سياسة

خلافات المعارضة السورية إلى العلن ومصير اللجنة الدستورية، تشكيل “المجلس العسكري”، وتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود” -تحليلات ومقالات مختارة-

خلافات “المنصات”فصل من أزمات التمثيل داخل المعارضة السورية/  ريان محمد

يبدو المشهد السياسي للمعارضة السورية اليوم معقداً إلى حد كبير، في انعكاس واضح لحالة استعصاء الحل السياسي للأزمة السورية. وتعصف حالة من التشظي والانقسام بما يعرف بـ”منصة القاهرة” بينما لا يبدو وضع باقي المكونات السياسية المعارضة أفضل، وعلى رأسها الهيئة العليا للتفاوض. وتبرز مساعٍ لعقد عدة مؤتمرات وإعادة ترتيب التحالف، ما قد يدفع إلى هيكلة الهيئة العليا للتفاوض، وبالتالي اللجنة الدستورية المعارضة من جديد.

وتتفاقم الخلافات داخل “منصة القاهرة”، على أساس الانقسام الذي ظهر عقب عقد 25 شخصية، من بينهم غالبية ممثلي الأمانة العامة لمؤتمر القاهرة الذي التأم منتصف العام 2015، لاجتماع في الأول من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تمخض عنه تشكيل لجنة سياسية مكونة من 8 شخصيات، تعمل حالياً على تشكيل مكاتب عمل لها. في المقابل غاب ممثلو “هيئة التنسيق الوطنية” رغم دعوتهم، إضافة إلى “تيار الغد” الذي يترأسه أحمد الجربا، ويمثله في المنصة أحمد شبيب، إضافة إلى منسق المنصة في هيئة التفاوض وممثل “شباب الحراك الثوري” فراس الخالدي. يومها وقع الخالدي وشبيب بياناً مشتركاً باسم “منصة القاهرة” إثر الاجتماع، وصلت في حينه نسخة منه لـ”العربي الجديد”، قالا فيه إن بعض المواقع الإعلامية تطرقت إلى عقد اجتماع افتراضي نسب “زوراً” إلى مؤتمر القاهرة. واعتبرا أنه لا يمثل مؤتمر القاهرة، ولم تتم مناقشته على مستوى المنصة، لكنه اجتماع دبّر في ليل، وكان الهدف منه ربما تجاوز بعض الاستحقاقات التنظيمية، ولحماية بعض الأشخاص ومآرب شخصية بحتة.

وأفاد مصدر معارض، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع “العربي الجديد”، بأن أمين سر لجنة متابعة مؤتمر القاهرة وعضو الهيئة العليا للتفاوض عن “منصة القاهرة” قاسم الخطيب، أعد كتاباً لهيئة المفاوضات يطلب فيه استبدال فراس الخالدي بصالح نبواني، أحد المشاركين باجتماع الـ25 شخصية الشهر الماضي والقيادي في تيار “قمح” الذي يترأسه هيثم مناع. مع العلم أن “تيار الغد” السوري فصل الخطيب من أمانته العامة العام الماضي، برغم نفيه انتمائه للتيار سابقاً، الأمر الذي أظهر وجود خلاف بينه وبين الجربا، أعاده الأول للخلاف حول آليات عمل الهيئة وما عرف بملف المستقلين.

وعلى أثر هذا التطور، أرسل الخالدي كتاباً آخر إلى هيئة التفاوض يطلب فيه استبدال الخطيب، وهو عضو “هيئة التفاوض” وعضو اللجنة الدستورية، وأن يحل مكانه نضال محمود الحسن عضواً في “الهيئة” وتليد صائب عضواً في اللجنة الدستورية. فما كان من هيئة التفاوض، برئاسة أنس العبدة، إلا أن أقرّت كتاب الخالدي، في وقت غاب عن الجلسة كل من “هيئة التنسيق الوطنية” و”منصة موسكو”. وكان الطرفان علقا مشاركتهما في اجتماعات الهيئة منذ نحو عام، على خلفية خلاف حول ما عرف بمؤتمر المستقلين الذي عقد نهاية 2019، وهدف إلى ضم عدد من الشخصيات إلى كتلة المستقلين في “هيئة التفاوض”، الأمر الذي رفضه الائتلاف حينها.

ويبدو أن موافقة العبدة على كتاب الخالدي، أثارت حواراً ما بين “هيئة التنسيق” و”منصة موسكو” وعدد من مكونات مؤتمر القاهرة، حيث يتم العمل حالياً على إصدار بيان يبين مواقفهم من آخر التطورات، ويتوقع أن يصدر قريباً، بحسب المعلومات التي وصلت إلى “العربي الجديد”.

واعتبر الخالدي، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لم يتم تغيير ممثلي المنصة (في الهيئة العليا للتفاوض)، بل إن (الخطيب) كان ممثل تيار الغد في المنصة، (وفصله) يستدعي استبداله في كل مكان محسوب لتيار الغد. وقاسم الخطيب ليس ممثلاً بشخصه، لكنه ممثل لتيار الغد، الذي هو مكون أساسي في منصة القاهرة، ولا يزال يدعم المنصة وجزءا أساسيا منها”. وأضاف “دائماً وجود المكونات كلها أفضل، لكن الديمقراطية لا يتم تعطيلها بالمقاطعة أو بمحاولة سيطرة أو قرار مكون. وأظن أن هذه الممارسة ستعطي انطباعاً سيئاً على كل من يدعي أنه يدعم الديمقراطية ويحارب من أجل إحلال المؤسسات وعملها”.

وحول شرعية موافقة “هيئة التفاوض” على تغيير ممثلي “المنصة”، رأى الخالدي أن “شرعية قرارات الهيئة واضحة بنظام داخلي، والجميع توافق عليه. لذلك كل ما يتسق مع هذا النظام هو شرعي، وغير ذلك محاولة لمصادرة قرارات باقي المكونات”. ونفى أن يكون الخطيب ليس ممثلاً لـ”تيار الغد”، قائلاً “لو كان ذلك صحيحاً لكان الطلب في استبداله مرفوضا من قبل الهيئة العليا للتفاوض”. وأعاد الخالدي عدم مشاركتهم في الاجتماع الذي عقد بداية ديسمبر الماضي، لما سماه “أموراً داخلية”، معتبراً أن موقف “المنصة واضح”.

وقال أحد أعضاء مؤتمر القاهرة، طلب عدم نشر اسمه، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “هناك مساعي جدية لعقد جولة جديدة من مؤتمر القاهرة، تعيد تجميع أكبر قدر ممكن من القوى السياسية الديمقراطية. ويدور منذ أشهر حوار مع الخارجية المصرية والعديد من القوى السياسية في هذا الإطار، في وقت يتم تناقل معلومات غير رسمية عن عزم السعودية والإمارات، بدعم روسي أميركي، عقد اجتماع جديد في الرياض، يهدف إلى إعادة تشكيل الهيئة العليا للتفاوض، على أساس التساوي بعدد الممثلين بين المنصات، الأمر الذي سيمنع الائتلاف من السيطرة على القرار، وبالتالي إضعاف السطوة التركية على اللجنة، ويخرج الهيئة من حالة الشلل الذي تعيشه منذ نحو عام”.

وبالتزامن مع هذه الأجواء المشحونة، تسعى عدة قوى لعقد مؤتمرات سياسية. فـ”هيئة التنسيق الوطنية” تحضر لعقد مؤتمر يضم عدداً من القوى تحت جبهة أطلق عليها اسم “جود”، ويتم العمل عليه منذ نحو عامين. وشكلت مجموعة من القوى والمستقلين المعارضين، أبرزهم هيثم مناع وخالد المحاميد واللواء محمد حاج علي، لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر تحت عنوان “المؤتمر السوري لاستعادة السيادة”. إلا أنه يبدو أن القيود التي فرضتها الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا على السفر، وعدم نضوج توافقات دولية وإقليمية، تؤجل عقد هذه المؤتمرات، التي يترقب الساعون إلى عقدها وجود استحقاقات أو خطوات سياسية جديدة في مسار حل الأزمة السورية.

العربي الجديد

——————————–

الخلاف في هيئة التفاوض يتفاقم.. رسالة تُطالب بتدخل بيدرسون “السريع”/ صبحي فرنجية

تفاقمت حدّة الخلاف داخل هيئة التفاوض السورية، ودخلت حيّزًا غير مسبوق، وذلك مع إرسال كل من هيئة التنسيق الوطنية، منصة موسكو، وجزء من منصة القاهرة رسالة إلى المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، يطالبونه بالتصرف سريعاً، والدفع نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية، ما يعني إدخال بيدرسون كوسيط داخل الهيئة وليس وسيطًا بين النظام والهيئة فحسب.

وجاء في الرسالة، التي وصل إلى “العربي الجديد” نسخة عنها، والتي أُرسلت إلى بيدرسون يوم 13 من الشهر الجاري، كما تم إرسال نسخ عنها إلى كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، أن على بيدرسون ضرورة التصرف سريعاً حفاظاً على وحدة اللجنة الدستورية وعلى استمرارها، وعدّت أنه نتيجة لعدم حماية الأمم المتحدة لاستقلالية عمل اللجنة الدستورية، قام الطرف المعطل ضمن الهيئة بإبعاد الزميل مهند دليقان عن اللجنة المصغرة.

وعدّت الرسالة أن هناك “طرفاً معطلاً” ويسيطر الآن على هيئة التفاوض السورية، في إشارة ضمنية إلى المكونات الثلاثة (الائتلاف، كتلة العسكر، وكتلة المستقلين)، وأن هذا الطرف يعقد اجتماعاته طوال سنة كاملة دون حضور هيئة التنسيق الوطنية ومنصة موسكو ومنصة القاهرة (أي خلافاً للقرار 2254)، وأنه مرر باجتماع لهيئة التفاوض السورية، لم تحضره أي من الأطراف الموقعة على هذه الرسالة، قراراً بإنهاء عضوية الأستاذ قاسم الخطيب في كل من اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض السورية، وبشكل غير قانوني.

ودعت الرسالة بيدرسون إلى “عدم قبول أي قرار استبدال قبل الوصول إلى توافق ضمن مكونات هيئة التفاوض السورية، وكذلك للدفع عبر جهودكم الحميدة نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية”.

وكان فراس الخالدي، منسق منصة القاهرة وعضو هيئة التفاوض السورية، أرسل قبل أيام كتاباً إلى هيئة التفاوض السورية يطلب فيه استبدال قاسم الخطيب، وهو عضو هيئة التفاوض وعضو اللجنة الدستورية، وأن يحل مكانه نضال محمود الحسن عضواً في الهيئة، وتليد صائب عضواً في اللجنة الدستورية، وذلك بعد خلافات وانقسامات داخل منصة القاهرة نفسها.

ويرى مصدر في هيئة التفاوض، خلال حديثه إلى “العربي الجديد”، أن قبول قرار استبدال قاسم الخطيب جاء “بشكل قانوني”، حيث تلقّت الهيئة طلباً باستبدال الخطيب من قبل منسق منصة القاهرة الرسمي في الهيئة فراس الخالدي، وهو الشخص المُعتمد من قبل الهيئة والمنصة، مضيفًا أنه “عندما تم طرح الموضوع خلال اجتماع الهيئة حصل قرار الاستبدال على موافقة 24 عضواً في الهيئة وهو ما يفوق نسبة الـ(60%)، وبحضور منسق منصة القاهرة، إضافة إلى عضو المنصة أحمد شبيب”، ويؤكد المصدر أن “الاستبدال هو حق أي مكون، وأن التصويت هو على قبول الشخص وليس للموافقة على فكرة الاستبدال”.

وقال المصدر أيضاً “إن إشكالية مهند دليقان في اللجنة الدستورية هي ليست جديدة أو متزامنة مع موضوع استبدال الخطيب”، ولفت المصدر إلى أن “قرار استبعاد دليقان عن هيئة التفاوض واللجنة الدستورية تم اتخاذه خلال ولاية رئيس الهيئة السابق نصر الحريري، كما أن هيئة التفاوض أخطرت منصة موسكو بقبولها إدخال أي شخص جديد إلى الهيئة واللجنة الدستورية بدلًا عن دليقان، إلا أن منصة موسكو أصرّت على إعادة دليقان إلى الهيئة واللجنة”.

كما علم “العربي الجديد” أن رئيس هيئة التفاوض الحالي أنس العبدة أبدى مرونة حيال عودة مهند دليقان، وذلك في إطار حلّ المشكلة التنظيمية للمستقلين. وكان العبدة قدّم مقترحاً للحل قبل أشهر يتضمن وجود أربعة مستقلين من القدامى، وأربعة مستقلين من الجدد الذين تم انتخابهم من قبل هيئة التنسيق، ومنصّتي القاهرة وموسكو نهاية العام 2019، كما تضمن مقترح العبدة رفع عتبة التصويت في الهيئة إلى 60 بالمئة، ما يعني عدم سيطرة أي تحالف داخل الهيئة على القرار.   

من جهته، قال عضو منصة موسكو مهند دليقان، في تصريح لــ”العربي  الجديد”، إن “المنصات التي أرسلت هذه الرسالة هي منصات معترف بها ضمن القرار 2254 كممثل للمعارضة السورية”، مشيرًا إلى أن “عمليات التعطيل والاستئثار والإقصاء التي يمارسها البعض مكررين عقلية (الحزب القائد) هي ما دفعت هذه الأطراف لإرسال هذه الرسالة”.

وأضاف دليقان: “الاجتماعات التي تجري وستجري لاحقاً بين أطراف في المعارضة السورية هي خطوات ضرورية لإعادة التوازن، وإنهاء هيمنة أعداء الحل السياسي على العملية السياسية وتعطيلهم لها تالياً”.

وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن الطرف الآخر من منصة القاهرة، والذي طلب استبدال الخطيب، أرسل هو الآخر رسالة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسون قبل يومين، وجاء فيها أن منصة القاهرة لم توقع على الرسالة التي تم إرسالها من قبل هيئة التنسيق ومنصة موسكو، وأن طلب استبدال قاسم الخطيب هو رسمي وقانوني.

أُرفقت الرسالة بملحق يحمل اسم “لائحة المخالفات التنظيمية المرتكبة في اغتصاب موقع الزميل قاسم الخطيب”، جاء فيه أن قرار استبدال قاسم الخطيب، والذي تم خلال اجتماع هيئة التفاوض يوم 11 الشهر الجاري، هو “قرار غير شرعي”، وذلك لأسباب منها أن الفقرة الرابعة من المادة (11) من النظام الداخلي لهيئة التفاوض السورية تنص على أن قيادة أي مكون من مكونات الهيئة هي من يستبدل ممثلي المكون، وأضاف الملحق أن قيادة منصة القاهرة هي لجنة مؤتمر القاهرة، وكانت الأمانة العامة قد أسقطت عضوية فراس الخالدي في اللجنة، وهي لم تطلب بأي حال استبدال الزميل قاسم الخطيب، وعدّ الملحق أن طلب فراس الخالدي هو طلب شخص منفرد ويخالف قرارات قيادة منصة القاهرة، ولذلك فإنه لا يعتد به ومن الضروري رفضه شكلاً.

كما جاء في الملحق: “الأسماء المقترحة من قبل السيد فراس الخالدي (نضال الحسن وتليد صائب) ليست أعضاء في مؤتمري القاهرة 1 و2 ومؤتمري الرياض 1 و2، وبالتالي لا يحق لهم المشاركة باسم منصة القاهرة”، ووصفت الأطراف أن هذا يُعد تجاوزاً لإرادة مؤتمر القاهرة وخرقاً لقرار مجلس الأمن 2254 واللائحة الداخلية لهيئة التفاوض.

ووفق الملحق، فإنه حتى في حال رغبت قيادة منصة القاهرة المتمثلة في لجنة مؤتمر القاهرة في إبعاد الزميل قاسم الخطيب عن اللجنة الدستورية، فإن عضويته في اللجنة المصغرة جاءت نتيجة تفاهم بين منصة القاهرة ومنصة موسكو على شخص قاسم الخطيب بالذات، وأنه لا يجوز أن يكون البديل من منصة القاهرة، وذلك بناء على طلب منصة موسكو بتاريخ 11-1-2021 الموجه إلى رئيس اللجنة الدستورية.

ووصف الملحق المجتمعين من الهيئة يوم 11 الشهر الجاري، بأنهم “يعتدون بشرعية منزوعة”، وبرر ذلك بأسباب هي انتهاء شرعية الأعضاء المستقلين منذ اجتماع الرياض للمستقلين بتاريخ (28-27) – 2019-12، والذي انبثق عنه ممثلون جدد للمستقلين في هيئة التفاوض السورية، عدم حضور مكونات الهيئة التي أفرزها مؤتمر الرياض 2 ونصّ عليها القرار 2254، عدم اعتراف الأطراف الموقعة بشرعية مدّعي رئاسة هيئة التفاوض السورية.

وبحسب أعضاء في هيئة التفاوض تواصل “العربي الجديد” معهم، فإن الادعاء بعدم شرعية قبول استبدال الخطيب غير دقيق، حيث إن طلب استبداله كان رسمياً من الشخص المعتمد، كما شككوا بالقول بعدم شرعية قبول شخصيات جديدة لم تحضر اجتماعات القاهرة والرياض، وقالوا: “إنّ عضو منصة القاهرة في هيئة التفاوض أحمد شبيب لم يكن عضوًا في منصة القاهرة، ورغم ذلك لم يكن هناك اعتراض على وجوده من المنصات التي تعترض الآن”، وأشاروا إلى أن هناك شخصيات لم تكن في مؤتمر الرياض وتم قبولها سابقًا في الهيئة مثل ياسر دلوان عن كتلة العسكر، كما أكد أحدهم: “ما يُهم هو المنصة، حيث إنها كانت ضمن مؤتمر الرياض، وقبول الشخص يأتي نتيجة قبول الهيئة بقرار المنصة”.

وحول وجود قاسم الخطيب في اللجنة المصغرة للدستورية بأنه نتيجة توافق بين منصتي القاهرة وموسكو، أوضح مصدر في هيئة التفاوض لـ”العربي الجديد” أن وجود الخطيب أتى بقرار وتوافق في الهيئة وليس ضمن قرار توافقي بين المنصتين، وأوضح أن منصة موسكو قديمًا تراجعت عن هذا الاتفاق الذي تزعم وجوده، إلا أن الهيئة كانت قد اتخذت قرارها بتعيين الخطيب بتوافق عام، وليس وفق قرار منصة موسكو قبول الاتفاق بينها وبين منصة القاهرة.

كما استبعد المصدر أن تحقق الرسالة مرادها، وقال إن عملية الاستبدال تمّت، وقانونًا لا يحق للمبعوث الأممي غير بيدرسون عدم قبول طلب الهيئة استبدال أو استبعاد أحد أعضائها في اللجنة الدستورية، وتوقّع المصدر أن يحضر تليد صائب، كممثل عن منصة القاهرة، اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة القادمة بعد أيام. 

وتجدر الإشارة إلى أن “العربي الجديد” تواصل مع هيئة التنسيق الوطنية للوقوف على حيثيات الرسالة وتأثير احتدام الخلاف على توازن مكونات هيئة التفاوض، إلا أن المنصة فضّلت عدم الرد على تساؤلات “العربي الجديد”.

العربي الجديد

———————————-

انحياز بيدرسون ومسايرته للنظام السوري.. تعطيلٌ للقرارات الدولية/ أسامة آغي

يبدو المسار التفاوضي، بين قوى الثورة السورية والنظام السوري، على قاعدة القرار الدولي 2254، موضع شكٍ جديٍ، على صعيد تنفيذ هذا القرار، فديمستورا، الذي ساير موسكو على تجزئة القرار الدولي رقم 2254 إلى سلال أربع، كان يعرف بتوجهات موسكو حول تفريغ هذا القرار عبر التجزئة من مضمونه وفعاليته، هذه المسايرة كانت على حساب القرار المذكور، وعلى حساب حقوق السوريين في الانتقال السياسي، ويصبّ في عرقلة الخلاص من نظام استبدادي فظيع، لا يزال جاثماً على صدر السوريين منذ أكثر من خمسين عاماً.

بيدرسون وريث ديمستورا في منصب المبعوث الأممي، هو الآخر ينحو منحى سلفه، فمسايرته للنظام السوري في تعطيل جلسات التفاوض، وفي محاولات التركيز على سلة واحدة هي السلة الدستورية، يعني في المحصلة مساهمة في إعادة انتاج النظام وفق الرؤية الروسية.

في هذا السياق يقول رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة في حوار له مع صحيفة (العربي الجديد): “إن فريق الأمم المتحدة الخاص بسوريا، يتغاضى عن ذكر مسارٍ أساسيٍ في العملية السياسية، وهو الانتقال السياسي”. ويرى العبدة في ذات السياق أن هذا يجعل الدور الأممي ملتبساً”

ويؤكد العبدة: “أن الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية ستكون محورية، وستحدد طريقة تعاملنا مع هذا المسار”.

الموقف الغربي سواء موقف الولايات المتحدة الأمريكية أو موقف الاتحاد الأوربي، أو موقف باقي من يطلقون على أنفسهم مجموعة أصدقاء سوريا، هو موقف هشٌ بالمعنى الاستراتيجي، فهو لا يلحظ بجدية حقوق شعب السوري، الذي لا يزال ينزف دماً ودماراً وهدر حقوق.

الموقف الغربي، لا يمكن أن يتطور لمصلحة السوريين بصورة فعالة، بدون إحساس هذا الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة، بأن الثورة السورية إذا ما استطاعت ترتيب أوضاعها الداخلية بصورة جدية، فستشكل عامل ضغط جدي عليهم فيعيدون حساباتهم المرحلية والاستراتيجية حيال ضرورة المساعدة السريعة في إنجاز الانتقال السياسي في هذا البلد.

هذا الأمر يتطلب بصورة سريعة تغييراً في مواقع وأساليب عمل قوى الثورة والمعارضة، فالمعارضة بمؤسستها الرئيسية الائتلاف لا تزال بعيدة كل البعد عن القدرة على لمّ السوريين حول موقف وطني وثوري واضح، هذا البعد له علاقة بطبيعة تكوينها وجهة تمويلها، ما يجعلها عاجزة عن فعلٍ مبادرٍ يقود قوى الثورة نحو إجبار القوى الإقليمية والدولية على تغيير مواقفهم المهادنة لبقاء نظام الأسد.

وكي لا تبدو الأمور غامضة، يمكننا التساؤل المشروع والعلني، إذا كان فريق اللجنة الدستورية سيستمر بالتفاوض، دون سقف زمني، ودون تزامن مع السلال الثلاث الباقية؟ وإذا كان فريق المعارضة والمجتمع المدني، سيضغط بصورة ملموسة، على النظام والروس وبيدرسون، من خلال رفض الانخراط بمفاوضات دستورية، لا تترافق بغير اشتراط وقف مهزلة الانتخابات التي يحضّر لها بشار الأسد ونظامه.

تبرير الاستمرار بتفاوض لا نتائج له أو لا مردود له لصالح الشعب السوري، سيكون بصراحة خدمة غير مقصودة تقدمها المعارضة المنخرطة بفريق اللجنة الدستورية.

إن قوى الثورة معنية جدياً بالسير وفق أحد المسارات التالية:

المسار الأول: يتعلق بإعادة إنتاج قوى الثورة لمؤسستها الثورية على قاعدة الإصرار على تنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع بين النظام وحلفه وبين قوى الثورة والشعب السوري.

هذا المسار يتطلب تغييراً عميقاً ببنية مؤسسات المعارضة ووظائفها وأدواتها، وبالتالي فتح الأفق لرفدها بالطاقات الكبرى التي يحوزها السوريون المؤمنون بالتغيير السياسي نحو دولة ديمقراطية، وهو يعني ببساطة البحث عن تمويل وطني شعبي خارج تمويل دول ذات أجندات متحكمة باستقلالية القرار الوطني للثورة السورية.

المسار الثاني: يكون عبر قبول المعارضة شروط اللعب والتسويف، اللذين يمارسهما النظام، بدعم إيراني وروسي صريحين، وهذا يعني، أن المتصدرين للتفاوض باسم المعارضة، عليهم تسمية الأمور بأسمائها، دون تورية، وغموض، واستخدام مفردات، لا دلالات واضحة لها.

هذا المسار لن يكون عمره طويلاً، فهو يعمل ويراكم لمصلحة نظام الأسد بطمس كل الجرائم والقيام بغسل النظام لجرائم الحرب، والجرائم بحق الإنسانية التي ارتكبها، وبيان أن الدمار هو فعل حرب أهلية كما أراد الترويج لذلك وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي لا يريد، أن يقول إن السوريين ثاروا سلمياً ضد طاغية، يتحالف مع عدو لهم هو إيران.

هذا المسار الثاني يعني في نهايته طي صفحة معارضة هشة ووظيفية، وانتقال فعاليتها لأطوار خارج الثورة السورية، وخارج التغيير السياسي في البلاد، على قاعدة القرارات الدولية، وفي مقدمتها القرار 2254.

المسار الثالث: وهو على ما يبدو يتم التحضير له دولياً، إذ ستكون سوريا ثلاث مناطق رئيسية وربما أربع، هذه المناطق ستتشكل بصورة جدية في شمال شرقي سوريا (الجزيرة والفرات) بإدارة أمريكية مبتكرة، ربما يراد منها استقرار هذه المنطقة لجهة التحضير لمعارك دولية أو إقليمية قادمة.

والمنطقة الثانية المحتملة، ستكون مكونة من مناطق شمال حلب وإدلب ومناطق نبع السلام، فهذه المنطقة هي الأخرى تحتاج إلى ضبط أمني وعسكري جديدين، تساعد في تحقيقهما الدولة التركية، التي يهمها ألا يقع تهديد لأمنها القومي، ويهمها كذلك تنمية المنطقة اقتصادياً، ووفق هذه الرؤية المحتملة، ستشكل هذه المنطقة عامل جذب اقتصادي وسياسي واجتماعي للسوريين الطامحين بالعودة إلى سوريا، والعيش بأمان واستقرار فيها.

المنطقة الثالثة: هي ما يضع النظام والإيرانيون والروس يدهم عليه من مناطق حتى الآن، هذه المناطق لن تشهد تطورات استقرار في ظل وجود قوى احتلالات منها إيرانية وأخرى روسية وثالثة ميليشاوية. الهدف من بقاء هذه الاحتلالات هو انتخاب الأسد، وبالنسبة لهذه القوى الدولية، وجود الأسد عامل تبرير لوجودهم، وهو يعني استمرار الاحتلالات لتغيير ديمغرافي ولمزيد من النهب الاقتصادي لثروات السوريين.

لهذا يمكننا أن نقول بملء الفم، إن استمرار المعارضة ومؤسساتها الحالية هو رهن بإفشال النظام تنفيذ القرارات الدولية، وهذا يتطلب من قيادات وطنية شريفة داخل هيئات المعارضة العمل على الانفكاك التدريجي من التدخلات الدولية، والعمل على التحصن بالحاضنة الشعبية والثورية السورية.

هل تنهض المعارضة بهذا الدور الحاسم، أم سيلفها النسيان قريباً؟. ننتظر التطورات.

————————-

انقسام “منصة القاهرة” يتمدد إلى هيئة التفاوض السورية/ أمين العاصي

تجددت الخلافات بين مكونات هيئة التفاوض التي تمثل المعارضة السورية في المفاوضات مع النظام التي ترعاها الأمم المتحدة بهدف التوصل إلى حل سياسي للقضية السورية، وفق قرارات دولية ذات صلة، أبرزها القرار 2254، ووصل صداها هذه المرة إلى المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، الذي تلقّى قبل أيام رسالة من كل من هيئة التنسيق الوطنية، منصة موسكو، وجزء من منصة القاهرة، يطالبونه بالتصرف سريعاً، والدفع نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية.

وفي السياق، أكدت منصة “القاهرة”، في بيان صحافي نشر أول من أمس الأحد، أنها “تتعرض لحملة هدفها الإساءة لها”، مشيرة إلى أنّ “بعض الأطراف نقلت الحملة إلى داخل هيئة التفاوض، من أجل استبعاد ممثلي منصة القاهرة فيها وفي اللجنة الدستورية”. وتشير المعطيات إلى أنّ الخلافات داخل هيئة التفاوض بدأت مع ظهور تيارين داخل منصة القاهرة أواخر العام الفائت، يدّعي كل منهما شرعية تمثيل هذه المنصة. ويحاول كل تيار فرض ممثلين عنه في هيئة التفاوض وفي اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، ويشارك فيها أغلب ممثلي المعارضة السورية المنضوين في هيئة التفاوض. ويبدو أن الأخيرة التي يرأسها أنس العبدة، اعتمدت التيار الذي يقوده فراس الخالدي ممثلاً لمنصة القاهرة، فوافقت على طلب الأخير استبدال قاسم الخطيب، وهو عضو هيئة التفاوض وعضو اللجنة الدستورية، ليحلّ مكانه نضال محمود الحسن عضواً في الهيئة، وتليد صائب عضواً في اللجنة الدستورية.

من جانبه، قال عضو الهيئة السياسية في “الائتلاف الوطني السوري”، يحيى مكتبي، إنّ “ما يجري داخل هيئة التفاوض مردّه خلافات داخل منصة القاهرة”. وأشار، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ العبدة “تعامل مع الأمر بالطرق الرسمية حسب الأصول”، مستبعداً أي محاولة لسحب البساط السياسي من تحت الائتلاف في الهيئة. وأضاف: “هيئة التفاوض هي نتاج تفاهم إقليمي ودولي وبناء على القرار 2254”.

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات السورية تأسست في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2015 خلال اجتماع عقدته أطراف المعارضة السورية في الرياض، وضم أبرز تيارات قوى الثورة والمعارضة السورية، منها “الائتلاف الوطني السوري”، وهيئة التنسيق الوطنية التي يُنظر إليها كممثلة لمعارضة الداخل السوري. وتمخض اجتماع المعارضة الرسمي الثاني في الرياض والذي عقد أواخر عام 2017، عن تغييرات في بنية الهيئة، حيث تشكلت من 36 عضواً، يمثلون “الائتلاف الوطني السوري”، وهيئة التنسيق الوطنية، والمستقلين، والفصائل العسكرية، ومنصتي القاهرة وموسكو اللتين دخلتا الهيئة نتيجة ضغوط إقليمية، خصوصاً من مصر والسعودية وروسيا. وجرى استبعاد عدد من “الصقور” في المعارضة السورية عن الهيئة، أبرزهم رياض حجاب الذي رأس الهيئة في الدورة الأولى لها، بينما اختارت شخصيات أخرى الانسحاب من المشهد.

في السياق، عبّر الباحث السياسي في “مركز الحوار السوري”، محمد سالم، عن اعتقاده بأنّ الخلافات داخل هيئة التفاوض اليوم “هي نتيجة طبيعية لقبول المعارضة الرسمية الارتهان بشكل تام لإملاءات الدول والمضي في مسار الحل السياسي وفق الرؤية الروسية، والقبول بدخول منصة موسكو تحديداً إلى داخل صفوف المعارضة كحصان طروادة”. وأشار، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “طلب بعض مكونات هيئة التفاوض من المبعوث الأممي إلى سورية، التوسّط بين أطراف المعارضة، يعكس وضعاً بائساً جداً ويرثى له، كما يعكس حالة التخبط لدى المعارضة الرسمية”.

وأكدت مصادر في هيئة التفاوض، فضّلت عدم ذكر اسمها، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ المحاولات الأميركية “لم تنقطع خلال العام الفائت من أجل ضم مجلس سورية الديمقراطي (الجناح السياسي لقوات سورية الديمقراطية) إلى هيئة التفاوض”، مضيفةً: “لهذا، ربما نشهد مؤتمر “رياض 3″ خلال الأشهر القليلة المقبلة، من أجل إعادة ترتيب أوراق المعارضة السورية وفق الرؤية الأميركية”. وأشارت المصادر إلى أنّ تعيين بريت ماكغورك، منسقاً للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن “رسالة واضحة إلى أن واشنطن ربما تفرض قوات سورية الديمقراطية طرفاً رئيسياً في العملية السياسية”. وأوضح: “من المعروف أنّ ماكغورك كان من أكبر الداعمين لهذه القوات إبان مرحلة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، عندما كان مبعوث واشنطن إلى التحالف الدولي”. ورجحت المصادر ألا تتأثر هيئة التفاوض أو أن يتراجع دورها السياسي، نتيجة الخلافات داخل مكوناتها، مشيرةً إلى أن الهيئة “هي حتى اللحظة الممثل المعترف به إقليمياً ودولياً في مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، ولكن من الممكن أن تجري عليها تغييرات خلال العام الحالي”.

العربي الجديد

———————————–

البحرة: النوايا ستتكشف في الدورة الخامسة للجنة الدستورية السورية

قال البحرة، في مقابلة مع الأناضول، إنه “تُجرى الآن الترتيبات اللوجستية لعقد الدورة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية بجنيف، في موعدها المحدد بتاريخ 25 كانون الثاني الجاري”

1إسطنبول/ محمد شيخ يوسف/ الأناضول

** الرئيس المشارك للجنة عن المعارضة السورية هادي البحرة، في حديث للأناضول:

– الدورة الخامسة تُعقد بجنيف في 25 يناير وتناقش المبادىء الأساسية للدستور

– إضاعة الوقت تمثل إمعانا في إطالة مأساة الشعب السوري ولا يمكن استمرار عمل اللجنة ونجاحها دون جدول زمني

– نرفض انتخابات الرئاسة التي يعتزم النظام إجراءها ولا انتخابات شرعية إلا وفق التراتبية المتضمنة في القرار 2254

– نأمل أن تكون الإدارة الأمريكية القادمة أكثر انخراطا في العملية السياسية وأن تسعى إلى تفاهمات داعمة لتنفيذ القرارات الدولية

رأى الرئيس المشارك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة، هادي البحرة، أن “نوايا الأطراف كافة” ستتكشف خلال مناقشة “المبادىء الأساسية” للدستور في الدورة الخامسة للجنة يوم 25 يناير/ كانون الثاني الجاري، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه “الطرف المعيق”.

وقال البحرة، في مقابلة مع الأناضول، إنه “تُجرى الآن الترتيبات اللوجستية لعقد الدورة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية بجنيف، في موعدها المحدد بتاريخ 25 كانون الثاني الجاري”.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2254، وهو يعطي موافقة الأمم المتحدة على خطة تدعو لوقف إطلاق النار في سوريا، وإجراء محادثات بين الحكومة والمعارضة، وجدول زمني مدته نحو عامين لتشكيل حكومة وحدة، ثم إجراء انتخابات.

ووفقا للقرار، شكلت الأمم المتحدة “اللجنة الدستورية” لصياغة دستور جديد، ضمن مسار العملية السياسية، وهي مقسمة بين النظام والمعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني.

وعقدت اللجنة 4 جولات، لكن جميعها لم تسفر عن أي تقدم؛ بسبب عدم جدية نظام بشار الأسد في المناقشات، وفق المعارضة.

** المبادىء الأساسية

بشأن جدول أعمال الدورة الخامسة، قال البحرة: “تم الاتفاق على جدول الأعمال مسبقا، وهو مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور”.

ومن هذه المبادىء، وفق المعارضة، حقوق المواطنة المتساوية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، فضلا عن اللاجئين والنازحين السوريين.

وأضاف: “ما يأتي في الفصل الأول من الدستور عادة هي المبادئ الأساسية التي تؤسس وتُبنى عليها صياغات باقي فصول الدستور”.

وتابع: “نأمل أن نناقش هذه المبادئ، وأن ننجز صياغة اقتراحات المضامين الدستورية الخاصة بها”.

وأفاد بأن المعارضة استعدت للجولة المقبلة، حيث “عقدت اللجان المختصة في اللجنة الدستورية الموسعة جلسات لمناقشة الأوراق المعدة بخصوص المبادئ الأساسية في الدستور من قبل هيئة التفاوض السورية (تابعة للمعارضة)، وخرجت بأوراق مكملة وبعدد من الاقتراحات”.

وقال إن “معظم القضايا التي ستطرح باتت موضع توافق بأوراق متكاملة بخصوصها”، مشيرا أنه “قبل انعقاد الدورة المقبلة سيتم اتخاذ القرار بشأن منهجية النقاشات وآليتها ضمن اللجنة المصغرة”.

** العدالة الانتقالية

خلال جلسة لمجلس الأمن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استخدم مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، مصطلح “العدالة التصالحية”، وهو ما أثار رفضا من المعارضة السورية.

وحول استخدام بيدرسون لذلك المصطلح، قال البحرة: “تمت عملية تدقيق بالعودة إلى محاضر الاجتماعات الصوتية والمكتوبة، وتم تحديد سبب الخطأ، وهو الترجمة الفورية”.

وأضاف أن “مكتب المبعوث الخاص أصدر بيان تصويب رسمي، وأرسل البيان مرفقا بنص إحاطته أمام مجلس الأمن، كما نُشر البيان كاملا على صفحات المبعوث الخاص الرسمية بوسائل التواصل الاجتماعي”.

وأكد أن “ممثلي هيئة التفاوض السورية في اللجنة الدستورية، ومنذ بدء عملها، لا يستخدمون إلا مصطلح العدالة الانتقالية، وهذا ما نطالب بتطبيقه، فلا وجود لحل سياسي مستدام من دون تحقيق العدالة الانتقالية”.

واندلعت بسوريا في مارس/ آذار 2011، احتجاجات شعبية تطالب بالحريات وتداول سلمي للسلطة، لكن نظام بشار الأسد اختار قمعها بالقوة العسكرية، ما أدخل البلد في حرب أهلية ذات امتدادات إقليمية ودولية.

** إدارة بايدن

وردا على سؤال حول ترجيحات المعارضة بشأن النقاشات مع النظام في الدورة المقبلة، أجاب البحرة قائلا: “من طرفنا مؤكد الالتزام، أما من قبل الطرف الآخر (النظام)، فنأمل أن يكون ملتزما بقواعد وولاية واختصاصات اللجنة ونظامها الداخلي، كما في جدول الأعمال”.

وزاد بأن “إضاعة الوقت تمثل إمعانا في إطالة معاناة ومأساة الشعب السوري، وهذا مرفوض جملة وتفصيلا، ولا يمكن الاستمرار بعمل اللجنة وضمان نجاحها بتحقيق مهامها من دون وضع جدول زمني واضح”.

وأردف: “الدورة الخامسة ستظهر للمجتمع الدولي نوايا الأطراف كافة بخصوص عمل اللجنة الدستورية والعملية السياسية وتنفيذ القرار 2254، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه الطرف المعيق”.

واستطرد: “نأمل بأن تكون الإدارة الأمريكية القادمة أكثر انخراطا في العملية السياسية، وأن تسعى للتوصل إلى تفاهمات دولية وإقليمية داعمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن بسبل تختزل الوقت وتتجاوز المعرقلين وتوقف معاناة شعبنا، وتحقق تطلعاته التي ثار من أجلها”.

وتنطلق الدورة الخامسة بعد 5 أيام من تسلم جو بايدن مهام الرئاسة الأمريكية في 20 يناير الجاري، الموافق غدا الأربعاء، خلفا لسلفه دونالد ترامب.

** انتخابات غير شرعية

وحول الانتخابات الرئاسة التي يعتزم النظام إجراءها هذا العام، قال البحرة: “لا انتخابات شرعية في سوريا إلا في إطار التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن 2254 وفق التراتبية التي ذُكرت فيه”.

وأضاف: “لا انتخابات شرعية قبل إطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين، وأثق بأن أيا من أعضاء وممثلي قوى الثورة والمعارضة لن يقبل الترشح أو الدخول بأي انتخابات رئاسية يرتبها النظام”.

وتابع: “كل ممثلينا ومؤسساتنا تلتزم بما ذكرته بشكل مطلق، ومن ناحية أخرى يجب ألا يعتبر أي شخص أن هناك أي قيمة لتلك الانتخابات اللاشرعية، فهي ستؤدي حتما إلى تعقيد الأوضاع في سوريا، وسترسخ المأساة الإنسانية، وتزيد من وتيرة ومستوى العقوبات التي تطال النظام والشخصيات والشركات الداعمة له”.

وزاد بأن تلك الانتخابات “ستؤدي إلى المزيد من تفكك ما تبقى من مؤسسات الدولة، وكل ذلك لا يهم النظام، فهو يعتقد أن تلك الانتخابات ستكسبه شرعية، وأقول إن العكس هو الصحيح، فالانتخابات لن تلقى اعترافا أو دعما إلا من مجموعة صغيرة من الدول الداعمة للنظام”.

** القرار 2254

​​​​​​​تطرق البحرة إلى الخطوات التراتبية للانتخابات، وفق القرار الأممي، وهي “تنفيذ إجراءات بناء الثقة، وأولها تحقيق وقف إطلاق نار شامل، وإطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين”.

وأضاف: “يليها توقيع الاتفاق السياسي للتنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254، وإقامة الحكم ذو المصداقية والشامل للجميع، والذي لا يقوم على الطائفية، وهي هيئة الحكم الانتقالي”.

وتابع: “تحقيق البيئة الآمنة والمحايدة التي من الممكن أن تُجرى خلالها عمليات الانتقال السياسي، وجزء من هذه البيئة هو تحقيق العدالة الانتقالية وعودة النازحين واللاجئين الكريمة والطوعية والآمنة إلى أماكن سكنهم الأصلية”.

واستطرد البحرة: وكذلك “الاستفتاء الحر والنزيه على مشروع الدستور الجديد لسوريا الحرة، بإشراف الأمم المتحدة، وفق أعلى معايير الشفافية الدولية”.

وختم بالتشديد على أن “الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية هي وفق ما سيحدده الدستور الجديد، الذي سيقره الشعب السوري، وأي تجاوز للتراتبية المذكورة لن يؤدي إلى حل سياسي شامل ومستدام”.

————————–

هادي البحرة: اللجنة الدستورية “ملكية سورية” ولا انتخابات خارج إطار القرار 2254

حوار: أسامة آغي

لا تزال مفاوضات وفد المعارضة المشارك في اللجنة الدستورية، تحتاج إلى مصارحات عديدة وشفافة تجاه الشعب السوري، خاصةً في أعقاب قرار رئيس “الائتلاف السوري لقوى المعارضة”، نصر الحريري، تشكيل لجنة عليا للانتخابات، وما تلاها من ردود فعل من سياسيين ومواطنين، ثم توارد أخبار عن “أوراق تنازل” قدمتها الهيئة في أثناء اجتماعات اللجنة الدستورية.

تأتي هذه التحركات والأخبار في ظل عدم تحقيق اللجنة الدستورية أي تقدم ملموس يسهم في تقدم الحل السياسي الذي يؤكد عليه عشرات السياسيين يوميًا، أو المضي بتطبيق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في عام 2015.

ويرتبط ما سبق، باقتراب موعد الانتخابات الرئاسية السورية في حزيران المقبل، وتسريبات من قبل معارضين سوريين حول تقديم النظام السوري وروسيا “إغراءات” لشخصيات معارضة للمشاركة في هذه الانتخابات.

للوقوف على هذه النقاط، التقت عنب بلدي، رئيس اللجنة المشتركة لوفد المعارضة في أعمال اللجنة الدستورية هادي البحرة.

لا تمرير لأي أوراق إلى مجلس الأمن أو غيره

نفى هادي البحرة في 7 من كانون الثاني الحالي، التنازل عن قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، وتجاهل ذكر هيكلية الجيش والأمن وإعادة بناء النظام السياسي ومضامين دستورية أخرى، في الورقة المقدمة من قبل وفد المعارضة خلال الجولة الرابعة من محادثات اللجنة الدستورية في جنيف السويسرية.

وقال البحرة، عبر صفحته في “فيس بوك”، إن المخاوف من نص فقرة “يقرر الشعب السوري وحده مستقبل بلده بالوسائل الديمقراطية وعن طريق صناديق الاقتراع من دون تدخل خارجي وفقًا لحقوق الدولة السورية”، ناتجة عن عدم وضوح تسلسل العملية السياسية لدى الكثيرين، مضيفًا أن النص المقترح هو لدستور سوريا الجديد، ما بعد تنفيذ قرارات الشرعية الدولية.

نفي البحرة جاء في أعقاب انتقادات من قبل المعارض السوري محمد صبرا، نص الفقرة، معتبرًا أنه “يشير بوضوح إلى حجم الخطأ أو الخطايا التي يتم ارتكابها من قبل هذه اللجنة”، والبند يعني عمليًا أن الحل في سوريا يجب أن يكون عبر صناديق الاقتراع حصرًا، وهو ما يعني في حقيقته التنازل عن كل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة الخاصة بالقضية السورية، خاصة أن الفقرة لا تدع مجالًا للاجتهاد عندما تضيف من دون تدخل أحد ووفقًا لحقوق الدولة السورية.

وقال البحرة الذي شغل منصب رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” سابقًا، إنه “لا صحة بالمطلق لما أشيع، ولا وجود لأي أوراق قُدمت أو تقدم للمبعوث الدولي، خارج سياق الأمور اللوجستية، واقتراحات جداول الأعمال”، معتبرًا أن المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسون، “يقوم بدوره كميسر بين الرئيسين المشاركين، وأطراف اللجنة الدستورية، لتسهيل الوصول إلى توافقات بخصوصها”.

كما نفى البحرة أن يكون أحد من اللجنة الدستورية مجتمعة، أو أي أحدٍ من ممثلي المعارضة، أو من قبله كرئيس مشارك، “تقدم بأي مقترحات أو أوراق لبيدرسون، ليقوم باعتمادها، أو تمريرها إلى مجلس الأمن، أو لأي جهة أخرى” بحسب تعبيره.

وكان بيدرسون طالب في 20 من كانون الثاني عبر حسابه في “تويتر”، الجهات المتصارعة في سوريا إلى حل النزاع بالعمل سوية لتنفيذ القرار 2254.

اللجنة الدستورية “ملكية سورية”

البحرة الذي ترأس وفد “الائتلاف” في مفاوضات “جنيف 2” مع النظام السوري في كانون الثاني 2014، شرح طبيعة عمل اللجنة الدستورية بأنها “محددة الولاية والاختصاصات، وتنحصر أعمالها بصياغة مشروع الدستور الجديد، عبر عملية إصلاح دستوري شاملة، بالتالي فإن القضايا السياسية والاتفاق السياسي بخصوص المرحلة الانتقالية هو خارج إطار تفويضها”.

ووصف البحرة طبيعة اللجنة الدستورية لعنب بلدي بأنها “لجنة سورية- سورية، بملكية وقيادة سورية، وتحتفظ بمحاضر اجتماعاتها المسجلة صوتيًا والمفرّغة كتابيًا في أرشيف السكرتارية التابعة لها، والخاضعة لإدارتها، في مكتبها الذي تستضيفه الأمم المتحدة ضمن مقرها في مدينة جنيف السويسرية.

كما نفى البحرة لعنب بلدي أن تكون اللجنة المصغرة، المنبثقة عن اللجنة الدستورية تملك أي صلاحيات لاتخاذ قرارات ملزمة للجنة الدستورية، وإنما تقدم اقتراحات لصياغات دستورية ثم ترفعها إلى اللجنة الموسعة، والتي بدورها تناقشها ثم تقرّها أو ترفضها.

وفي حال إقرارها تصبح “مضامين دستورية في مشروع الدستور السوري”، والذي سيعرض على الشعب السوري لإقراره وفقًا للبحرة.

ومن المفترض أن تناقش اللجنة الدستورية، المكونة من ثلاثة وفود (المعارضة والنظام والمجتمع المدني)، آلية وضع دستور جديد لسوريا، وفق قرار الأمم المتحدة 2254، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية، وتنظيم انتخابات جديدة.

وأشار البحرة إلى أن “فكرة تشكيل اللجنة الدستورية، أول ما بُحثت، كان خلال الجلسات التشاورية للعملية السياسية في جنيف، خلال مرحلة المبعوث الخاص ستيفان ديمستورا، والذي أدى مهامه في الفترة بين تموز 2014 وكانون الأول 2018، قبل أن يقدم استقالته.

“جرى تبني وتفعيل اللجنة الدستورية بتوافقات دولية، ثم طرحت ضمن مجموعة “أستانة”، قبل أن تطرح روسيا فكرة مؤتمر “سوتشي”، وكان أحد محدداته دعم تشكيل اللجنة الدستورية من قبل الأمم المتحدة.. وهذا ما حصل فعليًا”

لا بديل عن جنيف

مع تعقد الملف السوري، والتدخلات الدولية والإقليمية، بما فيها روسيا وإيران الحليفين الرئيسين للنظام السوري، والشكوك حول مماطلة الأخير بدعم من حلفائه بالعمل على الحل السوري، يبرز السؤال الأهم “هل تقبل هذه الأطراف بدستور سوري خارج نفوذهم؟”.

إجابة هذا السؤال لدى البحرة بأن هناك واقع سوري وإقليمي ودولي يفرض نفسه، ولا يمكن تجاوزه، وهو أمر تعيه كل الأطراف، ولا يمكن لأي طرف تحقيق نصر عسكري حاسم.

وأضاف البحرة “كل طرف يرغب بما يريده، أو يعتقد أن بإمكانه الحصول عليه، ويحاول تحقيقه”.

وبرأي البحرة أن الحل السياسي الوحيد القابل للاستدامة، هو تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، بشكل كامل وصارم، “ولا يمكن لأي مسار آخر أن يكون بديلاً عن مسار جنيف”.

ويعتقد البحرة أن أي مسار آخر يمثل طرفًا، أو مجموعة من الأطراف، لا اجماع دولي بخصوصه، وأن العملية السياسية لن تتحرك بشكل جدي قبل إغلاق الملف العسكري، بتحقيق وقف إطلاق النار شامل ودائم في سوريا.

وينص القرار 2254، الصادر عن مجلس الأمن في عام 2015، على دعم عملية سياسية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.

ويحدد القرار جدولًا زمنيًا وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملًا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرًا تحت إشراف الأمم المتحدة.

“سنناقش المبادئ الأساسية للدستور”

وحول ما ستطرحه اللجنة الدستورية في الجولة الخامسة قال البحرة لعنب بلدي، “تمّ الاتفاق على جدول أعمال اجتماعات الدورة الخامسة مسبقًا، بناءً على ولاية واختصاصات اللجنة الدستورية، والعناصر الأساسية للوائح الداخلية، وسيتم مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور التي تؤسس وتبنى عليها صياغات بافي فصول الدستور”.

وأضاف البحرة، “الدورة الخامسة لاجتماعات اللجنة، ستُظهر للمجتمع الدولي نوايا الأطراف كافة بخصوص عمل اللجنة الدستورية والعملية السياسية، وتنفيذ القرار 2254″، معتبرًا أن المجتمع الدولي يجب أن يتحمّل مسؤولياته تجاه الطرف المعيق.

الانتخابات المقبلة “غير شرعية”

من المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في سوريا في حزيران المقبل، وهي انتخابات تجري خارج قرار مجلس الأمن 2254، الصادر في عام 2015، ودون وجود أي تمثيل حقيقي للمعارضة السورية أو شخصيات مستقلة قادرة على منافسة الأسد.

كما أن الانتخابات تجري دون أي رقابة دولية أو ضمانات حقيقية لنزاهتها أو شفافيتها.

يرى هادي البحرة أن الانتخابات المقبلة “غير شرعية”، ولن يكون هناك انتخابات إلا ضمن إطار التنفيذ الكامل والصارم للقرار 2254.

كما أن شرعية الانتخابات وفقًا للبحرة تتصل بشكل مباشر بإطلاق سراح المعتقلين ومعرفة مصير المغيبين قسريًا في سوريا.

ووفقًا لـ “الشبكة السورية لحقوق الإنسان“، فإن ما لا يقل عن 99 ألفًا و479 شخصًا ما يزالون قيد الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا، منذ آذار 2011 وحتى آب من العام الماضي (2020)، منهم 84 ألفًا و371 غُيبوا على يد قوات النظام السوري.

وأكد البحرة على أنه “لا انتخابات شرعية في سوريا إلا ضمن إطار التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن 2254، وفق التراتبية التي ذكُرت فيه”، نافيًا في الوقت نفسه قبول أيًا من أعضاء وممثلي المعارضة بالترشح أو الدخول بانتخابات ينظمها النظام السوري، مضيفًا “كل ممثلينا ومؤسساتنا تلتزم بما ذكرته بشكل مطلق”.

كما اعتبر البحرة أن هذه الانتخابات ستؤدي إلى تعقيد الأوضاع في سوريا، وأنها لن تلقى اعترافًا ودعمًا إلا من الدول الداعمة للنظام السورية، بحسب رأيه.

كما يرى البحرة أن صياغة قرار نصر الحريري تشكيل لجنة عليا للانتخابات كانت “غير سليمة” وبالتالي شكلت “لغطًا” لدى السوريين، وألغي القرار.

لكن البحرة يرى في الوقت نفسه أن تشكيل “هيئة دستورية مستقلة للانتخابات” هو أمر هام جداً، وسيأتي في سياق الصياغات الدستورية، التي سنناقشها في اللجنة الدستورية”، معتبرًا أن “الهيئة الدستورية”، ستكون مستقلة ومسؤولة عن ترتيب العملية الانتخابية في سوريا بعد تنفيذ القرار 2245.

وكان “الائتلاف” أعلن في تشرين الأول من العام الماضي 2020، تشكيل “مفوضية” مهامها وضع خطط واستراتيجيات وتنفيذها والتحضير للمشاركة بالاستحقاقات السياسية المقبلة، بما في ذلك الاستفتاء على مشروع الدستور ونشر الوعي للمشاركة فيه.

ثم أوقف الائتلاف تشكيل المفوضية “حتى إجراء مزيد من المشاورات مع القوى الثورية والسياسية للوصول إلى صيغة مناسبة”، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من القرار الأول، وفقًا لتصريح صحفي نشره الموقع الرسمي لـ “الائتلاف”.

كما قال البحرة لعنب بلدي إن أي انتخابات تأتي بعد تنفيذ “إجراءات بناء الثقة” والتي تشمل إطلاق سراح المعتقلين، كما تأتي بعد توقيع اتفاق سياسي لتنفيذ 2254 وإقامة حكم ذو مصداقية وشامل للجميع (هيئة الحكم الانتقالي)، وتأمين البيئة الآمنة والمحايدة التي يمكن أن تجري من خلالها عملية انتقال سياسي وتحقيق عدالة انتقالية.

ويأتي في هذا السياق أيضًا تنظيم استفتاء “حر ونزيه” على مشروع الدستور الجديد بإشراف الأمم المتحدة ثم الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، وفق ما يحدده الدستور الجديد، معتبرًا أن أي تجاوز لهذه التراتبية لن تؤدي إلى حل سياسي شامل ومستدام.

عنب بلدي

———————————

قلق أممي من «تسونامي سوري»… وتحرك معارض ضد «هيمنة تركيا»/ إبراهيم حميدي

لجأت ثلاث كتل سياسية في «هيئة التفاوض السورية» المعارضة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن وروسيا ودول إقليمية لمعالجة نفوذ تركيا في «الهيئة» و«اللجنة الدستورية» و«هيمنتها على القرار السياسي»، في وقت يضع بيدرسن اللمسات الأخيرة على الجولة الخامسة من اجتماعات «اللجنة» يوم الاثنين المقبل، لتبدأ للمرة الأولى في مناقشة جوهر الدستور السوري.

بيدرسن كان في مزاج آخر لدى تقديمه الإيجاز إلى مجلس الأمن الأربعاء. لأول مرة هو بصدد الإعداد لجولة اجتماعات لـ«اللجنة» تتناول الدستور، و«صياغته»، بموجب اتفاق وفدي الحكومة و«الهيئة» المعارضة، ذلك بعد جولات عقدت خلال أكثر من سنة كان الانقسام فيها سيد الموقف: دمشق تريد مناقشة «المبادئ الوطنية». المعارضة كانت تريد مناقشة «مقدمة الدستور ومبادئه».

في إيجازه الأممي، انطلق هذه المرة من الأزمة الاقتصادية في سوريا، والصورة الأوسع الخاصة بوجود خمسة جيوش أجنبية في سوريا (روسيا، أميركا، تركيا، إيران، إسرائيل) قبل مناقشة التفاصيل الخاصة بـ«الدستورية»، حيث يعاني الملايين داخل سوريا وملايين اللاجئين خارجها من «صدمات عميقة، وفقر مدقع، وانعدام الأمن الشخصي، وغياب الأمل في المستقبل. بالنسبة للكثيرين، فإن المعاناة اليومية لمجرد البقاء على قيد الحياة تغلب على معظم القضايا الأخرى».

تسونامي بطيء

تفصيلا، يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن أكثر من ثمانية من كل عشرة أشخاص في سوريا يعانون من الفقر. ويقدر صندوق الأغذية العالمي أن 9.3 مليون شخص داخل سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي. لكن بالنسبة إلى بيدرسن، فإن «المؤشرات ستزداد سوءاً» لأسباب مختلفة بينها «تأثير عقد من الصراع، وتردي الأوضاع الاقتصادية عالمياً بسبب جائحة كورونا، وتداعيات الأزمة اللبنانية، والعوامل الداخلية مثل اقتصاد الحرب، والفساد، وسوء الإدارة، والعوامل والتدابير الخارجية، كما يواجه المجتمع المقسم المزيد من التفكك لنسيجه الاجتماعي، وهو ما يؤسس لمزيد من المعاناة والمزيد من عدم الاستقرار». كل ذلك يدفع إلى التحذير من «تسونامي بطيء يضرب سوريا».

يضاف إلى ذلك، أنه مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص الخبز والوقود، هناك توقعات أن تشهد قدرة الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى على توفير الخدمات الأساسية والدعم للسلع الأساسية «تراجعاً مستمراً» وأن تتسبب الجائحة أيضاً في خسائر إضافية. وفي «إشارة دبلوماسية» إلى آثار العقوبات الغربية، الأميركية والأوروبية، يلفت إلى أنه «يظل ضرورياً ألا تساهم أي عقوبات في تفاقم محنة السوريين»…

6 إشارات مقلقة

هناك إشارات إيجابية، لكنها قلقة، بالنسبة إلى بيدرسن وغيره من المراقبين. صحيح أن الأشهر العشرة الماضية كانت «الأكثر هدوءاً في تاريخ الأزمة» منذ 2011، حيث تغيرت في 2020 بـ«الكاد خطوط التماس». لكن هذا الهدوء يتسم بالهشاشة. ويمكن أن يتلاشى في أي لحظة. والمؤشرات في ذلك، هي: أولا، التصعيد حول بلدة عين عيسى في شمال شرقي سوريا. ثانيا، تكثيف للغارات الجوية المنسوبة لإسرائيل. ثالثا، استمرار هجمات «داعش» في شرق سوريا وباديتها. رابعا، هجمات متبادلة جنوب إدلب ومحيطها. خامسا، اضطرابات في الجنوب الغربي. سادسا، لا يزال المدنيون يقتلون في تبادل إطلاق النار والهجمات بالعبوات الناسفة ويواجهون مخاطر الاحتجاز التعسفي والاختطاف وأنشطة الجماعات المصنفة إرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة.

وأمام هذا الواقع، عندما يجري الحديث عن تنفيذ القرار 2254، وهو المرجعية الوحيدة للتسوية السورية، فإن قناعة بيدرسن، أنه «لا يمكن لأي طرف فاعل أو مجموعة من الأطراف الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية الأزمة – وبالتالي يجب على كل الأطراف العمل معاً». لماذا؟ في ضوء تدويل الأزمة إلى حد كبير، ووجود خمسة جيوش أجنبية تنشط على الأراضي السورية «لا يمكننا التظاهر بأن الحلول في أيدي السوريين فقط – أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها». عليه، فإن الحاجة ملحة لـ«دبلوماسية دولية أكثر جدية وتعاوناً – وهو أمر ممكن، بالنظر إلى أنه رغم اختلافاتها، فإن الدول الرئيسية ملتزمة بالقرار 2254. ولديها مصالح مشتركة بما في ذلك حول مسائل مثل تحقيق الاستقرار، واحتواء الإرهاب، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، ومنع المزيد من الصراع».

انتخابات ودستور

هناك موعد ملح حاليا، يتعلق بالانتخابات الرئاسية السورية المقبلة قبل نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد في منتصف يوليو (تموز). وهناك نقاشات مختلفة بين الدول الفاعلة، بين حماس روسي لها وتجاهل أو انقسام أميركي –أوروبي حول التعاطي معها. وبالنسبة إلى بيدرسن، الواضح أنه قرر عدم التعاطي معها باعتبار أنها لا علاقة لها بالقرار 2254. ويقول: «تبدو الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجري وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى معايير الشفافية والمساءلة، وبمشاركة جميع السوريين الذين يحق لهم المشاركة بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المهجر والمنصوص عليها في القرار 2254، بعيدة المنال»… أي ما بعد الانتخابات الرئاسية منتصف العام.

عليه، فإن التصور المقبل لاجتماعات اللجنة الدستورية، هو واقعي. أي، عقد جلسات ثلاث أو أربع قبل الانتخابات وبعدها، تتضمن بدء وفود الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني مناقشة الدستور. ومن المقرر أن تعقد الدورة الخامسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في جنيف بين 25 إلى 29 الشهر الجاري. وكما هو متفق، ستناقش الدورة، وفقاً لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية «المبادئ الدستورية الأساسية في الدستور».

الجلسة المقبلة، بالنسبة له، «ستكون مهمة للغاية»، إذ أنه على مدار أكثر من عام تمت مناقشة العديد من الموضوعات، و«أعتقد أن الوقت قد حان للرئيسين المشاركين للاتفاق على آلية ومنهجية عمل فعالة وعملية، بحيث تكون الاجتماعات منظمة بشكل أفضل وأكثر تركيزًا». ماذا يعني ذلك؟ ضمان أن تبدأ اللجنة في الانتقال من «إعداد» الإصلاح الدستوري إلى عملية «الصياغة»، وفقاً للولاية المنوطة بها. ويمكن للجنة القيام بذلك من خلال البدء في النظر في قضايا دستورية محددة ومسودات للمواد الدستورية. ويأمل بيدرسن أن يقوم رئيسا الوفدين، الحكومي والمعارضة، بـ«التوصل إلى اتفاق بشأن خطة عمل للاجتماعات القادمة وجداول أعمال وموضوعات واضحة والمضي بوتيرة أسرع في هذه العملية»… خلال الجلسات المقبلة.

لا توافق كل الدول الغربية على هذا التقييم. هناك دول أوروبية، باتت ترفع صوتها باتجاه ضرورة التخلي عن «اللجنة الدستورية»، بل إن بعض الدول ينتقد بيدرسن لأنه يعطي «اللجنة» أكثر مما تستحق، حسب اعتقاد هذه الدول. وهي تريد فتح بوابات جديدة لتنفيذ القرار 2254، مثل الانتقال السياسي، البيئة المحايدة، السجناء، إجراءات بناء الثقة.

ارتفاع الصوت الأوروبي إزاء ذلك أو انخفاضه بانتظار تشكيل إدارة جو بايدن فريقها السوري واكتماله في الخارجية الأميركية بعد تعيين فريق مجلس الأمن القومي، وضم باربرا ليف وبريت ماغورك وزهرا بيل، علما بأن الأخيرين لعبا دوراً رئيسا في الزاوية الكردية من الملف السوري.

مفاجأة منصات

بيدرسن المشغول بـ«اختراق الدستورية»، جاءته المفاجأة من حيث لا يحتسب، إذا قام ممثلو «منصة القاهرة» و«منصة موسكو» و«هيئة التنسيق»، وهي قوى رئيسية في «هيئة التفاوض» التي تمثل المعارضة في اجتماعات «اللجنة الدستورية»، بإرسال رسالة له كي يساهم في حل إشكال داخل «الهيئة».

الخلاف الفني يتناول تمثيل المستقلين، الذين انتخبوا في مؤتمر في الرياض نهاية 2019، لتمثيل كتلة المستقلين ذات الثمانية أعضاء في «الهيئة». كما يتناول تمثيل «منصة القاهرة» في «الهيئة». وجرى خلال سنة تقديم سلسلة مقترحات لتسوية الخلاف حول المستقلين، بينها تقاسم الأعضاء القدامى والجدد لكتلة المستقلين بين أعضاء بين «الهيئة» و«اللجنة الدستورية» (5 مقابل 3 أو 6 مقابل 2). لكن ذلك لم يتحقق وتمسكت الكتلة الأخرى، أي «الائتلاف»، بآلية التشكيل والانتخابات وصولاً إلى تحديد اسم ممثل «منصة القاهرة» قبل أيام.

لكن الخلاف السياسي هو وراء هذا الخلاف الفني، إذ أن الكتل السياسية في «الهيئة»، أي «منصة موسكو» و«منصة القاهرة» و«هيئة التنسيق»، تتهم أنقرة بالسيطرة على «الهيئة»، أو وقوع الأخيرة في الحضن التركي، وهي تحاول إدخال المستقلين الجدد إلى «الهيئة» لتحقيق نصاب كاف في آلية الانتخابات يحول دون سيطرة الطرف الآخر على القرارات.

هذه الكتل الثلاث لجأت إلى بيدرسن للتدخل وحل الخلاف، استنادا إلى القرار 2254 للعام 2015 الذي نص على «تطلع لقيام المبعوث بوضع اللمسات الأخيرة على الجهود المبذولة تحقيقا لغاية»، وحدة القوى المعارضة، مع ذكر منصتي القاهرة وموسكو.

أغلب الظن، لن يدخل بيدرسن في هذا الملف الفني – السياسي، ويريد التركيز على اجتماعات «اللجنة الدستورية»، في وقت يعتقد أن «الضامنين» الثلاثة لعملية آستانة، روسيا وتركيا وإيران، سينقاشون هذا الملف لدى اجتماعهم السياسي في سوتشي الروسية في الشهر المقبل.

الشرق الأوسط

————————-

الرياض تدخل على خطّ خلافات المعارضة السورية/ صبحي فرنجية

دخلت الخارجية السعودية على خطّ خلافات هيئة التفاوض السورية، عبر مذكرة أرسلتها إلى مقرّ الهيئة في الرياض أعلنت فيها عزمها تعليق عمل موظفي الهيئة بالسعودية نهاية الشهر الجاري، وذلك قبيل أيام من انعقاد الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، التي سيغيب عنها ممثلو منصتي القاهرة وموسكو في وفد المعارضة السورية، بحسب مصادر “العربي الجديد”.

وكان المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، قد تلقى رسالة يوم 13 من الشهر الجاري، من هيئة التنسيق الوطنية، ومنصة موسكو، وشخصيات من منصة القاهرة طالبوه من خلالها بالتصرف سريعاً، والدفع نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية.

وتم إرسال نسخ من الرسالة إلى كل من وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ونظيريه السعودي فيصل بن فرحان، والمصري سامح شكري.

وطالبت تلك الأطراف بيدرسون بضرورة التصرف سريعاً حفاظاً على وحدة اللجنة الدستورية وعلى استمرارها، في إشارة واضحة من الكتل إلى أن الخلاف الحاصل داخل الهيئة سينعكس سلباً على عمل المسار الوحيد الفعّال في العملية السياسية.

كما دعت الرسالة المبعوث الأممي إلى عدم قبول طلب رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، تعيين تليد صائب بدلًا عن قاسم الخطيب كممثل عن منصة القاهرة في المجموعة المصغّرة للجنة الدستورية، وذلك إلى حين “الوصول إلى توافق ضمن مكونات هيئة التفاوض السورية، وكذلك للدفع عبر جهودكم الحميدة نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية”.

وقال أكثر من مصدر في الهيئة، في تصريحات لـ “العربي الجديد”، إن أمين سرّ الهيئة، صفوان عكاش، أرسل إلى أعضاء الهيئة نسخة من رسالة من الخارجية السعودية وصلت إلى مقر الهيئة في الرياض أمس الأربعاء.

وجاء في الرسالة التي وزْعها عكّاش على الأعضاء، ووصلت إلى “العربي الجديد” نسخة عنها، أن الخارجية السعودية تلقت مذكرة من “بعض مكونات هيئة التفاوض السورية (هيئة التنسيق، منصة موسكو، منصة القاهرة) المتضمنة رفضها لقرارات صادرة عن اجتماعات غير شرعية للهيئة والمخالفات القانونية والنظامية للقرار”. وطلبت الرياض من الهيئة توضيحات حول ما ورد في رسالة الكتل الثلاث.

وجاء في مرفق آخر لرسالة السعودية أنه “وعلى ضوء استمرار تعطيل أعمال هيئة التفاوض السورية فقد تقرر تعليق عمل موظفي الهيئة مع نهاية الشهر الجاري يناير 2021 وذلك لحين استئناف الهيئة أعمالها”، ما يعني أن المملكة قررت وقف الدعم عن مكتب الهيئة في أراضيها إلى حين اكتمال نصاب الاجتماعات التي تغيب عنها المنصات الثلاث (هيئة التنسيق، ومنصة موسكو، ومنصة القاهرة). وطالبت الخارجية السعودية الهيئة بـ”الاطلاع” على المذكرة و”اتخاذ ما يلزم حيال ذلك”.

وأكد مسؤول في هيئة التفاوض، لـ “العربي الجديد”، أن الرسالة هي “تصعيد واضح وغير مسبوق”، وتوقع أن يكون لهذا التصعيد أثره على “تماسك هيئة التفاوض ككل”. ولم يستبعد كذلك أن يمتد أثر هذا التصعيد وتأجيج الخلاف إلى “عمل اللجنة الدستورية، بمعنى أنه لن يعطل الاجتماعات لكنه قد يؤثر على روح التعاون والتماسك إلى حين الوصول إلى حلّ”. وعدّ أن الحلّ الذي تريده السعودية هو “سحب أكثرية الأصوات من كتلة الائتلاف إلى الكتل الثلاث صاحبة رسالة الاعتراض”.

وكانت المملكة العربية السعودية قد رعت اجتماعًا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي لهيئة التفاوض السورية، دون حضور كل من ممثلي الائتلاف، وكتلة العسكر، والمستقلين، وذلك لاعتراض هذه الكتل على طبيعة الاجتماع الذي كان مخصصًا لانتخاب ثمانية أعضاء جدد من المستقلين لاستبدال القدامى الذين هم جزء من تحالف متين مع كتلة الائتلاف والعسكر. وهو الأمر الذي اعتُبر أسّ الخلاف الحاصل الآن، إذ إن الحضور حينها انتخبوا ثمانية مستقلين جدد، في حين أن الذين غابوا اعتبروا الاجتماع والانتخابات أشبه بمحاولة انقلاب على التحالف الثلاثي الذي يسيطر على القرار في الهيئة. وهيئة التفاوض السورية مؤلفة من 36 عضواً، للائتلاف منهم 8 ممثلين، و4 لكل من منصتي القاهرة وموسكو، و5 ممثلين عن هيئة التنسيق، و7 ممثلين عن الفصائل المسلحة، و8 مستقلين.

في غضون ذلك، يغيب ممثلو منصتي القاهرة وموسكو عن اجتماعات اللجنة الدستورية التي ستبدأ في الـ25 من الشهر الجاري، وبحسب مصادر “العربي الجديد” فإن غياب منصة موسكو عن الاجتماعات هو نتيجة إصرارها على عدم قبول استبعاد ممثلها مهند دليقان عن اللجنة، في حين أن غياب مُمثّلَيْ منصة القاهرة، سببه اعتذار جمال سليمان عن الحضور، واحتمال عدم استكمال التحضيرات اللوجستية لحضور عضو المنصة الجديد تليد صائب. وبذلك فإن وفد المعارضة في اللجنة الدستورية سيكون بغياب كتلتين من أصل ست كتل.

وعن ذلك، قال عضو في اللجنة الدستورية لـ”العربي الجديد” إن “غياب منصتي القاهرة وموسكو سيجعل من موقف المعارضة صعبًا أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي”، مضيفا أنه سيفتح الباب أمام النظام السوري “لاستغلال هذه الثغرة من خلال شنّ حملة إعلامية وإطلاق تصريحات ضد وفد المعارضة”. وعبّر عن أمله في أن يُحل الخلاف قبل الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة.

وكان بيدرسون قد قال أمس الأربعاء في إحاطته أمام مجلس الأمن إن “الدورة القادمة للجنة الدستورية ستكون مهمة للغاية”، في إشارة إلى أنها الجولة الأولى منذ بدء الاجتماعات قبل أكثر من عام، وستناقش موضوع دستوري (المبادئ الأساسية في الدستور).

وأضاف: “أعتقد أننا بحاجة إلى ضمان أن تبدأ اللجنة في الانتقال من إعداد الإصلاح الدستوري إلى عملية الصياغة، وفقاً للولاية المنوطة بها. ويمكن للجنة القيام بذلك من خلال البدء في النظر في قضايا دستورية محددة ومسودات للمواد الدستورية”.

وتابع: “أعتقد أيضا أن الرئيسين المشاركين يمكنهما، بل يتعين عليهما، التوصل إلى اتفاق بشأن خطة عمل للاجتماعات القادمة وجداول أعمال وموضوعات واضحة والمضي بوتيرة أسرع في هذه العملية”.

العربي الجديد

————————–

بيدرسن:الهدوء في سوريا هش..والانتخابات الحرة بعيدة

قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن إن الدورة الخامسة للجنة الدستورية ستعقد في جنيف الأسبوع القادم لنقاش المبادئ الدستورية الأساسية. لكنه أكد أن العملية السياسية لم تسفر بعد عن تغييرات حقيقية في الحياة اليومية للسوريين، ولم تسهم في تحديد رؤية حقيقية للمستقبل.

وأضاف بيدرسن خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي ليل الأربعاء، أن الخطوات التي من شأنها أن تسهم في بناء الثقة لم تتحقق بشكل فعلي، مثل وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ومن دون عوائق، والتقدم بشأن المعتقلين والمختطفين والمفقودين -أو على الأقل توفير معلومات حول مصير هؤلاء الأشخاص والوصول لهم- وإطلاق سراح النساء والأطفال والمرضى والمسنين، بالإضافة إلى وقف إطلاق النار على المستوى الوطني.

وأوضح أنه “لا توجد محادثات سياسية بين السوريين سوى من خلال المسار الدستوري، وتبدو الانتخابات الحرة والنزيهة التي تُجري وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، والمنصوص عليها في القرار 2254، بعيدة في المستقبل”.

وتحدث بيدرسن عن “الفقر الذي يواجهه السوريون حيث يعيش ثمانية من كل عشرة أشخاص في سوريا في عوز. ويقدر برنامج الغذاء العالمي أن هناك أكثر من تسعة ملايين سوري داخل سوريا يعانون من نقص في الأمن الغذائي”. وأضاف “مع ارتفاع التضخم ونقص الخبز والوقود، يمكننا أن نتوقع أن تصبح الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى، بشكل متزايد، أقل قدرة على توفير الخدمات الأساسية والإعانات للسلع الأساسية. كما يستمر الوباء في تكبيد الخسائر”.

ولفت بيدرسن الانتباه إلى ضرورة ألا تؤدي أي عقوبات دولية إلى تفاقم محنة السوريين. وتحدث عن أن سوريا تشهد هدوء نسبياً مقارنة بفترات سابقة. ووصف الأشهر العشرة الأخيرة بأنها الأهدأ في تاريخ الصراع السوري. محذراً في الوقت ذاته من أنه “هدوء هش ويمكن أن يتعطل في أي لحظة وهذا ما أظهره التصعيد الكبير في عين عيسى، والضربات الجوية المنسوبة لإسرائيل، كما هجمات داعش المستمرة في المنطقة الشرقية والوسطى، والقصف والغارات الجوية المتبادلة في إدلب ومحيطها”.

ولفت إلى “استمرار مقتل المدنيين في تبادل إطلاق النار والهجمات بالعبوات البدائية الصنع. كما لا يزالون يواجهون مجموعة من المخاطر الأخرى بما فيها عدم الاستقرار، والاحتجاز التعسفي والاختطاف، كما الهجمات من قبل مجرمين كما يعاني السوريون من أنشطة الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة الأمم المتحدة”.

وأضاف بيدرسن “الصراع دولي للغاية، حيث تنشط خمسة جيوش أجنبية في سوريا. لا يمكننا التظاهر بأن الحلول في أيدي السوريين فقط، أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها”.

من جهته، تحدث مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك خلال إحاطته، عن خمسة مجالات، بما فيها الأزمة الاقتصادية وتأثير جائحة كورونا وحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية. وقال إن “السوريين يبدأون العام الجديد بانخفاض قيمة العملة بشكل كبير مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية لمستويات تاريخية”، مضيفاً أن “ذلك يرجع جزئياً إلى خفض الدعم للسلع الأساسية مثل الخبز”.

وتحدث لوكوك عن نقص في الخبز في العديد من المناطق السورية، حيث لا يستطيع إنتاج القمح المحلي تلبية الطلب. وعبّر عن قلقه لتزايد اعتماد العائلات السورية على أطفالها للمساهمة في دخل العائلة. وقال إن سوريا تشهد كذلك نقصاً في الوقود وانقطاعاً مستمراً للكهرباء.

واعتبر أن ذلك مظهر آخر من مظاهر الأزمة الاقتصادية العميقة، حيث تصل أسعار السوق السوداء لوقود التدفئة إلى عشرة أضعاف السعر المدعوم. وأشار إلى معاناة السوريين جراء موجة من الأمطار التي أثرت على الآلاف في الشمال الغربي وخاصة مخيمات اللجوء. وقال إن بعض العائلات تقضي ليالي كاملة واقفة في خيامها التي غمرتها المياه.

المدن

———————–

بيدرسون يؤكد على ضرورة ألا تؤدي العقوبات إلى تفاقم محنة السوريين/ ابتسام عازم

قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، إن الدورة الخامسة للهيئة المصغرة ستعقد في جنيف الأسبوع القادم لنقاش المبادئ الدستورية الأساسية. وجاءت تصريحات بيدرسون خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الشهري حول سورية.

وتحدث بيدرسون عن “الفقر الذي يواجهه السوريون حيث يعيش ثمانية من كل عشرة أشخاص في سورية في فقر. ويقدر برنامج الغذاء العالمي أن هناك أكثر من تسعة ملايين سوري داخل سورية يعانون من نقص في الأمن الغذائي”. وأضاف “مع ارتفاع التضخم ونقص الخبز والوقود، يمكننا أن نتوقع أن تصبح الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى، بشكل متزايد، أقل قدرة على توفير الخدمات الأساسية والإعانات للسلع الأساسية. كما يستمر الوباء في تكبيد الخسائر”.

ولفت بيدرسون الانتباه إلى ضرورة ألا تؤدي أي عقوبات دولية إلى تفاقم محنة السوريين. وتحدث عن أن سورية تشهد هدوء نسبيا مقارنة بفترات سابقة. ووصف الأشهر العشرة الأخيرة بأنها الأهدأ في تاريخ الصراع السوري. محذراً في الوقت ذاته من “أنه هدوء هش ويمكن أن يتعطل في أي لحظة وهذا ما أظهره التصعيد الكبير في عين عيسى شمال شرق سورية، والضربات الجوية المنسوبة لإسرائيل، كما هجمات داعش المستمرة في المنطقة الشرقية والوسطى، قصف وغارات جوية متبادلة في إدلب ومحيطها”.

كما لفت الانتباه إلى “استمرار مقتل المدنيين في تبادل إطلاق النار والهجمات بالعبوات البدائية الصنع. كما لا يزالون يواجهون مجموعة من المخاطر الأخرى بما فيها عدم الاستقرار، والاحتجاز التعسفي والاختطاف، كما الهجمات من قبل مجرمين كما يعاني السوريون من أنشطة الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة الأمم المتحدة”.

وقال بيدرسون “لا توجد محادثات سياسية بين السوريين إلا على المسار الدستوري، والانتخابات الحرة والنزيهة التي ستجرى بموجب دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، على النحو الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 2254، تبدو بعيدة في المستقبل”. وأضاف بيدرسون ” لكن الصراع دولي للغاية، حيث تنشط خمسة جيوش أجنبية في سورية. لا يمكننا التظاهر بأن الحلول في أيدي السوريين فقط، أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها”.

أما مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، فتحدث خلال إحاطته عن خمسة مجالات، بما فيها الأزمة الاقتصادية وتأثير جائحة كورونا وحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية. وقال “السوريون يبدأون العام الجديد بانخفاض قيمة العملة بشكل كبير مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية لمستويات تاريخية”. ثم نبه إلى أن “ذلك يرجع جزئياً إلى خفض الدعم للسلع الأساسية مثل الخبز. كما رصد برنامج الغذاء العالمي، خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول الأخير، ارتفاعا إضافيا لأسعار المواد الغذائية، بنسبة 13 بالمئة، مقارنة بشهر نوفمبر الأخير، وبنسبة 236 في المائة مقارنة بشهر ديسمبر للعام 2019.”

وتحدث لوكوك عن نقص في الخبز في العديد من المناطق السورية، حيث لا يستطيع إنتاج القمح المحلي تلبية الطلب. وعبر عن قلقه لتزايد اعتماد العائلات السورية على أطفالها للمساهمة في دخل العائلة. وقال إن سورية تشهد كذلك نقصاً في الوقود وانقطاعاً مستمراً للكهرباء. واعتبر أن ذلك مظهر آخر من مظاهر الأزمة الاقتصادية العميقة، حيث تصل أسعار السوق السوداء لوقود التدفئة إلى عشرة أضعاف السعر المدعوم. وأشار إلى معاناة السوريين جراء موجة من الأمطار التي أثرت على الآلاف في الشمال الغربي وخاصة مخيمات اللجوء. وقال إن بعض العائلات تقضي ليالي كاملة واقفة في خيامها التي غمرتها المياه.

وأشار إلى زيادة في عدد حالات كورونا. لفت الانتباه إلى أن عدد الاختبارات ما زال محدودا بحيث لا يمكن معرفة المستوى الحقيقي لانتشار الفيروس. وأكد في الوقت ذاته أن “هناك مؤشرات على أن سورية ربما تشهد موجة متجددة من الإصابات، حيث زادت الحالات المبلغ عنها في المناطق الحكومية بنسبة 64 في المائة بين نوفمبر وديسمبر. أكثر من خمسين بالمئة من الفحوصات جاءت إيجابية في السويداء وطرطوس. أما في حمص فستون بالمئة منها جاء كذلك”.

وتحدث لوكوك عن مقتل 13 طفلاً وجرح 14 آخرين منذ بداية العام بسبب انفجار الأسلحة المتفجرة والذخائر. كما تحدث عن صعوبات تواجهها منظمات المساعدات الإنسانية في إيصال المساعدات لبعض المناطق بما فيها إدلب. وقال إن الأمم المتحدة تقدم المساعدات الإنسانية لقرابة 7.6 ملايين سوري. كما هناك قرابة 13 مليون سوري بحاجة لمساعدات إنسانية داخل سورية وعشرة ملايين آخرين خارج سورية بمن فيهم قرابة خمسة ملايين لاجئ.

العربي الجديد

—————————-

الائتلاف الوطني يقتحم خط التنافس على الرقة/ أمين العاصي

اقترب الائتلاف الوطني السوري المعارض خطوة باتجاه تشكيل هيئة سياسية موحدة لمحافظات المنطقة الشرقية في سورية، إذ انتخبت لجنة موسعة أعضاء المكتب السياسي الذي يمثل محافظة الرقة التي تعد من أهم المحافظات السورية لجهة الاقتصاد، ويتركز فيها جانب مهم من الثروة الزراعية والبترولية، وهو ما جعلها واحدة من أهم السلال الغذائية في البلاد خلال الفترة التي سبقت الثورة السورية.

وتوصلت لجنة “الجزيرة والفرات”، في الائتلاف الوطني المعارض، الإثنين الماضي، إلى تشكيل “مكتب سياسي” خاص بمحافظة الرقة يضم 15 شخصية، وفق الدائرة الإعلامية للائتلاف، التي أشارت في بيان لها، إلى أنّ أعضاء المكتب سيعقدون أول اجتماعاتهم في الفترة المقبلة مع قيادة الائتلاف. ويسعى الأخير إلى تشكيل هيئة سياسية موحدة تضم محافظات الجزيرة السورية والفرات، وهي الرقة ودير الزور والحسكة.

ونقلت الدائرة الإعلامية للائتلاف عن رئيس لجنة الجزيرة والفرات، عقاب يحيى، قوله إن “تشكيل هذه المكاتب ستكون له أهمية كبيرة على مستوى الوصول إلى تمثيل ومعالجة قضايا المنطقة الشرقية”. ومن المرجح أن يتخذ المكتب السياسي لمحافظة الرقة مدينة أورفا، جنوب تركيا، مقراً له، كون هذه المدينة تضم أغلب السوريين المتحدرين من محافظة الرقة الذين اضطروا إلى ترك بلادهم خلال السنوات الأخيرة.

وأوضح مهنا المحمد، وهو أحد أعضاء المكتب، أنّ لجنة تحضيرية مؤلفة من 266 شخصاً انتخبت الأعضاء، مشيراً إلى أنّ فعاليات مدنية رشّحت ممثلين عنها في اللجنة. ولفت في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن عدداً من أعضاء المكتب السياسي مقيمون داخل سورية بينما الباقون في جنوب تركيا. وبيّن أنّ المكتب السياسي سيفتتح مكتباً له في مدينة تل أبيض، مشيراً إلى أنّ الائتلاف الوطني “هو المبادر لإنشاء مكاتب سياسية في محافظات المنطقة الشرقية ينبثق عنها مكتب واحد، يتولى التفاوض لحسم مصير الشمال الشرقي من سورية في أي مفاوضات ربما تحدث في المستقبل”.

وتعد الرقة من كبرى المحافظات السورية، إذ تبلغ مساحتها أكثر من 20 ألف كيلومتر مربع، تمتد من الحدود السورية التركية شمالاً إلى عمق البادية السورية جنوباً، ومن الحدود الإدارية مع محافظة حلب غرباً إلى الحدود الإدارية مع محافظة دير الزور شرقاً. وتعد محافظة الرقة إحدى أهم السلال الغذائية في سورية، فهي المنتج الأكبر للمحاصيل الاستراتيجية في البلاد، ولا سيما القمح والقطن، فضلاً عن وجود حقول وآبار بترول في ريفها الجنوبي الغربي. ويخترق نهر الفرات الرقة، وهو الذي منحها تلك الأهمية الاقتصادية عن سواها من المحافظات السورية. وأقيم على نهر الفرات في الرقة سدان يعدان من أهم السدود في سورية، وهما سد الفرات في مدينة الطبقة وهو الأكثر أهمية على صعيدي الزراعة وتوليد الطاقة الكهربائية، وسد الحرية والذي يقع إلى الشرق من سد الفرات بنحو 30 كيلومتراً.

وتأتي الرقة في مقدمة المحافظات السورية التي عانت من التهميش والإقصاء منذ استقلال سورية في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي، والذي ترسخ أكثر وأخذ أبعاداً كثيرة منذ عام 1970 حين استولى حافظ الأسد على السلطة. وظلت الرقة طيلة أكثر من خمسين عاماً رافداً رئيساً للاقتصاد السوري، من دون أن ينعكس ذلك إيجاباً على حياة أكثر من مليون ونصف المليون سوري كانوا يشكلون سكان المحافظة في عام 2011. في بداية عام 2013، كانت الرقة أولى المحافظات السورية خروجاً عن سيطرة النظام، وهو ما جرّ عليها ويلات القصف الجوي والصاروخي. وفي بدايات عام 2014، سيطر تنظيم “داعش” على المحافظة بشكل كامل، وعطّل كل نواحي الحياة فيها، وهو ما دفع عدداً كبيراً من سكانها لنزوح داخلي أو لهجرة خارج البلاد. وفي 2017، بدأ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية حملة عسكرية واسعة النطاق لطرد “داعش” من المحافظة، وهو ما أدى إلى تدمير جل مدينة الرقة، مركز المحافظة، وسيطرة “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) على القسم الأكبر من المحافظة مترامية الأطراف.

وتظهر نظرة على خريطة السيطرة في محافظة الرقة، أنّ كل أطراف الصراع على سورية لهم وجود عسكري في المحافظة، إذ تسيطر “قسد” على جلها، بدءاً من قرية شعيب الذكر غرباً مروراً بمدينة الطبقة ومن ثمّ شريط قرى على الضفة الجنوبية لنهر الفرات، أبرزها الصفصافة ومزرعة الصفصافة والمنصورة والحمام، وصولاً إلى شرقي قرية كسرة شيخ الجمعة. وتسيطر هذه القوات على كل مساحة الرقة شمال نهر الفرات أو ما بات يُعرف اصطلاحاً بـ”شرقي الفرات”، باستثناء مدينة تل أبيض ومحيطها في ريف الرقة الشمالي التي سيطر عليها الجانب التركي أواخر عام 2019. بينما تسيطر قوات النظام على جانب من ريف الرقة الغربي، وخصوصاً قريتي دبسي فرج، ودبسي عفنان، وعلى أغلب بادية المحافظة، وعلى قسم من الريف الجنوبي الشرقي، خصوصاً بلدتي معدان والسبخة. وفي أواخر عام 2019، اضطرت “قسد” لتوقيع تفاهم عسكري مع الجانب الروسي سمح للأخير ولقوات النظام باتخاذ جانب من مطار الطبقة مقراً لتجميع قوات لهما لتنقل إلى منطقة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي. كما يتخذ الأميركيون من بعض المناطق في محافظة الرقة نقاط تمركز غير ثابتة، ولا سيما في قرية الجزرة على تخوم مدينة الرقة الشمالية الشرقية.

إلى ذلك، قالت مصادر محلية، لـ”العربي الجديد”، إنّ سكان محافظة الرقة “يعانون مثل أغلب السوريين”، لكنها استدركت: “ربما الأوضاع في المناطق الخاضعة لقوات قسد أفضل حالاً على بعض الصعد”. وأوضحت: “فترة انقطاع التيار الكهربائي هي الأقل في محافظة الرقة على مستوى سورية، بحكم وجود سد الفرات، وهو المنتج الأكبر للطاقة في البلاد”. وأضافت أنّ الوضع الاقتصادي “في تحسن”، مشيرةً إلى أنّ “الأوضاع الأمنية مقبولة، ولكن يجب أن تكون أفضل، خصوصاً في مدينة الرقة”. وأكدت المصادر أنّ “هناك رفضاً شعبياً كبيراً لعودة قوات النظام إلى محافظة الرقة تحت أي ذريعة”، مشيرةً إلى أنّ “الرقة عانت كثيراً خلال السنوات الماضية، وقتل عشرات الآلاف من سكانها نتيجة قصف طائرات النظام والروس والتحالف الدولي، ومجيء النظام يعني عمليات انتقام واسعة النطاق بحق من بقي من السكان”.

ووفق مكتب الإحصاء في مجلس الرقة المدني التابع لـ”الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سورية، فإنّ عدد سكان المحافظة بلغ في عام 2020 نحو 759428، وعدد الأسر 142792، وعدد المنازل 118440، مشيراً إلى أنّ عدد سكان مدينة الرقة وحدها بلغ 287356.

العربي الجديد

——————————–

هيئة التفاوض” توضح لـ”السورية نت” تفاصيل تعليق عمل موظفيها في السعودية

أصدرت وزارة الخارجية السعودية قراراً ينص على تعليق عمل موظفي “الهيئة العليا للمفاوضات” السورية، في الرياض، نهاية الشهر الجاري.

وقالت الخارجية في بيانها المتداول، اليوم الخميس، إنه “وعلى ضوء استمرار تعطيل أعمال هيئة التفاوض السورية، فقد تقرر تعليق عمل موظفي الهيئة مع نهاية الشهر الجاري (يناير 2021)، وذلك لحين استئناف الهيئة أعمالها”.

وأرفقت وزارة الخارجية السعودية بياناً آخر حول مذكرة تلقتها الوزارة من بعض مكونات “هيئة التفاوض” وهي (هيئة التنسيق، منصة موسكو، منصة القاهرة) وتتضمن رفض المكونات السابقة للقرارات الصادرة عن الاجتماعات “غير الشرعية” للهيئة.

وطلبت الوزارة من الهيئة توضيحاً حول المذكرة السابقة “والإطلاع وإبداء المرئيات حيال قرار المكونات المُشار إليها”.

إلا أن المتحدث باسم “الهيئة العليا للمفاوضات” السورية، يحيى العريضي، أوضح لموقع “السورية نت” أن قرار الخارجية السعودية لا علاقة له بالخلاف الحاصل داخل منصة القاهرة حول استبدال الهيئة لشخص بآخر في اللجنة الدستورية السورية، مشيراً إلى أن هذا الأمر “شرعي ومن حقها”.

وأضاف العريضي أن القرار السعودي جاء بحكم عدم انعقاد أي اجتماع للهيئة في مقرها بالرياض منذ عام 2019، حيث أصبحت الهيئة تجتمع في أماكن أخرى خاصة مع انتشار فيروس “كورونا” وإجراءات الحظر التي رافقته.

وتابع “يعمل في مقر الهيئة بالرياض ثلاثة موظفين تابعين للهيئة (سيدتان ورجل)، ومع عدم انعقاد اجتماعات اللجنة هناك منذ نهاية عام 2019، لم يعد هناك أي عمل للموظفين الثلاثة”، مشيراً إلى أن قرار الخارجية السعودية ليس جديداً بل صدر قبل فترة.

حقيقة خلاف “منصة القاهرة”

يأتي قرار السعودية بالتزامن مع خلافات داخل “هيئة التفاوض” خاصة في منصة القاهرة، وذلك قبل أيام على انعقاد الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، والتي سيغيب عنها ممثلو منصة القاهرة ومنصة موسكو في حال لم يُحل الخلاف.

وتعترض منصة القاهرة على قرار “هيئة التفاوض” تعيين بليد صائب بديلاً عن قاسم الخطيب، كممثل لمنصة القاهرة في المجموعة المصغرة للجنة الدستورية.

وأرسلت منصتا القاهرة وموسكو، إلى جانب هيئة التنسيق، مذكرة اعتراض إلى المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، وإلى وزير الخارجية الروسي ونظيره السعودي، وذلك منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري.

وطالبت المذكرة برفض قرار رئيس “هيئة التفاوض”، أنس العبدة، استبعاد قاسم الخطيب من أعمال اللجنة، ودعت للتحرك السريع للحفاظ على وحدة اللجنة الدستورية باعتبارها المسار السياسي الوحيد الفعّال حول الملف السوري.

ويعود الخلاف في منصة القاهرة إلى وجود تيارين داخلها، يدّعي كل منها شرعيته في تمثيل المنصة في اللجنة الدستورية، وتفاقمت الخلافات بعد اعتماد “هيئة التفاوض” للتيار الذي يرأسه فراس الخالدي داخل منصة القاهرة، وتعيينها ممثلاً عنه في اللجنة الدستورية.

وتسود مخاوف من أن تؤدي تلك الخلافات إلى شرخ أكبر في صفوف المعارضة السورية، وإثبات رواية نظام الأسد الذي يروج لانقسامات داخل المعارضة وتعطيلها للعملية السياسية، خاصة في ظل انعقاد اللجنة الدستورية في جنيف.

—————————–

بيدرسون يتحدث عن ثلاث نقاط تعيق بناء الثقة داخل اللجنة الدستورية.. ما هي؟

قال المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، إن الخطوات التي من شأنها بناء الثقة خلال عمل اللجنة الدستورية في جنيف “لم تتحقق بعد”.

وتحدث بيدرسون في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الأربعاء، عن ثلاث نقاط تعيق تقدم عمل اللجنة الدستورية السورية، وعلى رأسها ملف المعتقلين والمفقودين، مشيراً إلى أنه لم يتم تحقيق أي تقدم يُذكر بهذا الملف، أو على الأقل الحصول على معلومات حول هؤلاء المعتقلين أو الإفراج عن الأطفال والنساء بينهم.

كما أشار بيدرسون إلى أن عدم التوافق على إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين لها داخل سورية، بشكل كامل ودون عوائق، يعيق بناء الثقة بين الأطراف السورية، مضيفاً أن النقطة الثالثة لبناء الثقة هي وقف إطلاق نار شامل على الصعيد الوطني والتعاون لمواجهة الجماعات المدرجة على قائمة الإرهاب الأممية، وهو أمر لم يتحقق أيضاً بحسب بيدرسون.

    Today, #Syria Envoy @GeirOPedersen will update the @UN Security Council on efforts to keep the political process going, including the need for intensified international diplomacy.

    Follow the meeting live @UNWebTV from 10AM EDT – https://t.co/xigNgkhYPI pic.twitter.com/ZHwtqJx9JY

    — UN Political and Peacebuilding Affairs (@UNDPPA) January 20, 2021

وأضاف المبعوث الأممي أن إجراء انتخابات “حرة ونزيهة” في سورية وفق دستور جديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، هو أمر “بعيد المنال” في المستقبل القريب، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن اللجنة الدستورية لم تستطع إحداث أي تغيير في حياة السوريين الاقتصادية والاجتماعية.

وجاء في إحاطة بيدرسون: “يجب أن تكون العملية السياسية مملوكة للسوريين فقط، لكن الصراع لا يزال مدوّل للغاية بوجود خمسة جيوش نشطة على الأراضي السورية”.

إحاطة بيدرسون كاملة

وتأتي إحاطة بيدرسون قبيل أيام على انعقاد الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، والتي ستتناول المبادئ الدستورية، وسط الحديث عن خلافات حول ذلك.

وكانت الجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية انتهت، الشهر الماضي، دون أن يخرج فيها المشاركون بمخرجات ملموسة فيما يتعلق بكتابة الدستور السوري، حيث تركز النقاش على عدة مسائل ونقاط بعيدة كل البعد عن المبادئ الدستورية، التي تشكلت اللجنة من أجلها ولتحقيقها.

وبرر رئيس وفد النظام، أحمد الكزبري، ذلك بقوله إن مناقشة الدستور تتطلب توافقاً على “المبادئ الوطنية” أولاً، حسب تعبيره.

في حين قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في تصريحات صحفية سابقة إن الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية “ستنتقل إلى العمل الموضوعي على القانون الأساسي للبلاد”، على أن تنعقد نهاية الشهر الجاري.

————————-

نقطة على حرف ! …. “في الاختلاف مع الائتلاف”/ أحمد فيصل الخطاب

من يتابع وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام خاصةً تلك المعادية للدكتاتورية والمنادية بالتغيير، يلحظ بوضوح مناخ اللغط والبلبلة السائدين حول موقف الإئتلاف .

في البدء كان قرار الإئتلاف تأسيس مفوضية عليا للإنتخاب مخولة بإعداد كوادر للمشاركة في الانتخابات القادمة، لتهيئتها وتحضيرها، زعماً، لمواجهة الإستحقاق الرئاسي أواسط العام الحالي.

هذا القرار كان بمثابة الشرارة التي أطلقت موجةً لا بل موجات من استنكار شعبي واسع معتبراً أن تلك الخطوه تعني النية في المشاركة في إنتخابات يخوضها رأس النظام الحالي بشار الأسد وإستعداد الإئتلاف ضمناً للمشاركة فيها نيابةً عن قوى الثورة والمعارضة مما يعني كذلك الإلتفاف على القرار الأممي 2254 الذي ينص صراحةً على قيام الإئتلاف بحل نفسه بمجرد بدء هيئة الحكم الإنتقالي أعمالها. وبالتالي فليست الإنتخابات والإعداد لها من صلاحياته.

كما يشكل هذا المشروع إنقلاباً على التراتبية الزمنية المقررة في جنيف واحد والقرارات الأممية ذات الصلة : سحب الجيش من المدن …الإفراج عن المعتقلين،..،هيئة حكم إنتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية … اسفتاء على دستور جديد…إنتخابات تشريعية…وأخيرًا إنتخابات رئاسية.

الرفض الشعبي الواسع لتلك الخطوة التي أقدم عليها الإئتلاف لم يأت من فراغ وإنما كان لأسباب أبرزها :

١- تزامن القرار مع الإستعدادات الحكومية لهذه الإنتخابات وإعلان وزير خارجية النظام بعد عودته من زيارته لموسكو أن الإنتخابات الرئاسية سوف تجري في موعدها المحدد، مما يضفي شبهةً على تصرف الإئتلاف في هذا المضمار.

٢- قرار الإئتلاف يأتي مخالفةً صريحة ويندرج سواء عن قصد أو غير قصد في محاولة متعددة الأطراف للإلتفاف على القرارات الأممية، محاولة أبرز ممثليها وداعميها روسيا – بوتين ونظام الملالي في إيران

٣- أتى القرار المذكور بعد تراكم ومسيرة طويلة من التنازلات في سوتشي وأستانا وجنيف كان أكثرها لصالح النظام.

كل ذلك شكل، كما ذكرنا ، الشرارة التي فجرت من جديد حراكًا شعبيًا واسعاً داخل سوريا وفي مناطق الشتات وأدى إلى إندفاعة حيوية سياسية في معسكر أنصار الثورة والمعارضة، هدفها الرئيس إستعادة القرار الوطني السوري المستقل من بين أيدي العابثين المحليين والدوليين ، وإعادة وضعه بين أيد سورية أمينة.

وفي غمرة هذا الحدث ، وهذه الإندفاعة الحيوية، أتى مؤتمر القوى الوطنية السورية الذي يتابع أعماله بروية ومثابرة ونجاح عبر اللجان المتعددة المنبثقة عنه.

مؤتمر القوى الوطنية السوري

وللإضاءة قليلاً على خلفية هذا المؤتمر أبادر للقول أن الداعين له والعاملين فيه حاولوا من خلاله أن يوجهوا ثلاث رسائل في وقت واحد :

– الرسالة الأولى هي لشعبنا خاصة في الداخل الذي يتقلب بين اليأس والأمل بالفرج، فحواها أننا نحن الموجودين حالياً في مناطق الشتات موجودون هناك فقط بالجسم وإننا بالعقل والقلب والروح موجودون معه نشاركه آماله وآلامه وأن أبناءه أينما كانوا في الداخل أو الخارج أوفياء على العهد عهد الدفاع عنه والعمل على تخليصه من الظلم التاريخي غير المسبوق الذي وقع عليه.

– الرسالة الثانية موجهة للنظام و خلاصتها : لا يخامرك شك ولو ذرة شك بأنك كسبت المعركة بشكل نهائي وأنك تتهيأ لرفع شارة الانتصار. ذلك وهم كبير تعيشه أنت وداعمييك.

إن السوريين الأحرار في آخر نقطة في العالم سيتابعون التحرك وعلى أكثر من صعيد لإسقاط الدكتاتورية الأسدية القاتلة التي أطبقت على خناق الشعب ولتقديم كبار رموزها أمام العدالة الدولية .

الرسالة الثالثة هي للمجتمع الدولي :

وملخص الرسالة إن على الدول الأعضاء في مجلس الأمن الخمس الدائمين والعشرة الدوارة التي وقعت كلها بالإجماع على قرارات دولية وأهمها القرار 2254 متعلقة بالشأن السوري ، عليها إحترام توقيعها وإلا فإن العالم سيتجه نحو شريعة الغاب، وأن هذه القرارات جنيف1 و 2218/2254 هي الحد الأدنى الذي قبل به غالبية السوريين ولا تنازل أو نزول تحته ولو مترًا واحدًا.

في ضوء كل ما تقدم وفي هذا السياق يطرح السؤال نفسه : لكن ما هو الموقف المطلوب من الإئتلاف من قراراته من آلية عمله وممارساته؟

وفي محاولة الجواب على السؤال، سوف أحاول أن أقدم هنا رؤيتي الخاصة والتي تتمحور حول العناصر الرئيسية التالية :

١- لقد كان أداء الإئتلاف الإعلامي مع الأسف طوال نحو تسع سنوات من وجوده غير جيد، مبلبل ومرتبك ولم يستطيع أن يوصل الرسالة جيدًا للعالم .

معركتنا كان نصفها يجري في ساحات القتال ونصفها الآخر في ساحات الإعلام والسياسة ولم يقدم الإئتلاف هنا نموذجًا لافتا

٢- برز إلى السطح ما يوجد تسميته بالخلل البنيوي أو الأزمة البنيوية في داخل الإئتلاف : نمط من المحاصصة غير اللائقة

ونمط من المداورة في تسلم المسؤليات تذكرنا بالمثال الروسي السيء “بوتين، ميدفيديف ” والمداورة والتناوب بينهما في (أسانسور )مصعد صاعد هابط وهابط صاعد !!؟

٣- غياب شبه كامل للشفافية داخله : آلية الانتخابات ، الآلية المالية، توزع المسؤليات الخ.

٤- وأخيرًا وليس آخر مسلسل طويل من التنازلات في سوتشي وآستانا واللجنة الدستوريه والانتخابية… والحبل على الجرار.

مسلسل طويل يهدد بالإلتفاف تماماً على القرارات الدولية وبيع القضية بالمفرق في جنيف ، وهكذا بيع الدم السوري الغالي بأثمان بخسة في سوق النخاسة الدولي.

نقلة أخرى هنا للتشديد على أنه لا بد أن يكون مفهومًا لنا وللآخرين على إختلاف مواقعهم ومواقفهم أننا في الموقف من الإئتلاف لسنا ضد شخص معين أو أشخاص معينين ولا نريد استبدال اي شخص بشخص أو مسؤول بمسؤول إننا نريد بالتحديد : تبديل حالة بحالة

تبديل حالة الفوضى بحالة نظام.

تبديل حالة التنازل والتفريط بحالة تقوم على الثبات

والتمسك بالقرارات الدولية المتصلة بالشأن السوري.

– تبديل حالة التفرد والفردية بحالة من التشاورية والتشاروكية.

– إستبدال حالة التبعية المطلقة لهذه الدولة أو تلك بحالة القرار الوطني السوري المستقل المنفتح على أي دعم عربي إقليمي أو دولي غير مشروط وفي إطار المصلحة الوطنية السورية.

– وهكذا إستبدال حالة اليأس والقنوط التي تسود في أوساط واسعه من شعبنا بحالة جديدة تقوم على الأمل والعمل، الأمل الواقعي بالتغيير الوطني الديمقراطي والعمل لإنجازه بأفضل الوسائل والصيغ.

وأصل هنا إلى سؤال الأسئلة إذا صح التعبير ، لكن من هو البديل !؟

الكثيرون يتسائلون من هو البديل، ونحن بدورنا نعتقد أن السؤال الحقيقي هو : ما هو البديل؟

ولقد حاولنا تقديم بعض عناصر الجواب على السؤال

إن الامر لا يتعلق بإستبدال شخص بشخص أو مجموعة بمجموعة، إنما هو إستبدال وضع بوضع أو حالة بحاله.

رغم ذلك ربما يطرح البعض السؤال الذي لا مفر منه : لكن من الذي سيحمل عبء هذا التغيير، ومن هم هؤلاء الناس من هم أولئك الأشخاص الذين سيتصدون لحمل هذا العبء الوطني الثقيل.

بعبارة أخرى من هو الحامل السياسي لهذه الحالة الجديدة ؟

وفي الجواب أن الحامل السياسي سواء كان مؤتمرنا الحالي قيد الإنجاز، أو سواه ، أو هو مع سواه، مع آخرين فهذا أمر يقرره الشعب وقواه الحية الوطنية الثورية قوى التغيير الوطني الديمقراطي، بطرق عديدة : إنتخاب، توافق، مؤتمر وطني واسع….الخ وبهدف إختيار الأكفأ وطنيًا ومناقبياً نظريًا وعملياً لحمل الأمانة .

والأمانة هنا – كي لا ينسى أحد – تتلخص في المحافظة على ثوابت الثورة والتمسك بالأهداف الكبرى التي رفعها الشعب السوري في غمار الأهوال والدماء، والمتمثلة بالحرية … والعدل …والكرامة الإنسانية !

( كلنا شركاء )

——————————-

فريق بيدرسون يتجاهل مداخلات وفد المجتمع المدني المعارض في محضره/ صبحي فرنجية

اعترض ممثلو المجتمع المدني (المعارض) في اللجنة الدستورية السورية، على فريق المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، بعد أن تجاهل الأخير أهم مداخلات أعضاء المجتمع أثناء كتابة محضر اجتماع بيدرسون مع كتلة المجتمع المدني يوم 19 الشهر الجاري، في حين بقيت في المحضر مداخلات فريق النظام وتوصياته. وكان رئيس هيئة التفاوض أنس العبدة قال في وقت سابق إن الفريق الأممي “بات مهتماً أكثر بإرضاء النظام”.

وعقد بيدرسون، يوم الثلاثاء الماضي، اجتماعاً مع كتلة المجتمع المدني – الموسّعة – في اللجنة الدستورية، تغيّب عنه عدد من الأعضاء المحسوبين على النظام، تخلّلته مداخلات للأعضاء وتوصيات ضمن المداخلات. وقالت مصادر “العربي الجديد” إنه بعد انتهاء الاجتماع، شارك الفريق الأممي محضر الجلسة مع الأعضاء، ليكتشف ممثلو المجتمع المدني المعارض أن المحضر قد خلا من أهم مداخلات الأعضاء المعارضين، وأبقى على النقاط التي تحدّث بها الأعضاء المحسوبون على النظام.

وأضافت المصادر أنه “على الفور، أبدى الأعضاء المعارضون في كتلة المجتمع المدني اعتراضهم، وأخبروا فريق المبعوث الأممي بأن المحضر منقوص وتجاهل أهم مداخلاتهم، وطالبوا الفريق بإعادة كتابة المحضر من جديد، وتضمين فحوى مداخلات المعارضين”. وبحسب المصادر، فإن فريق المبعوث الأممي لم يقم بتعديل المحضر، واكتفى بالقول “إن هذا المحضر غير رسمي”، من دون الإشارة إلى أن “المحضر الرسمي سيتضمن مداخلات المعارضين”.

وكان أعضاء وفد المجتمع المدني في المعارضة قد تحدّثوا خلال مداخلاتهم عن “ضرورة مشاركة جلسات اجتماعات اللجنة الدستورية مع اللجنة الموسعة والسوريين كافة، لأن هذا حقّهم في المعرفة والاطلاع على مداولات دستور بلادهم المستقبلي”، كما تحدّثوا عن “ملف النازحين السوريين ومعاناتهم، وملف المعتقلين وضرورة إطلاق سراحهم الفوري، وملف المُهجرين قسراً، وملف اللاجئين السوريين”، فيما ركزت مداخلات الوفد المحسوب على النظام “على العودة إلى حضن الوطن، وتحويل اجتماعات الدستورية من جنيف إلى دمشق، ورفع العقوبات عن النظام،  والإرهاب”.

وبحسب محضر الجلسة الذي أعدّه فريق المبعوث الأممي، واطلع عليه “العربي الجديد”، فإن النقاشات بين بيدرسون وكتلة المجتمع المدني شملت “تعلیقات على العدید من التحدیات التي یواجھھا الشعب السوري من إرهاب وصعوبات اقتصادیة وشتاء قاسٍ، تعلیقات على ضرورة رفع العقوبات وضرورة معالجة مسألة تخصیص الموارد الوطنیة، اقتراح عودة الأعضاء الموجودین خارج سورية إلى الوطن لعقد اجتماعات داخل البلاد، تعلیقات تؤكد ضرورة تحقیق نتائج ملموسة للسوریین من خلال العملیة السیاسیة، حیث لا یزال العدید من أعضاء اللجنة یواجھون ضغوطاً من جماھیرھم، الحاجة إلى تدابیر بناء الثقة في العملیة السیاسیة، أھمیة توزیع محاضر جلسات الھیئة المصغرة لجمیع أعضاء الھیئة الوسطى الموسعة، وسؤال حول توفیر لقاحات كوفيد-19 لأعضاء اللجنة الدستوریة”.

وغاب عن المحضر حديث أعضاء وفد المجتمع المدني المعارض عن ملفات إنسانية بالغة الأهمية، وهي ملفات تُعتبر ما فوق تفاوضية، كملف إطلاق سراح المعتقلين، والبيئة الآمنة، ورفع مأساة السوريين في المخيمات. ويخشى أعضاء الوفد أن يتحول هذا المحضر إلى غرفة أرشيف الأمم المتحدة، وأن يُستخدم هذا المحضر في وقت لاحق على أنه يُمثل كافة أعضاء المجتمع المدني، بمن فيهم الأعضاء المعارضون، وهو ما قد يُشكل حرجاً للأعضاء المعارضين لمخالفته مبادئهم ومطالبهم، ولأن المحضر سيضعهم ضمن من طالبوا بنقل الاجتماعات إلى دمشق، ورفع العقوبات عن النظام.

وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن فريق بيدرسون  حتى اللحظة لم يُجرِ تعديلاً على المحضر، وذلك على الرغم من كل مطالبات أعضاء وفد المجتمع المدني المعارضين من المسؤول في الفريق الأممي بإجراء التعديل من دون أي تأخير. وقالت المصادر إن “فريق بيدرسون تجاهل المطالب، وما زال يكرّر تبريره بأن هذا المحضر غير رسمي”، من دون الإشارة إلى “ما إذا سيكون هناك محضر رسمي أم لا، وهل سيتم تضمين مداخلات الوفد المعارض أم لا”.

وعدّت مصادر “العربي الجديد” في اللجنة الدستورية أن “فريق الأمم المتحدة يوجه أذنيه إلى وفد النظام، ويصمّهما عن وفد المعارضة السورية”، مضيفة أن هذا الأمر بات “مصدر قلق حقيقي”، خصوصاً وأن بيدرسون “كان له دور ملموس بإقناع المعارضة السورية بالقبول بجداول أعمال اللجنة الدستورية التي يقترحها النظام، متذرّعاً بضرورة عقد الاجتماعات، لأن مسار اللجنة الدستورية هو المسار الوحيد النشط في العملية السياسية”.

وبحثت الجولتان الثالثة والرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية – التي بدأت قبل أكثر من عام ولم تبحث حتى اللحظة ملفات متصلة بالدستور – موضوع “الهوية الوطنية/ المبادئ الوطنية الأساسية”، وهو جدول أعمال رفضه كثيراً وفد المعارضة، قبل أن يتمكن بيدرسون من إقناعه بقبول الجدول الذي لم يتراجع النظام عنه أبداً، ورفض الحضور إلى جنيف للحديث في غيره.

وكان رئيس هيئة التفاوض السورية قد عبّر عن قلق الهيئة من عدة سلوكيات للفريق الأممي، وقال خلال مقابلة مع “العربي الجديد” قبل أيام إن الفريق الأممي “بات مهتماً أكثر بإرضاء النظام، لدرجة أن هذا الوفد يضع أولويته في حضور النظام، وذلك على حساب النقاشات والالتزام بورقة القواعد الإجرائية”.

وأضاف أن “ما يثير الاهتمام أن السوريين وعدداً من الدول يلاحظون أن الأمم المتحدة تتغاضى عن ذكر مسار أساسي في العملية السياسية، وهو مسار الحكم الانتقالي”، وعدّ أن هذا التغاضي هو “انزلاق خطير من قِبل الأمم المتحدة من نواحٍ عدة، أولاً في فهم جذر العملية السياسية، وثانياً في فهم القرار 2254، وثالثاً في فهم ما يريده الشعب السوري وما ضحى من أجله”.

وتنطلق أعمال الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية يوم الإثنين المقبل، وستبحث المبادئ الأساسية للدستور، وهو أول اجتماع للجنة سيتطرق إلى ملف الدستور. وعلى الرغم من ذلك، يُبدي أعضاء في اللجنة الدستورية مخاوف من أن يأتي النظام وبين يديه عوامل إفراغ الجولة القادمة من مضمونها، على سبيل ما حدث خلال الجولة الثانية التي عقدت نهاية عام 2019، والتي عطّلها النظام باشتراط أنه لن يدخل قاعة الاجتماعات قبل توقيع الوفود كافة على ورقة أطلق عليها اسم “المبادئ الأساسية التي تهم الشعب السوري”، وهي ورقة غير متصلة بالدستور، وتُدين كل من عارض النظام أو حمل السلاح ضدّه.

العربي الجديد

————————–

مشاورات في موسكو وداخل الائتلاف حول خلافات هيئة التفاوض السورية/ عدنان أحمد

بعد تصاعد الخلافات بين الأطراف المكونة لهيئة التفاوض السورية، وإعلان الخارجية السعودية تعليق عمل موظفي هيئة التفاوض السورية في السعودية، وقبل أيام من انعقاد الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، دخلت روسيا على خط الخلافات داخل الهيئة، فيما أجرى الائتلاف السوري المعارض مشاورات حول هذه التطورات.

وذكرت الدائرة الإعلامية في الائتلاف أن الهيئة الرئاسية والهيئة السياسية في الائتلاف عقدتا اجتماعاً مع ممثلي الائتلاف في هيئة التفاوض السورية واللجنة الدستورية، وبحثوا معاً الاستعدادات الأخيرة للجولة المقبلة من اللجنة الدستورية.

وأكد رئيس الائتلاف نصر الحريري “ضرورة تحريك عملية الانتقال السياسي من خلال فتح بقية السلال المتضمنة في القرار 2254، وبحث الاستعدادات للجولة القادمة، والأوراق اللازمة لمناقشة المضامين الدستورية التي يتحاشاها النظام من خلال التعطيل والمماطلة والتعلق بالشكليات”.

ولفت الحريري إلى ضرورة التركيز على القضايا المهمة التي يجب أن يتضمنها الدستور الجديد، والتي تتعلق بـ”تحقيق الانتقال السياسي والديمقراطي في البلاد، وقضايا الحريات العامة والحقوق السياسية للأفراد والأحزاب، وشكل الدولة ونظامها، وحقوق الإنسان، وتداول السلطات”.

وشدد على مواصلة العمل مع الأمم المتحدة من أجل فتح باقي السلال التي يتضمنها القرار 2254، ولا سيما الهيئة الحاكمة الانتقالية.

وذكر مصدر مقرب من الائتلاف لـ”العربي الجديد” أن المشاورات تطرقت أيضاً إلى التطورات الأخيرة في هيئة التفاوض، وسط استياء من عملية نقل الخلافات داخل الهيئة إلى أطراف خارجية، ما يضعف الموقف التفاوضي للهيئة ككل، ويقوي موقف النظام.

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن بلاده مستعدة لمواصلة تعزيز الحوار الشامل بين الأطراف السورية، من أجل تسريع عودة الأوضاع إلى طبيعتها في سورية.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن بيان للخارجية الروسية، أمس الخميس، قوله إن لافروف استقبل ممثلين عن قيادة منصتي “موسكو” و “القاهرة” من المعارضة السورية، قدري جميل وخالد المحاميد وجمال سليمان ومهند دليقان، وأكد “استعداد روسيا الثابت لمواصلة تعزيز حوار شامل وبنّاء بين السوريين من أجل تطبيع الوضع في سورية في أسرع وقت”.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، قد قالت في وقت سابق إن الاجتماع مع الوفد المشترك يهدف إلى “تشجيع الحوار بين السوريين من أجل تعزيز تسوية سياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتعزيز مشاركة جميع القوى السياسية السورية في الجهود البناءة لإعادة إعمار البلاد بعد الصراع”.

من جهتها، ذكرت وكالة “تاس” الروسية أن ممثلي المنصتين عرضوا وضع اللجنة الدستورية الراهن، وكذلك الوضع ضمن هيئة التفاوض، و”محاولات بعض الأطراف تعطيل عملها عبر ممارسة عقلية الحزب القائد ضمنها”، بحسب تعبيرها.

ويأتي ذلك بعد تصاعد الخلافات بين الأطراف المكونة لهيئة التفاوض السورية، عقب استبعاد أحد ممثلي منصة القاهرة، وهو قاسم الخطيب، وتعيين تليد صائب بديلاً عنه في تمثيل المنصة لدى اللجنة الدستورية بجنيف.

وكانت الخارجية السعودية قد أعلنت، مساء الأربعاء، تعليق عمل موظفي هيئة التفاوض السورية في السعودية، بسبب ما وصفته الخارجية بـ”استمرار تعطيل أعمال هيئة التفاوض السورية”، وذلك قبل أيام من انعقاد الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية المقرر انعقادها في الـ25 من يناير/ كانون الثاني الجاري.

وذكرت مصادر لموقع “تلفزيون سورية” أن ممثلي منصتي القاهرة وموسكو في وفد المعارضة السورية سيتغيبون عن حضور الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية.

وأضافت المصادر أن مبرر عضو منصة القاهرة الفنان جمال سليمان لعدم الحضور هو انشغاله بتصوير عمل فني.

وبحسب المصادر، فإن غياب منصة موسكو عن الاجتماعات هو نتيجة إصرار أعضائها على عدم قبول استبعاد ممثلها مهند دليقان عن اللجنة، وعدم استكمال التحضيرات اللوجستية لحضور عضو منصة القاهرة الجديد تليد صائب، بسبب إقامته في الكويت، وبذلك فإن اللجنة الدستورية ستُعقد بغياب كتلتين من أصل ست كتل مشاركة في اجتماعات اللجنة الدستورية.

على صعيد آخر، قام رئيس الائتلاف السوري نصر الحريري بزيارة إلى مقر الحكومة السورية المؤقتة في مدينة غازي عنتاب أمس الخميس، والتقى رئيس الحكومة عبد الرحمن مصطفى، ورئيس جامعة حلب الحرة.

وقال الحريري إن الائتلاف “يعمل بشكل حثيث مع الدول الصديقة والشقيقة من أجل تأمين الموارد اللازمة لعمل الحكومة المؤقتة وتمكينها من القيام بواجباتها تجاه السوريين في المناطق المحررة”، بحسب الدائرة الإعلامية في الائتلاف.

    اجتمعنا اليوم مع رئيس الحكومة المؤقتة ووزرائها وبحثنا تعزيز وتنسيق العمل في المناطق المحررة، وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، لاسيما في ظل الظروف الحالية، كما بحثنا ملف التواصل مع الدول الصديقة والشقيقة من أجل تأمين الموارد اللازمة لعمل الحكومة المؤقتة وتمكينها من القيام بواجباتها. pic.twitter.com/PMBD1KUV61

    — د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) January 21, 2021

واعتبر الحريري أن “نجاح الائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة في إدارة المناطق المحررة، سينعكس بشكل كبير على مجريات العملية السياسية، وذلك بما يخدم طموحات الشعب السوري بتحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية”.

بدوره، أكد رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى ضرورة “تكاتف كل الجهود من أجل تأمين الحاجات الأساسية لأهلنا في المخيمات، لا سيما في ظل الظروف المناخية والمعيشية السيئة”.

العربي الجديد

——————————

السعودية توقف نشاط هيئة التفاوض..حتى حلّ الخلافات

التقى ممثلون عن منصتي موسكو والقاهرة وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف في موسكو الخميس، لبحث العملية السياسية في سوريا، والخلافات داخل هيئة التفاوض المعارضة، في وقت أرسلت فيه السعودية رسالة إلى الهيئة تبلغها فيها وقف نشاط مكتبها في الرياض إلى حين حل هذه الخلافات.

وكانت كل من منصتي موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى هيئة التنسيق الوطني، وهي قوى من المعارضة السورية، قد وجهت رسالة، في 13 كانون الثاني/ديسمبر 2021، إلى كل من المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن ووزارتي الخارجية في مصر والسعودية، تبلغهم فيها رفض قرار هيئة التفاوض إستبدال ممثلي منصة القاهرة وموسكو في الهيئة واللجنة الدستورية، كما عرضت ما قالت الرسالة إنها مخالفات داخل هيئة التفاوض سببها كتلة الائتلاف الوطني.

رسالة السعودية إلى هيئة التفاوض

وجاء في رسالة وجهتها وزارة الخارجية السعودية إلى الهيئة، أن الوزارة تنتظر إبداء الرأي حول ما جاء في رسالة المكونات الثلاث المعترضة، بينما علمت “المدن” من مصدر مطلع أن المذكرة أُرفقت بتبليغ الهيئة أن الرياض أوقفت دعم مكتبها في العاصمة السعودية إلى حين التوصل لاتفاق بين مكونات هيئة التفاوض، ما يعني تجميد عمل المكتب.

وكانت هيئة التفاوض التي تأسست عام 2015 قد شهدت توسعة في مؤتمر الرياض-2 عام 2017 مع انضمام ممثلين عن منصتي القاهرة وموسكو وهيئة التفاوض، بالإضافة إلى ثمانية مستقلين، لكن الخلافات نشبت بين هذه الكتل مع انتخاب الكتل الثلاث المنضمة لاحقاً ثمانية مستقلين جدد بشكل منفرد في اجتماع لها بالعاصمة السعودية عام 2019، وهو الأمر الذي رفضه الائتلاف والمستقلون القدامى الذين ما زالوا يحتفظون بعضويتهم في الهيئة.

وتدعم السعودية ومصر موقف هيئة التنسيق ومنصتي موسكو والقاهرة، فيما تدعم تركيا وقطر الكتل التي تمثل الائتلاف والفصائل العسكرية والمستقلين الحاليين، وبينما كان يُنتظر أن تنعكس المصالحة الخليجية إيجاباً للدفع نحو الاتفاق بين كتل المعارضة، جاء الانقسام داخل منصة القاهرة ليفجر خلافاً جديداً.

ويبدو أن هذه القضية كانت الملف الرئيسي على طاولة اللقاء الذي عقده وزير الخارجية الروسية الخميس، مع ممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة في العاصمة الروسية.

وحسب مصادر في منصة موسكو، فقد “ناقش المجتمعون وضع العملية السياسية الراهن وضرورة الدفع بإتجاه التنفيذ الكامل للقرار 2254، كما عرض ممثلو المنصتين وضع اللجنة الدستورية الراهن، وكذلك الوضع ضمن هيئة التفاوض السورية ومحاولات بعض الأطراف تعطيل عملها عبر ممارسة عقلية الحزب القائد ضمنها” حسب المصدر.

وتكّون الوفد من رئيس منصة موسكو قدري جميل، وعضو المنصة مهند دليقان، وجمال سليمان ممثلاً عن منصة القاهرة، بالإضافة إلى خالد المحاميد عضو مجلس الأعمال السوري، والعضو السابق في هيئة التفاوض الذي تسببت محاولة ضمه لمنصة القاهرة بتفجر الخلافات بين أعضائها.

المدن

—————————–

قلق أممي من «تسوماني سوري»… وكتل معارضة تحشد ضد «هيمنة تركيا»/ إبراهيم حميدي

رسالة سياسية من منصتي موسكو والقاهرة و«التنسيق» لمبعوث الأمم المتحدة كي يحل إشكالية «الهيئة» قبل اجتماع اللجنة الدستورية

لجأت ثلاث كتل سياسية في «هيئة التفاوض السورية» المعارضة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن وروسيا ودول إقليمية لمعالجة نفوذ تركيا في «الهيئة» و«اللجنة الدستورية» و«هيمنة» أنقرة على القرار السياسي، في وقت يضع بيدرسن اللمسات الأخيرة على الجولة الخامسة من اجتماعات «الدستورية» يوم الاثنين المقبل، لتبدأ للمرة الأولى في مناقشة جوهر الدستور السوري.

بيدرسن كان في مزاج آخر لدى تقديمه الإيجاز إلى مجلس الأمن الأربعاء. لأول مرة، هو في صدد الإعداد لجولة اجتماع لـ«اللجنة» يتناول الدستور، و«صياغته»، بموجب اتفاق وفدي الحكومة و«الهيئة» المعارضة، ذلك بعد جولات عقدت خلال أكثر من سنة كان الانقسام فيها سيد الموقف: دمشق تريد مناقشة «المبادئ الوطنية». المعارضة كانت تريد مناقشة «مقدمة الدستور ومبادئه».

في إيجازه الأممي، انطلق هذه المرة من الأزمة الاقتصادية في سوريا، والصورة العسكرية جراء وجود خمسة جيوش أجنبية (روسيا، أميركا، تركيا، إيران، إسرائيل) قبل مناقشة التفاصيل الخاصة بـ«الدستورية»، حيث يعاني الملايين داخل سوريا وملايين اللاجئين خارجها من «صدمات عميقة، وفقر مدقع، وانعدام الأمن الشخصي، وغياب الأمل في المستقبل. بالنسبة للكثيرين، فإن المعاناة اليومية لمجرد البقاء على قيد الحياة تغلب على معظم القضايا الأخرى».

– تسونامي بطيء

تفصيلا، يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إن أكثر من 8 من كل 10 سوريين يعانون من الفقر. ويقدر صندوق الأغذية العالمي أن 9.3 مليون داخل سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي. لكن بالنسة إلى بيدرسن، فإن «المؤشرات ستزداد سوءاً» لأسباب مختلفة بينها «تأثير عقد من الصراع، وتردي الأوضاع الاقتصادية عالمياً بسبب جائحة (كورونا)، وتداعيات الأزمة اللبنانية، والعوامل الداخلية مثل اقتصاد الحرب، والفساد، وسوء الإدارة، والتدابير الخارجية (عقوبات، عزلة). كما يواجه المجتمع المقسم المزيد من التفكك لنسيجه الاجتماعي، وهو ما يؤسس لمزيد من المعاناة والمزيد من عدم الاستقرار».

كل ذلك يدفع إلى التحذير من «تسونامي بطيء يضرب سوريا». يضاف إلى ذلك، أنه مع ارتفاع معدلات التضخم ونقص الخبز والوقود، هناك توقعات أن تشهد قدرة الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى على توفير الخدمات الأساسية والدعم للسلع الأساسية «تراجعاً مستمراً»، وأن تتسبب الجائحة أيضاً في خسائر إضافية. وفي «إشارة دبلوماسية» إلى آثار العقوبات الغربية، الأميركية والأوروبية، يلفت إلى أنه «يظل ضرورياً ألا تساهم أي عقوبات في تفاقم محنة السوريين».

– 6 إشارات مقلقة

هناك إشارات إيجابية، لكنها مقلقة، بالنسبة إلى بيدرسن وغيره من المراقبين. صحيح أن الأشهر العشرة الماضية كانت «الأكثر هدوءاً في تاريخ الأزمة» منذ 2011 حيث تغيرت في 2020 بـ«الكاد خطوط التماس». لكن هذا الهدوء يتسم بالهشاشة. ويمكن أن يتلاشى في أي لحظة. والمؤشرات في ذلك، هي: أولا، التصعيد الأخير حول بلدة عين عيسى في شمال شرقي سوريا. ثانيا، تكثيف للغارات الجوية المنسوبة لإسرائيل. ثالثا، استمرار هجمات «داعش» في شرق سوريا وباديتها. رابعا، هجمات متبادلة جنوب إدلب ومحيطها. خامسا، اضطرابات في الجنوب الغربي. سادسا، لا يزال المدنيون يُقتلون في تبادل إطلاق النار والهجمات بالعبوات الناسفة ويواجهون مخاطر الاحتجاز التعسفي والاختطاف وأنشطة الجماعات المصنفة إرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة.

وأمام هذا الواقع، عندما يجري الحديث عن تنفيذ القرار 2254 وهو المرجعية الوحيدة للتسوية السورية، فإن قناعة بيدرسن، أنه «لا يمكن لأي طرف فاعل أو مجموعة من الأطراف الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية الأزمة – وبالتالي يجب على كل الأطراف العمل معاً». لماذا؟ في ضوء تدويل الأزمة إلى حد كبير، ووجود خمسة جيوش أجنبية تنشط على الأراضي السورية «لا يمكننا التظاهر بأن الحلول في أيدي السوريين فقط – أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تقوم بذلك بمفردها». عليه، فإن الحاجة ملحة لـ«دبلوماسية دولية أكثر جدية وتعاوناً – وهو أمر ممكن، بالنظر إلى أنه رغم اختلافاتها، فإن الدول الرئيسية ملتزمة بالقرار 2254، ولديها مصالح مشتركة بما في ذلك حول مسائل مثل تحقيق الاستقرار، واحتواء الإرهاب، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين، ومنع المزيد من الصراع».

– انتخابات ودستور

هناك موعد ملح حاليا، يتعلق بالانتخابات الرئاسية السورية المقبلة قبل نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد في منتصف يوليو (تموز). وهناك نقاشات مختلفة بين الدول الفاعلة، بين حماس روسي لها وتجاهل أو انقسام أميركي – أوروبي حول التعاطي معها. وبالنسبة إلى بيدرسن، الواضح أنه قرر عدم التعاطي معها باعتبار أن لاعلاقة لها بالقرار 2254، ويقول: «تبدو الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجري وفق دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، وفقاً لأعلى معايير الشفافية والمساءلة، وبمشاركة جميع السوريين الذين يحق لهم المشاركة بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في المهجر والمنصوص عليها في القرار 2254، بعيدة المنال…» أي ما بعد الانتخابات الرئاسية منتصف العام.

عليه، فإن التصور المقبل لاجتماعات اللجنة الدستورية، هو واقعي. أي، عقد ثلاث أو أربع جلسات قبل الانتخابات وأخرى بعدها، تتضمن بدء وفود الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني مناقشة الدستور. ومن المقرر أن تعقد الدورة الخامسة للهيئة المصغرة للجنة الدستورية في جنيف بين 25 إلى 29 الشهر الجاري. وكما هو متفق، ستناقش، وفقاً لولاية اللجنة والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية «المبادئ الدستورية الأساسية في الدستور».

الجلسة المقبلة، بالنسبة له، «ستكون مهمة للغاية»، إذ إنه على مدار أكثر من عام تمت مناقشة العديد من الموضوعات، و«أعتقد أن الوقت قد حان للرئيسين المشاركين للاتفاق على آلية ومنهجية عمل فعالة وعملية، بحيث تكون الاجتماعات منظمة بشكل أفضل وأكثر تركيزاً». ماذا يعني ذلك؟ ضمان أن تبدأ اللجنة في الانتقال من «إعداد» الإصلاح الدستوري إلى عملية «الصياغة»، وفقاً للولاية المنوطة بها. ويمكن للجنة القيام بذلك من خلال البدء في النظر في قضايا دستورية محددة ومسودات للمواد الدستورية. ويأمل بيدرسن أن يقوم رئيسا الوفدين، الحكومي والمعارضة، بـ«التوصل إلى اتفاق بشأن خطة عمل للاجتماعات القادمة وجداول أعمال وموضوعات واضحة والمضي بوتيرة أسرع في هذه العملية»… خلال الجلسات المقبلة.

لا توافق كل الدول الغربية على هذا التقييم. هناك دول أوروبية، باتت ترفع صوتها باتجاه ضرورة التخلي عن «اللجنة الدستورية»، بل إن بعض الدول ينتقد بيدرسن لأنه يعطي «اللجنة» أكثر مما تستحق، حسب اعتقاد هذه الدول. وهي تريد فتح بوابات جديدة لتنفيذ القرار 2254، مثل الانتقال السياسي، البيئة المحايدة، السجناء، إجراءات بناء الثقة.

ارتفاع الصوت الأوروبي إزاء ذلك أو انخفاضه بانتظار تشكيل إدارة جو بايدن فريقها السوري واكتماله في الخارجية الأميركية بعد تعيين فريق مجلس الأمن القومي، وضم باربرا ليف وبريت ماغورك وزهرا بيل، علما بأن الأخيرين لعبا دوراً رئيسياً في الزاوية الكردية من الملف السوري.

– مفاجأة منصات

بيدرسن المشغول بـ«اختراق الدستورية»، جاءته المفاجأة من حيث لا يحتسب، إذ قام ممثلو «منصة القاهرة» و«منصة موسكو» و«هيئة التنسيق»، وهي قوى رئيسية في «هيئة التفاوض» التي تمثل المعارضة في اجتماعات «اللجنة الدستورية»، بإرسال رسالة له كي يساهم في حل إشكال داخل «الهيئة».

الخلاف الفني يتناول تمثيل المستقلين، الذين انتخبوا في مؤتمر في الرياض نهاية 2019 لتمثيل كتلة المستقلين ذات الثمانية أعضاء في «الهيئة». كما يتناول تمثيل «منصة القاهرة» في «الهيئة». وجرى خلال سنة تقديم سلسلة مقترحات لتسوية الخلاف حول المستقلين، بينها تقاسم الأعضاء القدامى والجدد لكتلة المستقلين بين أعضاء بين «الهيئة» و«اللجنة الدستورية» (5 مقابل 3 أو 6 مقابل 2). لكن ذلك، لم يتحقق وتمسكت الكتلة الأخرى، أي «الائتلاف»، بآلية التشكيل والانتخابات وصولاً إلى تحديد اسم ممثل «منصة القاهرة» قبل أيام.

وتضم «الهيئة» 36 عضوا، 8 من «الائتلاف» و4 من «منصة موسكو» و4 لـ«منصة القاهرة» و5 لـ«هيئة التنسيق» و7 للفصائل العسكرية (التي تغير وضعها كثيرا منذ تشكيل «الهيئة» قبل سنوات) و8 مستقلين، إضافة إلى عضو كردي مع «الائتلاف»، لكن الخلاف السياسي، هو وراء هذا الفني، إذ إن التوازن الحالي للأعضاء يميل لصالح كتلة سورية مدعومة إقليمياً. الكتل السياسية في «الهيئة»، أي «منصة موسكو» و«منصة القاهرة» و«هيئة التنسيق»، تتهم أنقرة بالسيطرة على «الهيئة»، أو وقوع الأخيرة في الحضن التركي، وهي تحاول إدخال المستقلين الجدد إلى «الهيئة» لتحقيق نصاب كاف في آلية الانتخابات يحول دون سيطرة الطرف الآخر على القرارات.

هذه الكتل الثلاث لجأت إلى بيدرسن للتدخل وحل الخلاف، استنادا إلى القرار 2254 للعام 2015 الذي نص على «تطلع لقيام المبعوث بوضع اللمسات الأخيرة على الجهود المبذولة تحقيقا لغاية»، وحدة القوى المعارضة، مع ذكر منصتي القاهرة وموسكو.

أغلب الظن، لن يدخل بيدرسن في هذا الملف الفني – السياسي، ويريد التركيز على اجتماعات «اللجنة الدستورية»، في وقت يُعتقد أن «الضامنين» الثلاثة لعملية آستانة، روسيا وتركيا وإيران، سينقاشون هذا الملف لدى اجتماعهم السياسي في سوتشي الروسية في الشهر المقبل.

—————————-

اللجنة الدستورية الجولة الخامسة.. عدالة دستورية ومرحلة مفصلية/ بشار الحاج علي

بعد أكثر من عامين على إعلان تشكيل لجنة دستورية سورية لمناقشة وإعداد مسودة دستور جديد أو إصلاح دستوري وذلك ضمن مسار الحل السياسي وفق بيان جنيف واستناداً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام  2015 والقرارت ذات الصلة (حسب بيان إعلانها ) الذي أعلن في تصريح صحفي للسيد أنطونيو غوتيرش السكرتير العام للأمم المتحدة في 23- أيلول –2019.

وبسبب ضعف الثقة بالمؤسسات الممثلة للثورة والمعارضة، وضعفها وذلك لأسباب ذاتية من بنية المؤسسة ومن بعض الأشخاص فيها، ولأسباب خارجية تعود لكيفية إنشائها والتدخلات الخارجية التي عملت على بقاء هذه المؤسسات غير فاعلة ومنعت تفعيلها أو إنشاء أجسام تمثيلية حقيقية .هذا جعل كل ما يصدر عنها محل شك، وكل فشل يحسب عليها وليس هنا بيت القصيد.

في الآونة الأخيرة وفيما يخص العملية السياسة المختصرة حالياً بـ ( اللجنة الدستورية ) هناك حدثان مهمان  الأول:

نشر ورقة هي ليست ورقة وليست سوى ملخص لبعض مطالعات أعضاء اللجنة المصغرة لقوى الثورة والمعارضة، وفيها تعابير لا يجوز أن ترد كتابة وإن كان ذلك للمحاججة (مثل مؤتمر سوتشي) فنحن من المفترض أننا لا نعترف ولَم نشارك فيه.

وهذه المطالعات برأيي لايجوز أن تنشر وليس من الضروري أن يكون هناك أي أوراق مكتوبة حيث إن الجولة الرابعة كما سابقاتها هي كلام عام زيادة على على تضييع الوقت من الطرف الآخر. ومن ناحية الالتزام أو الإلزام فهي لا قيمة قانونية ولا حتى من قبيل (اتفاق مبادئ).

ولتوضيح ذلك لابد من شرح آلية الاتفاق في اللجنة الدستورية فهي كما نعلم تتألف اللجنة الدستورية من ثلاثة أقسام – أطراف، الأول: قوى الثورة والمعارضة خمسون عضوا.

الثاني: المجتمع المدني وهم ناشطون وناشطات من خارج الأطراف السياسة ومنهم من يقف ضد نظام القمع  ومنهم من هو معه “خمسون عضوا” .

الثالث :وفد ما يسمى الحكومة السورية خمسون “عضوا”، ومجموع هؤلاء يسمى اللجنة الدستورية الموسعة. وتم الاتفاق على تشكيل لجنة سميت لجنة الصياغة أو اللجنة المصغرة

وهي تتألف من خمسة وأربعين عضوا من كل طرف من الأطراف الثلاثة خمسة عشر عضوا وهذه المجموعة أي المصغرة (٤٥) هي التي اجتمعت وتجتمع في جنيف في كل جولة من جولات اللجنة الدستورية وهي التي من المفروض أن  تناقش مواد مشروع مسودة الدستور .

وإذا تم التوافق على أي مادة أو فقرة – طبعا هذا لم يحدث حتى الآن-  لا تقر ولا تعتمد فهي بحاجة لاجتماع المجموعة الموسعة (150) وبحاجة للتصويت عليها وإقرارها وإذا حصل ذلك تكون قد دونت في مشروع مسودة الدستور الذي يجب أن يقره الشعب السوري باستفتاء قانوني.

وعلى ذلك لا قيمة لأي أوراق تنشر حاليا، سوى أن تكون في سياق التطمينات للشارع أو في مسار استراتيجية التفاوض وهنا أرى كمتابع وكما يرى كثير من المهتمين بالشأن الوطني أن ما نشره طرف هيئة التفاوض في اللجنة الدستورية كنوع من التوضيح حول آخر جولة أي الرابعة من جولات اللجنة الدستورية لم يكن موفقا وأشعل سيلا من الانتقادات على مستوى الشارع الثوري والسياسي وكانت ردة الفعل واضحة وقوية وبمنزلة إنذار أخير لن تقبل بعده اللجنة الدستورية برمتها، إذا لم تكن على قدر المسؤولية.

وعلى قيادة اللجنة أن تجعل ذلك في حسبانها لتكون الجولة المقبلة آخر اختبار للنوايا -المعروفة بالنسبة لنا – من قبل الطرف الآخر ولكن أيضاً للرعاة الدوليين. ونتخلص من اللوم والكلام عن ضرورة الوجود في المعارك السياسية وهو صحيح ولكن ليس المعارك العبثية.

أما الحدث الثاني: يتمثل بإحاطة السيد بيدرسن قبل الأخيرة، والتي أثارت لغطاً لورود مصطلح على الأقل في غير مكانه، ومن المعروف أن المبعوث الأممي يقدم إحاطة شهرية لمجلس الأمن حول سوريا بشكل عام والعملية السياسة وخاصة اللجنة الدستورية.

وهذه الإحاطة هي أيضا بلا أية قيمة قانوينة تذكر ولا أي صفة من الإلزام أو الالتزام لا على الأطراف ولا حتى من قبل المبعوث نفسه، وهو يتحمل مسؤولية صحة ماورد فيها من معلومات وأحداث وأفكار ومواقف.

وهي عبارة عن سرد للتطورات والأحداث على الساحة السورية عسكريا وميدانياً وإنسانيا وإغاثيا وسياسيا وهذا السرد يستند إلى التقارير التي تصله سواء من الأطراف أو الدول أو من جهات تابعة للأمم المتحدة والمنظمات الأخرى المهتمة والأشخاص وكذلك تعتمد على متابعته الشخصية وفريق عمله المختص بطبيعة الحال بالقضية السورية وهو ملزم بالحيادية وتحري الدقة والنزاهة، بصفته مبعوثا أمميا لتطبيق القرارات الدولية وميسرا لعملية التفاوض بين الطرفين .

ومن مسؤليته وضع مجلس الأمن بصورة الأخطار والانتهاكات من جهة ومسؤولية تعطيل تطبيق القرارات الدولية من جهة أخرى وأن لا يقتصر دوره على مراقبة سير التفاوض دون الإشارة إلى من يقوم بتعطيل الجهود الأممية لإحلال السلام وتطبيق الرؤية الدولية للحل السياسي .

وهذه الإحاطات هي بمنزلة تقرير متابعة شهري دوري – روتيني وما يجعل من الإحاطة محل اهتمام من الشارع الثوري هو ورود مصطلح العدالة التصالحية بدل العدالة الانتقالية وهذا موضوع مهم جدا من ناحية وروده منسوبا لطرف أعضاء المجتمع المدني في اللجنة الدستورية المصغرة من جهة وإنكار مجموعة كبيرة منهم أي تبني أو طرح لهذا المصطلح .

وتكمن خطورة هذا الطرح بأنه يساوي بين الضحية والجلاد وفيه خلط بين مفهوم الثورة ضد نظام استبدادي دكتاتوري لنيل الحرية والكرامة وبين حرب أهلية بين أطراف تتساوى في المسؤولية من حيث الإجرام والانتهاكات بحق الإنسانية وجرائم الحرب.

وهذا الخلط خطير جداً لايجوز لمبعوث دولي بخبرة السيد بيدرسن أن يقع فيه على افتراض حسن النوايا والحيادية بل لايجوز حتى أخلاقياً وإنسانيا تجاوز العدالة الانتقالية التي تعني محاكمة المجرمين وتعويض المتضررين على المبدأ المعروف (جبر الضرر) حيث لا يمكن تعويض الشهداء وآلام الجرحى والمصابين وآهات المعتقلين الذين عانوا وما زال كثير منهم يعاني حتى الآن وللأسف على مسمع ومرآى من المجتمع الدولي بهيئاته ودوله، فلا أقل من سوق الجناة إلى قوس المحاكم الوطنية والدولية.

—————————

معارضون” سوريون يثيرون جدلاً باجتماع “خاطف” في موسكو.. لماذا الآن؟

أثارت زيارة لـ”معارضين” سوريين إلى العاصمة الروسية موسكو جدلاً واسعاً، في الساعات الماضية، كونها تزامنت مع خلافات داخلية عصفت بـ”هيئة التفاوض السورية”، في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى جنيف، حيث من المقرر أن تعقد خامس جولات اللجنة الدستورية، أواخر كانون الثاني الحالي.

الزيارة التي كان على رأسها كل من: قدري جميل رئيس “منصة موسكو” وأمين سره مهند دليقان إلى جانب المعارض السوري، جمال سليمان وخالد المحاميد العضو المفصول من “هيئة التفاوض السورية” كانت أمس الخميس، والتقوا فيها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونائبه، ميخائيل بوغدانوف.

وذكرت وكالة الأنباء الروسية (تاس)، اليوم الجمعة، أن لافروف استقبل وفداً من المعارضين السوريين “البارزين”، الذين يمثلون منصات “موسكو” و”القاهرة”.

وأضافت الوكالة نقلاً عن بيان للخارجية الروسية أن “الاجتماع مع الوفد المشترك يهدف إلى تشجيع الحوار بين السوريين من أجل تعزيز التسوية السياسية في سورية، على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

كما جاء الاجتماع من أجل “تسهيل مشاركة جميع القوى السياسية السورية في الجهود البناءة لإعادة إعمار البلاد بعد الصراع”.

على أنقاض الخلافات

الجدل الذي أثاره الاجتماع في موسكو جاء من كونه تزامن مع خلافات خرجت على العلن، في اليومين الماضيين من داخل البيت الداخلي لـ”هيئة التفاوض”.

ودفعت الخلافات التي ماتزال مستمرة حتى الآن، إلى إرسال “الخارجية السعودية” مذكرة لأمانة سر “الهيئة” أعلنت فيها تعليق عمل موظفي الهيئة مع نهاية الشهر الجاري (يناير 2021)، وذلك لـ”حين استئناف الهيئة أعمالها”.

وأرفقت وزارة الخارجية السعودية بياناً آخراً حول مذكرة تلقتها من بعض مكونات “هيئة التفاوض” وهي (هيئة التنسيق، منصة موسكو، منصة القاهرة) وتتضمن رفض المكونات السابقة للقرارات الصادرة عن الاجتماعات “غير الشرعية” للهيئة.

وطلبت الوزارة من الهيئة توضيحاً حول المذكرة السابقة “والإطلاع وإبداء المرئيات حيال قرار المكونات المُشار إليها”.

في وقت “حساس”

ويأتي ما سبق، سواء الخلافات داخل “هيئة التفاوض” أو زيارة “المعارضين” إلى موسكو في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى خامس جولات اللجنة الدستورية السورية، والتي من المفترض أن تناقش “المبادئ الدستورية”، وهي أولى بذور كتابة الدستور الجديد للبلاد.

الصحفي المهتم بالشأن الروسي، سامر الياس علّق على زيارة “المعارضين” إلى موسكو، وقال عبر منشور له في “فيس بوك” إن “لجوء منصتي القاهرة وموسكو لروسيا وغير بيدرسون ليس لإزاحة الأسد، ولكن لزيادة قوة موسكو والسعودية”.

في المقابل تحدث الصحفي المختص بالشأن الروسي، طه عبد الواحد عن اللقاء بين المعارضين ولافروف، وقال عبر “فيس بوك”، اليوم: “اللقاء مع لافروف اليوم هو لقاء لا يمثل المعارضة، إذ انسحب جمال سليمان كما أذيع من منصة القاهرة، ومهند دليقان يتبع لقدري جميل”.

وأضاف عبد الواحد: “هدف اللقاء الطلب من لافروف لعب دور الحكم في موضوع إقالة دليقان من هيئة التفاوض”، معتبراً: “قريباً قد نرى موسكو التي تسهم في تشكيل وفد النظام تقوم نفسها بتشكيل وفد المعارضة للتفاوض برضى بل وبطلب ممن يزعمون أنهم معارضة”.

وإلى جانب الياس وعبد الواحد كان هناك آراء لسوريين أيضاً، فسروا الزيارة إلى موسكو بأنها تأتي لزيادة التدخل الروسي في الملف السياسي لسورية، وذلك من أجل تعزيز الشرخ الموجود بين تكتلات المعارضة.

وكانت منصتا القاهرة وموسكو قد أرسلتا إلى جانب “هيئة التنسيق الوطني”، مذكرة اعتراض إلى المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، وإلى وزير الخارجية الروسي ونظيره السعودي، وذلك منتصف يناير/ كانون الثاني الجاري.

وطالبت المذكرة برفض قرار رئيس “هيئة التفاوض”، أنس العبدة، استبعاد قاسم الخطيب (عضو منصة القاهرة) من أعمال اللجنة، ودعت للتحرك السريع للحفاظ على وحدة اللجنة الدستورية باعتبارها المسار السياسي الوحيد الفعّال حول الملف السوري.

وتسود مخاوف من أن تؤدي تلك الخلافات إلى شرخ أكبر في صفوف المعارضة السورية، وإثبات رواية نظام الأسد الذي يروج لانقسامات داخل المعارضة وتعطيلها للعملية السياسية، خاصة في ظل انعقاد اللجنة الدستورية في جنيف.

———————

=====================

تحديث 23 كانون الثاني 2021

————————–

بيدرسن ينتظر واشنطن:لا نستطيع حل الأزمة السورية وحدنا

قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن الجمعة، إن الصراع في سوريا لا يمكن حلّه إلا بشكل مشترك، وبصيغة متعددة الأطراف، وهو مستعد للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة.

وأضاف بيدرسن خلال مؤتمر صحافي في جنيف، أن “العملية السياسية في الوقت الحالي لا تحدث تغييرات حقيقية في حياة السوريين أو مستقبلهم”. وتابع: “لا يمكن لأي لاعب أو مجموعة من اللاعبين أن يفرضوا حلاً أو يحلوا هذا النزاع بمفردهم”.

وقال المبعوث الأممي إنه “يجب أن نعمل معاً. لقد دعوت إلى دبلوماسية أكثر جدية ودولية”. وأضاف “هذا هو ما نحتاجه… وسأستمر في التفاعل مع الأطراف السورية والفاعلين الدوليين وكذلك الإدارة الأميركية الجديدة”.

وذكّر بيدرسن بأنه توجد حالياً جيوش من خمس دول في سوريا، لذلك، يجب البحث عن حل للصراع في البلاد بصيغة متعددة الأطراف. وشدد على أنه “إذا لم تكن لدينا مثل هذه الرغبة السياسية، فسيكون من الصعب جداً علينا المضي قدماً. لدينا أطراف سورية، لكن السوريين لا يمكنهم حل هذا الصراع بأنفسهم. ولا تستطيع الأمم المتحدة حل هذا الصراع بمفردها”.

وفي السياق، بحث بيدرسن مع نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف التحضيرات الجارية للجلسة القادمة للجنة الدستورية السورية المقررة في 25 كانون الثاني/يناير.

وأكدت الخارجية الروسية في بيان، أن المكالمة التي جرت اليوم بمبادرة أممية تناولت بالتفصيل المسائل المتعلقة بتنظيم وعقد الجلسة الخامسة للجنة الدستورية. وقال إن هذه المشاورات جاءت مع التركيز على أهمية مواصلة الحوار السوري-السوري الشامل بمساعدة الأمم المتحدة، حيث تمّ التأكيد على غياب أي بديل عن المضي قدماً في التسوية الشاملة للأزمة السورية بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وذكر البيان أن الطرفين أعربا عن استعدادهما لمواصلة تنسيق جهودهما بما يخدم تهيئة الظروف البناءة في المشاورات بين السوريين.

—————————-

وزير الخارجية التركي: اللجنة الدستورية السورية ستدخل بالمضامين في الجولة الخامسة/ جابر عمر

كشف وزير الخارجية التركية مولود جاووش أوغلو أنّ الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، والمزمعة في أواخر يناير/ كانون الثاني الحالي، ستبدأ بمناقشة المضامين الدستورية بعد الاتفاق على جدول الأعمال من قبل النظام والمعارضة.

وقال الوزير التركي، في تصريحات للصحافيين خلال عودته من بروكسل نشرت اليوم السبت، أنه “للمرة الأولى سيتم البدء بنقاش المضامين الدستورية في اجتماعات اللجنة الدستورية، حيث إنّ الجولتين الرابعة والخامسة حققتا توافقاً على الأجندة بين النظام والمعارضة”.

وبيّن أنّ “الجولة السابقة تم الاتفاق فيها على المبادئ الأساسية، والآن سيتم الدخول إلى المضامين الدستورية، ونحن الآن متفائلون أكثر، وبحثنا ذلك مع الجانب الروسي الذي تحدث مع النظام أيضاً بذلك، وإذا لم يكن هناك سوى حل سياسي للأزمة السورية، فيجب إحراز تقدم في اجتماعات اللجنة الدستورية، وهو ما نأمله”.

في سياق آخر، وعن التطورات في مدينة الحسكة شرقي سورية بين النظام و”وحدات حماية الشعب” الكردية، قال جاووش أوغلو إنّ “هناك توتراً متزايداً، وإن الوحدات الكردية في كل المفاوضات تقدم مطالب ذات سقف عال جداً لا يمكن قبولها من الشعب، لأنها تتضمن أجندة انفصالية بعيدة عن مطالب الأكثرية السورية، ولم تفض اللقاءات معها لأي توافقات”.

ورداً على سؤال حول العلاقات مع أميركا والتهديدات من قبل المرشح لمنصب وزارة الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن، أجاب جاووش أوغلو أنّ “مسالة صواريخ (إس 400) جرت مناقشتها مع أمين عام حلف شمال الأطلسي (ينس ستولتنبرغ) وجددت تركيا دعوتها لإجراء لجنة مشتركة”.

ووجه الوزير التركي كلامه إلى المرشح بلينكن بالقول “إن كانت لديك شكوى فتعال إلينا”، مبيناً أنّ “هناك كثيراً من المواضيع التي تسمم العلاقات مع أميركا، منها الصواريخ الروسية ومقاتلات (إف 35)، ودعم الوحدات الكردية في سورية، ودعم جماعة الخدمة المتهمة بالانقلاب في تركيا، ومسألة العلاقات التجارية”.

كما أعرب جاووش أوغلو عن رغبة تركيا “عدم فرض شروط على أي صفقات أسلحة، وتأمين هذه الصفقات”، مستشهداً بأنّ تركيا “غير قادرة على بيع باكستان مروحيات محلية الصنع بسبب عدم صدور وثائق تصدير من أميركا، وهذا ما سيجعل الجانب الباكستاني يسعى لتأمين المروحيات من الصين، فهل يمكن لأحد سؤالها لماذا اشترت من الصين؟”.

وعن لقاءاته في بروكسل، خلص وزير الخارجية التركي إلى أنّ اللقاءات “كانت في أجواء إيجابية وبحاجة لخطوات بناء الثقة، وكل الملفات العالقة متوقفة حالياً على تطورات قمة دول الاتحاد الأوروبي في مارس/ آذار المقبل”.

العربي الجديد

——————————

تسونامي يجتاح ملايين السوريين..وعودة اللاجئين غير متاحة

قال القائم بأعمال بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة في جنيف مارك كاساير إن بلاده “تعارض أي جهود للضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم قبل إيفاء شروط العودة الطوعية وأن تتم بأمان وكرامة”.

وخلال فعالية نظّمها مكتب العلاقات الخارجية في “هيئة التفاوض السورية” في جنيف، حول اللاجئين والنازحين السوريين، قال كاساير إن “الأمم المتحدة كانت واضحة في أن الظروف المواتية للعودة لم يتم تلبيتها حالياً في سوريا، بل إنها في الواقع بعيدة المنال”.

وأشار كاساير إلى أن “الحل الدائم للصراع السوري الذي سيساعد على تمهيد الطريق لعودة مستدامة للاجئين ممكن فقط من خلال العملية السياسية المحددة في قرار مجلس الأمن الرقم 2254″، موضحاً أنه “طالما أن نظام الأسد يتجاهل بشكل متعمد هذا القرار، فإننا من غير المحتمل أن نشهد تقدماً كبيراً في الظروف التي تؤدي إلى عودة اللاجئين على نطاق واسع”.

وكان مكتب العلاقات الخارجية في “هيئة التفاوض السورية”، نظّم فعالية دولية في جنيف حول اللاجئين والنازحين السوريين، شارك فيها بعض اللاجئين من دول الجوار وآخرين من مناطق الشمال السوري، إلى جانب السفراء والمندوبين الدائمين لكل من ألمانيا والولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي لدى الأمم المتحدة في جنيف.

وشدد مندوبو الدول، في بيان مشترك، على التزام بلدانهم بمساعدة اللاجئين والنازحين، وبدعم الانتقال السياسي في سوريا، وفقاً للقرارات الأممية ذات الصلة.

من جانبه، دعا رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة إلى وضع حد لمعاناة وآلام المهجرين، مشيراً إلى أن ذلك مرتبط بالوصول الى حل سياسي عادل وحقيقي من خلال التطبيق الكامل لبيان جنيف وللقرار 2254، الذي سيؤدي الى تشكيل هيئة حكم انتقالي، ويوفر بيئة آمنة ومحايدة للحديث عن عودة اللاجئين.

وقدم متحدثون من المجتمع المدني السوري عروضاً عن وضع اللاجئين والنازحين والمهجرين قسراً من منازلهم في كل من لبنان والأردن وتركيا وفي مناطق النزوح داخل سوريا.

وفي السياق، كان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن قد تحدث أمام مجلس الأمن عن “تسونامي بطيء يجتاح الآن جميع أنحاء سوريا”. وقال: “اليوم، يعاني الملايين داخل البلاد وملايين اللاجئين في الخارج من صدمة عميقة، وفقر مدقع، وانعدام الأمن الشخصي، وانعدام الأمل في المستقبل”.

وأضاف أن عشر سنوات من الموت والنزوح والدمار والعوز “على نطاق هائل” تركت ملايين السوريين يعانون من “الصدمات العميقة والفقر المدقع وانعدام الأمن الشخصي وانعدام الأمل في المستقبل.

ورسم مبعوث الأمم المتحدة صورة قاتمة لما ينتظر السوريين في عام 2021. واستشهد بمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، أوتشا، في قوله إن أكثر من ثمانية من كل 10 أشخاص يعيشون في فقر، وقدر برنامج الغذاء العالمي أن 9.3 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

—————————

روسيا والصين تطالبان برفع العقوبات عن نظام الاسد

دعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام السوري.

وقالت زاخاروفا: “يتعين على الاتحاد الأوروبي إظهار سلامة عقله والعودة إلى المجال القانوني الدولي من خلال رفع العقوبات الأحادية غير المشروعة التي فرضها على سوريا بشكل نهائي لمصلحة الشعب السوري وبما يضمن الاستقرار والأمن الإقليميين”.

وفي سياق دفاعها عن النظام أعربت المتحدثة باسم الخارجية الروسية عن أسفها العميق إزاء إجراءات الاتحاد الأوروبي الأخيرة بحق وزير خارجية النظام فيصل المقداد مؤكدة أنها لا تخدم استقرار الوضع في سوريا ولا تساعد في التغلب على عواقب الأزمة فيها بل تؤدي ببساطة إلى تفاقمها وقالت: “لا بد لأعضاء الاتحاد الأوروبي أن يعرفوا ذلك”.

وأرجعت تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في سوريا إلى العقوبات الغربية على النظام، إلى جانب تفشي جائحة فيروس كورونا.

حليف آخر دخل على خط الدفاع عن النظام إذ قال مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جيون خلال اجتماع مجلس الأمن إنه يتعيّن رفع ما أسماه بالإجراءات القسرية الأحادية الجانب ضد سوريا في وقت مبكر، لأن الصعوبات الاقتصادية والإنسانية في سوريا تعزى إلى حد كبير إلى الحصار الاقتصادي وغيره من العقوبات الاقتصادية.

ودعا إلى تعزيز الجهود للقيام بعملية سياسية في سوريا إلا أنه أشار أيضاً إلى أن “العقوبات تقوض بشدة القاعدة الاقتصادية السورية، وتعيق وصول السوريين إلى الإمدادات والخدمات الطبية”.

ودعا إلى عدم التدخل الخارجي في عمل اللجنة الدستورية، مطالباً المجتمع الدولي بتهيئة الظروف المواتية للحوار بين المعارضة والنظام، وتقديم التشجيع والتوجيه بدلًا من الضغط عمدًا على أحد الطرفين على حد قوله.

وكان الاتحاد الأوروبي قد وسع قائمة عقوباته المفروضة على النظام في الربع الأخير من العام الماضي حيث شملت وزراء في حكومة الأخير آخرهم فيصل مقداد ومنعه من السفر إلى الاتحاد الأوروبي.

————————–

بيدرسون: ما حققناه في ملف تبادل المعتقلين مخيب للآمال

اعتبر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، أن ما تم تحقيقه في ملف تبادل المعتقلين إلى الآن “مخيبًا للآمال”، ولم يشهد الملف أي تقدم حقيقي.

وقال بيدرسون في مؤتمر صحفي عقده اليوم، الجمعة 22 من كانون الثاني، في جنيف السويسرية، إن عدم التقدم في ملف تبادل المعتقلين لا يعني عدم الاستمرار، وإنما يعني العمل بجدية أكبر لرؤية التقدم. 

وأضاف بيدرسون أن العملية السياسية، حتى الآن، لم تحقق تغييرات حقيقية في حياة السوريين، ولا رؤية حقيقية للمستقبل، مشيرًا إلى استعداده للتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

وأكد أن اللجنة الدستورية مجرد جانب واحد وليس الجانب الوحيد الذي سيحل الأزمة السورية، مشيرًا إلى أنه كان يأمل أن تفتح اللجنة الباب لعملية سياسية أوسع، لكنها لا لا تستطيع العمل بمعزل عن العوامل الأخرى.

وجاءت تصريحات المبعوث الأممي قبيل الجولة الخامسة للجنة الدستورية السورية المزمع عقدها في جنيف الأسبوع المقبل.

وطالب بيدرسون أمس، الخميس، الجهات المتصارعة في سوريا بحل النزاع بالعمل معًا لتنفيذ القرار “2254”، مشيرًا عبر حسابه في “تويتر“ أنه، “لا يمكن لأي جهة فاعلة واحدة أو مجموعة من الجهات الفاعلة فرض إرادتها على سوريا أو تسوية النزاع، يجب أن يعملوا معًا”.

ولفت إلى أن الملايين من السوريين في الداخل والخارج، يعانون من الصدمات العميقة والفقر المدقع وانعدام الأمن الشخصي وانعدام الأمل في المستقبل، وأن الكفاح اليومي بالنسبة لكثيرين، لمجرد البقاء على قيد الحياة، يزاحم معظم القضايا الأخرى.

وكان بيدرسون حث، في 16 من كانون الأول 2020، مجلس الأمن الدولي على توحيد جهوده لدفع العملية السياسية في أعمال اللجنة الدستورية المقبلة حول سوريا، واصفًا الوصول إلى نقطة توافقية في أعمال اللجنة بأنه “صعب للغاية”.

وقال بيدرسون في اجتماع نُشرت تفاصيله على موقع مجلس الأمن الرسمي، إن الجولة الرابعة الماضية شهدت اختلافات كبيرة بين المشاركين، وسط حالة من التوتر، مستدركًا بالقول، “ومع ذلك ما زلنا نرى إمكانية التوصل إلى أرضية مشتركة في الجولة الخامسة، إذ سيتم التركيز على المبادئ الدستورية (الأساسية) والولاية (الخاصة بأعضاء اللجنة)”.

وكانت الجولة الرابعة بدأت، في 30 من تشرين الثاني وانتهت في 4 من كانون الأول 2020، وحينها طرح وفد النظام مسألة “الإرهاب والتطرف والمؤامرة الكونية على سوريا”، وملف اللاجئين، وفرّق بين اللاجئ والمهاجر بالنسبة للعودة إلى سوريا.

واتهم أعضاء من الوفد اللاجئين خارج سوريا بـ”الدعارة وتزويج القاصرات للخلاص من تكاليف العيش”، إضافة إلى “استغلال اللاجئين ببيع أعضائهم”، كما طرح ثمانية مبادئ وصفها بـ”الوطنية”، وسرديات “الهوية الوطنية” و”المشروع الانفصالي”.

بينما طرح وفد المعارضة مبادئ سيادة الدولة وفصل السلطات، والمواطنة المتساوية، ومقترحات دستورية حول ضمان المواطنة المتساوية، والمبادئ الدستورية والوطنية، كالسيادة الوطنية وأهمية الدستور، وعقد اجتماعي جديد ينظم العلاقة بين الدولة والسوريين، وتحدث عن مشكلة اللاجئين السوريين في لبنان وأعدادهم، وعن المعتقلين في سجون النظام.

————————-

===========================

تحديث 24 كانون الثاني 2021

————————————

اللجنة الدستورية: اجتماع حاسم/ بشير البكر

كانت الإحاطة الأخيرة مساء الأربعاء الماضي أمام مجلس الأمن من طرف المندوب الأممي إلى سوريا غير بيدرسون مختلفة وخارجة عن المعهود في كلام الدبلوماسيين الأمميين. وتضمنت عدة خلاصات على قدر كبير من الأهمية. أولها “لا توجد محادثات سياسية بين السوريين إلا على المسار الدستوري”. والثانية “الصراع دولي في سوريا وتنشط على أرضها خمسة جيوش.. لا يمكننا التظاهر بأن الحلول بأيدي السوريين فقط، أو أن الأمم المتحدة يمكنها أن تفعل ذلك بمفردها”. أما الخلاصة الثالثة فهي “الانتخابات الحرة والنزيهة التي ستجري بموجب دستور جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، على النحو الذي ينص عليه قرار مجلس الأمن 2254 تبدو بعيدة في المستقبل”.

تبدو كل رسالة من هذه الرسائل موجهة في اتجاه وتخاطب طرفا بعينه، ولكنها تلتقي عند نقطة معينة، وهي أن الحل في سوريا ليس قريبا أو بيد السوريين والأمم المتحدة، وأن اقتصار المفاوضات بين السوريين على الجانب الدستوري لا يكفي وحده، وهو ما يوحي بأن المنظمة الدولية تمهد لإعلان فشل اللجنة الدستورية كآلية سياسية جرى التوافق عليها كمدخل لتطبيق القرار 2254. وهذه رسالة إلى الإدارة الأميركية الجديدة التي عليها النهوض بمسؤولية كبيرة.

وجاءت تلك الخلاصات في وقت ذهب السوريون إلى جنيف ليبدؤوا يوم الإثنين المقبل جولة جديدة من اللجنة الدستورية، هي الجولة الخامسة التي تم تحديد جدول أعمالها والاتفاق عليه من حيث المبدأ كي يباشروا بصياغة الدستور. إلا أنه لا يبدو أن الاجتماع سوف يسير كما هو مقرر له بسبب العقبات التي بدأت تظهر في الطريق، وعلى رأسها الخلاف داخل الهيئة العليا للمفاوضات، والذي تفجر منذ عدة أيام ووصلت أصداؤه إلى بيدرسون وروسيا. والسبب الظاهري في هذه الأزمة داخل الهيئة التي تشكلت في مؤتمر الرياض 1 في نهاية العام 2015 هو ما تشهده بعض منصات الهيئة من خلافات داخلية، كما هو الحال داخل منصة القاهرة، ولكن السبب الفعلي والعميق هو محاولة السعودية عقد مؤتمر الرياض 3 من أجل إعادة هيكلة الهيئة التي يمتلك الائتلاف وقيادته الحالية الأكثرية فيها. وتطمح السعودية والإمارات إلى وضع اليد على الهيئة باعتبارها الجهة التي صارت موكلا إليها التفاوض، وهناك سبب إضافي للضغط الذي تمارسه الرياض وأبو ظبي يتمثل في محاولات إضعاف الدور التركي في المسألة السورية.

ومن المؤسف أن من يفتح أبواب التدخلات الخارجية، ويمهد الطريق لها هم من السوريين الذين يتولون مسؤوليات قيادية في هيئات المعارضة، ومنها المنصات التي فرضت نفسها على المعارضة داخل هيئة التفاوض واللجنة الدستورية بضغط من روسيا في مؤتمر الرياض 2، في حين أن مكان بعضها الطبيعي هو صف النظام، وهذا ينطبق بصورة لا تقبل النقاش على منصة موسكو التي يديرها رجل الأعمال والسياسي الكردي الوزير السابق في حكومة بشار الأسد، والمقيم في موسكو منذ أعوام قدري جميل. وكان له حضور في مجريات الخلاف الراهن وترتيب اجتماع بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وبعض الشخصيات مثل الفنان جمال سليمان وخالد المحاميد رجل الإمارات وأحد عرابي صفقة تسليم درعا للروس والنظام في العام 2018.

ويأتي هذا التشرذم وتمييع القضية السورية مع وصول إدارة أميركية جديدة، كان ألف باء السياسة يفرض على السوريين أن يبدوا موحدين، عسى أن يتمكنوا من فرصة لإعادة تقديم القضية السورية على نحو يساعد الشعب السوري من التقاط أنفاسه على طريق إيجاد تسوية سياسية تليق بالتضحيات. ولكن يبدو أن هناك من لا مصلحة له في ذلك، ويود استمرار الوضع الراهن الذي باتت فيه موسكو صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة.

تلفزيون سوريا

———————-

هل تنهار اللجنة الدستورية؟/ عبسي سميسم

تبدأ غداً الإثنين جولة مفصلية وحاسمة من جولات اللجنة الدستورية السورية، التي تواجه عدداً من التحديات التي من المرجح أن تؤدي إلى انهيارها في حال لم تحرز تقدماً يتعلق بالغاية التي تعقد من أجلها. ويتضمن جدول أعمال الجولة الخامسة نقاش فصل كامل من الدستور، يتضمن المبادئ السياسية والثقافية والاقتصادية، وهي مضامين تدخل في صلب عمل اللجنة، وستتم مناقشتها للمرة الأولى. يحدث ذلك بعد أن استنفد النظام ومن خلفه روسيا، كل فرص المماطلة من أجل إفراغ اللجنة من مضمونها، إذ تم تعطيل عمل الجولتين الأولى والثانية، وناقشت الجولة الثالثة الثوابت الوطنية التي يتفق عليها كل السوريين، فيما استكملت الجولة الرابعة نقاش وتحديد الثوابت الوطنية، لتأتي جولة الغد كاختبار لمدى قدرة هذه اللجنة على إنجاز مهامها قبل استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية التي أعلن عنها النظام بعد نحو أربعة أشهر، بمعزل عن الحل السياسي.

وتُطرح العديد من التساؤلات، في حال لم تتمكّن اللجنة من إنهاء أعمالها قبل الانتخابات؛ سواء لناحية استمرار عمل اللجنة في فترة ما بعد الانتخابات، أو لناحية الاعتراف الدولي بالأخيرة، أو لناحية إجراء انتخابات مبكرة بعد إنجاز اللجنة أعمالها. علماً أنّ إنجاز الانتخابات بمعزل عن اللجنة الدستورية، يفرغ الأخيرة عملياً من مضمونها ويكرس نظام بشار الأسد بعيداً عن قرارات الشرعية الدولية.

أما على مستوى التحديات التي تعصف باللجنة الدستورية من خارجها، فيبدو أن موسكو قد بدأت بالتحرك من خلال أدواتها في هيئة التفاوض، من أجل خلق إرباك يؤثر على عمل اللجنة. فقد جاءت رسالة بعض الشخصيات المحسوبة على روسيا من كل من منصتي موسكو والقاهرة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن ووزراء خارجية بعض الدول التي تسعى لإعادة هيكلة هيئة التفاوض، كتحدّ إضافي أمام كتلة المعارضة في اللجنة الدستورية. كما جاءت الاستجابة السعودية لهذه الرسالة بتوقيف عمل مكاتب هيئة التفاوض في المملكة، لتثبت انحياز الرياض لصالح طرف في المعارضة هو المقرب من موسكو، الأمر الذي يشي بأنّ عمل اللجنة الدستورية ومن خلفها هيئة التفاوض ذاهب إلى مزيد من التعقيد والإرباك الذي لن ينتج عنه سوى إضاعة المزيد من الوقت.

وبالإضافة إلى كل التحديات التي تقف أمام تحقيق تقدم في عمل اللجنة الدستورية، فإنّ فريق المعارضة في هذه اللجنة يتعرّض لضغط شعبي من قبل الشارع المعارض الذي يرى في عمل تلك اللجنة “مضيعة للوقت” ولن ينتج عنه أي تقدم على مستوى العملية السياسية، خصوصاً أنّ الفريق الأممي الذي يرعى اجتماعات اللجنة الدستورية، لم يتمكن إلى الآن من ممارسة الضغط الكافي على النظام، لإجباره على الالتزام بمضمون عمل هذه اللجنة، والكف عن إضاعة الوقت. الأمر الذي يجعل خيار الانسحاب من عمل اللجنة الدستورية ومن العملية السياسية برمتها مطروحاً أمام المعارضة.

———————-

خلافات هيئة التفاوض..تهدد وفد المعارضة لاجتماعات جنيف/ عقيل حسين

لا يبدو أن الخلاف الأخير الذي دار إثر تعيينات جديدة داخل هيئة التفاوض السورية نتج عن انقاسامات داخل منصة القاهرة، ستفجّر وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية، لكنها باتت تهدد وحدة الموقف داخله.

المخاطر حقيقية

ويتعرض اتفاق قوى المعارضة السورية على الحفاظ على تحييد وفد اللجنة الدستورية عن خلافاتها، حسب التفاهم الضمني بين مكونات هيئة التفاوض، المرجعية السياسية لوفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية، الذي يتجه إلى جنيف لحضور الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة، إلى مخاطر حقيقية، وصلت أصداؤها إلى المبعوث الأممي، ودخلت على خطها جميع الدول المؤثرة.

الجولة الجديدة التي ستباشر أعمالها الاثنين، تُعتبر الأكثر أهمية بين جميع الجولات، كونها ستبدأ بمناقشة المضامين الدستورية، بعد أربع جولات، استغرقت 16 شهراً واستُهلكت جميعها في مناقشة المبادئ الوطنية والفوق دستورية، كان خلالها وفد المعارضة متماسكاً بما فيه الكفاية، على الرغم من وجود تباينات بين أعضاء مكوناته. فالتوافق على إبعاد وفد اللجنة عن خلافات مكونات هيئة التفاوض مكّن هذا الوفد من عبور الجلسات السابقة بأمان.

ويستبعد الصحافي السوري المعارض فراس العلوي في تصريح ل”المدن”، أن يكون للخلافات داخل هيئة التفاوض، رغم حدّتها، انعكاسات مباشرة على الوفد في الجولة الحالية، لكنه يؤكد أن مفاعيل هذه الخلافات السلبية ستكون كبيرة لاحقاً إذا ما استمرت دون حل.

تسلسل الخلافات

عند توسعة هيئة التفاوض عام 2017، بعد انضمام منصتي موسكو والقاهرة إليها، بدا واضحاً عدم الانسجام بين هاتين الكتلتين المتحالفتين مع كتلة هيئة التنسيق الوطني من جهة، وممثلي الائتلاف وكتلتي العسكر والمستقلين من جهة أخرى، لكن هذا الزواج الاضطراري الذي أُرغمت عليه قوى المعارضة، تخللته المشاكل التي ظلت غير مؤثرة إلى أن قررت الهيئة فصل مهند دليقان، ممثل منصة موسكو في وفد اللجنة الدستورية عام 2019، بسبب تصريحات دعا فيها إلى نقل اجتماعات اللجنة إلى دمشق.

لكن الخلاف الكبير الأول ظهر مع اجتماع ممثلي منصتي القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق في العاصمة السعودية أواخر العام 2019 لاختيار 8 ممثلين جدد عن كتلة المستقلين، بدل ال8 الذين تقول هذه الكتل إن فترة عضويتهم انتهت، كما تتهمهم بالتبعية للائتلاف والمحور التركي، الأمر الذي رفضته بقية الكتل وطعنت بقانونية الاجتماع الذي لم يكتمل نصابه، فاستمر الأمر على ما هو عليه.

في منتصف حزيران/يونيو 2020، كان موعد الهيئة مع خلاف كبير آخر هو الأكبر، حيث رفض ممثلو المنصتين وهيئة التنسيق حضور الاجتماع السنوي الخامس للهيئة من أجل انتخاب مسؤولي المكاتب فيها، بسبب استمرار الانقسامات حول كتلة المستقلين، فاقتصر الأمر على اختيار أنس العبدة لرئاسة الهيئة، وهو المنصب المخصص للائتلاف، بينما جرى تأجيل انتخابات نائب الرئيس، المخصص لمنصة القاهرة والذي يشغله حالياً جمال سليمان، وكذلك أمين السر الموكل لصفوان عكاش من قبل هيئة التنسيق.

خلافات لم تتمكن قوى المعارضة من حسمها على مدى الأشهر التالية، لكن عند انطلاق الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الستورية في آب/اغسطس 2020 جدّدت الكتل توافقها على دعم وفد المعارضة وعدم إقحامه في أي خلافات، وهو ما بدا أنه يُطبق بشكل جيد بالفعل، حتى خلال الجولة الرابعة.

لكن قرار هيئة التفاوض في اجتماعها الأخير، استبدال قاسم الخطيب ممثل منصة القاهرة في الهيئة، بطلب من أحد الطرفين اللذين انقسمت إليهما المنصة في كانون الثاني/ديسمبر 2020، فجّر الخلافات بين قوى المعارضة كما لم يحدث من قبل، إلى حد إرسال الطرف الآخر في منصة القاهرة، والذي يمثله جمال سليمان، بالتشارك مع هيئة التنسيق ومنصة موسكو، رسالة في 15 كانون الثاني إلى كل من المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، ووزارتي الخارجية في مصر والسعودية، للاحتجاج على هذا القرار واتهام الائتلاف بتعطيل عمل هيئة التفاوض، بل وعرقلة الحل السياسي.

استجابت الرياض لهذه الرسالة، فعلقت عمل مكتب الهيئة فيها، كما أوقفت تمويلها للمؤسسة، بينما استضافت موسكو على الفور ممثلي الكتل المحتجة باجتماع مع وزير خارجيتها سيرغي لافروف، في خطوة فسّرها الطرف الآخر بأنها استقواء بالروسي، لكن أياً كان التفسير فإن المؤكد اليوم استمرار غياب ممثل منصة موسكو عن اجتماعات اللجنة الدستورية، وعدم حضور جمال سليمان، الجولة الخامسة بعد تقديمه اعتذاراً بداعي الانشغال بتصوير مسلسل جديد.

ليست هذه كل الخلافات التي تعاني منها هيئة التفاوض، فهناك أيضاً الخلاف بين الائتلاف وكتلة المجلس الوطني الكردي، والتي بلغت ذروتها مع قرار استبعاد ممثل المجلس في هيئة التفاوض في أيلول/سبتمبر 2020، وكذلك عدم الرضا المستمر من قبل وفد اللجنة الدستورية الموسع للمعارضة، والذي يرى أعضاؤه أنه تم تهميشهم من قبل الوفد المصغر بشكل كامل، الأمر الذي يطرح سؤالاً كبيراً حول مدى تأثير كل ذلك على تماسك وأداء وفد المعارضة في الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف.

النظام مستفيد

ويرى الصحافي فراس العلوي أن “الخلافات بين مكونات هيئة التفاوض لم تتوقف يوماً، لكن تحييد وفد اللجنة الدستورية كان سببه ضغط الدول الداعمة لكل طرف، وحتى مع تفاقم خلافاتها مؤخراً فمن المستبعد أن يؤثر ذلك على الوفد في الجولة الخامسة، على اعتبار أن رؤية الوفد قد تم تقديمها منذ الجولة الماضية”، كما أن “هذه المكونات ما زالت تسعى للحفاظ على تماسك الوفد”، لكن في حال عدم التوصل إلى اتفاق بينها فإن الوفد لن يبقَى بمنأى عن خلافات الكتل التي يمثلها، وهذا سيؤثر على موقف المعارضة في اللجنة الدستورية وعلى عمل اللجنة بشكل كامل.

تبدو فرص وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية بتجاوز الجولة الخامسة متماسكاً، قائمة بالفعل، لكن خلافات الكتل التي يمثلها هذا الوفد لا تبدو فرص حلها كبيرة في المدى المنظور، خاصة مع استمرار خلافات الدول الداعمة لكل مكّون، الأمر الذي يهدد موقف المعارضة في ما يتعلق بمفاوضات اللجنة بل و في كل ما يتعلق بمسار الحل السياسي، وهو ما يصب لصالح النظام ووفده.

المدن

———————–

خلل “هيئة التفاوض السورية” البنيوي.. وتداعياته على الحل السياسي/ أسامة آغي

يبدو أن ثمة خللًا يعصف ببنية “هيئة التفاوض السورية”، ومصدر هذا الخلل بنيتها، التي فرضتها “مجموعة أصدقاء سوريا”، ثم الروس وغيرهم، وكأن المراد من هذه البنية أساسًا تعطيل دورها في عملية التفاوض على القرار “2254”، الصادر في 18 من كانون الأول عام 2015.

فمن يقرأ بنية “هيئة التفاوض السورية” بصورتها الحالية، سيكتشف أن قوى فيها مثل منصتي “القاهرة” و”موسكو” هي بالأساس لا تمثّل قوى على الأرض لها نفوذ ضمن قوى الثورة السورية، التي اندلعت في 15 من آذار عام 2011.

منصتا “القاهرة” و”موسكو” أُلحقتا بـ”هيئة التفاوض” لإضعاف بنية ودور هذه الهيئة، التي يجب أن يكون تفاوضها قائمًا على تسلسلية القرارات الدولية بدءًا من بيان “جنيف 1” ومرورًا بالقرارين الدوليين “2118” و”2254″.

“هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي”، هي الشريك الفعلي الأول في بناء “الهيئة العليا للمفاوضات” (النسخة الأولى)، التي قادها رئيس وزراء سوريا السابق المنشق، رياض حجاب، هذه الهيئة (التنسيق الوطنية) ثمة فجوات كبيرة في رؤيتها السياسية، تفصلها عمليًا عن التوافقات مع كتلة “الائتلاف” والفصائل ومجموعة المستقلين الثمانية في الهيئة.

الفجوات المعنية تتعلق بقضايا كثيرة، منها مرجعيات هذه القوى، وتحديدًا التركية من جهة، والسعودية- المصرية من جهة أخرى، هاتان المرجعيتان ليس صراعهما الأساسي هو حول سوريا، بل هو صراع محكوم بمقدمات سياسية وتنموية، أريد له أن يرتدي ثوبًا جغرافيًا وأيديولوجيًا.

ولكن ما هو ليس مفهومًا في العلاقة بين مكونات “هيئة التفاوض”، هو عدم استعدادهم للجلوس حول طاولة حوار لتفعيل عمل هيئتهم، بعيدًا عن هيمنة أي طرف من الأطراف على عمل هذه الهيئة، وبعيدًا عن أي تدخلات إقليمية أو دولية.

فالسعودية، التي عقدت مؤتمرًا على أراضيها لاختيار ثمانية أعضاء مستقلين، يجب أن يحلّوا بدلًا من الأعضاء الثمانية القدامى، هي من عقّد مشكلة بنية “هيئة التفاوض”، إذ يمكن إدراج تدخلها آنذاك ضمن الصراع بينها وبين تركيا، هذا الصراع بدأت نيرانه تخبو مع تغيرات على الأرض في الوضع الدولي، وتحديدًا مع مجيء جو بايدن إلى البيت الأبيض، الذي يحمل عداء للقيادة السعودية، ويتهمها بارتكاب جرائم في حربها باليمن، إضافة إلى استعداده لإعادة المياه إلى مجاريها بالعلاقة مع إيران، التي أطلقت يد الأخيرة فيها في المنطقة، وكذلك فإن بايدن يحمل عداء لتركيا.

التقارب السعودي- التركي يجب أن يخلق تقاربًا جديًا بين كتلة “هيئة التنسيق” ومنصة “القاهرة” من جهة، وكتلة “الائتلاف” والفصائل من جهة أخرى، لكن الذي جرى هو غير ذلك، وهذا يدفع للقول إن هناك ما يثير الريبة في الأمر.

إذ إن من غير المفهوم، أن يذهب وفد يضم جمال سليمان وخالد المحاميد ليلتقي بوزير خارجية روسيا، بوجود ممثلين عن منصة “موسكو”، حليف روسيا الثابت هما قدري جميل، رئيس المنصة، ومهند دليقان المفصول من “هيئة التفاوض”.

فهل يمكن فهم معنى لقاء هذه المجموعة مع عدو الشعب السوري (روسيا)، وإقحامه كطرف بشؤون يمكن حلها ضمن حوار مكونات المعارضة؟ وهل نستطيع جديًا أن نسمّي هؤلاء بأنهم معارضون سوريون ضد نظام بشار الأسد؟

نعتقد أن الصراع بين مكونين رئيسين في “هيئة التفاوض”، هما “مكون الائتلاف والفصائل والمستقلين، ومكون هيئة التنسيق ومنصة القاهرة” يجب أن ينتهي، وأن تبدأ خطوات جدية بتذويب الخلافات بينهما، على أرضية صريحة وواضحة من التفاهمات، جوهرها يتلخص بضرورة بيان عدم الخروج على جوهر القرارات الدولية الخاصة بالقضية السورية، وأولها تنفيذ القرار رقم “2254” وفق تسلسله (تشكيل هيئة حاكمة انتقالية من الجميع، ثم إقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات بإشراف تام وكلي من الأمم المتحدة يشمل كل السوريين في الداخل والخارج).

هذه التفاهمات تحتاج إلى توقيع ميثاق شرف، يمنع اختطاف القرار الخاص بـ”هيئة التفاوض السورية” من أي من مكوناته، أو من مجموعات تحالفاته الداخلية، وربط القرارات بقاعدة التفاهمات، وليس بقاعدة التصويتات، وهذا يتطلب رفع نسبة التصويت لاتخاذ قرارات إجرائية إلى 61% بدلًا من 51%، بحيث تصبح “هيئة التفاوض” كتلة واحدة تجتمع على الإصرار على تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بسوريا، وفي مقدمتها الإصرار على تشكيل هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية.

إن عجز مكونات “هيئة التفاوض” عن إيجاد مربعات تفاهمات وطنية بينها، واللجوء إلى غير بيدرسون لحل إشكال تنظيمي فيما بينها، يكشف عن تناقضات لا تعمل لمصلحة التفاوض لإنجاز تنفيذ القرار “2254”، ويكشف عن عدم ثقة بين هذه المكونات، ما يضع قضية التفاوض والانتقال السياسي في حالة الخطر، وبأيدٍ يجب إعادة النظر بدورها، باعتبارها تقدّم مصالحها الفئوية على مصلحة الخلاص من نظام الاستبداد.

إن الملتجئين لموسكو يبدو أنهم يريدون القفز فوق استحقاقات القرار “2254”، والمساعدة على تعويم النظام الاستبدادي، عبر قبولهم بتغييرات شكلية، تساعد على إعادة إنتاج نظام بشار الأسد، ولو كانت على حساب الشعب السوري.

إن الحاضنة الشعبية للثورة السورية، لا أحد يعتقد أنها سترضى بأقل من تنفيذ القرارات الدولية، ومن يريد القفز فوقها، لن يقفز سوى بمفرده، وهذا لن يغيّر من واقع الصراع بين الشعب السوري ونظام فتك بكل مقدراته.

المطلوب إعادة إنتاج “هيئة التفاوض” التي بُنيت بإرادة خارجية لتكون هيئة تفاوض حقيقية عن الثورة السورية، وهذا يحتاج إلى أعلى درجات الضغط الشعبي من حاضنة الثورة، كي لا تضيع تضحيات ثوارها وشعبها مجانًا.

فهل ستلبي مكونات “هيئة التفاوض” المطلوب منها شعبيًا؟ أم أنها ستعوم بعيدًا عن أهداف الثورة والشعب السوري، الذي لم يبخل بالغالي والرخيص، من أجل أن يزيح نظام الاستبداد عن حياته؟ سؤال برسم إجابة المكونات المعطلة لعمل “هيئة التفاوض السورية”.

عنب بلدي

——————–

 أنس العبدة: نحرز تقدمًا في حل خلافات “هيئة التفاوض

تحدث رئيس “هيئة التفاوض السورية”، أنس العبدة، عن تقدم في حل الخلافات داخل الهيئة، ووصف الخلاف بـ “الداخلي والتقني”.

وقال العبدة، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية، السبت، 23 من كانون الثاني، إن الخلاف الحاصل داخل الهيئة هو “داخلي وتقني”، وأعضاء هيئة التفاوض السورية قادرون على تجاوز هذه الخلافات التقنية، و”نحرز تقدمًا في ذلك”.

وأضاف أنه ليست من مهام المبعوث الأممي إلى سوريا أن يتدخل في هذه الأمور الداخلية، لذلك لن يكون له دور الوساطة التي طلبتها الرسالة، وذلك تعليقًا ugn الرسالة التي أرسلت إلى المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون للتدخل لحل الخلاف.

واعتبر العبدة أن الخلافات حالة صحية في المؤسسات السياسية، والسوريون لم يفقدوا إمكانيات التواصل والقدرة على حل مشاكلهم.

وأشار إلى أن هذه الخلافات التقنية لن يكون لها تأثير على عمل الهيئة في إطار اللجنة الدستورية، أو عمل لجان الهيئة، بما فيها لجنة المعتقلين، بحسب تعبيره.

وحول وجود قوى خارجية تضغط على الوفود المشاركة بالجلسات أوضح رئيس هيئة التفاوض، “مما لا شك فيه وجود تأثير دولي في العملية، لكن هذا التأثير لا علاقة له بمضمون عمل اللجنة أو طبيعة الدستور الجديد الذي تسعى الوفود إلى كتابته.”

وأوضح أن مسار اللجنة الدستورية لا علاقة لها بانتخابات الرئاسة السورية المقبلة، لأن اجتماعات اللجنة الدستورية التي تجري الآن هي اجتماعات متصلة بالقرار  الأككي “2254”، لذلك فإن عمل الدستورية سيكون دون جدوى إذا لم يبدأ العمل على بقية سلال القرار بما فيها “سلة الحكم الانتقالي وإجراءات بناء الثقة”.

وكان المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، قال الجمعة، إن العملية السياسية في الوقت الحالي لا تحدث تغييرات حقيقية في حياة السوريين أو مستقبلهم، وإنه لا يمكن لأي لاعب أو مجموعة من اللاعبين أن يفرضوا حلًا أو يحلوا هذا النزاع بمفردهم.

خلافات الهيئة التفاوض

عادت الخلافات لتطفو على السطح بين مكونات “هيئة التفاوض السورية” التي انبثقت عن مؤتمر “الرياض- 1” في 10 من كانون الأول 2015، وأضيف إلى مكوناتها منصتا “القاهرة” و”موسكو” بمؤتمر “الرياض- 2” في تشرين الثاني 2017، وذلك في انقسام واضح، تعود جذوره إلى كانون الأول 2019، فيما يسمى “أزمة المستقلين”.

وقاد محاولة استبدال الأعضاء المستقلين في “هيئة التفاوض” حينها كل من “هيئة التنسيق الوطنية” ومنصتي “القاهرة” و”موسكو”، في أزمة اعتبرها المتحدث باسم “هيئة التفاوض”، يحيى العريضي، “الصاعق الذي نحصد نتائجه الآن”.

وتكمن أهمية “هيئة التفاوض” بأنها المرجعية السياسية للمعارضة السورية، وأُسست لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي مع النظام، وتكون مرجعية للمفاوضين مع ممثلي النظام نيابة عن المجتمعين في مؤتمر “الرياض”.

وزادت الخلافات داخل “هيئة التفاوض”، بإرسال “هيئة التنسيق” ومنصة “موسكو” وقسم من منصة “القاهرة”، في 17 من كانون الثاني الحالي، رسالة وصلت نسخة منها إلى المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، طالبت بالتصرف سريعًا، والدفع نحو التوافق ضمن “هيئة التفاوض”.

كما وصلت الرسالة إلى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ووزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان آل سعود، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري، ما أدى إلى تعليق عمل موظفي “هيئة التفاوض” في الرياض.

واجتمع وزير الخارجية الروسي في موسكو مع رئيس منصة “موسكو”، قدري جميل، وعضو المنصة مهند دليقان، بينما حضر خالد المحاميد وجمال سليمان من منصة “القاهرة”، في 21 من كانون الثاني الحالي.

وبحسب صحيفة “قاسيون“، التابعة لحزب “الإرادة الشعبية”، الذي يرأسه قدري جميل، فقد عرض ممثلو المنصتين على لافروف “الوضع ضمن هيئة التفاوض السورية، ومحاولات بعض الأطراف تعطيل عملها عبر ممارسة عقلية الحزب القائد ضمنها”.

تشكيلات الهيئة

تعد تركيا الداعم الأساسي لـ”الائتلاف الوطني” أكبر كتل “الهيئة”، كما تدعم أكبر تشكيلات المعارضة العسكرية المتمثل بـ”الجيش الوطني” شمالي سوريا، وتحظى بعلاقات جيدة مع “المجلس الوطني الكردي”.

وتتألف “هيئة التفاوض” من 36 عضوًا موزعين كالتالي: ثمانية من “الائتلاف الوطني”، وأربعة من منصة “القاهرة”، وأربعة من منصة “موسكو”، وثمانية أعضاء مستقلين، وسبعة من الفصائل العسكرية، وخمسة من “هيئة التنسيق”، ولكل عضو صوت ضمن “هيئة التفاوض” (36 صوتًا).

وبذلك يكون للطرف المعترض (المتهم بتنفيذ الضغط السعودي) والمقاطع لاجتماعات “هيئة التفاوض” منذ أيلول 2019، أي “هيئة التنسيق” ومنصتي “القاهرة” و”موسكو” 13 صوتًا، مقابل 23 صوتًا لبقية المكونات.

وهو ما تحاول السعودية، منذ كانون الأول 2019، تعديله عبر تعيين مستقلين ضمن “هيئة التفاوض”، بدلًا من الموجودين الذين تعتبرهم السعودية محسوبين على تركيا، بحسب المتحدث باسم “هيئة التفاوض”، يحيى العريضي، في حديثه إلى عنب بلدي.

————————-

“هيئة التنسيق” تنفي معلومات عن “انسحابات مرتقبة” من هيئة التفاوض السورية

نفى المنسق العام لهيئة التنسيق المعارضة في سوريا، حسن عبد العظيم، أنباء تحدثت عن بوادر انسحاب الهيئة إضافة إلى منصتي موسكو والقاهرة من “هيئة التفاوض السورية”.

وقال عبد العظيم لـ RT إن تلك الأنباء “غير صحيحة إطلاقا” مشددا على أن “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي تعمل مع مجموعة القاهرة ومنصة موسكو وعدد من المستقلين، بمن فيهم بعض ممثلي فصائل المنطقة الجنوبية، للحفاظ على وحدة هيئة التفاوض السورية”.

وفي إشارة منه إلى الخلاف الذي بدأ في هيئة التفاوض السورية مع اختيار عدد من “المستقلين الجدد”، قال عبد العظيم إن تلك القوى تعمل أيضا للحفاظ على دور هيئة التفاوض “في العملية السياسية التفاوضية ولجنتها الدستورية الموسعة والمصغرة والمطالبة المشتركة بحل مشكلة المستقلين السابقين”.

وأضاف عبد العظيم أن أولئك تم اختيارهم “في مؤتمر المستقلين الذي دعت إليه وزارة الخارجية السعودية لتأمين التوازن في اتخاذ القرارات في اجتماعات هيئة التفاوض السورية”.

وأعلن عبد العظيم أن هيئة التنسيق وكلا من منصتي القاهرة وموسكو “تخوض حوارا مشتركا مع الائتلاف الوطني السوري لتحقيق ذلك والحرص على استمرار اللجنة الدستورية الموسعة والمصغرة لهيئة التفاوض موحدة، لمتابعة جولات الحوار مع اللجنة الدستورية التي شكلها النظام السوري واللجنة التي تمثل المجتمع المدني التي شكلها المبعوث الدولي السابق من مخرجات مؤتمر سوتشي الثاني بإشراف روسي تركي من محور استانا”.

وكانت أنباء تم تداولها ضمن أوساط المعارضة السورية بما فيها المقربة من مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) شمال البلاد، تقول إن تلك الأطراف الثلاثة تستعد للانسحاب من الهيئة العليا للمفاوضات، وتشكيل كيان جديد مع “مسد”.

ويأتي ذلك بعد قرار السعودية بتعليق عمل موظفي الهيئة في الرياض، ووسط خلافات تشهدها هيئة التفاوض، بدأت مع اختيار المستقلين الجدد وسط جدل بأن ذلك تم بشكل مخالف لنظام الهيئة الداخلي، وبناء على “محسوبيات”.

———————–

أوغلو متفائل باللجنة الدستورية السورية:ستبدأ بمناقشة “المضامين

قال وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو إن الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف التي تبدأ الاثنين، ستبدأ بمناقشة المضامين الدستورية بعد الاتفاق على جدول الأعمال من قبل النظام والمعارضة.

وأضاف تشاووش أوغلو في تصريحات صحافية، إنه “للمرة الأولى سيتم البدء بنقاش المضامين الدستورية في اجتماعات اللجنة الدستورية، حيث إن الجولتين الرابعة والخامسة حققتا توافقاً على الأجندة بين النظام والمعارضة”.

وتابع أن “الجولة السابقة تم الاتفاق فيها على المبادئ الأساسية، والآن سيتم الدخول إلى المضامين الدستورية، ونحن الآن متفائلون أكثر، وبحثنا ذلك مع الجانب الروسي الذي تحدث مع النظام أيضاً بذلك، وإذا لم يكن هناك سوى حل سياسي للأزمة السورية، فيجب إحراز تقدم في اجتماعات اللجنة الدستورية، وهو ما نأمله”.

وفي ما يخص التطورات في مدينة الحسكة شرقي سوريا بين النظام ووحدات حماية الشعب الكردية، قال الوزير التركي إن “هناك توتراً متزايداً، وإن الوحدات الكردية في كل المفاوضات تقدم مطالب ذات سقف عالٍ جداً لا يمكن قبولها من الشعب، لأنها تتضمن أجندة انفصالية بعيدة عن مطالب الأكثرية السورية، ولم تفضِ اللقاءات معها لأي توافقات”.

وقال حول العلاقات مع أميركا والتهديدات من قبل المرشح لمنصب وزارة الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن، إنّ “مسالة صواريخ إس-400 جرت مناقشتها مع أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ وجددت تركيا دعوتها لتشكيل لجنة مشتركة”.

وأضاف أنّ “هناك كثيراً من المواضيع التي تسمّم العلاقات مع أميركا، منها الصواريخ الروسية ومقاتلات إف-35، ودعم الوحدات الكردية في سوريا، ودعم جماعة الخدمة المتهمة بالانقلاب في تركيا، ومسألة العلاقات التجارية”. وأبدى رغبة تركيا “عدم فرض شروط على أي صفقات أسلحة، وتأمين هذه الصفقات”.

————————-

رسالة وفد النظام السوري خلال الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية يكشفها عضو اللجنة لـ”ستيب

تنطلق يوم الإثنين القادم، الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية في مقرات الأمم المتحدة في جنيف، فيما يتوقع أن تشهد الجولة محاولات مستمرة للنظام السوري من أجل التأجيل، بالوقت الذي طفت على السطح خلافات داخلية بالمعارضة السورية.

بيدرسون يستهل اجتماعات الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية بالحديث عن الفشل

وكان المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، قال يوم أمس الجمعة، إن ما تمّ تحقيقه يعتبر “مخيباً للآمال”، مطالباً العمل بجدية أكثر لرؤية التقدّم وخصوصاً في ملف المعتقلين.

وأضاف بيدرسون أنّ العملية السياسية، حتى الآن، لم تحقق تغييرات حقيقية في حياة السوريين، ولا رؤية حقيقية للمستقبل، مشيرًا إلى استعداده للتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

وبذات الوقت أشار بيدرسون إلى نقطة هامّة خلال حديثه، حيث أكد أن اللجنة الدستورية مجرد جانب واحد وليس الجانب الوحيد الذي سيحل الأزمة السورية، لافتاً إلى أنه كان يأمل أن تفتح اللجنة الباب لعملية سياسية أوسع، لكنها لا تستطيع العمل بمعزل عن العوامل الأخرى، حسب وصفه.

وكان بيدرسون قد حثّ المجتمع الدولي من أجل من العمل على تسوية الصراع السوري، مؤكداً على أنه لا يمكن لطرف واحد فرض رأيه خلال المفاوضات ووجهة نظره في الحل.

عضو اللجنة الدستورية يكشف توقعاته من الجولة الجديدة

وقال بشار الحاج علي، الدبلوماسي السوري السابق، وعضو اللجنة الدستورية، في حديث لوكالة ستيب الإخبارية، حول توقعات وفد المعارضة من مخرجات الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية: “دأب وفد قوى الثورة والمعارضة خلال الجولات السابقة الحضور الجدي متحلياً بروح المسؤولية والوطنية ويتحمل المحاولات اللامتناهية من الطرف الآخر للاستفزازات الوقحة دفعًا لإفشال هذا المسار الذي جُلب إليه “النظام” مكرهاً”.

وأضاف: “برأيي سيحاول هذه المرّة، النظام السوري، أن يبدي مرونة لأسباب أهمها أن يحضّر لانتخابات رئاسية للسلطة اللاشرعية المغتصبة للدولة السورية”.

إلا أن ما يحسب على المعارضة السورية، رغم تقديمها وفداً أبدى مرونة وتفاعل جيد خلال المفاوضات، هو ظهور خلافات داخلية وصلت حد الشكوى بين أعضاء وفد المعارضة ومنصتي القاهرة وموسكو إلى أطراف خارجية “منها روسيا والسعودية وتركيا” وغيرها من أجل التدخل فيما بينها.

وتدخلت فعلياً السعودية من خلال توقيف الدعم عن موظفي هيئة المفاوضات وفق رسالة أوصلتها الخارجية السعودية لأعضاء هيئة التفاوض المعارضة، رغم أنّ المتحدث باسم الهيئة الدكتور يحيى العريضي قلل من شأن الأمر معتبراً أنه لن يؤثر على المسار السياسي.

ويرى “الحاج علي” أن خلافات المعارضة التي طفت على السطح لن تؤثر على مرونة وفد المعارضة في اللجنة الدستورية، لأن الأوراق معدّة وتمّ العمل عليها خلال سنتين من عمر اللجنة الدستورية، كما أنّ الخلافات هي في إطار عمل تنظيمي جزئي ينحصر في تبديل بعض مكونات هيئة التفاوض لممثليها وهذا قانوني ضمن نظامها الداخلي، حسب وصفه.

وتابع “الحاج علي”: “ما قاله السيد بيدرسون المبعوث الأممي صحيح، لا يمكن لأي طرف دولي أن يفوض حل سياسي ولو هذا ممكن لطبقت روسيا حل وفق وجهة نظرها الداعمة للنظام اللاشرعي وهي المتدخلة بكل ثقلها العسكري والسياسي ومن خلال عضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي”.

الظروف لم تنضج بعد والنظام يلعب على الوقت

ولفت إلى أن ظروف التوافق الدولي لحل سياسي للمأساة السورية لم تنضج تماماً بعد إلا إنها في الطور الأخير، ولا يمكن أن تستمر الاجتماعات بصورة عبثية إلى ما لانهاية.

واعتبر أن التأخير يستنزف كل الأطراف المتدخلة دوليًا وإقليمًا ويستنزف المجتمع الدولي سياسياً وقيمياً وإنسانيًا.

إلا أنَّ وفد النظام السوري اعتاد من خلال أربع جولات سابقة على اللعب بالتفاصيل من أجل مضيعة الوقت واستمرار التأجيل بالدخول في فحوى وأساس عمل اللجنة الدستورية وهو صياغة دستور جديد للبلاد، حيث اعتبر مراقبون أن ذلك بهدف الوصول إلى تاريخ إجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا منتصف العام الجاري، وإجراؤها وفق دستور 2012 المعمول فيه حالياً، لتمرر على أنها شرعية وتنتهي بوضع طبيعة بفوز بشار الأسد بولاية جديدة تمد أمد الصراع من جديد.

وعلى الرغم من التهديدات الدولية بعدم الاعتراف بتلك الانتخابات من قبل الأوروبيون والأمريكيون إلا أن النظام وحلفائه، عقدوا العزم لتمريرها، ويرى “الحاج علي” أن مشاركة وفد النظام السوري باللجنة الدستورية هي تكتيك مشترك مع داعميه يتم من خلالها إرسال رسالة للمجتمع الدولي أن “النظام يشارك بإيجابية في عمل اللجنة الدستورية وفقًا للقرارات الأممية وهذا لا يمنع أن يقوم بالاستحقاقات (الدستورية) فسوريا (دولة) ولا يمكن تركها لفراغ دستوري”.

وقال الدبلوماسي السابق: “الانتخابات المزعم إجراءها هي عملية لاشرعية لنظام لاشرعي أساسًا جاء بالتوريث في نظام جمهوري”.

وتابع: “بمعنى أنه لن يكون أي تأثير لأي تقدّم في هذه الجولة في حال استمرار سلوك النظام، فهو لم يأبه لملايين المهجرين واللاجئين ومئات الآلاف من الشهداء والمصابين ولم يبادر لإخراج المعتقلين منذ عام ٢٠١١، بل أنه لا يأبه للجوع وانعدام الخدمات لمن يعيش في مناطق سلطته”.

تحركات مكوكية لإيجاد “ثغرة”

ومع تبقي ساعات قليلة على انطلاق الجولة الخامسة، بدأ بيردسون تحركاته المكوكية بين القوى الفاعلة والأطراف المعنية، حيث اتصل أمس بميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي.

وتحدثت الخارجية الروسية في بيان لها أن المكالمة التي جرت أمس بمبادرة أممية تناولت بالتفصيل المسائل المتعلقة بتنظيم وعقد الجلسة الخامسة للجنة الدستورية والتي ستستضيفها جنيف في 25-29 يناير الجاري.

ولا يعقد السوريون الأمل على حلّ قريب من خلال مفاوضات اللجنة الدستورية في ظل غياب فعلي لأي تطور ملموس بباقي مخرجات القرار 2254، حيث أن اللجنة الدستورية كما تحدث بيدرسون هي مجرد واحدة من بين عدّة بنود للحل، أولها كان الانتقال السياسي لهيئة حكم مؤقتة يتوافق عليها طرفا الصراع.

مواضيع ذات صِلة : نقطة جدلية وهامّة قد يستغلها الأسد.. هادي البحرة يكشف الفرق بين “الدستورية” وتطبيق القرار 2254

وبحسب المعطيات فإن وضع الحل السوري لازال بعيداً، بل إن الأزمة السورية تراجعت إلى حد كبير في دائرة الاهتمام الدولي، ويسعى الأسد ونظامه لاستثمار ذلك بهدف تمرير انتخاباته، فيما يلعب بعدّة أوراق كان أبرزها اللقاءات مع إسرائيل مؤخراً وفتح باب للتفاوض رغم أن الأمر معقداً في ظل الوجود الإيراني، إلا أنها واحدة من بين أوراق باتت تعطي للأسد ترجيح لكفته دولياً بسبب غياب أي مشروع بديل واضح من قبل المعارضة المشتتة داخلياً وخارجياً.

————————-

========================

تحديث 25 كانون الثاني 2021

—————————-

اللجنة الدستورية السورية تبدأ جولتها الخامسة بجنيف/ جلال بكور

بدأت الهيئة المصغرة للجنة الدستورية السورية، اليوم الاثنين، جولتها الخامسة في مقر الأمم المتحدة بجنيف، لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور السوري، فيما عاد الهدوء ميدانياً إلى ريف درعا الغربي (جنوباً) بهدف عقد جولة جديدة من المفاوضات برعاية روسية.

ومن المتوقع أن تبدأ اللجنة الدستورية المصغرة، صباح اليوم، الجلسة الأولى من الدورة الخامسة من اجتماعاتها، التي ستناقش المبادئ الأساسية في الدستور السوري.

وقال وفد اللجنة السورية عن هيئة التفاوض، اليوم الاثنين، إنّ أعضاء اللجنة ركزوا، خلال الأسبوع الماضي، على مراجعة خطة عملهم لهذا الأسبوع وفقاً لجدول الأعمال لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور، وفقاً لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحتها الداخلية.

ولفت، في بيان، إلى أنّ الرئيس المشارك للجنة الدستورية هادي البحرة بمشاركة أعضاء من ممثلي هيئة التفاوض في اللجنة المصغرة، عقدوا لقاءً مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، من أجل التحضيريات للجلسة الأولى من الدورة الخامسة.

وجاء في البيان أنّ البحرة ركز خلال لقائه على ضرورة تسريع “عملية الإصلاح الدستوري” للوصول إلى صياغة دستور جديد لسورية، مشدداً على أن الحل في سورية لا يكون إلا بإنجاز حل سياسي عادل، من خلال التطبيق الكامل للقرارين الأمميين 2254 (لعام 2015) و2118 لعام (2013).

وكانت اللجنة الدستورية قد عقدت أربع جولات سابقة من دون الوصول إلى جديد حول كتابة دستور لسورية، وذلك بسبب تعطيل وفد النظام السوري.

ميدانياً، قتل شخصان وأصيب ثلاثة آخرون من حاملي بطاقات التسوية، في مدينة الصنمين بريف درعا، ليل أمس الأحد، جراء انفجار عبوة ناسفة زرعها مجهولون في ريف درعا الشمالي.

وقال الناشط محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، إنّ القتلى والمصابين كانوا يعملون سابقاً ضمن فصائل المعارضة السورية المسلحة، ويعملون في الوقت الحالي ضمن فصائل التسوية.

هدوء في طفس

من جانب آخر، يستمر الهدوء في مدينة طفس ومحيطها بريف درعا الغربي، في ظل الترقب لنتائج الاجتماعات بين وفد من المنطقة وقوات النظام برعاية روسية، وحضور من “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا، ويضم فصائل من المعارضة سابقاً.

وتزامناً مع ترقّب نتائج الاجتماعات، نقلت الفرقة الرابعة في قوات النظام السوري، اليوم الإثنين، تعزيزات عسكرية إلى محافظة درعا. وقالت مصادر، لـ”العربي الجديد”، إن الفرقة الرابعة نقلت دبابات وراجمات صواريخ وناقلات جند مدرعة ومجموعة من الجنود من دمشق إلى منطقة الضاحية جنوب غرب مدينة درعا.

وذكرت المصادر أن القوات الجديدة هدفها تعزيز تواجد النظام في الضاحية عند المدخل الغربي والجنوبي الغربي من مدينة درعا.

واندلعت، أمس الأحد، اشتباكات عنيفة ترافقت مع قصف مدفعي عشوائي من قوات النظام على مدينة طفس، حيث وقع قتلى وجرحى خلال الاشتباكات، فيما أصيب مدنيون جراء القصف العشوائي من قوات النظام.

وعاد الهدوء إلى طفس بهدف عقد اجتماعات جديدة بين وجهاء وأعضاء لجان التفاوض المحلية مع ضباط من الفرقة الرابعة ومن اللجنة الأمنية في مدينة درعا، برعاية روسيا وحضور ممثلين عن الفيلق الخامس.

وكانت قوات النظام تريد إخضاع مقاتلين سابقين في المعارضة السورية المسلّحة لمطالبها، وتريد نقلهم إلى إدلب، إلا أن المقاتلين رفضوا وواجهوا النظام في أثناء محاولة اقتحام مقارّهم. وذكرت مصادر، لـ”العربي الجديد”، أن النظام فقد ثلاثة من عناصره خلال الهجوم.

خرق أمني للنظام

إلى ذلك، انفجرت عبوة ناسفة بسيارة في حي شمال الخط الخاضع للنظام السوري بدرعا المحطة، في مدينة درعا، وذلك بعد اكتشافها من قبل قوات النظام.

وقالت مصادر، لـ”العربي الجديد”، إنه جرى تفجير العبوة بعد عدم قدرة قوات النظام على تفكيكها، مشيرة إلى أن مجهولين زرعوا العبوة في سيارة وجرى اكتشافها أثناء عمليات تدقيق على المارة في المنطقة.

وذكرت المصادر ذاتها أن المنطقة التي وصلت إليها العبوة الناسفة هي ضمن المربع الأمني للنظام في درعا، ويعد الوصول إليها خرقاً أمنياً للنظام في المنطقة.

وشهدت عموم محافظة درعا منذ دخول فصائل المعارضة في التسوية مع النظام حالة من الفلتان الأمني، تكبّد على إثرها النظام وفصائل التسوية خسائر في الأرواح والعتاد.

العربي الجديد

—————————

الجولة الخامسة للجنة صياغة الدستور السورية المنعقدة اليوم: الخلافات واحتمالات الحلّ/ فؤاد عزام

تنطلق اليوم، الإثنين، في جنيف الجولة الخامسة من اجتماعات لجنة صياغة الدستور المصغرة في ظل عدم وجود مؤشراتٍ على إمكانية إحراز تقدمٍ في رسم الخطوط العريضة للدستور الجديد، وإقامة انتخاباتٍ حرّةٍ ونزيهةٍ بموجب القرار 2254 بعد عامٍ على بدء الجولة الأولى.

ويرفض نظام الأسد بدعم من روسيا ربط عمل لجنة صياغة الدستور بالانتخابات الرئاسية المقرّرة وفق الدستور الحالي في شهر مايو/أيار المقبل، والتي يقول بشأنها إنَّ اللجنة ستستمر ربَّما لسنواتٍ، ما يعني عدم رغبته بالانتهاء من صياغة دستورٍ جديد قبل الانتخابات، وبالتالي ترجيح إعادة انتخاب بشار الأسد لسبع سنوات قادمة، وفرض حالة مستعصية على الحلّ السياسي.

وخلال أربعِ جولات عُقدت على مدى نحو عامٍ، لم تتمكن لجنة صياغة الدستور من التوصل سوى إلى جدول أعمالٍ تحت عنوان “المبادئ الأساسية للدستور”، بحسب ما أعلنه المبعوث الأممي غير بيدرسون في اختتام الجولة الرابعة التي انتهت في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحيث سيتم البدء بمناقشتها خلال الجولة الخامسة، في حين أشار في إحاطته أمام مجلس الأمن في 20 من الشهر الحالي إلى أنّ الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجري وفق دستورٍ جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، والمنصوص عليها في القرار 2254، تبدو بعيدةً في المستقبل.

روسيا تدخل على خط الخلافات في هيئة التفاوض

وألقت الخلافات داخل هيئة التفاوض بظلالها على تحضيرات وفد المعارضة في لجنة صياغة الدستور للجولة القادمة، بعدما وجهت منصتا موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى هيئة التنسيق الوطني، رسالة في 13 يناير/كانون الثاني 2021، إلى كلّ من بيدرسون، ووزارتي الخارجية في مصر والسعودية، تبلغهم فيها رفض قرار هيئة التفاوض استبدال ممثلي منصة القاهرة وموسكو في الهيئة واللجنة الدستورية، كما عرضت ما قالت الرسالة إنّها مخالفات داخل هيئة التفاوض سببها كتلة “الائتلاف الوطني”، في حين سارعت موسكو للدخول على خط الخلافات، إذ التقى وزير خارجيتها سيرغي لافروف بممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة في موسكو، الخميس الماضي، في إشارةٍ ذات دلالة إلى دعم موقف المنصتين .

ويرى محمد ياسين نجار، السياسي والوزير السابق في الحكومة السورية الموقتة، أنّ الجولة الخامسة أمام سؤالٍ كبيرٍ، وهو هل ستكون جولة أخيرة كسابقاتها من جولات جنيف في ظلّ مستجداتٍ كبيرة يأتي على رأسها ملف هيئة التفاوض مع ما يعنيه ذلك من إشكالات عميقة طفت على السطح أخيراً؟

ويقول نجار لـ”العربي الجديد”، إنّ تلك التطورات تجعل وفد المعارضة الممثل لها في اللجنة الدستورية غير فاعلٍ، ولا سيما أنَّ النظام يستخدم عامل الاستنزاف الزمني لتنفيذ خطته بإجراء الانتخابات الشكلية، ما يجعله سلطة أمرٍ واقعٍ لمرحلة جديدة، إضافة إلى التقارب الواضح بين منصة موسكو و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) لترتيب آلية تحالفية بينهما، تناسب المرحلة القادمة مع مجيء إدارةٍ أميركيةٍ جديدة.

ومن جهته، استبعد أمين عام “المجلس السوري للتغيير” (معارضة) المحامي حسان الأسود أن تتمكن لجنة صياغة الدستور من إنجاز الدستور كاملاً قبل موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، قائلاً لـ”العربي الجديد”: “إنَّ حالة المماطلة والتسويف التي طبعت تعامل وفد النظام ونهجه خلال الجولات السابقة للجنة الدستورية، قد تستمر حتّى موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل، ومن الممكن أنْ تتأثّر بالضغوطات الدولية قليلاً، فتحقق العملية بعض التقدم الذي لا يؤثر على إجراء الانتخابات.

وأضاف الأسود: “نظام الأسد يضغط باتجاه إجراء الانتخابات خارج الأطر المحدّدة بموجب القرارات الدولية، ليثبّت أمراً واقعاً عمره سبعة أعوام قادمة، لكنّ الوقائع السياسية غير الوقائع الميدانية الحربية، لا تأخذ شرعيتها من ذاتها، بل من اعتراف الدول بها. بالمقابل تضغط قوى الثورة الشعبية والمجتمع المدني السوري لمنع إجراء هذه الانتخابات، أو على الأقل تعزيز عدم قبول الدول بها، وبنتائجها إذا تمّت بالفعل، وقد بدأت قوى عديدة، في مقدمتها المجلس السوري للتغيير، حملة وطنية لهذه الغاية تحت شعار (لا شرعية للأسد وانتخاباته)”.

نظام الأسد يصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها

ويصرّ نظام الأسد على إجراء الانتخابات الرئاسية، حيث أكدّ مسؤولوه غير مرةٍ أنّها ستجري في الموعد المحدد، وإذا نجح النظام في ذلك، فإنّ الحديث عن اللجنة الدستورية التي يسميها لجنة مناقشة الدستور سيكون خارج سياق تطورات القضية السورية، بل إنَّ مصداقية الأمم المتحدة أيضاً ستنتهي بسبب عجزها عن إيجاد صيغة للحلّ السياسي في سورية.

ولم يُعلن بشار الأسد بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية التي أكدّ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنّها ستجري في موعدها، إلّا أنّ الخطوات التمهيدية للتحضير لها على المستويين المحلي والدولي يبدو أنّها بدأت، مع تكثيف بشار الأسد وزوجته وأولادهما حضورهم الإعلامي الاستعراضي، وإعلان وسائل إعلام النظام قرب إقامة فعاليات وصفتها بالشعبية، والترويج لانفراجاتٍ قادمة في الوضع المعيشي، وإطلاق سراح عددٍ من المعتقلين تمّ اعتقال بعضهم أخيراً كبديلٍ لعفوٍ عام يرفض النظام إصداره، إضافة إلى توجيهه رسائل للداخل والخارج باستئناف محاربته لتنظيم “داعش”.

وقبل أيامٍ، تحدثت صحيفة “الثورة” التابعة للنظام عبر موقعها على الإنترنت، عمّا سمته بـ”توجه شعبي” لدعم بشار الأسد، مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية، ويتضمن انطلاقة قريبة لفعاليةٍ بعنوان “أطول رسالة حبّ ووفاءٍ في العالم إلى رجل السلام الأول السيد الرئيس بشار الأسد”، وهي عبارة عن رول قماشي بطول 2000 متر على عربة ترافقها 14 فتاة رياضية مدربة على هذا العمل من جميع المحافظات السورية، ستنطلق من دمشق مروراً بجميع المحافظات والعودة إلى دمشق لتسليم الرسالة إلى بشار الأسد، حيث ستحمل تواقيع مليونين ونصف مليون مواطن سوري في المحافظات، وسيتم العمل على دخول الفعالية موسوعة “غينيس”، بحسب تعبير الصحيفة.

روسيا تتماهى مع النظام

وتتماهى روسيا مع موقف النظام بالنسبة للانتخابات، إذ صرّح نائب وزير خارجيتها سيرغي فيرشينين قبل أيام، بأنّ دعوات بعض الدول لعدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية تقوّض الأداء المستقر للمؤسسات الرسمية في سورية، في حين كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن من دمشق في سبتمبر/أيلول الماضي أن موضوع الانتخابات الرئاسية قرار سيادي لسورية ولا جدول زمنياً لعمل اللجنة الدستورية.

وتقول مصادر صحافية عربية في العاصمة الروسية لـ”العربي الجديد”، إنّ تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي تندرج في إطار الردّ على تصريحاتٍ أميركية بعدم الاعتراف بالانتخابات، ورسائل إلى الغرب بأنّها تريد مناقشة الموضوع مع الجانب الأميركي، الذي يبدو حتى الآن متوافقاً مع الأوروبيين بالتأكيد على بيان جنيف والقرار الدولي 2254.

وتضيف المصادر أنّ روسيا تعمل على تثبيت نظام الأسد، وتريد أن تقول للغرب الرافض لشرعية الانتخابات إنّ ما نجحت به عسكرياً تقوم باستثماره سياسياً، وأنّ الضغوط الغربية لن تغير مواقفها، ولا سيما بعدما فشلت في انتزاع موافقة أوروبية بخصوص إعادة اللاجئين، وفي توسيع الانفتاح العربي مع النظام مع تأكيد القمة الخليجية الأخيرة التمسك ببيان جنيف 1 المتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي، وبالقرار 2254، إضافة إلى فشلها في تحقيق تسوية في شرق الفرات.

أشهر حاسمة 

وضمن هذه المعطيات، من غير المتوقع إحراز حلحلة في ملفات القضية السورية، بل المزيد من “تعفين” الوضع السياسي، وخدمة ما هو قائم على الأرض، بل وإدخال من تبقى من معارضة بتفاصيل لا قيمة لها، ولا تأثير لها على الأرض، كما يقول المحلل السياسي غسان المفلح لـ”العربي الجديد”.

ويضيف المفلح: “ثمة قضية لا بدَّ من تأكيدها، وهي أنّ أميركا لا تحلّ القضايا المعنية بها عبر منصات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وهذا ينطبق على علاقتها بملفات القضية السورية، وبالتالي لا حلّ في سورية عبر أروقة الأمم المتحدة، والولايات المتحدة بايدن متجهةً نحو مزيد من تزمين الوضع القائم.. مع الأخذ بالحسبان صفقة قادمة مع إيران”.

وتبقى الأشهر القليلة القادمة حاسمةً بالنسبة للقضية السورية، وتتأرجح بين انتهاء اللجنة الدستورية من صياغة الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، وبين هذه الانتخابات، في حين بدت النهايات الميدانية واضحة ومجمّدة على حالها منذ نحو عامٍ، حيث تسيطر فصائل المعارضة على مناطق في شمال غرب سورية، بينما تسيطر قوات سورية الديمقراطية على شمال شرق سورية، في حين يسيطر النظام السوري على ما تبقى من البلاد، وهي المساحات الأوسع.

وعلى ضوء ذلك، فإنّ الكلمة الفصل تبقى لتفاهم القوى الكبرى على فرض حلّ سياسي وضعه المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جويل رايبورن الأسبوع الحالي برسالة وداعه لمنصبه أمام الإدارة الأميركية الجديدة، بالقول: “لا خيار أمام الأسد سوى الجلوس إلى طاولة المفاوضات،  والقبول بالحلّ السياسي”.

العربي الجديد

————————-

مشاورات موسكو تعمق خلافات المعارضة السورية/ عماد كركص

من الواضح أن حدة الخلافات داخل أروقة المعارضة السورية ستأخذ منحى تصاعدياً في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد تعليق السعودية عمل مكتب هيئة المفاوضات السورية في الرياض، إثر رسالة وجهتها منصتا موسكو والقاهرة وهيئة التنسيق المعارضة (مقرها دمشق) أخيراً إلى المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، طالبوا فيها بالتصرف سريعاً، والدفع نحو التوافق ضمن هيئة المفاوضات. كذلك تلقى نسخاً من الرسالة وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، والسعودية فيصل بن فرحان، ومصر سامح شكري.

وعقب ذلك، استقبل لافروف، أول من أمس الخميس، جمال سليمان، الوجه الأبرز في منصة القاهرة قبل انقسامها، إثر خلافات على تعيين ممثليها داخل هيئة المفاوضات وقائمة المعارضة في اللجنة الدستورية، وقدري جميل الذي يرأس منصة موسكو، ومعهما المعارض المستقل خالد المحاميد المقرب من روسيا والإمارات.

ودفعت الزيارة محسوبين على المعارضة السورية، المؤيدة للائتلاف الوطني لقوى الثورة المعارضة، الحاضر بقوة في تشكيلة الهيئة، لكيل الاتهامات نحو ممثلي منصتي موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى هيئة التنسيق، بتبني الرؤية الروسية للحل السياسي، وبالتالي المشاركة في عرقلة عمل اللجنة الدستورية. وتأتي الزيارة إلى موسكو ورسالة المنصات إلى بيدرسن قبل أيام من الجولة الخامسة للجنة الدستورية التي ستنطلق في 25 الشهر الحالي في جنيف، ومن المقرر أن تبدأ ببحث المضامين الدستورية، بعدما ماطل وفد النظام لأكثر من عام بشأن هذا الأمر، من خلال الزج، خلال الجولات الأربع الماضية، بمواضيع لا تتعلق بعمل اللجنة ضمن جداول أعمالها.

وسيغيب عن أعمال الجولة المقبلة ممثلون عن كل من منصتي القاهرة وموسكو، بعد أن اعتمدت الهيئة ترشيح الجناح الذي يقوده فراس الخالدي في منصة القاهرة، باستبدال قاسم الخطيب، وهو عضو هيئة المفاوضات وعضو اللجنة الدستورية، ليحلّ مكانه نضال محمود الحسن عضواً في الهيئة، وتليد صائب عضواً في اللجنة الدستورية. وأدى هذا الأمر إلى اعتذار جمال سليمان، ممثل منصة القاهرة في الهيئة، عن حضور الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، المقررة الإثنين المقبل. كذلك اعترضت منصة موسكو على استبعاد ممثلها مهند دليقان عن اللجنة، وهو ما يفتح أمام اعتذار هذه المنصة عن الجولة المقبلة من اجتماعات “الدستورية”.

وفي حديث مع “العربي الجديد”، قال مهند دليقان، عضو منصة موسكو وممثلها في اللجنة الدستورية المصغرة وهيئة المفاوضات، والذي حضر اجتماع أول من أمس مع لافروف، إنه “جرى بحث العملية السياسية بصورة عامة، واللجنة الدستورية بشكل خاص”. وأضاف “أوضحنا مواقفنا بأن السرعة التي يسير بها عمل اللجنة بطيئة جداً، وأقل بكثير من استحقاقات الواقع السوري، وأن كل تأخير يدفع ثمنه السوريون تهجيراً وفقراً واعتقالاً وموتاً. وأكدنا كذلك أن (اللجنة) الدستورية مجرد مفتاح للحل، والحل هو التطبيق الكامل للقرار 2254 بما في ذلك جسم الحكم الانتقالي”.

وحول خلافات المعارضة وهيئة المفاوضات، قال دليقان “أوضحنا للجانب الروسي، بوصفه أحد رعاة العملية السياسية، أن هناك عملية احتكار وإقصاء جارية منذ أكثر من عام، وهي تساهم برأينا في تعقيد الأمور وتؤمن المخارج للمتشددين في النظام”. ووصف اتهامهم بتعطيل عمل اللجنة الدستورية، بأنه “مضحك”، مضيفاً “نحن خارج عمل اللجنة خلال الاجتماعات الثلاثة الماضية، ولن نحضر الاجتماع المقبل لأننا لم ندع، ولأن قرار الإبعاد غير الشرعي ما يزال مطبقاً بحقنا. ثم إن الذين يتهموننا كانوا ضد تشكيل (اللجنة) الدستورية من الأساس، بل وكانوا علناً ضد بيان جنيف وضد القرار 2254، والآن يُحضرون لانتخابات خارج إطاره”.

أما بالنسبة للقرار الذي أدى إلى استبعاده عن وفد المعارضة في اللجنة الدستورية كممثل عن منصة موسكو، أشار دليقان إلى أن “الذريعة في ذلك كانت أننا طالبنا بنقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، وتم تركيب القرار بصورة غير شرعية وخارج اجتماعات الهيئة”. وقال “نحن طالبنا ونطالب بنقل (أعمال اللجنة) الدستورية إلى دمشق مع توفير الضمانات الأممية اللازمة للأعضاء. ونرى أن هذا سيمنع أي إمكانية للتعطيل، وسيحدث اختراقاً كبيراً في وضع البلاد السياسي يسمح بالانتقال الفعلي لتشكيل جسم الحكم الانتقالي”.

وأعلن منسق منصة القاهرة فراس الخالدي أن لا علاقة للمنصة بزيارة جمال سليمان. وقال، في حديث لـ”العربي الجديد”: “لا علم لنا بالزيارة، وهو لم يصرّح حتى الآن شخصياً بأنه ذهب لتمثيل منصة القاهرة في هذا الاجتماع. الأرجح أنه ذهب بصفته الشخصية، خاصة وأنه لا يوجد أي استحقاق رسمي على مستوى المعارضة ككل أو على مستوى المنصّة”. وأضاف “لكننا في الوقت ذاته نرحّب بأي جهد يصب في صالح دفع العملية السياسية وتفعيل القرار 2254 والسلال الأربع، أي باقي السلال (الحكم الانتقالي، والإرهاب، والانتخابات). لكن أي تدخل في شؤون المعارضة مرفوض. بمعنى آخر التنسيق أو التشاور، أو حتى النصح، يمكن قبوله، لكن نحن لم نخرج على نظام قمعي من أجل الحرية والكرامة واستعادة سيادة القرار حتى نعود لنكون أتباع إرادات دولية متضاربة أساساً”.

وأكد الخالدي أن “ترتيب شؤون الهيئة ليس مهمة دولة أو دول، بل أمر يتعلق بالأمم المتحدة والقرار 2254 وبيان فيينا ٢، الذي فوّض الأخوة في السعودية بالعمل على توحيد ودعم المعارضة السورية. والحق أنّ الأخوة في المملكة لم يألوا جهداً في سبيل ذلك. لكنّ المشكلة أنّ التحديات كبيرة والعقبات التي خلقها النظام وحليفه الإيراني كثيرة، وهذا يستدعي منّا كمعارضة الارتقاء لمستوى تضحيات شعبنا، والتنسيق مع إخوتنا العرب ومع باقي دول الاعتدال، والتحضّر، مع أصدقاء الشعب السوري، لتجاوز كل هذه العراقيل بأسرع وقت ممكن”.

وعن الخلافات داخل المنصة، أشار الخالدي إلى أنه “ليس هناك جناح أول وجناح ثانٍ داخل منصة القاهرة. والغريب هنا زج اسم منصة القاهرة في الرسالة المرسلة للمبعوث الدولي وخارجيتي روسيا والسعودية. ولم يصدر حتى الآن أي تصريح يؤكد توقيع أي عضو (فعلي) داخل منصة القاهرة على الرسالة. ولا أعتقد أنه من مصلحة أحد ترسيخ فكرة الانقسام داخل المعارضة السورية، حتى ولو كان هناك بعض الاختلاف وبعض العقبات التي يمكن تداركها”. وتابع “خلال مناظرة تلفزيونية بين أحمد شبيب (عضو منصّة القاهرة عن تيار الغد السوري) مع حسن عبد العظيم (رئيس هيئة التنسيق) طلب شبيب من حسن أن يذكر له اسم عضو واحد من منصة القاهرة شارك هيئة التّنسيق ومنصّة موسكو في الرسالة المرسلة، فلم يُجب حسن أبداً”.

وحول تعليق السعودية عمل مكتب هيئة المفاوضات في الرياض، قال الخالدي “نؤكد حرصنا على السعودية، وعلى دعمها المعنوي والإنساني للشعب السوري، ونثمن جهودها، وفي نفوسنا تجاهها عشم الأخ بأخيه. أما بالنسبة إلى قرار وقف تمويل الموظفين في هيئة التفاوض، فالحقيقة نحن كأعضاء لا يوجد لدينا اطّلاع على شؤون الموظفين وعددهم، لأن هذا ضمن نطاق عمل المكاتب والشؤون الإدارية، ونثق بأنّ المملكة حريصة على القضية السورية، ولو كان هذا الأمر سيضرّ بها لما حصل”.

من جهته، قال الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة هادي البحرة إنه “لا يوجد مقاطعة من قبل أي من مكونات هيئة التفاوض السورية لاجتماعات اللجنة الدستورية. فمكونات هيئة التفاوض وقيادتها أكثر حرصاً على حسن سير أعمال الهيئة ونشاطها فيما يخص العملية السياسية وخدمة قضايا شعبنا وتحقيق تطلعاته التي ثار من أجلها”. وأضاف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “سبب الغياب هو الظروف الخاصة بوباء كورونا والحظر المشدد في سويسرا، لا سيما بخصوص استخراج تأشيرات الدخول والتصاريح الصحية للسفر إلى سويسرا. أي أنها بسبب صعوبة إنجاز بعض الترتيبات اللوجستية لسفر عدة أعضاء في الوقت المناسب”. وأضاف “لم أبلغ رسمياً من قبل أي مكون بمقاطعة الاجتماع”.

العربي الجديد

—————————–

هيمنة ائتلافيّة تعطّل هيئة المفاوضات السوريّة/ بسام سفر

تشهد ساحة فعل المعارضة السورية حراكاً سياسياً تنظيمياً يظهر على السطح فيه ما كان مخفياً منذ ما يقارب السنة والنصف، ومن عدم تحقيق أي اجتماع لللجنة التفاوضية السورية، بكافة مكوناتها، الائتلاف بما فيه الفصائل العسكرية، والمستقلين المحسوبين عليه، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير الديمقراطي، ومنصّتي موسكو والقاهرة.

ويعود سبب ذلك إلى محاولة الائتلاف الاستمرار بالانفراد بهيئة المفاوضات وقراراتها التي يهمن ويسيطر عليها رغم وجود المنصّات الثلاث، لأنّ التصويت العددي يمنحه القدرة على تمرير أي قرار يريده، لذلك لا يريد أي تغير في بنية وتركيب هيئة التفاوض، فهي بوضعها الحالي، ووضع الائتلاف الحالي، يساهم في استمرار السيطرة والهيمنة على قراراتها، فهو استطاع تمرير انتخاب أنس العبدة رئيساً لهيئة التفاوض ضمن الأكثرية لديه بدون اعتراف المنصات الثلاث به، وانتخاب نصر الحريري للائتلاف في عملية تبادل للكراسي والمنافع، وكذلك استطاع فصل مهند دليقان، وقبول نضال الحسن بالدستورية، وتليد صائب في الهيئة التفاوضية، وكلاهما مكان السيد قاسم الخطيب الذي فصلته منصّة القاهرة.

إنّ هذه الأفعال والقرارات الفردية للائتلاف دون مشاركة باقي المنصات، وهي التي قدّمت أكثر من مبادرة لحل المشاكل القائمة، برفض كل المبادرات التي تحاول التقدّم خطوات على طريق الحل، مما دفع المنصّات الثلاث “موسكو، القاهرة، هيئة التنسيق الوطنية” إلى توجيه رسالة إلى سعادة المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، السيد غير بيدرسن، بتاريخ 13/1/2021، وجاء فيها أنّ “الأطراف الثلاثة تذكركم بداية بأنّ الطرف المعطل الذي يسيطر الآن على هيئة التفاوض السورية، ويعقد اجتماعات لها طوال سنة كاملة دون حضور هيئة التنسيق الوطنية ومنصّة موسكو ومنصّة القاهرة، (أي خلافاً للقرار 2254)، وهو الطرف ذاته الذي كان قد رفض فيما مضى بيان جنيف، ويمارس الآن كل ما يمكنه ضد اللجنة الدستورية وضد نجاحها، ويعلن موتها مرة كل أسبوع.. ونذكركم أيضاً، أنّه نتيجة لعدم حماية الأمم المتحدة لاستقلالية عمل اللجنة الدستورية، قام الطرف المعطل ضمن الهيئة بإبعاد الزميل دليفان من اللجنة المصغرة التي عقدت حتى ثلاث اجتماعات بغياب منصة موسكو للمعارضة المنصوص على حضورها في 2254.

والجديد أنّ ذات الطرف المعطل قد مرّر باجتماع لهيئة التفاوض السورية، لم تحضره أي من الأطراف الموفقة على هذه الرسالة، قراراً بإنهاء عضوية الأستاذ قاسم الخطيب في كل من اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض السورية وبشكل غير قانوني” (مرفقاً بهذه الرسالة ملحقاً حول أسباب عدم شرعية هذا الإجرام). وأضافت الرسالة، أنّ “هذا الإجراء غير الشرعي ليس مرفوضاً من جهتناً فحسب، بل وسيهدّد وحدة اللجنة الدستورية.

سبق أن سمحت الأمم المتحدة بقمع رأي (الأقلية) عبر الخضوع لإرادة الطرف المعطّل، بإبعاد منصّة موسكو للمعارضة السورية عن اللجنة الدستورية المصغرة، وتكرار هذه السابقة مرة ثانية سيجعلها قانوناً، وسيجعل الأطراف التي تتعرّض للقمع تحمل مسؤولية هذا القمع للأمم المتحدة بالذات، وليس للطرف المعطل ضمن هيئة التفاوض.

ولذلك ندعوكم لعدم قبول أي قرار استبدال قبل الوصول إلى توافق ضمن مكونات هيئة التفاوض السورية، وكذلك للدفع عبر جهودكم الحميدة نحو التوافق ضمن هيئة التفاوض السورية”.

وأرسلت هذه الرسالة إلى الخارجية السعودية والخارجية المصرية والخارجية الروسية، ما دفع بالخارجية السعودية إلى إرسال رسالتين جوابيتين، الأولى تبلغها اعتبار اجتماعات الائتلاف والموالين والقرارات الصادرة عن هذه الاجتماعات غير شرعية للهيئة ومخالفاتها القانونية والنظامية للقرار.

والرسالة الثانية، تفيد بأنّه “على ضوء استمرار تعطيل هيئة التفاوض السورية، فقد تقرّر تعليق عمل موظفي الهيئة مع نهاية الشهر الجاري (يناير 2021)، وذلك لحين استئناف الهيئة أعمالها”، وطلبت الخارجية من الهيئة الاطلاع واتخاذ ما يلزم حيال ذلك.

ويضاف إلى ذلك، أنّ الائتلاف ومن معه يخضعون للقرارات التركية، إذ كلنا يذكر كيف رفض نصر الحريري، عندما كان رئيس هيئة التفاوض، مؤتمر المستقلين الذي عقد في نهاية العام 2019 في الرياض، واستبدال المستقلين التابعين للائتلاف بمستقلين جدد، نتيجة الموقف التركي الذي يريد استمرار هيمنته وسيطرته على هيئة المفاوضات عبر الكتلة الائتلافية، إذ أنّه استمرّ في اغتصاب قرارات هيئة التفاوض من خلال هذه الكتلة، ما دفع المستقلة الدكتورة بسمة القضماني إلى تقديم استقالتها من هيئة التفاوض، نتيجة سلوك الائتلاف المستمر في عملية اغتصاب القرار، وكان مؤتمر المستقلين، الذي عقد في الرياض، قد انتخب ثمانية مستقلين جدد لكي يحلّوا مكان المستقلين القدامى لدى الائتلاف، ورغم كل محاولات التواصل إلى تسوية تنظيمية معه، طرحت كل الممكنات لإيجاد حلول من (6-2) إلى (5-3) إلى (4-4)، مع زيادة نسبة التصويت لكي ينجح أي قرار، تصبح 60 بالمئة، إلا أنّ الائتلاف، ومن خلفه تركيا، ما زالا يرفضان أياً من الحلول المقدمة من المنصات الثلاث في اجتماعات المنسقين (التي يحضرها ممثل عن كل من أطراف كتل هيئة التفاوض).

إنّ هذا التشبث الشديد بالهيمنة والسيطرة والاستفراد بالقرار لن يدفع نحو حل (سياسي- تنظيمي)، وإنما سوف يدفع نحو مزيد من الاستعصاء القاتم بفعل الحيازة التي لن تفيد في استمرارية عمل هيئة التفاوض التي أصبحت موجودة بالاسم، بينما هي بفعل السيطرة والهيمنة هي الائتلاف ذاته، بعيداً عن التسميات الشكلية غير الفاعلة، والتي لا يقوم على التشاركية في القرار وتحمل المسؤولية، وإنما على مبدأ (أنا ومن بعدي الطوفان)، وها قد وصلت حالة المعارضة إلى بداية الطوفان، إذ لم تتدخل الأمم المتحدة والدول الراعية لإعادة تركيبة المعارضة بحيث يتيح إمكانية المشاركة بطريقة أفضل، إذ من المفترض دخول مكونات سورية مغيبة عن منصّة هيئة التفاوض، مثل توسيع حضور المكون الكردي الذي يتمتّع بوزن وحضور جيد، ولعل الحوار (الكردي- الكردي) يفضي إلى نتائج إيجابية، يفتح الباب المغلق الذي فرضه تمترس الائتلاف بالهيمنة والسيطرة، عبر عملية زيادة وزن المكونات الأخرى السورية لكي تتسع هيئة التفاوض، وتكون معبرة عن السوريين وليس استمرارية السيطرة الإخوانية من خلال الائتلاف ومواليه.

كل ما تقدم يوضّح أنّ اللجنة الدستورية وضعها ينوس في ظل غياب منصة موسكو، وممثلها مهند دليقان عن اللجنة الدستورية المصغرة، وكذلك الآن غياب منصّة القاهرة وممثليها من جمال سليمان عن الجولة الرابعة، وقاسم الخطيب الذي تغيره منها، بحسب قرارها الأخير.

فالرسالة التي وجّهت إلى المبعوث الأممي، غير بيدرسن، لكي يوقف قرار الكتلة الائتلافية نحو استمرارية عمل منصّتي موسكو والقاهرة في اللجنة الدستورية المصغرة، بحيث لا يتاح لوفد النظام الاحتجاج على عدم وجود ممثلي كتل المعارضة ويوقف مشاركته في اللجنة الدستورية المصغرة، خصيصاً أنّ النظام يتّجه نحو إجراء انتخاب رئاسية جديدة تتيح لبشار الأسد الاستمرار في فترة رئاسية جديدة، مدتها سبع سنوات.

أخيراً، إنّ كل ما يجري يوضّح حاجة المعارضة الرسمية (المعترف بها أممياً)، وغيرها من المنصّات والمعارضات إلى مؤتمر معارضة جديد، يعيد بناء هذه المعارضة لكي تحقق حضوراً متوازناً لتمثيل السوريين، الذي قدّموا الغالي والنفيس للوصول إلى حل سياسي برعاية أممية وفق القرار 2254, بيان جنيف 2012، فهل تستطيع القوى الفاعلة تحقيق ما هو مطلوب لكي لا تبقى الهيمنة والسيطرة (إخوانية، ائتلافية، تركية)؟ كل ذلك متوقف على الدور الأممي والدول الراعية الدولية والإقليمية والعربية لكي تفسح المجال للتعبيرات السياسية السورية الالتحاق بركب الحل السياسي الأممي.

ليفانت- بسام سفر

——————————

خلل “هيئة التفاوض السورية” البنيوي.. وتداعياته على الحل السياسي/ أسامة آغي

يبدو أن ثمة خللًا يعصف ببنية “هيئة التفاوض السورية”، ومصدر هذا الخلل بنيتها، التي فرضتها “مجموعة أصدقاء سوريا”، ثم الروس وغيرهم، وكأن المراد من هذه البنية أساسًا تعطيل دورها في عملية التفاوض على القرار “2254”، الصادر في 18 من كانون الأول عام 2015.

فمن يقرأ بنية “هيئة التفاوض السورية” بصورتها الحالية، سيكتشف أن قوى فيها مثل منصتي “القاهرة” و”موسكو” هي بالأساس لا تمثّل قوى على الأرض لها نفوذ ضمن قوى الثورة السورية، التي اندلعت في 15 من آذار عام 2011.

منصتا “القاهرة” و”موسكو” أُلحقتا بـ”هيئة التفاوض” لإضعاف بنية ودور هذه الهيئة، التي يجب أن يكون تفاوضها قائمًا على تسلسلية القرارات الدولية بدءًا من بيان “جنيف 1” ومرورًا بالقرارين الدوليين “2118” و”2254″.

“هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي”، هي الشريك الفعلي الأول في بناء “الهيئة العليا للمفاوضات” (النسخة الأولى)، التي قادها رئيس وزراء سوريا السابق المنشق، رياض حجاب، هذه الهيئة (التنسيق الوطنية) ثمة فجوات كبيرة في رؤيتها السياسية، تفصلها عمليًا عن التوافقات مع كتلة “الائتلاف” والفصائل ومجموعة المستقلين الثمانية في الهيئة.

الفجوات المعنية تتعلق بقضايا كثيرة، منها مرجعيات هذه القوى، وتحديدًا التركية من جهة، والسعودية- المصرية من جهة أخرى، هاتان المرجعيتان ليس صراعهما الأساسي هو حول سوريا، بل هو صراع محكوم بمقدمات سياسية وتنموية، أريد له أن يرتدي ثوبًا جغرافيًا وأيديولوجيًا.

ولكن ما هو ليس مفهومًا في العلاقة بين مكونات “هيئة التفاوض”، هو عدم استعدادهم للجلوس حول طاولة حوار لتفعيل عمل هيئتهم، بعيدًا عن هيمنة أي طرف من الأطراف على عمل هذه الهيئة، وبعيدًا عن أي تدخلات إقليمية أو دولية.

فالسعودية، التي عقدت مؤتمرًا على أراضيها لاختيار ثمانية أعضاء مستقلين، يجب أن يحلّوا بدلًا من الأعضاء الثمانية القدامى، هي من عقّد مشكلة بنية “هيئة التفاوض”، إذ يمكن إدراج تدخلها آنذاك ضمن الصراع بينها وبين تركيا، هذا الصراع بدأت نيرانه تخبو مع تغيرات على الأرض في الوضع الدولي، وتحديدًا مع مجيء جو بايدن إلى البيت الأبيض، الذي يحمل عداء للقيادة السعودية، ويتهمها بارتكاب جرائم في حربها باليمن، إضافة إلى استعداده لإعادة المياه إلى مجاريها بالعلاقة مع إيران، التي أطلقت يد الأخيرة فيها في المنطقة، وكذلك فإن بايدن يحمل عداء لتركيا.

التقارب السعودي- التركي يجب أن يخلق تقاربًا جديًا بين كتلة “هيئة التنسيق” ومنصة “القاهرة” من جهة، وكتلة “الائتلاف” والفصائل من جهة أخرى، لكن الذي جرى هو غير ذلك، وهذا يدفع للقول إن هناك ما يثير الريبة في الأمر.

إذ إن من غير المفهوم، أن يذهب وفد يضم جمال سليمان وخالد المحاميد ليلتقي بوزير خارجية روسيا، بوجود ممثلين عن منصة “موسكو”، حليف روسيا الثابت هما قدري جميل، رئيس المنصة، ومهند دليقان المفصول من “هيئة التفاوض”.

فهل يمكن فهم معنى لقاء هذه المجموعة مع عدو الشعب السوري (روسيا)، وإقحامه كطرف بشؤون يمكن حلها ضمن حوار مكونات المعارضة؟ وهل نستطيع جديًا أن نسمّي هؤلاء بأنهم معارضون سوريون ضد نظام بشار الأسد؟

نعتقد أن الصراع بين مكونين رئيسين في “هيئة التفاوض”، هما “مكون الائتلاف والفصائل والمستقلين، ومكون هيئة التنسيق ومنصة القاهرة” يجب أن ينتهي، وأن تبدأ خطوات جدية بتذويب الخلافات بينهما، على أرضية صريحة وواضحة من التفاهمات، جوهرها يتلخص بضرورة بيان عدم الخروج على جوهر القرارات الدولية الخاصة بالقضية السورية، وأولها تنفيذ القرار رقم “2254” وفق تسلسله (تشكيل هيئة حاكمة انتقالية من الجميع، ثم إقرار دستور جديد، وإجراء انتخابات بإشراف تام وكلي من الأمم المتحدة يشمل كل السوريين في الداخل والخارج).

هذه التفاهمات تحتاج إلى توقيع ميثاق شرف، يمنع اختطاف القرار الخاص بـ”هيئة التفاوض السورية” من أي من مكوناته، أو من مجموعات تحالفاته الداخلية، وربط القرارات بقاعدة التفاهمات، وليس بقاعدة التصويتات، وهذا يتطلب رفع نسبة التصويت لاتخاذ قرارات إجرائية إلى 61% بدلًا من 51%، بحيث تصبح “هيئة التفاوض” كتلة واحدة تجتمع على الإصرار على تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بسوريا، وفي مقدمتها الإصرار على تشكيل هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية.

إن عجز مكونات “هيئة التفاوض” عن إيجاد مربعات تفاهمات وطنية بينها، واللجوء إلى غير بيدرسون لحل إشكال تنظيمي فيما بينها، يكشف عن تناقضات لا تعمل لمصلحة التفاوض لإنجاز تنفيذ القرار “2254”، ويكشف عن عدم ثقة بين هذه المكونات، ما يضع قضية التفاوض والانتقال السياسي في حالة الخطر، وبأيدٍ يجب إعادة النظر بدورها، باعتبارها تقدّم مصالحها الفئوية على مصلحة الخلاص من نظام الاستبداد.

إن الملتجئين لموسكو يبدو أنهم يريدون القفز فوق استحقاقات القرار “2254”، والمساعدة على تعويم النظام الاستبدادي، عبر قبولهم بتغييرات شكلية، تساعد على إعادة إنتاج نظام بشار الأسد، ولو كانت على حساب الشعب السوري.

إن الحاضنة الشعبية للثورة السورية، لا أحد يعتقد أنها سترضى بأقل من تنفيذ القرارات الدولية، ومن يريد القفز فوقها، لن يقفز سوى بمفرده، وهذا لن يغيّر من واقع الصراع بين الشعب السوري ونظام فتك بكل مقدراته.

المطلوب إعادة إنتاج “هيئة التفاوض” التي بُنيت بإرادة خارجية لتكون هيئة تفاوض حقيقية عن الثورة السورية، وهذا يحتاج إلى أعلى درجات الضغط الشعبي من حاضنة الثورة، كي لا تضيع تضحيات ثوارها وشعبها مجانًا.

فهل ستلبي مكونات “هيئة التفاوض” المطلوب منها شعبيًا؟ أم أنها ستعوم بعيدًا عن أهداف الثورة والشعب السوري، الذي لم يبخل بالغالي والرخيص، من أجل أن يزيح نظام الاستبداد عن حياته؟ سؤال برسم إجابة المكونات المعطلة لعمل “هيئة التفاوض السورية”.

عنب بلدي

————————-

إعلان دستوري للسلطة الانتقاليّة (ورقة مطروحة للنقاش)/ كمال اللبواني

تشكّلت السلطة الانتقالية في سوريا تنفيذاً لقرار مجلس الأمن (السلطة المنفّذة هي سلطة انتقالية تنفيذية واحدة تغطي كافة أراضي الدولة السورية التي منحت استقلالها بقرار الأمم المتحدة عام 1947).

تلتزم هذه السلطة باحترام هوية الدولة السورية المنصوص عنها في دستور الاستقلال لعام ١٩٥٠، ومواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان، وتعمل وفق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتحترم حق المدنيين بالحماية والأمن، والعودة الطوعية لمنازلهم، واستعادة ممتلكاتهم، وبإلغاء كافة القرارات والأحكام المخالفة لذلك، وتطالب جيوش الاحتلال بالرحيل بأسرع وقت، وبتطبيق اتفاقيات جنيف المتعلقة بحالة الحرب والاحتلال، وباحترام استقلال وسيادة سوريا.

تبذل قصارى جهدها لفرض الأمن، وتفكيك الفصائل أو جمعها تحت سلطة الجيش الواحد، وفتح السجون، والكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين.

تعمل على تطبيق نظام العدالة، وفرض سيادة القانون، وتضمن عدم الإفلات من العقاب وعدم القفز فوق حقوق الضحايا، وخاصة فيما يتعلّق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتعمل أيضاً على تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية على رجالات السلطة والمعارضة.

تعيد هيكلة الجيش والأمن والقضاء بما يتناسب مع ذلك، ويطبق القضاء مؤقتاً القانون المدني السوري الحالي.

تتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنية والأهلية على ترسيخ السلم والاستقرار ومباشرة الحياة الاقتصادية، وتركز جهودها الاقتصادية على تشغيل وتأهيل البنية التحتية الأساسية، ولا تلتزم بأي مواثيق وعقود طويلة المدى تتجاوز مدة صلاحيتها.

السلطة وكافة مؤسساتها مفتوحة للتفتيش والإشراف الدولي من قبل المختصّين بالأمم المتحدة ومنظّمات حقوق الإنسان.

تقف بحزم ضدّ التطرّف والتعصّب والعنصرية، وتلتزم بمحاربة الإرهاب وكل أشكال الاحتلال والاستبداد وإمارات الحرب، وتعترف دستورياً بوجود مكونات قومية متعددة، وعلى رأسها الكرد والتركمان ، وبوجود ديانات وطوائف مختلفة.

تلتزم بالحفاظ على وحدة البلاد، وفرض سلطة الدولة، وسيادة القانون، وألا تباشر العدوان ضد أي دولة مجاورة.

تمتنع عن التوقيع على أي وثيقة ملزمة للدولة بعد انتهاء فترة حكمها، أو تفرض أي شرط على دستور سوريا القادم، الذي سيكتبه الشعب بعد عودته واستقرار حياته فوق أرضه، دون حرمان المغتربين من حقوقهم.

تسعى جاهدة لتثبيت بقاء السوريين في أرضهم، وتعمل على إعادة اللاجئين لديارهم، ومنع أي تغيير ديموغرافي، وتركز عملها على استعادة الملكيات المنهوبة لأصحابها، وتعويض المتضررين ما أمكن.

تعمل على تقديم الخدمات الأساسية، وتقبل المساعدات والهبات الإنسانية التي تساعد على إعادة الحياة للمجتمع وتدوير عجلة الاقتصاد، وتسعى تدريجياً للاعتماد على مواردها الاقتصادية الذاتية.

تضع خطة لانتخاب جمعية تأسيسية يوافق عليها الشعب، في استفتاء عام، خلال مدة أقصاها أربع سنوات.

تتعهد بتسليم صلاحياتها للسلطات المدنية المنتخبة عندما يكتمل الظرف لإنتاجها، وعندما تنتخب وفقاً للدستور الجديد، وخلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات حتماً.

ليفانت – د. كمال اللبواني

—————————

عضو في اللجنة الدستورية العامة: مسار جنيف فرصة لإبقاء العملية التفاوضية حيّة

قالت عضو اللجنة الدستورية العامة، أليس مفرج، الاثنين، إن مسار جنيف هو “الفرصة الوحيدة لإبقاء العملية التفاوضية السورية حية.”

ويلتئم اليوم شمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف بجولة اجتماعاتها الخامسة، على أن تبحث وتناقش وتتفق على المضامين الدستورية.

وقالت “مفرج”، لنورث برس، إن “تصميم الأمم المتحدة على المواظبة على اجتماعات اللجنة الدستورية، هو تأكيد لرعايتها للعملية السياسية وفق القرارات الدولية وعدم حرف بوصلتها تجاه المسارات الأخرى كـ(أستانة وسوتشي).”

وساهمت الأمم المتحدة بشكل مباشر ببرمجتها (اجتماعات اللجنة)، وأخذت إجماعاً دولياً وإقليمياً بالسير قدماً فيها، بحسب المعارضة السورية.

وأشارت إلى أن النقاط الـ12 التي تعتبر “منتجاً وحيداً” من ما يسمى “مفاوضات جنيف الثمانية” على اعتبارها أحد المحاور من ضمن حزمة متكاملة، “وليست مساراً سياسياً مستقلاً.”

وقالت “مفرج” إن “معطيات علم التفاوض في النزاعات، العمل على ما هو متاح كسوريين. حكمنا تدويل قضيتنا لهذه التوافقات، إضافة لاستثمار مسار جنيف لإبقاء العملية التفاوضية حية.”

وأشارت إلى أن “النظام السوري يعبث دوماً فيها بتعطيلها. بالتالي هي بحد ذاتها استراتيجية مقاومة في هذا الاتجاه حيث لا نمتلك القوة الضاغطة لفرض أجندتنا بحل سياسي عادل، فنحن نعمل مع المجتمع الدولي لتطوير الآليات المعمول بها.”

ودعت إلى “التمسك بها على خجل. ونستمر باستدامة الجهود لتحقيق منجز للتقدم في العملية السياسية لأنها مفتاحية من الناحية السياسية والتقنية وهي بعد من أبعاد هيئة الحكم الانتقالية.”

ولكنها “ليست بديلاً عن القضايا السياسية لأنها تُعد التجسير القانوني للمرحلة الانتقالية التي تُيسِّر عمل هيئة الحكم الانتقالي.”

وتعمل الهيئة ضمن ما يسمى البيئة الآمنة والمحايدة، “ولهذا لن تكون مجدية إذا لم تتحقق المعايير اللازمة وهو ما نفتقده في هذا الإطار.”

وأشارت “مفرج”، لوجود عدة عوامل واجبة على السوريين وهي الدعم الدولي، والوصول لتوافقات كمعارضة حول القضايا الخلافية، تؤسس للدولة الحديثة، لتحصل استقلالية القرار بعيداً عن الارتهان.”

وقالت إن “الاستقواء الخارجي الذي لم يعمل يوماً لصالحنا، يجعلنا نعمل على شمولية التمثيل الأوسع بتلازم السياسي والمدني والمحلي السوري، ولجميع المكونات السياسية المعارضة على الأرض السورية.”

وتحتاج “سيرورة عمل اللجنة”، بحسب المعارضة السورية، لأرضية بناء الثقة “لتمنحها المصداقية والاستمرارية بحل قضية المعتقلين بشكل جذري والكشف عن مصير المفقودين.”

كما تتطلب اللجنة جدولاً زمنياً تحدده الأمم المتحدة بالتزام طرفي النزاع، للوصول لمبادئ دستورية ناظمة للمرحلة الانتقالية.

وأضافت: “بعد ذلك يتم استئناف العملية السياسية بالتوازي مع عمل اللجنة للتفاوض على باقي المحاور المسماة بالسلال.”

وأشارت عضو اللجنة الدستورية العامة، إلى أن ما سبق ذكره، “يتعلق بتسويات الصراع ميدانياً بين الدول المتدخلة عسكرياً ورهاناتها على صراع النفوذ عسكرياً، وسياسياً بملفات تتجاوز القضية السورية التي استخدمت المقايضة عليها وبها، لاستمرار الكارثة الإنسانية.”

من جانبه، قال محمد السعدي عضو اللجنة الدستورية العامة لنورث برس إنه “يسود جو من التفاؤل الحذر في هذه الجولة الخامسة للجنة الدستورية من أجل الوصول لنتائج إيجابية تسهم في الحل السياسي.”

ولكن هناك “مخاوف من عدم جدية وفد النظام في عدم التعاطي بإيجابية في الجولة الخامسة كما في كل جولة، ووضع العراقيل أمام نجاحها، بحسب “السعدي”.

وأشار عضو اللجنة الدستورية إلى أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولياته كاملة تجاه “الوفد المعرقل.”

وتعمل اللجنة الدستورية المصغرة على تقديم مقترحات لصياغات دستورية يتم رفعها للجنة الموسعة لمناقشتها وإقرارها أو تعديلها وربما رفضها، بحسب “السعدي”.

ويرى أن الحل السياسي الوحيد القابل للتطبيق والاستدامة للوضع السوري الحالي “هو في تنفيذ مضمون القرار الأممي رقم 2254 لعام 2015 وبشكل كامل دون أي تأخير.”

إعداد: إحسان الخالد ـ  تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

———————–

العبدة: الانتخابات في سوريا غير شرعية وليس من حق بيدرسن التدخل بشؤوننا الداخلية

أعلن رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، أمس الأحد، عن موقفهم من الانتخابات التي يستعد الرئيس السوري بشار الأسد لإجرائها، واصفاً بأنها “غير شرعية ولا تمثل السوريين.”

وشدد “العبدة” على أنه لا علاقة لمسار اللجنة الدستورية بالانتخابات. كما دعا في الوقت نفسه المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى عدم التدخل في الأمور الداخلية لهيئة التفاوض.

وقال “العبدة” في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن “الخلاف الحاصل داخل الهيئة هو داخلي وتقني، وليست من مهام المبعوث الأممي إلى سوريا أن يتدخل.”

وأضاف “نحن في هيئة التفاوض السورية قادرون على تجاوز هذه الخلافات التقنية، ونحرز تقدماً في ذلك، وبالتالي الخلافات هي حالة صحية في المؤسسات السياسية.”

وأشار إلى أن السوريين “لم يفقدوا إمكانيات التواصل والقدرة على حلّ مشاكلهم، وهذه الخلافات التقنية لن يكون لها تأثير على عمل الهيئة في إطار اللجنة الدستورية، أو عمل لجان الهيئة، بما فيها لجنة المعتقلين.”

وشدد “العبدة”، على أن “الدستور ليس عقداً اجتماعياً يُنظِّم العلاقة بين الشعب والدولة فحسب، وإنما هو أيضاً يحفظ للناس حقّهم في المشاركة السياسية واختيار من يمثلهم.”

وأضاف: “نحن في هيئة التفاوض نؤكد أن الانتخابات التي يستعد لها النظام هي انتخابات غير شرعية، ولا تُمثّل السوريين.”

ونفى رئيس هيئة التفاوض السورية وجود علاقة بين مسار اللجنة الدستورية بالانتخابات. “واجتماعات اللجنة التي تجري هي اجتماعات متصلة بالقرار (2254)، وهي ليست خطوة أو عملية قائمة بذاتها.”

وقال “العبدة”، “نحن نبذل الجهود لتفعيل عصب القرار، وهو سلة الحكم الانتقالي، بالتزامن مع عمل اللجنة الدستورية.”

وأضاف: “الانتخابات التي نتحدث عنها نحن هي التي تكون في إطار تطبيق القرار الأممي، والتي تأتي بعد الدخول في مرحلة الحكم الانتقالي وكتابة الدستور الجديد.”

ويرى رئيس هيئة التفاوض السورية، أن عمل اللجنة الدستورية سيكون “دون جدوى، إذا لم نبدأ العمل على بقية سلال القرار (2254).”

وأقرَّ “العبدة” بجود تأثير دولي في العملية، “لكن هذا التأثير لا علاقة له بمضمون عمل اللجنة أو طبيعة الدستور الجديد الذي تسعى الوفود إلى كتابته.”

وأضاف: “لابدّ من ذكر دور روسيا في الضغط على النظام للمشاركة في جلسات اللجنة الدستورية، وهي قادرة على دفعه نحو العمل بجدية في هذا المسار.”

وقال مصدر سوري معارض (فضّل عدم الكشف عن اسمه) لنورث برس، رداً على كلام “العبدة”، إنه “من حيث المبدأ صحيح، ولكن للأسف هناك ما هو أخطر من ذلك وهو الوقاحة في إظهار التبعية الأجنبية.”

وأضاف المصدر أن “هذه المعارضة تمثل في حقيقتها غرفة عمليات استخباراتية دولية، يتبعون في النهاية للمجموعة الدولية المصغرة التي تتحكم بالقرار السوري سواء على مستوى المعارضة أو النظام.”

وتزامناً مع تصريحات “العبدة”، نشرت “هيئة التفاوض السورية- اللجنة الدستورية” التابعة لوفد المعارضة السورية، استطلاع رأي حول الانتخابات الرئاسية.

وجاء في الاستطلاع: “هل تتفق معنا بأنه لا يمكن إجراء أي استفتاء عام أو انتخابات حرة ونزيهة بإشراف الأمم المتحدة، دون التوصل لحل سياسي يؤدي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2015، وفق التراتبية التي نص عليها؟.”

وقال مأمون أبو عيسى وهو معارض سوري لنورث برس، إن “الاستطلاعات ضرورية لقياس الرأي العام والوقوف على مؤشراته.”

واعتبر أن الاستطلاعات “ضرورة ملحة لتفادي الاصطدام المباشر بالحاضنة ورفضها لتبعات القرار أو عدم تقبلها له، وبالتالي عدم تحقيق الغايات الكلية من وراء اتخاذ القرار المعني.”

والجمعة، أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن العملية السياسية لم تحقق أي شيء حتى الآن للسوريين.

وأشار إلى عدم تحقيق أي تقدم بملف المعتقلين، وأن ما تم تحقيقه في هذا الملف “مخيب للآمال”.

وشدد بيدرسن على أن اللجنة الدستورية مجرد جانب واحد وليس الجانب الوحيد الذي سيحل الأزمة السورية.

وأشار إلى أنه كان يأمل أن تفتح اللجنة الباب لعملية سياسية أوسع، لكنها لا تستطيع العمل بمعزل عن العوامل الأخرى.

إعداد: سردار حديد ـ تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

———————

“مسد” يلمح إلى دور سياسي جديد مع ثلاث منصات معارضة

ألمح “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) إلى دور سياسي جديد يعمل عليه، من خلال التواصل مع ثلاثة أطراف من المعارضة السورية، كاشفاً عن فشل دعوات الحوار التي وجهها إلى “الائتلاف الوطني السوري”.

وقال الرئيس المشترك لـ”مسد”، رياض درار، اليوم الاثنين، إن المجلس الذي يرأسه وجه عدة دعوات رسمية إلى “الائتلاف السوري” للحضور والمشاركة بالمؤتمرات السورية الداخلية، التي عقدت خلال العام الماضي، بهدف تفعيل الحوار السوري- السوري.

وأضاف درار في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط“: “وجهنا دعوات مماثلة إلى الأنشطة واللقاءات التي عقدناها في عواصم غربية، لكنهم تجاهلوا الرد، الأمر الذي دفعنا إلى التوجه لمنصات المعارضة الأخرى”.

والمنصات التي توجه إليها “مسد” هي: “منصة موسكو” و”القاهرة” و”هيئة التنسيق الوطنية”.

وأوضح درار أنه “جرت حوارات وتفاهمات، ووقعت اتفاقية مع حزب الإرادة الشعبية برئاسة قدري جميل رئيس منصة موسكو العام الماضي”، ولديهم محادثات مع منصتي “القاهرة” و”هيئة التنسيق الوطنية”.

ويأتي ما سبق في الوقت الذي تخرج فيه الخلافات الداخلية في “هيئة التفاوض السورية”، والتي تشمل عدة مكونات، على رأسها “الائتلاف”، إلى جانب منصتي القاهرة وموسكو و”هيئة التنسيق الوطنية”.

وفي وقت سابق من العام الحالي كان “مسد” قد حدد سياسته في 2021، معتبراً أنه يهدف إلى إقامة مشروع مشترك مع المعارضة السورية.

وقالت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ”مسد”، إلهام أحمد، في الرابع من كانون الثاني الحالي: “هدف الإدارة الذاتية خلال العام الحالي يتمثل في إقامة مشروع مشترك مع المعارضة، وكافة أطراف الحل في سورية”.

وتابعت أحمد حينها في تصريحات نقلها موقع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد): “من أجل جعل مناطق شمال وشرق سورية مركزاً للديمقراطية المشتركة في البلاد، بالإضافة الى إنهاء الاحتلال”.

ولم تكشف أحمد عن تفاصيل أخرى تتعلق بأسماء أطراف المعارضة السورية، التي ينوي “مسد” العمل معها لإقامة “المشروع المشترك”.

واعتبرت أحمد أن العام الحالي “سيكون مختلفاً عن الأعوام السابقة”.

ويعتبر “مجلس سوريا الديمقراطية” الذراع السياسية لـ “قسد”، التي تشكلت في تشرين الأول 2015، وهو مدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية.

وتعتبر اللامركزية الإدارية الطموح والهدف الذي يريده “مسد” ويركز عليه حالياً، بعد الرؤية التي تبناها سابقاً من النظام الفيدرالي، والذي قسم مناطق “قسد” إلى ثلاث مقاطعات.

وسبق وأن عقد “مسد” لقاءات العام الماضي مع مسؤولين روس، ودول غربية أبرزها الولايات المتحدة، كما وقع مذكرة تفاهم مع “حزب الإرادة الشعبية”، الذي يترأسه قدري جميل رئيس منصة موسكو.

ونص الاتفاق على أن “سورية الجديدة هي سورية موحدة أرضاً وشعباً، وهي دولة ديمقراطية تحقق المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وتفتخر بكل مكوناتها”.

—————————

المنسحبون من عضوية كتلة المستقلين في هيئة التفاوض السورية:

۱-الدكتور ندا الركاد

٢-بشار الحاج علي

٣-بشار سعد الدين

٤-الدكتور حسام الدين حزوري

٥-حسن جاويش

٦-حسن حاج إبراهيم

٧-حسين حمادة

٨-فاضل عفا الرفاعي

٩-الدكتور مأمون البورسان

١٠-محمود عبيد

١١-الدكتور معد محمد طايع

١٢-الدكتور بسام محمد السلامات

١٣- وهاد الحاج يحيى

١٤- عبد العزيز عجيني

١٥-جمال عسكر

———————–

الدستورية السورية تبدأ جولتها الخامسة بجنيف

تنطلق اليوم الإثنين، أعمال الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية بمدينة جنيف السويسرية، في محطات لم تحقق حتى الآن أي تقدم ملموس على صعيد تطبيق القرارات الدولية، وصياغة دستور جديد.

وتأتي أعمال اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة، ضمن إطار الحل السياسي للأزمة السورية الممتدة منذ العام 2011، ووفقا للقرار الأممي 2254 الصادر عام 2015.

وينص القرار الأممي على تشكيل حكم انتقالي، وكتابة دستور يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما قسم المفاوضات السورية إلى 4 سلال هي الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.

ويقود المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، تسيير المفاوضات بين أطراف اللجنة الدستورية، فيما قاد سلفه ستيفان دي ميستورا جولات عديدة في جنيف، وامتدت لفترات طويلة دون تحقيق أي تقدم.

* تشكيل اللجنة

واتخذ قرار تشكيل اللجنة الدستورية ضمن مخرجات مؤتمر الحوار السوري الذي انعقد في سوتشي الروسية في 30 و31 كانون ثان 2018، وبرعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران.

وبعد أكثر من عام ونصف من المشاورات، أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في 23 أيلول 2019 تشكيل اللجنة الدستورية، ضمن الجهود لإنهاء الحرب السورية الممتدة منذ 2011.

وأفاد غوتيريش، بموافقة نظام بشار الأسد ولجنة المفاوضات السورية (التابعة للمعارضة)، على “إنشاء لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة بتسيير أممي”.

وعقب ذلك عقدت في 30 أكتوبر/تشرين أول 2019 أعمال الهيئة الموسعة للجنة الدستورية المكونة من 150 عضوا بالتساوي بين 3 أطراف هي النظام والمعارضة وممثلي منظمات المجتمع المدني.

وسمّت المعارضة هادي البحرة، رئيسا مشاركا للجنة الدستورية عن المعارضة، فيما سمي النظام أحمد الكزبري، رئيسا مشاركا من طرفه.

* لجنة الصياغة

وبعد أسبوع من الاجتماعات في جنيف اتفقت الهيئة الموسعة للجنة الدستورية، على تشكيل لجنة الصياغة أو الهيئة المصغرة التي تكون الهيئة الموسعة مرجعيتها، ولجنة الصياغة مؤلفة من 45 عضوا بالتساوي بين الأطراف الثلاثة.

وخلال اجتماعات الهيئة الموسعة استمع الأعضاء لبعضهم البعض ضمن ما سمي بـ”رؤى أعضاء اللجنة الدستورية” حول شكل الدستور المقبل في البلاد، وطرحت عدة أفكار قدمت لاجتماعات اللجنة المصغرة.

وفي 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، عقدت لجنة الصياغة أولى اجتماعاتها بجنيف، من أجل تحديد جدول الأعمال وشهدت الاجتماعات خلافات وخرق لمدونة السلوك الناظمة للاجتماعات.

واختتمت الجولة في ظل خلافات على جدول الأعمال ومطالبة من المعارضة باستمرار الاجتماعات لتحقيق تقدم في كتابة مسودة دستور، في حين اكتفى النظام بأسبوع واحد.

* فشل اجتماع الجولة الثانية

ورافق الفشل اجتماعات الجولة الثانية التي انطلقت في 25 نوفمبر/تشرين ثان 2019، بسبب الإخفاق في الاتفاق على جدول الأعمال بين الأطراف السورية من النظام والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني.

وأعلنت المعارضة في هذه الجولة أنها قدمت 5 مقترحات لبدء الحديث عن المضمونات الدستورية، فيما تحدث النظام عن الركائز الأساسية، وهي موضوعات سياسية، أو الاجتماع دون أجندة أعمال وتحديدها داخل الاجتماع، وهو ما رفضته المعارضة.

ومع انتهاء هذه الجولة، قال المبعوث الأممي بيدرسون: “اختتمنا الدورة الثانية للجنة الدستورية، ولم يكن من الممكن الدعوة إلى عقد اجتماع المجموعة المصغرة، لأنه لم يكن هناك اتفاق على جدول الأعمال”.

وأضاف: “النظام الداخلي الأساسي، ينص على أن الرئيسين المشتركين سيعملان على توافق الآراء، والاتفاق على جدول الأعمال، وهذا لم يكن ممكنا”.

* إعاقة كورونا للاجتماعات

ومع انتهاء الجولة الثانية، توقفت الاجتماعات بسبب عدم توافق الأطراف على جدول الأعمال، في حين بذل المبعوث الأممي جهودا مع الدول الضامنة، والدول المعنية للدفع باتجاه التوافق على جدول الأعمال.

وخلال هذه الجهود، سيطرت جائحة كورونا على العالم أجمع، وتصدرت الأجندات العالمية، وهو ما أعاق الاجتماعات، وطرح موضوع اللجنة الدستورية إلى مكان متأخر في الاهتمام العالمي.

وأعلن النظام استعداده للمشاركة في أي جولة بجنيف، ولكن ذلك لم يمكن ممكنا بسبب الإغلاق العام في معظم دول العالم.

ورأت المعارضة أن إعلان النظام استعداده للاجتماع في ظل كورونا، أنه “تهرب” نظرا لعدم إمكانية انعقاد الاجتماع، ولم يكن ممكنا عقد جولات جديدة في العالم الافتراضي.

* الجولتين الثالثة والرابعة

وبعد توقف دام أقل من عام، عادت عجلة الاجتماع في الجولة الثالثة، وعقدت في 24 آب/ أغسطس 2020، في ظل إجراءات مشددة بسبب كورونا، ومع ذلك توقفت الاجتماعات بسبب ثبوت إصابة أعضاء بالفيروس قادمين من دمشق، لتتواصل لاحقا.

ولم تسفر أعمال الجولة الثالثة للجنة الدستورية عن تحقيق تقدم رغم الاتفاق على جدول أعمال مسبق وهو مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور.

واختتمت الجولة الثالثة مع تأكيد بيدرسون على وجود اختلافات عميقة بين الأطراف السورية في عدة قضايا، قائلا: “لم نصل لمرحة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف بسبب وجود اختلافات عميقة في وجهات النظر”.

وعقدت الجولة الرابعة في 30 نوفمبر الماضي، واختتمت أيضا دون تحقيق تقدم، وأشار بيدرسون إلى اختلاف وجهات النظر بين المشاركين خلال المباحثات، مبينا بالقول: “دعوني أذكركم أننا هنا للاستماع إلى هذه الاختلافات”.

* جولة خامسة وآمال ضعيفة

وتعقد الجولة الخامسة للجنة الدستورية اليوم الإثنين، وتستمر خمسة أيام، حيث ينتظر أن تكون أجندة الاجتماعات هي مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور.

وتنعقد الجولة في ظل ظروف دولية يبدو أنها غير مؤثرة في تغيير النتائج للأفضل وتحقيق فارق في الجولة الحالية، نظرا لانشغال العالم بجائحة كورونا والانتقال لمرحلة التطعيم، فضلا عن تولي جو بادين منصبه في الرئاسة الأمريكية حديثا، وغياب دور واشنطن في المفاوضات.

وقال الرئيس المشارك للجنة الدستورية عن المعارضة، هادي البحرة، قبل أيام للأناضول: “نوايا الأطراف كافة ستتكشف خلال مناقشة المبادئ الأساسية للدستور في الدورة الخامسة للجنة”، داعيا المجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤولياته تجاه الطرف المعيق”.

وأردف: “الدورة الخامسة ستظهر للمجتمع الدولي نوايا الأطراف كافة بخصوص عمل اللجنة الدستورية والعملية السياسية وتنفيذ القرار 2254، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه الطرف المعيق”.

واستطرد: “نأمل أن تكون الإدارة الأمريكية القادمة أكثر انخراطا في العملية السياسية، وأن تسعى للتوصل إلى تفاهمات دولية وإقليمية داعمة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن بسبل تختزل الوقت وتتجاوز المعرقلين وتوقف معاناة شعبنا، وتحقق تطلعاته التي ثار من أجلها”.

—————————–

======================

تحديث 26 كانون الثاني 2021

—————————-

في أحضان لافروف/ عمر قدور

لا جديد في النزاع ضمن الهيئة العليا للتفاوض. الانقسام موجود منذ تشكيلها وفق منطق المحاصصة من كتل محسوبة على المعارضة، ومنذ تشكيلها بناء على تفاهمات فيينا التي تضمنت تقاسم النفوذ الإقليمي على الجثة الفاسدة للمعارضة. على ذلك، الإشارة إلى تبعية أية هيئة أو منصة إلى جهة راعية، إقليمية أو دولية، لا تُعدّ مذمّة، وتقاذف اتهامات التبعية بينها لا يبرئ واحدة منها.

مُنحت الرياض الإشراف على الهيئة العليا للتفاوض، وتُرك لأنقرة الائتلاف مع ما تبقى من فصائل ومناطق تسيطر عليها. الرعاية السعودية والحسابات الروسية التقتا على ضم منصتي القاهرة وموسكو، فضلاً عن هيئة التنسيق والمستقلين، من أجل إقامة توازن مع النفوذ التركي ممثلاً بالكتلة الأكبر-كتلة الائتلاف. الخلاف السعودي-التركي كان لا بد أن يترك آثاره على هذه الشراكة الإجبارية، وأن يفسح مساحة لموسكو المتربصة بالجميع، لكن من المتوقع أن تكون إدارة ترامب قد حالت دون تفجر الخلاف.

منذ سنة على الأقل، كانت قد لاحت بوادر تفجير الهيئة العليا للتفاوض، لكن الخلافات التي ظهرت إلى العلن آنذاك جُمّدت وتُركت بلا حسم. تفاصيل الخلاف ليست هي الأهم، فالادعاءات المتعلقة بمخالفات تنظيمية أو بهيمنة الائتلاف، وعدم معالجتها في الغرف المغلقة، لهما منحى سياسي أكثر مما هو تنظيمي. لم يكن فتيل الخلاف في انتظار نار، النار موجودة أصلاً، والهدف حرق الائتلاف أو ما تيسر منه.

مع الشكوى ضد الائتلاف التي أُرسلت من قبل منصتي القاهرة وموسكو وهيئة التنسيق إلى المبعوث الأممي بيدرسون، وتجميد الرياض دعمها المالي لهيئة التفاوض، كانت أحضان وزير الخارجية الروسي لافروف جاهزة لاستقبال المحتجين. نقل المحتجون شكواهم إلى موسكو، التي تحركت لملاقاتهم بسرعة غريبة عن الدبلوماسية الروسية، وصارت في جيب لافروف ليطعن في شرعية وفد الهيئة إلى مفاوضات اللجنة الدستورية إذا تجاهل بيدرسون الشكوى.

انتشرت صورة على وسائل التواصل تجمع الذاهبين إلى موسكو بوزير خارجيتها، ولا نعلم مدى صحتها لأن الموجودين فيها لم يراعوا التباعد الجسدي ولم يضعوا الكمامات. حتى إذا كانت الصورة قديمة، يلفت الانتباه فيها تلك الابتسامات العريضة للافروف وضيوفه، وكأنه لقاء أحبة لا لقاء من يُفترض أنهم معارضون ينسبون لأنفسهم تمثيل شعب تحت الاحتلال الروسي، ودُكّت مدنه وبلداته بالطيران الروسي. بعيداً عن الصورة، من المؤكد بحسب موقع “روسيا اليوم” أن لافروف أكد “عطفاً على استقباله الوفد” استعداد بلاده لمواصلة تعزيز الحوار الشامل بين الأطراف السورية من أجل تسريع عودة الأوضاع إلى طبيعتها في سوريا. لا يحتاج أيّ منا نباهة لفهم ما تعنيه موسكو بـ”عودة الأوضاع إلى طبيعتها في سوريا”.

باستبعاد فرضية المصادفة، أتت هذه التطورات مع انتهاء ولاية ترامب، وبدء ولاية بايدن وإدارته التي تنذر بعلاقة باردة أو متوترة بأنقرة. إذاً، الفرصة باتت سانحة للانقضاض على النفوذ التركي ممثلاً بالائتلاف، ولو أتى جزء من الانقضاض عبر موسكو. لا يغيّر من هذا السلوك الكيدي أن موسكو لن تكون حتى في وضعية الحكَم المنحاز إلى جانب ممن يدّعون تمثيل المعارضة، وأنها فقط ستستغل الشقاق الجديد لمصلحتها ورؤيتها التي تنص على “عودة” الأوضاع إلى طبيعتها في سوريا، أي عودتها إلى ما قبل آذار 2011، مع إضافة قواعدها ونفوذها.

كان قد أصبح من المسلّم به أن أعمال اللجنة الدستورية غير محدودة بسقف زمني، بعد استهلاك وقت طويل في المماطلة المبارَكة روسياً، وسيكون بشار مدعوماً من موسكو ليبدأ ولاية رئاسية جديدة في الصيف المقبل. يبدو أن هذا الحد لا يكفي، لأن موسكو تريد إظهار فشل الرعاية الأممية لأية عملية سياسية، وبعد اختزال الأخيرة إلى اللجنة الدستورية ربما أتت اللحظة المناسبة لإظهار تهافت المعارضة المشاركة في مفاوضاتها وعدم أهليتها، وهذا يحتمل الصواب بمعزل عن استخدامه من قبل سفاح غروزني أو سفاح سوريا. على أية حال، لو لم يكن هناك سجل حافل من التهافت لكانت زيارة هذا الوفد إلى موسكو للتشكي كافية، إذا اعتبرنا الشكوى المرفوعة إلى بيدرسون مبررة بوصفه ميسّراً للتفاوض بين جهات “المعارضة” كما هي مهمته بينها وبين وفد الأسد!

لا نستبعد أن تكون زيارة موسكو قد أتت كهدية لأعضاء الائتلاف، فهي بمثابة وصمة للزائرين تغطي على موبقات الائتلاف، وعلى ارتهانه المطلق للنفوذ التركي. آخر ما يكترث به هؤلاء حال المعارضة ككل، أو حال من يزعمون وجودهم في الجهة المضادة للأسد، فهم منشغلون بالمؤامرات التي لا تنتهي في كواليس الائتلاف نفسه، وفي كواليس حكومته المؤقتة، ولولا الإشراف أو الضغوط التركية لظهرت إلى العلن صغائر الصراع على المناصب، إذا لم يظهر التسابق والصراع على نيل رضا صاحب النفوذ.

قدّم الائتلاف المثل الأسطع على الارتهان، بموقعه المفترض كممثل لقوى الثورة، فهو لم يمثّل قيم الثورة، ولم يسعَ ليكون إطاراً جامعاً. الأهم من ذلك أنه كان طوال سنوات غارقاً بين صغائر القسم الأعظم من أعضائه وصغره الذي وضعه في أحضان الحسابات التركية بحذافيرها. بهذا المعنى، زيارة موسكو بمثابة استئناف “في اتجاه آخر” لنهج الائتلاف، لا أكثر ولا أقل. العلّة هي في القابلية المعممة للابتذال والارتهان، ولتغليب حسابات الآخرين على مصالح السوريين، بما في ذلك مصالح الأسد الظاهرة أو المستترة وراء توجهات إقليمية أو دولية.

لماذا لا يجتمع هؤلاء، أو لماذا لا يُجمعون، في طائرة تقلّهم لملاقاة بشار؟ لا نقول “طائرة تقلّهم إلى مطار حميميم الذي تسيطر عليه موسكو”، لأن هذه الخطوة من طينة زيارة موسكو الأخيرة. ليذهب الائتلاف وخصومه إلى بشار، لعله يلاقي حلاً لخلافاتهم المستعصية، أو يزجي بها فراغه الرئاسي. على الأقل، بذهابهم ترتاح كلمات مثل “الثورة” و”المعارضة” من التنكيل الذي لا يتوقف.  

المدني

—————————

ما هي المبادئ الدستورية قيد البحث بين المعارضة السورية والنظام؟/ أمين العاصي

بدأت اليوم، الاثنين، الجولة الخامسة من جولات التفاوض حول مشروع الدستور بين المعارضة السورية والنظام في مقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، حيث من المفترض أن يبدأ الجانبان في مقاربة المبادئ الدستورية، في خطوة واسعة باتجاه صياغة دستور جديد للبلاد، يأمل المجتمع الدولي أن يكون بوابة واسعة لحلّ سياسي للقضية السورية.

وقال الرئيس المشارك للجنة الدستورية هادي البحرة، عن المعارضة السورية، إنّ اللجنة الموسّعة لجهة هيئة التفاوض السورية خرجت “بأوراق متكاملة وبعدد من الاقتراحات تم التوافق على معظمها”.

وفي تصريحات له، نُشرت على معرّفات اللجنة الدستورية على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم، أشار البحرة إلى أنّ “المبادئ الأساسية التي سيتم نقاشها، وهي بمثابة هيكل عام للدستور تبنى عليها باقي فصوله، هي حقوق المواطنة المتساوية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، فضلاً عن اللاجئين والنازحين السوريين”، وفق البحرة.

وتضم اللجنة الدستورية ممثلين عن المعارضة السورية والنظام، إضافة إلى ممثلين من المجتمع الدولي من كلا الجانبين. وتتألف اللجنة الدستورية لسورية من هيئة موسعة (هدفها إقرار الدستور) من 150 عضواً، ثلثهم من النظام وثلثهم الآخر من المعارضة، والثلث الأخير من المثقفين ومندوبي منظمات من المجتمع المدني السوري، اختارتهم الأمم المتحدة من الطرفين (النظام والمعارضة). وانبثقت من الهيئة الموسعة لجنة مصغرة (هدفها صياغة الدستور) من 45 عضواً بواقع 15 عن كل مجموعة، تتخذ قراراتها بموافقة 75% من أعضائها، وبرئاسة مشتركة من النظام والمعارضة.

وطيلة 4 جولات عقدت، لم يستطع الجانبان التوصل إلى نتائج يمكن البناء عليها لكتابة دستور للبلاد، حيث رفض وفد النظام الدخول بنقاش حول المبادئ الدستورية، محاولاً حرف اللجنة عن مسارها، من خلال الإصرار على الاتفاق على ما يسمّيه بـ”المبادئ الوطنية”، في سعي واضح لإضاعة الوقت وصولاً إلى منتصف العام، حيث ينوي النظام تنظيم انتخابات رئاسية وفق دستور عام 2012 لضمان بقاء بشار الأسد في السلطة لسبع سنوات مقبلة، وهو ما ترفضه المعارضة السورية بالمطلق.

وأوضح سليمان القرفان، وهو نقيب المحامين الأحرار في محافظة درعا وعضو اللجنة الدستورية، في حديث مع “العربي الجديد”، أن أهم المبادئ الدستورية المتوافق عليها من قبل المعارضة السورية “التداول السلمي للسلطة، وفصل السلطات بشكل حقيقي”، مضيفاً أنه لا يمكن الحديث عن فصل سلطات بظل تخويل الدستور للرئيس سلطة التشريع وسنّ المراسيم والقوانين بعيداً عن السلطة التشريعية.

وأشار إلى أنه من ضمن المبادئ “إصلاح السلطة القضائية، المحكمة الدستورية، واللامركزية، والعدالة الانتقالية، والتي تهدف إلى الاعتراف بما اقتُرف من انتهاكات لحقوق الإنسان ودمج معاناة الضحايا ضمن الذاكرة الوطنية”.

كما تهدف العدالة الانتقالية إلى “تحقيق المصالحة بين المواطنين ومؤسساتهم، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، وترسيخ ثقافة المسؤولية الجنائية لدى الدولة ومؤسساتها، وتحديد المسؤوليات، والتأكد من عدم تكرار الانتهاكات، وجبر الضرر، وإعادة الثقة للضحايا في الدولة والمجتمع وفي قدرتهما على حمايتهم، والعمل على تعويض كل السوريين، وخصوصاً ذوي المعتقلين والمهجرين قسراً والمغيبين والمخفيين”.

وبيّن أنه من ضمن المبادئ “إعلاء مبدأ المواطنة وحظر التمييز، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة وسيادة القانون، وتحترم التعددية، وتكفل الحرية والعدل والمساواة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين دون أي تمييز أو تفرقة”. ومن جملة المبادئ “السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، يمارسها من خلال الانتخابات النزيهة، تحت الإشراف القضائي، ووفقاً لنظام انتخابي يضمن عدالة التمثيل للمواطنين دون أي تمييز أو إقصاء”، وفق القرفان.

وأضاف: “النظام السياسي للدولة جمهوري ديمقراطي يقوم على التوازن بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، وتعدد الأحزاب السياسية وإنشائها بالإخطار، شريطة ألا تكون عضويتها على أساس ديني أو جغرافي أو عرقي أو طائفي أو فئوي أو أي مرجعية تتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الإعلان”.

كما تؤكد المبادئ الدستورية أنّ “سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، والكرامة الإنسانية حق أصيل لكل إنسان، وحظر التمييز، وتكفل الدولة حرية العقيدة، وتضمن حرية ممارسة العبادات والشعائر الدينية، وتحمي دور العبادة”، إضافة إلى أن “حرية التعبير مصانة في الدستور السوري، كما يحق للمرأة منح جنسيتها لأبنائها”، وفق القرفان.

وفي السياق ذاته، يوضح محمد خالد الشاكر، وهو معارض سوري وأستاذ في القانون الدولي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الاتفاق على المبادئ العامة “يشكل الخطوة الأولى من مراحل بناء الدستور، سواء مناقشته أو إصلاحه أو كتابته”، مضيفاً: “وكل ما عدا ذلك هو ابتعاد عن الأساس القانوني لعمل اللجنة الدستورية”.

ومضى بالقول: “تشكل المبادئ العامة الفيصل بين أطراف التسوية السياسية، والاتفاق على المبادئ العامة لدستور جديد يتضمن القواعد التي يتأسس عليها بناء دولة طبيعية، وبالتالي كتابة أو إصلاح أو مناقشة الدستور، بما يضمن الوصول إلى سلام مستدام، يحول دون وقوع الأجيال القادمة في هزة عنيفة أخرى”.

وبيّن الشاكر أن “فكرة المبادئ العامة للدستور تبدأ من إقرار الحقوق الطبيعية، وهي التي يتضمنها الدستور وتعطى للفرد كونه إنساناً وتولد معه، كتلك المتعلقة بحق الحياة، والحق في الحرية، وحق المساواة، وحق الكرامة، وحق التملك، والحق في الإجراءات القانونية المنصفة وغير ذلك”.

وبحسب الشاكر “تضمن المبادئ العامة فكرة الحقوق الطبيعية، كحقوق ما فوق العقد الاجتماعي وما قبل الدولة، وغير منشأة من قبل السلطة، وبالتالي لا يحق لأي سلطة المسّ بها أو حرمان الفرد منها، كونها غير ممنوحة من السلطة وقبل السلطة ذاتها”.

وأوضح أن الحقوق الطبيعية “ترتبط بفكرة الحق الدستوري المكتسب، أي عدم خضوعها لخاصية التغيير لأنها تتعلق بحقوق الإنسان”، مضيفاً: “وبالتالي فواجب الدولة أن تحترمها وتحميها كشرط للديمقراطية”. وتابع بالقول: “الحقوق الطبيعية هي المبادئ فوق الدستورية، التي يخلط الكثيرون بينها وبين المبادئ العامة الأساسية التي يتضمنها متن الدستور، وتكون قابلة للتصرف والتبديل، ومرهونة بتغير وتبدل النظام العام والفلسفة السياسية في الدولة”.

من جانبه، أشار رئيس “تجمع المحامين الأحرار السوريين” غزوان قرنفل، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن المبادئ الدستورية “تتضمن وحدة الجغرافيا السورية، ومبدأ فصل السلطات، وهو من المبادئ المهمة، وخصوصاً أن الدستور الذي وضعه النظام في عام 2012 لا يتضمن هذا المبدأ الذي يُعدّ أساسياً لتعزيز التحول الديمقراطي”، وفق قرنفل.

إلى ذلك، من المرجح أن تنشأ خلافات بين وفدي المعارضة والنظام حول هذه المبادئ التي تشكل الأساس الذي يُبنى عليه الدستور، وخصوصاً أن النظام لا يزال يصرّ على أن مهمة اللجنة “تعديل بعض المواد في دستور عام 2012 وليس كتابة دستور جديد”، بينما تصرّ المعارضة على نسف دستور النظام الذي ترى أنه فُصّل على مقاس بشار الأسد، ومنح منصب الرئيس صلاحيات مطلقة.

العربي الجديد

————————-

النظام السوري يرفض مقترحين حول منهجية سير الجولة الدستورية/ صبحي فرنجية

لم تكن بداية الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، اليوم الاثنين، سهلة وإيجابية، وهي الجولة التي تراها المعارضة السورية “حاسمة” و”جوهرية” و”تكشف النوايا”.

 وبحسب مصادر “العربي الجديد” في جنيف، فإن الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام أحمد الكزبري رفض، أمس ليلاً واليوم صباحًا، مقترحين حول منهجية عمل الجولة وآلية بحث جدول الأعمال “المبادئ الأساسية للدستور”، و”طلب أن يتم التوافق على المنهجية خلال اجتماع الأعضاء الـ(45)، وهو أمر قد يُضيع عدّة جلسات دون جدوى وعمل جدي وفق الأجندة”.

وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون “حاول إيجاد مقترح وسط بين الطرفين، أي بين طلب الكزبري ومُقترح وفد المعارضة السورية، الذي يتضمن أن يُقدم كل طرف مقترحات للمبادئ الدستورية، ثم تناقش من قبل الحضور جميعًا للوصول إلى صياغة توافقية”، في حين تضمن مقترح بيدرسون “أن تُدرس كل ورقة يُقدمها أحد الوفود قبل أن يتم طرح الورقة التي تليها. إلا أن النظام رفض مقترح بيدرسون أيضًا، ولم يُقدم أي مقترح لطريقة عمل الجلسات”.

وعلى الرغم من أن وفد المعارضة السورية رفض مقترح الكزبري، إلا أن الجلسات بدأت، ووفق أعضاء في اللجنة الدستورية، فإن وفد النظام أمضى مداخلاته بالحديث عن “خطورة الاحتلالات” و”خروج القوى الأجنبية من سورية”، كما تحدّث عن “ضرورة رفع العقوبات أحادية الجانب عن سورية”، واعتبر أن “على الوفود استطلاع رؤى بعضها البعض حول الدستور، قبل الدخول في دراسة المقترحات الخاصة بالصياغة”، كما  أضاف أنه “تقريبًا ضاعت الجلسة الثانية في الحديث عن العموميات ذاتها، وسط مقاطعات من قبل وفد النظام لغالبية مداخلات أعضاء المعارضة ووفد المجتمع المدني المعارض”، حسب المصادر ذاتها.

وذكرت المصادر أن الساعات الأولى من الاجتماعات عكست جانبين، الأول نية وفد النظام التلاعب بالوقت، من دون أن يُعطّل أو يُغيّر جدول أعمال الجولة، بحيث تُمضي الوفود الجلسات في نقاشات حول الرؤى، والتصورات، من دون أن يكون هناك مخرجات منها، وذلك في إطار “استطلاع الرؤى” التي منها يمكن البناء على “مقترحات الصياغة”، وهو أمر قد يمتد حتى نهاية الجولة الحالية أو ما بعدها.

أما الجانب الثاني، فهو أن الأمم المتحدة لم تعمل على إنجاز الاتفاق على المنهجية قبل الجولة، خصوصًا أن الأمم المتحدة تعلم تمامًا أهمية هذه الجولة، وكان من المفترض أن يعمل المبعوث الأممي على إنجاز هذا الملف في الفترة ما بين نهاية الجولة الماضية وبداية الجولة الحالية.

هاجسان للنظام

حول ذلك يقول الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض وعضو اللجنة الدستورية الموسّعة يحيى العريضي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “هاجس النظام هو تمرير أمرين، الأول هو حاجة ملحّة بالنسبة له وهي الانتخابات، والأمر الثاني والذي له صفة استراتيجية، ويتمثل بالظهور أمام العالم أنه ملتزم بعملية السلام”، وعدّ العريضي أن الأمر الثاني له “تبعات يبني عليها النظام أمورا كبيرة، منها إيصال أنه ملتزم بالعملية، فلماذا العقوبات إذًا، وأيضًا هو بهذا يُرضي الروس”.

وتابع في هذا السياق “لذلك هو أمر طبيعي أن يكون مسلك بداية الجولة بهذا الشكل، اختلاف على المنهجية المتفق عليها، وبذلك يرفع النظام وتيرة التوتر المطلوبة، ورمي الكرة في ملعب الأطراف الأخرى وجعلها مسؤولة عما سيحدث”، وتابع “في المقابل، وفد الهيئة متحضّر تمامًا، وأوراقه ومقترحاته جاهزة، ونظّم مشاركاته وطبيعتها”.

هادي البحرة/اللجنة الدستورية/المكتب الإعلامي للجنة

إرضاء شغف روسيا

من جهته، لا يأمل مدير المكتب الإعلامي للهيئة وعضو اللجنة الدستورية الموسّعة وعضو هيئة التفاوض إبراهيم جباوي أن تحقق الجولة إنجازات، وقال في حديثه لـ”العربي الجديد” إن النظام “جاء صاغرًا ومُجبرًا و لإرضاء شغف روسيا، للقول أمام العالم إنهم أتو إلى الجلسة، لكن وفد النظام أتى إلى جنيف ليس بجعبته شيء وليس مخولًا بحث أي بند دستوري إطلاقًا”.

وأكد جباوي أن “هذه الجلسة، المُتفق على جدولها، عملها واضح، هو بحث مبادئ الدستوري، لكن النظام جاء لإفراغ الجولة من مضمونها، لم ولن تُفضي هذه الجولة عن أي نتائج تُرجى”، وشدّد على أنه “في حال لم يُمارس على روسيا ضغط أولاً قبل النظام، ومن ثم روسيا تضغط على النظام، أو يُصاغ ضغط دولي على النظام، فإن النظام لن يُصغي إلى جدول الأعمال”.

وتابع أن وفد المعارضة “ذهب إلى جنيف وفي جعبته أوراق كاملة متكاملة مدروسة على أعلى المستويات، لطرحها كمواد دستورية قابلة للنقاش، وعلى أمل أن يُحققوا شيئا، إلا أن وفد النظام يسير على عكس ذلك تمامًا”، وعدّ أن “كل المبعوثين الأمميين، ابتداءً من الدابي وانتهاءً ببيدرسون، هم متحيزون للنظام، وخاصة دي ميستورا الذي أفرغ القرار 2254 من مضمونه وحوّله إلى سلال أربعة، وبعد ذلك بدأ بسلة الدستور متجاوزًا سلة هيئة الحكم الانتقالي”.

وأضاف أن “دور الأمم المتحدة سلبي للغاية، وكان يجب أن يكون دورها وسيطاً لتقريب وجهات النظر الخلافية بين الطرفين، ولاحظنا أن إحاطات بيدرسون مؤخرًا خالية من أي إشارة إلى أن النظام ليس جديًا أو أنه يتحمل مسؤولية التعطيل الحاصل”.

وكان أعضاء وفد المعارضة للجنة الدستورية المُصغّرة عقَدوا اجتماعًا أمس مساء، في مقر الأمم المتحدة، ركّزوا فيه “على مراجعة خطة عملهم لهذا الأسبوع وفقا لجدول الأعمال، لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور وفقا لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحتها الداخلية”، بحسب بيان صحافي وزّعه الوفد على الإعلاميين صباح اليوم، ووصلت إلى “العربي الجديد” نسخة منه.

ووفق البيان، فإن الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة أجرى، برفقة عدد من وفد المعارضة، لقاءً مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، ركّز فيه البحرة على “ضرورة تسريع عملية الإصلاح الدستوري للوصول إلى صياغة دستور جديد لسورية”، وأن “السبيل الوحيد لوضع حد لمعاناة وآلام أهلنا، وأولها إطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المغيبين، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للنازحين واللاجئين، ولتحقيق تطلعات شعبنا بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية، ودولة المواطنة المتساوية، لا يكون إلا بإنجاز حل سياسي عادل من خلال التطبيق الكامل للقرارين الأممين 2254 (لعام 2015) و2118 لعام (2013)”.

العربي الجديد

————————

رئيس وفد النظام السوري يتهرّب من الدخول في صلب عملية صياغة الدستور/ هبة محمد

انطلقت الدورة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، بحضور الهيئة المصغرة الموكلة إليها مهمة صياغة الدستور، والمكونة من 45 عضواً، بواقع 15 عضواً من كل من النظام والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني، حيث ترأس الجلسة مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، وتولى إدارة الجلسات الرئيسان المشاركان، عن النظام أحمد الكزبري، وعن المعارضة هادي البحرة.

وفي ظل تفشي فيروس كورونا، انعقدت الجلسة بعيدا عن عدسات الصحافيين، باستثناء مصور ومراسل الأمم المتحدة، حسب وكالة الأناضول.

ويتمحور جدول الأعمال الرئيسي لاجتماعات الجولة الخامسة حول “المبادئ الأساسية للدستور”. ومن المتوقع اختتام اجتماعات اللجنة الدستورية السورية يوم الجمعة المقبل.

وستناقش الجولة الهيكل العام للدستور الذي سيبنى عليه باقي فصوله، ومجموعة المبادئ الأساسية، وعلى رأسها حقوق المواطنة المتساوية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، فضلاً عن اللاجئين والنازحين السوريين.

وأكد المبعوث الأممي غير بيدرسون مع انطلاق الجلسة الأولى، على ضرورة الانتقال من الإعداد للإصلاح الدستوري إلى البدء بصياغة هذا الإصلاح.

ووفقاً لمصادر “القدس العربي”، فإن بيدرسون طلب مقترحات تصب في إطار تطوير آليات الحوار من أجل جولة أكثر فعالية وتنظيماً، ولكن الرئيسين المشتركين لم يصلا إلى توافق في هذا المجال وسمحا له بالتقدم بمقترحاته، إلا أن “هذه المقترحات لم تلق قبولاً من قبل الرئيس المشترك من طرف وفد النظام”.

وفي سياق سياسته الرامية إلى تعطيل المفاوضات، ومنعاً للخوض في تفاصيل مواد الدستور التي يُخشى أن تحد من سلطة رئيس النظام وأجهزته الأمنية وفترة ولايته، تحدث وفد النظام خلال الجلسة الأولى عن السيادة الوطنية وربطها بمحددات داخلية وخارجية، كما ألصق الأخيرة على وجه التحديد “باستقلالية القرار الوطني ورفض الاحتلال والضغوطات الخارجية”.

المعارض السياسي درويش خليفة اعتبر أن المسار الدستوري حتى اللحظة غير مرضٍ لشريحة كبيرة من السوريين المناهضين للنظام. وبرأي خليفة فإن النظام السوري حقق ما يريده من اللجنة من خلال مماطلته واستنفاده للوقت والوصول لعام 2021 “ونحن في نهاية الشهر الأول منه والآن الروس ينتظرون من النظام اسم مرشح البعث ضمن (مسرحية هزلية روسية) يوم 25 كانون الثاني/يناير، أي في اليوم الذي ستعقد فيه جلستكم الخامسة”.

القدس العربي”،

———————–

الجولة الخامسة للجنة صياغة الدستور السورية المنعقدة اليوم: الخلافات واحتمالات الحلّ/ فؤاد عزام

تنطلق اليوم، الإثنين، في جنيف الجولة الخامسة من اجتماعات لجنة صياغة الدستور المصغرة في ظل عدم وجود مؤشراتٍ على إمكانية إحراز تقدمٍ في رسم الخطوط العريضة للدستور الجديد، وإقامة انتخاباتٍ حرّةٍ ونزيهةٍ بموجب القرار 2254 بعد عامٍ على بدء الجولة الأولى.

ويرفض نظام الأسد بدعم من روسيا ربط عمل لجنة صياغة الدستور بالانتخابات الرئاسية المقرّرة وفق الدستور الحالي في شهر مايو/أيار المقبل، والتي يقول بشأنها إنَّ اللجنة ستستمر ربَّما لسنواتٍ، ما يعني عدم رغبته بالانتهاء من صياغة دستورٍ جديد قبل الانتخابات، وبالتالي ترجيح إعادة انتخاب بشار الأسد لسبع سنوات قادمة، وفرض حالة مستعصية على الحلّ السياسي.

وخلال أربعِ جولات عُقدت على مدى نحو عامٍ، لم تتمكن لجنة صياغة الدستور من التوصل سوى إلى جدول أعمالٍ تحت عنوان “المبادئ الأساسية للدستور”، بحسب ما أعلنه المبعوث الأممي غير بيدرسون في اختتام الجولة الرابعة التي انتهت في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، بحيث سيتم البدء بمناقشتها خلال الجولة الخامسة، في حين أشار في إحاطته أمام مجلس الأمن في 20 من الشهر الحالي إلى أنّ الانتخابات الحرة والنزيهة التي تجري وفق دستورٍ جديد تحت إشراف الأمم المتحدة، والمنصوص عليها في القرار 2254، تبدو بعيدةً في المستقبل.

روسيا تدخل على خط الخلافات في هيئة التفاوض

وألقت الخلافات داخل هيئة التفاوض بظلالها على تحضيرات وفد المعارضة في لجنة صياغة الدستور للجولة القادمة، بعدما وجهت منصتا موسكو والقاهرة، بالإضافة إلى هيئة التنسيق الوطني، رسالة في 13 يناير/كانون الثاني 2021، إلى كلّ من بيدرسون، ووزارتي الخارجية في مصر والسعودية، تبلغهم فيها رفض قرار هيئة التفاوض استبدال ممثلي منصة القاهرة وموسكو في الهيئة واللجنة الدستورية، كما عرضت ما قالت الرسالة إنّها مخالفات داخل هيئة التفاوض سببها كتلة “الائتلاف الوطني”، في حين سارعت موسكو للدخول على خط الخلافات، إذ التقى وزير خارجيتها سيرغي لافروف بممثلين عن منصتي موسكو والقاهرة في موسكو، الخميس الماضي، في إشارةٍ ذات دلالة إلى دعم موقف المنصتين .

ويرى محمد ياسين نجار، السياسي والوزير السابق في الحكومة السورية الموقتة، أنّ الجولة الخامسة أمام سؤالٍ كبيرٍ، وهو هل ستكون جولة أخيرة كسابقاتها من جولات جنيف في ظلّ مستجداتٍ كبيرة يأتي على رأسها ملف هيئة التفاوض مع ما يعنيه ذلك من إشكالات عميقة طفت على السطح أخيراً؟

ويقول نجار لـ”العربي الجديد”، إنّ تلك التطورات تجعل وفد المعارضة الممثل لها في اللجنة الدستورية غير فاعلٍ، ولا سيما أنَّ النظام يستخدم عامل الاستنزاف الزمني لتنفيذ خطته بإجراء الانتخابات الشكلية، ما يجعله سلطة أمرٍ واقعٍ لمرحلة جديدة، إضافة إلى التقارب الواضح بين منصة موسكو و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) لترتيب آلية تحالفية بينهما، تناسب المرحلة القادمة مع مجيء إدارةٍ أميركيةٍ جديدة.

ومن جهته، استبعد أمين عام “المجلس السوري للتغيير” (معارضة) المحامي حسان الأسود أن تتمكن لجنة صياغة الدستور من إنجاز الدستور كاملاً قبل موعد الانتخابات الرئاسية القادمة، قائلاً لـ”العربي الجديد”: “إنَّ حالة المماطلة والتسويف التي طبعت تعامل وفد النظام ونهجه خلال الجولات السابقة للجنة الدستورية، قد تستمر حتّى موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل، ومن الممكن أنْ تتأثّر بالضغوطات الدولية قليلاً، فتحقق العملية بعض التقدم الذي لا يؤثر على إجراء الانتخابات.

وأضاف الأسود: “نظام الأسد يضغط باتجاه إجراء الانتخابات خارج الأطر المحدّدة بموجب القرارات الدولية، ليثبّت أمراً واقعاً عمره سبعة أعوام قادمة، لكنّ الوقائع السياسية غير الوقائع الميدانية الحربية، لا تأخذ شرعيتها من ذاتها، بل من اعتراف الدول بها. بالمقابل تضغط قوى الثورة الشعبية والمجتمع المدني السوري لمنع إجراء هذه الانتخابات، أو على الأقل تعزيز عدم قبول الدول بها، وبنتائجها إذا تمّت بالفعل، وقد بدأت قوى عديدة، في مقدمتها المجلس السوري للتغيير، حملة وطنية لهذه الغاية تحت شعار (لا شرعية للأسد وانتخاباته)”.

نظام الأسد يصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها

ويصرّ نظام الأسد على إجراء الانتخابات الرئاسية، حيث أكدّ مسؤولوه غير مرةٍ أنّها ستجري في الموعد المحدد، وإذا نجح النظام في ذلك، فإنّ الحديث عن اللجنة الدستورية التي يسميها لجنة مناقشة الدستور سيكون خارج سياق تطورات القضية السورية، بل إنَّ مصداقية الأمم المتحدة أيضاً ستنتهي بسبب عجزها عن إيجاد صيغة للحلّ السياسي في سورية.

ولم يُعلن بشار الأسد بعد ترشحه للانتخابات الرئاسية التي أكدّ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أنّها ستجري في موعدها، إلّا أنّ الخطوات التمهيدية للتحضير لها على المستويين المحلي والدولي يبدو أنّها بدأت، مع تكثيف بشار الأسد وزوجته وأولادهما حضورهم الإعلامي الاستعراضي، وإعلان وسائل إعلام النظام قرب إقامة فعاليات وصفتها بالشعبية، والترويج لانفراجاتٍ قادمة في الوضع المعيشي، وإطلاق سراح عددٍ من المعتقلين تمّ اعتقال بعضهم أخيراً كبديلٍ لعفوٍ عام يرفض النظام إصداره، إضافة إلى توجيهه رسائل للداخل والخارج باستئناف محاربته لتنظيم “داعش”.

وقبل أيامٍ، تحدثت صحيفة “الثورة” التابعة للنظام عبر موقعها على الإنترنت، عمّا سمته بـ”توجه شعبي” لدعم بشار الأسد، مع اقتراب موعد استحقاق الانتخابات الرئاسية، ويتضمن انطلاقة قريبة لفعاليةٍ بعنوان “أطول رسالة حبّ ووفاءٍ في العالم إلى رجل السلام الأول السيد الرئيس بشار الأسد”، وهي عبارة عن رول قماشي بطول 2000 متر على عربة ترافقها 14 فتاة رياضية مدربة على هذا العمل من جميع المحافظات السورية، ستنطلق من دمشق مروراً بجميع المحافظات والعودة إلى دمشق لتسليم الرسالة إلى بشار الأسد، حيث ستحمل تواقيع مليونين ونصف مليون مواطن سوري في المحافظات، وسيتم العمل على دخول الفعالية موسوعة “غينيس”، بحسب تعبير الصحيفة.

روسيا تتماهى مع النظام

وتتماهى روسيا مع موقف النظام بالنسبة للانتخابات، إذ صرّح نائب وزير خارجيتها سيرغي فيرشينين قبل أيام، بأنّ دعوات بعض الدول لعدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية تقوّض الأداء المستقر للمؤسسات الرسمية في سورية، في حين كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن من دمشق في سبتمبر/أيلول الماضي أن موضوع الانتخابات الرئاسية قرار سيادي لسورية ولا جدول زمنياً لعمل اللجنة الدستورية.

وتقول مصادر صحافية عربية في العاصمة الروسية لـ”العربي الجديد”، إنّ تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي تندرج في إطار الردّ على تصريحاتٍ أميركية بعدم الاعتراف بالانتخابات، ورسائل إلى الغرب بأنّها تريد مناقشة الموضوع مع الجانب الأميركي، الذي يبدو حتى الآن متوافقاً مع الأوروبيين بالتأكيد على بيان جنيف والقرار الدولي 2254.

وتضيف المصادر أنّ روسيا تعمل على تثبيت نظام الأسد، وتريد أن تقول للغرب الرافض لشرعية الانتخابات إنّ ما نجحت به عسكرياً تقوم باستثماره سياسياً، وأنّ الضغوط الغربية لن تغير مواقفها، ولا سيما بعدما فشلت في انتزاع موافقة أوروبية بخصوص إعادة اللاجئين، وفي توسيع الانفتاح العربي مع النظام مع تأكيد القمة الخليجية الأخيرة التمسك ببيان جنيف 1 المتضمن تشكيل هيئة حكم انتقالي، وبالقرار 2254، إضافة إلى فشلها في تحقيق تسوية في شرق الفرات.

أشهر حاسمة 

وضمن هذه المعطيات، من غير المتوقع إحراز حلحلة في ملفات القضية السورية، بل المزيد من “تعفين” الوضع السياسي، وخدمة ما هو قائم على الأرض، بل وإدخال من تبقى من معارضة بتفاصيل لا قيمة لها، ولا تأثير لها على الأرض، كما يقول المحلل السياسي غسان المفلح لـ”العربي الجديد”.

ويضيف المفلح: “ثمة قضية لا بدَّ من تأكيدها، وهي أنّ أميركا لا تحلّ القضايا المعنية بها عبر منصات الأمم المتحدة والقانون الدولي، وهذا ينطبق على علاقتها بملفات القضية السورية، وبالتالي لا حلّ في سورية عبر أروقة الأمم المتحدة، والولايات المتحدة بايدن متجهةً نحو مزيد من تزمين الوضع القائم.. مع الأخذ بالحسبان صفقة قادمة مع إيران”.

وتبقى الأشهر القليلة القادمة حاسمةً بالنسبة للقضية السورية، وتتأرجح بين انتهاء اللجنة الدستورية من صياغة الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، وبين هذه الانتخابات، في حين بدت النهايات الميدانية واضحة ومجمّدة على حالها منذ نحو عامٍ، حيث تسيطر فصائل المعارضة على مناطق في شمال غرب سورية، بينما تسيطر قوات سورية الديمقراطية على شمال شرق سورية، في حين يسيطر النظام السوري على ما تبقى من البلاد، وهي المساحات الأوسع.

وعلى ضوء ذلك، فإنّ الكلمة الفصل تبقى لتفاهم القوى الكبرى على فرض حلّ سياسي وضعه المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جويل رايبورن الأسبوع الحالي برسالة وداعه لمنصبه أمام الإدارة الأميركية الجديدة، بالقول: “لا خيار أمام الأسد سوى الجلوس إلى طاولة المفاوضات،  والقبول بالحلّ السياسي”.

العربي الجديد

—————————–

اللجنة الدستورية السورية: موعد جديد مع مضيعة الوقت/ عماد كركص

يُنظر إلى الجولة الخامسة للجنة الدستورية السورية، التي تنطلق أعمالها اليوم الإثنين في جنيف، على أنها ستكون نقطة تحول هامة في مسيرة اللجنة التي كان بدأت أعمالها قبل أكثر من عام. إذ من المقرر أن تبدأ الوفود الثلاثة المشكلة للجنة الدستورية؛ النظام والمعارضة والمجتمع المدني، بمناقشة المضامين الدستورية، بعد أن ماطل وفد النظام طوال الجولات الأربع الماضية، عبر عرقلة أعمال اللجنة بفرض أجندات بعيدة عن مهامها وتفويضها؛ تارة من خلال طرح مسألة الثوابت والركائز الوطنية، وتارة أخرى بزج تحديد الهوية الوطنية ضمن النقاشات، على أساس أنها منطلق لإعداد الدستور. وفي حال استمر النظام بهذه السياسة في الجولة الحالية، فستكون اللجنة برمتها مهددة لناحية إكمال عملها، لا سيما مع تلويح رئيس الهيئة العليا للتفاوض المعارضة، أنس العبدة، بمراجعة المعارضة لإمكانية استمرارها في هذا المسار.

وتنعقد الجولة الحالية في ظلّ خلافات تعصف بهيئة التفاوض، التي ينبثق عنها وفد المعارضة للجنة الدستورية، وهي خلافات حادة بين مكوناتها؛ منصتي القاهرة وموسكو الحليفتين لروسيا ومعهما هيئة التنسيق الوطنية من جهة، وجناح الائتلاف والمقربون منه من جهة أخرى، لا سيما بعد أن اعتمدت هيئة التفاوض اقتراح منسق منصة القاهرة فراس الخالدي، باستبدال ممثل المنصة داخل الهيئة، وهو ممثل مشترك لمنصتي القاهرة وموسكو في وفد اللجنة الدستورية، بممثلين آخرين لكل من الهيئة ووفد اللجنة. في حين تعترض منصة موسكو على قرار استبعاد ممثلها مهند دليقان من هيئة التفاوض ووفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية، الأمر الذي نتج عنه تحالف منصتي موسكو والقاهرة مع هيئة التنسيق الوطنية، وقد وجّهت هذه الأطراف رسالة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن أخيراً، لمطالبته بالتدخل لتحقيق التوافق بين مكونات الهيئة، لافتةً إلى وجود أطراف معطلة داخلها، مع الاعتراض على عدم قبول استبدال أسماء داخل هيئة التفاوض واللجنة الدستورية.

ولكل من منصتي القاهرة وموسكو ممثل ونصف داخل القائمة المصغرة لوفد المعارضة للجنة الدستورية، المكونة من 15 عضواً، إذ يمثل منصة القاهرة جمال سليمان، في حين يمثل منصة موسكو مهند دليقان قبل قرار فصله من قبل هيئة التفاوض. واتفقت المنصتان على ممثل مشترك لاستكمال حصتيهما بالتوافق على قاسم الخطيب، الذي جرى استبداله من قبل منسق منصة القاهرة فراس الخالدي، ما جعل الخلاف حاضراً بين الخالدي وسليمان الذي يعدّ من أهم مؤسسي المنصة.

وسيغيب عن هذه الجولة جمال سليمان، بالإضافة لممثل منصة موسكو، بعد رفض الأخيرة استبدال مهند دليقان، واحتجاج المنصتين على قرار الفصل والاستبدال. غير أنّ وفد المعارضة وصل إلى جنيف مع تحضير جيّد، بحسب أعضاء الوفد، لمناقشة مضامين الدستور، ومنع أي مماطلة ضمن الجولة الحالية، بعد أن جعل وفد النظام هذا الأسلوب عنواناً للجولات الأربع الماضية.

وفي السياق، أشار الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة، هادي البحرة، إلى أنّ “جدول الأعمال محدد بشكل لا يسمح بالمماطلة لأي طرف من الأطراف، ونحاول أن نتفق على وضع منهجية للنقاشات لتؤدي إلى نتائج، ولذلك حيز المناورة سيكون ضيقاً جداً ومن يتبع هذا الأسلوب فسيكون مكشوفاً لميسّر الاجتماع وفريق عمله”. وأضاف البحرة في تصريح لـ”العربي الجديد”: “نحن هنا لننجز، كي نساهم باختزال الزمن اللازم لإنجاز مهمتنا المحددة بوضوح، فمن يحلم ويسع لإنهاء آلام شعبه ومعاناته، يكن حريصاً على العمل المتواصل لإنجاز مهمة اللجنة”.

وبشأن الانتخابات الرئاسية في سورية التي لم يتبق لموعدها سوى أقل من خمسة أشهر، ومدى إمكانية لجوء المعارضة لطلب تحديد جدول زمني لإنجاز الدستور قبل موعد الانتخابات، وفي حال لم تنجز المهمة قبل ذلك وجرت الانتخابات، كيف ستكون خيارات المعارضة؟ قال البحرة باستغراب: “وكأنه إن حدثت تلك الانتخابات اللاشرعية سيكون لها أي قيمة أو ستكون وكأنها فترة رئاسة إلزامية”. وتابع: “إن أجريت تلك الانتخابات خلال هذا العام، فستكون دليلا واضحا على مخالفة النظام لقراري مجلس الأمن 2254 (تم تبنيه في ديسمبر/كانون الأول 2015 ويتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية) و2118 (الصادر في سبتمبر/أيلول عام 2013 بشأن القضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية في سورية)، ولن تعترف بها وبنتائجها إلا قلة من الدول الداعمة للنظام، وهي ستؤدي إلى تعميق معاناة الشعب السوري وإطالة فترة مأساته، وستكون سبباً لمزيد من العقوبات، كما سترسخ الإرادة الدولية في عدم السماح بإعادة تدوير النظام دبلوماسياً وسياسياً”.

وأضاف البحرة: “لقد سبق للنظام أن فصّل دستوراً على مقاسه في العام 2012، وقام بانتخابات رئاسية في العام 2014، وانتخابات برلمانية منذ أشهر، هل اعترفت بشرعيتها الغالبية من المجتمع الدولي؟ هل ساهمت بتحقيق حل لسورية؟ هل أنهت العقوبات أو أوقفتها، هل أنهت معاناة الشعب السوري؟ الجواب على كل تلك التساؤلات هو لا، وهذه المرة ستكون لا مشددة ومضاعفة”.

وشدد البحرة على أنه “لا حسم عسكريا ممكنا لأي طرف من الأطراف، ولا مخرج من المأساة الحالية إلا عبر التنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254، واللجنة الدستورية هي مدخل لتنفيذ باقي بنود القرار، وهي الكاشفة لنوايا النظام وداعميه أمام المجتمع الدولي. فمن لا يتعاطى بإيجابية في العملية الدستورية، لن يتعاطى طوعياً وإيجابياً مع تنفيذ باقي بنود القرار 2254، ولذلك حينها يصبح واجباً على مجلس الأمن والمجتمع الدولي إيجاد السبل الأخرى لتنفيذ القرار”.

من جهته، أبدى عضو القائمة الموسعة للجنة الدستورية عن وفد المجتمع المدني، سليمان القرفان، عدم تفاؤله بتحقيق تقدم واضح خلال أعمال الجولة الحالية، قائلاً في حديث مع “العربي الجديد”: “رغم تفاؤل الرئيس المشترك عن هيئة التفاوض بالخروج بنتائج من هذه الجولة، إلا أنّ الواضح أنّ الروس والنظام السوري غير معنيين كثيراً باللجنة الدستورية، ويسعون للتعطيل ومنع إحراز أي تقدم”. وتابع: “بالتالي نجد أن النظام ذاهب لانتخابات خارج القرار الأممي 2254، وبالتالي يسعى جاهداً للالتفاف على الاستحقاقات كافة بما فيها اللجنة الدستورية، ولذلك لا نتوقع الكثير من هذه الجولة، ليس بسبب الخلافات داخل مكونات الهيئة وغياب بعض أعضائها عن اللجنة المصغرة، ولكن بسبب أنه لا توجد لحد الآن أي ضغوط حقيقية على النظام للانخراط بكتابة الدستور”.

في المقابل، عبّر أحمد العسراوي، عضو الهيئة المصغرة للجنة الدستورية عن هيئة التفاوض، عن تفاؤله بتحقق هذه الجولة “نتائج مقبولة”، مشيراً في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “الجولة ستناقش المبادئ الأساسية في الدستور، من دون تحديد فصول أو فقرات معينة”. وأوضح العسراوي أنّ تفاؤله بتحقيق خرق خلال هذه الجولة، “يكمن في أنّ جدول أعمالها واضح ومحدد، خلافاً لما كان يحدث في الجولات الماضية”.

وعن موقفهم في حال تكررت المماطلة ضمن الجولة الحالية، أشار العسراوي إلى أنهم سيلتزمون “بشكل واضح بإنجاز الإصلاح الدستوري، والذي يأتي كخطوة أولى على طريق نجاح العملية السياسية، بمحاورها الأربعة: هيئة الحكم الانتقالي، الإصلاح الدستوري، الانتخابات المحايدة والنزيهة، الأمن ومكافحة الإرهاب”.

وكون العسراوي يمثّل هيئة التنسيق الوطنية داخل هيئة التفاوض ووفد المعارضة للجنة الدستورية، أشار إلى أنه “ليس لدى هيئة التنسيق أي موقف مغاير لهيئة التفاوض في أي من الاحتمالات والحالات”، مؤكداً على “مبدأ التوافق بين مكونات هيئة التفاوض، للوصول إلى حل سياسي يؤدي إلى تغيير ديمقراطي جذري وشامل في البلاد”.

وكان رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، أنس العبدة، قد أشار في تصريح لـ”العربي الجديد” قبل أيام، إلى أنه “إذا استمر النظام في طريقته الحالية العبثية في تفادي الحديث عن القضايا الدستورية، فإننا سنراجع وبشكل جدي إمكانية الاستمرار في هذا المسار”، مطالباً الأمم المتحدة بأن “يكون هناك التزام كامل بالقواعد الإجرائية، وأن تكون هناك أجندة واضحة وجدول زمني واضح، لأنه لو تُرك الأمر لوفد النظام فإن عمل اللجنة الدستورية سيستمر سنوات من دون تحقيق أي تقدّم”. وأضاف: “الكرة اليوم في ملعب النظام وحلفائه، وإذا قرروا الاستمرار في عملية التعطيل، فإن اللجنة الدستورية ومستقبلها سيكونان في مهب الريح”. ما يعني أنّ اللجنة قد تصادف تحولات جذرية في مسيرتها بعد هذه الجولة، في حال لم يتوصل أطرافها لتوافق حول المواضيع والمضامين المطلوب مناقشتها.

العربي الجديد

———————————-

اجتماع جنيف:المعارضة تلحّ على وضع دستور جديد

أكد رئيس وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية السورية هادي البحرة ضرورة تسريع عملية الإصلاح الدستوري بهدف الوصول إلى صياغة دستور جديد لسوريا، مشيراً إلى جاهزية ممثلي هيئة التفاوض “للعمل الإيجابي بكل جهد ممكن” من أجل إنجاز مهمة اللجنة الموكلة إليها وفق ولايتها إسهاما منها في العملية السياسية وللتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن 2254.

جاءت تصريحات البحرة خلال اجتماعٍ لهيئة التفاوض في اللجنة الدستورية المصغرة ليل الاثنين، في مقر الأمم المتحدة بمدينة جنيف السويسرية، وذلك تحضيراً للجلسة الأولى من الدورة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي ستعقد في وقت لاحق الاثنين.

وركز أعضاء اللجنة  في اجتماعهم على مراجعة خطة عملهم في اجتماعات اللجنة الدستورية وفقاً لجدول الأعمال ومناقشة المبادئ الأساسية في الدستور وفقاً لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحتها الداخلية.

وأجرى البحرة بمشاركة أعضاء من ممثلي هيئة التفاوض في اللجنة المصغرة، لقاء مع المبعوث الخاص إلى سوريا غير بيدرسن بحضور عدد من أعضاء فريقه تحضيرياً للجلسة الأولى من الدورة الخامسة.

وقال رئيس اللجنة الدستورية السورية بعد الاجتماع إن السبيل الوحيد لوضع حد لمعاناة وآلام السوريين؛ هو إطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المغيبين، بالإضافة إلى العودة الآمنة والكريمة والطوعية للنازحين واللاجئين السوريين إلى بلدهم، مشيراً إلى أن تحقيق تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية ودولة المواطنة المتساوية، لا يكون إلا بإنجاز حل سياسي عادل عبر التطبيق الكامل للقرارين الأممين 2254 و2118.

وينص القرار الأممي على تشكيل حكم انتقالي، وكتابة دستور يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما قسم المفاوضات السورية إلى 4 سلال هي الحكم، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.

————————-

معارض سوري يكشف مجريات الجلسة الأولى من اجتماعات اللجنة الدستورية: مماطلة واجترار مواقف

كشف معارض سوري الثلاثاء، عن مجريات وأحداث الجلسة الأولى من اجتماعات “اللجنة الدستورية”، واصفاً بأنها جاءت في إطار “المماطلة” و”اجترار المواقف فقط.”

وقال المصدر المعارض الذي فضّل عدم ذكر اسمه في حديث لنورث برس، إن جلسة اليوم الأول والتي لم يكشف عنها للعلن، كان الحوار فيها “متقطعاً بسبب العديد من المقاطعات، ونقط النظام وصلت في بعض الأحيان إلى حد المهاترات.”

وتضمنت أيضاً، استمرار أعضاء الوفد المسمى من قبل الحكومة السورية بتقديم مداخلات تحدد ماهية السيادة وأركانها الداخلية المتعلقة بقدرتها على بسط سلطتها على كامل أراضيها.

وشملت مداخلات الوفد الحكومي، “احتكار استعمال العنف وبسط أنظمتها (الحكومة) واستثمار مواردها الداخلية وإدارة انتخاباتها وكذلك أركانها الخارجية المتعلقة بحماية حدودها وإدارة سياستها الخارجية وتوقيع الاتفاقيات.”

وقدم أعضاء الوفد المسمى من قبل هيئة التفاوض مداخلات في موضوعات متعددة منها “سيادة القانون والمواطنة المتساوية وحقوق النساء.”

وجادلوا في أن السيادة لا تتحقق بدون مواطنة حقيقية وبدون شفافية في إدارة الشأن العام وطرحوا كمثال على ذلك موضوع اتفاق “أضنة”.

وجرت نقاشات حول اتفاق “أضنة” وهل هو معاهدة دولية أم اتفاق أمني وهل هو مشهور أو سري والفرق القانوني بين المعاهدات والاتفاقات.

بدوره، قدم وفد الثلث الثالث مداخلات متنوعة “تراوحت ما بين العروبة كرابط حضاري جامع للهوية الوطنية والتأكيد على مبدأ السيادة.”

وطرح آخرون مبدأ الكرامة الإنسانية وأسبقيته على المبادئ الأخرى بحسب الشرائع الدينية والمواثيق الدولية والأعراف الدستورية.

كما طرحت مداخلة حزمة من المبادئ تراوحت من سيادة الدولة والمواطنة واحترام التعددية وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين والكشف عن مصير المغيبين والعدالة الانتقالية وحق عودة اللاجئين ورجوعهم إلى مساكنهم واسترداد ممتلكاتهم وجبر الضرر.

وفي الدقائق الأخيرة، دار حوار صغير عن ضرورة السماح بتعديل في القواعد، “يسمح بالاستيضاحات أثناء المداخلات أو بعدها مباشرة لتسهيل الحوار وعدم انتظار الدور القادم لكي لا تضيع وتتشعب الأفكار. وترك الموضوع للرئاسة المشتركة لمحاولة الوصول إلى أفكار عملية”، بحسب ما كشف المصدر.

وأضاف المصدر أن “الجلسة الأولى كانت واضحة المعالم وشاهدة على نية النظام التعطيل والمماطلة.”

ورفض رئيس الوفد الحكومي الدخول في صياغة التعديل الدستوري. كما رفض مقترحات تقدم بها هادي البحرة، وطلب إحالتها إلى لجنة الـ 45، “مما يفتح الباب على جولات مفتوحة بلا فائدة ولن تنتج أي شيء إلا الخيبات”، بحسب المصدر.

وأشار إلى أن ما يجري في سياق اجتماعات “اللجنة الدستورية” هو “مماطلة وتكرار واجترار مواقف فقط، بهدف تمرير بقاء بشار الأسد.”

وقال إن ما يجري في درعا جنوبي سوريا مرتبط بما سبق ذكره، “إذ أن النظام يطلب ترحيل عناصر فصائل مسلحة يستهدفونه وينون تخريب الانتخابات.”

وأضاف: “تدخل (خالد المحاميد وأحمد العودة) وجماعة المصالحة لصالح طرد الفصائل، وأن الروس تدخلوا وهددوا الفصائل في درعا بالطيران.”

ومساء أمس الاثنين، اختتمت أعمال اليوم الأول من الدورة الخامسة للجنة الدستورية المصغرة، في مبنى الأمم المتّحدة بمدينة جنيف السويسرية، حسب بيان صادر عن هيئة التفاوض السورية التابعة لوفد المعارضة السورية.

وعُقدت أمس، جلستين اثنتين (صباحية ومسائية)، حيث ناقش ممثلو هيئة التفاوض السورية في اللجنة الدستورية المصغّرة مع الوفود الأخرى المبادئ الأساسية في الدستور السوري، اتساقاً مع ولاية اللجنة الدستورية، والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، وفقاً لجدول الأعمال المتّفق عليه سابقاً.

ومن المقرّر أن تستمر الدورة الحالية حتى تاريخ التاسع والعشرين من هذا الشهر، بجلستين يومياً، وبتسيير من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن.

وقال هادي البحرة الرئيس المشارك للجنة الدستورية قبيل انعقاد الدورة، إنّ “ممثلو هيئة التفاوض في الدستورية الموسّعة استعدوا للدورة الجارية وخرجوا بأوراق متكاملة وبعدد من الاقتراحات، تمّ التوافق على معظمها.”

ووصل “البحرة” إلى جنيف مع باقي أعضاء اللجنة المصغرة يوم الثالث والعشرين من هذا الشهر، إذ اجتمعوا، الأحد، مع بيدرسن وأعضاء فريقه.

وتعد المبادئ الأساسية التي ستناقش في الدورة الجارية هيكلاً عاماً للدستور، تبنى عليها باقي فصوله، ويتم من خلالها رسم الملامح الأساسية لسوريا الجديدة.

ويتضح من خلال هذه المبادئ الرؤية العامة لشكل النظام السياسي، وكيفية الفصل المتوازن بين السلطات، وتحقيق استقلالية القضاء، وسيادة القانون، والحقوق والحريات وغيرها من المضامين الدستورية التي سيتم الاتفاق عليها في النقاشات.

إعداد: سردار حديد ـ تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

————————–

لأول مرة.. الدستور على طاولة اللجنة الدستورية السورية في جنيف

انطلقت في مدينة جنيف السويسرية أعمال الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية، والتي تعتبر أبرز الجولات وأهمها، كونها ستناقش ولأول مرة البذور الأولى للدستور الجديد، والمتمثلة بـ”المبادئ الدستورية”.

وقبل ساعة من الآن، من صباح اليوم الاثنين، دخل أعضاء اللجنة من جميع الأطراف إلى القاعة المخصصة لعقد الاجتماعات في جولتها الخامسة، على تبدأ النقاشات بجلسة افتتاحية.

ومن المقرر أن يستمر جدول أعمال الجولة الخامسة لخمسة أيام متواصلة، حتى 29 من كانون الثاني الحالي.

وقال مصدر من أعضاء اللجنة في تصريحات لـ”السورية.نت” إن ممثلي “هيئة التفاوض السورية” في اللجنة المصغرة كانوا قد عقدوا، أمس الأحد، اجتماعاً فيزيائياً في “قصر الأمم”، تحضيراً للجولة الخامسة.

وأضاف المصدر أن ممثلي “الهيئة” التقوا المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، وركزوا على مراجعة خطة العمل، وفقاً لجدول الأعمال لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور.

وينظر إلى هذه الجولة من اجتماعات اللجنة الدستورية على أنها ستكون “الحاسمة” في إطار المسار السياسي السوري، والذي يسير برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة وفدي النظام السوري والمعارضة، وآخر من المجتمع المدني.

وعلى مدار الجولات الأربعة الماضية من اجتماعات اللجنة لم يخرج المشاركون من الوفود الثلاثة بمخرجات ملموسة على صعيد كتابة الدستور في سورية.

و تركّز النقاش في الجولات السابقة على عدة مسائل ونقاط بعيدة عن المبادئ الدستورية، التي تشكلت اللجنة من أجلها ولتحقيقها.

و يعتبر توقيت الجولة الخامسة التي بدأ جدول أعمال اليوم “حساساً”، ولاسيما أنها تستبق الانتخابات الرئاسية في سورية بثلاثة أشهر.

ويؤكد نظام الأسد إجراء الانتخابات الرئاسية والمضي فيها، على الرغم من الرفض الدولي لها، وخاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.

وكان نظام الأسد قد اتجه إلى كسب الوقت في الأشهر الماضية من جولات اللجنة الدستورية، طارحاً بذلك عدة قضايا تخدم الرواية التي يصر عليها، والتي ترتبط بما يسمى “الثوابت الوطنية”، وهو مصطلح كان قد تصدر أيضاً في نقاشات الجولات الأربع الماضية، والتي شهدت عدم توافق بين الأطراف على جدول الأعمال الخاص بنقاشات كل جولة.

ومنذ يومين قال المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، إن الخطوات التي من شأنها بناء الثقة خلال عمل اللجنة الدستورية في جنيف “لم تتحقق بعد”.

وتحدث بيدرسون في إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي عن ثلاث نقاط تعيق تقدم عمل اللجنة الدستورية السورية، وعلى رأسها ملف المعتقلين والمفقودين، مشيراً إلى أنه لم يتم تحقيق أي تقدم يُذكر بهذا الملف، أو على الأقل الحصول على معلومات حول هؤلاء المعتقلين أو الإفراج عن الأطفال والنساء بينهم.

كما أشار بيدرسون إلى أن عدم التوافق على إيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين لها داخل سورية، بشكل كامل ودون عوائق، يعيق بناء الثقة بين الأطراف السورية.

وأضاف أن النقطة الثالثة لبناء الثقة هي وقف إطلاق نار شامل على الصعيد الوطني والتعاون لمواجهة الجماعات المدرجة على قائمة الإرهاب الأممية، وهو أمر لم يتحقق أيضاً، حسب بيدرسون.

—————————-

من موسكو.. طهران تتحرك لإحياء مسار “أستانة” بعد انقطاعه لأشهر

تسعى إيران إلى تفعيل مسار محادثات “أستانة” حول سورية بعد انقطاعها عدة أشهر، حيث يجري وزير الخارجية الإيرانية، جواد ظريف، زيارة إلى روسيا حالياً لبحث ذلك.

وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، عقب لقائه ظريف في موسكو، اليوم الثلاثاء، أنه سيتم عقد لقاء بين ثلاثي أستانة (روسيا- تركيا- إيران) في مدينة سوتشي الروسية، خلال شهر فبراير/ شباط المقبل، مشيراً إلى أنه يجري التحضير حالياً لعقد الاجتماع.

وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني: “بحثنا العملية الخاصة بالتسوية السورية. صيغة أستانة تعمل وتؤكد ملاءمتها، وتحدثنا (مع ظريف) عن التحضير للاجتماع المقبل بصيغة أستانة ومن المقرر عقده في شباط هذا العام في سوتشي”.

وكذلك بحث ظريف ولافروف سير اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، المنعقدة حالياً في جنيف، وقال لافروف بهذا الخصوص إن “روسيا وإيران وشركاؤنا الأتراك في مسار أستانة يتابعون اجتماعات اللجنة الدستورية”، مضيفاً: “نحن مهتمون بأن تسير المفاوضات داخل اللجنة الدستورية بشكل صارم وفق الأجندة المتفق عليها”.

بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إنه بحث مع نظيره الروسي التسوية في سورية، وقال: “على المجتمع الدولي دعم جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية وعدم عرقلة ذلك”.

يُشار إلى أن آخر اجتماع ضمن مسار “أستانة” انعقد بجولته الـ 15، في أبريل/ نيسان 2020، عبر تقنية الفيديو، وجمع حينها وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، على أن يتم عقد لقاء فيزيائي بين رؤساء الدول السابقة في إيران، إلا أنه لم يتم حتى اليوم.

وانتهى الاجتماع السابق بنتائج وخطوط عريضة، وأبرزها بحث اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب والتطورات شرق الفرات، إلى جانب مناقشة العملية السياسية لحل الملف السوري، من أجل ضمان عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم.

وتتمسك إيران بمسار “أستانة”، الذي تعتبر طرفاً فيه،  على خلاف اتفاق “سوتشي”، والذي تم توقيعه فقط بين الجانبين الروسي والتركي، في أيلول 2018.

وبدأت عملية “أستانة” في يناير/كانون الثاني 2017، وبلغت محطاتها 15، ومن أبرز ما توصل إليه الأتراك والإيرانيون والروس فيها، هي مناطق “خفض التصعيد”، والتي سيطرت قوات الأسد عليها بشكل كامل، ما عد محافظة إدلب، والتي تعتبر منطقة “خفض التصعيد” الرابعة.

————————

أنس العبدة: الفريق الأممي مهتم بإرضاء النظام السوري

صبحي فرنجية

تعاني العملية السياسية السورية من مجموعة عراقيل تعيق تقدّمها، في مقدمتها مماطلة النظام واستغلال عامل الوقت في إفراغ العملية من مضمونها، بدعم من روسيا التي تحاول حرف مسار العملية من مظلة الأمم المتحدة إلى مظلة سوتشي، في الوقت الذي تبدو فيه المعارضة أضعف من الدفع إلى تقدّم وحدها، خصوصاً مع تراجع الحماسة الدولية حيال الملف السوري، فضلاً عن شكوك باتت تعتري هيئة التفاوض السورية بجدية وحيادية الفريق الأممي في مهمته.

ويرى رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة، في حوار مع “العربي الجديد”، أن فريق الأمم المتحدة الخاص بسورية يتغاضى عن ذكر مسار أساسي في العملية السياسية وهو الانتقال السياسي، معتبراً أن هذا يجعل الدور الأممي في سورية ملتبساً، لافتاً إلى أن “الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية ستكون محورية وستحدد طريقة تعاملنا مع هذا المسار”.

وبعد 10 سنوات من عمر الثورة السورية وأكثر من عام على بدء اجتماعات اللجنة الدستورية، يعرب العبدة عن أسفه “لأنه لم يكن لهذه العملية السياسية حتى الآن أي تأثير عملي واقعي يشعر به السوريون”، ما يعكس حالة تضاؤل الأمل في صفوف المعارضة، وهو ما عبّر عنه في وقت سابق أيضاً رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض نصر الحريري، حين أشار في كلمة له إلى أن الحل السياسي سيأخذ وقتاً طويلاً في ظل المعطيات الحالية.

أما عن القرار الأممي 2254 بعد خمس سنوات على إصداره، فيقول العبدة إنه “حتى الآن لم يتم تنفيذ أي بند من القرار، سواء البنود غير التفاوضية كملف المعتقلين، ووقف إطلاق النار، أو في ما يتعلق بالملف التفاوضي بما فيه المسارات الأربعة (الحكم الانتقالي، الدستور، الحوكمة الأمنية ومكافحة الإرهاب، والانتخابات)، ولم نجد حتى اللحظة أي إنجاز عملي منذ بداية العملية السياسية”.

ويطالب العبدة “الأمم المتحدة بأن تعيد النظر وتراجع ما تم العمل به، وطريقة العمل الحالية، لأن النتائج لم تصل إلى الحد الأدنى المطلوب لإنهاء معاناة الشعب السوري”، مضيفاً: “ما يثير الاهتمام أن السوريين وعدداً من الدول يلاحظون أن الأمم المتحدة تتغاضى عن ذكر مسار أساسي في العملية السياسية، وهو مسار الحكم الانتقالي”، معتبراً أن هذا التغاضي “انزلاق خطير من قِبل الأمم المتحدة من نواحٍ عدة، أولاً في فهم جذر العملية السياسية، وثانياً في فهم القرار 2254، وثالثاً في فهم ما يريده الشعب السوري وما ضحى من أجله”. ويدعو العبدة “فريق الأمم المتحدة لمراجعة أدائه في الملف السوري”، مضيفاً “في حال قرر الاستمرار بالعمل بالطريقة ذاتها فلن يتم تحقيق أي إنجاز في المسار السياسي، بمعنى أنه لن تكون هناك نتائج تذكر”، متابعاً: “هذا الأمر غير صحيح وغير صحي، ولا يمكن للسوريين الانتظار طويلاً. المطلوب العمل الجاد على إيجاد صيغ عملية من أجل تنفيذ القرار 2254”.

وتذهب كثير من أطراف المعارضة إلى القول إن روسيا لا تريد للعملية السياسية أن تكون تحت مظلة الأمم المتحدة، بل تريد نقلها إلى منصة سوتشي، فهي تعُدّ اللجنة الدستورية أحد مخرجات مؤتمر سوتشي، وترى أن الأمم المتحدة خطفت من يديها هذا الملف. في هذا السياق، يرى العبدة أن “روسيا وإيران والنظام لديهم فهم للقرار 2254 مخالف تماماً لفهم السوريين والمجتمع الدولي، فهم يرون أن القرار عبارة عن حوار سوري – سوري وتحت مظلة النظام، وأنه عبارة عن مجموعة من الإصلاحات البسيطة، أما نحن فنرى القرار على أنه خريطة طريق نحو الانتقال السياسي، وهذا هو هدف العملية السياسية في سورية، وأن السوريين لن يقبلوا بغير ذلك”.

وعلى الرغم من أن مسار اللجنة الدستورية يتم تحت مظلة الأمم المتحدة وبرعايتها، إلا أن النظام وروسيا لم يدّخرا جهداً لتحويل اجتماعات اللجنة الدستورية إلى ما يُشبه المنتدى السياسي، الذي يبحث مواضيع لا صلة لها في تفويض اللجنة ومهامها، وهذا ما أثار غضب كثير من السوريين المعارضين، وأدى لصدور بيانات كثيرة تُدين مشاركة وفد المعارضة في اجتماعات اللجنة التي لم تُحقق شيئاً خلال عمرها الذي تجاوز العام، كما أن كثيراً من الانتقادات طاولت قبول المعارضة البدء بالمسار الدستوري قبل بحث ملف الحكم الانتقالي.

حول هذا الأمر، يؤكد رئيس هيئة التفاوض أنه “مسار من مسارات عدة في العملية السياسية، هدفها في النهاية تحقيق الانتقال السياسي، ولا يمكن الاعتماد على هذا المسار وحده، بل يجب العمل على سلة الحكم الانتقالي بالتوازي معه لأنها عصب العملية السياسية”، مضيفاً: “يمكنني القول إن اللجنة الدستورية حتى اللحظة لم تخرج بأي منجز حقيقي، وإنما كانت عبارة عن أربعة اجتماعات عامة تجري فيها نقاشات عامة وليست في سياق مَهمّة اللجنة الدستورية. هذا من ناحية وفد النظام، أما وفدنا فقد بذل كل الجهد من أجل بحث السياقات الدستورية”.

ويكشف العبدة أن فريق الأمم المتحدة “بات مهتماً أكثر بإرضاء النظام، لدرجة أن هذا الوفد يضع أولويته في حضور النظام، وذلك على حساب النقاشات والالتزام بورقة القواعد الإجرائية، لهذا السبب لم نرَ أي نتيجة تُذكر خلال الاجتماعات الأربعة الماضية”، متابعاً: “الاجتماع المقبل في 25 الشهر الحالي هو الاجتماع الأول الذي سيبحث المضامين الدستورية، إذ إنه سيبحث المبادئ الأساسية في الدستور، وسننظر إلى نتائج الجولة المقبلة ويمكن بعدها أن نقيّم إذا كان هناك أمل من هذه اللجنة”.

ويعتبر أنه “إذا استمر النظام في طريقته الحالية العبثية في تفادي الحديث عن القضايا الدستورية، فإننا سنراجع وبشكل جدي إمكانية الاستمرار في هذا المسار”، مطالباً الأمم المتحدة بأن “يكون هناك التزام كامل بالقواعد الإجرائية، وأن تكون هناك أجندة واضحة وجدول زمني واضح، لأنه لو تُرك الأمر لوفد النظام فإن عمل اللجنة الدستورية سيستمر سنوات من دون تحقيق أي تقدّم”، مضيفاً: “الكرة اليوم في ملعب النظام وحلفائه، وإذا قرروا الاستمرار في عملية التعطيل، فإن اللجنة الدستورية ومستقبلها سيكونان في مهب الريح”.

ومن الملفات التي لم تحرز تقدماً أيضاً حتى اللحظة ملف المعتقلين، بل إن النظام حاول من خلال مسار أستانة تحويل الملف من حقيقته إلى ملف تبادل أسرى حرب، وبات يتعامل مع الملف كورقة تفاوضية من جهة، وورقة يظنّ أنها ستُسقط عنه مسؤولية الجرائم التي يرتكبها في المعتقلات، من جهة أخرى.

يقول العبدة إن ملف المعتقلين في سجون النظام له مقام الأولوية في جهود هيئة التفاوض، موضحاً أنه “لدينا لجنة متخصصة تعمل على هذا الموضوع بكل الجهد الممكن، وقدّمت اللجنة كل ما لديها بالتعاون مع عدد من المنظمات الحقوقية والإنسانية السورية، وبالتعاون مع الفريق الأممي، لكن بصراحة حتى الآن لم يتم تحقيق إنجاز حقيقي”، مستدركاً أنه “حتى الآن لم نسمع ولم نرَ خطوات جدية من قبل الأمم المتحدة في ما يخص هذا الملف، كما لم نسمع من فريق الأمم المتحدة حتى اللحظة عن الطرف أو الجهة التي تُعرقل تحقيق التقدم في الملف”.

ويؤكد على ضرورة “أن تكون الأمم المتحدة أكثر وضوحاً في هذا الملف، فالنظام اختار عدم التعاون، ولا نرى من الفريق الأممي إلا لغة دبلوماسية تحاول تغطية المشكلة”، مضيفاً أن “الأمم المتحدة مطالبة بإبلاغ السوريين والمجتمع الدولي أين وصلت في هذا الملف، وأين تتوجه الجهود الخاصة بفريقها الأممي. نحن قدّمنا كل المعلومات المطلوبة، ولا نجد الضغط الكافي على النظام وحلفائه”. ويشدّد العبدة على أنه “لا يوجد مبرر للنظام في إخفاء آلاف السوريين قسرياً، وقتل السوريين تحت التعذيب، وبناء سجون سريّة، ومحاكمة الناس أمام محاكم استثنائية. النظام يتعامل مع ملف المعتقلين كورقة أخيرة، إذ يعتبرهم رهائن من أجل تحقيق مصالحه، ولا قيمة لحل سياسي من دون الانطلاق من القضايا فوق التفاوضية كملف المعتقلين والمهجرين”.

في السياق، كانت لافتة في الشهرين الماضيين محاولات روسيا لاستغلال ملف عودة اللاجئين في سبيل رفع العقوبات الاقتصادية عن النظام، وتمويل عملية إعادة الإعمار. فحاولت روسيا من خلال المؤتمر الذي تم عقده في دمشق، مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أن تحشد تأييداً لعودة اللاجئين السوريين إلى مناطق النظام، وهذا بطبيعة الحال يستلزم رفع العقوبات من أجل تأمين عودتهم إلى مناطقهم، إلا أن هذا المؤتمر فشل بعد مقاطعة دولية واسعة، وتأكيد المجموعة المصغرة أن عودة اللاجئين وإعادة الإعمار مرتبطان بتحقيق تقدم في مسار العملية السياسية.

عن هذا الملف، يقول العبدة إن “هناك أكثر من 13 مليون سوري ما بين لاجئ ونازح، هذا يعني أن أكثر من نصف الشعب السوري مُهجر بسبب ممارسات النظام وحلفائه”، موضحاً أن هيئة التفاوض ستُقيم “فعالية دولية خلال الشهر الحالي، وسيكون خلالها بث مباشر من داخل سورية وخارجها، من المخيمات، وذلك من أجل إطلاع الجانب الدولي على حال السوريين وأوضاعهم”. ويضيف أن “موقع السوريين النازحين واللاجئين مهم في العملية السياسية، بل يمكن القول إنه موقع أساسي، إذ لا يمكن الحديث عن الحل السياسي من دون أخذ مصالح ومتطلبات وحقوق هؤلاء النازحين واللاجئين بعين الاعتبار”، معتبراً أن “النظام يحاول استغلال هذا الملف من أجل رفع العقوبات والبدء بعملية إعادة الإعمار، ورأينا هذا من خلال المؤتمر الذي عقده بدعم روسي في دمشق، والذي فشل فشلاً ذريعاً على كل الأصعدة”.

ويرى العبدة أن على “النظام وحلفائه إدراك أنه لن تكون هناك عودة للاجئين إلا عبر تحقيق انتقال سياسي، ووسط بيئة آمنة ومحايدة”، متابعاً: “رأينا أن كثيراً من السوريين الذين عادوا إلى سورية واجهوا مخاطر أمنية جسيمة واعتقال من قبل الأجهزة الأمنية للنظام”.

العربي الجديد

—————————

=======================

تحديث 27 كانون الثاني 2021

——————————-

«هرولة ثلاثية» لإنقاذ الإصلاح الدستوري من السوريين/ إبراهيم حميدي

وصل وفد روسي برئاسة المبعوث الرئاسي الكسندر لافرينييف ومسؤولون أتراك وإيرانيون إلى جنيف، بعد يوم من انطلاق أعمال الدورة الخامسة لـ«اللجنة الدستورية» السورية ومراوحتها في المكان، ذلك في «هرولة ثلاثية» لإنقاذ المسار الدستوري… من أصحابه السوريين.

العنوان المعلن للزيارة الثلاثية إلى جنيف، هو عقد اجتماع لـ«ضامني» عملية آستانة. لكن السبب الخفي، هو العمل على إبقاء «المسار الدستوري» على قيد الحياة، لثلاثة أسباب: الأول، حاجة الأطراف الثلاثة إلى هذا «الإنجاز» وليد تفاهمات «الضامنين» الثلاثة. الثاني، إرسال إشارة إلى إدارة جو بايدن وغيرها بأن هذه الأطراف لها «كلمة» في المسارين السياسي والعسكري بالملف السوري. الثالث، الحيلولة دون إعلان وفاة «اللجنة الدستورية»، كما تريد دول غربية.

واقع الحال، أن دولاً أوروبية وخصوصاً فرنسا، بدأت تحشد في الأسابيع الأخيرة لـ«وضع اللجنة الدستورية على الرف» لاعتقادها أن اللجنة «لم تحقق أي إنجاز وهي بمثابة غطاء لدمشق وموسكو وطهران وأنقرة للاستمرار في سياساتها»، بل إن بعض الدول ذهب إلى حد إلقاء اللوم على المبعوث الأممي غير بيدرسن لـ«المشاركة في هذه اللعبة». واشنطن، زمن إدارة دونالد ترمب، لم تذهب إلى حد الضغط لكتابة نعوة «الدستورية»، بل إنها كانت تحث بيدرسن على «القول صراحة من هو المسؤول عن فشل إحداث اختراق دستوري». كما أن دولاً أوروبية أخرى لا تزال متمسكة بالمسار؛ لأنها لا ترى بديلاً منه.

لكن الدول الغربية وأميركا، متفقة على «ضرورة فتح بوابات جديدة» لتنفيذ القرار 2254 وعدم الاكتفاء بالمسار الدستوري، لاعتقادها، أن لا أمل بتحقيق أي اختراق قبل الانتخابات الرئاسية السورية قبل نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد في منتصف يوليو (تموز) المقبل، باعتبار أن الانتخابات ستجري وفق الدستور الحالي لعام 2012. عليه، تحث بيدرسن على البدء بالحديث عن عناصر أخرى في القرار الدولي، مثل: إجراءات بناء الثقة، البيئة المحايدة، وقف شامل للنار في سوريا، إطلاق المعتقلين والسجناء، عودة اللاجئين.

في المقابل، لموسكو رأي آخر. قبل انطلاق اجتماعات «الدستورية» الاثنين، كان الجانب الروسي إيجابياً إزاء مقترحات رئيس وفد «هيئة التفاوض» هادي البحرة إزاء آليات عمل الجولة الخامسة. ثم، إن روسيا تريد تحريك عمل اللجنة والبدء بالعمل الدستوري وفق ما هو متفق عليه. لكن الرسائل التي جاءت من جنيف إلى موسكو، لم تكن ملائمة للأولويات الروسية المعلنة. حسب المعلومات، فإن وفد الحكومة أبلغ بيدرسن أنه غير مستعد للدخول في «صوغ» الدستور، وأنه لا بد من «نقاش إضافي» قبل ذلك. وجاء في محضر اجتماع اليوم الأول، أن رئيس وفد الحكومة أحمد الكزبري، أكد على «ضرورة استمرار الإعداد للصياغة قبل الخوض بالصياغة. هناك ضرورة استمرار الحوار لاستكشاف نقاط التوافق والخلاف قبل الوصول إلى صياغات نهائية».

وفي ملخص المداخلات، ركز أعضاء وفد الحكومة على «موضوع السيادة الوطنية» وربط ذلك بـ«استقلالية القرار الوطني ورفض الاحتلال والضغوطات الخارجية»، إضافة إلى ضرورة استعادة السيادة و«احتكار (الدولة) استعمال العنف وبسط أنظمتها واستثمار مواردها الداخلية وإدارة انتخاباتها وحماية حدودها وإدارة سياستها الخارجية وتوقيع الاتفاقيات» قبل التسوية. كما أعيد فتح اتفاق أضنة بين دمشق وأنقرة الذي وقّع في منتصف 1998، وما إذا كان «معاهدة دولية أم اتفاقاً أمنياً والفرق القانوني بين المعاهدات والاتفاقات». في المقابل، كان تركيز وفد المعارضة على مبادئ دستورية وآليات إجرائية، على أمل منه للدخول في «صوغ المبادئ الدستورية» والاتفاق على موعد الجولة السادسة من الاجتماعات وتحديد آليات عمل الجولات المقبلة.

هذه الفجوة وهذه الإشارات مقلقة لـ«الضامنين»، خصوصاً موسكو التي ولدت مسار إصلاح الدستور في عملية سوتشي بداية 2018. موسكو في مكان آخر على الأقل علناً. اللقاءات التي عقدتها شخصيات معارضة في الأيام الأخيرة مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف وممثلي وزارة الدفاع، تضمنت إشارات لرغبة روسية في «تسريع الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة الوطنية» و«الحفاظ على مسار الإصلاح الدستوري لتحقيق نتائجه خلال عام رغم عدم العلاقة بين هذا والانتخابات الرئاسية التي ستجري بموجب الدستور القائم». التمسك بهذا المسار، ظهر في المؤتمر الصحافي بين لافروف ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف في موسكو أمس. كما أن وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو قال لها صراحة، إنه «للمرة الأولى سيتم البدء بنقاش المضامين الدستورية في اجتماعات اللجنة الدستورية، حيث إن الجولتين الرابعة والخامسة حققتا توافقاً على الأجندة بين النظام والمعارضة».

الشرق الأوسط

—————————-

اجتماعات الدستورية برعاية ثلاثي”أستانة”..الآمال شبه معدومة

استُؤنفت في جنيف صباح الأربعاء، جلسات اليوم الثالث من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، وسط استمرار حالة من التشاؤم رغم وصول وفود الدول الضامنة لمسار أستانة إلى جنيف مساء الثلاثاء، بهدف المساهمة في الدفع نحو تحقيق تقدم في المفاوضات، بعد يومين لم يسمح فيهما وفد النظام بمناقشة أي بند من بنود جدول الأعمال المتفق عليه لهذه الجولة.

وعلمت “المدن” أن عدداً من أعضاء الوفد اجتمعوا بممثلي وزارة الخارجية الروسية الذين وصلوا إلى جنيف وعقدوا لقاءً آخر مع وفد النظام، وحثّوا الجانبين على قطع خطوات حقيقية في هذه الجولة وفق الأجندة المقررة في الجولة الرابعة.

واتفقت الوفود الممثلة للجنة الدستورية في الجولة الأخيرة الماضية، التي اختتمت نهاية العام 2020 على أن تكون الجولة الحالية مخصصة للبدء بمناقشة المضامين الدستورية، بعد أربع جولات خصصت لمناقشة المبادىء العامة والوطنية، لكن وفد النظام طالب في اليومين الأوليين من جلسات الجولة الخامسة بمزيد من الوقت قبل الانخراط في صياغة المضامين.

موقف أثار غضب وفد المعارضة، الذي هدّد بشكل غير مباشر بأنه قد يلجأ إلى تعليق مشاركته في الاجتماعات. وعلّق أحد اعضائه مشاركته في جلسات اليوم الثاني بالفعل، مطالباً الوفد بالتشاور لاتخاذ موقف قوي من استمرار مراوغة وفد النظام وإصراره على تعطيل المفاوضات، لكن وصول ممثلين من روسيا وإيران وتركيا إلى مكان لقاء الوفود في مقر الأمم المتحدة في جنيف، وعقد الدبلوماسيين الروس لقاءات فورية مع وفدي المعارضة والنظام أعاد الأمل في تحقيق بعض التقدم.

لكن العميد إبراهيم الجباوي، عضو هيئة التفاوض المعارضة ووفد اللجنة الدستورية، استبعد في تصريح ل”المدن”، حدوث أي تغيير جوهري في سير المفاوضات، معتبراً أن هدف الدول الضامنة لمسار أستانة من إرسال ممثليها إلى جنيف هو توجيه رسائل للغرب بأنها الدول التي تمسك بزمام الأمور في سوريا.

وأضاف “لا اتوقع تحقيق أي انفراجة في أعمال اللجنة الدستورية رغم وصول الوفود الثلاثة الممثلة للدول الراعية لمسار أستانة، التي أعتقد أن حضورها إلى جنيف يهدف إلى إيصال رسالة للمجتمع الدول بشكل عام، ولأميركا بشكل خاص، أن مسار أستانة هو الفاعل الحقيقي الوحيد في الصراع السوري”.

وأكد جباوي أن “جميع أعضاء وفد المعارضة حضروا الجلسة الصباحية لليوم الثالث من الجولة الحالية”، مشيراً إلى أن الوفد لا يزال يأمل بأن يتم الضغط على وفد النظام بما يكفي لإجباره على الانخراط الجدي في المحادثات وفق جدول الاعمال لتحقيق نتائج إيجابية لا يبدو أنه مستعد لها، بينما أبدى وفد المعارضة إلتزاماً كاملاً بما تم الاتفاق عليه في الجولة الماضية وأنه أعد مقترحاته بهذا الخصوص لكن الطرف الآخر ما زال يرفض مناقشة كل ما يتعلق بالمضامين الدستورية”.

من جهته، نفى العضو الروسي في فريق المبعوث الدولي إلى سوريا فيتالي نعومكين أن يكون قد أدلى بأي تصريحات تتعلق بعمل اللجنة الدستورية السورية، مؤكداً أنه غير مخول بالتصريح نيابة عن أي طرف.

وكانت مصادر معارضة قد نسبت إلى نعومكين الثلاثاء، تصريحات تشير إلى أن مناقشة المضامين الدستورية لن تبدأ بالفعل قبل أن ينجز النظام الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران/يونيو 2021، وأنه لا أحد يعرف ماذا سيحدث بعد ذلك، وأن على المعارضة التخلي عن مطلب هيئة الحكم الانتقالي وفق ما هو منصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

لكن مصادر إعلامية في منصة موسكو نقلت عن نعومكين تأكيده عدم الإدلاء بأي تصريحات بهذا الخصوص، مشيراً إلى أن ما ورد فيها “لا يعبر عن رأيي أو موقفي نهائياً”. وأضاف “لم أعط أي تصريحات خاصة بالوضع السوري لأني لست مخولاً بذلك من مكتب المبعوث الدولي الذي أعمل كأحد أعضائه”.

على الرغم من استمرار وفد المعارضة في اعتماد سياسة النفس الطويل بمواجهة إصرار وفد النظام على تعطيل مفاوضات اللجنة الدستورية في جولتها الخامسة، التي بدأت الاثنين، إلا أن الحديث داخل أوساط المعارضة بدأ يتصاعد حول ضرورة اتخاذ موقف حازم تجاه أداء الطرف الآخر، حيث يطرح الكثيرون تعليق المشاركة في الجلسات أو حتى الانسحاب منها، وهو خيار لا يبدو سهلاً، بانتظار أن يحدث وصول ممثلي الدول الراعية لمسار استانة تأثيراً إيجابياً خلال ما تبقى من جلسات.

—————————

المعارضة السورية تلتقي وفداً أميركياً في جنيف.. والنظام يهاجم “العدالة الانتقالية”/ صبحي فرنجية

علم “العربي الجديد” من مصادر خاصة أن أعضاءً من وفد المعارضة السورية أجروا لقاءً، يوم الثلاثاء، مع وفد أميركي في جنيف بعد انتهاء اليوم الثاني من اجتماعات اللجنة الدستورية، في حين يواصل وفد النظام السوري في اللجنة الدستورية محاولاته لإضاعة الوقت بإرسال رسائل دمشق إلى المعارضة والأمم المتحدة، بما فيها مهاجمة مفهوم “العدالة الانتقالية” الذي تطالب به المعارضة بشكل حثيث.

وأكدت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن وفد المعارضة اجتمع مساء الثلاثاء مع وفد أميركي، ومن المتوقع أن يعقد اجتماعًا غدًا مع وفود أوروبية ووفد تركي.

وتركز اللقاء حول ضرورة الضغط على النظام من أجل التعامل بجدّية مع اجتماعات اللجنة الدستورية والعملية السياسية، كما تضمن اللقاء تأكيدًا من قبل المعارضة على ضرورة العمل من أجل فتح بقية السلال في القرار (2254)، بما فيها سلة الحكم الانتقالي.

وقالت مصادر “العربي الجديد” إن أعضاءً من  طرف النظام في كتلة المجتمع المدني هاجموا في مداخلاتهم خلال الجلستين الصباحية والمسائية مفهوم العدالة الانتقالية، من باب أن “كثيراً من نماذج العدالة الانتقالية لم ينجح في كثير من الدول، لذلك ينبغي أن يكون هناك حذر في استجلاب هذه التجربة إلى الحالة السورية”، وأن “هذا المفهوم غايته خلق غباشة على بصيرة السوريين ومستقبلهم”، في الوقت الذي تركّزت مداخلات وفد النظام على “مبدأ السيادة الوطنية، وأهمية مواجهة سرقة ثروات البلاد، ودروس في العروبة كفكر حضاري، ومواضيع أخرى لا تمتّ للدستور بصلة”.

ويأتي هذا الحديث من قبل مؤيدي النظام عن العدالة الانتقالية، بعد فترة وجيزة من غضب سوري كبير نتيجة استخدام المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، مصطلح “العدالة التصالحية” في كلمته أمام مجلس الأمن منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وقال إنها كانت مطلبًا من قبل وفد المجتمع المدني، الأمر الذي نفاه أعضاء في وفد المجتمع المدني المعارض حينها، وقالوا إن هذا المصطلح لم يتم استخدامه في الجلسة، وأن وفد المجتمع المدني المعارض ملتزم بمفهوم العدالة الانتقالية.

وأشارت المصادر إلى أن وفد المعارضة السورية وأعضاء من المجتمع المدني هم الوحيدون في الجلسات الذين يلتزمون بملف الدستور، حيثُ تحدّثوا عن “فصل السلطات والرقابة فيما بينها”، وأن “الانقسامات المتعلقة بالهويات إعادة جسرها يكون عبر تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية فحسب”.

في غضون ذلك، وصل وفد روسي برئاسة نائب الخارجية الروسي ألكسندر لافرنتيف إلى جنيف يوم الثلاثاء، وسط توقعات بأن تنعكس زيارته على الاستعصاء الحاصل في اجتماعات الدستورية.

وبحسب أعضاء في اللجنة الدستورية ممن تواصل معهم “العربي الجديد”، فإنه من المبكر الحديث عن أن قدوم الوفد الروسي سيكون له أثر إيجابي على مسار اللجنة الدستورية، “إلا أن ما بعد وجوده ليس كما قبله، فإما أن نشهد تحولاً في سلوك النظام نحو الجدية، وذلك يعني أن روسيا لا تريد لهذا المسار الانهيار، أو أن سلوك النظام سيبقى على حاله، وهو ما يعني أن روسيا أيضًا لا تريد للمسار أن يتقدم”، وفق المصادر ذاتها.

موقف

هل تنهار اللجنة الدستورية؟

وحسب أعضاء اللجنة فإن وفد المعارضة “غاضب من الحالة السيئة للجولة، والتي كان من المفترض أن تكون مفتاحًا للحديث عن الدستور، ومفتاحًا لتحقيق تقدّم يبثّ الأمل على طريق الحل السوري”، مشيرين إلى أنها “ستنقل حالة الغضب هذه إلى وفود الدول الغربية خلال لقاءاته معهم غدًا وبعد غد، وسيؤكد لهم أنه ينبغي أن يكون هناك ضغط دولي مُثمر من أجل بثّ الحياة في هذا المسار الوحيد الفعّال في العملية السياسية السورية”.

وعلى الرغم من أنه بات هناك حديث بين أفراد المعارضة السورية عن “إمكانية تعليق المشاركة في الجلسة إلى حين إظهار النظام جديّة وفعاليّة في مشاركته”، إلا أن هذا الملف “ليس مطروحًا وواضح المعالم حتى اللحظة”، بحسب أحد أعضاء اللجنة الدستورية الذي رأى أن “انسحابنا ربما يكون خدمة للنظام، وليس ضربة له”.

ويبدو استياء المعارضة السورية واضحًا حتى في تصريحات رئيس الوفد هادي البحرة، حيث قال صباح الثلاثاء إن هذه الجولة ستُظهِر “بشكل واضح للمجتمع الدولي مواقف الأطراف كافة تجاه العملية الدستورية ككل”، كما ستكشف “من يعيق أعمالها ويضع العثرات في طريقها ليمنعها من ممارسة ولايتها وإنجاز مهمتها، في أسرع وقت ممكن”. وعدّ نجاح أي عملية تفاوضية هو رهن “وجود طرفين راغبين في التوصل إلى حل يؤدي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 (الصادر عام 2015 والمتعلق بالتسوية السياسية)”، وذلك بحسب بيان صحفي وزّعه وفد المعارضة للصحفيين، ووصل “العربي الجديد” نسخة منه.

    شاهد| اختتام أعمال اليوم الثاني من الدورة الخامسة لاجتماعات #اللجنة_الدستورية في جنيف#الدورة_٥_للجنة_الدستورية

    ⁧#دستور_جديد_لسوريا_جديدة⁩ pic.twitter.com/Hvq5VkBuaq

    — هيئة التفاوض السورية- اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) January 26, 2021

وصعّد البحرة بالقول إنه “لا يمكن الاستمرار بأعمال اللجنة إن لم تبدأ بممارسة اختصاصاتها، وتحرز نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة”، وشدد على أنه “لا بد من إيجاد سبل أخرى لتمكين اللجنة الدستورية من إنجاز مهمتها خلال أشهر بحد أقصى، وتفعيل العملية السياسية لإنجاز الاتفاق على المواضيع الأخرى في القرار 2254، وأولها إقامة الحكم ذي المصداقية والشامل للجميع وغير القائم على الطائفية”. ودعا البحرة الدول ومجلس الأمن الدولي “إلى إيجاد تلك السبل، في حال ثبت تعطيل عمل اللجنة من قبل أي طرف من الأطراف (…) شعبنا ينتظر نتائج لا وعوداً فارغة”.

وكان لافتًا أن إعلام النظام الرسمي، أو الداعم له، لم يُعطِ الجولة أهمية حتى في تغطية الجلسات، إذ اكتفت وكالة (سانا) التابعة للنظام بالإشارة إلى انطلاق الجولة، ونقلت عن رئيس وفد النظام، أحمد الكزبري، قوله إن “المباحثات تناولت مواضيع عدة منها المبادئ الوطنية وملف عودة اللاجئين ورفض أي مخطط انفصالي للأراضي السورية إضافة إلى الملف الإنساني وضرورة المعالجة العاجلة له”. وهي مواضيع لا تمت بصلة إلى جدول أعمال الجولة، والتي من المفترض أن تبحث “المبادئ الأساسية للدستور”.

العربي الجديد

—————————

وفد المعارضة السورية يدرس تعليق مشاركته بأعمال اللجنة الدستورية اعتراضاً على عرقلة النظام/ عماد كركص

مع دخول اجتماعات الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، يومها الثاني اليوم الثلاثاء، بدأ يتضح أكثر أن وفد النظام يشارك فيها بنية تعطيل أعمالها لكسب عامل الوقت كما فعل في الجولات الأربع الماضية، وذلك في ظل معارضة يبديها عند محاولة الوصول إلى اتفاق على جدول أعمال الجولة الحالية المقرر أساساً بمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور.

وشدد وفد النظام على أن منهجية العمل تلك تتطلب التوافق عليها خلال اجتماع الهيئة المصغرة للجنة الدستورية المكونة من 45 عضواً، لا قبيل الدخول في الاجتماعات، في مسعى للمراوغة ولكسب مزيد من وقت أعمال الهيئة.

هذه الصيغة لقيت رفضاً من وفد المعارضة، في حين لم يفلح المبعوث الأممي غير بيدرسون، في إيجاد توافق بين الجانبين، لتبدأ الجولة وسط مشاحنات بدأها أعضاء وفد النظام بالتركيز على رفع العقوبات وإدانة مختلف أشكال الاحتلال الأجنبي، وكذا لجوئهم لمقاطعة مداخلات وفد المعارضة بشكل مستمر، الأمر الذي جعل اجتماعات اليوم تخرج بدون نتائج تذكر. 

وفي حين لوحت المعارضة، قبيل انعقاد أعمال الجولة الحالية، باللجوء إلى مراجعة مشاركتها في مسار اللجنة في حال استمر النظام بعملية التعطيل والمماطلة، فإن هذا التلويح بات خياراً مطروحاً بقوة على طاولة وفد المعارضة وهيئة التفاوض السورية المنبثق منها. 

وأشار مصدر من هيئة التفاوض وأحد أعضاء الهيئة الموسعة للجنة الدستورية عن قائمة المعارضة، إلى أن استمرار التعطيل في هذه الجولة التي كان من المقرر أن تكون مفصلية وهامة في عمل اللجنة، بعد تعطيل ومماطلة شهدتهما الجولات الماضية، سيفضي لأن يبحث وفد المعارضة تعليق مشاركته في أعمال اللجنة، مشيرا إلى أن هذا الخيار بات قيد البحث والنقاش بين هيئة التفاوض ووفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية. 

وأكد المصدر، الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الأجواء غير مبشرة داخل اجتماعات الجولة الحالية، متحدثا عن عراقيل أتى وفد النظام بها إلى هذه الجولة، ولا يحمل جدية بدعم إنجاح العملية الدستورية برمتها. وبحسب المصدر ذاته فإن أبرز تلك العراقيل تتمثل في تركيز وفد النظام والأعضاء المحسوبين عليه ضمن قائمة المجتمع المدني، على زج مشكلة السيادة المنقوصة واستمرار فرض العقوبات على النظام وكون الدولة ناقصة السيادة، من خلال وجود عدد من الجيوش على أراضيها، بشكل لا يسمح لها بالدخول بحل سياسي إلا بعد حل هذه المشكلة، وبالتالي لا يمكن صياغة دستور جديد إلا مع إنهاء كل أشكال الاحتلال وإقرار الحل السياسي. 

وكشف المصدر أن وفد المعارضة في اللجنة بات يدرس مختلف الخيارات والسيناريوهات ومنها الانسحاب، في حال أفضى تعنت النظام بفرض رؤيته لجدول أعمال الجولة، إلى تعليق أعمالها، مشيراً إلى أن ضمن الخيارات تعليق وفد المعارضة لمشاركته في أعمال اللجنة، وأن الأمر بات محط نقاش بين هيئة التفاوض والوفد.

سياسة/اللجنة الدستورية السورية/(مارتيال ترزيني/فرانس برس)

وأكد أن انتهاء اجتماعات اليوم الثاني من أعمال الجولة الحالية، قد يسفر عن قرار من الوفد بهذا الشأن سواء بالتعليق، اعتراضاً على تعنت النظام بالتهرب وعدم الالتزام بجدول الأعمال، أو الاستمرار. 

وأشار المصدر إلى أن بيدرسون يبدو عديم الحيلة حيال كل تصرفات وفد النظام، بعدم القدرة على إخضاعه لجدول الأعمال بناء على ولاية اللجنة خلال هذه الجولة وما سبقها، وهذا ما يصعب مهمة اللجنة ككل. 

وقبيل اجتماعات اليوم الثلاثاء، قال الرئيس المشارك للجنة الدستورية عن هيئة التفاوض السورية، هادي البحرة، إنّ “الأهمية الفعلية لهذه الدورة تكمن في أنها ستظهر بشكل واضح للمجتمع الدولي مواقف الأطراف كافة تجاه العملية الدستورية ككل، ومن يعيق أعمالها ويضع العثرات في طريقها ليمنعها من ممارسة ولايتها وإنجاز مهمتها، في أسرع وقت ممكن”.

وأوضح في إحاطة صحافية مكتوبة تم توزيعها على الصحافيين وحصل “العربي الجديد” على نسخة منها، أنّه “لا يمكن لأي عملية تفاوضية أن تنجح دون وجود طرفين راغبين في التوصل إلى حل يؤدي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254 (المتعلق بالتوصل لتسوية سياسية بسورية)”. وشدّد البحرة على أنّه “لا يمكن الاستمرار بأعمال اللجنة إن لم تبدأ بممارسة اختصاصاتها، وتحرز نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة”.

    بدأت صباح اليوم اجتماعات اليوم الثاني من الدورة الخامسة لـ #اللجنة_الدستورية الـ #سورية، والتي تعقد في مقر الأمم المتحدة في جنيف السويسرية. pic.twitter.com/LJs240oMJZ

    — هيئة التفاوض السورية- اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) January 26, 2021

وأضاف: “إننا كممثلين عن قوى الثورة والمعارضة نحمل مسؤولية تمثيل اللاجئين والنازحين بمعاناتهم التي يعيشونها لعامهم العاشر، ونحمل في قلوبنا وضمائرنا عذابات المعتقلين والمغيبين قسريا التي لم يستطع المجتمع الدولي حتى اللحظة إيجاد أي حل لها، كما نحمل معاناة السوريات والسوريين في أرجاء سورية كافة، في ظل ما يعانونه من شظف العيش وغلاء المعيشة وانخفاض في الدخل وشح في الخدمات وفقدان لمستلزمات الحياة الأساسية، كل هؤلاء يريدون إنجاز الحل السياسي وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات العلاقة وتحقيق العدالة، اليوم قبل الغد”.

وفي حين أكّد جاهزية ممثلي هيئة التفاوض “لفعل المستحيل من أجلهم (السوريين) ومن أجل مستقبل أبنائنا وأحفادنا ووطننا”، أعرب البحرة عن موقفه الرافض لـ “الاستمرار بالتعاطي العبثي مع هذه المطالب”.

وتابع قائلا: “لا بد من إيجاد سبل أخرى لتمكين اللجنة الدستورية من إنجاز مهمتها خلال أشهر بحد أقصى، وتفعيل العملية السياسية لإنجاز الاتفاق على المواضيع الأخرى في القرار 2254، وأولها إقامة الحكم ذي المصداقية والشامل للجميع وغير القائم على الطائفية.” ودعا البحرة الدول الراعية للعملية السياسية ومجلس الأمن الدولي إلى إيجاد تلك السبل، في حال ثبت تعطيل عمل اللجنة من قبل أي طرف من الأطراف، قائلا: “شعبنا ينتظر نتائج لا وعودا فارغة”.

في سياق متصل، كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن وجود تحضيرات لعقد اجتماع بصيغة أستانة لبحث الملف السوري، في مدينة سوتشي الروسية خلال فبراير/شباط القادم، وذلك في مؤتمر صحافي عقده، الثلاثاء، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة موسكو.

وأوضح لافروف، وفق ما أوردته وكالة “الأناضول”،  أن ممثلين من روسيا وإيران وتركيا يشاركون في اجتماعات الجولة الخامسة في مكتب الأمم المتحدة بجنيف.

ومن المقرر أن تناقش الجولة الحالية المبادئ الأساسية للدستور، وفي مقدمتها الهيكل العام للدستور، ويبنى عليه باقي فصوله، ويتم من خلالها رسم الملامح الأساسية للدولة الجديدة، ومن المبادئ المفترض مناقشتها في هذه الجولة: الرؤية العامة لشكل النظام السياسي، وكيفية الفصل المتوازن بين السلطات، وتحقيق استقلالية القضاء، وسيادة القانون، وضمان الحقوق والحريات وغيرها من المضامين الدستورية. غير أن استمرار التعطيل لا يبشر بالوصول إلى توافق حتى على جزء بسيط من جدول أعمال الجولة الحالية، التي من المقرر أن تختتم في الـ29 من الشهر الحالي. وتشي الأجواء السائدة بأن الخلافات قد تسفر عن تعليق أعمال الجولة قبل ذلك، كما حصل في الجولة الثانية من أعمال اللجنة الدستورية.

العربي الجديد

———————————

اللجنة الدستورية:النظام يخرج عن جدول الاعمال..ووفد المعارضة يقاطع

واصلت اللجنة الدستورية السورية اجتماعات الجولة الخامسة من أعمالها في جنيف، وسط جدل داخل وفد المعارضة حول جدوى متابعة الحضور بعد أداء وفد النظام في اليوم الأول من الجولة التي بدأت الاثنين.

وعلمت “المدن” من مصادر موثوقة أن أحد أعضاء وفد المعارضة رفض حضور الجلسة الصباحية الثلاثاء، وأبلغ رئيس الوفد هادي البحرة نيته الانسحاب من اللجنة طالباً من بقية الأعضاء التشاور حول موقف موحد لمواجهة استمرار وفد النظام بالمراوغة وتضييع الوقت.

وكان وفد النظام قد طالب في الجلسة الافتتاحية للجولة بتخصيصها لمناقشة الموقف من وجود القوات الأجنبية “غير المدعوة من الحكومة الشرعية على الآراضي السورية، وضرورة المطالبة برحيلها باعتبارها قوات احتلال” وأن يُصدر وفد المعارضة موقفاً صريحاً برفض أي مشاريع انفصالية. وفي هذا الصدد طرح بعض أعضاء هذا الوفد مناقشة طبيعة اتفاقية أضنة بين سوريا وتركيا، الأمر الذي استدعى احتجاج أعضاء من وفد المعارضة الذين اعتبروا أن هذه النقاط خارجة عن جدول أعمال الجولة.

وقدّم وفد المعارضة مداخلات في موضوعات تتعلق بالمضامين الدستورية التي نصّ عليها جدول الأعمال المتفق على مناقشته في الجولة الرابعة، مثل سيادة القانون والحق في تنظيم النقابات والمنظمات المدنية واستقلالها، الأمر الذي قابله وفد النظام بالمطالبة بالاتفاق على تعريفات لكل مصطلح، ما أثار جدلاً جديداً تدخل على إثره المبعوث الدولي غير بيدرسن باقتراح جدول أعمال رفضه وفد النظام أيضاً، بعدما رفض قبل ذلك الجدول المقترح من قبل وفد المعارضة.

وفي الوقت الذي رأى فيه الكثيرون أن وفد النظام يتصرف كما هو متوقع، من حيث المماطلة ورفض الدخول في نقاشات حول المضامين الدستورية، والعمل على إبقاء المفاوضات في إطار المبادىء العامة، وإفشال أي توافق حولها، من أجل إتاحة الفرصة لتنظيم الانتخابات الرئاسية القادمة التي ينوي النظام إجراءها في حزيران/يونيو 2021، فقد رفض أحد أعضاء وفد المعارضة حضور جلسات الثلاثاء، احتجاجاً على أداء الطرف الآخر وعدم التعامل بشكل حازم معه من قبل المبعوث الدولي إلى سوريا وفريقه.

وفي حال استمرار هذا العضو بموقفه من اجتماعات الجولة الخامسة التي من المقرر أن تنتهي في 29 كانون الثاني/يناير، سيكون العضو الثاني في الوفد الذي يتغيّب عن الحضور، بعد أن قدّم جمال سليمان، ممثل منصة القاهرة في وفد المعارضة، اعتذاره المسبق بعد الخلافات التي تفجرت داخل هيئة التفاوض بين قوى المعارضة التي تتكون منها الهيئة.

ويُطالب الكثيرون وفد المعارضة بالانسحاب من مسار اللجنة الدستورية الذي يرون أنه بلا جدوى وأن المستفيد الوحيد منه هو النظام، بينما يعتبر وفد المعارضة أن الانسحاب هو ما يسعى إليه النظام لافشال عمل اللجنة، حيث ستظهر المعارضة كمن تعرقل الحل السياسي، رغم القناعة بأن هذا المسار لن يحقق أي نتيجة ما لم يحصل ضغط جدي عليه.

وبينما قدّم أعضاء في وفدي المعارضة والمجتمع المدني تفاصيل موجزة لمجريات جلسات الاثنين، فقد شهدت جلسات الثلاثاء تكتماً شديداً، فيما نفت مصادر من الجانبين ل”المدن”، أن يكون وفد النظام قد أكد في هذه الجلسات أنه “لن يكون هناك أي تعديل دستوري قبل أن تستعيد الدولة سيطرتها الكاملة على جميع الأراضي السورية”.

وكان الرئيس المشارك للجنة الدستورية عن هيئة التفاوض السورية هادي البحرة، قد أكد أنّ “الأهمية الفعلية لهذه الدورة تكمن في أنها ستظهر بشكل واضح للمجتمع الدولي مواقف الأطراف كافة تجاه العملية الدستورية ككل، ومن يعيق أعمالها ويضع العثرات في طريقها ليمنعها من ممارسة ولايتها وإنجاز مهمتها، في أسرع وقت ممكن”.

وأوضح أنّه “لا يمكن لأي عملية تفاوضية أن تنجح دون وجود طرفين راغبين في التوصل إلى حل يؤدي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254″، مشدداً على أنّه “لا يمكن الاستمرار بأعمال اللجنة إن لم تبدأ بممارسة اختصاصاتها، وتحرز نتائج ملموسة خلال فترة قصيرة”.

المدن

—————————-

النظام السوري يرفض مقترحين حول منهجية سير الجولة الدستورية/ صبحي فرنجية

لم تكن بداية الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، اليوم الاثنين، سهلة وإيجابية، وهي الجولة التي تراها المعارضة السورية “حاسمة” و”جوهرية” و”تكشف النوايا”.

وبحسب مصادر “العربي الجديد” في جنيف، فإن الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام أحمد الكزبري رفض، أمس ليلاً واليوم صباحًا، مقترحين حول منهجية عمل الجولة وآلية بحث جدول الأعمال “المبادئ الأساسية للدستور”، و”طلب أن يتم التوافق على المنهجية خلال اجتماع الأعضاء الـ(45)، وهو أمر قد يُضيع عدّة جلسات دون جدوى وعمل جدي وفق الأجندة”.

وأشارت المصادر إلى أن المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون “حاول إيجاد مقترح وسط بين الطرفين، أي بين طلب الكزبري ومُقترح وفد المعارضة السورية، الذي يتضمن أن يُقدم كل طرف مقترحات للمبادئ الدستورية، ثم تناقش من قبل الحضور جميعًا للوصول إلى صياغة توافقية”، في حين تضمن مقترح بيدرسون “أن تُدرس كل ورقة يُقدمها أحد الوفود قبل أن يتم طرح الورقة التي تليها. إلا أن النظام رفض مقترح بيدرسون أيضًا، ولم يُقدم أي مقترح لطريقة عمل الجلسات”.

وعلى الرغم من أن وفد المعارضة السورية رفض مقترح الكزبري، إلا أن الجلسات بدأت، ووفق أعضاء في اللجنة الدستورية، فإن وفد النظام أمضى مداخلاته بالحديث عن “خطورة الاحتلالات” و”خروج القوى الأجنبية من سورية”، كما تحدّث عن “ضرورة رفع العقوبات أحادية الجانب عن سورية”، واعتبر أن “على الوفود استطلاع رؤى بعضها البعض حول الدستور، قبل الدخول في دراسة المقترحات الخاصة بالصياغة”، كما  أضاف أنه “تقريبًا ضاعت الجلسة الثانية في الحديث عن العموميات ذاتها، وسط مقاطعات من قبل وفد النظام لغالبية مداخلات أعضاء المعارضة ووفد المجتمع المدني المعارض”، حسب المصادر ذاتها.

وذكرت المصادر أن الساعات الأولى من الاجتماعات عكست جانبين، الأول نية وفد النظام التلاعب بالوقت، من دون أن يُعطّل أو يُغيّر جدول أعمال الجولة، بحيث تُمضي الوفود الجلسات في نقاشات حول الرؤى، والتصورات، من دون أن يكون هناك مخرجات منها، وذلك في إطار “استطلاع الرؤى” التي منها يمكن البناء على “مقترحات الصياغة”، وهو أمر قد يمتد حتى نهاية الجولة الحالية أو ما بعدها.

أما الجانب الثاني، فهو أن الأمم المتحدة لم تعمل على إنجاز الاتفاق على المنهجية قبل الجولة، خصوصًا أن الأمم المتحدة تعلم تمامًا أهمية هذه الجولة، وكان من المفترض أن يعمل المبعوث الأممي على إنجاز هذا الملف في الفترة ما بين نهاية الجولة الماضية وبداية الجولة الحالية.

هاجسان للنظام

حول ذلك يقول الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض وعضو اللجنة الدستورية الموسّعة يحيى العريضي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “هاجس النظام هو تمرير أمرين، الأول هو حاجة ملحّة بالنسبة له وهي الانتخابات، والأمر الثاني والذي له صفة استراتيجية، ويتمثل بالظهور أمام العالم أنه ملتزم بعملية السلام”، وعدّ العريضي أن الأمر الثاني له “تبعات يبني عليها النظام أمورا كبيرة، منها إيصال أنه ملتزم بالعملية، فلماذا العقوبات إذًا، وأيضًا هو بهذا يُرضي الروس”.

وتابع في هذا السياق “لذلك هو أمر طبيعي أن يكون مسلك بداية الجولة بهذا الشكل، اختلاف على المنهجية المتفق عليها، وبذلك يرفع النظام وتيرة التوتر المطلوبة، ورمي الكرة في ملعب الأطراف الأخرى وجعلها مسؤولة عما سيحدث”، وتابع “في المقابل، وفد الهيئة متحضّر تمامًا، وأوراقه ومقترحاته جاهزة، ونظّم مشاركاته وطبيعتها”.

هادي البحرة/اللجنة الدستورية/المكتب الإعلامي للجنة

إرضاء شغف روسيا

من جهته، لا يأمل مدير المكتب الإعلامي للهيئة وعضو اللجنة الدستورية الموسّعة وعضو هيئة التفاوض إبراهيم جباوي أن تحقق الجولة إنجازات، وقال في حديثه لـ”العربي الجديد” إن النظام “جاء صاغرًا ومُجبرًا و لإرضاء شغف روسيا، للقول أمام العالم إنهم أتو إلى الجلسة، لكن وفد النظام أتى إلى جنيف ليس بجعبته شيء وليس مخولًا بحث أي بند دستوري إطلاقًا”.

وأكد جباوي أن “هذه الجلسة، المُتفق على جدولها، عملها واضح، هو بحث مبادئ الدستوري، لكن النظام جاء لإفراغ الجولة من مضمونها، لم ولن تُفضي هذه الجولة عن أي نتائج تُرجى”، وشدّد على أنه “في حال لم يُمارس على روسيا ضغط أولاً قبل النظام، ومن ثم روسيا تضغط على النظام، أو يُصاغ ضغط دولي على النظام، فإن النظام لن يُصغي إلى جدول الأعمال”.

وتابع أن وفد المعارضة “ذهب إلى جنيف وفي جعبته أوراق كاملة متكاملة مدروسة على أعلى المستويات، لطرحها كمواد دستورية قابلة للنقاش، وعلى أمل أن يُحققوا شيئا، إلا أن وفد النظام يسير على عكس ذلك تمامًا”، وعدّ أن “كل المبعوثين الأمميين، ابتداءً من الدابي وانتهاءً ببيدرسون، هم متحيزون للنظام، وخاصة دي ميستورا الذي أفرغ القرار 2254 من مضمونه وحوّله إلى سلال أربعة، وبعد ذلك بدأ بسلة الدستور متجاوزًا سلة هيئة الحكم الانتقالي”.

وأضاف أن “دور الأمم المتحدة سلبي للغاية، وكان يجب أن يكون دورها وسيطاً لتقريب وجهات النظر الخلافية بين الطرفين، ولاحظنا أن إحاطات بيدرسون مؤخرًا خالية من أي إشارة إلى أن النظام ليس جديًا أو أنه يتحمل مسؤولية التعطيل الحاصل”.

وكان أعضاء وفد المعارضة للجنة الدستورية المُصغّرة عقَدوا اجتماعًا أمس مساء، في مقر الأمم المتحدة، ركّزوا فيه “على مراجعة خطة عملهم لهذا الأسبوع وفقا لجدول الأعمال، لمناقشة المبادئ الأساسية في الدستور وفقا لولاية اللجنة الدستورية والمعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحتها الداخلية”، بحسب بيان صحافي وزّعه الوفد على الإعلاميين صباح اليوم، ووصلت إلى “العربي الجديد” نسخة منه.

ووفق البيان، فإن الرئيس المشترك للجنة الدستورية هادي البحرة أجرى، برفقة عدد من وفد المعارضة، لقاءً مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون، ركّز فيه البحرة على “ضرورة تسريع عملية الإصلاح الدستوري للوصول إلى صياغة دستور جديد لسورية”، وأن “السبيل الوحيد لوضع حد لمعاناة وآلام أهلنا، وأولها إطلاق سراح المعتقلين، ومعرفة مصير المغيبين، والعودة الآمنة والكريمة والطوعية للنازحين واللاجئين، ولتحقيق تطلعات شعبنا بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية، ودولة المواطنة المتساوية، لا يكون إلا بإنجاز حل سياسي عادل من خلال التطبيق الكامل للقرارين الأممين 2254 (لعام 2015) و2118 لعام (2013)”.

العربي الجديد

—————————

اجتماعات اليوم الثالث لـ”الدستورية” بجنيف.. النظام لايزال عند النقطة صفر

بدأت أعمال اليوم الثالث من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، اليوم الأربعاء، دون تحقيق أي تقدّم يُذكر ضمن هذا المسار.

وذكرت مصادر خاصة من كتلة المجتمع المدني لـ “السورية نت”، أن الجولة الخامسة المنعقدة حالياً في جنيف، بحضور وفدي النظام والمعارضة ووفد المجتمع المدني، لم تحقق الأهداف المرسومة لها وهي مناقشة المبادئ الأساسية للدستور السوري.

وأضافت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أن النظام لا يزال يلتف حول ما يسميها “الثوابت الوطنية” ويتجنب الخوض في أي نقاش يطال الدستور.

وبحسب المصادر ذاتها فإن وفد المعارضة، برئاسة هادي البحرة، قدم للمبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، مقترحاً لمناقشة مواد أولية في الدستور، إلا أن وفد النظام رفض ذلك، وأعاد النقاش إلى ما ورد في الجولات الأربعة الماضية.

ولا يزال وفد النظام يطالب بمناقشة أمور عدة أبرزها “السيادة الوطنية” ورفض “الاحتلالات” والعقوبات الاقتصادية، فيما يعتبره البعض إضاعة للوقت لتجنب الخوض بمناقشة المبادئ الدستورية.

وكانت الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية انطلقت في جنيف، أول أمس الاثنين، وتُعتبر من أبرز الجولات وأهمها، كونها من المفترض أن تناقش ولأول مرة البذور الأولى للدستور الجديد، والمتمثلة بـ”المبادئ الدستورية”.

ومن المقرر أن يستمر جدول أعمال الجولة الخامسة لخمسة أيام متواصلة، حتى 29 من يناير/ كانون الثاني الحالي.

وعلى مدار الجولات الأربعة الماضية من اجتماعات اللجنة لم يخرج المشاركون من الوفود الثلاثة بمخرجات ملموسة على صعيد كتابة الدستور في سورية.

و تركّز النقاش في الجولات السابقة على عدة مسائل ونقاط بعيدة عن المبادئ الدستورية، التي تشكلت اللجنة من أجلها ولتحقيقها.

ثلاثي “أستانة” يتحرك

تزامناً مع انطلاق أعمال الجولة الخامسة، أجرت وفود روسية وإيرانية وتركية زيارة إلى جنيف، أمس الثلاثاء، لبحث تطورات المسار السياسي السوري، في تحرك لافت من قبل ثلاثي “أستانة”.

ولم يتم الإعلان رسمياً عن أهداف الزيارة، إلا أنها جاءت وسط الحديث عن عدم إحراز أي تقدم في الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية، ما يشير إلى أن التحرك يأتي لمنع أي انهيار قد يشهده هذا المسار.

وتسعى الدول الغربية والدول المعنية بالملف السوري إلى التمسك باللجنة الدستورية باعتبارها المسار السياسي الوحيد الفعّال حالياً، خاصة مع انقطاع محادثات “أستانة” منذ أبريل/ نيسان الماضي.

ويُعتبر توقيت الجولة الخامسة المنعقدة حالياً حساساً، ولاسيما أنها تستبق الانتخابات الرئاسية في سورية بثلاثة أشهر، والتي يؤكد نظام الأسد إجرائها والمضي فيها، على الرغم من الرفض الدولي لها، وخاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، مؤخراً.

———————————

==========================

تحديث 28 كانون الثاني 2021

—————————–

لماذا لا تنسحب المعارضة من اللجنة الدستورية؟!/ عقيل حسين

مع نهاية جلسات اليوم الثالث من الجولة الخامسة للجنة الدستورية السورية المنعقدة في جنيف، ما يزال وفد النظام يمارس لعبة التعطيل والمماطلة وإضاعة الوقت، الأمر الذي يعيق تحقيق أي تقدم في هذا المسار.

أهداف وفد النظام واضحة، وهي تمرير الوقت إلى ما بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن يجريها النظام منتصف العام الجاري، ما يفتح الباب أمامه واسعاً لفرض أمر واقع جديد يقطع الطريق مرة أخرى على إمكانية تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي ينص في أحد فقراته على إنشاء هيئة حكم انتقالي، تصر المعارضة على أنه لا مكان لبشار الأسد فيها.

لا يفاجئ أداء النظام أحداً، بل إن المتوقع دائماً هو لجوؤه إلى المراوغة، حتى وفد المعارضة المتمسك بمسار اللجنة الدستورية رغم كل الاعتراض عليه من قبل أوساط الثورة والمعارضة يدرك تماماً أهداف وغايات الطرف الآخر، وقد توجه إلى جنيف وهو على يقين أن القادمين من دمشق لن يؤدوا بشكل أفضل مما كان عليه أداؤهم في الجلسات الأربع الماضية، لكن هذا الوفد لا يرى خياراً آخر ممكناً في الوقت الحالي.

في النقاشات الخاصة، بل في كثير من التصريحات الإعلامية لأعضاء في وفد هيئة التفاوض ووفد المجتمع المدني، يتكرر الحديث عن الثقة المطلقة بأن وفد النظام لن يقدم أي تنازلات ولن يسمح لمسار اللجنة الدستورية بتحقيق أي تقدم، وأنه لم يقبل أصلاً باللجنة الدستورية إلا تحت الضغط الروسي، حليف النظام الذي يحتاج حاجة ماسة إلى استمرار مخرجات مسار أستانا على قيد الحياة.

لكن هل تختلف أهداف موسكو بالفعل عن أهداف النظام ووفده من العملية الدستورية؟

بالتأكيد لا، ويكفي العودة إلى تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التي أطلقها في زيارته الأخيرة إلى دمشق في أيلول العام الماضي، وأكد فيها أن مفاوضات اللجنة الدستورية منفصلة عن الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجري في موعدها بغض النظر عن نتائج المفاوضات، التي شدد على أنه ليس لها سقف زمني.. بمعنى أن وفد النظام في جنيف ينفذ حرفياً ما تريده دمشق وموسكو.

فلماذا إذاً تستمر هيئة التفاوض المعارضة في التمسك بمسار اللجنة الدستورية، على الرغم من قناعتها بعبثيته وعدم جدواه وأنه يمنح النظام الوقت، ولماذا تتحمل كل هذه النقمة الشعبية والضغط الإعلامي بسبب مواصلتها التفاوض بلا طائل في جنيف؟

يجب الإقرار هنا أن المعارضة بشكل عام لم تعد تملك الكثير من الأوراق، وأصبحت خياراتها، على الأقل منذ سقوط حلب، محدودة جداً، وما لديها اليوم هي ورقة الضغط السياسي على النظام وإحراجه أمام المجتمع الدولي وأمام حاضنته، من خلال إظهار حقيقة تعطيله لأي محاولات تهدف إلى الحل ووقف معاناة الشعب السوري ووضع حد للكارثة الإنسانية المفتوحة منذ أكثر من عشر سنوات، بل إن الجميع يدرك أن وفد النظام، من خلال إصراره على المناورة والتعطيل، إنما يسعى إلى دفع وفد المعارضة للانسحاب، وبالتالي التخلص من عبء هذا المسار وتحميل مسؤولية إفشاله للمعارضة.

وإذا أردنا مقاربة الأمر بصيغة أخرى، فإن السؤال الذي يطرحه وفد المعارضة ليس “ما هو البديل” تحديداً، بقدر “ما الذي نخسره في حال استمرارنا في الحضور وإثبات الجدية وحسن النوايا.. ما الذي نكون قد فرطنا به؟”.

سؤال يبدو منطقياً بالفعل، فمجرد الحضور لا يعني الخسارة، خاصة أن هذا المسار لا يحقق شيئاً يمكن التخوف منه، لكن عملياً فإن اللجنة الدستورية هي في النهاية إحدى مخرجات مسار أستانة الذي سبق أن كان مرفوضاً من قبل الائتلاف وهيئة التفاوض المعارضة كونه يحمل تراجعات كبيرة في مطالب الثورة وثوابتها، قبل أن ينخرط فيه الجميع لاحقاً.

كما أن الخشية من أن يؤدي الأفق المغلق في هذا المسار واستمرار حالة الجمود فيه، بسبب تعنت النظام، إلى جر المعارضة لتقديم تنازلات أخرى يرى الكثيرون أن مقدماتها ظهرت في الورقة التي قدمها وفد المعارضة في ختام الجولة الرابعة التي عقدت في كانون الأول الماضي، وقوبلت بانتقاد شديد، ما دفع رئيس الوفد وأعضاءه إلى الخروج لتقديم تفسيرات تؤكد على عدم التفريط بأي من بنود القرارات الدولية المتعلقة بالشأن السوري.

وعليه فإن القول بعدم خطورة الاستمرار في المشاركة في مفاوضات اللجنة الدستورية بواقعها الحالي لايجب أن يكون مطمئناً، خاصة مع استمرار احتمالية تعرض الوفد لضغوط خارجية تجمل له تقديم بعض التنازلات أو تقديم وعود له مقابل إبداء مزيد من المرونة، ولذلك فإن على هذا الوفد أن يدرس بشكل جدي الاستفادة من الفرصة الذهبية التي يقدمها تعنت وفد النظام ومراوغته التي بلغت ذروتها في الجولة الخامسة لإيجاد مخرج آمن من هذا المسار الذي لم يحقق أي فائدة تذكر من أجل خلاص السوريين.

تلفزيون سوريا

—————————-

اللّجنة الدّستوريّة السّوريّة تَخُطُّ بِمِدادِ الفُرَقاء/ آلان حسن

بَعْدَ أربع جَولات لَمْ تُقَدِّم سِوى “خيبات الأمَل” على حَدّ تَوصيف المبعوث الأُمَميّ إلى سوريا “غير بيدرسون” تَتَّجِه الأنظار إلى الجولة الخامسة مِن مفاوضات اللّجنة الدّستوريّة السوريّة، والمُقَرَّر عَقْدُها اليوم الإثنين، في ظِلّ تَرَقُّب موقف الإدارة الأميركيّة الجديدة بقيادة جوزيف بايدن، والانتخابات الرئاسيّة السوريّة المزمع إجراؤها خلال النِّصْف الأوّل مِن العام الحاليّ، وكذلك، الخِلافات البُنْيويّة العَميقة بَيْن مُكوِّنات المُعارضة السّوريّة، والتي وَصَلَتْ إلى حدودٍ غَيْرِ مَسْبوقة مُنْذُ تشكيل الهيئة العُليا للتفاوض وفْقَاً للقرار الأُمميّ (2254) وقد كانَ آخر تداعياتها سَحْب السعوديّة دَعْمها للهيئة، عَبْر تعليق عَمَل موظّفيها في الرياض اعتباراً من نهاية كانون الثاني/يناير مِن العام الحاليّ، مُعَلِّلَةً ذلك بِرَفْضِ كُلٍّ مِن «هيئة التّنسيق الوطنيّة لِقوى التّغيير الديمقراطيّ، ومنصّة موسكو، وبَعْض شخصيّات منصّة القاهرة» قرارات هيئة التفاوض السوريّة.

وتُشكِّل اللجنة الدستورية؛ السَّلّة الثالثة مِن السِّلال الأربعة التي كَشَفَ عنها المبعوث الأُمَميّ السابق إلى سوريا “ستيفان دي ميستورا” في المؤتمر الختامي لـ (جنيف 4) في آذار/مارس 2017 حيث ضمّت السلّة الأولى القضايا الخاصّة بإنشاء حُكْمٍ غير طائفيّ، وشَمَلتْ السلّة الثانية القضايا المتعلِّقة بِوَضْعِ جدول زمنيّ لمسودة دستور جديد، بينما شَكَّلَت السلّة الثالثة كُلّ ما يتعلّق بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة تحت إشراف الأُمَم المُتَّحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم.

أما السلّة الرابعة فتختصّ باستراتيجيّة مكافحة الإرهاب والحَوْكمة الأمنيّة، وبِناء إجراءات للثقة المتوسّطة الأَمَد.

حاولتْ الحكومة السوريّة جاهِدة تأخير عَمَل اللجنة الدستوريّة سَعْيَاً لإجراء الانتخابات الرئاسيّة وفقاً لدستور عام (2012) الذي يُخَوِّل الرئيس بشار الأسد التَّرَشُّح لولاية ثانية وأخيرة، وبالتالي فالدّستور المُستقبليّ -إذا ما كُتِب- سيشكِّل فُرْصةً للأسد لإعادة مشاركته في الانتخابات الّتي تَلي تطبيق هذا الدّستور، وفق نظرية “تصفير العدّاد” كما يحدث عادة في دُوَل الشرق الأوسط.

موسكو بِدَوْرِها لا تَنْفَكّ في استخدام نُفوذها داخل المعارضة، فقد استقبل وزير خارجيتها سيرغي لافروف وَفْداً من أعضاء منصتَيّ موسكو والقاهرة، سَعْيَاً مِنها لِكَسْب الثانية إلى جانبها، وذلك بَعْد الخلافات الداخليّة الكبيرة ضمنها، في ظلّ بروز تيارين داخل المنصّة، أحدهما يوالي السعوديّة، والآخر يُوَلِّي وَجْهَه شَطْر موسكو، وكذلك الإقصاء الذي تُمارسه منصّة الرياض بِحَقّ مندوبي المنصّات الأخرى في عَمَلَ اللجنة الدستوريّة المُصَغَّرة المُكَوَّنة مِن (45) عضواً، موزّعين بالتَّساوي بين كُلّ مِن الحكومة السوريّة، والمعارضة، ووفد المجتمع المدنيّ الّذي تُرشّحه الأُمم المتّحدة.

ويبدو أنّ السَّعي لإيجاد توافقات بين الكيانات السوريّة المُعارِضة ماضٍ على قَدَمٍ وَساق، فَحزب الإرادة الشعبيّة، المُقَرَّب مَن موسكو، وَقّعَ مُذَكّرة تفاهُم مع “مجلس سوريا الديمقراطيّة” في آب/أغسطس 2020 نَصّتْ على السَّعي لضمِّ «مسد» إلى العمليّة السياسيّة، وكذلك الأمر، يعمل “الحزب” على خطٍ متوازٍ مع أعضاء مِن منصّة القاهرة، لتنسيق المواقف داخل هيئة التفاوض، وفي جولات جنيف.

السعوديّة بِدَوْرِها تَتَطَلَّع إلى دَوْرٍ سياسيّ ما في حَلّ الأزمة السوريّة، مستفيدةً مِن ثِقَلِها الإقليميّ، والدَّوْر المَنُوط بها في مواجهة التّمَدُّد الإيرانيّ في الشَّرْق الأوْسط عامّة، وسوريا كجزءٍ مِنْها، وكذلك لِوَزْنِها النَّوعيّ داخل شرائح مجتمعيّة مهمّة في شمال وشرقيّ سوريا، والتي لا تزال تحتفظ بعلاقات متميّزة مع الرياض بِحُكْمِ الحالة العشائريّة السائدة.

مِن جانبه يُدرك الجانب التّركيّ أنّ تقاسمه احتكار إدارة المعارضة السوريّة، مع حليفته المؤقّتة روسيا، إنّما أصبحَ مَوْضِع شّكّ في الوقت الرّاهن، خاصّة بَعْدَ الفَشَل الذّريع في إيجاد أيّة حُلولٍ سياسيّة خلال الفترة التي عَمِلا فيها سَوَيّةً تَحْتَ مِظَلّة اتّفاقات أستنة، ومفاوضات اللّجنة الدّستوريّة، وبالتّالي فهي ستكون مُضْطرّة لمواجهة واقع آخر مُختلف.

الموقف الأميركيّ سيكون حاسِماً في مستقبل العمليّة السياسيّة في سوريا، بِحُكْم تواجده المباشر في المناطق النّفطيّة الواقعة تحت سيطرة “قوّات سوريا الديمقراطيّة” وكذلك فهي تستطيع التأثير على مناطق سيطرة الفصائل السّوريّة الموالية لأنقرة في الشّريط الحدوديّ السّوريّ التُّركيّ.

رعاية الولايات المُتّحدة لجَوْلات الحوار الكُرديّ الكُرديّ، والتَّوَصُّل إلى وثيقة سياسيّة مُلْزِمة بين الطرفين الكُرديَّيْن الرئيسيَّيْن، حزب الاتّحاد الديمقراطيّ، والحزب الديمقراطيّ الكُردستانيّ – سوريا قد تُشَكِّل إحدى المُرتكزات الّتي، على إثْرها، تعود واشنطن للانخراط في العمليّة السياسيّة.

فوصول كُرْد سوريا إلى تفاهم على رؤية سياسيّة لمستقبل البلاد، ربّما يكون مُقدّمة لتفاهمات أشْمَل مع مُكوّنات المنطقة، وصولاً إلى تشكيل جبهة مُعارِضة خارج العَباءة التركيّة، وسَحْبِ البساط مِن تحت الرّوس والأتراك في الاستئثار بتمثيل المُعارضة، وكذلك لِتَشْكيل ضَغْطٍ على أنقرة كَي تَبتعد خطوات عن موسكو.

وبذلك تكون الكُتلة المُعارِضة الجديدة مُتِّسَقة مع الرؤية الأميركيّة، في مجابهة الوجود الإيرانيّ في سوريا، والضَّغْط على الحكومة السوريّة كَي تَتَّخِذ القرار المنتظر بالدخول للجهود الدوليّة الرّامية إلى إخراج القوّات الإيرانيّة وحلفائها من سوريا تَمهيداً لحلٍ سياسيّ يَسْتَنِد لقرار مجلس الأمن (2254)

التوافق الأميركيّ الرّوسيّ سيكون مِنْ شأنه إيجاد عمليّة سلام آمِنة في البَلَد الذي أنهكتهُ التدخّلات الإقليميّة والدوليّة، فَضْلاً عن الاحتراب الأهليّ الحاصل، وقد يُشَكِّل التوافق ذاك فُرْصة لإعادة بناء سوريا على أُسِسٍ جديدة تختلف عن تلك التي أنتهجتها منظومة الحُكْم في سوريا منذ تولّي حزب البعث زِمام السُّلطة عام (1963) عَبْرَ انقلاب الثامن من آذار/مارس، وتكون مُنطَلقاً لعمليّة إعادة الإعمار التي مِن شأنها خَلْقِ فُرْصَة لعودة اللّاجئين السّوريين إلى بِلادهم.

الحل نت

——————————

=====================

تحديث 29 كانون الثاني 2021

———————————

الدستور ليس حلاً في سورية/ بشير البكر

أن يلتقي السوريون في إطار اللجنة الدستورية في جنيف أمر جيد، مع أنه لم يحقق إنجازا كبيرا على مدى أكثر من عام. ذلك أن مبدأ اللقاء مفيدٌ، في حد ذاته، لأنه يبقي القضية السورية على جدول المجتمع الدولي، ثم أن الأطراف التي تلتقي تعبّر، بصورة أو بأخرى، عن نسبة كبيرة من الحساسيات السورية، ووجودها على طاولة الحوار أفضل من وجودها على جبهات القتال. وفي الوقت نفسه، يتعين تثمين دور الأمم المتحدة، ومثابرتها على متابعة الشأن السوري بما استطاعت إليه سبيلا، وإن إصرارها على لقاء السوريين في صالح المسألة السورية، على الرغم من أنه لم يثمر عن نتائج ملموسة تسهم في تقديم حل نهائي، سواء من خلال اللجنة الدستورية، أو عن طريق القنوات الأخرى.

من الواضح أن تحقيق أي إنجاز على المستوى الدستوري أمر جيد، ولكن هذا التقدّم يبقى من دون معنى إن لم يكن محمولا على رافعة سياسية فعلية. وبالتالي، فإن السير نحو حل سوري لا يتوقف أو يرتبط بكتابة دستور جديد، فلا قيمة لدستور، ولو كان غاية في المثالية، إن لم تتوفر آلياتٌ وضماناتٌ لتنفيذه والعمل به. وهذا لا يعني إسقاط جهود الأمم المتحدة والأطراف الدولية التي تدعم هذا الجهد، ولا تبخيس جهود المشاركين في الحوارات. ذلك أن الأمم المتحدة نفسها اعترفت، في أكثر من مناسبة، بأن ما تقوم به لا يتعدّى تيسير اللقاء بين السوريين، ولعب دور الوسيط في ما بينهم، في وقت لا تزال شروط التلاقي السياسي غير متوفرة.

وشخّصت الأمم المتحدة الأزمة أخيرا في إحاطات المندوب الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، الذي تحدث بصراحة عشية افتتاح الجولة الخامسة للجنة الدستورية التي بدأت أعمالها في جنيف مطلع الأسبوع الحالي. ومما قاله، إن هناك حاجة إلى تعاون دولي لحل الأزمة السورية، مشدّدا على أن الحل لن يتأتى بفرض إرادة لاعبٍ أو مجموعةٍ بمفردها. وتحدّث، بصراحة للمرة الأولى، أنه “لا يمكن أن يحلّ السوريون وحدهم جميع المشكلات”، بل “هناك حاجة إلى التعاون الدولي”. وأكّد على ضرورة أن تجتمع البلدان ذات وجهات النظر المختلفة، وتتخذ خطواتٍ ملموسة لدفع العملية السياسية. ولفت بيدرسون إلى أن المفاوضات السورية لم تجلب حتى الآن “تغييرات ملموسة” لحياة السوريين، أو “رؤية حقيقية” من أجل مستقبلهم.

لا يحتاج هذا التشخيص إلى شرح أو تفسير، فهو واضح جدا، ويذهب نحو أصل الداء، ويحدّد الدواء، فالحل دولي فقط. ويتوقف قبل كل شيء على توفر إرادة دولية وتوافق دولي، وما لم يتحدّث عنه صراحة أن الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد القادر على إحداث اختراقٍ كبير في جدار هذه الأزمة. ومن المرجّح أن بيدرسون اختار وصول إدارة أميركية جديدة إلى البيت الأبيض، كي يرمي كلامه هذا على مسمع الجميع، ويحدّد المسؤوليات. وهو مثل غيره من الذين يأملون بحل سوري سريع، يعوّل على إدارة الرئيس جو بايدن أن تضع ثقلها من أجل تحريك القضية السورية التي وصلت إلى طريق مسدود، بسبب التدخلات الأجنبية، وتحويل سورية إلى مناطق نفوذ دولية، ورهان روسيا وإيران على حل عسكري يمكّن بشار الأسد من استعادة السيطرة على الجغرافيا السورية.

ومهما يكن من أمر، يحتاج تحرّك واشنطن نحو حل دولي في سورية أن تقابله موسكو بمرونة واستعداد لتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي لعبت دورا أساسيا في كتابة نصه، وهذا أمر لا يبدو أن روسيا في وارد أن تُقدم عليه من تلقاء ذاتها.

————————–

اجتماعات الدستورية: وفد النظام يعتمد “تكتيك” التعطيل الإيجابي/ عقيل حسين

انتهت الجلسة الصباحية من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية الخميس، في أجواء هادئة نسبياً، بعد التوتر الذي رافق جلسات الأيام الثلاثة الأولى من الجولة الخامسة المخصصة لمناقشة المضامين الدستورية، والتي كانت قد انطلقت الاثنين من دون تحقيق تقدم يُذكر.

ويبدو أن الاجتماعات التي عقدها ممثلو الدول الثلاث الراعية لمسار أستانة (روسيا، تركيا وإيران) المتواجدين في جنيف لمتابعة أعمال اللجنة، وكذلك اللقاءات التي أجروها مع بعض أعضاء وفدي المعارضة والنظام، قد أسهمت في ترطيب أجواء جلسة الأربعاء المسائية، والجلسة الصباحية الخميس، لكن من  دون أن ينعكس ذلك على المضمون، وكان لافتاً انتقال وفد النظام من طرح قضايا خارجة عن النقاش الدستوري، إلى اقتراح مضامين وُصفت بالاستفزازية.

وبينما تمسّك وفد المعارضة باستراتيجيته القائمة على الالتزام بجدول الأعمال المقرر لهذه الجولة، وأعاد طرح ورقة البنود الدستورية العشر التي قدمها الثلاثاء، طرح وفد النظام الأربعاء مقترحات مواد دستورية تنص على حماية (الرموز الوطنية) مثل العلم والنشيد الوطني والعملة، بالإضافة إلى التشديد على المركزية السياسية والإدارية.

وأعاد الوفد التركيز على هذا الطرح الخميس في مداخلته التي اعتبر فيها أن “احتكار وظائف التشريع والقضاء والجيش والنقد والسياسة الخارجية وغيرها، من الأمور السيادية التي تضمن وحدة البلاد واستقلالها، كما قدم بعض أعضائه توضيحات حول العروبة وفصل الدين عن الدولة وتفنيد مصطلح العدالة الانتقالية.

طروحات كانت بمثابة انتقال من التعطيل السلبي إلى التعطيل الإيجابي، فبعد يومين من رفضه الانخراط في مناقشة المضامين الدستورية وإصراره على تأجيل البحث فيها إلى حين “الانتهاء من مناقشة المبادىء” كما طالب رئيسه أحمد الكزبري وأعضاء آخرين، وأمام الغضب المتنامي من أدائه إلى حد تلويح وفد المعارضة بالانسحاب أو تعليق مشاركته في الجلسات، انتقل وفد النظام إلى طرح مضامين يرى المتابعون أنها ملغومة، حيث يدرك أنها شديدة الحساسية ويمكن أن تسبب حرجاً للطرف الآخر الذي يتبنى علماً مختلفاً عن العلم الرسمي، وسيؤدي قبوله لمناقشتها إلى غضب شديد في أوساط الثورة والمعارضة.

ولا تقّل قضية العملة حساسية أيضاً، حيث تتبنى قطاعات واسعة في المعارضة التعامل بالعملات الأجنبية بدلاً عن الليرة السورية، لأسباب سياسية واقتصادية، وتفرض مؤسسات الحكومة المؤقتة والمجالس المحلية في مناطق سيطرة الجيش الوطني التعامل بالليرة التركية، وهو أمر يدرك وفد النظام مدى الإحراج الذي يؤدي طرحه لوفد المعارضة.

كما يبدو واضحاً سعي وفد النظام إلى ضرب تماسك وفد المعارضة من خلال طرحه مسألة الهوية العربية للدولة السورية والتشديد على المركزية السياسية والإدارية، إذ يُعتبر هذان الملفان من القضايا الخلافية داخل الوفد الممثل لهيئة التفاوض، الذين تتباين وجهات نظر ممثلي قوى المعارضة حولهما، بين من يرى ضرورة الحفاظ على “العروبة” كهوية مع الإشارة إلى بقية المكونات القومية، وبين من يطالب بعدم تضمين الدستور الجديد أي إشارات قومية أو دينية، وهو ما ينطبق أيضاً على الموقف من قضية المركزية واللامركزية، المختلف عليها كذلك.

وللخروج من الزاوية التي أراد وفد النظام حشر الطرف الآخر فيها، اقترح أعضاء في وفد المعارضة ضرورة الإعتراف بالتنوع السوري في الدستور واحترامه، كما طالبوا بالنص على اعتبار الفساد من الجرائم الكبرى بسبب خطورته على الاقتصاد والمجتمع والسياسة، مؤكدين “ضرورة تعزيز القانون بنصوص دستورية واضحة لمكافحة الفساد” حسب ملخص قدمه أحد أحد اعضاء الوفد لجلسات الأربعاء.

من جانبه حاول وفد المجتمع المدني العمل على كسر الجمود الذي يسيطر على النقاشات، وقدّم بعض أعضائه مداخلات تتضمن بعض المبادئ الدستورية، وأخرى تتعلق بتفسيرات للعدالة الانتقالية بعد اللغط الذي أثاره وفد النظام في اليومين الأول والثاني حول هذه النقطة بسبب رفضه مناقشتها، بينما اعتبرها بعض ممثلي المجتمع المدني المقربين من النظام ذات مفعول سلبي ولا تخدم السعي للوصول إلى حل سياسي للصراع في سوريا.

وينقسم أعضاء وفد منظمات المجتمع المدني إلى مجموعتين، الأولى تمثل المؤسسات والمستقلين المؤيدين لمطالب الثورة، بينما تعتبر الثانية مؤيدة للنظام ومعظم أعضائها من المقيمين في مناطق سيطرته في سوريا، وكان الهدف من اختيارهم من قبل المبعوث الدولي إلى سوريا، إحداث توازن بين الوفدين في المفاوضات وفي التصويت على مسودة الدستور لاحقاً.

عضو وفد المجتمع المدني رغداء زيدان أكدت ل”المدن”، أن “الوفد ينقسم بين فريق يتماهى تماماً مع وفد النظام ويردد طروحاته، وفريق آخر يحاول تقديم مقترحات للوصول إلى منهجية تساعد على انتاج مخرجات، خاصة مع عدم تحقيق أي تقدم في الجولة الحالية، وسط استمرار وفد النظام بالمماطلة والتعطيل وتمييع النقاشات، من دون تقديم أي مقترح جدي، وكل ما قدمه مداخلات اقتصرت على إدانة الإحتلالات والمشاريع الانفصالية وما شابه”.

وأشارت إلى أن وفد المجتمع المدني يقوم منذ بدء الجولة بالتواصل الدائم مع فريق المبعوث الأممي وبعض الأطراف الدولية الأخرى، للضغط لإقرار منهجية عمل تساعد على الوصول لمخرجات، والفريق الدولي يضغط باتجاه إنجاح هذه الجولة، لكن حتى الآن لا يوجد تجاوب من قبل ممثلي النظام.

وتابعت: “قُدمت ورقة عن ضرورة ربط المبادئ بعضها ببعض ضمن منطق متكامل، مع جرد أولي لنقاط الاستعصاء في المفاوضات، وضرورة إيجاد آليات حوار أكثر انتاجية، وإلا فهناك خطر محدق بأن تفشل اللجنة وتنتهي الدولة إلى الانقسام بسبب التعنت وإضاعة الوقت، لكنني رغم ذلك لا اتوقع أن يكون هناك تغيير، فوفد النظام واضح جداً أنه لم يتلقَّ بعد تعليمات للتعاطي الإيجابي مع جدول الأعمال، وأنه يسعى جاهداً لدفع وفد المعارضة إلى الانسحاب”.

يوم واحد يفصل عن نهاية الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، بعد أربعة أيام من النقاشات العقيمة نتيجة إصرار وفد النظام على التعطيل وعدم مناقشة أي مضامين تساعد على التأسيس للجولة السادسة التي اتفق ممثلو الدول الراعية لمسار أستانة مع غير بيدرسن على عقدها في شباط/فبراير القادم.

المدن

——————————-

التقرير التحليلي “العوامل الموضوعية لفشل اللجنة الدستورية: بيئة مثبطة للحلول السياسية

مركز الحوار السوري

تمهيد:

مرَّ تصوُّر الحل السياسي في سوريا على الصعيد الدولي بمراحل متعددة؛ ابتداءً من بيان جنيف1، مروراً بالتصورات التنفيذية التي عمل عليها المبعوثون الدوليون لسوريا، وببيانَي فيينا 1-2، وبمسار أستانا وسوتشي الذي مثّلَ مساراً موازياً لجنيف، وانتهاءً بالقرار الدولي 2254، ثم تشكيل اللجنة الدستورية وانطلاق أولى جلساتها في منتصف عام 2019.

منذ الإعلان الأول عن تشكيل اللجنة الدستورية انطلقت أصوات من داخل قوى الثورة والمعارضة رافضةً المشاركة فيها كلّيّاً، بينما هرعَ آخرون لمباركة هذه الخطوة والانخراط فيها[1]. وبعد مرور ما يزيد على عامٍ ونصف على انطلاق اللجنة الدستورية؛ فإن الأصوات المؤيدة للجنة والمعارضة لها لا تزال في سجالٍ مستمرٍّ حول جدوى المشاركة فيها وقدرتها على تحقيق تطلعات الشعب السوري في الانتقال إلى نظام سياسي جديد.

وبعيداً عن الحجج التي يسوقها كل فريق لتأييد وجهة نظره يتساءل الكثيرون حول مآل اللجنة وفقاً للظروف الموضوعية الحالية التي تحيط بمسار العملية السياسية التي اقتصرت على اللجنة الدستورية.

نسعى في هذا التقرير إلى استعراض العوامل الموضوعية التي ترجّح فشل اللجنة الدستورية[2]؛ بعيداً عن العوامل الذاتية المتعلقة بأداء قوى الثورة والمعارضة وبنيتها، وعن العوامل الخاصة بتشكيل اللجنة الدستورية ذاتها، والعوامل الخاصة بنظام الأسد.

معادلة غير متوازنة:

“كلما تماثلت أوضاع أطراف الصراع كانت فرصة الانخراط في المفاوضات أكبر، وكذلك نجاحها، والعكس بالعكس”؛ هكذا عرّف بول د. ميلير حالة عدم التماثل التي كلما ازدادت ترتفع فرص فشل الحل السياسي[3]، ونجد أن هذه القاعدة النسبية انطبقت إلى حد كبير على اتفاقية “أوسلو” الموقَّعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي؛ فالاتفاقية الموقَّعة بين الطرفين في 1996 لم تنجح، وتملصت إسرائيل “الطرف الأقوى” من كل الالتزامات التي ارتضتها بموجب هذا الاتفاق[4]. بالمقابل نُفذ اتفاق “دايتون للسلام” بعد الحرب في البوسنة بنسبة كبيرة بسبب تماثل أوضاع “أطراف النزاع”، خصوصاً بعد تدخُّل حلف الناتو عسكرياً ضد الصرب[5].

في حالتنا السورية وعلى الرغم من هامشية عدم تماثل أوضاع “أطراف الحل السياسي”[6] من حيث الاعتراف الدولي[7] فإنَّ حجر الأساس في ذلك هو عدم توازن الوضع العسكري لكلا الطرفَين؛ فبعد أن كانت قوى الثورة والمعارضة تسيطر على ما يقارب 70% من أراضي سوريا وغالبية المعابر الحدودية وعلى جزء من العاصمة الاقتصادية لسورية “حلب” وغالبية الريف المحيط بالعاصمة دمشق، وكانت المناطق تتساقط بيدها واحدة تلو الأخرى[8]؛ فقد تحولت كفّة الميزان العسكري للنظام في بداية 2016.

صحيح أن النتائج العسكرية ليست المعيار الوحيد لحساب الخسارة والربح، لاسيما في “النزاعات الداخلية”، ولكنها أحد المعايير المهمة، والتي أثّرت بشكل واضح في مواقف الفواعل الداخلية “قوى الثورة والمعارضة، هتش، قسد، نظام الأسد”، وجعلت الأخير في موقف متقدم على غيره من الفواعل؛ ينظر لنفسه نِظرة المنتصر الذي لا يحتاج للحل السياسي إلا بالقَدْر الذي يُثبت فيها انتصاره وتُعلن معه بقية الفواعل هزيمتها. 

الجُمود الضارّ… ولكنْ بقوى الثورة والمعارضة فقط:

تُعرّف حالة “الجمود الضارّ” بأنها: الحالة التي لا يقدر أي من الطرفَين المتحاربَين فيها على الانتصار عسكرياً، ولكن يدفع تكاليف استمرار القتال، وتُعدّ هذه الحالة دافعاً للمفاوضات في حال استيعاب “طرفَي الصراع” عبثية الاستمرار بالحرب[9].

تنطبق حالة الجمود الضارّ في الوقت الحالي على قوى الثورة والمعارضة؛ لأنها منذ التدخل العسكري الروسي المباشر في نهاية عام 2015 تدفع تكاليف الحرب من دون تحصيل نتائج، بل على العكس تتعرض لخسائر عسكرية متتالية[10]، وينطبق الأمر ذاته على ميليشيات PYD التي “خسرت” عدة مناطق في السنوات السابقة[11]، على عكس نظام الأسد الذي يدفع تكاليف الحرب ويحقق نتائج بفضل الدعم الروسي الإيراني[12]، وبالتالي لم يصل إلى مرحلة الجمود الضارّ، وهذا ما تدركه روسيا تحديداً، وما يدفعها إلى رفض إعلان وقف دائم لإطلاق النار كونه يعني فعلياً بداية هذه المرحلة[13]؛ لأنه سيؤدي إلى دفع تكاليف الحرب من دون القدرة على تحقيق مكاسب ميدانية.

في المقابل نجد سعياً تركيّاً -باعتبارها أحد الأطراف التي تدعم قوى الثورة والمعارضة- إلى تثبيت خطوط التماسّ، وإعلان وقف إطلاق نار دائم يمهّد للدخول في العملية السياسية([14]؛ لـِمَا في ذلك من تأثير مباشر على فاعلية المسار السياسي.

يمكن القول: إن قوات النظام وحلفائه لم تصل بعدُ إلى مرحلة الجمود الضارّ، على عكس قوى الثورة والمعارضة و”قسد” التي تدفع حالياً تكلفة عسكرية دون تحقيق نتائج. وبالتالي لا يساعد الواقع الحالي لـ “أطراف الصراع” على الانخراط في أي حل سياسي، بما في ذلك مسار “اللجنة الدستورية”؛ فالنظام الذي رفض عندما كان في أضعف حالته في بداية 2014 الانخراط في مسار جنيف – المتوقف لأسباب متعددة منها تعنُّته – لا يُعقل أن يَقبل بالانخراط بجدّيّة في هذا المسار وهو ينظر إلى نفسه نِظرة المنتصر في الحرب[15]. وحتى الضغوط الاقتصادية والقانونية التي يتعرض لها نظام الأسد حالياً [16] لم يظهر تأثيرها على نواة نظامه باعتبارها لا تهدّد القوى الصلبة “الجيش والأمن” التي تشكل عماده[17]، مع أن تأثيرها الأكبر قد يكون على حلفائه، خاصةً الروس باعتبارهم حريصين على جني ثمار تدخُّلهم سياسياً واقتصادياً[18].

فقدان الطرف الثالث الضامن:

يعتمد نجاح المفاوضات بين أطراف الصراع على عوامل متعددة، من أهمها: وجود طرف ثالث ضامن للاتفاق، بالنظر الى احتمال عدم التزام الطرف المقابل بأي اتفاق سلام[19]، كما حصل في اتفاق “دايتون” للسلام الذي كان برعاية أساسية من الطرف الأمريكي[20].

في الحالة السورية وقفت الأمم المتحدة عاجزة عن إيقاف مسلسل جرائم النظام السوري، كما وقفت مكتوفة الأيدي عن إلزامه بأي حل سياسي نتيجة الفيتو الروسي[21]؛ الأمر الذي أفقدها الأدوات اللازمة لإلزام “الأطراف” المضيّ بأي مسار سياسي، فضلاً عن تنفيذه؛ بمعنى آخر: افتقدت القدرة على أن تكون “الطرف الثالث الضامن”.  والأمر ذاته انطبق على بعض الدول الفاعلة الأخرى، خاصةً الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تمتلك في سوريا الأدوات -وربما الإرادة أصلاً- لاتخاذ هذا الدور.

وفي الوقت الحالي أصبح لكل طرف من “أطراف النزاع” ضامنٌ خاص به؛ فتُعدّ روسيا الطرف الضامن لنظام الأسد من خلال مسار أستانا وسوتشي، لأن المصلحة الروسية تقتضي وجود نظام سياسي في دمشق يحفظ المكتسبات التي حققتها روسيا في سوريا[22]، وحتى الآن يبدو ذلك مرتبطاً ببقاء الأسد وإجراء تغييرات شكلية على نظامه لا تؤثر سلباً على المصالح الروسية[23]. وعلى الطرف الآخر تأخذ تركيا الدور نفسه بالنسبة لغالبية قوى الثورة والمعارضة السورية[24]؛ حيث تسعى أنقرة لتحقيق الاستقرار السياسي في الجارة الجنوبية عبر انتقال سياسي، وبالتالي تحافظ على وحدة الأراضي السورية، وتتخلص من مخاوف الانفصال الكردي[25]. وإلى جانب ضامِني نظام الأسد وقوى الثورة والمعارضة نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة وجودها العسكري في شمال شرق سوريا، هي أقرب لأن تكون ضامناً لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي تراها شريكها في محاربة داعش[26].

في ظل هذا الواقع، ومع تعارُض مصالح الدول التي تأخذ دور الضامن “روسيا وتركيا[27] إلى جانب الولايات المتحدة؛ فإننا نفتقد لعامل إضافي يمكن أن يدفع قدماً مسار اللجنة الدستورية، وهو فقدان الطرف الضامن المؤثِّر الذي يمكن أن يدفع الطرفَين إلى توافقات ولو مرحلية. أكثر من ذلك، حتى وإنْ تم التوافق بين هذه الدول على المضيّ في اللجنة الدستورية وإنجاح أعمالها فليس من المتوقع أن يكون لذلك آثار مباشرة ومؤثرة في تحقيق أحد أهم أهداف المسار السياسي، وهو “الانتقال السياسي”، كما سيأتي معنا[28].

التدخل الخارجي: عامل إضافي لمصلحة نظام الأسد

يُسهم التدخل الخارجي بإنهاء الصراع أو إطالته، فعلى سبيل المثال: كان للتدخل الخارجي في الحالة البوسنية دورٌ إيجابي في إنهاء الصراع[29]، بينما مؤخراً في الحالة الليبية كان له دورٌ سلبي في إطالة عُمر الصراع[30].

يمثّل اختلال ميزان القوة العسكرية عاملاً إضافياً لفشل أي مسار سياسي، بما في ذلك مسار اللجنة الدستورية؛ إذ يشير تحليل التجارب المقارنة إلى أن وجود هذا التوازن يسهم إلى حد كبير في نجاح المسار السياسي، وهذا التوازن يتحقق إما عن طريق تحجيم الدعم العسكري المقدم للنظام، وإما عبر زيادة الدعم المقدَّم لقوى الثورة والمعارضة من خلال الزيادة الكمية والنوعية أو زيادة الانخراط العسكري لبعض الدول المحسوبة عليها، وبالتالي خلق حالة من توازن القوى بين الطرفين.

بيع وَهْم المستقبل بوعود الحاضر:

في أواخر شهر ديسمبر من العام 2015 أصدر مجلس الأمن القرار رقم 2254 الذي نصَّ على ضرورة التزام جميع الأطراف السورية بالقانون الدولي الإنساني وبقانون حقوق الإنسان، كما أشار القرار إلى ضرورة العمل على وقف إطلاق النار، إضافة إلى مطالبته بعودة اللاجئين والمهجَّرين إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة[31].

مع بدء المفاوضات بين هيئة المفاوضات العليا السابقة مع الأمم المتحدة ركزت “الهيئة” على أن البنود الإنسانية الواردة في قرار مجلس الأمن المذكور آنفاً هي بنود فوق تفاوضية، ويجب أن تكون مقدمة في الحل السياسي من أجل تعزيز الثقة بين الأطراف. ومع الإعلان عن تشكيل اللجنة الدستورية وبدء المحادثات بين الطرفين[32] لم تعد البنود المنصوص عليها في القرار 2254 على قائمة الأولويات في هذه المباحثات؛ فقد انتقل كلّ من الطرفين إلى الحديث عن القضايا المستقبلية بعيدة الأمد المتمثلة في الدستور[33]، بينما بقيت قضية “هيئة الحكم الانتقالي” كاملة الصلاحيات -بمركزيتها وجوهريتها- و”البنود الإنسانية” عالقة، ولم يتم التطرق إليها مع أهميتها الكبرى استراتيجياً من جهة وانعكاسها المباشر على وضع السوريين من جهة أخرى-خصوصاً منهم النازحين واللاجئين[34].

يمكن القول: إن القضايا التي تم تجاوزها “وقف إطلاق النار، والعودة الآمنة والطوعية، والبيئة الآمنة والمحايدة” كانت ستمثّل البرهان الوحيد على سير الأطراف السورية في طريق الحل السياسي، والاستحقاقات الفورية التي تؤكد على عدم العبث بتكامل القضايا في الحل السياسي المفترض؛ إلا أنه تم القفز عليها والتوجه نحو اللجنة الدستورية التي انحصر النقاش فيها حالياً على نصوص قانونية -بغضّ النظر عن أهميتها وانعكاسها على مستقبل السوريين وحاضرهم- سيتطلب التأكد من احترامها إلى عدة سنوات؛ وذلك في حال تم التوافق عليها وكانت منسجمة مع مصالح السوريين في دولة مؤسسات وقانون تحترم حقوق الأفراد…إلخ، ولا ندري إن كان نظام الأسد سيلتزم لاحقاً بها أم لا[35]؛ مع التنبيه إلى أن التجارب السابقة مع هذا “النظام” تؤكّد أنه يتقن لعبة الوقت والالتفاف على النصوص.

الوسيلة المناسبة: الدستور مدخل للانتقال السياسي!!

يُعد وجود وسيلة مناسبة يتفق عليها جميع الأطراف وتحقق رضاهم جميعاً عاملاً أساسياً في إيجاد الحل للخلافات السياسية[36].

فإذا كان الهدف المعلَن من الحل السياسي لـ “الأزمة السورية” الذي يمكن أن يحقق الاستقرار فيها هو: “تحقيق انتقال سياسي” من دولة الاستبداد إلى دولة الحقوق والحريات والعدالة والمساواة؛ فقد طُرحت خيارات متعددة بحثياً وسياسياً، من أهمها: حكومة الوحدة الوطنية بوجود نظام الأسد، واللجنة الدستورية والانتخابات في ظل نظام الأسد، واللجنة العسكرية المشتركة، وهيئة الحكم الانتقالية. كل هذه خيارات ووسائل طُرحت للحل السياسي؛ دون النظر في مدى منطقيّتها ومناسبتها لتحقيق الهدف المعلن.

والسؤال هنا: ما هي الوسيلة الأنسب التي طُرحت لتحقيق الانتقال السياسي، وتتوافق مع قرارات الأمم المتحدة التي حظيت بموافقة نظام الأسد وقوى الثورة والمعارضة؟

تقف “الأزمة السورية” أمام مفترق يحتّم عليها الدخول ضمن أحد الخيارات الأربعة للوصول إلى حلّ سياسي يُنهي “الحرب” ويُعيد بناء الدولة. وفي ضوء ما طُرح حتى الآن، وبقصد تحقيق الهدف الأساسي وهو “الانتقال السياسي، فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية يعني إعادة تأهيل نظام الأسد وتجميل صورته أمام العالم أكثر من كونها عملية انتقال سياسي. كذلك فإن اللجنة الدستورية لا تصلح أن تكون مدخلاً للانتقال السياسي؛ لأنه إذا كانت نواة النظام القديم متمثلة بوجود عائلة الأسد والدائرة الضيقة الأمنية والعسكرية المحيطة بها فإن اللجنة الدستورية ومناقشتها لا تقترب من هذه الدائرة، وإنما تكتفي أو تعوّل على النصوص من أجل تجاوزها؛ وكأن نظام الأسد هو “نظام سيادة القانون واحترامه”!

في المقابل تُعد اللجنة العسكرية المشتركة جزءًا من هيئة الحكم الانتقالية؛ إلا أنها تقتصر على الجانب الأمني والعسكري، ولا تقدم تصوراً كاملاً لعملية الانتقال السياسي؛ وبذلك تبقى وسيلة “هيئة الحكم الانتقالية” كاملة الصلاحيات هي الوسيلة الأنسب والأكثر فاعلية في تحقيق هذا الهدف، باعتبارها تفتح الباب أمام إحداث تغيير في مؤسسات الدولة السورية وبُناها التي اختطفها نظام الأسد[37].

في حين أن وسيلة اللجنة الدستورية -وفي ضوء واقع النظام الذي هو بالأساس خارج إطار القانون- تُعدّ وسيلة غير مناسبة لذلك؛ لأن اللجنة تركّز على النصوص وتؤجّل النقاش في المؤسسات والأشخاص الذين يفترض استبدالهم، وهذا ما يجعل منها وسيلة لتجميل النصوص وتحسينها والإبقاء على الأشخاص والمؤسسات التي أجرمت بحق السوريين، خصوصاً رأس النظام.

خاتمة:

يتضح مما سبق أن العوامل الموضوعية الداخلية منها والخارجية المحيطة بمسار الحل السياسي لا تساعد إطلاقاً على نجاحه؛ مما يرجح استمرار الحال على ما هو عليه. هذا الأمر لا يتعلق باللجنة الدستورية فحسب؛ وإنما بأيّ مسار آخر يمكن المضيّ به ما دامت الظروف على ما هي عليه من “عدم التوازن، وعدم جود الطرف الثالث الضامن، والتدخل الخارجي. إلا أن مسار اللجنة الدستورية يضيف إلى العوامل السابقة عاملاً إضافياً متعلقاً بطبيعة اللجنة نفسها من جهة أنها لا تمثل وسيلة مناسبة لتحقيق الانتقال السياسي، وأنها تجعل ثمار المستقبل المتوهَّمة مقدَّمة على منجزات الحاضر.

إذا أخذنا بعين النظر – إلى جانب العوامل الموضوعية التي تحدث عنها هذا التقرير البحثي – العواملَ الذاتية المتعلقة بتشتت رؤى قوى الثورة والمعارضة، وضعف بناها وهياكلها وهشاشة توافقاتها، مع العوامل الذاتية المتعلقة بنظام الأسد في نظرته للحل السياسي من جهة اعتبارها مجرد وسيلة لإضاعة الوقت ريثما يتسنى له ولحلفائه حسم الملف عسكرياً؛ سيتضح لنا المصير القاتم الذي ينتظر اللجنة الدستورية ومخرجاتها.

 كل النتائج المذكورة أعلاه، والتي خرج بها هذا التقرير إنما ترتبط بالظروف السياسية والمواقف الدولية الحالية، التي هيمنت على الملف السوري منذ ما يقارب خمس سنوات؛ وبالتالي فإن تغيُّر هذه الظروف والمواقف سيؤثّر مباشرة في مسار القضية السورية برمّتها، ومن ضمنها اللجنة الدستورية.

لتحميل المقال PDF

لمشاركة المقال: https://sydialogue.org/xxia

للإطلاع على الإصدارات السابقة ذات الصلة:

المقال التحليلي “هل تحتاج سوريا عقداً اجتماعياً أم دستوراً؟ أولوية الاجتماع السياسي قبل “دسترته” “

الورقة التحليلية “مآلات اللجنة الدستورية: هل يكون كمون الفشل دافعاً للمبادرة السياسية؟”

التقرير التحليلي “تقاطع المصالح الدولية تجاه مفردات الحل السياسي في سوريا”

التقرير التحليلي “تطورات الحل السياسي في سوريا: من هيئة الحكم الانتقالية إلى اللجنة الدستورية”

التقرير البحثي “اللجنة الدستورية .. بين دعوات المشاركة ودعوات المقاطعة”

[1] التقرير البحثي “اللجنة الدستورية .. بين دعوات المشاركة ودعوات المقاطعة”، مركز الحوار السوري، 26-4-2019، شوهد في: 25-1-2021.

[2] تم الاعتماد على عوامل وردت مفصلة في ورقة بحثية متخصصة عام 2014، وقد تم إسقاطها على مسار اللجنة الدستورية الحالي.

للاطلاع على الورقة يُنظر: بول د.ميلير، الوصول إلى المفاوضات السورية “ظل المستقبل والحرب الأهلية السورية“، مؤسسة راند، 2014.

[3]  ينظر: المرجع السابق، ص6.

[4] يقول الكاتب عمر جعارة: “إن اتفاق أوسلو وقّع بين طرفين؛ الأول (إسرائيل) هو القوي، والثاني الفلسطينيين وهو الطرف الأضعف”، ويضيف: أن ” أي اتفاق بين طرف قوي وضعيف يصبح إملاءً وليس اتفاقاً، لذا نرى تنصُّل إسرائيل من بنود هذا الاتفاق، وعدم الالتزام إلا بما يخدم مصالحها الأمنية والاقتصادية”.

يُنظر: 27 عاما على “أوسلو“.. ماذا تبقّى من الاتفاق؟ وكالة الأناضول، 13/9/2020، شوهد في: 6/1/2021.

[5] ساهمت قوات الناتو عام 1995 بالدفع الأطراف المتصارعة بحرب البوسنة والهرسك نحو اتفاق دايتون؛ حيث قام الناتو مع الأمم المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وحظر السلاح، بالإضافة إلى إقامة منطقة حظر طيران.

يُنظر: جيمس بارديو وكريستوفر بينت، عمليات الناتو المتطورة، مجلة حلف الناتو، 2006، شوهد في: 6/1/2021.

[6] نسمّي نظام الأسد طرفاً في الحل السياسي تجاوزاً باعتبار “توصيف وجوده” أكثر من دلالة “رغبته بالحل السياسي”؛ لأنه كان وما يزال مصرّاً على الحل العسكري، ولعل ذلك يظهر في تصريحات رأسه الدائمة التي تشير إلى أن الحل السياسي لا يشمل الإرهاب؛ أي: “قوى الثورة والمعارضة” بحسب نظرته.

يُنظر: الرئيس الأسد: حربنا ضد الإرهاب مستمرة وكما حررنا تدمر سنحرر كل شبر من سورية فلا خيار أمامنا سوى الانتصار، قنصلية الجمهورية العربية السورية-استنبول، 7/6/2016، شوهد في: 6/1/2021.

ويُنظر أيضاً: الأسد: لا يمكن إنهاء الحرب في سوريا عبر اللجنة الدستورية، روسيا اليوم RT، 14/11/2019، شوهد في: 6/1/2021.

[7]  في عام 2012 اعترف كل من مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية بالائتلاف الوطني السوري -المشكَّل في الدوحة- باعتباره الممثل الشرعي عن الشعب السوري، وفي الوقت ذاته اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالائتلاف الوطني السوري، ودعا أحمد معاذ الخطيب -رئيس الائتلاف الوطني السوري آنذاك- لزيارة واشنطن، وقد تجاوز عدد الدول المعترفة بالائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة مئة دولة بعد اجتماع أصدقاء سوريا الذي عُقد في مدينة مراكش المغربية.

أما خلال السنة الماضية 2020فقد قامت عدد من الدول الأعضاء في الجامعة العربية بفتح سفاراتها في دمشق من جديد، حتى إن الرئيس السوداني السابق عمر البشير قام بزيارة سوريا ولقاء الأسد.

يُنظر: معاذ الخطيب يستلم مقعد سورية في القمة العربية، روسيا اليوم RT، 26/3/2013، شوهد في: 2/1/2021، ومؤتمر أصدقاء الشعب السوري – الائتلاف الوطني السوري ومزيد من الانتصارات، عنب بلدي، 19/12/2012، شوهد في: 2/1/2021، والجامعة تعترف بالائتلاف السوري ممثلا شرعيا، الجزيرة، 12/11/2012، شوهد في: 2/1/2021.

ويُنظر أيضاً: بعد 8 سنوات ثورة.. ما هي مواقف الدول العربية من نظام الأسد؟، الجزيرة، 29/12/2018، شوهد في: 2/1/2021.

[8] في الوقت الراهن لا تتجاوز نسبة الأراضي التي تقع تحت سيطرة قوى الثورة والمعارضة السورية 11% من مساحة الدولة السورية شمال غربي سوريا، بما في ذلك المناطق التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” (هتش) التي لا تدخل أساساً ضمن قوى الثورة والمعارضة، بينما تسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على ربع الأرض السورية في الشمال الشرقي من البلاد، وتقع بقية المناطق تحت سيطرة النظام المدعوم من روسيا والميليشيات الإيرانية.

يُنظر: علاء الدين السيد، بالصور: كيف تغيرت الخريطة على الأرض في سوريا منذ اندلاع الثورة؟، ساسة بوست، 12/2/2016، شوهد في: 6/1/2021، وبعد سقوط ثاني أكبر مدن المعارضة.. هذه خريطة سوريا الأخيرة التي ترسمها روسيا الآن، ساسة بوست، 30/1/2020، شوهد في: 6/1/2021، وخريطة النفوذ العسكري في سورية 01-06-2020، مركز جسور للدراسات، 1/6/2020، شوهد في: 6/1/2021.

[9]– يُنظر: د. ميلير، الوصول إلى المفاوضات السورية، مرجع سابق.

[10] شنَّت قوات النظام مدعومة بروسيا حرباً شعواء على مناطق سيطرة المعارضة السورية في إدلب خلال العام 2019 وبداية العام 2020، وكان الهدف الرئيس من الحملة القضاء على الفصائل المعارضة، وقد اعتُبر هذا الهجوم جريمة حرب؛ بسبب استعمال النظام وحلفائه القنابل العنقودية والأسلحة الحارقة، إضافة إلى استعمال البراميل المتفجرة ضد المدارس والمستشفيات.

يُنظر: سوريا أحداث عام 2019، التقرير العالمي، 2019، شوهد في: 8/1/2021. ويُنظر أيضاً: خريطة النفوذ العسكري في سورية 01-09-2019، مركز جسور للدراسات، 2/9/2019، شوهد في: 8/1/2021.

[11] قامت تركيا – بمساعدة الجيش الوطني – بعدة عمليات عسكرية (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام) في شمال سوريا، والتي أدت إلى تراجع سيطرة الميليشيات الانفصالية، وكان آخرها الاتفاق بخصوص منطقة عين عيسى، الذي قضى بصورة أو بأخرى بتراجع السيطرة الميدانية للميليشيات الانفصالية.

يُنظر: صلاح الدين كمال، أبرز عمليات تركيا العسكرية داخل سوريا منذ 2016 وأهدافها، عربي 21، 12/10/2019، شوهد في: 8/1/2021، وروسيا تكشف عن اتفاق مع تركيا بشأن مدينة عين عيسى، أورينت نت، 28/12/2020، شوهد في: 11/1/2021.

[12] تراجعت القوة العسكرية لدى النظام السوري بعد اندلاع الثورة السورية؛ إذ توالت الانشقاقات في صفوف قواته وفقدت الكثير من معداتها ومنشآتها العسكرية، إضافة إلى تدهور هيكل القيادة بسبب الانشقاقات العسكرية على المستوى الرفيع.

وقامت روسيا بدعم النظام السوري على الصعيدَين السياسي والعسكري، لكنّ دعمها العسكري كان أشدّ بأساً على المعارضة مقارنة بالسياسي؛ فقد تدخلت روسيا عسكرياً بشكل مباشر في أصعب الأوقات على النظام وحليفته إيران، لتمدَّه بالمعدات الثقيلة، إضافة إلى إرسالها قوات روسية تقوم بإعداد هيكل فعال لقيادة الجيش.

يُنظر: تراجع قوة الجيش السوري عالميًا.. بيانات توضح عتاده، عنب بلدي، 27/6/2020، شوهد في: 6/1/2021، وأنطون لافروف، كفاءة القوات المسلحة السورية: تحليل للمساعدة الروسية، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 26/3/2020، شوهد في: 6/1/2021.

[13] رفضت روسيا بداية العام المنصرم الخضوع لوقف إطلاق النار في إدلب، وقد وصف لافروف وقف إطلاق النار وقتها بـ “الاستسلام للإرهابيين”، كما عرقلت مشروع وقف لإطلاق النار كانت قد طرحته فرنسا على مجلس الأمن في شهر شباط عام 2020.

يُنظر: روسيا تمنع مجلس الأمن من إقرار وقف إطلاق نار بإدلب، وكالة الأناضول، 19/2/2020، شوهد في: 11/1/2021، ولافروف يعتبر وقف إطلاق النار في إدلب “استسلاماً للإرهابيين“، الرؤية، 25/2/2020، شوهد في: 11/1/2021.

[14] وقّعت روسيا وتركيا اتفاق إطلاق نار مؤقت في محافظة إدلب، وقد صرّح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن بلاده ستبقى قوة رادعة ضد كل محاولات خرق إطلاق النار، وتبع ذلك تصريح لوزير الخارجية التركي تشاويش أوغلو حول سعي أنقرة لوقف إطلاق نار دائم في إدلب.

يُنظر: تركيا: سنظل قوة ردع ضد انتهاك وقف إطلاق النار بـ“إدلب“، وكالة الأناضول، 7/3/2020، شوهد في: 11/1/2021، وتشاووش أوغلو: روسيا حذرت نظام بشار بصرامة لانتهاكه هدنة إدلب، 10/3/2020، شوهد في: 11/1/2021.

[15] يُنظر: الأسد يعلن انتصار نظامه في حلب، القبس الدولي، 17/2/2020، شوهد في: 8/1/2021.

[16] أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية في 17/6/2020 قانون قيصر الذي يسمح للولايات المتحدة باستخدام السبل الدبلوماسية والاقتصادية القسرية من أجل إجبار حكومة بشار الأسد على وقف هجماتها الإجرامية على الشعب السوري، ودعم التحول إلى حكومة سورية جديدة تحترم حكم القانون وحقوق الإنسان والتعايش السلمي مع جيرانها. وقد تزامن هذا القانون مع خسارة العملة السورية قيمتها نتيجة فرض المصرف المركزي اللبناني قيوداً مشددة لتفادي انهيار المصارف المحلية.

يُنظر: الحرب في سوريا: نظام الأسد يتعرض لضغوط نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية، BBC|NEWS عربي، 15/6/2020، شوهد في:8/1/2021، وقانون قيصر: هل ينجح القانون الأمريكي في إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا عبر “تشجيع” الثورة عليه؟BBC|NEWS  عربي، 24/6/2020، شوهد في:8/1/2021.

[17] يُنظر: عبدالوهاب عاصي، لماذا لم يسقط النظام السوري؟ مركز جسور للدراسات، 21/5/2020، شوهد في: 11/1/2021.

[18] تقف العقوبات الاقتصادية والفيتو الأمريكي الحالي في تعويم نظام الأسد اقتصادياً حجر عثرة أمام الطموحات الروسية، وبالتالي قد يكون الوضع الحالي هو “جمود ضارّ” بالنسبة للروس، وهذا ما قد يعوّل عليه البعض في جدوى المسار السياسي الحالي على اعتبار أن نظام الأسد – بتفكيره الأمني والعسكري الصفري – لا يرى أية خسارة اقتصادية أو سياسية مهما بلغت “جموداً ضارّاً”.

[19]  يُنظر: د. ميلير، الوصول إلى المفاوضات السورية، مرجع سابق.

[20] كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت بتنفيذ خطة هجومية ضد القوات الصربية والكرواتية في سبيل وقف الصراع بين الصرب والكروات من جهة، والبوسنيين من جهة أخرى، وتحقيق شروط السلام الأساسية؛ حتى أدّى هذا التدخل إلى توقيع اتفاق دايتون للسلام عام 1995، حيث لعبت الولايات المتحدة دور الطرف الضامن للاتفاق بعد غياب الدور الفاعل للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد كان للأهمية الاستراتيجية للبوسنة والهرسك أثرٌ كبيرٌ في قرار الولايات المتحدة إيقاف اعتداء الصرب على جمهورية البوسنة والهرسك. وسعى ريتشارد هولبروك – كبير المفاوضين الأمريكيين- إلى الدفع بالعملية السياسية إلى الإمام، واستطاع إقناع الأطراف المتصارعة بالوصول لحلّ يمكن قبوله محليًا ودوليًا ويوقف الانتهاكات الإنسانية، وعلى الرغم من وجود الأمم المتحدة أثناء التحضير لمؤتمر دايتون؛ إلا أنه لم لها أي تأثير يذكر في صياغة الاتفاق.

للتوسع يُنظر: فريد موهيتش، اتفاق دايتون للسلام: ماذا تحقق؟ وما المُنتظر؟ (2/4)، مركز الجزيرة للدراسات، 10/12/2015، شوهد في: 24/1/2021، وفريد موهيتش، اتفاق دايتون للسلام: ماذا تحقق؟ وما المُنتظر؟ (1/4)، مركز الجزيرة للدراسات، 26/11/2015، شوهد في: 24/1/2021.

[21] استخدمت روسيا حق النقض الفيتو 16 مرة لعرقلة صدور قرارات ضد نظام الأسد أو لصالح قوى الثورة والمعارضة، كان آخرها في منتصف عام 2020، لمنع تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود.

ينظر: فيتو روسي صيني ضد تجديد تقديم المساعدات الإنسانية بسورية، العربي الجديد، 8-7-2020، شوهد في: 26-1-2021.

[22] وقعت روسيا مع النظام عدة اتفاقيات استراتيجية في مجالات مختلفة من أهمها: التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية في البحر المتوسط، واستخراج الفوسفات من مناجم الشرقية في تدمر، كما وقعت شركة ستروي ترانس غاز (CTG) الروسية الخاصة، مع حكومة النظام اتفاقية لاستئجار مرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً مقبلة.

ينظر على سبيل المثال: محمود عثمان، الأسد يرهن اقتصاد سوريا لروسيا ثمنا لبقائه (تحليل)، الأناضول، 16-9-2020، شوهد في: 26-1-2021.

[23] دأبت روسا منذ اندلاع الثورة السورية على عرقلة أية جهود أممية سياسية لوقف شلال الدم في سوريا عبر استخدامها حق النقض الفيتو، ولمّا كان النظام يتداعى داخلياً إثر ضربات المعارضة المسلحة بادرت بادئ الأمر بدعم النظام لوجستياً وترميم منظومة أسلحته، حتى أتى التدخل الروسي المباشر في أيلول عام 2015، استخدمت روسيا فيه قوات الشرطة العسكرية مدعومة بالسلاح الجوي الروسي والصواريخ الباليستية، وقد شكلت بعض الوحدات العسكرية التابعة لها أبرزها الفيلق الخامس.

ينظر: أليكسي حليبنيكوف، روسيا والإصلاح العسكري السوري: التحديات والفرص، مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، 26/3/2020، شوهد في: 2/1/2021.

ينظر أيضاً: القواعد العسكرية الروسية في سورية والأسلحة التي جرّبتها على السوريين، مركز حرمون للدراسات المعاصرة، 14/7/2020، شوهد في: 2/1/2021.

[24] في السنوات الأولى للثورة السورية حظيت قوى المعارضة بدعم عربي ودولي على المستويين المادي والإستراتيجي الدبلوماسي، حيث شكلت المملكة العربية السعودية وقطر إضافة إلى تركيا والولايات المتحدة الداعمين الأساسيين للمعارضة السورية، بينما اعتمد النظام على كل من روسيا والصين وإيران لدعمه دولياً، بينما حظي بدعم عربي دبلوماسي من قبل كل من الجزائر ولبنان والعراق، إضافة إلى عدد من الميليشيات العربية والأجنبية.

لكن عدداً من الدول تراجعت عن دعم المعارضة السورية، خسرت قوى المعارضة جزءًا كبيراً من الدعم الخارجي الذي تلقته، وأعلن نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض أن المملكة العربية السعودية أوقفت الدعم عن المعارضة السورية، وانحصر دعم المعارضة السورية في الجانب التركي.

ينظر: توماس بييريه، الدول الراعية والثورة المسلحة السورية: حدود النفوذ الأجنبي، ترجمة:يسرى مرعي، معهد العالم للدراسات، 20/5/2017، شوهد في: 2/1/2021.

ينظر أيضاً: الفيتو الروسي ومعاناة السوريين.. أبرز المحطات، الحرة، 11/4/2018، شوهد في: 2/1/2021.

ينظر: نصر الحريري: السعودية ودول عربية أخرى توقفت عن دعم المعارضة السورية عسكريا،RT روسيا اليوم ، 23/4/2018، شوهد في: 2/1/2021.

[25]  قامت أنقرة بعدة عمليات عسكرية على الأراضي السورية منذ عام 2016 تهدف لبناء منطقة آمنة خشية تهديدات بعض المنظمات المصنفة تركياً كمنظمات إرهابية، أبرزها: داعش، وقوات سوريا الديمقراطية(قسد)، وحزب العمال الكردستاني (PKK)، وقوات حماية الشعب الكردي (YPG).

يُنظر: صلاح الدين كامل، أبرز عمليات تركيا العسكرية داخل سوريا منذ 2016 وأهدافها، عربي 21، 12/10/2019، شوهد في: 2/1/2021.

[26] عمار الحلبي، التحالف بقيادة واشنطن يؤكد مواصلة دعم “قسد” في سورية، تقرير صحفي، العربي الجديد، 24-11-2020، شوهد في: 25-1-2021.

[27] يُنظر: زاهر البيك، تركيا وروسيا وإيران.. هل حلت ساعة تضارب المصالح؟، الجزيرة، 3/2/2020، شوهد في:12/1/2021.

يُنظر أيضاً: ثلاثة أحداث تؤكد تضارب المصالح الروسية– التركية في سوريا، عنب بلدي، 2/2/2020، شوهد في: 12/1/2021.

[28] سيأتي الكلام على هذا في فقرة “الوسيلة المناسبة: الدستور مدخل للانتقال السياسي!!”.

[29] يُنظر: دايتون.. اتفاق أنهى الحرب وقسم البوسنة، 19/3/2016، شوهد في: 2/1/2021.

[30] يُنظر:  9 أعوام على الثورة الليبية: لعنة السلاح والتدخلات الخارجية، العربي الجديد، 17/2/2020، شوهد في: 2/1/2021.

[31] جاءت المواد الإنسانية في البنود /12-13-14/ وتحدثت عن فكّ الحصار ودخول المساعدات الإنسانية، ووقف إطلاق النار، والعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين.

يُنظر: القرار 2254، مجلس الأمن، 18/12/2015، شوهد في: 17/1/2021.

[32] رفض النظام ومن ورائه روسيا الاستناد إلى ما جاء في قرار مجلس الأمن كون ما جاء فيها بنوداً فوق تفاوضية، وأكدوا أن التفاوض يجب أن يكون دون شروط مسبقة ودون جدول زمني، وهذا ما حدث؛ فقد تحول التفاوض عما كانت تطالب به هيئة المفاوضات العليا إلى التفاوض حول بند واحد فقط هو اللجنة الدستورية بعد تجاوز هذه البنود الإنسانية، ومن بعدها هيئة الحكم الانتقالي.

وفي 23 سبتمبر 2019 أعلن الأمين العام للأمم المتحدة عن تشكيل اللجنة الدستورية، حيث ضمّت اللجنة 150 عضواً مقسمين بين قوى الثورة والمعارضة ونظام الأسد والمجتمع المدني بالتساوي، وقد جرت المباحثات الأولى للجنة في جنيف 30/11/2019.

يُنظر: مسار اللجنة الدستورية السورية، مركز جسور للدراسات، 05/12/2019، شوهد في: 17/1/2021.

[33] قام النظام بعرقلة أي محادثات كان من المزمع أن تجرى في اللجنة الدستورية، حتى محادثات الدستور، بحجة الاتفاق على الركائز الوطنية؛ في محاولةٍ منه لكسب الوقت وتضييع الجهود.

يُنظر: اللجنة الدستورية السورية.. بين ألاعيب النظام ومنطق دولي يتجنب “حل الأزمة“ TRT  عربي، 21/12/2020، شوهد في: 17/1/2021.

[34] يُستبعد الوصول لاتفاق كهذا؛ وذلك لأنه في حال توصل الطرفين إلى حل فإن ذلك يعني التوافق بين وفود اللجنة الدستورية على كتابة دستور قابل للتنفيذ يحدّ من صلاحيات نظام الأسد، ويوجد توازناً بين السلطات، ويضع شروطاً في القانون الانتخابي تستبعد المتورطين في جرائم حرب من المشاركة أو الترشح.

يُنظر: الورقة التحليلية “مآلات اللجنة الدستورية: هل يكون كمون الفشل دافعاً للمبادرة السياسية؟” مركز الحوار السوري، 9/9/2020، ص19-20.

[35] في ظل افتقاد البيئة المناسبة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي السوري سيكون أي دستور جديد لسوريا، وإن كان مُصاغاً وفق أفضل المعايير التقنية العالمية مجرد وثيقة دستورية شكلية جديدة تُضاف إلى عشرات الوثائق التي سبقتها، والتي لا يقيم لها الشعب السوري أي اعتبار، وتمثل بالنسبة لنظام الأسد مجرد ديكور.

يُنظر: هل تحتاج سوريا عقداً اجتماعياً أم دستوراً؟ أولوية الاجتماع السياسي قبل “دسترته”، مركز الحوار السوري، 8-10-2020، شوهد في: 26-1-2021. ص8.

[36] يُنظر: الورقة التحليلية “مآلات اللجنة الدستورية، مرجع سابق.

[37] يُنظر: 3 عقبات أمام اللجنة الدستورية السورية، العربي الجديد، 25/9/2019، شوهد في: 17/1/2021.

لتحميل المقال من الرابط التالي

https://sydialogue.org/0lyk

—————————-

تعليق عمل اللجنة الدستورية..بطلب من المعارضة وبيدرسن؟

قال الناطق باسم هيئة التفاوض السورية وعضو اللجنة الدستورية يحيى العريضي إن جلسات اللجنة في جنيف تتجه “نحو التعليق”، لافتاً إلى أن التعليق في حال حصل “سيكون مشتركاً من قبل المعارضة ومن قبل الأمم المتحدة ومبعوثها (غير بيدرسن)، والمسؤولية واضحة”.

وأضاف العريضي في تصريح لوكالة “سبوتنيك”الروسية، “أقول بأن كل شيء يدعو لذلك، لكن رسمياً لم يتم بعد، قد يحدث ويجب أن يرفق بتحميل المسؤولية، لا بد أن يثبت تحميل المسؤولية من هو المسؤول عن هذه العرقلة وهو واضح”.

ولفت العريضي إلى أن “ما تم الاتفاق عليه قبل بدء الجولة هو جدول أعمال واضح المعالم للحديث في مبادئ دستورية والدخول بكتابة الدستور، إلا أن وفد النظام استمر بما كان يفعله بالجولات السابقة”.

وكان من المتوقع أن تتم مناقشة المبادئ الأساسية في الدستور، ومن هذه المبادىء، وفق المعارضة، حقوق المواطنة المتساوية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، فضلا عن اللاجئين والنازحين السوريين، وتعتبر المبادئ الأساسية في الفصل الأول من الدستور هي الركيزة التي يتم من خلالها صياغة باقي فصول الدستور.

وكان عضو اللجنة الدستورية طارق الكردي اتهم وفد النظام برفض مقترحات المعارضة بشأن مواد الدستور، والإصرار على البقاء في مربع المناكفات.

وقال الكردي: “المعارضة السورية لم تقدم في اجتماعات جنيف مسودة دستور كاملة وإنما 10 مواد دستورية منضبطة الصياغة، لكن النظام رفض مناقشتها من الأساس، رغم أن جدول أعمال الجولة الخامسة يتركز على إقرار مبادئ الدستور الأساسية”.

وسربت أوساط من المعارضة أن وفد النظام ماطل في مناقشة مواضيع العلم والنشيد الوطني والعملة معتبراً أن هذه رموز وطنية، حتى بالنهاية قبل بمناقشتها على مضض وفقاً لتسريبات صحافية للمعارضة. وأضافت تلك الأوساط أن وفد النظام اعتمد سياسية تطويل مدة المداخلات في كل جلسة.

 من جانبها أعلنت كل من تركيا وإيران وروسيا الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة، عقد القمة الدولية الخامسة عشرة في مدينة سوتشي الروسية في 16 و17 شباط/ِ فبراير 2021.

وأكدت الدول الثلاث في بيان مشترك مع وفد المعارضة بعد لقاء على هامش اجتماعات الدستورية، الالتزام القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، مشددا على ضرورة احترام هذه المبادئ من قبل جميع الأطراف.

وأعرب البيان عن ترحيبه بالاجتماع الخامس للجنة صياغة الدستور التابعة للجنة الدستورية السورية في جنيف السويسرية، على الرغم من تعثر مسار المفاوضات.

وأكدت الدول الثلاث استعدادها لدعم عمل اللجنة من خلال تواصلها المستمر مع المندوبين السوريين ومع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن لضمان عمل اللجنة بشكل مستدام وفعال.

كما شدد البيان على أن “اللجنة الدستورية التي أنشئت في جنيف نتيجة للمساهمة الحاسمة من ضامني أستانة، وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، لعبت دوراً هاماً في دفع العملية السياسية التي تًدار وفق قرار مجلس الأمن الدولي، رقم 2254، بتيسير من الأمم المتحدة، وبقيادة السوريين”.

ولفت البيان إلى أن الضامنين في أستانة أعربوا عن رأيهم بأن عمل اللجنة الدستورية يجب أن يتم على أساس التفاهم والمشاركة البناءة، دون تدخلات خارجية، ودون فرض مواعيد نهائية من الخارج، وذلك بهدف التوصل إلى توافق عام مع أعضائها في من أجل ضمان أوسع دعم ممكن للشعب السوري”.

وأكدوا عزمهم مواصلة المشاورات حول القضايا المذكورة أعلاه في الاجتماع الدولي المقبل حول سوريا “أستانة 15” بصيغة أستانة والمقرر عقده في سوتشي يوما 16 و17 شباط 2021.

——————————-

اللجنة الدستورية السورية تختتم أعمالها اليوم من دون تقدم يذكر/ عدنان أحمد

تختتم اجتماعات الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف الخاصة باللجنة الدستورية السورية، بعد ظهر اليوم الجمعة، من دون إحراز تقدم يذكر، بسبب رفض وفد النظام الدخول في مناقشات جوهرية بشأن صياغة دستور  جديد للبلاد، فيما أصدرت كل من تركيا وروسيا وإيران بياناً مشتركاً دعت فيه إلى احترام “استقلالية” عمل اللجنة.

    يتابع ممثلو هيئة التفاوض السورية في #اللجنة_الدستورية اجتماعات اليوم الخامس والأخير من الدورة الخامسة في مقر الأمم المتحدة (قصر الأمم). #الدورة_٥_للجنة_الدستورية

    ⁧#دستور_جديد_لسوريا_جديدة⁩ pic.twitter.com/IN3ogXlQil

    — هيئة التفاوض السورية- اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) January 29, 2021

وذكرت مصادر مقربة من وفد المعارضة في جنيف لـ”العربي الجديد” أن أعمال اليوم الخامس والأخير من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدأت صباح اليوم، حيث من المقرر أن يعقد الرئيس المشارك للجنة عن المعارضة، هادي البحرة، مؤتمراً صحافياً عند الساعة الرابعة والنصف بتوقيت جنيف، عقب إجراء المبعوث الأممي الخاص لسورية، غير بيدرسون، مؤتمره الصحافي.

    هام| سيعقد الرئيس المشارك لـ #اللجنة_الدستورية، االسيد هادي البحرة، مؤتمرا صحفيا اليوم ابتداء من الساعة الرابعة والنصف بتوقيت جنيف، عقب إجراء المبعوث الأممي الخاص لـ #سوريا، السيد غير بيدرسون، مؤتمره.#الدورة_٥_للجنة_الدستورية pic.twitter.com/5x903ZAGAI

    — هيئة التفاوض السورية- اللجنة الدستورية SNC-CC (@SyrConst) January 29, 2021

وكان عدد من أعضاء المعارضة على رأسهم البحرة قد التقوا مساء أمس في جنيف المبعوث الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرينتييف. 

من جهة أخرى، حددت الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة، تركيا وروسيا وإيران، في بيان مشترك موعد انعقاد القمة 15 حول سورية يومي 16 و17 فبراير /شباط المقبل.

ونقلت وكالة “الأناضول” عن البيان الذي نشرته وزارات خارجية الدول الثلاث “الالتزام القوي” للدول الضامنة “بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها”، وضرورة احترام هذه المبادئ من قبل جميع الأطراف.

وذكر البيان الذي صدر مساء أمس أن “اللجنة الدستورية التي أنشئت في جنيف نتيجة للمساهمة الحاسمة من ضامني أستانة، وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، لعبت دوراً هاماً في دفع العملية السياسية التي تدار وفق قرار مجلس الأمن الدولي، رقم 2254، بتيسير من الأمم المتحدة، وبقيادة السوريين”.

وأضاف أن الضامنين في أستانة “أعربوا عن رأيهم بأن عمل اللجنة الدستورية يجب أن يتم على أساس التفاهم والمشاركة البناءة، من دون تدخلات خارجية، ومن دون فرض مواعيد نهائية من الخارج”.

وأكدت الدول الثلاث استعدادها لدعم عمل اللجنة من خلال تواصلها المستمر مع المندوبين السوريين ومع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية لضمان عمل اللجنة بشكل مستدام وفعال.

اللجنة الدستورية السورية جنيف/المكتب الإعلامي

وكان الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية، عضو اللجنة الدستورية الموسعة، يحيى العريضي، أعرب الليلة الماضية لـ “العربي الجديد” عن خيبة أمله من نتائج هذه الجولة من المفاوضات التي قال إن وفد النظام تعمد إضاعة الوقت فيها، على غرار الجولات السابقة، تهربا من الخوض في القضايا الأساسية، مطالبا الأمم المتحدة راعية المفاوضات، بتحديد المسؤول عن تعطيلها حتى الآن.

العربي الجديد

—————————-

معارض سوري يدعو لاجتماع اللجنة الدستورية الموسعة لإقالة المصغرة

دعا أدوار حشوة، وهو عضو اللجنة الدستورية الموسعة، الخميس، لاجتماع موسع، لإقالة اللجنة المصغرة.

ورغم استمرار اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة في جنيف لليوم ما قبل الأخير في الجولة، فإنه لم يتم تسجيل أي تقدم يذكر، وإنما مراوحة في المكان.

وطالب “حشوة” والذي يشغل أيضاً منصب نائب الأمين العام لحركة الاشتراكين العرب، لنورث برس نوث برس، أن يعقد “اجتماع للجنة الموسعة من 150 لحجب الثقةُ عن اللجنة المصغرة لفشلها في الأسلوب وفي فقدان التوازن فيها بين الحقوقي والسياسي.”

ودعا إلى “إلقاء الكرة بملعب الأمم المتحدة والدول، أفضل من هذا الوضع المهين والصمت في التفاوض.”

وأشار إلى أن هذا “الموقف لا يعني الانسحاب ولا يدل على الضعف بل على العكس.”

وقال  إن “البحث في الدستور كما هو قرار تشكيل اللجنة (الإصلاح الدستوري أو دستور جديد)، كل ما جرى هو نوع من حوار الطرشان بين فريقين يتبادلان الخطابات.”

وركز وفد الحكومة السورية في اللجنة الدستورية على ما سماه “الثوابت الوطنية”، في حين خطابات وفد المعارضة ركزت على مبادئ دستورية، بحسب المعارض السوري.

وأضاف: “المهم لا تقدم ولا رغبة لدى النظام في أي بحث دستوري لأن ثوابته ما تزال (الأسد ودستوره وجيشه).”

وأشار إلى أن “أخطاء وفد المعارضة حققت رغبة النظام في استمرار الردح خارج الدستور وتقديم عروض واقتراحات بذريعة الإيجابية التي صارت دليلاً على الضعف.”

من جانب آخر، قال “حشوة” أنه “شخصياً لم أطالب بالانسحاب من اجتماعات اللجنة، بل بموقف سياسي حاسم وصلب يقول نحن جاهزون للنقاش في الدستور، ولا خطابات ومداخلات حتى يقبل النظام الانخراط الجدي بالعملية الدستورية.”

وأشار إلى أن هذا “الموقف يضع الأمم المتحدة والدول في حرج حقيقي للتدخل لإعادة الأطراف إلى الحقل الدستوري، وفق التسلسل الوارد في دستور ١٩٥٠ وما يجري التصويت عليه، يثبت.”

واقترح أن “يبدأ النقاش في القضايا الخلافية وعددها أقل من عشرة لأن باقي مواد الدستور، لا خلاف عليها وتتكرر في كل الدساتير.”

وشدد أن “الخطأ بدأ من الأمم المتحدة التي خالفت التسلسل الوارد بالقرار ٢٢٥٤ إلى عكسه، فأجهزت عليه، وسمحت للنظام والروس وإيران بالدعوة لمسار بديل عن جنيف في آستانا.”

إعداد: إحسان الخالد ـ  تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

—————————

==========================

تحديث 31 كانون الثاني 2021

—————————–

عبثيون يستنكرون العبثية/ حازم نهار

إنتهت مساء الجمعة 29 كانون الثاني/ يناير 2021 اجتماعات الدورة الخامسة من اللجنة الدستورية السورية في مقر الأمم المتّحدة بجنيف السويسرية، من دون الاتفاق على موعد للدورة السادسة. يأتينا الخبر ليقول لنا استقال فلان الفلاني من ممثلي هيئة التفاوض في “اللجنة الدستورية”، واصفًا العملية الدستورية بالعبثية، وخبر آخر يقول استقال فلان/ فلانة من “الائتلاف الوطني”، بعد توصله إلى قناعة بأن هذا التشكيل أو (اللمة) مضيعة للوقت، وخبر غيره يقول استقالت المجموعة الفلانية من مجموعة المستقلين التي شكلتها الرياض في العام الماضي. ربما يريد هؤلاء المستقيلون أو المنسحبون أن نحتفي بهم وباستقالاتهم وانسحاباتهم، ونشكرهم على “شفافيتهم” و”يقظتهم” الوطنيتين، تمامًا كما أرادونا أن نحتفي بهم، وبوعودهم، عندما تنافسوا وتقاتلوا طمعًا بمقعد في الائتلاف أو هيئة التفاوض أو اللجنة الدستورية.

ليس هناك من عنوان يعبِّر عن ظاهرة المنسحبين والمستقيلين، بل وعن الباقين أيضًا، أكثر من عنوان “عبثيون يستنكرون العبث”؛ أنتم العبث ذاته، أنتم تجسيد حقيقي للعبث. ما معنى ألّا يكتشف المرء العبثية إلا بعد مرور سنوات على انخراطه فيها؟ تُحسدون فعلًا على اكتشافكم “العظيم”. مع هذه الاستقالات والانسحابات كان يجدر بكم أن تقولوا لنا بعبارات صريحة وواضحة: نحن عبثيون، شاركنا في عمليات وأجسام وتشكيلات وعمليات عبثية، ولم نمارس إلا العبث، ولم ننتج إلا العبث. إعلان الاستقالة هو إعلان براءة مرفوض. أنتم لم تفعلوا، ولا تفعلون شيئًا، سوى السير مع “الموجة” السائدة، بل وتتزاحمون على ركوبها، ومن ثم تستقيلون منها، وتتبرؤون من فعلتكم.

يقول أحدهم (شعبنا ينتظر نتائج لا وعود فارغة). كيف كانت مسيرتكم خلال عشر سنوات غير مسيرة الوعود الفارغة؟ وعود بالتدخل الأميركي، وعود بالسلاح، النوعي وغير النوعي، وعود باقتراب سقوط النظام، وعود سعودية وقطرية وإماراتية وتركية تأخذونها جديًا، من دون أن تتعبوا رؤوسكم بالتفكير في استراتيجيات الدول الفعلية، لا تميزون بين التصريحات الدبلوماسية والحقائق السياسية، وبعضكم يختبئ في ظلّ حكومة ما تُقدِّمه، وتأخذ بيده، ليكون في اللجنة الفلانية أو الهيئة الفلانية أو التشكيل الفلاني.

في الحقيقة، لم يبقَ سوى وقتٍ قليل، ليدير “النظام السوري” ظهره لهذه الكراكيب المتعفِّنة، وللعمليات المرتبطة بها، التي سار معها وفيها على مضض. كان “النظام السوري” واضحًا جدًا من حيث رأيه في العملية السياسية و”الشرعية الدولية”، وغيرها من التعبيرات الدبلوماسية، بقوله إنها “لعبة نلعبها”. فيما هو يلعب لعبته الحقيقية والفعلية في ميادين وأحياز أخرى. أنتم تعاملتم مع اللعبة القائمة بوصفها عملية جدية وحقيقية، أنتم لم تلعبوها، بل جرى اللعب بكم.

يظهر من تصريحاتكم، ومؤتمراتكم الصحفية، أنكم دخلتم في حبائل لعبة يشارك فيها الجميع، النظام ودول إقليمية ودول كبرى، ولم تتقنوا شيئًا سوى الاندماج بمفردات وتعابير هذه اللعبة اللفظية والكلامية، تتوقعون أنكم بتكراركم بضع عبارات دبلوماسية أنكم أصبحتم رجال سياسة ودولة، تلك العبارات التي يستخدمها الأقوياء، خصوصًا عندما لا يريدون أن يفعلوا شيئًا، مثل “العملية العبثية”، “قرارات الشرعية الدولية”، “نحمِّل مسؤولية الفشل للطرف الآخر”، “الحل السياسي المستدام”، “نشكر المساعي الحميدة لفلان ابن فلان”، “تعربون عن أملكم في..”، و”كانت النتائج مخيبة للآمال”، “حريصون على ألّا يوجه لنا أي طرف أصابع الاتهام بأننا سلبيون أو معطِّلون لعمل اللجنة”، وغيرها من التعابير والمفردات السمجة. كلام فارغ عندما يكون وزن المرء وزن ذبابة.

إذا كانت “اللجنة الدستورية”، خلال عام وثلاثة أشهر، لم تتفق على أي شيء واحد بعد، فهذا يعني أن النظام يستطيع أن يسير بكم مدة قرن من الزمان لتتفقوا، وربما لا، على بند واحد، وعلى الأرجح سيكون البند في مجال صلاحيات البلديات أو المخاتير في الدستور، ليس أكثر. أيها العبثيون “الدستوريون” أنتم مطواعون جدًا؛ من دون وجود إرادة دولية واضحة، وضغط مباشر على النظام، لا قيمة لأي تفاوض.

تظهر العبثية أيضًا عندما نسمع أن بعض أعضاء اللجنة الدستورية المعارضين، وهم على أعتاب الجولة الخامسة، انهمكوا في مناقشة القضية التعليمية في الدستور، وأكدوا “حرصهم على التعليم كقيمة مضافة للدولة والمجتمع”، وسيركزون جهدهم على “أن تكفل الدولة بموجب الدستور العملية التعليمية والإشراف عليها من خلال إدراج نصوص دستورية.” بعد مدة قصيرة، قد يتحفنا أولئك أنفسهم بالاستقالة من اللجنة الدستورية واصفين إياها بالعبثية. أنتم عبثيون يستنكرون العبثية.

الغريب، بعد فشل الجولة الخامسة، أن الممثل الأممي، بيدرسون، بحسب كلامه، قد أعرب عن أمله في الذهاب إلى دمشق قريبًا لمناقشة حكومة النظام السوري بشأن العملية السياسية وفق قرار مجلس الأمن 2254 والخطوات المطلوبة لتصويب عمل اللجنة الدستورية كي تنجز أعمالها بأسرع وقت ممكن. هذه “نكتة بيدرسونية” حقًا؛ سيستمع النظام إلى بيدرسون، وسيُفاجأ بتعطّل اللجنة الدستورية، وسيزعجه هذا كثيرًا، ومن ثم سيعطي أوامره سريعًا بإزالة جميع العوائق أمام اللجنة الدستورية!

تغلب على وعينا السائد “الصفة التجريبية”، وهو نمط خطر من الوعي، لا يتعلم صاحبه، في أحسن الأحوال، إلا بعد اكتمال التجربة. والكارثة الأخطر ألا يتعلم أبدًا من عشرات التجارب. وهذا حصل لدى (قادة) و(سياسيين) و(مثقفين) في “المعارضة السورية”، وليس على مستوى الأفراد العاديين فحسب. وبالطبع لا توجد أي فضيلة في معرفة الحقيقة بعد أن تصبح بديهية يعرفها القاصي والداني؛ ففضيلة الوعي الرئيسة هي قدرته على معرفة مسارات الواقع واحتمالاته المرجحة والتنبؤ بالمستقبل.

الوعي التجريبي هو أبسط طرق التفكير، ويعبر عن سذاجة مؤلمة في قراءة الواقع. الوعي التجريبي لا يرى الحقيقة إلا عندما تتجسد واقعًا يفقأ العين، ويصعب عليه أن يرى إلا ما هو ظاهر، ولا يهتم برؤية ما هو كامن أو محتمل أو رؤية الاحتمال الأكثر وقوعًا استنادًا إلى معطيات معينة: لم يكن صعبًا التوقّع مثلًا أن “الائتلاف الوطني السوري” بالآلية التي شُكِّل بها، سيكون له دور وظيفي محدَّد ومحدود يتوافق مع الدول التي شكلته ورعته، ولم يكن صعبًا التوقّع أن آلية “تحرير الأرض” من السلطة الحاكمة هي آلية فاشلة ولن نحصد من ورائها إلا الفشل، ولم يكن صعبًا التوقّع أن اختزال الثورة السورية إلى صراع عسكري سوف يحطِّمها ولن نجد آنذاك إلا المرارة في انتظارنا، ولم يكن صعبًا التوقّع أن تحقيق “انتصار” عسكري ضد “النظام السوري”، في ظل معطيات سورية والإقليم والعالم، هو أمر أقرب إلى المستحيل، ولم يكن صعبًا التوقّع أن دول العالم معظمها، “الصديقة” و”العدوة”، لن ترضى بوصول “فصائل إسلامية” إلى الحكم في سورية، ولم يكن صعبًا التوقّع أن “الفصائل الإسلامية” ستتقاتل وتتصارع فيما بينها، عاجلًا أم آجلًا، ولم يكن صعبًا التوقّع أن “مسار أستانا” و”مسار سوتشي” سيصبان في مصلحة روسيا وإيران والسلطة السورية، ولم يكن صعبًا التوقّع أن سياسات الخليج وتركيا تجاه القضية السورية لا تستطيع أن تتجاوز ما تريده وتراه السياسة الأميركية، ولم يكن صعبًا التوقّع أن افتقادنا إلى قوى سياسية حقيقية ومتماسكة سيجعلنا عرايا أمام العالم، وبلا بوصلة أو ناظم… إلخ.

هذه بعض القضايا التي شغلت كثيرًا من السوريين، وأيدوها ووضعوا الآمال فيها، وهناك عشرات القضايا الأخرى البديهية والمتوقعة، وكلها وقعنا في مطباتها وحفرها، على الرغم مما نسمعه اليوم من تنكّر كثيرين أيضًا لآرائهم السطحية والانفعالية في السنوات الماضية تجاه القضايا هذه، وتبرُّئهم منها. في اعتقادي، إن قليلًا من الوعي كان كافيًا لمعرفة نهايات الطرق الماضية سلفًا، ومن ثمّ تجنب السير فيها، والبحث عن أدوات وآليات حقيقية لإنجاز كثير من مهمات الثورة السورية. في الحقيقة، يعلمنا التاريخ أن أكثر الناس جعجعة هم أكثرهم تنازلًا وانعطافًا. الاستعراضات اللفظية والسلوكية لا تبني دولًا ولا تجعل من أحد زعيمًا أو قائدًا.

في النقاش السوري العام حول “اللجنة الدستورية”، لا تكمن القضية الأساسية في الوقوف مع المشاركة في العملية الدستورية أو ضدها؛ فأسوأ المواقف (وأسهلها) هي تلك التي يجيب عنها المرء بنعم أو لا، ويكتفي. يمكن أن تكون المشاركة أمرًا إيجابيًا، على الرغم من معرفتنا بنواقص وأفخاخ ونقاط ضعف هذا المسار، عندما يدخلها المشاركون فحسب وهم مقتنعون بأنها لعبة يلعبونها، وأن مقدمات الحل السياسي الفعلي ينبغي بناؤها خارج الأطر هذه، أي عندما لا نضع البيض كله في سلة “العملية الدستورية واللجنة الدستورية”، علاوة على شروط تفصيلية أخرى عديدة؛ أن يقدّم المعارضون المشاركون رؤية توافقية حول الدستور فيما بينهم أولًا، لا رؤى فردية وشخصية، ويتسلحوا بخطة تفصيلية، سياسية وإعلامية، تساعدهم في عملهم، قبل وفي أثناء وبعد الجلسات، وأن تكون المشاركة جزءًا من عمل أكبر وأوسع، أي محطة من جملة أعمال أخرى مطلوبة تتجاوز اللجنة الدستورية، وأن يكون المشاركون في اللجنة جزءًا من مركز سياسي سوري وطني متفق عليه، ويخضعون لرؤيته. ما استراتيجيتكم أيها العبثيون “الدستوريون”، في حال عطّل النظام اللجنة الدستورية، كما هو متوقّع بنسبة مئة في المئة؟ الجواب: لا شيء؛ قليل من الشجب والاستنكار، مع قليل من الندب، ولا بأس بالتوسّل قليلًا على أبواب السفارات.

يُذكِّرني “الائتلاف الوطني” و”الهيئة العليا للمفاوضات” و”اللجنة الدستورية” بما كنا نطلق عليه قديمًا في المعارضة قبل 2011: “مؤسسات الضبط الاجتماعي”، مثل “معسكرات التدريب الجامعي” و”الاتحاد الوطني لطلبة سورية”، تلك التي لم يكن لها من فائدة سوى وضع الشباب تحت الرقابة، ومنعهم من بناء تشكيلاتهم ونقاباتهم المستقلة بعيدًا عن السلطة.

إن الكراكيب الموجودة (الائتلاف الوطني وهيئة المفاوضات واللجنة الدستورية) ليس لها من وظيفة، على المستوى السوري، سوى قطع الطريق على السوريين لبناء مؤسسات حقيقية ينتمون إليها وتنتمي إليهم؛ فالاعتراف الإقليمي والدولي بالكراكيب هذه لم يكن له من هدف سوى ركوبها من جهة أولى، وتثبيط همة السوريين لبناء تلك المؤسسات التي يطمحون إليها حقًا، كونها لن تحصل حكمًا على الاعتراف مع استمرار وجود الكراكيب، من جهة ثانية.

المدن

——————————-

اللجنة الدستورية لعبة الشاطر بوتين/ بشير البكر

اجتمعت اللجنة الدستورية للمرة الأولى في تشرين الأول 2019، ومنذ ذلك الحين عقدت خمس جولات تحت إشراف الأمم المتحدة، وكان الهدف المعلن هو كتابة دستور جديد تجري على أساسه الانتخابات الرئاسية في الصيف المقبل، وفق قرار مجلس الأمن 2254 الذي نص على إقامة هيئة حكم انتقالية، إلا أن اللجنة بقيت تراوح في مكانها ولم تتوصل إلى اتفاق بين مكوناتها الثلاثة، المعارضة والنظام والمجتمع المدني. حتى إنها لم تحقق الحد الأدنى من التفاهم الذي كانت تطمح إليه الأمم المتحدة من أجل وضع أساس لكتابة الدستور الجديد.

ويتفق الجميع على أمر أساسي وهو أن التعطيل حتى الآن من فعل النظام، ويتم ذلك وفق تكتيك سياسي مدروس يخفف من عبء المسؤولية، ولذلك انتظرت المعارضة والأمم المتحدة كل هذه الفترة، على أمل أن توعز روسيا للنظام كي يتوقف عن سياسة التعطيل وإضاعة الوقت، ويقبل احترام جدول الأعمال المتفق عليه، إلا أن موسكو خيبت كل الرهانات، واستمرت في سلوك الاستهتار بالأطراف كافة.

وفي ختام الجولة الخامسة مساء أمس، التاسع والعشرين من كانون الثاني أعلن ممثل الأمم المتحدة غير بيدرسون، صراحة، عن تعثر هذا المسار، وتحدث بلا مواربة عن عدم تعاون وفد النظام في هذه الجولة، وبدلا من تعليق عمل اللجنة وجد مخرجا في تغيير النهج وإيجاد آلية جديدة كي تستمر اللجنة في عملها، وترك لوفدي المعارضة والنظام أن يتفقا على ذلك. ويبدو أن الدول الثلاث روسيا، وإيران، وتركيا الراعية للشأن السوري تدخلت كي تبقي على المسرحية، وحولت الملف إلى اجتماع أطراف أستانة في سوتشي في السادس عشر من شباط. وبذلك يتم تدوير ما شهدته الجولات الخمس من فشل وتبريد القضية من جديد، وربما البحث عن صيغة جديدة للضحك على ذقون السوريين. ولا يحتاج الأمر إلى تنجيم حتى يستنتج المرء أن الخاسر الأكبر من الدوران في الحلقة المفرغة هو الشعب السوري، والذي يتحمل عبء سداد فواتير تعطيل الوصول إلى حل سياسي. وصار واضحا أن مشاركة المعارضة في هذه المسرحية لا يتجاوز إثبات حسن النوايا وتثبيت الحضور الذي لا يقدم ولا يؤخر، في حين تتحكم موسكو بقانون هذه اللعبة من الألف إلى الياء. والتي تتلخص في إيعاز روسيا للنظام في بداية كل جلسة بممارسة التشدد وإضاعة الوقت حتى اليوم الأخير من الجولة، ومن ثم تخلط الأوراق لتضرب موعدا جديدا تعلق عليه آمالا خادعة، وهكذا حتى إشعار آخر.

لا يبالي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأحد في العالم حين يتعلق الأمر بسوريا. يفعل ما يحلو له وفق مصلحة بلاده، وعلى أساس حسابات خاصة. لا يخجل من الاعتراف بهذه الحقيقة. وحين تحدث مؤخرا عن التدخل الروسي في أيلول 2015 قال بصراحة أنه كان يسترشد أولاً وقبل كل شيء، “ليس بتعاطفه مع الشعب السوري وكراهيته للإرهاب، بل أيضاً بمصالح الدولة الروسية”. وعندما أرسل جيشه لنجدة بشار الأسد، فإنه لم يأخذ موافقة أحد، لا الأمم المتحدة ولا الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة، بل تصرف وحيدا كي يمنع سقوط دمشق بيد من وصفهم وزير الخارجية سيرغي لا فروف بـ “الإرهابيين”.

ومنذ ذلك الوقت يتعامل بوتين مع سوريا على أنها محمية روسية لا ينازعه فيها أحد، وسيبقى الحل السياسي معلقا حتى يتمكن من استكمال خطته التي تهدف إلى استعادة السيطرة على الجغرافيا السورية كاملة، وإعادة تأهيل الأسد حاكما عليها بعد أن كبله الرئيس الروسي بسلسلة من الاتفاقات السياسية والاقتصادية والأمنية إلى نحو نصف قرن على الأقل. وعلى هذا الأساس يأتي كل ما يصدر عن روسيا من مواقف وردود فعل سياسية وعسكرية واقتصادية، وانطلاقا من هذه القاعدة وحدها يمكن تفسير دوران اللجنة الدستورية في حلقة مفرغة منذ كانون الثاني 2018 عندما فرضتها موسكو كمسار سياسي بديلا عن مسار جنيف الأممي.

تلفزين سوريا

—————————

لعب روسي بالمسارات السورية/ عبسي سميسم

يُظهر البيان المشترك الذي صدر عن ضامني مسار أستانة السوري (روسيا، إيران وتركيا)، بشأن المشاورات التي جرت بينهم على هامش اجتماعات اللجنة الدستورية السورية الأخيرة، أن دخول روسيا بشكل خاص على خطّ هذه الاجتماعات، ولقاء المبعوث الروسي ألكسندر لافرنتييف بشكل غير رسمي مع شخصيات من وفد المعارضة، لم يكن بهدف دفع العملية السياسية نحو الأمام من خلال مسار جنيف، أو الضغط على نظام بشار الأسد من أجل الالتزام بأجندة الاجتماع، وبالأهداف التي شُكّلت من أجلها اللجنة الدستورية، كما وعد لافرنتييف الشخصيات التي اجتمع بها، ومن بينها الرئيس المشترك للجنة هادي البحرة. لكن الهدف الحقيقي لموسكو، هو إثبات عقم مسار جنيف، وإقناع المجتمع الدولي بتحويل مسار الحلّ السياسي السوري من جنيف إلى أستانة.

لم تمارس موسكو أي ضغوط على النظام لتحقيق تقدّم في عمل اللجنة الدستورية، بل على العكس، صدر بيان عن وفد النظام يعد الأسوأ خلال اجتماعات اللجنة، الأمر الذي أدى إلى فشل الجولة الخامسة من الدستورية فشلاً ذريعاً. كما أن بيان ضامني أستانة، على الرغم من تأكيده دعم اللجنة الدستورية، إلا أنه حدّد موعداً لاجتماعات أستانة بعد نحو 16 يوماً من اجتماعات “الدستورية”، معتبراً أن عمل هذه اللجنة “ينبغي أن يتسم بالمرونة والمشاركة البنّاءة من دون تدخّل خارجي وجداول زمنية مفروضة من الخارج، بهدف التوصل إلى توافق عام بين أعضائها، من شأنه أن يؤدي إلى مخرجات تحظى بدعم الشعب السوري على أوسع نطاق ممكن”.

هذا الرأي يُعتبر بمثابة دعوة لتكريس حالة الاستعصاء التي يحاول النظام فرضها في عمل اللجنة الدستورية وإغراقها بالتفاصيل، بدعوى التوصل إلى تفاهم على بديهيات وثوابت يتوافق عليها كلّ السوريين والابتعاد عن المواضيع الخلافية ضمن المضامين الدستورية، وبالتالي دفع المعارضة إما إلى الانسحاب من هذا المسار أو البقاء ضمن حالة المراوحة في المكان الذي تصب في مصلحة النظام بالدرجة الأولى. كما يفسح ذلك المجال أمام روسيا لطرح أستانة كمسار للحل السياسي في سورية، على طريقتها، كونه مساراً يرعاه داعمان للنظام (روسيا وإيران) مقابل داعم للمعارضة، هي تركيا. وفي حال عدم توافر إرادة دولية، وخصوصاً لدى الإدارة الأميركية الجديدة لحل سياسي منصف وفق القرارات الأممية في سورية، فإن موسكو ستنجح بجرّ المجتمع الدولي لاعتماد أستانة كمسار للحل السياسي في سورية.

————————–

الفشل في التفاوض والخيار الصعب!/  ادوار حشوة

فشلت اللجنة الدستورية المصغرة فشلا كبيرا من بدء تشكيلها الى طريقة عملها!

-١- تم تشكيل اللجنة الدستورية ال ٥٠ استنادا الى نظام محاصصة بين

مكونات هيئة التفاوض( الائتلاف والتنسيق ومنصتي موسكو والقاهرة والمستقلون )! لم يكن التوزيع عادلا وعكس هيمنة الائتلاف !

-٢- تشكيل اللجنة المصغرة من ال١٥ تم على نفس النسق !

في الرياض ابديت احتجاجي للرئيس الدكتور نصر الحريري ( المحاصصة تمت في الموسعة اما في اللجنة المصغرة المفاوضة فيجب ان تكون الافضلية للكفاءات لا المحاصصات والتوازن بين السياسي والحقوقي )

وقررت الانسحاب حالما نغادر الرياض

قام الزملاء صفوان عكاش وقاسم الخطيب بابلاغي اختياري كبير المستشارين .

في جنيف تم تشكيل مجموعة مستشارين مختصين ( ادوار حشوة احمد الاحمر يوسف سلمان محمد علي الصايغ ياسر الفرحان محمود عطور ).

تبين ان لا دور لهذه المجموعة وهي شكل بلا مهمة ولا حضور.

-٣- اول خطأ ارتكبه فصل ممثل منصة موسكو بقرار منفرد وسريع

مع وجود اللجنة الموسعة ودون علمها بسبب ابداء رأي في موضوع نقل التفاوض الى دمشق .

مهند كان يهدف الى كشف جدية النظام الذي سيرفض ذلك لانه سيترافق مع رفع القيود والاحكام

وتامين بيئة آمنة كما فهمنا وهذا جعل اعضاء اللجنة كما لو كانوا في مدرسة ابتدائية تقودها عصا المعلم !

-٤- القبول المهين في رفض اي حديث او تنسيق للاجتماعات بين رئيسي الوفدين بما يحمل من معاني عدم الاعتراف

هذه الطريقة لم يتبعها النظام في لجنة الهدنة مع اسرائيل حيث كان الطرفان يجلسان على طاولة مستديرة مع الامم المتحدة ويتبادلان الكلام ويشربون القهوة ويتناولون الطعام!

وفد الحكومة حتى منع اعضاءه من اي لقاء فردي وتحت رقابة امنية واضحة !

-٥- موافقة وفد المعارضة على تحويل التفاوض من الدستور الى ما

يسمى الثوابت الوطنية والاندماج في الخطابات حولها التي استغرقت جولتين اضاعت اصل المهمة وحققت للنظام ما اراد !

-٦- اسلوب وفدنا في تقديم اقتراحات في جدول الاعمال بداعي الايجابية والرغبة أضعف موقف الوفد وظهر كمن يتسول لا كمن يفاوض مع انه يمتلك صلاحية محددة هي البحث في اصلاح دستوري او دستور جديد

والخروج عن ذلك كان هدف النظام وكان وراء الفشل !

-٦- قبل وفد المعارضة باستمرار الخطابات عن الثوابت والمبادئ الوطنية خارج الدستور على ان تبدأ مناقشة المبادئ الدستورية في الجلسةًالخامسة فاضاع الجلسة الرابعة في خطابات متبادلة كانت مهمتها كسب الوقت !

-٧- ًفي الجلسة الخامسة. ومنذ اليوم الاول تبين لوفد المعارضة ان النظام لا يريد التقيد بجدول الاعمال بالبحث عن المبادئ الدستورية واستمر في الخطابات

المدهش ان وفد المعارضة بدلا من معارضته للخروج عن جدول الاعمال صار مثل النظام وكما يريد يتبادل الخطابات في غياب موقف آخر .!

-٨- في لقائنا اليومي مع منسق الحوار مع اللجنة الموسعة ابديت احتجاجا شديدا على تصرف وفدنا وشايعني من حضر وطالبت بموقف سياسي صلب يقوم على اعلان اننا جاهزون للتفاوض على الدستور ولن نشارك لا في تداخلات ولا خطابات حتى يذعن وفد النظام على الدخول في الدستور مادة مادة حسب جدول الاعمال وبايجاز نحضر ولا ننسحب ونتوقف عن الكلام كرسالة احتجاج للامم المتحدة والدول !

تم نقل الرأي الى الوفد المفاوض ولكنه في الجلستين التاليتين استمر مع النظام في الخطابات ولم يتخذ موقفا كما طلبت فانتهت الجولة

الى الفشل !

-٩- كانت رئاسة الوفد تسعى الى كسب رضى المبعوث الدولي على حساب سمعة الوفد لدى كل المعارضة والناس الأمر الذي عبر عن صعف وبدا متسولا مع أنه يملك الحق في الموقف اذا توقف !

-١٠- في رسالتي الى رئيس هيئةًالتفاوص طالبت باعادة تشكيل اللجنة المصغرة على غير طريقة المحاصصة واعادة التوازن اليها بين

الحقوقي والدستوري لرفدها بقوة تفاوض لم تتوفر لها .

وفي الاحاديث الهاتفية كان هناك تفصيل لاقتراحي كمثال :

خمسة اعضاء يمثلون الجانب السياسي الائتلاف ( هادي البحرةً رئيسا – هيئة التنسيق احمد العسراوي -منصةً موسكو عروب المصري – منصة القاهرة جمال سليمان-المستقلون بسمة قضماني) .

و١٠ اعضاء من الكفاءات الحقوقية

من اللجنة الموسعة ( احمد الاحمر- محمود عطور – محمد علي الصايغ-

ياسر الفرحان -يوسف سلمان -حسن الحريري – حسن عبيد- طارق الكردي-

ديمه موسى- ادوار حشوة ).

هذا الاقتراح لم يرد رد عليه وعلى جدية التعامل معه سوف انتقل من وقف المشاركة الى الانسحاب والفشل في التفاوض ليس امرا لا يمكن توقعه ولكن عدم التغيير هو الكارثة التي قد تأخذ معها حق تمثيل المعارضة!

فهل تذهب هيئة التفاوض الى الخيار الصعب ؟

الفيس بوك

—————————

ملهاة جنيف السورية: هل يسمّي بيدرسن المعطِّل أو يستقيل؟/ أمين العاصي

فتح الفشل المتكرر للعملية السياسية السورية التي ترعاها الأمم المتحدة، نتيجة تعنّت النظام السوري ورفضه الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، الباب مجدداً أمام التساؤلات حول جدوى استمرار المسار السياسي الأممي وفق الآليات التي تحكمه، إذ لا يلوح في الأفق القريب أي أمل في تغيير النظام لنهجه. وعقب فشل الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية في جنيف السويسرية، المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، في الأسبوع الحالي، عبّر المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن عن استيائه، مشيراً في كلمته الختامية أول من أمس الجمعة، في جنيف، إلى أن هذه الجولة “لم تحقق شيئاً، ولم يتم حتى الاتفاق فيها على منهجية الجلسات”. وأضاف: “لن نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة إذا استمر العمل على هذا المنوال”، مؤكداً أنه سيذهب إلى دمشق ويحاول إقناع النظام السوري، “لكن لن نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة”. وأظهرت الوقائع أن المبعوث الأممي لن يجد أمامه سوى الاعتذار عن مواصلة مهامه، كما فعل العديد من المبعوثين الأمميين الذين وجدوا أنفسهم عاجزين عن فعل شيء، أمام رفض النظام المطلق تسهيل مهام الأمم المتحدة. بالتوازي، برز أمس إعلان عضو اللجنة المصغرة للجنة الدستورية عن وفد المعارضة، العميد عوض العلي، استقالته من اللجنة، واصفاً في بيانٍ مصور أرسله إلى تلفزيون “سوريا”، العملية بالعبثية.

ولم يعد خافياً أن النظام اتخذ من مفاوضات اللجنة الدستورية سبيلاً لشراء الوقت، للوصول إلى منتصف العام الحالي لإجراء انتخابات رئاسية وفق الدستور الذي وضعه في عام 2012، وضمان بقاء بشار الأسد في السلطة لمدة 7 سنوات جديدة، معتمداً على الجانبين الروسي والإيراني لدفع المجتمع الدولي للقبول بنتائج هذه الانتخابات.

ولم يحقق المسار الأممي السياسي منذ بدئه منتصف عام 2012، أي نتائج تُذكر على صعيد التسوية السياسية، بسبب رفض النظام السوري التعامل مع قرارات الشرعية بدءاً من بيان جنيف 1 في عام 2012، والقرار 2218 في عام 2013، عقب المجزرة التي ارتكبها النظام في غوطة دمشق الشرقية بأسلحة كيميائية، وصولاً إلى القرار الدولي 2254 في عام 2015. أما المعارضة، فتضطر تحت ضغوط إقليمية ودولية في كل مرة، للذهاب إلى جنيف للتفاوض مع النظام الذي دأب طيلة هذه السنوات على الابتعاد عن جوهر الحل السياسي، القائم على تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات. كما اضطرت المعارضة سابقاً على التفاوض حول سلّة الدستور قبل سلّة الانتقال السياسي، لتثبت للمجتمع الدولي حرصها على حل الصراع السوري بالطرق السلمية، لكن النظام كما تدل المعطيات لا يضع في حساباته التوصل إلى حل سياسي، مستغلاً حالة “تراخ” أميركي، ومستنداً إلى دعم روسي وإيراني. وأمام حالة الاستعصاء السياسي، يطالب الشارع المعارض بالانسحاب من العملية السياسية برمتها، لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته إزاء النظام السوري.

في السياق، أشار عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض عبد المجيد بركات، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الخيارات أمام المعارضة السورية في إطار العملية السياسية محدودة للغاية”، مضيفاً أن “الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية كانت مخيبة للآمال باعتراف المبعوث الأممي”. وأضاف بركات”: “كنا نعرف أن النظام سيستمر بالتعطيل، من خلال الحديث عن الدستور ولكن من دون الانخراط في صياغة هذا الدستور”، لافتاً إلى أن هذا الوضع “يحتاج إلى تحرك المعارضة السورية على مستويات عدة، منها الطلب من حلفائنا، خصوصاً تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إيجاد آليات ضغط جديدة على النظام للانخراط في العملية السياسية بشكل جدي”.

وأشار إلى أن “النظام استغل الخلافات بين الدول الداعمة للمعارضة”. وشدّد على “ضرورة خلق المعارضة ساحات عمل جديدة، من خلال الحديث عن تطبيق بقية بنود القرار الدولي 2254، إضافة إلى ترتيب البيت الداخلي للمعارضة”، معتبراً أن “الخلافات داخل هيئة التفاوض انعكست بشكل كبير على أدائها في اللجنة الدستورية، لدرجة أنه كان هناك خلاف حول المبادئ الأساسية للدستور بين مكونات الهيئة”. ورأى أن على الائتلاف الوطني باعتباره “الرافع والدافع” لمعظم مؤسسات المعارضة السورية “التفكير بالعودة إلى الحوكمة في المناطق التي تسيطر المعارضة عليها في الشمال، وإدارتها بشكل أفضل وتحقيق استقرار فيها من خلال دعم الحكومة المؤقتة”. وعن خيار الانسحاب من العملية على ضوء التعطيل المستمر من قبل النظام، قال بركات إن “سلبيات الانسحاب من العملية السياسية أكثر من الإيجابيات، ومن الممكن أن ينعكس ذلك بشكل سلبي على الجانب الميداني والعسكري”. ورأى “أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة عميقة ويجب ألا يكون قرار الانسحاب أو التعليق انفعاليا”، مستدركاً: “لكن الاستمرار في العملية السياسية على هذا الشكل يجب ألا يدوم، لذا يجب أن تكون إحاطة المبعوث الأممي إلى مجلس الأمن الدولي حيادية وموضوعية، ويثبّت أسباب الفشل، كما تتغير منهجية العمل في اللجنة الدستورية لتصبح أكثر جدوى”.

من جهته، أمل المدير التنفيذي للمكتب الإعلامي في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية إبراهيم جباوي “أن يضطلع المبعوث الأممي غير بيدرسن بمسؤولياته الأخلاقية، ويعلن صراحة أمام مجلس الأمن أن النظام هو المعطل لأي جهد باتجاه حل الأزمة، ولنرَ بعد ذلك ما سيفعله المجلس وهل ستتخطى الدول العظمى الفيتو الروسي للقيام بشيء من خارج مجلس الأمن، كما فعلت في غير مكان”.

وعن تعويل المعارضة على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في الضغط على النظام السوري، قال جباوي لـ”العربي الجديد”، إنه “قد تكون لإدارة بايدن حركة خجولة نحو الحل، الذي ربما لا يحقق طموحات الشعب الذي ضحى بأغلى ما يملك لنيل حريته”.

وسبق أن انفجرت الخلافات قبل انطلاق الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية، داخل هيئة التفاوض، التي تضم منصات وتيارات سياسية غير متجانسة ومختلفة بالرؤى. ورأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “على المعارضة أن تأخذ زمام المبادرة وتؤكد للشعب السوري أنها تملك قرارها”. من جهته، دعا الباحث في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث لـ”العربي الجديد”، المعارضة التي رأى أنها “مفككة ولا تملك هوامش استقلالية”، إلى العمل “على التنمية في مختلف المجالات السياسية والتوعوية والاقتصادية، ومحاولة اكتساب الشرعية الشعبية المحلية على الأرض في المساحات الباقية في حلب وإدلب، وفي المهجر”.

العربي الجديد

—————————–

عن اللجنة الدستورية السورية.. بيدرسون: لا يمكننا الاستمرار بهذا الشكل

كشف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، “غير بيدرسن”، أنه أخبر أعضاء اللجنة الدستورية السورية، أنه لا يمكن استمرار عمل اللجنة في ظل الظروف الراهنة، لا سيما في ظل فشلها حتى الآن في التوصل إلى صياغة ميثاق جديد حول الازمة في سوريا.

كما وصف “بيدرسن” الاجتماعات الأخيرة بانها كانت مخيبة جداً للآمال، معتبراً أنه لا يمكن إكمال عمل اللجنة ما لم تتغير الأجواء والظروف والوصول إلى نتائج ملموسة.

يشار إلى ان اللجنة الدستورية، مؤلفة من 45 عضواً موزعين على ثلاث قوائم متساوية، 15 عضواً للمعارضة و15 عضواً للنظام السوري و15 عضواً للمجتمع المدني، والتي تهدف إلى وضع دستور جديد يقود إلى إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.

في السياق ذاته، كشف “بيدرسن” عن نيته زيارة العاصمة السورية دمشق، خلال الفترة القريبة المقبلة، في محاولة لدفع عجلة المفاوضات وعمل اللجنة الدستورية.

يذكر أن المبعوث الأممي قد أبلغ مجلس الأمن الدولي مطلع كانون الثاني، بأن العديد من الملفات قد تمت مناقشتها منذ أكثر من عام، وأن الوقت قد حان للجنة كي تضمن أن الاجتماعات أفضل تنظيماً وأكثر تركيزاً.

ويتهم النظام السوري من قبل المجتمع الدولي، بتعمد تأخير صياغة دستور جديد بهدف إضاعة الوقت لحين إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في سوريا الصيف القادم.

———————-

استقالة عضو من “اللجنة الدستورية”: عملية عبثية لا فائدة منها

أعلن العميد عوض العلي استقالته من “اللجنة الدستورية السورية”، بعد ساعات من فشل الجولة الخامسة منها، جراء محاولات التعطيل التي اتبعها وفد نظام الأسد.

وقال العلي في تسجيل مصور نشره موقع “تلفزيون سوريا“، اليوم السبت: “هذه العملية عبثية ولا فائدة ترجى منها سوى أننا نعطي انطباع أن هناك عملية سياسية والنظام متفاعل معها. الحقيقة غير ذلك”.

وأضاف العلي: “بعد عقد من الزمن من انطلاقة الثورة السورية انتهت الجولة الخامسة من اللجنة بعد عام من تشكيلها، والتي شاركنها فيها على أمل إيجاد حل سياسي للقضية السورية”.

وتابع: “طوال هذه الفترة لم يبادر وفد النظام بأي خطوة في هذا المسار، وصرح رئيس وفده من بداية الجولة الحالية أنهم موجودون لنقاشات ومداولات دستورية وليس لصياغة الدستور”.

ودعا العلي المجتمع الدولي إلى الانحياز لقراراته الدولية، لـ”إنصاف الشعب السوري المكلوم، ولتحقيق أهداف ثورته”.

وهذه هي الاستقالة الأولى من اللجنة الدستورية، منذ بدء أولى جولاتها في أواخر عام 2019.

وتأتي في الوقت الذي وصف به المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون مخرجات الجولة الخامسة من “الدستورية” بـ”المخيبة للآمال”، وهو الأمر الذي أكده أيضاً الرئيس المشترك للجنة عن وفد المعارضة، هادي البحرة.

وقال بيدرسون أمس في مؤتمره الصحفي: “مع الأسف لم نحققها، لأنه ليس هناك فهم واضح بشأن كيفية التقدم في أعمال اللجنة”.

وأضاف المبعوث: “استمر العمل كما في الجولات السابقة، والنهج لم يكن مجدياً، ولا يمكننا العمل دون تغيير طريقة العمل”.

وأشار بيدرسون إلى نيته زيارة سورية ليجري نقاشات مع نظام الأسد، في سبيل تنفيذ المسارات السياسية الأخرى المتعلقة بالملف السوري، بينها قرار مجلس الأمن “2254”، ملمحاً بشكل غير مباشر خلال مؤتمره إلى محاولات التعطيل من جانب وفد النظام السوري.

من هو عوض العلي؟

ويعتبر العلي من أعضاء المجموعة المصغرة في اللجنة الدستورية، والتي من توكل إليها مهام نقاش وصياغة المبادئ الدستورية للدستور الجديد للبلاد، على أن يرفعوا فيما بعد مخرجاتهم إلى اللجنة الموسعة لإقرارها.

العلي الذي ينحدر من ريف حلب كان يشغل منصب رئيس فرع الأمن الجنائي بدمشق، قبل أن يعلن انشقاقه في شباط 2013، عن قوات النظام السوري.

وفي تشرين الأول من عام 2015 كان العلي قد تولى منصب وزير الداخلية في “الحكومة السورية المؤقتة”، ليدخل فيما بعد في مفاوضات ومحادثات المسار السياسي المتعلق بالملف السوري.

————————–

بعد فشل “اللجنة الدستورية”.. تباين آراء حول العودة إلى مسار آستانا

اختتمت في العاصمة السويسرية جنيف، أمس الجمعة، أعمال الجولة الخامسة الخاصة بـ”اللجنة الدستورية” دون تحقيق أي تقدم يذكر وبشهادة المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن.

وتباينت الآراء من وجهة نظر معارضين سوريين ومن وجهة نظر محلل روسي حول عودة العملية السياسية إلى مسار آستانا ووفقاً للرؤية الروسية من جديد.

وقال هادي البحرة الرئيس المشارك للجنة الدستورية، خلال مؤتمر صحفي عقد أمس الجمعة، إن “إطالة عمل اللجنة الدستورية يؤدي إلى إطالة معاناة أهلنا في سوريا.”

وأضاف: “أبلغنا كل الدول أننا وصلنا إلى مرحلة لم تعد جهودنا كافية لإبقاء اللجنة على قيد الحياة، ولا يوجد أي طرف يوجه أصابع الاتهام لقوى الثورة والمعارضة السورية بأنها كانت سلبية أو تقوم بتعطيل عمل اللجنة.”

وطالب البحرة مجلس الأمن بضرورة تنفيذ القرار 2254 وتحديد جدول زمني، “ونتطلع من مجموعة دول آستانا الداعمة للعملية الدستورية أن تُقدّم في الاجتماع القادم اقتراحات أو معطيات تمكّن المبعوث الخاص من إنجاز مهمته وتمكّن اللجنة من إنجاز مهمتها في أقرب وقت ممكن.”

“نتائج صفرية“

وقال مصدر من المعارضة السورية (فضّل عدم الكشف عن اسمه لأنه يقيم في تركيا) لنورث برس، إنه “بحسب المقدمات تأتي النتائج وبما أن سوتشي وأستانا والرياض 2 هي المقدمات التي أنتجت لنا اللجنة الدستورية فمن الطبيعي أن تكون صفرية النتائج.”

وأضاف: “كل هذه المقدمات هي أسس المقاربة الروسية لمخرجات جنيف والقرار 2254 التي فرغتها روسيا من مضمونها وحولتها إلى حالة من العبث وتمرير الوقت.”

وتهدف روسيا من ذلك “الاستيلاء على الأراضي، وإعادة إنتاج النظام  وتأهيل بشار الأسد، وستكمل المسرحية في منتصف الشهر القادم ومن المتوقع أن تجر اللجنة الدستورية إلى هناك، وبذلك تكون العملية الأممية بحكم الميتة”، بحسب المصدر.

وأشار إلى أن “روسيا نجحت بتعطيل مساعي الأمم المتحدة وستخرج علينا في آستانا القادم بجولة جديدة من الكذب والمراوغة حتى تمر عملية انتخاب بشار الأسد  بلا دستور أو حتى إصلاح دستوري.”

بدوره، شدد دينيس كوركودينوف رئيس المركز الدولي للتحليل والتنبؤ السياسي، المحلل السياسي الروسي، في حديث لنورث برس على أنه “في نهاية الجولة الخامسة رفض وفد الحكومة 10 مواد دستورية قدمتها المعارضة، متهمين مؤلفيها بالسعي لاستمرار الحرب الأهلية.”

وأعلن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن رسمياً انتهاء عملية التفاوض واصفاً إياها بـ “المخيبة للآمال”.

وقبل ذلك بيوم عبر عضو اللجنة يحيى العريضي عن موقف مماثل تقريباً إلا أنه أشار في تصريحه للصحافة إلى أن الأمر يتعلق فقط بالتعليق وليس استكمال المفاوضات.

واعتبر العريضي أنه من الممكن استئناف الحوار مع دمشق بمساعدة فاعلة من الدول الضامنة (روسيا إيران وتركيا)، التي أعربت بالفعل عن عزمها مواصلة المشاورات في الاجتماع المقبل في آستانا في الفترة من 16 إلى 17 شباط/ فبراير القادم.

“ظروف سلبية”

وقال المحلل الروسي إن “قرار مقاطعة اللجنة الدستورية جاء على خلفية التصعيد المستمر للصراع في مدينة عين عيسى والمواجهة المستمرة بين المعارضة والقوات الحكومية في درعا.”

وأضاف: “هذا المزيج من الظروف أثر سلباً على قابلية التفاوض في دمشق، التي بدأت تعتبر تصرفات المعارضة انتهاكاً صارخاً للاتفاقيات القائمة بشأن وضع دستور واحد.”

وأشار إلى أن الموقف غير المطابق للمفاوضين يرجع إلى حد كبير إلى التناقض الحالي في تصرفات الثلاثي الدولي.

وعلى وجه الخصوص، “لا تزال موسكو وأنقرة وطهران متباينة في تقييمها للوضع الحالي في سوريا وغالباً ما تكون بمثابة العوائق الرئيسية للاتفاقيات بين النظام والمعارضة”، بحسب “كوركودينوف”.

وقال إن “هذا الغموض هو سبب شكوك كبيرة حول الدور الإنتاجي للدول الضامنة في حل المشاكل السورية، إذ لم تستطع موسكو ولا أنقرة ولا طهران تحييد بؤر التوتر في عين عيسى ودرعا.”

ويرى المحلل الروسي أن المعارضة السورية مستاءة للغاية من حقيقة أن دور الوسطاء المباشرين في اللجنة الدستورية يعود لروسيا وتركيا وإيران.

وكانت هذه الدول تنوي استخدام المفاوضات في المقام الأول للتوصل إلى حل وسط فيما بينها، بحسب “كوركودينوف”.

في غضون ذلك، أدت “أخطاء معينة في ضمان الاستقرار في قطاعات معينة من الجبهة السورية إلى تقليص السلطة السياسية للثلاثي الدولي بشكل كبير، لكنها في غضون ذلك لم تؤد إلى تراجع نشاطهم العسكري.”

ورأى أن “غالبية فصائل المعارضة تعتبر بشار الأسد شخصاً غير موثوق وليس له الحق في تمثيل مصالح سوريا كلها، والتي لا تزال بعيدة تماماً عن تنفيذ مشروع الحكومة المركزية.”

وأضاف: “هناك أيضاً سوء تفاهم بين أعضاء البرلمان في دمشق. يتلخص في حقيقة أن دستور البلاد يجب أن يوافق عليه البرلمان، في حين أن أنشطة اللجنة الدستورية غير دستورية بطبيعتها، لأنها لا تشارك البرلمان في ادعاءاته بتنفيذ مهام مجلس النواب.”

وأعرب المحلل الروسي عن اعتقاده بأنه نتيجة لفشل محادثات جنيف فلن يكون الثلاثي الدولي قادراً على إحياء عملية آستانا.

وقال إن “أستانا ليست أفضل من جنيف، وهذه ليست سوى محاولة لنقل عملية التفاوض إلى (رقعة الشطرنج) الروسية وإثبات لإدارة جو بايدن الجديدة أن موسكو لا تزال لها يد على نبض سوريا.”

إعداد: سردار حديد ـ تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

————————-

اللجنة الدستورية: استبدال وفد المعارضة أم الانسحاب؟/ عقيل حسين

في أوضح رد فعل على فشل الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، أعلن العميد عوض العلي، عضو وفد المعارضة من جنيف، استقالته من الوفد، بسبب الإقتناع بعدم جدوى هذا المسار، ونجاح وفد النظام في التلاعب به، وسط عجز من الأمم المتحدة والدول الراعية لمسار أستانة التي نتجت عنه اللجنة الدستورية.

وكانت “المدن” قد نشرت في وقت سابق عن تعليق العميد عوض مشاركته في جلسات اللجنة التي انتهت مساء الجمعة، من دون تحقيق تقدم، حيث تمكن وفد النظام من تمرير الوقت بعيداً عن مناقشة أي من المبادئ والمضامين الأساسية التي كان مقرراً طرحها حسب جدول الأعمال المتفق عليه مسبقاً.

وهذا ما دفع المبعوث الدولي إلى سوريا  غير بيدرسن للتعبير عن غضبه في المؤتمر الصحافي الذي عقده مساء الجمعة في ختام الجلسات. ورغم عدم تحميله الوفد القادم من دمشق المسؤولية عن فشل المفاوضات، إلا أنه كان واضحاً في الإشارة إلى أدائه السلبي، واعداً بالتوجه إلى كل من سوريا وروسيا وإيران، بالإضافة إلى دول عربية وغربية أخرى، من أجل انقاذ المسار “الذي لا يمكن أن يستمر بالحالة هذه” كما قال.

وإذا كان تجنب بيدرسن تسمية وفد النظام بشكل صريح على أنه الطرف المعطل مفهوماً، فقد كان لافتاً أن رئيس وفد المعارضة هادي البحرة اكتفى أيضاً بمطالبة المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالقيام بالدور المنوط بهما لإنفاذ الحل في سوريا، من دون أن يحمل الطرف الآخر مسؤولية إفشال الجولة الجديدة من المفاوضات أيضاً.

تصريحات البحرة أثارت حفيظة المعارضة التي رأت أن بيدرسن كان أكثر قسوة من رئيس وفد المعارضة، في تصريحاته ضد وفد النظام. البحرة كان مطالباً، حسب الكثيرين من المعارضين، بالتعبير عن موقف أكثر حزماً، وتحميل النظام المسؤولية الكاملة عن فشل اللجنة الدستورية حتى الآن، بل إن الغضب من اللهجة المفرطة بالدبلوماسية التي استخدمها رئيس وفد المعارضة كان حاضراً داخل الوفد الموسع المعارض، وكذلك هيئة التفاوض التي تعتبر المرجعية السياسية للوفد.

وعقد أعضاء وفد المعارضة الخمسين إلى اللجنة الدستورية لقاءً عبر الانترنت مساء الجمعة لمناقشة الجولة الخامسة. وعلمت “المدن” أن الخلافات في وجهات النظر كانت حاضرة حول أداء الوفد المصغر بشكل عام، حيث يطالب البعض باستبدال أعضاء الوفد المصغر “بعد فشل أعضاء الوفد الحاليين”.

إدوارد حشوة، عضو وفد الخمسين عن المعارضة الذي سبق وأن أعلن انسحابه من الوفد في وقت سابق قبل أن يتراجع عن هذا القرار، طالب في رسالة وجهها إلى رئيس هيئة التفاوض المعارضة أنس العبدة، باستبدال أعضاء الوفد المصغر بسبب ما قال إنه فشل هؤلاء الأعضاء حتى الآن، وهو ما يؤيده به عدد آخر من الوفد الموسع، حسب مصادر خاصة.

وأبلغت المصادر “المدن” أن كتلة الإئتلاف الوطني في الهيئة قررت مناقشة هذه التطورات في اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف الاثنين، الذي سيناقش حصر الإحاطات المتعلقة بمفاوضات اللجنة الدستورية عن وفد الائتلاف بأنس العبدة رئيس هيئة التفاوض، باعتباره رئيس الجهة الأعلى.

وكان العبدة قد هاجم بشدة وفد النظام وحمّله مسؤولية فشل أعمال اللجنة الدستورية، مؤكداً أنه “لا يمكن أن تستمر العملية السسياسية وفق هذا المشهد بشكله الحالي الذي لا يمثل تطلعات السوريين نحو مرحلة انتقالية لا وجود للأسد فيها”، مستنكراً “عدم ذكر الأمم المتحدة حقيقة أن النظام هو المعطل للمسار السياسي” النقطة التي وجد فيها جزء كبير من المعارضين مفارقة، متسائلين كيف يطالب رئيس هيئة التفاوض الآخرين بتحميل وفد النظام مسؤولية ما آلت إليه المفاوضات في الوقت الذي يتجنب فيه وفد الهيئة ذلك!

وعليه يرى الكثيرون أن انسحاب المعارضة من اللجنة الدستورية هو القرار الذي بات ملحاً أكثر من أي وقت مضى، بل ويجب الاستفادة من النقمة الواسعة تجاه وفد النظام لكي تخرج المعارضة نفسها من هذا المسار الذي كان واضحاً منذ البداية أنه يخدم النظام وروسيا.

واعتبر الكاتب عباس شريفة في حديث ل”المدن”، أنه “لا ينبغي للمعارضة أن تقع في فخ تلاعب النظام وتخاذل الأمم المتحدة، والدخول في مسار لا نهائي من التفاوض والجولات العبثية، ما يستدعي رداً يعبر عن  احترام مأساة الشعب وحقوقه، بمستوى الانسحاب  الفوري من كل المسارات الحالية التي تمً طحن المعارضة فيها، وعملت على إعادة تأهيل النظام”.

من جانبه، ذهب المعارض السياسي محمد سليمان أبعد من ذلك، حين اعتبر أنه يجب مخاطبة الدول التي تتحكم بقراري وفدي المعارضة والنظام لوقف مسار اللجنة الدستورية العبثي. وأضاف ل”المدن”، “جميعنا يدرك أن المسار الدستوري هو حاصل مساري أستانة وسوتشي، وبالتالي تبدو مطالبة هيئة التفاوض أو وفدها الدستوري بإعلان تعليق المسار، من قبيل مطالبة من لا قدرة له على اتخاذ قرار كهذا، والأولى توجيه تلك المطالب إلى الجهات التي سمّت وعينت تلك الهيئة وذلك الوفد وهي في هذه الحالة تركيا والأمم المتحدة بإطلاق رصاصة الرحمة على مسار العبث الدستوري وإسدال الستار على تلك المسرحية الممجوجة”.

المدن

—————————

رسالة مفتوحة إلى الرئيس المشارك للجنة الدستورية هادي البحرة/ بسام يوسف

تحية وبعد:

في شهر آذار من عام 2014م، أجرت جريدة “كلنا سوريون” حديثاً معكم، كان ذلك بعد انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات، التي كانت تعقد في جنيف بين النظام السوري والائتلاف الوطني المعارض، وكنت حينها تحمل صفة كبير مفاوضي المعارضة، وكنت يومها تفاوض باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.

سأنقل لك حرفيا بعضا من إجاباتك في ذلك الحديث الطويل.

عن مبررات موافقة الائتلاف الوطني للمعارضة على التفاوض مع النظام:

اتخذنا قرار المشاركة كائتلاف وبشكل فاعل وإيجابي، لكي نتمكن من وضع النظام أمام استحقاقات جنيف 2، وعدم التهرب من طرح القضايا الأساسية، والتي تتمثل بحصر التفاوض بسبل تطبيق بيان جنيف 30-6-2012م كاملاً، وبدء التفاوض على عملية الانتقال السياسي، وتشكيل هيئة حاكمة انتقالية كاملة السلطات التنفيذية، بما فيها على الأمن والجيش، والشرطة وأجهزة المخابرات.

– أعاب عليكم المواطن السوري عدم تلويحكم بالانسحاب من الجلسات، وليس من المفاوضات، أثناء قصف المدن الآهلة بالسكان ببراميل الموت، خاصة وأن النظام كثّف من عمليات القصف خلال أيام المؤتمر؟ كيف تبررون ذلك؟

في بعض الأحيان يكون صاحب القرار في وضع لا يُحسد عليه، ولا ألوم إخوتنا وأهلنا في عتبهم هذا، ولكن كان هذا تماماً ما يتأمل به النظام، أن ننسحب نحن من المفاوضات، ونسلمه حبل النجاة من مأزقه إن فعلنا نكون قد خنا الأمانة، ولم نتحمل المسؤولية، أو نصل للنتيجة المحددة. وإن لم ننسحب من المفاوضات، وانسحبنا من جلسة، أو اثنتين نكون مساهمين في إطالة أمد المفاوضات وبالتالي استمرار النظام بإجرامه. كان علينا الوصول لنتيجة محددة إيجاباً أو سلباً، ووصلنا لها، وثبت للمجتمع الدولي أن هذا النظام لا يؤمن بأي حل سياسي).

ـ قلت في حوار سابق قبل بدء التفاوض: “إن حضرت الإرادة الدولية سينجح المؤتمر، وإن انعدمت سننزع ورقة التوت عن النظام، ونظهر عدم جديته في السعي نحو أي انتقال سلمي للسلطة”، هل برأيك وبعد جولتين من التفاوض، هل تحقق هذا الأمر.

نعم لقد تحقق ذلك، وفعلياً نزعنا ورقة التوت عن النظام، وأثبتنا بالدليل والبرهان القاطع، عدم جديته في السعي نحو أي انتقال سلمي للسلطة. والأهم أننا وضعنا المجتمع الدولي كله أمام مسؤولياته، والتي مازال يتقاعس عن تحملها حتى يومنا هذا. انتهى ما أخذته من حديثك.

بعد ست سنوات من تفويضك من قبل المعارضة بالتفاوض حول هيئة الحكم الانتقالية، أي بعد ست سنوات من الألم والمعاناة والموت للسوريين، ها أنت تفاوض اليوم حول صياغات في دستور، أنت تدرك أكثر من كل السوريين أنها لا تُسمن، ولا تغني من جوع مع عصابة كعائلة الأسد، وأن الأمر كله مجرد وهم.

منذ عدة أيام، قرأتُ لك تصريحاً بمناسبة انعقاد الجولة الخامسة من عمل اللجنة الدستورية، التي تترأسها بالشراكة مع مندوب عن “النظام”، أوضحت فيه الأهمية الفعلية للجولة بالقول:

إنّها تكمن في إظهار مواقف الأطراف كافة تجاه العملية الدستورية ككل، ومن يعيق أعمالها ويضع العثرات في طريقها، ليمنعها من ممارسة ولايتها، وإنجاز مهمتها، في أسرع وقت ممكن، وأوضحت أنه لا يمكن لأي عملية تفاوضية أن تنجح، دون وجود طرفين راغبين في التوصل إلى حل، يؤدّي للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن رقم 2254.

حسناً أيها الرئيس المُشترك، هل تسمح لي بأن أذكّرك أنه عندما أجريت حديثك معنا في جريدة “كلنا سوريون”، أي قبل ست سنوات كان نصف مدينة حلب ومعظم ريفها خارج عن سيطرة النظام، وكانت محافظة إدلب بكاملها ما عدا المدينة، وعدة مناطق من ريف دمشق، ودرعا بكاملها عدا بعض الأحياء من مدينة درعا، ودير الزور والرقة والقنيطرة و..و… وكانت القضية السورية تحظى باهتمام دولي جيد، وفي تلك الفترة خرجت إلى العلن الفضيحة الكبرى، والتي تكفي وحدها لتفجر ثورة في الرأي العام العالمي ضد النظام، وأن تقوده إلى محكمة الجنايات الدولية وأقصد صور قيصر، واسمح لي أيضاً، أن أذكّرك أنه بعد أشهر من حديثك ذاك، تم انتخابك رئيساً للائتلاف الوطني.

لن أسألك هنا أن تسمح لي بأن أذكّرك ما هو حالنا اليوم، فلم تعد هيئة الحكم الانتقالية تذكر في جلسات المفاوضات، وأصبحتم تستجدون النظام بأن يحترم الحد الأدنى من آداب التفاوض، وبدل من وفد معارضة واحد، أصبحتم منصات وهيئات وزعامات، تتقاتلون وتختصمون، وتشتكون بعضكم لمبعوث الأمم المتحدة، وتتقاسمون المناصب…. إلخ.

بينما يستعيد النظام سيطرته على مناطق واسعة من سوريا، ويُعيد ترتيب عودته إلى المجتمع الدولي، ويستعد لإجراء انتخاباته المهزلة.

في بيانك الذي وزعته منذ أيام قلتَ: (شعبنا ينتظر نتائج لا وعود فارغة)، أسألك بكل هدوء، ماذا قدمت أنت وكل المتصدرين لما يسمى معارضة سورية للسوريين غير الوعود الفارغة؟

 أصبحت الثورة السورية حرباً أهلية، وأصبح ملف المعتقلين ملف تبادل أسرى، وأصبحت قضية المعارضة الشاغلة، الاتفاق على كتابة سوريا بالألف أو بالتاء المربوطة، وهل نضيف “العربية” إلى اسم الجمهورية أم نحذفه!!

بعد قليل من الوقت، سيُدير النظام السوري ظهره لكل هذا التفاوض، وسنكتشف نحن السوريين، أنكم لم تفعلوا شيئاً، سوى منح هذا النظام الذي دمّر سوريا وشعبها، ما يحتاجه من الوقت والمهل، لترتيب أموره وأمور مرتزقته، بينما تغرق سوريا أكثر فأكثر في مأساتها الفاجعة.

تلفزيون سوريا

—————————–

البحرة أبلغ لافرنتيف أن المباحثات ستتوقف بسبب تعنت النظام

كشف مصدر خاص لتلفزيون سوريا أن الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة السورية هادي البحرة أبلغ مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف في لقاء جمعهما يوم أمس، بأن العملية الدستورية “ستتوقف بالكامل بسبب تعنت وفد النظام”.

المصدر المطلع على مجريات الجولة الجارية في جنيف السويسرية، أوضح بأن اللقاء يوم أمس بين أعضاء من وفد المعارضة مع لافرنتيف، كان قصيراً لكنه “ايجابي” حيث أعرب لافرنتيف عن “تفهمه لموقف المعارضة”.

وحضر اللقاء مع لافرنتيف إلى جانب البحرة، الأعضاء في اللجنة المصغرة هيثم رحمة وأحمد العسراوي والعميد عوض العلي.

وقال مراسل تلفزيون سوريا إن وفد المعارضة قدم حتى قبل انتهاء الجلسة الأخيرة مقترحات لـ 10 نصوص دستورية، بينها “السيادة وفصل السلطات ومكافحة الإرهاب”، في حين قدم الشق المعارض في وفد المجتمع المدني نحو 30 مقترحاً آخر.

وحاول الطرف الآخر المتمثل بوفد النظام والشق الموالي من وفد المجتمع المدني، تعطيل المباحثات وجرها إلى مربع نقاشات “العروبة والرموز الوطنية والإرهاب والاحتلال التركي”، ولم يطرح أي مقترح لأي نص دستوري.

واختتمت الوفود المشاركة باجتماعات “اللجنة الدستورية السورية”، مساء أمس الخميس، جدول أعمالها لليوم الرابع على التوالي دون تحقيق نتائج ملموسة.

وقالت مصادر من الاجتماعات إن وفد المعارضة استعرض مجموعة مبادئ دستورية في السياق الدستوري الخاص بالسوابق من العام 1920 وحتى الآن وتطور المبادئ من حيث زيادة عددها وفقاً لتطور الواقع.

بينما رفض وفد المجتمع المدني المشارك بالاجتماعات كل الاحتلالات حتى الاحتلالين الروسي والإيراني لسوريا، وطرح مبادئ دستورية تناولت العدالة الانتقالية بما يضمن محاسبة كل منتهكي حقوق الإنسان ومجرمي الحرب، واحترام حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية كمبادئ سامية في الدستور، ومبدأ التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة.

بدوره، أسهب وفد النظام بالحديث عن “عروبة الدولة”، وطالب بإصدار بيان سياسي ضد التدخل التركي في سوريا والإرهاب فكان الرد من المعارضة بـ “أننا هنا لكتابة مبادئ دستورية وليس لإصدار بيانات سياسية لكن يمكننا مناقشة الإرهاب كمبدأ دستوري إن طرحتم نصاً بهذا الخصوص فرفض وفد النظام ذلك”.

من جانب آخر، قال الناطق باسم هيئة التفاوض العليا وعضو اللجنة الدستورية الموسعة يحيى العريضي، إن جلسات “اللجنة الدستورية” في جنيف تتجه نحو التعليق.

وأضاف “العريضي” في تصريح لوكالة “سبوتنيك” الروسية: “أقول بأن كل شيء يدعو لذلك، لكن رسميا لم يتم بعد، قد يحدث ويجب أن يرفق بتحميل المسؤولية، لا بد أن يثبت تحميل المسؤولية، من هو المسؤول عن هذه العرقلة وهو واضح”.

وأشار “العريضي” إلى أن “ما تم الاتفاق عليه قبل بدء الجولة هو جدول أعمال واضح المعالم للحديث في مبادئ دستورية والدخول بكتابة الدستور، إلا أن وفد النظام استمر بما كان يفعله بالجولات السابقة”.

—————————-

قوّة التفاوض الغائبة.. وتخاذل الأمم المتحدة/ أسامة آغي

حين يتقابل خصمان متفاوضان، فإن كليهما يضع ما لديه من أوراق قوة على طاولة المفاوضات، فهل مثل هذا كان يحصل في مفاوضات، أجرتها هيئة التفاوض بمراحلها المختلفة؟، وهل هذا يحصل الآن، مع فريق المعارضة في مفاوضات اللجنة الدستورية؟

المعارضة السورية لا تملك أوراق ضغط مادية على الأرض، وليست هي من يستطيع أن يحرّك الفصائل العسكرية بعمل عسكري ضد النظام، وبالتالي، ففريق تفاوضها، يأتي إلى جنيف، معتقداً أن قوة الحق، التي تمثّلها الثورة السورية، هي قوة تفاوض، وهذا خطأ كبير، ففي أي تفاوضٍ، لا يمكن لأي من الخصمين، أن يقدّم تنازلات مجانية لخصمه، في ظل غياب ميزان قوى فاعل، والمعارضة تفتقد لهذا الميزان.

ما حدث ويحدث في جنيف، منذ انطلاقة الجلسة الأولى للتفاوض مع النظام، يُظهرُ، أن النظام لا يؤمن بحل سياسيٍ، ولا قناعة لديه بتقديم تنازلات سياسية، بدون قوة ضغط عسكرية على الأرض من قبل المعارضة، قوّة تهدّد وجوده وحياة قياداته، وتهزم قواته، وهذه الحالة لا تمتلكها المعارضة التي تفاوض، لأن الفصائل العسكرية محكومة بعلاقات إقليمية ودولية، تمنعها من حرية القرار والمبادرة والانتصار.

النظام يتهرب من استحقاقات قرار دولي هو القرار 2254، والذي تنزّ منه رائحة تمييع تنفيذه، فهو قرار غير ملزمٍ لطرفي الصراع السوري (النظام والمعارضة)، وهو يرهن العملية السياسية بتفاهمات سورية – سورية، في وقت يدرك فيه المجتمع الدولي، أن النظام لا يفهم لغة تقديم تنازلات سياسية بغير قوة عسكرية.

النظام يذهب إلى جنيف، ليس ليفاوض، بل من أجل كسب الوقت دائماً، وتفريغ هذه المفاوضات من جدواها، عبر رفضه لكثير من الأمور، مستنداً إلى أمرين رئيسين، أولهما أن القرار المعني ليس قراراً لحل صريح واضح، لأنه يربط الحل بتوافقات وتفاهمات بين قوى الثورة والمعارضة وبينه، وهذا لن يحصل في ظل غياب ميزان قوى حقيقي بينهما، وهو كذلك لا يعترف بوجود معارضة وقوى ثورة، ويطلق عليهما زوراً تسمية (جماعات إرهابية)، إضافة أنه لا يزال يعتقد، أنه حكومة شرعية تتعرض لمؤامرة دولية.

أما ثاني الأمرين وهو حقيقة ملموسة لا تأخذ بها قوى الثورة والمعارضة في تفاوضها مع النظام، وهي الدور الروسي الواضح والصريح المناصر والمنحاز للنظام بكل قواه، هذا الدور هو من حمى ولا يزال يحمي النظام، انطلاقاً من مصالحه الحيوية، وهو بهذا الدور انتقل إلى قوة احتلال عسكرية للدولة السورية، وبالتالي هو من يتحكم بسياساتها، وهو من يهيمن على مقدراتها الاقتصادية ويستثمرها كدولة احتلال.

الروس الذين وقعوا على القرار 2254، كانوا يدركون بعمق أن هذا القرار يحمل بين مواده مفاعيل تعطيله للحل السياسي، ومن هنا رسموا بدائل له، وهي ما تمّ تسميته زوراً (مناطق خفض التصعيد)، وهم يتصرفون وفق هذه الرؤية، والسبب في ذلك، أن الغرب لن يمنحهم ما يريدونه في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط.

الروس هم من يرسم سياسة النظام السوري في التفاوض، وغير التفاوض، وهم من يقدرون في كل لحظةٍ، أن يستدعوا رأس النظام وبأي وسيلة لمقابلة بوتين، وبالتالي هم من يعطّل مفاوضات جنيف منذ انطلاقتها، هذا التعطيل، يجب أن يكون هدفاً لقوى الثورة السورية، أي بمعنى واضح، يجب رسم استراتيجية وطنية لمحاربة الروس في سوريا، وقتذاك، سيفهم الروس، أن القرار 2254 قابل للتطبيق، وبمدة زمنية محددة.

وفق ما تقدم، ينبغي أن تسحب قوى الثورة والمعارضة قبولها بمسار أستانة، وأن تعلن ذلك على الملأ، وأن تعمل على توحيد صفوفها، وتحديداً هيئة تفاوضها، فلم يعد مقبولاً بقاء تعطيل هذه الهيئة الهامة أمام المجتمع الدولي، وهذه الخطوات، يجب أن تترافق بإعادة النظر ببنية فصائل الثورة العسكرية، بحيث يجب توحيدها بجيش حقيقي، بقيادة موحدة، وبتراتبية عسكرية كباقي جيوش العالم.

إن تحديد الموقف السياسي لقوى الثورة والمعارضة، من الدور والوجود الروسي في سوريا، يعتبر خطوةً هامة في بدء التغيير، إذ يجب التعامل معه كعدو محتل لبلادنا، وأنه ارتكب جرائم كبرى بحق شعبنا، وتجب محاسبته وفق القانون الدولي على هذه الجرائم.

وإن الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لملف المفاوضات مطالبان بتحديد وتسمية الجهة المعطّلة للتفاوض، ومطالبان بوضع خارطة طريق للتفاوض محددة زمنياً، وذلك من خلال تعديل القرار 2254 غير الملزم، وستكون الأمم المتحدة مسؤولة عن كل الكوارث الحاصلة نتيجة صمتها وعدم أخذ دورها في تحقيق السلم.

إن صمت المبعوث الدولي جير بيدرسون عن عبث النظام، وعدم قيامه بواجبه بالكشف عن الجهة المعطلة، هو مساهمة منه بصفته الدولية، على تغييب حقائق التفاوض، وهذا يلحقه مسؤولية قانونية تتعلق بوظيفته، ومسؤولية أخلاقية بصمته عن عبث النظام، ما يطيل من عمر الكارثة السورية، ومن تبعات هذه الكارثة على الشعب السوري المغلوب على أمره.

إن الحل الوحيد أمام قوى الثورة والمعارضة، هو دعوة جادة وغير مرتبطة بأية أيديولوجيا حزبية، لعقد مؤتمر وطني جامع، يمثّل أوسع طيف سوري، بما فيها ممثلين عن مناطق تقع تحت سيطرة النظام الاستبدادي أو تحت سيطرة سلطات الأمر الواقع، يخرج عن المؤتمر مجلس وطني (برلمان مؤقت) ينتخب من الممثلين لقوى الشعب السوري، ويمكن لهذا المجلس أن يكون مرجعية وطنية عليا لكل السوريين المعارضين لنظام الاستبداد.

إن امتناع ائتلاف قوى الثورة والمعارضة وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي عن التحضير لعقد هكذا مؤتمر بالتعاون مع كل التيارات والفصائل السياسية والعسكرية، يعتبر مساهمة منهما في تعطيل عملية الانتقال السياسي في سوريا، ولهذا لا كبير غير الشعب السوري، ولا قيمة لقضية غير خلاصه من نظام الاستبداد ومن الاحتلالات الأجنبية.

إن تنسيق الجهود بين ائتلاف قوى الثورة والمعارضة وبين هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي، لعقد المؤتمر الوطني الجامع، سيساهم في خلق كتلة وطنية جاذبة وكبرى، هي من تغيّر من ميزان القوى على الأرض، وتجبر مجلس الأمن على التعاطي الإيجابي والسريع مع الصراع السوري، بحيث يتمّ الأخذ بكل القرارات الدولية حزمة واحدة، تؤدي كما ورد في بيان جنيف إلى تشكيل هيئة حاكمة انتقالية تقود البلاد إلى السلام وإعادة الإعمار.

فهل تقترب كتلتا العمل الوطني من هذا الاستحقاق وتعملان عليه، أم ستبقيان رهن ذهنيتيهما السياسيتين اللتين لم تستطيعا بعد خلق الإطار الوطني الجامع.

——————————

مؤتمر صحفي عقده السيد هادي البحرة في ختام الجولة الخامسة للجنة الدستورية في جنيف

———————-

النظام يقدم ورقة “لا دستورية” وبيدرسون يصف الجولة بـ”المخيبة للآمال”/ صبحي فرنجية

لم يخالف النظام السوري، كعادته، التوقعات التي راهنت على أنه لن يبدي جدية في نهاية الجولة الخامسة من مشاورات اللجنة الدستورية، وذلك من خلال ورقة قدّمها اعتبرت لا دستورية، ولا تمت للجولة ولا لمهام اللجنة بصلة، في الوقت الذي أخبر به المبعوث الأممي غير بيدرسون الحضور في الجلسة الختامية بأن مسار اللجنة سيواجه صعوبة في الاستمرار في حال بقيت الجلسات دون منهجية وتعامل جدي مع مهامها، مُتهرّباً أكثر من مرة خلال مؤتمره الصحافي من ذكر الطرف المعطّل لمسار الدستورية.

الورقة التي قدّمها وفد النظام ممهورة بتوقيع أحمد الكزبري، تطالب بـ”الرفض التام” للأعمال “الإرهابية” التي تقوم بها “التنظيمات، بما فيها داعش والنصرة والإخوان المسلمون ومن ارتبط بهم أو تحالف معهم”، ورفض “الإرهاب الاقتصادي المتمثل بتدمير البنى التحتية وتفكيك وسرقة المعامل ونهب الثروات الوطنية وبيعها مثل النفط والقمح، هذا إضافة إلى فرض الإجراءات والتدابير القسرية أحادية الجانب على الشعب السوري”.

وطالبت الورقة، التي حصل “العربي الجديد” على نسخة منها، بـ”مناهضة الاحتلال الأجنبي”، و”دعم الجيش العربي السوري بكل السبل”، و”رفض أي عمل سياسي أو عسكري من شأنه المساس بوحدة الأراضي السورية”، وقدمت الورقة شرحًا لـ “تجليات” الهوية الوطنية من خلال “اسم الدولة الجمهورية العربية السورية، واللغة الرسمية للدولة هي اللغة العربية، والانتماء والولاء للوطن والدفاع عنه، والشعور العام للفرد بالانتماء إلى كامل التراب الوطني”، وأيضًا “عدم المساس بالرموز الوطنية كالعلم والنشيد الوطني والشعار الوطني”.

ودعا النظام الحضور في ورقته إلى “تشجيع اللاجئين السوريين على العودة إلى وطنهم بكل السبل الممكنة وضمان هذا الحق، بما في ذلك عبر رفض ما تقوم به بعض الحكومات والمنظمات والجهات والكيانات من عرقلة ذلك تحت ذرائع واهية”، ودعت أيضًا الورقة إلى “المعالجة العاجلة للملف الإنساني في سورية عدم دعم جهود الدولة السورية في رفع المعاناة الإنسانية عن شعبها”.

وقالت مصادر “العربي الجديد” في جنيف إن “الورقة التي قدّمها النظام كانت بنظر المعارضة أسوأ من كل الأوراق التي قُدّمت سابقًا”، حتى إن توقعات بعض المعارضين بـ”بجدية وعود المبعوث الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتيف بالضغط على النظام ذهبت أدراج الرياح”. وقال رئيس وفد المعارضة في جنيف، والرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، للحضور قبل نهاية الجلسة الختامية، إنه “إذا لم تكن هناك منهجية واضحة للعمل، والنقاشات فيها صياغات، فلن نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة”.

ووفق المصادر، فإن المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون عبّر عن استيائه أيضًا، وقال في كلمته الختامية داخل القاعة إن هذه الجولة “لم تحقق شيئاً، ولم يتم حتى الاتفاق فيها على منهجية الجلسات”، وعقّب بأنه “لن نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة إذا استمر العمل على هذا المنوال”، كما أضاف بيدرسون أنه سيذهب إلى دمشق ويحاول إقناع النظام السوري، “لكن لن نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة”.

وكان هادي البحرة رفقة عدد من أعضاء وفد المعارضة قد التقى أمس الوفد الروسي برئاسة لافرنتيف، وبحسب مصادر “العربي الجديد” فإن “اللقاء كان بطلب روسي، وليس بطلب من وفد المعارضة، ولافرتيف أكد خلاله أنه سيضغط على النظام من أجل العمل بجديّة، وأن وفد النظام سيُقدم ورقة تلامس مهام الجولة واللجنة”، في الوقت الذي استبعدت فيه المصادر “أن تكون هناك أي فاعلية للتصريحات الروسية،  حتى على مستوى المستقبل القريب، روسيا مرّرت رسائلها هي والنظام عبر مداخلات الجولة التي انتهت اليوم، وهذه الرسائل واضحة وتعكس حقيقة رؤيتهم للحل السياسي في سورية”.

وأكّدت المصادر أن كثيراً من الأعضاء المعارضين في الجولة “محبطون جدًا”، ويعتقدون “أن كل المحاولات لفتح نقاشات تتصل بمهمة اللجنة الدستورية كان يواجهها تجاهل من النظام الذي يرفض الحديث عن أي موضوع متصل بالدستور”.

وأعاد بيدرسون ما أخبر به الوفود الثلاثة داخل القاعة، وقال في مؤتمره الصحافي بعد الجلسة إن هذه الجولة “كانت مخيبة للآمال”، وغير معروف كيفية المضي قدماً في هذا المسار، مشيراً إلى أن الجولة بدأت دون تحديد منهجية “لأن النظام رفض مقترح المعارضة والمقترح الذي تقدّمت به”.

وأَضاف أن “هذا الأسبوع أثبت أن هذا النهج غير مجدٍ، ولن نستطيع المواصلة دون تغيير طريقة العمل”، موضحًا أنه ناقش “الرئيسين المشاركين، وأخبرهما بضرورة التعاون معاً أكثر، وآمل الذهاب إلى دمشق قريبا لمناقشة هذه الأمور، وكيفية تنفيذ السلال الأخرى للقرار (2254)”، قائلًا إنه سيجتمع “مع الروس والإيرانيين والأتراك والأصدقاء العرب والأوروبيين، والإرادة الأميركية الجديدة”.

وتابع أنه “في هذه الأيام الخمسة سمعنا مداخلات ممتازة، لكن ما نفتقده هو آلية استخدام هذه المداخلات، والتمكن من الانتقال فيما بعد إلى مرحلة الصياغة”، وحول الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة، قال بيدرسون إنه “لا يوجد موعد متفق عليه للجولة القادمة، وسأقدم إحاطة إلى مجلس الأمن”. وحول سؤال وُجّه إلى بيدرسون عن الطرف الذي خيّب أمل الأمم المتحدة، تهرّب المسؤول الأممي من الإجابة وتحدّث عن اجتماعاته مع الدول، وقال إنها ستستمر وتتكثّف في الأيام المقبلة.

العربي الجديد

————————-

البحرة يطالب بيدرسن بوضع جدول زمني للجنة الدستورية

طالب رئيس وفد المعارضة السورية إلى اجتماعات اللجنة الدستورية هادي البحرة، المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن بوضع مجلس الأمن بصورة الوقائع المثبتة لمجريات اجتماعات اللجنة الدستورية بالإضافة إلى وضع جدول زمني لعمل اللجنة.

وقال البحرة في تصريح صحأفي الاثنين، إن “مواقف النظام وممارساته أثبتت أنه لا نية ولا جدية لديه تجاه أي حل سياسي يؤدي لتنفيذ هذه القرارات”، مضيفاً أن “الجميع بات يعلم أنه لا حل سياسياً قابلاً للاستدامة إلا بالتطبيق الكامل والصارم لقرارات مجلس الامن الخاصة بسوريا”.

وأكد البحرة أن المعارضة ملتزمة بالعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن 2118 و2254. وأضاف أن النظام لم يلتزم بجدول أعمال الدورة الخامسة للجنة التفاوض الدستورية مما أدى إلى إعاقة أعمال اللجنة و عدم إحراز أي تقدم فيها.

وقال: “رفضوا اقتراحاً مقدماً من ممثلي هيئة التفاوض بخصوص منهجية لإدارة النقاشات في اللجنة كي تكون مثمرة ورفضوا تقديم اقتراح للمنهجية، كما رفضوا الاقتراح الذي تقدم به المبعوث الخاص للأمم المتحدة بهذا الخصوص. كما رفضوا اقتراحنا لوضع إطار زمني للعملية”.

وأشار البحرة إلى التزام المعارضة واستمرارها بالعمل بكل جهد وجدية منذ تشكيلها وفق ولايتها واختصاصاتها، إلى الدورة الخامسة للاجتماعات التي انتهت بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير. وأضاف أن المعارضة قدمت اقتراح أن تكون مدة دورات الاجتماعات ثلاثة أسابيع متواصلة والفاصل بين الدورة والتي تليها أسبوعًا واحدًا.

وحمّل البحرة وفد النظام مسؤولية فشل المفاوضات الأخيرة حينما رفض التقدم باقتراح لصياغات لمبادئ دستورية أساسية، وحصر طروحاتهم في إطار الإعداد والنقاش لمبادئ خارج سياق الصياغات الدستورية. وقال: “بينما قدم ممثلو الهيئة وجزء من ممثلي المجتمع المدني ما يقارب من 35 صياغة دستورية لمبادئ أساسية، وفق جدول الأعمال، لم يتم التفاعل معها بطريقة يمكن أن ينتج عنها مخرجات”.

وقام ممثلو النظام بتقديم ورقة في آخر جلسة من الاجتماعات، عنوانها “عناصر أساسية في سياق الإعداد للمبادئ الدستورية” كانوا قد قدّموها في الدورة الرابعة، مصرين على أن يكون الاتفاق على هذه المبادئ الوطنية شرطًا مسبقًا لبدء عملية صياغة الدستور.

وقال البحرة: “لقد أدت قوى الثورة والمعارضة واجبها الوطني وتعاملت مع جهود المبعوث الخاص بكل إيجابية وبات من واجب الأمم المتحدة أن تسمي الأمور بمسمياتها، ونحن على يقين بأن النظام مازال يرفض صياغة الإصلاح الدستوري للوصول إلى مشروع دستور جديد يرقى لتطلعات الشعب السوري، باعتباره مدخلاً وأحد العناصر الأساسية للتنفيذ الكامل والصارم لقرار مجلس الأمن 2245”.

وكان البحرة قد تعرض لانتقادات من أوساط المعارضة بسبب عدم تسميته وفد النظام وتحميله مسؤولية فشل الجولة الخامسة من اجتماعات الدستورية، وذلك في مؤتمر صحافي عقده في ختام الجلسات.

————————–

قدري جميل يحذر الأسد من التعنت في الانتخابات

أكد رئيس منصة موسكو قدري جميل على ضرورة تطبيق القرار الدولي 2254 الخاص بسوريا، باعتباره طريق الحل للأزمة السورية.

وقال جميل خلال لقاء تلفزيوني، إن “الانتخابات الرئاسية القادمة لا قيمة لها إن لم تجرِ وفق القرار الدولي، أو بناءً على الدستور الذي تعمل اللجنة الدستورية على صياغته”.

وأضاف أنه لا معنى لأي انتخابات دون وقف المأساة السورية وتحقيق انتقال سياسي للسلطة، بتطبيق حرفي لبنود القرار الدولي 2254، وحذّر النظام السوري من التعنت بإجراء انتخابات في هذه الظروف لأنه سيعقّد الأزمة و”يعطي ذريعة لبعض القوى لركوب الموجة والتصعيد”.

ولفت جميل إلى عدم وجود أي حديث عن جسم عسكري انتقالي، معتبراً أنها تسمية مخترعة من أشخاص تناسبهم الفكرة.

وعن اجتماعه مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف بحضور شخصيات من منصة القاهرة، قال: “لدى الروس رغبة كبيرة في حل الأزمة دون التدخل بحق الشعب السوري بتقرير مصيره على خلاف نظرائهم الغربيين”.

وادعى أنهم “لم يتدخلوا في سوريا لتقرير مصير السوريين، إنما لمنع وقوع الدولة السورية في يد تنظيم داعش”. وتابع أن الروس يضغطون بالنصائح على جميع الأطراف من أجل إيجاد حل للأزمة، زاعماً أن تدخلها العسكري حقق انجازات كبيرة في وجه “الإرهاب”.

وزعم رئيس منصة موسكو أن روسيا تسعى  لإقصاء “المتطرفين” من النظام والمعارضة عن طاولة المفاوضات والساحة السياسية لأنهم “يعرقلون الحل السياسي” على حد تصريحاته.

———————–

ثقوب دبلوماسية موسكو بين السرعة والتسرع/ سام منسى

يبدو أن سمة المنطقة هذه الأيام هي السرعة إن لم يكن التسرّع، سرعة تلازم مواقف وممارسات الأطراف المنخرطة مباشرةً في قضايا الإقليم، وهي روسيا وإسرائيل وإيران بخاصة كما باقي الجهات إنما بوتيرة مختلفة.

خلال أيام قليلة، أطلقت روسيا مبادرتين على لسان وزير خارجيتها المخضرم سيرغي لافروف. اقترحت الأولى على إسرائيل إبلاغها بالتهديدات الأمنية الإيرانية المفترضة عليها من سوريا لتتكفل بمعالجتها كي لا تكون سوريا ساحة للمواجهة الإيرانية الإسرائيلية الشاملة. وتضمنت الأخرى دعوة لعقد مؤتمر الربيع المقبل في موسكو لبحث إطلاق عملية السلام، يكون على مستوى وزراء خارجية دول الرباعية الدولية (روسيا، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة) إضافة إلى مصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين وإسرائيل والفلسطينيين.

يضاف إلى ذلك التسريب غير البريء في هذا التوقيت بالذات لخبر يشكَّك في صحته بشأن لقاء سوري إسرائيلي روسي عُقد في قاعدة حميميم.

وبهاتين المبادرتين، خصوصاً الدعوة إلى مؤتمر «الرباعية الدولية»، تكون روسيا قد فعّلت حراكها الدبلوماسي الذي بدأته قبل اتصال الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، ما يدفعنا إلى قراءة هذا الحراك من باب رغبة روسيا الواضحة في دور جديد لها، أو تفعيل دور قديم، يواكب الإدارة الأميركية الجديدة، ويكسر حلقة الجمود التي أصابت دبلوماسيتها لا سيما في سوريا وفشلها في لجم التوتر الإسرائيلي الإيراني المتصاعد على الحدود وفوق الأراضي السورية.

كما أن الدور الروسي في التوصل إلى تسوية للنزاع في سوريا يدور في حلقة مفرغة أيضاً جراء تعثر الإصلاح، على الرغم من معاودة لاجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف غير الواعدة، بدليل أنها لم تسفر عن أي نتيجة، ما يؤكد ما عبّر عنه المندوب الأممي غير بيدرسن بحديثه عن هشاشة الوضع في سوريا. وجُلّ ما يطرح مباشرةً ومداورة هو التجديد لبشار الأسد في انتخابات رئاسية قادمة على أساس الدستور الحالي.

وأيضاً، يشكل غياب ملامح أي مشروع لإعادة الإعمار في سوريا أو الحديث الجدي عن عودة المهجّرين فشلاً ذريعاً لروسيا التي ستعاود إحياء اجتماعات آستانة أواخر فبراير (شباط) الحالي.

في مقلب آخر، نشهد حركة إسرائيلية غير معهودة بسرعتها، وبتوصيف أكثر دقة وعي متجدد للقيادة الإسرائيلية للأدوار الإيرانية التخريبية في المنطقة على أكثر من صعيد، سواء هَمّ الملف النووي القديم الجديد أو الهموم المتجددة والمتصاعدة جراء تمدد إيران وحلفائها ووكلائها مع أسلحتهم المحدَّثة باستمرار على الحدود الشمالية في لبنان كما في سوريا.

ليس من مجال للتباين بشأن يقظة إسرائيلية لمعالجة الوجود الإيراني في سوريا. وقد تُرجمت هذه اليقظة في عمليات عسكرية مكثفة ضد مواقع إيرانية بوتيرة لم نشهد مثيلاً لها، وتوّجت الأسبوع الماضي بتحركات وحشود عسكرية على جبهة الجولان.

اليقظة الإسرائيلية هذه متعددة الأسباب، لعل أبرزها اليقين بفشل الوعود الروسية بإبعاد إيران عن حدودها والخيبة الخبيثة من قدرة نظام الأسد على لجم التمدد الإيراني في بلاده، وهو الذي يعتمد على الحليف الإيراني للسيطرة المزعومة على 80% من الأراضي السورية. فإذا صحّت هذه السيطرة فهي حصلت بفضل الإيرانيين الموجودين على الأرض، أكثر منها بفضل موسكو التي اختصرت دورها في دعم النظام باستعمال سلاح الطيران من جهة، والدعم الدبلوماسي من جهة أخرى.

وإسرائيل المقبلة على انتخابات غير محسومة، مسرعة أيضاً بسبب قلق مزمن ينتابها بدأ مع ولاية باراك أوباما الأولى، واستعر في الثانية مع توقيع الاتفاق النووي عام 2015 في ظل امتعاض إسرائيلي وبرودة في العلاقات بين تل أبيب وواشنطن.

القلق الإسرائيلي هذا تجدد مع وصول بايدن وانطفاء سياسات دونالد ترمب بحيث باتت مضطرة وبعجالة واضحة لأن تعبر للإدارة الجديدة عن خشيتين؛ الأولى هي العودة إلى الاتفاق النووي كما وُقع عام 2015 ورفع العقوبات، والأخرى لا تقل أهمية عن الأولى وإن لم تكن بحجمها وتتعلق بالصواريخ الباليستية الإيرانية وأدوار حلفاء وأذرع إيران في المنطقة لا سيما على حدود إسرائيل الشمالية.

وما يزيد من الخشية الإسرائيلية هي المتغيّرات في الداخل الأميركي على أكثر من صعيد، بدءاً من الانشغال الكبير بمعالجة جائحة «كورونا» كما بالأزمة السياسية الداخلية الحادة إثر الانتخابات الرئاسية ومحاولة الاعتداء على الكابيتول. هذا الانشغال لا يخفي أيضاً بوادر متغيرات في مواقف اليسار الأميركي من إسرائيل، من دون أن يعني ذلك بتاتاً التفريط في أمنها والتغاضي عن ردع كل ما من شأنه أن يهدد وجودها. وينبغي أيضاً الأخذ في الاعتبار مواقف يسار الوسط الديمقراطي بالنسبة للمنطقة ككل والمتمثلة في خفوت الاهتمام بالشرق الأوسط بعامة جراء هموم أميركية رئيسية تبدأ من الصين إلى روسيا وإيران وصولاً إلى الاقتصاد.

هذه المتغيرات تشكل مصادر قلق لإسرائيل لأنها قد تخفض حرارة الدعم الأميركي لها، على الرغم من صلابة العلاقات بين البلدين والتي تعد بنيوية واستراتيجية لواشنطن. هذه المشهدية قد تحث إسرائيل على تنفيذ عمليات قد تنزلق معها إلى مواجهة كبيرة أو محدودة في المنطقة غير محسومة النتائج.

يبقى الطرف الثالث، أي إيران، التي لم تتوقف عن عراضاتها العسكرية وتصريحاتها المستفزّة واعتداءاتها عبر وكلائها من اليمن إلى بيروت. طبعاً تعيش إيران ضغوطاً متعددة الجوانب في الاقتصاد والصحة والاجتماع والسياسة. ومهما بلغت العنجهية الإيرانية المغلّفة بالمناورات العسكرية المتكررة، فهي لن تخفي رغبة إيران في تغيير الأوضاع وبأسرع السبل. فهي لم تنتظر وصول الإدارة الأميركية الجديدة لتوجّه إليها الرسائل المباشرة وغير المباشرة في حراك يدل على التعب من الأوضاع الحالية بدءاً من الداخل المثقل بجائحة «كورونا» وتداعيات العقوبات الاقتصادية والاجتماعية، والمقبل على انتخابات وسط توقع عودة الاحتجاجات الشعبية وإلقاء الجناح المتشدد بثقله لتأتي النتائج لصالحه. كذلك أحوال الأذرع والحلفاء، بحيث بات التذكير بالرفض الشعبي الذي تواجهه في العراق ولبنان والهجمات التي تتعرض لها في سوريا يشبه الأسطوانة المشروخة. وأصدق مَن عبّر عن الانسداد في السياسة الإيرانية المقالة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مجلة «فورين أفيرز» والذي لم يخرج فيها عن إطار مرسوم لخشبية رؤية إيران ودبلوماسيتها الممجوجة.

ولا يكتمل المشهد بدون معرفة ما تسعى إليه روسيا وما إذا كان هناك متغيّر جدي في العلاقات بين موسكو وواشنطن. هل المتغيّر هو وجود رغبة أميركية في دور روسي فاعل أكثر في الإقليم؟ هل هو قدرة روسيا على لعب دور إيجابي في المنطقة لا سيما في المشرق، أي العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، من دون معالجة التشدد الآيديولوجي الإيراني المنتشر عبر حلفاء إيران وميليشياتها وأذرعها المحلية في أكثر من دولة؟ هل هو إقلاع روسيا عن رغبتها القديمة والمتجددة في إخراج الأميركيين من المنطقة بما يسمح بتحقيق المتغيّرين الأول والثاني إذا صحّا؟

لعل الإجابة الحاسمة متعذّرة، لكن الأرجح أن أي تغيير في العلاقات الروسية الأميركية سابق لأوانه، وستبقى سيناريوهات الحلول لأزمات المنطقة هشّة من دون انخراط أميركي يتصدى لثلاث معضلات مستعصية في الإقليم هي: آيديولوجية حكّام إيران المتزمتة والاستعلائية والتوسعية، والمطامع الإسرائيلية الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، والحوكمة الفاشلة في العالم العربي.

الشرق الأوسط

————————–

ناشط مدني: مفاعيل سلبية ستنعكس على الهيئة والائتلاف والمعارضة نتيجة فشل الجولة الخامسة

قال محمد حمود وهو ناشط مدني، الاثنين، إن “مفاعيل سلبية ستنعكس على هيئة المفاوضات والائتلاف والمعارضة معاً نتيجة فشل جولة المفاوضات الخامسة في جنيف.”

وقال “حمود” الذي يقيم في دمشق، لنورث برس: انتهت اجتماعات اللجنة الدستورية “بفشل ذريع. وهي بالأساس مضيعة للوقت على حساب الشعب السوري واستمرار لدمار البلد.”

وأعرب عن اعتقاده بأن اجتماعات اللجنة الدستورية لن تستمر لعدم قبول وفد الحكومة السورية مناقشة البنود الدستورية، “وهو يفعل ذلك بشكل متعمد لاستهلاك الوقت للمرة الخامسة.”

وأشار إلى أن “أول المفاعيل السلبية” التي انعكست على هيئة المفاوضات والائتلاف والمعارضة، استقالة العميد عوض العلي من اللجنة الدستورية من وفد المعارضة، “وذلك لعدم جدوى اجتماعات وعمل هذه اللجنة الدستورية ومضيعة الوقت.”

ولا يزال الضامن الروسي، بحسب الناشط المدني، “متفرجاً وماسكاً العصا من المنتصف، منتظراً إشارة أميركية قد تساعده على تخطي هذه الأزمة.”

ومن المفاعيل “السلبية” الأخرى، هو “ظهور الائتلاف وهيئة التفاوض بشكل ضعيف وأداء سيء”، بحسب “حمود”.

وأشار إلى أنه “بدأت الخلافات تطفو على السطح، وهذا ما يؤكد عدم الاستمرار في اجتماعات اللجنة الدستورية، وهذا ما يسعى إليه وفد الحكومة السورية.”

وشدد على أنه لعدم “ترسيم الفشل”، أعلن الضامن الروسي عن اجتماع جديد لمسار آستانا “للخروج من عنق الزجاجة. ولعل ذلك يساعد في إنعاش عمل اللجنة الدستورية، وهي بالأساس ولدت ميتة.”

إعداد: إحسان الخالد ـ  تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

——————————-

==================

تحديث 02 شباط 2021

————————–

ماذا بعد فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية السورية؟/ عمر كوش

لم تفترق اجتماعات اللجنة الدستورية (السورية) في جولتها الخامسة عن سابقاتها، إذ انتهت من دون إحراز أي تقدّم في تناول أي من المضامين والمواضيع الدستورية، في ظل استمرار وفد النظام الأسدي في طرح قضايا خارجة عن القضايا الدستورية، واقتراح مضامين استفزازية، وبالتالي لم تتمكن اللجنة في دخول صلب المهمة التي شُكلت من أجلها، بالرغم من مضي أكثر من 13 شهراً على تشكيلها، ومن سريان أحاديث عن أنها ستكون “جولة مفصلية وحاسمة”، وعن وجود اتفاق مسبق بين مختلف أطرافها على جدول أعمالها قبل أن تُعقد، وأن تركز اجتماعاتها على إقرار مبادئ الدستور وموادّه الأساسية.

ولم يجد المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، سوى الإعلان أن اجتماعات الجولة الخامسة كانت مخيبة للآمال، وأنه أبلغ أعضاء هيئة صياغة الدستور المصغرة بعدم “إمكانية الاستمرار على هذا النحو، من دون وجود منهجية وآلية عمل للجنة”. لكن، وعلى الرغم من إشارته الواضحة إلى رفض وفد نظام الأسد المقترح الذي تقدّم به في بداية الجولة، إلا أنه تهرّب من تحميل وفد النظام مسؤولية الفشل والتعطيل، وطالب وفدي النظام والمعارضة بتغيير النهج والاتفاق على آلية جديدة، كي تستمر أعمال اللجنة، ووعد بأنه سيلتقي مسؤولين روسا وإيرانيين للمضي في المفاوضات، وسيزور دمشق لمناقشة هذا الأمر، وأيضاً لمتابعة تطبيق بنود قرار مجلس الامن الدولي 2245.

ويبدو أن بيدرسون لا يملك خيارات كثيرة حيال خيبة أمله، لأنه ما يزال يعلّق الآمال على زياراته المقبلة إلى دمشق، وعلى لقاءاته بمسؤولين روس وأميركيين وإيرانيين وأتراك وسواهم، للبحث عن سبل الاستمرار في عمل اللجنة الدستورية، مع العلم أنه سبق أن زار مختلف العواصم المتدخلة بالقضية السورية قبل انعقاد كل جولة، والتقى مسؤوليها الذين أعلنوا لفظياً دعمهم مهمته، ووعدوه بحثّ مختلف الأطراف من أجل الدفع لتسيير عمل اللجنة، من دون أن يتجسّد ذلك خلال جولاتها. ومع ذلك، وخوفاً من التبعات، ولحسابات خاصة، تهرّب بيدرسون من وضع النقاط على الحروف، وتحميل نظام الأسد مسؤولية التعطيل والفشل، فيما هو يعرف تماماً أن هذا النظام أثبت، خلال جميع اجتماعات اللجنة الدستورية، أنه يتعمد التعطيل والمماطلة والتسويف، ولم ينخرط في أي مسعى حقيقي، أو أي عملية قد تفضي إلى كتابة دستور جديد، كونه لا يريد الدخول في أي عملية إصلاح دستوري في سورية، والأهم أنه غير ملتزم بالقرارات الدولية والأممية، وخصوصا القرار 2254، ويشارك في اجتماعات اللجنة الدستورية كونها مخرجا روسيا، فيما يعتبر أن الرعاية الأممية لها شكلانية، ولا يرتاح لها، بل ويستهزئ بها.

يضاف إلى ذلك أن بيدرسون يعلم أن القرار الأممي 2254 الصادر في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2015، ينصّ على البدء في مسار سياسي سوري تحت إشراف الأمم المتحدة، من أجل تشكيل هيئة حكم ذات مصداقية، تشمل جميع المكونات، وغير طائفية، واعتماد مسار صياغة دستور جديد لسورية في غضون ستة أشهر، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس الدستور الجديد في غضون 18 شهراً تحت إشراف الأمم المتحدة، لكن ذلك كله جرى القفز عليه، مقابل اعتماد اللجنة الدستورية بوصفها مخرجاً روسياً، يدّعي ساسة الكرملين أنهم اجترحوها من أجل تنفيذ القرار 2254، بينما كانوا يهدفون إلى نسف هذا القرار، وخصوصا نسف تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.

يجيد ساسة الكرملين اللعب على الوقت، وعلى أشياء كثيرة أخرى، وهم حين يتحدّثون عن حلّ سياسي، فهو الحل الذي يبقي ربيبهم الأسد في السلطة إلى أطول فترة ممكنة، وبالتالي، لا يريد الساسة الروس، ومعهم الإيرانيون، أن تنتج اللجنة الدستورية ما لا يريده نظام الأسد. لذلك استبق وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الجولة الخامسة للجنة الدستورية بالإشادة بالمناقشات “المفيدة حول المبادئ الأساسية في الجولة الرابعة”، والتعويل على “أن الجولة الخامسة سوف تنتقل إلى العمل المباشر على وضع مقدّمة الدستور”، بينما ما حصل أن الجولة الرابعة لم تشهد تلك النقاشات المفيدة التي تحدّث عنها، وانتهت مثل سائر الجولات إلى محصلة صفرية.

وأمام الفشل الذي أصاب اللجنة الدستورية، فإن الأسئلة تطرح بشأن خيارات الأمم المتحدة ووفد الهيئة العليا للتفاوض الممكنة، وعن ماهية الخطوة المقبلة، حيث لم يجد بيدرسون سوى التعويل مجدّداً على الدول المتدخلة في الشأن السوري، كما أن وفد هيئة التفاوض لا يملك من الخيارات سوى التعويل على الأمم المتحدة وعلى الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية من أجل القيام بتحرّك من غير المرجّح أنها يمكن أن تقوم به وفق المعطيات الراهنة. كما أن هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، ومعها الائتلاف وسواه، بلا أوراق قوة على الأرض، لذلك لم يملك رئيس وفد هيئة التفاوض سوى الشكوى من “إطالة عمل اللجنة الدستورية”، وأنه وصل “إلى مرحلةٍ لم تعد جهودنا كافية لإبقاء اللجنة على قيد الحياة”. وطالب مجلس الأمن بضرورة تنفيذ القرار 2254 وتحديد جدول زمني، مع التطلع بأن تقدم مجموعة دول أستانة الداعمة للعملية الدستورية في اجتماعها المقبل “اقتراحات أو معطيات تمكّن المبعوث الخاص من إنجاز مهمته، وتمكّن اللجنة من إنجاز مهمتها في أقرب وقت ممكن”. وهكذا، لا تخرج خيارات وفد هيئة التفاوض عن نطاق التعويل على الدول المتدخلة في القضية السورية، وهو أمرٌ يكشف مدى العجز الذي وصلت إليه المعارضة، بعد أن قبلت بأولوية المسار الدستوري الذي اجترحه ساسة موسكو، بوصفه المسار الوحيد المتاح والحصري للحل السياسي في سورية، وانخرطت في جولات تفاوض عبثية، بوصفها خيارها الواقعي الوحيد، واتبعت استراتيجية تسجيل النقاط على نظام مجرم لا يقيم أي وزن أو اعتبار للعمليات السياسية والتفاوضية.

العربي الجديد

—————————-

من يكتب دستور سوريا الجديد/ بسام مقداد

السوريون المنهكون من الحرب والموت والفقر والتهجير ، والمعلقون ب “حبال الهوا” ، كما يقال ، قد يكونون وحدهم من “فوجئ” بفشل الجولة الخامسة للجنة الدستور السورية في جنيف . فقد تحولت سوريا منذ زمن بعيد إلى “بلد المفاوضات الأبدية في الصراع الأبدي” ، كما قال موقع “Forbes” الناطق بالروسية ، إثر فشل الجولة الثالثة من مفاوضات منصة أستانة العام 2017 . وطرح الموقع يومها سلسلة من الأسئلة ، التي تطرح بعد كل جولة مغاوضات بشأن سوريا ، وختمها بالسؤال المصيري ، الذي يطرحه كل سوري بعد كل مفاوضات : ما الذي سيحصل لسوريا؟

السؤال عينه يطرح نفسه الآن ، بعد فشل مفاوضات جنيف الأخيرة ، وخروج الجميع منها محبطاً ،  ما عدا النظام السوري ، الذي لمح مندوب الأمم المتحدة إلى مسؤوليته عن هذا الفشل . وتبدو الآن مسألة وضع دستور جديد لسوريا هي العنوان الرئيسي للعملية السياسية المتعثرة للخروج من الأزمة السورية . لكنه من الواضح ، أنه لا يمكن إختصار المأساة السورية بمسألة وضع دستور جديد ، ليست في حقيقتها سوى توضيح النوايا الحقيقية لجميع الأفرقاء ، الداخليين والخارجيين ، بشأن الخروج من هذه المأساة.

الحال السورية الراهنة ، أكثر عمقاً ومأساوية بكثير من مسألة صياغة دستور جديد ، على أهميته في مسار العملية السياسية للخروج من المأزق. وعلى الرغم من دبلوماسية بيانات الأمم المتحدة وممثلها ، إلا أن مقتطفات التقرير ، الذي قدمه غير بيدرسن أمام مجلس الأمن الدولي عشية مفاوضات جنيف ، ونشره مكتب المنظمة في موسكو ، يقدم صورة مفجعة لسوريا اليوم . يقول التقرير ، أن الأشهر العشرة الأخيرة في سوريا ، كانت الأكثر هدوءاً منذ بداية الصراع ، إلا أن هذا الهدوء قد يُخرق في أي لحظة . وينقل عن منسق الإغاثة الطارئة مارك لو كوك ، أنه على الرغم من هذه الهدنة ، إلا أن السكان المحليين هم في وضع يرثى له.

ويقول بيدرسن ، أن الهدنة ليست هشة وحسب، بل هي نسبية جداً . فالمدنيون السوريون يقتلون نتيجة تبادل إطلاق النار والعبوات الناسفة، وتحيط بهم، كما في السابق، مخاطر عدم الإستقرار والإعتقالات غير القانونية والخطف ، والجرائم الجنائية وهجمات المجموعات المصنفة إرهابية في الأمم المتحدة . وقال ، بأن العملية السلمية لم تؤد حتى الآن إلى تحسن فعلي لظروف الحياة ، ودعا إلى هدنة في أنحاء البلاد ، وإحراز تقدم في مسائل تبادل الأسرى والمخطوفين ، وتأمين الوصول إلى المحتاجين للمساعدات ، والتعاون في مجال الصراع ضد المنظمات الإرهابية.

وذكّر بيدرسن بأن جيوش خمس دول تنشط على الأراضي السورية ، ولذلك ليس بوسع الأمم المتحدة ، أن تدعي القدرة على العمل منفردة ، أو أن تقول ، بأن الحل يتوقف على السوريين فقط . ولم يشر إلى أية توقعات لنتائج الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف ، إلا أنه عبر عن خيبة أمله من هذه النتائج ، بعد إختتام أعمالها ، وقال ، بأنه لا يمكن مواصلة إجتماعات اللجنة دون منهجية مختلفة وواضحة.

في موسكو ، وباستثناء أنباء الجولة الخامسة لمفاوضات جنيف، كان إهتمام المواقع الإعلامية شبه معدوم، وذلك لانهماكها مع المسؤولين وكل روسيا بالإحتجاجات، التي تعم روسيا للأسبوع الثاني على التوالي من أقصى شرقها الآسيوي إلى أقصى غربها الأوروبي. وتكاد تكون صحيفة “الإزفستيا” الموقع الوحيد ، الذي نشر نصاً مطولاً حول مفاوضات جنيف ، ورأت أن لا توافق بين الآطراف ، وأن شجاراً نشب في صفوف المعارضة، وأن تركيا تنوي شن هجوم جديد على الأكراد . ويقول موقغ وكالة الأنباء البيلوروسية “24.by” ، أن مفاوضات جنيف بشأن الدستور السوري الجديد إنتهت من دون تقدم . وأشار إلى أن الولايات المتحدة وعدداً من حلفائها الغربيين إتهموا الرئيس السوري بشار الأسد، في تعمد تأخير بلورة مشروع للدستور الجديد قبل الإنتخابات الرئاسية هذه السنة، لتحاشي التصويت تحت رقابة الأمم المتحدة.

أما موسكو الرسمية ، ومن خلال اللقاءات ، التي عقدها وزير الخارجية لافروف ونائبه لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف مع ممثلي منصتي موسكو والقاهرة في المعارضة السورية ، فقد بدت معنية فعلاً بالتوصل إلى نتائج إيجابية في مفاوضات جنيف ، خصوصاً فــــــــي هذه المرحلة الإنتقالية للسلطة فــي واشنطن . ولعل ما صرح به رئيس منصة موسكو قدري جميل ، في إطلالته على التلفزة الروسية ، من تحذير للأسد من التعنت بشأن الإنتخابات الرئاسية السورية خلال السنة الجارية ، يؤكد رغبة موسكو في التوصل إلى بلورة صيغة نهائية للدستور السوري الجديد قبل هذه الإنتخابات.

كانت موسكو صاحبة المبادرة الأولى في طرح فكرة الدستور الجديد لسوريا ، ووضعت العام  2017 صيغة روسية لهذا الدستور، كانت أسوأ من الدستور الحالي، برأي خبراء روس ، وواجهت إنتقاداً شديداً من النظام والمعارضة السورية معاً. وموسكو أطلقت مبادرتها ، لأنها تعتبر نفسها الطرف المؤهل أكثر من بقية الأطراف لوضع دستور جديد لسوريا ، حتى أكثر من السوريين أنفسهم.

نائب مدير المجلس الروسي للعلاقات الدولية، السفير الروسي الأسبق في سوريا ، ألكسندر أكسنيونك ، كتب العام 2019 على موقع “منتدى فالداي” للحوار الدولي ، بأن روسيا وتركيا وإيران توافقت على مبدأ عدم تدخل أي بلد في عمل لجنة الدستور السورية . ويشمل هذا الشرط عملية المفاوضات بين أعضاء لجنة وضع نص الدستور ، وكذلك مواعيد إنجاز العمل في هذا النص ، الذي ينبغي أن يكون نتيجة توافق . ويشك الكاتب في قدرة السوريين على تطبيق هذا الشرط ، سيما وأنه ليس من عضو في اللجنة بوسعه ، أن يشعر بنفسه متحرراً من المصالح السياسية وحتى العشائرية . إضافة إلى ذلك ، لم يتم الإلتزام  بالإتفاق المبدئي بشأن التساوي في عدد ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني ، واستمر طويلاً الخلاف حول الثلث الممثل للحكومة في حصة المجتمع المدني في اللجنة المصغرة ، “إنتصرت” في نهايته الحكومة.

حين أعلنت روسيا مطلع العام 2017 عن نصها للدستور السوري ، كتب المستشرق ليونيد إيساييف في موقع “كارنيغي” موسكو نصاً بعنوان “لماذا كتبت روسيا دستوراً لسوريا” . قال المستشرق ، أن المشروع الروسي يتضمن الكثير من الغرائب والنواقص ، لكن ليس هذا مهماً بالنسبة لها ، ولا إن كان سيقر أو لا ، بل المهم هو أن يدفع  عملية نقاش مستقبل النظام السياسي في سوريا ، ويشجع على ظهور مشاريع دستور بديلة.

وعلى الرغم من الظهور المفاجىء للمشروع الروسي للدستور الجديد إلا أنه يتسق تماماً مع الإستراتيجية الروسية العامة في الصراع السوري . فقد قررت موسكو إستغلال فترة إنتقال السلطة في واشنطن من أوباما إلى ترامب ، لمحاولة القبض على المبادرة في الوضع السوري ، وفرض قواعدها الخاصة للعبة (تماماً كما تجهد الآن لبلورة صيغة دستور سوري جديد في المرحلة الإنتقالية في واشنطن).

لكن ، إذا كانت روسيا تلقي كل هذه المهمات على الدستور السوري الجديد ، وتشكك في قدرة السوريين على وضع دستور جديد،  فهل ستترك مهمة كتابة هذا الدستور للسوريين ، أم أنها ستمرر ، عبر قنواتها الكثيرة ، الصيغة التي تكتبها هي؟

المدن

—————————

حقوقي معارض: المعارضة لن تنسحب من اللجنة الدستورية ودمشق تجهز للانتخابات

قال مصدر حقوقي سوري من المعارضة السورية، الثلاثاء، إن انسحابات جماعية كانت ستحصل ضمن صفوف هيئة التفاوض، لكنها توقفت عقب اجتماع عقده أعضاء الوفد مع مندوب روسيا الدائم في جنيف.

وأشار المصدر (فضّل عدم ذكر اسمه) لنورث برس، إلى أن وفد الهيئة لن ينسحب من اللجنة الدستورية.

وأضاف: “القرار ليس بيدهم وما زالوا يستجدون الروس للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد.”

وكشف المصدر الحقوقي لنورث برس، عن أنه وعقب انتهاء الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية، “هرول أعضاء الوفد السوري المعارض إلى مندوب روسيا في جنيف غينادي غاتيلوف.”

وأضاف: “كانت هناك نوايا لانسحابات جماعية من الوفد انتهت وتوقفت بعد الاجتماع. على ما يبدو أنهم سيرحّلون الملف إلى أستانا وهو الهدف الروسي.”

وأشار إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد، سيخوض الانتخابات، والمعارضة لن تنسحب وما زالت متمسكة بـ”الوهم القاتل”.

ورأى أن انسحابهم (المعارضة) من عدمه “لا يغير في الواقع شيء، فالقرار ليس بأيديهم، وما زالوا يستجدون الروس بالضغط على النظام والروس هم من يعطل الحل بالأصل.”

ورأى حقوقيون أن الإحصاء السكاني الذي تحدثت عنه الحكومة السورية، هو تمهيد للانتخابات التي سيجريها الأسد.

وكانت صفحات موالية للحكومة، تداولت نقلاً عن “المكتب المركزي لإحصاء دمشق”، أن “عدد سكان سوريا حتى تاريخ 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، بلغ 26 مليون و640 ألف و633 نسمة.”

وأشار المصدر الحقوقي إلى أنه “لدى مراجعة جداول مكتب الإحصاء المركزي تبين أن عدد الوفيات من عام 2010 حتى 2018، بلغ 617268، حالة وفاة.”

والرقم سابق الذكر، “هو على الأقل ثلث الرقم الصحيح على صعيد ضحايا النظام من المواطنين الأبرياء، ناهيك عن إحصائيات القتلى العسكريين ويتجاوز عددهم 250 ألف قتيل.”

وحسب إحصائية المكتب، فإن نسبة زيادة السكان حوالي 400 ألف وسطياً كل عام، أي بزيادة 6 ملايين حتى العام 2020، “ولو أضفناها إلى عدد السكان لعام 2004، والبالغ17920844، لأصبح عدد السكان 23920844، فلا يمكن الجزم بصحة هذا الإحصاء”، بحسب المصدر.

وأضاف: “هناك أكثر من 12 مليون سوري مهجر داخلياً ولاجئ ونازح، وقد طرأت على أحوالهم الشخصية مئات الآلاف من الزواجات والولادات والطلاقات وآلاف من حالات التغييب القسري والفقدان.”

وكان معارضون سوريون أجمعوا على أن روسيا حسمت أمرها فيما يتعلق بترشيح الرئيس السوري بشار الأسد، مجدداً للانتخابات الرئاسية المقبلة والمزمع إجراؤها أواخر أيار/ مايو 2021.

وأعربوا في الوقت ذاته عن استيائهم من مواقف المعارضة السياسية السورية وعدم قدرتها على اتخاذ أي قرار في هذا الخصوص.

إعداد: سردار حديد ـ تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

——————————–

=======================

تحديث 04 شباط 2021

————————

متى ستنسحبون من عبث اللجنة الدستورية؟!/ علي سفر

تجولت في شرق المواقع والصحف، وفي غربها، فمر معي ليوم البارحة فقط، أكثر من خمس مقالات، تتحدث عن فشل الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية!

لو تملكني الفضول الصحفي تجاه القصة، لأحصيت للقارئ، عدد المقالات التي سطّرها كتاب سوريون وعرب عن القضية، حتى لحظة قراءته لما أكتبه الآن.

لكنني، وللأمانة، فقدت حماسة الإحصاء، كما تلاشت لدي القدرة على التفاعل مع كثير من التفاصيل، بعد عشر سنوات من الثورة، وضياع الحل المنشود في متاهات السياسيين.

بينما بقيت في رأسي فكرة أساسية راسخة، تتجدد مع كل فشل تفاوضي جديد، يختصرها السؤال: هل يقرأ سياسيو المعارضة مقالات الكتاب والصحفيين والمحللين السوريين؟!

معظم المقالات التي نشرت في الأيام السابقة كانت تقول إن الائتلاف لا يجرؤ، على أخذ قرارات حاسمة، تجاه ألعاب النظام باللجنة الدستورية وغيرها، فقد تحول من تشكيل معارض إلى مؤسسة لذاتها.

وفي الوقت نفسه ليس من السهل على السوريين أن يعودوا إلى نقطة الصفر. ما يعني أنهم يعيشون أبشع لحظات الضياع في هذه المتاهة، حيث الموت والدمار الذي أصاب شعبنا، رابض في كل خطوة منها؟!

ولكن هل قرأ من يعنيهم الأمر هذا الكلام؟ ألا يستحق واقع الحال هذا مواجهة صريحة بينهم وبين الآخرين، الذين ما انفكوا يكتبون عن القضية؟!

لماذا يعتقد هؤلاء أن التواصل بينهم وبين السوريين يمكن أن ينقضي عبر مؤتمر صحفي، وكفى المؤمنين شر القتال؟!

أجزم، أن لدى نظام الأسد قراءً متخصصين، يتابعون كل ما يُكتب هنا وهناك، لا بل إن كتبة التقارير الأمنية يحصون كل كلمة يكتبها السوريون كلهم، وليس فقط معارضي النظام منهم، فكل ما يهمس في حالتنا المستمرة منذ نصف قرن من حكم آل الأسد وعشر سنوات من الثورة مؤرشف، وكل حصيلة يومية يتم تلخيصها لتصل إلى المعنيين في مراكز قوى النظام، بشكلٍ أو بآخر، لتصل مفلترة في النهاية إلى رأسه. وهذا ليس بسرٍ، بل هي آلية عملٍ، تحدث عنها غير معارض ممن عرفوا تركيبة النظام الإدارية من الداخل، وأشار بشار الأسد لها في أكثر من لقاء صحفي، مع صحفيين غربيين.

حتى وإن كان الأمر في الواقع مخالفا لهذا الشكل، سيكون من الملفت الإلحاح على ذات القصة، وكأنها تحمل رسالة من نوع ما للمؤيدين، فتقول لهم إن السلطة لا تترك شاردة أو واردة دون أن تهتم بها.

ستتراكب هذه الرسالة مع ممارسات يقوم بها رأس النظام بين الحين والآخر، حيث يلتقي مع بعض الصحفيين المؤيدين العاملين في جبهته الإعلامية الداخلية والخارجية، وبما يوحي بالراحة، والاسترخاء، والاستعداد للمعارك، بعقل بارد. وهذه الفحوى سنجد مثيلها فيما جرى تسريبه عما جرى بينه وبين الصحفيين الذين التقاهم قبل أيام، ضمن تحضيراته لقصة الانتخابات الرئاسية!

وبالعودة للسؤال المطروح أعلاه، لن نكون بحاجة لجواب يشفي غليلنا، فنحن نخمن -كما كل السوريين-أن معظم القائمين على الشأن السياسي، إن في لجنة التفاوض، أو في اللجنة الدستورية، أو الهيئة السياسية للائتلاف، لا يتابعون سوى ما يهمهم، فيهملون ما لا يعجبهم من آراء، وأظنهم قد بنوا بينهم وبين شرائح المثقفين المشتغلين بالسياسة (الكتاب والمحللين) حائطاً سميكاً، كل لبنة فيه مشبعة بالإلغاء، والاستهانة، والاستهتار أيضاً، إذا لم نقل الازدراء! مع ادعاء دائم بأن من يكتبون في الشأن السياسي السوري لا يعرفون عما يتحدثون!

يشعر جزء كبير من سياسيي المعارضة أن مواقعهم مهددة بشكل دائم، وأن من بين منافسيهم، أولئك الذين يكتبون هنا وهناك في شؤون المعارضة، ما يستدعي سياقاً كاملاً من الحذر والتجاهل!

ورغم أن جزءاً لابأس به من أولئك الكتاب قدموا جهوداً في وقت ما ضمن أطر المعارضة، ثم عادوا لمزاولة حرفتهم الأصلية، أي الكتابة، ما يعني وجود روابط بين المجالين مجال السياسة ومجال الكتابة، إلا أن واقع الحال يشي بقطيعة شبه كاملة بينهما! فالسياسي لا يقرأ ما يُكتب، وإذا قرأ لا يناقش، وإذا ناقش فهو لا يوضح!

وإذا قرر واحد من هؤلاء الذين يمسكون بمواقع فاعلة في مؤسسات المعارضة أن يكتب شيئاً ما فإنه سيسعى لنشره في جرائد غربية، أو عربية كبرى، وبالتأكيد سيكون آخر همه أن ينشر ما يكتبه في جريدة أو موقع للإعلام البديل!

وطبعاً لا أحتاج هنا لنكأ الجراح الخاصة بالحديث عن المؤسسات الإعلامية، التي كان يفترض أن تنشأ لترفد عمل الأطر المعارضة، ولا أريد الحديث عن الأموال التي بذلت في هذا السياق وهدرت، خاصة، وأنني كنت شاهداً على تجربة التخطيط والإعداد لمشروع الهيئة الوطنية للإعلام، التي أنجز فيها ورق مكثف ومهم، ثم رميت في الأدراج، واختفت لاحقاً، حتى من أدراج مكاتب الائتلاف.

لكنني مضطر هنا لتذكر الأمر في سياق عدم وجود منبر إعلامي يتبع للمعارضة السياسية، يمكن أن نقرأ فيه تصريحات وبيانات، وننشر فيه نقداً وردوداً على هذا النقد أو ذاك!

وطبعاً، أنا مضطر كأي كاتب سوري، وقبل هذا، كأي مواطن سوري. لانتظار أن يجيبنا أحد ما عن سؤال ما برح يتكرر في المقالات والتقارير: متى ستنسحبون من عبث اللجنة الدستورية؟!

تلفزيون سوريا

——————————————

كيف نسقط مسار جنيف الفاشل؟/ كمال اللبواني

أصبح واضحاً للجميع بعد سبع سنوات من السير في طريق التفاوض أنّ النظام، ومعه روسيا والدول المتدخلة، تريد كلها تضييع الوقت وتمييع الجهود الرامية لإيجاد نهاية لمأساة الشعب السوري، بهدف إتاحة الفرصة للنظام لتحقيق نصر عسكري بشكل مخالف لروح ونصّ بيان جنيف واحد الذي قامت المفاوضات عليه. جنيف

واليوم يحاول النظام من خلال هذا المسار تتويج النصر العسكري بنصر سياسي تعترف فيه المعارضة بشرعية النظام وتشرعن انتخاباته القادمة، بعد أن قبلت القفز فوق كل الجرائم التي ارتكبها وفوق روح ونص قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وقلبت أولوياته وترتيبها مما يفقد كل جهد جدواه.. فالبدء بالدستور هو بحد ذاته إعلان فشل طالما أنّ في سوريا عصابات تتحكم بالأرض، وليس مؤسسات قابلة لتنفيذ أي دستور، وطالما أنّ الشعب مغيب بل مطرود من البلاد ناهيك الحياة السياسية بل من الحياة ذاتها.. لقد دفن النظام السوري شعبه، مادياً ومعنوياً وسياسياً، واستبدلته الدول بمجموعة انتهازيين سرقوا تمثيله زوراً يبحثون فقط عن مكاسب شخصية.

وأصبحت الثورة على النظام تمرّ حتماً عبر الثورة على هذه المعارضة التي تعتبر وحدها من يملك القدرة على إعفاء النظام من جرائمه وتجديد شرعيته، عندما تنازل بشكل تام عن حقوق الضحايا عبر مفهوم العدالة التصالحية الذي نقله بيدرسون لمجلس الأمن علناً دون خجل.

أما إسقاط تلك المعارضة، المعترف بها دولياً، كممثل شرعي للشعب السوري من دون أي معايير للتمثيل والتفويض، ضاربة عرض الحائط بكل القواعد المعترف بها في عملية التمثيل، فهو يتطلّب فضح السرقة الدولية لحق الشعب السوري في تقرير مصيره وفي اختيار ممثليه بحرية ونزاهة، ثم مهاجمة هذا المسار كمسار للخيانة، وفضح انتهازيّة وفساد أعضائه ونظام عملهم، وتدليس وتآمر المبعوث الدولي والدول الراعية التي تعمل بشكل متكامل لكبح جماع ثورة الحرية والديموقراطية التي لم ترقَ لمعظم أنظمة الاستبداد المجاورة والدول ذات الأطماع في الهيمنة.

السلاح الأهم في معركة الشعب السوري هو التمسك بحقوق الضحايا وضرورة القصاص من المرتكبين لجرائم حرب وضد الإنسانية، أثبتتها الأدلة الدامغة، والتي لا يمكن محوها إلا إذا تنازل أصحابها عنها وهذا ما تقوم به المعارضة التي أصبحت أخطر من النظام.

نحن أمام فرصة نادرة لكسر هذا المسار وعزل تلك المعارضة بسبب الفشل الذريع بعد سبع سنوات، وبسبب تصاعد الأزمة الإنسانية، وبسبب ارتفاع صوت الشعب واستمراره في رفض كل أشكال التركيع التي تمارس عليه، يضاف إليها تقرير لجنة التحقيق التابعة لمجلس الأمن التي قدمت تقريرها الذي يثبت تورّط النظام بخرق القرار ٢١١٨، الذي سلّم بموجبه السلاح الكيماوي وعاود تطوير برامجه واستخدم هذا السلاح مجدداً في أكثر من موقع.

ولما كان هذا القرار مأخوذاً تبعاً للبند السابع، فهذا يعني أحقيّة الدول في التدخل لاعتقال المرتكبين وخلع نظام الأسد وسوقه للمحكمة الدولية، وهنا يصبح تنفيذ قرار ٢٢٥٤ أمراً لازماً وضرورياً بفرض سلطة حكم انتقالية، تقوم بالمهام التي حددت لها، وهي محاربة كل الميليشيات والعصابات وجمع السلاح وفرض الأمن وإطلاق سراح كل المعتقلين، وتحضير البيئة الآمنة لعودة اللاجئين وإعادة تأهيل البنية الخدمية اللازمة لذلك، وإتاحة مناخ من الحريات تسمح بعودة الحياة السياسية مما يضع الأرضية الصحيحة لإجراء انتخابات وكتابة دستور وتشكيل حكومة وطنية تستلم من السلطة الانتقالية مهامها.

ما يجب القيام به هو الحراك الشعبي وفقاً لهذه الخطة والأهداف، آخذة بعين الاعتبار الجدول الزمني، المحدود بثلاثة أشهر، حيث سيجتمع مجلس الأمن للبتّ بتقرير لجنة الكيماوي لكي يتخذ قراره، الذي يجب أن يشمل خطة انتقال واضحة يتوافق عليها الشعب السوري، وتحقق طموحاته. ج

ليفانت

———————

=======================

تحديث 05 شباط 2021

—————————-

المهزلة الدستورية وتعويم نظام الأسد/ ميشال شماس

انتهت الجولة الخامسة “للمهزلة” الدستورية في جنيف، لتؤكد المؤكد أن اختيار روسيا للمسار الدستوري، كمنطلق للعملية السياسية في سورية، لم يكن اختيارًا عبثيًا، بل كانت روسيا تهدف من ورائه ليس إلى منع قيام أي عملية انتقالية في سورية وحسب، بل حتى الحديث عنها بأي شكل من الأشكال، تلك العملية التي نصّ عليها بيان جنيف، وشدد على تنفيذها القرار 2254 الذي نصّ في فقرته الأولى على التنفيذ الكامل لبيان جنيف، كأساس لانتقال سياسي بقيادة سورية، ولا بأس هنا من التذكير بما نصّ عليه بيان جنيف الذي حدد بوضوح الخطوات الواجب اتباعها، ابتداءً ببناء الثقة عبر وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين ورفع الحصار وحرية التنقل والتظاهر السلمي والسماح للمنظمات الدولية بالوصول إلى كل المناطق، وتأكيده ثانيًا أن أي تسوية سياسية يجب أن تُقدِّم عملية انتقالية للشعب السوري، وإقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية، وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية. وعلى أساس ذلك، يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية، وأن تُعرض نتائج الصياغة الدستورية على الاستفتاء العام، تليها انتخابات برلمانية وتشريعية.

كان اتجاه السياسية الروسية في سورية واضحًا، منذ مسار آستانا، كانت تتجه إلى الإبقاء على نظام الأسد، وهي التي لم تخفِ ذلك قطّ، إذ فتحت شعار “مناطق خفض التصعيد”، واستطاعت روسيا بالتعاون مع تركيا تجريد الفصائل المسلحة من معظم المناطق التي كانت تسيطر عليها، وحشرتها في مناطق شمال سورية تحت النفوذ التركي، وبالتوازي مع ذلك، استطاعت روسيا أيضًا تحجيم دور الأمم المتحدة وتجييره في معظم الأوقات لحسابها. ولكي تقطف ثمار انتصاراتها العسكرية، عقدت مؤتمر سوتشي، وأطلقت عليه “مؤتمر الحوار الوطني السوري”، وأعلنت روسيا في نهايته -بالتنسيق مع السيد ديمستورا المبعوث الأممي السابق لسورية- إنشاء “لجنة دستورية” تضم في عضويتها ممثلين عن نظام الأسد والمعارضة والمجتمع المدني، وانطلق ديمستورا إلى جنيف للعمل على تشكيل اللجنة، بوصفها مدخلًا أساسيًا للحل في سورية. وهكذا، استُبعد تطبيق القرارات الدولية، ولا سيما بيان جنيف والقرار 2254، لتحلّ محله اللجنة الدستورية.  

ولم تكن روسيا لتنجح في فرض مناقشة المسار الدستوري، لولا تهافت المعارضات السورية وبعض العناصر المحسوبة على المجتمع المدني، على القبول بالمقترح الروسي والسير به، بالرغم من كل التحذيرات من خطورة القبول بهذا الفخ الذي نصبته روسيا للسوريين المعارضين لنظام الأسد.

إن قبول المعارضات السورية والمجتمع المدني الانخراط في اللعبة الروسية، كمدخل وحيد للحل السياسي في سورية، لم يشكل تجاوزًا لما نصت عليه القرارات الأممية وحسب، بل ساعد روسيا التي أجرمت بحق الشعب السوري في دفن بيان جنيف والقرار 2254، وفي رفع الحرج عن كاهل المجتمع الدولي الذي كان قبل قبول المعارضة بالعملية الدستورية ملزمًا -نظريًا وأدبيًا- بمتابعة تطبيق قراراته وفرض احترامها. أما بعد أن قبلت المعارضات السورية بالمقترح الروسي، فلن يكون المجتمع الدولي حريصًا على تطبيقها، ما دام أصحاب القضية أنفسهم غير مهتمين بتطبيق القرارات الدولية.

وإن القبول بمناقشة اللجنة الدستورية سيعني أن لن يكون هناك أي عملية انتقال سياسي ولا هيئة حكم انتقالي، ولا محاسبة لمن ارتكب جرائم بحق الشعب السوري. وسيعني القبول بالمنتج الروسي الذي سيخرج عن اللجنة الدستورية، هذا المنتج الذي سيشرف على تطبيقه نظام الأسد، وسيعني أيضًا مساعدة روسيا في تعويم الأسد، ومنحه الشرعية الشعبية والدولية مجددًا لقيادة كامل العملية السياسية في سورية وبشروطه وحده، وسيعني أخيرًا تقديم الأعذار والمبررات للمجتمع الدولي، كي يتهرب من مسؤولياته تجاه مأساة الشعب السوري، وترك السوريين لمصيرهم تحت رحمة نظام الأسد من جديد، لأن الذين ادّعوا تمثيل الشعب السوري قبلوا بالرؤية الروسية، خلافًا لما نصّت عليه القرارات الدولية.

سنة وثلاثة أشهر مضت على بدء اجتماعات اللجنة الدستورية، لم يستطع فيها المشاركون صياغة بند دستوري واحد، كل ما جرى حتى الآن كان عبارة عن مهاترات وخطابات لا طعم لها ولا لون، وكلٌّ يغني على ليلاه في هذه المهزلة الدستورية المستمرة، في الوقت الذي تتفاقم فيه مأساة السوريات والسوريين تعذيبًا في المعتقلات، وجوعًا وبردًا في مخيمات اللجوء.

في ختام الجلسة الخامسة التي انتهت منذ أيام، عبّر أحد المشاركين في وفد المعارضة: المحامي طارق الكردي، عن خيبة أمل كبيرة، واصفًا الاجتماعات بأنها “مائعة وطائرة في الهواء”، وأعلن أنه لم يعد لديهم أملٌ بوفد الأسد إلى اللجنة الدستورية، وختم حديثه قائلًا: “نطلب من السيد بيدرسون والأمم المتحدة أن يعلنوا للعالم ويبلغوا مجلس الأمن ويحددوا الطرف المسؤول عن عرقلة اللجنة الدستورية، بل عن عرقلة العملية السياسة بشكل كامل في سورية”، وحمّل نظام الأسد مسؤولية عرقلة عمل اللجنة الدستورية.

ليسامحني الصديق طارق الكردي، فالحق ليس على نظام الأسد، بل الحق كل الحق على من وافق بداية على الطرح الروسي، وقَبِلَ أن يكون عضوًا في هذه اللجنة الدستورية، فمجرد الاشتراك بهذه اللجنة يعني القبول بالرؤية الروسية وتعويم الأسد مجددًا. نعم الحق كل الحق على من كان يأمل بنظام الأسد، بعد كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري والتي لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلًا!

ليس أمام السوريات والسوريين، إلا إعادة تنظيم أنفسهم من جديد، وتوحيد جهودهم في البحث عن طرق وأساليب جديدة، يستطيعون بها الضغط من أجل تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بسورية، وفي مقدمها بيان جنيف والقرار 2254، وفقًا للترتيب الذي نصت عليه، كأساس لحل المأساة السورية والخلاص من هذا النظام المجرم إلى الأبد.

وأخيرًا، نناشدُ من تصدّر المشهد المعارض، طوال الفترة السابقة، أن يتنحوا جانبًا، وأن يُخلوا أماكنهم لمن يستطيع فعلًا أن يدافع حقوق السوريات والسوريين.

مركز حرمون

————————–

النظام ينقذ هيئة التفاوض المعارضة!/ عقيل حسين

في اجتماع الهيئة السياسية للائتلاف الأخير يوم الإثنين الماضي، تركزت معظم النقاشات على نتائج الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية، وتقييم أداء وفد المعارضة فيها وبحث الخيارات التي يمكن اللجوء إليها لمواجهة استمرار وفد النظام بتعطيل هذا المسار.

يتفق الجميع على أن نظام الأسد ليس معنياً لا من قريب أو من بعيد بصياغة دستور جديد للبلاد أو حتى إجراء تعديلات على الدستور الحالي، وأنه لم يكن ليسمي وفداً إلى مفاوضات اللجنة الدستورية لولا ضغط روسي مبني على أهداف خاصة بها كدولة راعية لمسار أستانا الذي نتجت عنه اللجنة، وأن هذين الطرفين يستغلان المسار في الوقت الحالي لتمرير الوقت إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية التي من المقرر أن يجريها النظام في حزيران القادم .. يتفق الجميع على ذلك لكنهم يختلفون على موقف المعارضة وما الذي يجب أن تفعله حيال ما تقدم.

يطرح كثيرون فكرة انسحاب وفد هيئة التفاوض المعارضة من اللجنة الدستورية، أو تعليق المشاركة فيها كرد فعل على العبث الذي يمارسه النظام في هذا المسار، الذي لا يحظى أصلاً بأي ثقة من الأوساط الشعبية والدولية، وهو طرح وضعه بعض أعضاء كتلة الائتلاف في الوفد المعارض على طاولة اجتماع الهيئة السياسية الأخير، بينما يرى آخرون أن أحد أهداف النظام من التلاعب بالمفاوضات هو دفع المعارضة إلى الانسحاب للتهرب من هذا الاستحقاق ومن مجمل العملية السياسية، وبالتالي فإن الأفضل هو الاستمرار لكن بشروط جديدة.

من حيث المبدأ يمكن للائتلاف أن يعلن انسحابه من مفاوضات اللجنة الدستورية، لكن هذا لن يعني انسحاب كامل وفد المعارضة الذي يتألف من مكونات هيئة التفاوض السبع، فهي تضم، بالإضافة إليه، منصتي موسكو والقاهرة والمستقلين والفصائل والمجلس الوطني الكردي، وهي كتل لا تتفق على موقف واحد وواضح حتى الآن، بل حتى إن اتفقت على الانسحاب، وهو ما لا يمكن أن يحدث (أي الاتفاق على هذا القرار) فإن القوى الإقليمية والدولية المتحالفة مع المعارضة لا تبدو أنها ستقبل هذه الفكرة، وهذا يشمل كل الدول التي لا تخفي أنها لن تكون قادرة وقتها على حماية مناطق سيطرة المعارضة من هجمات روسية جديدة تنهي وقف النار المطبق فيها.

لذلك يبدو أن خيار تفعيل استراتيجية جديدة هو ما يتوجب على المعارضة التفكير به جدياً، ومباشرة وضع الخطط والآليات المناسبة لتنفيذه، ولعل في مقدمة ذلك اشتراط وضع سقف زمني معقول لأعمال اللجنة الدستورية والبدء بالتفاوض حول البنود الأخرى المتضمنة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وعلى رأس هذه البنود إطلاق سراح المعتقلين وإنشاء هيئة حكم انتقالي، الأمر الذي سيظهر المعارضة أكثر جدية من ذي قبل في الانخراط بالعملية السياسية، وسيضع النظام وحليفه الروسي في موقف أكثر حرجاً، خاصة بعد الغضب الشديد الذي عبر عنه المبعوث الدولي إلى سوريا من أداء وفده في الجولة الخامسة.

لكن حتى هذا الخيار هل يمكن لهيئة التفاوض اللجوء إليه فعلاً ؟

سؤال لا تفرضه فقط الخلافات المستفحلة بين مكوناتها، بل وأيضاً تباين وجهات وتوجهات أعضائها واختلاف تحالفاتهم، إن لم نقل تبعياتهم للمحاور والدول المتدخلة في الصراع السوري. بل إن كتلة الائتلاف ذاتها داخل هيئة التفاوض ليست على موقف موحد تجاه العديد من القضايا، ومنها ملف اللجنة الدستورية، الأمر الذي يجعل من أي مقترحات يتعين على الهيئة مناقشتها لتغيير واقع العملية التفاوضية مع النظام، العبثية حتى الآن، اقتراحات ميتة قبل ولادتها طالما أن الموقف الداخلي لها على هذا النحو.

لقد نجحت هيئة التفاوض في تجنيب وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية الخلافات التي عصفت بها حتى الآن، لكن لا يبدو أنها ستكون قادرة على الاستمرار في ذلك، ليس فقط بسبب عدم التوصل إلى حل للخلافات بين كتلها، بل وأيضاً نتيجة تفجر خلافات داخل هذه الكتل ذاتها، ما يعني أن تجاوز الخلافات الأولى سيصبح أمراً أكثر تعقيداً بالتأكيد، بل الأخطر أن الواقع الحالي لن يجعل من استمرار الهيئة ممكناً، ولذلك فإن توقف مفاوضات اللجنة الدستورية هو في صالح الهيئة لعل وعسى أن تتمكن من إعادة ترتيب صفوفها وحل خلافات مكوناتها.

بل لعل من حسن حظ هيئة التفاوض أنها لم تدخل حتى الآن في مفاوضات متقدمة تتعلق بالتفاصيل، لأنها كانت ستواجه حتماً، والحال على ما هي فيه من الخلافات والتباينات، مواقف في غاية الخطورة والحرج، وقد لا يكون مبالغاً من قال إن غباء النظام هو من جعله يعطل المفاوضات بدل أن يعجل بها ليستغل واقع مفاوضيه من المعارضة غير المنسجمة والمتخاصمين حد العداء.

تلفزيون سوريا

—————————

فشل اللجنة الدستورية.. مفتاح لمداخل جديدة/ بسام سفر

جاء إعلان استقالة العميد عوض العلي، عضو اللجنة الدستورية المصغّرة، بعد انتهاء الجولة الخامسة من الاجتماعات، ليعبر عن واقع أعضاء اللجنة والمأزق الذي تعاني منه هذه اللجنة، خصيصاً من جانب وفد المعارضة، بينما يستمرّ وفد النظام في إضاعة الزمن سائراً نحو تحقيق مخطط مشغليه في القصر، والنظام الإيراني والروسي، اللذين يعدّان استمرار وجود الرئيس السوري على رأس السلطة السورية غاية من غاياتهما التي يراهنان على استمرارها. اللجنة الدستورية

حتى يأتي زمن يقبضان ثمن استمرارهما في الإمساك بهذه الورقة المهمة في يدهما، خصيصاً أنّ عامل الزمن يضغط على الأطراف الأخرى، ولا يضغط على وفد النظام ولا النظام، فهو في قصره، ومكانه الطبيعي ولا يستعجل شيئاً، بينما وفد المعارضة، والمعارضة بكل أطيافها، هي المضغوطة، لأنّها تمثّل أطياف الشعب السوري الذي خرج ثائراً على هذا النظام الديكتاتوري القمعي الذي يعيد أطراف المجتمع الدولي وداعيميه إنتاجه وتسويقه في زمن يصعب تسويقه، لأنّ كل من سيضع يده عرضة لمحاكمة دولية لاحقة أو محاكمة خاصة مثلما يجري الآن في ألمانيا محاكمة بعض ضباط الأمن الذين انشقّوا عن هذا النظام، واعتقدوا أنّ الانشقاق يجب ما قبله، بينما تعذيب السجناء وانتهاك الحقوق الإنسانيّة لا يجبها تغير المواقف والسلوك.

أما أعضاء اللجنة الدستورية لوفد النظام، أعتقد أنّ المحاكم الخاصة في سوريا المستقبل كفيلة بوضعهم في مكانهم اللائق. وإذ تلاحق اجتماعات اللجنة الدستورية الفشل، من جولة إلى جولة، ويظهر على اجتماعاتها لغة حوار الطرشان، فلا هي تقدّم للحاضرين فيها حضوراً بارزاً لأطرافها لكي يذكرهم الشعب السوري أنّهم ساهموا في حلّ أزمته وقضيته على طريق خلاصته من الديكتاتورية، ولا قدموا له شيئاً على طريق تأمين مستلزماته من القمح والدقيق ومازوت التدفئة أو بنزين لتشغيل سياراته والتقليل من الطوابير، ولا هم طالبوا الدول الراعية في تأمين الفيول لتشغيل عنفات توليد الكهرباء للتقليل من ساعات انقطاع الكهرباء، وإطالة زمن الإضاءة التي يحتاجها طلابه ومجتمعه من أجل تسيير شؤونه في زمن غضب الطبيعة، وحكومته التي تطالبه بالصمت المطبق أمام عدم قدرتها على تأمين أولويات حياته، التي باتت من أسوء حياة يعيشها في زمن الحصار والعقوبات الاقتصادية، وارتفاع أثمان تصريف العملة الصعبة التي يستورد تجارها بسعر البنك المركزي المخفف، ويبيعون بثمن التصريف في السوق السوداء السورية.

أمام هذا الواقع المتدهور من سوء إلى أسوء، يقف أعضاء اللجنة الدستورية المصغرة أمام الأمم المتحدة ومبعوثها الدولي، غير بيدرسون، عاجزين عن الدخول في نقاش المضامين قبل انتخابات رئاسة الجمهورية التي حان موعد استحقاقها في الأشهر القليلة المقبلة، فالقضية الأساسية لهذا الوفد هو تحرير الزمن من أجل الوصول إلى الانتخابات دون دستور جديد، وإنما بقاء العمل في دستور العام2012، الذي مرر فترة رئاسيّة ثالثة لرئيس الجمهورية، وأعطاه حق الترشّح للانتخاب لفترة رئاسية رابعة بدون أي قيد وشروط، وحتى يزداد الطين بله، فإنّ وفد النظام قدّم للمبعوث الدولي، غير بيدرسن، مذكرة أطلق عليها “عناصر أساسية في سياق الإعداد للمبادئ الدستورية”، وقسمها إلى مجموعة مطالب، كان الأساسي فيها يقع في سلّة مكافحة الإرهاب، وكان الأجدى من وفد النظام المطالبة ببحث سلّة الإرهاب بدلاً من إدخال نقاش سلّة الإرهاب على نقاش اللجنة الدستورية، وبذلك يكون قد خدم النظام الذي يمثّله وأنجز سلّة الإرهاب وحمل بها كل ما يدّعيه من أنّه ضحية إرهاب دولي وهو الحمل الوديع الذي يقع عليه الإرهاب. وفد النظام في هذا الباب يتبع نصيحة غوبلز (اكذب.. اكذب..حتى يصدقك الآخرون).

وفي البند الثاني والثالث والرابع يناقش قضية الاحتلال الأجنبي الموجود على الأرض السورية، ويذكر تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، ومناطق سيطرة الأكراد التي يعتبرها انفصاليّة، ويطالب بدعم الجيش العربي السوري الذي يقوم بمحاربة الجماعات والمجموعات والتنظيمات التي تدعم أي مشروع انفصالي أو يقف خلفه.

وهنا يعدّ وفد النظام القوى الموجودة على الأرض السورية خارج سيطرته احتلالاً، بينما القوى والدول التي استدعاها لا يعتبرها احتلالاً، وكأنّه يستطيع إخراجها من الأرض السورية في اللحظة التي يرغبها، بينما تعبر هذه الدول والمجموعات وجودها عن مصالحها الأساسية، وليس دعماً للنظام فقط، وما الحرب التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الوجود الإيراني على الأرض السورية سوى تعبير عن مصالح كل طرف من هذه الأطراف الموجودة على الأرض السورية، فكل دولة موجودة على الأرض السورية غير السوريين هي احتلال، رغب النظام أم لم يرغب، وكذلك لمناطق سيطرة المعارضة، كل جيش لدولة موجود على الأرض السورية هو احتلال، رغبت المعارضة أم لم ترغب.

إنّ وجود جيش لدولة أجنبية على الأرض السورية هو احتلال، رغب الكزبري ووفد النظام أم لم يرغب. لذلك عندما يطالب بخروج الأتراك والأمريكان فقط، عليه أن يضيف إليهم الإيراني والروسي والإسرائيلي، فالنظام الذي يتواجد على أراضيه خمسة جيوش، ويعدّ القضية الأساسية لديه ليس وجود هذه القوى، وإنّما الخلاف مع أبناء شعبه على كتابة الدستور أو تقديم تنازلات من صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى المؤسسات السورية التي سوف يقيمها الوضع السياسي الجديد بعد الحلّ السياسي المرتقب غير جدير بالاستمرار.

وتضيف المذكرة البنود التي تمثّل الهوية الوطنية السورية، إلى جانب ما تعتبره حماية التنوع الثقافي والحضاري للمجتمع السوري، واللاجئين السوريين الذين يطالب النظام بعودتهم بدون تهيئة الظروف والشروط المناسبة لعودتهم، ويختم مذكرته بمعالجة ملف الوضع الإنساني الذي لم يسمح هو والروسي إلا بمعبر واحد في الشمال، بينما يريد عبور المواد الإغاثيّة الإنسانية من بوابته فقط، لكي تتمكّن مؤسسات النظام من السيطرة والهيمنة على كل ما يدخل إلى السوريين، بغضّ النظر عن مكان وجودهم، في مناطق سيطرته أو في مناطق سيطرة المعارضة أو قسد.

إنّ محتوى المذكرة التي قدّمها وفد النظام إلى المبعوث الأممي، غير بيدرسن، يعود بنقاط كبيرة إلى الخلف، وكأنّه في الجلسة الأولى من اجتماعات جولات المفاوضات العامة، وليس في الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة، إذ إنّه من المفترض حقق هذه المطالب من جولة الاجتماعات الأولى، وليس في الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة.

إنّ فشل اللجنة الدستورية المصغرة في اجتماعاتها يعود بشكل أساسي إلى عدم رغبة الدول الراعية ودول الإقليم في الدخول إلى الحل السياسي حول سوريا، فهي الآن القادرة على إجبار الوفود الثلاث في نقاش جدّي إذ كانت رغبة الدول هو الحل السياسي، أما إذا لم يكن هناك توافق أمريكي روسي أولاً، وهو ما يقدّم لدول الإقليم الفرصة السانحة لتتقدّم نحو الحل، فلا يمكن حدوث حل، حيث ستبقى سوريا ساحة صراع مفتوحة تحمل جزءاً مما كان تحمله أفغانستان والعراق، والآن سوريا، إذ يجب أن تبقى بعض ساحات الصراع مفتوحة لكي يتم التنفيس بها عما يسمى لصراع الدول والقوى الكبرى على أرض غير أرضها، والتفاوض في العمليات، وكذلك ساحات الصراع المفتوحة بعيداً عن دولها وشعوبها.

أخيراً، لا يمكن الاستمرار في المراهنة على رغبة الدول في حلّ المسألة السورية، ورغبة النظام ورئيسه في الاستمرار في الحكم، فهؤلاء كلهم حصصهم من الكعكة السورية يأخذونها، وكل طرف منهم يريد تحسين شروط تسويته أمام الآخرين، بينما الأطراف البعيدة عن السلطة والمحاصصة هي التي يجب أن تتحرّك نحو الضغط لإنجاز تسوية سياسية تعتمد على القرارات الدولية 2018 و2254، وبيان جنيف في العام 2012، وتعتمد على التواصل مع القوى الحية في المجتمع السوري، في الداخل السوري وفي مواقع الشتات، من لبنان إلى الأردن وتركيا، ومناطق الإدارة الذاتية داخل البلاد، وفي الشتات البعيد، بحيث تستطيع الضغط على الأطراف المحتلّة جزءاً من الأرض السورية، التي يجب أن تساعد على إنجاز اتفاق سياسي يحقق تسوية سياسية تراعي مصالح السوريين، وحتى الآن لا يبدو قريباً، يكون مدخله اللجنة الدستورية، البيئة الآمنة، فهل هناك من هو قادر على جمع الدول المحتلة للأراضي السورية وامتداداتها السورية على طاولة مفاوضات واحدة، بل ما يجري في جنيف باجتماعات اللجنة الدستورية التي ما زالت هي المتاح كمدخل للحل السياسي السوري؟. اللجنة الدستورية

ليفانت

—————————–

=====================

تحديث 13 شباط 2021

—————————-

المعارضة السورية ترحب بموقف بيدرسون وتطالب بآلية لوقف تعطيل الحل السياسي / عدنان أحمد

أعرب الائتلاف الوطني السوري المعارض عن ارتياحه لإشارة المبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسون، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن إلى مسؤولية النظام السوري عن فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية، معرباً عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي يملك الآلية القانونية والشرعية اللازمة لمواجهة هذا التعطيل لأعمال اللجنة الدستورية.

وقال الائتلاف، في بيان له، إن “التعطيل الروسي الصيني لبيان مجلس الأمن يوم أمس يؤكد عجز المجلس والخلل الواضح في آليات عمله، كما أنه يحمل رسالة مكررة يجب أن يستوعبها صناع القرار، وهي أن الحل السياسي ليس خياراً بالنسبة للنظام وحلفائه بأي شكل من الأشكال، وأن إضاعة الوقت هو ما يبحث عنه”.

وأضاف البيان “إننا أمام واقع يعجز فيه مجلس الأمن عن إصدار مجرد بيان يدعم تقرير بيدرسون، رغم مهادنته الشديدة وتجنبه وضع النقاط على الحروف أو حتى تسمية الأشياء بمسمياتها، فكيف لأي طرف أن يتوقع إمكانية تنفيذ أي خطوات عملية عبر مجلس الأمن لدعم حل سياسي حقيقي”.

وأعرب البيان عن اعتقاده بأنه “لا يمكن الاستمرار في ترك الملف رهينة بيد أطراف شريكة في الإجرام، وتعيش في عالم موازٍ بحثاً عن أوهام تقوم على نشر الفوضى والخراب”.

وكان بيان سابق للائتلاف، اليوم الخميس، قال إن المبعوث الدولي أشار على غير عادته، في إحاطته الأخيرة، إلى كون النظام سبب فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية، إذ أفاد أنه “أخطر مجلس الأمن أن الرئيس المشارك من هيئة التفاوض السورية وضع على الطاولة مقترحاً حول المسائل الإجرائية، وأن المبعوث أيضاً قدم اقتراحاً منفصلاً، ولكن وفد النظام رفض كلا الاقتراحين”.

وقال الائتلاف إن السوريين “ضاقوا ذرعاً بالتعطيل المستمر للعملية السياسية”، معرباً عن اعتقاده بأن “الخلاصة التي انتهى إليها المبعوث الدولي أخيراً بالحاجة لمسار سياسي أوسع تتفق مع مطالبتنا بفتح كافة مسارات الحل السياسي، وعلى رأسها هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات”.

 وكانت هيئة التفاوض السورية أعلنت أنها بعثت برسالة لمجلس الأمن الدولي لتوزيعها على أعضائه الـ 15، تحمل تأكيداً أن نظام الأسد يقف وراء تعطيل المسار السياسي.

وقال رئيس الهيئة أنس العبدة، في منشور على صفحته الشخصية في فيسبوك، إن “الرسالة تطلب من مجلس الأمن كونه الجهة المسؤولة أممياً بالدفع لتنفيذ القرار 2254 بسلالة كافة”.

وأضاف أن الرسالة تؤكد أن “تعطيل نظام الأسد لمسار اللجنة الدستورية سيجعل من استمرار المسار على هذا الشكل صعبًا، وأن استئناف الاجتماعات يتطلب وجود منهجية وآلية عمل محددة، ومدة زمنية محددة، والتزام النظام بمهام وتفويض اللجنة والبدء بخطوات الصياغة”.

وحثت الرسالة مجلس الأمن على النهوض بمسؤولياته حيال “إيجاد آلية لتنفيذ القرار الأممي (2254) كاملًا دون تأخير، مع التأكيد على ضرورة البدء بملف الحكم الانتقالي، لأن الشعب السوري تتعاظم مأساته كل يوم أكثر، وإضاعة الوقت ليست في مصلحة السوريين، بل إنها تخدم النظام”.

ولفت العبدة إلى أن نظام الأسد وحلفاءه تلقوا جوابًا واضحًا من دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى بأنه لا شرعية للانتخابات التي سيجريها النظام، ولا إعادة إعمار قبل الوصول إلى حلّ سياسي، وأن المسار الوحيد هو القرار (2254) بسلاله كافة، وعلى النظام الالتزام والعمل بجدية في هذا الإطار”.

وكان سفراء دول فرنسا وأيرلندا وإستونيا وألمانيا وبلجيكا، في الأمم المتحدة أصدروا بياناً مشتركاً يوم الثلاثاء الماضي، أكدوا خلاله مسؤولية نظام الأسد عن عدم إحراز تقدم في أعمال اللجنة الدستورية السورية.

وذكر البيان الذي صدر عقب جلسة مشاورات مغلقة في مجلس الأمن حول الملف السوري، أن نظام الأسد مسؤول عن عدم إحراز تقدم جوهري في مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، الجارية منذ نحو عام ونصف، بعد أن رفض الانخراط بشكل بناء في مقترحات المبعوث الأممي إلى سورية، والمعارضة السورية، ما أدى إلى عدم وجود مسودة للإصلاح الدستوري.

 وعبّر السفراء الخمسة عن دعمهم لجهود المبعوث الأممي لتنفيذ جميع عناصر قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة، بمشاركة جميع السوريين، بمن فيهم الموجودون في الخارج.

ويوم أمس، أكد بيدرسون خلال إحاطته أمام مجلس الأمن أن الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية كانت “فرصة ضائعة وخيبة أمل”، وأوضح أن مجلس الأمن واللجنة الدستورية يبحثان سبل تغيير أسلوب العمل الحالي.

وشدد على أن اللجنة الدستورية، لن تمضي قدماً، ما لم يكن هناك دبلوماسية دولية بناءة في الأزمة السورية، وفقاً لما صرح به للصحافيين، بعد إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي.

واختتمت أعمال الجولة الخامسة للجنة الدستورية في 29 من يناير/ كانون الثاني الماضي، وقال بيدرسون، حينها، إنها لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، واصفًا الجولة بأنها مخيّبة للآمال، ولم تحقق الأمور التي كانت تنتظر منها.

————————–

تصريحات بلينكن حول سوريا.. رسالة أمريكية لـ “سوتشي”/ أسامة آغي

أجرى وزير الخارجية الأمريكية الجديد أنطوني بلينكن اتصالاً هاتفياً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووفق تصريحات نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: “تطرق الطرفان إلى الملف السوري، وأكّدا على الالتزام بالعملية السياسية في ظل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتمديد التفويض لتقديم المساعدات عبر الحدود، والمساعدة في رفع معاناة الشعب السوري”.

تصريحات بلينكن تسبق اجتماع دول ضمان أستانا في سوتشي، وهذا يعني رسالة أمريكية واضحة المعنى لهذه الدول، بأن لا حلّ للقضية السورية سوى تنفيذ جوهر القرار 2254.

تصريحات بلينكن سبقها بيان الدول الأوربية الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، التي حمّلت النظام السوري مسؤولية إفشال الدورة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية في جنيف قبل أيام.

من طرفه طالب بيان صادر عن ائتلاف قوى الثورة والمعارضة الأمم المتحدة بإيجاد آلية لمنع التعطيل في مفاوضات جنيف، وهذا معناه البحث عن صيغة وآلية تيسران التوصل لحل سياسي وفق القرار الدولي 2254.

إن الموقف الأوربي الغربي، والأمريكي، إضافة لموقف الأمم المتحدة، يضع الروس تحديداً في زاوية المسؤولية عن تعطيل تنفيذ قرارات دولية وقّعوا عليها، وهذا يعني دولياً، أن الروس لا يحترمون تواقيعهم، ولا يمكن الركون إلى التعاون الدولي معهم.

إن نظرية الروس السياسية، التي تريد استنزاف نظام الأسد إلى أقصى درجة، بسبب حاجته لهم، هي نظرية انتهازية وقحة، بات المجتمع الدولي يدركها، وبالتالي صار لزاماً على هذا المجتمع إيجاد وسيلة خارج نطاق مجلس الأمن، لمنع الروس من الاستفادة من الفيتو المعطل للقرارات الدولية.

إن استباق الأمريكيين لاجتماعات سوتشي المنوي عقدها في 16 و17 شباط /فبراير الجاري، يراد منه تبليغ دول ضمان أستانا، وتحديداً الروس، أن الأمريكيين لن يسمحوا بغير مسار مفاوضات جنيف التي تجري وفق القرار الدولي 2254، وأن محاولة الانعطاف بهذا القرار لن تقبل بها الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوربي.

الروس الذين دفعوا النظام السوري لإفشال مفاوضات اللجنة الدستورية، معنيون اليوم بإعادة عربة التفاوض إلى سكتها، ومعنيون بمنع الأسد من إجراء انتخابات رئاسية زائفة، تعقّد مشهد الصراع السياسي في سوريا.

تصريحات بلينكن هي دعوة جادة في أكثر من اتجاه، فهي تحمّل الروس مسؤولية ما يحدث من فشل في مفاوضات جنيف، وهي أيضاً تعيد التأكيد على ثبات الموقف الأمريكي من أن الحل السياسي للصراع السوري له طريق واحدة هي طريق القرار الدولي 2254، إضافة إلى أنها رفض مسبق لأية خطوات تحاول روسيا مع الضامنين التركي والإيراني إيجاد مخرج سياسي خارج القرار الدولي المذكور.

إن إصرار وفد المعارضة على وضع جدول زمني للتفاوض، ووضع آليات تفاوض ناجعة وملزمة، من شأنه إنهاء الوضع الكارثي، الذي يعيشه الشعب السوري في مناطق يحكمها النظام، ومناطق خارج حكمه.

هذا الموقف لقوى الثورة والمعارضة يحتاج هو الآخر إلى تعزيز الفعل الشعبي، فقضية الحل السياسي هي قضية السوريين بنازحيهم ولاجئيهم، وقضية من لا يزال تحت قبضة حكم الاستبداد. أي بمعنى آخر يحتاج ممثلو الثورة السورية المفاوضون إلى دعم شعبي عريض، وهذا واجب يقع على عاتق التنسيقيات الثورية والتجمعات السياسية والقوى الأهلية.

مثل هذا الموقف سوف يتلاقى مع تشبث قوى الثورة على إنجاز الانتقال السياسي عبر العملية التفاوضية، وسوف يتلاقى مع موقف الأمريكيين والأوربيين اللذين أعلنا صراحة وقوفهما مع انتقال سياسي بإشراف دولي عبر انتخابات ستجري في نهاية المرحلة الانتقالية، كما حددتها القرارات الدولية.

تصريحات بلينكن تزيد من حصار نظام الأسد، وتفرض عليه إما التآكل الداخلي السريع والمريع، أو الرضوخ للإرادة الدولية، إضافة إلى أنها تسقط ورقة التلاعب من يد الروس، هذا مغزى اتصال بلينكن بغوتيريش.  

——————————–

بيدرسون وفشل اللجنة الدستورية/ رضوان زيادة

ربما كانت كلمات المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون في إحاطته لمجلس الأمن واضحة في إعلانها فشل التجربة القائمة على مفاوضات اللجنة الدستورية، وأعقب ذلك بيان دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء في مجلس الأمن الذي دان فشل العملية بعد عام ونصف من بدايتها.

يمكن القول إنها تشكل نهاية البداية لعملية كتبنا مبكرا أن مصيرها الفشل على المستوى التقني والسياسي، فقد صرح المبعوث الأممي أن نتائج هذه الجولة مخيبة للآمال وهو ما كرره بالمناسبة بعد كل الجولات السابقة التي انتهت بالسيناريو نفسه، وهو عدم جدية نظام الأسد في أي نقاش ذي معنى حول الدستور وتطبيق القرار 2254 من أجل تحقيق الحل السياسي في سوريا. 

هذه الجولة تتوج عمليا فشل كل الجولات السابقة التي بدأت منذ عام ونصف تقريبا عندما قرر المبعوث الدولي استيفان ديمستورا الاستقالة في منتصف عام 2018 من دون أن يحرز أي تقدم على مستوى تطبيق القرار 2254 فجرى تعيين المبعوث الأممي الجديد بيدرسون الذي اعتبر أن اللجنة الدستورية هي الفكرة الوحيدة التي تحظى بالدعم من الأطراف الدولية رغم قناعة المعارضة السورية أن ذلك يعد خروجا عن قرار مجلس الأمن الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.

واحتاج الأمر أكثر من عام كي تولد هذه اللجنة الدستورية التي لا تحظى بأي دعم سياسي حقيقي وعقدت أول اجتماعاتها في أكتوبر 2019 وشارك النظام السوري بوفد اعتاد على تبديد الاجتماعات بإثارة تفاصيل جانبية دون أي قرار سياسي بإنجاح نتائج هذه الاجتماعات، وعقدت الجولة الثانية من اجتماعات اللجنة الدستورية في نوفمبر 2019 والثالثة في آب 2020 دون إحراز أي تقدم يمكن الإشارة إليه. والرابعة هذه في كانون الثاني 2021 حيث انتهت من دون التوصل حتى على اتفاق حول جدول الأعمال.

باختصار بعد مرور تسع سنوات من بدء مفاوضات جنيف وأكثر من 12 جلسة الحصيلة كانت صفر، المعارضة السورية تعرف ذلك والمجتمع الدولي بما فيها الولايات المتحدة تعرف ذلك، والأهم أن النظام السوري كان سعيدا دوما بهذه الحصيلة الصفرية.

المشكلة أن النظام لم يدفع ثمنا أبدا نتيجة تعطيله للمفاوضات في اللجنة الدستورية ليس من قبل الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي وحتى المعارضة للأسف لم تقم بأية خطوة كرد فعل على هذا الفشل.

أعتقد أن هذه الفرصة سانحة اليوم مع تسمية فريق بايدن للسياسة الخارجية وعلى رأسهم بلينكن الذي يتوقع منه السوريون اليوم أن يفعل الدبلوماسية الأميركية من أجل إصلاح أخطاء الماضي، ونقل التركيز من اللجنة الدستورية إلى إعادة النظر للأزمة السورية كأولوية  للتعامل مع الملفات الثلاث الرئيسية:

الإرهاب: بروز التنظيمات الإرهابية في سوريا واتخاذها كملجأ آمن كداعش والقاعدة.

اللجوء: فرار عدد كبير من اللاجئين إلى دول الجوار وعبورهم إلى أوروبا.

الانتقال السياسي: الحاجة إلى استقرار سياسي ينبع من أهمية تحقيق الانتقال السياسي الذي يتيح للسوريين اختيار رئيسهم ونظامهم السياسي بحرية.

للأسف ركزت إدارة أوباما السابقة على القضاء على داعش وفشلت في فهم الربط بين الأزمات الثلاث ولبها الاستقرار السياسي، التي تركتها للمفاوضات السياسية التي أظهرت أن المفاوضات التي عقدت في جنيف لم تحرز أي تقدم سياسي على الإطلاق.

اليوم وبعد مرور عشر سنوات تقريباً على بداية الثورة السلمية في سوريا تظهر الحاجة في أكثر من أي وقت مضى، إلى رسم خطة استراتيجية كبرى تربط هذه الأزمات الثلاث معاً وتدرك أنه لن تكون هناك إمكانية للقضاء على الإرهاب في سوريا بشكل كامل وعودة لملايين اللاجئين من دون دفع عجلة الانتقال السياسي وممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية وحتى العسكرية على نظام الأسد من تحقيق هذا الانتقال.

لابد من تحقيق انتقال سياسي كامل في سوريا ينقلها من نظام تسلطي طائفي إلى نظام ديمقراطي تعددي غير طائفي يعتمد على مبدأ المواطنية ومساواة كل السوريين أمام القانون، كما لابد من خروج كل الميليشيات الأجنبية والطائفية ممثلة في القاعدة وميليشيا حزب الله والميليشيات الإيرانية المتحالفة معها ومع نظام الأسد (زينبيون وفاطميون وحركة النجباء العراقية). ولذلك لا يمكن تصور ضمان تحقيق الانتقال السياسي من دون ممارسة أقصى الضغوط على نظام الأسد سياسيا وعسكريا حتى يتم تنفيذ القرار 2254 على أرض الواقع.

تلفزيون سوريا

—————————-

مجلس عسكري سوري..ما حقيقة المقترح؟

تواترت الأنباء التي تتحدث عن تشكيل مجلس عسكري بقيادة نجل وزير الدفاع السوري الراحل مصطفى طلاس، العميد مناف طلاس، في إعادة إحياء للمقترح الذي مرّ قبل فترة دون أن يُحدث الأثر المتوقع منه، لاعتبارات عدة.

وحسب المُتناقل من الأنباء، سيزور العميد طلاس موسكو، ليبحث مع الروس هيكلية المجلس الذي سيضم ثمانية ضباط من المعارضة، ومثلهم من النظام.

لكن قائد “تجمع الضباط الأحرار” العميد طلال فرزات أكد أن الزيارة تمت بشكل سري، مضيفاً في تصريح إعلامي لموقع “ملفات سوريا”، أن المجلس العسكري مؤلف من النظام والمعارضة للدفع باتجاه استتباب الأمن ولإجراء انتخابات برلمانية، ثم اختيار رئيس لسوريا.

وسألت “المدن” مصدراً مقرباً من طلاس، فنفى حدوث الزيارة، كاشفاً في الوقت ذاته عن احتمال قيام طلاس بزيارة عمل إلى تركيا، في الفترة القريبة.

ولفت المصدر إلى وصول رسائل الى عدد من الضباط المنشقين من غير المنخرطين بالعمل العسكري حالياً، تهدف إلى استطلاع آرائهم حول الانضمام إلى المجلس العسكري في حال تم الإعلان عنه، لافتاً إلى إعلان عدد من العشائر السورية، ومنها عشيرة النعيم والعميرات والفواعرة والدمالخة والجواشنة، تأييدها تشكيل المجلس العسكري.

وحسب مصدر من الائتلاف السوري، فإن زيارة طلاس إلى تركيا، إن صحت الأنباء عنها، ليست الأولى من نوعها، حيث زارها في العام 2107، والتقى بشكل اعتيادي مع القائمين على إدارة الملف السوري، لكن المصدر رأى أنه لا يمكن البناء على الزيارة السابقة، ولا حتى اللاحقة.

وقال المصدر ل”المدن”: “معلوماتنا هي أنه ما من أصداء دولية إيجابية لتشكيل المجلس العسكري، وكل ما يتم تناقله حول ذلك لا يخرج عن إطار السرد والتأويل”.

وأكد الكاتب الصحافي أيمن عبد النور في رسالة صوتية نشرها على قناته على “اليوتيوب”، أن “هناك شبه اتفاق بين شخصيات من المعارضة على تولي طلاس رئاسة المجلس، بسبب وسطيته بين الحالة العسكرية والمدنية، وكذلك بسبب علاقاته الدولية التي قد تمكنه من إنهاء العقوبات المفروضة على النظام السوري”. وأضاف أنه “من المرجح أن تشارك قسد في المجلس شريطة أن لا يكون للمجلس العسكري أي صبغة دينية أو قومية”.

وما يثير مخاوف المراقبين أن يكون المجلس العسكري بديلاً روسياً عن هيئة الحكم الانتقالي التي أقرها القرار الأممي رقم 2254، ما يوحي بأن الحل سيكون وفق التصور الروسي.

لكن مصدراً عسكرياً كبيراً من المعارضة، أبلغ “المدن”، أن فكرة المجلس العسكري تم طرحها منذ العام 2013 وحتى قبل القرار 2254، وليست جديدة أو متعلقة بفشل اجتماعات اللجنة الدستورية، معتبراً أن ما يجري تسريبه مؤخراً حول الموضوع غير دقيق، وقد يكون وفق تمنيات منصات معارضة معينة.

وكان طلاس قد تحدث في أيار/مايو 2020، عن ضرورة تشكيل مجلس عسكري نصفه من الضباط في الخارج ونصفه من ضباط الداخل السوري. وقال إنه “لا مناص من تشكيل مجلس عسكري، يتولى ضمانة تطبيق لروحية القرار الدولي 2254 والذي ينص على آلية الانتقال السياسي في سوريا، ويضمن إجراء انتخابات نيابية حرة تمثل كل أطياف الشعب السوري تمهد لتشكيل وثيقة دستور تعتبر مقدمة لعقد اجتماعي يقوم على أساس المواطنة بين أفراد الشعب السوري الواحد، ويتولى جمع السلاح غير الشرعي المنتشر بين المليشيات وحصره بيد الدولة”.

ورغم هذه التصريحات، فإن طيفاً واسعاً من السوريين يعتقد أن الواقع العسكري الذي استطاع النظام السوري فرضه بدعم روسي وإيراني، قد أدى إلى تجاوز مرحلة الانتقال السياسي، وفكرة المجلس العسكري الذي سيتولى هذا المرحلة، بطبيعة الحال.

المدن

—————————–

جمال سليمان يكشف تفاصيل زيارته إلى موسكو: أنا صاحب فكرة المجلس العسكري/ محمد الأحمد

كشف عضو “منصة القاهرة” والفنان السوري المعارض للنظام جمال سليمان، اليوم الجمعة، عن تفاصيل زيارته الأخيرة إلى موسكو ولقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مؤكداً أنه صاحب فكرة تشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد في المرحلة القادمة في فترة سابقة، موضحاً أن هذه الفكرة لم تر النور. 

وعقّب سليمان على لقائه مع أعضاء من “منصة موسكو” بسيرغي لافروف بتفنيد “الأخبار التي انتشرت حول هذا اللقاء، وتحديداً ما نشرته صحيفة الشرق الأوسط”، من أنهم في منصتي موسكو والقاهرة، قدموا للجانب الروسي مقترحاً لتشكيل مجلس عسكري يحكم سورية في المرحلة الانتقالية”، وعلق على ذلك سليمان، في منشور له للرأي العام، بقوله: “احتراما مني للحقيقة واحتراماً لحساسية المسألة التي تتعلق بمستقبلنا كسوريين على اختلاف انتماءاتنا وكذلك تمس مستقبل وطننا”.

ولفت سليمان، في منشور، إلى أنه جمد عمله في المؤتمر وفي هيئة التفاوض لأسباب داخلية تتعلق بالخلافات الأخيرة، التي بذل مع آخرين جهداً كبيراً في حلحلتها ولم يفلحوا، بحسبه.

وأضاف سليمان: “الشيء الآخر، إنني أنا (بصفتي الشخصية) من طرحت فكرة المجلس العسكري كصيغة بديلة لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة جنيف، والتي بعد ست سنوات لم تر النور، ولا يوجد مؤشر على أنها ستراه، والتي بدونها لا يمكن أن تكون هناك مرحلة انتقالية وبالتالي لا يمكن تنفيذ 2254، ولا يمكن أن نصل إلى صيغة حل سياسي ينهي الصراع ويضع سورية على سكة التعافي”. 

وأكد سليمان “سبق وطرحت ذلك على السيد بوغدانوف، نائب الوزير، قبل أكثر من أربع سنوات، بصيغة أولية، ولكنني مع الوقت طورت هذا المقترح بما يضمن فعاليته والحد من أعراضه الجانبية وكذلك اتساقه مع جوهر وهدف 2254”.

وأضاف: “من هذا المنطلق، كان لا بد من التفكير بمهمات هذا المجلس وصيغة إنشائه بحيث يكون واسع التمثيل، وكذلك مرجعيته التشريعية في إطار يخدم المصلحة الوطنية ويحقق الأهداف التي قامت من أجلها الثورة السورية، وهي الإصلاح السياسي الشامل الذي يفضي إلى دولة المواطنة والقانون والمؤسسات الحقيقية والتداول السلمي للسلطة”. 

ولفت سليمان إلى أنه لم يقدم هذا المقترح مكتوباً للجانب الروسي كما جاء في صحيفة (الشرق الأوسط)، معللاً ذلك بأنه “لن يكون صائبا من ناحية دبلوماسية، ما لم يبدِ الطرف الآخر اهتمامه الجدي به”. وتابع: “أظن أن عند الروس من يرى أنه المخرج الوحيد، ولكن يبدو أن هناك تيارات أخرى ترى غير ذلك، أو أن الوقت لم يحن بعد والصفقات لم تنضج”.

واتهم سليمان مكونات المعارضة بمهاجمة الطرح بالقول: “كما هو واضح، فإن هذه المقاربة تتعرض لهجوم كبير من قبل بعض جماعات المعارضة التي تتفق مع النظام في رفضها لها، وكذلك من فرسان السوشيال ميديا، ولكنني أزعم أنها ستحظى بقبول غالبية الشعب السوري الذي يدفع غالياً تكاليف الوضع الراهن المستمر في انهياره، ويرى أن المسار السياسي على طول مدته وتعرج مساراته لم يكن أكثر من حرث في الريح، لا نتائج له إلا المزيد من الآلام والانقسام واليأس والدمار”.

وختم سليمان بالقول: “في ظل فشل العملية السياسية التفاوضية، وفي ظل تمنّع النظام عن الانخراط فيها، وفي ظل ما تعانيه المعارضة من انقسام ومحاولات بعض الدول للاستيلاء على صوتها، إذا كان هناك مجلس عسكري واسع التمثيل يضمن سلامة المرحلة الانتقالية والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 2254، والذي في جوهره ينص على الانتقال السياسي في سورية، فأنا كسوري موافق”.

وكان رئيس حزب “الإرادة الشعبية” قدري جميل، ومترئس “منصة موسكو” المعارضة، نفى أول من أمس تقديم منصتي موسكو والقاهرة وثيقة مكتوبة حول إنشاء مجلس عسكري، مهاجماً المادة التي نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” ونقلت تلك المعلومات.

وأضاف جميل حينها أن “الخبر لا يمت للواقع بأية صلة ونستغرب توقيته وشكله، ونستنكر محتواه الذي يهدف لخلط أوراق العملية السياسية التي نضجت ظروفها ويهدف لعرقلتها”.

وكانت الصحيفة قد أسهبت في الحديث عن الوثيقة “المفترضة” حول تشكيل المجلس العسكري المقترح من قبل المنصتين، مشيرة إلى أن “المجلس العسكري يتشكل من ثلاثة أطراف وهي متقاعدون خدموا في حقبة الرئيس حافظ الأسد ممن كان لهم وزن عسكري واجتماعي مرموق، وضباط ما زالوا في الخدمة، وضباط منشقون لم يتورطوا في الصراع المسلح، ولم يكن لهم دور في تشكيل الجماعات المسلحة”.

وأوضحت أن مهام المجلس “إخراج القوى الأجنبية كافة من البلاد، باستثناء القوات الروسية التي تعمل على مساعدة المجلس العسكري والحكومة المؤقتة في تأمين الاستقرار وتنفيذ القرار (2254) وتشكيل هيئة مصالحة، وحماية عملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية”، قبل أن تخرج المنصتان لنفي هذه المعلومات.

—————————–

الائتلاف:بيدرسن هادن النظام..ومجلس الأمن فشل

أعرب الائتلاف السوري المعارض عن ارتياحه لإشارة المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، إلى مسؤولية النظام السوري عن فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية، معرباً عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي يملك الآلية القانونية والشرعية اللازمة لمواجهة هذا التعطيل لأعمال اللجنة الدستورية.

وقال الائتلاف في بيان، إن “التعطيل الروسي الصيني لبيان مجلس الأمن يؤكد عجز المجلس والخلل الواضح في آليات عمله، كما أنه يحمل رسالة مكررة يجب أن يستوعبها صناع القرار، وهي أن الحل السياسي ليس خياراً بالنسبة للنظام وحلفائه بأي شكل من الأشكال، وأن إضاعة الوقت هو ما يبحث عنه”.

وكان مجلس الأمن فشل في جلسة خاصة بسوريا الثلاثاء، في الاتفاق على بيان مشترك. وحمّل دبلوماسيون في المجلس روسيا مسؤولية عرقلة المفاوضات التي أجريت للتوصل إلى البيان.

وأضاف بيان الائتلاف “إننا أمام واقع يعجز فيه مجلس الأمن عن إصدار مجرد بيان يدعم تقرير بيدرسن، رغم مهادنته الشديدة وتجنبه وضع النقاط على الحروف أو حتى تسمية الأشياء بمسمياتها، فكيف لأي طرف أن يتوقع إمكانية تنفيذ أي خطوات عملية عبر مجلس الأمن لدعم حل سياسي حقيقي”.

وأعرب البيان عن اعتقاده بأنه “لا يمكن الاستمرار في ترك الملف رهينة بيد أطراف شريكة في الإجرام، وتعيش في عالم موازٍ بحثاً عن أوهام تقوم على نشر الفوضى والخراب”.

وكانت هيئة التفاوض السورية أعلنت أنها بعثت برسالة لمجلس الأمن الدولي لتوزيعها على أعضائه ال15، تحمل تأكيداً أن نظام الأسد يقف وراء تعطيل المسار السياسي.

وقال رئيس الهيئة أنس العبدة، في منشور على صفحته “فايسبوك”، إن “الرسالة تطلب من مجلس الأمن كونه الجهة المسؤولة أممياً بالدفع لتنفيذ القرار 2254 بسلاله كافة”.

وأضاف أن الرسالة تؤكد أن “تعطيل نظام الأسد لمسار اللجنة الدستورية سيجعل من استمرار المسار على هذا الشكل صعباً، وأن استئناف الاجتماعات يتطلب وجود منهجية وآلية عمل محددة، ومدة زمنية محددة، والتزام النظام بمهام وتفويض اللجنة والبدء بخطوات الصياغة”.

————————–

أستانة “15”: إنعاش اللجنة الدستورية/ محمد شيخ يوسف

تحط رحال مسارات التسوية السياسية السورية المتعددة غير المثمرة حتى الآن، رغم انطلاقها منذ العام 2014، في اجتماعات أستانة “15” في مدينة سوتشي الروسية الأسبوع المقبل، في ظل تواصل عقدة حل الملف السوري، وسعي النظام للمضي قدما في انتخاباته الرئاسية صيف هذا العام، ونواياه المعلنة دائما لتصعيد الأوضاع الميدانية في إدلب، وتعطيله عمل اللجنة الدستورية، وبظل مواقف دولية غير ضاغطة حتى الآن، وصلت إلى حد حديث المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون أنه لا توجد خطة عمل مستقبلية حيال حل الأزمة السورية وشعوره بخيبة الأمل وضياع فرصة ثمينة، وربما هذا يتماشى مع الموقف الدولي الضبابي النابع من تولي إدارة أميركية جديدة بقيادة الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم حديثا، التي حتى الآن لم توضح موقفها حيال سوريا، بل على العكس كان هناك تحليلات بأن التعيينات الجديدة في الشخصيات المعنية بالملف الإيراني هي في اتجاه التفاهم الأميركي مع إيران حول الملف النووي، ما يطلق يدها في سوريا مجددا، فضلا عن حالة الشلل التي تصيب العالم بسبب مواجهة جائحة كورونا، ودخوله في حرب اللقاحات، والإغلاق والحظر منذ نحو عام.

الوضع الحالي الذي يسود العالم وأجواء الملف السوري في هذا التوقيت بالتحديد، يضاف له اختتام الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية قبل أسابيع دون تحقيق أي تقدم ملموس، حيث كانت تشكل هذه الجولة نقطة حاسمة لتقديم أي شيء في عمل اللجنة الدستورية وكتابة مسودة دستور جديد، تجلى ذلك في تصريح لوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل بدء الاجتماعات، بأن الجولة الخامسة ستبدأ ببحث المضامين الدستورية وفق ما تم التوافق عليه مع الجانب الروسي، ولكن عدم تحقيق أي تقدم، والتفاعل الأحادي من قبل المعارضة، واحتمالات توقف هذا المسار أيضا، وبظل غياب الدفع الدولي، جعل ممثلي الدول الضامنة يجتمعون مجددا في جنيف على وقع ما يحيط من احتمالات إعلان فشل اللجنة الدستورية وانتهاء عملها، لتقرر مواصلة دعم عمل اللجنة، والاجتماع بصيغة أستانة في الاجتماع الـ15 في مدينة سوتشي بمشاركة الدول الضامنة ووفدي النظام والمعارضة، وذلك في 16-17 من شباط الجاري وبمشاركة من المبعوث الأممي غير بيدرسون.

وبنظرة على الملفات التي يبحثها عادة المجتمعون في سوتشي، وهي غالبا ما تكون لتطبيق التعليمات التي يتلقاها المسؤولون رفيعو المستوى للبلدان الضامنة من الوزراء وزعماء الدول، فإنها تبحث عادة في اللجنة الدستورية، والتطورات الميدانية في إدلب، وملف المعتقلين، فضلا عن لقاءات تقنية وفنية، الثنائية منها والثلاثية، ومع وضع الظروف الدولية الحالية من ضبابية المواقف الدولية الضاغطة، وظروف جائحة كورونا، وعدم اعتماد الأوضاع الميدانية على تلك الاجتماعات، وانحسار موضوع ملف المعتقلين وانتقاله للبعد الإنساني، يبدو أن هذا الاجتماع سيكون عنوانه العريض هو اللجنة الدستورية ومحاولة إنعاشه بعد السكتة التي تعرضت لها في الجولة الخامسة، وعدم وضوح الموقف المستقبلي، وخلال هذا الاجتماع ستعود الدول الضامنة للحديث عن اللجنة الدستورية وآليات لحلحلة عملها وتحقيق تقدم فيها لجهة أنه مكسب سياسي تروجه روسيا أمام المجتمع الدولي، وتشارك فيه تركيا في محاولة أيضا للضغط على الدول الغربية التي ليس لها تأثير يذكر، وخاصة أميركا التي وضعت نصب عينيها شرق الفرات فقط، وتدعم قوات “قسد” في تلك المناطق، وتريد دمجهم في عمل اللجنة الدستورية في ظل رفض تركي، لأنها تتهم هذه القوات بالارتباط بتنظيمات إرهابية انفصالية وأجندتها لا توافق الأجندة الوطنية السورية، وبالتالي فإن الدول الضامنة وخاصة تركيا وروسيا ستعملان على وضع خطة جديدة لعمل اللجنة الدستورية وتسويقها دوليا.

وتستدعي هذه المحاولات بالضرورة التساؤل عن الأدوات التي تمتلكها في هذا السياق، ومن المعروف أن المجتمع الدولي سلم لتركيا وروسيا محاولة إيجاد حل لسوريا وحددت كل جهة موقفها من الحل، فتجد الدول الغربية بدعم من الدول العربية في المجموعة المصغرة، أن الحل في سوريا يبدأ بحكم انتقالي وفق القرار الأممي 2254 ولن تبدأ مرحلة إعادة الإعمار ودعمها ما لم يكن هناك بدء للمرحلة الانتقالية، والأهم بالنسبة لأوروبا هو منع مزيد من موجات اللجوء، وهو ما يدعم موقف أنقرة في إدلب وإن كان بخجل واستحياء، وأميركا لديها نفس الموقف مع اشتراطها ضم قوات “قسد” شرق الفرات لمرحلة الحل السياسي، وتركيا وضعت خطها الأحمر في إدلب وارتباطها بأمنها القومي وأزمة النزوح واللجوء، ومراعاة مطالب الشعب بالتغيير، بينما الضامنان الآخران لا يزالان يراهنان على تعويم النظام وفرض شرعيته عبر محاولات تسويق مسار أستانة والانتخابات الرئاسية المقبلة المرفوضة غربيا، وبالتالي فإن محاولات الإنعاش هذه ليست سوى محاولة لكسب الوقت للوصول إلى التفاهمات النهائية ميدانيا بين تركيا وروسيا وأميركا بالدرجة الأولى، انتقالا لمرحلة الحل السياسي.

ومن المستبعد تطرق الأطراف المجتمعة للانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، لأنه في الوضع الراهن تركيا لا تعترف بأي انتخابات من هذا القبيل وكذلك الغرب، وحتى إن طرح الضامنان الآخران هذا الموضوع، من المستبعد أن تتفاعل معه تركيا بسبب موقفها المعلن، ولن يكون هناك موقف من الجانب التركي في ظل الأوضاع الحالية الضبابية، إذ إن الموقف الأميركي يجعل كل الأطراف في موقع المحافظة على التموضع الموجود، وتغييره بناء على وضوح السياسة الجديدة، ومن المؤكد أن ملف المعتقلين سيطرح أيضا في هذا الاجتماع وستكون هناك لقاءات فنية، ولكن موضوع المعتقلين معقد وطويل بحسب ما كان يصدر عن المشرفين على الملف التابعين للصليب الأحمر الدولي، التي وجدت بأن البحث عن المعتقلين والمفقودين في الملفات الإنسانية عادة ما يأخذ وقتا طويلا من أجل الوصول لنتيجة فيها.

وفيما يتعلق بالأوضاع الميدانية، وخاصة في إدلب وشرق الفرات، فمن المستبعد حصول أي توافقات فيه خلال هذا الاجتماع لأن التحركات الميدانية الأخيرة لتركيا، ونشر نقاطها العسكرية على حدود المناطق المتبقية في إدلب، وخاصة في محور جبل الزاوية، والاستعدادات لفتح الطريق الدولي حلب- اللاذقية المعروفة بـ (M4)، بعد استكمال ضبط الطريق أمنيا، وإصلاح الطريق ليكون جاهزا لعبور القوافل التجارية، يجعله ملفا مستقلا، وأكثر ما يمكن أن يتخذ فيه هو أن يتضمن البيان دعما سياسيا للبدء في تسيير القوافل التجارية على هذا الطريق، حيث تفيد معطيات ميدانية أن الاستعدادات التركية الجارية والتواصل مع الجانب الروسي، بحاجة للقرار السياسي الأخير بين الجانبين للبدء بفتح الطريق ومسير القوافل التجارية فقط، خاصة أن تركيا عملت على تحكيم الطريق أمنيا عبر محارس وكاميرات مراقبة ونشر قوى تابعة للمعارضة على طول الطريق، منعا من حصول خروقات أمنية.

وبناء على ما تقدم فإنه من الخطأ التعويل كثيرا على اجتماع سوتشي المقبل بمخرجات ذات أهمية، وستكون هناك مناقشات عن عمل اللجنة الدستورية وينتظر أن يصدر بيان داعم لعملها طبعا مع الإشارة إلى عدم التدخل الخارجي، وربما سيكون هناك حزم من قبل المبعوث الأممي لتحديد موعد جديد لعقد جولة تكون أجندتها واضحة وتعنى بالدخول في المضامين الدستورية، والمتابع للملف منذ العام 2014، يدرك أن النظام لن يلتزم كما جرت العادة بأي اتفاقات وسيناور لكسب الوقت، وبالتالي لن يحصل خرق كبير في هذا الملف، سوى بديمومته واستمراره لمزيد من الوقت، ومن ناحية أخرى وباحتمالات أقل، قد يعلن عن فتح الطريق الدولية لحركة القوافل التجارية، وهو احتمال أقل، لأن هكذا تطور قد يحتاج إلى اجتماع رفيع أكثر على مستوى الزعماء أو وزراء الخارجية، وفي النهاية تبقى كل الاحتمالات مفتوحة في هذا الملف أيضا.

——————————

سيناريو مناف طلاس مرة أخرى في غياب البدائل بسوريا تشكيل مجلس عسكري رهين توافق روسيا وأميركا

تلقى فكرة تشكيل مجلس عسكري برئاسة العميد المنشق مناف طلاس رواجا في صفوف السوريين، الذين سئموا حالة الجمود السياسي، لكن تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع يحتاج إلى توافق دولي ولاسيما بين الولايات المتحدة وروسيا.

دمشق – عاد الحديث بقوة عن سيناريو تشكيل مجلس عسكري في سوريا يتولى نجل وزير الدفاع الراحل مصطفى طلاس، العميد مناف طلاس قيادته. ويلقى هذا الخيار القديم الجديد دعما من العديد من الأوساط والشخصيات السورية يربطه البعض بغياب بدائل كثيرة قادرة على كسر حالة الجمود السياسي الراهنة، لاسيما في ظل الفشل المزمن الذي يلاحق اللجنة الدستورية.

وفكرة تشكيل مجلس عسكري في سوريا ليست بالجديدة وسبق وأن طرحت في العام 2013 كمخرج لإنهاء الأزمة من قبل بعض المعارضين. كما اقترح المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا في وثيقة إطار لتنفيذ “بيان جنيف” تشكيل مجلس عسكري مشترك يضم المعارضة والنظام، وذلك ضمن ثلاثة أجسام تشمل إنشاء هيئة انتقالية ومؤتمر وطني.

وعلى خلاف المرات السابقة تبدو الفكرة أكثر قبولا هذه المرة، وهناك العديد من الأطراف السورية التي تتبناها وتعمل على الترويج لها، في مقابل أطراف أخرى ترى بأن هذا الطرح قد يتناقض والقرارات الأممية المعلنة بشأن التسوية السياسية وخصوصا القرار رقم 5422.

يقول المعارض السوري أيمن عبدالنور إن الحديث عن مجلس عسكري هو نتاج زخم شعبي جراء إحباط الناس من استمرار الانسداد السياسي، وسوء إدارة أشخاص غير منتخبين ولا يمثلون الشعب السوري من قوى المعارضة التي جرى وضعها من قبل الدول المنخرطة في الصراع، لا السوريين.

ويضيف عبدالنور في تصريحات لـ”العرب” أن هذا الوضع جعل الشارع السوري يتطلع لمجلس عسكري يحقق له الانتقال نحو نظام ما بعد بشار الأسد ويعيد فرض الاستقرار والأمن، وبالتالي هو فعل داخلي، ناجم عن شعور متزايد بضرورة العثور عن مخرج.

ويشير عبدالنور إلى أنه لا يوجد حتى الآن توافق دولي حول ماهية هذا المجلس العسكري، ولتطبيقه هناك حاجة لتوافق روسي أميركي لكي يتم فرضه بالقوة إذا كان خارج إطار القرار 5422.

وأثير هذا المقترح مؤخرا عبر معارضين ينتمون لمنصتي موسكو والقاهرة، كانوا طرحوا في وثيقة مكتوبة “تشكيل مجلس عسكري خلال مرحلة انتقالية يتم الاتفاق حول مدتها”. ووفق المقترح فإن المجلس يتشكل من ثلاثة أطراف “متقاعدون خدموا في حقبة الرئيس حافظ الأسد ممن كان لهم وزن عسكري واجتماعي، وضباط ما زالوا في الخدمة. وضباط منشقون لم يتورطوا في الصراع المسلح ولم يكن لهم دور في تشكيل الجماعات المسلحة”.

وحسب المقترح فإن من مهام هذا المجلس إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها وتمكينها من القضاء على الإرهاب، وتفكيك كافة الجماعات المسلحة، وجمع السلاح واستعادة سيادة الدولة على أراضيها كافة، وتسمية حكومة مؤقتة تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية التي ينص عليها دستور 2012، والدعوة لمؤتمر وطني داخل البلاد ينتج عنه جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد للبلاد.

وتشير الوثيقة إلى خروج كافة القوى الأجنبية من البلاد، باستثناء القوات الروسية التي ستعمل على مساعدة المجلس العسكري والحكومة المؤقتة في تأمين الاستقرار وتنفيذ القرار 2254 وتشكيل هيئة مصالحة، وحماية عملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية.

ويرى البعض أن روسيا قد تكون خلف تشجيع معارضين على هذه الخطوة، لاسيما في ظل إدراكها باستحالة الاستمرار على هذا النحو الذي لا يصب في مصلحتها، وكانت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، نشرت مقالا مؤخرا للصحافي السوري المعارض ياسر بدوي يتبنى فيه تشكيل مجلس عسكري “يتم بالتوافق بين الأطراف الفاعلة في سوريا، وعلى رأسها روسيا”. وفي مقاله أشار بدوي إلى أن عشائر عربية وحقوقيين وسياسيين يطالبون بتشكيل هذا المجلس وأن يرأسه مناف طلاس.

ولا يبدو اختيار العميد المنشق عن الجيش السوري اعتباطيا، فالرجل يملك من المميزات التي قد تجعله الأكثر قبولا حيث أنه ينتمي إلى الطائفة السنية التي تشكل أغلبية في سوريا، كما أنه لا يثير قلق الطائفة العلوية، إلى جانب أن الرجل لم ينخرط في أي تشكيل أو تيار منذ انشقاقه في العام 2012 وانتقاله إلى العاصمة الفرنسية باريس، وبالتالي لا يوجد عليه فيتو روسي، فضلا عن كونه يحظى بعلاقات جيدة مع العديد من القوى وسبق وأن التقى بعدد من المسؤولين الأميركيين والأتراك.

ويعد طلاس وهو من مدينة الرستن بريف حمص وحاصل على شهادة الدكتوراه بالعلوم العسكرية من موسكو عام 1994، قليل الحضور الإعلامي منذ خروجه عن الأسد، إذ يعود آخر ظهور له في مايو الماضي، حيث طرح تشكيل مجلس عسكري ضمن قرار 2254، يتولى قيادة الفترة الانتقالية.

يقول محمود الحمزة المعارض السوري المقيم في موسكو لـ”العرب” إن مناف طلاس يبدو شخصية مقبولة من قبل الكثير من ضباط الجيش النظامي وأيضا من قبل الضباط المنشقين، وهو رجل معتدل رفض قتل السورييين وحاول الدخول في مفاوضات مع المدنيين لحلحة الأمور قبل تفجر الصراع، وهذا يحسب له.

ويلفت إلى أن تسريبات كثيرة تتحدث عن أن العديد من الضباط المنشقين راسلوا العميد طلاس لتشكيل مجلس عسكري برئاسته، في ظل استشعارهم بضرورة التحرك ولعب دور لتحقيق اختراق، بعد أن جرى تهميشهم لسنوات وكانوا حرموا من المشاركة في الجيش السوري الحر جراء دخول شخصيات إسلامية وغير عسكرية هي من تولت قيادة دفة الفصائل ليتحولوا لاحقا إلى أمراء حرب.

ويستدرك الحمزة الذي يعد خبيرا في الشأن الروسي أن المجلس العسكري لا يزال مجرد فكرة لم تتبلور بعد، وأن الروس ينفون أي علاقة بهذا الطرح، لكن طبعا لا يمكن الجزم بذلك، حيث أن ما يطبخ خلف الكواليس لا يعلن عنه إلا بعد نضوجه.

ولا تبدو روسيا إلى حد الآن مستعدة للتنازل عن دعمها للرئيس بشار الأسد، ولا تزال تظهر على الأقل في العلن دعمها لإجراء الانتخابات الرئاسية في سوريا المقررة في مايو المقبل.

ويرجح المعارض أيمن عبدالنور أن يقدم الأسد على طرح ترشحه في مارس المقبل، مع أن هناك بعض الإشارات التي تعكس ترويا من بينها غياب أي مظاهر علنية تستبق هذا الإعلان، كنشر صور الأسد في الشوارع، وحتى الحملات الدعائية تبدو محتشمة وعلى نطاق ضيق.

ويرى الحمزة أن هناك تخوفا من بشار الأسد حيال الموقف الدولي الرافض له، وسبق وأن حاول جس النبض من خلال التفكير في ترشيح زوجته أسماء، حتى لا تخرج الرئاسة من جلباب العائلة، بيد أن هذا الخيار سقط في ظل وجودها ضمن قائمة العقوبات الأميركية. ويلفت إلى أن معلومات يجري تداولها عن تهيئة شخصية أمنية كبيرة كاحتياط، لكن الأرجح أن يعيد الأسد ترشيح نفسه.

العرب

——————————–

المجلس العسكري المقترح.. فرض حلٍ بقوة العسكرة/ مروان الأطرش

ليت هذا المجلس المقترح يتم عبر قوة وقرار دولي حيادي يؤمن تنفيذه.

يُقدم على أنه الحل الأمثل في ظروف ضياع وتمزق المعارضة والوطن.

تشكيلته ستكون بضرورة الأمر الواقع عبر تجمع:

– ضباط للنظام يسيطرون ويديرون قوات مسلحة منظمة ومكاتب أمنية منتشرة.

– ضباط وقوات مسلحة لقسد تسيطر على الجزيرة بالقوة بعد أن عبر ناطقهم الرسمي عن قبولهم لهذه المبادرة.

– ضباط ومنظمات مسلحة تلعب فيها تركيا الدور الأكبر.

– ضباط وقوات تحت سيطرة روسيا كالفرقة الخامسة.

– ضباط منشقون ليس لديهم قوة فعلية في الداخل خصوصاً.

قد ينضم لهذا المجلس العسكري بعض المدنيين من معارضة ومستقلين كي يكون للجانب المدني دور فيه.

جانب مدني يملك الحس والتطلع الوطني للخلاص لا أكثر. نظراً لغياب التنظيمات الشعبية وفشل المعارضات وفقدان الثقة واللحمة مع أبناء الوطن، في الداخل خصوصاً، التي تمثل السند الجماهيري الحقيقي لأية تطلعات أو مفاوضات والقوة التي يمكنها تصحيح المسار الخاطئ.

هذا المجلس العسكري، نظراً لطبيعة تركيبته، يحمل في أحشائه عوامل انفجار مفروضة تنطلق مما يسمى البدء من الأمر الواقع.

أي تجمع قوى يدافع أكثرها، بالضرورة، عن هذا الأمر الواقع وعن مكاسبها الحالية تحت مسمى الخلاص. هو ما دفع ويدفع قسد لقبوله انطلاقاً من استمرارية سيطرتها، عبر سلطة الأمر الواقع، على المناطق التي تتحكم فيها.

أمر يمكن سحبه على المناطق الأخرى التي تديرها عملياً قوى تسيطر الآن على أجزاء أخرى من سورية.

علماً بأن المحرك الأقوى والفعال لديهم كلهم هي القوى الأجنبية ومصالحها.

كما علينا أن نأخذ بالاعتبار أن الانطلاق من الأمر الواقع العسكري أدى تاريخياً إلى تقسيمات أُنشأت عبرها كيانات ودول وقُسمت أوطان.

هنا يبرز سؤال يفرض نفسه:

– ماهي عوامل القوة الذاتية التي تملكها هذه التشكيلة؟.

– هل ستعمل من أجل الوطن والشعب الواحد، أم لشكلٍ ما من (دولة دويلات) يتحكم فيها هذا الخليط وتشارك في صنعه قوى الاحتلال.

– ماهي القاعدة الشعبية التي تساندها فيما يمكن أن تقرره وهل ستستمر عندما تدفعها وتضطرها الظروف والمصلحة الوطنية لاتخاذ قرارات تناقض المصالح الذاتية لتشكيلاتها. مثل إلغاء القوى الأمنية والتنظيمات المسلحة (الرسمية) وإعادة هيكلتها، والتنظيمات العسكرية الأخرى الموجودة في مناطق مختلفة. بحيث تكون قوى مسلحة وطنية بعيدة عن التأثير/التحكم بالقرار السياسي الذي عودتنا عليه العسكرة؟؟

تبدو هذه الخطوة في ظاهرها طريقاً للخلاص، مثلها مثل الدعوة لمؤتمر وطني، وكلاهما مُسقط من الأعلى.

كما يبدو واضحاً تجاهلها للدور الأساس للقوى الأجنبية المحتلة في صنع القرار. متناسية أنها تحاك وتُطرح وتنْطلق من اجتماعات تتم عند دولة روسيا المحتلة.

إن أية مبادرة لا تملك إمكانية إسقاط نظام الأسد أولاً كمدخل أساسي للتغيير هي خوض في فراغ اللاقرار الذي تقف عنده القوى الدولية والإقليمية التي مازالت تتنازع على المكاسب حيث لا منتصر بينها يحسم الأمر لصالحه، نزاع يمثله الوجود الإيراني والروسي والتركي والأمريكي الحاضر الغائب.. فالطبخة لم تنضج بعد.

قد يقول بعضهم إن أي توافق عام سيؤدي إلى انهيار النظام. هذه الفرضية لا يحدوها سوى الأمل والتطلعات الصادقة، نظراً لطبيعة النظام المجرم الذي عرفناه وتقاطع المصالح الخارجية.

هذا النظام لا يصلح ولا يمكن إصلاحه ذاتياً.

كما أن هذا المشروع يقفز فوق حالة التمزق الاجتماعي لأبناء الوطن، والدمار الواضح للدولة كلها ومسؤولية من كان السبب في ذلك نظاماً كان أم حركات مسلحة، إنه محاولة (إنقاذ) يشترك فيه القاتل والمقتول والمحتل ومن يحتله. هو في النهاية، شراكة مع النظام قد تُوقف الموت والدمار مؤقتاً لكنها تبرئ إجرامه في النهاية ويغيب عنها أفق الوطن والشعب الواحد نظراً لطبيعة تركيبتها المنطلقة من التحكم في الأمر الواقع على أجزاء الوطن.

كل هذا حين لا تثبت بوضوح ماهية العدالة الانتقالية ومحاسبة من أجرم بحق الوطن وأبنائه وآليات التحول نحو الديموقراطية والعدالة والموقف من الاحتلالات المركبة.

نحن بحاجة إلى مشروع وطني شامل للإنقاذ يضع نصب عينيه وحدة الوطن والشعب وأن تغلب المصلحة الوطنية العامة على المصالح الجزئية الذاتية التي تبرز واضحة في هذا المشروع الذي يقوده ممثلون للنظام وممثلون يسيطرون بالقوة على مناطق من وطننا عبر الدعم الخارجي وسياسة الأمر الواقع.

إن أية مبادرة لا تستند إلى قاعدة شعبية تدعمها وتحميها تبقى معرضة لقرارات ومصالح القوى المهيمنة.

وهو ما عشناه ونعيشه حين لجأنا واعتمدنا كلياً على مفاوضات وقرارات دولية مُتبدلة جرتنا، بدءاً من جنيف وانتهت بنا إلى لجنة الدستور.

المعركة طويلة تدعونا إلى تأسيس وترابط قواعد شعبية أولاً تؤمن مسيرة التغيير.

————————

========================

تحديث 14 شباط 2021

————————–

هل ينجح مسار”المجلس العسكري”؟/ حازم نهار

تعدّ العلاقة بين المدني والعسكري موضوعًا ذا أهمية خاصة في بلدان المنطقة، خصوصًا ما بعد عام 2010، بحكم ما كان لهذه العلاقة من دور رئيس في تحديد طبيعة الانتقال السياسي بعد الثورات والتحكم فيه. في سورية، عادت مؤخرًا فكرة تشكيل مجلس عسكري سوري إلى السطح، بعد وصول “اللجنة الدستورية” إلى طريق مسدود، وهي كفكرة ليست نافلة أو مستنكرة، لكن المشكلة تكمن في عقلنا التجريبي؛ فشل المسار السياسي فلنجرب العسكري، وفي عقلنا الإحلالي؛ نتعامل مع الأفكار والمسارات وكأن كلًا منها يطرد الأفكار والمسارات الأخرى، مع أن الأفكار والمسارات كلها يمكن أن تتعايش معًا، بل ويمكن أن تتكامل.

في الحقيقة، إن غياب هذا المسار طوال المدة الماضية هو الذي يشير فعلًا إلى وجود مشكلة، أو إلى عدم جدية الدول في إيجاد حل للوضع السوري؛ ففي سورية، تشكل عملية إعادة بناء الجيش جزءًا مركزيًا من إعادة بناء الدولة، وأي حل لا تكون فيه إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية في مركزه لا يعتد به، وسيبقى حبرًا على ورق. لذلك، فإن المجلس العسكري، وفق الصيغة النظرية المطروحة، هو أداة عملية لضمان تنفيذ القرار 2254، وحماية المرحلة الانتقالية، وإخراج الجيوش الأجنبية، وضمان سلامة الأرض السورية، وليس مشروع حكم عسكري، لكن يبقى السؤال المهم هو هل يمكن تشكيل مجلس عسكري فعلًا، وفي حال تشكيله هل يستطيع إنجاز هذه المهمات؟

لقد أثارت الفكرة، المجلس العسكري والمسار العسكري، حفيظة البعض، بما أطلقوا عليه العودة إلى “هيمنة العسكر على السياسة”. في الحقيقة، هناك مشكلة كبيرة عندما تهيمن الشعارات والمقولات على العقل السياسي؛ فالمعترضون يتعاملون مع الفكرة وكأن السياسة بألف خير، وجاء العسكر أخيرًا ليسيطروا عليها، ويزيحوا السياسيين. آثار العسكر على السياسة والحياة المدنية معروفة، لكن في الحالة السورية، هذا الأمر يشبه من يعطي المورفين لمريض السرطان؛ المورفين خطر، لكن السرطان أخطر. المجلس العسكري قد يكون خطرًا، لكن حال سورية اليوم أخطر كثيرًا، لذلك لا ينبغي للاعتراض على المجلس العسكري أن يأتي من هذه الزاوية.

لعل أحد أسباب استمرار العسكر في التأثير هو انقسام النخب والقوى السياسية، وعدم وجود إجماع وطني على إخراج الجيش من السياسة، وعدم وجود بديل سياسي وطني يُعتمد عليه، فالجيش لا ينسحب في حال كان البديل السياسي هشًا. وعادة ما تتأثر علاقة العسكري بالسياسي، خلال المرحلة الانتقالية، بعدد من العوامل؛ شرعية وقوة الحكم السياسي، درجة توافق القوى السياسية على مسألة إبعاد العسكر عن السياسة، طريقة إزاحة العسكر عن السياسة من حيث كونها سريعة أم تدريجية، وجود تهديدات وأخطار خارجية جدية، علاقات القيادات العسكرية بالدول الإقليمية والكبرى، حالة الجيش من الداخل من حيث توحده أو انقسامه، فاعلية أو عدم فاعلية قنوات الحوار بين السياسيين والعسكريين. لذلك، فإن أهم مسألة ينبغي التركيز عليها، تفكيرًا وعملًا، في المرحلة الانتقالية، هي إيجاد بديل سياسي وطني ديمقراطي قادر على استلام السلطة من العسكر، وليس الدخول في صراع معهم.

من حيث الرأي والموقف، أهلًا بالعسكر في هذه اللحظة، ولمدة محددة، إن كانوا يستطيعون فعلًا إخراج سورية من مأزقها، لكن من حيث التحليل وقراءة المستقبل أقول لن تبصر فكرة تشكيل مجلس عسكري النور أيضًا؛ لن يُشكَّل أصلًا. فكل الطرق، السياسية والعسكرية، تبدأ وتنتهي بعقدة رأس النظام؛ توهّم بعضنا أن “اللجنة الدستورية” ستحل هذه العقدة أو تقفز فوقها، واليوم يتوهم بعضنا أيضًا أن “المجلس العسكري” سيحلها بعد جمود الدستورية. كل الطرق تؤدي إلى روما، وروما هنا هي رأس النظام. ما دامت هذه النقطة من دون حلٍّ أو توافق حولها، دولي وداخلي، ستكون الطرق الأخرى كلها مغلقة، ولن تكون أكثر من لعبة يتسلّى بها الدبلوماسيون والمعارضون والعاملون في أروقة الأمم المتحدة. حل هذه العقدة أو التوافق حولها شرط لازم، لكنه غير كافٍ بالطبع.

هناك عوامل وعناصر عديدة ستؤدي إلى فشل عملية تشكيل المجلس العسكري؛ سيُشكَّل المجلس بتدخلات دولية متضاربة ويفني بعضها بعضًا، هناك قوى داخل النظام السياسي السوري ستدمر أي سعي في هذا الاتجاه، القيادات العسكرية المعارضة لا توازي شخصيات النظام في القوة والدور والتأثير، القوى داخل الجيش مشتتة ومقسمة طائفيًا بعد عقد من الصراع، وجود قوى عسكرية داخل الجيش وعلى جوانبه ليس لديها مصلحة في تشكيل مجلس عسكري وإعادة بناء الجيش، وجود قوى عسكرية موالية ومعارضة على هيئة ميليشيات خارج الجيش… إلخ. لذلك إذا قالت لكم دولة ما إنها موافقة على تشكيل مجلس عسكري، فلا تصدقوها.

إن إعادة تشكيل جيش وطني موحّد ستكون رهينة صراعات أساسية بين القوى السياسية والاجتماعية المختلفة من جهة، وفي ما بين الدول الإقليمية والعالمية من جهة ثانية. إسرائيل مثلًا، تريد جيشًا صغيرًا قادرًا على ضبط الحدود، ويبتعد من دعم حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وتركيا تريد جيشًا قادرًا على الوقوف في وجه القوى الكردية المسلحة في شمال سورية، وسترغب في الوقت ذاته في إدماج بعض القوى العسكرية المعارضة الموالية لها في الجيش السوري، وإيران ترغب في أن يكون الجيش أقرب إلى ميليشيا تحركه عندما تريد أو تدمج فيه ميليشياتها وعناصرها.

عندما يُسأل السؤال المنطقي: من الذي سيشكِّل المجلس العسكري؟ سيكون الجواب المنطقي: التوافق بين الأطراف الإقليمية والدولية، والسورية. إذا اشتُرط التوافق على أسماء المجلس العسكري، ربما لن نجد سوى حفنة من الأسماء التي ستحظى بالتوافق، لكنها غير مؤثرة، وغير قادرة على أداء أي دور، وإذا وُضع شرط عدم ارتكاب الجرائم والفساد عند اختيار شخصيات المجلس العسكري، فستضيق الدائرة جدًا.

بعد الثورة السورية، حدثت انشقاقات على الجيش في أماكن ومستويات مختلفة، لكن لم تحدث حالة انشقاق واحدة لكتيبة أو سرية أو لواء أو فرقة عسكرية بكاملها، فهذه الخطوة تحتاج إلى تضافر وتعاون ضباط من رتب مختلفة، فيما الواقع يقول إن قطاع الضباط بقي في معظمه إلى جانب النظام، ولا تكفي المقاربات والتحليلات الطائفية لتركيبة الجيش لتفسير هذه النقطة. في المرحلة الانتقالية، لا بدّ من توفير ضمانات حقيقية تطمئن الجيش، وتوفر حدًا مقبولًا من العيش لأفراده، ورسائل تؤكد على تبديد مخاوفهم من أن يكونوا ضحايا أي تغيير سياسي، وتوفير ما يلزم لدعم احترافية المؤسسة العسكرية، ويشجعها على التركيز على مهماتها الرئيسية، وإلى جانب ذلك، لا يكتمل هذا التوجه من دون تقوية قوات الشرطة لتحل محل الجيش في حفظ الأمن الداخلي، وسيكون ناقصًا أيضًا من دون بناء سلك قضائي نزيه وعادل أيضًا. ما أقصده هو أن المسارات كلها مرتبطة ببعضها بعضًا، ولا يتوقع النجاح لأي منها بمعزل عن الأخريات.

بعد الثورات، سرعان ما خرج السياسيون والمدنيون والناشطون من الساحة فعليًا، بحكم غياب التنظيمات القوية، الأحزاب والمنظمات المدنية، وغياب شبكات اجتماعية فعلية. يتمثل العنصر الحاسم اليوم بضرورة التفكير الجدي في ملء الفراغ السياسي، فلكي نخرج من الصراع الدائر، ومن الصراع السياسي العسكري، والصراع بين الإسلام السياسي والعسكر، لا بدّ من بناء البديل السياسي القوي، وهذا يحتاج أولًا وأخيرًا إلى قوى سياسية وطنية ديمقراطية قوية، علمانية وإسلامية، تعتمد مفهوم الدولة الوظيفية والمحايدة عنصرًا جامعًا في الخطاب والأداء السياسيين. هنا مربط الفرس، وضمانة المستقبل.

كل المسارات المطروحة علينا مسدودة، الدستورية والسياسية والعسكرية، ولا يمكن فعل شيء بشأنها إلى حين حدوث اتفاق دولي إقليمي. هل نستسلم؟ لا، لنتعامل مع هذه المسارات بوصفها لعبة لا أكثر، تمامًا كما يتعامل النظام معها، لكن في المقابل ينبغي عدم وضع البيض كله في سلة هذه المسارات. البيض، كل البيض، ينبغي أن يوضع في سلة بناء قوى سياسية جديدة، فهذا وحده الأجدى والأبقى، من أجل سورية ومن أجلنا.

المدن

—————————

مجلس عسكري لمصلحة مَن؟/ عبسي سميسم

عاد موضوع إنشاء مجلس عسكري من المعارضة السورية والنظام ليقود مرحلة انتقالية في سورية إلى الواجهة من جديد عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، إذ طُرح مجدداً اسم مناف طلاس، ابن وزير الدفاع السوري الأسبق مصطفى طلاس، كقائد محتمل لهذا المجلس، من دون أن يصدر منه أي تصريح يؤكد أو ينفي هذا الموضوع، الذي تم طرحه مراراً منذ بدايات الثورة السورية، مع تبدّل الأسماء المقدمة لقيادة هذا المجلس.

على الرغم من أن صدور قرار مجلس الأمن رقم 2254 لعام 2016، الذي حدد طريق الحل السياسي في سورية من خلال هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، هو بمثابة إلغاء لفكرة إنشاء مجلس عسكري يضم ضباطاً من المعارضة والنظام ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريين، لكن طرح المجلس يعود في وقت سُد فيه أفق الحل السياسي وفق قرار مجلس الأمن، ووفق مرجعية جنيف، مع إعلان المبعوث الأممي غير بيدرسن فشله في تحقيق أي تقدّم في هذا المسار. هذا الطرح في هذه الظروف يخدم بالدرجة الأولى التوجّه الروسي الذي يسيطر على الجانب العسكري في سورية بشكل عام، والذي لا يزال يسعى لإيجاد حل، سواء من خلال الحسم العسكري وتمكين النظام من السيطرة بالقوة على معظم الأراضي السورية، أو من خلال المسارات التي ابتدعها، وخصوصاً مسار أستانة الذي يتمثل فيه العسكر بشكل رئيسي، والذي عمل من خلاله على تمكين النظام من فرض سيطرته على كل مناطق خفض التصعيد عدا جزء من المنطقة الرابعة “محافظة إدلب”. كل ذلك بهدف تقوية موقف النظام التفاوضي وضمان الوصول إلى حل نهائي في سورية من خلال إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية للنظام التي يهيمن عليها الروس بشكل شبه كامل.

بالتالي، فإن أي حل في سورية من خلال إنشاء مجلس عسكري كبديل لمرجعية جنيف، سيمكّن الروس من الهيمنة على قراراته، وفرض حل وفق رؤيتهم التي تقوم على إعادة تأهيل النظام نفسه، خصوصاً أن الدول الأخرى المتدخلة والفاعلة في الملف السوري وتحديداً الولايات المتحدة لن تكون لديها أدوات تحكّم كافية بأي مجلس عسكري يمكن أن يُشكل وفق الرؤية المطروحة. هذا الأمر يجعل من فكرة إنشاء هكذا مجلس مرفوضة من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، التي على الرغم من عدم ممارستها الضغط الكافي على النظام من أجل تحقيق تقدّم في مسار مفاوضات جنيف، إلا أنها لا تزال متمسكة بهذا المسار كخيار وحيد للحل في سورية. هذه العوامل تجعل من المستبعد إنشاء مجلس عسكري في الوقت الحالي، على الرغم من كل اللغط الذي يدور حوله وكل الترويج الإعلامي الذي يحاول إظهار مجلس كهذا كمخرج للسوريين.

العربي الجديد

——————

طريق دمشق المعبد بالمجلس العسكري/ محمد صبرا

يطل علينا “الواقعيون الجدد” في كل فترة بخطاب جديد، يلبس لبوس الحرص على رفع معاناة السوريين ورد المظالم عنهم، والبحث عن سبيل للخروج من هذه المقتلة السورية الممتدة منذ عشر سنين، و”الواقعيون الجدد” بكل أنواعهم وألوان أعلام الدول التي يستظلون بها، لا يعرفون من الواقعية سوى بضع جمل يكررونها بإيقاع عربي فصيح ليثبتوا أنهم على جادة الصواب وأن سواهم مجرد حالم أو مغامر أو منفصل عن الواقع.

جميع المتذرعين الجدد بالواقعية في المعارضة، يكررون المقولات نفسها، وهي مقولات ظاهرها الفهم العميق للسياسات الدولية وتشابكها واصطدام استراتيجياتها، وباطنها عجزهم الذي لا يريدون أن يعترفوا به، وهو عجز مقيم في بنية تفكيرهم وينعكس في نظرة الاستعلائية عن الشعب السوري، مقولات من مثل “أن القضية السورية خرجت من أيدي السوريين”، وأن “الحل في سوريا لا يمكن أن يمر سوى عبر تفاهمات الدول”، بعضهم يعني بكلمة الدول روسيا تحديدا، وبعضهم الآخر أميركا أو تركيا أو السعودية أو قطر أو حتى  إسرائيل، لكنهم جميعا وبغض النظر عن جملهم الأنيقة الموزونة التي تتمختر بعمق فهمهم للسياسة الدولية، يقعون في تناقض أساسي، فهم من ناحية يزعمون أن هدفهم تحقيق آمال وتطلعات السوريين وتنفيذ أهداف ثورتهم، وفي الوقت ذاته يذهبون للقول أن الرهان هو على تفاهمات الدول وما ستتفق عليه من حلول.

التناقض أيضا بين القول “إن جوهر الحدث السوري هو ثورة شعبية تريد الخلاص من منظومة استبداد مجرمة”، والقول إن الحل ليس بيد السوريين، وهذا في الحقيقة ليس سوى تعبير عن الاستقالة من الوطنية السورية وهو أيضا استخفاف بحجم تضحيات وصبر ونضال السوريين الذي لم يشهد له التاريخ مثيلا.

أسوأ أنواع “الواقعيون الجدد” هم “واقعيو موسكو”، أولئك الذين يصرون على الذهاب في طريق هذه الدولة المجرمة التي يفتخر زعيمها بتجريب مئات أنواع الأسلحة الحديثة على رؤوس السوريين وفي حقل رماية “رخيص وغير مكلف” على حد تعبيره، هذه الدولة التي حطم طيرانها الحربي عشرات المدن والقرى السورية على رؤوس أصحابها، وقتل منذ تدخلها أكثر من مئة وعشرين ألف مدني سوري باعتراف مسؤوليها الذين يفتخرون بعملهم المجرم هذا واصفين القتلى بأنهم “إرهابيون”، ثم يأتي الواقعيون هؤلاء للحديث عن ضرورة الحوار مع موسكو، فهي التي تملك مفاتيح دمشق وهي القادرة على طرح الحلول وترتيبها، ويتهمون كل من سواهم بالعبثية والطوباوية، وكأن الواقعية فقط هي في احتضان الجزار والخضوع أمام المجرم، وهذا أمر ربما لم يشهد له التاريخ مثيلا، أن تقوم دولة بذبح شعبك، ثم تراهن على هذه الدولة بأنها ستأتي لك بالخير، وقد يكون من الجدير التذكير أن هؤلاء لم تنبت واقعيتهم الآن وبعد تغير الظروف، بل كانت واقعيتهم بادية منذ أول يوم من أيام الثورة، فهم أصلا لا يؤمنون بإرادة الشعوب ولا بحقها في أن تقول كلمتها، ولذلك عملوا منذ اليوم الأول على بث هذه الروح الانهزامية والقول بأن نظام بشار عصي عن الاقتلاع من دون تفاهمات بين الدول، وهم بهذا الطرح يلتقون من حيث لا يدرون مع سردية النظام على توصيف الحدث السوري والذي يزعم فيه أنه مجرد مؤامرة دولية عليه.

لقد ذهب بعض “الواقعيون الجدد” إلى موسكو فامتلأت غرف التواصل الاجتماعي السورية بثرثرات وتحليلات وصلت إلى حد تورط صحيفة عربية يفترض أنها رصينة في تحليل ما حدث في موسكو، خاصة لما قيل عن فكرة تشكيل مجلس عسكري والذي للأسف بات حديث الطبقة السياسية العاجزة والتي لا تجد ما تفعله سوى لوك التحليلات والجمل المفخمة والمطعمة ببعض المصطلحات السياسية.

ولم يخبرنا “واقعيو موسكو” ما الذي يريده الروس، وما الذي قالوه لهم، مع العلم أن رصدا بسيطا لمسار الديبلوماسية الروسية يخبرنا بالكثير، فروسيا تعمل الآن على تنفيذ خطوتين، هما:

    الخطوة الأولى: إعلان أن العملية السياسية قد ماتت وأنه لا مجال لتنفيذ خطوات القرار 2254، وهذه الخطوة تجد استجابة كبيرة في أوساط “واقعيو موسكو” و”الواقعيون الجدد” عموما المتلحفين بأعلام الدول المختلفة، وبتنا نسمع كلاما مختلفا منهم يقول: “بأن هيئة الحكم الانتقالي لم تعد ممكنة، وأن الظروف تجاوزت القرار الدولي وآلية تنفيذه، وأن النظام لا يمكن أن ينخرط بعملية سياسية جادة” ولذلك يجب البحث عن وسائل أخرى ومنها مثلا تشكيل مجلس عسكري من المعارضة والنظام… إلخ هذه الطروحات.

    الخطوة الثانية التي تريدها موسكو، هو نقل العملية السياسية من جنيف إلى دمشق أي إنهاء كل المرجعيات الدولية وتحويل هذه العملية لمجرد حوار سوري – سوري يحتضنه بشار الأسد ويشرف عليه، فموسكو لا تفكر سوى بطريقة لإقناع إدارة بايدن بتخفيف العقوبات على بشار ونظامه، ولذلك تبحث عن حصان طروادة يذهب إلى دمشق لتقول لإدارة بايدن أن هناك عملية سياسية تجري في دمشق وحتى تثمر علينا أن نقدم بعض الجوائز لبشار.

هذا هدف موسكو الذي يعرفه جيدا كل أنواع “الواقعيون الجدد”، من واقعيي أستانة إلى واقعيي اللجنة الدستورية، وواقعيي الائتلاف الوطني واستطالاته العديدة التي بات همها فقط أن تتكيف مع مصالح الدول وتقدم لهم المقترحات المريحة لتنفيذ أجنداتها بأرخص الأثمان، وكأن عشقهم للهزيمة يدفعهم لرفع الكلفة عن الدول التي تريد تحقيق مصالحها في سوريا.

” واقعيو موسكو” وغيرهم من الواقعيين لا يقولون سوى نصف الحقيقة، فهم تحدثوا أن واحدا منهم اقترح على الروس موضوع المجلس العسكري، لكنه لم يقل في أي سياق قدم هذا الاقتراح، ولم يقل أن الاقتراح كان مجرد تساؤل عن الضمانات التي يمكن تقديمها ليذهبوا في طريق دمشق، ولم يقل أن الروس لم يقدموا أي ضمانات بل اكتفوا بالقول إن الآوان قد حان لفتح حوار مباشر بين النظام والمعارضة بعيدا عن الأمم المتحدة وعملية جنيف، ولذلك سأل أحدهم عن آلية تحييد جيش النظام وأجهزته الأمنية وهل يمكن تصور مجلس عسكري يضمن هذا الأمر ويسمح لهم بحرية الحركة في دمشق، وسكتت موسكو ولم تجب فتورط كثيرون بنسج أوهام حول موضوع المجلس العسكري وضرورته وتحليل من ورائه ومن يدعمه وغير ذلك من تفكير رغبوي وأوهام لا تفضح سوى حالة عجز الطبقة السياسية السورية وتهافتها المريع، وتنازلها عن دورها المفترض بالتمسك بقرارات الشرعية الدولية فقط لا غير من دون بطولات أو تقديم تضحيات.

نصف الحقيقة تضليل أسوأ من الكذب بل هي الخداع المهين، ولاسيما إذا كان هذا الخداع تحت عنوان وشعار رفع المعاناة عن السوريين، متناسين أن هؤلاء السوريين ليسوا مجرد ضحايا حرب همجية شنها نظام مجرم ودولتان مارقتان بل هؤلاء ثوار ضحوا وقدموا دماءهم وممتلكاتهم من أجل نيل الحرية والخلاص التي لا يمكن أن تأتي من بوابات الدول، ولا من الابتسامات مع وزراء الخارجية، فخلاصنا كسوريين أن نعود إلى سوريتنا وأن نؤمن أن شعبنا وإرادته فوق إرادة كل الدول، وأن من يفهم السياسة كعمل في غرف الانتظار في السفارات يجب أن يلفظه الشعب، فالسياسة هي القدرة على تنظيم قوى الناس وتوجيهها نحو الهدف الذي ثاروا من أجله وليس بيع تضحياتهم على مذابح مصالح هذه الدولة أو تلك، والتنازل عن قرارات الأمم المتحدة تحت عنوان الواقعية والمرونة وتغير الظروف هو تنازل ممن لا يملك هذا الحق، لأن القرارات الدولية ملك للسوريين وهي نتيجة تضحياتهم ولم تكن في يوم من الأيام نتيجة ابتسامات هؤلاء للكاميرات في صورهم مع وزراء الخارجية.

تلفزيون سوريا

——————————-

 مجلس عسكري سوري انتقالي.. واللعب خارج القرار “2254” / أسامة آغي

الإحاطة التي قدمها غير بيدرسون لمجلس الأمن الدولي في 9 من شباط الحالي، ليست على غير صلة بما سُمّي اقتراح تشكيل مجلس عسكري انتقالي في سوريا.

الإحاطة أوضحت أن وفد النظام لم يتعامل بإيجابية مع جدول أعمال الدورة الخامسة، الذي يتعلق بمناقشة موضوعات ومبادئ دستورية، وهو أمر قد يفسّر طرح مقترح من قبل منصة “موسكو” مع السيد جمال سليمان، بخصوص تشكيل مجلس عسكري انتقالي، بمساعدة روسيا.

صحيفة “الشرق الأوسط” نشرت مقالًا لكاتبها إبراهيم الحميدي، يؤكد فيه وجود نسخة من هذا المقترح، رغم نفي مهند دليقان عضو منصة “موسكو” وجود مقترح كهذا.

النفي هنا لا يقدّم ولا يؤخر، فقد نشر الصحفي ياسر بدوي ما يشبه ذلك في صحيفة روسية هي “نيزافيسيمايا غازيتا”، وبذلك يمكننا القول، إن قراءة المقترح المنشور يجعلنا نقول عنه إنه يقع عمليًا خارج مربع الحل الدولي وفق القرار “2254”، فهذا المقترح يقفز فعليًا خارج مضامين القرارات الدولية، المعنية بالصراع السوري، وينسف عمل “هيئة التفاوض السورية”، واللجنة الدستورية، وهما هيئتان أقرت بشرعيتهما الأمم المتحدة، وشُكّلتا وفق ضوابط تخدم تنفيذ القرار الدولي المذكور.

فما الغاية والأهداف من وراء مقترح كهذا، وتحديدًا في هذه المرحلة بالذات؟ وهل بالإمكان أن يصبح له ساقان، يمشي بواسطتهما، في ظل تعطّل تنفيذ القرار “2254”؟

القرار “2254” الذي أقرته الأمم المتحدة، في 18 من كانون الأول 2015، هو قرار صدر بالإجماع، ووقّعت عليه روسيا، وبالتالي ينبغي تنفيذه، لأنه قرار قادر على إنهاء الكارثة السورية، التي تسبّب بها النظام، نتيجة رفضه تقديم إصلاحات سياسية في المرحلة الأولى من الثورة السورية.

إن اقتراح تشكيل مجلس عسكري انتقالي، يعني الاستمرار بمنح العسكر دورًا في حكم سوريا، ويعني أيضًا مسح ذاكرتنا السورية مما تركه حكم العسكر من مساوئ على الأصعدة كافة، وإن بصورة انتقالية، وهذا احتقار حقيقي لتضحيات الشعب السوري الكبرى، لأنه يتجاهل مطالبه بدولة مدنية ديمقراطية تعددية، في وقت ينص القرار الدولي على هذا الحق، من خلال تشكيل هيئة حاكمة انتقالية من كل الأطراف، وخارج مشاركة أي جهة تلوثت يداها بالدم السوري، وأولاها حلقة الحكم الحالية.

هناك من يريد أن يتغافل عن تنفيذ القرار “2254”، وذلك بأن يستبدل به فكرة تشكيل مجلس عسكري انتقالي، يقود البلاد وفق دستور بشار الأسد لعام 2012، وتنتقل إليه صلاحيات الرئاسة والحكومة، وهو بذلك يدعو، دون أن يعلن، إلى نسيان دور “هيئة التفاوض السورية” واللجنة الدستورية، وعمل الأخيرة بما يخصّ وضع مسوّدة دستور جديد للبلاد، يتم التوافق عليها بوساطة الأمم المتحدة.

إن الدعوة إلى تشكيل المجلس العسكري من ثلاثة أطراف هي: متقاعدون خدموا في حقبة حافظ الأسد، وضباط ما زالوا في الخدمة، وضباط منشقون لم يتورطوا في الصراع السوري، هي دعوة تريد إضفاء صفة الشرعية على قوات جيش النظام، في حين يتحمل هذا الجيش بصورته الحالية والمقترحة مسؤولية ما لحق بالبلاد والعباد من جرائم مختلفة.

إن المقترح المذكور ينسف جوهر القرارات الدولية، بما فيها محاسبة مرتكبي جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، ويريد أن يقول، إن الأمم المتحدة عاجزة عن تنفيذ قراراتها الخاصة بالصراع السوري. والأغرب من ذلك، أنه يطالب بإخراج القوى الأجنبية كافة من البلاد، ويستثنى من ذلك القوات الروسية، التي يعتقد أصحاب المقترح أنها تعمل على مساعدة المجلس العسكري و”الحكومة المؤقتة”، في تأمين الاستقرار وتنفيذ القرار “2254”، وتشكيل “هيئة مصالحة”، وهذا يعتبر إغفالًا متعمدًا للدور الروسي في ارتكاب جرائم بحق المدنيين السوريين، من خلال قتلهم عبر القصف بالطائرات، أو بالصواريخ العابرة، وعبر تهجيرهم بالقوّة عن قراهم وبلداتهم ومدنهم.

لكن هناك الأهم من كل ذلك، إذ إن فكرة تشكيل مجلس عسكري انتقالي تحتاج إلى توافقات دولية بين الروس والغرب، وهذه التوافقات لا تزال بعيدة، فالولايات المتحدة الأمريكية، ومعها دول الغرب الأوروبي، تصرّ على أن قاعدة الحل في سوريا هي تنفيذ مضمون القرار الدولي “2254”، وأن تشكيل هذا المجلس لا يقع ضمن حيّز مضمونه.

إن هذا المقترح، هو مقترح يمرّر المشروع الروسي، الذي بدأ بـ”أستانة” ثم “سوتشي”، كي يلتف على القرارات الدولية الخاصة بالصراع السوري (بيان جنيف 1 لعام 2012، والقرار 2118 لعام 2013، والقرار 2254 لعام 2015).

ولكن هناك أسئلة لم يجب عنها المقترح، مثل: هل يقبل نظام بشار الأسد بتشكيل مجلس عسكري لا يكون على رأسه؟ وهو يعرف أن تشكيل مجلس كهذا سيطيح بحكمه؟ وكيف يمكن أن نقرأ إصرار النظام على تنفيذ انتخاباته المزوّرة، التي لا تزال موسكو تؤيدها؟ أليس طرح مقترحات كهذه يراد منه شقّ صف المعارضة تحت مضمون سياسي يقول: إن روسيا هي من تملك أوراق الحلّ والربط في الصراع السوري؟

إن الدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري انتقالي في هذه المرحلة، هي دعوة الغاية منها صرف النظر عن إفشال الروس والنظام وإيران مفاوضات اللجنة الدستورية، بغية كسب الوقت لتمرير انتخابات مزوّرة، تفرض من جديد استمرار حكم بشار الأسد.

هذه الدعوة لا قيمة لها أمام إصرار المجتمع الدولي على تحميل نظام الأسد مسؤولية إفشال مفاوضات “جنيف”، إذ صدر بيان غربي يحمل تواقيع خمس دول غربية، من بينها فرنسا وألمانيا وبلجيكا، وكذلك هناك مواقف واضحة للولايات المتحدة من موضوع انتخابات الرئاسة، التي ينوي نظام الأسد إجراءها، إذ يعتبر الأمريكيون هذه الانتخابات مسرحية هزلية.

بقي أن نقول، إن الحل السياسي للصراع في سوريا لن يستقيم دون إقرار حقوق الشعب السوري، التي خرج بتظاهراته السلمية من أجلها، وتحديدًا حقه بحكم نفسه بنفسه عبر صناديق اقتراع، في انتخابات نزيهة، وبإشراف دولي تام، من أجل أن يستبدل بنية نظام حكم مدني ديمقراطي تعددي ببنية نظام الحكم الحالي الاستبدادية.

استحقاقات القرار “2254” اليوم، ستكون غيرها بعد اليوم، فهل سيلتقط النظام إشارة الموقف الأمريكي الجديد، أم أنه سيصرّ على المضي نحو الهاوية؟ سؤال تجيب عنه الأيام القريبة المقبلة.

عنب بلدي

———————————

سوريا.. أفضل الحلول هو اللاحل/ بهاء العوام

تفشل اللجنة الدستورية السورية في عملها للجولة الخامسة على التوالي. يستجير المبعوث الأممي الخاص جير بيدرسون بمجلس الأمن فيخذله. لا أحد يريد أن يتقدم قيد أنملة في هذه الأزمة الممتدة على عقد بأكمله، والنتيجة التي تعلن عن نفسها اليوم دون تجميل أو تضليل، هي أن أفضل حلول للأزمة بالنسبة إلى الأطراف المعنية هو اللاحل.

“لا يمكن أن يستمر الوضع على هذا النحو” هذا ما قاله بيدرسون أمام مجلس الأمن، ولكن ما هي خياراته لتغيير الواقع الراهن، وهل هناك إرادة دولية لتغييره حقا؟ ثمة شيء واحد قد يحصل، وحدث سابقا، وهو استقالة المبعوث الأممي، وتعيين آخر مكانه. سوى ذلك لا يبدو أن أحدا مهتمّ بوضع الأزمة على سكة الحل بأي شكل كان.

الولايات المتحدة تتمسك فقط بمحاربة داعش في سوريا، لا يعنيها أيّ أمر آخر. حتى حقول النفط التي كانت تحميها لصالح حلفائها الكرد وشركاتها النفطية شرق الفرات، لم تعد ذات أهمية بالنسبة إليها. لا أحد ينكر الخطر القائم للدواعش في الدولة المتداعية، ولكن واشنطن تنكر العلاقة الوثيقة بين هذا الخطر واستمرار الأزمة في البلاد.

إدارة الرئيس جو بايدن “تكره” بشار الأسد ولكنها لا تخطط لرحيله، ولا تخطط أيضا لآلية تجبر حلفاءه على الرحيل أو على دفع عملية الانتقال السياسي في البلاد. هي ذاتها لا تستعجل هذه العملية. تكفيها العقوبات المفروضة على النظام، ولديها ما يشغلها أكثر من الملف السوري سواء في الشرق الأوسط أو حول العالم عموما.

ولأن الأزمة تتأخر على قائمة الأولويات الأميركية في المنطقة، تتمتع الأطراف الدولية والمحلية المعنية برفاهية المماطلة والتهرب في تنفيذ التزاماتها لتطبيق قرار مجلس الأمن 2245، ومع مرور الأشهر والسنوات تتبلور أكثر فأكثر نظرية (الواقع المعلق) كوصفة مثالية لإدارة الحالة السورية الممتدة على عقد كامل حتى اليوم.

المبعوث الخاص إلى سوريا يقول إن نجاح المحادثات السياسية يقتضي بالضرورة تغلب الأطراف المعنية على “انعدام الثقة بينها” و”الإرادة في تقديم التنازلات”. ولكن الحقيقة هو أن ما تحتاجه هذه الأطراف هو الرغبة في إنجاح المحادثات. فمن هنا تبدأ الثقة، ويبدأ تقديم التنازلات، ومن دون ذلك ستبقى مدينة جنيف مقصدا سياحيا للمتحدثين، يمضون إليها كلما استدعت الحاجة إلى التصريحات الإعلامية حول الأزمة السورية.

اللاحل هو ما بات يتمسك به الجميع اليوم. فهو يضمن مصالح كل الأطراف بأفضل شكل ممكن في ظل كل هذا التعقيد الذي يلف المشهد. السوريون كشعب داخل وخارج الدولة هم فقط المتضررون من اللاحل، أما النظام والمعارضة ومن خلفهما الدول المعنية بالأزمة، يبقى هذا الخيار بالنسبة إليها هو الخيار المثالي إلى أجل غير مسمى.

بالنسبة إلى نظام بشار الأسد تبقيه الأزمة المعلقة على قيد الحياة، وتسمح له بإجراء انتخابات وإصدار قوانين ومواصلة سرقة الدولة والتحكم بمقدراتها. أما هيئات المعارضة فهي تجني الأموال وتتمتع بسياحة المؤتمرات، كما أن بعضها يمارس السلطة والقيادة في مناطق نفوذه التي ترعاها وتحميها دولة من الدول الكثيرة المعنية بالأزمة.

بين الأطراف الخارجية، وقد باتت جميعها بمثابة دول احتلال مباشر لسوريا، لا يوجد أيضا من يستعجل حل الأزمة هناك. اللاحل هو الأفضل بالنسبة إليها للحفاظ على مكتسباتها المتراكمة في الدولة المتداعية خلال السنوات العشر الماضية من جهة، ومن أجل تنفيذ استراتيجيات طويلة الأجل لها في المنطقة ككل من جهة ثانية.

الروس يفضلون اللاحل على أي خيار يمكن أن يحجم نفوذهم على سواحل البحر المتوسط. لقد عملوا جاهدين من أجل هذا على مدار ست سنوات، وباتت سوريا بوابتهم لكامل الشرق الأوسط والمنطقة العربية. بالتالي أي حل يقترح استعادة الدولة السورية لسيادتها وخروج القوات الأجنبية منها، لن يكون موضع ترحيب من قبل موسكو.

الإيرانيون أيضا لديهم التحفظ ذاته على الحلول التي تطردهم من سوريا. خلال السنوات العشر الماضية تغلغلوا بقواتهم وميليشياتهم وأموالهم وعصاباتهم هناك لتحويل دمشق إلى ولاية خمينية، تصِل طهران مع بيروت مرورا ببغداد. فيكتمل الهلال الشيعي الذي يقدم نفسه كمحور “مقاومة ضد الصهيونية والإمبريالية الأميركية”.

ليس من المبالغة في شيء القول إن إيران هي الأكثر تضررا من حل الأزمة السورية، ولأنها كذلك تحرص أكثر من غيرها على اللاحل كخيار مفضل للأزمة. لن يكون هناك أفضل من هيمنتها على دولة متداعية مثل سوريا، لتكون حديقة خلفية تمارس فيها نزواتها العدائية، وتوسع تدخلاتها في شؤون الدول العربية المجاورة.

“العثمانيون الجدد” أيضا يريدون حصتهم من الكعكة السورية في الهيمنة والنفوذ والتمدد والمكاسب الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط. خيار اللاحل يضمن لهم أكبر قطعة ممكنة لأنه يتيح لهم تحويل المناطق التي يحتلونها الآن إلى ولايات تركية. وبالتالي أي حل يضمن استقلال سوريا ووحدتها سيذهب بأحلامهم أدراج الرياح.

ولاشك أن تجاور إسرائيل مع نصف دولة تستبيح سماءها وأرضها متى تشاء وكيفما تشاء، هو خيار جيد لتل أبيب. كما أن اللاحل للأزمة السورية يبعث المزيد من الطمأنينة في نفس تل أبيب بوجود القوات الأميركية والروسية للمساندة والحماية عندما تستدعي الحاجة، على الأقل بتوفير الدعم الاستخباراتي وخدمات الأقمار الصناعية.

نصف الدولة عموما لن تطالب بأجزائها المحتلة من قبل أحد، وخاصة عندما يكون على رأس السلطة فيها رئيس مثل بشار الأسد، لا يمانع في وهب البلاد لمن يضمن له فقط البقاء على كرسي الحكم. مثل هذا “الرئيس” يتمسك باللاحل لأزمة بلاده بقدر ما يستطيع إن كان ذلك هو خياره اليتيم ليبقى رئيسا، حتى من دون شعب أو أرض.

في نهاية المطاف مرّ على سوريا خلال السنوات العشر الماضية أربعة مبعوثين أمميين حاولوا حل أزمتها واصطدموا بحقيقة أن الأطراف الدولية والمحلية المعنية لا تستعجل الأمر. وعندما يدعو بيدرسون اليوم مجلس الأمن إلى المزيد من التعاون في إنجاح مهمته، فإنه حتما لا يقصد جميع أعضائه، وإنما يناشد تلك الدول التي تمتلك مفاتيح الحل وتخفيها، لأنها متفقة على أن اللاحل هو الخيار الأفضل للأزمة حتى الآن.

العرب

————————–

مصدر عسكري مقرب من العميد مناف طلاس لـ «القدس العربي»: أكثر من 1400 ضابط مستعدون لتشكيل مجلس عسكري انتقالي يقود سوريا/ هبة محمد

دمشق – «القدس العربي» : بعد تعطيل مفاوضات اللجنة الدستورية في جنيف على مدار أكثر من سنة وثلاثة أشهر، شهدت 5 اجتماعات فاشلة، وفي ظل الاستعدادات الجارية في سوريا قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة بعد نحو شهرين، برزت دعوات لتشكيل مجلس عسكري مشترك بين النظام السوري والمعارضة بقيادة العميد مناف طلاس نجل وزير الدفاع الراحل مصطفى طلاس، لقيادة المرحلة الانتقالية.

«القدس العربي» تواصلت مع المقدم المنشق عن النظام السوري أحمد القناطري الذي يعمل ضمن فريق طلاس حيث أكد في حوار مع الصحيفة أن أكثر من 1400 ضابط منشق من كافة الرتب والاختصاصات ومن كافة مناطق سوريا طالبوا «بتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة العميد مناف طلاس كونه الشخصية الأكثر قبولاً لدى معظم ابناء الشعب السوري والأكثر قدرة على جمع القسم الأكبر من أبناء الشعب بكافة أطيافه» وذلك عبر عريضة تداولها الضباط، وتشرح صيغة تشكيل المجلس وآلية عمله ومهامه.

وأوضح المقدم أن المطالب جاءت بعد فشل الأطراف السياسية في الوصول إلى اتفاق وسطي مرضٍ لجميع الأطراف، لافتاً إلى أن «المجلس العسكري يجب أن يكون جنباً إلى جنب مع مجلس سياسي يتم تشكيله بناء على قواعد وطنية، ويعمل هذان المجلسان كهيئة حكم انتقالي تؤمن الظروف المناسبة خلال مرحلة الحكم الانتقالي، حتى الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية يحكمها القانون». وتحدث أن المؤشرات الأولى بخصوص المشروع لا زال يقتصر على الترحيب الدولي، مشيراً إلى أن مشروع المجلس العسكري ليس منصة حكم عسكرية إنما هو مشروع مرتبط بمشاريع متوازية في جنيف وأستانة عليها توافق دولي. وأوضح أن المرجع في الشخصيات المختارة في المجلس العسكري هو التوافق بين الأطراف السورية والتوافق بين الأطراف الدولية، كما أن المهام الرئيسية للمجلس الانتقالي في المرحلة الأولى هو استعادة الضباط المنشقين الذين يشكلون نسبة عالية من التخصصات المطلوبة لبناء الدولة السورية. وكان لـ «القدس العربي» مع القناطري الحوار التالي:

■ هل سوريا بحاجة فعلاً إلى مجلس عسكري يحكم البلاد إلى جانب قوة النظام العسكرية؟

□ سوريا حالياً بحاجة خيارات أخرى ومن داخل المسارات الدولية الحالية (مسار جنيف وأستانة) لتحرير العجلة الدولية العالقة في هذه المسارات وكذلك لتحريك الحوار السوري الوطني في هذه المفاوضات ونقل الجمود في الملف السوري إلى مستوى افضل يناقش خيارات داخل هذه المسارات وليس طرح مسارات جديدة تخرج على مرجعية 2254 ومن هذه الخيارات يأتي خيار المجلس العسكري كخيار يضيف قيمة إلى الخيارات الحالية حيث يزيل المشكلات الرئيسية للعربة السورية العالقة في جنيف وأستانة، وهذه المشكلات الرئيسية هي مشكلة الرئاسة ومشكلة المؤسسة العسكرية حيث ان الدول النافذة في الملف السوري وكذلك الأطراف السورية التي تعمل على كتابة الدستور تختلف بشكل رئيسي في هذا الجانب ويتم التشكيك في صلاحية الجيش السوري الحالي ليكون محل توافق سوري بين الأطراف السورية وصلاحية الأسد ليكون رئيساً توافقياً، ويساهم هنا مشروع المجلس العسكري بحل هذه المشكلة عبر إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية مما يسهل التوافق بين الأطراف السورية على وظائف المؤسسة العسكرية الجديدة (مكافحة الإرهاب – حماية المرحلة الانتقالية – تسهيل كتابة الدستور – دعم هيئة الحكم الانتقالي في سوريا ومنع حصول انتقال سياسي لمصلحة طرف سوري على آخر).

■ المرجعية القانونية؟

□ المرجعية هي ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بالسيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية وكذلك القرار الدولي 2254 وملحقاته في الحل السياسي حيث لا يستهدف المشروع بناء حكم عسكري في سوريا وانما يستهدف وضع أدوات عملية سورية لتنفيذ القرار 2254 بكافة بنوده والتعهد دولياً ومحلياً بتنفيذ بنود القرار 2254.

حكم العسكر من جديد؟

■ كيف سيكون التمثيل لدى المجلس؟

توجد اكثر من صيغة لهذا المجلس والعاملون على تسويق المجلس العسكري دولياً ومحلياً منفتحون على كافة السيناريوهات المتعلقة بهذا المجلس والاولوية حالياً للعمل على وجود خيارات بديلة تحسن ظروف الحل السياسي في سوريا وتخفف من تكاليف الحرب السورية على المواطن السوري ولهذا يعتمد المجلس على مناقشات المرحلة القادمة بين الأطراف السورية وكذلك المناقشات مع الدول المهتمة بالمجلس لصياغة آلية التمثيل التي لا تقصي احداً وتحافظ في الوقت نفسه على تحرير المؤسسة العسكرية في سوريا من التبعية الدولية ومن التبعية للأشخاص وتحويل المؤسسة العسكرية إلى نواة تمثل مطالب الشعب السوري بكافة فئاته وفي كافة المناطق السورية كما تلبي بناء تحالفات سليمة مع الدول التي لها مصالح استراتيجية في سوريا وتقدم ضمانات لدول الجوار السوري بخصوص مخاوفها على الأمن القومي كما تتولى ايضاً مهمة إعادة السلم الأهلي في سوريا.

■ هل هناك قبول دولي للطرح؟

□ يوجد اتفاق دولي بين كافة الدول النافذة في الملف السوري بما فيها حلفاء النظام على وصول التعقيدات في الملف السوري إلى درجة الجمود التام الذي هو مكلف للشعب السوري وفي نفس الوقت مكلف ايضاً للدول النافذة في الملف السوري سواء حلفاء المعارضة او حلفاء النظام ولهذا يعتبر المشروع فرصة لحوار دولي بخصوص إعادة طرح المشروع دولياً وهذا بحاجة لحوار خاص مع المحاور المختلفة في الملف السوري لكن المؤشرات الأولى بخصوص المشروع لازال يقتصر على الترحيب بأي مبادرة تزيل الجمود في الملف السوري ويمكن الاستثمار في هذه المؤشرات لمصلحة الشعب السوري الذي يعتبر المتضرر الرئيسي من تأخر الحل السياسي في سوريا بالإضافة إلى ان الاستراتيجية الحالية للإدارة الأمريكية الجديدة وكذلك مرحلة ما بعد جائحة كورونا باتت تفرض على الدول التوجه نحو المقاربات السياسية التي تخفف حدة الصراعات في الشرق الأوسط وتعتبر المشكلة السورية من اهم المشكلات في هذه المنطقة.

■ هل ترى أن التفاوض سيكون حُكما بين العسكريين فقط؟ ألا يوجد مكان شاغر للساسة في المجلس الانتقالي برأيكم؟

□ موضوع المجلس العسكري يطرح في بعض المنصات بشكل خاطئ ويتم اظهاره وكأنه حكم عسكري لسوريا بدعم دولي يتم فيه تأجيل النشاطات السياسية إلى مرحلة لاحقة وهذا غير دقيق فالمجلس العسكري المطروح جزء من هيئة الحكم الانتقالي التي تم إقرارها في جنيف وهو أداة تنفيذية داعمة لهيئة الحكم الانتقالي وليس بديل عنها لان هيئة الحكم الانتقالي لا يمكنها تنفيذ المهمات الرئيسية المتعلقة بضمان سلامة الأراضي السورية وكذلك اخراج الجيوش الأجنبية وضمان مؤسسات الدولة السورية وضمان حرية عمل المنصات السياسية في المرحلة الانتقالية دون جهة عسكرية مسيطرة وموحدة تضمن الالتزام بالدستور السوري وتضمن وحدة الأراضي السورية وتضمن ايضاً عدم تهديد المرحلة الانتقالية من أي جهة كانت.

■ المقترح ضم مشاركة ضباط من النظام سواء خلال فترة حكم الاسد الأب أو الابن، مع أن معظم هؤلاء هم من الفئة العسكرية ذات النفوذ المطلق في البلاد والتي لا تعترف الأطراف السورية كلها بمصداقيتها أو حياديتها؟

□ يوجد فرق بين مشروع المجلس العسكري كمشروع متكامل وبين مناقشة الأشخاص لأنها مرحلة متقدمة لا يمكن مناقشتها حالياً حيث ان الهدف الحالي هو اقناع الدول النافذة بمشروع المجلس العسكري وليس اشخاص المجلس العسكري ثم لاحقاً يتم مناقشة الأشخاص حيث ان الأسماء مرتبطة بشكل رئيسي بامتلاك الأشخاص توافق بين الأطراف السورية وتوافق بين الأطراف الدولية وفق معايير تراعي حسن سير أداء المجلس العسكري وهو مجلس تخصصي في مهام الأمن وحماية مؤسسات الدولة السورية والشعب السوري وليس منصة لتسويق اشخاص تابعين لدول أو تابعين لبعض الأطراف السورية بل على العكس يركز على الشخصيات التوافقية التي تضمن قدرة هذا المجلس على الحركة في التعهدات التي يقدمها.

استثناءات

■ من سيمنع بعض هذه الفئة من المشاركة في المجلس الانتقالي، ومن هي المرجعية إذا ما تأكد السوريون من تلطخ يد أحدهم بالدماء؟

□ مشروع المجلس العسكري ليس منصة حكم عسكرية وإنما هو مشروع مرتبط بمشاريع متوازية في جنيف وأستانة عليها توافق دولي ومرتبط ايضاً بالية رقابة سيتم اعتمادها مقبولة من الأمم المتحدة وفيها شفافية عالية تجاه الشعب السوري وهذه المخرجات ستناقش في وقتها في حال الانتقال من مرحلة تسويق مشروع المجلس العسكري دولياً وشعبياً إلى مرحلة التفاصيل المتعلقة بالمجلس العسكري وارتباطاته بالمنصات القائمة وكذلك المنصات الجديدة المقترحة للرقابة على المرحلة الانتقالية.

■ أسوة بهذه الفئة.. لماذا يستثني المجلس الانتقالي ضباط الثورة ممن عرفوا بقيمهم وثوريتهم؟

□ المرجع في الشخصيات المختارة في المجلس العسكري هو التوافق بين الأطراف السورية والتوافق بين الأطراف الدولية لأنه دون هذا التوافق لا يمتلك المجلس العسكري أدوات تنفيذ كاملة وهذا هو المعيار الرئيسي وليس المواقف السياسية حيث أن من الطبيعي ان ترفض بعض الأسماء من الشارع السوري نتيجة لاقترافهم الجرائم وكذلك من بعض نتيجة ارتباط هذه الاسماء بمخالفات وجرائم منصوص عليها بالقوانين الدولية الخاصة بجرائم الحرب وكذلك من الطبيعي ايضاً التركيز على التخصصات والإمكانات لهؤلاء الضباط في تنفيذ المطلوب منهم لأنه مجلس له مهام تخصصية وليس مجلساً للمواقف السياسية وبالتالي فإن معيار اختيار الاشخاص يجب ان يتلاءم مع المعايير الوطنية والاخلاقية والقانونية ومع كافة الأطراف.

■ ما هي مهمة المجلس الانتقالي؟

□ المهام الرئيسية للمجلس الانتقالي في المرحلة الأولى هي استعادة الضباط المنشقين الذين يشكلون نسبة عالية من التخصصات المطلوبة لبناء الدولة السورية حيث تتجاوز أعداد المنشقين الالاف، كما ان وجود تشكيلات عسكرية في عدة اطراف سورية بحاجة لآلية دمج محترفة لا يقدر على القيام بها الا شخصيات متخصصة في هذا المجال كما ان اهم المشكلات الرئيسية حالياً في تعطيل جولات جنيف لكتابة الدستور هو عدم الاختلاف بين الأطراف السورية بخصوص حماية المؤسسات السورية وضرورة أن يتولى الجيش السوري حماية الحدود وتأمين المؤسسات وانما الخلاف متعلق بالشكل الحالي للجيش السوري الذي يحسب على طرف من أطراف النزاع ويحسب على شخص بشار الأسد والمشكلة ايضاً في شخص بشار الأسد وغياب شخص بشار وإعادة ترتيب المؤسسة العسكرية ستزيل العراقيل الرئيسية في اجتماعات جنيف وتساهم في خطوات وقف إطلاق النار المستدام وكتابة الدستور وكذلك اخراج الجيوش الأجنبية وأولها ميليشيات ايران الطائفية وإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية واخراج المعتقلين وكشف مصير المفقودين وكذلك اتاحة الفرصة للنشاط السياسي عبر الدستور الجديد.

القدس العربي

——————————-

بيدرسون يلمح إلى انسداد أفق مهمّته بثلاث رسائل إلى مجلس الأمن/ صبحي فرنجية

حاول المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن يوم الثلاثاء الماضي، أن يوصل حقيقة المرحلة الحرجة التي وصل إليها مسار اللجنة الدستورية، إذ أكدت مصادر “العربي الجديد” في جنيف أن “إحاطته تخللتها ثلاث رسائل، تعكس مدى التعقيد الذي يواجهه في مهمّته، وضرورة وجود تدخل وتنسيق دولي جاد من أجل التقدم في الملف”.

وألمح بيدرسون بطريقة غير مباشرة إلى أن مهمته لن تستمر في حال بقي هذا الاستعصاء دون تدخل دولي، في الوقت الذي يحاول فيه الروس إيصال رسالة إلى الأطراف الدولية أن النظام لا يبدو أنه سيدخل في أي مرحلة جدية في المسار قبل انتهاء الانتخابات الرئاسية بعد أشهر.

وقالت مصادر “العربي الجديد” في جنيف إن “إحاطة المبعوث الأممي إلى سورية تخللتها ثلاث رسائل، تعكس مدى التعقيد الذي يواجهه في مهمّته، وضرورة وجود تدخل وتنسيق دولي جاد من أجل التقدم في الملف”، موضحة أن بيدرسون كان “أكثر انفتاحاً في حديثه أمام المجلس، كون الجلسة كانت مغلقة، وهذا ما أعطاه مساحة أكثر للحديث عن التفاصيل”، وتُرجح المصادر أن يكون بيدرسون هو الذي طلب من رئاسة المجلس، الذي تتولاه المملكة المتحدة هذا الشهر، أن تكون الجلسة مغلقة.

وبحسب المعلومات، فإن رسالة بيدرسون الأولى هي أن مسار اللجنة الدستورية في مرحلة حرجة، وأنه “من خلال التفاصيل التي أوضحها عن الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية، أوضح أن النظام السوري هو الطرف المُعطّل من دون أن يُسمّيه بالاسم، وذلك من خلال الحديث عن أن وفد النظام رفض كل المقترحات التي كان من شأنها أن تُكوّن منهجية فعّالة للجولة”.

وترى المصادر أن بيدرسون “لم يقل بشكل مباشر إن النظام هو المعطّل”، إلا أن “حديثه كان واضحاً وأوصل الرسالة بشكل جيّد”.

أما الرسالة الثانية للمبعوث الأممي أمام مجلس الأمن، فهي أن المسار بشكله الحالي بات صعباً جداً، وأن عدم وجود جدية في دفع المسار “سيجعل من استمرار مهمته صعباً”، وهو ما فُهم منه أن بيدرسون يُلمح إلى أن مهمته كمبعوث أممي لن تستمرّ في حال بقي المسار على شكله الحالي. ورجّحت المصادر أن يكون “هذا الخطاب غير المسبوق من بيدرسون هدفه إيصال حقيقة التعقيد الحاصل في الملف، والأفق المسدود إذا لم يطرأ تغيير في الدفع الدولي للملف”.

والرسالة الثالثة التي أراد المبعوث الأممي إيصالها من خلال إحاطته، هي دعوته لتشكيل مجموعة دولية جديدة تسمح لمستوى تنسيق أكبر بين الدول ذات الشأن في الملف السوري. وتقول المصادر إن “مقترح بيدرسون تشكيل مجموعة دولية جديدة من أجل سورية لم يحمل تفاصيل، لكن من المرجح أن بيدرسون ألمح إلى ضرورة التنسيق بين الدول الفاعلة في المسار السوري، والمجموعة ربما يكون مقصده منها أن تتضمن دول المجموعة المصغرة (بريطانيا، الولايات المتحدة، فرنسا، ألمانيا، المملكة العربية السعودية، مصر، والأردن) بالإضافة إلى ضامني أستانة (روسيا، تركيا، وإيران)”.

وكان بيدرسون قد قال خلال مؤتمره الصحافي عقب الإحاطة إنه أشار إلى “ضرورة وجود دبلوماسية دولية بنّاءة بشأن سورية”، مضيفاً أنه “على اقتناع أكثر من أي وقت مضى أنه دون ذلك، من غير الممكن أن يمضي أي مسار قدماً”، مشدداً على “ضرورة سد الفجوات في المواقف الدولية، وتحديد الخطوات المتبادلة، وتحديد الواقعية والدقة لإحراز التقدم، وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254”.

ولم تكن الجلسة المغلقة مفيدة للمبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون فحسب، بل أعطت الغرب فرصة أكبر لإيصال رسائل واضحة بأن على النظام ألا يفكر بأن الانتخابات التي سيُجريها بعد أشهر يمكن أن تساعده في إعادة نفسه إلى الساحة الدولية، أو يمكن أن يعترف بها المجتمع الدولي، لأنها “لا تتماشى مع الشروط المنصوص عليها في القرار الأممي (2254)”، وأن إعادة الإعمار بعيدة المنال عن النظام طالما أنه لا يوجد هناك انتقال سياسي في سورية؛ هذه الرسائل كانت موجّهة لداعمي النظام في المجلس، كون موفد النظام لم يكن في الجلسة، وكون الغرب يعلم أن روسيا هي التي تحاول إعادة تعويم النظام بشتى السبل في الساحة الدولية.

وكانت هيئة التفاوض السورية قد أرسلت رسالة إلى بريطانيا كونها تشغل رئاسة مجلس الأمن، وذلك من أجل توزيعها على الدول الـ 15 الحاضرة في الجلسة، تضمنت شرحاً واضحاً لتعنت النظام ورفضه العمل على مسار اللجنة الدستورية والقرار  (2254)، وطالبت مجلس الأمن بأن يتبنى آلية فعّالة للدفع من أجل تطبيق القرار  (2254)، وذلك من خلال وضع منهجية أجندة واحدة لاجتماعات الدستورية بدل إضاعة الوقت على نقاشات أجندة كل اجتماع، ووضع منهجية للنقاشات أثناء الجولات تكون محدّدة وتقود إلى البدء بمرحلة الصياغة وأن تكون كل جولة مدتها ثلاثة أسابيع. وأكدت الرسالة ضرورة الدفع نحو تفعيل العمل على القرار الأممي (2254) كاملاً، بما فيه سلة الحكم الانتقالي.

من جهة أخرى، حاول الوفد الروسي الذي زار جنيف، برئاسة نائب وزير الخارجية ألكسندر لافرنتيف، خلال الجولة الدستورية الخامسة، أن يوصل رسالة خلال لقائه مع المبعوث الأممي والمعارضة السورية بأن النظام السوري لن يدخل في مرحلة الصياغة قبل أن تنتهي الانتخابات الرئاسية التي سيجريها بعد أشهر، وكان حديث الجانب الروسي من ناحية أنهم يحاولون الضغط على النظام، لكن لا يبدو أنه سيستجيب قبل الانتخابات.

وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن بيدرسون ينتظر موافقة النظام على طلب زيارته إلى دمشق، والتي من غير المعلوم متى ستأتي إلى المبعوث الأممي الذي ثبّت خلال إحاطته أمام مجلس الأمن وخلال مؤتمره الصحافي، أن وفد النظام هو الذي يرفض وجود منهجية للعمل خلال الجولة، فيما تبدو مشاركته في اجتماع أستانة الأسبوع المقبل في مدينة سوتشي الروسية محاولة أخرى من المبعوث الأممي لتحريك المياه الراكدة في الساحة الدولية، ومن المرجح أن يعيد طرح فكرة وجود مجموعة دولية للتنسيق من أجل دفع الملف السوري نحو مرحلة الإنجاز.

العربي الجديد

————————-

المعارضة السورية ترحب بموقف بيدرسون وتطالب بآلية لوقف تعطيل الحل السياسي / عدنان أحمد

أعرب الائتلاف الوطني السوري المعارض عن ارتياحه لإشارة المبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسون، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن إلى مسؤولية النظام السوري عن فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية، معرباً عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي يملك الآلية القانونية والشرعية اللازمة لمواجهة هذا التعطيل لأعمال اللجنة الدستورية.

وقال الائتلاف، في بيان له، إن “التعطيل الروسي الصيني لبيان مجلس الأمن يوم أمس يؤكد عجز المجلس والخلل الواضح في آليات عمله، كما أنه يحمل رسالة مكررة يجب أن يستوعبها صناع القرار، وهي أن الحل السياسي ليس خياراً بالنسبة للنظام وحلفائه بأي شكل من الأشكال، وأن إضاعة الوقت هو ما يبحث عنه”.

وأضاف البيان “إننا أمام واقع يعجز فيه مجلس الأمن عن إصدار مجرد بيان يدعم تقرير بيدرسون، رغم مهادنته الشديدة وتجنبه وضع النقاط على الحروف أو حتى تسمية الأشياء بمسمياتها، فكيف لأي طرف أن يتوقع إمكانية تنفيذ أي خطوات عملية عبر مجلس الأمن لدعم حل سياسي حقيقي”.

وأعرب البيان عن اعتقاده بأنه “لا يمكن الاستمرار في ترك الملف رهينة بيد أطراف شريكة في الإجرام، وتعيش في عالم موازٍ بحثاً عن أوهام تقوم على نشر الفوضى والخراب”.

وكان بيان سابق للائتلاف، اليوم الخميس، قال إن المبعوث الدولي أشار على غير عادته، في إحاطته الأخيرة، إلى كون النظام سبب فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية، إذ أفاد أنه “أخطر مجلس الأمن أن الرئيس المشارك من هيئة التفاوض السورية وضع على الطاولة مقترحاً حول المسائل الإجرائية، وأن المبعوث أيضاً قدم اقتراحاً منفصلاً، ولكن وفد النظام رفض كلا الاقتراحين”.

وقال الائتلاف إن السوريين “ضاقوا ذرعاً بالتعطيل المستمر للعملية السياسية”، معرباً عن اعتقاده بأن “الخلاصة التي انتهى إليها المبعوث الدولي أخيراً بالحاجة لمسار سياسي أوسع تتفق مع مطالبتنا بفتح كافة مسارات الحل السياسي، وعلى رأسها هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات”.

وكانت هيئة التفاوض السورية أعلنت أنها بعثت برسالة لمجلس الأمن الدولي لتوزيعها على أعضائه الـ 15، تحمل تأكيداً أن نظام الأسد يقف وراء تعطيل المسار السياسي.

وقال رئيس الهيئة أنس العبدة، في منشور على صفحته الشخصية في فيسبوك، إن “الرسالة تطلب من مجلس الأمن كونه الجهة المسؤولة أممياً بالدفع لتنفيذ القرار 2254 بسلالة كافة”.

وأضاف أن الرسالة تؤكد أن “تعطيل نظام الأسد لمسار اللجنة الدستورية سيجعل من استمرار المسار على هذا الشكل صعبًا، وأن استئناف الاجتماعات يتطلب وجود منهجية وآلية عمل محددة، ومدة زمنية محددة، والتزام النظام بمهام وتفويض اللجنة والبدء بخطوات الصياغة”.

البحرة/اللجنة الدستورية/سورية/الأناضول

وحثت الرسالة مجلس الأمن على النهوض بمسؤولياته حيال “إيجاد آلية لتنفيذ القرار الأممي (2254) كاملًا دون تأخير، مع التأكيد على ضرورة البدء بملف الحكم الانتقالي، لأن الشعب السوري تتعاظم مأساته كل يوم أكثر، وإضاعة الوقت ليست في مصلحة السوريين، بل إنها تخدم النظام”.

ولفت العبدة إلى أن نظام الأسد وحلفاءه تلقوا جوابًا واضحًا من دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى بأنه لا شرعية للانتخابات التي سيجريها النظام، ولا إعادة إعمار قبل الوصول إلى حلّ سياسي، وأن المسار الوحيد هو القرار (2254) بسلاله كافة، وعلى النظام الالتزام والعمل بجدية في هذا الإطار”.

وكان سفراء دول فرنسا وأيرلندا وإستونيا وألمانيا وبلجيكا، في الأمم المتحدة أصدروا بياناً مشتركاً يوم الثلاثاء الماضي، أكدوا خلاله مسؤولية نظام الأسد عن عدم إحراز تقدم في أعمال اللجنة الدستورية السورية.

وذكر البيان الذي صدر عقب جلسة مشاورات مغلقة في مجلس الأمن حول الملف السوري، أن نظام الأسد مسؤول عن عدم إحراز تقدم جوهري في مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، الجارية منذ نحو عام ونصف، بعد أن رفض الانخراط بشكل بناء في مقترحات المبعوث الأممي إلى سورية، والمعارضة السورية، ما أدى إلى عدم وجود مسودة للإصلاح الدستوري.

وعبّر السفراء الخمسة عن دعمهم لجهود المبعوث الأممي لتنفيذ جميع عناصر قرار مجلس الأمن رقم 2254، بما في ذلك الإفراج عن المعتقلين، وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة، بمشاركة جميع السوريين، بمن فيهم الموجودون في الخارج.

 ويوم أمس، أكد بيدرسون خلال إحاطته أمام مجلس الأمن أن الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية كانت “فرصة ضائعة وخيبة أمل”، وأوضح أن مجلس الأمن واللجنة الدستورية يبحثان سبل تغيير أسلوب العمل الحالي.

وشدد على أن اللجنة الدستورية، لن تمضي قدماً، ما لم يكن هناك دبلوماسية دولية بناءة في الأزمة السورية، وفقاً لما صرح به للصحافيين، بعد إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي.

 واختتمت أعمال الجولة الخامسة للجنة الدستورية في 29 من يناير/ كانون الثاني الماضي، وقال بيدرسون، حينها، إنها لا يمكن أن تستمر بهذا الشكل، واصفًا الجولة بأنها مخيّبة للآمال، ولم تحقق الأمور التي كانت تنتظر منها.

——————————-

منافق وكاذب”..منذر ماخوس يفضح الائتلاف السوري

فجّر سفير الائتلاف السابق في “باريس” “منذر ماخوس”، مفاجأة في مداخلة على قناة العربية التلفزيونية، من خلال اتهامه لما أسماه بـ”المعارضة المنافقة والكاذبة”، ودورها في تقويض العملية الانتقالية السياسية في سوريا.

وأشار “ماخوس” إلى أنّه كان حتى أوانٍ قريب عضواً في الهيئة العامة للائتلاف السوري المعارض، حيث تناول مسار أستانا، الذي قال بأنّه مرّ في 13 مرحلة، قبل أن يتم استحداث مسار سوتشي.

ولفت “ماخوس” إلى أنّه كان يحظّر على الائتلاف أن يشارك في أستانا أو سوتشي، غير أنّ “ممثلي الائتلاف على أعلى المستويات، بمن فيهم نائب رئيس الائتلاف ، ورئيس الائتلاف الحالي، شاركوا في هذه المؤتمرات خلافاً لقرارات المؤسسة المسمّاة (معارضة) على حدّ وصفه”.

واستمرّ المسار حيث تحوّلت “الأراضي التي كانوا يسمونها محرّرة ولم تعد اليوم كذلك،” وأن المعارضة مهلهلة، ولم تعد تمثّل الشعب السوري، بحسب تصريحات سفير الائتلاف السابق في باريس.

وحول الاعتراف الدولي بالائتلاف، أفاد بأنّه في مؤتمر مرّاكش كان هناك 124 دولة، ولكنه تمّ اختزالها اليوم إلى 7 دول، وهي عبارة عن لجنة مصغّرة”، وتابع: “وحتى هذه الدول السبعة التي حضرت بعضاً من اجتماعاتها، والذين يؤيّدون الحراك الشعبي ضد الأسد، وحق السوريين في إيجاد بديل لبشار الأسد، إلا أنّهم لا يثقون بالمعارضة الحالية”.

وأوضح “ماخوس” أنّ “هذه الدول تقول أن المعارضة فشلت في تقديم أجندة واضحة وكذلك النظام، وأنّهم مضطرون للتعامل مع أي من البدائل المطروحة للطرفين سواء أكان معارضة أوالنظام، واللذين تحتاجهما العملية السياسية”، مشيراً إلى أن هذه الأطراف أكّدت مراراً أن المعارضة الحالية ماهي إلا قشة يتمسّك بها المجتمع الدولي، وهو مضطرّ للتعامل معها.

وختم سفير الائتلاف السابق مداخلته بالقول: “أترك الكلمة للشعب السوري ليرى أين يسير به هؤلاء الأفّاقون!؟.

وكان “منذر ماخوس”، قد نبّه في عام 2017 من خطورة نقل المفاوضات إلى سوتشي، معتبراً أنّ هذه العملية تعني نقل الملف التفاوضي إلى سوتشي لتحلّ بدل “جنيف”. واتّهم حينها، في اتصال مع قناة الحدث، نظام الأسد بمحاولة الالتفاف على محادثات جنيف عبر نقل المفاوضات إلى سوتشي الروسية.

ليفانت- الحدث

————————

مخرج المحتل الروسي لسوريا الأسد… عدنان عبد الرزاق*/ عدنان عبد الرزاق

أذكر بآخر جولة بمحادثات أستانا، 11 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن المؤتمرين خرجوا خاليّ الوفاض، فلم يتحقق ما أعلنوه قبل الجولة 14 “بحث إطلاق سراح المعتقلين وإجراءات بناء الثقة وتكثيف المساعدات الإنسانية في سوريا وعودة اللاجئين إلى ديارهم” فاضطروا لإصدار بيان عام صالح لأي زمان ومكان، من قبيل” رفض التدخل الأجنبي وضرورة القضاء على التنظيمات الإرهابية بشكل كامل”.

لكن الدول الضامنة أو الراعية، روسيا وإيران وتركيا، ارتأت إطلاق الجولة 15 بعد غد الثلاثاء في مدينة سوتشي الروسية، والجديد هذه المرة، إشراك الدبلوماسي العراقي المعروف، نزار الخير الله، بصفة مراقب على “مناقشات” التطورات الأمنية والسياسية بسوريا، ولربما من جديد، يستدعي مراقبة الشقيق العراقي المخضرم.

لن نأتي على كل ما هو جدلي وخلافي، ابتداء من الجولة الأولى لأستانا، 23 يناير/كانون الثاني 2017، وما طرحته من سقف عال وقتذاك، لتكون مبررة وتصرف النظر أنها وما تلاها في سوتشي، انقلاب على محادثات جنيف، منذ المؤتمر الأول عام 2012 حتى الرابع في شباط/فبراير 2017 وما قيل وقتذاك، من طرح ولأول مرة الانتقال السياسي وتداول السلال الأربع”.

السلة الأولى القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، مع الأمل في الاتفاق على ذلك خلال ستة أشهر، والسلة الثانية حول القضايا المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد، مع الأمل في أن تتحقق في ستة أشهر، والثالثة حول كل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهرا، تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم، والأخيرة المتعلقة بإستراتيجية مكافحة الإرهاب والحوكمة الأمنية، وبناء إجراءات للثقة المتوسطة الأمد”.

ولن نقلب بجولتي أستانا بكزاخستان من توسيع المشاركات وحرف هدف المحادثات والحل السياسي ولعبة اللجنة الدستورية التي أكلت الزمن وبددت أمل السلال والقرار الدولي 2254، ولا حتى لنكء قيح تكرار مباحثات أستانة لخمس عشرة مرة، من دون علم أو إرادة السوريين، على كلتا الضفتين.

بل سنسأل عن الخبر الطازج “تشكيل مجلس عسكري” هل سيدرج ضمن مباحثات بعد غد الثلاثاء ليكون واقعاً، بعد التسريبات الروسية ومقال “نيزافيسيمايا غازيتا” وتسريبات المقدم، أحمد قناطري الذي يقال إنه ضمن فريق مرشح رئاسة المجلس، مناف مصطفى طلاس، حول مطالبة 1400 ضابط منشق بتشكيل المجلس.

جميل بالبداية، أن نقرأ ما يشاع على أنه حقيقة، وهو كذلك ربما، بعد التسريبات وكثرة التداول التي يمكن قراءتها على أنها تمهيد و”جس نبض” الشارع السوري، خاصة أن جميع مقدمات التبرير لهذا المجلس، تبدأ بأن طلاس الأكثر قبولاً وأن الشعب فقد الأمل وأن جميع الأفق، عدا هذا المجلس طبعاً، مسدودة بعد الجمود السياسي.

لا نعتقد أن فكرة المجلس العسكري من اختراع روسيا أو وليدة هذه الفترة، وإن تغيّر الكثير، بين مهام وبنية مجلس الأمس ومجلس اليوم، إذ أول ما طرحت هذه الفكرة في عام 2013، كما تضمنت وثيقة إطار تنفيذ بيان جنيف، تشكيل مجلس عسكري، ولكن إلى جانب مجالس أو أجسام أخرى، كالهيئة الانتقالية والمؤتمر الوطني.

وهذا ما يمكن التركيز عليه بالخلاف بين المجلسين، فدعاة اليوم، يطرحون المجلس فقط، وما عداه سيأتي لاحقاً عبر المجلس، كتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات مطلقة، لنكون أمام مخرج جديد، لا يخلف عن متاهة البدء بسلة اللجنة الدستورية وتأجيل ما بعدها من السلال الأربع..وها نحن حتى اليوم نغوص بتفاصيل اللجنة الدستورية من دون أي جدوى أو طرح لما بعدها..

وأما الأمر الملفت الآخر بمجلس اليوم الذي طرحته منصة القاهرة “ولم تنكر” فهو الثلاثية المقدسة بالتشكيل، ثلث ضباط متقاعدون من أيام الأسد الأب، وثلث ضباط على رأس عملهم من زمن الأسد الابن، والثلث الثالث من ضباط المعارضة، ولكن شريطة ألا يكونوا ممن تتورط في الصراع المسلح ولم يكن لديهم دور في تشكيل جماعات مسلحة.

لأن بهذه التشكيلة، ليس تغليباً للنظام وتبرئة الضباط القتلة بنظام الأسدين فحسب، بل وتجريم كل من حارب نظام الأسد وإبعاد الضباط المنشقين عن المجلس.

وثالثة الأثافي والكارثة، وفق ما تسرب، أن هذا المجلس سيرجأ إلى ما بعد انتخابات الرئاسة وترشح بشار الأسد في مارس/آذار المقبل وفوزه بأيار/مايو، ليصدر هو مرسوم تشكيل المجلس.

نهاية القول مسائل أربع.

الأولى أن ثمة طرحين لمتاهة المجلس، الأول منسوب لـ”منصة القاهرة” التي ترى ضرورة إبعاد من حارب من الضباط الأحرار وتغليب حصة الأسد، أيام الوارث والوريث، وأن بشار الأسد من سيصدر مرسوم تشكيل المجلس.

والطرح الآخر، منسوب لطلاس أو فريقه، وفق ما تسرب خاصة عبر الصحيفة الروسية، وهو أن المجلس سيكون بديلاً عن الأسد.

وثمة خلاف كبير، وإن كان اللعب بالألفاظ ومطبات الطرح والضبابية، تسكن كلا الطرحين.

أما المسألة الثانية فهي واشنطن وإدارة جوزيف بادين الحالية، بمعنى، هل واشنطن بالصورة أو تبارك أو تدعم، فإن كانت الإجابة بالنفي، فالمشروع برمته طروحات إعلامية لا هدف لها، سوى مزيد من تشرذم المعارضة وشراء الزمن ريثما تمرر كارثة الانتخابات الرئاسية وإعادة إنتاج النظام القاتل.

وتكمن المسألة الثالثة بالتضليل أن المجلس العسكري، هو خيار السوريين الذين تعبو من المعاناة وانسداد الأفق لأي حل سوري، وبذلك مصادرة جديدة للسوريين وإنابة بالقوة عن حقوقهم ودم أبنائهم وحلمهم بدولة ديمقراطية، هذا إن لم نسأل عن الحكم العسكري وإن غير المباشر الذي يمكن أن يلي هكذا مجالس.

والنقطة الأخيرة بأمر المجلس، هي روسيا ذاتها، فعدا فخ خروج جميع القوى الأجنبية عدا الروسية، يتوثب إلى الشفاه سؤال، هل فعلاً موسكو تسعى للحل بسوريا وهل يمكن أن تتخلى عن بشار الأسد، بواقع ما يقال عن عودة ارتماء الوريث بالحضن الإيراني بعد ملامح التخلي الروسية..

يقول المنطق وحتى التاريخ إن من الحماقة التعويل على محتل، هو من منع إسقاط الديكتاتور الابن عبر تدخله العسكري منذ عام 2015، فقتل وهجر أضعاف ما فعل الأسد، لكن الواقع يدلل على أن روسيا هي سيدة القرار بسوريا، وربما يتعزز دور وصلاحية موسكو بعد وصول الديمقراطيين للحكم بالولايات المتحدة، ليبقى الفيصل والجدية من دوامة المجلس المستجدة بأمرين.

الزمن، أي تأسيس المجلس قبل تمرير صفقة التوريث لولاية رابعة وبالصلاحيات التي تلغي الأسد ليكون المجلس بداية للحلحة وتوقف للدم والآلام والإقلاع نحو تأسيس دولة لجميع السوريين.

 زمان الوصل

 ———————

========================

تحديث 15 شباط 2021

————————-

بين جمال سليمان ومناف طلاس/ سميرة المسالمة

أعاد الفنان السوري جمال سليمان، في زيارته موسكو أخيرا، ولقائه، مع آخرين، وزير الخارجية، سيرغي لافروف، ومسؤولين روسا آخرين، إحياء اقتراح بتشكيل مجلس عسكري، كان قدّمه للجانب الروسي قبل سنوات، على أنه “حل سحري”، ربما قابل لتطويع الرئيس بشار الأسد، وإحداث التغيير اللازم الذي تنشده ثورة السوريين. وهو، حسب المقترح، يتطلب تنازلا عن السلطة، يقدّمه الأسد طواعية وبنفسٍ راضية، يسلم خلاله سلطاته إلى المجلس المأمول ليحل مكانه. .. ما يلفت هنا، في مثل هذه الأمنيات الباحثة عن أي منفذ لإنهاء المأساة السورية، مقدار الثقة بأن روسيا، أو المعارضة، تملك من الدالّة على الأسد ما يحقق لهما (إذا اجتمعت إرادتهما على ذلك) تمنياتهما، متجاهلين أن الحديث هو عن الرئيس الذي يخوض حربه من أجل هذه السلطة منذ عام 2011، من دون تقديم أي بادرة حسن نية تجاه ما يمكن تسميتها تسوية الصراع، على الرغم من عشرات القرارات الدولية ضده وعقوبات اقتصادية حاصرته، وجيوش (صديقة له وعدوة) تحتل أجزاء من بلده، وتسير أمور دولته.

استطاع بشار الأسد منذ التدخل الروسي عام 2015 أن يستعيد ثلثي المساحة السورية التي خرجت عن سيطرته، وضحّى بعشرات آلاف من قوات الجيش السوري مقابل السلطة التي يريد جمال سليمان أن يتنازل الأسد عنها لحساب “مجلس عسكري يدير البلاد ويصلح المؤسسة العسكرية لتوفير المناخ المناسب لاستتباب الأمن، ونزع السلاح من يد الجماعات المسلحة، واستعادة سيادة الدولة على كافة أراضيها”. وإذا كان الاستهجان كبيرا من جمهور الثورة من موقف الفنان المعروف، لجهة أن يكون هذا المجلس يصدر بمرسوم جمهوري من الأسد نفسه، معتبرين ذلك خيانة للثورة، فإن ما تودّ هذه المقالة مناقشته أمر مختلف، لأن الثورة، لو اضطر الأسد لتوقيع حكم الإعدام على نفسه ونظامه، تكون في موضع المنتصر بحق لأسباب عديدة منها:

هذا المرسوم بصيغته التي يريدها سليمان يحدث في حالة إعلان النظام هزيمته، وأنه غير قادر على متابعة الحرب ضد شعبه، ويطلب التسوية والأمان مقابل تسليم سلطاته، ومشاركة بعض ضباطه ممن لم تتلوّث أيديهم بالدماء، وهي المعادلة المستحيلة في ظل إعلان الأسد نفسه أن كل من ليس معه فهو ضده، كما أن ضباط والده حافظ الأسد تقاعدوا عن الخدمة بحكم أعمارهم، وبحكم تخلّص الأسد الابن ممن سمّوا الحرس القديم مع بداية حكمه سورية، وتمكّنه من مسك خيوط الدولة الأمنية.

والاحتمال الآخر أن تكون روسيا أدارت فوهات أسلحتها باتجاه قوات الأسد بديلا عن وجهتها الحالية، حيث لا تزال تقصف مناطق المعارضة، وتقف على الضفة التي يقف عليها نظام الأسد، فهل لدى جمال سليمان معطيات تمنحه الشعور بإمكانية انقلاب الرئيس الروسي بوتين على الأسد، ومنح السوريين فرصة التعاطي مع شأنهم السوري، وفق ما أراده صاحب الاقتراح بنياته الحسنة، “لإحداث خرقٍ في حالة جمود الملف السوري، واعتبار تشكيل المجلس العسكري أكثر المقاربات واقعيةً وأكثرها ضمانا لوحدة سوريا وإيقاف دائرة القتل والدمار والانتقال السياسي الآمن لتنفيذ القرار 2254”.

إنه الوهم الإيجابي الذي يتفوّق على قدرتنا بتحليل الواقع، ويقدّم حلولاً خارج سياق المعطيات على الأرض. ويحسِن الظن بالطرف الآخر وصولاً إلى تصوّر إمكانية تنازله عن سلطةٍ دافع عنها بالتضحية بجيشه، وبقتل نحو مليون سوري، وتشريد نصف سكان سورية. وإذ برّر جمال سليمان ذلك بأنه رأي شخصي، وأنه يجدها المقاربة الواقعية، فإن السؤال هو عن مدى قناعته بحكم العسكر وديمقراطيتهم ليتنازلوا عن امتيازاتهم، في وقتٍ لم يستطع عموم السوريين أن يأمنوا شر السلطة في مؤسسات المعارضة التي تحوّلت إلى ملكياتٍ خاصة يمنع تداول مناصبها، فهل هو الحديث هنا عن مجلس عسكري ملائكي، غير ما هو شائع في مقاربات الدول التي أخذت بهذه التجربة، مصر أو السودان مثلا؟

تزامن إحياء اقتراح جمال سليمان، تشكيل مجلس عسكري لقيادة سورية في المرحلة الانتقالية، مع أخبار زيارة العميد مناف طلاس روسيا، من دون أي أخبار عن مضمون المحادثات التي يمكن أن تدور بين مسؤولي دولةٍ تتقاسم حكم سورية مع النظام (وحليفته إيران) وضابط “منشق” يعتبره النظام “خائنا”، وهو ضمن اعتبارات بعض المعارضة ليس جزءا منها، ما أعطى المجال واسعاً لتكهنات بشأن إمكانية تنفيذ المقترح، الأمر الذي أثار التساؤلات عما إذا كان المقترح داعب خيال مسؤولين روس للتشاور حوله، وأعاد الحياة إلى سيرة الجنرال طلاس الذي خرج من سورية، ليعود إليها حاكما عسكريا تحت وصاية روسيا حليف الأسد، وبوساطة فرنسية، قد تكون نافذة لأوروبا وإعادة دورها إلى الملف السوري، في محاولة لتخفيف وطأة التنمر الأميركي المحتمل على موسكو.

يمكن لروسيا أن تأخذ المقترح بعنوانه العريض، ولكن ليس لحكم سورية لمرحلة انتقالية، بل لإعادة سيرتها في تشكيل فيالقها في سورية على غرار الفيلق الخامس. وقد يكون لسيرة العميد مناف طلاس التي تلقَى القبول من بعض النظام وبعض المعارضة ما يقوّي فكرتها في تشكيل جيشٍ رديف، تقاوم به النفوذ الإيراني الذي يستقوي به النظام، ويفتح احتمالات تمرّده على موسكو، بعد إشاعة روح التفاؤل بالتقارب الأميركي الإيراني، وتجاهل الرئيس الأميركي جو بايدن الملف السوري في أولوياته الخارجية، خلال خطابه في الرابع من فبراير/ شباط الحالي، ما يشجع النظام على تمتين علاقته مع إيران على حساب موسكو، وليس التخلي عن سلطته لحساب مجلس عسكري تقرّه موسكو وتستفيد منه المعارضة من دون النظام.

العربي الجديد

——————————

من سيرث بشار: العسكر؟/ ساطع نور الدين

هو من مؤشرات الأمل ان ينفتح نقاش داخلي سوري، معارض، حول المستقبل وما إذا كان يفترض ان يشهد مرحلة إنتقالية عسكرية، أو ما إذا كان يجب أن يلتزم بالإنتقال السياسي التدريجي المنصوص عليه في  القرارات الدولية. العيب الوحيد في هذا النقاش هو أنه مجرد صدى لحملة إنتخابات الرئاسة السورية، المقررة بعد أربعة أشهر، والتي تديرها موسكو وتمولها طهران، وتغيب عنها واشنطن، وستؤدي في النهاية الى تمديد ولاية الرئيس بشار الاسد لسبع سنوات أخرى.

تداول الافكار والاراء مفيد بلا شك، حتى ولو كان يبدو أنه ينطلق من فرضية لم يثبتها أحد، هي أن موسكو ضاقت ذرعاً بالنظام السوري، وتعبت من محاولة الحفاظ عليه، وباتت جاهزة لتغييره. كما يستند الى نظرية مفادها أن واشنطن التي لا تزال تنزع الشرعية عن ذلك النظام وتجرده من الأهلية، راغبة فعلا في المضي قدماً في ذلك التغيير. وهو يعتمد على فكرة خيالية مفادها أن طهران يمكن أن تمتنع عن مقاومة هذا التغيير وتعطيله، لتسلم في النهاية بأنها مطالبة بالخروج من سوريا، أو بالبقاء كشريك صغير.

صحيح أن التدخل الروسي في سوريا بلغ ذروته التي لا يمكن أن يتخطاها، لكنه لم ينته من عملية جني المكاسب والمغانم المتاحة، في ظل  القيود التي وضعتها تركيا على توسع روسيا في الشمال السوري، وفي ظل الضوابط التي فرضتها إسرائيل على حركتها بإتجاه الحدود السورية الجنوبية، وفي ظل الموانع التي أقامتها إيران على الحدود الشرقية السورية، التي تتيح للايرانيين إدعاء نفوذ يوازي أو ربما يفوق النفوذ الروسي في دمشق.

 التعبير عن الأمنيات والرغبات السورية المعارضة دليل صحة وعافية، لأنه في المقام الأول ينقض المسار السياسي العقيم الذي فرضته موسكو طوال السنوات الأربع الماضية، والذي باتت هي نفسها تنكر جدواه. لكن البحث عن بدائل، كان ولا يزال يحتاج الى مخيلة سياسية واسعة، من جانب المعارضين السوريين على إختلافهم، والى كفاءة عالية في مساعي الاستفادة من المواجهات الحادة التي تدور بين الدول والجيوش الاربعة التي تقاتل وتتقاتل على الاراضي السورية.

التوجه الى موسكو بفكرة المجلس العسكري، القديمة والمطروحة منذ العام 2013، دليل على سؤ تقدير وقلة معرفة بما يجري في سوريا وحولها. ليس فقط لأن الروس يرفضون أي بحث في بدائل بشار، قبل قبض الثمن المجزي سلفاً، بل لأن الدور الروسي يتضاءل بالفعل هذه الايام، ويكاد يتحول ربما الى شاهد على صراع يدور بين الاميركيين والايرانيين، قد لا تكون سوريا من عناوينه الرئيسية، لكنها بالتأكيد عنوان مهم جدا.

كما أن المجلس العسكري المنشود، لا يُطرح كفكرة، ولا يُطلب من الروس او سواهم أن يساهموا بتشكيله، بل يفترض ان تسبقه إتصالات وتفاهمات سياسية، بين كبار الضباط المرشحين لعضويته، تتوج بالاعلان عن تشكيلته الكاملة، وعن برنامج عمله الواضح، وعن الجدول الزمني المحدد لقيامه بإدارة المرحلة الانتقالية السورية، لفترة سبع سنوات أو أقل، تجرى خلالها إنتخابات نيابية ورئاسية حرة ونزيهة وخاضعة للاشراف الدولي..حتى لا تسقط الفكرة بسرعة، بوصفها تنافساً مثيراً للهزء بين الشقيقين مناف وفراس طلاس، على وراثة بشار، يشبه التنافس المثير للسخرية بين سعد وبهاء الحريري على وراثة والدهما الشهيد رفيق الحريري.

لسؤ الحظ، لا مستقبل للحل السياسي في سوريا من دون المرور بهذا الخيار العسكري، الذي فكر به الروس والاميركيون يوماً، لكن وضع جانباً، عندما إنقطعت الاتصالات بينهما، وسلمت أميركا بالحجة الروسية في سوريا، وباتت تتحدث مع الروس حول جميع عناوين الصراع والخلاف في العالم، عدا سوريا، وقعت موسكو في فخ العجز عن إستثمار دورها ونفوذها السوري في أي مفاوضات مع الاميركيين.. وتولى الاتراك والاسرائيليون والايرانيون مهمة تحجيم ذلك الدور وحصره في مناطق الساحل السوري.

الحل السوري ليس على جدول اعمال الادارة الاميركية الجديدة، ولا من أولوياتها. يمكن ان يكون هامشاً أو ملحقاً من ملاحق التفاوض والتفاهم مع ايران، وليس روسيا، على الرغم مما طرح مؤخرا من افكار أميركية حول تخفيف العقوبات على بشار مقابل الاصلاحات، هدفها الوحيد هو استعادة مقعد أميركا الفارغ منذ سنوات حول طاولة البحث في مستقبل سوريا.

مع ذلك فإن فكرة المرحلة الانتقالية العسكرية في سوريا، جديرة بالمتابعة، علّها تسد فراغاً سياسياً شديداً، لا يبدو أن هيئات المعارضة المستسلمة للقدر الروسي، قادرة على الخروج منه.. وتحفز ربما على إثارة الجدل حول سبل الخروج من المأزق السوري، بغير الأدوات والآليات السياسية الحالية التي لا تعد إلا بتمديد المأساة لسبع سنوات أخرى.

المدن

———————————

في شرعية انتخابات الأسد/ سميرة المسالمة

يتكرّر مشهد التحضير للانتخابات الرئاسية الجديدة، للمرة الثانية على التوالي بعد بدء الثورة السورية، وظروف الحرب التي أعلنها النظام السوري على معارضيه منذ عام 2011. وعلى الرغم من تدهور واقع الحال لسوريين كثيرين، من مؤيدي الأسد ومن معارضيه، إلا أن النظام عقد العزم على متابعة سلوكه في التغاضي عمّا آلت إليه ظروف البلاد بعد الحرب التدميرية التي خاضها لاجتثاث الثورة ومطالبها وحاملها الشعبي، ومنعكسات هذه الحرب على قدرات النظام الداخلية والخارجية، وظروف احتلال البلاد من جيوش الحلفاء له روسيا وإيران، أو لمعارضيه تركيا والولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن جيش إسرائيل الذي يستقر في الجولان، أجمل بقاع سورية وأغناها بيئة وشعباً.

وحيث يستعد الأسد لانتخابات جديدة مضمونة النتائج منتصف العام الجاري، تبحث روسيا، في ملفاتها، عن مرشّح يلعب دور “الكومبارس” من بين من تقدّمهم للسوريين تحت صفة معارضين، ليس بهدف سحب البساط من تحت “المعارض الموعود”، بل لقطع الطريق على محاولات شخصيات معارضة تسعى إلى أخذ مبادرة الانتخابات في مناطق خارج سيطرة النظام، والشروع في تنظيم انتخابات متساوقة مع الأسد، ليس بهدف إنصاف السوريين، ولكن لتصبح ورقة قوة في يد تركيا لاحقاً خلال المفاوضات المقبلة لمجموعة أستانة، لتقاسم حصص ما بعد حقبة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، في سورية. ففيما تتعامل روسيا مع اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف على أنها مجرد ذرّ الرماد في عيون المجتمع الدولي، فإنها لا تخفي مسعاها الحقيقي، وهو لإعادة الاعتبار لمسار أستانة، لأنها من خلاله تستطيع عقد مزيد من التفاهمات، لرسم حدود جديدة بين جيوش الحلفاء أنفسهم في أستانة، وفي الوقت نفسه، الخصوم في مواقع السيطرة على الأرض.

في كل مرة، تقدم روسيا لزوارها من “المعارضين” شرحاً مفصلاً عن موقفها من دون مواربة، فهي تؤكد لهم أن الانتخابات الرئاسية ستجري وفق بروتوكولات سورية السابقة كما حدث في عام 2014، وأن هذا لا يعوق متابعة جلسات اللجنة الدستورية في جنيف، ذات الصلاحية المفتوحة زمنياً، كذلك تمنح المعارضة وعداً أنه في حال توصلهم إلى دستور جديد موافق عليه من أطراف اللجنة الدستورية (الأمر المستبعد تماماً)، فإنها ستكون مع انتخابات رئاسية جديدة “مبكرة”، وهو ما طرحته مع وفود منصتي القاهرة وموسكو وغيرهما.

لم يكن النجاح في تعطيل وفد النظام أعمال اللجنة الدستورية في جولتها الخامسة، هذه المرة أيضاً، جديداً على مبعوث الأمم المتحدة، غير بيدرسون، وهو إذ شعر بخيبة الأمل متأخراً، فذلك يعبّر عن مدى سطحية مباحثاته خلال زياراته لدول محور أستانة ودمشق والقاهرة، التي سبقت الجولة، ولم يمنح أي إجابة تفيد بأن اللجنة ذاهبة إلى صياغة الدستور، بالشراكة مع وفدي المعارضة والمجتمع المدني، فحيث لا تحسب دمشق وفدها أنه يمثل حكومتها، فهي لا تتعامل مع اللجنة على أنها ذات بعد قانوني، يمكنها من تعديل أي مادة دستورية، وستكتفي اليوم ومستقبلاً باعتبار الجلسات لنقاش شفهي، لا قوة تنفيذية لصياغته وتسميته دستوراً.

اعتمد النظام في الجولات السابقة على قوة تأثير حليفته روسيا في تبرير خداع الأمم المتحدة، وتعطيل أعمال اجتماعاتها، لكنه هذه المرة يعتمد على فراغ موقع الولايات المتحدة، وانشغال إدارته في ترتيب أولوياتها، ومقاربتها الملف السوري، في تبعيته المباشرة للملف النووي الإيراني الذي لا يزال قيد البحث والتداول، وهو الموضوع ذاته الذي أعطى فرصة لوفد المعارضة لكي يبتعد عن لغته “التهادنية” التي وصلت، في جولات سابقة، إلى حد التملق لوفد النظام، وإعلان رئيس الوفد، للمرة الأولى، أنه “لا داعي لوجودهم في اللجنة الدستورية ضمن الأجواء غير المبشرة داخل الاجتماعات”، وهو ما يمكن تفسيره أنه أيضاً قراءة واقعية للموقف الأميركي الجديد الذي لا يستعجل الانخراط في المسألة السورية، قبل البتّ بقضيته الأساسية، إيران.

لن تطول غيبة اجتماعات اللجنة الدستورية كثيراً، لكنها ستتلازم مع الحملة الانتخابية لبشار الأسد دولياً، وسيقدم خلالها النظام، وفق الرؤية الروسية، بعضاً من متطلبات تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، ومنها إطلاق سراح بعض المعتقلين، وفتح الأبواب لعودة اللاجئين، والسماح بدخول المساعدات إلى بعض المناطق ذات الاهتمام الدولي، وتعديلات في قانون الإدارة المحلية لتوسيع الصلاحيات المناطقية، وقد تبدأ عودة بعض الأسماء المعروفة إلى سورية لممارسة دور معارضة داخلية تحت عنوان الإصلاح السياسي، ما يعني أن هدف الحملة الانتخابية المجتمع الدولي لإعادة صياغة علاقته بالأسد، لا صياغة علاقة الأسد بالسوريين، من مؤيدين أو معارضين.

مرّت انتخابات الرئاسة السورية، في 3 يونيو/ حزيران عام 2014، بكل سلاسة، على الرغم من التصريحات الدولية، حيث وصفها مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنها “غير شرعية”. وانتقدها الأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون، بأنها محاولات إجراء انتخابات في ظل ظروف الحرب الأهلية، وهي حسب تصريحه “تتناقض مع نص بيان جنيف وروحه”. إلا أن بشار الأسد، مدعوماً من روسيا وإيران، مضى في “انتخاباته” من غير منافس يذكر (بغضّ النظر عن التمثيلية الباهتة للمرشح الثاني حسان النوري).

وأعلن الأسد فوزه بأصوات السوريين بنسبة تزيد على 88%، على الرغم من الحرب وتشريد الناس ومئات آلاف من الضحايا، ولم تأخذ أي جهة دولية موقفاً رسمياً من تلك النتائج، وبقي تمثيله في الأمم المتحدة معترفاً به حتى اللحظة. وما حدث سيتكرر عام 2021، على الرغم من التصريحات الدولية، أو بيانات الشخصيات المعارضة، فما لم توقفه خمسة جيوش تحتل بلده وقراره، لن توقف مسيرته معارضة مشتتة في مشاريعها وأهدافها، وحتى في أسباب ثورتها.

نجح الأسد في الحفاظ على كرسيه، وتمرير عشر سنوات بعد الثورة، وفشلت المعارضة في صناعة موقف موحد واحد من مشروع سورية المستقبل، وقبلت بتجميع مشاريع متناقضة مع بعضها في وفد تفاوضي واحد، تحت مسمى وفد المعارضة، في مقابل مشروع واحد “متماسك” للنظام، حدّده منذ اليوم الأول للثورة، الأسد أو نحرق البلد. وفعلياً بقي الأسد، لكنه أيضاً أحرق البلد وأهلها، ولم تتأخر قيادات المعارضة في اقتباس تجربته في حكم البلد إلى الأبد، على الرغم من صيحات إسقاطها كما صيحات إسقاطه.

———————————

ما الذي يريده رعاة مسار أستانة؟/ عمر كوش

كان لافتاً أن تحدد الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة (روسيا تركيا إيران) موعد انعقاد الجولة الخامسة عشرة من اجتماعاتها حول سوريا، يومي 16 و17 شباط الجاري، على وقع فشل الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، حيث أصدر ممثلوها بياناً ذكّروا فيه أن اللجنة “أنشئت في جنيف نتيجة مساهمة حاسمة من قبل ضامني أستانة، وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي”، لكنهم اعتبروا، ربما من باب السخرية والتعمية، أنها “لعبت دوراً هاماً في دفع العملية السياسية التي تدار وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، بتيسير من الأمم المتحدة، وبقيادة السوريين”. وكأنهم أرادوا الثناء في بيانهم على ما قام به وفد النظام، بدءاً من الاستهزاء باللجنة وبالرعاية الأممية لها، مروراً بالمماطلة والتسويف والاستفزاز، ووصولاً إلى رفضه الانخراط في مناقشة المضامين والمواد الدستورية، واعتبروه على ما يبدو نجاحاً لها.

ولعله من السخرية بمكان مطالبة رعاة مسار أستانة بأن يكون “عمل اللجنة الدستورية على أساس التفاهم والمشاركة البناءة، دون تدخلات خارجية، ودون فرض مواعيد نهائية من الخارج”، بينما يمثلون دولاً تتدخل بشكل سافر في القضية السورية، لذلك لا يقرّون بجدول أو سقف زمني لعمل اللجنة، لأنهم ينظرون إليها بوصفها لعبة تدار من طرفهم، وخاصة من طرف الساسة الروس، الأمر الذي شجع نظام الأسد على عدم إقامة أي اعتبار لها، وراح يتعامل معها بوصفها لعبة سياسية، ومضيعة للوقت.

وفي ضوء إفشال عمل اللجنة السورية من طرف نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، يتبادر السؤال عن الغاية من إنشاء اللجنة من قبل الساسة الروس، وماذا كانوا يريدون منها؟

وهل سيقرر رعاة أستانة في اجتماعهم المقبل معزوفتهم المتكررة عن دعمهم للجنة الدستورية وللحل السياسي ووحدة الأرض والسيادة السورية، ومحاربة الإرهاب، أم أنهم سيفكرون في رعاية اجتماعات اللجنة بالطريقة ذاتها التي يرعون فيها اجتماعات أستانة، حيث يجلبون وفداً للنظام وآخر للمعارضة إلى اجتماعاتهم دون أن يكون لهم أي دور سوى الموافقة على مخرجات الاجتماعات، وربما سيتحدثون عن توسيع قائمة وفود الدول المشاركة في اجتماعات مسار أستانة بصفة مراقب، من أجل الظهور بمظهر الراعي الحصري للقضية السورية في ترحالها ما بين فنادق سوتشي وأستانة وجنيف وسواها؟

وتظهر تطورات وتغيرات موازين القوى الدولية أن القضية السورية أُخرجت من أيدي السوريين جميعاً، وخاصة بعد التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب نظام الأسد، وباتت سوريا ملعباً لتدخلات أكثر من خمس قوى دولية وإقليمية، بعد أن حولتها إلى ساحة صراع مصالح وتقاسم نفوذ بينها، وراحت تديرها وتدورها وفقاً لمشاريعها وأجنداتها المختلفة، وتتعامل معها بوصفها أزمة صعبة ومعقدة، تتطلّب الخوض في تسويتها عقد قمم ومؤتمرات واجتماعات عديدة ما بين جنيف وفيينا وأستانة مروراً بالرياض ووصولاً إلى سوتشي وسواها.

وكانت الغاية الأساسية للساسة الروس، بوصفهم اللاعب الأقوى على الساحة السورية، هي تمييع وتهميش المعارضة والقرارات الأممية، والاستفادة من الاجتماعات الصورية والفارغة لتمرير محاولتهم إعادة تأهيل نظام الأسد، ووعود زائفة بإمكانية الانتقال في سوريا نحو دولةٍ يتحكّم فيها السوريون، وهو ما يكرّره المحتلون الروس والإيرانيون بوقاحة، لأن النظام استقدمهم للاستواء على السوريين، وبالتالي باتت غايتهم هي إعادة تثبيته وبث الحياة فيه، مقابل إجراء إصلاحات هامشية، وتمرير انتخاباته الرئاسية الهزلية المزمع إجراؤها في منتصف العام الجاري.

وتمكن الروس، بالفعل، من إنهاء مفاوضات جنيف التي كانت ترعاها الأمم المتحدة، بعد تسع جولات فاشلة، واستبدلوها بتواطؤ من الأمم المتحدة باللجنة الدستورية المسخ، التي كانت من مخرجات ما سمي بمؤتمر الحوار السوري، الذي اجترحته روسيا وليس له أي صفة شرعية أممية أو دولية، في ظل انكفاء الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية وعدم اكتراث ساستها بالقضية السورية، وعدم سعيهم إلى تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية السورية، وخاصة القرارين 2118 و2254، الأمر الذي يثبت أنها لم تكن ذات قيمة أو أهمية، ويمكن التخلي عنها بسهولة لصالح المسارات التي اخترعتها روسيا في  أستانة وسوتشي بديلاً عنها، والأنكى من ذلك هو قبول جهات في المعارضة الدخول في اللعبة السورية كشهود زور، ومن أجل شرعنة المسارات الروسية، تحت مختلف الحجج والذرائع، التي لا تحجب حقيقة أن روسيا لا يمكنها أن تقدم حلاً للقضية السورية سوى القيام بكل ما يمكنها من أجل إعادة إنتاج النظام وبقائها قوة احتلال للأرض السورية.

وأراد الساسة الروس من مسار أستانة، في بداية انطلاقته، الفصل بين المسارين العسكري والسياسي، حيث تمكنوا من تبريد جبهات القتال، وجعلها مناطق “منخفضة التصعيد”، ثم تمكنوا من الاستفراد بالمناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة، ومن قضمها واحدة تلو الأخرى، وبقيت منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب وما حولها، بعد قضم مناطق واسعة منها، وعقدوا اتفاقيات مع تركيا بشأنها، بما يعني اكتمال المسار العسكري، لذلك يحاولون الحفاظ على ما جنوه عسكرياً في سوريا، من خلال هندسة تسوية للوضع السوري على مقاسهم، يستثمرون فيها ما صرفوه عبر بوابات متعددة، ويضمنون فيها نفوذ بلادهم ومصالحهم قبل كل شيء، شريطة أن لا تفضي إلى تغيير نظام الأسد.

وتمتد التساؤلات، عشية ذهاب رعاة أستانة إلى اجتماعهم المقبل في سوتشي، إلى ما يتجاوز المخرجات المنتظرة منه والمعدة سلفاً، كونه قد لا يتعدى مجرد اجتماع عابر، لإظهار تحكم الروس وحلفائهم بمختلف الملفات السياسية المرتبطة بآليات دفع التسوية، من دون القيام بأي مراجعة لتحركاتهم وتفاهماتهم على خلفية فشل اللجنة الدستورية، لذا سيخرج بيانهم الختامي بكلام معسول حول الملف الإنساني وآليات إيصال المساعدات وتوزيعها، وإعادة طرح ملف اللاجئين السوريين، فيما الأهم بالنسبة اليهم هو استعراض أوضاع قواتهم في المناطق السورية، للعمل على تكريس التنسيق والتفاهمات فيما بينهم، من أجل تقاسم النفوذ والسيطرة، على حساب الشعب السوري بوصفه الضحية الكبرى في كل ذلك.

تلفزيون سوريا

————————–

معارض سوري: فكرة المجلس العسكري المشترك دليل على موت الحل السياسي السوري

قال معارض سوري، الاثنين، إن فكرة المجلس العسكري المشترك بين الحكومة السورية والمعارضة برئاسة العميد مناف طلاس، “دليل على موت الحل السياسي السوري.”

وعلى أبواب اجتماع دول مسار أستانا التي ستعالج الملف السوري بعد إحاطة المبعوث الأممي غير بيدرسن، برز في المجال السياسي السوري موضوع المجلس العسكري.

وقال عبد القهار سعود عضو المكتب التنفيذي لهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغير الديمقراطي، لنورث برس، إنه “بعد خمسة اجتماعات فاشلة وسنة وثلاثة أشهر تم تعطيل اللجنة الدستورية، برزت دعوات قديمة بثوب جديد لتشكيل مجلس عسكري مشترك بين النظام السوري والمعارضة برئاسة العميد مناف طلاس.”

وأشار إلى أن “مشروع المجلس العسكري والترويج الإعلامي الذي يرافقه، القصد منه تشكيل منصة حكم عسكري لسوريا بدعم دولي.”

ويتم في المجلس العسكري، “تأجيل النشاطات السياسية إلى مرحلة لاحقة، مع استمرار حالة الاستنقاع في الملف السوري”، بحسب “سعود”.

وقال إن هذا هو إحدى الدلائل الواضحة على “موت الحل السياسي وتعثر المفاوضات الجارية، وهو ما تم بعد ثلاثة وعشرين يوماً من مجيئ جو بايدن إلى البيت الأبيض.”

وتساءل المعارض السوري: “هل سوريا بحاجة فعلاً إلى مجلس عسكري يحكم البلاد إلى جانب عسكر النظام؟!.”

وأضاف: “أم هي خيارات أخرى من داخل المسارات الدولية الحالية لدفع الأطراف المتصارعة العالقة في هذه المسارات لتحريك الحوار السوري في هذه المفاوضات؟.”

وأشار إلى احتمالية أن تكون فكرة المجلس، اختبارٌ بدفع من قوى دولية وإقليمية لطرح مسارات جديدة تخرج عن مسار 2254، لحل الإشكالات العالقة بين المعارضة والحكومة حول صلاحيات الرئيس في الدستور السوري المزمع كتابته في اللجنة الدستورية.

ولم تلقَ تصريحاتٌ لعاملين على تسويق الفكرة دولياً ومحلياً، “القبول والتشجيع من قبل بعض الأطراف الدولية والمحلية”، بحسب “سعود”.

ويظهر هذا من خلال “الهجوم عليها من قبل قدري جميل الذي يعكس حقيقة المواقف الروسية من الملف السوري.”

وأشار إلى أن “المجلس يماثل التجربة السودانية في الحكم بمشاركة حقيقية بين مجلس مدني ومجلس عسكري وبالتناوب.”

ويكون المجلس العسكري جزء من هيئة الحكم الانتقالي المقرة في جنيف وهو أداة تنفيذية لها وليس بديلاً عنها، بحسب المعارض السوري.

وقال “سعود” إن “هيئة الحكم الانتقالي لا يمكنها تنفيذ المهمات الرئيسية المتعلقة بضمانة سلامة الأراضي السورية، وإخراج الجيوش الأجنبية، ومؤسسات الدولة السورية، وحرية العمل السياسي والالتزام بالدستور السوري ووحدة الأراضي السورية.”

ويتشكل المجلس العسكري من ضباط  من القوات الحكومية خلال فترة حكم الأسد الأب والابن، لم تتلطخ أيديهم بالدماء، ولم يشاركوا بالقتل مع ضباط منشقين من المعارضة.

وقال “سعود” إن فكرة المجلس تحمل بحد ذاتها “تناقضات كبيرة بسبب العقلية العسكرية لمفهوم التراتبية والعقلية العسكرية السورية التي ترسخت عبر السنين بعدم تلقي الأوامر والتوجيهات من سلطة مدنية.”

إعداد: إحسان الخالد ـ تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

——————————

=========================

تحديث 16 شباط 2020

—————————

 «مواجهة افتراضية» حول سوريا في سوتشي/ لندن: إبراهيم حميدي

سيكون اجتماع «الضامنين» الثلاثة، روسيا وإيران وتركيا، في سوتشي، اليوم وغداً، بمثابة «مواجهة افتراضية» بين رغبتين: الأولى، رغبة دول غربية وإقليمية، بينها أميركا التي هي بصدد مراجعة سياستها السورية، ألا يدعو المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى اجتماع جديد للجنة الدستورية في جنيف قبل الاتفاق على إجراءات اللجنة وخطة عمل الجولات المقبلة. الثاني، رغبة الدول الثلاث، خصوصاً روسيا وإيران، في الإبقاء على دوران عجلة اللجنة، باعتبارها «الإنجاز المدلل» لقطع الطريق على فتح «سلال» أخرى لتنفيذ القرار 2254، وللإبقاء على هذا المسار حياً، وإجراء الانتخابات الرئاسية في آخر مايو (أيار) المقبل بموجب دستور عام 2012.

«أجندة انفصالية»

من المقرر أن يعقد اجتماع «الضامنين» على مستوى نواب وزراء الخارجية بمشاركة بيدرسن وممثلي العراق ولبنان والأردن بصفة «مراقب» ومسؤولي مؤسسات أممية بينها مكتب اللاجئين. هذا الاجتماع سبقه لقاء ثلاثي مماثل في جنيف نهاية الشهر الماضي خصص للمسار الدستورية، وسبقته «قمة افتراضية» بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب إردوغان في الصيف الماضي. وإذ تريد أنقرة أن يتضمن التأكيد على «هدنة إدلب» التي رعاها بوتين وإردوغان في مارس (آذار) الماضي، فإن موسكو تأمل بفتح مسار جديد هو المسار الإنساني للبناء على «المؤتمر الدولي للاجئين» الذي رعته في دمشق نهاية العام الماضي، فيما تسعى طهران إلى موقف ضد غارات إسرائيل في سوريا، كان آخر قصف ليل الأحد – الاثنين قرب دمشق.

لكن «الضامنين» يتفقون على أن يشكل هذا الاجتماع مناسبة لتأكيد موقف ثلاثي في «رفض الأجندة الانفصالية» في شمال شرقي سوريا، في تأكيد استباقي لموقف سابق مع تسلم إدارة الرئيس جو بايدن التي تشير المعلومات إلى أنها ستؤكد على استمرار الوجود العسكري في سوريا، وستزيد دعم «قوات سوريا الديمقراطية» في محاربة «داعش»، على عكس «التأرجح» الذي كان سائداً في حكم الرئيس دونالد ترمب.

الملف الساخن الذي سيشغل ممثلي الدول الثلاث، يخص تقويم عمل اللجنة الدستورية. بيدرسن، كان يأمل ببعض الاختراقات في الجولة الخامسة باتجاه وضع «آلية لصوغ الدستور»، لكنه أصيب بـ«خيبة» بسبب «ضياع فرصة». أيضاً، كان يأمل بنوع من «التوافق الدولي»، لكن الاجتماع الأخير لمجلس الأمن كشف استمرار الانقسام الغربي – الروسي بعد تسلم بايدن، خصوصاً أن وزير خارجيته أنطوني بلينكن، تحدث خلال اتصاله مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على بندين فقط: دعم تسوية بموجب 2254 ودعم تمديد المساعدات الإنسانية عبر الحدود، لدى انتهاء ولاية القرار الحالي في يوليو (تموز).

استمرار الانقسام

لدى وضع مسودة بيان خلال الرئاسة البريطانية للمجلس، لم يحظ بموافقة الدول الـ15. روسيا لم تكن موافقة على بندين: الأول، «دعم جهوده (بيدرسن) والأسف لأنه بعد مرور 17 شهراً على إطلاق اللجنة، لم تبدأ حتى الآن عملية صياغة الإصلاح الدستوري، تبعاً لـ2254». الثاني، «دعم الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المبعوث، لإحراز تقدم على جوانب القرار 2254».

قبل الجولة الرابعة من «الدستورية» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، جرى الاتفاق على أن تخصص «الرابعة» لمناقشة «المحددات الوطنية»، على أن تناقش «الخامسة» مبادئ الدستور. لكن لدى انعقاد الأخيرة نهاية الشهر الماضي، استمرت المراوحة: وفد «هيئة التفاوض السورية» المعارضة برئاسة هادي البحرة قدم مقترحات لآليات العمل ووثيقة لـ«بعض البنود المقترحة ضمن فصل المبادئ الأساسية في الدستور» في صفحتين، تناولت عناوين «السيادة ونظام الحكم وفصل السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء والمواطنة المتساوية والنزاهة ومكافحة الفساد ومكافحة التطرف والإرهاب».

من جهتهم، طرح ممثلو «الوفد المدعوم من الحكومة» مداخلات تتعلق بالسيادة وتعريفها وحدودها ورموزها وضرورة استكمال «النقاش» قبل البدء بـ«الصياغة». لكن المفاجئ كان أن رئيس الوفد أحمد الكزبري قدم في الساعات الأخيرة من اجتماعات اللجنة وثيقة من صفحتين، بعنوان «عناصر أساسية في سياق الإعداد للمبادئ الدستورية»، وهي نص مطابق لوثيقة سابقة كان قدمها في الجولة الرابعة، حيث اقتصر التغيير على عنوان الوثيقة، الأمر الذي كان بمثابة «صدمة» لممثلي دول غربية وأممين.

بعدما أجرت الدول الثلاث، تقويماً ساخناً في جنيف، هي اليوم، بصدد إجراء تقويم بارد لوضع خطة للأشهر المقبلة، خصوصاً في ضوء الاتصالات الروسية والإيرانية مع دمشق التي أفاد بيان رسمي فيها بأن الرئيس بشار الأسد وكبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي، أكدا استمرار «عمل اللجنة دون تدخلات خارجية وفق قواعد الإجراءات التي تم الاتفاق عليها سابقاً، وبآلية عمل ومنهجية واضحة تبدأ من النقاش حول المبادئ الأساسية والاتفاق عليها، ثم الانتقال إلى التفاصيل».

دور المبعوث الأممي غير بيدرسن، سيكون أساسياً في تقويم المسار، سواء في سوتشي أو لدى زيارة موسكو يوم الخميس المقبل للقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف، أو دمشق للقاء وزير الخارجية فيصل المقداد، بعد اجتماع سوتشي. عليه، هل يجري التفاهم على آلية لاجتماعات اللجنة بموجب صفقة تتضمن: تحديد مواعيد الجولات، آلية الصياغة، خطة العمل، والتعاون بين رئيسي وفدي «الهيئة» و«المدعوم من الحكومة»؟ أم تواصل الدول الثلاث الحفاظ على المسار الدستوري للقول إن هناك عملية سياسية، ومنع الكتلة الغربية المنافسة من فتح «السلال» الأخرى لتنفيذ 2254 مثل «الانتقال – الحكم»، الانتخابات، الإرهاب، البيئة المحايدة، أو إعلان وفاة المسار الدستوري؟

الشرق الأوسط

—————————

وفد المعارضة السورية يكشف جدول أعمال الجولة الـ15 من مسار أستانة/ محمد الأحمد

اعتبر المتحدث باسم وفد المعارضة العسكرية السورية إلى أستانة، أيمن العاسمي، الإثنين، أن جولة المفاوضات الـ 15 التي تنطلق الثلاثاء في سوتشي الروسية، فرصة لتحقيق تقدم بعد فشل المفاوضات في اللجنة الدستورية قبل أسابيع في جنيف، كاشفاً أن “أجندة الاجتماعات ستشمل وقف إطلاق النار في إدلب شمال غرب سورية، ودفع عمل اللجنة الدستورية، وقضية المعتقلين”.

وحول أهمية الجولة بين العاسمي لوكالة “الأناضول” التركية أن “هناك محاولة لتحويل منطقة خفض التصعيد في إدلب وما حولها لمنطقة وقف إطلاق نار دائم، وهي تُبحث في كل جلسة” مضيفاً: “نريد أن ننتقل من مرحلة خفض التصعيد لوقف القتال والقصف بشكل مباشر”.

ولفت إلى أنه “سيتم الحديث عن الفشل الذي حصل في جنيف بخصوص (اللجنة الدستورية) وهو ما يؤكد على أهمية هذا المسار”، مضيفاً “إن لم يكن هناك دفعة قوية للجنة الدستورية فربما يتم النظر في مسارات أخرى”.

وأردف: “لا أعتقد أن هناك فكرة واضحة للمجتمع الدولي الآن، وبالتالي هناك بحث عن بدائل ولا بد أن يقوم المسار بدفع مسار اللجنة الدستورية ووقف إطلاق النار، إضافة لقضية المعتقلين والتهجير القسري الذي يقوم به النظام، وملف النازحين واللاجئين”.

وشدد على أن مسار أستانة “لا يمكن الاستغناء عنه لأنه يشكل دافعاً لبقية المسارات”، معتبراً أن جولة الثلاثاء “فرصة بعد فشل المفاوضات في جنيف”.

كما رجّح العاسمي أنه “إذا لم يتم تحقيق تقدم في هذا المسار، ستكون هناك فكرة جديدة يبدأ العمل عليها من قبل المجتمع الدولي وهو يحتاج لوقت لذلك نصرّ على تحقيق إنجاز في هذه الجولة”.

وأوضح العاسمي أن “المعارضة أعدت ملفاً يتضمن الخروقات التي نفذتها قوات النظام والمليشيات الإيرانية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، وتقديمها للجهات الدولية ومنها روسيا”، مؤكداً أن “فصائل المعارضة المتواجدة على الأرض هي التي بدأت بمسار أستانة وهي التي قامت بالتفاوض حتى الآن”.

وتابع: “ربما في بعض عمليات التفاوض لا يتم الحديث بشكل علني عن كل التفاصيل، ولكن في هذا المسار التفاصيل تتضح معالمها على الأرض”، مُشيراً إلى أنه “عندما نتحدث عن جنيف ونرى أن الأمم المتحدة لم تقم بما يجب أن تقوم به، فما علينا إلا أن نرجع إلى مسار أستانة لنضع القطار على السكة بشكل واضح والنتائج الملموسة يُذهب بها لجنيف ليتم تأطيرها”.

واستحضر العاسمي في هذا الصدد أنه “تم الاتفاق على اللجنة الدستورية في مسار أستانة، واتضحت ملامحها في جنيف”.

وأردف المتحدث باسم الوفد في حديث مطول للوكالة، أنهم يحملون كوفد معارضة إلى هذه الجولة، “أفكاراً بكيفية دفع المفاوضات في اللجنة الدستورية وجعلها فاعلة بشكل أكثر وضوحاً وإنجازاً”.

وألمح العاسمي إلى إمكانية عقد لقاء مع الجانب الروسي، مشيراً إلى أن “هذا اللقاء سينصب على أمرين رئيسيين: الأول، التعطيل الذي يقوم بها النظام وإيران للجنة الدستورية، والثاني، الخروقات التي يقوم بها النظام والمليشيات الإيرانية في إدلب”.

واتهم العاسمي الجانب الإيراني بتعطيل مسار أستانة، قائلاً: “بما أن روسيا أخذت على عاتقها الحل من خلال مفاوضاتها مع الدول الفاعلة مثل تركيا، أعتقد أن عليها أن تسمع ما نقول وما نقدم من أدلة على هذه الخروقات والقصد منها”، مؤكداً أن “الخروقات مقصودة لتخريب هذا المسار وتعطيل عملية التفاوض وأي نتائج يمكن أن نحصل عليها من هذا المسار”.

وشدد المتحدث على أن “المسار مهم، وفشله يعني الصدام، ربما انعكاسات الفشل على الأرض تكون بمسار أستانة أكبر من فشل مسار جنيف”، لافتاً إلى أنه “بالنهاية هو مسار عسكري رغم أنه يعنى بقضايا إنسانية، الفشل يعني أن هناك انهياراً لوقف إطلاق النار وأمور أخرى لا نرغب بها لأنها تؤثر على المدنيين بشكل عام، وأقول لروسيا، لا يمكن للشعب السوري أن يتراجع وعلى موسكو الضغط على النظام ومليشيات إيران”.

وتبدأ في مدينة سوتشي الروسية الثلاثاء أعمال الجولة الـ 15 من المباحثات بصيغة أستانة، بعد اعتذار كازاخستان عن استضافة أعمال الجولة، ويشارك في الجولة الدول الضامنة للمسار، روسيا وتركيا وإيران، لمناقشة تطورات الأوضاع الأمنية والسياسية والإنسانية في سورية، بحضور مراقبين أمميين وعرب من لبنان والأردن والعراق، بالإضافة للمبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون.

وتوقفت جولات أستانة عن الانعقاد منذ ديسمبر/ كانون الأول من العام 2019، وذلك بعد انخراط أطراف الصراع بمسار اللجنة الدستورية بجنيف، لكن وبعد عام على انطلاق اللجنة الدستورية، وخمس جولات من أعمالها والتي اتسمت جميعها بالفشل، يتضح عزم الروس العودة إلى مسار أستانة الذي ابتكروه لـ “حل الأزمة السورية”، والذي يتهمه الكثير من السوريين بالفشل أيضاً، وبأنه مراوغة روسية على المسارات الأممية لتحقيق مكاسب لها وللنظام السوري عبر مسار تفاوضي، بعد أن دعمته دائماً على الأرض، وما تزال.

العربي الجديد

————————-

محادثات أستانة 15 بشأن سورية تنطلق في سوتشي بمقاطعة أميركية/ جلال بكور

انطلقت اليوم، الثلاثاء، الجولة الـ15 من محادثات أستانة في مدينة سوتشي الروسية بحضور المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسن، وبمشاركة وفدي المعارضة والنظام السوري والدول الضامنة والمراقبة، في ظل مقاطعة أميركية للمحادثات.

وتجرى المحادثات على مستوى نواب وزراء الخارجية، حيث يحضر من جانب النظام وفد يترأسه معاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن سوسان، في حين يترأس وفد المعارضة العسكري أحمد طعمة. وتشارك وفود من لبنان والعراق والأردن بصفة مراقبين.

وجرت العادة أن يمثل الجانب التركي، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول”، نائب وزير الخارجية سادات أونال، والجانب الروسي المبعوث الخاص لسورية ألكسندر لافرنتييف، والجانب الإيراني مساعد وزير الخارجية جابري أنصاري.

وأكد لافرينتييف، اليوم الثلاثاء، أنّ المشاركين في اللقاء الدولي سيناقشون مسائل تأثير العقوبات الأميركية، مقرّاً بأنّ النظام السوري بات في عزلة سياسية واقتصادية قوية، في إشارة إلى قانون “قيصر” الأميركي.

وقال في تصريحات صحافية في مستهل جولة المحادثات: “نعتزم، في إطار الجلسة، النظر في قضايا ضرر العقوبات الصارمة أحادية الجانب من طرف الولايات المتحدة والدول الغربية”.

لافرينتييف يقر بتعرض النظام السوري لعزلة سياسية واقتصادية

وأقرّ المبعوث الروسي بأنّ “سورية باتت في عزلة سياسية واقتصادية قوية في الوقت الحالي، ما يضيق المجال لتنظيم عملية مفاوضات أعمال متكافئة مع الحكومة السورية”. وأضاف: “لا يمكن بأي حال من الأحوال السماح باستمرار العقاب الجماعي بحق الشعب السوري، بما في ذلك القسم الداعم للسلطات السورية الشرعية الحالية”.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن لافرينتييف قوله إنّ الولايات المتحدة رفضت المشاركة بصفة مراقب في لقاء “صيغة أستانة”.

ونقل موقع “روسيا اليوم” عن وكالة “نوفوستي” الروسية أنّ الدول الضامنة “لصيغة أستانة” تعتزم، خلال اللقاء، منح دفعة قوية لعملية “التسوية السورية”.

وأكد المبعوث الروسي أن الوفود ستناقش خلال اللقاء موضوع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وكذلك الوضع الاقتصادي في سورية، موجهاً رسالة للمعارضة السورية المسلّحة بضرورة “تحرير إدلب من الإرهابيين”، وفق زعمه.

وأكد لافرنتييف أن الوفد الروسي “سيجري محادثات شاملة مع وفد المعارضة السورية”، مشيراً إلى أنه سيشدد في حديثه مع الوفد المعارض على “ضرورة الابتعاد عن المجموعات المتطرفة، وخصوصاً في منطقة خفض التصعيد في إدلب المسيطرة فعلياً في الوقت الحالي على المنطقة، وتعطل تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية لاستقرار الأوضاع على خطوط التماس”.

وخلص إلى أنه “حان الوقت، على أي حال، لأن تسعى (المعارضة) إلى أخذ هذا الموضوع على عاتقها، وتحرر هذه المنطقة من المنظمات الإرهابية”. ومع إشارته إلى نتائج مؤتمر اللاجئين الذي عُقد في دمشق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ورغبة لبنان بتنظيم نسخة جديدة من المؤتمر، قال لافرنتييف إن “الجانب التركي أبدى اهتماماً في بحث موضوع تنظيم مباحثات حول اللاجئين على أراضيه، ولهذا نناقش ما يجب علينا فعله من أجل تحقيق دفعة لهذه القضية المهمة”.

وشدد لافرنتييف على ضرورة مواصلة العمل لمحاربة التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم “داعش” و”هيئة تحرير الشام” وغيرها من المنظمات المصنفة إرهابية، وأشار إلى أن نشاط هذه التنظيمات ازداد في الأشهر الأخيرة، وأكد أن “التفاوض مع التنظيمات الإرهابية غير مطروح إطلاقاً” وأن “الهدف هو القضاء عليها بالكامل”.

وبحسب ما ذكرته وكالة “الأناضول” نقلاً عن المتحدث باسم وفد المعارضة السورية أيمن العاسمي، فإنّ اجتماع سوتشي سيتناول، إضافة لملف اللجنة الدستورية، موضوع تحويل اتفاق خفض التصعيد في إدلب (الموقع عام 2017) إلى وقف إطلاق نار دائم، كما سيتناول ملف المعتقلين وقضايا إنسانية أخرى.

وقالت صحيفة “الوطن” التابعة للنظام السوري إنّ “المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن سيزور دمشق في 21 فبراير/ شباط الجاري لمدة يومين”، حيث ستأتي تلك الزيارة بعد أيام من انتهاء الجولة الـ15 من محادثات أستانة.

وستستمرّ المحادثات في إطار أستانة في سوتشي مدة يومين، على أن يشمل برنامج اليوم الأول مشاورات ثنائية وثلاثية، لتعقد الجلسة العامة في اليوم الثاني. وفي ختام المحادثات، سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع بيدرسن لمناقشة قضايا التسوية السياسية، في سياق عمل اللجنة الدستورية في جنيف واجتماع سوتشي، وفق ما كشفت عنه الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس الاثنين.

وتوقفت المحادثات بصيغة “مباحثات أستانة” أكثر من عام في ظل انعقاد جولات “اللجنة الدستورية” في جنيف، من دون التوصل إلى أي شيء جديد في الملف بعد عقد خمس جولات عمل وفد النظام السوري على تعطيلها.

ومع نهاية الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف في يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت الدول الضامنة لمسار أستانة: تركيا وروسيا وإيران، نيتها إجراء الاجتماع الخامس عشر بصيغة “أستانة” في سوتشي الروسية.

وكانت الجولات السابقة من المحادثات قد توقفت في ديسمبر/كانون الأول 2019، وجاء في البيان الختامي للجولة الـ14 أن الدول الضامنة والوفود المشاركة أكدت اتفاقها على “وحدة وسيادة الأراضي السورية”.

العربي الجديد

———————-

الجولة 15 من مسار أستانة… تمييع جديد للقضية السورية/ أمين العاصي

تعقد اليوم الثلاثاء جولة جديدة من مسار أستانة في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود، بمشاركة الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار، تركيا، وإيران، وروسيا، ودول الجوار السوري بصفة مراقبين، في ظل تلاشي الآمال بقرب التوصل إلى اتفاق يمكن أن يضع البلاد على سكّة الحل السياسي.

ووصل وفد المعارضة السورية، الذي يرأسه أحمد طعمة، إلى مدينة سوتشي، صباح أمس الإثنين، للمشاركة في الجولة الجديدة. وأوضح طعمة، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن وفد المعارضة يسعى إلى “إنقاذ اللجنة الدستورية التي يريد النظام القضاء عليها”. وأشار إلى أن جدول أعمال الجولة يتضمن “موضوع تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بمنطقة شرقي نهر الفرات، والقضايا الإنسانية، وإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود من أكثر من معبر”. وأكد أن وفد المعارضة يعمل على إحداث انفراج في العديد من الملفات، مستدركاً بالقول: لكن الأمور صعبة. وأشار إلى أن وفد المعارضة السورية سيلتقي على هامش أعمال الجولة مع الجانب الروسي، ومع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن.

وكانت عقدت الجولة 14 في ديسمبر/كانون الأول 2019، غير أن اجتماعاً عُقد عبر دائرة تلفزيونية، في إبريل/نيسان الماضي، بسبب تفشي وباء كورونا، اقتصر على وزراء خارجية الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار، التركي مولود جاووش أوغلو والإيراني محمد جواد ظريف، والروسي سيرغي لافروف. وسبقت هذه الجولة تحركات دبلوماسية إيرانية وروسية، حيث زار كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية علي أصغر خاجي العاصمة السورية دمشق قبل أيام، والتقى رئيس النظام بشار الأسد، قبل أن يجري نفس المسؤول لقاءات مع مسؤولين روس في موسكو في إطار تنسيق المواقف قبل بدء الجولة.

وذكرت صحيفة “الوطن”، التابعة للنظام، أن الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، التقى سفير النظام في موسكو رياض حداد مرتين خلال الأسبوع الماضي. وأمام الجولة الجديدة مجموعة من الملفات العالقة من الجولات السابقة، وخاصة موضوع المعتقلين، الذي لم يشهد أي تحريك، طيلة 14 جولة من هذا المسار، الذي كان بدأ في 23 يناير/كانون الثاني 2017 في العاصمة الكازاخية، من “أجل تخفيف التوتر في سورية، ومراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، والبحث في قضايا إنسانية، منها المناطق المحاصرة، وملف المعتقلين”.

وفي كل الجولات التي عقدت، كان وفد المعارضة السورية يطرح موضوع المعتقلين في سجون النظام السوري، الذي لم يكترث بهذا الملف خشية مواجهة دعاوى في محكمة العدل الدولية. ومن المرجح أن يحضر ملف اللجنة الدستورية بقوة خلال المباحثات، بعد خمس جولات فاشلة من أعمال هذه اللجنة في مدينة جنيف، حيث من الواضح أن كتابة دستور جديد للبلاد ليست من أولويات النظام، الذي شرع عملياً بالإعداد لانتخابات رئاسية منتصف العام الحالي، وفق دستور عام 2012، لضمان بقاء بشار الأسد في السلطة لدورة جديدة مدتها 7 سنوات.

وشهدت الفترة ما بين الجولتين 14 و15 الكثير من التطورات العسكرية والسياسية، والتي ربما أفقدت هذا المسار أي قيمة، وخاصة لجهة الدفع باتجاه حل سياسي، في ظل مساعٍ روسية إيرانية لتمييع القضية السورية وعرقلة المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة، بناء على قرارات الشرعية الدولية. وكانت قوات النظام تقدمت أواخر العام 2019، وفي الربع الأول من 2020، تحت غطاء ناري روسي في الشمال الغربي من سورية، في تجاوز سافر لتفاهمات مسار أستانة، الذي كان حدد نطاق منطقة خفض التصعيد الرابعة في محافظة إدلب ومحيطها، إلا أن قوات النظام وروسيا لم يلتزما بما اُتفق عليه. بل إن قوات النظام ذهبت إلى حد استهداف الجنود الأتراك ونقاط المراقبة، وهو ما استدعى رداً تركياً، تجلى بقصف جوي ومدفعي كبّد قوات النظام خسائر، ما دفع أنقرة وموسكو إلى نزع فتيل صراع على نطاق أوسع من خلال اتفاق عقد في العاصمة الروسية في مارس/ آذار الماضي، والذي لا يزال ساري المفعول حتى اللحظة. ومنذ فبراير/شباط 2020 أدخل الجيش التركي آلاف الجنود إلى محافظة إدلب، حيث أقام عشرات نقاط التمركز وأكثر من قاعدة عسكرية، في مؤشر واضح على أن أنقرة لن تسمح لقوات النظام بالتقدم أكثر. وخلال الشهر الماضي، استكمل الجيش التركي إنشاء نقاط تمركز ومراقبة على طول خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة السورية، في محيط المنطقة حيث تقع سيطرة هذه الفصائل في محافظة إدلب.

ورأى الباحث السياسي السوري عرابي عبد الحي عرابي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن مباحثات أستانة “باتت تقريباً محصورة بين الجانبين التركي والروسي”، مضيفاً أن “حصة إيران من سورية هي في محافظة دير الزور في أقصى الشرق وفي الجنوب، وخاصة العاصمة دمشق، ويمكن القول إن الإيرانيين أخذوا ما يريدون”. وتوقع عرابي أن يتضمن البيان الختامي نفس الكليشيهات حول اللجنة الدستورية ووحدة سورية، مضيفاً: لكن الأهم هو الموقف من مسألة وقف إطلاق النار في الشمال الغربي، فإذا تضمن البيان تجديد اتفاق الهدنة، فإن هذا يعني أن محافظة إدلب ستبقى خاضعة للمساومات والتصعيد. أما إذا نص البيان على وقف دائم لإطلاق النار، فهذا يعني أن الشمال الغربي من سورية يتجه نحو الاستقرار ونهاية العمليات العسكرية.

وبعد خسارتها مساحات واسعة من أرياف حماة وإدلب وحلب، باتت الخيارات العسكرية والسياسية أمام المعارضة السورية محدودة، إذ إن اتفاق موسكو أغفل تماماً مأساة أكثر من مليون نازح، باتت عودتهم إلى مدنهم وبلداتهم، وخاصة معرة النعمان، وسراقب، وخان شيخون، وكفرنبل، شبه مستحيلة، في ظل وجود قوات النظام والمليشيات الإيرانية. ومن المرجح أن يدفع الجانبان التركي والروسي باتجاه تثبيت اتفاق موسكو، في ظل محاولات لاستعادة الحركة على الطريق الدولي “أم 4” الذي يربط غربي البلاد بشمالها ويقطع محافظة إدلب.

وتلتئم الجولة الجديدة في ذروة فشل أممي في أعمال اللجنة الدستورية في مدينة جنيف، سببه تعنت النظام السوري، المستند إلى دعم روسي إيراني هدفه عرقلة المساعي الدولية لإيجاد حل سياسي وفق قرارات مجلس الأمن الدولي، وخاصة القرار 2254. وإذا كان الجانب الروسي قد هدف من إيجاد مباحثات أستانة إلى فصل المسارين العسكري والسياسي في القضية السورية لفتح الباب أمام استعادة قوات النظام السيطرة على الأرض، فإن موسكو تحاول الآن حصر الحل في مباحثات أستانة، وهو ما يفسر عدم الضغط على النظام لتسهيل مهمة الأمم المتحدة في كتابة دستور جديد للبلاد.

———————

موسكو تحسم ملف المجلس العسكري السوري:لا وجود له

نفت روسيا وجود أي محادثات حول ما سُمي ب”المجلس العسكري السوري”، واصفة الحديث حوله بأنه “تضليل يهدف إلى نسف العملية السياسية”، وذلك في أول تعليق رسمي منها على الأنباء التي تم تداولها في هذا الخصوص.

ونقلت قناة “روسيا اليوم” الثلاثاء، عن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف الثلاثاء، تأكيده أن الجولة 15 من محادثات أستانة في سوتشي لن تتضمن أي محادثات حول “المجلس العسكري”، وستركز على دفع التسوية ومكافحة الإرهاب دون هوادة.

وبذلك تكون روسيا قد قطعت الشك باليقين حول موقفها من “المجلس العسكري”، مؤكدة أنها ماضية في فرض رؤيتها للحل في سوريا.

ويرى الكاتب الصحافي المتخصص بالشأن الروسي سامر إلياس أن روسيا بهذا النفي تؤكد أنها لن تُجبر نظام الأسد على تقديم تنازلات، مهما كانت طبيعتها، لأن فكرة “المجلس العسكري” لا تصب في مصلحتها أو في مصلحة بشار الأسد.

وأضاف ل”المدن” أن “المجلس العسكري” أساساً، كان فكرة “طوباوية” للخروج من حالة الانسداد السياسي وإضاعة الوقت في مباحثات الدستور، ومسار أستانة. وقال: “تُدرك روسيا أن النظام لن يوافق على فكرة تشكيل المجلس، وهو في وضع عسكري مريح نسبياً، وأفضل بكثير من السنوات السابقة”.

وعن اعتبار عضو “منصة القاهرة” جمال سليمان، أن “من بين الروس من يرى في المجلس العسكري مخرجاً وحيداً” من حالة انسداد الأفق السياسي، قال إلياس: “روسيا تستمع إلى كل الأفكار التي تقدمها الوفود والشخصيات السورية، على اختلاف توجهاتها، غير أن الاستماع إلى الآراء لا يعني الاقتناع أو العمل بموجبها”.

وقال: “لن تُقدم روسيا على المضي في هذا المقترح الذي سيضغط على حليفها الأسد، وموقف الإدارة الأميركية الجديدة لم يتضح بعد من الملف السوري، وكذلك ما دامت قادرة على كسب الوقت، وإعطاء حقن إنعاش لمسار أستانة”.

وأضاف إلياس أن الموقف الروسي واضح تماماً، وهي تريد من المحادثات الجارية في سوتشي استمالة الأطراف الضامنة لمسار أستانة والأطراف الإقليمية المشاركة، نحو تحريك ملف إعادة اللاجئين، لمساعدة اقتصاد النظام، وهي العاجزة عن مد يد العون.

وكان جمال سليمان  قد كشف في وقت سابق، أنه هو من طرح على القيادة الروسية فكرة تشكيل مجلس عسكري سوري يكون بديلاً لهيئة الحكم الانتقالي، وذلك بعد الجدل الذي أثارته صحيفة “الشرق الأوسط” بحديثها عن تقديم منصات موسكو والقاهرة المعارضة مقترحاً لوزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف يبحث في تشكيل مجلس عسكري يحكم سوريا في المرحلة الانتقالية.

من جهته، نفى رئيس منصة موسكو قدري جميل تقديم المنصتين للجانب الروسي وثيقة مكتوبة حول إنشاء مجلس عسكري. وكتب في تغريدة: “الخبر لا يمت للواقع بأية صلة ونستغرب توقيته وشكله ونستنكر محتواه الذي يهدف لخلط أوراق العملية السياسية التي نضجت ظروفها ويهدف لعرقلتها”.

————————–

ما الذي يريده رعاة مسار أستانة؟/ عمر كوش

كان لافتاً أن تحدد الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة (روسيا تركيا إيران) موعد انعقاد الجولة الخامسة عشرة من اجتماعاتها حول سوريا، يومي 16 و17 شباط الجاري، على وقع فشل الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، حيث أصدر ممثلوها بياناً ذكّروا فيه أن اللجنة “أنشئت في جنيف نتيجة مساهمة حاسمة من قبل ضامني أستانة، وتنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي”، لكنهم اعتبروا، ربما من باب السخرية والتعمية، أنها “لعبت دوراً هاماً في دفع العملية السياسية التي تدار وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، بتيسير من الأمم المتحدة، وبقيادة السوريين”. وكأنهم أرادوا الثناء في بيانهم على ما قام به وفد النظام، بدءاً من الاستهزاء باللجنة وبالرعاية الأممية لها، مروراً بالمماطلة والتسويف والاستفزاز، ووصولاً إلى رفضه الانخراط في مناقشة المضامين والمواد الدستورية، واعتبروه على ما يبدو نجاحاً لها.

ولعله من السخرية بمكان مطالبة رعاة مسار أستانة بأن يكون “عمل اللجنة الدستورية على أساس التفاهم والمشاركة البناءة، دون تدخلات خارجية، ودون فرض مواعيد نهائية من الخارج”، بينما يمثلون دولاً تتدخل بشكل سافر في القضية السورية، لذلك لا يقرّون بجدول أو سقف زمني لعمل اللجنة، لأنهم ينظرون إليها بوصفها لعبة تدار من طرفهم، وخاصة من طرف الساسة الروس، الأمر الذي شجع نظام الأسد على عدم إقامة أي اعتبار لها، وراح يتعامل معها بوصفها لعبة سياسية، ومضيعة للوقت.

وفي ضوء إفشال عمل اللجنة السورية من طرف نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، يتبادر السؤال عن الغاية من إنشاء اللجنة من قبل الساسة الروس، وماذا كانوا يريدون منها؟

وهل سيقرر رعاة أستانة في اجتماعهم المقبل معزوفتهم المتكررة عن دعمهم للجنة الدستورية وللحل السياسي ووحدة الأرض والسيادة السورية، ومحاربة الإرهاب، أم أنهم سيفكرون في رعاية اجتماعات اللجنة بالطريقة ذاتها التي يرعون فيها اجتماعات أستانة، حيث يجلبون وفداً للنظام وآخر للمعارضة إلى اجتماعاتهم دون أن يكون لهم أي دور سوى الموافقة على مخرجات الاجتماعات، وربما سيتحدثون عن توسيع قائمة وفود الدول المشاركة في اجتماعات مسار أستانة بصفة مراقب، من أجل الظهور بمظهر الراعي الحصري للقضية السورية في ترحالها ما بين فنادق سوتشي وأستانة وجنيف وسواها؟

وتظهر تطورات وتغيرات موازين القوى الدولية أن القضية السورية أُخرجت من أيدي السوريين جميعاً، وخاصة بعد التدخل العسكري الروسي المباشر إلى جانب نظام الأسد، وباتت سوريا ملعباً لتدخلات أكثر من خمس قوى دولية وإقليمية، بعد أن حولتها إلى ساحة صراع مصالح وتقاسم نفوذ بينها، وراحت تديرها وتدورها وفقاً لمشاريعها وأجنداتها المختلفة، وتتعامل معها بوصفها أزمة صعبة ومعقدة، تتطلّب الخوض في تسويتها عقد قمم ومؤتمرات واجتماعات عديدة ما بين جنيف وفيينا وأستانة مروراً بالرياض ووصولاً إلى سوتشي وسواها.

وكانت الغاية الأساسية للساسة الروس، بوصفهم اللاعب الأقوى على الساحة السورية، هي تمييع وتهميش المعارضة والقرارات الأممية، والاستفادة من الاجتماعات الصورية والفارغة لتمرير محاولتهم إعادة تأهيل نظام الأسد، ووعود زائفة بإمكانية الانتقال في سوريا نحو دولةٍ يتحكّم فيها السوريون، وهو ما يكرّره المحتلون الروس والإيرانيون بوقاحة، لأن النظام استقدمهم للاستواء على السوريين، وبالتالي باتت غايتهم هي إعادة تثبيته وبث الحياة فيه، مقابل إجراء إصلاحات هامشية، وتمرير انتخاباته الرئاسية الهزلية المزمع إجراؤها في منتصف العام الجاري.

وتمكن الروس، بالفعل، من إنهاء مفاوضات جنيف التي كانت ترعاها الأمم المتحدة، بعد تسع جولات فاشلة، واستبدلوها بتواطؤ من الأمم المتحدة باللجنة الدستورية المسخ، التي كانت من مخرجات ما سمي بمؤتمر الحوار السوري، الذي اجترحته روسيا وليس له أي صفة شرعية أممية أو دولية، في ظل انكفاء الولايات المتحدة ومعها الدول الغربية وعدم اكتراث ساستها بالقضية السورية، وعدم سعيهم إلى تنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بالقضية السورية، وخاصة القرارين 2118 و2254، الأمر الذي يثبت أنها لم تكن ذات قيمة أو أهمية، ويمكن التخلي عنها بسهولة لصالح المسارات التي اخترعتها روسيا في  أستانة وسوتشي بديلاً عنها، والأنكى من ذلك هو قبول جهات في المعارضة الدخول في اللعبة السورية كشهود زور، ومن أجل شرعنة المسارات الروسية، تحت مختلف الحجج والذرائع، التي لا تحجب حقيقة أن روسيا لا يمكنها أن تقدم حلاً للقضية السورية سوى القيام بكل ما يمكنها من أجل إعادة إنتاج النظام وبقائها قوة احتلال للأرض السورية.

وأراد الساسة الروس من مسار أستانة، في بداية انطلاقته، الفصل بين المسارين العسكري والسياسي، حيث تمكنوا من تبريد جبهات القتال، وجعلها مناطق “منخفضة التصعيد”، ثم تمكنوا من الاستفراد بالمناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة، ومن قضمها واحدة تلو الأخرى، وبقيت منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب وما حولها، بعد قضم مناطق واسعة منها، وعقدوا اتفاقيات مع تركيا بشأنها، بما يعني اكتمال المسار العسكري، لذلك يحاولون الحفاظ على ما جنوه عسكرياً في سوريا، من خلال هندسة تسوية للوضع السوري على مقاسهم، يستثمرون فيها ما صرفوه عبر بوابات متعددة، ويضمنون فيها نفوذ بلادهم ومصالحهم قبل كل شيء، شريطة أن لا تفضي إلى تغيير نظام الأسد.

وتمتد التساؤلات، عشية ذهاب رعاة أستانة إلى اجتماعهم المقبل في سوتشي، إلى ما يتجاوز المخرجات المنتظرة منه والمعدة سلفاً، كونه قد لا يتعدى مجرد اجتماع عابر، لإظهار تحكم الروس وحلفائهم بمختلف الملفات السياسية المرتبطة بآليات دفع التسوية، من دون القيام بأي مراجعة لتحركاتهم وتفاهماتهم على خلفية فشل اللجنة الدستورية، لذا سيخرج بيانهم الختامي بكلام معسول حول الملف الإنساني وآليات إيصال المساعدات وتوزيعها، وإعادة طرح ملف اللاجئين السوريين، فيما الأهم بالنسبة اليهم هو استعراض أوضاع قواتهم في المناطق السورية، للعمل على تكريس التنسيق والتفاهمات فيما بينهم، من أجل تقاسم النفوذ والسيطرة، على حساب الشعب السوري بوصفه الضحية الكبرى في كل ذلك.

تلفزيون سوريا

————————-

واشنطن ترفض دعوة روسية للمشاركة باجتماعات “أستانا” حول سوريا

قال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، إنه تم إرسال دعوة إلى الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في اجتماعات “أستانا” لكن الجانب الأميركي رفض.

وفي تصريحات للصحفيين، قبيل انطلاق الجولة 15 من محادثات “أستانا” حول سوريا، اليوم الثلاثاء، أضاف لافرينتيف أن “الدول الضامنة لمسار أستانا (تركيا وروسيا وإيران)، تعتزم خلال اللقاء منح دفعة قوية لعملية التسوية السورية”.

وأوضح أن الوفود ستناقش خلال اللقاء “موضوع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، والوضع الاقتصادي في سوريا، إلى جانب مكافحة الإرهاب”.

وحول الأهداف التي تسعى المباحثات إلى تحقيقها في الاجتماع، قال لافرينتييف “أولا وقبل كل شيء، نحتاج إلى تلخيص النتائج، ومعرفة أين نحن الآن، وتحديد المعايير الحقيقية لعملية التسوية والبدء في تنفيذها”.

واعتبر أن “الواقع في سوريا، لا يزال مثيراً للقلق، ويجب بذل كل الجهود لمنع موجة جديدة تأجج النزاع المسلح”، مضيفاً “ولكن روسيا لا ترى أي دراما، في أن عمل اللجنة الدستورية السورية، قد توقف، وترغب في بحث توفير جو بناء لهذا العمل”.

وشدد المبعوث الروسي على ضرورة أن تعمل المعارضة السورية على “تحرير إدلب من الإرهابيين”، مؤكداً أنه “لا حلول وسط مع الإرهابيين”، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن روسيا تستبعد بشكل تام، أي اتفاق مع “الجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا، وهي تركز على تصفية هذه الجماعات بشكل كامل”، مؤكداً على ضرورة “بذل كل الجهود لمنع موجة جديدة تأجج النزاع المسلح”.

وسبق أن أفاد المتحدث باسم وفد المعارضة العسكرية السورية أيمن العاسمي، للأناضول، بأنه من المنتظر أن تجري الوفود مناقشات حول المسائل السياسية والعسكرية المتعلقة بسوريا.

وأشار العاسمي، إلى أن أبرز الملفات المطروحة “تحويل إدلب لمنطقة وقف إطلاق نار شامل، وقضية اللجنة الدستورية، وتجاوزات الإرهابيين شرق الفرات”.

من يشارك في اجتماعات “أستانا”؟

وانطلقت اليوم الثلاثاء، بمدينة سوتشي الروسية، اجتماعات الجولة 15 ضمن مسار “أستانا” للتسوية السياسية في سوريا.

وبدأت أعمال اليوم الأول من اللقاء بمحادثات ثنائية مغلقة ومتعددة الجوانب بين مختلف الوفود، ثم ينعقد اجتماع ثلاثي، مساء اليوم، لوفود الدول الضامنة الثلاث، يعقبه تصريح صحفي للمبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف.

كما تتواصل الاجتماعات يوم غد الأربعاء، على أن تعقد الجلسة الرئيسية المعلنة والختامية ظهراً، يعقبها عقد مؤتمرات صحفية للوفود المشاركة.

وتشارك في الاجتماعات وفود الدول الضامنة، وهي الوفد التركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال، والروسي برئاسة لافرينتييف، والإيراني برئاسة كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي.

كما يشارك وفد عن المعارضة السورية برئاسة الدكتور أحمد طعمة، ووفد عن نظام الأسد برئاسة معاون وزير الخارجة بحكومة النظام، أيمن سوسان، وفق ما أعلنت وكالة أنباء النظام “سانا”.

ويشارك في الاجتماعات أيضاً ممثلين عن الدول التي تتمتع بصفة مراقب، وهي الأردن والعراق ولبنان، وكذلك الأمم المتحدة التي يترأس وفدها مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، ووفد من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى جانب ممثل عن وزارة خارجية جمهورية كازاخستان التي قدمت الساحة المضيفة لعملية “أستانا”.

يشار إلى أنه في 29 من كانون الأول الماضي، أعلنت كل من تركيا وروسيا وإيران – الدول الضامنة لمسار أستانا – عن عقد القمة، مؤكدين على “الالتزام القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها”، مع ضرورة احترام هذه المبادئ من قبل جميع الأطراف.

وبدأت أولى جلسات أستانا في 23 من كانون الثاني من العام 2017، في العاصمة الكازاخية أستانا، بحضور ممثلين عن نظام الأسد وممثلين عن المعارضة السورية، برعاية الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران).

وعُقدت آخر الجولات من مباحثات أستانا في 10 من كانون الأول من العام 2019، وأكدت الدول الضامنة حينها التزامها بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، والالتزام بمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وكان من المقرر إجراء جولة جديدة في آذار من العام الماضي، لكن ذلك لم يحدث بسبب انتشار فيروس “كورونا”.

—————————–

بيدرسون في دمشق الأحد المقبل.. وروسيا تحدد هدفها من “أستانة 15

يجري المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، زيارة إلى العاصمة السورية دمشق، الأحد المقبل، للقاء مسؤولين لدى النظام، حسبما ذكر إعلام موالي.

وقالت صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، إن بيدرسون سيزور دمشق يوم 21 فبراير/ شباط الجاري، لإجراء محادثات حول عمل اللجنة الدستورية السورية، التي أنهت جولتها الخامسة قبل أيام دون تحقيق أي تقدم ضمن مسار كتابة المبادئ الدستورية.

إلى جانب ذلك، انطلقت أعمال الجولة الـ 15 من محادثات “أستانة” حول سورية، اليوم، في منتجع سوتشي بروسيا، بحضور ممثلين عن “الدول الضامنة” (روسيا- تركيا- إيران)، والمبعوث الأممي إلى سورية جير بيدرسون، وبمشاركة 3 دول عربية هي: الأردن والعراق ولبنان.

وفي تصريحات صحفية للمبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف، قال فيها إن اللقاء سيتناقش بصورة مركّزة جهود الحل السياسي في سورية، وسبل عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم، وأضرار العقوبات الأمريكية على نظام الأسد، مشيراً إلى أن تلك العقوبات سببت حصاراً شديداً على الشعب السوري، على حد تعبيره.

روسيا تلتقي وفدي النظام والمعارضة

ضمن أعمال الجولة 15 من “أستانة”، أعلن لافرنتيف أنه سيجري لقاءً مع وفد المعارضة السورية في سوتشي، في وقت لاحق اليوم، مشيراً إلى أنه سيناقش مسألة فك الارتباط عن “الإرهابيين” في إدلب.

وأضاف “سنجري حديثاً مفصلاً للغاية مع وفد المعارضة السورية، وسنتحدث معهم حول ضرورة إبعاد أنفسنا عن الجماعات المتطرفة، خاصة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، التي تسيطر عليها فعلياً هذه الجماعات، وتتدخل في تنفيذ الاتفاقات الروسية- التركية حول استقرار الوضع على خط التماس”.

وتابع: “حان الوقت للمعارضة السورية لمحاولة تولي هذا الأمر بنفسها، وتحرير هذه الأراضي من التنظيمات الإرهابية”.

بموازاة ذلك، عقد الوفد الروسي المشارك في “أستانة” اجتماعاً مع وفد النظام، برئاسة معاون وزير الخارجية أيمن سوسان، تطرق خلاله إلى “الإجراءات القسرية التي تستهدف المواطن السوري في لقمة عيشه، وضرورة وقف وإدانة الاجراءات التي تقوم بها بعض المجموعات الانفصالية في الحسكة والقامشلي”، حسبما أوردت وكالة أنباء النظام “سانا”.

فيما أعلنت روسيا أنها ناقشت مع وفد “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” في سوتشي، تقديم لقاح “كورونا” الروسي لسورية، وقال مبعوث بوتين ألكسندر لافرنتيف تعليقاً على ذلك: “بالتأكيد سنطرح هذه القضية (تقديم اللقاحات)، ولا سيما لقاح سبوتنيكV. نحن على استعداد لتقديم الدعم بهذا الشأن”.

واستكمالاً للجولة 15 من “أستانة”، عقد الوفد الروسي لقاءً مع الوفد التركي، الذي يرأسه مدير الملف السوري في الخارجية التركية، سلجوق أونال، كما عقد اجتماعاً آخر مع كبير المستشارين في الخارجية الإيرانية علي أصغر خاجي، حول آخر التطورات السياسية والعسكرية والاقتصادية في سورية.

وتستمر أعمال الجولة الحالية من “أستانة” يومي 16 و17 فبراير/ شباط الجاري، في مدينة سوتشي الروسية، وسط رفض الولايات المتحدة الأمريكية المشاركة بصفة مراقب، حيث قالت موسكو إنها أرسلت دعوة لواشنطن إلا أن الأخيرة رفضت.

——————

ماذا وراء الحديث عن تشكيل مجلس عسكري سوري؟

https://www.facebook.com/RTQusara/videos/2883290815290061/

————————-

الخلاف على جِلد بشار/ عمر قدور

هو تمرين ذهني. هكذا هو حال الخلافات السورية التي برزت في الأيام الأخيرة حول فكرة إنشاء مجلس عسكري انتقالي مختلط من ضباط موالين ومعارضين. هو أيضاً تمرين على الخلاف على جِلد بشار قبل صيده، وفق المثل المعروف عن الخلاف حول جلد الدب قبل صيده. فالمجلس المقترح العتيد يُفترض أن يدشن ما بعد بشار الأسد، بل ما بعد نصف قرن من حكم عائلته، وجزء من الخلاف حوله هو خلاف على تركة الأسدية وكأن “صيدها” صار متاحاً.

إلا أن التمرين الذهني تشعب كالمعتاد، في حين كان ممكناً أن يقدّم قليلاً من الفائدة لو انصبّ على ما هو أساسي بدل التيه في تشعبات ليست في أصل الفكرة، ولا تستغلها لتقديم معرفة سياسية راهنة. أقل ما يقتضيه الفهم الواقعي الراهن رؤية المستوى السياسي للمعارضة يتسول مفاوضات “جادة” في اللجنة الدستورية، ورؤية الفصائل العسكرية “بمختلف تسمياتها وتوجهاتها” تتسول وقفاً دائماً لإطلاق النار. في الحالتين، الدب ليس في موقع الطريدة، لا بشائر لتوافق دولي قريب على وضعه في هذه المكانة.

بناء على الواقع لا الأمنيات، من المرجح أن يحظى خيار تشكيل مجلس عسكري بقبول غالبية السوريين، متضمنة نسبة غالبة من الموالاة، لا حباً منهم بالعسكر وإنما لما ينطوي عليه لجهة استبعاد آل الأسد من السلطة. الذين سيوافقون على المجلس العسكري غير مدفوعين بالسذاجة أو قلة الوعي، دافعهم الأساسي اليأس وانسداد الأفق أمام تغيير سلمي ديموقراطي. بمعنى أن أي حكم يحل مكان عائلة الأسد لا يُتوقع منه الأسوأ، ولا يُتوقع منه القدرة على صناعة أسدية جديدة. هناك قناعة سورية ودولية عامة بأن بشار الأسد هو آخر الأسديين، إذا سقط أو تنحى، وحتى إذا حل مكانه ديكتاتور فقد ولى الزمن الذي سمح للأسد الأب بصناعة أبده.

موسكو غير بعيدة عن فكرة بيع جلد الدب قبل صيده، فهي تروّج لامتلاكها إياه على الرغم من منافسة طهران. التركيز على موسكو وطهران كحُماة لبشار ينبغي ألا ينسينا السؤال القديم للقوى الغربية المؤثرة عن البديل، بل تورط بعضها في صرف النظر عن التغيير نهائياً والقبول بإعادة تدوير بشار. طرح المجلس العسكري كبديل لبشار ينبغي أن يحظى بقبول هذه القوى جميعاً، والقبول ينطوي على تأثير الخارج في تركيبة المجلس، وعدم استبعاد تغلّب منطق المحاصصة الذي يعكس خريطة النفوذ الخارجية. بعبارة أخرى، لن يكون هناك مجلس عسكري ما لم تُرضِ تشكيلته مختلف القوى النافذة في سوريا.

سيكون أشبه بالمراهقة السياسية الظنُّ بأن التغيير الديموقراطي مطلب لأيّ من القوى الدولية والإقليمية، فهي جميعاً تفضّل العنف عندما يحقق لها أهدافها، وتجنح إلى الاستقرار “وحتى الاستبداد” متى خرج العنف عن الدائرة المقبولة كانتشار وكهدف. عندما يستنفذ العنف أغراضه، السؤال الأهم الذي تطرحه هذه القوى هو: من سيضبط الأوضاع في سوريا فلا تكون ساحة للفوضى تهدد الاستقرار الإقليمي؟

لقد وُجّه السؤال مراراً إلى وفود من المعارضة: ماذا أنتم فاعلون إذا تنحى بشار؟ ألديكم إمكانية للسيطرة على الجيش والمخابرات؟ أأنتم قادرون على مواجهة فوضى السلاح والإرهاب؟ بصرف النظر عما في الأسئلة من ذرائع، وعن عدم أخلاقيتها إذ تفضّل نظام إبادة على احتمال فوضى قد لا تكون أكثر دماراً مما حصل فعلاً؛ هذه هي الأسئلة التي لا تجيب عليها أفكار عمومية تنص على إعادة هيكلة الجيش والمخابرات، لأن عملية الهيكلة تستغرق إدارة ووقتاً لن تنتظر الفوضى المحتملة توفرهما.

بعبارة أوضح، المجلس العسكري هو ضمانة للخارج من أجل نيل موافقته على التغيير، ومن الوهم الظن بأن الخارج الذي اتفق على قرار مجلس الأمن 2254 “بنصه على تشكيل هيئة حكم انتقالي” سيلتزم بالقرار ما لم تكن الهيئة الانتقالية عسكرية أو واجهة لتحالف من العسكر والمخابرات يمسك فعلياً بالبلد. أبعد من ذلك، ستكون نقلة ضمن الواقع السوري وجود رئيس مدني بمثابة واجهة للعسكر، بمعنى أن يُضطر العسكر للمرة الأولى إلى التواري خلف واجهة مدنية فلا يحكمون البلد كما فعلوا مع كل انقلاب قاموا به.

قد يكون صادماً قولنا أن أفضل سيناريو واقعي راهن هو الانتقال من استبداد عائلة الأسد إلى نظام ديكتاتوري، بما يعنيه أصل الديكتاتورية بكونها إجراءً استثنائياً، ضمن ظروف استثنائية تزول بزوالها، وأيضاً بما تعنيه كنظام يلقى قبول النسبة الأكبر من السوريين وفق الشروط التي تنص على كونه استثنائياً وانتقالياً. أسهل ما يمكن قوله في مواجهة هذا الطرح أن السوريين ثاروا وقدّموا التضحيات من أجل الحرية والديموقراطية، وما دونهما لا يليق بتضحياتهم ولا يجوز قبوله. وأسهل ما يمكن الرد به أن السوريين لم يثوروا كي يقدّموا التضحيات التي أُجبروا عليها، وبالطبع لم يثوروا من أجل أن تتصدر الساحة مجموعة من المعارضين الفاشلين، إذا تغاضينا عن ارتهانهم لمختلف قوى الخارج.

اليوم، أي كلام في السياسة يتلطى خلف الثورة هو كلام مغشوش، هو ليس كلاماً في السياسة إلا بما يخفيه من غباء أو خبث. الواقعية لا تعني الاستسلام، بل تعني البحث عن الممكن، وأي ممكن يبدأ برحيل آل الأسد عن السلطة سيفتح على ممكنات أخرى في المستقبل، لأن بقاء حكم السلالة بمثابة حرب دائمة وحجب للمستقبل معاً. في حالتنا، الخلاف على جلد الدب خارج السياسة بالمطلق، فهو لا يحدث قبل صيده فحسب، بل قبل تفضّل الآخرين بصيده وتقديمه مجاناً لمعارضينا الأشاوس!

حسناً.. كاتب هذه السطور أيضاً لا يحب العسكر ولا مجالسهم، ويعرف أنهم متى حازوا السلطة لن يفرّطوا بها، وعلى الأرجح سيضطر السوريون إلى ثورة لاحقة للتخلص منهم. إننا جميعاً لنتمنى تدبيج عشرات السطور بما يتناسب مع أمنياتنا لبلداننا، إلا أن أحلام اليقظة لا تصنع سياسة ولا تقدّم الحل للسوريين الذين ينتظرون الخلاص من سلطات الأمر الواقع الحالية، للسوريين الذين يريدون رفع أقدامهم من فوق ألغام الماضي ووضعها على أشواك المستقبل.

المدن

————————–

=====================

تحديث 19 شباط 2021

—————————–

هل يُكتب النجاح لعمل اللجنة الدستورية!/ وسام جلاحج

قد لا يتفاجأ أحدٌ، سواء أكان من النظام أو من المعارضة، بالحال التي وصلت إليها الجولة الخامسة، من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، التي تُعقد بجنيف بإشراف الأمم المتحدة، ولا أعتقد أن أحدًا من المتابعين والمراقبين لهذه العملية قد أصيب بخيبة أمل، من النتائج التي حصدتها اجتماعات هذه اللجنة حتى الآن، وذلك تبعًا للمقدّمات والحيثيات التي رافقت إنشاءها وآلية عملها، وللدور المؤثر والفاعل للقوى الخارجية في تشكيلها وقراراتها؛ فالعملية الدستورية التي خرجت من رحم آستانا، وشكّلت خرقًا وحرقًا للمراحل التي رسمتها سيناريوهات القرارات الأممية التي كان يفترض أن تبدأ بهيئة الحكم الانتقالي وإنشاء البيئة الآمنة والمحايدة، لم يكن لها أن تنجز أفضل مما كان، وذلك للأسباب الآتية:

فأولًا: معظم الأطراف المنخرطة في العملية الدستورية، أو الداعمة لها، ليس لديها النية الحقيقية لإنجاز هذا الدستور، أو الثقة بأن هذه العملية ستُفضي إلى دستور يكون مدخلًا لأي تقارب لاحق بين الأطراف، أو يكون مخرجًا للحلّ، ومع ذلك يصرّ رعاتها على مواصلة العملية، لغايات وأهداف أخرى لا علاقة لها بالعملية الدستورية المعلن عنها، لا من قريب ولا من بعيد.

فمعظم القوى الخارجية المؤثرة والفاعلة في السياق السوري لا يبدو أن أحدًا منها يعوّل على العملية الدستورية، أو يتوقع منها نتائج أو مخرجات ذات شأن في المسألة السورية؛ فالجميع يعلم أن القضية أعقد بكثير من صياغة دستور أو إجراء انتخابات، من غير المتوقع -إن لم يكن من المستحيل- أن يوافق النظام على إجرائها تحت إشراف الأمم المتحدة، ما لم تكن نتائجها محسومةً مسبقًا لمصلحته. حتى الطرف الروسي، عرّاب العملية الدستورية، من المستبعد، وهو العالم بدقائق الأمور في الشأن السوري، أن يكون لديه وهمٌ بأن عمليةً بُرمجت بهذا الشكل سوف تفضي إلى دستور يلقى قبولًا لدى السوريين، أو على الأقل قبولًا عند الأطراف المنخرطة في هذه العملية. ومن الواضح أن للراعي الروسي أهدافًا غير معلنة من تبنّي هذه العملية والإصرار على استمرارها -سواء أفضت إلى دستور في نهاية المطاف أو ظلت معلقة سنوات- قد يكون من أهمّها التخلص من عبء الالتزامات الواردة في القرارات الأممية، والإيحاء بأن قطار عملية السلام قد انطلق بمشاركة جميع الفرقاء، وحثّ جميع الدول والمؤسسات والهيئات الدولية على دعم هذه العملية، من خلال رفع العقوبات عن النظام، وتقديم الدعم المتعدد الأوجه وخاصة المالي لمؤسساته، والأهمّ البدء بعملية إعادة الإعمار التي يتوقع أن يكون الجانب الروسي الرابح والمستفيد الأكبر منها.

والنظام بدوره انخرط في هذه العملية مكرهًا وبضغط روسي، وليس في نيته الذهاب بعيدًا في هذه العملية. فهو منذ البداية لا يرى، في جميع خطاباته، سوى طرف واحد في هذه العملية وهو النظام، أم الآخر فهو الإرهابيون الذي لا يمكن التفاوض أو الحوار معهم، فضلًا عن التوصّل إلى تفاهمات أو تسويات معهم. وكان واضحًا منذ البداية، على لسان ممثلي النظام بمختلف المشارب، أن ليس في نية هذا النظام أن يقدم تنازلات أو القيام بإصلاحات يمكن أن تهدد كيانه أو تحدّ من هيمنة أو نفوذ المؤسسة الأمنية-العسكرية، وأن على المعارضة والأطراف الداعمة لها أن تكيّف نفسها، منذ الآن، بأنها لن تحصل على مكاسب من خلال هذه العملية أو تنازلات من النظام، لم تحصل عليها طوال السنوات العشر الماضية. وبغض النظر عن الضغوط التي سوف تمارس على النظام أو تدهور الحالة السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية، لن يتفاجأ أحدٌ بأن يعلن النظام وقف العملية أو الانسحاب منها، إذا استشعر أن هذه العملية ستقود -بحال من الأحوال- إلى الحد من نفوذه وهيمنته على كامل مؤسسات الدولة، أو إلى تقاسم السلطة مع الأطراف الأخرى.

من جهة أخرى، يبدو من الجلي أن التبريرات التي قدمتها كيانات المعارضة المشاركة في هذه العملية لم ترقَ أو تلقَ رواجًا أو قبولًا لدى معظم الشارع المعارض الذي يُفترض أن هذه الكيانات تمثله وتعبر عن وجهة نظره. وبغض النظر عن الطابع الجدي الذي ظهر على ممثلي المعارضة والمجتمع المدني، في تعاطيهم مع هذه العملية، فلا أحد لديه أدنى شك في أن هذه الكيانات والشخصيات تعلم عِلم اليقين بأن هذه العملية، بشكلها الحالي وبطريقة إدارتها وتشكيلها (للأسباب الواردة آنفًا) لن تنتج دستورًا، أو على الأقل لن تنتج دستورًا يختلف عن السائد حاليًا، بأحسن الأحوال، ومع ذلك قبلت هذه الكيانات والشخصيات أن تكون جزءًا من هذه العملية. وبعيدًا عن الأسباب الحقيقية والفعلية التي دفعت الهيئة إلى الانخراط بهذه العملية (سواء أكانت نتيجة ضغط خارجي من طرف مؤثر كتركيا أو غيرها، أم بهدف إحراج النظام وتسجيل نقاط عليه في المحافل الدولية أو انتزاع اعترافات غير مسبوقة أو مقبولة من قبله، أو براغماتية سياسية كما يزعم البعض، حتى لا تظهر هيئة المفاوضات بمظهر المعطل والرافض لعملية السلام أمام المجتمع الدولي) فمن المستبعد التوصل إلى أي اتفاق بخصوص الدستور، في ظل هذه المواقف والحيثيات وتباعد الرؤى والأهداف بخصوص هذه العملية، وفي ظل تضارب مصالح الدول الراعية للعملية أو المؤثرة في هذا السياق.

ثانيًا: لا معنى لأي عملية دستورية قبل التوصل إلى اتفاق سياسي، تكون هذه العملية أحد مخرجاته الأساسية. فمن البديهي أن عملية وضع الدستور السوري لا تتم من خلال سيرورة وصيرورة طبيعية وفي بيئة وتقاليد ديمقراطية وسياسية وقانونية يمكن الارتكاز عليها للوصول إلى هذا الدستور. وإنما تأتي بعد كارثة من أشد الكوارث التي شهدتها البلاد في تاريخها القديم والمعاصر، كلفت حتى الآن مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمختفيين قسريًا والمختطفين والمغيبين، فضلًا عن ملايين النازحين واللاجئين في أصقاع المعمورة. وإن حرق المراحل والقفز فوقها والذهاب، كما هو حاصل اليوم، إلى العملية الدستورية قبل إنجاز هذا الاتفاق، أو قبل الاتفاق بالحد الأدنى على القضايا الأساسية، هو ضرب من العبث وإضاعة للوقت، وهو ما شهدناه خلال الجولات الخمس السابقة التي لم تبدأ حتى الآن بمناقشة أي من القضايا الإشكالية والجوهرية.

فالعملية الدستورية في دول ما بعد الصراع ليست سوى تجسيد لما اتفق عليه الفرقاء (سواء أكانوا من الوطنيين أو الدوليين) وصياغتها في قالب دستوري، يتضمن مفردات الدستور، من شكل الدولة ونوع الحكم والحقوق والحريات ومؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية وصلاحياتها والفصل بين السلطات، وغيرها من القضايا التي يفترض أن هؤلاء الفرقاء قد حسموا أمرهم بشأنها في الحدود الدنيا، وضمنوها في اتفاقهم المعلن.

وفي الحالة السورية، مع الأسف، يبدو التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بعيد المنال، إذا ما ترك للأطراف الوطنية وحدها. فالنظام ومؤيدوه -كما ذكرنا أعلاه- لا يعترفون بوجود الآخر للتفاوض معه أو للتوصل معه إلى اتفاقية سلام، حيث إن الآخر بالنسبة إليهم هو الإرهابيون الذين يجب القضاء عليهم لا التفاوض معهم. وفي الجانب الآخر، قسم كبير لا يستهان به من المعارضة، غير مستعد للتفاوض مع النظام، بأي حال من الأحوال، ويرى أن هذا النظام قد ارتكب ما يكفي من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية ليفقد شرعيته ويغدو التفاوض معه أو الجلوس معه على طاولة واحدة أمرًا مستبعدًا، إن لم يكن -كما ذكر بعض الحقوقيين والناشطين- يرقى إلى الجريمة، كونه يسهم في إعادة تسويق المجرم وتعويمه من خلال هذه المفاوضات أو الحوارات الثنائية. ويرى هؤلاء أن الأمر الوحيد الذي يمكن التفاوض عليه هو كيفية رحيل هذا النظام، ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها.

وفي ظل غياب أي بوادر للوصول إلى اتفاق وطني حول حقيقة ما جرى، يرسم ملامح المرحلة المقبلة، وفي ظل تضارب المصالح للدول المنخرطة في المسألة السورية، يغدو الحديث عن العملية الدستورية ضربًا من الخيال واللا جدوى. فالقضايا التي لم تجد لها حلًا أو تقاربًا في المواقف في سياق عملية السلام ومباحثات السلام، من المؤكد أنها لن تجد آذانًا مصغية وتجاوبًا من خلال العملية الدستورية.

ثالثًا: إن آلية عمل اللجنة الدستورية وقواعد إدارتها وطريقة اتخاذ القرار بداخلها، في ظل غياب تفاهمات سابقة على القضايا الأساسية، كما ذكرنا أنفًا، لا يمكن أن نتوقّع منها اتخاذ أي قرار داخل هذه اللجنة، إذا ما تُرك للفرقاء وحدهم من دون ضغط وتدخل خارجي حاسم. فبحسب قواعد إدارة جلسات اللجنة الدستورية، لا يمكن لأحد من الفرقاء الاستفراد بالقرار، ولا بد من حصول التوافق بينهم لتمرير أي قرار، حيث يحتاج إلى موافقة 75% من أعضاء اللجنة، وهي الأغلبية التي لا يملكها أحدٌ حاليًا. وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء على بند من البنود أو مادة من المواد؛ تبقى هذه المادة معلقة من دون حلّ إلى أبد الآبدين، حيث لا يوجد جدول زمني يفرض على الأطراف التوصل إلى اتفاق بحلول أجله. ولكون جميع القضايا المطروحة هي خلافية داخل هذه اللجنة، من مقدمة الدستور إلى اسم الدولة، مرورًا بصلاحيات الرئيس وشكل الدولة وغيرها؛ لا يتوقع لها إنجاز أي مادة من المواد أو الموافقة عليها في المدى المنظور.

رابعًا: إن المباشرة في العملية الدستورية، قبل التمهيد لها بإجراءات لبناء الثقة بين الأطراف، جعلت الشارع السوري ينفض من حولها حتى قبل أن تبدأ جلساتها، بحيث لم يعد يعوّل عليها أو يتوخى شيئًا من مخرجاتها. وتعدّ عملية إطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين ووقف الملاحقات والاعتقالات والمحاكمات للمعارضين والناشطين من أهمّ هذه العمليات، إلى جانب وقف الأعمال القتالية والعسكرية وقصف المدن والقرى، وضمان حرية الحركة والتنقل، والسماح بعودة من يرغب من اللاجئين والنازحين إلى ديارهم من دون أن يتعرضوا لأي شكل من أشكال العنف أو الانتهاكات.

فكيف يمكن لأحد أن يتخيّل مناقشة القسم المتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية في اللجنة الدستورية، ومناقشة صياغة بند الحرمان من الحرية، وهناك مئات الآلاف من المعتقلين ما زالوا يقبعون في غياهب المعتقلات والسجون؟! من الواضح أنه بدون البدء فورًا بإجراءات بناء الثقة لا يمكن لهذه العملية أن تستعيد ثقة الشارع ولا يمكن لأحد أن يراهن عليها بأنها سوف تساهم في بناء السلام ورأب الصدع بين الفرقاء وتجاوز الماضي.

خامسًا: لا يمكن لأعمال اللجنة الدستورية، أو لأي عملية أخرى، أن تُكلل بالنجاح قبل الوصول إلى إنشاء البيئة الآمنة والمحايدة. ويُقصد بالبيئة الآمنة البيئة التي يتمتع فيها السكان بحرية ممارسة حياتهم اليومية من دون خوف من أي شكل من أشكال العنف، وتعني انتفاء كل أشكال الخطر التي يمكن أن تهدد السكان والمواطنين. ووفقًا للحالة السورية، فإن هذا يشمل طيفًا واسعًا جدًا من الأخطار، بدءًا من خطر القتل، والاختفاء، والاعتقال، والتعذيب، والتجنيد القسري، وجميع الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان. أما البيئة المحايدة، فهي البيئة التي تقف فيها الهيئة الحاكمة على مسافة واحدة من جميع المواطنين، على قدم المساواة من دون تمييز، وأساسها هو مبدأ سيادة القانون وإبرام قواعد واضحة ومعلنة لتتمكن جميع القوى السياسية والاجتماعية من المشاركة في عمليات الاستفتاء والانتخابات على قدم المساواة.

ومن المؤكد أن النظام ليس في وارد الحديث إطلاقًا عن إنشاء البيئة الآمنة والمحايدة، ولن يسمح بذلك، وسوف يعمد إلى تعطيل أي مبادرة أو خطوة في هذا الاتجاه، وسوف يستميت في رفضها، سواء أجاءت من جانب المعارضة أو من قبل أي طرف آخر؛ فالوصول إلى البيئة الآمنة والمحايدة يعني -بكل بساطة- تحييد وضبط عمل ونفوذ المؤسسة الأمنية والعسكرية، والبدء بعملية انتقالية سوف تُفضي بالضرورة إلى تغيير في بنية هذا النظام، وإلى الحد من نفوذه وسطوته على مؤسسات ومقدرات الدولة.

ولا أحد يتوقع من النظام الموافقة على إنشاء البيئة الآمنة والمحايدة أو المساهمة في تأسيسها، ولذلك فإن المخرج الآخر هو إنشاؤها عن طريق الأمم المتحدة، شريطة ألا تستخدم روسيا كعادتها حقّ النقض الفيتو. ومن هنا، يمكن لنا أن نستشرف ما هو المطلوب من العملية الدستورية، وما يمكن أن تصل إليه هذه العملية. فالمتابعة بالعملية الدستورية دون الوصول إلى البيئة الآمنة والمحايدة، وبمعزل عنها، لن تُنتج، في أحسن أحوالها، إلا دستورًا على شاكلة الدستور الحالي، هذا إذا تم الاتفاق على هذا الدستور أصلًا، وستكون نتيجة الاستفتاء عليه محسومة سلفًا لمصلحة النظام، سلبًا أو إيجابًا، إضافة إلى  أن إجراء الانتخابات بعيدًا عن البيئة الآمنة والمحايدة لن يختلف عن مثيلاتها في الوقت الحالي، لا من حيث الشكل ولا من حيث النتائج، فالمدخل للتغيير عنوانه العريض البيئة الآمنة والمحايدة.

سادسًا: لا يمكن فصل العملية الدستورية عن مجموعة العمليات والآليات الأخرى التي، كما قلنا سابقًا، يفترض أن تسبق أو يتزامن إنشاؤها مع هذه العملية، والتي من دونها سيكون أثر العملية الدستورية على سياق الأحداث محدودًا جدًا أو شبه معدوم. وقد تم التطرق إلى بعض هذه الآليات في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومنها هيئة الحكم الانتقالي التي لم يعد أحدٌ يتحدث عنها، إضافة إلى آليات العدالة الانتقالية المختلفة التي تشمل المحاكمات وإصلاح المؤسسات وبرامج جبر الضرر والتعويضات ولجان الحقيقة، مع أوسع مشاركة ممكنة لأصحاب المصلحة في تصميم وتنفيذ ومراقبة هذه العمليات.

ومن غير المتوقع أن يوافق النظام، لا على المدى القريب ولا البعيد، على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، ولا على أي برنامج وطني للعدالة الانتقالية، أو على أي آلية من آلياته المتعددة. فمحور العدالة الانتقالية هو الضحايا، والعدد الأكبر منهم وقع على أيدي النظام وحلفائه، وإن إعادة بناء ما تهدّم والتأسيس للمستقبل استنادًا إلى ذاكرة الضحايا تعني بالمحصلة اعترافًا بمسؤولية النظام عن هذه الجرائم والانتهاكات. وفي المقابل، هناك أطراف من المعارضة ترفض أيضًا فكرة العدالة الانتقالية، إمّا لإن مرجعيتها هي حقوق الإنسان وإما لأنها هي نفسها متورطة في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويبقى المخرج لهذا المأزق، كما ذكرنا في الفقرة السابقة، أن يتم فرض هذه الآليات من خلال القرارات الأممية، إذا وافق الجانب الروسي وسمح بذلك.

في النهاية، وجوابًا عن سؤالنا في بداية الورقة: هل سيُكتب النجاح لعمل اللجنة الدستورية؟ نقول: مع الأسف، لا شيء يدعو للتفاؤل حيال عمل تلك اللجنة، لا من حيث المقدمات التي كان يفترض أن تسبق هذه العملية أو تمهّد لها، وأوّلها إجراءات بناء الثقة بين الأطراف والتوصل إلى اتفاق سياسي بينهم؛ ولا من حيث البيئة التي يفترض توفرها لعمل اللجنة، وهي البيئة الآمنة والمحايدة التي، من دون إنشائها والتأسيس لها، لا معنى لأي عملية لاحقة، ولا لتطبيق الالتزامات الواردة في القرارات الأممية ذات الصلة بهيئة الحكم الانتقالية والتسلسل الزمني لهذه العملية، وربط كل ذلك مع آليات العدالة الانتقالية بمختلف تطبيقاتها. ويضاف إلى كل ذلك طريقة عمل اللجنة وطريقة اتخاذ القرارات داخلها، مصحوبًا بتأثير وتدخلات خارجية يبدو حتى الآن أن لها اليد الطولى في إدارة هذه العملية، وفي ظل الخلافات العاصفة داخل وفد المعارضة، والنداءات المختلفة لإعادة تشكيل هيئات المعارضة التي لا يستبعد أن نشهد تجاوبًا معها، في المرحلة القادمة، ليس دفاعًا عن مصالح المعارضة، وإنما لإعادة تشكيل دوائر النفوذ داخل هذه الهيئات. كل ذلك يجعلنا لا ننتظر من هذه العملية مخرجاتٍ يمكن أن تُسهم في تجاوز حقبة الماضي، ورأب الصدع بين مختلف مكونات الشعب السوري، والوصول إلى الدولة الديمقراطية المنشودة القائمة على سيادة القانون والمواطنة واحترام حقوق الإنسان وحمايتها.

—————————-

لماذا لا تطبّق موسكو سيناريوهات الحلّ الليبي أو اليمني في سورية؟/ محمود الحمزة

بعد عشر سنوات من ضخّ الدماء والتضحيات الكبرى التي قدّمها السوريون من أجل مستقبل مشرق لبلادهم، وبعد كمّ هائل من القتل والتدمير والتهجير والتغيير الديموغرافي؛ بات السوريون جميعًا يعيشون حياة أليمة متشابهة دون تمييز، سواء أكانوا يقيمون في مناطق سيطرة الأسد وحلفائه إيران وروسيا، أم في مناطق سلطات الأمر الواقع في باقي أجزاء سورية. لقد توحّد السوريون في المعاناة، ويجب أن يفتح ذلك عيونَهم على وحدة المصير والهدف، وهو إنقاذ سورية من الكارثة التي فرضتها عصابة الأسد مدعومة من حلفائها، في ظل صمت وتخاذل دولي سافر أمام إبادة الشعب السوري بكل شرائحه.

لكم كان الحلُّ سهلًا في السنتين الأوليين من الثورة، قبل التوغل في دماء السوريين، وقبل زرع الفتن الطائفية، وقبل ظهور ميليشيات إرهابية تحت شعارات دينية أو طائفية قومية مزيفة، ولكن لم يرد أحدٌ من القوى المؤثرة مساعدةَ الشعب السوري في الخلاص من الظلم، وفرض القرارات الدولية التي عليها إجماع عالمي، ولم يرفضها سوى نظام الأسد، ولم يصدق حلفاؤه في الدعوة لتطبيقها، وكذلك القوى الدولية والإقليمية الأخرى لم تمتلك الإرادة السياسية لفرض القرارات الدولية على نظام الأسد.

وهكذا نرى أن جميع هؤلاء يناسبهم كلّ ما جرى، حيث أصبحت سورية دولة فاشلة مدمّرة، يعيش فيها شعب جائع مريض وفاقد للأمان والاستقرار. أما الأسد وداعموه فما زالوا يرددون شعارات طنانة عن سيادة سورية ووحدة أراضيها، علمًا أن الأسد فرّط بكرامة المواطن وسيادة البلاد، بجلبه لميليشيات طائفية وقوى دولية تدافع عنه، ولو على حساب سيادة البلد ووحدته. لقد أصبحت سورية ممزقة وموزعة بين نفوذ دول وميليشيات أجنبية ومرتزقة ومتطرفين، وكلّهم ينهش جسم هذه البلاد، ويأكل لحم أهلها، عن طريق التغاضي عن أي مساعدة للناس، أو نهب ثروات البلد بيد أمراء الحرب وتجار الدم، كما يحدث في مختلف المناطق.

أقول هذا الكلام لكي أناقش الموقف الروسي والأميركي اللذين منعا حدوث حلّ سياسي، وحافظا على نظام الأسد، بالرغم من التصريحات والممارسات المختلفة للبلدين، ولكن النتيجة واحدة، وهي أن سورية على حافة الزوال كدولة. والسؤال الذي يطرحه كثيرون: لماذا لم تقدّم روسيا ولا أميركا حلًا سياسيًا يخلق استقرارًا في سورية ويُخرج شعبها من الهولوكوست الذي يعيشه؟!

أذكر أنني في سنة 2013 تقدّمت إلى السيد ميخائيل بوغدانوف بمقترح بتطبيق السيناريو اليمني في سورية، وذلك بتكليف فاروق الشرع، وهو ابن النظام، برئاسة البلاد بدلًا من بشار الأسد، وتطبيق حلّ سياسي. كما أجبر الحل في اليمن علي عبد الله صالح على التنازل عن الرئاسة، مع ملاحظة أن الإخوة اليمنيين ارتكبوا خطأ ببقاء صالح في اليمن، وكان يجب تنظيف المؤسسة العسكرية من أتباعه. وحينئذٍ رد السيد بوغدانوف بأن هذه الفكرة جيدة، ويجب التفكير بها! وإلى اليوم لم يردّ عليها.

وأعدتُ طرح الموضوع على شكل مبادرة لإنقاذ سورية عام 2018، وكان جوهرها أن سورية تحتاج إلى تغيير يخلق حالة استقرار، وهذا من مصلحة روسيا قبل غيرها، وقد أثبتنا منطقيًا ضرورة أن تكون سورية الجديدة من دون الأسد وحاشيته، وأن فاروق الشرع أو الدكتور عارف دليلة يمكن أن يقود المرحلة الانتقالية، لأن الشعب السوري ليس عدوًا لروسيا تاريخيًا، مع أن صورة روسيا تغيّرت بسبب تدخلها العسكري ودعمها لنظام الأسد المجرم الفاسد. وأرسلتُ المبادرة إلى أعلى الجهات في موسكو، وكان الرد بأنها إيجابية. ولكنها لم تطبّق!

وفي 2020، أعدنا المقترح للروس، وللتاريخ أهمية كبيرة كون المعطيات والظروف تغيرت، ففي 2020 توقفت تقريبًا العمليات العسكرية، واعتبرت روسيا نفسها منتصرة في الحرب، وحان وقت عملية إعادة البناء والإعمار السلمية. وهنا تحتاج روسيا الى تمويل، لا تملكه هي ولا إيران (حليف النظام الآخر). وبقي أن تمد يدها الدول الغربية والخليجية لتقديم الدعم المالي، فالجميع تقريبًا اشترطوا إجراء تغيير سياسي، وفق القرار الدولي 2254 لعام 2015.

منذ أيام، اتفق الليبيون على حلّ سياسي، يضمن سيادة ليبيا واستقلالها، من خلال انتخاب مجلس رئاسي مكون من ثلاثة أشخاص يمثلون الأقاليم الليبية الثلاثة، ورئيس للحكومة الوطنية المؤقتة، وبهذا بدأت مرحلة البناء والاستقرار في ليبيا، وأصبح الليبيون سادة أنفسهم. وكان موقف موسكو قريبًا من موقف حكومة الوفاق المدعومة من تركيا، بالرغم من أن موسكو كانت تدعم حفتر، الذي حاول فرض دكتاتورية في ليبيا، وشن هجومًا واسعًا على طرابلس محاولًا دخولها، لكنه فشل.

فلماذا لا تقدم موسكو على تفاهم وتنسيق مع القوى والنخب الوطنية السورية، ومع القوى المعتدلة في النظام، لتقديم حل سياسي يرضي الشعبَ، لا بشار الأسد؟ فبشار طاغية دمّر كلّ شيء، وهو جزء من المشكلة، ولا يمكن أن يكون جزءًا من الحل.

واليوم، بات الوضع السوري في طريق مسدود، وخاصة بالنسبة إلى موسكو! فالنظام يلعب بذيله ويعاكس الموقف الروسي في اللجنة الدستورية، وفي التعاون الاقتصادي، وفي أمور أخرى، وهناك تسريبات بأنه مستعد لتدوير الزوايا 180 درجة، ليتجه بعدها إلى الغرب. وهذا الاحتمال يسبب وجع رأس كبير لموسكو، بعد كل ما قدمته للنظام السوري، وكما قال لافروف “لولا موسكو لسقطت دمشق”، وهو صادق، لأن موسكو بتدخلها العسكري في 30 أيلول/ سبتمبر 2015 أنقذت النظام من الهلاك.

ومع ذلك، فالأسد لا يصدق التعامل مع الروس، وبدأ الروس يشعرون بذلك، وهذا يفسر المقالات الناقدة بقوة للمحلل السياسي والمقرب من الجهات الرسمية في موسكو، حيث وجّه السهام ضد الأسد، فاضحًا ضعفه في إدارة البلاد، وذكر أن شعبيته لا تصل إلى 20%، وتحدث عن انتشار الفساد في عائلته ومحيطيه وفي مجمل النظام، وكذلك عن تبجح النظام ومناداته مدعومًا من إيران بالحلّ العسكري، بالرغم من أن موسكو تردد ليل نهار أنها تريد الحل العسكري، لأنه بالفعل لم يعد من مصلحتها فتح معارك والاصطدام مع تركيا أو أميركا.

وشهدنا في الآونة الأخيرة نشر مقالات في وسائل الإعلام الروسي، تنتقد النظام وممارساته، وتنتقد إيران، ولذلك استنفر سفير الأسد في موسكو، وقدّم ردودًا على المقالات، واتهم الكاتب الروسي المرموق بأنه يكتب أشياء غير صحيحة، وشكّك في مصادره، وقال إنه يشوه سمعة النظام السوري، وما إلى ذلك من هذا الكلام الذي يدعو للاستغراب! وقد قال لي صديق إعلامي روسي: هل يُعقل أن النظام السوري يتصرف في موسكو وكأنه صاحب البيت، فهو يحدد ما هو مسموح نشره، وما هو ممنوع، وفق نظرية الأسد الإعلامية التي يعرفها السوريون؟ قلت له: “تستحقون ما يحدث لكم، هذا جزاء الدعم الذي قدمتموه للأسد، وهو ليس حليفًا لكم ولا صديقًا، وسيبيعكم في أرخص الأسواق”.

وبالمناسبة، التقييم نفسه ينطبق على إيران التي تحالفت عسكريًا مع روسيا في الدفاع عن نظام الأسد، وكلٌّ يغني على ليلاه، ولكن كلًّا منهما لا يثق بالآخر ويخاف أن يبيعه للغرب.

ألم يحن الوقت لتتقدم موسكو بمقترح سياسي عقلاني، يرضي الشعب السوري، ويحافظ على مصالحها ويستقطب توافقًا دوليًا؟

حتى فكرة المجلس العسكري المتزامنة مع هيئة حكم انتقالية، لقيادة المرحلة الانتقالية، يمكن أن تكون مخرجًا من المستنقع السوري، على أن يتم تشكيل تلك الهياكل الانتقالية من شخصيات لم تتلطخ أيديها بالدم السوري الطاهر ولا بالفساد الكبير. وعندئذ سيربح الجميع الذين يريدون الخير لأنفسهم ولسورية.

أتمنى ألا تستمر موسكو في مقاربتها للملف السوري، بالطريقة المستمرة من 10 سنوات، وهي تلميع صورة النظام، وتشتيت المعارضة وإضعاف دورها؛ فنحن نرى أن الثورة قام بها الشعب السوري، وليس المعارضة، وإذا كانت قيادات المعارضة السياسية والمسلحة قد فشلت؛ فإن الشعب السوري حيّ يرزق، ولا يمكن لأي حل أن يعيش من دون رضاه.

لتكن القيادة الروسية على ثقةٍ بأنّ هدف الوطنيين السوريين ليس معاداة موسكو، ولا التبعية للدول الأخرى، إنما هدفهم هو التغيير السياسي، بحيث تتحول سورية إلى دولة مدنية عصرية، يُحترم فيها الإنسان أمام القانون، وأن تكون سورية وطنًا حرًا كريمًا لكل السوريين.

مركز حرمون

\

——————————-

أستانا 15.. ضبط مصالح “الثلاثي” تحت غطاء ضمان مصالح السوريين/ طه عبد الواحد

دفعتني بقايا أمل، حالي حال ملايين السوريين، لمتابعة وقائع الاجتماع الأخير، الخامس عشر لـ “ثلاثي أستانا”، ظنا أن تطورات ما إيجابية قد تطرأ بمعجزة من السماء. لكن النتائج جاءت كما كان متوقعا، وكما جرى في السابق، مخيبة للآمال.

إذ لم يخرج المجتمعون بأي قرار يسهم بصورة مباشرة في أي تغيير إيجابي لواقع السوريين، يخفف من معاناة المشردين واللاجئين، ويعيد الحرية للمعتقلين والمغيبين في سجون النظام. هذا بينما نجحت جهود الوساطة الروسية في إنجاز عملية تبادل معتقلين وأسرى بين حليفيها نظام الأسد في دمشق، وحكومة نتنياهو في تل أبيب.

ويضاف إلى هذا كله عجز واضح عبر عنه البيان الختامي للقاء سوتشي في موضوع اللجنة الدستورية، التي يستمر النظام السوري في تعطيلها، رغم أنها تشكل منذ أن “صنعها” الروس خروجا عن مبادئ التسوية السورية وخطتها التفصيلية كما نص عليها القرار 2254، و”طوق نجاة” للنظام نفسه كي يتهرب من العملية السياسية.

في عودة إلى التصريحات قبل انعقاد لقاء “ثلاثي أستانا” في سوتشي، وفي أعقابه، هناك الكثير من القضايا المثيرة للاهتمام. منها مثلا تأكيد ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي إلى الأزمة السورية، على أن الهدف من اللقاء “إنعاش المسار السياسي”، وشدد على أنه يقصد مسار جنيف وليس “مسار أستانا”، وهو يريد من عبارته تأكيد أن المسار الذي لم يكن منذ البداية مفيدا للسوريين، هو “المسار الوحيد الفعال في التسوية السياسية” وفق ما يحب المسؤولون الروس التأكيد دوما.

إلا أن كلام لافرينتيف هنا كان له وقع تأكيد عكس ما يريد، وتأكيد حقيقة انتهاء “مسار أستانا”، بعد أن سمح للنظام باستعادة السيطرة على مناطق خفض التصعيد، وتفريق صفوف المعارضة. في الوقت ذاته يكشف البيان الثلاثي في أعقاب لقاء سوتشي أن “مسار أستانا” مسار فعال حقيقة، لكن في ما يخص التنسيق بين الثلاثي روسيا وتركيا وإيران، للتفاهم على آليات العمل على الأراضي السورية بما يضمن مصالح كل طرف منهم. وكما في بياناتهم في أعقاب لقاءات “أستانا” السابقة، أكد الثلاثي التزامهم الثابت باحترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، و”عبروا عن قناعتهم بأنه لا يمكن حل الأزمة السورية عسكريا”، وأكدوا “الالتزام بدفع عملية سياسية مستدامة، يقودها ويملكها السوريون، بتيسير من الأمم المتحدة، بموجب القرار 2254”. بعد هذه المقدمة، وكلام آخر حول دعم عمل اللجنة الدستورية وما إلى ذلك بدأت تبرز التوافقات، التي تؤكد أن “أستانا” من أساسه مسار لتنسيق المصالح بين المشاركين الرئيسيين فيه.

إذ “دان ممثلو روسيا وتركيا وإيران الهجمات الإسرائيلية المستمرة في سوريا”. وهذه الإدانة كما يستنتج أي متابع للوضع، هي في الواقع تتماشى مع مصالح إيران، وتلبي موقفها، بالحصول على دعم “شركاء أستانا” ضد الضربات الإسرائيلية التي تستهدف مواقعها ومشاريعها “العسكرية” على الأراضي السورية. من ثم توقف البيان عند “النفط السوري”، وعبر “ثلاثي أستانا” عن “رفض السيطرة غير الشرعية (على الحقول النفطية)”، وأكدوا أن عائداته من حق الجمهورية العربية السورية.

ويبدو هذا الموقف مبدئيا للوهلة الأولى، إلا أنه يعبر في الواقع عن استياء موسكو من فشلها في استعادة السيطرة على المناطق الغنية بالنفط، رغم كل المحاولات، بما في ذلك بالقوة العسكرية عبر مجموعة “فاغنر”. ويقول خبراء إن روسيا كانت تعول على النفط السوري وعائدات في تحصيل جزء من نفقاتها دعما للنظام السوري. أي أن هذا الموقف جاء تعبيرا من “ثلاثي أستانا” عن تفهم مصالح روسيا.

ولم تكن تركيا خارج الحسابات. إذ أكد البيان رفض محاولات فرض واقع جديد على الأرض، وأدانوا المبادرة غير القانونية، في تأسيس “إدارة ذاتية” بذريعة الحرب على الإرهاب. وإذ لا يمكن عدم إدانة أي محاولات انفصالية، أو تقسيم مهما كانت مبرراتها وأسبابها وطبيعتها وخلفياتها، إلا أن إدانة “لقاء أستانا” لهذه المحاولات تبدو بمثابة تأكيد “الثلاثي” على موقف موحد ضد الدور الأميركي شمال شرقي سوريا، وتفهم للمخاوف التركية، وبالتالي التزام بمصالح تركيا في المنطقة.

أما نتائج اللقاء بالنسبة للمطالب التي حملها معه وفد المعارضة، فهي لم تجد خلال هذه الجولة، كما وفي جميع الجولات السابقة، آذانا صاغية. التركيز دوما والنتائج تكون دوما وفق القضايا التي يطرحها “الثلاثي الضامن”، وربما تأخذ موقف النظام بالحسبان، لكن لم يصدر أي قرار عن لقاءات أستانا، يعكس استجابة لأي من المطالب التي كانت تحملها المعارضة في جعبتها إلى تلك اللقاءات. على سبيل المثال، قالت وسائل إعلام إن وفد المعارضة إلى سوتشي، سيبحث مع “ثلاثي أستانا” العملية الدستورية، والضغط على النظام للانخراط في العملية بالشكل المطلوب، وتحديد جدول زمني لعمل اللجنة. جاء الرد سريعا، حين شدد البيان الختامي على رفض “ثلاثي أستانا” فرض أي أطر زمنية على عمل اللجنة الدستورية. وكان هناك حديث عن المطالبة بفتح المزيد من المعابر الإنسانية، لإيصال المساعدات إلى اللاجئين، وهي ذات المعابر التي أصرت روسيا على إغلاقها، حين رفضت عبر مجلس الأمن تمديد عملها. وكان هناك حديث أن وفد المعارضة سيبحث ملف المعتقلين، لكن لا شيء حول ذلك في البيان الختامي، ولا في تصريحات ممثلي ثلاثي أستانا.

في المقابل يبدو أن وفد النظام شعر بارتياح لنتائج لقاء سوتشي، كما وفي جميع لقاءات “أستانا” السابقة، لأن نتائجها تناسبه، وتخدم مصالحه، وعلى الأقل، لم تحمل يوما أي إدانة له، ولم يظهر أي نوع من الضغط يُمارس عليه خلالها. هذا الارتياح انعكس في تصريحات أيمن سوسان رئيس وفد النظام إلى سوتشي، حين زعم أن النظام مستعد لمواصلة التعاون الفعال في إطار العملية السياسية “لكن مع فهم أن هذا حوار سوري دون أي تدخل خارجي”، وذهب أبعد من ذلك في المراوغة وتزوير الحقائق، حين عبر عن تقييم إيجابي لنتائج الجولة الأخيرة من عمل اللجنة الدستورية المصغرة، على الرغم من أن غير بيدرسون نفسه، أشار بدبلوماسية إلى فشل ذلك الاجتماع، ولذلك لا يوجد لديه خطة عمل واضحة مستقبلا للجنة.

تلفزيون سوريا

—————————–

المأزق الروسي.. فكرة جمال سليمان وفرصة المعارضات/ منير الربيع

في إحدى حلقات مسلسل “خان الحرير” السوري والذي أنتج في العام 1994، يجتمع تجار حلب وشخصيات سياسية وعسكرية للبحث في انسداد الأفق السياسي الذي وصلت إليه الوحدة بين سوريا ومصر.

الوحدة الاندماجية مع مصر حينها، قضت على الحركية السياسية في سوريا، وضربت كل النظم الاجتماعية والاقتصادية والفرادة السورية حين كانت سوريا كلها تتمتع بحياة سياسية متنوعة قائمة على تنافس الأحزاب والصحف ووسائل الإعلام.

الآلية التي أديرت بها الوحدة هي التي أسهمت في إسقاطها، ليس فقط في إلغاء الحياة السياسية، إنما من خلال قانون الإصلاح الزراعي ومشاريع التأميم. وصل الاختناق إلى حدّ الانفجار، فكان الاجتماع الذي يبحث في كيفية تجاوز تلك المشكلة. من بين الحضور، تجار، ليبراليون، برجوازيون، شيوعيون، وضباط جيش أبرزهم من المحسوبين على البعثيين.

ركز الاجتماع في البحث عن كيفية الانقلاب على الوحدة، يومها تقدّم المهندس مراد، المحسوب على الشيوعيين والسياسي السوري العريق خالد العظم والذي كان يلقّب بـ”المليونير الأحمر”، باقتراح لا ينطوي على حسابات الانقلاب الجذري على الوحدة، داعياً إلى إعادة البحث بها وبتجديدها، ولكن على قاعدة غير اندماجية، إنما وحدة فدرالية، كان يمكن لها أن تنجح بحال جرى توسيعها نحو اتحاد فدرالي عربي.

تقدّم المهندس مراد والذي كان يؤدي دوره الممثل جمال سليمان، هذا الاقتراح، المبني على قراءة للأحوال الجيواستراتيجية في تلك المرحلة، خاصة أن هناك خوفاً سورياً مزمناً منذ الاستقلال إلى ما قبل الوحدة، من تكرار تجربة حلف بغداد، وطمع العراق بضم سوريا إليه.

كانت فكرة جمال سليمان في المسلسل، تنطلق من مبدأ عدم الاستفراد في سوريا، وبتقييم سياسي كان الطرح الأفضل، لكن البعثيين فيما بعد أخذوا الصراع على عاتقهم نفذوا الانقلاب وانقضوا على الحكم، ومارسوا أسوأ من ممارسة عبد الحميد السراج وعبد الحكيم عامر.

شاءت الأقدار اليوم، أن لا يكون جمال سليمان ممثلاً في مسلسل درامي، إنما يمثل رأياً يعبّر عن كثير من السوريين، وبسبب الاستعصاء السوري المديد والذي على ما يبدو سيطول، رمى جمال سليمان باسمه الشخصي كما قال وليس باسم منصة القاهرة المعارضة، حجراً في بركة مياه راكدة، مقترحاً الذهاب إلى تشكيل مجلس عسكري يضم جهات متعددة ومتعارضة يشكل هيئة حكم انتقالي في سوريا.

لاقى كلام الرجل الكثير من الاعتراضات، ولكنه في الحقيقة، هو الاقتراح الوحيد الذي يبدو واقعياً وعملياً، بسبب عدم قدرة أي طرف على تحقيق أي تقدم على طريق الحلّ السياسي.

طرح جمال سليمان الفكرة، على الروس خلال لقاءات عقدت في موسكو، وهنا لم يعد بالإمكان الاستسلام لمنطق التخوين الشعبوي الذي يرتفع لدى حصول أي لقاء بين مسؤولين في المعارضة مع الروس، السياسة هنا تحتاج إلى تعقّل وواقعية، روسيا هي صاحبة الدور الأكبر في سوريا، ولا بد من التعاطي معها، طالما أنه لا بروز لأي مشروع حقيقي وجدي لمقاومتها لا سياسياً ولا عسكرياً.

لا بد من التعاطي معها مع تسجيل موقف أساسي يدين الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب السوري، أو بنتيجة ذهابها إلى أفكار تارة أقلوية، وتارة أخرى تقوم على تحالفات مذهبية أو إضفاء طبائع دينية لخوض تلك الحرب، ولا بد أيضاً من التعاطي معها كقوة مهيمنة تسعى إلى إعادة إحياء أمجاد الإمبراطورية الروسية، أو العودة كلاعب أساسي على الساحة العالمية انطلاقاً من سوريا وعلى أشلاء ودماء الشعب السوري. خاصة أن روسيا صاحبة مشروع أصبح واضحاً لتقديم أي بادرة من بوادر التقدم السياسي في سوريا إذا ما أخذت في المقابل ما تريده في شرق أوروبا.

يأتي الاقتراح في لحظة سياسية مفصلية، انشغال أميركي عن منطقة الشرق الأوسط، ووضع غير مستقيم بين روسيا والنظام السوري، وهنا لا بد من تقديم أي مشروع قابل لضرب العلاقة بين روسيا والنظام أكثر فأكثر، في ظل عدم توفر أي فرصة من فرص الحلّ، خاصة أن الآية انقلبت بالنسبة إلى كل القوى المشاركة في الحرب السورية، إذ كانت هذه القوى تنتظر حصول الحلّ لتحصيل الحصة السياسية بنتيجة قتالها، بينما الواقع أن كل طرف نجح في ضمان منطقة نفوذه، بدون توفر بوادر الحل، فيما تؤشر المعطيات إلى أن الاستعصاء سيستمر طويلاً.

اقتراح جمال سليمان فكرة يجدر التفكير بها، تأطيرها وتوسيعها، لتشمل فئات أوسع من السوريين، خاصة أن روسيا غارقة في ورطة حقيقية بسوريا، وتتوزع من حولها جملة من الخطوط الحمر، واحد في إدلب من قبل تركيا، آخر في الجزيرة والشرق بسبب الوجود الأميركي، كذلك بالنسبة إلى مناطق النفوذ الإيرانية، ناهيك عن الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية.

هذه الوقائع تنعكس سلباً على وضع موسكو في سوريا، ما يضرب طموحات بوتين التي أعلنها بأنه يريد سوريا قاعدة لبلاده، يستعيد من خلالها نفوذ الاتحاد السوفييتي، والتوسع باتجاه العالم العربي. روسيا غير قادرة على تحقيق أي تقدم في سوريا، وغير قادرة أبداً على الشروع في مشاريع إعادة الإعمار.

كان بوتين قد أعلن بأن المهمة الروسية قد تنتهي خلال ستة أشهر، بينما أصبح عمر الدخول الروسي إلى سوريا 6 سنوات، ولا بوادر أبداً للحلّ. الفرصة الآن لأي اقتراح جدّي قادر على تغيير الوقائع السياسية، واستقطاب المزيد من المواقف الدولية والإقليمية المؤيدة، بما يفيد سوريا، والسوريين، بدلاً من بقائهم على هذا الواقع من التشرذم والتشرد. وذلك لا بد له من أن يستفيد من لحظة المصالحات العربية، والخليجية، ووجود بوادر لتقارب تركي خليجي.

إنها فرصة للسوريين لإعادة إحياء الاهتمام العربي بهم وبالملف السوري. وذلك يتجلى بتلقف الاقتراح، والدعوة إلى تكثيف اللقاءات بين المجموعات السورية المتعارضة على اختلاف توجهاتها، ما يدفع إلى تشكيل عناصر ضاغطة على روسيا والنظام في آن معاً، بالاستثمار بالقواسم المشتركة بدلاً من معارك التخوين، والاستمرار بإثارة ما يثير المزيد من الفرقة.

تلفزيون سوريا

——————————-

مسار أستانة: لهوٌ في الفراغ السوري/ أمين العاصي

للمرة الخامسة عشرة، تلتئم أعمال “مسار أستانة” الخاص بالقضية السورية، وذلك بعدما لم تحقق نتائج مهمة في السابق يُمكن البناء عليها للتوصل إلى حلول للملفات الذي أخذ هذا المسار على عاتقه التصدي لها. ومن أبرز هذه الملفات وقف إطلاق النار في سورية، والإفراج عن المعتقلين في سجون النظام، والتعامل مع ملف الألغام، والدفع بالعملية السياسية. ولا يُتوقع أن تكون الجولة الراهنة مختلفة عن سابقتها، لجهة رفض النظام السوري التعاطي مع أيّ حلول لا تُبقي بشار الأسد في السلطة.

وانطلقت أمس، الثلاثاء، الجولة الـ15 من محادثات أستانة السورية في مدينة سوتشي الروسية، بحضور المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، ومشاركة وفدي المعارضة السورية والنظام، والدول الضامنة والمراقبة، في ظلّ مقاطعة أميركية للمحادثات. وأكد المبعوث الروسي الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف أن الوفود ستناقش خلال اللقاء موضوع عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وكذلك الوضع الاقتصادي في سورية، موجهاً رسالة إلى المعارضة السورية المسّلحة بضرورة “تحرير إدلب من الإرهابيين”.

وطيلة سنوات، فشل الثلاثي الضامن لتفاهمات مسار أستانة (تركيا، إيران وروسيا)، في حماية ما كانوا يتفقون عليه، بل إن الجانبين الروسي والإيراني ذهبا إلى حدّ تجميد المسار الأممي للعملية السياسية في سورية، لصالح إنعاش مسار أستانة الذي جرّد المعارضة السورية من كل أوراق القوة التي كانت تمتلكها. ومهّد هذا المسار الطريق أمام قوات النظام لاستعادة السيطرة على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية. ولم تنقطع محاولات الروس تحديداً لفرض رؤيتهم للحلّ في سورية، والقائم على بقاء بشار الأسد في السلطة انطلاقاً من مسار “أستانة” الذي خلق حقائق على الأرض بات من الصعب تخطيها في أيّ حلول مستقبلية للقضية السورية.

لكن الجانب الروسي يواجه أيضاً معارضة من الجانب الأميركي الذي رفض حضور الجولة الحالية من صيغة أستانة، بحسب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف. ويبدو أن واشنطن لا تزال مصّرة على أن المسار الأممي هو المعني بإيجاد حلول للقضية السورية وفق قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، وأبرزها القرار 2254، الذي أقر في نهاية العام 2015 ويحدد خطوات واضحة للحل السياسي في سورية. ولكن النظام السوري وحلفاءه الروس والإيرانيين، لم يتجاوبوا حتى اللحظة مع جهود الأمم المتحدة، ولا تزال العملية الدستورية تراوح مكانها، كما أفشل النظام الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي عقدت في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

ويبحث المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، والذي حمّل النظام مسؤولية هذا الفشل، الأحد المقبل، في العاصمة السورية دمشق، عن طرق جديدة لإقناع النظام للتعاطي بشكل أكثر جدية مع العملية السياسية والعودة إلى طاولة المفاوضات في مدينة جنيف حول الدستور. إلا أن الوقائع تشير إلى أن النظام لم يعد معنياً بالمسعى الأممي، فهو بدأ بالفعل تحضير المسرح السياسي لبقاء الأسد 7 سنوات إضافية في السلطة. ومن المقرر أن يجري هذا النظام انتخابات في منتصف العام الحالي وفق دستور العام 2012، تبقي الأسد في السلطة.

وفي هذا الصدد، رأى الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن الحل السياسي “بات أقرب للمستحيل، لأنه لا توجد ضغوط على النظام”.

من جهته، رأى الباحث السياسي رضوان زيادة أن خلق مسار مواز أو بديل للمسار الأممي للحل السياسي في سورية “هو دائماً طموح روسيا”، لكنه اعتبر في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “فشل مسار أستانة في الالتزام بما اتفق عليه، جعله بلا قيمة”. وأشار زيادة إلى “أن مسار أستانة أقرّ مناطق خفض التصعيد في سورية، لكن روسيا اجتاحت الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق ودرعا وريف حمص الشمالي، وغيرها من المناطق المتفق عليها في الخرائط كمناطق خفض التصعيد، حتى أنها أرادت الهجوم عسكرياً على إدلب، ولم توقفها سوى جدية تركيا في التدخل عسكرياً، وحماية المناطق التي تحتفظ أنقرة بتأثير كبير عليها”.

وأعرب زيادة عن اعتقاده بأن مسار أستانة “لم يعد له أي قيمة أو مصداقية”، مبدياً استغرابه من إحيائه مرة أخرى “بعدما تم إعلان وفاته، بل ودفنه منذ شهور طويلة”. وحول دلالات رفض واشنطن دعوة موسكو لحضور الجولة الحالية من “أستانة”، أشار زيادة إلى أن الولايات المتحدة “لا تريد الاعتراف بمسار أثبت فشله”، مضيفاً أن “واشنطن أكدت دوماً على مسار جنيف، رغم أنه لم يتوصل إلى أي نتائج حتى اليوم”.

وفي السياق، اعتبر المحلل السياسي المختص بالشأن الروسي طه عبد الواحد أن موسكو “ليست في وارد تعطيل المسار الأممي أو إلغائه، لأن هذا يعني زيادة تورطها وحدها في الملف السوري، بينما هي تحتاج إلى توافق دولي، ولو شكلي، حتى تحقق مصالحها في سورية، لا سيما في ما يخص ملف أموال إعادة الإعمار”. ورأى عبد الواحد، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “وفق تصريحات المسؤولين الروس، هناك مؤشرات تدفع للاعتقاد بأنهم سيحاولون فرض أجندة أخرى على مسار جنيف، مثل ملف إعادة اللاجئين السوريين”. وأعرب عن اعتقاده بأن “سعي موسكو لعقد هذه الجولة من مسار أستانة، هو للتأكيد بأنه مستمر، وهو الوحيد الفعال”. واعتبر أن موسكو “تحاول فرض واقع معين على الإدارة الأميركية الجديدة قبل تعاطي الأخيرة مع الملف السوري”. وأوضح أن الروس “سيعملون خلال اللقاء على إيجاد صيغة ما لاستئناف عمل اللجنة الدستورية. وربما يفرضون بطريقة ما فتح مسار تفاوضي جديد في جنيف، حول اللاجئين”. وتوقع عبد الواحد ألا يحقق الروس أي نجاح مهم “كون المعطل هو حليفهم النظام السوري، ومن غير الواضح حدود قدرتهم على ممارسة ضغط مؤثر فعلياً عليه”. وتابع: “يمكن تحقيق نتائج إذا أجبر الروس النظام على التفاعل الإيجابي مع العملية السياسية، وأقنعوا الإيرانيين بالوقوف إلى جانبهم، وهو أمر مستبعد حتى الآن”.

من جهتها، تبحث المعارضة السورية عن وقف إطلاق نار دائم مع قوات النظام على مختلف خطوط التماس في أرياف إدلب وحلب، لخلق استقرار في الأماكن التي تسيطر عليها، والتي تعصف بها أزمات متعددة. كما تطالب المعارضة السورية بممارسة ضغوط على النظام السوري للانخراط فعلياً في العملية السياسية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وخصوصاً بما يتعلق بالدستور والانتقال السياسي تنهض به هيئة حكم كاملة الصلاحيات وفق بيان جنيف 1، تضم ممثلين من النظام والمعارضة.

وكانت قد راجت خلال الأيام القليلة الماضية أنباء عن نيّة الأطراف الفاعلة في الملف السوري، وخصوصاً الجانب الروسي، تشكيل مجلس عسكري يضم ضباطاً من النظام والمعارضة السورية، ويمكن أن يتولى السلطة في البلاد. لكن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف أكد في تصريحات صحافية، أمس الثلاثاء، على هامش الجولة الحالية من مباحثات أستانة، عدم وجود أي محادثات حول “المجلس العسكري” السوري، معتبراً أن ذلك تضليل متعمد بهدف نسف المحادثات والعملية السياسية.

وفي السياق، أكد لافرنتييف أن الوفد الروسي سوف “يجري محادثات شاملة مع وفد المعارضة السورية”، وأنه سوف يشدد في حديثه مع الوفد المعارض على “ضرورة الابتعاد عن المجموعات المتطرفة، وخصوصاً في منطقة خفض التصعيد في إدلب المسيطرة فعلياً في الوقت الحالي على المنطقة، وتعطل تنفيذ الاتفاقات الروسية التركية لاستقرار الأوضاع على خطوط التماس”. وخلص إلى أنه “حان الوقت، على أي حال، لأن تسعى (المعارضة) إلى أخذ هذا الموضوع على عاتقها، وتحرر هذه المنطقة من المنظمات الإرهابية”. ومع إشارته إلى نتائج مؤتمر اللاجئين الذي عُقد في دمشق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ورغبة لبنان بتنظيم نسخة جديدة من المؤتمر، قال إن “الجانب التركي أبدى اهتماماً في بحث موضوع تنظيم مباحثات حول اللاجئين على أراضيه، ولهذا نناقش ما يجب علينا فعله من أجل الدفع بهذه القضية المهمة”.

وشدّد لافرنتييف على ضرورة مواصلة العمل لمحاربة التنظيمات الإرهابية، مثل تنظيم “داعش” و”هيئة تحرير الشام” وغيرها من المنظمات المصنفة إرهابية، مشيراً إلى أن نشاط هذه التنظيمات ازداد في الأشهر الأخيرة، وأكد أن التفاوض معها “غير مطروح مطلقاً”، وأن “الهدف هو القضاء عليها بالكامل”.

العربي الجديد

———————-

 أستانا.. “قلة هيبة/ غسان مفلح

بالحوراني يقولون” سبعك ما أقل هيبتك”، أو بالحوراني الأردني “سبعك من دون ربعك”. سبعك تعني قبح الله وجهك أو سود الله وجهك. ذلك عندما يأتي أحدهم بفعلة (مخزية) أمام الآخرين (كالسرقة أو الكذب أو الغش أو النفخة الكذابة). سبعك ما أقل هيبتك، ذكرتني بمن قالت “كثر القصف الإسرائيلي لسوريا يقلّل الهيبة”، لهذا لوفد المعارضة أقول “سبعكم ما أقل هيبتكم”. أستانا

هذا بالطبع ينطبق على وفد النظام الأسدي أيضاً. هذا بالنسبة لنا كسوريين تجاه سوريين آخرين شاركوا بأستانا، لكن أكثر من تنطبق هذه الشتيمة على رعاة أستانا، روسيا وإيران وتركيا. نعم “سبعكم ما أقل هيبتكم”. تجتمعون وأمريكا تقرر، وزاد في الطنبور نغماً هذه المرة أنّ أمريكا رفضت حتى إرسال مراقب للمؤتمر. بالمحصلة وفقاً لهذه المقدمة الحورانية “أستانا كله قلة هيبة”، أستانا 14 أو لا أعرف الرقم بالضبط على كثرها.

مع ذلك قلنا عسى ولعلّ أن ينتج خيراً على مبدأ نصف الكأس الفارغ. بعد انتهاء المؤتمر ورؤيتي للبيان الختامي وجدت الاتفاق على نقطتين: الأولى، تثبيت مناطق خفض التصعيد، يعني الثلاثي لا يريدون حرباً فيما بينهم. الثانية، رداً على الأمريكان، بخصوص منطقة شمال شرق سوريا واتفاقهم على التوصل إلى الأمن والاستقرار، ورفضهم جميع المحاولات لخلق حقائق جديدة على الأرض، وعبروا عن إصرارهم للتصدي للخطط الانفصالية في منطقة الفرات، والتي تهدف إلى تقويض وحدة سوريا وتهدّد الأمن القومي لدول الجوار. إذا صدقوا في الأولى يكون الأمر كما ذكرت في أكثر من مناسبة، أنّ امريكا لا تريد أية زحزحة على القائم، أمنياً وعسكرياً، في المناطق الثلاث، وكما ذكرت أيضاً إنّ القصة في تزمين هذا الوضع أمريكا وهو ما يلوح في الأفق، حيث اكتفى الأسد بما باعه.

أما في الثانية، هنالك هاجس تركي من قصة سيطرة حزب العمال الكردستاني في تركيا على الجزيرة السورية بحماية أمريكية، إضافة إلى أنّ بوتين لا يعرف كيف يخرج من هذا الوضع، إنّه تعهد بإعادة سوريا إلى ما كانت عليه قبل 2011، بدء انطلاق الثورة. كذا الحال إيران، لكن إيران بخلاف روسيا إذا استطاعت تمرير عودة أمريكا للاتفاق النووي، فإنّها ستجد طريقاً للجزيرة السورية. بوتين يريد سوريا قبل عام 2011 تحت نفوذه، وإلا سيعتبر هذا فشلاً ذريعاً. أما إيران فيكفيها أن تكون طرفاً قوياً في سوريا. تركيا راضية وفقاً لميزان قواها وعلاقتها مع بقية الأطراف بقسمتها. لكن بالمقابل، ما يجمع هذه الأطراف غير قلة الهيبة، أنّهم ينتظرون إدارة بايدن وما ستقوم به. هنا لابد من سؤال الأتراك، هل تمثّل المعارضة التي حملتموها معكم إلى أستانا هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة سابقاً”؟ أي هل “لأبي محمد الجولاني” ممثل فيها؟ أم ما تزال العباءة الأمريكية تغطيه؟ خاصة أنّ الأمريكان منذ أكثر من سنة وهم يقومون بتصفية من انشقوا عن الجولاني، أقصد تنظيم حراس الدين في ريف إدلب. هذا السؤال موجه لوفد المعارضة أيضاً.

قلة الهيبة أيضاً لهذه الأستانا، تتجلّى أنّ أطرافها الثلاثة تتشارك فقط في ثلثي مساحة سوريا أو أقل، لهذا هي تحاول أن تتماسك على ما تشارك به على ما باعها الأسد لها. وأتى بهم شركاء مساهمين بالمقتلة بشكل مباشر (روسيا 2015، إيران2011) أم غير مباشر (احتلال تركيا لعفرين 2018). حيث باتوا جزءاً من مستقبل سوريا، أمنياً وسياسياً واقتصادياً. ليس أدلّ على ذلك تعيين مدير جديد لمرفأ طرطوس بعدما باعه الأسد للروس. فيما يقول الصحفي المختصّ بالشأن الروسي “طه عبد الواحد” لـليفانت نيوز: “جاء تعيين غايسين أيرات رايفاتوفيتش، كمدير روسي لمرفأ طرطوس، بموجب اتفاقية مع النظام السوري منحت روسيا المرفأ (استئجار) لمدة 49 عاماً، وأعلن عنه يوري بوريسوف، نائب رئيس الوزراء الروسي، في أعقاب محادثاته مع رأس النظام في دمشق ربيع 2019″، بالمقارنة مع قاعدة حميميم والتي رأى أنّ توسيعها “جاء بموجب الحقوق المطلقة التي منحها النظام للروس، في تلك القاعدة بموجب الاتفاقية ذات الصلة”. هذا ما ورد في تقرير عن الموضوع للصحفية نور مارتيني. هذا مثال حدث منذ أيام.

تأكيداً لهذه الشراكة أو صفقة البيع الأسدية، بالجملة والمفرق، هذا أيضاً غير كاف بالنسبة للأمريكان، فهم يراقبون ويتابعون ما يجري في مناطق أستانا من تطورات وصفقات. “قلة الهيبة” عنوان لأستانا. أستانا

ليفانت

—————————

هل يخرج بوتين من المستنقع السوري؟/ يحيى العريضي

مع انطلاق ما سُمِّي “الربيع العربي”؛ ومع قرار استعمارات الأمس التدخل السافر في شؤون هذا الربيع، لحماية دكتاتوريات همّها البقاء، مقابل الحفاظ على مصالح قوى الخارج؛ لم يُسمَح لروسيا بوتين أن تكون جزءاً من التحالف الدولي الذي دخل سوريا؛ إلا أن روسيا تدبّرت أمرها مع حاكم دمشق “مهتز العرش”؛ وبالتنسيق مع قوة إقليمية صاحبة مشروع توسعي خبيث /إيران/؛ ودخلت لحماية منظومة الأسد الاستبدادية.

عَمِلَ هذا الغرب الاستعماري على احتواء روسيا بوتين مستغلاً ملفاتها الإجرامية المتراكمة، والممتدة من الشيشان إلى جورجيا فالقرم، وبنى على طموحات بوتين المَرَضيّة والتي حدّدها “أوباما” بوصفه روسيا كمجرد “قوة إقليمية كبيرة”. وهنا تمَّ تصميم استراتيجية احتواء؛ يمكن تسميتها “استراتيجية احتواء المُرْتَكِب” لإنجاز جملة من الأهداف في سوريا الهامة جداً لكل تلك القوى المتدخلة بشؤونها:

أولها – تعهيد الملف السوري لبوتين صاحب الطموح المَرَضيّ، وثانيها – استصدار قرارات أممية بلا أنياب لإدارة المأساة السورية، لا لإنهائها، وثالثها – تسجيل نقاط سياسية واستراتيجية سوداء على روسيا بوتين لإغراقها أكثر بسوء أفعالها، وإبقائها كما وصّفها “أوباما”.

صدّق بوتين نفسه؛ وتفاعلت طموحاته الشخصية باستعادة أمجاد إمبراطورية الروس بدور جديد، كمقرر لمصير شعب ودولة قُرب المياه الدافئة؛ فتصرّف كدب هائج: – سياسياً عبر الفيتو، الذي حمى به إجرام نظام الأسد؛ وعسكرياً عبر “السوخوي”، التي راكمت ملفات الإجرام على كاهله.

لم يكن بوتين غبياً ليغيب عن ذهنه المستنقع الذي أُريد إدخاله في أتونه؛ فسارع إلى استثمار الفخ الغربي ذاته، مستنداً إلى دعوة “الشرعية الأسدية” له؛ وبدأ عملية وضع اليد على سوريا عبر عقود طويلة الأجل مع “الشرعية الأسدية”؛ إلا أن التحالف الدولي، وعلى رأسه أميركا، حَرَمَه مما أُطلِق عليه اسم “سوريا المفيدة” فعلاً، حيث النفط والماء والقمح. وهنا، وجد بوتين نفسه محاصراً بين شمال سوري بغربه وشرقه بيد التحالف وتركيا، كحليفين لمن يعارض الأسد الذي يحميه، من جانب؛ وباقي سوريا تحت نفوذ إيران، التي تزاحمه في حماية الأسد، من جانب آخر. وللمفارقة مِن قبل إسرائيل، التي تستبيح ذلك النفوذ بالتنسيق معه ومع طموحاته بكسب ودّها، من جانب ثالث.

كسب بوتين بجدارة عداء كل من احتكَّ معهم بشأن القضية السورية: – زاد توتر العلاقات بينه وبين أميركا والغرب الأوروبي؛ – أصبح رهينة للخبث والاستغلال الإيراني والأسدي؛ – تحول إلى خادم لطموحات المشروع الصهيوني في المنطقة؛ والأهم من كل هذا، – كسب عداءً أزلياً تجاه شعب سوري ينشد الحرية والخلاص من ربق الاستبداد الأسدي، حيث حالَ دون ذلك بإصرار ومكابرة.

تجلى التخبط البوتيني، وعمى القلب بالموقف الروسي الأخير في مجلس الأمن؛ حيث وقف ممثل بوتين في وجه تفعيل حقيقي لعملية السلام في سوريا، عندما رافع عن انتخابات أسدية لا شرعية لها. والمفارقة أن الفعل الروسي هذا، وما يشابهه من إفراغ القرارات الدولية من مضمونها، يحدث مرة تلو الأخرى؛ وهذا الغرب، الذي يمتلك معظم أدوات اللعبة، يستمر بالتمتع بالغباء الروسي، ويطمئن على إدارته “الناجحة” للمأساة السورية.

كيفما كانت أهداف بوتين، وكيفما كانت أشكال معيقاتها، فإن الجهة الأكثر عرقلة لها هي نظام تمرّس على اللعب فوق أكثر من حبل. ومن حق أي سوري أن يسأل ها هنا: هل يَغْفُلُ بوتين عن العبارة الأشهر بتوصيف علاقة الأسد الأب بالاتحاد السوفيتي؛ والتي تقول: إن “قلب الأسد كان على الدوام مع أميركا، ويده في جيب الروس”؟ – ألا تصل بوتين تلك التهديدات المبطّنة بأولوية التحالف الأسدي-الإيراني على الأسدي-الروسي؟ – ألم يقع على أسماعه غزل الترجي بين النظام والإدارة الأميركية الجديدة؟  و – هل يصدّق بوتين أن النظام يحتاجه للتواصل مع إسرائيل؟

إذا كان بوتين يعتقد أن لا أحد يمكن أن يحافظ على المصالح الروسية كالمنظومة الإجرامية القائمة، فهو يكابر ويخاتل؛ وهو الأعلم، حسب تصريحات بعض مسؤوليه مؤخراً، بأن نظام الأسد في حالة موت سريري؛ وهو عبء أكثر مما هو ضامن وشريك. من جانب آخر، يشكل استمرار حمل بوتين لهكذا منظومة إجرامية مزيداً من الانتفاخ بملفاته الثقيلة سلفاً.

مرة أخرى نقول إن المخرج المضمون والأكثر براعةً سياسياً واستراتيجياً، يتمثل بأعكاسه لكل ما فعله تجاه المسألة السورية حتى الآن، وبإدارة الظهر لكل القوى التي أرادته أن يغوص في هذا المستنقع، وبالعودة إلى جوهر القضية السورية. فإن كانت الملايين السورية خرجت أساساً للخلاص من هذه المنظومة الاستبدادية، فالقانون الدولي سيكون بجانبه- بفعل حقوق الإنسان، لا بفعل الفيتو.

وإعادة الإعمار ستكون ممكنة- بفعل تطبيق القرارات الدولية الخاصة بسوريا، لا بابتزاز العالم. وعودة اللاجئين ستكون محققة بفعل الإرادة والضمانات الدولية، لا بفعل الابتزاز والمساومات.

لا مخرج لبوتين من مأزقه، إلا بخروج سوريا والسوريين من مأساتهم؛ ولا يحدث ذلك عبر الاستمرار ببهلوانيات الدببة. لا مخرج إلا بقلب الطاولة على كل السياسات البائسة التي نهجها حتى الآن في سوريا، وأولها الإقرار الصريح والصادق والفعلي بالتنفيذ الكامل والحرفي للقرار الدولي 2254، وخاصة تشكيل هيئة حكم انتقالي لا مكان فيها للمنظومة الاستبدادية، التي أوقفت حياة سوريا وأهلها.  قد يكون هذا رهاناً على مجرمين؛ ولكن إذا كانت مصلحتهم تكمن بهكذا فعل؛ فلمَ لا يكون الرهان!

تلفزيون سوريا

————————-

اجتماعات أستانة 15.. رسائل “حازمة” من بيدرسون وسط تباعد المواقف/ جابر عمر

لا تنبئ المواقف المتباعدة لدى الدول الضامنة لمسار أستانة، روسيا وتركيا وإيران، بإمكانية تحقيق أي تقدم ملحوظ على المسار السياسي والميداني حول سورية، خلال اجتماعات أستانة 15 الجارية في سوتشي الروسية.

وعلى الرغم من أن فشل أعمال اللجنة الدستورية كان السبب الرئيس بعقد الاجتماع هذا في ظل الظروف الحالية التي تفرض على جميع المشاركين إجراء فحص كورونا عند الدخول والخروج، مما يصعب من مهام اللقاءات ومهام الصحافيين المتابعين، إلا أن الآمال المنعقدة على نتائج الاجتماع تعتبر ضعيفة.

وتشير الاجتماعات، وفق ما تسرب من معلومات، إلى أن اللجنة الدستورية كانت حاضرة بقوة، وأن روسيا تريد الدفع بعملها كما هو في السياق الحالي، أي بالشكل الذي تسير عليه الاجتماعات الحالية، على نحو بطيء، وتأخذ وقتها لحين نضوج الحل السياسي.

لكن الموقف الروسي هذا يصطدم بموقف صارم من المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، الذي لمّح إلى أن المجتمع الدولي قد يبحث عن بدائل في حال الفشل في تقدم العملية الدستورية، وهو ما يلقي بالكرة في الملعب الروسي للضغط على النظام لتحقيق انخراط حقيقي في الاجتماعات الدستورية بجنيف.

وبخلاف الضغط على ملف اللجنة الدستورية للحصول على تقدم، فمن الواضح أن البيان الختامي لن يختلف عن البيانات الختامية السابقة للاجتماعات، من حيث التأكيد على نفس الأمور والقضايا، من محاربة الإرهاب والدعوة لعودة المهاجرين، والسعي لإبقاء الهدوء ميدانيا.

ومن المؤشرات على التباعد بين الأطراف المشاركة هو تخفيض مستوى المشاركة، إذ ترأس الوفد التركي مسؤول في وزارة الخارجية بمنصب سفير تركيا في سورية، وهو سلجوق أونل، فيما كان يترأس الاجتماعات السابقة مساعد ويزر الخارجية سادات أونال؛ كذلك مثّل إيران مساعد وزير الخارجية علي أصغر خاجي، بدلا من مساعد وزير الخارجية جابري أنصاري، وهو ما ينزع عن الاجتماع صفة الجدية، وينبئ بقرارات شكلية وتتسم بالمجاملة.

وتعليقا على الاجتماعات، قال المتحدث باسم وفد المعارضة، أيمن العاسمي، لـ”العربي الجديد”، إن “المعارضة أجرت عدة لقاءات اليوم، كان أبرزها اللقاء مع المبعوث الأممي بيدرسون، والوفد التركي، إضافة للوفد الروسي، على أن يكون هناك لقاء ثان يجمعهم مع الجانب الروسي”.

وأضاف أن “هناك تعنتا من قبل روسيا في ما يخص عمل اللجنة الدستورية، حيث سمعت المعارضة من المبعوث الأممي موقفا حازما يتعلق بإحراز تقدم بعمل اللجنة الدستورية، والضغط على الجانب الروسي للاستجابة للمتطلبات الدولية وتحقيق تقدم يتعلق بعمل اللجنة”.

ولفت إلى أن “المعارضة لمست من المبعوث الأممي تحذيرا بأنه في حال عدم حصول الأمم المتحدة على تقدم ملموس في جولة أستانة 15 الحالية، فسيكون للمجتمع الدولي رأي آخر في البحث عن خيارات أخرى، خاصة أن الإدارة الأميركية الجديدة قد تكون لها مقاربة مختلفة لما يجري حاليا بين الدول الضامنة”.

كما شدد على أن “روسيا لا تزال تماطل حتى الآن، وتدعي أنها غير قادرة على الضغط على النظام لإحراز تقدم في عمل اللجنة الدستورية، رغم أنها هي التي تقود هذا المسار، وبالتالي أكد الجانب الروسي أنه يقدم النصح فقط للنظام من أجل السير قدما دون إمكانية الضغط عليه، وهو ما يوضح أن روسيا ترغب باستمرار عمل اللجنة الدستورية كما هو، إلى حين نضوج مرحلة الحل السياسي”.

وختم بالقول “اللجنة الدستورية هي الملف الوحيد الذي ينتظر إحراز تقدم فيه في هذه الجولة وقدمت المعارضة ما لديها من ملفات، وتناولت ملف المعتقلين، كما في كل مرة، مشددة على مطالبها”.

وقال المبعوث الأممي بيدرسون،  في تصريح صحافي عقب لقائه بالوفد الروسي: “لا يمكن أن تسير أعمال اللجنة الدستورية بالطريقة الموجودة حاليا، وهي بحاجة إلى دفعة من أجل أن تسير قدما، وهذا ما كان محور الحديث مع الأطراف المعنية في اجتماعات اليوم”.

وأضاف: “ستكون لي زيارة لموسكو ودمشق، وسألتقي مع وفد المعارضة، وستكون هناك لقاءات مع الجانب الأميركي، وبناء على ذلك يتم الحديث عن الدفع باتجاه العملية السياسية وحاليا لا يوجد موعد محدد وجدول أعمال وهذا ما يعتمد على اللقاءات التي ستجري لاحقا”.

وتُجري الدول الضامنة اجتماعا ثلاثيا بنهاية اجتماعات اليوم، لوضع اللمسات النهائية على البيان الختامي، وإقراره غدا قبل الجلسة الرئيسية الختامية للمؤتمر.

———————–

«مواجهة افتراضية» حول سوريا في سوتشي/ إبراهيم حميدي

سيكون اجتماع «الضامنين» الثلاثة، روسيا وإيران وتركيا، في سوتشي، اليوم وغداً، بمثابة «مواجهة افتراضية» بين رغبتين: الأولى، رغبة دول غربية وإقليمية، بينها أميركا التي هي بصدد مراجعة سياستها السورية، ألا يدعو المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى اجتماع جديد للجنة الدستورية في جنيف قبل الاتفاق على إجراءات اللجنة وخطة عمل الجولات المقبلة. الثاني، رغبة الدول الثلاث، خصوصاً روسيا وإيران، في الإبقاء على دوران عجلة اللجنة، باعتبارها «الإنجاز المدلل» لقطع الطريق على فتح «سلال» أخرى لتنفيذ القرار 2254، وللإبقاء على هذا المسار حياً، وإجراء الانتخابات الرئاسية في آخر مايو (أيار) المقبل بموجب دستور عام 2012.

«أجندة انفصالية»

من المقرر أن يعقد اجتماع «الضامنين» على مستوى نواب وزراء الخارجية بمشاركة بيدرسن وممثلي العراق ولبنان والأردن بصفة «مراقب» ومسؤولي مؤسسات أممية بينها مكتب اللاجئين. هذا الاجتماع سبقه لقاء ثلاثي مماثل في جنيف نهاية الشهر الماضي خصص للمسار الدستورية، وسبقته «قمة افتراضية» بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب إردوغان في الصيف الماضي. وإذ تريد أنقرة أن يتضمن التأكيد على «هدنة إدلب» التي رعاها بوتين وإردوغان في مارس (آذار) الماضي، فإن موسكو تأمل بفتح مسار جديد هو المسار الإنساني للبناء على «المؤتمر الدولي للاجئين» الذي رعته في دمشق نهاية العام الماضي، فيما تسعى طهران إلى موقف ضد غارات إسرائيل في سوريا، كان آخر قصف ليل الأحد – الاثنين قرب دمشق.

لكن «الضامنين» يتفقون على أن يشكل هذا الاجتماع مناسبة لتأكيد موقف ثلاثي في «رفض الأجندة الانفصالية» في شمال شرقي سوريا، في تأكيد استباقي لموقف سابق مع تسلم إدارة الرئيس جو بايدن التي تشير المعلومات إلى أنها ستؤكد على استمرار الوجود العسكري في سوريا، وستزيد دعم «قوات سوريا الديمقراطية» في محاربة «داعش»، على عكس «التأرجح» الذي كان سائداً في حكم الرئيس دونالد ترمب.

الملف الساخن الذي سيشغل ممثلي الدول الثلاث، يخص تقويم عمل اللجنة الدستورية. بيدرسن، كان يأمل ببعض الاختراقات في الجولة الخامسة باتجاه وضع «آلية لصوغ الدستور»، لكنه أصيب بـ«خيبة» بسبب «ضياع فرصة». أيضاً، كان يأمل بنوع من «التوافق الدولي»، لكن الاجتماع الأخير لمجلس الأمن كشف استمرار الانقسام الغربي – الروسي بعد تسلم بايدن، خصوصاً أن وزير خارجيته أنطوني بلينكن، تحدث خلال اتصاله مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على بندين فقط: دعم تسوية بموجب 2254 ودعم تمديد المساعدات الإنسانية عبر الحدود، لدى انتهاء ولاية القرار الحالي في يوليو (تموز).

استمرار الانقسام

لدى وضع مسودة بيان خلال الرئاسة البريطانية للمجلس، لم يحظ بموافقة الدول الـ15. روسيا لم تكن موافقة على بندين: الأول، «دعم جهوده (بيدرسن) والأسف لأنه بعد مرور 17 شهراً على إطلاق اللجنة، لم تبدأ حتى الآن عملية صياغة الإصلاح الدستوري، تبعاً لـ2254». الثاني، «دعم الجهود الدبلوماسية التي يبذلها المبعوث، لإحراز تقدم على جوانب القرار 2254».

قبل الجولة الرابعة من «الدستورية» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، جرى الاتفاق على أن تخصص «الرابعة» لمناقشة «المحددات الوطنية»، على أن تناقش «الخامسة» مبادئ الدستور. لكن لدى انعقاد الأخيرة نهاية الشهر الماضي، استمرت المراوحة: وفد «هيئة التفاوض السورية» المعارضة برئاسة هادي البحرة قدم مقترحات لآليات العمل ووثيقة لـ«بعض البنود المقترحة ضمن فصل المبادئ الأساسية في الدستور» في صفحتين، تناولت عناوين «السيادة ونظام الحكم وفصل السلطات وسيادة القانون واستقلال القضاء والمواطنة المتساوية والنزاهة ومكافحة الفساد ومكافحة التطرف والإرهاب».

من جهتهم، طرح ممثلو «الوفد المدعوم من الحكومة» مداخلات تتعلق بالسيادة وتعريفها وحدودها ورموزها وضرورة استكمال «النقاش» قبل البدء بـ«الصياغة». لكن المفاجئ كان أن رئيس الوفد أحمد الكزبري قدم في الساعات الأخيرة من اجتماعات اللجنة وثيقة من صفحتين، بعنوان «عناصر أساسية في سياق الإعداد للمبادئ الدستورية»، وهي نص مطابق لوثيقة سابقة كان قدمها في الجولة الرابعة، حيث اقتصر التغيير على عنوان الوثيقة، الأمر الذي كان بمثابة «صدمة» لممثلي دول غربية وأممين.

بعدما أجرت الدول الثلاث، تقويماً ساخناً في جنيف، هي اليوم، بصدد إجراء تقويم بارد لوضع خطة للأشهر المقبلة، خصوصاً في ضوء الاتصالات الروسية والإيرانية مع دمشق التي أفاد بيان رسمي فيها بأن الرئيس بشار الأسد وكبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي، أكدا استمرار «عمل اللجنة دون تدخلات خارجية وفق قواعد الإجراءات التي تم الاتفاق عليها سابقاً، وبآلية عمل ومنهجية واضحة تبدأ من النقاش حول المبادئ الأساسية والاتفاق عليها، ثم الانتقال إلى التفاصيل».

دور المبعوث الأممي غير بيدرسن، سيكون أساسياً في تقويم المسار، سواء في سوتشي أو لدى زيارة موسكو يوم الخميس المقبل للقاء وزير الخارجية سيرغي لافروف، أو دمشق للقاء وزير الخارجية فيصل المقداد، بعد اجتماع سوتشي. عليه، هل يجري التفاهم على آلية لاجتماعات اللجنة بموجب صفقة تتضمن: تحديد مواعيد الجولات، آلية الصياغة، خطة العمل، والتعاون بين رئيسي وفدي «الهيئة» و«المدعوم من الحكومة»؟ أم تواصل الدول الثلاث الحفاظ على المسار الدستوري للقول إن هناك عملية سياسية، ومنع الكتلة الغربية المنافسة من فتح «السلال» الأخرى لتنفيذ 2254 مثل «الانتقال – الحكم»، الانتخابات، الإرهاب، البيئة المحايدة، أو إعلان وفاة المسار الدستوري؟

الشرق الأوسط،

————————–

بيان “أستانة” الختامي..يدعم تهدئة إدلب واللجنة الدستورية

شددت الدول الثلاث الضامنة لمسار “أستانة” على ضرورة التنفيذ الكامل لجميع اتفاقات التهدئة في محافظة إدلب في سوريا، مؤكدة دعمها لعمل اللجنة الدستورية. وحددت منتصف العام 2021 موعداً للاجتماع المقبل.

وقالت في البيان الختامي لاجتماع سوتتشي في صيغة “أستانة” الأربعاء، إنها استعرضت بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد بإدلب، مؤكدة عزمها على “محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره ومعارضة المخططات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سوريا ووحدة أراضيها وتهديد الأمن القومي لدول الجوار”.

وأضاف بيان الدول الثلاث، روسيا وتركيا وإيران، الذي تلاه الممثل الخاص لرئيس روسيا بشأن سوريا ألكسندر لافرنتييف أنه تمت مناقشة “الوضع في شمال شرقي سوريا، واتفقت الدول الضامنة على أن الأمن والاستقرار على المدى الطويل في هذه المنطقة لا يمكن تحقيقهما إلا على أساس الحفاظ على السيادة والسلامة الإقليمية للبلاد”.

وأبدت الدول الضامنة عزمها على مواجهة “المخططات الانفصالية في شرقي الفرات التي تهدف إلى تقويض وحدة سوريا وتهدد أمن الدول المجاورة القومي”. وأعربت عن قلقها إزاء تفعيل الأعمال القتالية الموجهة ضد السكان المدنيين في شمال شرقي سوريا، مجددة رفضها “لعمليات الاستيلاء على العائدات النفطية التابعة بموجب القانون للجمهورية العربية السورية وتسليمها إلى أطراف أخرى”.

وأضاف البيان “اتفقنا على مواصلة التعاون من أجل القضاء النهائي على “داعش” وجبهة النصرة وجميع الأفراد والجماعات والمؤسسات والمنظمات الأخرى المرتبطة بالقاعدة أو داعش والجماعات الإرهابية الأخرى المعترف بها على هذا النحو من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مع ضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وفقًا للقانون الإنساني الدولي”.

وأعربت الدول الضامنة عن إقتناعها بأن الصراع السوري لا يمكن حله عسكرياً، وأكدت من جديد “التزامهم بحل النزاع من خلال عملية سياسية قابلة للتطبيق ومستدامة تُيسرها الأمم المتحدة، ويقودها ويملكها السوريون، تماشيا مع قرار مجلس الأمن 2254”.

وفي ما يخص عمل اللجنة الدستورية السورية، أكدت الدول الثلاث على ضرورة “دعم عمل اللجنة من خلال التفاعل المستمر مع الأطراف السورية وأعضاء اللجنة الدستورية والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن كميسر لضمان عملها المستدام والفعال”.

وأشارت إلى أهمية احترام النظام الداخلي ومبادئ العمل الأساسية للجنة الدستورية، وإحراز تقدم في عملها؛ حتى تتمكن من أداء مهامها المتمثلة في إعداد وصياغة إصلاح دستوري للاستفتاء لاحقا وفقاً للبيان.

ودان البيان هجمات إسرائيل المتواصلة على سوريا ودعت إلى وقفها، لافتة إلى أنها “تنتهك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وتقوض سيادة سوريا والدول المجاورة وتهدد أمن واستقرار المنطقة”.

كما أعربت الدول الضامنة عن “قلقها العميق إزاء الوضع الإنساني وتأثيرات وباء كورونا في سوريا، وشددت على ضرورة زيادة المساعدة الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة”.

وشددت “على ضرورة تسهيل العودة الآمنة والطوعية للاجئين والمشردين داخليا إلى أماكن إقامتهم الأصلية في سوريا من خلال ضمان حقهم في العودة والدعم”.

وختمت الدول بيانها بقرار عقد الجولة القادمة من الاجتماع الدولي بصيغة أستانة في عاصمة دولة كازخستان، نور سلطان، منتصف 2021.

————————————-

موسكو:الغارات الإسرائيلية “تستنزف” صبر النظام..وقد يرد !

نقلت مراسلة صحيفة “كوميرسانت”الروسية عن المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف قوله إن “صبر حكومة سوريا إزاء غارات إسرائيل على أراضيها قد يُستنزف عاجلاً أو آجلاً، ما سيؤدي لتداعيات وخيمة لا يريدها أحد”.

وقال لافرنتييف رداً على سؤال من الصحيفة عما إذا كانت المشاورات الجارية حالياً بين روسيا وإسرائيل تطرقت إلى الغارات الإسرائيلية المتواصلة، إن موسكو لا تزال متمسكة بموقفها القاضي بإدانة هذه الضربات العسكرية، مضيفاً أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يشدد دائما على أن هذه الغارات غير مقبولة.

وأضاف أنه ليس على دراية بشأن فحوى هذه المشاورات، لكنها موضع ترحيب كونها تتيح فرصة للتوصل إلى اتفاق على وقف الغارات.

وتابع: “يجب وضع حد لهذه الغارات، وهي غير بناءة. نأمل أن يصغي الجانب الإسرائيلي إلى قلقنا بشأن تصعيد الوضع في الأراضي السورية”. وقال: “قد يُستنزف صبر الحكومة السورية عاجلا أو آجلا، ما سيؤدي إلى توجيه ضربة مضادة. لا يريد أحد ذلك، ونؤكد أن أي اندلاع للعنف في سوريا غير مقبول”.

من جهته، توعد كبير مساعدي وزير الخارجية الإيرانية علي أصغر خاجي إسرائيل بردٍ قاسٍ في حال تعرض مستشاريها العسكريين في سوريا لأي هجوم. وقال خاجي لوكالة “سبوتنيك”، على هامش اجتماع أستانة المنعقد في سوتشي، إن “وجودنا في سوريا هو لمحاربة الإرهاب، وإذا تعرض مستشارونا العسكريون الإيرانيون للهجوم في سوريا، فستواجه إسرائيل رداً قاسياً”.

——————–

عرقلة تنفيذ 2254 وعمل الدستورية.. ابتزاز روسي يكشف عن خوف/  أسامة آغي

سعي النظام السوري ومن خلفه روسيا، في إفشال عمل اللجنة الدستورية، لا يمكن قراءته خارج معطيات الواقع على الأرض، هذه المعطيات، تقول إن استمرار النظام في رفضه الانخراط في العملية الدستورية، تحت حججٍ غير مقنعة، بالنسبة للوسيط الدولي جير بيدرسون، التي ترعاها الأمم المتحدة، بموجب القرارات الدولية وتحديداً القرار 2254، يقف خلفه موقف روسي معرقل بشكلٍ واضح.

النظام في وضعه الحالي ليس هو النظام في عام 2011، فقدراته السابقة العسكرية والأمنية والاقتصادية، لم تعد تؤهله لفرض مواقف أو اشتراطات سياسية، ولذلك فهو مجرد واجهة كرتونية، لنفوذ إيراني روسي مشترك، هذان النفوذان، لهما مصلحة حتى اللحظة ببقاء نظام الأسد، لأنه النظام الوحيد، الذي يدرك الطرفان الروسي والإيراني، أنه بحاجتهما في مأزقه مع الثورة السورية.

وباعتبار أن الطرف الإيراني لا يستطيع مواجهة الضغط الدولي، فإن دوره لن يكون إلا مسانداً عسكرياً ولوجستياً واقتصادياً للنظام، في وقت يلعب الروس دوراً دولياً في حماية النظام، باعتبارهم يمتلكون حق نقض القرارات في مجلس الأمن (الفيتو).

والسؤال الذي ينبغي طرحه جهاراً، لماذا يمتنع الروس عن ممارسة الضغط على نظام الأسد، الذي يحمونه، ليمتثل لتنفيذ قرار دولي هو 2254 كانوا قد وقعوا عليه؟.

إن الجواب على هذا السؤال، يحتمل وجود عوامل عديدة، لم تتوفر للروس بعد، للقيام بدورهم في الضغط على حليفهم نظام الأسد.

العامل الأول في هذه الحالة، هو أن الدور الأمريكي في عهد الإدارة الجديدة، يفرض على الروس انتظار جلاء السياسة الأمريكية حيال الملف السوري، ويفرض عليهم المحاولة لاكتشاف نقاط الضعف في الموقف الأمريكي لإدارة بايدن، فالروس يعرفون أن الإدارة الأمريكية الجديدة لا تزال في حالة انتقالية، وبالتالي، لماذا يُقدمون على الضغط على النظام السوري دون مقابل؟

الروس يراهنون على تغييرات، ولو كانت طفيفة في الموقف الأمريكي، ليبنوا عليها سياسات أقل تنازلاً في الموضوع السوري.

العامل الثاني، يتعلق بمبدأ التدخل الروسي في سوريا، هذا المبدأ، يرتكز على جوهر السياسة الروسية البراغماتية، فالروس لم يأتوا إلى سوريا بقوتهم العسكرية وقبل ذلك بقوتهم الديبلوماسية (الفيتو) من أجل عيني النظام السوري، أو رأسه، بل جاؤوا ليستثمروا بملف الصراع السوري من مناحٍ عدة، من بينها، وضع قدم دائمة لوجودهم العسكري في هذا البلد (طرطوس وحميميم)، ومقايضة هذا الوجود لاحقاً مع الغرب لقاء تقديم الغرب ثمناً له، سيما في موضوع القرم، والدرع الصاروخية، ومسألة الطاقة.

الروس لم يحصلوا على مقابلٍ بعد من أجل حلحلة الوضع السوري، وهم بذلك يحاولون ابتزاز المجتمع الدولي، وابتزاز المعارضة، وتحديداً بما يخصّ العقوبات الغربية المطبقة على عنق النظام السوري.

العامل الثالث، يتعلق بوهم روسي تنتهجه الديبلوماسية الروسية، هذا الأمر يتعلق بمبدأ تتبناه السياسة الروسية، والذي يمكن تسميته خلط الأوراق بأماكن عدة، لحصد نتائج إيجابية في أماكن أخرى.

الروس في هذه الحالة، يريدون تحقيق هدفٍ غير معلن، وهو استبدال الحل الدولي القائم على القرار 2254، بآخر إقليمي يرعونه وفق مسارٍ اختطته ديبلوماسيتهم، وهو مسار أستانة وسوتشي، وهم يعرفون صعوبة تحقيق هذا المنحى، سواء ما يتعلق بدول الضمان وتناقضات موقفها الداخلي حيال الصراع السوري، أو بالرفض الدولي، وفي مقدمته الرفض الأمريكي، الذي يصرّ على التذكير بأن لا حل في سوريا سوى عبر تنفيذ جوهر 2254.

أمام هذه الحالة، صار من الممكن فهم لماذا لا يضغط الروس على النظام، فلا أحد يضغط من أجل جني الخسائر، والروس يدركون أن ثمن التسوية السياسية بموجب القرار الدولي لها ثمن، لم يحن وقت قطافه بعد.

الروس يريدون مقاربة سياسية واقتصادية مع المجتمع الدولي، ليست في سوريا فحسب، بل في أماكن ونقاط الصراع الأخرى، وهذه المقاربة، لا ينوي الغرب الذهاب باتجاهها، لأنهم ببساطة رسموا لاستنزاف الروس في المستنقع السوري، وما داموا يرمون نحو هذا الهدف، فلماذا ينقذون الروس ويكافئونهم، وهم يريدون إغراقهم، للكف عن التحدي الممارس من قبل إدارة بوتين.

هذه الرؤى تسمح باستنتاجات ملموسة، في مقدمة الاستنتاجات، أن الروس لن ييسروا عمل اللجنة الدستورية في ظل الظروف الحالية، وهم لن ييسروا ذلك إلا في إحدى حالتين، إما أن يحصلوا على ثمن استثمارهم في الصراع السوري، بصورة اتفاق دولي مضمون، أو يضطرون تحت ضغط عوامل خارج قدرتهم دولياً على تقديم تنازلات بملف الصراع السوري.

هذا الأمر يجب معاينته بصورة أعمق وأدق، وهو في المحصلة يتطلب تغييرات في قواعد اللعبة الخاصة بالصراع السوري، هذه التغييرات، تشمل إعادة انتاج لطرق المواجهة السياسية والعسكرية مع النظام وحلفه الروسي الإيراني، وتغييرات في أدوات المواجهة، أو بمعنى آخر، إلغاء الفصائلية العسكرية الهشة السائدة حالياً، واستبدال ذلك بجيش وطني، له عقيدة عسكرية واضحة، ويستند في بناء قواته على مبادئ جيوش العالم الحديثة.

التغييرات تتطلب مساعدات صريحة من الحليف التركي، حيث أن تركيا هي الجهة الوحيدة إقليمياً ودولياً القادرة على تحقيق هذه الخطوة الحاسمة في الصراع مع النظام.

التغييرات لا تشمل الجسم العسكري للفصائل فحسب، بل يجب أن تتزامن مع تغييرات في بنية مؤسسات المعارضة وطرق عملها، فلا يمكن أن تجدد في هيكلية وبناء قوات الجيش الوطني، وليس لديك مؤسسات وطنية وثورية فاعلة سياسياً.

بقي أن نقول إن قوى الثورة والمعارضة بكل أطيافها ومسمياتها، إما أن تحمل على كاهلها مسألة حسم وضع نظام الاستبداد بصورة عملية ملموسة، أو فلتتح هذه القوى، لقوىً جديدة، تخرج من عمق رحم الثورة درب إنتاج تصحيح المسار.

————————–

قناة يوتيوب تبث مقطعًا مصورًا ترويجًا لمناف طلاس ومجلسه العسكري

بثت إحدى القنوات على منصة الفيديو (يوتيوب) تسجيلاً مرئيًا ترويجيًا للعقيد المنشق مناف طلاس، الذي دار الحديث حوله مؤخرًا عن تشكيل مجلس عسكري سوري بقيادته.

وتحت عنوان: (الجنرال ليس في متاهة) بثت القناة التي تحمل اسم (ثورة الكرامة) التسجيل، وظهر فيه عدة لقطات مقتطعة من مقابلات سابقة أجراها مناف طلاس بعد انشقاقه عن نظام الأسد.

وفي بداية التسجيل ظهر طلاس في إحدى المقابلات التي يؤكد فيها أنه لم ينشق مؤخرًا، وأنه كان من البدايات مع الثوار، ورفض أن يقاتل الثوار، رغم محاولات نظام الأسد بتوريطه في دماء الشعب.

وخلال الفيديو تم العبور على الأحداث التي دفعت مناف طلاس لترك سلطته ضمن نظام الأسد والانشقاق عنه، موضحًا أن دوافعه بالانشقاق كانت نتيجة عدم تلبية نظام الأسد مطالب السوريين بالإصلاح، واستمراره بالقتل.

وبحسب ماورد في الفيديو، فإن طلاس بعد خروجه من سورية بدأ العمل على إعادة وطن مغتصب ومؤسسة عسكرية مسيطر عليها ( الجيش).

وأضاف أن المتاهة عند نظام الأسد معروفة وواضحة، وهي سياسة القتل والتدمير والخراب، في حين المتاهة عند المعارضة غير معروفة ومشتتة عند دول عديدة.

وأوضح أن طلاس لديه خطته وخريطة طريق طرحها منذ انشقاقه عن نظام الأسد، وهي محاكاة المصالح الدولية وتلاقي السوريين على المشروع الوطني، وأرفق الفيديو مقابلة قديمة لطلاس يتحدث فيها عن زمن خروجه، مؤكدًا أن انشقاقه هو نقطة قوة للمعارضة.

ونوه طلاس أن دوره هو عبارة عن تأمين انتقالي للسوريين، ثم الشعب السوري هو من يقرر ماهي الخطوات التالية عبر صناديق الاقتراع.

وختم الفيديو بالحديث حول العملية السياسية المتعثرة، منوهًا إلى أن الأمل لم يعد معقودًا سوى على مخطط طلاس الذي يحلم بتنفيذه منذ انشقاقه، وهو مجلس عسكري وطني جامع للسوريين، حسب ماورد.

يذكر أن مؤخرًا كثر الحديث حول المجلس العسكري، الذي سيكون بقيادة مناف طلاس وبمشاركة الضباط المنشقين عن نظام الأسد، وقد أعلن المعارض جمال سليمان بأنه تقدم بفكرة المقترح إلى روسيا إلا أنه لم يعلن عن تفاصيل أخرى.

————————-

تطور جديد للموقف الروسي تجاه العملية الدستورية

حيث أكد المبعوث الروسي الخاص إلى سورية (ألكسندر لافرنيتف) ضرورة متابعة الحل السياسي من خلال التركيز على عمل اللجنة الدستورية، وصياغة الدستور.

وحسبما أكد (لافرنتيف) في تصريحاته لوكالة (تاس)، فإن العائق الوحيد الذي وقف في وجه اللجنة الدستورية في (جنيف) هي (حكومة دمشق)، إذ من الضروري أولًا الوصول إلى فهم للمبادئ الوطنية الأساسية، مثل السيادة ووحدة الأراضي، إضافة إلى عدة مبادئ مختلف عليها وهي ( كيفية شكل الحكم) بعد ذلك سيكون من الممكن البدء في صياغة دستور.

وقال في تصريحاته تلك: “موسكو ترى أنه حان الوقت فعلاً للعمل الدستوري، تجنبًا لمتن عملية دستورية بديلة في دمشق، لن تحظى بقبول دولي، ولا من قبل أي دولة، فلا بديل عن عملية المفاوضات حول الدستور في جنيف؛ لأنه إذا فشلت هذه العملية لن يبقى مخرج بديل أمام الحكومة السورية”.

وأشاد (لافرينتيف) بضرورة الانخراط الفعلي في العملية الدستورية، ومناقشة مواد الدستور السوري حسبما أكد في تصريحه قائلاً: “لابد من البدء بمناقشة فقرات محددة من الدستور، كيف ترى الحكومة ذلك، وكيف ترى المعارضة وتوثيق ذلك كتابة، ولا أرى أي تهديد في أن يجري هذا، أي مناقشة فقرات الدستور”.

وحذر من أي خطوات تخدم أولئك الذين يريدون دفن العملية الدستورية، مؤكدًا أن عمل اللجنة الدستورية يحتاج دعمًا لكي تحظى بنجاح كبير”.

وختم (لافرينتيف) تصريحاته بتأكيد مباحثات جرت بينه وبين المبعوث الدولي (غير بيدرسون) في سوتشي بخصوص العملية الدستورية، مشيرًا إلى أنها كانت إيجابية، إلا أنه رفض الكشف عنها مسبقًا حتى لا يصيبها الحسد بقوله: “هناك تطورات إيجابية، لاتحتاج حاليًا سوى الطرق على الخشب”.

الجدير بالذكر أن الجولة 15 من مباحثات آستانة قد انتهت في 17 فبراير الحالي، التي أقيمت في مدينة سوتشي الروسية.

————————

بيدرسون إلى دمشق وتلميحات روسية بمسؤولية النظام السوري عن تعطيل اللجنة الدستورية/ عدنان أحمد

أنهى المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون زيارة إلى موسكو، ومن المتوقع أن يزور العاصمة السورية دمشق في إطار محاولاته إنعاش أعمال اللجنة الدستورية السورية، وسط مؤشرات عن ضغوط روسية على النظام السوري لتحريك المفاوضات في هذا الملف، الذي يراوح مكانه بعد عقد خمس جولات تفاوضية، ما يهدد بتوقف هذا المسار بشكل نهائي، وفق تحذيرات من أطراف مختلفة.

وقالت وسائل إعلام روسية، إن بيدرسون بحث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس الخميس مجموعة قضايا حول سورية، لكنهما ركزا على عمل اللجنة الدستورية، وفق بيان صادر عن الخارجية الروسية.

والثلاثاء الماضي أعلن بيدرسون خلال مشاركته في اجتماع أستانة، أنه سيتوجه بعد موسكو إلى دمشق لمواصلة المشاورات بشأن عمل اللجنة الدستورية، وقال “أنا أنتظر بفارغ الصبر هذه المباحثات”.

ويأتي هذا التحرك عقب تعطيل النظام عمل الجولة الخامسة للجنة الدستورية بين 25 و29 الشهر الماضي، بعد أربع جولات مماثلة، ما هدد استمرارية اللجنة والمسار الأممي للأزمة السورية.

في غضون ذلك، صدرت تلميحات روسية بإلقاء اللوم على النظام السوري بشأن تعطيل أعمال اللجنة الدستورية، وذلك على لسان ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سورية.

وقال لافرينتيف في إجابته عن أسئلة لوكالة “تاس” الروسية “إن موسكو ترى أنه حان الوقت فعلاً للعمل الدستوري”. وحذر من عواقب فكرة “عملية دستورية بديلة في دمشق”، قال إنها لن تحظى بقبول دولي.

وأضاف لافرينتيف الذي ينوي أيضا زيارة العاصمة السورية دمشق إن “العلاقة طيبة بشكل عام مع دمشق، ونحن نوجه لهم نصائح فقط حول ما يمكن فعله”، في إشارة منه إلى رفض الاتهامات التي توجه لروسيا بالمسؤولية عن تعنت النظام السوري في مفاوضات اللجنة الدستورية.

وأضاف “هناك حديث بأن روسيا موجودة في سورية، وهذا يعني أن لديها كل أدوات التأثير على دمشق، وعليها أن تصدر التعليمات، وعلى السوريين أن ينفذوا هذا كله، لكن هذه النظرة ليست صحيحة وأن كل ما يمكننا فعله في الواقع أن ننصحهم ونقدم لهم توصيات ما، والقرار يجب أن تتخذه الحكومة السورية”.

كما لم يحمل المسؤول الروسي كما العادة سابقا، المعارضة السورية مسؤولية عرقلة عمل اللجنة الدستورية، محملا النظام بشكل مبطن. وقال إن “حجر العثرة هو أنه من وجهة نظر السوريين، من وجهة نظر دمشق، لا بد من التوصل في البداية إلى فهم للمبادئ الوطنية الأساسية، مثل السيادة ووحدة الأراضي، وعلى الأرجح، حان الوقت للانتقال إلى مناقشة فقرات محددة من الدستور، كيف ترى الحكومة ذلك، وكيف ترى المعارضة، ولا أرى أي تهديد في أن يجري هذا النقاش”، في إشارة منه إلى مخاوف النظام من أن الانخراط في هذا المسار سيقود في النهاية إلى إطاحته.

 ورأى لافرينتيف أنه “لا بديل عن عملية المفاوضات حول الدستور في جنيف، لأنه إذا فشلت هذه العملية، وإذا امتنع المجتمع الدولي عن دعمها، لن يبقى مخرج بديل أمام الحكومة السورية، سوى تنظيم العمل حول الإصلاحات الدستورية على الأراضي الخاضعة لسيطرتها، لكن من الطبيعي أن هذا لن يلاقي قبول المجتمع الدولي، ودول محددة. ستستمر المواجهة. وهذا لا يصب في خدمة أحد”.

وأضاف أنه “إذا رأى بيدرسون استعداداً لدى دمشق، وإذا تمكن من التوافق على آليات العمل، فإنه سيعلن، لا شك، عن موعد الجلسة المقبلة في أقرب وقت” مشيرا إلى أنه “أجرى محادثات مفيدة جداً ومطولة مع بيدرسون في سوتشي حول عمل الدستورية، وأن هناك تطورات إيجابية”، لكنه رفض الكشف عنها.

وكان الرئيس المشترك لوفد المعارضة في اللجنة الدستورية، هادي البحرة، قال أمس لـ”العربي الجديد”، إن النظام “ما زال النظام يقف حجر عثرة بوجه تطبيق قرارات مجلس الأمن 2254(2015) و2118(2013) متضمناً بيان جنيف. كما أن الانقسام في المواقف ضمن مجلس الأمن وعدم وجود توافق دولي يجعل من إمكانية إصدار أي قرار جديد يضع آليات ملزمة لتنفيذ تلك القرارات، مهمة صعبة ولكن ليست مستحيلة”.

إلى ذلك، عينت وزارة الخارجية الأميركية، الدبلوماسية إيمي كترونا، ممثلة خاصة بالإنابة لشؤون سورية.

وذكرت السفارة الأميركية في دمشق، عبر “تويتر” أمس الخميس أن “نائبة مساعد الوزير كترونا تتمتع بخبرة واسعة في دعم الدبلوماسية الأميركية في المنطقة”.

    انضموا إلينا في الترحيب بنائبة مساعد وزير الخارجية لشؤون بلاد الشام في @StateDept_NEA إيمي كترونا والتي تولت مؤخرًا منصب الممثلة الخاصة بالإنابة لشؤون سوريا. تتمتع نائبة مساعد الوزير كترونا بخبرة واسعة في دعم الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة.

    للمزيد: https://t.co/ecpLupSGId

    — U.S. Embassy Syria (@USEmbassySyria) February 18, 2021

 وكان الدبلوماسي الأميركي جيمس جيفري مسؤولًا عن الملف السوري، في إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب.

وقدم جيفري استقالته، في نوفمبر الماضي من منصب المسؤول عن الملف السوري في الخارجية الأميركية ومبعوث بلاده إلى “التحالف الدولي”، قبيل أيام من تقاعده، بحسب ما قاله وزير الخارجية السابق، مايك بومبيو.

وبعد استقالة جيفري، تسلم جويل ريبورن القائم بأعمال المبعوث الأميركي إلى “التحالف الدولي” والمسؤول عن الملف السوري، حتى ترك منصبه قبل أيام من تسلم إدارة بايدن مهامها في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي.

العربي الجديد

—————————

فشل جولة أستانة الأخيرة: تسويف إضافي في المسار الدستوري/ عماد كركص

يطرح الفشل الذي منيت به جولة أستانة الأخيرة، أسئلة كثيرة حول مستقبل اللجنة الدستورية، التي لم تحرز أي تقدّم على طريق صياغة دستور جديد لسورية، بعد أكثر من عام وثلاثة أشهر على انطلاقها، وخمس جولات اتسمت بالمراوحة في المكان، والتعطيل والمماطلة من وفد النظام السوري، بمساندة حليفيه الروسي والإيراني. وعكس البيان الختامي للجولة الأخيرة من مباحثات أستانة، والذي صدر أول من أمس الأربعاء، الرغبة الروسية بأن يكون مسار اللجنة الدستورية فضفاضاً من حيث الوقت، وغير قابل للتأثير الخارجي، بنية إبعاد الجهود الغربية عن دفع العملية الدستورية لتحقيق خرق واضح في أعمالها.

وكانت الجولة الجديدة من “أستانة” قد عُقدت عقب فشل الجولة الخامسة من مسار اللجنة الدستورية في جنيف. وكشف وفد النظام خلال جولة الدستورية الأخيرة، بشكل صريح، أنه أتى إلى المسار لنقاش مواضيع دستورية، وليس لوضع صياغات دستورية، وهذا ما يجعل مسار اللجنة فاقداً لأهميته وبحكم الفاشل، مع رفض واحد من أهم أطرافه البدء بكتابة الصياغات. ولم ينجح الطرفان الآخران، المعارضة والمجتمع المدني، ومعهما المبعوث الأممي غير بيدرسن، بإقناع وفد النظام بكتابة حتى مادة أو بند واحد في مسودة الدستور الجديد للبلاد.

وكان البيان الختامي لجولة أستانة أكد “أهمية دور اللجنة الدستورية في جنيف”، بوصفها “شُكلت بإسهام حاسم من قبل الدول الضامنة في صيغة أستانة وتنفيذاً لمفرزات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي”، مشيراً إلى أن المجتمعين في أستانة تناولوا “بالتفصيل والاستفاضة الاجتماع الخامس للجنة الصياغة التابعة للجنة الدستورية، والذي عقد في جنيف”. وأعرب المجتمعون عن “عزمهم الأكيد دعم عمل اللجنة من خلال التفاعل المستمر مع الأطراف السورية، أعضاء اللجنة الدستورية والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسن، باعتباره شخصية مساهمة في ضمان عملها المستدام والفعال”. غير أن الأطراف الضامنة أكدت في البيان عن قناعتها “بضرورة أن تسترشد اللجنة في عملها بالرغبة في الوصول إلى حلول وسط والتفاعل البنّاء دون تدخل أجنبي، وفرض مواعيد نهائية من الخارج بغرض التوصل إلى اتفاق عام بين أعضائها”.

وتعني عبارة “دون تدخل أجنبي وفرض مواعيد نهائية من الخارج” لعمل اللجنة، الواردة في البند العاشر من بيان جولة أستانة الأخيرة، أن الروس يسعون لمزيد من المماطلة والتسويف في المسار الدستوري، بلا جدية في دفعه قدماً، وذلك بخلط الأوراق والبحث عن تفريعات جديدة بعيدة عن عمل اللجنة، بحجة دفع تقدمها.

وكان الروس قد ذهبوا بوفد رفيع المستوى قاده مبعوث الرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، إلى جنيف إبان انعقاد الجولة الخامسة من مسار الدستورية. وهناك حاول الوفد إقناع أطراف اللجنة، على الأخص المعارضة والمجتمع المدني، عبر محادثات ومباحثات جانبية غير رسمية، بالعودة إلى مسار أستانة لحل القضايا العالقة بعد تعثر مسار الدستورية. وقبلها سعى الروس للالتفاف على مسار اللجنة بمحاولة خلق مسار سياسي جديد بصبغة إنسانية، تحت عنوان “عودة اللاجئين”، نهاية العام الماضي، بيد أن جهودهم ذهبت باتجاه الفشل بسبب المقاطعة الغربية للمؤتمر الذي عقد في دمشق.

وأفادت مصادر لـ”العربي الجديد” من داخل اجتماعات الجولة الأخيرة لأستانة، بأن الروس والإيرانيين رفضوا مقترحاً تركياً لعقد مؤتمر جديد للاجئين في تركيا، بذريعة أنهم، أي الروس والإيرانيين، رعوا مؤتمراً مماثلاً في دمشق، ولا حاجة لعقد واحد جديد. علماً أن مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، كان قد دعم مقترحاً لبنانياً لعقد نسخة ثانية من مؤتمر اللاجئين في لبنان، وذلك عقب انتهاء المؤتمر الأول في دمشق. ما يدل على أن الروس يسعون لطرح المسارات ووجهات نظر الحل بما يوافق رؤيتهم بفرض أجندتها، ويضمن بقاء حليفهم بشار الأسد على رأس السلطة، من دون التطلع لتحقيق تلك المسارات أي فاعلية، واستخدامها لكسب الوقت، للوصول إلى الانتخابات الرئاسية منتصف العام الحالي، بنيّة التجديد للأسد لولاية رئاسية جديدة.

وعلى هامش الجولة الأخيرة من أستانة، لوّح بيدرسن، بإمكانية لجوء المجتمع الدولي للبحث عن بدائل في حال عدم تقدم العملية الدستورية، الأمر الذي قد يدفع روسيا لإعادة حساباتها حول التعامل مع مسار الدستورية، بالضغط على النظام، ولو نسبياً، للبدء بوضع صياغات دستورية خلال الجولات المقبلة. كما ألمح بيدرسن إلى الاستفادة من الضغط الأميركي لدفع مسار الدستورية، وصرح على هامش جولة أستانة الأخيرة، بأنه “لا يمكن أن تسير أعمال اللجنة الدستورية بالطريقة الموجودة حالياً، وهي بحاجة إلى دفعة من أجل أن تسير قدماً، وهذا ما كان محور الحديث مع الأطراف المعنية في الاجتماعات”. وأكد المبعوث الأممي أنه “ستكون لي زيارة إلى موسكو ودمشق، وسألتقي مع وفد المعارضة، وستكون هناك لقاءات مع الجانب الأميركي، وبناء على ذلك يتم الحديث عن الدفع باتجاه العملية السياسية”. لكن بيدرسن أشار إلى أنه لا يوجد لديه حالياً موعد وجدول أعمال للجولة المقبلة، مرجعاً تحديد ذلك لما ستجري عليه اللقاءات لاحقاً.

ووصل بيدرسن أمس الخميس إلى موسكو والتقى وزير الخارجية سيرغي لافروف، ومن موسكو سينطلق إلى دمشق لمواصلة المشاورات بشأن عمل اللجنة. وكان بيدرسن، وبعد اجتماعه مع وفدي المعارضة والنظام إلى أستانة، كل على حدة، أكد باسم الأمم المتحدة أن “اجتماعات الدستورية لا يمكن أن تستمر على هذا النحو مثلما كانت عليه الحال أثناء الاجتماع الأخير، إذ لم تتمكن الأطراف من الاتفاق على إجراء مناقشة ضمن المجموعة المصغرة للجنة”.

وأشار الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة، هادي البحرة، لـ”العربي الجديد”، إلى أن بيدرسن قد يزور طهران وأنقرة لبحث العملية الدستورية مع مسؤولي البلدين، مؤكداً عدم وجود بديل عن العملية السياسية الجارية حالياً.

وعادت الولايات المتحدة لتذكّر روسيا بأن لا بديل عن المسار الأممي في جنيف لحل القضية السورية وفقاً للقرار 2254، عبر مسؤول من وزارة خارجيتها، مؤكدة رفضها المشاركة في مسار أستانة إلى جانب كل من روسيا وإيران وتركيا، بعد أن قاطعت الجولة الأخيرة من المسار.

ولا يُتوقع أن تفلح جهود بيدرسن في حثّ دمشق على الانخراط جدياً بالعملية الدستورية والتوقف عن المماطلة، إذ إن وفد النظام أصر على موقفه خلال الجولة الماضية وما سبقها بأن لا صياغات دستورية، وأن مهمته المناقشة وحسب. وإن كان بيدرسن اتهم النظام بعد انتهاء الجولة الماضية بالتعطيل، فمن المحتمل أن يذهب إلى إعلان موت اللجنة بعد المشاورات الحالية، أو عقب انتهاء الجولة المقبلة، هذا في حال أفضت جهوده للتوصل إلى عقد جولة جديدة.

———————-

لافرنتييف:ليس لدى روسيا جميع أدوات التأثير على النظام السوري

عبّر المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف عن استياء روسي من فشل اللجولة الأخيرة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، محملاً النظام السوري، بشكل غير مباشر، مسؤولية فشلها.

وقال لافرنتييف لوكالة “تاس” الروسية، إن موسكو ترى أنه “حان الوقت فعلاً للعمل الدستوري”، محذراً من عواقب “عملية دستورية بديلة في دمشق”، مشيراً إلى أنها لن تحظى بقبول دولي.

وأشار لافرينتيف في المقابلة التي أتت عقب لقاء “أستانة 15” في سوتشي، إلى أن الوجود الروسي في سوريا لا يعني أن لديها “كل أدوات التأثير على دمشق، وعليها أن تصدر التعليمات، وعلى السوريين أن ينفذوا هذا كله”، مضيفاً أن الدور الروسي يقتصر على تقديم التوصيات للنظام، “والقرار يجب أن تتخذه الحكومة السورية”.

وقدّم وجهة النظر الروسية في ضرورة الانتقال إلى مناقشة فقرات محددة من الدستور قائلاً: “على الأرجح، حقيقةً، حان الوقت للانتقال إلى مناقشة فقرات محددة من الدستور، كيف ترى الحكومة ذلك، وكيف ترى المعارضة، وتوثيق هذا كتابةً”.

وأكد المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سوريا وجود أطراف، لم يسمها، تريد “دفن العملية”، وقال: “لا بديل عن عملية المفاوضات حول الدستور في جنيف، لأنه إذا فشلت هذه العملية، وإذا امتنع المجتمع الدولي عن دعمها، لن يبقى مخرج بديل أمام الحكومة السورية، سوى تنظيم العمل حول الإصلاحات الدستورية على الأراضي الخاضعة لسيطرتها”.

كما لم يحمل المسؤول الروسي المعارضة السورية مسؤولية عرقلة عمل اللجنة الدستورية، محملاً المسؤولية للنظام بشكل مبطن. وقال إن “حجر العثرة هو أنه من وجهة نظر السوريين، من وجهة نظر دمشق، لا بد من التوصل في البداية إلى فهم للمبادئ الوطنية الأساسية، مثل السيادة ووحدة الأراضي”.

وأشار إلى أنه إذا رأى المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن استعداداً لدى دمشق في استكمال عمل اللجنة الدستورية والتوافق على آليات العمل، فإن الأخير “سيعلن لا شك عن موعد الجلسة القادمة في أقرب وقت”. وأضاف أنه أجرى محادثات مفيدة جداً ومطولة مع بيدرسن في سوتشي حول عمل الدستورية، مشيراً إلى وجود “تطورات إيجابية” رافضاً الكشف عنها.

من جهته، أعلن ممثل وفد المعارضة السورية في محادثات سوتشي أيمن العاصمي عن الاستعداد للعمل مع روسيا لحل القضايا المعقدة المتعلقة بالتسوية في سوريا.

وقال العاصمي لوكالة “سبوتنيك”: “يمكن لروسيا أن تتعاون مع المعارضة، وأنا متأكد من أننا مستعدون للتوصل إلى تفاهم بالقدر الذي يسمح للشعب السوري باستعادة حقوقه”. وأشار إلى أنه تمت مناقشة الوضع في إدلب وعمل اللجنة الدستورية خلال اجتماعين مع الوفد الروسي في سوتشي.

واعتبر أن “روسيا قادرة على الضغط على دمشق للمضي قدماً بعمل اللجنة الدستورية”، مضيفاً أن “هذه مسألة صعبة للغاية لكننا سمعنا وعوداً من روسيا والأمم المتحدة بممارسة بعض الضغوط للنجاح في ذلك”.

———————-

هل من مقاربة روسية جديدة للأزمة السورية؟/ عقيل حسين

تسعى روسيا جاهدة لكي تحافظ على المسار السياسي الذي ترعاه في سوريا، بالتزامن مع إظهار واشنطن أول بوادر التركيز على هذا الملف من خلال تعيين مبعوث خاص جديد مؤقت، بينما يحاول المبعوث الأممي غير بيدرسن استغلال ذلك من أجل تحقيق تقدم في الجهود التي يبذلها ولم تسفر عن نتائج مهمة حتى الآن.

وعقب انتهاء الجولة الخامسة عشرة من أعمال مسار أستانة الأربعاء، في مدينة سوتشي الروسية، كثفت موسكو نشاطها الديبلوماسي للبناء على ما تحقق في هذه الجولة ومنحه زخماً يقطع الطريق على القراءة السلبية لما أسفرت عنه، سواء من حيث الشكل حيث اقتصر الحضور على المساعد الثاني لوزير الخارجية في الدول الثلاث الراعية للمسار (روسيا، تركيا وإيران) أو من حيث المضمون، حيث اقتصرت النتائج على الاتفاق على تمديد الهدنة في إدلب وتوسيعها لتشمل جميع مناطق سيطرة المعارضة شمال غرب البلاد، بينما لا يزال الاستعصاء السياسي يفرض نفسه وبقوة على الجميع.

وشهد يوم الخميس نشاطاً روسياً واضحاً، حيث أجرى الرئيس فلاديمير بوتين مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، تركزت حول نتائج مؤتمر أستانة.

ورغم أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي حول تثبيت خطوط الاشتباك بين المعارضة والنظام يعتبر أحد أهداف تركيا الرئيسية، إلا أن أنقرة تعاملت ببرود مع الجولة الأخيرة من أعمال أستانة، في موقف يرى فيه البعض تريثاً تركياً تفرضه الاتصالات الأخيرة مع الولايات المتحدة، حيث تعتبر العلاقات بين أنقرة وموسكو على رأس اهتمامات واشنطن، وخاصة في ما يتعلق بالملف السوري.

لماذا البرود التركي؟

اعتقاد جعل أصحابه يرون في المكالمة الهاتفية التي أجراها لافروف مع وزير خارجية النظام السوري فيصل مقداد، والتي تركزت، حسب بيان للخارجية الروسية، “على نتائج لقاءات سوتشي، والزيارة المرتقبة لبيدرسن إلى دمشق، ومهام تعزيز التسوية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وأعمال  اللجنة الدستورية”، أنها تضمنت أكثر من مجرد ما تمّ الإعلان عنه في البيان.

كما أجرى لافروف محادثات مع بيدرسن الذي يزور موسكو قبل توجهه المقرر إلى دمشق، وذكرت الخارجية الروسية، في بيان، أن الجانبين أوليا “اهتماماً خاصاً لعمل اللجنة الدستورية”، وأن لافروف وبيدرسن أكدا أنه “لا بديل للحل السياسي للأزمة السورية بناء على القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن”.

لقاء سبقه أيضاً اجتماع بيدرسن مع نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين. وإذا كان لافتاً أن يلتقي بيدرسن بمسؤول عسكري روسي رفيع، إلى جانب لقائه لافروف، فإن اللافت أيضاً عودة موسكو للتأكيد في جميع التصريحات الصادرة عنها على دور الأمم المتحدة في الحل السياسي في سوريا،  وكذلك في العمليات الإنسانية، الأمر الذي يرى فيه معارضون سوريون محاولات روسية لمحاصرة أي تحرك غربي أو أميركي جديد في هذا الملف.

ويرى عضو الإئتلاف الوطني المعارض زكريا ملاحفجي أن “التحرك الروسي الأخير المختلف، تحكمه معطيات عديدة جعلت من موسكو تكثف نشاطاتها مؤخراً على صعيد الملف السوري، وفي مقدمة هذه المعطيات انتهاء ترتيبات الإدارة الأميركية الجديدة وتعيين مبعوثة خاصة إلى سوريا، من المتوقع أن تستأنف حضور الولايات المتحدة في هذا الملف بشكل أكبر، وهو ما ترى روسيا بالتأكيد أنه يجب العمل على التلاقي معه بالمستوى المطلوب، بالإضافة طبعاً إلى تفاقم تأثر النظام بالعقوبات الإقتصادية المفروضة عليه”.

وكشف ملاحفجي أنه “بينما تسعى روسيا لمنح الأمم المتحدة دوراً أكبر في الملف السوري بما يخدم توجهاتها في إبعاد الغرب ما أمكن عنه، فقد اصطدمت بالإحاطة التي قدمها المبعوث الدولي إلى مجلس الأمن حول أعمال اللجنة الدستورية، وحمّل فيها النظام مسؤولية فشل الجولات السابقة، كما بدا واضحاً ارتباكها من مساعي الدول الأوربية والأميركية لإصدار بيان يدين النظام بسبب هذا التعطيل، وقد توج كل ذلك بموقف حازم من بيدرسن في اجتماعات أستانة حين وجّه اللوم للنظام وحليفته روسيا بسبب تعثر الجهود الديبلوماسية حتى الآن”.

وأوضح أن رد فعل رئيس الوفد الروسي في سوتشي تجاه إشارة وفد المعارضة، إلى أن السوريين يرون اليوم في روسيا دولة إحتلال بسبب دعمها المطلق للنظام، كان مثيراً للانتباه، وهو أمر ليس جديداً بطبيعة الحال وسبق أن سمعته من بعض المعارضين الذين زاروا موسكو في أوقات سابقة، لكن يبدو أن ذلك كله يدفع الروس للتحرك من أجل ممارسة ضغط من نوع مختلف من أجل إنقاذ المسار الدبلوماسي الذي تتبناه، وعلى رأسه اللجنة الدستورية التي بلغت طريقاً مسدوداً.

لا يمكن الاكتفاء بما ورد في بيانات موسكو الرسمية حول الاجتماعات والاتصالات المكثفة الأخيرة التي أجرتها بخصوص سوريا، ولا بد أن هناك ما لم يتم الكشف عنه لكن من دون الوقوع في فخ المبالغة كما يقول معارضون سوريون في تعليقهم على هذه التحركات، في وقت يترقب فيه الجميع ما تحمله حقيبة المبعوثة الأميركية الجديدة إيمي كترونا، ورؤية الإدارة الجديدة بشكل عام لهذا الملف.

المدن

——————–

بيدرسن يجري «محادثات عسكرية وسياسية» في موسكو قبل زيارة دمشق

اتصالات روسية مع الجانبين التركي والسوري بعد اجتماع سوتشي

موسكو: رائد جبر

نشطت موسكو اتصالاتها مع الأطراف المعنية بالشأن السوري، بعد اختتام مفاوضات البلدان الضامنة «مسار آستانة» في سوتشي، ومع انتقال المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن لإجراء محادثات في وزارتي الخارجية والدفاع تستبق زيارته المرتقبة إلى سوريا، أجرى الرئيس فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان، أطلعه خلاله على نتائج المحادثات في سوتشي، وتطرق الطرفان خلال المكالمة، فضلاً عن الشأن السوري، إلى ملفّي الوضع في جنوب القوقاز وليبيا.

وقبل ذلك كان وزير الخارجية سيرغي لافروف أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره السوري فيصل مقداد، تركز البحث خلالها على نتائج لقاءات سوتشي، والزيارة المرتقبة لبيدرسن إلى دمشق. وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن الوزيرين تبادلا «وجهات النظر حول تطورات الوضع في سوريا، مع التركيز على نتائج لقاءات صيغة (آستانة) حول سوريا التي عقدت في سوتشي، ومهام تعزيز التسوية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254، وعمل اللجنة الدستورية».

وأشارت الوزارة إلى أن لافروف أكد احترام موسكو المطلق «لسيادة ووحدة وسلامة أراضي الجمهورية العربية السورية، وحق السوريين المشروع في تقرير مستقبل بلادهم».

وحسب البيان؛ فقد تطرق الوزيران إلى «العقوبات الأحادية غير المشروعة والأساليب المسيسة في تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا، والوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي على أراضيها».

وتم تأكيد التزام موسكو ودمشق بتعزيز العلاقات الثنائية، بما في ذلك المساعدات الروسية في القضاء على الإرهاب في سوريا، واستعادة البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية، ومكافحة وباء (كورونا)، وعودة اللاجئين والنازحين.

في غضون ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن نائب الوزير ألكسندر فومين، أجرى جلسة مباحثات مع بيدرسن سبقت لقاء الأخير مع الوزير لافروف. وأفادت وزارة الدفاع بأنه «جرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول الوضع في الجمهورية العربية السورية، في سياق التسوية السياسية وأعمال اللجنة الدستورية السورية».

وشدد بيان الوزارة على «أهمية المشاركة النشطة لهياكل الأمم المتحدة المهنية في المساعدة في إعادة إعمار سوريا بعد الحرب، وخلق ظروف معيشية طبيعية في المناطق المحررة من الإرهابيين». وكانت الجولة الـ15 من «مفاوضات آستانة» اختتمت أعمالها، أمس (الأربعاء)، في مدينة سوتشي الروسية، وجرت بمشاركة وفود من الأمم المتحدة والبلدان الضامنة روسيا، وإيران، وتركيا، ووفدي الحكومة السورية والمعارضة.

ميدانياً، بدا، أمس، أن موسكو نشطت تحركاتها العسكرية في إطار ما وُصف بأنه «مواصلة التحركات ضد الإرهابيين» بالتوازي مع الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي في شأن «المحافظة على حال الهدوء على الأرض في إدلب». وأعلن ناطق باسم القوات الروسية في سوريا أنها استهدفت مخبأ لمقاتلي تنظيم «داعش» في محافظة حمص، ونفذت عملية أسفرت وأوضح الناطق أنه «نتيجة لعمليات الاستطلاع والبحث التي قامت بها القوات الحكومية السورية مدعومة بطائرات دون طيار تابعة للقوات الجوية الروسية، تمكنت القوات السورية من قتل 4 مسلحين كانوا يستقلون سيارتي شحن صغيرتين تحملان مدافع رشاشة من العيار الثقيل، ويبدو أنهم كانوا مكلفين بحماية مخزن للأسلحة».

وأشار إلى العثور على «كمية من الأسلحة والذخيرة بما فيها أسلحة مصنوعة في بلدان حلف شمال الأطلسي، ونحو 40 كيلوغراماً من المتفجرات، وأدوية ومواد غذائية».

وأفاد الناطق بأنه «منذ بداية العام ازداد نشاط المسلحين في المنطقة بشكل كبير، ومن الأسباب المحتملة لتحركهم في المنطقة الصحراوية توافر فرصة أمامهم في اللجوء إلى منطقة التنف التي يسيطر عليها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وفصائل المعارضة السورية المسلحة».

بالتزامن، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا أنه رصد 32 عملية قصف من قبل تنظيم «جبهة النصرة»، في منطقة إدلب لوقف التصعيد شمال غربي سوريا. ويُعدّ هذا أوسع تحرُّك للمجموعات المسلحة في هذه المنطقة منذ أسابيع.

وقال نائب مدير المركز الروسي فياتشيسلاف سيتنيك إنه تم رصد 15 عملية قصف داخل محافظة إدلب، و10 في اللاذقية، و3 عمليات في محافظة حلب، و4 في حماة.

وفي وقت سابق، أعلنت القوات الروسية في سوريا عن تدمير مستودع للأسلحة تابع لمسلحي تنظيم «داعش» في محافظة حمص السورية، والقضاء على 4 عناصر للتنظيم، مشيرة إلى أن العملية نفذها الجيش السوري بدعم من القوات الروسية.

على صعيد آخر، تجنبت الأوساط الحكومية ووسائل الإعلام في روسيا التعليق على إعلان مديرية مرفأ طرطوس، في شأن تعيين مدير روسي للمرفأ، واكتفى بعضها بالإشارة إلى أن هذا «رابع مدير يتم تعيينه في هذا المنصب خلال العام الأخير».

واللافت أن المدير الجديد للمرفأ لم يسبق له أن زار سوريا، وأعلن عن توجهه إلى هناك مباشرة بعد صدور قرار تعيينه، في حين أن المدير السابق كان أمضى نحو خمسة شهور فقط في منصبه.

وكانت موسكو ودمشق وقعتا في أبريل (نيسان) 2019 اتفاقية بشأن استثمار موسكو لمرفأ طرطوس لمدة 49 عاماً.

ومنذ ذلك الحين، عملت موسكو على توسيع حضورها في المرفأ، ونظمت دورات لتعليم اللغة الروسية، لتمكين موظفي المركز من التعامل بشكل أسهل مع إدارته.

واستندت اتفاقية استثمار مرفأ طرطوس قانونياً، على الاتفاقية الموقعة مع روسيا عام 2017، التي نصت على توسيع مركز الإمداد المادي والتقني التابع للأسطول الحربي الروسي في طرطوس، والذي تحول خلال السنوات الثلاث الماضية بعد عمليات التوسيع إلى أكبر قاعدة بحرية روسية خارج البلاد.

الشرق الأوسط،

——————————

الانتخابات الرئاسية السورية وعمل اللجنة الدستورية/ جوان سوز

إصرار حكومة الأسد على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها يؤشر على مساهمتها المباشرة في إفشال مهام اللجنة الدستورية، ويحمل تجاهلا واضحا للحرب الأهلية التي لاتمكن ملايين السوريين من المشاركة في هذه الانتخابات.

تتمسّك الحكومة السورية بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها منتصف عام 2021، وترفض ربطها بجدول عمل اللجنة الدستورية التي استأنفت جلساتها يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي بعد انقطاعٍ استمر لأشهر نتيجة تفشي فيروس كورونا، حيث شدد على ذلك مسؤولون حكوميون في دمشق، منهم فيصل المقداد، وزير خارجية نظام الرئيس بشار الأسد، والذي قال في أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2020 إنه “لا علاقة بين اللجنة الدستورية وموعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.”

يبدو واضحاً أن عدم ربط حكومة دمشق بين موعد الانتخابات الرئاسية واللجنة الدستورية، التي كان ينبغي عليها وضع دستورٍ جديد للبلاد خلال الفترة الماضية، يوحي بفشل اللجنة المكونة من 150 عضواً موزّعين بالتساوي بين وفدين رئيسين هما: وفدا حكومة الأسد ومعارضته، إضافة إلى وفدٍ ثالث يمثّل المجتمع المدني. هذا الوضع يدعو إلى تقصي أسباب فشل اللجنة الدستورية في المهام الموكلة إليها، وتأثير ذلك على الانتخابات الرئاسية وعلى الوفدين الرئيسين المشاركين فيها.

يؤشر إصرار حكومة الأسد على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها على مساهمتها بالدرجة الأولى في إفشال مهام اللجنة الدستورية، التي أنهت الجولة الخامسة من أعمالها بعد مرور أكثر من عامٍ ونصف على تشكيلها في سبتمبر/أيلول 2019 في جنيف دون أن تتمكن من إحراز أي تقدّم فعلي في صياغة دستور جديد. إلى جانب أن هذا الإصرار الحكومي يحمل أيضاً تجاهلا واضحا لواقع سوريا التي تشهد حرباً أهلية منذ نحو عقدٍ من الزمن، إذ لا يمكن لملايين السكان المشاركة في هذه الانتخابات بعد فرارهم من بلادهم، ناهيك عن عدم مشاركة المعارضة فيها، بالإضافة إلى وجود مساحات جغرافية كبيرة لا تخضع لنفوذ دمشق، كما هي الحال في مناطقٍ مختلفة جنوب البلاد وشمال غربها وشرقها. وهي مناطق لن تسمح الأطراف التي تسيطر عليها بإجراء انتخاباتٍ لديها.

وتعود أسباب فشل اللجنة الدستورية حتى الآن، إلى اختلاف الطرفين الرئيسين فيها، الحكومة ومعارضتها ،على خطوط عريضة فيما يتعلق ببنود ومحتوى الدستور الجديد، وأبرزها الأحكام الانتقالية، ويمكن تسميتها أيضا بـ “المرحلة الانتقالية”، التي ستشهد انتخابات جديدة وفق القرار الأممي 2254، الأمر الذي تتهرب منه الحكومة عبر إطالة أمد عمل اللجنة الدستورية، ولاسيما أنه بالإضافة لحصة الحكومة  التمثيلية المكونة من 50 شخصاً، لديها أشخاص مقرّبون منها ومدعومون من موسكو ضمن قائمة “المجتمع المدني”، وعددهم في الواقع أكبر بكثير من أولئك الذين يدعمون المعارضة في المجموعة ذاتها، ما يعطيها أفضلية في التحكّم أكثر بمسألة الوقت فيما يتعلق بالمدة المطلوبة لصياغة الدستور، وهذا ما يعني إخفاق  اللجنة في وضع دستور جديد خلال الأشهر القليلة المقبلة التي تسبق موعد الانتخابات.

كما أن المرحلة “الانتقالية” ليست العائق الوحيد أمام تقدّم اللجنة الدستورية، فتحديد القوات الأجنبية التي سيتم تصنفيها ككيانات “محتلة” لا يقل تعقيداً عنها. وفي هذه النقطة، تقف الأطراف الثلاثة عند مفترق طرقٍ، حيث يصر ممثلو الحكومة على تصنيف تركيا وأمريكا لوحدهما كقوات محتلة على اعتبار أن أنقرة تسيطر على مدنٍ سورية شمال شرقي البلاد وغربها، وأن لدى واشنطن قوات عسكرية في المنطقة ذاتها ضمن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، فيما وفد المعارضة، الذي تهيمن عليه أنقرة من خلال “الائتلاف”، يرفض ذلك كلياً ويطالب بتصنيف إيران وروسيا كقوتين محتلتين أيضاً، وهنا يكمن التصادم بين الطرفين، خاصة أن وفد الحكومة يرى أن القوات الروسية والإيرانية دخلت خط الأزمة بناءً على طلب حكومة دمشق “الشرعية”، وبالتالي لا يعد وجودهما احتلالاً. وهذا خلاف يتكرر في قائمة المجتمع المدني أيضاً.

أما بالنظر إلى هيكلة الأطراف المتفاوضة، فمن الواضح أن وفد المعارضة في اللجنة الدستورية مشتت. على الرغم من أن “الائتلاف” يعتبر المهيمن على وفد المعارضة ويشكّل عموده الفقري، إلا أن الوفد يضم أيضاً أطرافاً أخرى منها “المجلس الوطني الكردي” الذي يختلف معه ومع وفد الحكومة على تسمية اسم الدولة السورية والاعتراف بمكوناتها القومية. وهناك أيضاً ممثلون عن قائمة المجتمع المدني، الذين يختلفون مع الحكومة والائتلاف حول هذه الأمر، ما يزيد من هشاشة كتلة المعارضة ضمن اللجنة مقابل صلابة موقف ومطالب وفد الحكومة الموحد، ولاسيما أن بعض أعضاء “الهيئة العليا للمفاوضات”، الذين يشاركون في صياغة الدستور، محسّوبون على “الائتلاف” مقابل معارضين له في “الهيئة” ذاتها.

ومع أن “المجلس الوطني الكردي” يشارك ضمن اللجنة الدستورية من خلال “الائتلاف” و”الهيئة العليا للمفاوضات”، لكن جهات داعمة للأكراد مثل “مجلس سوريا الديمقراطية” يرفض أن يكون هذا المجلس ممثلهم الوحيد، ويطالب بالمشاركة في أعمال اللجنة، في مواجهة “فيتو” أنقرة التي ترفض أي مشاركة لأطراف داعمة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في اللجنة باعتبار أنها ترى فيها امتداداً لحزب “العمال الكردستاني” المحظور لديها. ويبدو أن غياب “قسد” يخفف من تأثير قرارات اللجنة وأثر عملها على الأرض باعتبار أن ممثل الأكراد الحالي فيها ضعيف من ناحية التواجد الشعبي ولا يملك سيطرة ميدانية في منطقة شرق الفرات وأيضاً غربها.

وبالتالي، نجحت حكومة دمشق إلى حدٍّ كبير من خلال وفدها المشارك في اللجنة الدستورية في المماطلة وكسب الوقت اعتماداً على العامل الزمني، مستغلةً تشتت وفد المعارضة وانقسام قائمة المجتمع المدني بينها وبين معارضتها. وبطبيعة الحال، المدة المتبقية إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية لن تكون كافية للتوافق على الدستور، ما يعني أن الانتخابات التي ستجري منتصف العام المقبل سيكون مرجعيتها الدستور الحالي وسيشارك فيها الأسد مجدداً، وقد اعترفت المعارضة بذلك ضمنياً على لسان يحيى العريضي المتحدث باسم وفدها المشارك في اللجنة يوم 6 ديسمبر/ كانون الأول، والذي قال إنه “لا فائدة من اللجنة الدستورية في حال لم تنهِ اجتماعاتها قبل الانتخابات المقبلة”. وكذلك قالت ميس كريدي، المقرّبة من موسكو ضمن قائمة المجتمع المدني، إن “أهلية اللجنة الدستورية وعملها غير مرتبطين بالانتخابات.”

ويمكن القول إن بديل دمشق الحالي عن اللجنة الدستورية هو إجراء الانتخابات في موعدها المقرر مع الاستمرار بالمشاركة في أعمال اللجنة، ما يمنح وفدها فرصة إضافية للمماطلة في بنود الدستور وكسب المزيد من الوقت ريثما تنتهي الانتخابات، ناهيك أن موسكو أيضاً تفصل بدورها بين عمل اللجنة والانتخابات الرئاسية، ما يوحي أنها توافق ضمنياً على إجراء الانتخابات في موعدها. وقد قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن: “الانتخابات الرئاسية شأن يخص الحكومة السورية ولا مواعيد زمنية لجدول أعمال اللجنة الدستورية”. وهذه الأمور كلها تجعل المعركة الانتخابية لصالح دمشق مع غياب المعارضة عنها، فقد أكد “الائتلاف”، يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، في بيان عن تراجعه عن تشكيل مفوضية للانتخابات نتيجة رفض أنصاره لانتخاباتٍ يكون الأسد طرفاً فيها.

ولذلك، من المستبعد أن تتمكن اللجنة الدستورية من تحقيق النجاح المرجو منها في الوقت الراهن، ذلك أن الانتخابات الرئاسية اقتربت بينما لم تتمكن اللجنة من إحراز أي تقدّم في سير عملها، ما يجعل مطلب إسقاط الرئيس وحكومته لدى وفد المعارضة أمراً غير قابلٍ للتطبيق باعتبار أن الانتخابات ستجري في موعدها في ظل مقاطعة المعارضة. إضافة إلى ذلك، لدى وفد الحكومة فرصة زمنية إضافية، لأن الأشهر الستة المتبقية التي تسبق إجراء الانتخابات غير كافية للجنة الدستورية لتتمكن من وضع دستورٍ جديد للبلاد قد يؤدي لانتخابات بموجب بنوده، وهو ما يجعل دمشق تراهن على العامل الزمني.  ومن المتوقع أن يواصل وفدها المماطلة في اللجنة ريثما يتم انتخاب الأسد مجدداً، وقد يسبق ذلك إعادة مناطق جديدة لسيطرة قواته ومنها أجزاء من إدلب وأخرى في شمال شرقي البلاد.

وينبغي الأخذ بعين الاعتبار، أن سوريا تعيش حرباً طاحنة تديرها أطرافاً دولية وإقليمية، وهو ما يجعل اهتمام غالبية السوريين باللجنة الدستورية أو الانتخابات الرئاسية أمراً ثانوياً، سيما وأن ذلك يتم في ظروفٍ غير مواتية، حيث ينشغل معظمهم بأزمة اقتصادية بالإضافة إلى الأزمة الصحية التي رافقت تفشي فيروس كورونا. كما أن مماطلة وفد الحكومة في اللجنة الدستورية خلال الفترة الماضية، كان ينذر بصعوبة قبول دمشق لمرحلة ما بعد الدستور فيما لو كانت الأطراف المفاوضة قد تمكنت من وضع دستورٍ جديد للبلاد، الأمر الذي يعني فعلياً عدم وجود أي تأثير للجنة على نظام الأسد ونتيجة انتخاباته. وأخيرا، حتى تتمكن اللجنة الدستورية من تحقيق أهدافها، لابد من ممارسة الضغط على وفد الحكومة، وإرغامه على القبول بوضع دستورٍ جديد للبلاد يضمن حقوق كل السوريين، كما ينبغي الضغط أيضاً على وفدي المعارضة والمجتمع المدني للمضي قدماً في العملية السياسية التي قد تساهم في إنهاء الحرب الحالية، بعيداً عن التدخلات الخارجية.

جوان سوز، باحث وصحافي مختص بالشؤون التركية والأقليات في الشرق الأوسط، وهو أيضاً عضو في نقابة الصحافة الفرنسية SNJ

———————————

تثبيت خطوط التماس والسيطرة.. نهاية “أستانا”!/ عقيل حسين

بغض النظر عن المصطلح الذي استخدمته الوفود المشاركة في الجولة الأخيرة من مسار أستانا حول تثبيت خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة، فإن الواضح أن الدول الضامنة للمسار قررت إعلاناً شبه رسمي لنهاية العمليات العسكرية في سوريا.

لم يقدم البيان النهائي للجولة الخامسة عشرة من مفاوضات هذا المسار تفاصيل مهمة، واستغرق بالكلام الإنشائي عن الاتفاق على الحفاظ على الهدنة في إدلب، وكذلك أعمال اللجنة الدستورية، بالإضافة إلى غيرها من الملفات والتفاصيل الثانوية، لكن الأهم هو التوافق على استمرار وقف إطلاق النار شمال غربي سوريا.

نظرياً، لا تستطيع هذه الدول، ولا وفدا النظام والمعارضة بطبيعة الحال، استخدام مصطلح (تثبيت خطوط التماس) في اتفاقية رسمية، فهذا مصطلح له مدلولات سياسية وقانونية تفيد بالموافقة على/ أو التمهيد للتقسيم، الأمر الذي تصر كل الأطراف على رفضه له، وعليه كان اللجوء إلى مصطلح تجديد الهدنة والحفاظ عليها.

أما عملياً، فإن كل المؤشرات تؤكد أن ما توافقت عليه روسيا وتركيا، بالإضافة إلى إيران، هو الحفاظ على الوضع الميداني القائم حالياً، بحيث تحتفظ المعارضة بمناطق سيطرتها في كل من إدلب وريفي حلب واللاذقية، وإعادة وضع الطرق الدولية في الخدمة، مقابل عدم تعرض هذه المناطق لأي هجمات عسكرية أو عمليات قصف من قبل حلفاء النظام وقواته.

المؤشر الأول هو إنجاز الاتفاق خلال وقت قصير جداً في اليوم الأول من جلسات الجولة الخامسة عشرة التي عقدت في منتجع سوتشي الروسي، كتتويج لمحادثات ومفاوضات سابقة بين الجانبين الروسي والتركي سبقت انعقاد الجولة بوقت غير قصير، بحيث جاء اللقاء ليضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق.

المؤشر الثاني كان حديث رئيس وفد المعارضة إلى مؤتمر أستانا قبل بدء الجولة الأخيرة منه يوم الثلاثاء الماضي عن هذه النقطة، حين أكد أن جدول أعمال الجولة يتضمن، بالإضافة إلى مناقشة مفاوضات اللجنة الدستورية، العمل على تجديد الهدنة في إدلب وتثبيت خطوط التماس.

أما المؤشر الأهم فهو إطلاق حكومة الإنقاذ في إدلب مشاريع عمرانية واستثمارات عديدة في الأشهر الأخيرة الماضية، لعل أبرزها تمديد خطوط التيار الكهربائي من تركيا إلى إدلب، وهو أمر لم يكن ليحدث لولا وجود تطمينات سياسية من قبل أنقرة، إلى جانب التطمينات الميدانية التي يؤكد عليها الانتشار الكثيف للقوات التركية في المنطقة وإرسالها تعزيزات مستمرة إلى هناك.

لقد كان واضحاً منذ البداية أن الهدف من هذا المسار السياسي عسكري بامتيار، وهو أن يتم إدارة الحرب وتوجيه طرفي الاشتباك (النظام والمعارضة) نحو نقطة صفر جديدة لا يمكن لأي منهما تجاوزها، وتوقع الكثيرون منذ سنوات أن يكون طريقا حلب-دمشق وحلب-اللاذقية هما خطوط التماس الأساسية بين الجانبين، وعليه فقد كانت جميع المعارك وجولات القتال السابقة مجرد تحصيل حاصل، لكنه مكلف جداً وقاس على المدنيين ومقاتلي الفصائل الذين دفعوا أثماناً مؤلمة قبل الوصول إلى هذه النقطة.

ومع الوصول إليها، ربما يكون مسار أستانا بمجمله قد استنفد أغراضه ووصل إلى نهايته، ولن يكون مفاجئاً لو أعلنت الدول الراعية له عن اجتراح مسار سياسي جديد، خاصة مع البرود الشديد التي تعاملت به هذه الدول مع الجولة الأخيرة، حيث اقتصر الحضور على المساعد الثاني لوزير خارجية كل منها، في إشارة واضحة إلى تراجع اهتمام هذه الدول بالمسار الذي وجد الجميع نفسه مضطراً إليه حتى اليوم، بما في ذلك النظام والمعارضة.

أما فيما يتعلق باللجنة الدستورية التي هي من نتاج مسار أستانا، فهي الأخرى تكاد تستنفد الأغراض التي أوجدت من أجلها، ولعل بلوغ النظام موعد الانتخابات الرئيسية سيكون كل ما يريده، هو وروسيا، من الصبر على مفاوضات اللجنة التي جر إليها مكرهاً، وبالتالي فقد لا يكون غريباً أيضاً أن تعقد الجولة القادمة من أعمالها فقط من أجل كسب المزيد من الوقت بانتظار أن يخترع العالم مقاربة جديدة لإدارة الملف السوري أو إيجاد مخارج للاستعصاء الذي يعيشه.

تلفزيون سوريا

———————–

فراس الخالدي لعنب بلدي: نرفض تشكيل مجلس عسكري ونتمسك بالحل السياسي لإنقاذ سوريا

حوار: أسامة آغي

تزداد التعقيدات في الملف السوري يومًا بعد يوم، مع تشرذم المعارضة وعجزها عن اتخاذ قرار سياسي موحد، بالتزامن مع عدم تحقيق “اللجنة الدستورية” لأي تقدم ملموس على الأرض.

وفي المقابل، لم يقدم مسارا أستانة وسوتشي أي خطوات ملموسة على الأرض، فيما يبقى القرار الأممي 2254، القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالية في سوريا (صدر عن مجلس الأمن الدولي في عام 2015)، مجمدًا بفعل التدخلات الدولية في الملف السوري.

ومؤخرًا، انتشرت عبر وسائل الإعلام العربية والسورية أنباء عن تشكيل مجلس عسكري سوري مكون من ضباط قدامى من النظام السوري، وضباط منشقين لإدارة الأمور في سوريا بعد تخلي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، عن بعض صلاحياته، وهو ما نفته قوى معارضة سورية.

ولنقاش على هذه النقاط، التقت عنب بلدي بمنسق “منصة القاهرة” في “هيئة التفاوض” وعضو “اللجنة الدستورية”، فراس الخالدي.

الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا

في 24 من كانون الثاني 2015، تشكلت “منصة القاهرة”، التي ضمت عددًا من قوى المعارضة السورية بما فيها “هيئة التنسيق الوطنية”، واتفقت هذه القوى حينها على “استحالة الحسم العكسري واستحالة استمرار منظومة الحكم الحالية”.

وقال فراس الخالدي، عضو “اللجنة الدستورية” ومنسق “منصة القاهرة” في “هيئة التفاوض السورية”، لعنب بلدي، إن الحل السياسي التفاوضي هو السبيل الوحيد لإنقاذ سوريا، وإن “مؤتمر القاهرة 2015 كان واحدًا من أهم الطروحات التي تناولت المشكلة السورية بموضوعية”، بحسب تعبيره.

ويرى الخالدي أن “منصة القاهرة”، “كيانٌ سياسي يمكن اعتباره وعاءً جامعًا لعدد كبير من القوى والتيارات الوطنية من مختلف الاتجاهات والانتماءات”، معتبرًا أن هذه القوى وجدت في جمهورية مصر العربية “مكانًا آمنًا ومناسبًا لممارسة نشاطاتها للوصول إلى حل أزمة الشعب السوري بعيدًا عن أي منغصات أو تدخلات إقليمية أو دولية”.

ويعتقد الخالدي أن المنصة، التي يمثلها كمنسق في “هيئة التفاوض السورية”، “حضن عربي يمكن من خلاله التأكيد على هوية سوريا وانتمائها للأمة العربية، في ظلّ المحاولات الجادة لطمس هوية سوريا وهوية شعبها، وسلخها عن محيطها”.

وتتواجد في سوريا قوميات وعرقيات وإثنيات مختلفة عانت من اضطهاد النظام السوري، كالكرد والسريان والآشوريين والشركس وغيرهم.

أما بالنسبة لرأي “منصة القاهرة” بالحل السياسي، فقال الخالدي إن مؤتمر القاهرة وضع خارطة طريق نادت بالتفاوض السياسي كحلٍ وحيدٍ لإنقاذ سوريا”، وإن هذا الطريق يعني التفاوض بين وفدي المعارضة والنظام برعاية الأمم المتحدة وضمانتها، وذلك عبر إبرام برنامج تنفيذي بينهما لبيان جنيف، ووضع جدول زمني وآليات واضحة، وضمانات ملزمة للتأكد من التنفيذ.

نرفض المجلس العسكري

قالت صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية في في 10 من شباط الحالي، إنها حصلت على نسخة من وثيقة قدمها معارضون من منصتي “موسكو” و”القاهرة” لتنفيذ القرار “2254”، وتضمنت اقتراحًا بـ”تشكيل مجلس عسكري خلال مرحلة انتقالية يتم الاتفاق حول مدتها”.

إلّا أن المنصتين نفتا تقديم أي وثيقة لروسيا تتضمن طلبًا بتشكيل “مجلس عسكري سوري” مشترك بين النظام والمعارضة في مرحلة انتقالية، إذ صرّح عضو منصة “القاهرة” فراس الخالدي، في حديث إلى عنب بلدي، في 10 من شباط الحالي، أن “الوثيقة غير صحيحة وملفقة”.

كما نفى رئيس منصة “موسكو”، قدري جميل، أيضًا وجود الوثيقة قائلًا في تغريدة عبر حسابه على “تويتر“، إن “الخبر لا يمت للواقع بأي صلة”.

وفي 12 من شباط الحالي، أوضح المعارض السوري جمال سليمان الملابسات حول “المجلس العسكري”، قائلًا إنه صاحب فكرة المجلس لتولي حكم انتقالي في سوريا.

وصرح، عبر حسابه في “فيس بوك”، أنه طرحها بصفته الشخصية كصيغة بديلة لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة “جنيف” خلال اجتماعه الأخير في موسكو مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في 21 من كانون الثاني الماضي، وأن هناك من يؤمن بها.

وعلّق سليمان أن اللقاء الذي حضره مع وزير الخارجية الروسي كان بصفته الشخصية وليس بصفته ممثلًا عن منصة “القاهرة”، لأنه جمد عمله فيها وفي “هيئة التفاوض”، لأسباب داخلية تتعلق بالخلافات الأخيرة التي قال إنه بذل مع آخرين جهدًا كبيرًا لحلحلتها ولم يفلح.

وأكد فراس الخالدي، منسق “منصة القاهرة” في “هيئة التفاوض”، أن المنصة لا توافق على تشكيل مجلس عسكري انتقالي، بالطريقة التي تمّ طرحها، وأن سليمان ذهب إلى موسكو بصفة شخصية كما صرّح هو بنفسه.

وحول سبب الرفض قال الخالدي، “يجب أن يتفق وفدا المعارضة والنظام على تكوين هيئة حكمٍ انتقالي، تنتقل إليها الصلاحيات التشريعية والتنفيذية، وينبثق عنها المؤسسات التالية (مجلس وطني انتقالي، مجلس قضاء أعلى، حكومة مرحلة انتقالية، مجلس وطني عسكري انتقالي، هيئة عليا للإنصاف والعدالة والمصالحة).

وبالتالي يعتقد الخالدي أنه “لا يمكن تشكيل المجلس العسكري الانتقالي، بمعزل عن بقية المؤسسات، التي تتكامل مع بعضها البعض، وتمنع إحداها الأخرى من التفرد في حكم سوريا المستقبل”.

وحول مسار أستانة وسوتشي، يرى فراس الخالدي العضو في “اللجنة الدستورية”، أن تجميد مسار جنيف مقابل تفعيل مسارات جانبية (أستانة وسوتشي) أضرّ كثيرًا بالملف السوري، مؤكدًا التزام “منصة القاهرة” بمضمون بيان جنيف والقرارين الدوليين 2118 و2254.

ويعتقد الخالدي أن القائمين على مسار أستانة وسوتشي “سحبوا المظلة الدولية (جنيف) من فوق رؤوس السوريين، واستفردوا بسوريا بعيدًا عن أعين العدالة الدولية”.

“بدأ تسليم كل الأراضي التي سيطرت عليها المعارضة مجانًا للنظام الذي لم يقبل التفاوض وهو في أشدّ حالات ضعفه”، بحسب الخالدي، “فكيف يمكن إقناعه بالتفاوض، وتغليب مصلحة سوريا على مصلحته، بعد أن نجح باستعادة ما خسره بمساعدة أصدقائه في أستانا وسوتشي؟”.

وأضاف الخالدي أن “روسيا بدلًا من استكمال ما بدأته بمشاركتها الفعالة بالقرار الدولي 2254، راهنت على إيران والنظام بتأمين مصالحها الاستراتيجية في سوريا بدلًا من الرهان على صداقة الشعب السوري”.

مؤتمر وطني جامع

مع تعثر المسارات السياسية المتعددة في الملف السوري، خرجت أصوات من جهات سورية معارضة عدة دعت إلى “مؤتمر وطني جامع للسوريين”.

وسبق للدكتور خلدون الأسود، الذي شغل سابقًا عضوية المكتب التنفيذي في الخارج لـ”هيئة التنسيق الوطنية”، أن قال لعنب بلدي في 11 من شباط الحالي إن “هناك دعوات حثيثة لعقد مؤتمر وطني جامع، يبدأ من كل مدينة أو قرية، ليفرز ممثلين لمؤتمر أوسع، يشكل نواة لمؤتمر وطني سوري على مستوى العالم”

وأضاف الأسود أن هذا المؤتمر سيحضره ويموله سوريون، معتبرًا أن الدعوة إليه لاقت الكثير من الترحيب من قبل الجميع، وأن العمل على عقده سيبدأ بشكل حثيث بعد تجاوز أزمة فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19)، دون أن يوضح مزيدًا من التفاصيل والأهداف عن المؤتمر أو الجهات المرحبة بالأمر.

ويرى فراس الخالدي أن النظام يستغل الخلافات والشرذمة داخل المعارضة، بل ويعمل على زرع الفتنة داخل مؤسساتها، ليصل بالمجتمع الدولي لنتيجة مفادها عدم وجود معارضة وطنية حقيقية، يمكن أن يشاركها حكم سوريا”.

ويعتقد الخالدي بضرورة قطع الطريق على محاولات النظام بإفشال المعارضة، من خلال “الالتزام بالتعاون والانفتاح على جميع تيارات وقوى الثورة والمعارضة، ضمن معايير وطنية”.

وأوضح الخالدي ضرورة عقد مؤتمر وطني جامع على اعتبار أنه “ضرورة حتمية”، عندما تكون كل مكوناته على درجة مناسبة من الصلابة والمتانة للاندماج تحت راية وطنية جامعة.

ويأمل الخالدي أن تتعافى كل مؤسسات الثورة والمعارضة، لتكون قادرة على عقد هذا المؤتمر تلبية للمصلحة الوطنية العليا، وليس لتعظيم حصّة مكون على حساب بقية المكونات.

ويرى الخالدي، “لا  يجب أن نبقى أسرى لعقلية المؤسسات المؤقتة التي تساعد النظام على شراء المزيد من الوقت لاستكمال إحكام قبضته على سوريا وشعبها، وفرض أمر واقع تعجز معه حكومات العالم أجمع عن إخراجه من السلطة”.

لا صراع في منصة القاهرة

ونفى الخالدي وجود “صراع بين مكونات “منصة القاهرة”، معتبرًا أن ما جرى هو “إجراء داخلي”، يخصّ أحد مكونات المنصة (تيار الغد)، الذي أنهى عضوية السيد قاسم الخطيب من تيار الغد.

وأضاف الخالدي أن إنهاء عضوية قاسم الخطيب من تيار الغد استلزم إنهاء عضويته في كل من “هيئة التفاوض” و”اللجنة الدستورية”، كما أن “المنصة لم تتدخل بشؤون تيار الغد الداخلية”، وأنه كمنسق المنصة “نقل طلب تيار الغد باستبدال قاسم الخطيب لكل من هيئة التفاوض واللجنة الدستورية”.

———————

مجلس عسكري في سورية/ د. رياض نعسان آغا

بدأ الحديث عن تشكيل مجلس عسكري سوري منذ عام 2012 حين كانت المعارك في ذروتها ، وكان الضباط المنشقون يشعرون بمسؤوليتهم الوطنية إزاء ما حدث من حالة عشوائية في تشكيلات الفصائل التي نمت بينها تناقضات بينية وشعارات إيديولوجية ، ولم يجد الضباط الكبار ترحيباً بحضورهم في الساحة التي سيطرت فيها قوى دخيلة تطرح أفكاراً خارج السياق الوطني ، وتحارب الجيش الحر ، ووجد الضباط المنشقون أنفسهم معزولين عن المواقع التي يجب أن يشغلوها في مراكز القيادة وهم المؤهلون لها ، ورغم تقدم بعضهم عبر منافذ صغيرة للمشاركة حيث ظهرت وزارة دفاع في الحكومة المعارضة المؤقتة كما تم تشكيل مجالس عسكرية مناطقية ، كما ظهر ( مجلس الثلاثين ) إلا أن هذه المنافذ سرعان ما أغلقت .

ولقد عانى الضباط السوريون ( كما عانى كل العسكريين والمدنيين السوريين ) من قسوة التشرد وصعوبة البحث عن موارد العيش في المنافي ، ومع أن فريقاً كبيراً من الضباط المنشقين الشباب كانوا قادة في الجيش الحر وفي ذروة قوتهم جنحوا إلى السلم حين دعت دول أصدقاء سورية إلى مؤتمر الرياض الأول ، وشارك ممثلوهم في الهيئة العليا للتفاوض ، وأبدوا حرصهم على مسار الحل السياسي حسب القرار الشهير ( 2254 ) إلا أن جولات التفاوض لم تحرز أي تقدم لأن النظام السوري بقي متمسكاً بالحسم العسكري ، ومع انسداد الأفق في مسار جنيف وانهيار هيئة التفاوض الراهنة ، وإخفاق عمل اللجنة الدستورية التي أوشك المبعوث الدولي أن يعلن نهايتها ، تحركت من جديد فكرة تشكيل المجلس العسكري ، وروى الفنان جمال سليمان أنه تقدم برؤية إلى موسكو خلال لقاء مع وزير الخارجية الروسي مقترحا بشكل شخصي لتشكيل مجلس عسكري يضم ضباطاً متقاعدين قدامى وآخرين في الخدمة ، وضباطاً من المنشقين ، على أن تؤول إلى هذا المجلس كامل الصلاحيات ليقود مرحلة انتقالية تنتهي بتشكيل حكومة وبرلمان ودستور جديد ، وتزامن هذا الطرح مع حراك كثير من الضباط المنشقين ودعوتهم لتشكيل مجلس عسكري واقترح بعضهم العميد المنشق مناف طلاس رئيساً له .

وقد اضطربت الرؤى حول طبيعة هذا المجلس المقترح ، فهناك من يرون أن المجلس هو الحل القادر على قيادة سورية وإخراجها من مستنقع الدم والانهيار الشامل أمام العجز الدولي عن تشكيل هيئة حكم انتقالي ذي مصداقية وغير طائفي ( كما يوصّفه القرار الدولي ) ، وهناك من ظن أن هناك توافقاً دولياً سرياً على تشكيل مجلس عسكري يضم المعارضة والنظام دون أن يتضح شيء وجود هذا التوافق ، ومنهم من تنبه إلى خطر أن يكون تشكيل مجلس عسكري بديلاً عن هيئة الحكم ، فربط وجوده بوجود هيئة حكم يتفرع عنها المجلس العسكري ، ضمن رؤية القرار الدولي 2254 .

وأما الرافضون فهم يرون أن الدعوة لتشكيل مجلس عسكري مشترك بين ضباط المعارضة والنظام يحتاج إلى قوة سياسية أو عسكرية لفرضه ، ولو كان الأمرمتاحاً لتم تنفيذ القرار الدولي بتشكيل هيئة حكم انتقالي ، فمن ذا يفرض على النظام القبول بتشكيل هذا المجلس ، ومن سيسمح لضباط من النظام والمعارضة أن يتسلموا مسؤولية إعادة هيكلة الجيش والقوى الأمنية خارج سيطرته ؟ ومنهم من يخشى أن يصير هذا المجلس كله بيد النظام ، ويكون أداة لتجميل الصورة وإنهاء مطالب الشعب الذي يصر على تنفيذ القرار بنقل كامل الصلاحيات إلى هيئة حكم انتقالي .

لم تكن هذه الصعوبات غائبة عن المقترح الذي يتوقع أن تحتاج الأسرة الدولية ذات يوم قريب مخرجاً من المستنقع الراهن .

وأرى أن الحاجة ماسة لتشكيل مجلس عسكري حتى لو كان مقتصراً على المعارضة وحدها الآن ، ليكون تجمعاً وطنياً محضاً يضم الضباط وصف الضباط المنشقين ، وكل العسكريين ، وليكون جاهزاً ومستعداً لأداء دوره المستقبلي ، ويكون واجهة متينة أمام المجتمع الدولي ، ومرشحاً للمشاركة الفاعلة مع كل القوى المدنية في رسم مستقبل سورية ، وحين ينضج الحل السياسي ، يكون هذا المجلس شريكاً ورديفاً لهيئة الحكم الانتقالي التي لابد من ولادتها مهما طال زمن الحمل ، لأنها الحل الوحيد الممكن ، وهذا ما يصر عليه كثير من قادة العالم ، وحتى روسيا باتت تطالب بتنفيذ القرار الدولي 2254 ، وكذلك الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة.

إن تقديرنا لضباطنا الأحرار ولكل المنشقين يحمّل الجميع مسؤولية معاناتهم ، وهم الذين ضحوا بأنفسهم وبوظائفهم و غامروا بحياتهم وحياة أسرهم كيلا يشاركوا في قتل شعبهم ، وانتصروا لضمائرهم الحية ، وهم أولو الخبرات القيادية الناضجة ، وأصحاب الفكر المعتدل ، وهم الأجدر بأن يكونوا مع كل أشقائهم السوريين الشرفاء في تحمل المسؤوليات الوطنية الكبرى .

——————————

حول بيان آستانة 13/ د. رياض نعسان أغا

لم يحمل بيان آستانة 13 الذي انعقد في سوتشي يومي 16و17 من الشهر الحالي أي تقدم نوعي نحو الحل السياسي المنشود، وللأسف لم تحقق عملية آستانا شيئاً منذ بدئها سوى ما سمته (خفض التصعيد) الذي نجمت عنه المصالحات التي لم تفلح في تقديم نموذج يحتذى به في بقية المناطق السورية.

وقد تحدث البيان عن وقف إطلاق النار، وأكد استمرار القتال ضد الإرهابيين (والمفارقة أن إيران الضامنة ترى كل المعارضين إرهابيين)، بينما بدأت روسيا تعترف بوجود معتدلين في المعارضة، وتؤكد التزامها ببيان جنيف، وتذكر المعارضين بموافقتها على القرار 2254 (رغم اختلاف القراءة القانونية لهذا القرار) مما دعا كثيرين لاعتبار ذلك بدءاً لمراجعة الموقف.

ولقد كان مهماً أن يؤكد البيان على وحدة سوريا أرضاً وشعباً، وهذا ما يتفق عليه الجميع، كما تحدث عن رفض العقوبات المفروضة على سوريا لكنه لم يشر إلى الحالة التي دعت إليها، كما تحدث عن تبادل المحتجزين دون أن يشير إلى التفاوت الضخم بين الطرفين.

كما دعا البيان إلى عودة المهجرين إلى وطنهم دون أن يشير إلى الآليات الواجب اتخاذها لضمان أمن المهجرين، وأماكن سكناهم في حال العودة، فكثير منهم بيوتهم مدمرة ولا مأوى لهؤلاء سوى المخيمات.

وقد أكدت الدول الضامنة على متابعة عمل اللجنة الدستورية رغم أن الجميع بمن فيهم المبعوث الدولي «بيدرسون» عبروا عن إخفاقها في تحقيق حد أدنى من التوافق، ولم يشر البيان إلى ضرورة أن تعيد الحكومة السورية الاعتبار لوفدها، وتعلن أنه وفد رسمي يمثلها.

إن الخطر الأكبر الذي يهدد مسار الحل السياسي هو إهماله دولياً، وإبقاء الحال على ماهو عليه، ومع أهمية الالتزام بتعهدات وقف إطلاق النار رغم الخروقات الكبيرة التي تعترضه، إلا أن الوضع السوري سيبقى على صفيح ساخن، ولن يتحقق الاستقرار الذي يمكِّن أية جهة من البدء بإعادة الإعمار الذي أشار إليه البيان في حديثه عن تجديد البنى التحتية، فالمستثمرون يحتاجون إلى بيئة آمنة، وإلى ضمانات كيلا يتعرضوا للآثار الكارثية التي جعلت الاقتصاد السوري في محنة تاريخية، فضلاً عن احجام قوى كبرى عن المشاركة ما لم تبدأ عملية الحل السياسي بشكل جاد يبني حالة الاستقرار.

ويلفت الانتباه في لجنة آستانا، غياب التمثيل السوري رغم المقدمات التي تشير باستمرار إلى ملكية سوريا للحل، والتأكيد على انه سيكون نتاج حوار (سوري – سوري)، كذلك كان غياب الحضور العربي الفاعل، وكان من المفترض أن يكون صوت الجامعة العربية هو الأقوى، رغم تدويل القضية، ولابد من الإشارة إلى غياب الولايات المتحدة التي يترقب الجميع من إدارتها الجديدة بيان رؤيتها المستجدة حول القضية السورية.

لقد بدا أن ما حدث في سوتشي ضمن مسار آستانة هو مجرد دفع للوقت الضائع إلى الأمام، وتأجيل عقد اللقاء الرابع عشر إلى نهاية شهر يوليو القادم أو مطلع أغسطس هو تمرير لفترة انتخابات الرئاسة القادمة التي لم تحسم توجهاتها بعد.

والمشكلة الكبرى في سوريا الآن تكمن في معاناة السوريين الاقتصادية التي بلغت حداً غير مسبوق، بعد انهيارات سعر الليرة، وحدوث فجوة كبرى بين الدخل وبين احتياجات الانفاق الضروري، فضلاً عن معاناة ملايين من المهجرين والنازحين الذين باتوا ينتظرون الإغاثة، وهم في بلد غني بالثروات، وهم يترقبون حلاً من عشر سنوات، بينما تبحث دول كبرى عن مصالحها، وتهمل مصلحة الشعب الذي أنهكه التشرد، والخطر أن ترتاح بعض الدول إلى حالة تقاسم النفوذ ويبقى حال السوريين في العراء.

—————————–

===================

تحديث 20 شباط 2021

————————

ما بين فشل جنيف وأستانا/ رضوان زيادة

لم يعد السوريون يكترثون كثيرا بالمؤتمرات التي تعقد من أجل قضيتهم، ربما لأنهم أدركوا نفاقها وكذبها، أو ربما لأنهم يعرفون أنها لم تعقد من أجلهم وأنها لن تغير من طبيعة حياتهم شيئا، فهي لن تؤمن سقفا للملايين الذين هجرهم الأسد من بيوتهم ولن تؤمن طعاما للملايين الذين يرفض الأسد الاعتراف بوجودهم.

يشعر السوريون أنهم في قاع حضيض لا أحد يكترث لألمهم ولا بواكي لموتاهم، يشعرون أنهم يعيشون خارج هذا العالم الذي من حولهم، ومنذ اعتراف العالم بالدولة كوحدة سياسية وحيدة فإن دولتهم كما الشعب الفلسطيني تماما لا وجود لها أو بالأحرى هم يخافون من الذهاب إليها أو الانتساب لهاـ لأنها تسبب لهم كثيرا من الوجع والألم.

أشار تقرير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في تقريره الأخير أن 12 مليونا و400 ألف شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، هذا يمثل زيادة عن تقرير الصادر في أيار الماضي الذي قدر العدد بـ 9 ملايين و300 ألف وهو ما يعني زيادة 3 ملايين شخص في أقل من عام، وهو ما يضع السوريين على حافة مجاعة حقيقة إذا ما استمرت الحرب واستمر عناد بشار الأسد في رفضه لأي انتقال سياسي يسمح للسوريين بتقرير مصيرهم، يمكن القول إن السوريين اليوم يشتركون في انعدام الأمن الغذائي والفقر والفاقة بغض النظر عن وجودهم في المناطق الثلاث التي تشكل انقسام سوريا اليوم بشكل واقعي.

    المناطق التي ما زال يسيطر عليها النظام ويقطن فيها ما يفوق عن 12 مليون سوري تقريبا وتشكل طوابير الخبز والغاز وانعدام خدمات الدولة الأساسية من كهرباء ومياه صالحة للشرب حقيقة يعيش عليها السوريون في تلك المناطق، ومع انهيار سعر الليرة السورية حيث تجاوز الدولار الثلاثة آلاف ليرة سورية وهو ما يعنيه من انهيار للقدرة الشرائية وارتفاع التضخم بشكل جنوني مما زاد من الفقر وحول السوريين إلى مدمنين للمساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة.

    أما المناطق التي تسيطر عليها قسد التي تدعمها الولايات المتحدة وتتركز هذه المناطق في شمال شرقي سوريا والحسكة ومناطق ريف دير الزور فإنها ليست بأحسن حال، وإن كان التبادل التجاري المحدود للبضائع يجعل الأسعار فضلا عن الخدمات الأساسية أكثر توفراً.

    تبقى مناطق الشمال السوري حيث يعيش أكثر من 3 ملايين سوري في مخيمات للنازحين عبارة عن خيم مؤقتة فإنهم يعيشون أسوأ ظروف يمكن أن يتخيلها إنسان خاصة مع فصل الشتاء حيث عصفت العواصف المطرية والثلجية بكثير من الخيم وحولت المخيمات إلى بحيرات من الطين لا إمكانية للحياة فيها.

لكن تبقى الحقيقة الأسوأ هو انعدام الأمل بالنسبة للسوريين من إمكانية التوصل إلى حل ينهي هذه المأساة المستمرة على مدى السنوات العشر الماضية. وهو ما يشكل الحقيقة المؤلمة اليوم أن الانهيار الاقتصادي والاجتماعي لسوريا غير قابل للعودة، وإذا ما خسرت سوريا عقودا من التنمية بسبب سنوات الحرب فإن استمرار الاستعصاء السياسي في رفض الوصول إلى حل ينهي المعاناة الدائمة للسوريين يجعل من المستحيل توقع مستقبل أفضل في السنوات القليلة القادمة.

يعشش اليأس داخل السوريين وهم محقون في ذلك فما عاشوه ويعيشونه كل يوم لم يمر به أي من المجتمعات المعاصرة، إنها قصص تروى بعد الحرب العالمية الأولى أو الثانية لكنها تجري اليوم في القرن الحادي والعشرين وأمام أعيننا التي نحاول إغلاقها كي لا نشعر بالألم أو الحرج أو حتى وخزة الضمير، فمعاناة الشتاء القارس في الخيم مع الوحل والثلج ربما تشعرنا أن كل مسارات جنيف وأستانا وغيرها تنتهي كلها من حيث بدأت، وأن الجميع يتفرج علينا للاستمتاع بدل أن ينهي معاناة استمرت أكثر من عشر سنوات ولا يوجد ضوء في نهاية النفق يبشر بنهايتها.

تلفزيون سوريا

————————

أستانا فشل غير معلن/ مشعل العدوي

إنها الجولة الخامسة عشر التي تعقدها التروكيا الثلاثية روسيا وتركيا وإيران ضمن هذا المسار الذي ابتدعته روسيا من أجل التملص من القرار الأممي 2254، وقد تم الإعلان عن هذه الجولة في اليوم الثاني للجولة الخامسة من جولات التفاوض الخاصة باللجنة الدستورية التي تم الإعلان عن فشلها التام.

في بداية انطلاق النسخة الجديدة أطلق المبعوث الخاص إلى سوريا ألكسندر لافترنييف تصريحاً لافتاً وهو رفض الولايات المتحدة الأميركية الحضور علماً بأنها قد شاركت سابقاً بصفة مراقب في الجولات الست الأولى، وكان لافتاً حضور العراق ولبنان والأردن وكازاخستان بصفة مراقبين.

ربما لا نكون بحاجة لانتهاء جلسات أعمال هذه الجولة لنتيقن من فشلها، إذ يكفي معرفة غايات الدول المشاركة ومصالحها لنعرف أن الهدف من الاجتماع للجميع هو تزمين الكارثة السورية كل على ساعته، وكل طرف يتأنى في الحصاد لجمع محصول أوفر ولنستعرض أهداف وجدية كل دولة على حدة:

-روسيا وهي الدولة التي دعت لهذا الاجتماع غير جاهزة اليوم للحل السياسي في سوريا رغم وجود رغبة لها في ذلك، ربما لأن الظرف الذي تنتظره لم يحصل بعد وهو موافقة الولايات المتحدة الأميركية على إجراء صفقة ما مع الروس مع ضمان مصالح روسيا بعيدة المدى في سوريا، وروسيا لا تقبل بضمانة أي دولة عدا الولايات المتحدة لعلمها بأن الدول العربية والإقليمية غير قادرة على تقديم مثل هذه الضمانات أو الوفاء بها مستقبلاً، وربما تكون الصفقة في قضية جزيرة القرم أو أوكرانيا أو غيرها، ولذلك يواصل الطرف الروسي اللعب على خط التسويف والمماطلة وعدم الضغط على النظام للوصول إلى تسوية سياسية، وهنا لابد من الإشارة إلى ما قاله المبعوث الروسي بالأمس لوفد المعارضة المشارك بأن روسيا تقدم النصيحة والاستشارة للحكومة السورية ولكن لا تستطيع إجبارها على السير قدماً في الحل السياسي، علما بأن روسيا هي من رفض ويرفض على الدوام وضع إطار زمني لأي عملية تفاوضية خوفاً من الوصول للحل قبل إنجاز صفقة مع الطرف الأميركي..

ـ تركيا: الطرف التركي كذلك الأمر ليس على عجلة من أمره للوصول إلى صيغة حل قبل الوصول إلى صفقة مع الطرف الأميركي من جزأين، الأول وقف دعم الفرع السوري لتنظيم حزب العمال الكردستاني المصنف جماعة إرهابية من طرف الحكومة التركية، والشق الآخر ضمان أمن حدود تركيا الجنوبية وربما تعديل اتفاق أضنة مع الحكومة السورية لجهة توسعة العمق الجغرافي المسموح للقوات التركية الدخول إليه في الأرض السورية لملاحقة منتسبي حزب العمال، علماً بأن اتفاق أضنة قد سمح للقوات التركية بالدخول لعمق خمسة كيلومترات في إطار الاتفاق والذي كانت مصر وسيطاً به وشاهداً عليه.

-إيران هي المستفيد الأول والأكبر من حالة الركود السياسي والانهيار الاقتصادي في سوريا، فهذه هي البيئة المثالية لتحقيق مزيد من الانتشار والسيطرة على الصعيدين الرسمي والشعبي، فعلى الصعيد الرسمي تعد إيران اليوم العصب الرئيس لاستمرار صمود اقتصاد النظام السوري ولو بحدوده الدنيا، مما يراكم مزيدا من الديون عبر خطوط الائتمان المفتوحة، كما يسهل لإيران الانتشار الأوسع على الأرض سواء من خلال الميليشيات المقاتلة أو من خلال نشر الحوزات والمدارس الدينية، أو تدمير البنى الاجتماعية التي لا تستطيع الوصول إليها من خلال الحوزات وذلك من خلال نشر المخدرات بكل أنواعها، فإيران تسابق الزمن من أجل تحقيق أوسع بيئة صديقة ممكنة وخاصة منطقة الفرات وجنوب سوريا، علاوة على أن إيران تريد استخدام سوريا كورقة تفاوضية في أي مفاوضات محتملة حول ملفها النووي مع أميركا وقد سبق أن استخدمتها خلال تفاوضها السابق مع إدارة الرئيس الأميركي أوباما، وبهذا تكون إيران أكبر المتضررين من حصول حل سياسي سريع ولهذا ستعمل بكل قوتها من أجل إفشال أي حل ممكن.

أميركا بدورها غير مهتمة بإنهاء الصراع في سوريا بقدر اهتمامها بإدارة الصراع والتدخل الناعم بين الحين والآخر من خلال تحركات عسكرية محدودة في أماكن وجودها، أو من خلال بعض التصريحات الدبلوماسية الغامضة وجلسات مجلس الأمن، ويبقى الجزء المهم من الكارثة السورية بالنسبة للطرف الأميركي هو أمن الكيان الصهيوني وهذا متفق عليه مع الطرف الروسي ولا خلاف عليه، بل إن الولايات المتحدة تريد خروج كل القوات الأجنبية من سوريا عدا القوات الروسية التي على ما يبدو أصبحت المؤتمنة على أمن حدود الكيان الصهيوني الشمالية.

من خلال هذه القراءة السريعة للمشهد يبقى السؤال ماذا يمكن للمعارضة أن تفعل في ضوء هذا التعطيل المتعمد لجميع المسارات؟

أقل ما يجب على المعارضة السورية فعله هو تمزيق أوراق سوتشي وسحب اعترافه بمخرجاته وحل الهيئة التفاوضية واللجنة الدستورية، وتحميل المجتمع الدولي مسؤولياته وإعادة كرة اللهب إلى مجلس الأمن وإلا تكون المعارضة السورية شريكا تاما بكل المؤامرات التي تحصل على الشعب السوري.

تلفزيون سوريا

—————————

رسائل روسية في منصة أستانة/ بسام مقداد

بعد توقف دام منذ كانون الأول/ديسمبر العام 2019 بتأثير هامشي لجائحة كورونا ، عادت منصة أستانة لعقد إجتماعاتها بشأن الصراع السوري . واقتصر حضور إجتماعها الأخير في سوتشي في 15 ــــــــ 16 من الجاري على الحضور التقليدي من أولياء المنصة (روسيا ، إيران ، تركيا) ، وممثل الصليب الأحمر الدولي ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ، والبلدان المراقبة (لبنان ، العراق ، الأردن) . وكالعادة ، لم تحضر الولايات المتحدة الإجتماع ، على الرغم من دعوتها الروسية لحضوره ، وهي التي توقفت منذ العام 2018 عن إرسال مراقب عنها لحضور هذه الإجتماعات.

أنهى المجتمعون لقاءهم بإصدار بيان أشبه بالبرقية ، سبق تعداد بنوده ال 17، سطر واحد ، بأن ممثلي الدول الثلاث الضامنة لمنصة أستانة : يؤكدون ، بحثوا مجدداً ، بحثوا بالتفصيل ، يدينون ، إلخ . نُشر البيان بنصه الكامل على الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الروسية ، في حين تطرقت كل من المواقع الإعلامية الروسية إلى البنود المهمة برأيها . وأجمع معظمها ، على أن عمل اللجنة السورية للدستور كأساس للتسوية السياسية برمتها ،  شكل الهاجس الأساس للمجتمعين ، إضافة إلى مواصلة محاربة الإرهاب ، وعودة النازحين ، والهجمات الإسرائيلية ، والمساعدات الإنسانية ، وسواها . وتم تخصيص لجنة صياغة الدستور بأربع بنود ، وعبر أحد البنود الأخيرة عن “الإرتياح” لحضور وفود الأردن والعراق ولبنان ، والبند ما قبل الأخير عن “التقدير الصادق” لممثلي إيران وتركيا للسلطات الروسية لعقد اللقاء الدولي الخامس عشر لمنصة أستانة بشأن سوريا.

إثر إختتام اللقاء ، نشرت “تاس” مقابلة مع الممثل الخاص للرئيس الروسي في التسوية السورية الكسندر لافرنتيف حول نتائج اللقاء ، لم يحظ فيها اللقاء بذاته أهمية تذكر ، بل تحدث عن أسباب تأزم عمل اللجنة الدستورية في جنيف ، وعن مستقبل الإستقرار في إدلب ، وعن اللقاح الروسي في سوريا . وعن اللقاء ، بعد إختتام مؤتمر سوتشي ، مع وفد النظام السوري ، قال لافرنتيف ، بأن روسيا تعمل عن كثب مع السوريين ، وتقدم لهم النصائح ، من أجل التقدم الفعلي في عملية التسوية السياسية ، على أن تكون المصالح الوطنية السورية محمية ، وألا تتعرض لأي تأثير مدمر .  واشاد بالعلاقة الجيدة مع دمشق ، لكنه قال ، بأن وجود روسيا في سوريا ، لا يعني أنها كلية التأثير على دمشق ، وأنها هي تأمر ، وعلى السوريين أن ينفذوا ، كما يقولون . ليس صحيحاً هذا التأويل وهذه المقاربات للعلاقة . روسيا يمكنها أن تنصح وأن تقدم توصيات ، والقرار ينبغي أن تتخذه الحكومة السورية مباشرة ، على قوله.

وعن التوصيات ، التي ستقدمها روسيا بشأن عمل لجنة الدستور في جنيف ، يقول لافرنتيف ، بأن عمل هذه اللجنة ينبغي دعمه ، ولا ينبغي ، في حال من الأحوال ، العمل لصالح من يريد دفن هذه العملية . ومثل هذه الأحاديث تدور بالفعل وتقول ، بأنه إذا ظل موقف الحكومة السورية على هذا النحو ، فهذا يعني بأن هذه العملية سوف تدفن ، وليس من بديل لهذه العملية . ليس من بديل لعملية التفاوض بشأن الإصلاحات الدستورية في جنيف ، لأنه إذا ما تم إفشالها ، وإذا ما رفض المجتمع الدولي دعم هذه العملية ،  لن يكون أمام الحكومة السورية من خيار سوى القيام بالعمل على الإصلاح الدستوري في المنطقة الواقعة تحت سيطرتها . وهذا ما لن يقبله المجتمع الدولي وبلدان معينة ،  وسوف يستمر الصراع ، وهذا ليس في مصلحة أحد ، على قوله.

وما الذي يعيق عمل اللجنة الدستورية ، ويشكل حجر عثرة  في طريقها ، يقول لافرنتيف ، أن حجر العثرة يتمثل في تأكيد دمشق ، أنه ينبغي في البداية التوصل إلى فهم المبادئ الوطنية الأساسية (يعددها  على كثرتها ، التي أصبحت شائعة)، والتي لها طابع مبدئي.  وبعد هذا يصبح بالإمكان المباشرة بكتابة الدستور . واستغرق نقاش هذه الأسس الوطنية والمبادئ الدستورية الأساسية الدورات الثالثة والرابعة والخامسة من إجتماعات اللجنة الدستورية ، ويقول ، بأنه على الأرجح حان الوقت فعلياً  ، للإنتقال إلى مناقشة مواد محددة في الدستور ، كما تراها الحكومة ، وكما تراها المعارضة ، وتثبيت هذا على الورق ، و “أقول صراحة ، نحن لا نري أي تهديد ، إذا ما حصل ذلك”.

وعن موعد إنعقاد الإجتماع القادم للجنة الدستور ، ينفي لافرنتيف ، أن يكون قد بحث الأمر في سوتشي مع دمشق ومع المعارضة ، وقال ، بأن غير بيدرسن يحتاج إلى الوقت لمعرفة مدى إستعداد دمشق للعمل الجدي في كتابة الدستور ومواده المحددة ونصه . ويقول ، بأنه إذا ما لمس بيدرسن إستعداد دمشق ، وتمكن من تنسيق آلية العمل اللاحقة ، فسوف يعلن عن إنعقاد الإجتماع في أقرب وقت ممكن . ودعا إلى إنتظار نتائج محادثات بيدرسن في دمشق الأحد القادم ، وأمل في أن تكون النتائج إيجابية.

وعن مضمون محادثات بيدرسن مع سيرغي لافروف ، قبل مغادرته إلى دمشق ، قال لافرنتيف ، بأنه سيكون الحديث نفسه ، إذ أن الأمور كلها مرتبطة بعمل اللجنة الدستورية.

واللافت ، أن تاس أبرزت في سياق النص كلاماً ، ليس من المفهوم إن كان كلام لافرنتيف ، أم أنه إستنتاجها الخاص من وحي كلامه  ، حيث تقول ، بأن روسيا هي الداعم الأقوى لاستمرار الإصلاح الدستوري ، ولا ينبغي بأي حال من الأحوال السماح بتعطيله.

وبعد أن يؤكد لافرنتيف ، بأن لقاء سوتشي ساعد في نقل عملية التسوية السياسية في جنيف من النقطة ، التي تجمدت عندها ، إنتقل للحديث المفصل عن العلاقات مع تركيا ، وعن إدلب وإستعداد المعارضة لمحاربة الإرهابيين ، ومن ثم عن عودة المهجرين والمساعدات الإنسانية لسوريا في ظل وباء الكورونا والوضع الإقتصادي المعيشي المتأزم وتأثير العقوبات الغربية على “الشعب السوري” . واختتم مقابلته بما كان لا بد أن يختتمها ، بالحديث عن إستعداد روسيا للعمل مع الإدارة الأميركية الجديدة في التسوية السياسية السورية . وقال ، بأن الولايات المتحدة لا تزال صامتة حتى الآن ، ما يعني ، أنها لم تحدد بعد خطها على الإتجاه السوري . ولا يعرف ما إن كان الأمر سيتطلب 3 ـــ4 اسابيع لتحدد واشنطن خطها هذا ، إلا أنه لم تصدر عنهم أية إشارات حتى الآن ، وإن كانت صدرت إشارات عن إستعدادها للعمل مع روسيا ، دون أن ترفق ذلك بأية إقتراحات ملموسة.

بدورها صحيفة “Kommersant” السياسية الكبرى كانت من المواقع القليلة ، التي رافقت لقاء سوتشي بنصين مطولين خلال يومين متتالين ، عنونت الأخير منهما بالقول  “في سوتشي يحيون اللجنة الدستورية” . وقدمت للنص بالقول ، بأنه على خلفية “منصة أستانة” المجمدة ، روسيا تساعد سوريا وإسرائيل في تبادل الأسرى ، وقالت ، بأنه بينما كان يناقش في سوشي ، ودون كبير أمل بالنجاح ، مستقبل سوريا السياسي ، تعيّن على موسكو فجأة ، أن تصبح وسيطاً بين دمشق والإسرائيليين ، وتساعد في حل قضايا إنسانية.

قالت الصحيفة  ، بأنه على هامش المفاوضات في سوتشي ، كان يجري مناقشة فكرة من الواضح أن دمشق وطهران روجتا لها وتقول ، بأن التقدم في عمل اللجنة الدستورية ، يمكن أن يحدث فقط بعد إجراء الإنتخابات الرئاسية في السورية المقررة صيف هذه السنة . ورأت ، أن دمشق يبدو أنها تريد أن تتستر ب”الموافقة الشعبية” على سياستها ، وتحصل على ضمانة للإستقرار السياسي في المستقبل القريب.

المدن

—————————

هل لـ «الثلاثي السوري» المكون من روسيا وإيران وتركيا مستقبل؟/ كيريل سيمينوف

في يومي 16 و 17 فبراير ، استضافت مدينة سوتشي الساحلية الروسية الجولة الخامسة عشرة من محادثات السلام السورية بين روسيا وإيران وتركيا – الدول الثلاث الضامنة لما يسمى محادثات أستانا. بدأت عملية أستانا منذ أكثر من أربع سنوات ، عندما استضاف الثلاثي محادثات بين وفد من المعارضة السورية وممثلين من دمشق في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان (أستانا سابقًا) في يناير 2017.

وبالإضافة إلى الدول الراعية الثلاث وممثلي المنظمات الدولية – فضلا عن وفود من الحكومة السورية والمعارضة – بما في ذلك الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر شارك في الجولة الأخيرة من المفاوضات. أقيم الحدث في سوتشي بسبب قيود COVID-19 في نور سلطان.

بينما تم إنشاء محادثات أستانا لمعالجة المهام التي لم تعط الاهتمام الواجب في عملية جنيف التي تدعمها الأمم المتحدة – بشكل أساسي للعمل “على الأرض” ، وضمان الإجراءات المتعلقة بوقف إطلاق النار وتسهيل تبادل الأسرى – هناك مؤشرات إلى أن المحادثات إلى حد كبير قد تجاوزت فائدتها. لم يتمكنوا أبدًا من أن يصبحوا بديلاً لبرنامج جنيف من خلال ملء جدول الأعمال بالجوانب السياسية والعسكرية.

في غضون ذلك ، تثار القضايا العسكرية بشكل متزايد في المفاوضات الثنائية بين رئيسي روسيا وتركيا ويتم تنفيذها من قبل العسكريين والدبلوماسيين الروس والتركي ، دون الرجوع إلى صيغة أستانا. في كثير من الأحيان ، تتم الموافقة على قرارات موسكو وأنقرة المتعلقة بسوريا بأثر رجعي في قمم أستانا الثلاثية التي حضرها رؤساء دول روسيا وتركيا وإيران.

في المحادثات التي جرت في سوتشي ، حاول الوفد الروسي بقيادة المبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى سوريا ، ألكسندر لافرنتييف ، التركيز على مواصلة الحرب ضد الإرهاب ، وتحديداً ضد جماعة تحرير الشام في إدلب ، وكذلك ضد جماعة تحرير الشام في إدلب. الدولة والقاعدة. وقد أكد الحاضرون على هذا الهدف الواسع في الفقرة الثانية من الوثيقة الختامية للقمة ، لكن الفقرة التالية أكدت على ضرورة الحفاظ على السلام “على الأرض” من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقات القائمة بشأن إدلب. كما أشارت الوثيقة إلى أن الأزمة السورية ليس لها حل عسكري. وفي هذا السياق ، فإن الدعوات التي أطلقها لافرنتييف على هامش الحدث لوفد المعارضة السورية لتكثيف الجهود لتحرير إدلب من وجود هيئة تحرير الشام ، مهمة أيضًا.

وأضاف “أعتقد أن الوقت قد حان للمعارضة السورية في محاولة لاتخاذ هذه المسألة في يديها وتحرير هذه الأراضي من المنظمات الإرهابية” قال Lavrentiev .

وهذا يشير إلى أن موسكو لن تتخذ خطوات عسكرية في المستقبل القريب في هذا الصدد ، ومستعدة للتخلي عن مسار حل مشكلة المتطرفين في إدلب من خلال عمليات عسكرية مشتركة مع الحكومة في دمشق. من المرجح أن يواصل الروس ممارسة ضغوط عسكرية محدودة ، باستخدام الضربات الجوية الموجهة ، ولكن فقط لدفع تركيا والمعارضة السورية لبدء الأعمال العدائية ضد هيئة تحرير الشام.

كما تضمنت الوثيقة النهائية رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة تنتقد دعمها لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.

وعلى وجه الخصوص ، يشار إلى أن المشاركين في الاجتماع رفضوا كل  “المبادرات غير الشرعية للحكم الذاتي بذريعة مكافحة الإرهاب ، وعبروا عن تصميمهم على معارضة المخططات الانفصالية في منطقة عبر الفرات ، الهادفة إلى تقويض وحدة سوريا. وتهديد الأمن القومي لدول الجوار “.

يمكن أن يكون تبادل كبير للأسرى بين الحكومة والمعارضة أحد السبل لتعزيز صيغة أستانا في هذه المرحلة – ولكن في الوثيقة النهائية ، أكدت الأحزاب فقط عزمها على بناء وتوسيع التعاون ضمن مجموعة العمل المعنية بالإفراج عن المعتقلين. / الرهائن “. عدم إحراز تقدم هنا يقع على عاتق النظام السوري ، الذي يشارك في المفاوضات حول هذا الموضوع بضغط من موسكو ، لكنه يرفض علنًا التعامل مع المعارضة والاعتراف بها كطرف شرعي في عملية التفاوض.

بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد ، فإن كل خصومه الذين لم يلقوا أسلحتهم ، بغض النظر عن الأيديولوجيا والطيف السياسي ، والقوى المدنية التي تدعمهم ، هم “إرهابيون”. وبالتالي ، تود دمشق تجنب تبادل مماثل للأسرى ، حيث يمكن أن يُنظر إلى ذلك على أنه اعتراف بالمعارضة المسلحة على أنها محاربة وليس كمجتمع إرهابي يجب تدميره.

في حين تم تخصيص فقرتين من الوثيقة النهائية التي اعتمدتها أستانا الترويكا في سوتشي للجنة الدستورية ، إلا أنها كانت ذات طبيعة توضيحية بحتة ومن غير المرجح أن تسرع عملية الاتفاق على دستور جديد أو تعديل الدستور القديم. التقدم البطيء هنا ناتج عن نهج دمشق التي تعتبر نفسها منتصرة في الحرب وليست بحاجة إلى أي إصلاحات. النظام السوري نفسه غير ممثل في اللجنة الدستورية ، وقال الأسد إن قائمة اللجنة “الحكومية” لا تمثل سوى وجهة نظر قيادة البلاد ويجب اعتبارها “مدعومة من الحكومة” وليس “حكومية”.

أي أن النظام يحتفظ بحقه في رفض أي نصوص تتبناها اللجنة ، معتبراً إياها مجرد توصيات لا تلتزم الحكومة بتنفيذها لأنها لم تشارك رسمياً في تطويرها.

عندما يتعلق الأمر باللجنة الدستورية ، فإن هدف دمشق هو الانخراط في الحد الأدنى من المشاركة من أجل تأخير عمل اللجنة لفترة كافية لفوز الأسد في الانتخابات الرئاسية لعام 2021 وفقًا للدستور الحالي. مشاركة النظام السوري في أعمال شكل أستانا لها أهداف متطابقة تقريبًا.

في الوقت نفسه ، سيستمر الطلب على صيغة أستانا كعنصر ضروري لإضفاء الشرعية على الوجود العسكري للجهات الراعية الثلاثة – روسيا وإيران وتركيا. لذلك فإن الاجتماعات داخل الترويكا ستستمر بغض النظر عن وجود أو عدم وجود نتائج.

لذلك عندما تقول دمشق إن الوجود التركي في سوريا غير قانوني ، فهو مخادع إلى حد ما – على الأقل عندما يتعلق الأمر بإدلب. تم التوصل إلى اتفاقات بشأن  نشر نقاط المراقبة التركية والقوات المسلحة في الجولة السادسة من محادثات أستانا في أيلول / سبتمبر 2017 ، وتم الاتفاق على معايير وجودها ووافق عليها جميع المشاركين قبل دخول الجيش التركي إلى إدلب.

في المقابل ، من المهم أيضًا بالنسبة لروسيا وإيران أن يكون وجودهما العسكري في سوريا قائمًا ليس فقط على الاتفاقات مع دمشق ، ولكن أيضًا على الاتفاقيات المقابلة في إطار محادثات أستانا.

على الرغم من التصريحات المستمرة بأن نظام الأسد هو الحكومة الشرعية الوحيدة في سوريا ، فإن موسكو وطهران تدركان بالتأكيد شرعية الأسد المشكوك فيها لجزء كبير من المجتمع الدولي ووجود بند في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بأن سوريا يجب أن تشكل هيئة تنفيذية شاملة جديدة لتحل محل المؤسسات القديمة.

وبالتالي ، فإن اتفاقيات أستانا قادرة أيضًا على توفير أسس قانونية إضافية لوجودها العسكري. ويرجع ذلك إلى حقيقة أن ممثلين عن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ودول مراقبة مثل الأردن ولبنان وكازاخستان والعراق يشاركون في عملية أستانا نفسها. كما سبق للدبلوماسيين الأمريكيين أن حضروا فعاليات أستانا ، حتى الجولة الثامنة من المفاوضات في ديسمبر 2017 ، بما في ذلك الجولة الثامنة من المفاوضات في ديسمبر 2017. ولا يتخلى الجانب الروسي بدوره عن الأمل في أن الولايات المتحدة ستستأنف أيضًا مشاركتها في الاجتماعات داخل أستانا. معالجة.

أرسلنا دعوة لشركائنا الأمريكيين للمشاركة في المؤتمر ، لكن للأسف تم رفضنا. وقال لافرنتييف للصحفيين عشية المحادثات يوم 16 فبراير في سوتشي ، “في الوقت الحالي ، الأمريكيون مشغولون بالشؤون الداخلية ، ومن الواضح أنهم لم يتخذوا قرارًا كاملًا بعد بشأن الخط في الاتجاه السوري” .

في الوقت نفسه ، لم تؤد محاولات إضفاء الطابع المؤسسي على ثلاثي أستانا – من خلال توسيع مجال المصالح المشتركة لروسيا وإيران وتركيا – إلى أي نجاح. خلال اشتباكات ناغورنو كاراباخ في تموز / يوليو 2020 ، لم يتمكن الثلاثي من استقراء التجربة في أستانا للتعامل مع قضية خارج الحرب السورية. لا ينطبق الأمر نفسه على الثنائي موسكو وأنقرة – اللذان يواصلان إظهار جدواهما في كل من سوريا وغيرها من الموضوعات.

المونيتور

————————-

تصريحات بلينكن حول سوريا.. رسالة أمريكية لـ “سوتشي”/ أسامة آغي

أجرى وزير الخارجية الأمريكية الجديد أنطوني بلينكن اتصالاً هاتفياً مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ووفق تصريحات نيد برايس المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: “تطرق الطرفان إلى الملف السوري، وأكّدا على الالتزام بالعملية السياسية في ظل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وتمديد التفويض لتقديم المساعدات عبر الحدود، والمساعدة في رفع معاناة الشعب السوري”.

تصريحات بلينكن تسبق اجتماع دول ضمان أستانا في سوتشي، وهذا يعني رسالة أمريكية واضحة المعنى لهذه الدول، بأن لا حلّ للقضية السورية سوى تنفيذ جوهر القرار 2254.

تصريحات بلينكن سبقها بيان الدول الأوربية الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، التي حمّلت النظام السوري مسؤولية إفشال الدورة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية في جنيف قبل أيام.

من طرفه طالب بيان صادر عن ائتلاف قوى الثورة والمعارضة الأمم المتحدة بإيجاد آلية لمنع التعطيل في مفاوضات جنيف، وهذا معناه البحث عن صيغة وآلية تيسران التوصل لحل سياسي وفق القرار الدولي 2254.

إن الموقف الأوربي الغربي، والأمريكي، إضافة لموقف الأمم المتحدة، يضع الروس تحديداً في زاوية المسؤولية عن تعطيل تنفيذ قرارات دولية وقّعوا عليها، وهذا يعني دولياً، أن الروس لا يحترمون تواقيعهم، ولا يمكن الركون إلى التعاون الدولي معهم.

إن نظرية الروس السياسية، التي تريد استنزاف نظام الأسد إلى أقصى درجة، بسبب حاجته لهم، هي نظرية انتهازية وقحة، بات المجتمع الدولي يدركها، وبالتالي صار لزاماً على هذا المجتمع إيجاد وسيلة خارج نطاق مجلس الأمن، لمنع الروس من الاستفادة من الفيتو المعطل للقرارات الدولية.

إن استباق الأمريكيين لاجتماعات سوتشي المنوي عقدها في 16 و17 شباط /فبراير الجاري، يراد منه تبليغ دول ضمان أستانا، وتحديداً الروس، أن الأمريكيين لن يسمحوا بغير مسار مفاوضات جنيف التي تجري وفق القرار الدولي 2254، وأن محاولة الانعطاف بهذا القرار لن تقبل بها الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوربي.

الروس الذين دفعوا النظام السوري لإفشال مفاوضات اللجنة الدستورية، معنيون اليوم بإعادة عربة التفاوض إلى سكتها، ومعنيون بمنع الأسد من إجراء انتخابات رئاسية زائفة، تعقّد مشهد الصراع السياسي في سوريا.

تصريحات بلينكن هي دعوة جادة في أكثر من اتجاه، فهي تحمّل الروس مسؤولية ما يحدث من فشل في مفاوضات جنيف، وهي أيضاً تعيد التأكيد على ثبات الموقف الأمريكي من أن الحل السياسي للصراع السوري له طريق واحدة هي طريق القرار الدولي 2254، إضافة إلى أنها رفض مسبق لأية خطوات تحاول روسيا مع الضامنين التركي والإيراني إيجاد مخرج سياسي خارج القرار الدولي المذكور.

إن إصرار وفد المعارضة على وضع جدول زمني للتفاوض، ووضع آليات تفاوض ناجعة وملزمة، من شأنه إنهاء الوضع الكارثي، الذي يعيشه الشعب السوري في مناطق يحكمها النظام، ومناطق خارج حكمه.

هذا الموقف لقوى الثورة والمعارضة يحتاج هو الآخر إلى تعزيز الفعل الشعبي، فقضية الحل السياسي هي قضية السوريين بنازحيهم ولاجئيهم، وقضية من لا يزال تحت قبضة حكم الاستبداد. أي بمعنى آخر يحتاج ممثلو الثورة السورية المفاوضون إلى دعم شعبي عريض، وهذا واجب يقع على عاتق التنسيقيات الثورية والتجمعات السياسية والقوى الأهلية.

مثل هذا الموقف سوف يتلاقى مع تشبث قوى الثورة على إنجاز الانتقال السياسي عبر العملية التفاوضية، وسوف يتلاقى مع موقف الأمريكيين والأوربيين اللذين أعلنا صراحة وقوفهما مع انتقال سياسي بإشراف دولي عبر انتخابات ستجري في نهاية المرحلة الانتقالية، كما حددتها القرارات الدولية.

تصريحات بلينكن تزيد من حصار نظام الأسد، وتفرض عليه إما التآكل الداخلي السريع والمريع، أو الرضوخ للإرادة الدولية، إضافة إلى أنها تسقط ورقة التلاعب من يد الروس، هذا مغزى اتصال بلينكن بغوتيريش.  

————————–

لافرينتيف يوجه رسائل مبطنة للنظام ويحذر من عملية بديلة في دمشق/ طه عبد الواحد

عكس أسلوب ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سوريا، في إجابته عن أسئلة حول اللجنة الدستورية، حالة من الإرباك، والحرج يبدو أن موسكو تشعر بها حاليا، لا تخلو من استياء غير معلن، بسبب موقف نظام الأسد، الذي يدفع عمل اللجنة الدستورية نحو انهيار سريع، يهدد بنسف جميع “المسارات السياسية” والخطط التي حاكتها الدبلوماسية الروسية على مدار عشر سنوات، ومكنتها من إمساك جميع خيوط الأزمة السورية تقريباً، والاستفادة من هذا كله في تحسين موقفها إقليمياً ودولياً.

ويبدو أن صبر موسكو بدأ ينفذ من “حليفها” في دمشق، لكنها تواصل معه “ضبط النفس” لعدم إفلاته من يدها. هذا ما يمكن قراءته في تصريحات مركبة، معقدة صيغتها، أدلى بها لافرينتيف لوكالة “تاس” الروسية، ضمن حوار مطوّل، في أعقاب لقاء “أستانا 15” في سوتشي.

إجابات لافرينتيف حملت رسائل وإشارات تحذير مبطنة. إلا أنه ورغم تلاعبه بالعبارات، أقر بطريقة بمسؤولية دمشق عن عرقلة عمل اللجنة، وقال إن موسكو ترى أنه حان الوقت فعلاً للعمل الدستوري. وحذر من عواقب فكرة “عملية دستورية بديلة في دمشق”، قال إنها لن تحظى بقبول دولي ولا من بعض الدول.

رغم أن السؤال الأول الذي وجهته له مراسلة “تاس” كان حول القضايا التي ينوي بحثها مع وفد النظام، وبعد تأكيده على أن “العلاقة طيبة بشكل عام مع دمشق، ونحن نوجه لهم نصائح فقط حول ما يمكن فعله”، ذهب لافرينتيف إلى رفض غير مباشر للمواقف التي تحمل روسيا المسؤولية عن تعنت النظام، وكأنه يعلن “براءة موسكو” من ممارسات النظام وسياساته.

وأشار إلى أنه هناك حديث بأن “روسيا موجودة في سوريا، إذا هذا يعني أنه لديها كل أدوات التأثير على دمشق، وعليها أن تصدر التعليمات، وعلى السوريين أن ينفذوا هذا كله”، وقال إن هذه النظرة ليست صحيحة وأن “كل ما يمكننا فعله في الواقع أن ننصحهم ونقدم لهم توصيات ما، والقرار يجب أن تتخذه الحكومة (السورية)”.

في إجابته على السؤال الثاني حول ما يعرقل عمل اللجنة الدستورية، لم يحمل لافرينتيف المعارضة مسؤولية الفشل هذه المرة، وأشار إلى مسؤولية موقف النظام، لكن بحذر، وقال إن “حجر العثرة (في عمل الدستورية) هو أنه من وجهة نظر السوريين، من وجهة نظر دمشق، لا بد من التوصل في البداية إلى فهم للمبادئ الوطنية الأساسية، مثل السيادة ووحدة الأراضي”.

وبعد عرض نقاط أخرى يقول إنها خلافية، وبعضها يحمل طابعا أساسيا في ديباجة الدستور، على حد تعبيره، عاد مجددا لتوجيه رسائل مبطنة إلى النظام، وبعبارات تُستخدم عادة عند نفاذ الصبر، قال: “على الأرجح، حقيقةً حان الوقت للانتقال إلى مناقشة فقرات محددة من الدستور، كيف ترى الحكومة ذلك، وكيف ترى المعارضة، وتوثيق هذا كتابةً”، وأضاف “بصدق لا أرى أي تهديد في أن يجري هذا (نقاش فقرات الدستور)”، وكأنه يريد حث، وطمأنة طرف ما، على الانخراط الفعلي في العملية الدستورية.

ولعل التصريحات الأهم على لسان لافرينتيف، تلك التي جاءت في سياق إجابته عن السؤال التالي حول “التوصيات التي ستقدمها موسكو للسوريين بخصوص عمل اللجنة الدستورية؟”.

وسارع بداية إلى التأكيد “نرى أن عمل اللجنة بحاجة إلى دعم”، وحذر من أي خطوات تخدم “أولئك الذي يريدون دفن العملية”، وأشار إلى أحاديث بأنه “إذاً سيكون هذا موقف الحكومة السورية (لم يوضح أي موقف)، هذا يعني أن العملية سيتم دفنها”.

ومن ثم بدأت عباراته تحمل بصورة أكثر وضوحاً رسائل، وإن كانت مبطنة، ” للنظام السوري” لاسيما بشأن اعتقاده بإمكانية تنظيم عملية دستورية في دمشق، وقال لافرينتيف: “لا بديل عن عملية المفاوضات حول الدستور في جنيف، لأنه إذا فشلت هذه العملية، وإذا امتنع المجتمع الدولي عن دعمها، لن يبقى مخرج بديل أمام الحكومة السورية، سوى تنظيم العمل حول الإصلاحات الدستورية على الأراضي الخاضعة لسيطرتها”.

وشدد لافرينتيف على أنه “من الطبيعي أن هذا لن يلاقي قبول المجتمع الدولي، ودول محددة. ستستمر المواجهة. وهذا لا يصب في خدمة أحد”.

وكان لافتاً أن أشار لافرينتيف إلى ما سمعه من المبعوث الدولي غير بيدرسون بأن الأخير “يحتاج إلى وقت حتى يفهم إلى أي مدى دمشق مستعدة للعمل الجدي في كتابة الدستور، والعمل على فقرات محددة من نص الدستور”.

ولم يدافع المسؤول الروسي هذه المرة، على غير عادته، عن موقف نظام الأسد، كما لم يقدم “تفسيرات روسية لموقف النظام”، ولم يذهب مثلا، كما اعتاد كثيرون إلى القول إن “النظام جاد في العملية ومستعد للتعاون”، وعوضا عن تلك “الأسطوانة القديمة” اكتفى بالإشارة إلى أنه “إذا رأى بيدرسون استعداداً لدى دمشق، وإذا تمكن من التوافق على آليات العمل، فإنه سيعلن لا شك عن موعد الجلسة القادمة في أقرب وقت”.

وفي ختام تعليقاته، ذكر لافرينتيف أنه أجرى محادثات مفيدة جداً ومطولة مع بيدرسون في سوتشي حول عمل الدستورية، وقال: “أعتقد أن هناك تطورات إيجابية”، لكنه رفض الكشف عنها مسبقاً، وفضل “الطرق على الخشب”، حتى لا يصيبها بالعين أو ينحسها، وفق اعتقاد تقليدي سائد في المجتمع الروسي بأن الطرق على الخشب يُبعِدُ النحس.

تلفزيون سوريا

————————

اتفاق سوتشي ينقذ النظام السوري..ويمدّه بالقمح

نفى الجيش الوطني المعارض أن يكون على علم بأي اتفاق حول نقل القمح الموجود في صوامع قريبة من مدينة تل أبيض في ريف الرقة، مشيراً إلى أن هذه الصوامع لا تخضع لسيطرته وهو غير مسؤول عنها.

وقال المتحدث باسم الجيش الوطني الرائد يوسف حمود ل”المدن”، أن فتح صوامع القمح في الشركراك بريف مدينة تل أبيض التي أظهرت مقاطع مصورة نقل كميات منها بحماية قوة عسكرية روسية عبر مناطق  سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، يحدث للمرة الأولى منذ السيطرة على المنطقة ضمن عملية “نبع السلام” التي أطلقها الجيش التركي والجيش الوطني وأسفرت عن إخراج “قسد” منها نهاية العام 2019.

وأوضح حمود أن “الصوامع المُشار إليها لا تخضع لسيطرة الجيش الوطني على الرغم من وقوعها في منطقة خاضعة لنفوذه، وأنها ظلّت خارج سيطرة جميع الأطراف منذ ذلك الوقت”، لافتاً إلى أن “روسيا منعت عمليات إزالة الألغام من محيطها وهددت باستهداف مناطق سيطرة الجيش الوطني في حال حاول الدخول إلى هذه الصوامع، بعد أن اقتربت قواتها إلى مسافة قريبة جداً منها إبان العمليات العسكرية”، لكنه لم يوضح إذا كان هناك أي اتفاق بين الجانبين التركي والروسي حول هذا الموضوع.

إلا أن حسابات وزارة الدفاع التركية على مواقع التواصل الاجتماعي، نشرت الجمعة تغريدة مرفقة بفيديو يظهر عمليات تفريغ القمح في شاحنات داخل الصوامع، ونقلها بمرافقة قوة عسكرية روسية. وقالت الوزارة إنه “بعد تحرير الصوامع من سيطرة منظمة حزب العمال الكردستاني، يتم توزيع القمح فيها بما يخدم السلام والإزدهار”.

    Barış Pınarı Harekâtı ile terör örgütü PKK/YPG’den kurtarılan Sharakrak silolarındaki tahıl, RF ile varılan mutabakat ile bölge halkının yaşam koşullarının iyileştirilmesi, bölgede güven, huzur ve istikrar ortamının geliştirilmesi kapsamında dağıtılmaya başlanmıştır.#MSB #TSK pic.twitter.com/RIMmp2aIeX

    — T.C. Millî Savunma Bakanlığı (@tcsavunma) February 19, 2021

ولم يعلّق حمود على ما قالته وزارة الدفاع، بينما رأى معارضون أن هذا التطور يعتبر أحد نتائج اجتماع دول مسار أستانة في مدينة سوتشي الروسية مؤخراً، حيث جرى الاتفاق على تثبيت وقف إطلاق النار ليشمل جميع مناطق سيطرة المعارضة شمال غرب البلاد، وتعهدت كل من روسيا وإيران بمنع قوات النظام من شن أي هجمات أو تنفيذ عمليات قصف تستهدف هذه المناطق، على أن يكون المقابل، حسب الترجيحات، فتح الطرق الدولية وتشجيع عمليات التبادل التجاري بين مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام على نطاق أوسع، بالإضافة إلى ترتيبات أخرى لم يتم الإعلان عنها.

ويعاني النظام من تأمين حاجات المناطق التي يسيطر عليها من القمح والمشتقات النفطية، خاصة بعد توقف الشحنات القادمة من روسيا وإيران مؤخراً، ما دفع موسكو للضغط بقوة لزيادة الكميات الواردة من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية مؤخراً.

وبينما يقول النظام وحلفاؤه إن هذا النقص سببه العقوبات الغربية المفروضة عليه، تؤكد الولايات المتحدة والدول الأوربية أن المواد الغذائية والطبية والنفط لا تخضع للعقوبات، بينما يعتبر محللون اقتصاديون أن وقوع مناطق انتاج هذه المواد خارج سيطرة النظام سبّب له مشكلات كبيرة في تأمينها.

المدن

—————————

======================

تحديث 22 شباط 2021

————————–

روسيا تسحب قواتها من عين عيسى.. وبيدرسون يحدد أولويات محادثاته في دمشق/ وسام سليم

وصل المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، الأحد، إلى العاصمة السورية دمشق قادماً من موسكو، على أمل إحياء اللجنة الدستورية بعد فشل آخر اجتماعاتها في جنيف وتعبيره عن خيبة أمله.

ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن “بيدرسون” قوله، لدى وصوله إلى دمشق اليوم، إن “مباحثاتي في دمشق ستركز على القرار 2254، وهناك العديد من القضايا التي آمل أن نتحدث بشأنها، وعلى رأسها الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري”.

ومن المتوقع أن يعلن المبعوث الدولي عقب اجتماعاته مع مسؤولي النظام عن موعد الجولة المقبلة من أعمال اللجنة الدستورية، فيما أكد مدير المكتب الإعلامي في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية إبراهيم جباوي، في حديث سابق لـ”العربي الجديد”، أن “زيارة بيدرسون إلى دمشق تأتي في سياق زيارات متلاحقة لعدة عواصم من أجل الدفع بالعملية الدستورية إلى الأمام إذا استطاع ذلك”.

في سياق منفصل، نفى المتحدث باسم التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الإرهابي في سورية والعراق واين ماروتو، في تغريدة على موقع “تويتر”، إنشاء قواعد جديدة في سورية.

وقال ماروتو إن “همة التحالف” لم تتغير، ويعمل “التحالف” مع “قوات سورية الديمقراطية” لتحقيق هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي، مضيفاً أنهم يقومون بتسيير دوريات أمنية مشتركة بشكل منتظم لغرض إمداد القوافل في المنطقة الأمنية في شرق سورية، ودعم وتعزيز القواعد، ولا توجد أي زيادة في حجم القوات والقواعد.

ويأتي حديث المتحدث باسم التحالف في وقت أكدت وسائل إعلام محلية وعربية في الحسكة أن القوات الأميركية بدأت بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة في المثلث الحدودي بين إقليم كردستان العراق وتركيا وسورية، وذلك بهدف مراقبة المثلث الحدودي.

وفي محافظة الرقة، أفادت مصادر محلية لـ”العربي الجديد” بأن القوات الروسية سحبت عرباتها العسكرية وقواتها من مدينة عين عيسى شمالي المحافظة التي تسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، وتشهد منذ أشهر اشتباكات وقصفا مع قوات المعارضة والجيش التركي.

وأوضحت المصادر أن الانسحاب يأتي في سياق الضغط على “قسد” لفرض شروط جديدة من قبل النظام وروسيا، لا سيما مع عودة القوات الأميركية بقوة إلى المنطقة.

في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الأحد، تحييد (قتل) 3 عناصر من تنظيم “ي ب ك/ بي كا كا” شمالي سورية.

وفيما ذكرت قناة “الميادين” المقربة من النظام أن سبب الانسحاب يعود إلى قصف “قسد” نقاطاً للجيش التركي في ريف الحسكة، مضيفة أنه رغم إبلاغ الروس قيادة “قسد” بضرورة وقف “الاستفزازت”، إلا أنها لم تتوقف، ما استدعى الانسحاب.

وفي سياق متصل، قالت الدفاع التركية على “تويتر” إن “إرهابيين حاولا التسلل إلى منطقة “نبع السلام”، وآخر كان يستعد لشن عمل إرهابي لاستهداف منطقة “درع الفرات” شمالي سورية.

إلى ذلك، قال الناشط الإعلامي في دير الزور صياح أبو الوليد، لـ”العربي الجديد”، إن أربعة عناصر محليين يتبعون للمليشيات الإيرانية قُتلوا جراء إطلاق الرصاص عليهم من قبل مجهولين في قرية دبلان بريف دير الزور الشرقي، الخاضع لسيطرة النظام السوري.

وأوضح الناشط أن المنطقة التي قتل فيها العناصر تقع على نهر الفرات وتشهد نشاطا في عمليات التهريب نحو مناطق سيطرة “قسد”، مضيفاً أن المنطقة تشهد أيضا انتشارا لمليشيات تابعة للنظام السوري، وأخرى لروسيا، ومن المتوقع أن يكون قتلهم بسبب خلافات على عمليات التهريب.

وفي شمال غرب البلاد، قُتل عنصران من قوات المعارضة وجُرح آخر جراء قصف قوات النظام، الأحد، بالمدفعية محور الفطيرة جنوب إدلب، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.

ودمرت قوات المعارضة آلية من نوع “تركس” لقوات النظام بصاروخ موجه على محور قرية آفس شرقي مدينة إدلب، وفق المصدر ذاته.

وتشهد منطقة خفض التصعيد وفق اتفاق روسي- تركي خروقات يومية لوقف إطلاق النار وقصفا مدفعيا وصاروخيا، وسط استمرار الطيران الحربي التابع للنظام بقصف مناطق في إدلب.

العربي الجديد

——————————

مبعوثة بايدن تجتمع مع “هيئة التفاوض” السورية: قانون “قيصر” مستمر/ عماد كركص

بدأت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة جو بايدن بالتعاطي مؤخراً مع القضية السورية، بعد أن غابت عن التصريحات والتناول خلال الحملة الانتخابية والفترة التي تلت تنصيب الرئيس.

وحضر الملف السوري في تصريحات لوزير الخارجية ومن ثم مسؤولين عسكريين من البنتاغون والمنخرطين بجهود التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، الذين أكدوا استمرار دعم “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) شرق البلاد، بالإضافة لمحاربة بقايا تنظيم “داعش”، الذي أخذ بمعاودة الظهور في البادية السورية والشرق من جديد. 

لكن الأبرز هو لجوء الإدارة الأميركية قبل يومين إلى تعيين إيمي كوترونا ممثلةً خاصة للإدارة الأميركية بالإنابة إلى سورية، بعد تعيينها كذلك في منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون بلاد الشام في مكتب الشرق الأدنى بالخارجية الأميركية.

ويأتي تعيين كوترونا مبعوثة خاصة إلى سورية، ليزيل التكهنات حول ما إذا كانت الإدارة الجديدة ستعين خلفاً للمبعوث السابق جويل ريبرون، أو ستكتفي بمسؤول في البيت الأبيض لإدارة الملف السوري من واشنطن، بعد أن ظل المنصب شاغراً لحوالي شهر تقريباً بعد تنصيب بايدن، ومغادرة ريبرون منصبه. 

وتشير المعلومات إلى أن اليوم الأول من مباشرة المبعوثة الأميركية الجديدة عملها، كان نشطاً بتواصلها مع أطراف معنية بالأزمة السورية، سواء منظمات أو مسؤولين في المعارضة السورية، وحتى المسؤولين عن الملف السوري في بلدان غربية. 

وعلم “العربي الجديد” أنّ اليوم الأول لعمل كوترونا شهد اتصالين مع المعارضة السورية، الأول مع رئاسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والحديث إلى رئيسه نصر الحريري، والثاني مع “هيئة التفاوض” السورية المعارضة، للنقاش مع رئيس الهيئة أنس العبدة. 

لكن، ورغم تأكيد مصادر “العربي الجديد” أن الاتصال بين كوترونا والحريري تم بين أول من أمس الخميس وأمس الجمعة، إلا أنّ الموظف في مكتب رئاسة الائتلاف ضياء الحسيني نفى، على لسان رئيس الائتلاف، تلقي أي اتصال بالحريري من المبعوثة الأميركية، بيد أن أنس العبدة رئيس “هيئة التفاوض” كشف لـ”العربي الجديد” أنه عقد اجتماعاً مع كوترونا وليس اتصالاً وحسب.

الاجتماع الذي جرى عبر اتصال الفيديو حضره إلى جانبه الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد المعارضة هادي البحرة، في حين كان إلى جانب المبعوثة الأميركية الفريق الخاص بملف سورية في الخارجية الأميركية. 

وخصّ العبدة “العربي الجديد” بتفاصيل الاجتماع مع كوترونا الذي جرى مساء الخميس الماضي بتوقيت إسطنبول، صباحاً بتوقيت واشنطن، مشيراً إلى أنه مع البحرة شددا خلال اللقاء على أربع نقاط رئيسية، ينبغي أن تكون على رأس قائمة المجتمع الدولي عموماً.

وبحسب العبدة، فإنّ “ملف المعتقلين السوريين وضرورة إطلاق سراحهم دون شرط أو مساومة سياسية، وملف المحاسبة والمساءلة لما له من أهمية في الحفاظ على حق السوريين ومحاسبة المجرمين الذين توغلوا في دماء الأبرياء، إضافة إلى ملف العملية السياسية وضرورة بذل كل الجهود الممكنة من أجل تفعيل كافة سلال القرار (2254)، بما فيها سلة الحكم الانتقالي واللجنة الدستورية، وملف عدم شرعية الانتخابات التي يُصرّ النظام وحلفاؤه على إجرائها، وأكدنا أنه ينبغي أن يكون هناك موقف دولي موحد بعدم شرعيتها”، كما قال.

وحول القراءة، من خلال الاجتماع، إلى أين ينصب اهتمام المبعوثة الأميركية الجديدة، وإذا ما كانت تطرقت لـ”قانون قيصر”، أشار العبدة إلى أن كوترونا “أكدت لنا أنّ السياسية الأميركية حيال سورية ستبقى كما هي ولن يحصل فيها تغيير، كما أن “قانون قيصر” مستمر، لأنه قانون يحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي في واشنطن”.

وأضاف: “أكدنا خلال اللقاء أهمية استمرار العقوبات، وإقرار حزمة عقوبات جديدة قريباً تستهدف رموز النظام والداعمين له، لأن هذه العقوبات باتت تشكل كابوساً عند النظام وحلفائه الذين يحاولون بكل السبل التلاعب عليها”. 

وكانت في جعبة المبعوث السابق جويل ريبرون الكثير من المشاريع التي ينوي تنفيذها في الملف السوري قبل انتهاء مهمته، وسأل “العربي الجديد” العبدة عما إذا كانت كوترونا ستواصل العمل عليها، وإذا ما كان يعتقد أنّ أداءها سيكون مشابهاً لأداء ريبرون الأكثر فعالية من غيره من المبعوثين بالضغط على النظام، وذلك من خلال استشفاف طريقة تعاطيها مع الهيئة باجتماعها الأول.

ولفت العبدة إلى أن “مشاريع وسياسات واشنطن نابعة من المؤسسات وليست خاصة بشخص معين، وما كان يقوم به ريبورن هو تنفيذ للسياسة الأميركية بشكل عام، لذلك فإن انتهاء مهمة ريبورن لا يعني انتهاء النهج الأميركي تجاه سورية، لذلك لا نظن أن يكون هناك تغيير جوهري في السياسة الأميركية تجاه سورية”.

وحول اللجنة الدستورية، أكد العبدة أنّ الاجتماع مع كوترونا ركّز على أن “اللجنة الدستورية كما نراها هي أحد مسارات القرار (2254)، وهذا المسار وحده لا يكفي للتقدم في الحل السياسي السوري”.

وأوضح العبدة أنّ “هناك ضرورة لتفعيل بقية السلال في القرار الأممي، بالإضافة إلى إيجاد آلية فعالة وعملياتية لتطبيق هذا القرار، هذا فضلاً عن وضع منهجية واضحة وفعّالة ومحددة الزمن لعمل اللجنة الدستورية، بحيث نضمن عدم إضاعة وقت أهلنا في المخيمات وفي الداخل السوري وكل بلدان اللجوء”.

وأشار إلى أنه والبحرة شددا خلال الاجتماع على أن “السوريين اليوم بأمسّ الحاجة لحلّ سريع يُلبي تطلعاتهم ويحقق لهم العدالة والحرية والديمقراطية”. 

وأشار رئيس “هيئة التفاوض” إلى أن التعاطي من قبل المبعوثة الجديدة مع النقاط والقضايا التي تم طرحها في الاجتماع كان إيجابياً، وأنها وعدت بالعمل على تفعيل خطوط الاتصال الدائم مع المعارضة في الفترة المقبلة.

العربي الجديد

——————————-

بيدرسن في دمشق اليوم… استمرار حالة العبث/ أمين العاصي

يحط المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، اليوم الأحد، في دمشق، لمقابلة مسؤولين في النظام السوري، وفي جعبته ملف واحد، وهو تحريك التفاوض حول الدستور، والذي عطّله وفد النظام في الجولة الخامسة من اجتماعات لجنة شكّلتها الأمم المتحدة منوط بها وضع دستور جديد للبلاد، يأمل المجتمع الدولي أن يكون خطوة واسعة في طريق الحل السياسي للقضية السورية.

وقبيل توجهه إلى العاصمة السورية، التقى بيدرسن بعدد من المسؤولين الروس في موسكو لحثهم، كما يبدو، على الضغط أكثر على النظام السوري لتحديد موعد للجولة السادسة من مفاوضات اللجنة الدستورية، على أن يدخل وفد النظام في مناقشة المبادئ الدستورية، وهو ما كان يرفضه هذا الوفد، الذي يحاول حرف اللجنة عن غايتها من خلال الحديث عن “المبادئ الوطنية”، خلال 5 جولات من أعمال اللجنة. وتأتي زيارة المبعوث الأممي إلى دمشق، عقب اتصال هاتفي جرى بعد انتهاء أعمال الجولة 15 من مسار أستانة، الأربعاء الماضي، بين وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، ووزير خارجية النظام فيصل المقداد. وذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام أن لافروف أكد دعم بلاده للعملية السياسية، وعمل لجنة مناقشة الدستور في جنيف بقيادة سورية ومن دون أي تدخّل خارجي.

كما تأتي الزيارة بعد تلميح روسي عن مسؤولية النظام السوري عن تعطيل أعمال اللجنة الدستورية، في تطور ربما يدفع النظام إلى مراجعة مواقفه منها، والاتجاه نحو تفعيل أعمالها. وفي تصريحات تحمل تحذيرات مبطنة، قال المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، في تصريحات عقب محادثات “أستانة 15” في مدينة سوتشي الروسية، “حان الوقت فعلاً للعمل الدستوري”. وحذّر من “عملية دستورية بديلة في دمشق”، مشيراً إلى أنها لن تحظى بقبول دولي. وبيّن أنه أجرى مباحثات وصفها بـ”المفيدة والمطولة” مع بيدرسن في سوتشي، مشيراً إلى وجود “تطورات إيجابية” رافضاً الكشف عنها. وزعم أن موسكو ليس لديها “كل أدوات التأثير على دمشق”، معتبراً أن “الدور الروسي يقتصر على تقديم التوصيات للنظام، والقرار يجب أن تتخذه الحكومة السورية”.

ويأمل المبعوث الأممي أن يقنع النظام السوري باستكمال أعمال اللجنة الدستورية، وتحديد آليات جديدة تمكنها من البدء، خلال الجولة المقبلة، بمناقشة بنود هذا الدستور وتوثيق ذلك. ومن الواضح أن النظام يجهد للوصول إلى منتصف العام الحالي لتنظيم انتخابات رئاسية وفق دستور عام 2012، لضمان بقاء بشار الأسد في السلطة لمدة 7 سنوات مقبلة. وأشار مدير المكتب الإعلامي في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، إبراهيم الجباوي، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “زيارة بيدرسن إلى دمشق تأتي في سياق زيارات متلاحقة لعدة عواصم من أجل الدفع بالعملية الدستورية إلى الأمام إذا استطاع ذلك”. وأعرب عن قناعته بأن المبعوث الأممي “تلقّى ضوءا أخضر من الجانب الروسي حول موعد الجولة المقبلة من أعمال اللجنة الدستورية خلال زيارته موسكو، عقب مشاركته في مباحثات الجولة 15 من مسار أستانة”.

وتوقّع الجباوي أن يحدد المبعوث الأممي في دمشق موعد الجولة السادسة من أعمال اللجنة الدستورية، مشيراً إلى أن جدول أعمال هذه الجولة، في حال انعقادها، “سيكون نفس جدول أعمال الجولة الخامسة التي عطلها النظام”، موضحاً أن مهمة الجولة المقبلة ستكون البحث في المبادئ الدستورية. وأعرب عن قناعته بأن النظام “حتى لو وافق على عقد الجولة السادسة فإنه سيفشلها كما جرت عادته”، مضيفاً: “سوف يماطل (النظام) ويسوّف، ويذهب بعيداً عن الصيغ الدستورية والمضامين التي يجب أن تُبحث في الجولة المقبلة”. وأوضح أن النظام يريد كسب الوقت ليس أكثر، حتى يصل إلى منتصف العام الحالي لإجراء انتخابات رئاسية، أشبه بـ”الاستفتاء الوهمي على استمرار بشار الأسد في السلطة”. وأمِل أن ينجح بيدرسن في “فتح سلال التفاوض الأخرى، وأبرزها الانتقال السياسي والانتخابات، من خلال تحرك دولي واسع”، لكنه استدرك أنه “للأسف، لم تحسم الإدارة الأميركية الجديدة موقفها بعد من المسألة السورية، وروسيا مرتاحة لهذا الوضع، وهي تسعى إلى ديمومة اللجنة الدستورية بعيداً عن السلال التفاوضية الأخرى التي أقرتها الأمم المتحدة من خلال المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا”.

وتصر المعارضة السورية على أن تبدأ اللجنة بمناقشة المبادئ الدستورية، وأبرزها حقوق المواطنة المتساوية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء، والتداول السلمي للسلطة، وحظر التمييز، وإقامة دولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة وسيادة القانون وتحترم التعددية، وتكفل الحرية والعدل والمساواة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين من دون أي تمييز أو تفرقة. بينما يصر وفد النظام على مناقشة ما يسمّيه بـ”الثوابت الوطنية” وأهمها “سيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها ومواصلة مكافحة الإرهاب”، وفق رئيس وفد النظام إلى اللجنة الدستورية، أحمد الكزبري. كما لا يزال النظام مصراً على أن مهمة اللجنة تنحصر في مناقشة الدستور الذي وضعه في 2012، والذي يعطي منصب الرئيس سلطات مطلقة في إدارة البلاد، بينما تريد المعارضة السورية دستوراً جديداً يقلص صلاحيات الرئيس ويقطع الطريق أمام بشار الأسد للترشح لدورة جديدة.

وفي السياق، لا يتوقع الباحث السياسي في “مركز الحوار السوري”، محمد سالم، في حديث مع “العربي الجديد”، أي انفراجة في أعمال اللجنة الدستورية. وقال “هي حتى الآن مجرد إضاعة للوقت. يحاول النظام وحلفاؤه من خلالها كسب الشرعية السياسية والادعاء بأنهم يسيرون في طريق الحل السياسي”. وأضاف: “قد يقوم الروس بالضغط على النظام لإبداء نوع من المرونة الشكلية في بعض القضايا التفصيلية، مثل قبول ما يطرحه بيدرسن، ولكن هذا النظام لن يعدم وسيلة للتعطيل بطرق أخرى، وإن قبل كل المقترحات شكلياً”.

———————-

أستانا 15: دفاع مبكر ضد إدارة بايدن/ عروة خليفة

عبّرت الدول الثلاث الراعية لمؤتمر أستانا، في البيان الختامي للجولة الخامسة عشر من هذا المسار، عن دعمها الكامل لأعمال اللجنة الدستورية الخاصة بسوريا، التي تجري في مدينة جنيف السويسرية. جاء ذلك بعد نحو أسبوع من الإحاطة التي قدّمها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا أمام مجلس الأمن، واعتبر فيها أن أعمال الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية «فرصة ضائعة وعبارة عن خيبة أمل»، مُحمِّلاً وفد النظام بطريقة غير مباشرة مسؤولية هذا التعطيل.

يُظهِر هذا الدعم الروسي التركي الإيراني الواضح لأعمال اللجنة الدستورية، والذي تجلّى في الإشارة بالتحديد إلى اجتماعاتها الأخيرة، محاولات ثلاثي أستانا الحثيثة، وخاصةً موسكو، لمنع انهيار هذا المسار. وفي حين لم تخفِ تصريحات المبعوث الدولي الخاص للصحافة، خلال مشاركته في أعمال مؤتمر أستانا، الرغبة الدولية بتوسيع المفاوضات لتشمل قضايا أخرى غير الدستور، فإنه ليس هناك أيّ ضغط حقيقي من قبل الولايات المتحدة أو حلفائها لتحقيق ذلك فعلاً حتى اللحظة.

وكانت الجولة الخامسة عشرة من أعمال مسار أستانا قد عُقِدَت في مدينة سوتشي الروسية في يومي السادس عشر والسابع عشر من شباط (فبراير) الجاري، أي قبل أسبوعين على الأقل من الموعد الذي حُدَِّد لها خلال أعمال المؤتمر الماضي، إذ كان الاتفاق قد تم على عقدها في شهر آذار (مارس) المقبل. ويبدو أن هذا الاستعجال جاء بهدف تقديم الدعم لأعمال اللجنة الدستورية المستعصية، ولكن أيضاً بهدف إظهار الموقع المتقدم للدول الراعية لمسار أستانا في الشأن السوري، استباقاً لأي توجهات أو استراتيجيات جديدة لواشنطن في سوريا والمنطقة.

وعلى الرغم من انحسار جزء كبير من الضغط السياسي على طهران، أحد أضلع مثلث أستانا، بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض وإعلانه بشكل مسبق نيته رفع العقوبات التي فرضها سلفه بعد انسحابه من الاتفاق النووي، إلّا أنّ ذلك لم يدفع ثلاثي أستانا إلى إظهار أي تساهل في الملف السياسي السوري من قبيل السماح بانهيار اللجنة الدستورية، التي أشار إليها البيان الختامي باعتبارها قد «شُكِّلَت بإسهام حاسم من قبل الدول الضامنة في صيغة أستانا، وتنفيذاً لمفرزات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي».

ليس الأمر مرتبطاً باللجنة الدستورية وحدها، إذ كانت اجتماعات أستانا الأخيرة رسالة واضحة لواشنطن، التي رفضت الحضور؛ تفيد بأنّ الملف السوري ممسوك بشكل محكم من قبل إيران وروسيا وتركيا، وبأنّ على الولايات المتحدة التعامل معهم من أجل الوصول إلى حل، وهو ما لا يبدو أنّ واشنطن مهتمة به حتى اللحظة. وبهذا فإنّ اجتماعات أستانا الأخيرة كانت تهدف إلى تثبيت التعطيل في الملف السياسي السوري، باعتباره السلاح الأبرز الذي تملكه الدول الثلاث.

قد يبدو أن ثبات الوضع على ما هو عليه، خاصةً في أوضاع اقتصادية وإنسانية على حافة الانهيار، ليس في مصلحة أحد بما في ذلك حلفاء النظام المقربون، الذين يريدون على الأغلب أن يروا وجودهم مرتاحاً ضمن ظروف أكثر استقراراً، بهدف تثبيت انتصاراتهم العسكرية التي حققوها خلال الأعوام الماضية. لكنّ هذا الهدف لن يتحقق طالما لم يتم الاعتراف السياسي بنظام الأسد، أو أي صيغة ترضاها الدول الداعمة له، من قبل الدول الغربية من أجل تمرير صفقات اقتصادية تنعش البلد المدمر. هو أمرٌ لن يتحقق بدوره مع عدم تقديم تنازلات ترضاها واشنطن والدول الغربية، ما يساعد على استدامة أنماط استثنائية من السيطرة في البلد، لا تقوم إلّا باستنزافه بشكل مستمر نتيجة طبيعة الفاعلين المحليين الذين اختارهم ثلاثي أستانا للعمل معهم على الأرض.

لم يكن مشهد زيارة نصر الحريري إلى عفرين ممكناً لولا أستانا، وكذلك لم يكن مشهد التدريب المشترك بين القوات التركية والروسية في مدينة سراقب ممكناً لولا أستانا؛ خلال تثبيتهم لمواقعهم أمام أي مفاوضات جديّة مقبلة مع الغرب وواشنطن حول سوريا، يصنع كلٌّ من ثلاثي أستانا جحيمه الخاص للسوريين، جحيم يبدو من مكاننا هذا أنّه سيستمر لفترة طويلة.

على الطرف الأخر من المعادلة المفترضة، لا تبدو الولايات المتحدة ولا الدول الأوروبية الرئيسية معنية باتخاذ أي موقف أو تحرك ضد هذه الأوضاع، فواشنطن لم تُظهِر حتى اللحظة اهتماماً واضحاً وانخراطاً جدياً في دفع الملف السياسي السوري، أو تنفيذ أي ضغوط فعلية على الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بهذا الملف، لتحقيق تقدم قد يساعد على الوصول إلى مخرج ما.

لا يملك السوريون مصير بلدهم الآن، هذا صحيح جداً، لكنّ أستانا تُظهِر أنّ الثلاثي الذي يتحكم عسكرياً بأكبر مساحة من البلد لا يملك مصيره بيده تماماً، أما الولايات المتحدة والغرب فإنهم لا يُظهِرون اهتماماً كافياً بهذا المصير. في الحقيقة، هذه هي المعادلة الآن في سوريا، ونتيجتها اليوم معروفة؛ ضمن المعادلات الراهنة، لا شيء يمكن أن يحدث بحيث يتغير أي شيء.

موقع الجمهورية

——————————

المجلس العسكري السوري: عندما يتراجع الساسة ويبادر العسكر/ منهل باريش

نجح العميد المنشق مناف طلاس في تسويق فكرة تشكيل «مجلس عسكري انتقالي» من دون أن ينبس ببنت شفة. وأعاد النقاش حوله إلى واجهة الأحداث، مرة جديدة. ولاقى المقترح ترحيباً في أوساط السوريين النازحين والمهجرين ونشطاء الداخل والخارج، وتزامن مع فشل اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، وإحاطة المبعوث الأممي الخاص، غير بيدرسون في جلسة مغلقة لمجلس الأمن.

وحافظ طلاس على صمت عزز فرضية «المجلس العسكري» ودفع الكثيرين إلى إطلاق خيالهم في رسم سيناريوهات ومهمة المجلس وعدد أعضائه ومن يضم ومن يستوعب. وتجرأ البعض على طرح أسماء من الضباط العسكريين المنشقين كأعضاء في المجلس.

المتعب في نقاش المعارضة السورية غير الرسمية لفكرة المجلس العسكري الذي سيرأسه العميد مناف طلاس، هو التركيز والبحث عن مصدر الطرح والمبادرة، هل هو مشروع روسي أو فرنسي؟ هل هو برضى أمريكي، أو بدونه؟ وهو ما يعكس حالة الشلل والعقم التي تشير إلى أن المعارضة خارجة من حالة الفعل بشكل كامل، وانها أصبحت ملحقة أو منتظرة لما يفرض عليها من مشاريع منذ تأسيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في نهاية عام 2012 والذي تزامن مع انعقاد مؤتمر أنطاليا وتأسيس هيئة الأركان في الجيش السوري الحر، وصولا إلى تأسيس الهيئة العليا للتفاوض في كانون الأول (ديسمبر) 2015 والذي كلفت به الرياض عشية اجتماعات فيينا، والهيئة بنسختها الثانية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017. إضافة إلى مسار أستانة الذي فرضته تركيا على فصائل المعارضة السورية مطلع عام 2017 والذي انعقدت جولته الـ 15 قبل أيام بدون نتيجة تذكر، سوى خسائر المعارضة بعد تجميد القتال في مناطق خفض التصعيد الأربع التي سماها المسار، انهزمت الفصائل في ثلاث منها وخسرت نصف المنطقة الرابعة في إدلب وما حولها اثر هجومي ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي.

ونقلت المعارضة السياسية لغط الأقاويل حول المجلس العسكري إلى موسكو في اجتماع ضم بعض أعضاء منصة القاهرة ومنصة موسكو مع وزير الخارجية الروسية لافروف، في 21 كانون الثاني (يناير) 2021. ومع كثرة الشائعات ووصول الفكرة إلى أروقة الكرملين وتعليق الصحف الروسية على الفكرة، اضطر مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، إلى نفي وجود محادثات حول «المجلس العسكري السوري» واصفاً ما يثار حول الموضوع بأنه «تضليل متعمد بهدف نسف المحادثات والعملية السياسية» وذلك في 16شباط (فبراير) الجاري على هامش انطلاق الجولة الـ 15 من محادثات مسار أستانة والتي انعقدت جولتها في مدينة سوتشي الروسية.

عسكريا رحب عدد كبير من الضباط القادة الأمراء (عميد ولواء) بتشكيل مجلس عسكري انتقالي، ووجد عدد كبير من الضباط المنشقين الفكرة خلاصا لحالة الفصائلية وأمراء الحرب المسيطرين على الجبهة الوطنية للتحرير والجيش الوطني، والذين يهمشون الضباط المنشقين بشكل كبير. وأكد عدد كبير منهم جدية المقترح مؤكدين تلقي العميد طلاس إشارات جدية لبلورة المقترح.

ورحبت قوات سوريا الديمقراطية على لسان قائدها، مظلوم عبدي بتشكيل مجلس عسكري برئاسة طلاس، وكرر المتحدث الرسمي باسم «قسد» نوري محمود ترحيبه بفكرة تشكيل «المجلس» فيما فضلت وزارة الدفاع في حكومة المعارضة الصمت وعدم التعليق على الفكرة، أسوة بما فعل «الائتلاف الوطني» بداية. ويحسب للائتلاف الوطني، هذه المرة، انه راقب المقترح وفضل عدم إبداء الرأي فيه، وربما هذا ساعد على تداول الفكرة على أصعدة مختلفة.

ونقلت أطراف معارضة مقربة من الدبلوماسيتين السعودية والقطرية اهتمامهما بمقترح تشكيل المجلس العسكري، وأشارت الأطراف في اتصالات مع «القدس العربي» أن الدولتين تراقبان بلورته في أوساط الضباط المنشقين من جهة. ورد الفعل الأمريكي والأوربي حوله، من جهة الأخرى. وعلمت «القدس العربي» أن مسؤولي الملف السوري في وزارات الخارجية والاستخبارات لم يبادروا بالاتصال بالعميد طلاس – حتى لحظة كتابة هذه السطور، مساء الجمعة – رغم الاهتمام الشديد الواضح لديهم وان اتصالات تجري مع قادة في المعارضة السياسية والعسكرية لجس نبضهم حول المشروع، إضافة لتلقي المسؤولين لتقارير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال وشرق سوريا حول رأي الناس بفكرة المجلس العسكري ومدى قبولهم أن يكون طلاس على رأس المجلس، وتوقعات المدنيين من المجلس وشروطهم لقبوله.

ومع أهمية النقاش، فقد فات المعارضة والمنشقين أن الدول جميعا لم ترحب بفكرة إنشاء مجلس عسكري انتقالي عندما كان في أوجه عامي 2012 و2013. وكانت الدول تسعى إلى هزيمة النظام عسكريا، وتراجع الاهتمام بدعم المعارضة في عام 2017 شيئا فشيا وأغلقت البرامج السرية لدعم فصائل الجيش الحر.

ويراهن البعض وربما منهم، العميد طلاس على أن روسيا في نهاية الأمر، تسعى للحفاظ على «المؤسسة العسكرية السورية» التي عرفها، لكنه حلم أكثر من كونه حقيقة، فروسيا عولت على أكثر ضباط «المؤسسة» سوءا في عيون السوريين جميعا. وأعادت تأهيل شكله وقواته في الوقت ذاته، وأسست الفرقة 25 مهام خاصة بقيادته.

أما عن نظام الأسد، فهو لم يقبل الإصلاح وجر البلد إلى موت متجدد كل يوم، فكيف به يقبل أن يشارك الضباط المنشقون الذين حكم أغلبهم بالإعدام غيابيا بتهمة الخيانة، بعد انشقاقهم عنه. إضافة إلى أن فكرة المجلس العسكري قد تكون مقبولة قبل التدخل الروسي نهاية 2015 عندما كان النظام وإيران وحزب الله يتداعون في سوريا وقاب قوسين من السقوط. أما اليوم، فقد حسم النظام الموقف على الأرض لصالحه واستعاد 60 في المئة من الأراضي التي فقدها في عام 2013 ويتسلل شيئا فشيئا إلى مناطق شرق الفرات حيث تسيطر قسد.

لاشك أن دور المجلس العسكري هام للغاية في عملية الانتقال السياسي وحمايتها حتى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ويشترط تشكيل المجلس أن تحل العقدة الأساسية بالأزمة السورية وهي الأسد، ولحين حلها برحيل الأسد أو موته، يبقى المجلس حلما يجب على أصحابه والسوريين انتظاره.

————————–

هل الضرورات فعلاً تبيح المحظورات

بقلم نشمي عربي (كاتب سوري يعيش في واشنطن)

كنت ولازلت وسأبقى دوماً ضد حكم العسكريين، وأؤمن دوماً بأن قداسة  المهمة الملقاة على عاتقهم في حماية التراب الوطني تقتضي منهم البقاء خارج  زواريب السياسة … وفي هذا إعلاء من شأنهم … وشأن المهمة المقدسة التي  أقسموا عليها.

ولازلت أعتقد بأن ماقام به المرحوم أكرم الحوراني  من تشجيع ممنهج لإقحام الجيش السوري في السياسة، كان أمراً كارثياً  بامتياز .. بغض النظر عن التوجهات والأهداف السياسية من وراء هذا الإقحام  الذي وصل لحد إدمان الجيش السوري لعبة السياسة في خروج صريح ومباشر عن  المهمة الموكولة إليه من الشعب الذي دفع من قوته نفقات إنشاءه وإمداده  وتسليحه.

باستطاعتي أن أمضي إلى مالانهاية في سرد أسباب رفضي  ومثلي ملايين السوريين لفكرة حكم الجيش، يشفع لنا في ذلك عقود من التراجع  السياسي والإقتصادي والإجتماعي عاشها السوريون في ظل اشتداد عَسَفِ حكم  العسكر خلال العقود الستة الماضية … لا زالوا يتجرعون كأسه حتى اليوم.

فما  الجديد إذن الذي دفع ويدفع العديد من التيارات الشعبية والسياسية والأهلية  السورية مؤخراً للمناداة بما أطلقوا عليه تسمية ( المجلس العسكري  الإنتقالي ) كآخر الحلول الواقعية الممكنة و ( المؤلمة ) للخروج بسورية من  حالة الموت البطيء التي تخطو باتجاهها كل يوم، عسكرياً واقتصادياً  واجتماعياً ؟

لعلها حالة الإنسداد الشديد التي وصلت لها كل  المسارات التفاوضية الأممية بمافيها تلك التي ترعاها جهود، وتمثل توافقات  دولية وإقليمية؟

ولعلها أيضاً قناعة صارت واضحة وثابتة لدى  الجميع أن القوى الدولية التي لم تصل في توافقاتها إلى إطلاق ورعاية ودعم  حل سوري ملزم لكافة الأطراف وأولها النظام صارت مقتنعه بأن على السوريين  أنفسهم إطلاق مبادرة الحل والتوافق عليها ولو من ناحية المبدأ ومن ثم يأتي  دور المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والدولية في دعم هدا الحل ، طبعاً كلٌ  ضمن رؤيته لمصالحه هو؟

في الحديث عن الوضع السوري لابد من التوقف وملياً عند نقاط مهمة لايمكن تجاوزها:

منها  مثلاً أن فرادة الوضع السوري اليوم لم تأت من فراغ، بل من خلال فرادة  وتميّز تركيبة النظام، والتي يتداخل فيها الشأن السياسي بالعسكري بالأمني  … وصولاً للطائفي.

دون إدراك حقيقي وصادق لكل هذه التداخلات  فنحن أبعد مانكون عن حلول، أو حتى تصورات حلول، سواءً من خلال “مجلس عسكري  إنتقالي” أو غيره.

حتى في علوم الطب، لا علاج صحيح دون تشخيصٍ صحيح.

وأي  حديث عن مخارج أو حلول لما وصلت له سورية اليوم لا يلحظ ( على الأقل ) كل  هذه التعقيدات وتداخلاتها سيكون مضيعة للوقت، وربما سبباً آخر لإستمرار  القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في تأجيل أي معالجة حقيقية للشأن السوري. 

بعيداً عن كل عبارات التنميق والتزيين والتلطيف، وبعيداً عن كل  ( السرديات ) المختلفة التي تحاول توصيف الوضع الذي وصلت له سورية اليوم  وإعطاءه أبعاد إقليمية ودولية بل وحتى كونية، وبعيداً عن كل نظريات  المؤامرات التي تبدأ من عواصم عربية واقليمية ولا تنتهي حتى في المريخ،  فالوضع الذي وصلت له سورية ( أو ماتبقى منها ) اليوم ، هو في غاية الوضوح و  الكآبة في آن.

بلد فقد كل مقومات الدولة، تربض على أرضه وتحتكر  سماءه جيوش خمسة دول على الأقل، بينهما دولتان تعتبران قوى عظمى، ودولتان  إقليميتان وازنتان، بمشروعين إقليميين يختلفان في كثير، ولكنهما يلتقيان في  حدود دنيا على الإستئثار بمناطق نفوذ مهمة، كلٌ بقدر ، وبطرق مختلفة،  إضافة إلى جيوش لا تنتهي من الفصائل ذات الألوان العرقية والمذهبية  والإيديولوجية، بعضها مصنف في لوائح الإرهاب العالمي.

حتى شركات القتل العابرة للقارات ومافيات العسكرة والإقتصاد لم تعدم مكاناً لها في المشهد السوري المعقد.

في ظل كل هذا التعقيد هناك السوريون، وقد أصبحوا جزءاً مكملاً للمشهد فقط، نظاماً وشعباً ومعارضات.

النظام  الذي لايزال قابضاً على مقدرات قوة مهمة، عسكرياً وأمنياً، ولكنه لم يستطع  أن يصل من خلال ( انتصاراتها ) لفرض واقع سياسي واحد، ناهيك عن حالة (اللا  قدرة) المرعبة على وقف إنهيار إقتصادي مخيف لم يعد ممكنا أبداً التستر  عليه أو التقليل من آثاره الكارثية ، يطال الجميع ويهز بعنف قدرتهم على  الوفاء بأقل متطلبات الحياة، لا نستثني من ذلك أبداً ما يصطلح على تسميته ب  ( البيئة الحاضنة للنظام ) أو الموالية إجمالاً، فبعد استثناء طبقة أمراء  الحرب والسلاح والنفط والمخدرات ، ( وهي عابرة للطوائف والأعراق )، فالكل  في سورية اليوم يئن تحت وطأة ضائقة إقتصادية رهيبة لا تبقي ولاتذر، والسؤال  الذي صار لا يغادر الجميع اليوم هو ( وماذا بعد ؟ ).

الشعب  السوري الذي وصل بكل مكوناته وأطيافه لحالة من التشرذم والضياع، المحظوظون  فيه متفرقون بين دياسبورات تبدأ بكوالالمبور ولا تنتهي بلوس أنجلوس،  والأقل حظاً يتوزعون بأعداد مخيفة تعيش في مخيمات بؤس وذل وقهر، ظروفها  وصمة عار في جبين البشرية كلها والعالم المتحضر ومنظماته الأممية، ينامون  ويصحون على حلمٍ واحد، أن يفوزوا بفرصة لجوء في بقعةٍ آمنةٍ على وجه  البسيطة، و شعبٌ في الداخل فقد نسيجه الإجتماعي وكل المقومات التي تجمع  بينه، عندما انقسم بين مؤيدٍ لآلة القتل الجماعي ومعارضٍ لها، وبينهما فريق  ( كنا عايشين ) الذي لم يعد اليوم قادراً ربما على تذكر تاريخ آخر يوم  كانوا فيه ( عايشين فعلاً ) بعد ان فقدوا ذاكرتهم وكرامتهم في طوابير الذل  والفاقة التي لا تكاد تفي بأقل متطلبات حياتهم اليومية ، لا يجمع بين هذه  الأطياف كلها إلا هماً معيشياً واقتصادياً ينوء بحمله اليوم كل السوريون  دون استثناء.

أما المعارضات والمنصات والأحزاب والهيئات وووو … الذين يصدق في بعضهم قول الوحي:

(  فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَيَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ) والذين  عجزوا عن التوافق على مشروع حلٍ واحد يقنعون به المجتمع الدولي والدول  المنخرطة في الشأن السوري، فإن الإنصاف يقتضي أن نعترف أن الفشل الذي أحاط  بأغلب مشاريعهم ( إن وجدت ) لايعود فقط لقصورٍ في أداءهم أو عجزٍ في  مقدراتهم، وإنما لمدى التعقيد الذي أحاط بالشأن السوري منذ البداية، وتناقض  مصالح الأطراف الفاعلة فيه، خصوصاً مع خروج مفاتيح الحل من أيدي السوريين  جميعاً لصالح قوى دولية وإقليمية استطاعت أن تجد لها بين ( المعارضين )  السوريين، خصوصاً هؤلاء الذين كانت لديهم قابلية التحول إلى رجال ميليشيات ،  من يتبنون أجنداتها لا بل ويرفعون علمها، وليتحولوا بقدرة قادر و (  بالفهلوية السورية المعروفة ) إلى وكلاء حصريين لمصالح ومشاريع تلك الدول،  يعتاشون منها وعليها، في استمراء مهين ومخزي لآلام باقي السوريين.

في  ظل هذا الكم المخيف من التراجع والفشل والإنهيار، مالذي يجعل فكرة (  المجلس العسكري الإنتقالي ) تستحق هذا الإهتمام والتفاؤل، والمناداة بها من  قبل قطاع عريض من السوريين ينمو بشكل مطرد؟

لعله  الضمير الجمعي للسوريين الذي تعَوَّدَ على السلطة المطلقة وقدرتها ( في  أذهانهم ) على توحيد البلد واجتراح الحلول؟ يضاف لهذا إيمان عميق من طرف  الجميع بحالة الفشل المزري التي وصلت لها البلاد على يد طبقاته السياسية  كلها، نظاماً ومعارضات ؟

وإن كان الأمر كذلك، فما العصا السحرية التي يملكها أو سيملكها هذا المجلس العسكري العتيد ولا تملكها قوات النظام مثلاً ؟

الجواب  على هذا السؤال قطعاً لن يكون بالبساطة التي قد يتخيلها الكثيرون، وربما  تقتضي الصراحة والموضوعية أن يكون هذا الجواب صادماً ومزعجاً على عكس ما  يتمناه الكثيرون أيضاً، وأنا منهم.

جيش النظام  أو ماتبقى منه اليوم وبكل بساطة ، وبرغبة منه أو بدونها، تم الزج به  وبطريقة مفجعة ومؤلمة في مواجهة حراك شعبي كان من الممكن التعامل معه بطرق  شتى.

حتى الطرق القمعية والإستئصالية، ماكانت ستكون لها الآثار  الكارثية نفسها لو أنه تم الإكتفاء في تطبيقها بأجهزة الأمن، التي لا تعاني  سورية قطعاً أي نقص في عديدها وعتادها.

بكل وضوح ، وبكل صراحة،  وبكل مباشرة ، فالزج بالجيش بتركيبته الحالية في مواجهة شعبه بالطريقة  التي تمت، قد أفقدته وإلى الأبد قدرته على أن يكون حَكَمَاً في الشأن  السوري، بعد أن أصبح خصماً عنيداً لسواد السوريين، من كافة الأطياف  والألوان والمذاهب، لا استثناء في هذا، وربما لا مناص بعد اليوم من  الإعتراف بالحقيقة المرة التي ترتكس في ضمائر الغالبية العظمى من السوريين  وهي أن هذا الجيش فقد شرعيته الشعبية مع إطلاق أول رصاصة على متظاهر مدني  أعزل، لا أستثني من هذه القناعة ضباطاً وأفراداً لازالوا في قطعاتهم،  يعلمون هذه الحقيقة ويدركونها إدراكاً جيداً، لذلك فهذا لايعني بأي حال عدم  وجود ضباط وطنيين حاولوا بكل ما يملكون أن لا تتلوث أيديهم ( ومرؤوسيهم )  بدماء أبناء شعبهم، وهم في الوقت الذي دافعوا فيه وبشراسة عن بقاء ووجود  النظام لم يدخروا سبيلاً في المحافظة على مسافة من أعمال القتل والنهب  والتعفيش، وهؤلاء أيضاً من كافة الأطياف والألوان والمذاهب.

لعل  العماد علي حبيب وزير الدفاع في فترة أوائل الأزمة كانت له نظرته الثاقبة  والمحقة عندما تحفظ بحزم ووضوح على إقحام الجيش بقمع الحراك الشعبي  بالطريقة التي حصل بها، بغض النظر إن كان هذا التحفظ مرده لأسباب وطنية أو  حرفية عسكرية بحتة.

أما أولئك المحظوظون الذين كانوا في قمة هرم  المؤسسة العسكرية والأمنية ولكن خروجهم من الخدمة أعفاهم من أن يتخذوا  موقفاً واضحاً ومحدداً منها، فهل يملكون اليوم، فرادى أو مجتمعين، الحيثية  الوطنية والمصداقية الشعبية التي تؤهلهم لأن يضطلعوا بمشروع انتقالٍ سياسي  يتناقض مع تموضعاتهم السلطوية المزمنة؟ والأهم من هذا كله، مع مصالحهم التي  عملوا عليها لسنين طوال في انفصال تام عن مصالح سواد الشعب السوري؟

أعلم  بل أنا على يقين أن غالب هؤلاء ليسوا معجبين بالطريقة التي أدار فيها  النظام ( الأزمة ) لا بل أنهم لايتورعون عن إطلاق أقذع الإنتقادات لرأس  النظام في مجالسهم الخاصة ( وهو يعلم ذلك ) لا بل إن عدداً محدوداً منهم  ربما كان ( في صورة ) مبادرات سياسية عديدة في بداية الأزمة، لا أقول أنهم  كانوا جزءا منها، ولكنهم كانوا قطعاً قريبين منها، ومطلعين عليها، ولكن هل  يشكل هذا كله الأرضية الكافية لهم والتي تمنحهم القدرة على إطلاق مجلس  عسكري إنتقالي يناط به عملية تغيير سياسي حقيقي كانوا دوماً من معارضيه ؟  والأهم من كل ذلك فهل لازالت لهم قواعدهم في الجيش والأمن التي من الممكن  أن تشكل روافع لإطلاق مجلس كهذا؟

أما في حالة الضباط الذين  انشقوا عن النظام ورفضوا أن يكونوا جزءاً من حملته القمعية في وجه شعبهم، و  أن تتلوث أيديهم بدماء السوريين، فالعديد منهم قد تفرقت بهم السبل، وهناك  من حصل على لجوء وربما جنسيات دول آخر ولا ينوي مجرد التفكير في الإنضمام  لأي جهد سوري فاعل، وبالمقابل فهناك أعداد لم تجد ضيراً في أن تنضم لجهود  عسكرية لبعض الدول المتدخلة في الشأن السوري، إما تحت علم سوري بنجومٍ ثلاث  ليس أكثر من واجهة لأعلام غير سورية، أو تحت أعلام هذه الدول مباشرةً (  وعلى عينك يا تاجر )، بعض هؤلاء أضحوا فعلاً أمراء حرب بكل ما تملكه  الكلمات من معاني، ربما يخدم مصالحهم الشخصية والمالية أن يبقى الوضع على  ماعليه إلى مالا نهاية.

لعل المعضلة الكبرى في المشهد العسكري  السوري المعارض اليوم هو نشوء حركات وتنظيمات وفيالق عسكرية محسوبة مباشرةً  على دول إقليمية متدخلة في الشأن السوري، بعضها من خلال انخراطها العسكري  المباشر فيه، وأخرى من خلال سياسة ( حقائب السامسونابت ) والمبالغ الخيالية  التي يتم ضخها لشراء الولاءات والبيعات والذمم، فصار أمراً مألوفاً أن ترى  ضباط برتب عسكرية في هذه ( الجيوش المصنعه على القياس ) يصلون لرتب ضباط  قادة وربما أمراء دون أن يكونوا قد دخلوا سلك العسكرية المحترفة يوماً ولا  يعرفون طريق أي معهد أو كلية عسكرية.

ربما لم يجد القائمين على  هذه ( الجيوش المسبقة الصنع ) الأمر مأساوياً كفايةً فزادوا في الطنبور  نغماً أن أطلقوا على بعضها تسميات دينية وطائفية بإصرارٍ شديد على إقصاءها  عن أي مظهر وطني وإلغاء أي هوية سورية عنها.

يصل المشهد إلى  سورياليته القصوى عندما نعلم أن بعض هذه التنظيمات العسكرية بايع منظمات  دولية مصنفة في لوائح الإرهاب الأممية والدولية، وكأن المشهد السوري لا  يكفيه كل التعقيدات المحيطة به.

بين كل هذه التباينات في المشهد  العسكري السوري المعارض هناك الشريحة الأوسع والأعرض من ضباط الجيش العربي  السوري المحترفين خريجي المعاهد والكليات العسكرية من كافة المستويات،  الذين أبى فيهم شرفهم العسكري وضميرهم الوطني أن يَلِغُوا بدماء أبناء  شعبهم فخاطروا بأنفسهم وعائلاتهم وأمنهم وأمانهم وانسحبوا من المشهد،  يتوزعون بين مخيمات لجوء، أو يعيشون ظروف حياة أقل ما يقال فيها أنها صعبة  وبائسة أحياناً، المحظوظون منهم الذين هم خارج المخيمات تعرضوا لعمليات  تهميش حقيقي وممنهج عن أي جهد أو نشاط كان من الممكن الإستفادة من خبراتهم  فيه وكأنَّ قدرهم أن يدفعوا وعائلاتهم ضريبة موقفهم مرتين، عند النظام وعند  معارضيه، لا أبالغ عندما أقول ان بعض ماتعرض له بعضهم على يد ( أعداء  النظام ) المفترضين فاق بمراحل ما قد يتعرضون له على يد النظام في حال  تمكنه منهم.

الإصرار الشديد على تهميش هؤلاء من قبل ( وكلاء  مصالح الدول ) يذكرني تماماً بالمصادمات الحادة التي كانت تقع بين ضباط جيش  النظام ومسؤولي الحرس الثوري الإيراني وكل مشتقاته الطائفيه في مناطق  سيطرة النظام والتي تدخل ضمن جهدٍ مبرمج وممنهج من قبل إيران لإضعاف بنية  الجيش العربي السوري لصالح ميليشيات وقوات رديفة يسهل على إيران التحكم  بها، مقابل موقف روسي تقليدي يميل لدعم مقدرات الجيش السوري كضامن لبقاء  الدولة وهيكليتها بغض النظر عن شكل النظام.

من هنا تماماً فمن  الواضح جداً أن مجلساً عسكرياً إنتقالياً عماده هذه الشريحة الأخيرة من  الضباط سيكون تكريساً للرؤية الروسية في المشهد السوري، لا انقلاباً عليها،  وهو الذي سيؤمن للروس استمرارية الدولة بهياكلها ومؤسساتها، ويضمن عملية  انتقال سياسي يستطيع الروس تأخيرها، ولكنهم لن يستطيعون إلغاءها تماماً.

مجلس كهذا هو الذي سيضمن للروس تحييداً كاملاً لحليفهم الإيراني ( اللدود ) في سورية دون حاجة لعملية ( كسر عظم ) معه.

يستطيع  الوزير لافروف والسفير لافرينتيف المضي في عنادهم المغلف ببرد سيبيريا إلى  مالانهاية في إنكار حقيقة تداولهم لأمر مجلس عسكري إنتقالي و متابعة  التصريح عنه بسلبية مطلقة،

في النهاية هم والرئيس بوتين يعلمون  أنه لن تكون هناك عملية إعادة إعمار ممولة دولياً دون ضوء أخضر دولي عموماً  وأمريكي خصوصاً، لن يأتي قبل البدء في عملية انتقال سياسي حقيقي في سورية،  من المفروض أن الروسي وصل لقناعة تامة بأن النظام يرفضها بالمطلق  وسيحاربها لآخر لحظة، وأن عجز الواجهات السياسية المعارضة كلها رغم كل  الرعاية والتسهيلات الأممية عن الدفع بعميلة الإنتقال السياسي هذه عبر مسار  تفاوضي مؤلم ومضحك مع النظام ، يصب في خانة الفشل هذه نفسها، لا أحمل وفود  ولجان المعارضة وحدها مسؤولية هذا الفشل.

لاأدَّلَّ على مدى  قدرة الروسي على إقناع النظام بإطلاق عملية تغيير سياسي حقيقي في سورية ولا  أعمقَ مغزىً أكثر من النتائج المضحكة لإجتماع سوتشي الأخير التي لم تخرج  في أحسن الأحوال عن مراوحة في المكان.

بانتظار تمويل دولي لم  ولن يأتِ لعملية إعادة إعمار يتحرق الروسي لها، لن يكون أمامه سوى أن يتابع  تعاويذه الراسبوتينية متأملاً في إيجاد مخرج لمحاصصة متعثرة بين الأسد  وابن خاله يعول الروسي على عمولةٍ كبيرةٍ فيها، في دليل لا يقبل الشك على  انخفاض سقف توقعاته لأي عائد اقتصادي لانتصاراته الماحقة في سورية.

نعم  … بوتين انتصر في سورية … وهو قابض عليها بكلتا يديه، لن يمر وقت طويل  ليدرك فيه أنه قبض على سورية خالية، مفلسة، تئن تحت حصار خانق، هو في  الحقيقة مفصل على قياس الروسي، والنظام والشعب في سورية ليسا فيه سوى  تفاصيل بسيطة، بل بسيطة جداً.

لعل ضباط بوتين المخضرمين كانوا  أكثر قدرةً وبراغماتيةً على التعامل مع المحدودية الشديدة لمقدرة الروس  الحقيقة في سورية في أنهم لم يعودوا يعولون عليها كثيراً، فلم يجدوا أمامهم  من مغنم سوى أن يدخلوا وبكثافة في ماكينة فساد ضباط النظام، مما خلق تصادم  مصالح ضيقة بين الطرفين استدعى تدخلاً لإطلاق تحقيقات على أعلى المستويات  بين الكرملين وقصر المهاجرين.

في ضوء كل هذا، هل لايزال كرادلة البوتينية الجديدة يرون في المجلس العسكري الإنتقالي خيارا سيئاً ؟

أترك الإجابة لهم.

فكرة  المجلس العسكري الإنتقالي ليست جديدة وتعود للطفو على السطح كلما وصل  الإنسداد السياسي في المشهد السوري إلى حده الأعلى، لذلك فإنني أتردد  بربطها بمقطع يوتيوبي أو دعوة فيسبوكية لمعارضٍ دون غيره، أكثر مايدل على  ذلك أن السرعة اللافتة التي انتشر بها هذا الإقتراح ومقدار الزخم الذي حظي  به لدى شرائح واسعة وعريضة من السوريين توحي فعلاً بأن الظروف الموجبة لهذه  الخطوة أو غيرها موجودة ومختمرة فعلاً، والمتابع للنشاط المحموم الذي  استدعته الفكرة بين السوريين في مجاميعهم المتعددة على وسائل التواصل  الإجتماعي سيدرك ذلك بسهولة.

اللافت في الموضوع أمران:

أولهما  أن الفئة التي كانت أشد حماساً وتفاعلاً وتجاوباً مع فكرة إطلاق المجلس  العسكري الإنتقالي كانت في الغالب المطلق هي فئة الضباط النظاميين الذين  انشقوا عن الجيش النظامي السوري يجمع مابينهم مظاهر عامة مهمة ومشتركة،  منها مثلاً أن كل هؤلاء الضباط كانوا ضباطاً عاملين في الجيش العربي  السوري، وتخرجوا من الكليات والمعاهد العسكرية النظامية، الغالبية المطلقة  منهم لم تنضم لأية فصائل عسكرية معارضة، أو ميليشيات تتبع دولاً أو منظمات  إقليمية، فهي بالتالي لا تعبر عن أي جهد أو توجه غير سوري بالمطلق.

وبالمقابل فإن ذلك استدعى أن لايكون لهذه المجموعات أي أجندة سياسية تعبر عن أي توجه غير سوري ، عربياً كان أو إقليمياً.

بعض  هؤلاء الضباط انضموا لفترة إلى ماكان يسمى الجيش الوطني الحر وانتهى دورهم  بالتدريج مع عملية الإقصاء والتهميش المبرمجة والممنهجة ضده لصالح  الميليشيات والفيالق والفصائل التي تمثل توجهات إقليمية لا تلتقي بالضرورة  مع توجهات الشعب السوري، وبنفس الوقت فهم بعيدون عن فكر العصبيات الطائفية  والدينية والعرقية، باختصار شديد هم يمثلون فكر وروح الدولة الوطنية، لا  يغير في ذلك أنهم عبَّروا عن رفضهم الإنصياع لأوامر النظام عندما زج بالجيش  بمهمة خارج حدود التكليف الوطني والشعبي.

هذا العزوف عن  الإنقياد للأجندات الغير وطنية وغير سورية لم يكن بلا ثمن، وثمن عال أيضاً،  فترى غالبية هؤلاء الضباط تعيش في ظروف أقل ما يقال فيها أنها ضاغطة  للغاية، اضطروا معها للقبول بأعمال بسيطة ويدوية لاتتناسب ومستوى تحصيلهم  العلمي والعسكري، لتؤمن لهم الحد الأدنى من كفاف عيش يصون كرامتهم وكرامة  عوائلهم.

الأمر الثاني اللافت هو التوافق شبه الكامل بين كل  هؤلاء الضباط على المناداة بالعميد مناف طلاس ليقود هذا المجلس العسكري  الإنتقالي الذي يدعون له.

في لقاء له مع صحيفة القدس العربي،  أنقل عنه هنا،يقول: (( المقدم أحمد خالد القناطري الذي يعمل ضمن فريق  العميد مناف طلاس أن أكثر من 1400 ضابط منشق من كافة الرتب والاختصاصات ومن  كافة مناطق سوريا طالبوا «بتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة العميد مناف  طلاس كونه الشخصية الأكثر قبولاً لدى معظم ابناء الشعب السوري والأكثر قدرة  على جمع القسم الأكبر من أبناء الشعب بكافة أطيافه» وذلك عبر عريضة  تداولها الضباط، وتشرح صيغة تشكيل المجلس وآلية عمله ومهامه.)) انتهى  الإقتباس من القدس العربي.

مايقوله المقدم قناطري مفهوم ومبرر ،  على الأقل بحكم أنه كان ضابطاً عاملاً في موقع قريب من موقع العميد مناف،  لذلك حاولت أن أتابع عن قرب مايدور في مجموعات التواصل الإجتماعي التي  تتواجد بها مجاميع العسكريين المنشقين بكثافة وقد فاجئني فعلاً مدى  الإنسجام والتنسيق بين هذه المجاميع وتوحد الرؤية لديهم، أرد ذلك إلى سبب  جوهري وأساسي وهو أنهم كلهم أتوا من رحم الجيش النظامي، ربما يقول قائل هو  جيش النظام، بل هو جيش سورية، كل سورية ، قبل أن يكون له أي توصيف آخر.

مالفت نظري أكثر في كلام المقدم قناطري هو قوله، وأعود للإقتباس من القدس العربي:

((  «المجلس العسكري يجب أن يكون جنباً إلى جنب مع مجلس سياسي يتم تشكيله بناء  على قواعد وطنية، ويعمل هذان المجلسان كهيئة حكم انتقالي تؤمن الظروف  المناسبة خلال مرحلة الحكم الانتقالي، حتى الوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية  يحكمها القانون». )). انتهى الإقتباس.

هذا  الكلام في الحقيقة إن تم العمل به فهو يعبر عن تطور حقيقي في فكر عسكريين  تدربوا وتخرجوا وخدموا في صفوف جيش عقائدي يؤمن بحكم الحزب الواحد والقائد  الواحد، والجيش الذي يُؤَمِّنْ كل ذلك ليكون بجدارة جيش نظام، لا جيش وطن.

ماهو الجديد إذن الذي استطاع أن يغير في فكر وعقيدة هؤلاء العسكريين ؟ ولماذا يجب على السوريين أن يثقوا في وعودهم وتعهداتهم ؟

لعل  الجواب بسيط ومنطقي وهو أن هؤلاء الضباط لوأنهم أرادوا الإنحياز لفكر  الحزب الواحد والقائد الأوحد للنظام الشمولي الذي أتوا منه لما كانوا  مضطرين أصلاً لترك مواقع قيادية بعضها يحظى بامتيازات ومكاسب معروفة لكل  سوري، ليخرجوا وعائلاتهم باتجاه مجهول ينتظرهم لا لشيء إلا وفاءً لقسم  شرفهم العسكري في أن يكونوا حماةً ( للجمهورية العربية السورية ) لا أداة  تنكيل بيد نظام اختار أن يواجه مطالب شعبية بسيطة وممكن تلبيتها ضمن سقف  الوطن، بآلةٍ عسكريةٍ جبارة وجدت أصلاً لحماية كرامات وأرواح السوريين، كل  السوريين.

المقدم قناطري مثلاً كان قائد سرية مدفعية في لواء  الحرس الجمهوري المدرع الذي يقوده العميد مناف طلاس والمنوط به حماية  العاصمة بحكم انتشاره على أحد مداخلها، هو اليوم يعيش وعائلته في ظروف أقل  ما يقال فيها أنها دون العادية بكثير، الأمر لا يقف عند هذا الحد، ولكن  عندما نعلم أن المقدم قناطري نفسه تعرض للإعتقال مرتين ولحوالي عامين بعد  انشقاقه على يد جبهة النصرة وفي سجونها، فلنا أن ندرك ماهية الفكر الذي  يتناقض مع فكر جبهة النصرة و يحمله المقدم قناطري الذي أورده هنا كمثال على  الكثير من غيره من الضباط الذين ينادون اليوم بمجلس عسكري إنتقالي يقوده  العميد مناف طلاس.

حسناً، ولكن لماذا مناف طلاس ؟

ولماذا هذا التوافق عليه الذي يحظى بشبه بإجماع كلي داخل وخارج صفوف عسكريي الخارج ؟

العميد  مناف طلاس ليس أرفع ولا أقدم رتبة عسكرية انشقت عن النظام، لكنه قطعاً  ودون أدنى شك الأكثر تأثيراً بحكم مجموعة أمور مهمة، أولها وأهمها علاقته  القريبة والطويلة برأس النظام وبأخيه باسل من قبله، هذه العلاقة أتاحت له  أن يكون على اطلاع دائم على كل خفايا النظام وآليات عمله، العسكرية  والأمنية وحتى الشخصية، طبيعة التركيبة العائلية للنظام ساهمت بشكل كبير في  جعل درجة القرب منها أمراً مفصلياً ومحورياً في معرفة العالم الداخلي لآل  الأسد وخريطة علاقات العائلة وطرقها في بسط نفوذ سلطتها في دوائر الطائفة  والجيش وأجهزة الأمن والحزب والحكومة، ولن أستغرب أبداً إذا علمت يوماً أن  مناف طلاس يقرأ تشابكات القرابات والمصاهرات والولاءات العائلية والعشائرية  ضمن الطائفة وانعكاسات ذلك في مراكز النفوذ ضمن الجيش وأجهزة الأمن بدرجة  أكثر عمقاً من الكثير من أبناء الطائفة أنفسهم، لا أستثني من ذلك الكثير من  الأسماء النافذة فيها.

الأمر الآخر الذي يميز العميد طلاس عن  جميع العسكريين الذين انشقوا عن النظام أنه كان بالفعل أعلى رتبة عسكرية  تقود قوات مقاتلة عاملة، فهو قطعاً لم يكن من ضباط المكاتب، وقيادته للواء  مدرع من قوات النخبة في الحرس الجمهوري جعلته في موقع مهم جداً أتاح له  معرفة آليات عمل قوات النخبة والقوات الخاصة ومحاور انتشارها.

من  موقعه القيادي البارز وقربه الشديد من مركز القرار الأعلى وبمجموعة صفات  شخصية لاتتوفر للكثيرين استطاع مناف طلاس أن يمد شبكة علاقات واسعة وعميقة  وشديدة الحساسية تحول الكثير منها إلى علاقات شخصية من مستوى متميز تستند  إلى ثقة عالية متبادلة مع العديد من الشخصيات المهمة والفاعلة والتي لا  يزال يحتفظ معها بخطوط محورية ما قطعها ولا قطعوها، ولعل حالة اللااستقرار  الطويلة التي مرت بها سورية قد أغرت الكثيرين بأن يبقوا على خطوط إتصال  مفتوحة مع جميع الأطراف.

حتى الأطراف التي انقطعت علاقات العميد  معها بخروجه ربما لا يحتاج الأمر لكثير جهد ووقت لإعادة وصل ماانقطع منها  مستنداً إلى تاريخ من علاقات تمتد طويلاً .

في اللعبة السورية  لايوجد طرف واحد يرغب في أن يبقى بلا مقعد ، عندما تتوقف لعبة الكراسي  الموسيقية عن العزف، من هنا فالكل يحافظ على خطوط مع الكل، ولعل العميد  مناف عرف تماماً كيف يحافظ على مخزون العلاقات الرهيب هذا الذي يتيح له  عملية إعادة تفعيل وتأهيل سريعة لأي علاقة اضطر أحد طرفيها لتجميدها عند  نقطة معينة.

الأمر المفصلي الآخر الذي يستند إليه مناف طلاس هو  يقين ثابت لدى كل الأطراف المختلفة في سورية أنه لا يمثل ولا ينتمي إلى ولا  يؤمن بأية عصبية طائفية أو دينية، أمر يستند في أهميته الشديدة إلى حقيقةٍ  صادمة وهي أن للصراع من أجل الإنتقال السياسي في سورية والذي أصبح أمراً  ملحاً للجميع بعداً طائفياً لا فائدة ترجى بعد اليوم من التستر عليه أو  تجاهل مدى تأثيره، ورغم اقتناع الجزء الأكبر من السوريين بأن أي مقاربة  للإنتقال السياسي لمافيه مصلحتهم جميعا يجب أن تستند لأسس وطنية لا طائفية،  فإن كل ذلك لن يغير من حقيقة مهمة وعميقة وهي أن هناك طرفاً قابضاً على  السلطة في سورية ولديه كل مقومات وأدوات الدفاع عنها، وسيبقى متمسكاً بها  وبمنتهى الشراسة بغض النظر عن مدى توافقه معها أو اقتناعه بصوابية مسارها  في تعبيرٍ حاد وصارخ عن هواجس طائفية مرعبة، من هنا تماماً تأتي أهمية  ماتمثله شخصية مناف طلاس من توافق طائفي لاتعكره الهواجس التي أعاقت دوماً  أي إرادة للمضي في أي عملية تغيير سياسي حقيقي صارت اليوم مطلباً ملحاً  للجميع.

الأمر الأكثر صعوبةً في تشكيل أي مجلس عسكري إنتقالي هو  الضرورة الملحة لتأمين حد أدنى من التوافق بين عسكريي الخارج وزملائهم من  عسكريي الداخل الذين لازالوا في مواقعهم ، دون هذا التوافق لن يكون تشكيل  مجلس عسكري انتقالي فاعل أمراً ميسراً على الإطلاق، أزعم أن العميد مناف  طلاس ربما يكون في موقع يؤهله أكثر من العسكريين الآخرين جميعاً للقيام به  بحكم مجموعة العوامل التي ذكرناها آنفاً.

الأمر الذي لايعرفه  الكثيرون هو أن العميد مناف طلاس منذ الأيام الأولى للحراك الشعبي عمل بدأب  متواصل على نزع فتيل الأزمة والتخفيف من آثارها عبر إطلاقه مجموعة مبادرات  مهمة ومتقدمة مع العديد من المتظاهرين وزعماء الحراك خصوصاً في مدينة دوما  بعد أن تمكن من إقناع صديقه الرئيس الأسد بصوابية واهمية الفكرة وحصل  فعلاً على موافقته على إطلاقها، إلا أن تدخل بعض القوى النافدة جداً وقتها  من محيط الرئيس العائلي ضغطت بشدة واستطاعت انتزاع موقف مختلف من الرئيس  الأسد مما قضى على حظوظ مبادرة العميد مناف.

الأمر الذي تطور  بعد ذلك إلى مواقف حادة بين العميد مناف وبعض هذه الأطراف واستدعى منه  ملازمة بيته، الأمر الوحيد الذي نجح فيه مناف طلاس أنه استطاع أن يحيد لواء  الحرس الجمهوري الذي في أمرته عن أعمال العنف والقتل ضد المدنيين، استمر  في ذلك حتى لحظة خروجه من المشهد وانشقاقه، لعل هدا يفسر تاريخ انشقاقه  الذي سبقته كل مبادرات التصالح التي ذكرناها آنفاً.

الأمر الآخر  الذي لا يمكن تجاهله ولا الإلتفاف حوله هو أن طرح اسم مناف طلاس لا شك  وأنه يثير مجموعة حساسيات محقة ومبررة عند أطراف كثيرة تستند إلى مجموعة  السرديات اللامتناهية حول دور العماد مصطفى طلاس في التأسيس لحكم الأسد  الأب ومايتم تداوله أيضاً حول دور العماد في تسهيل عملية نقل السلطة للأسد  الإبن،

الأمران اللذان لم تنفهما عائلة طلاس يوماً وأبدت موقفها  الحالي الرافض لهما ولكن رب من يقول وما فائدة هذا الموقف الآن، لهؤلاء  أقول إنها ربما نفس الفائدة التي سيجنيها السوريون جميعاً من إعادة استذكار  واستحضار هذه السرديات.

العماد الراحل اليوم بين يدي عزيزٍ  مقتدر، ولكن مستقبل سورية وشعبها هو بين أيدي السوريين، والخيار هو أن نبقى  أسرى هذه السرديات أو ننظر للأمام ونحاول الخروج بسورية وشعبها من المأزق  المخيف الذي يحيق بالجميع.

كمواطن سوري يطمح في أن تجتاز بلده  المأساة القاتلة التي تمر بها، لا تهمني حقيقةً مناقشة سرديات الماضي،  ولكنني دون أدنى شك أجد أن العميد مناف طلاس وزملاءه من عسكريي الداخل  والخارج مطالبون بمواقف واضحة وصريحة تتعلق بالمستقبل تتضمن تعهدات  للسوريين جميعاً تتعلق بطبيعة المرحلة الإنتقالية ومدتها الزمنية وصلاحيات  المجلس العسكري الإنتقالي وخطته للعمل من أجل ضمان السلم الأهلي والنظام  العام والعدالة الإنتقالية في بلد جريح نخرت فيه كل آفات الحرب والفرقة  والفساد والتمزق، وقبل هذا كله الضمانات التي تنظم عمل المجلس العسكري  بالتوازي مع مجلس سياسي يحظيان بحد ادنى من اتفاق كل السوريين، ويشكلان  معاً هيئة حكم انتقالي يقودنا جميعاً إلى سورية المستقبل.

الفنان  السوري جمال سليمان في موقفٍ وطنيٍ لافت شدد في بوست نشره على صفحته  الشخصية في الفيسبوك منذ أيام على مجموعة أمور، تتعلق بالمجلس العسكري  الإنتقالي عندما قال:

وأقتبس من صفحته الشخصية:

((  طرحت فكرة المجلس العسكري كصيغة بديلة لجسم الحكم الانتقالي الواردة في  وثيقة جنيف و التي بعد ست سنوات لم ترى النور و لا يوجد مؤشر على أنها  ستراه و التي بدونها لا يمكن أن يكون هناك مرحلة انتقالية و بالتالي لا  يمكن تنفيذ ٢٢٥٤، و لا يمكن أن نصل إلى صيغة حل سياسي ينهي الصراع و يضع  سوريا على سكة التعافي ))

ثم يتابع في نفس البوست؛

((  و لكنني مع الوقت طورت هذا المقترح بما يضمن فعاليته و الحد من أعراضه  الجانبية و كذلك اتساقه مع جوهر و هدف ٢٢٥٤. من هذا المنطلق كان لا بد من  التفكير بمهمات هذا المجلس و صيغة إنشائه بحيث يكون واسع التمثيل، و كذلك  مرجعيته التشريعية في إطار يخدم المصلحة الوطنية و يحقق الأهداف التي قامت  من أجلها الثورة السورية و هي الإصلاح السياسي الشامل الذي يفضي إلى دولة  المواطنة و القانون و المؤسسات الحقيقية و التداول السلمي للسلطة.)). انتهى  الإقتباس.

لعل في مااقتبسته من تصريحات المقدم قناطري للقدس  العربي آنفاً بعض الإضاءات على هذه الأسئلة المشروعة التي تدور في خلد طيف  واسع من السوريين هم مع فكرة المجلس العسكري الإنتقالي، ولكن هواجسهم  المحقة تمثلت في ماصرح به الأستاذ جمال سليمان.

يتساءل الكثير من السوريين اليوم وربما أن تساؤلهم في مكانه، أين هو العميد مناف طلاس ولماذا لانسمع منه مباشرةً ؟

الحقيقة  أن الإجابات التي يتمنى السوريون سماعها قد أتت فعلاً وفي مراحل سابقة على  لسان العميد مناف طلاس، وأغلب ظني أنه موجود في صميم ساحة العمل المنظم  بدليل التسارع الرهيب والتوافق المهم الذي حظيت به مسألة المجلس العسكري  الإنتقالي حتى لحظة كتابة هذه السطور.

كان لافتاً وموفقاً في  لحظته ماصرح به الكاتب والباحث السياسي والإقتصادي السوري المخضرم سمير  العيطة في حديثه لقناة آر تي الروسية منذ أيام عن أن العميد مناف طلاس ربما  اختار حالة الغموض الإيجابي، وأنا بتواضع آخذ بالجزء الثاني من الجواب  المتعلق بإيجابية موقف العميد مناف ولا أرى غموضه، لربما تمثلت هده  الإيجابية تماماً في خيار العميد طلاس بالمحافظة على مسافة معقولة من غموض و  فوضى المشاريع والأجندات الغير سورية التي كان خياره منذ البداية واضحاً  بالإبتعاد عنها.

أصل إلى النقطة الأخيرة التي أؤكد أنني سمعتها  من كل من تحدث في شأن المجلس العسكري الإنتقالي وهي هذا السؤال الذي أصبح  لازمةً مهمةً لايستطيع أي سوري إلا أن ينهي حديثه بها،

( وماذا  عن التوافقات الدولية ؟ وهل من إشارات واضحة من المجتمع الدولي لقبول مثل  هذه الفكرة ؟ ) وما إلى ذلك من أسئلة وإن كانت مشروعة ومبررة فهي تحمل  دوماً معنىً واحداً وخلاصةً واضحة ، وهي أن السوريون مسَّلمون ومستسلمون  لحقيقة أزلية ارتكست في وجدانهم عبر سنين طويلة، مفادها أن كل أقدار  السوريين هي في أيدي غير السوريين، والتسليم بهذه الحقيقة هو أمر مخيف بغض  النظر عن مدى دقتها، فهل يأتي اليوم الذي نقتنع به كسوريين بأنه رغم أهمية  التوافقات الدولية، ورغم وجود الكثير من المؤثرات في سيرورة وصيرورة المشهد  السوري خارج حدود سورية الجغرافية، إلا أن هذا لا يمنع أن تكون الخطوات  الأولى لأي حل أو مشروع حل قد صيغت بأيدي السوريين، وعلى قياسهم هم، وأن  اللحظة الحقيقية الوحيدة التي عليهم العمل دوماً على إنضاجها هي لحظة توافق  السوريين فيمابينهم، وبذلك فقط نكون فاعلين في التعامل مع كل المؤثرات  الغير سورية في المشهد السوري المعقد.

———————–

عام من الاستعصاء السوري: إدارة الأزمة بلا حلول/ أمين العاصي

لم يشذّ عام 2020 عمّا سبقه من أعوام لجهة جمود مسار العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، لإيجاد حلول للقضية السورية المستعصية عن أي حل منذ عام 2011. في العام الحالي استمرّ نظام بشار الأسد في العرقلة وشراء الوقت، مستنداً إلى دعم متواصل من الروس والإيرانيين، وفي ظل تراخٍ أميركي، رغم فرض واشنطن عقوبات على النظام وفق “قانون قيصر”، التي لم تدفع إلى تنازلات حقيقية من قبل الأسد.

في المقابل، لم تتمكن المعارضة السورية من تجميع قواها، لتشكيل مرجعية واحدة، يُمكن أن تقف بوجه الضغوط الإقليمية التي دفعتها إلى الانخراط في مباحثات “اللجنة الدستورية”، والتي لم تخرج بنتائج يمكن البناء عليها. وقبل نهاية العام بأيام، حاول الائتلاف الوطني السوري، الذي يعتبر نفسه ممثل قوى الثورة والمعارضة، استنهاض موقف عربي داعم لحقوق الشعب السوري، وهو ما تجلى برسالة رئيس الائتلاف الوطني، نصر الحريري، إلى وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، تتضمن دعوة المملكة إلى التدخل في تطبيق الحل السياسي في سورية، والدفع بالجامعة العربية لاتخاذ مواقف فعالة لتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالشأن السورية، وفي مقدمتها بيان جنيف والقرار 2254. وواجه الائتلاف خلال عام 2020 الكثير من التحديات التي كادت أن تعصف به، ولا سيما على خلفية قراره تشكيل هيئة تشرف على الانتخابات. وهو ما عُدّ تماهياً مع الضغوط الإقليمية والدولية للمشاركة في انتخابات رئاسية وبرلمانية تجمعه مع النظام السوري. وعلى الرغم من محاولة قيادة الائتلاف محاصرة تداعيات هذه “السقطة”، إلا أن الهوّة لا تزال موجودة بينه وبين الشارع المعارض.

وكان من المؤمل أن تحقق “اللجنة الدستورية” المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد والمؤلفة من وفدي المعارضة السورية والنظام وممثلي المجتمع المدني، تقدماً كبيراً على هذا الصعيد، ولكن العام انقضى من دون تحقيق أي نتيجة تذكر. كذلك قلّل وزير خارجية النظام فيصل المقداد، من أهمية هذه اللجنة في الأيام الأخيرة من عام 2020، حين قال في العاصمة الروسية موسكو: “لن يكون هناك ربط بين عمل اللجنة الدستورية الحالية والانتخابات (الرئاسية) المقبلة، التي يجب إجراؤها بالضبط في الوقت المحدد بموجب الدستور الحالي”. وفي 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بدأت جولة رابعة من أعمال اللجنة الدستورية واستمرت أياماً عدة، ولكن من دون أي اختراق، بل ازدادت الهوّة بين الجانبين. كذلك بات يُنظر إلى هذه الأعمال على أنها عبث سياسي في ظل عدم وجود ضغط دولي فاعل لإجبار نظام الأسد على التفاوض.

والتأمت الجولة الثالثة من أعمال اللجنة أواخر أغسطس/ آب، ولم تتطرق الوفود الثلاثة فيها إلى مضامين دستورية، إذ أصرّ وفد النظام على مناقشة ما يسمّيه “الثوابت الوطنية”، في مسعى واضح لإغراق اللجنة في “التفاصيل” لشراء الوقت. ويهدف النظام للوصول إلى منتصف عام 2021 إلى إجراء انتخابات رئاسية يفوز بموجبها بشار الأسد بولاية جديدة مدتها 7 سنوات. وظهرت قبيل نهاية العام الماضي بوادر أزمة بين المعارضة السورية والمبعوث الدولي إلى سورية غير بيدرسن، الذي أثار حفيظة الشارع السوري المعارض واستنكاره باستخدامه مصطلح “العدالة التصالحية” بدل “العدالة الانتقالية” للتوصل إلى حلول. وهو ما فُسّر كمحاولة لمنح النظام “صك براءة” عن الجرائم التي اقترفها من عام 2011.

في السياق، يقول عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، عبد المجيد بركات، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن عام 2020 شهد استمرار “حالة الاستعصاء في العملية السياسية”، مشيراً إلى أن هناك “انكفاءً أميركياً على المستوى السياسي، على الرغم من فتح ساحات ضغط أخرى من خلال قانون قيصر”. ويوضح أن التراجع الأوروبي “لا يزال مستمراً، مع بروز دور أكبر للفاعلين الإقليميين وبقاء روسيا كجهة متحكمة بالعملية السياسية”، مضيفاً: “المجتمع الدولي لم يمتلك إرادة لدفع العملية السياسية”. ولم تجد عقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على شخصيات فاعلة في النظام السوري، وشركات وكيانات وجهات متعاونة معه وفق “قانون قيصر” الذي فُعّل منتصف العام الحالي، انعكاسات حتى نهاية عام 2020 في دفع هذا النظام للانصياع للإرادة الدولية لتسهيل مهام الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي للقضية السورية.

ويقول القيادي في هيئة التنسيق الوطنية، التي تمثل معارضة الداخل السوري، أحمد العسراوي في حديث لـ”العربي الجديد”، إن المشهد في العام الماضي كان قاتماً، فلم تتمكن قوى الثورة والمعارضة من أن تصل إلى نقاط حل مع النظام الذي لا يريد أن يتقدم في السلال التفاوضية، ومن ثم لا يريد حلاً سياسياً.

من جهته، يشير الباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات، وائل علوان في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنه “كان من المتوقع استمرار النظام في سياسة تعطيل مهمة اللجنة الدستورية خلال عام 2020، لأنه يريد أن يصل إلى استحقاق الانتخابات الرئاسية منتصف عام 2021 من دون أن يكون قد تحقق أي إنجاز لجهة تعديل دستور عام 2012، أو كتابة دستور جديد”. ويضيف: “منتج اللجنة الدستورية صفر، بل إنها لم تبدأ بعد مناقشة المضامين الدستورية”. ويشير إلى أن “حالة العطالة استمرت في هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، ولم تكن هناك حلول توافقية ضمن صفوف المعارضة”. ويلفت إلى أن الإدارة الأميركية “واصلت سياسة تشديد الحصار والمقاطعة الإقليمية والدولية لإرغام الأسد وداعميه، للرضوخ وتقديم تنازلات تريدها واشنطن”، مضيفاً: “نظام الأسد مرهق نتيجة العقوبات ونتيجة ما يجري في لبنان وإيران، ومن ثم فإن اقتصاد النظام يتجه نحو الانهيار والعجز”. على صعيد آخر، شهد عام 2020 بدء حوار يرقى إلى مستوى المفاوضات بين أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية، وهما “المجلس الوطني الكردي”، وحزب “الاتحاد الديمقراطي” المهيمن على “الإدارة الذاتية” و”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في الشمال الشرقي من سورية. وخاض الطرفان جولات حوار عدة، حققت تقدماً لجهة اعتماد اتفاقية دهوك المبرمة في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، أرضية للمباحثات. وتنص الاتفاقية على تشكيل مرجعية سياسية كردية، تكون نسبة تمثيل “حركة المجتمع الديمقراطي” (لاحقاً أحزاب الوحدة الوطنية الكردية بقيادة الاتحاد الديمقراطي وتضمّ 25 حزباً) فيها 40 في المائة، و”المجلس الوطني الكردي” 40 في المائة، و20 في المائة للأحزاب والقوى غير المنخرطة في الجسمين السياسيين. ولكن هذا الحوار وصل إلى طريق مسدود أواخر العام الماضي، بسبب تلكؤ “الاتحاد الديمقراطي” في قبول إعلان فكّ ارتباطه مع حزب “العمال الكردستاني”، وهو من أهم شروط المجلس للتوصل إلى اتفاق. كذلك رفض الائتلاف الوطني السوري خلال عام 2020 عدة دعوات من قبل قياديين في “مجلس سورية الديمقراطي” (مسد)، الجناح السياسي لـ”قسد”، للحوار بسبب عدم طرد هذه القوات لكوادر وقياديين من حزب “العمال” المصنف كمنظمة إرهابية من عدة دول من الأراضي السورية.

في السياق، يشير عضو الهيئة الرئاسية لـ”المجلس الوطني الكردي”، المنسق العام في حركة “الإصلاح الكردي”، فيصل يوسف، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “الصراع الدولي في سورية استمر خلال 2020 من دون إيلاء اهتمام بتنفيذ القرارات الدولية ذات الشأن بالملف السوري”. وعلى الصعيد السوري الكردي، يوضح يوسف أنه “جرت العديد من جولات التفاوض بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني الكردي برعاية أميركية، ولكن من دون حدوث أي اختراقات للضغط باتجاه وحدة المعارضة وتنفيذ القرار 2254”.

ميدانياً، حاول النظام السوري خلال الربع الأول من العام الماضي، تعزيز موقفه السياسي من خلال السيطرة على جانب كبير من جيب المعارضة السورية في الشمال الغربي، وحقق تقدماً على الأرض في ريفي حلب وإدلب. ومنذ بدء الصراع، يعوّل النظام على حسم عسكري يدفع المعارضة إلى قبول “الحلول الوسط” وإسقاط مبدأ تغيير النظام. وبعد التطورات العسكرية في الربع الأول من العام الماضي، التأم اجتماع للثلاثي الضامن لتفاهمات مسار أستانة (تركيا، روسيا، إيران) عبر دائرة تلفزيونية، في إبريل/ نيسان الماضي، وذلك بعد تأجيلها بسبب تفشي كورونا، واقتصرت على وزراء خارجية الثلاثي الضامن، مولود جاووش أوغلو ومحمد جواد ظريف وسيرغي لافروف. وعلى الرغم من أن هذا المسار كان وبالاً على المعارضة لجهة قضم المناطق التي تسيطر عليها، إلا أنه لم يعقد أي جولة مفاوضات خلال عام 2020، وجرت تفاهمات ثنائية بين موسكو وأنقرة حول محافظة إدلب وثقت في اتفاق “موسكو” في بدايات مارس/ آذار. وتوقفت مباحثات أستانة عند الجولة الـ 14، التي عقدت في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2019.

العربي الجديد

———————————-

بيدرسن في دمشق:التركيز على القرار 2254

أعلن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن إن مباحثاته في دمشق ستركز على تنفيذ القرار 2254 والوضع المعيشي في البلاد.

وقال بيدرسن لدى وصوله إلى دمشق الأحد، إن “مباحثاتي في دمشق ستركز على القرار 2254”. وأضاف أن “هناك العديد من القضايا التي آمل أن نتحدث بشأنها، وعلى رأسها الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري”.

ولم يتطرق بيدرسن في تصريحه إلى اللجنة الدستورية السورية واجتماعاتها، لا سيما أنه كان قد حمّل سابقاً وفد النظام المسؤولية عن “تعطيل” اجتماعات الجولة الخامسة بجنيف، التي اختتمت في 29 كانون الثاني/يناير.

وقدم بيدرسن في إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي، في 9 شباط/فبراير، توصيات حول أهمية تغيير طريقة التعاطي في اللجنة الدستورية، بالإضافة إلى رأب الصدع في الانقسامات الدولية التي تعرقل التوصل لحل الملف السوري، بينما فشلت الجلسة في التوصل إلى بيان مشترك.

ووصل بيدرسن إلى دمشق بعد زيارة إلى روسيا التقى خلالها عدداً من المسؤولين الروس بينهم وزير الخارجية سيرغي لافروف وبحثا مجموعة قضايا تتعلق بالمسألة السورية، بما في ذلك الوضع “على الأرض” فيها، إضافة إلى مهام تقديم المساعدات الإنسانية وتصحيح الوضع الاجتماعي والاقتصادي، كما بحثا عمل اللجنة الدستورية.

وشهدت مدينة سوتشي الروسية أعمال جولة مباحثات “مسار أستانة” ال15، يومي 16 و17 شباط/فبراير، بمشاركة وفدي الحكومة السورية والمعارضة، ووفود من الأمم المتحدة، والدول الضامنة روسيا، إيران، وتركيا.

المدن

————————–

عن العبثية السورية: كوابيس سوتشي والمجتمع المتجانس والجنون/ بسام يوسف

الكابوس رقم -1-

يوم الأربعاء الموافق 17/2/2021م، انتهت الجولة الخامسة عشرة من مفاوضات العبث المسماة “سوتشي”، وكالعادة قرأ “سيرغي لافروف” وزير خارجية روسيا بيان الدول “الضامنة”، دون أي ذكر لوجود سوري، معارضاً كان أم مؤيداً، وكالعادة أيضاً، أعاد البيان التأكيد على مصالح هذه الأطراف “الضامنة”، وتكريس تقاسمها لسوريا.

لم ينسَ “لافروف” أن يحدد موعد الجولة السادسة عشرة من هذه المفاوضات، ولم ينس أيضاً أن يُطمئن السوريين، أنه لا حل عسكرياً في سوريا، وأن الأطراف “الضامنة” لسوريا تتمسك بوحدة سوريا، وأن المسار السياسي العبثي المتمثل باللجنة الدستورية، سيستمر مهما طال الزمن.

ما لم يقله لافروف للسوريين، هو أن كوابيسهم ستطول، وأن من يتقاسمون وطنهم ومستقبلهم لم يصلوا بعد إلى قسمة ترضي كل الأطراف الفاعلة، ماعدا السوريين.

الكابوس رقم -2-

قبل إطلالة “لافروف” وبيانه عن “سوتشي” بيوم واحد، واستمراراً لخطة بشار الأسد في خلق المجتمع المتجانس، والذي وضع قاسم سليماني خطته، وباركه الولي الفقيه، فقد عقدت لجنة الأمن الوطني في مجلس الشعب السوري اجتماعاً، في تمام الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثاء الموافق 16/2/2021م، لمناقشة موضوع مشروع القانون المتضمن تعديل بعض مواد القانون رقم /11/لعام 2011م، المتعلق بتملك غير السوريين للعقارات في أراضي الجمهورية العربية السورية، وأقرّت التعديلات، والتي كان أهمها السماح لغير السوريين بالتملك العقاري في سوريا وفق شروط جديدة ميسرة، ونص التعديل:

“يجوز إنشاء، أو تعديل، أو نقل أي حق عيني عقاري في أراضي الجمهورية العربية السورية، لاسم أو لمنفعة شخص غير سوري، طبيعياً كان أم اعتبارياً، بأن تكون إقامة الشخص في الجمهورية العربية السورية إقامة مشروعة، وأن يكون التملك لعقار واحد مبني بقصد السكن، وعلى وجه الاستقلال، ويشكل وحدة سكنية متكاملة، ومرخص وفق نظام ضابطة البناء، وبعد الحصول على ترخيص مسبق يصدر بقرار من وزير الداخلية”.

باختصار، فإن هذا التعديل يأتي لاستكمال نهب ممتلكات السوريين، وقوننة هذا النهب، ويسمح بنقل ملكية البيوت والممتلكات العقارية لسوريين، والتي تم الاستيلاء عليها بموجب المرسوم 66 لعام م،2012 والقانون رقم 10 لعام 2018م، إلى أفراد غير سوريين، ويجعل من كل العقارات التي استولت عليها إيران وروسيا في مناطق متعددة من سوريا، ولاسيما في دمشق ملكا لهم.

من المعروف أن جهات متعددة في إيران، أشخاص ومؤسسات، وميليشيات تتبع لها، من باكستان وأفغانستان ولبنان وغيرها، تستملك منذ فترة طويلة عقارات في مناطق متعددة من سوريا، خصوصاً في مناطق المزة، ومشفى الرازي، وداريا، وكفرسوسة، والقدم، ومخيم اليرموك، والغوطة الشرقية، والقابون، وأحياء دمشق القديمة، وفي مناطق أخرى من سوريا، ثم جاءت شركات روسية، ورجال أعمال روس، لينضموا إلى عملية الاستملاك، وبالتأكيد هناك المقربون من عصابة النظام.

هذا التعديل المقر من مجلس الشعب، يُعطي كل هذه الاستملاكات غير القانونية الصفة القانونية، والصادم أكثر أنه يقدم هذه العقارات بأبخس الأثمان، إذا لا يتجاوز سعر المتر من هذه العقارات وفق اللجان المختصة في المحافظات الـ 150 دولاراً، بينما قيمته الفعلية تتجاوز الـ 5000 دولار.

الكابوس رقم -3-

لم يخجل نصر الحريري المسمى رئيسا لائتلاف المعارضة السوري، وهو يستعرض حرس الشرف، على مقربة من مئات آلاف السوريين الذين يعيشون في مخيمات منذ سنوات، لعله انتشى وهو يعبر مخاضات الوحل، متوهماً أنه يعبر طريق المجد، أو لعله أراد القول للمجتمعين في “سوتشي” لتقاسم سوريا، أنه ما يزال قادراً على خدمتهم.

الكابوس رقم -4-

ضياع في دمشق:

تخبرنا حكايا ألف ليلة وليلة، عن فتاة إسرائيلية ضلت طريقها في هضبة الجولان السورية المحتلة، ورغم أن سبع عقبات اعترضت طريقها، من حقول الألغام والأسلاك الشائكة والمراقبة بالأقمار الصناعية، ومخافر الجنود الإسرائيليين وكاميرات المراقبة الأرضية، والحواجز الإسمنتية وصفارات الإنذار، إلا أنها، وبقدرة قادر، وجدت نفسها في المنطقة التي يسيطر عليها جنود سوريون، وهكذا وبمنتهى التهذيب واللطف، قام السوريون باعتقالها لتمضي عشرة أيام في دمشق، وليعلن عن عملية تبادل أسرى بين سوريا وإسرائيل بوساطة روسية، لكن سجينا سوريا معتقلا لدى السلطات الإسرائيلية، واسمه ” ذياب قهموز”، ووضع اسمه في عملية التبادل رفض مغادرة السجن، إذا كانت المبادلة ستوصله للعيش في ظل حكمة القائد المفدى بشار الأسد، وهكذا كان على أطراف مسرحية التبادل هذه أن يجدوا بديلاً، ولم يكن الأمر صعباً فقد قام جنود الاحتلال الإسرائيلي باختطاف راعيين من الطرف السوري، وتم اطلاق سراحهما عبر معبر القنيطرة، لتكتمل مسرحية التبادل، لكن لماذا لم تتم إعادة الفتاة الإسرائيلية عبر معبر القنيطرة كما حصل مع الراعيين اللذين (ضلا طريقهما) واختطفا، وماذا كان معها في الطائرة التي أقلتها من دمشق إلى موسكو، وهل ستعود رفات الجاسوس الإسرائيلي المشهور “كوهين”، الذي ضل طريقه هو الآخر في زمن ما، ووجد نفسه فجأة في قلعة القرار السوري، ولماذا جاء ضياع الفتاة في “أدغال” الجولان المحتل، بعد البحث الروسي المتواصل منذ أشهر داخل مقابر دمشق عن جثث جنود إسرائيليين؟

الكابوس رقم -5-

تقدمت امرأة سورية فقدت وحيدها في معارك التعفيش لميليشيات الدفاع الوطني، بطلب إلى المصرف الزراعي باللاذقية، للحصول على قرض قيمته 100 ألف ليرة سورية (ما يقارب ثلاثين دولارا)، لشراء أربع دجاجات بياضة، وأوضحت هذه المرأة أن خطتها تتضمن في حال نجاحها تأمين أربع بيضات يومياً، تأكل اثنتين وتبيع اثنتين.

لم يوافق المصرف على طلبها، لأن نظام عمل المصرف لا يقدم قروضا لشراء دجاجات.

الكابوس رقم -6-

على التلاميذ السوريين أن يقفوا في باحات مدارسهم صباحا وهم يرتجفون من البرد، وربما لم يتمكن نصفهم من الحصول على وجبة إفطار، ليطلقوا حناجرهم المتعبة بمناشدات لقنهم إياها مدرسون يتقاضون كل يوم دولارا واحدا، مطالبين فيها السيد الرئيس أن يترشح لولاية رابعة.

لم يقدم هذا الرئيس، وأبوه من قبله، طيلة نصف قرن لهؤلاء التلاميذ إلا هذا الذلَّ الصباحي، وبرداً ينفذ عميقاً في أجسادهم الغضة، وبطون لم تعد تعرف الشبع.

الكابوس رقم -7-

آلاف المعارضين السوريين يواصلون منذ سنوات، وعبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، نقاشاتهم وحواراتهم العسيرة لتدقيق ونحت بعض المصطلحات السياسية، الغريب في الأمر، أنه وبعد أن يتفقوا في مجموعة ما على معنى المصطلحات، يُغادرونها إلى مجموعة أخرى، ليعيدوا اختلافهم من جديد، وليعيدوا النقاش نفسه.

تلفزيون سوريا

—————————-

ملهاة مسار أستانا/ مالك الحافظ

من جديد تؤكد جولات مسار “أستانا” المتتالية أن أهمية عقدها تأتي توضيحاً باستمرار التفاهمات التركية-الروسية في سوريا؛ ليس إلا، وما دون ذلك من ملفات متعلقة بالشأن السوري تبقى تفاصيل؛ تعالجها تلك التفاهمات في وقتها المناسب.

بيانات ختامية تنسخ بنودها الدول الضامنة للمسار (روسيا، إيران، تركيا) في كل جولة جديدة عن سابقتها من الجولات، ولكن السؤال الذي يدور في رأس كثيرين من السوريين يتمحور حول منجزات جولات “أستانا” للحل السياسي في سوريا.

عملياً قدّم مسار “أستانا” المكاسب العديدة للنظام السوري، فأنتج “مناطق خفض تصعيد” أعادت السيطرة للأخير على مساحات واسعة من الجغرافيا السورية لم يكن يستطع وحده الطيران الروسي استعادتها، ومن ثم ساهم في صناعة “اللجنة الدستورية” التي تؤدي على ما يبدو مهمتها التي رسمتها موسكو ودمشق في تضييع الوقت وتمييع فرص المحافظة على أسس حل سياسي حقيقي وكامل في سوريا.

في المقابل فإن آلية “أستانا” المختصة بالمعتقلين كانت ذريعة تتلطى وراءها كل من موسكو ودمشق ادعاءً باهتمامها بملف المعتقلين السوريين أمام المجتمع الدولي، في الوقت الذي أضاع المسار بوصلة قضية المعتقلين بالكامل من حل جذري؛ إلى استجداءات ومطالبات لا قيمة لها ولا أي صوت مسموع.

عبر “أستانا” كانت مسؤولية فصائل المعارضة في وسط البلاد وجنوبها قبل تسليم مناطقهم من خلال اتفاقات التسوية والتهجير شمالاً، التوقيع على تضمين اشتراط أساسي بالإفراج الكامل عن المعتقلين في المناطق السورية، وهو الأمر الذي لم يحدث؛ إلا من استثنتهم الظروف الخاصة وبعض من الضغوط المحلية النادرة الحدوث. لقد أمعن مسار “أستانا” في إذلال المعارضين السوريين بحجة “خفض التصعيد” وتهجيرهم والتأسيس لتغيير ديمغرافية مناطقهم، مقابل تمرير صفقات سياسية وعسكرية.

صرّح عضو في وفد المعارضة لأستانا، خلال مقابلات صحفية عدة بعد انتهاء الجولة الـ 15، أن إيران وروسيا لن تقوما بأي هجوم عسكري على ما تبقى من منطقة خفض التصعيد الأخيرة (إدلب)، مستشهدا بأحد بنود البيان الختامي الذي أكد على الاستمرار بآلية وقف إطلاق النار في الشمال الغربي من سوريا ما يعني استمرارا لتمديد التهدئة هناك والمحافظة على الاتفاق الموقّع بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في آذار 2020، وهو ما قد ينسجم بشكل أو بآخر مع بعض التسريبات الصادرة بعد الجولة الأخيرة كانت أشارت إلى تثبيت مناطق النفوذ القائمة خلال الفترة الحالية بمعنى عدم رجوع قوات النظام السوري وراء الخطوط التي كان يطالب فيها الجانب التركي.

كذلك فإن الادعاء باستحالة التصعيد العسكري لاحقاً، وكأن الجولتين 13 (آب 2019) و14 (كانون الأول 2019) لم تحويا البند ذاته في المضمون الذي استند عليه عضو الوفد، في حين أن الأيام التي تلت تاريخ عقد تلك الجولتين كانت شاهدة على التصعيد العسكري لكل من قوات النظام وحلفائها الروس والإيرانيين، وهو ما أتاح لهم قضم مناطق استراتيجية للمعارضة في آخر المناطق المُسيطر عليها في أرياف إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، والسيطرة؛ التامة على الطريق M5 (حلب دمشق الدولي)، والمعقولة على الطريق  M4 (حلب اللاذقية الدولي).

بالعودة إلى تأكيد “أستانا” على التفاهمات الروسية-التركية في سوريا، فإن الجانب الروسي على وجه الخصوص والذي أسس لهذا المسار ويواجه من خلاله دور الولايات المتحدة في سوريا، أراد توجيه رسائل عدة إلى واشنطن من خلال توقيت عقد هذه الجولة ودواعيها، فكانت الرسالة الأولى تشير إلى مركزية التفاهمات الروسية-التركية في الملف السوري، ومدى توافقها المحتمل استمراره خلال فترة رئاسة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، بخاصة وأن الأخير يبدي سلبية معلنة من دور روسيا، وفي الوقت ذاته تشير القراءات إلى أن سلبية أقل قد تكون مع الجانب التركي بخاصة إذا ما استمرت الخلافات حول ملفات إشكالية بين الطرفين، منها بعض القوى الكردية في سوريا والذين تعتبرهم أنقرة امتدادا لـ “حزب العمال الكردستاني” الموضوع على قوائم الإرهاب لديها، فضلا عن ملف منظومة الدفاع الجوي الروسية “اس-400” ومساعي واشنطن لمنع تشغيلها في تركيا.

من الرسائل الأخرى التي توجهها موسكو، تتمثل في التلويح بـ “قُدرة” الضامن الثلاثي (روسيا، تركيا، إيران) المحافظة على مسار العملية السياسية، بخاصة أن “اللجنة الدستورية” كانت مُنتَجاً أستانياً، لذا فإن هذا الضامن محور مهم لاستمرار تلك العملية وإعادة إحيائها بتأثيره وتفاهماته، طالما أن تلك اللجنة باتت برعاية أممية، بخاصة وأن الولايات المتحدة وفي آخر أيام إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب هددت بدفن مسار “أستانا” (جاء ذلك على لسان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا سابقاً جيمس جيفري)، وستستمر هذه السياسة على ما يبدو مع إدارة بايدن التي أعلنتها صراحة بتوافقها التام مع مسار حل سياسي في سوريا مستند فقط على القرار الدولي 2254، وتجدد الإعلان عن هذه السياسة وفق تصريحات مسؤول أميركي أشار فيها ضمنياً بعد انتهاء الجولة الـ 15 من “أستانا” إلى أن الولايات المتحدة لا تعول على هذا المسار وأن الحل لا يمكن أن يأتي إلا عبر جنيف والمظلة الأممية من البداية إلى النهاية.

تلفزيون سوريا

————————-

الدورة الـ15 من “أستانة”.. انتظار ومراوحة في المكان/ أسامة آغي

اُختتمت في سوتشي الجولة الـ15 للمفاوضات حول سوريا، ضمن مسار ما يسمى “عملية أستانة”، هذه المفاوضات، التي جرت في 16 و17 من شباط الحالي، خرجت ببيان من 17 فقرة، لم تحمل جديدًا على صعيد دفع عربة المفاوضات بصورة جدية.

البيان حمل دون أن يعلن، انتظار دول الضمان الثلاث (إيران روسيا تركيا) اتجاهات الموقف الأمريكي الجديد، في عهد جو بايدن، الذي لم يمر شهر على تسلمه مفاتيح البيت الأبيض. وثبّت في الوقت ذاته اتفاقيات سابقة، بما يخصّ الأوضاع في منطقة “خفض التصعيد” الرابعة (إدلب)، وبما يخصّ محاولة فرض أمر واقع في مناطق تحكمها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في ظل حماية أمريكية صريحة.

ولم تغب عن البيان تصريحاته المعتادة بـ”سيادة واستقلال ووحدة أراضي سوريا”، وفق مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك مواقفه من “هيئة تحرير الشام”، التي وصفها البيان بأنها مقلقة إزاء زيادة وتعزيز وجود هذه الهيئة وغيرها من المنظمات الإرهابية المرتبطة بها.

لكن البيان في فقرته السادسة قال إنه “لا حلّ عسكريًا للأزمة السورية”، داعيًا إلى المضي في العملية السياسية “الطويلة الأمد، والقابلة للتحقيق وفقًا للقرار الدولي (2254)”.

إن قراءة البيان بصورة متأنية، تكشف عن غياب عزم جدي لدول الضمان على تنفيذ حقيقي لجوهر القرار الدولي المذكور، هذا الغياب يتعلق ليس بمقدمات سياسية تخصّ كل طرف منهم، وليس بسبب وجود تناقضات عميقة فيما بينهم، وإنما تعلن دون أن تقول، أن ثمة غائبًا عن العملية السياسية، هذا الغائب هو الموقف الأمريكي، الذي ينتظره جميع المنخرطين في الصراع السوري.

إن القول المحمول في البيان المذكور (المضي قدمًا في العملية السياسية الطويلة الأمد والقابلة للتحقيق)، هو قول يكشف عن إرادة سياسية تخصّ الطرف الداعي لاجتماعات “أستانة” (الروس)، فلا أحد يفهم لماذا تستخدم عبارة “عملية سياسية طويلة الأمد”، وقرار مجلس الأمن “2254” يمكن جدولته ووضع خارطة طريق لتنفيذه.

إن استخدام هذه العبارة، يعني بالضرورة أن الشروط الموضوعية لتنفيذ القرار الدولي المذكور لم تحن بعد، أي لم تحن شروط قطف الروس لاستثمارهم العسكري والسياسي في سوريا، فتحقيق هذه الشروط يرتبط بقوة بتوافقات روسية مع الغرب حول سوريا، وكذلك حول نقاط صراع أخرى، تريد روسيا حلحلتها، من خلال استخدام ورقة الصراع السوري.

إن الدعوة الروسية، التي تمّ توجيهها إلى الولايات المتحدة لحضور جلسات الدورة الـ15 من مفاوضات “أستانة”، كان المراد منها جسّ نبض الإدارة الأمريكية الجديدة، ومعرفة اتجاهات سياستها حيال الملف السوري، والروس عرفوا أن الأمريكيين غير مهتمين بـ”أستانة”، حين ردّوا عبر تصريحات وزير خارجيتهم الجديد، أنتوني بلينكن، بأنهم يصرّون على تنفيذ القرار الدولي “2254”.

الموقف الأمريكي، ومعه الموقف الغربي المنزعج من عدم قيام موسكو بدورها للضغط على النظام، لدفع العملية التفاوضية في جنيف، هو الذي جعل اجتماعات الدورة الـ15 لمفاوضات “أستانة” تراوح في مكانها، فليس هناك أي مبادرة جديدة على هذا الصعيد، في ظلّ غياب موقف أمريكي نهائي من الصراع السوري.

الروس لن يقدموا على الضغط على حليفهم الأسد، للتجاوب مع عمل اللجنة الدستورية، فهذا التجاوب، يعني إقرارًا بضرورة تغيير بنية نظام الحكم، وفق توافقات يفترضها القرار الدولي، الذي نصّ على ذلك بعبارة تقول: “إن العملية السياسية وفق القرار (2254) هي عملية سورية، يقودها سوريون”.

إن ضغط الروس على النظام لإجباره على المضي بمفاوضات اللجنة الدستورية، أو التفاوض حول السلال الأخرى، قبل وجود تفاهمات لهم مع الغرب، وفي المقدمة مع الولايات المتحدة الأمريكية، يعني خسارة حقيقية لكل ما دفعوه من استثمارات في الصراع في سوريا، تتعلق بتوريد السلاح، ومساعدات اقتصادية، وانخراط عسكري مباشر، ودور سياسي ودبلوماسي دولي، لتثبيت وضع النظام.

بالنسبة للضامنين الآخرين، فإيران تريد أن تستفيد من الزمن، لترسيخ وجودها السياسي، ونفوذها الأيديولوجي داخل المجتمع السوري، مستغلة فقر الشعب، في ظل استمرار المأساة السورية، لتجنيده لخدمة مشروعها بالهيمنة على المنطقة، وتحديدًا في الحلقتين السورية والعراقية.

الإيرانيون يعرفون تمامًا أن وجودهم المباشر في سوريا هو رهن الموقف الروسي، الذي إذا تغيّرت مقدماته لغير مصلحة إيران، فهذا يعني خروجهم من سوريا، وبعدها من المنطقة، ولهذا هم يحاولون تكثيف وجودهم بطرق كثيرة، رغم أنهم ينزفون تحت ضربات الجو الإسرائيلية، التي لا تريد منحهم فرصة إقامة قاعدة ثابتة لهم على الأرض السورية.

أما الأتراك، فشغلهم الشاغل هو أمنهم القومي، الذي يتعرض لتهديدات حزب “العمال الكردستاني”، حيث استطاع هذا الحزب، المصنف أمريكيًا وتركيًا بأنه حزب إرهابي، أن يجد له ملاذات جغرافية في سوريا، قادمًا إليها من كهوفه ومخابئه في جبال قنديل بالعراق.

لذلك نصّت الفقرة الرابعة من البيان الختامي لاجتماعات الدورة الـ15 من مسار “أستانة”، المنعقدة في سوتشي، على اتفاق بين الضامنين الثلاثة، على أن التوصل إلى الأمن والاستقرار في شمال شرقي سوريا ممكن، فقط على أساس الحفاظ على سيادة ووحدة أراضي الدولة، ورفض جميع المحاولات لخلق حقائق جديدة على الأرض.

وهذا يعني رفض مشروع ما يسمى “الإدارة الذاتية”، وفق الصورة التي يريدها حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، المسؤول عن “قسد”، في منطقة الجزيرة والفرات.

إن الموقف من “قسد” استثمره الروس لمصلحة نظام الحكم السوري في دمشق، حيث أشار البيان إلى أن الثروة البترولية بشقيها النفطي والغازي، هي من حق هذا النظام، وهذه الفقرة هي فقرة خطيرة، إذ تعتبر النظام السوري نظامًا شرعيًا، رغم أن شرعيته سقطت مع قتله لشعبه، وشنّه حربًا ظالمة على هذا الشعب.

ولكن هذه الفقرة يمكن قراءتها على أن “قسد” ما كانت لتفرض سلطتها على هذه المساحات في شرقي وشمال شرقي سوريا، لولا المساندة العسكرية المباشرة من الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده، وهذا يعني شكلًا من أشكال استثمار سياسي ودبلوماسي، موجه ضد الولايات المتحدة، التي تحمي آبار النفط والغاز في هذه المنطقة، وتمنع قدوم النظام إليها.

وفق ما تقدّم، يمكننا القول إن اجتماعات “أستانة” بدورتها الـ15 في سوتشي، هي تثبيت مواقف سابقة، ومنع حدوث مستجدات تغيّر من لعبة أحجار الدومينو السورية، لغير مصالح الروس، أو الشروط القائمة في ظل انعدام الحل السياسي حتى اللحظة.

عنب بلدي

———————–

الراعي الكذاب/ عبير نصر

على الرغم من اضطهاد العلويين تاريخياً، فإنّهم، وعندما سنحتِ الفرصةُ لذلك، لم يقاتلوا (كما يجب) من أجل الانصهار في المجتمع السوري الحديث، كشركاء في الوطن والقضية، وبعد عام 1963 أوصى زعماءُ العلويين الدينيين أتباعهم بالاندماج في الدولة الجديدة، التي تقطنها أغلبيةٌ ساحقة من (السنّة)، وعلى مدى العقود التالية، انتقل العلويون مبتعدين عن الجبال من أجل البحث عن فرصِ التعليم والعمل في المدن، أملاً في حياةٍ جديدة، آمنة ومستقرّة، يبدو أنّها لن تتحقّق على الإطلاق،

بعد انقلاب حزب البعث، زُجّ العلويون في معارك وجودية مع المناوئين للنظام الحاكم، بداية بأحداثِ الثمانينات، ومروراً بتظاهراتِ الأكراد المضطهدين، وليس نهاية بانتفاضةِ 2011، حيث تمثّلت (رؤيته) بتوريط العلويين من خلالِ اغتصابِ معظم المناصب في الدولة، والاستحواذ على الحصة الأكبر من المكاسب، بشكل واضح وفجّ، وذلك لإثارة النقمة بين باقي مكونات الشعب عليهم، لتجعلَ هذه الرؤية الشيطانية مصيرَ الطائفة معلّقاً، وبشكلٍ كامل، بشخص الرئيس. وفي العام 2000، عند وفاة (حافظ الأسد)، عاد الكثيرُ من العلويين إلى قراهم بانتظارِ حصيلةِ عملية الخلافة، ولم تعد هذه العائلات إلاّ بعد أن تمَّ تثبيت (الابن) كرئيسٍ جديد.

وطبعاً تركيبةُ الحكم في سوريا ليست بهذه البساطة، وهي القائمة على مبدأ (الكنتونات الإقطاعية)، حيث يتمُّ إطلاقُ يدَ (المُوالي المُطيع) في حصته من (المزرعة)، لجني المنافع وتقاسمها مع النظام (صاحب الملك)، بشرط الولاء المطلق غير المشروط، وشمسُ سوريا الاقتصادية كانت عائلة (مخلوف)، فيما قبضتْ عائلةُ (الأسد) على كلّ مفاصل القوى العسكرية والأمنية والسلطات الرئيسة الثلاث، ولم تفعل هذا حبّاً بالطائفة، بالتأكيد، ومن الخطأ الفادح أن نجزم بأنّ كلَّ علوي استفاد من هذه الامتيازات، فقد بقي أكثرُ العلويين يعيشون في حالةٍ من الفقر والعوز، وصاحبُ الحظّ منهم يحصل على مكاسب بسيطة تتمثل في وظيفة، لا تكاد تسدُّ رمقه، لكنّ رأسَ الهرم، المتمثل في شراكة (السلطة والمال – الأمن والعسكر)، كلها كانت، وعلى مدى خمسين عاماً، ضمن نفوذ أشخاص (معدودين) ينتمون للطائفة العلوية، أما الضباط ومُحدثو النعمة فكان ولاؤهم لا يتزعزع، وحين اندلعت الانتفاضة السورية، دفعتِ العديدَ من أولئك المتنفّذين، عسكرياً واقتصادياً، إلى اعتبار الحراك تهديداً شخصياً لأصولهم المادية، ونمط حياتهم، ما جعل سلوكهم متماسكاً إلى حدٍّ بعيد، بغرض حمايةِ نظام النفعيات، لا الالتزام بولاءٍ أيديولوجي صارم.

ورغم هذا التعصّب الأعمى للنظام، فإن ثمّة دلائل، مؤخراً، تشير إلى أنّ كثيراً من العلويين يشرعون في الابتعاد عن النظام، وصمتهم (دون شكّ) نتيجة خوفهم من احتمال أن يسعى المجتمعُ (السنّي) إلى الانتقام لفظائع الأسد في الماضي والحاضر، ليس ضدّه فقط، وإنما ضد كافة العلويين كمجموعةٍ طائفية ينتمي إليها، ويتجذّر هذا الخوفُ في الإحساس بالضعفِ والهشاشة في تاريخ الطائفة نفسه، التي تحوّلت إلى قطيعٍ مُطيعٍ لا يفكّر لأبعد من مرعاه، فضّلتِ اللحاقَ بالراعي بدلاً من الذوبان في المجتمع السوري، وفي الحقيقة ما عزّز ولاء العلويين للنظام، أنّه وفي نهاية سبعينيات القرن الماضي، أطلقتْ جماعةُ الإخوان المسلمين انتفاضتها ضد ما وصفته بأنّه نظامٌ علوي (زنديق)، وحينها، قام العلويون، الذين تحتفظ ذاكرتهم بحكاياتٍ كثيرة، ومخيفةٍ من رفضِ واضطهادِ الطائفة (السنيّة)، بالالتفافِ حول النظام، وقد أعدّ كلّ من الطرفين نفسه للمعركة، وعلى مدى سنوات الصراع، اعتمد (الأسدُ) على طائفته في صد تمرّد الجماعة المعارضة، بينما اتهم العلويون الأخيرةَ بالمسؤولية الكاملة عن المجازر المروّعة، مقتنعين (مسبقاً) بأنّ الآخرَ سيرفضُ دائماً ما يبذلونه من جهودٍ للاندماج في المجتمع السوري المدنيّ، والمتنوّع.

ومن المؤكد أنّ سياسات النظام الطائفية طالتِ الجميع، خاصة العلويين، الذين رسموا خيالاتٍ لوضعهم الآمن في ظلّ حُكمه، وعزّز هذا الشعور الآلةُ الإعلامية التي ربطت بين بقائهم على قيد الحياة، وبين بقاء حكم الأسد في السلطة، ونتيجة الانخراط في الحرب السورية، لجأ النظامُ إلى تجنيدِ آلاف العلويين ممن ينتمون للطبقات الفقيرة، ليكونوا كبشَ المحرقةِ المجانيّ، وعلى الرّغم من احتماء الطائفة العلوية داخل المناطق التي تتمركز فيها، وبقائهم دوماً تحت الحمايةِ العسكرية للنظام، وضمن أسوارِ العزلة التي شيّدها عبر سياساته القمعية مع بقية الطوائف، إلا أنّ آثارَ الحرب طالتهم في أكثر الجوانب حساسية، في لقمة العيش المرّة، وفي تهميشِ تضحياتهم الغالية، ما أجبرهم على توجيهِ الانتقادات، والهمس واللغز في جلساتهم الخاصة، والخروجِ عن الخطّ العام للولاء المطلق، وذلك على خلافِ التسليم الكامل قبل 2011.

لذا ليس مستغرباً أن يعلو الصوتُ العلوي، لاحقاً، كي يميّزَ بين الطائفة والسلطة، وهذا ما ظهر جلياً على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبل نشطاء علويين يريدون العيشَ بسلامٍ مع بقية السوريين، كمحاولةٍ لردم الهوّة مع الآخر، وألا يكونوا عرضةً للانتقام على خلفيةِ أفعال النظام الدمويّ، ومنذ سنوات عرضتْ تنسيقيّةُ (صرخة)، عشرات الصور لمنشوراتٍ ورقيةٍ، تمَّ توزيعها في شوارع مدينة طرطوس، ذات الغالبية العلوية، وحملت تلك المنشورات -التي رفع بعضَها أشخاصٌ لم يُظهروا وجوههم في الصور المعروضة- عبارات مثل (الكرسي لك والتوابيت لأولادنا!)، (حتّى البحر تعب وبدّو يعيش بسلام)… إلخ، كما أصدر ثلاثةٌ من أبرز شيوخ العلويين: (مهيب نيصافي، وياسين حسين، ومنصور موسى)، بياناً مشتركاً أعلنوا فيه (البراءة من هذه الأعمال الوحشية التي يرتكبها بشار الأسد ومساعدوه الذين ينتمون إلى كافة الطوائف الدينية)، وفي واقع الأمر، يعرض سقوطُ الأسد عدّة سيناريوهات محتملة للعلويين، إذ يمكن أن يطلقَ سقوطُه عمليةَ مصالحةٍ شاملة، وهذا احتمال بعيد نسبياً، ما لم تضمنه أطرافٌ دولية فاعلة، أو أنّه قد يؤدي إلى فتحِ صراعٍ مع (السنّة)، وهنا فإنّ العلويين سيواجهون معضلةً حقيقية، وسيترتّب عليهم درء الانتقادات التي لا ترحم، والتي ستُوجه إليهم بسبب دعمهم لهذا النظام طويلاً.

وبانتظار الاستحقاقِ الانتخابي الرئاسي القادم، ونسبةِ التصويت التي ستكشف مدى رغبة الطائفة العلوية في تثبيت الأسد على عرشِ الحكم، بعد صحوةِ الفقر التي جعلت الكثيرين منهم ينفضّون عنه، في وقتٍ ما تزال فيه حظوظه هي الأقوى، على الإطلاق، وسط الخيارات المتاحة، وفي مواجهةِ بعض الأصوات التي بدأتْ تتعالى بعد عام 2011، كحركة (الشغل المدني) التي تضمُّ عدداً من العلويين، والتي أبدتْ موقفها المعارض لترشّح (بشار الأسد) للانتخابات الرئاسية، المزمع إقامتها في شهر نيسان القادم، واصفةً إياه بــ(مجرم حرب)، مبديةً دعمها لمرجعيّةِ جنيف، وتشكيلِ هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحية، وفي ذات السياق انتقدتْ صفحة (مواطنون مع وقف التنفيذ) فسادَ النظام، وعلى إثرها اعتقل مديرُ الصفحة (العلويّ)، في حين وجهتْ حركةُ (الأحرار العلويون) رسالةً إلى الشعب السوري جاء فيها (ندعوكم ألا توقفوا الدفاع عن حقكم، بعد كلّ الثّمن الذي دفعتموه، هذه العائلات تلفظ أنفاسها الأخيرة، وليس لها إلا أمل وحيد هو الحماية الروسية التي تتذمر الآن من استمرار دعمها لهذا الشخص) في إشارةٍ صريحةٍ إلى الرئيس، وفي زمنٍ مضى كان كثيرٌ من العلويين يعمدون إلى تمزيقِ صور المرشحين المنافسين للأسد، بسبب عدم تحمّلهم فكرةَ أنْ ينافسَ أحدٌ رئيسهم المفدّى، الذي سحقَ -وبفضل حاضنته القوية- كلَّ بدائل المعارضة البائسة.

ليفانت – عبير نصر

——————–

لماذا المجلس العسكري الانتقالي هو الحل الوحيد؟/ كمال اللبواني

من غير المفيد أن ندخل في دوامة سياسية لا بداية ولا نهاية لها ولا مخرج منها، تشبه السؤال من هو قبل الآخر: البيضة أم الدجاجة. فقضية تمثيل الشعب السوري تحتاج لوجود طرق تمثيل شرعية غير متوفرة حالياً، فإذا بدأنا بالتفاوض على سلطة حكم انتقالية كما هو مصمم في قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ وبيان ومسار جنيف، فلن يتوصل الفريقان المتصارعان لأي تقدم طالما أنّ كلاهما متمسكان بإزاحة الآخر، عسكرياً أو سياسياً. المجلس العسكري

لقد انتقل الصراع الدامي لمسار التفاوض، وصار النظام يستغلّ المطمطة لكسب الوقت وتحقيق النصر العسكري بدعم من دول محور سوتشي، ثم حاول، مؤخراً، إفراغ قرار مجلس الأمن من محتواه، بجعل وفد المعارضة يتنازل سياسياً في جنيف بعد أن تنازل عسكرياً في سوتشي، بحيث يقفز فوق العدالة ومحاسبة المجرمين والانتقال للعدالة التصالحية، والقفز فوق سلّة المعتقلين واختزالها بخروج عدد محدود ممن تم اعتقاله، مؤخراً، بعد أن قتل معظم المعتقلين وطوى ملفاتهم، وحتى ملف المهجرين الذين أصبح عليهم العودة بشروط النظام لخيمة الطاعة، والقفز فوق السلطة الانتقالية الناتجة عن الانتخابات بالمشاركة في إعادة انتخاب الأسد، واعتبار سلطته الجديدة، التي يشارك فيها بعض شخوص من يدّعون المعارضة، سلطة تحقق هدف القرار ٢٢٥٤، وتنهي الصراع في سوريا بانتصار ساحق للنظام ومن خلفه الاحتلال الإيراني، وهذا طبعاً بالتوافق مع تركيا التي تعتبر مشاركة الإخوان في نظام الحكم حصانها الرابح الذي سيجعل لها نفوذاً سياسياً دائماً في سوريا بالتوافق والانسجام مع النفوذ الإيراني.

حاول دي مستورا فكّ عقدة التفاوض باختراع السلال والقفز للدستور التوافقي الذي سينتج عنه سلطة منتخبة في انتخابات تشرف عليها الأمم المتحدة، لكن هذا المسار وبعد خمس سنوات ما يزال في المربع الأول، ولم يتقدّم قيد أنملة، بل سرعان ما تكشف أنّ النظام بدعم من دول نافذة استطاع تزييف تمثيل المعارضة وفرض مندوبيه ووكلائه على رأس وفد التفاوض، عبر منصات صنعها بنفسه تسرق تمثيل الشعب، فصار النظام هو من يعارض نفسه ويفاوض نفسه، ثم يعيد الشرعية لنفسه، معيداً إنتاج نفسه عبر مسار الأمم المتحدة.

بالأصل أي هيئة حكم يجب أن تكون منتخبة، وأي انتخابات يجب أن تجرى في ظروف مناسبة وضمن دستور متوافق عليه، وأي هيئة مكلفة بكتابة دستور يجب أن تكون منتخبة أيضاً. وبذلك بقي هذا المسار يدور في حلقة مفرغة غير منتجة، ولا يمكنها أن تنتج غير تضييع الوقت لفرض حلّ الإبقاء على النظام، الذي يعني فرض حل عسكري لصالح طرف بما يعارض جوهر بيان جنيف وقرار مجلس الأمن، وهو الشرط لرفع العقوبات وإطلاق عملية إعادة البناء.

إذا كان لا بد من الخروج من هذه الدوامة بشكل يناسب روح وجوهر القرار ٢٢٥٤، بالبحث عن بداية صحيحة، وهي تأمين الأرضية الأمنية لعودة الشعب وإطلاق العملية السياسية، وصولاً للانتخابات والدستور والسلطة، فالبداية المنطقية هي من ملف الأمن والتحرير ، وهذا يتطلب توحيد القوى العسكرية على هدف واحد، هو إخراج المحتل الإيراني، وتفكيك الميليشيات وإمارات الحرب، وسحب السلاح، والقضاء على الإرهاب، وفرض الأمن وسلطة القانون، تمهيداً لعودة آمنة للشعب، مع تحسين البنية التحتية من خلال المؤسسات الراهنة التي يديرها مدراء تكنوقراط لا يرتقوا لأن يكونوا سياسيين، بإشراف المجلس العسكري، الذي يعني بداية جديد لجمهورية جديدة تبدأ بسلطة قوة تسمح بإعادة إنتاج سلطة منتخبة. المجلس العسكري

إنّ أي دخول بموضوع السلطة المدنية سوف يعيدنا للمربع رقم واحد (من يختارها، ومن تمثل) في ظل غياب تام لأي قوى سياسية، وانقسام عامودي تصارعي، مما سيعني الدخول بالمتاهة ذاتها، بل تعميقها لمتاهة المكونات، والتمايزات، والتي سيستمر التفاوض عليها لعقود من دون نتيجة ومن دون آلية للحسم.

ككل دولة تبدأ من سلطة قوة وجيش، تفرض نفسها ثم تطور حياتها السياسية، هكذا يجب أن يكون الحلّ في سوريا، ولا توجد عملياً سوى مؤسسة الجيش مؤهلة للقيام بذلك بعد إقصاء كل المدنيين، وأولهم نظام الأسد والبعث، ثم أحزاب المعارضة المتصارعة معه، هنا لا يمكن القفز فوق حقيقتين، أولهما أنّ الجميع متورّط في الفساد والجرائم، وأنّ ضباط كلا الطرفين هم من يمسكون بملفات القوى العسكرية في جانبي الصراع، فنحن في هذه المرحلة لن ننتج سلطة دائمة نزيهة بل انتقالية، تنتهي بأداء مهمتها، من دون أن يطوى ملف المحاسبة الذي سيبقى سيفاً مسلطاً على رقبتها في حال حاولت الاحتفاظ بالسلطة، مع ضمانات دولية، ونشاط مجتمعي سياسي كبير يحصن أهداف الانتقال.

لذلك كل طرح لسلطة انتقالية مدنية، يعني تكرار مسار الفشل والاستغراق في دوامة جنيف والبيضة والدجاجة، الذي لا يدفع ثمنه سوى المعتقلون الذين يموتون وسكان المخيمات، والتغيير الديموغرافي، وهو فقط لصالح الاحتلال الإيراني الذي يتجذّر في المجتمع السوري. مع العلم أنّ من يتحرّك في هذا المطلب هم فقط الباحثون عن منصب وكرسي. المجلس العسكري

ليفانت – كمال اللبواني

————————–

بيدرسون يلتقي المقداد في دمشق.. لإنعاش “الدستورية” بعد خيبة واستياء

يجري المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون مباحثات في العاصمة السورية دمشق، بعد وصوله إليها أمس الأحد، قادماً من العاصمة الروسية موسكو.

وتنحصر المباحثات في ملفين الأول هو قرار مجلس الأمن 2254 والثاني “اللجنة الدستورية السورية”، والتي فشلت جولتها الخامسة، الشهر الماضي في التوصل لأي بارقة على صعيد كتابة الدستور الجديد للبلاد.

وذكرت وسائل إعلام النظام السوري، بينها صحيفة “الوطن”، اليوم الاثنين، أن بيدرسون سيلتقي وزير خارجية الأسد، فيصل المقداد، وأيضاً رئيس وفد النظام في اللجنة الدستورية، أحمد الكزبري.

وفي تصريحات له أمس لوسائل إعلام روسية، قال بيدرسون: “مباحثاتي في دمشق ستركز على القرار 2254 وهناك العديد من القضايا التي آمل أن نتحدث بشأنها، وعلى رأسها الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري”.

وكان بيدرسون قد حضر منذ أيام الجولة 15 من محادثات مسار “أستانة”، والتي عقدت في مدينة سوتشي الروسية، بحضور وفدي النظام السوري والمعارضة ووفود الدول الثلاث الضامنة (تركيا، إيران، روسيا).

وخلال جولة “أستانة” التقى بيدرسون بوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وبحثا مجموعة قضايا تتعلق بالمسألة السورية، بما في ذلك الوضع “على الأرض” فيها.

بالإضافة إلى مهام تقديم المساعدات الإنسانية وتصحيح الوضع الاجتماعي والاقتصادي، كما بحثا عمل اللجنة الدستورية.

ويأتي ما سبق بعد فشل الجولة الخامسة من “اللجنة الدستورية” في تحقيق أي نتائج على صعيد كتابة الدستور.

وسبق وأن أعلن بيدرسون أن الجولة الخامسة للدستورية كانت “مخيبة للآمال”، داعياً إلى تغيير طريقة العمل.

ومع الإعلان عن فشل اللجنة في تحقيق أي من مهامها بعد ختام الجولة الخامسة لا تلوح في الأفق أي بوادر حل لهذا المسار، سواء من حيث استكماله أو إيجاد أرضيات وجداول أعمال أخرى مختلفة عن الجداول التي تم طرحها في الجولات الماضية، والتي استمرت لأكثر من عام.

وسبق وأن قال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في 2019 لوسائل إعلام روسية إن “تركيا والدول الداعمة لها، بما فيها الولايات المتحدة وحلفاؤها، غير مهتمة بعمل اللجنة الدستورية بصورة بناءة، ومطالبها تهدف إلى إضعاف الدولة السورية وتجزئتها”، وأنه يرفض التفاوض حول قضايا تخص استقرار سوريا وأمنها.

ووصف الأسد محادثات اللجنة في جنيف بأنها “لعبة سياسية”، وأنها ليس ما يركز عليه عموم السوريين، في لقاء مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، في تشرين الأول/ أكتوبر 2020.

————————–

سر انعقاد “أستانة 15” بعد موت سريري لثلاثة عشر شهراً/ عمار ياسر حمو

عمان- بعيداً عن مناطق شمال غرب سوريا المنكوب سكانها البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين إنسان، نصفهم نازحون يتوزع أغلبهم على مخيمات بين مدن وبلدات آخر منطقة للمعارضة السورية، اختتمت اليوم في مدينة سوتشي الروسية، الجولة الخامسة عشرة من مباحثات أستانة التي انطلقت أولى جولاتها في العاصمة الكازاخستانية في كانون الثاني/يناير 2017.

في الجولة الأخيرة التي استمرت ليومين، ناقشت من تسمى الدول الضامنة؛ تركيا وروسيا وإيران، تمديد وقف إطلاق النار في محافظة إدلب، استناداً إلى الاتفاق الذي كان قد دخل حيز النفاذ في منتصف آذار/ مارس 2020 بعد لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. ولم تأتِ الدول الضامنة في بيانها الختامي، اليوم الأربعاء، بجديد، إذ شددت أنقرة وموسكو وطهران على مواصلة جميع الاتفاقات المتعلقة بالتهدئة في شمال غرب سوريا، كما أكدت عزمها على محاربة الإرهاب ومواجهة الأجندات الانفصالية. علماً أن المنطقة المشمولة بالاتفاق شهدت منذ مطلع العام الحالي فقط 289 خرقاً من قوات نظام الأسد والمليشيات المساندة لها، كما الطيران الحربي الروسي، بحسب ما جاء في بيان فريق “منسقو استجابة سوريا”، نشر في الرابع من شباط/فبراير الحالي.

انعقاد “أستانة 15” جاء بعد توقف امتد ثلاثة عشر شهراً. إذ انعقدت الجولة 14 من المباحثات في كانون الأول/ديسمبر 2019، عقب عملية “نبع السلام” العسكرية التي أطلقتها تركيا بمشاركة الجيش الوطني السوري (المعارض)، ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق سوريا، وانتهت باتفاق تركي-روسي سمح للقوات الروسية تسيير دورياتها في المنطقة.

لكن “فشل مسار أستانة في الالتزام بما اتفق عليه جعله من دون قيمة”، بحسب د. رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية في العاصمة الأميركية واشنطن. ففي “أستانة 4″، التي عقدت في أيار/مايو 2017، اتفق “الضامنون” على إنشاء ثلاث مناطق خفض تصعيد، تشمل كلاً من إدلب والغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي، تبع ذلك اتفاق روسي-أميركي مستقل، في تموز/ يوليو من العام ذاته، على إنشاء منطقة خفض تصعيد رابعة جنوب سوريا. لكن بعد أكثر من ثلاث سنوات على العمل بمناطق “خفض التصعيد” سيطر النظام السوري على ثلاث منها، وما يزال يسجل خروقات في المنطقة الأخيرة التي تضم إدلب وأجزاء من محافظات حماة وحلب واللاذقية، وقد سيطر على أجزاء واسعة منها.

وكانت دمشق وموسكو تسعيان للسيطرة على إدلب، كما أضاف د. زيادة لـ”سوريا على طول”، “ولم يوقفهما سوى جدية تركيا في التدخل عسكرياً وحماية المناطق التي تحتفظ بتأثير كبير عليها”.

سرّ عودة أستانة

جاءت عودة مباحثات أستانة غداة انتهاء مناقشات الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية -التي تمثل إحدى مخرجات تلك المباحثات- من دون تحقيق أي نتائج، أسوة بجولات المفاوضات الأربع الأخرى.

لذلك، فإن انعقاد الجولة الخامسة عشرة من مباحثات أستانة “مقرون بانسداد أفق مسار الإصلاح الدستوري”، وتهدف إلى “دفع التسوية إلى الأمام، والحفاظ على دور الدول الضامنة في توجيه العملية السياسية السورية والتأثير عليها”، برأي محمد سرميني، مدير مركز جسور للدراسات في تركيا. لافتاً في حديثه إلى “سوريا على طول” أن “انعقاد الجولة 14 من مباحثات أستانة اقترن مع انطلاق أعمال الجولة الأولى للجنة الدستورية”.

وفي تصريح لوسائل الإعلام، عبر رئيس وفد المعارضة إلى جولة أستانة الأخيرة، د. أحمد طعمة، عن وجود “بعض الآمال أن شيئاً ما سوف يتحقق خصوصاً في ظل النقطة الأساسية التي سيتم طرحها في الاجتماع وهو السعي لإنقاذ اللجنة الدستورية”، معتبراً أنه بفضل مسار أستانة “خطوط التماس بين قوات النظام والجيش الحر تقريباً قد وصلت إلى حدودها النهائية”.

لكن البيان الختامي للجولة الأخيرة يشير إلى أنه لن يحدث أي تغيير على العملية السياسية والعسكرية في سوريا، إضافة إلى أن وفد المعارضة في “أستانة 15″، الذي يرأسه طعمة؛ الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، يشاركون في المباحثات “بصفتهم الشخصية، ولا يمثلون الائتلاف ولا المعارضة ولا حتى الثورة السورية”، كما نبه  أيمن عبد النور، مدير منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام”. معتبراً في تصريح لـ”سوريا على طول” أن “هذا الوفد لا وزن له، ولا يمكنه التأثير أو حتى تغيير كلمة واحدة في المناقشات الجارية أو في البيان الختامي”، بحيث لا يعدون “واجهة تشارك لتبرير ما يجري فقط”.

أيضاً بحسب سرميني، فإن “روسيا لا تريد من اللجنة الدستورية تحقيق تقدم يؤدي إلى تقويض سلطة النظام السوري، فيما تشجع تركيا حصول ذلك من دون تمسك كبير قد يؤول إلى انهيار أستانة”. لذلك، فإن أنقرة “مع تحقيق مكاسب من استمرار دورها في التأثير على العملية السياسية، فإنها غير مستعجلة على النتائج. على ألا يؤثر ذلك على جهودها في إقامة منطقة آمنة على كامل الشريط الحدودي مع سوريا”، وفق سرميني.

بالنتيجة، فإن سرّ إحياء مسار أستانة “الميت سريرياً”، على حد تعبير زيادة”، هو أن يكون “رسالة من موسكو إلى واشنطن التي أعلنت عدم حضورها كمراقب، بأنها [موسكو] تمتلك أوراقاً في الملف السوري”.

———————————–

=====================

تحديث 23 شباط 2021

————————–

بعد لقاء بيدرسن… النظام السوري يصر على عدم تحديد جدول زمني لعمل “الدستورية”/ عماد كركص

بات النظام السوري يصرّ أكثر فأكثر على أن يبقى المسار الدستوري خارج إطار زمني محدد، بعدما حُشر وفده في الزاوية، لا سيما خلال الجولة الأخيرة (الخامسة) وبات تحت ضغط الدخول بمناقشة مضامين دستورية وصياغتها، بعدما كان الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام، أحمد الكزبري، قد حسم أمر طبيعة مشاركة النظام في العملية الدستورية، بالإشارة إلى أنّ مهمتهم مناقشة المواضيع الدستورية، وليس وضع صياغات دستورية.

تكرر هذا الموقف خلال الزيارة التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، إلى دمشق ولقائه وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، صباح اليوم الإثنين، إذ تطرق اللقاء لمواضيع عدة خارج إطار اللجنة الدستورية، مع التعريج على الحديث عن المسار الدستوري بجزء منه، ويبدو أن النظام باتت يضع عدداً من القضايا على طاولة المساومة للانخراط جدياً في المسار الدستوري.

وقالت وكالة “سانا” التابعة للنظام، إنّ بيدرسن والمقداد بحثا عدداً من القضايا ذات الصلة بالوضع في سورية، بالتطرق إلى المسار السياسي والوضع الاقتصادي، مشيرة إلى أن “وجهات النظر كانت متفقة على أن الإجراءات القسرية الاقتصادية أحادية الجانب تزيد هذا الوضع صعوبة وخاصة في ظل انتشار وباء كورونا”.

ونقلت الوكالة أنّ المقداد أشار، خلال اللقاء، إلى أنّ “الاحتلالين الأميركي والتركي للأراضي السورية وممارسات الاحتلال التركي في شمال شرقي سورية ودعمه للإرهابيين في سورية تنتهك السيادة السورية وتخالف القانون الدولي وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بسورية”، على حد قوله، لافتاً إلى “الآثار الإنسانية للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري رغم انتشار جائحة كورونا، وكذلك ممارسات مليشيا “قسد” الإجرامية والقمعية بحق أبناء الشعب السوري في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور”.

وطالب المقداد بيدرسن بأن “ترفع الأمم المتحدة الصوت بموجب الميثاق والقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن في وجه كل هذه الممارسات، وأن تتخذ موقفاً واضحاً منها يتوافق والمبادئ والأهداف التي قام عليها القانون الدولي الإنساني”.

وفي ما يتعلق بعمل اللجنة الدستورية، أشارت الوكالة إلى أنّ الجانبين أكدا “أهمية ضمان عدم التدخل الخارجي في شؤون لجنة مناقشة الدستور، وأن تتم كل هذه العملية بقيادة وملكية سوريتين، وألا يتم وضع أية جداول زمنية لعملها مفروضة من الخارج”، مع تشديد المقداد على “أهمية أن يحافظ المبعوث الخاص على دوره كميسّر محايد، وعلى أن اللجنة منذ أن تشكلت وانطلقت أعمالها باتت سيدة نفسها، وهي التي تقرر التوصيات التي يمكن أن تخرج بها، وكيفية سير أعمالها، مع التأكيد على أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده”.

وتعقيباً على مخرجات اللقاء، قالت رغداء زيدان، عضو الهيئة المصغرة للجنة الدستورية عن المجتمع المدني، لـ”العربي الجديد”، إنّ “النظام لا يرغب بالدخول الحقيقي في العملية السياسية أساساً، وبالتالي هو لا يريد أن يتعاطى جدياً مع العملية الدستورية، وحتى الآن يتعامل مع اللجنة ليس على أنها لجنة لصياغة دستور جديد ضمن إطار الحل السياسي؛ بل باعتبارها أداة لإيصال رسائله إلى المجتمع الدولي من جهة، وأداة للمساومة مع الأطراف الفاعلة في سورية من جهة أخرى. لذلك هو يرفض تماماً موضوع وضع جدول زمني، كما رفض ويرفض موضوع الاتفاق على منهجية عمل ضمن اللجنة لأن ذلك سيجبره على الانخراط الحقيقي في العملية الدستورية، وهو ما لا يريده بالطبع”.

وعن إمكانية الضغط لتحديد جدول زمني، أشارت زيدان إلى أن ذلك “يمكن حدوثه في حال تم الاتفاق بين الأطراف الفاعلة في الملف السوري على شكل الحل السياسي وكيفية تطبيق القرار 2254، والذي يبدو أنه لم يحدث حتى الآن”.

وحول فرضية طرح النظام رفع العقوبات الاقتصادية عنه مقابل الجدية في العملية الدستورية؛ أكدت زيدان في حديثها لـ”العربي الجديد” أن “النظام يتعامل مع اللجنة الدستورية على أنها أداة مساومة، يريد من خلالها تحقيق بعض الأمور المهمة بالنسبة له، ومنها موضوع رفع العقوبات، لكنه بالوقت نفسه غير مستعد لتقديم تنازلات كبيرة، كونه غير مهتم بالحل السياسي، وغير مهتم كذلك بالوضع الإنساني المتردي في سورية، هو يريد ضمانات بقاء له، وتحصيل مكاسب تدعم وجوده، خاصة أن هناك دولاً تدعمه بشكل مباشر كروسيا وإيران”.

وتابعت: “أما أن يكون هذا الأمر قابلاً للتطبيق فأظن أن الجانب الأميركي مصرّ على العقوبات، واليوم هناك نشاط كبير لتجريم الأسد ومحاسبته مع وجود مئات الوثائق التي تدينه”.

ولفتت إلى أن “اللجنة الدستورية لن تستطيع أن تقوم بعملها التقني الدستوري ما لم يكن هناك فتح للمسار التفاوضي السياسي والبدء الفعلي بتطبيق القرار 2254، وإلا فإن النظام سيستمر بتعطيل عمل اللجنة وتضييع وقتها، وحرفها عن طريقها الذي وُضع لتحقيق هدف صياغة دستور جديد لسورية في إطار الحل السياسي.

من جهته، قال عبد المجيد بركات عضو الهيئة الموسعة في اللجنة الدستورية، عن وفد المعارضة، إنّ “بيدرسن ذهب إلى دمشق وهو محمل بأعباء كبيرة مرتبطة بمدى استمرارية العملية السياسية، كذلك هو محمل ببعض الرسائل، لا سيما أن إحاطته الأخيرة في مجلس الأمن أكدت إدراكه أنّ النظام هو الطرف المعطل في اللجنة الدستورية، وأن عليه نقل الصورة للمجتمع الدولي والدول الداعمة للنظام، وهذا ما حدث خلال جولة أستانة الأخيرة.

وأضاف بركات، في تصريح لـ”العربي الجديد”، حول لقاء بيدرسن بالمقداد، أن “بيدرسن يحمل للنظام في هذه الزيارة سخط المجتمع الدولي حول تعامله مع العملية الدستورية، وأن هناك اتفاقاً من قبل الفاعلين في القضية السورية، لأن تكون هناك آلية عمل جديدة داخل اللجنة كي تحقق تقدماً، ولا بد أنّ بيدرسن نقل مطالب المعارضة بتحديد جدول زمني لعمل اللجنة”.

وأشار بركات، إلى أن الواضح مما نقله إعلام النظام عن اللقاء، أنه “يريد هذا المسار ساحة زمنية واسعة، لتحقيق مكاسب في ساعات أخرى، عسكرية وغيرها، وعلى المبعوث الأممي، أن يكون أكثر وضوحاً أمام المجتمع الدولي وأمامنا نحن كمعارضة، بتحديد الطرف المعطل وآلية التعاطي معه”.

وحتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر عن مكتب المبعوث الأممي أي تصريح حول زيارته لدمشق، التي قصدها بهدف تحديد موعد للجولة السادسة من اللجنة الدستورية بعد أن منيت الجولة الخامسة بالفشل، والذي حمّل بيدرسن مسؤوليته لوفد النظام مع نهاية الجولة التي انعقدت نهاية الشهر الماضي.

وكان بيدرسن قصد دمشق بعد زيارته إلى موسكو والتقى فيها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ولدى وصوله إلى دمشق أمس، قال: “مباحثاتي في دمشق ستركز على القرار 2254 وهناك العديد من القضايا التي آمل أن نتحدث بشأنها، وعلى رأسها الوضع الصعب الذي يعيشه الشعب السوري”.

العربي الجديد

——————————

قطر تدعم جهود تنفيذ القرار 2254 الخاص بسوريا

أكد وزير الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، دعم بلاده للجهود الدولية الرامية إلى التوصل لحل سياسي في سوريا.

وقال الوزير القطري خلال لقائه رئيس الائتلاف الوطني السوري نصر الحريري، في الدوحة، إن بلاده “تدعم الجهود الدولية الرامية إلى التوصل لحل الأزمة السورية، على أساس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار رقم 2254”.

وأعرب وزير الخارجية القطري عن أمله في أن تلبي هذه الجهود “التطلعات المشروعة للشعب السوري إلى الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة أراضيه”، وفقاً لوكالة الأنباء القطرية “قنا”.

بدوره، وصف الحريري الاجتماع بأنه “يأتي في إطار تعزيز الدور العربي حول الملف السوري”، وأعرب عن تفاؤله ب”الأجواء الإيجابية التي تلت المصالحة الخليجية التي توجتها قمة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في العلا السعودية مطلع العام الجاري”، موضحاً أن “الدور العربي أولوية بالنسبة للثورة والائتلاف السوري الذي يحاول من خلال هذا الدور الحفاظ على علاقة جيدة وتحالف وثيق”.

ولفت إلى أن “أجندة الاجتماع تناولت التطورات الميدانية والسياسية، ومنها النتائج السلبية التي تمخض عنها اجتماع الجولة الخامسة للجنة الدستورية”، مشيراً إلى أنه “رغم مساعي الأمم المتحدة، فإن النظام استمر في سياسة التعطيل، والعنوان الذي ما زال مسيطراً على المشهد هو تعطيل النظام وحلفاؤه أي محاولة للوصول إلى الحل السياسي، وإصرار نظام الأسد على الآلة العسكرية لحسم ما يجري في الملف السوري”.

وأشار الحريري إلى “التطابق في وجهات النظر بأن الانقسام في المجتمع الدولي لا يخدم العملية السياسية، ولابد من آليات أكثر فاعلية لدفع جهود الأمم المتحدة للحل السياسي”، كما بحث الاجتماع “القضايا الإنسانية الكارثية في الداخل وبلدان اللجوء، خاصة في ضوء جائحة كورونا”.

وحول تسمية السفير السوري في الدوحة، بعد شغور منصب السفير قبل أكثر من شهرين، أكد رئيس الائتلاف أن اسم السفير الجديد سيعلن قريباً، موضحاً أن “تسمية السفير تمر بخطوات، وخلال أيام قليلة تسمعون من السفير الجديد هنا أول تصريح صحافي”.

————————–

التغيير عبر الدستور/ د. سميرة مبيض

تسعى التيارات السياسية لتشكيل المجتمعات وفق منظورها الأيديولوجي وإعطاء الأولوية لما يراه الفكر السياسي السائد أفضلية أو طريقة نموذجية لبناء المجتمع، وبناء على هذا المنظور يضع النظام السياسي الذي يستلم دفة الحكم في أي دولة القانون المؤسس للدولة أي الدستور ليكون قاعدة رئيسية في بناء مؤسساتها وفي هيكلة النظم الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والعسكرية والقضائية ضمنها وفي كيفية تقاسم السلطة وفي تسيير حياة المواطن وشؤونه العامة والخاصة فهو باختصار يحدد كيفية تشكيل المجتمع وإدارته وفق هذا المنظور.

بناء على هذه الخطوط العريضة يمكننا التمييز بين أنماط الحكم السائد في أي دولة في العالم وبناء على هذا المنظور يظهر جلياً ان أي تغيير في المجتمع، تقوده التيارات المهيمنة على الحكم فهو يرتبط بتثبيت وتطبيق رؤية المتنفذين ضمنها والتي يترجمها العقد الاجتماعي المُبرم بين السلطة والشعب وبين أفراد المجتمع فيما بينهم وبالتالي فان أي تغيير مأمول من شعوب تعاني من نظم شمولية قومية أو عسكرية أو دينية أو أيديولوجية سياسية بأي من مسمياتها سيمر حتماً عبر تغيير المنظور المؤسس لحالة القمع والمؤدي لانعدام العدل والأمان والاستقرار الازدهار نحو بناء دستور مؤسس ومنتج لحالة نقيضة وذلك ما هو عليه حال سوريا اليوم.

فالانتقال من حكم شمولي سخّر أدوات قمعية على كافة المحاور الممكنة، غير ممكن دون إعادة بناء القانون المؤسس للدولة أي دون إعادة بناء الدستور السوري وفق ما ينهي المنظومة المدمرة للمجتمع بأكملها ويؤسس لحالة نقيضة، من هذا المنظور تبدو الإجابة على الجملة المُكررة من قبل جهات سورية عديدة (هل نهض السوريون بثورة من أجل تغيير الدستور؟) إجابة بديهية، نعم من أهم أهداف الثورة السورية تغيير الدستور الشمولي وذلك لعدة أسباب أبسطها الثلاث نُقاط التالية:

– أن نظام الحكم الحالي شكل نفسه وقونن أدواته القمعية في السلطة عبر الدستور

– أن دستور سوريا في ظل نظم أيديولوجية وُضع لخدمة الأيديولوجيات القائمة وليس لخدمة أمن واستقرار الانسان السوري

– أن دستور سوريا لم يستطع حماية السوريات والسوريين من أي نوع من أنواع القمع المُمارس ضمن المجتمع

إذا فالحديث عن دستور سوري جديد في خضام الثورة السورية ليس رفاهية سياسية او فكرية بل هو في صلب مسار تحرر الشعب السوري أو بالأحرى في صلب استعادة الشعب السوري لحق تقرير المصير ولبناء دولة تنطلق من مصالح أبنائها ومن تحقيق استقرارهم المستدام وليس من منطلقات أخرى أدت للحالة الكارثية التي بها سوريا اليوم.

لا بد أن يكون لهذا الدستور صفة أساسية هو قدرته على تحقيق العدل والأمن للسوريين جميعهم، هذه الصفة الذي أثبت العقد المنصرم أن السوريين عاجزين عن تقديمها لبعضهم البعض، في ظل ارث قمعي سمته الصراعات البينية على كافة المحاور لا بد اذاً من قانون يعيد ضبط المجتمع على البناء وليس على الهدم، على العمل التشاركي وليس على السلطوية، على التقاسم وليس على الاحتكار، على الاحترام وليس على الكراهية، على الاحتواء وليس على النبذ، الدستور المُنقذ لشعب من الاندثار ولهوية من الزوال بالانتقال من الشمولية نحو التعددية.

لتحقيق مثل هذه المعايير يفترض وبوضوح تجنب الوقوع فيما أسست له الدساتير السابقة، على الأخص النقاط العلّام الموّلدة للحالة الشمولية والسلطوية ومنها نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

– انهاء حالة فرض هوية شمولية وإعادة تعريف مفهوم الهوية السورية التعددية وحمايته عبر الدستور بكونه قائم على مجموع الهويات الفرعية المتعددة أهمها الثقافات القومية، العربية، الكردية والسريانية والتركمانية والشركسية والارمنية وغيرها والثقافات الدينية، الإسلامية، المسيحية، اليهودية، اليزيدية إضافة الى بقية الشرائع والمناهج القيمية اللادينية وفق ما حمله تاريخ المنطقة من تتالي حضارات وثقافات انسانية حاضرة في سوريا لغاية اليوم وبما يحدده العامل المكاني من إطار وجود مشترك للسوريين وحماية التنوع اللغوي الناجم عنها وضمان حيادية الدولة تجاه كافة الأديان والقوميات.

– الانتقال من الحالة الشديدة المركزية في سوريا الى اعتماد اللامركزية كأساس لدستور بناء الدولة السورية الحديثة وكأساس لتقاسم السلطة والموارد بما يحقق العدالة لجميع السوريين.

– تخفيض صلاحيات منصب الرئاسة بمقابل زيادة صلاحيات البرلمانات، والعمل على تأسيس مجلس نيابي بغرفتين.

– فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية بما يحقق التدافع المطلوب فيما بينها لخلق التوازن الذي يضمن مصالح المواطن السوري.

– إعادة رسم خارطة العلاقات مع دول المنطقة والعالم على أساس أولوية مصالح الشعب السوري.

– ضمان الحريات والحقوق بكافة الصعد وحمايتها بشكل فعلي.

– ضمان حماية التنوع الجندري وحقوق الطفل والفئات التي تحتاج للرعاية.

– ضمان تحقيق الازدهار والتنمية، وضمان استدامة المحيط البيئي.

– إعطاء الأولوية للتقدم العلمي والصحي والصناعي والاقتصادي وإعادة دور المؤسسات العسكرية والأمنية الى موقعها المنحصر بحماية المواطنين تحت رقابة البرلمان والقانون والمحاسبة وكذلك إعادة دور المؤسسات الدينية الى موقعها الطبيعي ضمن أطر الحريات الشخصية للأفراد وليس بالحياة العامة.

يمكننا الاختصار إذا أن الانتقال من نظام شمولي الى نقيضه يمر عبر الانتقال من دستور شمولي نحو دستور تعددي، يؤسس لبناء دولة تعترف بحقوق جميع أبنائها وتحميها، دولة تقوّم مساراً طويلاً من استخدام فرضيات ورؤى بعيدة عن واقع المجتمع السوري فبذلك فقط نضع العجلة على طريق صاعد مسلحة بأدوات التقدم والاستدامة وتحمل مسؤولية الأجيال القادمة.

—————————

أحلام بيدرسون الشقيّة في المعضلة السوريّة/ رفيق قوشحة

لم يتم تأسيس هيئة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية كوريثة لعصبة الأمم كي تحكم العالم، هذا بديهي ومعروف للجميع، ولكنها بشكل من الأشكال منوط بها حلّ النزاعات الناشئة في العالم من خلال مجلس الأمن الدولي بما يضمن الأمن والسلم ويترجم عملياً واحداً من أهم مبادئ حقوق الإنسان الني بنيت عليها المنظمة الدولية، فيما يعرف بميثاق حقوق الإنسان العالمي، ألا وهو حق الشعوب قاطبة في العيش بسلام وتقرير مصيرها بنفسها.

وقد نجحت الأمم المتحدة فعلاً في حل كثير من النزاعات الدولية منذ تأسيسها عام 1945، ولكنها أيضاً فشلت في إنهاء حلّ العديد من الأزمات المزمنة والقضايا العادلة، كالقضية الفلسطينية والقضية الكردية، وبعض الأزمات المستعصية في أفريقيا وآسيا.

من هنا يأتي نواح بيدرسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، لحل المعضلة السورية، معبراً عن فشله الذريع في التوصل إلى أية بارقة حل سياسي، وهذا الفشل هو بطبيعة الحال عنوان لفشل الأمم المتحدة نفسها العاملة الآن كسكرتيرة سيئة الصيت والسمعة لتنسيق سياسات الخمسة الكبار في مجلس الأمن الدولي، ورغم أنّ هناك إجماع دولي رسمي وشعبي وبين الكواليس على أنّ من يعيق الوصول إلى حل هو النظام السوري وروسيا، على سبيل الخصوص. إنّ بيدرسون لم يشر بوضوح وبشكل مباشر إلى ذلك مما دعا الخمسة الكبار إلى عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن حول سوريا بعد أيام من تقديم بيدرسون لإحاطته، وتم العمل على أن تكون هذه الجلسة سرية بعيدة عن أعين الإعلام والمراقبين.

من الواضح تماماً أنّ قرار سرية الجلسة يشير في الحدّ الأدنى إلى وجود أزمة حقيقية في التواصل والنقاش بين الخمسة الكبار حول نوع وطبيعة الحل في سوريا استناداً إلى قرار مجلس الأمن 2254، وأنّ ما سيدور في هذه الجلسة قد يصل إلى حدّ المواجهات المكشوفة بين روسيا والصين من جهة، وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة من جهة ثانية، وإنّ هذا التشنج في النقاش يجب أن لا يصل إلى الإعلام لأنّه سيحشر أطرافاً ما في زوايا لا ترغب أن تكون فيها علناً على الملأ، ولكنه يشير بكل وضوح إلى أنّ كل دور الأمم المتحدة، المجسّد في دور بيدرسون، أصبح لا يعدو أن يكون تعبيراً شديد البلاغة عن العجز الكامل الذي تمر به المنظمة الدولية الأم، والذي يجعلها تبدو أقلّ من سكرتيرة تنفيذية محدودة الصلاحية أمام تعنّت ولامبالاة أطراف مختلفة في مجلس الأمن تجاه القانون الدولي والسلم والأمن العالميين، إلا بقدر ما يخدم ذلك هذا الطرف أو ذاك، ما يجعل صورة الأمم المتحدة مثار سخرية العالم كله.

يبدو أنّ المعضلة السورية قد كشفت المستور أو شبه المفضوح، وجعلته علنياً واضحاً للجميع بوقاحة لا تقبل الشك بأنّ إرادة المتنازعين الرئيسيين في مجلس الأمن، وهما الاتحاد الروسي والولايات المتحدة الأمريكية هي التي تتحكم بأداء مجلس الأمن وكل المنظمة الدولية، ورغم أنّ هذا التناقض كانت تظهر آثاره في معالجة مجلس الأمن للقضية الفلسطينية أو ما اتفق على تسميته بالصراع العربي الإسرائيلي، وكانت تجهر بانحياز الولايات المتحدة الكامل للجانب الإسرائيلي باستخدام حق النقض الفيتو دائماً لصالح إسرائيل، عدا أنّ الأمر فيما يتعلّق بالمسألة السورية بات خارجاً عن أيّ شكل من أشكال المواجهة التقليدية بينهما، منذ أن اخترعت روسيا ما سمي بمسار أستانا كنوع من سحب البساط من تحت أرجل المنظمة الدولية وخلق مرجعية موازية تسيطر عليها ورسيا والصين لحل المشكلة السورية والتخلص من الأعباء التي تورّطت فيها روسيا بالموافقة على القرار 2254 ومضمونه الذي يؤكد على ضرورة تشكيل مجلس حكم انتقالي لخطوة أولى باتجاه الحل، وهذا ما أدركت روسيا بعد موافقتها على القرار 2254 أنّه سيقود بالمحصلة إلى رحيل النظام والأسد، وهذا ما أصبحت متأكدة أنّها لا تريده أن يحصل لأنّها تستطيع أن تأخذ ما تريد من الأسد مقابل دعمه عسكرياً.. وهذا ما حصل.

يبدو واضحاً أنّ المشكلة السورية تظهر بشكل جلي الفشل الذريع للعقد الاجتماعي السياسي العالمي المتمثّل في هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وذلك بسبب الأخطاء القاتلة والمجحفة التي ارتكبها الرئيس السابق، باراك أوباما، في جعله المسألة السورية بنداً للنقاش من ضمن بنود الاتفاق النووي مع إيران، أي جعل مصير دولة وشعب كامل مرتبطاً بالمفاوضات مع دولة أخرى للوصول إلى اتفاق، وإدارة الظهر تماماً عن سوريا وتركها لروسيا الاتحادية كحصة في صراع النفوذ في الشرق الأوسط، ما أتاح المجال لتحويل سوريا إلى ما يشبه المستعمرة للروس والإيرانيين بطبيعة الحال.

تبدو كل مهمة بيدرسون ومساعيه أكثر شبهاً بالهراء السياسي أمام كل هذا التعقيد في الملف السوري، وتعجز السكرتيرة، محدودة الصلاحية، عن الوصول الى أي بوادر حل سياسي، ما يجعل من استقالة المبعوث الدولي لسوريا أمراً لازماً ومتوقعاً في أية لحظة، في الوقت الذي لا تبدو في الأفق أية إشارات لحل شبه معقول يوقف الكارثة الإنسانيّة التي تعيشها سوريا عند حدودها الآن ودون تقديم تنازلات قيمة بين الخمسة الكبار أنفسهم، لا سيما فيما يتعلّق في تغوّل القوتين الإقليميتين الأسوأ على مرّ العصور في المنطقة، تركيا وإيران، وحصر الحوار في المتنفذين الأقوى.

إنّ المأساة السورية مستمرة طالما هي غير قادرة على تقويض النظام الدولي كله، بسبب تعقيدها، في وقت وصل فيه التوحش في الصراع على النفوذ بين الأقطاب الأكبر في العالم إلى مراحله الأقسى والأبشع، سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً، أيضاً.

ليفانت

 ————————

أي حل سياسي يريده ضامنو أستانا؟/ طارق عزيزة

مفارقات كثيرة تضمّنها البيان الختامي للنسخة الخامسة عشر من اجتماعات “أستانا”، الصادر قبل أيام، ومن أهمّها ما أكّده “ممثلو جمهورية إيران الإسلامية وروسيا الاتحادية والجمهورية التركية كدول ضامنة في منصة أستانا”، من “التزام ثابت” بنقاط لا يكفّون عن خرقها، ويعملون بعكس ما تقتضيه.

ورغم مشاركة وفدي المعارضة السورية ونظام الأسد والمبعوث الأممي (غير بيدرسون)، صدر البيان بتوقيع الضامنين الثلاثة فقط، في إشارة لحقيقة الدور الشكلي والتزييني الذي تلعبه بقية الأطراف في هذا المسار العبثي.

أكّد الضامنون التزامهم “الثابت بسيادة واستقلال ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، وبأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”، وعبّروا عن قناعتهم “بأنّه ليس للأزمة السورية حلاً عسكرياً”، والتزامهم “في المضي قدماً في العملية السياسية طويلة الأمد والقابلة للتحقيق والتي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم برعاية الأمم المتحدة ووفقاً لقرار مجلس الأمن 2254”.

ومعلومٌ أنّ مساحات واسعة من أراضي الدولة التي يزعم “الضامنون” الالتزام بسيادة واستقلال ووحدة أراضيها، محتلّة الآن من قبلهم، ويمارسون عليها سلطتهم، فيتحكّمون بحجرها وبشرها ومواردها، مباشرة أو عبر ميليشيات مرتبطة بهم وتأتمر بأمرهم. وهنا يجدر التساؤل: احتلال أراضي الغير بالقوّة وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان ضدّ السكّان المدنيين ونهب الموارد والثروات، ألا تشكّل خروقاً “لأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة”، التي يتشدّقون بالتزامهم بها؟ ولمّا كان “ليس للأزمة السورية حلاً عسكرياً”، فما الذي تفعله قوّاتهم العسكرية والميليشيات التابعة لكلّ منهم في سوريا، هل تحمل رسائل محبّة وسلام؟

أما الفقرة 6 من البيان، والتي تحدثوا فيها عن التزامهم “في العملية السياسية طويلة الأمد.. التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم برعاية الأمم المتحدة ووفقاً لقرار مجلس الأمن 2254″، فقد تلاها ما يوضح معنى “العملية السياسية” لديهم، إذ خُصّصت الفقرات (7-8-9-10) لما يُسمى “اللجنة الدستورية” وعملها، والتي تعدّ التفافاً على العملية السياسية المنصوص عنها في القرار 2254 المشار إليه. فهذه اللجنة لم تنشأ تنفيذاً له، وإنما “شُكلت بإسهام حاسم من قبل الدول الضامنة في صيغة أستانا وتنفيذاً لمفرزات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي” كما يقرّون في الفقرة7.

لقد أكّد القرار 2254 على “بيان جنيف وكفالة التنفيذ الكامل له”، وبيان جنيف حدّد خطوات العملية السياسية وتسلسلها، وأولها “إقامة هيئة حكم انتقالية باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية. وأن تمارس هيئة الحكم الانتقالية كامل السلطات التنفيذية. وعلى هذا الأساس، يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية”، أي أنّ كل حديث عن الدستور أو تعديله يأتي بعد هيئة الحكم الانتقالي، فضلاً عن أنّ العملية الانتقالية برمّتها تجري “وفق جدول زمني محدد”، بحسب بيان جنيف. والعملية السياسية حسب القرار 2254 نفسه تقيم “حكماً ذا مصداقية يشمل الجميع ولايقوم على الطائفية، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، وتحدّد جدولاً زمنياً وعملية لصياغة دستور جديد”. لكنّ ضامني أستانا، إذ يرفضون أي “تدخل أجنبي وفرض مواعيد نهائية من الخارج”، يتحدثون بشكّل تدخّلي سافر ومناقض للقرارات الدولية عن “العملية السياسية طويلة الأمد”، والتي لا يعلم نهاية أمدها أحد!

منذ بدء تدخّلها العسكري المباشر عام 2015، سعت روسيا إلى أداء دور محوري في ضبط التوازنات وإدارة صراع النفوذ والمصالح الإقليمية في سوريا، ونجحت في ذلك إلى حدّ كبير عبر مسار أستانا، الذي بدأ في كانون الثاني (يناير) 2017 وأنتج لاحقاً اتفاقات “خفض التوتّر”. وبعد عام انتقلت إلى خلق وقائع تنسجم مع “العملية السياسية” التي تلائم مصالحها وتحافظ على مكتسباتها، من خلال “مؤتمر الحوار الوطني السوري” الذي عقدته في مدينة سوتشي نهاية كانون الثاني (يناير) 2018.

و”مؤتمر سوتشي”، الذي جرى بالتنسيق مع إيران وتركيا، هدفَ لإفراغ “العملية السياسية”، المنصوص عليها في القرارات الدولية، من أي محتوىً جدّي وإعادة تأهيل نظام الأسد، عبر اختزال “الحل السياسي” إلى بعض التعديلات الدستورية بوجود النظام ومشاركته. هذه الخطوة وجدت صدىً طيباً لدى تركيا وإيران، فهما لا تقلّان عن روسيا رغبةً في الإبقاء على مكتسباتهما ومصالحهما في سوريا، والتي لا يمكن الحفاظ عليها وتكريسها إلا في ظل حالة العطالة واللّاحلّ، التي توفّرها “العملية السياسية طويلة الأمد” الفاقدة للجدوى. لقد هيأت إيران لبقاء طويل الأجل في سوريا عبر استراتيجية مركبة، عسكرية واجتماعية واقتصادية. ومشاريع إردوغان التوسعية ماضية في الشمال السوري، بالقوة العسكرية العارية وعبر أدوات السيطرة الناعمة، في إطار طموحاته لإعادة أمجاد أجداده العثمانيين على حساب شعوب المنطقة.

إنّ “الضامنين” ليسوا في وارد التخلّي عن مواقعهم في سوريا، لكنّ ما حقّقوه يعود في جانب كبير منه، إلى غياب أيّ فاعلية أميركية جدّية في الشأن السوري، وتخبّط الدول العربية التي تدخّلت بدايةً، ثم انصرفت إلى مشكلات وصراعات أخرى. ومن ثم، فإنّ أي تطوّر جدّي على مستوى الموقف الأمريكي أو العربي يمكن أن يعيد خلط الأوراق، ويعكّر على فرسان أستانا الثلاثة صفو مشاريعهم.

ليفانت

—————————-

نظام الأسد وروسيا وإيران.. أدوارٌ متكاملة للالتفاف على 2254/ أسامة آغي

كشفت مفاوضات جنيف في كل حلقاتها السابقة واللاحقة، عن التفاف نظام الأسد وحلفه الروسي/الإيراني على جوهر القرار الدولي 2254، الصادر عن مجلس الأمن بتاريخ 18/12/2015.

هذا القرار وقّع عليه الروس بعد تدخلهم المباشر عسكرياً ضد الثورة السورية، وضد الشعب السوري، إذ كانت طائراتهم تقصف بوحشية مناطق حررتها قوى الثورة، وكان هناك أهدافٌ عديدة، تقف خلف هذا التدخل.

أول هذه الأهداف كانت وضع قدم روسية في مياه البحر الأبيض المتوسط، وثانيها كان منع سقوط الأسد، وهذا يعني منع امتداد شرارة الثورة السورية إلى أرجاء منطقة الشرق الأوسط، ثم إلى الدول الإسلامية، التي يعتبرها الروس جزءاً من الاتحاد الروسي، ومن المجال الحيوي لهم.

الروس أرادوا سوريا ورقة ضغط ضد الولايات المتحدة وحلفها الغربي، لاستخدامها في مسائل صراع في مناطق وقضايا خلافية، مثل قضية أوكرانيا، والوضع الليبي، ومسألة الدرع الصاروخية، وقضايا الطاقة.

الإيرانيون تدخلوا لنصرة النظام السوري، الذي يشنّ حرباً على شعبه، من أجل وضع سوريا ضمن حلقات الدول الدائرة في القطب الإيراني الصفوي، وحدث ذلك قبل التدخل الروسي بوقت طويل.

لهذا، حين وقع الروس على القرار 2254، كانوا مؤمنين بضرورة إفراغه من محتواه، ووضع طريق جديدة لحلٍ سياسي، يريدونه ملبياً لمصالحهم، التي ذكرنا جزءاً منها، ولكن كان ينقصهم الوقت اللازم لتنفيذ مآربهم، لأنهم لم يكونوا آنذاك في وضع يفرض شروطاً.

كانت عملية تخريب المفاوضات تجري على أكثر من مستوى، منها، محاولة زجّ قوى غير محسوبة على الثورة السورية، في بنية هيئة التفاوض، مثل منصة موسكو، التي كان رئيسها قدري جميل، يشغل منصب نائب رئيس وزراء ووزير للتجارة في حكومة النظام بعد مرور عامين على الثورة.

وبعد مرور خمس سنوات على تشكيل أول هيئة تفاوض، لا يزال الحل السياسي وفق القرار 2254 بعيد المنال، وهذا يعود إلى إصرار الروس على تحقيق أغلب مطامحهم، إضافة إلى محاولة إعادة انتاج النظام بصورة مقاربة لصورته الحالية.

الروس وبعد خمس سنوات من تدخلهم العسكري المباشر لصالح النظام، وجدوا أنفسهم أمام جدار مسدود، هذا الجدار يتمثّل بعدم قدرتهم، على فرض طريق حلٍ سياسي، وفق ما خططوا له، فمخططهم، اصطدم بالرفض الأمريكي والأوربي الغربي، لأي حلٍ سياسي خارج 2254، واصطدم بالوجود العسكري التركي في سوريا، الذي له حسابات، لا تتفق والرغبة الروسية، وقد حاولوا في بدايات عام 2020 تخليص منطقة خفض التصعيد الرابعة من القبضة التركية، لكنهم اكتشفوا أن تركيا ليست في وارد الانسحاب من إدلب أو باقي مناطق وجودها في سوريا.

لهذا، فإن المخطط الروسي بتجزئة القرار 2254 إلى سلال أربع، لم يقدهم إلى تحقيقه مآربهم، بتفريغ هذا القرار من محتواه، وفرض صيغتهم للحل السياسي بدلاً منه.

فاقتراحهم بتشكيل اللجنة الدستورية وعملها، قاد بعد أكثر من سنة إلى فشل واضح، هم من يقف خلفه، إضافة للنظام وحليفه الإيراني.

وقد كشفت التصريحات الروسية، وما تضمنه بيان سوتشي لجولة مفاوضات أستانا 15، أن الأمور في حالة انتظار، لتحديد اتجاهات الموقف الأمريكي الجديد في عهد بايدن من جهة، وكسب للوقت من جهة أخرى، من أجل زيادة تعقيد المشهد السوري عبر دفع النظام لإجراء انتخابات زائفة، رفضها المجتمع الدولي والسوريون.

الروس والإيرانيون والنظام يشغل كل طرف منهم مساحة لتخريب الحل السياسي الدولي، الروس لا يريدون تمرير عمل مثمر للجنة الدستورية، وهم يدعون أنهم لا يستطيعون الضغط على النظام السوري، بل دورهم يكمن في تقديم النصيحة، وهذه كذبة كبيرة وصريحة، فلولا الروس و”الفيتوات” التي استخدموها في مجلس الأمن وهي كثيرة جداً، لحماية النظام ومنع معاقبته دولياً لانتهاكاته الخطيرة لحقوق الإنسان، وارتكابه جرائم حرب ومنها جرائمه الكيماوية، لما كان هذا النظام موجوداً اليوم في سدة الحكم بدمشق.

الإيرانيون يعلنون غير ما يبطنون، فهم يدعون أن النظام شرعي، وينسون أنه نظام استخدم القوة العسكرية بوحشية ضد المدنيين الآمنين، تحت حجة أنهم حاضنة للثورة. ليس ذلك فحسب، بل هم شاركوا في ذبح السوريين، وعملوا عبر “حرسهم الثوري”، وعبر أذرعهم الميليشياوية التي جندوها للدفاع عن نظام الأسد، وجلبوها من أفغانستان ولبنان والعراق وغيرها، على التغيير الديمغرافي وفرض دينهم الشيعي على شعب جوعوه ويساومونه على معتقداته مقابل إطعامه.

هذا الموقف الإيراني أخذ شكلاً إقليمياً لمساندة نظام الأسد، حيث حشد كل ما يستطيعه لتحويل الثورة السورية إلى صورة كاذبة تظهر بمظهر صراع طائفي كاذب سني/شيعي.

هذا الموقف الإيراني المعادي للسوريين، تقف خلفه أحلام ملالي طهران بقيام إمبراطورية فارسية تكون سوريا إحدى حلقاتها، وقد سمي هذا الحلم (الهلال الشيعي).

لهذا اشتراك إيران بمفاوضات أستانا، هو لزيادة دعم وجود نظام ضعيف في دمشق، يستطيع تلبية احتياجات إيران السياسية والاقتصادية بما يخدم مخططاتها، ولذلك هم خطرون إقليمياً، ويجب طردهم من منطقتنا العربية كلها، وتقويض حلمهم الفارسي.

أما النظام السوري، الذي انكشف بكل جلاء أمام حاضنته، التي صدّقت أنه يقودها نحو مصالحها بمواجهة باقي الشعب السوري، فقد وصل إلى طريق مسدودة، وهو موجود بحكم قوة وجود حلفائه، (الروس والإيرانيين، والميليشيات متعددة الجنسيات) وليس بقوته الذاتية، وتبينت صحة هذه الحالة، عندما كان بقوته واجتاحت قوى الثورة السورية كثيراً من جغرافية البلاد، وحررت 80% منها، ولم يستطع أن يصمد في وجهها.

النظام السوري دخل نفق نهايته منذ زمن بعيد، ولن يستطيع أن يفرض استبداده السابق على السوريين، وحاضنته بدأت حراكها المعادي له، ونهايته مرهونة بتفاهمات روسية – غربية لا أكثر، فمتى تم التوافق الروسي/الأمريكي/الغربي، سيسقط هذا النظام بسرعة البرق، ولهذا فانتخاباته، لن تزيده قوة، بل ستضعه في فوهة سقوطه، فهو عاجز عن تأمين الخبز والطاقة والخدمات وفرص العمل والأجور الطبيعية، والانفجار قريب، ولن يقدر حلفاؤه على نجدته، أو بثّ الحياة فيه.

الروس يغرقون في الوحل السوري يوماً وراء يوم، وفاتورة تدخلهم تزداد تكلفتها، وليس أمامهم غير الانصياع لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254 بجوهره، وكلما مرّ زمن غرقوا أكثر فأكثر، وهذا ما يجب أن تعيه قوى الثورة والمعارضة وتزيد من أواره، بدل اليأس والإحباط الذي يتفشى في بعض مفاصلها حالياً.

السوريون يواجهون حلفاً للنظام تدعمه قوات احتلال روسية/إيرانية، فهل يفكرون جيداً كيف يطردون هذه الاحتلالات؟. سؤال بحاجة لإجابة صريحة. 

————————

هادي البحرة يكشف مكامن الخلل في عمل اللجنة الدستورية وكيف قَبِلَ النظام السوري بتجاوز دستور 2012

سامية لاوند

أجرت وكالة “ستيب الإخبارية” حواراً خاصاً مع الرئيس المشارك لـ اللجنة الدستورية عن هيئة التفاوض السورية، هادي البحرة، حول عدّة مواضيع هامّة تتعلق باللجنة الدستورية.

يقول البحرة، ردّاً على سؤال حول تحركات منصات (القاهرة وموسكو)، التي اتجهت لدول إقليمية لحل خلافات داخلية بالمعارضة ومدى تأثيرها على الوفد: “الخلافات حول بعض الأمور التنظيمية ضمن هيئة التفاوض، تمَّ فصلها عن الأمور السياسية، حيث حرصت مكونات الهيئة كافة على عدم تأثيرها على أعمال اللجنة الدستورية واستحقاقات العملية السياسية بشكل يُضمن عدم تعطيلها”.

وأضاف: “جميع الأعضاء يضعون الواجب الوطني في استمرار أعمال القضايا الهامّة، مثل العمل على قضية المعتقلين والمغيبين قسرياً، وملف العدالة الانتقالية محط الأولوية، ونأمل حل الخلافات التنظيمية بأسرع وقت ممكن”.

هادي البحرة يكشف الخلاف الجذري بين وفدي المعارضة والنظام

وحول الخلاف الجذري الذي يعرقل الدخول بتفاصيل الدستور المنتظر بين الوفود، قال الرئيس المشارك للجنة الدستورية: “الخلاف الجذري لا يوجد بين كل الوفود، وإنما بيننا وبين النظام”.

مكامن الخلل في عمل اللجنة الدستورية

وتابع في ذات السياق: “لقد وضحنا في بياننا الصحفي الأخير، مكامن الخلل في عمل اللجنة الدستورية، وما يلزم من خطوات لمواجهة سياسات التعطيل التي ينتهجها النظام، والتي تثبت عدم التزامه بالعملية السياسية”.

وأردف القول: “بالنسبة لنا نحن نعتبر أن المأساة الإنسانية التي يعاني منها السوريون، تُلزمنا بالعمل المتواصل والجاد لإنجاز مهام اللجنة الدستورية، والتي حددت بشكل واضح في اختصاصاتها وولايتها، وهي صياغة الإصلاح الدستوري بإنجاز صياغة مشروع الدستور الجديد، بينما النظام يتهرب من بدء مرحلة الصياغة ويريد أن يبقى في إطار النقاش والإعداد كأننا في منتدى للحوار في دولة تمرّ بظروفٍ طبيعية”.

وواصل حديثه: “لا يمكننا الصمت والقبول بذلك ونحن نرى شعبنا يعاني ويحتاج لوضع حدّ لهذه المأساة بأسرع وقتٍ ممكن، بينما يتعامل النظام مع هذه المعاناة باستخفاف وعدم مبالاة، ولا يكترث لحجم معاناة الشعب بأطيافه كافة وفي كلّ المناطق من وطننا”.

وأكّد البحرة: “هذا الوضع لا يمكن القبول به والاستمرار فيه؛ لذلك وضحنا لجميع أعضاء اللجنة وللأمم المتحدة التي تيسر أعمال اللجنة وللدول كافة، ضرورة وضع منهجية للنقاشات تلزم بالتوصل إلى صياغة مواد دستورية، ووضع منهجية لجدول أعمال اللجنة تنهي الحاجة للتفاوض على جدول الأعمال لكل جلسة على حدىً، وأن تكون فترة اجتماعات كل دورة ثلاثة أسابيع عمل متواصلة، وأن يفصل بين الدورة والتي تليها أسبوع واحد، وضرورة وضع جدول زمني لإنجاز أعمال اللجنة وتحقيقها لمهمتها المحددة في قرار مجلس الأمن رقم 2254 (2015)”.

معركة سياسية

ذكّر عضو هيئة التفاوض أن “المعركة حالياً هي معركة سياسية، ولها مسارات رديفة نعمل عليها وهي المسار الدبلوماسي والمسار الاقتصادي (العقوبات)، والمسار القانوني (العدالة والمساءلة والمحاسبة)، تصّب نتائجها بما يخدم تفعيل العملية السياسية بكامل أقسامها الواردة في قرار مجلس الأمن 2254، أي إقامة الحكم الانتقالي الشامل للجميع وذو مصداقية وغير قائم على الطائفية”.

وتابع القول: “والعملية الدستورية التي بدأت عملها في اللجنة الدستورية لإنجاز مشروع دستور جديد لسوريا يعرض للقبول العمومي (الاستفتاء)، والعملية الانتخابية التي تجري وفق الدستور الجديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، وأخيرًا مكافحة الإرهاب وبناء جيش وقوى أمن وطنية”.

وبحسب البحرة فإن الساحة الفاعلة حالياً في العملية السياسية هي “اللجنة الدستورية، بالتالي يجب أن نعي أهمية اللجنة وموقعها في العملية السياسية ككل”.

وأوضح أن اللجنة الدستورية، هي “الجزء الحي حالياً من العملية السياسية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، التي يوجد توافق دولي بخصوصها، والنظام يهدف لتعطيل ذلك القرار وتجاوزه، وبالتالي تجاوز أهداف وتطلعات الشعب السوري السياسية والقانونية والإنسانية، وتحويل المفاوضات إلى مفاوضات عسكرية وأمنية وتبادل مصالح بين النظام وباقي الدول”.

وأضاف: “النظام لم يقبل الدخول فيها طوعياً، إنما تمَّ استخدام ضغوط دولية ثم روسية عليه للقبول بذلك بعد حدوث توافق أمريكي – روسي أولاً، ومن ثم توافق دولي وإقليمي، كما لم يتمكن النظام وداعموه من حصاد مكاسب سياسية بنسبة مكاسبهم العسكرية في العملية السياسية، حيث كانت حصتهم ثلث اللجنة الدستورية، بينما نسبة سيطرتهم العسكرية على الأرض كانت ستين بالمئة”.

النظام قَبِلَ بتجاوز دستور 2012

وبيّن البحرة أنه “بمجرد قبول حكومة النظام بتشكيل اللجنة والاتفاق عليها وعلى اختصاصاتها ولوائح نظامها الداخلي وولايتها، فهو قبل بتجاوز دستور 2012 في عدّة مواد منه لا سيّما فيما يختص بالعملية الدستورية -صياغة مشروع الدستور الجديد”.

وأكمل قوله إنَّ: “ولاية اللجنة واختصاصاتها محددة بشكل واضح، وبالتالي حيّز المراوغة عند النظام ضيق ولا يمكنه الاستمرار بالإعاقة والتعطيل لزمن طويل، وإن لم ينساق النظام لإنجاز مهام اللجنة، سيعدُّ ذلك مؤشراً واضحاً وإثباتاً على أنه من المحال أن ينساق لإنجاز أي اتفاق بخصوص السلال الأخرى، ولا سيّما سلة الحكم الانتقالي”.

وواصل كلامه: “هذا ما سيعيد الملف إلى ساحة مجلس الأمن وإلى الدول ذات العلاقة، لأخذ الاجراءات اللازمة، لتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، بسبُل إلزامية إن وُجدت الإرادة الدولية اللازمة لذلك”.

وختم الرئيس المشارك للجنة الدستورية حديثه لستيب، قائلاً: “نستطيع القول إنه في حالة إنجاز اللجنة لمهمتها، فذلك سيفعل العمل على باقي المحددات في العملية السياسية كما وردت في قرار مجلس الأمن، مما سيحدِث عملية انتقال سياسي منظَّم عبر الدستور والقوانين المنبثقة عنه، وفي حال إفشالها بشكل واضح من قبل النظام، فذلك سيعيد الملف إلى مجلس الأمن ويؤدي إلى اتخاذ الإجراءات كما ذُكِر في البند السابق”.

————————

==================

تحديث 25شباط 2021

—————————-

مخرجات سوتشي السورية وطحين الهواء/ محمود الوهب

لا جديد لدى اجتماع سوتشي السوري، في جولته الخامسة عشرة يومي 16 و17 فبراير/ شباط الحالي في مدينة سوتشي الروسية، غير البيان المشترك الذي لم يطحن سوى الهواء. ذلك ما قالته مفرداته، وعباراته التي توافق عليها المشتركون في نهاية جولتهم، وهم يعالجون معاناة شعبٍ بلغ، منذ زمن، أقصى ألوان مآسيه، إذ لم تتضمن بنود البيان السبعة عشر عبارة واحدة أو جملة مفيدة يمكن البناء عليها. ربما لأنه لم يأت بالملموس على تلبية طموحات الشعب السوري الذي لم يعد قادراً على تحمّل مزيد من المعاناة متعدّدة الأوجه، لا في الداخل ولا في الخارج. ولكن البيان، وللحقيقة، قد دان الإرهاب، إذ قال باستمرار محاربته، ما يعني الابتعاد عن الحل! فهذا هو الغطاء الذي يلتحف به الروسي والإيراني، والنظام أولهما طبعاً، الثالوث غير البريء منه، والأخير يمارس الإرهاب ضد الشعب السوري منذ خمسين عاماً، فالاستبداد الشامل منبع الإرهاب بوجوهه كافة. ولا خلاص منه إلا بإحلال نظام ديمقراطي يمثل أطياف الشعب السوري، ويحقق المواطنة كاملة، ويلغي التمييز على أي أساس كان. ولن يتحقق هذا إلا بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 الذي يعرفه الروس والإيرانيون قبل غيرهما، ويؤكّده المجتمع الدولي باستمرار، لكنَّ الروس تحديداً يخرجون كل فترة بأمر ما يبعدهم عنه. وقد أكد البيان تطبيق القرار، لكنه لم يقل شيئاً عن كيفية ذلك. يعني لم يقل، مثلاً، “إننا أطراف سوتشي المعنيين بإنقاذ سورية مما هي فيه لم ننته بعد من تفاهماتنا حول مصالحنا في سورية التي تخص دولنا، ولم نعثر على حل يوفق بين مصالحنا وإنهاء عذابات الشعب السوري..”. هذه هي الحقيقة الوحيدة التي قالها بيان سوتشي، ولا شيء آخر.

كلام كثير كتب تحت عنوان: أكّدنا، وشدّدنا، وكرّرنا، وأعربنا، وعبرنا، وناقشنا، وتناولنا.. إلخ، فكل مفردةٍ تصدّرت بنداً أو أكثر من بنود البيان المشترك الذي لمح، من دون أي شك، إلى كل ما يعانيه السوريون من احتلالات، ومحاولات لتغيير الجغرافيا السورية وديموغرافيتها، فأكثر من الحديث عن وحدة الأراضي السورية، وعن سيادتها، وعن ضرورة عدم تجاوز مبادئ الأمم المتحدة، وميثاقها. ولكن إذا ما حاول القارئ استشفاف شيء يمكن البناء عليه، كأن يقول إن اجتماع سوتشي قرّر كذا، فلا يستطيع. وللمثال فقط، البند المتعلق باللجنة الدستورية المنصوص عنها في القرار الأممي المذكور، الصادر منذ خمس سنوات وعدة أشهر، وقد مضى على تشكيل اللجنة نحو عامين، ومع ذلك لم يستطع وفدا اللجنة، ولا رئيساها، أن يتحدث بعضهما إلى بعض. وما ورد في البند الثامن الذي توسط ثلاثة بنود تخص اللجنة المذكورة ما يلي: “تناولنا بالتفصيل والاستفاضة الاجتماع الخامس للجنة الصياغة التابعة للجنة الدستورية الذي عقد في جنيف خلال الفترة من 25 إلى 29 من يناير 2021، وأعربنا عن عزمنا الأكيد على دعم عمل اللجنة من خلال التفاعل المستمر مع الأطراف السورية”، ومع “المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسن باعتباره شخصية مساهمة في ضمان عملها المستدام والفعال..”.

ويعرف الذين سطروا البيان، وأشاروا إلى كفاءة بيدرسون، أنه هو من صرّح للصحافيين بعد إحاطته مجلس الأمن، في جلسة مغلقة، بما جرى في جولة اللجنة تلك، إذ وصفها بـ”المخيبة للآمال”، وأنها بحاجة إلى “دبلوماسية دولية بناءة”. وقد عنى بذلك عدم وجود ضغط على النظام الذي يعرقل كل حلّ سياسيّ، ترعاه الأمم المتحدة، ومن يمكنه أن يضغط غير الروس أصحاب “أستانا” التي لم تأت إلا للهرب من القرار الدولي.

ومع كل ذلك الاهتمام الذي أبداه المشاركون في سوتشي، فقد تأجل عمل اللجنة إلى منتصف هذا العام، فكيف إذا لم يكن لديهم ذلك الاهتمام وتلك الرعاية. يريد الروس والإيرانيون أمراً واحداً، إجراء الانتخابات الرئاسية في دمشق بأمن وسلام، وإعطاء مزيد من الشرعية لمن تسبب، ولا يزال، بالمأساة السورية من ألفها إلى يائها.

أكثر البيان من الحديث عن وحدة الأراضي السورية، فلم يكد بند من بنوده يخلو من الإشارة إلى ذلك الأمر، لكن البيان لم يشر إلى الكيفية التي تجري من خلالها وحدة الأراضي، مع وجود الاحتلالات المختلفة والجيوش المتعددة، ناهيكم بالمليشيات التي تعيث فساداً في المحافظات السورية كافة. والحقيقة أن جماعة أستانة غير قادرة أن تتفرد بحلٍّ لا يلبي حقوق السوريين التي أهدرت. ولا يُقنع، في نهاية المطاف، المنظومة الدولية وأممها المتحدة وقرارها 2254 الذي يعد وسطياً أرضى الأطراف المتنازعة، ولا أيا من منظماتها الإنسانية التي وقفت على أوجاع السوريين عن كثب، ولا يمكِّن السوريين من تحقيق سلامهم الداخلي.. ولعل في رفض الولايات المتحدة حضور اجتماع سوتشي دلالة واضحة على أن هذه الخطوات كلها لا تقود إلى سلام عادل، وأنه لا مناص من البدء بتطبيق القرار الأممي المتفق عليه، وما عداه إمعان في المأساة السورية.

لم يكتف الروس بما فعلوه في سورية من قتل وتدمير وتهجير. ولم يكتفوا مما قد حصلوا عليه، ولذلك تراهم يطلبون الاستزادة، وتأمين مصالحهم، وديونهم، ومَنْ غير بشار الأسد يضمن ذلك؟ من هنا تراه يزداد شططاً وتطاولاً على الشعب السوري. أما وجه المشكلة الآخر، فإنه في من يمثل الشعب السوري.. هؤلاء الذين لم يكونوا حقيقة على قدْر المسؤولية، ولم يستطيعوا تجسيد حلم السوريين الذين وضعوا دماءهم على أكفهم، ونزلوا إلى شوارع مدنهم عام 2011.

العربي الجديد

—————————

المجلس العسكري: حكمة الممكن وضرورة الواقع/ إياد إبراهيم

يروي حمود الشوفي، الذي كان يوماً الأمين العام لحزب البعث، وسفير سوريا لدى الأمم المتحدة، ما ذكره له حافظ الأسد، في جلسة خاصة عام 1970، إذ قال له حينها: إنّ الناس لهم مطالب اقتصادية في الدرجة الأولى، يتطلعون إلى الحصول عليها، مثل: قطعة من الأرض، أو بيت، أو سيارة، أو ما شابه، وأنّه يستطيع تلبية تلك المطالب، بشكل أو بآخر، وأضاف: هناك -فقط – مئة شخص أو مئتان على الأكثر ممن يعملون جدياً بالسياسة، أو يتخذون منها مهنة لهم، وهؤلاء سيكونون ضده مهما فعل. وخلُص إلى أنّ سجن المزة -أصلاً- مبني من أجل هؤلاء. من هنا، لا يجانب الصواب من يقول إنّه لا يوجد ساسة في سوريا خارج إطار السلطة الحاكمة. المجلس العسكري

الآن، وبعد مرور ما يقارب العشر سنوات على انطلاق الثورة السورية، يواجه صانعو السياسة والمسؤولون عن حماية مصالح الشعب السوري وتعزيزها بيئة استراتيجية دولية وإقليمية أشد خطورة، وأكثر غموضاً وتعقيداً وإثارة للهواجس مما كان متوقعاً عندما أطلق السوريون ثورتهم. في مثل هذه الحالة تحتاج الشعوب إلى إجراء نقاش جاد للتوصل إلى سياسة واستراتيجية ناجحتين، والنقاش لكي ينجح بدوره، يحتاج أن يكون أولئك الذين تبوؤوا مواقع المسؤولية ومن يدعمهم، ووسائل الإعلام التي تراقب، والرأي العام الواعي، جميعهم مستعدّون للمشاركة، ولعلّ الأهم في مثل هذا الاستعداد هو تعلّم كيف نفكر وكيف نصوغ سياسة فعالة استراتيجية ناجحة، والتعلم عملية معقدة لأنّه لا توجد نظرية بهذا الخصوص تقدّم مفاهيم ومفردات مشتركة للنقاشات الفكرية البناءة والمشروعة.

رغم طول التجربة ومرارتها، ما زال التصحر السياسي الذي فرضه حكم البعث يفعل فعله، وما زالت النخب السورية في غالبيتها غير مؤهلة للتفكير العقلاني والانخراط في جدل بناء مبني على المعرفة لتحديد أفضل السبل لتحقيق الممكن. وتجلّى ذلك بكل وضوح من خلال التعاطي مع فكرة “المجلس العسكري” التي طرحت كصيغة بديلة لجسم الحكم الانتقالي الواردة في وثيقة “جنيف”، التي لم ترَ النور بعد سنوات، ولا يوجد مؤشر على أنّها ستراه، ومن دونها لا يمكن أن تكون هناك مرحلة انتقالية، وبالتالي لا يمكن تنفيذ القرار “2254”، الذي يضمن تطبيقه صيغة حل سياسي ينهي الصراع ويضع سوريا على سكة التعافي.

يقول المثل الإنكليزي: “كل إنسان قبطان في البحر الساكن”. ولكن هل يعقل أنّ بعض السوريين ما يزالون يرون حتى اليوم أنّ سفينتنا تطفو على سطح بحر ساكن؟ وهل يعقل أن يرتفع سقف المطالب لدى البعض لدرجة تشعر معها أنّ الثوار يحاصرون القصر الجمهوري؟ وهل يعقل أن يتم تناول هذه الفكرة وكأنّها نوع من المناكفات والكيدية؟. المجلس العسكري

لم يخطئ من قال: “السياسة فن الممكن، ولكن الذين يستطيعون تمييز الممكن قليلون”. وأغلب الظن أنّ صاحب فكرة المجلس العسكري برئاسة العميد مناف طلاس أحد القلة الذين يستطيعون تمييز الممكن، فالحالة التي وصلت إليها البلاد تحتاج إلى مرحلة انتقالية يقودها العسكر، ولا يستطيع إنكار ذلك سوى حالم أو مزاود. أما طرح اسم العميد مناف طلاس كرئيس للمجلس العسكري لا يخلو هو الآخر من الحكمة والدراية، فالعميد مناف طلاس قد يكون الشخصية الوحيدة التي تمتلك مزيداً من الحظ لأن تكون مقبولة من جميع الأطراف كشخصية توافقية، بالإضافة إلى كونه الشخص الأكثر خبرة وتأهيلاً لممارسة هكذا مهمة.

أغلب الظن أنّ فكرة المجلس العسكري هي أفضل ما تم طرحه حتى الآن لتحريك المياه الراكدة، ورفض الفكرة حق طبيعي شرط أن يكون مبنياً على أسس منطقية، مع ضرورة تقديم أكثر عقلانية وأكثر تماسكاً، والأهم أن تكون ممكنة. ا

ليفانت

————————

الاستنقاع في الحالة السورية وأسئلة حول مبادرات المعارضة

خلال الأسابيع الماضية ظهرت إلى السطح أكثر من مبادرة لتحريك الاستنقاع في الحالة السورية، خاصة بعد إصرار السلطة الطغمة على إفشال مسار جنيف في الجولة الأخيرة. من هذه المبادرات ما غزل على تسريبات روسية عن عدم رضاها عن سلوك النظام تجاه اللجنة الدستورية ومنها من غزل على تصريحات أوربية ومنها من غزل على تصريحات أطراف من النظام نفسه.

ويمكن ببساطة اعتبار هذه المبادرات (كاللجنة العسكرية واستطلاعات الرأي التي تجريها بعض أطراف المعارضة الموالية لروسيا) كمحاولات لإخراج الحالة السورية من حالة الاستنقاع إلى الفعالية وإيجاد حلول ولو جزئية، أو التفكير خارج الصندوق، على الأقل كما تدعي هذه الأطراف.

من أهم هذه المبادرات التي تم تداولها كان تشكيل مجلس عسكري بصيغة القسمة الثلاثية؛ يوزع مثالثة، ثلث للضباط المنشقين وثلث لضباط من جيش النظام والثلث الباقي لضباط متقاعدين، وبقيت مسألتي قيادة هذا المجلس وتوقيت تشكيله محط تعويم وتشويش. فكما عبر الفنان حمال سليمان فالمجلس سيكون بديلاً للمرحلة انتقالية ومحاولة لاستبدال القرار 2254 عبر مسار واسع التمثيل على حد تعبيره وإن لم يتطرق المذكور للبنية الأساسية للنظام القائم كالجيش والأمن.. الخ.

وعلى اعتبار أن اقتراح المجلس العسكري كما عبرت عنه أكثر من جهة قد جاءت بعد أن سمع بعض أطراف منصتي القاهرة وموسكو والقاهرة بعض التذمر ضمن تيارات محددة في إدارة بوتين فقد سارعوا لتقديم هذا المبادرة علّها تلقى أذناً صاغية لدى القيادة الروسية وبهذا يحققون سبقاً سياسياَ مشهوداً في كسر حالة الاستعصاء، لكن المبادرين يبدو أنهم نسوا أن إدارة بوتين لها رأس واحد هو بوتين نفسه ولديه منفذ محنك ووفي لسياسته هو وزير خارجيته لافروف وأما السماع لباقي الجوقة فليس أكثر من مزاح أو تشويش على أجواء التفاوض ولعب على الكلام والعواطف.

وفي كل حالة استعصاء على ما يبدو، تكثر الإشاعات والتوقعات والأخبار الكاذبة بسبب نقص المعلومات الموثوقة وبسبب انعدام الثقة واليأس والتشاؤم والإحباط وكثرة اللغط والتخبط في الوسط الشعبي عامة وفي أوساط المعارضة خاصة، لذلك تكثر خلافاتها وتزداد حدة النقاشات وترتفع نبرة الاتهامات، وتنبري فئة من تلك المعارضة غالباً على تقديم أفكار تعزز اليأس بربط مبادراتها وأفكارها بما “يريده الشعب” ويتحدث كأنه قد حاز فعلاً على تفويض شعبي، في الوقت الذي يمضغ الشعب، في الموالاة والمعارضة، خيباته ومآسيه وجوعه ورغبته في الخلاص من هذا الوضع المأساوي بأي شكل.

ولا يخفى على أحد من المشتغلين في الشأن العام السوري أن هناك عظمة كبيرة في حلق الثلاثي الضامن لأستانا وهو الوجود الأمريكي في الجزيرة السورية، الذي يمنع أي تقدم في أي مسار بديل لجنيف والقرار 2254 بل ويشدد على أن هذا المسار-جنيف- هو الحل الوحيد في سوريا ويعرقل جميع مساعي موسكو لتطبيع بعض الدول العربية مع دمشق والبدء بتمويل إعادة الإعمار وغيرها من المشاريع التي تريح النظام وتجعل وضعه أكثر طبيعية، لذلك نجد أن بيان أستانا 15 يعج بالشكوى والتحريض على هذا الوجود كما يعج بالاتهامات للإدارة الذاتية و PYD باعتباره حزباً إرهابياً ويتناسى البيان النظام السوري تماماً، وهنا يحق لنا أن نسأل الائتلاف إن كان ما يزال يعتبر نفسه سورياً أم يجب أن نخرجه من سوريا إلى تركيا؟!

يمكننا أن نختم أن جميع هذه المبادرات والمشاريع التي تحاول الالتفاف على جنيف والقرار 2254، بدءاً من مسار أستانا وسوتشي إلى الاستبيانات الموجهة إلى المجلس العسكري ما هي إلا محاولات لإخراج الملف السوري من يد المجتمع الدولي ووضعه في يد روسيا وتركيا وإيران، وينسى جميع من يحاول إخراج الملف من مسار جنيف والأمم المتحدة أن أي حل يستحق اسمه في سوريا يجب أن يمر بالضرورة عبر توافق أمريكي- روسي وعبر الأمم المتحدة بالضرورة، هذا الأمر- إخراج الملف السوري من جنيف- الذي لا يبدو أن الأمريكيين في وارد الموافقة عليه حتى الآن ولا في المستقبل المنظور على الأقل ناهيك عن محاولة إدارة بايدن تعزيز وجودها العسكري في الجزيرة السورية وعلى المثلث التركي العراقي السوري لضبط الحركة ومنع أي تدخلات تركية غير مرغوبة من قبل الأمريكان، بالإضافة إلى تصريحات بعض المسؤولين أن الإدارة الجديدة ليست معنية بحماية النفط بل بمحاربة داعش وهو الأمر السياسي الأهم من وجهة نظرنا في تيار مواطنة.

ومن بديهيات العمل السياسي الذي نراه في تيار مواطنة أيضاً الكف عن استعمال مقولة “الشعب السوري يريد” في كل مبادرة ومشروع لا علاقة فيها للشعب السوري وفقط ليقول صاحب هذا المشروع أنه يعمل في صالح هذا الشعب المسحوق من قبل جميع قوى الأمر الواقع وليقول أنه طالما لديه “مشروعية شعبية” فهذا المشروع هو الأصح. الشعب السوري في حالة من العجز تجعله لا ينظر ولا يسمع ولا يعطي رأيه ويمكن القول أنه كفّ عن أن “يريد” منذ هيمن السلاح والتطرف على كامل الساحة وأخرس جميع أصوات الاعتدال والتعقل.

تيار مواطنة

مكتب الإعلام 23 شباط/ فبراير 2021

—————————

اللجنة الدستورية السورية.. من هي وما سبب فشل 5 جولات وتفاصيل كاملة على لسان أعضائها

مرّت العملية السياسية في سوريا بعد اندلاع الثورة السورية بالعديد من المراحل، ولعلّ أبرزها حين أُعلن عن تشكيل اللجنة الدستورية السورية، والتي اعتُبِرت أول تنفيذ لأحد مقررات الاتفاق الدولي في جنيف ومن مخرجات القرار الأممي حول سوريا 2254، ورأى فيها البعض بارقة أمل تنهي معاناة عقد من الزمان للسوريين، لكنّها سرعان ما اصطدمت بعثرات عديدة نتيجة نوايا “خبيثة” يكنّها بعض المستفيدين بهدف إطالة أمد الصراع.

تاريخ تأسيس اللجنة الدستورية السورية

يمكن إرجاع اقتراح إنشاء اللجنة الدستورية السورية إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي تمّ تبنّيه في ديسمبر 2015، حيث وفّر القرار إطاراً لإنشاء مثل هذه اللجنة، لكن تمّ تأجيل تنفيذها إلى ما بعد محادثات السلام في جنيف حول سوريا ثم تأخر لاحقاً حتى تم التوصل إلى اتفاق إطاري تقريبي في روسيا في يناير 2018.

وتم الاتفاق على النسبة النهائية وعملية الترشيح لأعضاء اللجنة، وكذلك قواعد عملها في 23 سبتمبر 2019 بعد اجتماع بين مبعوث الأمم المتحدة “جير بيدرسون” ووزير الخارجية السوري السابق وليد المعلم، بعد اجتماعات مع المعارضة السورية والدول المعنية بالقضية السورية.

واجتمعت اللجنة الدستورية السورية لأول مرة في 30 أكتوبر 2019، الساعة 12:00 بالتوقيت المحلي في مكتب الأمم المتحدة في جنيف.

ويعتبر هدف اللجنة الدستورية السورية الأول هو صياغة دستور جديد للبلاد أو إعادة صياغة الدستور الحالي بشكل يتوافق عليه جميع الأطراف في سوريا، بما يضمن بعدها إجراء انتقال سياسي وانتخابات حرّة.

من هم أعضاء اللجنة الدستورية السورية

تتألف اللجنة بأكملها، التي يشار إليها باسم اللجنة الموسعة، من ثلاث مجموعات تضم كل منها 50 عضواً، حيث تم ترشيح المجموعة الأولى مباشرةً من قبل الحكومة السورية، والثاني تم ترشيحه مباشرة من قبل الهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية، والثالث يضم شخصيات من المجتمع المدني السوري، اختارتها الأمم المتحدة، وتم اختيار حصّة الأمم المتحدة من أعضاء من خلفيات دينية وإثنية وجغرافية متنوعة، نصفهم تقريباً من النساء.

كما أنّ 30 ٪ من جميع أعضاء اللجنة الدستورية السورية هم من النساء و7 أعضاء من الأكراد السوريين.

ويرأس اللجنة رئيسان مشاركان، أحدهما من قبل الحكومة السورية والآخر من المعارضة السورية، وهما هادي البحرة من طرف المعارضة وأحمد الكزبري من الحكومة السورية، ويساعدهم جير بيدرسون، مسؤول الأمم المتحدة كرئيس لجهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة في سوريا، إلا أنه ليس لديه أي منصب أو سُلطة رسمية في اللجنة ودوره هو فقط أن يكون وسيطاً طوعياً نزيهاً بين الجانبين.

اللجنة المصغرة

الهيئة المصغرة للجنة هي نسخة مختصرة من الهيئة الكبيرة، تشبه لجنة برلمانية، تضم 15 عضواً من كل مجموعة من مجموعات الهيئات الكبير (المعارضة والحكومة والمجتمع المدني)

ونشرت دراسة حول خلفيات أعضاء اللجنة الدستورية السورية جميعاً من معهد الشرق الأوسط للدراسات وفق أداة تفاعلية يمكن الوصول إليها هنا باللغة الإنكليزية، واللغة العربية.

أسماء أعضاء اللجنة الدستورية السورية:

أسماء أعضاء اللجنة المصغرة

تضم اللجنة من الوفد الحكومي: أحمد فاروق عرنوس، أحمد كزبري، أشواق عباس، أمجد عيىسى، أمل ياز جي، جمال قادري، جميلة الشربجي، دارين سليمان، رياض طاوز، عبد الله السيد، محمد أكرم العجلاني، محمد خير العكام، محمد عصام هزيمة، نزار السكيف، هيثم الطاس.

كما تضم اللجنة من وفد المعارضة: أحمد العسراوي، بسمة قضماني، حسن الحريري، حسن عبيد، ديما موسى، صفوان عكاش، طارق الكردي، عوض العلي، قاسم الدرويش، كاميران حاجو، محمد أحمد، محمد جمال سليمان، مهند دليقان، هادي البحرة، هيثم بن محمود رحمة.

أما ممثلو المجتمع المدني فهم: أنس زريع، إيلاف المحمد، إيمان شحود، خالد عدوان الحلو، رغداء زيدان، سمر الديوب، صباح الحلاق، صونيا حلبي، عصام الزيبق، علي عباس، عمر عبد العزيز، مازن غريبة، ماهر ملندي، موسى متري، ميس الكريدي.

وفيما يلي جدول بأسماء جميع أعضاء اللجنة الدستورية السورية من الوفود الثلاثة (الحكومة السورية، والمجتمع المدني، والمعارضة السورية).

وفد الحكومة السورية وفد المعارضة السورية وفد المجتمع المدني

1 – أحمد نبيل كزبري -هادي البحرة انصاف حمد

2 إيهاب حامد أليس المفرج إبراهيم الدراجي

3 أمجد ياسين عيسى بشار الحاج علي جمانة قدور

4 أمل فؤاد يازجي حسن الحريري جورج الياس شمعون

5 أيهم عبد الرحمن الحوراني ديما موسى حازم فصيح العشي

6 بشير الحلبوني رياض الحسن خالد عدوان الحلو

7 تركي عزير حسن صفوان عكاش دحام احمد الهادي

8 جازية الشيخ علي طارق الكردي دورسين حسين الأوسكان

9 جانسيت عدنان قازان عبد الأحد اسطيفوا ربا عبد المسيح ميرزا

10 جمال عبد الرزاق قادري عبد الحكيم بشار رشا يونس لحلح

11 حسن عبد اللـه الأطرش عروب المصري رغداء زيدان

12 حسين فوزي فرحو عوض العلي رئيفة سميع

13 خالد خزعل خزعل فراس الخالدي سليمان عبد الله القرفان

14 خالد موسى العبود قاسم الخطيب سمر جورج الديوب

15 دارين عبد السلام سليمان كاميران حجو سميرة مبيض

16 رائدة ياسين وقاف كبرائيل كورية سومر منير صالح

17 رضوان إبراهيم مصطفى محمد رشيد سونيا محمد سعيد الحلبي

18 رياض علي طاووز محمود عطور صابر علي بلول

19 ريمون صبرة هلال مهند دليقان صباح الحلاق

20 سعيد عبد الواحد نحيلي نبراس الفاضل عبد الاحد سمعان خاجو

21 شيرين عبد العزيز اليوسف هيثم رحمة علي أحمد عباس

22 صفوان محمد القربي ياسر الخميس علي محمد اسعد

23 طالب قاضي أمين ياسر الفرحان انغام ابراهيم نيوف

24 طريف عبد المجيد قوطرش يحيى العريضي فائق حويجة

25 عيسى مد اللـه المخول يحيى عزيز مازن درويش

26 غسان سليمان عباس يوسف سلمان مازن غريبة

27 فهد أحمد العدوي إبراهيم الجباوي محمد خير ايوب

28 محمد أكرم العجلاني إدوار حشوة محمد غسان القلاع

29 محمد براء أحمد رشدي القاطرجي أحمد الأحمر ممدوح الطحان

30 محمد خير أحمد العكام أحمد العسراوي منى اسبيرو سلوم

31 محمد خير فارس كنهير أحمد طعمة منى جندي

32 محمد عصام أحمد هزيمي أنس العبدة منى فضل الله عبيد

33 محمد علاء محمد محجوب التيناوي بدر جاموس ميس نايف الكردي

34 محمد ماهر عبد اللـه العلبي بسمة قضماني إيلاف ياسين

35 محمد ماهر قباقبي بشار الزعبي نائل جرجس

36 موسى إليان عبد النور جمال سليمان حلا نعوم نهمة

37 موعد محمد ناصر حسن عبيد عبود السراج

38 نزار صادق صدقني سامي بيتنجانة عصام التكروري

39 نزار علي سكيف عبد الباسط الويس عصام الزيبق

40 نورا أريسيان عبد المجيد بركات عمر عبد العزيز الحلاج

41 هيثم حسن الطاس عشتار محمود محمد ماهر قباقيبي

42 إيمان يحيى حمدان عمار النحاس منى خيتي

43 أحمد محمد فاروق عرنوس محمد السعدي موسى خليل متري

44 أشواق أيوب عباس محمد علي الصايغ هادي قاوقجي

45 أنيسة عبود محمد نوري أحمد إيمان شحود

46 جميلة مسلم الشربجي محمد ياسر دلوان هيثم محمد محروس حسن

47 عبد القادر عمر قبلان مرح البقاعي أحمد طالب الكردي

48 عبد القادر محمد شعبان عزوز هشام مروة انس غسان زريع

49 عبد اللـه محمد السيد هنادي أبو عرب بهجت حجار

50 مهى العجيلي يوسف قدورة جافية علي

العملية الإجرائية المتفق عليها بعمل اللجنة

يجب تقديم جميع المقترحات أولاً في اللجنة المصغرة، وإذا تم قبول مسودة الاقتراح من قبل اللجنة المصغرة، يتم تمريرها للتصويت في اللجنة الموسعة، ولا يتم اعتماد الاقتراح إلا إذا قبلته كلتا اللجنتين.

أي قرار من كل من اللجنة الموسعة أو المصغرة لا يمكن أن يمر إلا إذا كان يتمتع بدعم الأغلبية العظمى التي تتكون من 75 ٪ من أعضاء اللجنة المعنية، ومع ذلك، يتم توجيه اللجنة لاتخاذ القرارات بتوافق الآراء كلما أمكن ذلك.

إذا تمكنت اللجنة الدستورية السورية من صياغة دستور سوري جديد كامل، فسيتم طرحه بعد ذلك على استفتاء تحت مراقبة الأمم المتحدة للموافقة عليه من قبل الشعب السوري.

على الرغم من ذلك، تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الدستورية السورية ليس لها وضع قانوني رسمي داخل سوريا وأن القرارات التي اتخذتها ليست ملزمة في القانون السوري حتى الآن، حيث أن تشكيل اللجنة لا يتماشى مع عملية التعديل الدستوري المحددة من الدستور السوري الحالي 2012.

جولات خمس.. أبرز ما جرى فيها

الجولة الأولى:

بدأت الجولة الأولى من اللجنة الستورية السورية بحديث الرئيس المشارك، الذي رشحته الحكومة السورية، أحمد كزبري، عن “الإرهاب” وأشاد بـ “تضحيات والأعمال البطولية” للجيش السوري، بينما صرّح الرئيس المشارك المرشح للمعارضة، هادي البحرة، بأنّ الوقت قد حان “للاعتقاد بأن النصر في سوريا الذي يحقق العدالة والسلام وليس الانتصار في الحرب”. ولم يتصافح الرئيسان المشاركان في نهاية حفل الافتتاح الذي استمر 45 دقيقة.

وفي ختام الجولة الأولى لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا جير بيدرسن إن طرفي الاجتماعات وافقا على أمور عدة، لكنه أكد صعوبة المحادثات ووجود ملفات لم تفتح بعد.

الجولة الثانية:

استمرت العشوائية بين الوفود وفشل مسؤولو الأمم المتحدة بقيادة بيدرسون من عقد اجتماعي ثلاثي بين الوفود الثلاثة (النظام والمعارضة والمجتمع المدني)، واشتدت الخلافات من جديد.

وحاول وفد الحكومة تقديم أوراق خارج سياق اللجنة مثل طلبات برفع العقوبات وإدانة الإرهاب وإدانة ما وصفه بالغزو التركي، وأمور أخرى سياسية لا علاقة لها بهدف الاجتماع.

ومن جهتهم حاولت وفود المعارضة والمجتمع المدني تقديم جداول واقتراحات مبدأية للتشاور من أجل استمرار عمل اللجنة، فيما لم يتمكن أحد من إيجاد الثغرة للحل وانطلاق الاجتماعات الرئيسية.

وفي تصريح صحفي، قال المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون: “اختتمنا الدورة الثانية من اللجنة الدستورية السورية، ولم يكن من الممكن الدعوة إلى عقد اجتماع المجموعة المصغرة، لأنه لم يكن هناك اتفاق على جدول الأعمال”.

الجولة الثالثة

لم تشهد الجولة الثالثة ما هو جديد سوى إصابة بعض أعضاء وفد الحكومة السورية بفيروس كورونا، بينما تواصلت الخلافات رغم الاجتماع بين أعضاء وفود اللجنة المصغرة برعاية أممية، وحول ذلك صرّح بيدرسون قائلاً: “لم نصل لمرحة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف بسبب وجود اختلافات عميقة في وجهات النظر”.

الجولة الرابعة

شهدت الجولة الرابعة الاتفاق الأول من نوعه والذي كان حول موعد الجولة الخامسة وجدولها الزمني، بينما قدّمت الأطراف في هذه الجولة بعض القضايا التي يجب بحثها.

وركّز وفد الحكومة خلال المناقشات بهذه الجولة على العقوبات وعودة اللاجئين، فيما سعى وفد المعارضة، برئاسة هادي البحرة، للتركيز على ملفات الحل السياسي، وضرورة أن يضمن الدستور الجديد حقوق اللاجئين والنازحين، ويمنع تكرار عمليات الاختطاف والاعتقالات ويحقق العدالة.

وقال بيدرسون عن هذه الجولة إنه لاحظ مع فريقه “أرضية مشتركة” حيال بعض القضايا بين المشاركين.

الجولة الخامسة

عُقدت الآمال على الجولة الخامسة بالاتفاق على المضامين الدستورية، والبدء بمناقشة قضايا رئيسية تخص الدستور وفق الهدف الأساسي للجنة بعيداً عن التجاذبات السياسية والأطروحات والتفاصيل التي لا تمت للّجنة بصلة.

وحاول بيدرسون دفع العملية السياسية في اللجنة الدستورية السورية إلى الأمام من خلال زيارات مكوكية إلى عواصم البلدان المعنية بالقضية السورية، إلا أنّ الجولة انتهت بتأكيده أنها كانت “مخيبة للآمال” ولم يتم الاتفاق على موعد الجولة الجديدة حتى، نتيجة استمرار إغراقها بتفاصيل بعيدة كل البعد عن الهدف الرئيسي.

كيف تتم الجولات بين الوفود؟

منذ إطلاق الجولة الأولى وما حملته من مشاحنات لاتزال الأمم المتحدة ومبعوثها تحاول جمع الأطراف على طاولة واحدة لمناقشة سبل التوصل لاتفاق يقضي بالبدء بتناول مضمون الدستور المنتظر.

وحول ذلك يقول عضو اللجنة الدستورية السورية، بشار الحاج علي، خلال لقاء مع وكالة ستيب الإخبارية: “الحضور يتم في قاعة الأمم المتحدة في جنيف، من جميع الوفود وجهاً لوجه، ويقوم المبعوث الأممي بنقل الأفكار بين الأطراف فقط، بينما يتدخل حينما يكون هناك شيء معطل”.

ويلفت الحاج علي إلى أنه يجري مناقشات سياسية عامّة خلال الاجتماعات، مؤكداً أن المعارضة تعمل بجد وتتبع الأمل من أجل الوصول إلى حل.

ويوضح بأن وفد المجتمع المدني شبه منقسم حيث يوجد طرف يعمل وأقرب للمعارضة ومع التغيير، وطرف يعمل بحيادية وهم قلّة، وطرف آخر مع النظام السوري وهم مُعطِّلين.

ويضيف: “الجولة الرابعة كانت فيها أجواء إيجابية دون أي نتيجة حقيقة، وكانت مستندة إلى أن الجولة الخامسة ستدخل في لُبّ اختصاص اللجنة، لكن من يعرف النظام يعلم أنه لا يمكن لوفده أن يدخل في نقاش دستوري حقيقي، وهذا هو جوهر الخلاف، رغم أن السقف الزمني المفترض لعمل اللجنة هو 6 أشهر”.

أبرز نقاط ضعف اللجنة الدستورية السورية

سادت خلال الجلسات الخمس السابقة حالة المماطلة والتسويف وفرض وفد النظام مناقشة ما سماه بالمبادئ “الوطنية” والتي أفضت إلى أوراق قدمها كلاً من المعارضة والنظام في الجلسة الرابعة.

وتقول عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني، سميرة المبيض، خلال لقاء مع وكالة “ستيب الإخبارية”: “أظهرت هذه الاوراق تناغماً في المفاهيم المطروحة من الوفدين بعيداً عن مصالح السوريين وعن هدف التغيير الجذري في سوريا، مما أدى إلى حالة توجّس محقّة بين السوريين بكون المسار يتجه نحو إعادة تدوير أطر المنظومة السابقة”.

وتشرح المبيض بأنّ أبرز نقاط ضعف اللجنة الدستورية السورية كانت بعدم شمولها لكافة أطياف الشعب السوري، وبشكل خاص غياب منطقة شمال شرق سوريا “قوات سوريا الديمقراطية” عن اللجنة، أما تواجد المرأة تقول: “جاء ضعيفاً غير كافٍ وغير فاعل ولا يحقق النسبة التي نطالب بتحقيقها في مستقبل سوريا وهي خمسين بالمئة، وذلك توجه ينتقص من انعكاس صوت الشارع الحقيقي في اللجنة الدستورية ويعيق النهوض بمطالب السوريات لتكون ذات أولوية في الدستور السوري الجديد”.

وتنتقد عضو اللجنة أداء وفد المعارضة معتبرةً أنه اتسم بانعدام الشفافية وبعدم الحزم تجاه طروحات النظام السوري، وتبيّن أنه نتيجة الانجرار في حالة المماطلة والتسويف، غاب وجود أي صوت مستقل للوفد المدني لأن اختيار أعضاؤه جاء بشكل حصري من طرفي المعارضة والنظام بما يتلاءم مع توجهات كلا القطبين، في حين كان من الضرورة الحفاظ على صوت مستقل يرفع مصلحة السوريين كأولوية قصوى في أي ظروف.

وتؤكد أن النظام السوري كسب الوقت لغاية الانتخابات الرئاسية القادمة والتوجس الأكبر هو أن تدخل المعارضة الرسمية في اللعبة الانتخابية الفاقدة لأي شرعية نحو تقاسم السلطة مع “نظام الأسد”.

وترى سميرة المبيض أن اللجنة الدستورية السورية تسير على مسار مفاوضات جنيف بتتابع لا جدوى منه وسينتهي دون أي منجز يصب بعملية تغيير حقيقي، لذلك تعتقد أنه يتوجب تقويم هذا المسار والتصدي لإطالة معاناة السوريين وأخذ العبرة من المسارات السابقة التي انتهت بفشل وصراعات بينية ضمن صفوف المعارضة.

9 أخطاء ارتكبتها المعارضة خلال التفاوض

من خلال الجولات الخمس الفائتة التي أكدت فشل المسار حتى تاريخ آخر جولة “الجولة الخامسة”، بدأت تتحدث بعض أصوات المعارضة عن أخطاء ارتُكِبت خلال المفاوضات ومن بينها الدخول بـ”اللجنة الدستورية” ذاتها.

وحول ذلك قدّم الحقوقي وعضو اللجنة الدستورية السورية، إدوار حشوة، ورقة يشرح فيها الأخطاء التسعة التي ارتكبت خلال التفاوض، وقد خصّ “وكالة ستيب الإخبارية” بنسخةٍ منها.

الأخطاء الـ 9 بحسب إدوار حشوة هي:

أخطأت هيئة التفاوض العليا في قبول طريقة السلال الأربع بديلاً عن الانتقال السياسي وحسب القرار ٢٢٥٤.

أخطأت هيئة التفاوض في قبول عكس التسلسل الوارد في القرار الدولي من انتقال سياسي إلى انتخابات إلى دستور إلى لجنة دستورية، ودستور وانتخابات، ثم انتقال سياسي.

أخطأت هيئة التفاوض في طريقة تشكيل اللجنة الموسعة على أساس الحصص بين مكوناتها دون اشتراط الكفاءة الدستورية.

أخطأت هيئة التفاوض في اعتماد الحصص في تشكيل اللجنة المصغرة المفاوضة، فجاءت ضعيفة في كفاءتها الحقوقية والدستورية.

أخطأت هيئة التفاوض في قبول طريقة التفاوض “المهينة” بحيث لا يسلّم أو يتحدث رئيس وفد الحكومة ولا وفده مع رئيس ووفد المعارض إلا عبر المبعوث الدولي.

أخطأت رئاسة اللجنة في العودة إلى بحث الثوابت خارج الدستور بحجة تشجيع وفد الحكومة على العودة للتفاوض.

أخطأت رئاسة اللجنة في اعتماد سياسة كسب رضى المبعوث الدولي والظهور كطرف ايجابي على حساب كرامة المعارضة.

أخطأت رئاسة اللجنة في اتباع طريقة تبادل الخطابات وتحويل عمل اللجنة من الدستور إلى منابر سياسية فيها الكثير من الشتائم والخلافات.

أخطأت اللجنة في قبول اقتراحنا بضرورة وقف أي تبادل للخطابات منذ اليوم الأول لا الأخير، والصمت مع الإعلان بالحضور والجاهزية حتى يوافق وفد النظام على البحث في الدستور.

وختم الحقوقي السوري حديثه بالمطالبة بحجب الثقة عن اللجنة المصغرة أو إعادة تشكيلها، لإعادة التوازن إليها بين السياسي والحقوقي الدستوري من ضمن الكفاءات الموجودة في اللجنة الموسعة وبنسبة ٥ للمكونات السياسية و١٠ الكفاءات بغض النظر عن حصص المكونات، وإيداع هذه المذكرة إلى هيئة التفاوض بعد التصويت على الاقتراح سلباً أو إيجاباً.

أبرز معوقات العمل في اللجنة الدستورية السورية

انتهت الجولات الخمس خلال فترة نحو 7 أشهر دون تحقيق أي نتائج تذكر، رغم أن الحديث جرى عن سقف زمني لا يتعدى 6 أشهر يتم خلالها تعديل الدستور الحالي “دستور 2012” أو إعداد دستور جديد ثم الانتقال إلى تنفيذ نقطة أخرى من القرارات الدولية، فما الذي يعيق عمل اللجنة حتى الآن؟

يقول الحقوقي حسن الحريري، عضو اللجنة الدستوري لـ”ستيب الإخبارية”: “تتمثل المعوقات بشكل مباشر بعدم تجاوب وفد الحكومة بالانخراط وتقديم نصوص دستورية تقدم لولادة دستور جديد وهذا الموقف من قبل وفد الحكومة يقف خلفه قوة دولية هي روسيا التي لم تقم بالضغط على النظام السوري للانخراط بجدية، وهذا يعود إلى عدم تفاهم الأطراف الدولية على اعتبار أن النزاع السوري بثق منه نزاع دولي على الأرض السورية”.

ويلفت الحريري إلى أن النظام السوري يأمل من خلال تعطيل عمل اللجنة الدستوري أن تتغير الموازين الولية بما يحقق له مكاسب سياسية.

ويؤكد بذات الوقت بأن إقرار عمل اللجنة الدستورية وبدء المفاوضات من خلال الجولات، هو أول اتفاق سياسي بين النظام وقوى الثورة والمعارضة، وهو يمثل بوابه لتنفيذ القرار الدولي ٢٢٥٤ من وجهة نظر المبعوث الدولي والدول الراعية، من خلال انتاج فكرة السلال الأربعة ومن ضمنها السلة الدستورية.

ويلفت إلى أن هذا المسار لا يقفل الباب أمام فتح باقي السلل ومنها هيئة الحكم، حيث هناك اتفاق تم بموجبه إقرار مبدأ “لن يتم اقرار شيء ما لم يتم الاتفاق على كل شيء”، بينما يعتبر بأن وفد الحكومة لا يملك الحرية في التعاطي بالنقاشات الدستورية، كما هو الحال لدى وفد المعارضة، وهو لدية استراتيجية معينه تم تقييده فيها من قبل الجهات الأمنية وقيادتها، وعليه هذا الوفد لا يمتلك القرار الحر والجرأة في التعاطي مع انتاج دستور لسورية الجديدة.

ويشدد الحريري على أن اللجنة الدستورية السورية لن تبقى بدون سقف زمني لعملها وهو أمر تطرحه هيئة التفاوض المعارضة بشكل مستمر، أما بخصوص إمكانية انسحاب وفد المعارضة فهو بيد هيئة التفاوض العليا.

لم تحظى بمشروعية سورية

بدأت اللجنة الدستورية السورية أعمالها بقرار وتوافق أممي ودولي على أمل أن تكون بوابة للدخول إلى مراحل الحل السياسي المنصوص عليها بالقرار 2254 وقرار جنيف، لكنّها ليست جسم مشروع بحسب الخبراء وفق القوانين السورية.

وحول ذلك يتحدث المحامي وعضو اللجنة الدستورية السورية، سليمان القرفان لـ”ستيب الإخبارية”، مؤكداً أنّ وجود هذا الجسم لم يحظى بأي مشروعية سورية إلا أنه يحظى بشرعية دولية، وبمجرد لحظة توافق دولي على الحل في سورية فممكن أن تنقلب هذه اللجنة إلى هيئة حكم انتقالي أو برلمان خاص.

ويقول: ” لو أمعنا النظر في تشكيلتها فهي تم اختيارها بعناية حيث تم اعتماد التمثيل الاثني والديني والعرقي والجغرافي بحيث باتت أكبر جسم تمثيلي للسوريين”.

ويجدد القرفان التأكيد على أن وفد الحكومة يضع العراقيل للدخول بمناقشة المضامين الدستورية وهو يصر على إضاعة الوقت أملاً بإطالة أمد النظام القائم، ويساعده في ذلك عدم وجود ضغوط حقيقية من الطرف الروسي الذي أجبره على الموافقة على المشاركة باللجنة الدستورية.

ويعتبر أن المعارضة اضطرت الدخول والقبول بالبدء باللجنة الدستورية في حين كان يفترض أن تكون اللجنة بعد هيئة الحكم الانتقالي، ولا يعتقد عضو اللجنة أن الموافقة هو بالخطأ الكارثي كما يراه آخرون، معللاً ذلك بأنّ النظام السوري ما كان يريد للجنة الدستورية أن تتشكل أو أن تبدأ أعمالها، ويحاول النظام السوري اليوم إفشال عملها على أمل أن تكون مبادرة التعطيل والانسحاب هي من وفد المعارضة.

ويشدد القرفان بأن على الأمم المتحدة العمل والضغط على وفد الحكومة لمنع استمرار تعطيل عمل اللجنة ووضع سقف زمني لها أو الإعلان صراحةً عن فشل اللجنة والقول بشكل جلي وواضح أن النظام السوري وحلفائه غير جادين وهم المسؤولين الوحيدون عن تعطلها، ويرى أن الجولة القادمة ستكون حاسمة حيال الأمر.

استقالات بالمعارضة ووفد الحكومة يرفض التعليق

مع وصول اللجنة الدستورية السورية في نهاية الجولة الخامسة إلى طريق مسدود، كان وفد المعارضة يشكو من بعض الخلافات الداخلية بين منصاته المختلفة، وسط تعالي أصوات تطالب بوقف ما وصف بـ”المهزلة العبثية”.

وعلى إثر ذلك خرج العميد عوض العلي، عضو اللجنة المصغرة عن وفد المعارضة في اللجنة بقرار وصفه البعض بـ”الشجاع”، حيث أعلن نهاية الشهر الفائت استقالته من اللجنة.

ووفق بيان له أكد العلي أن رئيس وفد الحكومة المشارك قد صرح منذ، بداية الجولة الأخيرة أنهم موجودون لإجراء مناقشاتٍ ومداولاتٍ وليس لصياغة دستور، وهو ما يعطي الجلسات “عبثية” بدون جدوى.

وحاولت وكالة ستيب الإخبارية التواصل مع العميد عوض العلي ومعرفة إمكانية عودته عن استقالته، إلا أنه رفض التصريح واكتفى بالتأكيد على بيان الاستقالة في المرحلة الراهنة.

أما وفد الحكومة السورية والذي يتألف من أعضاء بمجلس الشعب وقياديين من حزب البعث، فقد رأى المراقبون بأنهم لا يمثلون سوى أداة للنظام السوري لهدف محدد لهم ولا يملكون جرأة لتغيير موقف أو التعبير عن رأي مستقل، وقد حاولت “وكالة ستيب الإخبارية” الاتصال بطرق “مختلفة” ببعض شخصيات الوفد لمعرفة وجهة نظرهم أو تعليقهم على ما يجري، مع العلم أنهم ينظرون لوسائل إعلام خارج عباءتهم بأنها “إرهابية”، إلا أنّ الرد كان متوقعاً برفض التصريح، بل وحتى رفض الرد على الرسائل والاتصالات.

معركة سياسية ومسارات رديفة

في أجواء تسودها السلبية على المستوى السياسي مع نهاية الجولة الخامسة ومحاولة المبعوث الأممي من خلال جولات مكوكية، إحياء عمل اللجنة وتحديد موعد جديد، تبقى باقي سلال القرارات الأممية حول سوريا المتفق عليها مجمدة تماماً.

وكانت وكالة ستيب الإخبارية قد أجرت حواراً مع رئيس وفد المعارضة، هادي البحرة، أكد خلاله أن المعركة حالياً هي معركة سياسية، ولها مسارات رديفة، وهي المسار الدبلوماسي والمسار الاقتصادي (العقوبات)، والمسار القانوني (العدالة والمساءلة والمحاسبة)، وتصّب نتائجها بما يخدم تفعيل العملية السياسية بكامل أقسامها الواردة في قرار مجلس الأمن 2254، أي إقامة الحكم الانتقالي الشامل للجميع وذو مصداقية وغير قائم على الطائفية.

ويقول البحرة: “العملية الدستورية التي بدأت عملها في اللجنة الدستورية السورية لإنجاز مشروع دستور جديد لسوريا يعرض للقبول العمومي (الاستفتاء)، والعملية الانتخابية التي تجري وفق الدستور الجديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، وأخيرًا مكافحة الإرهاب وبناء جيش وقوى أمن وطنية”.

وأوضح أن اللجنة الدستورية السورية، هي “الجزء الحي حالياً من العملية السياسية لتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، التي يوجد توافق دولي بخصوصها، والنظام يهدف لتعطيل ذلك القرار وتجاوزه، وبالتالي تجاوز أهداف وتطلعات الشعب السوري السياسية والقانونية والإنسانية، وتحويل المفاوضات إلى مفاوضات عسكرية وأمنية وتبادل مصالح بين النظام وباقي الدول”.

وختم الرئيس المشارك لوفد المعارضة في اللجنة الدستورية السورية حديثه لستيب، قائلاً: “نستطيع القول إنه في حالة إنجاز اللجنة لمهمتها، فذلك سيفعل العمل على باقي المحددات في العملية السياسية كما وردت في قرار مجلس الأمن، مما سيحدِث عملية انتقال سياسي منظَّم عبر الدستور والقوانين المنبثقة عنه، وفي حال إفشالها بشكل واضح من قبل النظام، فذلك سيعيد الملف إلى مجلس الأمن ويؤدي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة”.

الخُلاصة

يؤكد أعضاء وفد المعارضة ووفد المجتمع المدني أن العمية السياسية في اللجنة الدستورية السورية لا تخلو من الأخطاء والتجاوزات والتلاعب في الوقت والتفاصيل بعيداً عن المضمون، وسط اتفاق كامل على أن وفد الحكومة مسؤول بشكل مباشر عن عملية التعطيل لأهداف وغايات معيّنة، بينما لا يزال المسؤولون الأمميون برئاسة المبعوث “بيدرسون” هم مجرد أداة تقارب دون أن يعوا بأن وفد الحكومة لم يأتي إلى جنيف لذات الغاية التي جاءت بها باقي الوفود، وحتى تصل تلك الفكرة إلى بيدرسون يعزم النظام السوري في الصيف المقبل إجراء انتخابات رئاسية متذرعاً بفشل المسار السياسي التفاوضي من جهة وشرعيته المُطلقة بالحكم وعدم وجود علاقة بين “الدستورية” وتجديد ولاية متوقعة لرئيس النظام السوري، بشار الأسد بتلك الانتخابات، وعليه استطاع النظام السوري الوصول إلى مرحلة تنسف كل المراحل التي وصل إليها المسار السياسي وسيعيده للصفر من جديد ليستمر بحكم أنقاض بلد شبه منهار اقتصادياً، وستشهد الأيام والشهور القليلة قبل إجراء تلك الانتخابات محاولات إجراء جولة جديدة يتوقع ألّا تختلف عن سابقاتها.

—————————————

==================

أي مجلس عسكري تحتاجه سورية؟/ عمر الشيخ إبراهيم

انشغل السوريون، في الأيام الماضية، باقتراح أحد شخصيات المعارضة على الروس إنشاء مجلس عسكري يقود سورية، بقيادة ضابط بارز منشقّ عن النظام منذ عام 2012، وهو نجل أحد أركان نظام الأسد الأب والابن، وتقول الروايات إنه كان يفتخر بتوقيع أحكام الإعدام على معارضي نظام حافظ الأسد، كما أن “الجنرال” المقترح، مثلما أخذ يسميه مريدوه، كان أحد المقرّبين جداً من باسل الأسد ومن ثم بشار. وهنا تثمّن المقالة موقف أي شخص انحاز إلى الشعب ومطالبه ورفض الإجرام، وعند استحضار سيرة الوالد أو العائلة، فلكونه العامل الرئيسي في حيثية هذا الشخص، وهذا الأمر هنا توصيف للواقع لا أكثر. ولكن لا يمكن غضّ النظرعن الشخصية المقترحة، والتي أصبحت قيادة المجلس العسكري كأنها وكالة حصرية لها (للتنويه، لم يصدر عنه أي تصريح يفيد برغبته بهذا المنصب)، بطريقةٍ مشابهةٍ تماماً لما دأب عليه نظام الأسد في حكم سورية، وكذلك رموز المعارضة، من حيث التمترس بالمنصب، كما يتمترس الجندي في محرسه، فإن من حقنا أن نتساءل: هل تحتاج سورية إلى مجلس عسكري؟ هل سيشكل رأس الدولة هذا المجلس أم سيكلف بمهام محددة؟ هل من صفات محددة للشخصية العسكرية التي ستقوده؟

تحتاج سورية، في ظل تعفن جرحها واتساع الشرخ الاجتماعي بين مكوناتها، وعدد المجموعات المسلحة، إضافة إلى حجم الجرائم المرتكبة، جسما عسكريا قويا ومركزيا تحت إدارة مدنية سياسية، سيوفر طاولة يجتمع حولها أبرز قادة التشكيلات المسلحة المسيطرة على القطاعات والمناطق، بحيث يتم إشراكهم في صناعة القرار (أقله لإشباع غريزة السلطة لديهم) وتحمل المسؤوليات والالتزام بما يصدرعن المجلس المدني الحاكم من أوامر وقرارات. كما توكل له مهام محدّدة، ربما مفيد أن تبدأ بحماية الجسم المدني الحاكم الذي سينتج عن الحل السياسي، ويكون أداته في فرض سلطة القانون والأمن والحفاظ على ما تبقى من مؤسسات الدولة السورية ورأس المال البشري، وكذلك الحفاظ على السلم الأهلي والحيلولة دون اندلاع حربٍ أهلية على أساس طائفي أو قومي، أو انزلاق السوريين إلى سلوك الثأر والانتقام، أفرادا أو مجموعات، على مستوى طبقي أو قبلي أو مناطقي، يساعد على ذلك كله جمع هذا الجسم العسكري السلاح الفوضوي وضبطه، ودمج المجموعات المسلحة بمؤسسات الدولة، وفق استراتيجية معينة يكون للمجتمع الدولي، وللدول الفاعلة في المشهد السوري دور خاص فيها، من حيث الدعم السياسي والتقني والمادي، وعلى مستوى التدريب والتطهير وإعادة التأهيل، وخصوصا في فترة الحكم الانتقالي، وربما يساعد ذلك في استقرار المراحل اللاحقة له. ولكن قطعاً يجب اتخاذ كل التدابير التي تحول دون تغوّل هذا الجسم على الدولة، بحيث يصبح الحاكم، خصوصا أن هذا السلوك متجذّر لدى العسكر في منطقتنا، وربما ستشجعه على ذلك أنظمةٌ تريد الحفاظ على نظام الحكم العربي التقليدي، أو إعادة إنتاجه بشخوص وأسماء مختلفة.

وبطبيعة الحال، يحتاج هذا الجسم العسكري شخصية متمرّسة تقوده، تكون قد تسلسلت في الحياة العسكرية وفق الأنظمة المرعية، وليس وفق عامل الوراثة أو الواسطة. وتكون شخصية منضبطة ومستقلة، تحظى باحترام وتقدير لدى غالبية الأطراف، بما في ذلك المؤسسة العسكرية التابعة للنظام. وبطبيعة الحال، أن يكون سجلها نظيفا مادياً وجنائياً، فهل يحظى “الجنرال” المقترح بهذه الصفات؟

أحد أوجه التشوه في اللاشعور الجمعي السوري هو استحضار الماضي، والإعجاب بشخوصه، والعمل على إعادة تجربته في الحاضر المختلف اختلافاً كلياً عن سورية الاستقلال والوحدة، والبعث الذي ساهم في ترسيخ هذا التشوّه، عبر أدوات عدة، من بينها الإعلام، بحيث سوّق ثنائية الأخوين القائدين، أحدهما سياسي والآخر عسكري، حافظ ورفعت، ثم بشار وماهر، ثم يحاول بعضهم اليوم ترسيخ ثنائية من هذا القبيل وإسقاطها على المعارضة والثورة، فهل دفع السوريون كل هذه التضحيات من أجل إنتاج عائلة حاكمة أو حكم بقيادة شخصياتٍ ولدت وترعرعت في ظل نظام الأسد الأب والابن، وبنت مكانتها من خلاله؟ هل أصبحت قيادة المجلس العسكري المقترح حكرا على شخصياتٍ كسبت “حيثيتها” بالوراثة؟ ألا يوجد عشرة ضباط في سورية على الأقل يستحقون قيادة جسم عسكري كهذا؟

هناك عشرات من الضباط المشهود لهم بالكفاءة والوطنية، ويستطيعون قيادة جسمٍ كهذا. والأهم من هذا كله لديهم الاستقلالية والقدرة على قول “لأ” داخلياً وخارجياً، في الوقت الذي تقول فيه الغالبية “نعم” لاستمرار مكاسبهم ومواقعهم. ولحالة الرفض هذه أهمية كبرى في ظل النظام السلوكي والقيمي الذي استشرى داخل المنظومة النفسية لمن يتصدّر المشهد السوري اليوم، موالاة ومعارضة، بحيث أصبح سلوك التبعية ظاهرة مشتركة وعلنية لا نستطيع نكرانها، وينصبّ الاهتمام والتركيز والعمل من خلالها في الإبقاء على الامتيازات والمكاسب، ربما يبرّرها بعضهم بالعمل وفق منطق المصلحة والتحالفات الذي يحكم عمل السياسي. ولكن ماذا عن ضوابط عمل العسكري؟

إحدى أهم التحدّيات التي تواجه الشخصية السورية اليوم، إلى جانب الأنانية والكِبر وسلوك الدسائس، هي التبعية، وفقدان القدرة على الرفض، على قول كلمة “لأ”. حالة الرفض الفردي والجماعي عامل اتزان واستقرار ومؤشّر صحي في فكر الأفراد والمجتمعات وسلوكهما، وتزداد أهميتها لدى العاملين في الشأن العام. وفي هذا السياق، كان من اللافت جداً أن نشهد استقالة عضو من اللجنة الدستورية المصغرة ذي خلفية عسكرية! في وقت كنا ننتظر أن تتخذ قرارا كهذا شخصية سياسية معارضة للنظام منذ زمن، أو كنا نعوّل على أن يكون أعضاء “المجتمع المدني” في هذه اللجنة هم السباقون إلى قرارٍ كهذا.

إذن، لماذا أتت حالة الرفض هذه من شخصية عسكرية منشقّة عن النظام، وليس من سواها؟ ألا يعد هذا مؤشرا على وجود شخصيات عسكرية تتصرّف وفق منظومة قيمية وطنية بعيدة عن التبعية؟ أليس هذا ما نحتاجه اليوم في سورية، شخصيات مستقلة غير محسوبة على دولة ما، ومتحرّرة أيديولوجيا وحزبياً من الولاءات الضيقة؟ لماذا لا تطرح أسماء كهذه شخصيات لقيادة الجسم العسكري المقترح؟ من الضروري جداً طرح أسماء شخصيات عسكرية كهذه للرأي العام، لديها المؤهلات التي تمكّنها من المساهمة في قيادة جسم عسكري سوري، أقله من أجل كسر هذا الاحتكار الحصري للمنصب من أسماء بعينها، ورثت حيثيتها، ولم تصنعها، ومقاومة ترسيخها شخصيات وحيدة مرشّحة لتحمل هذه المسؤوليات الوطنية عبر مقترحات شخصية ذات طابع مصلحي، أو فقاعات إعلامية تريد إحاطتهم بهالةٍ من القبول والدعم الدولي غير الموجود، والذي سيتوفر بشكل جدي وكبير في أي حلٍّ سياسي يطرح إلى جانب هيئة الحكم الانتقالي، وتحت إمرته جسم عسكري، بغض النظرعن قائده، يستطيع القيام بالمهام الموكلة إليه، ويزيل قلق المجتمع الدولي من تشظّي الجسم السوري الذي ربما تصل شظاياه إلى أبعد من الإقليم، في حال انفلات خيوط إدارة الصراع من الفاعلين الدوليين وأدواتهم المحلية.

العربي الجديد

——————————

======================

تحديث 28 شباط 2021

————————-

الدستورية… الحيرة والمسؤولية/ بشار علي الحاج علي

لماذا لا نتخذ موقفًا حادًا لا رجعة فيه؟ ولماذا نتريّث في اتخاذ قرارات مهمّة إزاء قضايا سياسية وطنية؟

بكل وضوح وبساطة: نحن أمام موقف دولي معقّد غير نزيه، وظروف وطنية مركبة، وتدخلات خارجية جعلت استقلال القرار السوري أمرًا غير ممكن في الواقع المنظور. ولا يمكن إنكار أن الحلّ في سورية هو دولي إقليمي بالدرجة الأولى، وهذا لا يعني إلغاء دور الشعب السوري، ولكن لا بدّ من التعامل بواقعية مع هذه المعطيات:

أولًا- هذه الأجسام معترف بها (دوليًا) سواء أعجب ذلك السوريين أم لم يعجبهم.

ثانيًا- لم يستطع السوريون أن يشكّلوا أجسامًا أوسع تمثيلًا، وأكثر قربًا من الشارع الوطني السوري بشكل عام أو الثوري والمعارض.

ثالثًا- ارتبطت هذه الأجسام بطبيعة الصراع الدولي القائم، وبذلك أصبحت ضرورة من ضرورات إدارة الصراع بين الأطراف المتدخلة وذات المصالح المتضاربة.

رابعًا- ورود مسمّيات هذه الأجسام في بعض القرارات الأممية المتعلقة بـ (القضية السورية)، مثل اعتبار (الائتلاف الوطني السوري) ممثلًا للشعب السوري. وكذلك الاتفاق السياسي الذي وقعته (هيئة التفاوض) مع نظام العصابة الحاكمة، وأنتج تشكيل (اللجنة الدستورية).

خامسًا- بغضّ النظر عن عدم تحقيق نتائج ملموسة على الواقع السوري، نجد أن تكريس اتفاق موثق لدى الأمم المتحدة، لتشكيل اللجنة الدستورية، ساوى بين قوى الثورة والمعارضة، وبين النظام، أمام الشرعية الدولية.

سادسا- اتفاق اللجنة الدستورية يعني ضمنًا انتفاء شرعية النظام أمام المجتمع الدولي، وأمام دستوره ومؤسساته ومواليه.

سابعًا- قبول النظام بنقاش دستور لسورية خارج سلطته يعني أنه نظام لا شرعي، وأنه أصبح بمنزلة سلطة تصريف أعمال.

ثامنًا- انهيار هذه الأجسام في هذا الوقت قد يكون حجةً للنظام وداعميه، للدفع بشرعية الانتخابات المقبلة، وسيدفع النظام وداعموه بذلك تحت ذريعة (الاستحقاق الدستوري).

ومن المهمّ الإشارة إلى بعض النقاط المهمّة في ما يتعلق بالمسار التفاوضي في جنيف الذي يستند إلى القرارات الأممية، خاصة القرار 2254 لعام 2015 الذي يستند إليه من يرفض اللجنة الدستورية ويعدّها خروجًا عنه، وهو القرار الذي توصلت إليه القوى الدولية عبر مجلس الأمن، ليكون الصيغة المفترضة للحل السياسي الذي عدّته القوى الدولية السبيل الوحيد لحلّ القضية السورية.

واستنادًا إلى هذا القرار، تمّت تجزئة المسار التفاوضي من قبل المبعوث الأممي آنذاك السيد ستيفان ديمستورا، إلى ما يُعرف بالسلال (سلة الحكم الانتقالي، الانتخابات، الاٍرهاب) بعد توقف التفاوض دون الوصول إلى نتائج ملموسة، ومحاولة روسيا أخذ المسار السياسي خارج جنيف نحو آستانا، وطرحها لـ (مؤتمر وطني ) في سوتشي، حضره المبعوث الأممي وأخذ منه فكرة إنشاء (اللجنة الدستورية ) وأعاد المسار السياسي التفاوضي إلى الرعاية الأممية دون المواجهة مع دول محور آستانا الفاعل ميدانيًا، وخاصة روسيا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، والداعم الأكبر سياسيًا وعسكريًا للنظام.

ولَم يكن الحديث عن الدستور خروجًا عن القرار 2254، فهو موجود بنص القرار النقطة الرابعة: “تحدد جدولًا زمنيًا وعملية لإصدار دستور جديد”، وأضيفت هذه العملية الى السلال الأخرى التي أصبحت أربع سلال، ومن المفترض أن يتم التفاوض عليها للوصول إلى الحل السياسي تحت رعاية وتسيير الأمم المتحدة، و كان الاتفاق ضمنًا بين الطرفين -من خلال المبعوث الأممي- أن لا اتفاق على سلة دون الأخرى، أي إذا توصل الطرفان الى اتفاقٍ ما في جزئية (سلة) لا يعدّ ذلك اتفاقًا منتهيًا، إلا إذا تم الاتفاق على القضايا التفاوضية كاملة (السلال).

وبعد أن تعطّل المسار التفاوضي، وتوقف عند المدخل المفترض الذي هو هيئة الحكم الانتقالي دون أن ينتج شيئًا، ورفض طرف قوى الثورة والمعارضة من التفاوض والنقاش في قضية الاٍرهاب، كما يريد النظام، أو الدخول في نقاش عن الانتخابات قبل الحكم الانتقالي؛ لم يبقَ لمسار جنيف سوى سلة الدستور، كي لا يتم إعلان موت الحل السياسي في ظل الاستعصاء الدولي، وكان تشكيل اللجنة الدستورية مؤشرًا على بقاء هذا المسار حيًا، ومن الممكن أن يؤدي، في حال توصله إلى اتفاق حول مسودة مشروع دستور، إلى أن يشكل مدخلًا للحل السياسي وفق القرار ويسهل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، حيث من الأفضل أن يكون لدينا تصور ومخطط لهيكل النظام السياسي المقبل وفق مسودة الدستور، أو إعلان دستوري ينظم المرحلة الانتقالية، كي لا يُعاد إنتاج النظام الدكتاتوري من خلال الحالة السائدة وفق دستوره اللاشرعي.

ومن التجني تحميل المسار الجزئي للحل السياسي المتمثل باللجنة الدستورية مسؤولية تعطّل المسار التفاوضي ككل، ومن العدل أن يشار إلى الطرف المسؤول عن التعطيل، وهو العصابة المغتصبة للحكم التي لا تكترث للحالة المأسوية التي وصلت إليها البلاد. ولا يجوز تحميل المسؤولية واللوم لقوى الثورة والمعارضة التي عملت بجد وصبر لإحياء أي بارقة أمل للسوريين في هذا الظلام البليد. ولا يخفى على السوريين جميعًا أن النظام لن يدخل بجدية في أيّ حلّ سياسي، ضمن ترويجه للانتصار على شعبٍ هجّر أكثر من نصفه وقتل مئات الآلاف. وهذا لا يعني ألّا يستغلّ السوريون، وخاصة قوى الثورة والمعارضة، أيّ منصة دولية لإبقاء قضيتهم حية، وعليهم الاستمرار في الدفاع عن مطالبهم المحقة في وجه النظام المجرم وداعميه، وحثّ المجتمع الدولي ليقف الجميع عند مسؤولياتهم القانونية والسياسية والأخلاقية الإنسانية. فالقضية السورية قضية إنسانية، قبل أن تكون سياسية، ومن العار استمرار هذه المأساة دون حلّ، ودون تحرك دولي وأممي لتفعيل وتطبيق قرارات مجلس الأمن.

أخيرًا، وعودًا على بدء، أدعو السوريين إلى رفع الصوت والضغط على الأجسام الممثلة لقوى للثورة والمعارضة ذات الاعتراف الدولي، لترفع مستوى عملها، بحيث تكون أقرب إلى تمثيلهم، ومستوى تنظيمها لحشد الطاقات في سبيل الخلاص والمشاركة في صناعة المستقبل المنشود.

وبهذا الشأن، نحن بحاجة إلى محاكمة وقراءة للواقع واستقراء الخيارات الممكنة، قبل اتخاذ أي خطوة قد تكون جيدة في مظهرها أو موقفٍ قد يُعدّ بطوليًا، بينما قد يترتب عليه نتائج لا نكون قادرين على احتوائها.

مركز حرمون

————————

تشكيل مجلس عسكري سوري انتقالي.. قفزة في المجهول/ أسامة آغي

الدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري سوري انتقالي هي دعوة تبني مسارًا جديدًا، وتطيح بمسار دولي، تمّ التوافق عليه بالإجماع عبر القرار الدولي “2254”.

ولتوضيح الفكرة أكثر، ينبغي التمييز هنا بين مجلسين عسكريين انتقاليين، الأول مجلس عسكري انتقالي حاكم، وهذا يعني انتقال صلاحيات الحكم الرئاسية والحكومية والتشريعية والقضائية إليه، أي بمعنى آخر، هو استبدال مسار آخر بمسار الحل السياسي الدولي وفق القرارات الدولية.

أما الثاني فهو تشكيل مجلس عسكري انتقالي يكون ذراعًا عسكرية وأمنية لهيئة حاكمة انتقالية، يتمّ تشكيلها وفق القرار “2254” وبيان “جنيف 1″، وهذا يعني أن تكون صلاحيات الرئاسة والحكومة والتشريع والقضاء منوطة بهذه الهيئة.

الفرق بين المجلسين العسكريين الانتقاليين واضح، فالأول، أي المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، هو مخالفة وانتهاك صريح لجوهر القرار الدولي، وبالتالي تهديم للأساس القانوني الدولي، الذي يقوم عليه الحل السياسي في سوريا، أما الثاني، فهو استجابة جزئية من ضمن الاستجابة الكلية لتنفيذ جوهر القرار الدولي المذكور.

وفق هذه الرؤية، تبدو دعوة المعارض السوري جمال سليمان، المنشق عن منصة “القاهرة”، إلى تشكيل مجلس عسكري انتقالي حاكم في سوريا، وكأنها دعوة صريحة لاستبدال مسار آخر لا أحد يتبناه دوليًا بمسار سياسي عليه توافق دولي.

الدعوة هذه دعوة فردية، خرجت عن رؤية مؤسسات المعارضة للحل السياسي، القائمة على الإصرار على تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بالصراع السوري، وأولها القرار “2254” بسلاله الأربع وبشكل متزامن.

الدعوة أتت كما يقول صاحبها جمال سليمان، بعد فشل الدورة الخامسة من عمل اللجنة الدستورية في جنيف، وهذا يعني تقديم خدمة مجانية لنظام الأسد، تتمثل بلفت الانتباه إلى صيغة سياسية إشكالية، لا أحد يتحدث بها دوليًا، بدلًا من الإصرار على اتهام النظام السوري بأنه سبب الفشل، وهذا يستدعي حملة مناصرة للقرار الدولي، وضرورة تنفيذه، والضغط على معطليه الرئيسين (الروس)، باعتبارهم حليف النظام، ومن استخدم القوة العسكرية المتوحشة للدفاع عنه، باعتبارهم المستثمر الرئيس للصراع السوري.

نسي صاحب الدعوة عدد المرات التي استخدم الروس خلالها حق النقض (الفيتو)، من أجل حماية ودعم النظام، فكيف يتجاهل سليمان هذه الحقيقة، ويطلب من أعداء الشعب السوري أن يشتغلوا على حل وفق هذه الطريقة، وهي طريقة مسدودة الأفق سلفًا، لأنها تتعارض مع مصالح الشعب السوري، وتتناقض مع موقف المجموعة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة، ولا يقبل بها الروس ما دامت تُبعد الأسد ومجموعته عن الحكم.

إن الدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري انتقالي حاكم، تحتاج بالضرورة إلى وجود توافقات دولية للقوى الفاعلة على هذه الدعوة، هذه التوافقات ليست واردة في مربع زمن الحل بالمرحلة الحالية، فلا يزال الروس يعطلون تنفيذ جوهر القرار الدولي “2254”، لأنهم باختصار لم يحصلوا على ثمن استثمارهم في الصراع السوري، ولن يحصلوا عليه في المدى المنظور، بسبب إصرار الولايات المتحدة ومجموعتها الدولية على استنزاف الروس في الصراع السوري.

وهذه الدعوة من جهة أخرى، تنسف الأساس القانوني الدولي للحل السياسي، لأنها تستبدل بمسار سياسي اتفقت عليه المجموعة الأممية، عبر قرار صدر بالإجماع، مسارًا لا أفق له، لأنه يضع أمور الحل السياسي في كفة المجموعة العسكرية، هذه المجموعة المكونة من ضباط قدامى خارج الجيش لهم دور “مرموق”، ومن ضباط منشقين، لم يشاركوا بأي نشاط عسكري، ومن ضباط لا يزالون في جيش النظام، لم يشاركوا بالصراع السوري.

وفق هذه الرؤية، تظهر الدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري انتقالي حاكم، وكأنها مبادرة لتقديم زمن إضافي لمصلحة النظام، كي يتهرب من الاستحقاقات الدولية التي تطالبه بالسير في العملية السياسية وفق القرار “2254”.

هذه الدعوة هي تجاوز سياسي لمؤسسات قوى الثورة والمعارضة، وتحديدًا لـ”هيئة التفاوض السورية”، واللجنة الدستورية، وبالتالي، هي تخريب صريح لجهد هذه المؤسسات، التي يعترف بها المجتمع الدولي وهيئة أممه المتحدة، بأنها التمثيل السياسي المعبّر عن مطالب الثورة السورية، ولهذا يجب تسمية الأمور بأسمائها، فالدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري حاكم، هي دعوة للالتفاف على الشرعية الدولية، وهي دعوة تتلاقى مع مصالح موسكو التي سارعت إلى القول إن هذه الدعوة ليست مطروحة للنقاش والعمل عليها.

موقف موسكو يكشف أن هناك غايات من طرح فكرة مجلس عسكري انتقالي حاكم، فهو يبعد النظر عن تعطيل النظام ومن خلفهم الروس أعمال اللجنة الدستورية من جهة، ويشتري في الآن ذاته الزمن من أجل تمرير انتخابات النظام السوري، باعتبارها سدّ فراغ سياسي في ظل غياب توافق دولي على الحل في سوريا.

إن القول بمجلس عسكري انتقالي هو قول يرتكز على قاعدة القرار “2254”، فوجود مثل هذه الذراع العسكرية بيد هيئة حكم انتقالية، يعني إعادة هيكلة الجيش وقوى الأمن، بما يخدم الانتقال من دولة الاستبداد إلى دولة المؤسسات الديمقراطية.

إن الصراع السياسي الدامي في سوريا، لن يجد طريقًا سالكًا بصورة حقيقية من دون تنفيذ محتوى القرارات الدولية، وتحديدًا القرار رقم “2254” الصادر في 18 من كانون الأول عام 2015، فهذا القرار نصّ في فقرته الرابعة على “عملية سياسية بقيادة سورية، تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم، في غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكمًا ذا مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية”.

فهل المجلس العسكري الانتقالي الحاكم، الذي طلب جمال سليمان من الروس العمل عليه، هو ضمن نصوص هذا القرار؟ أم أن هذه الدعوة هي لمنح الروس والنظام مزيدًا من الوقت، للتهرب من استحقاقاتهما الدولية، التي يجمع المجتمع الدولي على أنهما من يعطّل الحل السياسي الأممي.

إن إحاطة غير بيدرسون الأخيرة لمجلس الأمن، بعد فشل الدورة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية، بيّنت وسمّت المعطل الأساسي للمفاوضات، حيث سمّى بيدرسون وفد النظام بأنه المعطّل للجلسات وجدول أعمالها.

إن طرح مقولات حول مجلس عسكري تنتقل إليه صلاحيات الحكم، هي بصراحة، قفز في المجهول، بسبب مغادرة الحل الدولي، وبسبب عدم وجود أي أرضية سياسية لهذا المقترح، ولذلك تبدو دعوة من يدعو إلى مجلس عسكري حاكم، وكأنها صرخة ميتة في فضاء الصراع على سوريا وفيها.

عنب بلدي

—————————

هيكلة جديدة للائتلاف السوري: تسويات نصر الحريري وبدر جاموس/ عماد كركص

بات “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” على مفترق طرق، في الداخل وفي الخارج على حدّ سواء. وعلى الرغم من تراجع التعاطي الدولي معه بحكم تغيير الظروف التي تخللت الثورة السورية وطول أمدها والتقلّبات التي شهدها ملف الحل السياسي، إلا أن الائتلاف يبقى الجسم الأكثر تمثيلاً للمعارضة السورية، لكونه يضمّ مكونات عن كثير من شرائح المعارضة المختلفة، مدنياً وعسكرياً وسياسياً. لكن في ظل الانتقادات الموجهة للائتلاف، يبرز توجه لإصلاح في هيكله، خصوصاً أن رئيس الائتلاف، نصر الحريري، وعد سابقاً بإجراء إصلاحات في الجسم الأكبر للمعارضة السورية. وفي السياق، تسارعت الخطوات لوضع هيكلية جديدة للتمثيل العسكري داخل الائتلاف، بعد اختفاء كثير من الفصائل العسكرية من المشهد الميداني، وحلول أجسام جديدة تحاول أن تملأ الفراغ بصورة أكثر تنظيماً، بعد خطوات من الدمج وتذويب فصائل صغيرة بأخرى أكبر منها، لا سيما بعد عام 2015.

وفي ظل هذه التغييرات، بات “الجيش الوطني السوري” المنتشر في ريف حلب الشمالي والمناطق الخاضعة لسيطرته في كل من ريفي الرقة والحسكة، والذي أشرفت تركيا على تشكيله وترتيب هيكليته وتدريب الكثير من تشكيلات في كثير من الأحيان، رقماً لا يمكن الاستهانة به ضمن هذه المعادلة العسكرية. وانعكس ذلك على “الجبهة الوطنية للتحرير”، المنتشرة في إدلب، وهي تحالف بين عديد من الفصائل، بعد أن أصبحت تابعة شكلياً لـ”الجيش الوطني السوري”، بعد إعلان وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة عن دمجهما في أكتوبر/تشرين الأول 2019.

وعلى الرغم من ارتفاع الآمال في إجراء إصلاحات جدية داخل الائتلاف، إلا أن مصادر مطلعة كشفت لـ”العربي الجديد” أن عملية الإصلاح الأخيرة، وما سبقها، ليست سوى محطة من قبل كتل مختلفة ومتناحرة داخل الائتلاف، تحاول كسب الولاءات وإدخال من يتماشون مع آرائها للاستقواء بهم. مع العلم أن العسكر يتمثل في الائتلاف بـ15 عضواً من أصل 88 هم مجمل أعضاء الائتلاف عن 25 مكوناً سياسياً وعسكرياً داخله. وكان الممثلون الـ15 للعسكر منتدبين عن فصائل عسكرية، لم يعد لها وجود على الأرض بعد عمليات الدمج وخروج الكثير من المناطق عن سيطرة المعارضة، ما أدى لتلاشي الفصائل التي كانت مقاتلة فيها. وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد”، أن الهيكلية الجديدة لتمثيل العسكر في الائتلاف ستتضمّن 7 ممثلين عن “الجيش الوطني السوري” ومثلهم عن “الجبهة الوطنية للتحرير”، على أن يبقى بعض الأعضاء السابقين ممثلين عن فصائل لا تزال موجودة على الأرض، في حين سيتم استبدال البعض الآخر بأسماء جديدة.

حول هذا الأمر ذكرت نائبة رئيس الائتلاف والمتحدثة الرسمية باسمه، ربا حبوش، أن “عملية إعادة الهيكلة تتم ليكون ممثلو الفصائل معبّرين عن الواقع التنظيمي الفعلي للجيش الوطني السوري، خصوصاً بعد التعديلات والتطويرات الأخيرة التي أجريت على الجيش، فقد تم تنظيمه في ثلاثة فيالق إضافة إلى الجبهة الوطنية للتحرير”. وأضافت في حديثٍ لـ”العربي الجديد” أن “إعادة الهيكلة تسعى إلى نقل هذه العملية التنظيمية إلى الطريقة التي يتم بها تمثيل الجيش الوطني في الائتلاف، بالاتفاق بين الفصائل الفاعلة على الأرض ضمن الجيش الوطني، فتكون مرجعية واحدة لممثلي الفصائل في الائتلاف”.

وأشارت حبوش إلى أن “عملية إصلاح الائتلاف هي عملية دائمة ومستمرة، فقد جرى تغيير واستبدال معظم أعضاء الائتلاف خلال السنوات الماضية، وغادر الائتلاف 64 عضواً ودخل بدلاً منهم 46 عضواً. وبالتأكيد فإن إدخال شخصيات ومكونات جديدة حاجة ملحة ولها آثار إيجابية”. وأضافت أنه “منذ بدء الدورة الرئاسية الحالية نعمل على متابعة عملية الإصلاح على عدة محاور، من بينها محور العضوية. كذلك سنقوم أيضاً بمراجعات تتعلّق بتمثيل بقية المكونات السياسية بما ينسجم مع الواقع الحالي. في الائتلاف حالياً 25 مكوناً، ونسعى لتوسيع التمثيل ليكون أكبر وأوسع”.

وأكدت حبوش في حديثها عن عملية الإصلاح أنه “تم الانتهاء من بعض الخطوات وجرى الإعلان عنها بالتدريج مع نهاية كل مرحلة، والآن هناك توافق بين معظم أعضاء الائتلاف ومكوناته حول متابعة العملية الإصلاحية، وأحياناً تتباين التصورات. ولكن بالمجمل إن الهدف العام هو أن يكون التمثيل حقيقياً وبما يخدم الثورة ويحقق أهدافها”. وفي حين تحدثت مصادر عن قرارات للائتلاف بإقالة عدد من الأعضاء العسكريين، الذين لم يبقَ لفصائلهم فاعلية على الأرض، ضمن عملية إعادة الهيكلة، قدّم رئيس “حركة تحرير الوطن”، العميد فاتح حسون، استقالته في الائتلاف. وعلّل ذلك “بحاجة العمل المؤسساتي لتجديد دماء، وترك المكان لمن يستطيع تقديم الكثير للصالح العام”، معتبراً أن “الثورة السورية خرجت ضد تكريس السلطة واستمرارها بيد أشخاص محددين، ومن يتحلى بالأخلاق الثورية عليه أن يعرف موقعه وقدراته، ويُصحّح خطواته، ويتعاون مع الجميع لتحقيق أهداف ثورتنا المجيدة”. وأكد أنه “ضمن خطوات إصلاح الائتلاف، سيكون هناك تمثيل جديد للفصائل، ونحن في حركة تحرير الوطن لسنا ضمنهم”.

وأوضح حسون في حديث لـ”العربي الجديد” أن “مؤسسة الائتلاف مظلة جامعة للثورة السورية، ولها احترام وقبول دوليان، وعملية إصلاحها تبدأ خطوة خطوة وبشكل مدروس، وإلا تصدعت. والاستبدال ليس لعدم وجود أو وجود فصيل، بل لتكون كافة فرق وفيالق الجيش الوطني ممثلة وهي تضم عشرات الآلاف. وعندما دخلت سابقاً الفصائل التي استبدلت في الائتلاف كان لها نفوذ وسيطرة كبيرة على مناطق محددة، وأصبحت هذه المناطق تحت سيطرة النظام حالياً، وإن أردنا للائتلاف أن يكون قوياً وفاعلاً فلا بد أن تكون مكوناته قوية وفاعلة”. وشدّد على أن “الإصلاح لا يتوقف على العضوية فقط، بل له نواحٍ متعددة، تتم محاولات العمل عليها، وعلينا جميعاً مساندة ذلك وتقديم العون في هذا الاتجاه، وإلا خسارتنا ستكون كبيرة”.

من جهة أخرى، كشف عضو من الائتلاف، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن عملية إعادة الهيكلة لعضوية أعضاء الائتلاف ليست سوى صفقة و”بازار” بين كتلتين، الأولى يقودها رئيس الائتلاف نصر الحريري، والثانية يقودها عضو الائتلاف بدر جاموس. وأشار إلى أن القصة بدأت عندما اتخذ الائتلاف خلال الدورة الرئاسية الماضية قراراً بتوسعته، فشكّلت لجنة مؤقتة من عشرة أشخاص. ومن مهمة هؤلاء اختيار عشرة أعضاء جدد للائتلاف عن مكونات دينية وعرقية غير ممثلة فيه. وقد حدثت بعض المشاكل داخل هذه اللجنة إلا أنهم استقروا على ترشيح عشرة أسماء، اعتذر أربعة منهم عن الدخول ضمن أعضاء الائتلاف ليبقى منهم ستة.

واتهم المصدر الحريري بإعاقة عملية انضمام الأشخاص الستة لعضوية الائتلاف، فيما سعى لهيكلة عضوية العسكر ليضمن دخول مقربين منه إلى الائتلاف من فصائل يحسب نفسه عليها وتحسب نفسها عليه. وهو ما عارضه جاموس الذي لا يرغب في أن تكون هناك مرجعية واحدة للعسكر لكي يسهل السيطرة على رأيهم، بحسب المصدر. وأشار إلى أن الطرفين وصلا أخيراً إلى اتفاق بما يشبه “البازار”، خلاصته: يوافق الحريري على دخول الأعضاء الستة الجدد الذين اختارتهم لجنة توسعة العضوية وهم يمثلون أقليات معينة، مقابل موافقة جاموس وكتلته على هيكلة العسكر بالشكل المطروح أخيراً، ليصبح عدد أعضاء الائتلاف 94 عضواً.

العربي الجديد

———————————

=================

تحديث 02 أذار 2021

——————–

مسرحية الأسد القادمة/ العقيد عبد الجبار العكيدي

مع اقتراب نهاية الولاية الثالثة لبشار الأسد كثُر الحديث عن ترشحه لولاية رابعة تمكّنه من البقاء جاثماً على صدور السوريين لسبع سنوات قادمة، من خلال مسرحية انتخابات هزلية وزائفة، مشابهة لما جرى في كل الانتخابات السابقة منذ عهد والده، تحت مسمى تجديد البيعة ونتائجها المعروفة سلفاً.

الأكيد أن وجود بشار الأسد في السلطة غير شرعي منذ أول يوم حكم فيه سوريا، وهو لم يأتِ إلى السلطة وفق قواعد التداول السلمي والنظام الديمقراطي، إنما جاء وفق نظام التوريث الذي أسس له والده والمخالف لكل المبادئ الدستورية التي تُعرّف سوريا كدولة جمهورية ديمقراطية، وجاء عبر عملية تعديل للدستور الذي وضعه حافظ الأسد نفسه، تتناقض مع أبسط القواعد القانونية، عبر تعديل عمر الرئيس من 40 سنة إلى 34 سنة بما يتناسب وعمر بشار الأسد آنذاك.

ما حدث منذ اغتصابه السلطة، وفي ولايته الثانية التي اندلعت خلالها الثورة السورية وثارت قطاعات كبيرة من المجتمع السوري ضد نظام حكمه، هو تأكيد على أن الشعب باعتباره مصدر السلطات يرفض نظام الوراثة، ويريد إعادة الشرعية الدستورية وتحقيق المطابقة ما بين سيادة سوريا كدولة مستقلة وما بين تعبير أن الشعب هو مصدر السلطات، وأن النظام هو من كان يحول دون تحقيق تلك المطابقة ويحتكر السيادة والشأن العام الوطني والسياسي وفق مفاهيمه السلطوية.

بهذا المعنى كان الشعب السوري غائباً عن ممارسة دوره كمصدر للسلطات والسيادة، وبالتالي ما حصل أن الثورة عندما انطلقت كانت بمثابة تقويض لأي شرعية يمكن أن يتذرع بها النظام.

على الرغم من وضوح الأمور على الصعيد الدولي والإقليمي والعربي والمحلي بعدم وجود أدنى مراعاة لشروط عملية انتخابية نزيهة في ذلك الوقت، وكان العالم أجمع يعلم أن هذه الانتخابات سوف تتم في أجواء من الترهيب والتخويف والتزوير، ومع أن سوريا كانت في ذروة الصراع الداخلي، وكان الجو العام رافضاً لأي حديث عن إعادة تجديد البيعة لهذا الوريث، إلا إن الأسد أصرّ على الدخول في ولاية ثالثة عام 2014 متحدياً العالم ومتعاملاً مع الثورة بإنكار شديد، رافضاً ما يريده الشعب الثائر، ومستمراً بنفس العقلية الأمنية والاجراءات القمعية لتركيع الشعب وإجهاض ثورته.

حتى لو افترضنا أن النظام يؤسس ترشيحه لهذه الانتخابات على أرضية دستور 2012 الذي أتاح له الترشح لولايتين جديدتين، كانت الأولى 2014 والثانية في 2021، فإن هذا الدستور جاء في خضم ثورة شعبية كبيرة امتدت إلى أغلب الجغرافيا السورية، وبالتالي لم يشارك الشعب السوري كله في ممارسة حقه في الاستفتاء عليه، سيما وأنه جاء في ظل حصار المدن والقصف والقتل الذي كان يمارسه جيشه وميليشياته الطائفية.

هذا الأمر ثابت بقرارات مجلس الأمن 2043 و2042 لعام 2012 وأيضا في خطة النقاط الست للأمين السابق للأمم المتحدة كوفي عنان، والتي طالبت بسحب الجيش من المدن والتوقف عن استخدام السلاح ضد المدنيين، وفك الحصار والسماح بحرية الحركة، ما يعني أن مجلس الأمن أقر وقائع لا يمكن تجاهلها، وهي حصار المناطق والمدن مما يمنع عملياً قدرة الناس على ممارسة حقوقها، وبالتالي عدم شرعية دستور عام 2012 وعدم الاعتراف بأي أثر قانوني يترتب عليه، ومنها قضية الانتخابات، سواء التشريعية أو الرئاسية.

هذا الدستور الذي لم يأخذ بأي مطلب من المطالب الشعبية وشكّل عملية احتيال على مطالب السوريين الذين طالبوا بإلغاء قانون الطوارئ، فقام بالالتفاف عليهم وصدّر قانون الإرهاب رقم 19 لعام 2012، واستبدل محكمة أمن الدولة بمحكمة الإرهاب، وتم استخدام القانون للتعسف، والتعسف باستخدام القانون جعل الأسد فاقداً لشرعيته كرئيسٍ حامٍ للنظام العام، ومسؤولٍ عن صون الحريات العامة للمواطنين وحماية البلد مرتكباً ما يرقى لفعل الخيانة العظمى.

فعلياً تجب اليوم محاكمة بشار الأسد على الأفعال التي قام بها بدلاً من السماح له بإعادة ترشيح نفسه لولاية رابعة بدعم روسي-إيراني، وموقف دولي غامض متذبذب حيث المواقف الأوروبية والأميركية عبارة عن تصريحات إعلامية فارغة، تتحدث عن عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات من دون اتخاذ أي إجراءات سياسية وقانونية لإنهاء تواجد ممثلي هذا النظام في المؤسسات الدولية، ممثلين لنظام القمع والإجرام وبالتالي يُفترض إنزالهم عن كل المنابر والمؤسسات الدولية وعلى رأسها مندوب النظام في الأمم المتحدة، بل ومحاكمتهم أسوة بمحاكمة إياد غريب وأنور رسلان.

في ظل غياب استراتيجية أميركية واضحة المعالم بما يخص الملف السوري، وعدم ظهور تفاصيل عملية الانتخابات التي من المفترض أن يجريها الأسد، يبدو أن الرئيس جو بايدن لم يحسم أموره بعد، وهذا طبيعي حيث إنه ما زال في أسابيعه الأولى ولديه ملفات كثيرة يقوم بترتيبها، ولكن من خلال المؤشرات ومتابعة طريقة تفكير الديمقراطيين فإن سياسة بايدن ستكون استكمالا لسياسة الرئيس السابق باراك أوباما القائمة على ترك الحبل على غاربه للأسد وحلفائه في سوريا، أو في أغلبها.

بالمقابل لا بد من النظر إلى التعيينات التي قام بها بايدن في الملفات الحساسة بما يخص الملف السوري والإيراني. فالذين تولوا هذه المناصب من أنصار الحوار مع ايران وإعطائه الأولوية، وبالتالي ستكون هناك مساومات في الملف الإيراني، وسيكون الملف اليمني ضاغطاً أكثر لتجميد القتال وإيجاد حل، وربما تتجاوب إيران مع هذه الضغوط مقابل بقاء وجود لها في سوريا ونفوذ مضمون بالحد الذي لا يهدد إسرائيل، فالملف اليمني بالنسبة للرئيس الأميركي، كما يبدو، أولوية أكثر من الملف السوري، وواشنطن غير مهتمة بوجود بشار من عدمه. لا أعتقد أنه سيكون هناك موقف عملي من الانتخابات القادمة سوى بعض التصريحات الإعلامية.

الولايات المتحدة استثمرت في الجسم العسكري والسياسي الذي تعتقد أنه الأكثر تنظيماً في سوريا وهو (قسد ومسد) وكانوا حلفاء في حربها على “داعش”، وأكثر ما يهمها هو وجود قواعد لها في هذه المنطقة الحدودية مع العراق وتركيا وتأمين طرفي الحدود، والأمر متعلق بمنع تمدد النظام والروس فيها وربما ببعض الابتزاز لتركيا.

الولايات المتحدة التي بمباركتها تم قضم كل المناطق من قبل الروس والنظام وتثبيت خطوط خطوط الاشتباك والتماس، ودعم مسار اللجنة الدستورية، من الواضح أنها غير مهتمة بهذه الانتخابات وتعتبرها تفصيلاً في سياق سوري مفتوح على كل الاحتمالات، واهتمامها ينحصر بالضغط على النظام من خلال ملف العقوبات الاقتصادية وقانون قيصر.

على الرغم من مماطلة النظام في العملية الدستورية حيث حمل بيدرسن النظام مسؤولية عرقلة عملها وقيام مندوبي أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا بإصدار بيان بمفردهم أدانوا فيه النظام، إلا أنه لا يمكن الرهان على هذه المواقف، التي لا تعطي انطباعاً باهتمامٍ كافٍ يصل حدّ إيقاف الانتخابات أو إلغاء شرعية الأسد القانونية قبل إيجاد الجسم السياسي البديل.

الموضوع الأكثر حساسية المترتب على عدم اهتمام الإدارة الأميركية بالملف السوري هو الموقف العربي، حيث أنه في أواخر العام 2019 أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع دمشق. وأثناء انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في وادي عربة أواخر عام 2019 تحضيراً لقمة تونس في آذار 2020، كانت هناك دعوة من بعض الدول العربية لإعادة نظام الأسد الى الجامعة العربية، ولكن الخارجية الأميركية وجهت رسالة شديدة اللهجة إلى الخارجية المصرية بأن إرجاع النظام خط أحمر. فماذا لو غيرت إدارة بايدن لهجتها تجاه القضية السورية؟

في ظل هذا العجز الدولي وفشل عمل اللجنة الدستورية وتجميد هيئة التفاوض -إن لم نقل موتها سريرياً- على المعارضة ترتيب بيتها الداخلي ورصّ صفوفها، واستعادة قرارها الوطني وإدارة مناطقها المحررة وتنظيم جيشها الوطني وتدريبه ورفده بالضباط المنشقين من أصحاب الكفاءات، استعداداً لكل الاحتمالات. وعلى الجميع العمل بفعالية شعبياً ومن خلال المظاهرات والاعتصامات والحراك المدني في كل مكان يتواجد فيه السوريون، للتعبير عن رفضهم إجراء هذه الانتخابات وتأكيد عدم شرعيتها، خاصة مع انطلاق حملة “لا شرعية للأسد وانتخاباته” وهو تحدٍ أمام القوى والأحزاب والتجمعات السياسية والمدنية الثورية والمعارضة لتأكيد وجود حقيقي لها على الأرض.

المدن

———————–

سوريا: جثة إيلي كوهين تنقذ نتانياهو وتؤلم طهران/ حازم الأمين

الفرز سيصبح أوضح بعد قليل من الوقت. اللعب في المساحات الغامضة سينحسر، والمواجهة ستفرض مزيداً من الشروط على الشركاء وعلى الخصوم…

صارت مضجرةً مواصلة تناول خطوات النظام في دمشق نحو تل أبيب بوصفها سقطات كاشفة لخواء خطاب الممانعة. الخواء صار وراءنا، ويجب أن نذهب خطوة إلى الأمام ونسعى إلى تفسير سياق هذه الخواء وهذه الخطوات المنسقة مع موسكو.

ثمة مسار لم يعد مفيداً معه الاكتفاء بالذهول. فمنذ التصريح الشهير لرامي مخلوف، يوم كان ابن النظام، لصحيفة “نيويورك تايمز”، والذي قال فيه منذ اليوم الأول للاحتجاجات السورية ضد النظام إن “أمن إسرائيل من أمن النظام”، ومروراً بالدبابة التي أعادها فلاديمير بوتين إلى بنيامين نتانياهو، وبرفات الجندي الإسرائيلي العائد إلى تل أبيب، ووصولاً اليوم إلى صفقة اللقاحات الروسية إلى سوريا والممولة من الحكومة الاسرائيلية. وتتويجاً لهذا المسار بدأت اليوم وسائل إعلام روسية تتحدث عن بحث الجيش الروسي عن جثة العميل الإسرائيلي الشهير ايلي كوهين الذي أعدم عام 1965 في دمشق، تمهيداً لتسليمها إلى إسرائيل. كل هذه الخطوات ترسم مساراً يحسن رصده ومحاولة تفسير آلية اشتغاله، في ظل انخراط النظام في دمشق في خطاب مواز، يفترض أن تتولى طهران إدارته!

حتى الآن، لم تبد طهران حساسية حيال خطوات دمشق الحثيثة نحو تل أبيب. ومن المرجح ألا تشكل هذه الخطوات استفزازاً راهناً لها، على رغم المواجهة المكشوفة بينها وبين تل أبيب في سوريا. البراغماتية هنا تطيح ما نفترضه حفظ ماء الوجه حيال “الجمهور”! فالمهمة في سوريا ليست الوصول إلى خطوط المواجهة مع إسرائيل على ما يردد أهل المحور، بل تأمين نفوذ مذهبي على هذه الخطوط يكفل لها حضوراً في المساومات. خطوات دمشق التطبيعية ليست حجر عثرة في وجه الطموحات الإيرانية. فالنفوذ المذهبي لعاصمة الهلال الشيعي، والذي يؤمنه لها القتال في سوريا، ليس معنياً بتقاليد رفض التطبيع على نحو جوهري، بل بتثبيت الحضور والشراكة.

لكن النظام في دمشق أطاح بالشكل المفترض للخطاب، وهذا الشكل ليس تفصيلاً في سياق فرض النفوذ. موسكو تواصل دفع النظام نحو خطوات “شكلية” توحي بابتعاد بشار الأسد من طهران. صحيح أنه ابتعاد شكلي لا قيمة عملية له حتى الآن، لكن مراكمته تشكل مؤشراً على ضعف حساسية النظام حيال مسلمات طهران الـ”شكلية”!

إسرائيل تقصف يومياً مواقع إيرانية في سوريا، والحكومة السورية تجري صفقات رخيصة ولكن شديدة الرمزية مع الحكومة الإسرائيلية! كيف يمكن تفسير هذه العملية التصاعدية؟

هموم النفوذ المذهبي تتقدم لدى طهران على النفوذ “الأيديولوجي” الممانع. خطوات دمشق “التطبيعية” مع إسرائيل لا تعيق هذا الطموح، وإن كانت تصيب “كرامات” الممانعين. لكن يبدو أن هذا الافتراق الشكلي بني على افتراقات سبقته. فمصالح موسكو لا تلتقي بالكثير من محطاتها مع مصالح طهران، والنفوذان الروسي والإيراني، وإن التقيا على حماية النظام في سوريا، إلا أنهما افترقا في الكثير من المحطات السورية. لروسيا دور أكبر في حماية النظام وفي تحصين نفوذه، ولولا القوة الجوية الروسية ما كان لبشار الأسد أن يعيد نفوذه إلى الكثير من المناطق التي كان خسرها في ذروة قتال طهران معه. ووفق هذه المعادلة فإن رغبات موسكو تتقدم على رغبات طهران في خيارات بشار الأسد. ويبدو أن موسكو تمكنت من بناء نفوذٍ في البيئة الاجتماعية والمذهبية للنظام في سوريا، في حين اقتصر نفوذ طهران في هذه البيئة على بعض الانشقاقات العلوية التي تم “تشييعها” والتي بقيت هامشية.

طهران قد تذهب ببراغماتيتها أبعد مما نتخيل. الحساسية حيال الخطوات التطبيعية حساسية كاذبة وسبق أن اختبرنا زيفها في أكثر من محطة. في لبنان مثلاً قررت طهران أن حليفها فيه ميشال عون، وقابلية هذا الرجل وصهره جبران باسيل لـ”التطبيع” لا يحدها منطق ولا أخلاق. قصة إطلاق سراح آمر سجن الخيام عامر فاخوري خير دليل على ذلك، وهذا ما لم يثر حفيظة طهران من حليفها اللبناني.

الأكيد هو أن ثمة فرقاً في الجيش الروسي تبحث اليوم في دمشق عن جثة إيلي كوهين. والأكيد أيضاً أن العثور عليها سيكون هدية كبيرة لنتانياهو من صديقه الحميم بوتين.

لكن ذلك ليس كافياً لتوقع استمرار المعادلة على ما هي عليه. أي المزيد من التنازلات لإسرائيل، في مقابل المزيد من مد النفوذ الإيراني غير المهدد لتل أبيب بسبب الضمانات الروسية. ثمة لحظة افتراق تقترب على الأرجح. موسكو تذهب ببشار الأسد أبعد مما تفترضه طهران “شكلياً”، وتل أبيب المواظبة على قصف المواقع الإيرانية في سوريا، تعرض حماية موازية لبشار لن تقتصر على الهدايا الرمزية المتبادلة.

طبعاً الخطوات المقبلة تقررها الظروف، ولكن بإمكان المرء أن يتوقع مساراً غرائبياً في ظل الوقائع السورية. ذاك أن مؤشرات كثيرة تقول ببداية ابتعاد أوساط رئيسية في النظام من طهران. من الصعب الآن تخيل شكل هذا الافتراض، لكن وقائع صلبة تؤكده.

الفرز سيصبح أوضح بعد قليل من الوقت. اللعب في المساحات الغامضة سينحسر، والمواجهة ستفرض مزيداً من الشروط على الشركاء وعلى الخصوم. بوتين سيدفع بالأسد إلى مزيد من الخطوات التي من المرجح أن تضيق على طهران، وبراغماتية الأخيرة لن تكفي لإدارة هذا التهافت.

الأكيد هو أن ثمة فرقاً في الجيش الروسي تبحث اليوم في دمشق عن جثة إيلي كوهين. والأكيد أيضاً أن العثور عليها سيكون هدية كبيرة لنتانياهو من صديقه الحميم بوتين. والهدية ستكون أثمن إذا ما سبقت الانتخابات الإسرائيلية.

درج

————————

ماذا تريد روسيا في سوريا؟ وما دورها في رسم ملامح مستقبل البلاد؟

واشنطن – بسام بربندي وضياء رويشيد

منذ عقد من الزمن اجتاحت المظاهرات المدنية جميع نواحي سوريا، وقد استجاب النظام السوري لمطالب المدنيين باللجوء إلى العنف المفرط الذي أدى لعسكرة هذه الاحتجاجات، وجعل من سوريا ساحة لحروب ومعارك تشنها الدول بالوكالة. وقد برز دور روسيا كأحد أهم اللاعبين، ولربما الأهم، على الساحة السورية، وخاصة من الناحيتين العسكرية والسياسية، وكتب العديد من المحللين والمحللات عن الدور العسكري الروسي في سوريا، ولكن لم يعر الباحثون والباحثات اهتماماً جدياً للدور الروسي في “إنهاء الصراع” ورسم ملامح سوريا المستقبل. وقد عادت إلى الواجهة مجموعة من الأنباء حول مقترحات أو مشاريع سياسية سبق وأن تقدمت بها مجاميع المعارضة السورية إلى الجانب الروسي، وظهرت بعض الشائعات حول مقترحات جديدة قدمت لروسيا لإنهاء النزاع في سوريا، مما أثار الجدل في أوساط الشارع السوري.

وسعياً لإيضاح الدور الروسي في سوريا، استضافت المبادرة السورية في كلية واشنطن للقانون في الجامعة الأميركية ندوة حول العلاقات الغربية – الروسية بما يتعلق بالملف السوري، وشارك في هذه الندوة كل من الدكتور اندريه كورتنوف المدير العام للمجلس الروسي للعلاقات الخارجية والسيد يوست هيلترمان مدير برامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية، وقدم الحوار في الندوة جرعة تحليلية للموقف الروسي بشيء من الدقة.

الموقف الروسي وأسباب قرار التدخل في سوريا

أشار اندريه كورتنوف إلى أن التدخل الروسي في سوريا كان مغامرة محسوبة لتحقيق العديد من الأهداف، والتي يتربع على رأسها إعادة روسيا كلاعب أساسي على الساحة الدولية وتأكيد تعافيها من الأزمات الاقتصادية والسياسية التي سبق وأن ألمت بها.

كما هدف هذا التدخل إلى تأكيد رفض روسيا لتغيير الأنظمة بقوة الشارع والمنظمات غير الحكومية باعتبارها امتداداً للمشروع الغربي ضد نفوذ روسيا، والتأكيد على ان الانتخابات هي الآلية الوحيدة المقبولة لتداول السلطة. إضافة إلى رغبة روسيا برد اعتبارها من المعسكر الغربي بخصوص ما اعتبرته خدعة تمرير قرار لتغيير النظام الليبي في مجلس الأمن، ومنافسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في ظل حالة الإحباط لدى حلفاء واشنطن بعد تخلي الإدارة الأميركية عن الرئيس حسني مبارك، ثم عقد الاتفاق النووي مع إيران على حساب مصالح الدول العربية التي كانت تعتبر نفسها الحليف الأقوى لأميركا في المنطقة. وبذلك قدمت روسيا نفسها كشريك مخلص لحلفائه بعكس الولايات المتحدة الأميركية التي تتخلى بحسب تغير مصالحها.

وعبر المتحدث الروسي عن مجموعة أهداف عسكرية بما فيها تجربة وتسويق أسلحة وتقنيات عسكرية روسية حديثة، وتسخير الشركات الأمنية الخاصة لتكون الذراع غير الرسمي لروسيا للتدخل في مناطق أخرى لتعزيز سياستها ونفوذها واعتباره النموذج الروسي الجديد الواجب مراقبته وخصوصا بعد نجاحه في ليبيا.

ونفذت روسيا تدخلها بطريقة تحقق هذه الأهداف واضعة في الحسبان الدروس المستفادة من تدخلها في أفغانستان ونتائجه الكارثية. فعلى سبيل المثال، لم تزد الكلفة السنوية للتدخل العسكري الروسي في سوريا عن ملياري دولار سنوياً، وهي ميزانية بسيطة مقارنة بميزانيتها العسكرية. وبلغت كلفة خسائرها البشرية خلال ست سنوات من تدخلها أقل من 300 وفقاً للإحصاءات الرسمية، ويبقى تأثير هذا الرقم محدوداً في أوساط الشارع العام الروسي مقابل طموحه الدائم في عودة روسيا كلاعب دولي أساسي. وقد نجحت روسيا بتقديم نفسها على أنها الوسيط بين المتخاصمين الإقليميين والدوليين حول القضية السورية، بما فيهم إيران وإسرائيل وتركيا ودول الخليج ومصر والعراق والاتحاد الأوروبي، وساعدها التدخل في سوريا إلى لعب دور في كل من ليبيا والسودان.

من المرحلة العسكرية إلى السياسية.. غياب الحلول

بعد تحقيق “الانتصار” العسكري الذي أرادته، تعيش روسيا اليوم حالة من الحيرة، إذ أصبح من الصعب الحفاظ على التوازنات بين الأطراف. لدى النظام السوري ثقة أكبر بنفسه فهو يرى أن جيشه لعب الدور الأكبر في الانتصار ولديه القدرة على العودة إلى السيطرة على كل سوريا دون دعم روسيا أو بكلمة أدق اعتبر النظام أن روسيا تخوض معركتها في سوريا لتحقيق مصالحها وهو أعطاهم الشرعية لتحقيق ذلك وبالتالي هو يتعامل أحياناً بنديّة غبية مع الروس، وتجلى ذلك في سلوك النظام السوري في التعامل مع ملف اللجنة الدستورية، إذ مارس “الوفد المدعوم من قبل الحكومة” المماطلة والتسويف وضرب بعرض الحائط رغبة روسيا في تحقيق تقدم في هذا الملف.

بعد انتهاء المرحلة العسكرية، ولو مؤقتاً، عمد الروس إلى تغيير منهجية التعامل مع نظام الأسد، وكانت تلك المنهجية قد بنيت من قبل وزارة الدفاع الروسية بشكل رئيس، إذ تعتبر الوزارة الروسية الحليف الأول لبشار الأسد الذي يسوق لدوره أمام القيادة الروسية. وفي ذات الوقت لا يتمتع الأسد بذات الدرجة من القبول في الأروقة السياسية، وحتى أمام بوتين نفسه. ولعل ما يفسر عدم قيام روسيا بوضع النظام السوري تحت ضغوط سياسية أكبر، هي النظرية التي تقول بأن وضع الأسد تحت ضغوط أكبر سيدفعه للاعتماد الكلي على إيران ويقوض من الدور الروسي.

لكن وبعد التدهور الاقتصادي في إيران، عمد بوتين إلى تخفيف دور وزارة الدفاع لصالح تمثيل سياسي من خلال تسمية مبعوثين سياسيين لسوريا، عل ذلك يعزز من قدرة روسيا على فرض رؤيتها السياسية.

مستقبل سوريا

وحسب ما ذكره السيد اندريه في الندوة يبدو بأن بوتين قرر منح الأسد فرصة إضافية، ولعلها تكون الأخيرة، والتي تتمثل في إقامة الانتخابات القادمة في موعدها. ومن البدهي فوز الأسد بهذه الانتخابات، التي لن تنال شرعية سياسية دولية ولن يكون فيها أي شفافية ولن تحقق أيّا من المعايير الدولية لشفافية الانتخابات. ولكن في الوقت ذاته، سيتعين على الأسد أن يقوم بإصلاحات ذات طابع اقتصادي وإداري واجتماعي مثل محاربة الفساد والعمل على إعادة المهجرين، وستبقى الشؤون السياسية والقانونية معلقة. فعلى سبيل المثال، لربما لن يكون هناك أي تقدم بخصوص ملف المعتقلين لأنه من غير الواضح إن كانت لدى الأسد نوايا في تغيير عقيدة أجهزة الأمن وإعادة توزيع مراكز القوى داخل المنظومة الأمنية والعسكرية المتعنتة تجاه أي تغيير.

ولدفع هذا التغيير، يتأمل الروس وصول بعض المساعدات الأممية والأوروبية لترميم المدارس والمشافي وشبكات الكهرباء رغم معرفتهم بمعارضة الولايات المتحدة لهذا الطرح لأنه يعني الانتقال من الأزمة إلى مرحلة ما بعد الأزمة. إذ يرفض المعسكر الغربي هذا الأمر ويرونه قبولاً بالأمر الواقع واعترافاً بمرحلة ما بعد الأزمة. ولكن الأمل الروسي بالتعاون الأوروبي – الروسي لإعادة اللاجئين قد يفتح الأبواب المالية.

وقد أجاب المتحدث الروسي عن سؤال افتراضي حول الانسحاب الروسي من سوريا، بقوله إن قرار بوتين بالانسحاب من سوريا وإعلان الانتصار العسكري والسياسي منوط بوجود حكومة صديقة في دمشق، تحافظ على وحدة الأراضي السورية يفضل أن تكون علمانية وتحترم الاتفاقيات الاقتصادية العسكرية التي تم توقيعها بين البلدين. ونظراً لعدم وجود البديل المناسب للروس لتحقيق هذه الشروط، وانعدام الثقة بينهم وبين الأميركيين، من الصعب أن نرى تعاوناً بينهما لترتيب انتقال يضمن للروس مصالحهم، وتبقى إيران لربما الضامن الوحيد لتحقيق ذلك التطلع الروسي، ولكن ذلك ضرب من ضروب الخيال، إذ لن توافق أي من الدول على إخضاع سوريا لإيران بشكل كامل.

وأكد أندريه كورتنوف أن بوتين لا يهتم بالأسد ولا يكن له احتراماً. وأنه في حال حدث تغيير السلطة في سوريا بشكل منظم ودون الدخول في فوضى إضافية وجلب شخص جديد لديه مصداقية أكثر من الأسد ومقبول لدى الغرب ويحقق الشروط الروسية؛ فإن روسيا لن توقف مثل هذا التغيير. وبينما من المؤكد عدم رغبة موسكو في المبادرة لتحقيق هذا التغيير، يبدو بأنها لن تمانع في حدوثه إذا ما تم قبوله من الغرب وإيران.

ما ذكره الدكتور أندريه كورتنوف يوضح شيئاً من النظرة الروسية لسوريا والمدى الذي يمكن لروسيا أن تسير فيه وتقدمه من تنازلات لإنهاء الأزمة الحاصلة في سوريا والذي يبدو أنه لن يتجاوز بعض الأمور الخدماتية التجميلية. فالهدف الروسي من الوجود بسوريا هو أكبر وأعمق بكثير من الأزمة نفسها والحل بالنسبة لها متعلق بحوارها مع الولايات المتحدة والاعتراف الغربي بها وبدورها الدولي “البناء”، وهذا شيء غير متوفر بالمدى المنظور. وما تقوم به روسيا من تواصل مع جهات مختلفة من المعارضة السياسية أو الإغاثية أو مع المجتمع المدني السوري، لا يهدف إلا تقوية موقعها من المجتمع الدولي أكثر منه رغبتها أو قدرتها في الحل.

تلفزيون سوريا

————————-

الأسد غارق في المصاعب الاقتصادية

ترجمة أحمد عيشة

بعد عقدٍ من الحرب، أصبحت الأزمة الاقتصادية اليوم التهديد الأكبر للأسد. وفي لقاء حديث معه، لم يكن لديه حلول ملموسة للبؤس الشديد الذي يعانيه بلده

في لقاءٍ خاص مع صحفيين موالين للحكومة، سُئل بشار الأسد عن الانهيار الاقتصادي في سورية: انهيار العملة الذي أضرّ بالرواتب، والارتفاع الهائل في أسعار السلع الأساسية، والنقص المزمن في الوقود والخبز؛ فردّ قائلًا، بحسب شخصَين على دراية بالمناقشة: “أعرفُ.. أعرفُ”.

ولكنّه لم يقدّم أي خطوة ملموسة لوقف تفاقم الأزمة سوى تعويم هذه الفكرة: “على القنوات التلفزيونية أن تلغي عروض الطبخ، حتى لا تضايق السوريين بصور من الطعام الذي لا يمكنهم الحصول عليه”.

بينما تلوح في الأفق الذكرى السنوية العاشرة للحرب الأهلية في سورية، لم تعد الفصائل المتمردة والقوى الأجنبية التي ما زالت تسيطر على مساحات واسعة من البلاد هي التهديدات الأكثر إلحاحًا التي يواجهها الأسد، بل الأزمة الاقتصادية الساحقة التي عرقلت إعادة بناء المدن المدمّرة، وأفقرت السكان، وتركت عددًا متزايدًا من السوريين يكافحون للحصول على ما يكفي من الغذاء.

إن اللقاء الخاص الذي عُقد مع الصحفيين السوريين، الشهر الماضي، ولم يُفصح عنه من قبل، قدّم نظرة نادرة بسيطة غير مفبركة عن زعيمٍ بدا بعيدًا عن مقاربة المخاوف الحقيقية التي تثير قلق شعبه، وعاجزًا عن القيام بأي شيء تجاهه. وعلمت صحيفة (نيويورك تايمز) بالاتصال بشخص مطّلع، ما حدث في ذلك اللقاء، وأكد أحد الحاضرين التفاصيل مباشرة.

حتى في حديثه الخاص، ظلّ الأسد متمسكًا بالتفاهات التي تميّز خطاباته العامة. كان يرتدي بدلة سوداء ويتحدث كأنه أستاذ، ألقى باللوم على مجموعة من القوى التي سببت ويلات سورية: “وحشية” الرأسمالية العالمية، و”غسيل الأدمغة” من قبل وسائل التواصل الاجتماعي، و”النيوليبرالية” المعرفة بصورة مبهمة التي كانت تقوض قيّم البلاد. وخوفًا من أن يقلق أحدٌ من الحضور، أكد للصحفيين أن سورية لن تصنع السلام مع إسرائيل، ولن تقنن زواج المثليين. وبالطبع، ليست هذه القضايا ما يُقلق معظم السوريين.

أنقاض على أطراف دمشق. أسهمت الأضرار الواسعة النطاق والتهجير بسبب الحرب في تفاقم المشكلات الاقتصادية للبلاد، صورة عمر صناديقي/ رويترز

الاقتصاد السوري أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء الحرب في 2011. فقد وصلت الليرة السورية هذا الشهر إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، مقابل الدولار، في السوق السوداء، وأدى ذلك إلى انخفاض قيمة الرواتب وارتفاع تكلفة الواردات الصاروخي.

زادت أسعار المواد الغذائية أكثر من الضعف عن العام الماضي. وأكد برنامج الغذاء العالمي هذا الشهر أن 60 في المئة من السوريين، أو (12,4) مليون شخص، معرضون لخطر الجوع، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق.

يكرس معظم السوريين الآن أيامهم لإيجاد الوقود لطهي الطعام وتدفئة منازلهم، والوقوف في طوابير طويلة للحصول على ربطة من الخبز المقنن. أما انقطاع التيار الكهربائي فهو مستمر، حيث تحصل بعض المناطق على بضع ساعات فقط من الكهرباء في اليوم، وهو لا يكفي الناس لشحن هواتفهم المحمولة إلا بصعوبة.

اضطرت النساء اليائسات إلى بيع شعرهن لإطعام أسرهن

في أحد صالونات تصفيف الشعر بالقرب من دمشق، قالت أمٌ لثلاثة أطفال (طلبت عدم الكشف عن هويتها، مثل آخرين قابلناهم في هذا المقال، خوفًا من الاعتقال): “كان عليّ أن أبيع شعري أو جسدي، فبعتُ شعري”. وقالت إن زوجها، وهو نجار، كان مريضًا ويعمل بشكل متقطع، وكانت بحاجة إلى وقود تدفئة للمنزل ومعاطف شتوية لأطفالها.

بمبلغ 55 دولارًا حصلت عليها مقابل شعرها، الذي سيستخدَم في صناعة الشعر المستعار (الوصلات)، اشترت غالونين من وقود التدفئة وملابس لأطفالها ودجاجة مشوية، وهي المرة الأولى التي تذوقتها أسرتها منذ ثلاثة أشهر. بعد ذلك، وطوال يومين، ظلّت تبكي من الخجل والعار.

يعني انخفاض العملة أن الأطباء يكسبون الآن ما يعادل أقلّ من 50 دولارًا في الشهر، حيث قال رئيس نقابة الأطباء، في الآونة الأخيرة، إن كثيرًا من الأطباء يسافرون إلى الخارج للعمل، إلى السودان والصومال، وهما من بين الدول النادرة التي تسمح بدخول سهل للسوريين، ولكن لا يتمتع أي منهما باقتصاد قوي. أصحاب المهن الآخرين يكسبون أقل من ذلك بكثير.

موسيقيّ من دمشق، قال: “إن شاغل الناس وهمّهم، أكثر من أي شيء آخر، هو الطعام والوقود. كلّ شيء باهظ الثمن بشكل غير عادي، والناس خائفون أن يتكلموا”.

الأسباب متعددة ومتداخلة: أضرار واسعة النطاق ونزوح من الحرب؛ وعقوبات غربية واسعة النطاق على حكومة الأسد وشركائه. انهيار مصرفي في لبنان المجاور، حيث كان الأثرياء السوريون يودعون أموالهم. وعمليات الإغلاق لمكافحة فيروس (كوفيد -19).

ليس أمام الأسد أيّ مخرج سهل. فمعظم حقول النفط في البلاد، ومعها جزء كبير من أراضيه الزراعية، تقع في الشمال الشرقي الذي تسيطر عليه القوات التي يقودها الأكراد بدعم من الولايات المتحدة.

جنود أميركيون في دورية الأسبوع الماضي بالقرب من حقول النفط في شمال شرق سورية، صورة ديليل سليمان/ وكالة الصحافة الفرنسية – صور جيتي

استثمر أقرب حلفاء سورية، روسيا وإيران، بشكل كبير، لمساعدة الأسد في الفوز في الحرب، لكن كلتيهما تعانيان مشكلات اقتصادية خاصة بهما، ولا يمكنهما تقديم سوى القليل من المساعدة. تواصل روسيا تقديم مساعدات عسكرية كبيرة لسورية، ولكن مساعداتها إنسانية محدودة.

ألكسندر إيفيموف، السفير الروسي في سورية، قال لوكالة الأنباء الروسية (ريا نوفوستي) هذا الشهر: “إن الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سورية اليوم صعب للغاية”. وأضاف أن إرسال الدعم كان “صعبًا للغاية”، لأن روسيا أيضًا كانت تعاني الوباء والعقوبات الغربية.

في الأسبوع الماضي، بعد أن اعتقلت السلطات السورية شابة إسرائيلية كانت تتجول في سورية، استخدمتها الحكومة السورية تلك القضية كورقة مساومة للحصول على إطلاق سراح راعيين سوريين، و (60) ألف جرعة من لقاح فيروس (كوفيد -19)، حيث دفعت إسرائيل مقابلها لروسيا (1,2) مليون دولار.

على الرغم من هذه المشكلات، لا يزال الأسد مسيطرًا. بعد ما يقرب من عقد من القتال، وصلت الحرب إلى طريق مسدود، حيث حوالي ثلثي البلاد ومعظم سكانها تحت حكم حكومة الأسد.

الآن، يتطلع الأسد إلى الأمام، على أمل أن يؤدي الفوز في انتخابات رئاسية زائفة هذا الربيع، إلى إقناع خصومه بالتخلي عن آمالهم في تغيير النظام والقبول به كزعيم أبدي لسورية. ولم يردَّ مكتبه على طلب للتعليق على هذا المقال، ومن ضمنه أسئلة حول لقائه بالصحفيين.

فرض تعتيم صارم على أي تلميح للمعارضة جزءٌ من إستراتيجية النظام

في الشهر الماضي، نشرت هالة الجرف، وهي مذيعة أخبار سابقة في التلفزيون الرسمي السوري، اقتباسًا من جان جاك روسو على (فيسبوك) ردًا على سؤال: “ما هي الأمة؟”، وكتبت: “في ما يتعلق بالثراء، لن يكون أي مواطن ثريًا لدرجة تمكنه من شراء مواطن آخر، ولا يوجد فقير لدرجة أنه يضطر إلى بيع نفسه” [وهو قول وارد في العقد الاجتماعي لروسو]. وعلى إثر ذلك؛ قُبض عليها بتهمة مخالفة قوانين “الجرائم الإلكترونية” في البلاد.

سوريون يتظاهرون ضد الأسد والانتخابات الرئاسية المقبلة في مدينة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون هذا الشهر. الصورة، عمر الحاج قدور/ وكالة الصحافة الفرنسية- صورة جيتي

كانت هناك لحظة من التوتر في اللقاء الخاص مع الصحفيين، عندما سأل أحدُهم الأسدَ: كيف سيتعامل الرئيس مع غضب مؤيديه بسبب بؤس الاقتصاد؟ فقاطعه مستشار رئاسي بغضب، لكن الأسد سمح للرجل بالتحدث، وأجاب بأنه كان على علم بآلام الناس. لكنه قدم تأكيدات غامضة فقط بأن الوضع سوف يتحسن، ولم يكن هناك خطط واضحة لمساعدته في القيام بذلك.

غالبًا ما تظهر أسماء، زوجة الأسد الأنيقة المولودة في بريطانيا، علنًا، للإيحاء بأن الحياة في سورية تسير بشكل طبيعي. وفي خطاب للمشاركين في مسابقة وطنية للعلوم، روّجت أسماء للتعليم عبر الإنترنت، قائلة إنه “يوفر الوقت والجهد والمال، فضلًا عن تحقيق العدالة”، ويمكن أن يجعل المعلومات “متاحة لجميع الطلاب في جميع المناطق”، وفقًا لوكالة الأخبار الحكومية. ولكنها لم تتطرق إلى كيفية دراسة الطلاب عبر الإنترنت، مع انقطاع التيار الكهربائي!

الأسد وزوجته أسماء يساعدان في زراعة الأشجار في الريف السوري، في كانون الأول/ ديسمبر. صورة سانا، عبر وكالة حماية البيئة

ليس بعيدًا عن قصر الأسد، يكسب أحد الرجال (وهو أبٌ لتسعة أطفال) ما يعادل 5 دولارات في اليوم، من بيع الخضار. حيث يضع صناديق من الباذنجان والبطاطا والتفاح على الأرض، ويبيعها ويكسب قوت عائلته حتى في أسوأ أعوام الحرب. قال الرجل إن أسعار المواد الغذائية ارتفعت العام الماضي بسرعة كبيرة، فصار ينوّع بضاعته لتغطية نفقاته؛ فصنع دبس الرمان والباذنجان المخلل، لكنه توقف عندما أصبح من الصعب جدًا الحصول على غاز للطهي. ولم يعد قادرًا على تحمّل تكاليف المدرسة، لذلك ترك اثنان من أبنائه المدرسة، وهاجر آخر إلى ألمانيا، وهو يرسل إلى أهله ما يكفي من المال لدفع الإيجار. ومع ذلك، فإن ابنًا آخر يقضي ثلاث إلى خمس ساعات يوميًا في الانتظار في طابور، للحصول على نصيب الأسرة من الخبز الرخيص المدعوم من الحكومة. وقال: حتى الكماليات البسيطة أصبحت نادرة. وأوضح: “قبل أسابيع قليلة، اشتريت دجاجة. أعدّت زوجتي منها ثلاث وجبات”.

السوريون الذين كانوا يُعدّون طبقة وسطى أصبحوا فقراء

وسيم، الذي يعمل في إحدى الوزارات الحكومية، قال إن راتبه وراتب وزوجته كانا يسمحان لأسرهم بسهولة بشراء الخبز والوقود وغاز الطهي والملابس، حتى قبل بضع أعوام، عندما سيطر جهاديو الدولة الإسلامية على مساحة من البلاد وكانت المعارك لا تزال مستعرة. لكن مع انهيار العملة، الذي بدأ في أواخر عام 2019، تضاءل دخلهم، وهو الأمر الذي أجبرهم على تناول طعام أبسط وشراء ملابس مستعملة. افتتح قبل زمن قريب متجرًا للعطور كان يديره، بعد أن ينهي وظيفته اليومية لزيادة دخله. ولكن هذا العمل لا يترك له الوقت الكافي للانتظار في طابور الخبز، لذلك يشتري الخبز غير المدعوم، وهو (6) أرغفة مقابل (35) سنتًا، بمعدل أغلى بستة أضعاف من الخبز العادي.

لقد تركته نضالاته يكفر بتركيز الحكومة على القضايا السياسية التي لا تؤثر في حياته اليومية، مثل النضال ضد إسرائيل. وقال: “نسمع يوميًا تصريحات من بشار الأسد وحكومته حول المقاومة والسيادة الوطنية. لكن الحكومة تغلق آذانها وعينيها عن أوجاعنا، ولا تبدي أي اهتمام بظروفنا المعيشية”.

اسم المقال الأصلي Having Won Syria’s War, al-Assad Is Mired in Economic Woes بعد أن ربح الحرب في سورية.. الأسد غارق في المصاعب الاقتصادية

الكاتب* بن هبارد وهويدا سعد،Ben Hubbard and Hwaida Saad

مكان النشر وتاريخه نيو يورك تايمز،The New York Times، 23/2/2021

رابط المقال http://nyti.ms/3ko6k3h

ترجمة وحدة الترجمة/ أحمد عيشة

* بن هبارد: رئيس مكتب بيروت. أمضى أكثر من اثني عشر عامًا في العالم العربي، ومن ضمنها في سورية والعراق ولبنان والمملكة العربية السعودية ومصر واليمن. وهو مؤلف كتاب “محمد بن سلمان: صعود محمد بن سلمان إلى السلطة”.

مركز حرمون

———————————-

العبور السوري الطويل إلى مرحلة ما بعد العسكرة/ أحمد جاسم الحسين

تتسم علاقة المدني السوري بالعسكري السوري بالتعقيد، والتشابك، وهي جزء من تقاطعات الهوية السورية، فقد تناوب على البلد منذ تأسيسه حكام عسكريون، أو مدنيون يأتمرون بأمرهم، وقام أولئك العسكريون بانقلابات، كانت حجتها في كثير من الأحيان، تصحيح مسار الحاكم المدني والاعتراض على موقفه السياسي، كما قال حسني الزعيم في انقلابه الأول ضد القوتلي 1949، وهو ما تبناه حافظ الأسد كذلك في انقلابه على الأتاسي 1970 الذي سماه “حركة تصحيحية”، وقد شكل العسكر في التاريخ السوري المعاصر جسراً لكسر تراتبية السياقات الاجتماعية السورية، وإعطاء الفرصة لطبقات اجتماعية غير مخصّصة بصفتها من طبقة قادة البلاد أو المجتمع، لكنهم قدموا غالباً نموذجاً بائساً في التسلط والتحكم والبطش.

والقرار النهائي في مآل العمل والمنصب وكثير من الفرص في سوريا في مرحلة ما قبل ثورة 2011 هو قرار عسكري، فالدراسة الأمنية هي التي تجبّ ما قبلها أو تفتح له الباب، ويأتي في هذا السياق أن معظم من فتحت له أبواب الفرص في سوريا لا بد له من حامل عسكري يحميه، لذلك نشأت ظاهرة الضباط المستثمرين برأسمالهم الرمزي المتمثل بسلطتهم، وهو ما جعل ضابطاً مفوّهاً مثل بهجت سليمان يفتتح ما يشبه الصالون الفكري في أحد طوابق فرعه الأمني ليحاور “مثقفين وأساتذة جامعيين” كانوا يحجّون إليه في يوم محدد كل أسبوع، على أمل الحماية الشخصية أو العائلية، أو الحصول على فرصة يستحقها أو لا يستحقها، لكن هذا بابها الوحيد، في سوريا المعسكرة، وفي الوقت الذي يجري فيه الحوار الفكري “الراقي” في الطوابق العليا، تحدث ألوان من التعذيب في قبو البناء نفسه لأشخاص حاولوا قول كلمتهم أو التفكير بحرية، هذه إحدى تناقضات الشخصية السورية أو جوانب من تشكلها.

كان الوزير السوري مثلاً، يناديك مهما علا شأنك العلمي أو الاجتماعي من دون ألقاب، لكنْ إنْ جاءه ضابط فسيستحضر رتبته العسكرية في الخطاب، وربما يرفّعه رتبة أعلى، أثناء الحديث معه على أمل الترفيعات القادمة، وهذا ليس بمستغرب في ظل سطوة وسلطة عرفها الوزير جيداً بخبراته المتراكمة، وكان عدد كبير من الضباط يحرصون على ارتداء لباسهم العسكري في المطاعم والتعازي والمشاوير الخاصة من أجل تحسين الخدمة وعدم الغش ومزيد من الاهتمام والوجاهة.

وفي مرحلة الثورة، كان التدخل العسكري من قبل النظام ومخابراته، وجرّ الثورة إلى العسكرة مفصلاً تحولياً في تاريخها، وهو الملعب الذي يجيد النظام توظيفه واللعب فيه، إضافة إلى كونه عالماً مليئاً بالأسرار والغموض، ويحتمل كل ألوان التفسير والجدل لأن الحقيقة فيه مائعة، وهو ما استثمره النظام محلياً عبر استعادة عصبته القبلية والطائفية، وعالمياً عبر تسويق التصدي للأصولية، والرد على العسكرة التي قام بها الطرف الآخر.

تدور في هذه المرحلة من التاريخ السوري، السريع التحول، صراعات مبطّنة ومعلنة بين الجهات القيادية المدنية من جانب، والجهات العسكرية من جانب آخر، متمثلة في: حكومة النظام السوري وجيشه، والإدارة الذاتية وقسد، والجيش الوطني والحكومة المؤقتة، وهيئة تحرير الشام وحكومتها. وستزداد هذه الخلافات كلما بردتْ الجبهات وبدأ السوريون بتفقد تفاصيلهم، والتخفيف من لا محدودية أحلامهم بالتغيير، الذي كسر ظهورهم. سيرتفع منسوب تلك الصراعات بين الأطراف المستثمرة بالعسكرة، كلما ابتعدت اللحظة عن وقوف المعارك، وسيحاول العسكريون، قدر ما يستطيعون في تلك المناطق، الدفع نحو الأمام لأن كثيراً من سلطاتهم ومنافعهم مرتبطة ببقاء الصراع العسكري الواقعي أو المتخيّل مع الآخر.

ويترافق ذلك مع تنبّه المستثمرين في الصراع العسكري إلى تدقيق ميزانياتهم وفواتيرهم، بل إن قسماً منهم يريد تحويل جزء من أموال الاستثمار نحو خدمة المواطنين في تلك المناطق؛ لأنه ميدان استثماري أكثر جدوى حالياً، بعد أن حقق استثمارهم العسكري أهدافهم، من حيث درى العسكر والمتعسكرون أو لم يدروا!

وراح المدنيون يبحثون عن متنفّسات لحياتهم بعد أن بدأت مرحلة تلاشي العصبية الحربية، والصراع مع “العدو”، وتشير كثير من المرجعيات المتعلقة في هذا المجال إلى أن أكثر المشكلات في مرحلة ما بعد الحروب، هي مآل العلاقة بين العسكري والمدني، إذ يرى العسكريون أن ما تحقق للمدنيين من انتصار أو اندحار للعدو هو بسبب تضحيات العسكريين، وليس من المعقول أن يوضعوا على الرفّ في أول فرصة، أو أن تُقلّم أياديهم، وقد اعتادوا إبان المعارك أن تُخصَّص التماثيل لأبواطهم، في حين يرى المدنيون أنه من واجب العسكريين بعد انتهاء المعركة أن يغيّروا من دورهم، ويتفرغوا لحماية مكتسبات الناس من العدو الخارجي، وأن يتركوا للعقل التنظيمي والاستثماري والفكري أن يأخذ فرصته في مرحلة حياة ما بعد الحرب!

تعدّ العسكرة جزءاً رئيسياً من الهوية السورية، نتيجة الدور والفاعلية، التي أنيطت بها عبر تاريخ تشكل الكيان السوري، ولم تُولَ ما تستحق من دراسة، بسبب انشغال كثير من الدارسين بحقول الدراسة المألوفة من مثل الإسلام السياسي أو الأحزاب في سوريا، ولضحالة المعلومات الدقيقة عنها، وارتباطها بالمقدس والممنوع، إضافة إلى كونها حقلاً قليل الحضور في الدراسات الثقافية أو الإنثروبولوجية العالمية، كون الدول المنتجة للثقافة المهيمنة عالمياً تجاوزت هذه المرحلة.

ليست العسكرة مفردة دائمة الحضور السلبي في التاريخ السوري، فقد تركت بصمة عميقة في نمط الشخصية السورية، وسرديّاتها، حتى بات تشبيه المسؤول الذي يطبق القوانين ويتسم بالصرامة بأنه عسكري، وهذا تصور إيجابي عن العسكرة بكونها حزماً وتنظيماً ودقة، وهو عكس مفهوم العسكرة السورية المرتبطة بالبطش والاستبداد واستعمال الإكراه في فرض الإرادة، وليس طرائق الدولة المدنية في الحكم، وتجدر الإشارة إلى أن العسكرة السورية في أبهى حالاتها كانت عالماً من الاستثناءات والرغائب والوساطات.

استثمر حافظ الأسد العسكرة مبكراً، ووظفها في مختلف مراحل حياته، فهو عسكري بقدر ما هو مدني لإدراكه أهمية ذلك، فهو الفريق الرفيق الرئيس، يجمع السلطات المدنية والعسكرية، بل إنه أدخلها في تكوين الحزب الذي قاد مساره نحو العسكرة، وشكل له أجهزة أمنية، بل جعل أكثر من نصف أعضاء اللجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي من العسكريين، وهي التي كانت تتحكم في توجيه مسارات الحزب، وأدخل العسكر إلى الجامعات بغطاء حزبي يرابطون عند أبواب المدرجات والقاعات، وسلّح من هو معه، وقد قبل بخيار العسكرة بالسلاح الحي لمواجهة الآخر السوري “العدو”، كانت عسكرة المجتمع أحد أبرز أساليبه للبقاء في الحكم.

واستكمالاً لحياة العسكرة في سوريا، فقد آلت القرارات في السنوات الأخيرة في الجغرافيات السورية إلى العسكري السوري (العسكري هاهنا بمختلف صوره: عسكري المؤسسة، والميليشاوي، والحزبي، والديني)، وعلى الرغم من كل مظاهر الدولة المدنية في مختلف “السوريات الحالية” فإن الكلمة الأعلى ما تزال للعسكري، وكل القرارات يمكنها أن توقف أو تخرق، في حال تقاطعها أو تعارضها مع الرؤية العسكرية.

ولأن أمد الوجع السوري قد طال، وثمة أحداث دولية وإقليمية تحاول أن تنتج حلاً، فقد قال سوريون عديدون في الأيام الماضية: إنْ كان المخرج من الوضع الحالي بمجلس عسكري كمرحلة مؤقتة فمرحباً به، وهذا فتح الباب لسوريين آخرين للقول: أمنَ المعقول بعد كل تلك التضحيات للتخلص من العسكرة والقمع نعود إلى العسكرة بصفتها حلاً؟

ويتساءل آخرون: من سيضبط هذا الوضع السوري الحالي؟ من يعيد تلك الميليشيات والجيوش إلى بلدانها أو ثكناتها أو مكانتها سوى قوة أكبر منها، هل ستكون مجلساً عسكرياً أم قواتٍ دولية أم اتفاقاً سورياً لا نعرف له طريقاً أو وقتاً؟

يرى “هنتنغتون” في سياق الحديث عن آفاق العلاقة بين المدني والعسكري أن الأمل معقود على تطوير نسق علاقات “عسكرية مدنية” من خلال سياسة احترافية للجيوش، تضمن الحد الأعلى من الأمن العسكري للبلاد، بحد أدنى من التضحية، مع الحرص في أثناء ذلك على التواصل المؤسساتي مع القيم الاجتماعية الأخرى، والمحافظة على الحياد.

لا يطمح السوريون في هذه المرحلة إلى ما دعا إليه “هنتنغتون” أعلاه دفعة واحدة، لكنهم يرون أنه من المهم تذكير العسكري السوري أياً كان انتماؤه بالهدف الرئيسي من اللجوء إلى العمل العسكري، المتمثل بخدمة الحياة المدنية والأخذ بسبل نهوضها، وعدم جعل العمل العسكري صيرورة ومآلاً بل مرحلة سيرورة مؤقتة.

الطريق السوري طويل وشاق، في بلد حكمه منذ تشكله العسكر بطريقة أو بأخرى، لذلك نشر ثقافة “ضد العسكرة” وقبولها ليس بأمر سهل، وقد صارت جزءاً من شخصية السوري عامة استناداً إلى معطيات نفسية وإنثروبولوجية، والسؤال الآخر: كيف لمؤسسات عسكرية غير احترافية يعتقد العامل فيها أن قوته غير قادمة من قوة المؤسسة، بل من السلاح الرمزي أو الواقعي الذي يحمله، أن تأخذ بيد مؤسسات مدنية نحو المأسسة أو التطوير؟

قراءةُ تجربة الدول، التي تجاوزت مرحلة العسكرة يوصلنا إلى أن “تمْدين” الجهاز العسكري ومأسسته، وفي الوقت ذاته إشباع رغبات الناس المدنيين: المالية والجسدية والنفسية والاجتماعية أحد سبل إطفاء نار العسكرة بصفتها حلاً وخياراً كما يحسب عديدون؛ لأن العسكرة ليست صفة للعسكريين فحسب، بل سلوك يترسّخ في شخصيات نظرائهم المدنيين، ليشرّع المجتمع ذاته من حيث لا يدري أبوابه لترسيخ تلك الثقافة الأبوية، الاستبدادية ويمهل الخطوات، قبل الوصول إلى مرحلة الدولة المدنية، حيث القوانين والمؤسسات وتعدّد السلطات وتداولها.

—————————

تطبيع تلقيحي بين بشار الأسد وإسرائيل/ ماجد عزام

كما كتبت هنا في المقال الأخير، لم نكن أبداً بصدد صفقة تبادل أسرى بين بشار الأسد وإسرائيل وإنما تفاهم أو توافق روسي إسرائيلي تتصرف فيه روسيا مع إسرائيل بصفتها الحاكم بأمره في سوريا الطائفية المتجانسة وبإذعان كامل من قبل بشار الأسد وبقايا نظامه الخاضع للاحتلال، بل الاحتلالات في مناطق نفوذه الصورية مقابل بقائه في السلطة ولو صورياً.

للتذكير فإن التفاهم الأخير تضمن إعادة روسيا شابة إسرائيلية قيل إنها دخلت بالخطأ إلى الأراضي السورية مقابل إفراج إسرائيل عن أسير سوري وإسقاط تهم عن مواطنة سورية أخرى كانت تقوم بتنفيذ حكم لخدمة الجمهور لستة أشهر، وإبعادهم عن هضبة الجولان المحتلة إلى سوريا.

الأسيران رفضا الإبعاد عن أهلهم وذويهم وقراهم، ورغم أنهم من بيئة مؤيدة لنظام بشار الأسد إلا أنهم رفضوا ما وافق عليه النظام نفسه في موقف يحمل دلالات أهمها رفض العيش في المناطق المفترض أنها محررة تحت سيطرة النظام الاستبدادي، بينما منسوب الحرية ومستوى معيشة لدى الاحتلال – وحتى سجونه – أفضل بكثير مما هو لدى الأسد، إضافة إلى بقائهم صامدين على أرضهم وبين ذويهم.

أما التحديث الأهم الذي تم إدخاله على التفاهم الروسي الإسرائيلي وأدى لإخراجه إلى حيز النور بعد تعثر لساعات، فتمثل بإرسال أو للدقة تبرع وتمويل إسرائيل شحنة من لقاح سبوتنيك الروسي – ضد فيروس كوفيد 19 المسبب لجائحة كورونا – لصالح النظام من أجل تلقيح الأسد والطبقة السياسية الأمنية المحيطة به، مع تمويه ما عبر إفراج تل أبيب عن رعاة سوريين دخلوا بالخطأ إلى الأراضي المحتلة في هضبة الجولان، كما كان يحدث طول السنوات الماضية ويجري إرجاعهم في العادة عبر الأمم المتحدة دون اعتقال طويل أو مساومة أو حتى التفكير في إدخالهم بأي صفقة أو تفاهم ما.

كتبت مطولاً هنا في المقال الأخير أيضاً عن الحيثيات السياسية للتفاهم الروسي الإسرائيلي في سوريا الذي مثّل القاعدة للتفاهم الفرعي الأخير الخاص بإرجاع المواطنة الإسرائيلية مقابل تمويل شحنة لقاحات روسية لنظام الأسد، ولا بأس من التذكير بها تحديداً فيما يتعلق بقبول إسرائيل الواقع الذي فرضته روسيا في سوريا بما في ذلك بقاء النظام كونه لا يتعارض مع مصالحها أصلاً مقابل اعتراف روسيا بحق إسرائيل في الدفاع عن أمنها، كما يحلو لها تحديداً فيما يتعلق بمنع التموضع الإيراني الاستراتيجي لا المرحلي في سوريا الذي لا تمانعه تل أبيب، إضافة إلى اعتبار موسكو العلاقة معها بمثابة ممر للتقارب مع واشنطن وعواصم غربية أخرى، ومحاولة استغلال ذلك لتعويم نظام الأسد، ورفع العقوبات الدولية عنه.

خلال الأسبوع الماضي نشرت الصحافة العبرية تفاصيل إضافية خاصة بقصة المواطنة الإسرائيلية حيث قيل إنها غريبة الأطوار وتجاوزت الحدود بغرض الفضول وحرية التنقل دون عوائق. وكانت حاولت فعل الشيء نفسه عبر الحدود مع غزة والأردن ولبنان، وجرى منعها من قبل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية ما يطرح علامات استفهام حول كيفية نجاحها في عبور حدود تخضع طوال الوقت لاحتياطات وإجراءات أمنية استثنائية. وهل فكّر أحد ما خارج الصندوق لجهة غض النظر عن عبورها – مع الثقة في إرجاعها سالمة – من أجل إجراء اختبار حقيقي للواقع ومعايشة ميدانية للوضع في المنطقة الحدودية، واستخلاص العبر اللازمة من قبل جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية.

في قصة الشابة الإسرائيلية أيضاً كان هناك تأكيد لافت للإذاعة العبرية نقلاً عن مصدر أمني أنها لم تتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة من قبل النظام السوري، وهذا غير مفاجئ أو مستغرب طبعاً كون التعذيب والقتل موجه ضد السوريين والفلسطينيين وبقية الشعوب العربية التي ارتكب النظام ضدها وما زال جرائم حرب موصوفة، كما هو الحال في لبنان مثلاً بمدنه وقراه ومخيماته الفلسطينية من طرابلس شمالاً إلى صيدا جنوباً.

غير أن قصة اللقاح الروسي المموّل إسرائيلياً لنظام الأسد تستحق بالتأكيد التوقف عندها والتمعن فيها والخروج بالاستنتاجات والعبر اللازمة والضرورية منها.

لا شك أن روسيا بحثت عن ثمن ما لحفظ ماء وجