل مع (قسد) لتقويض القدرات المحدودة لبقايا (داعش) في شمال شرق سورية”، مضيفاً في تغريداتٍ على حسابه الرسمي عبر “تويتر” أن “مثل هذه العمليات تُظهر جهدنا الموحد لهزيمة (داعش) وتوفير الأمن، وحرمان الإرهابيين من الموارد اللازمة لإعادة الظهور في المنطقة”.

وتُشكل عودة تنظيم “داعش” للظهور شرقي سورية محط اهتمامٍ للأطراف المتصارعة هناك على اختلافها، حيث يعتبر مكاناً لتركز الثروة النفطية من خلال عشرات الحقول وآبار البترول، التي تسعى الأطراف للسيطرة عليها والاستفادة منها.

ونشط التنظيم من خلال خلاياه في البادية السورية واسعة المساحة باستهداف قوات النظام السوري والميليشيات الحليفة له المدعومة من إيران وروسيا بما يشبه حرب العصابات والضربات الخاطفة عبر نصب كمائن للأرتال والتعزيزات القادمة للبادية والهجمات المباغتة.

ورغم أن الولايات المتحدة الأميركية المنتشرة من خلال قواتها بشكلٍ كبير شرقي سورية لم تتعرض لهجماتٍ مباشرة من التنظيم بعد عودة ظهوره مجدداً إلا أنها باتت تتوجس خطر تمدد التنظيم بما يهدد حليفها الرئيسي شرقي سورية “قوات سورية الديمقراطية” (قسد).

وكثف التنظيم في الآونة الأخيرة من هجماته مستهدفاً الأرتال العسكرية وحتى النقاط التابعة للنظام والميليشيات الإيرانية والمدعومة من روسيا في كلاً من أرياف دير الزور والرقة وحمص الشرقي وحماة الشرقي، وجميعها ضمن البادية السورية التي تبلغ مساحتها نصف المساحة الإجمالية للبلاد.

ولمواجهة ذلك عزز النظام والروس والميليشيات الإيرانية من انتشارهم في البادية ولم يمنع ذلك من توقف تلك الهجمات، رغم أن روسيا شنت عدة حملاتٍ واسعة باستخدام سلاح الجوي لمساندة قواتٍ برية بهدف تمشيط البادية والقضاء على بقايا التنظيم، لكن دون جدوى حتى الآن.

وفي آخر اجتماع عقده وزراء خارجية المجموعة المصغّرة للتحالف الدولي لهزيمة “داعش” بداية يونيو/ حزيران من العام الماضي، أكد المجتمعون عزم التحالف مواصلة القتال ضدّ التنظيم في العراق وسورية، وتهيئة كلّ الظروف المساعدة على هزيمة الجماعة الإرهابية بشكل نهائي، وذلك بعد عامٍ على إعلان الولايات المتحدة وحلفائها عن هزيمة التنظيم في آخر معاقله ببلدة الباغوز شرقي سورية ربيع عام 2019.

وكان ماكينزي قد أشار منتصف العام الماضي إلى أن السبب الرئيسي لوجود بلاده في سورية هو محاربة “داعش”، مؤكدًا أن التحالف الدولي يمارس ضغطًا قويًا جدًا على “داعش، لكنه في الوقت عينه توقع رؤية نشاط للتنظيم لفترة مستقبلية طويلة”.

وأضاف خلال إيجاز صحافي أن “تنظيم (داعش) يكون في بعض الأحيان أكثر نشاطاً من شهر لآخر”، معتبراً أنه “لا يمكن القول إن ثمة اتجاهاً لظهور جديد له في سورية، ولكن من المهم أن نفهم أننا لن نتوصل إلى أي مرحلة مستقبلية يختفي فيها أي شكل من أشكال تواجد (داعش) على الأرض”.

ومضى قائلاً “سنواصل رؤية نشاط العصابات ونشاط التمردات من تنظيم (داعش) لفترة مستقبلية طويلة في الواقع. لا أتوقع أن ينتهي ذلك”، موضحًا أن “هدفنا لا يتمثل بالقضاء التام على ذلك، بل خلق الظروف المحلية التي تتيح لقوات الأمن على الأرض التعامل مع هجمات (داعش) هذه”.

——————————

من البادية وحتى الرقة والبوكمال: تنظيم «الدولة» يكثّف هجماته ومقتل 26 من قوات النظام السوري/  هبة محمد

دمشق – القامشلي -«القدس العربي» ووكالات: وسّع تنظيم “الدولة” (داعش) من مروحة هجماته القاتلة ووتيرة اعتداءاته في سوريا، عبر استهداف متكرر لقوات النظام السوري وميليشياته في البادية السورية، وصولاً الى منطقة الميادين في دير الزور شرقاً ،كما استهدف قوات من الوحدات الكردية في ريف الرقة، في وقتٍ حذرت الأمم المتحدة ومسؤولون أكراد من تدهور الوضع الأمني في مخيم الهول الذي يضم أفراداً من عائلات مقاتلي تنظيم “الدولة” بعد توثيق مقتل 14 شخصاً داخله منذ مطلع العام.

ورغم الخسائر الفادحة التي تكبّدها وخسارة كافة مناطق سيطرته، لا يزال التنظيم يشكل تهديداً حقيقياً وتنشط خلاياه على مستويات عدة. وتعكس تلك العمليات، وفق محللين، صعوبة القضاء نهائياً على تنظيم بثّ الرعب لسنوات في مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور. فقد قتل أمس 26 قتيلاً من قوات النظام السوري ومسلحين موالين لها، جراء استهداف مقاتلي التنظيم رتلاً عسكرياً في بادية مدينة الميادين في محافظة دير الزور (شرق)، وفق ما أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان. واندلعت إثر ذلك اشتباكات عنيفة بين الطرفين، أوقعت 11 عنصراً من التنظيم، وفق المرصد.

وقالت شبكة “عين الفرات” الإخبارية المحلية، إن رتلاً مشتركاً للفرقة 17 من قوات النظام السوري وميليشيا لواء القدس المدعومة روسياً تعرض لهجوم من قبل مجموعات مجهولة أثناء قيامه بعملية تمشيط في منطقة فيضة ابن موينع ببادية الميادين الجنوبية.

وأوضح المصدر أن اشتباكات بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة دارت بين الطرفين، مما تسبب بسقوط أكثر من 26 قتيلاً من قوات النظام السوري ولواء القدس بينهم ضابط برتبة ملازم.

تزامناً وصلت تعزيزات عسكرية ضخمة خرجت من مقر ميليشيا الدفاع الوطني المدعومة روسياً في مدينة الميادين نحو موقع الهجوم، فيما جرى نقل القتلى والجرحى نحو مستشفى دير الزور العسكري.

تزامناً، ذكرت صفحة أخبار “دير الزور 24” أن عدداً من عناصر ميليشيا “أبو الفضل العباس” أصيبوا في مدينة “العشارة” في ريف دير الزور الشرقي، وذلك بعد استهداف السيارة التي كانت تقلهم بعبوة ناسفة. كما أشار المصدر إلى مقتل 3 عناصر من القوات الخاصة التابعة للنظام السوري وإصابة 16 آخرين خلال هجوم عنيف شنه تنظيم “الدولة”على مواقع عسكرية للنظام تختص بحماية حقل التيم النفطي الواقع في البادية الجنوبية لمحافظة دير الزور.

ومنذ إعلان قوات سوريا الديمقراطية القضاء على خلافته في آذار/ مارس 2019، انكفأ التنظيم الى البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق حيث يتحصن مقاتلوه في مناطق جبلية.

وفي مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، استهدف مسلحون يرجح أنهم من خلايا تنظيم “الدولة”، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فجر أمس حاجزاً يتبع لقوى الأمن الداخلي “الأسايش”، في ريف الرقة الغربي، وذلك بالأسلحة الرشاشة، وسط معلومات عن خسائر بشرية في صفوف “الأسايش” المتمركزين في حاجز كبش غربي، حيث قتل بين 3 و 4 من الأسايش.

يذكر أن المنطقة شهدت تفجير عبوات ناسفة خلال الساعات والأيام القليلة الفائتة.

من جهة أخرى وبعد القضاء على آخر معاقل التنظيم في قرية الباغوز في شرق سوريا، نقل المقاتلون الأكراد أفراد عائلات الجهاديين إلى مخيمات يسيطرون عليها في محافظة الحسكة، أبرزها مخيم الهول، حيث قال مسؤول النازحين والمخيمات في شمال شرقي سوريا شيخموس أحمد الإثنين “بلغ عدد الذين تم قتلهم في مخيم الهول منذ مطلع العام حتى الآن 14 شخصاً، ثلاثة منهم عبر قطع رؤوسهم” والبقية عبر “مسدسات كاتمة للصوت”. وكانت الأمم المتحدة أفادت عن مقتل 12 منهم في النصف الأول من كانون الثاني/يناير.

——————————–

========================

تحديث 14 شباط 2021

————————–

داعش” في البادية السورية: مدافن أسلحة وإتاوات/ محمد حسان

منذ انهياره وبدء عمله على شكل خلايا في البادية، عاد التنظيم لاستغلال شبكات الفساد داخل المؤسسة العسكرية للنظام والميليشيات المتنفذة في ريف حماة وحمص لشراء الأسلحة والمعدات..

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، أعلن النظام السوري وحليفتاه روسيا وإيران، القضاء على تنظيم “داعش” في المناطق الواقعة غرب نهر الفرات، وذلك بعد السيطرة على مدينة البوكمال آخر معاقل التنظيم في أقصى شرق سوريا.

الفرحة بالقضاء على التنظيم لم تدم طويلاً، فما هي إلا أشهر قليلة حتى عاود التنظيم ترتيب صفوفه وتجميع بقايا مقاتليه، واتَخذ من البادية السورية مقراً جديداً له ومنطلقاً لعملياته العسكرية، التي باتت ثقباً أسود يبتلع عناصر قوات النظام والميليشيات الموالية لها.

هذا الموضوع يشرح كيف شرع التنظيم بلملمة نفسه وتأمين المال والمقاتلين بشتى الوسائل.

نشاط مستجد

تنظيم “داعش” زاد من نشاطه خلال عام 2020 ومطلع العام الحالي، على صعيد العمليات العسكرية والخسائر التي يُكبدها للقوى التي يقاتلها، فبحسب إحصاءات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن التنظيم تمكن من قتل 1308 عناصر من قوات النظام وحلفائه بينهم اثنان من القوات الروسية و145 من الميليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، في الفترة الممتدة بين آذار/ مارس 2019 وشباط/ فبراير 2021.

قدرة التنظيم على البقاء في البادية وسط سوريا، جاءت نتيجة سياسات عمل عليها في مراحل مختلفة، منها ما سبق مرحلة انهياره عام 2017، وأخرى خلال فترة وجوده في السنوات الماضية على شكل خلايا، هذه السياسات تتعلق بقضايا التسليح وتأمين الأموال والآليات ومثلها ما يتعلق بحاجة عناصره من طعام ودواء ولباس وغيرها.

مصادر التسليح

يعتمد تنظيم “داعش” على ثلاثة مصادر رئيسية لدعم قواته في البادية باحتياجاتها العسكرية من سلاح وذخائر، أول تلك المصادر مدافن الأسلحة التي تركها في فترة سيطرته على شمال سوريا وشرقها بين عامي 2015 و2016، المصدر الثاني “الغنائم” التي يكسبها عقب هجماته على قوات النظام وحلفائها، المصدر الثالث عمليات شراء السلاح من الأسواق السود، والتي تتم عبر وسطاء متعاونين مع خلايا التنظيم.

مدافن أسلحة

خلال ذروة تمدد “داعش” في شمال سوريا وشرقها عام 2016، تمكن التنظيم من السيطرة على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر خلال هجماته على قوات النظام، أبرزها مستودعات عياش غرب محافظة ديرالزور، التي تعتبر أكبر مستودعات السلاح الاستراتيجية في شرق سوريا، إضافة إلى مستودعات الأسلحة في مدينة تدمر، شرق محافظة حمص.

كميات الأسلحة التي توفرت لدى التنظيم والتي كانت تزيد عن حاجته نتيجة ركود جبهات قتاله مع الأطراف المعادية له في تلك الفترة، دفعته لإيجاد أماكن آمنة لتخزينها خوفاً من تعرضها لعمليات قصف جوي روسي أو من طائرات التحالف التي كانت ترصد تحركاته، ما دفعه إلى إيجاد مخابئ لها تحت الأرض في مناطق البادية السورية.

اختيار التنظيم المدافن في البادية، كان بسبب بعدها عن الأنظار، بخاصة أن مناطق وجوده في الحواضر المدنية ومقراته كانت مرصودة من متعاونين مع النظام والتحالف الدولي، بينما مناطق البادية غير المأهولة بالسكان لا تتوافر فيها مقومات العمل الاستخباراتي المناهض للتنظيم، لغياب السكان الذين يمكن اختراقهم وتجنيدهم كعملاء للقوى المعادية لــ”داعش”.

“داعش” أوكل لمجموعاته التي تعرف بـ”قاطع البادية”، والتي كانت مسؤولة عن إدارة مناطق البادية السورية في تلك الفترة، مهمة إنشاء تلك المدافن السرية والإشراف عليها وحمايتها، وهذه المدافن تركزت في المناطق الجبلية في سلسلة جبل البشري وبادية حمص الشرقية بخاصة المناطق المحيطة بمدينتي تدمر والسخنة.

مع إعلان النظام السوري انطلاق معركة طرد “داعش” من شرق سوريا، حافظ التنظيم على الكثير من مدافن سلاحه في البادية، لتكون عاملاً مساعداً في عودته، بخاصة أنه كان مدركاً أن المعركة ستنتهي بطرده من مناطق سيطرته، بسبب الهجوم المتزامن غرب الفرات مع هجوم قوات “قسد” والتحالف الدولي على شرقه.

التنظيم يستفيد الآن من تلك الأسلحة والتي كانت عاملاً في تعزيز نفوذه في البادية، بخاصة أن مقاتلي “قاطع البادية” يشكلون نواة التنظيم الحالية في تلك المناطق، إضافة إلى عناصر التنظيم الذين انضموا إليهم في أيلول/ سبتمبر 2017، من أفراد التنظيم المنسحبين من محيط العاصمة دمشق، بموجب اتفاق الإخلاء الذي عقده التنظيم مع روسيا و”حزب الله”.

“الغنائم”

تعتبر الأسلحة التي يُسيطر عليها التنظيم خلال هجماته وكمائنه ضد قوات النظام، مصدر رئيسي في دعم قوات التنظيم المتواجدة في البادية، والتي ترفد مستودعاته بكميات لا بأس بها من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر.

اعتماد التنظيم على المكتسبات العسكرية واضح من خلال نوعية الهجمات التي ينفذها، فهو يتجنب خوض عمليات عسكرية ضد النقاط القوية لقوات النظام، لكون تلك الهجمات مكلفة عسكرياً وبشرياً بالنسبة إليه واحتمال فشلها كبير، بينما يركز هجماته على الأهداف الضعيفة والتي تتحرك غالباً على طرق الإمداد العابرة للبادية.

التنظيم تمكن خلال عام 2020 ومطلع العام الحالي من تنفيذ عشرات الهجمات العسكرية في ريف حماة الشرقي وريف الرقة الجنوبي وباديتي دير الزور وحمص، وتمكن خلال تلك الهجمات من السيطرة على الكثير من الأسلحة والذخائر.

عمليات الشراء

يعتمد “داعش” على عمليات الشراء للحصول على بعض الأسلحة والمواد التي لا توجد في مستودعاته السرية ولا يمكنه تأمينها من خلال هجماته العسكرية، وأهم تلك الأسلحة والمواد التي يركز التنظيم على شرائها، المواد المتفجرة والصواريخ المضادة للمدرعات من نوعية كونكورس الروسية والسهم الأحمر الصيني وغيرها.وشراء التنظيم الأسلحة والمواد المتفجرة يأتي عبر وسطاء يعمل معهم من ثلاث قنوات، الأولى عبر صفقات يعقدها مع شبكات من ضباط النظام الفاسدين وقادة الميليشيات الموالية له، والتي تقوم ببيع الأسلحة من مستودعات النظام إلى التنظيم.

عمليات شراء التنظيم الأسلحة عبر شبكات الفساد داخل المؤسسة العسكرية للنظام ليست جديدة، فخلال السنوات الأخيرة ألقت قوات النظام القبض على عشرات الضباط من بينهم ضباط في الفرقة الرابعة “حرس جمهوري” والكثير من قادة الميليشيات مثل “ميليشيات الدفاع الوطني”، بتهمة سرقة الأسلحة وبيعها لتنظيم “داعش”، من بينها ما عرف بخلية “بيت ياشوط”، التي تضم ضباطاً رفيعي المستوى، كانوا يتاجرون بالأسلحة مع التنظيم خلال عامي 2015 و2016.

منذ انهياره وبدء عمله على شكل خلايا في البادية، عاد “داعش” لاستغلال شبكات الفساد داخل المؤسسة العسكرية للنظام والميليشيات المتنفذة في ريف حماة وحمص لشراء الأسلحة والمعدات، فعام 2020 ضبطت القوات الروسية في مدينة تدمر، شحنة أسلحة كانت متجهة إلى التنظيم، وأثبتت التحقيقات أن مصدرها ميليشيات “صقور الصحراء” ومباعة لتنظيم مقابل مبلغ 100 ألف دولار، وتضم الشحنة ذخائر خفيفة ومتوسطة وصواريخ مضادة للدروع وألغام مضادة للدبابات والأفراد.

المصدر الثاني لعمليات شراء الأسلحة فصائل المعارضة التي وقعت اتفاق المصالحة مع روسيا في درعا والقنيطرة جنوب سوريا، ففي السنوات الماضية كشفت تحقيقات أن فصائل من الجبهة الجنوبية وفصيل جيش أسود الشرقية، قاموا ببيع شحنات أسلحة إلى “داعش”.

وفي الفترة الحالية نشطت هذه التجارة، بعد تخلي الكثير من الشباب عن الفصائل العسكرية التي يعملون بها، ما دفع قادة تلك الفصائل لبيع تلك الأسلحة ومغادرة مناطق درعا والقنيطرة والتوجه إلى الأردن وتركيا، ومعظم تلك الأسلحة يشتريها التنظيم، بسبب قدراته المالية وحاجته لها.

أما المصدر الثالث فهو، عمليات الشراء من الأسواق السود، وهنا الأمر يكون بهدف شراء مواد مثل الأسمدة والكابلات الكهربائية التي تدخل في صناعة المتفجرات، إذ يستغل التنظيم كون المناطق المحيطة بالبادية في درعا والسويداء وريف حماة مناطق زراعية وتتوافر فيها تلك المواد، وتعتبر من أهم احتياجات التنظيم كونه يعتمد في معظم عملياته على تلغيم الطرق والتفجيرات، ما يجعلها من أكثر المواد التي يسعى التنظيم إلى امتلاكها.

درج

————————

التحالف يستأنف حربه ضد “داعش” شرقي سورية… واشتباكات دامية بين فصائل الجيش الوطني في عفرين/ محمد الأحمد

قال المتحدث باسم التحالف الدولي لمحاربة “داعش” واين ماروتو إن شركاءهم في سورية والعراق نفذوا، بدعم من التحالف الدولي، 33 عملية عسكرية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي خلال الشهر الحالي.

جاء ذلك الإعلان عقب مقتل قياديين من التنظيم، من بينهم أمني وأمير قاطع البادية السورية في دير الزور شرقي سورية، مساء أمس الجمعة، إثر غارة نفذتها طائرة مُسيرة تابعة للتحالف الدولي، استهدفت سيارة تستقلها مجموعة من قيادات “داعش” في منطقة الروضة ضمن بادية ناحية الصور، في الريف الشمالي لمحافظة دير الزور، الواقعة ضمن سيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، والتي تحوي وجوداً أميركياً. 

وأوضح المتحدث باسم التحالف، في تغريدة له نشرها على حسابه في “تويتر”، قائلاً: تمكن شركاؤنا من 1 وحتى 12 فبراير/ شباط الحالي في سورية والعراق من حرمان 20 إرهابياً الملاذ الآمن والقيام بأعمال إرهابية ضد المواطنين، من خلال 33 عملية تركزت ضد تنظيم (داعش) بمساعدة قوات التحالف”.

    من 1-12 شباط/فبراير، نفّذ شركاؤنا في العراق وسوريا، بدعم من التحالف، 33 عملية ضد داعش، وتمكنوا من حرمان 20 إرهابيًا الملاذ الآمن والقيام بأعمال إرهابية ضد المواطنين. ساعدونا في تحقيق هزيمة داعش من خلال الإبلاغ عن إرهابيّ داعش عبر الخط الساخن في العراق 454 وفي سوريا 9647512451273+ pic.twitter.com/EmY2KAoQM4

    — OIR Spokesman Col. Wayne Marotto (@OIRSpox) February 12, 2021

وأشار، في تغريدة سبقتها بساعات، إلى أن قوات التحالف “تبذل جهوداً ملحوظة لتخليص المناطق المحررة في العراق وسورية من إرث (داعش) المتفجر”.

وأكدت شبكات محلية مقتل أبو ياسين العراقي (عراقي الجنسية)، ويشغل منصب أمير قاطع البادية في مناطق شرق سورية، ونائبه (كرار العراقي)، المسؤول الأول عن العمليات الأمنية للتنظيم في سورية، بالإضافة لمروان ياسين الهليل الملقب بـ”أبو حمزة ذيبان” (سوري الجنسية)، والمسؤول العسكري في التنظيم عن منطقة دير الزور وباديتها، جراء غارة نفذتها طائرة مُسيرة تابعة للتحالف الدولي مساء أمس الجمعة، استهدفت سيارة للتنظيم أثناء وجودهم في منطقة الروضة ضمن بادية ناحية الصور شمال دير الزور”. 

كذلك أكد مصدر من أبناء المنطقة لـ”العربي الجديد” أن “دورية ضخمة تابعة للتحالف الدولي توجهت إلى موقع الاستهداف، صباح اليوم السبت، ونقلت آليات تنظيم (داعش) المستهدفة أمس في بادية الروضة إلى ناحية الصور بريف دير الزور الشمالي بعد التأكد من هوية القتلى”.

وألقت “قوات سورية الديمقراطية” القبض على خلية تتبع لتنظيم (داعش)، عصر اليوم السبت، في بلدة العزبة بريف دير الزور الشمالي، وتتهم قسد تلك الخلية بتورطها بالكثير من عمليات الاغتيال التي شهدتها المنطقة.

وأشارت وسائل إعلام محلية شرق سورية إلى أن عناصر الخلية وبعد اعتقالهم، اعترفوا أثناء التحقيقات، بأنهم كانوا على تنسيق مباشر مع تنظيم “داعش”، ومهمتهم الإخبار عن عناصر قسد، وأنهم كانوا في السابق عناصر منخرطون في صفوف التنظيم.

ويبدو أن التحالف الدولي بقيادة واشنطن بات يتسلم زمام المبادرة من جديد لملاحقة التنظيم في سورية، إثر تعاظم نشاطه منذ منتصف العام الماضي عبر خلاياه المنتشرة في البادية، والتي نفذت منذ ذلك الحين عشرات العمليات الخاطفة والسريعة التي استهدفت قوافل ونقاطاً وأرتالاً لعديد الأطراف التي تسيطر على البادية، وذلك بعد ظهور التنظيم وقياداته في مناطق السيطرة الكردية، التي تحتوي انتشاراً أميركياً.

وكان التحالف الدولي وحليفته “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) قد أعلنا القضاء على التنظيم في آخر جيب له في سورية، بعد الهجوم الواسع على بلدة الباغوز شرقي دير الزور، في آذار/ مارس من العام قبل الماضي. 

وحول ذلك، يرى عباس شريفة، الباحث في مركز “جسور للدراسات”، أن “حرب التحالف الدولية ضد تنظيم (داعش) تبدو وكأنها تقوم على رسم حدود لحركة التنظيم أكثر من استراتيجية الاستئصال”، مُشيراً إلى أن “عملية الأمس التي استهدفت قيادات لتنظيم (داعش) جاءت ضمن نفس الاستراتيجية”.

ولفت الباحث إلى أنه “بالنظر للموقع الجغرافي، الذي تم فيه الاستهداف، الواقع شمال دير الزور، أي في مناطق سيطرة (قسد)، وهي نفس المناطق التي تقع فيها قواعد التحالف الدولي، لذلك أعتقد أن التحالف الدولي سيواجه التنظيم في حال قام التنظيم بالنشاط في هذه المنطقة أو الاقتراب من قاعدة التنف الأميركية”.

وأضاف: “بينما لن يتم الاستهداف لأي نشاط لداعش في منطقة البادية الواقعة تحت سيطرة النظام والمليشيات الروسية والإيرانية”.

سياسة/اشتباكات سورية/(عمرحاج قدور/فرانس برس)

وكان أبو ياسين العراقي، الذي قُتل مساء الجمعة، قد تسلم منصب أمير قاطع البادية في منطقة شرق الفرات خلفاً للقيادي البارز في تنظيم “داعش” أبو ورد العراقي، مسؤول النفط والموارد الطبيعية وتمويل الخلايا النائمة في التنظيم، والذي قُتل في الـ14 من يناير/ كانون الثاني العام الماضي بعملية مشتركة من التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية “قسد”، استهدفت مقراً عسكرياً للتنظيم في محافظة دير الزور شرقي سورية.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن “أبو الورد العراقي كان مسؤولاً عن آبار النفط في فليطح والأزرق والملح بريف دير الزور الشرقي، التي كانت تحت سيطرة التنظيم قبل دحره عنها لصالح (قسد)، وحتى بعد سيطرة (قسد) على تلك المنطقة، بقي أبو الورد منسقا ووسيطا بين قوات سورية الديمقراطية (قسد) وبين تنظيم (داعش)، من أجل عبور صهاريج النفط نحو مناطق (قسد) والنظام السوري”، بحسب المرصد، إلى ما قبل مقتله. 

وكانت قوات التحالف الدولي أعلنت في مايو/ أيار من العام الماضي مقتل كل من المدعو أحمد إسماعيل الزاوي، المسؤول في تنظيم “داعش” عن شمالي بغداد، وأحمد عبدو محمد حسن الجغيفي، المسؤول المزعوم عن العمليات اللوجستية لدى التنظيم، خلال عملية مشتركة لقوات التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية “قسد” ضمن بادية محافظة دير الزور شرقي سورية.

اشتباكات دامية بين فصائل الجيش الوطني في عفرين

من جهة أخرى، اندلعت اشتباكات دامية، عصر اليوم السبت، بين فصيلي “الجبهة الشامية” و”جيش الإسلام” المنضوييّن ضمن صفوف “الجيش الوطني” المعارض والحليف لتركيا، في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي، شمال غرب سورية، ما أدى لوقوع قتلى وجرحى بين الطرفين، في حين قضى مدنيان اثنان وجُرح آخرون، إثر انفجار سيارة مفخخة ركنها مجهولون في بلدة الراعي شرق حلب الواقعة على الحدود السورية التركية.

وأوضحت مصادر “العربي الجديد” في عفرين، أن الاقتتال بين الفصيلين نتج عنه مقتل عنصرين من فصيل “جيش الإسلام”، فيما أُصيب 5 آخرون من عناصر الطرفين.

وأشارت إلى أن القتال بينهما بدأ إثر هجوم شنته “الجبهة الشامية” على مقرٍ عسكريٍ لـ “جيش الإسلام”، أحد فصائل الغوطة الشرقية سابقاً عصر اليوم، ولفتت إلى أن السبب يعود للجوء أحد المدنيين المطلوبين للجبهة الشامية إلى داخل ثكنة لـ”جيش الإسلام”، الأمر الذي أدى لاندلاع اشتباكات دامية بين الطرفين استمرت لعدة ساعات.

وأكدت المصادر أن الاشتباكات توقفت عند تدخل فصائل أخرى من تشكيلات “الجيش الوطني” بأرتال عسكرية ونشر قواتها على مداخل مدينة عفرين ومكان حدوث الاشتباك بهدف فضه والفصل بين الطرفين المتنازعين.

عناصر من الجيش الوطني السوري-أحمد حطيب/الأناضول

وأكدت على أنه “تم التوصل لاتفاق بعد عقد جلسة صلح قادها مشايخ دين وقادات في الجيش الوطني، للبت في أمر قادة المقرات العسكرية من الطرفين، التي كانت سبباً في اندلاع تلك الاشتباكات، وإحالتهم للقضاء وإنزال العقوبة بحقهم حتى انتهاء التحقيق وصدور الحكم من اللجنة القضائية. 

وروعت الاشتباكات المدنيين من سكان عفرين والنازحين إليها، الأمر الذي يشتكي منه الأهالي على الدوام، إذ يشكل وجود المقرات العسكرية للفصائل المختلفة داخل الأحياء السكنية، لا سيما التابعة للجيش الوطني، وضمن مناطق النفوذ التركي، معضلة لم يتم التوصل إلى حلها، وتزيد سوءاً مع حالات الاقتتال المستمرة بين تلك الفصائل داخل المدن والبلدات، الأمر الذي ينجم عنه وقوع ضحايا بين صفوف المدنيين، في كثير من الأحيان.

وقضى مدنيان اثنان، وجُرح 12 آخرون صباح اليوم، إثر انفجار سيارة مفخخة ركنها مجهولون داخل السوق الشعبي وسط بلدة الراعي شمالي سورية، والتي تحوي على معبر حدودي مع تركيا.

وأكد أحد أبناء البلدة لـ”العربي الجديد أن “مالك السيارة التي انفجرت وسط السوق، سلم نفسه للشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني”، لافتاً إلى أن مالك وسائق السيارة أشار في التحقيقات الأولية إلى أن “أشخاصاً (زبائن أُجرة) كانوا بسيارته، وتركوا حقيبة داخل السيارة وترجلوا منها قبل وصوله للسوق”.

يأتي ذلك في ظل الفلتان الأمني، في مناطق شمال سورية بين أرياف حلب والرقة والحسكة، والمشار إليها بمناطق “درع الفرات”، و”غصن الزيتون”، و”نبع السلام”، والواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني ونفوذٍ تركي، والتي ينجم عنها تفجيرات مستمرة لسيارات مفخخة وزرع عبوات ناسفة بالإضافة لعمليات الخطف والاغتيال، والتي يكون ضحاياها في الغالب من المدنيين.

العربي الجديد

—————————-

داعش يتبنى عمليات في دير الزور… والتحالف يرسل رتلاً إلى المنطقة/ محمد الأحمد

قضى مدني وجُرح ثلاثة آخرون، ظهر اليوم الإثنين، إثر قصف مدفعي لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) استهدف قريتي العجمي والسكرية الكبيرة المحاذيتين لمدينة الباب بريف حلب الشرقي شمالي سورية، سبقه بساعات قصف مدفعي وصاروخي لفصائل “الجيش الوطني” المعارض والجيش التركي، استهدف قرى ونقاطاً في قرى البويهج، وجب مخزوم، والحوتة تتمركز فيها عناصر “قسد”، والواقعة شرق مدينة الباب شمالي سورية.

ففي “منطقة خفض التصعيد الرابعة” (إدلب ومحيطها)، أنهى الجيش التركي صباح اليوم إنشاء نقطة عسكرية جديدة، تمركزت على التل الواقع وسط بلدة قسطون في سهل الغاب غرب حماة، والمُطل على مواقع ومعسكرات عديدة لقوات النظام والميليشيات المساندة لها في الريف الغربي للمحافظة. واستمر العمل بتجهيز النقطة لأيام مضت، بتهيئة الكتلتين الصغرى والكبرى ضمن التل، وتعزيزه بدبابات وعربات مصفحة وحفر الأنفاق ورفع المتاريس، بالإضافة لوضع العديد من الكتل الإسمنتية والمحارس. وتعتبر هذه النقطة الثانية في قسطون، بعد الأولى التي تم إنشاؤها قبل شهر داخل مدرستي البلدة، وضمن مناطق سهل الغاب الواقعة جنوب طريق حلب – اللاذقية “إم 4″، التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة فيما تبقّى من “خفض التصعيد”.

فيما لا تزال قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له مستمرةً في خروقاتها بشكلٍ شبه يومي مستهدفةً صباح اليوم قرى وبلدات “القرقور، والزيارة، وقسطون، والعنكاوي، والقاهرة، والرويحة، والفطيرة، وسفوهن، وكفرعويد”، وجميعها في أرياف حماة الغربية وإدلب الجنوبية الواقعة جنوب “خفض التصعيد”.

شرقي سورية، فرضت “الإدارة الذاتية” الكردية على الأهالي في جميع المدن والبلدات شرق الفرات، وخاصةً في محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، إغلاقاً تاماً لجميع المحلات التجارية والصناعية والخدمية العامة والخاصة، وإيقاف الحياة المدنية، لمصادفة الذكرى 22 لإلقاء الاستخبارات التركية القبض على عبد الله أوجلان زعيم “حزب العمال الكُردستاني” (PKK) في كينيا. كما جابت سيارات وضعت عليها مكبرات صوت تابعة للإدارة الذاتية الشوارع والأحياء، مطالبةً الأهالي الالتزام التام بإغلاق المحال التجارية بجميع أصنافها فيما سمّوه باليوم الأسود، وتزامن ذلك مع تنظيم مسيرات رُفعت فيها صور “أوجلان”، ردد المشاركون فيها شعارات تمجّد القائد الكردي، في حين لم تلتزم المحال المحسوبة على عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي “PYD” و”قسد” بالإغلاق.

واندلعت اشتباكات عنيفة، ظهر الإثنين، بين مجموعتين تتبعان لـ”فرقة السلطان مراد”، إحدى تشكيلات الجيش الوطني المعارض والحليف لتركيا، في بلدة العريش المحاذية لمدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي، شرقي سورية، ضمن ما يُعرف بمنطقة “نبع السلام”، ما أدى لوقوع خمسة جرحى من عناصر الطرفين، أحدهم بحال خطرة.

وفي سياق منفصل، أفادت مصادر محلية في دير الزور أن ملثمين يستقلون دراجة نارية أطلقوا النار على عنصر لقوات “قسد”، صباح اليوم على طريق قرية الحجنة بريف دير الزور الشرقي، ما أدى لمقتله على الفور”. في حين تبنى تنظيم (داعش) العملية عبر وكالات إخبارية مقربه منه، كما تبنى التنظيم اليوم عملية استهداف عربة عسكرية لـ”قسد”، والتي قضى فيها عنصران من الأخيرة يوم أمس الأحد، وسط بلدة البصيرة شرقي دير الزور. كما قُتل مدني، إثر استهدافه بعدة طلقات من قبل مجهولين يستقلون دراجة نارية بالقرب من ملعب الحمر في قرية ماشخ بريف دير الزور الشرقي.

في دير الزور أيضاً، كشفت شبكات محلية أن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة أرسلت، مساء اليوم، رتلاً عسكرياً يحمل معدات لوجستية وشاحنات ذخائر وآليات مدرعة إلى قاعدة كونيكو العسكرية، التابعة للتحالف شمال مدينة دير الزور، في ظل استمرار تدفق الإمدادات العسكرية إلى قواعد التحالف الدولي في المنطقة.

وشرقي المحافظة، قالت شبكة “عين الفرات” إن ميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني أخلت عدداً من مقراتها، فجر اليوم، في مربعات المعري والجمعيات الأمنية وسط مدينة البوكمال شرقي دير الزور. مُشيرةً إلى أن “ذلك الاستنفار جاء بعد القصف الجوي الذي تعرّض له مقر قيادة الفرقة الأولى في ناحية الكسوة، والفوج 165، إضافة لمقرات تتبع للفرقة الرابعة على طريق بيروت دمشق القديم غرب العاصمة دمشق. لافتةً إلى أن “عناصر الميليشيا انتشروا في شوارع المدينة ومحلاتها وأحيائها المأهولة ليتخذوا من المدنيين دروعاً بشرية”.

أما في الرقة، فقد أصيب عنصران يتبعان لـميليشيا “الدفاع الوطني” الرديفة لقوات النظام، بجروح بليغة إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها مجهولون بسيارتهما العسكرية قرب بلدة الشريدة بريف الرقة الشرقي، الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية.

العربي الجديد

—————————-

========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى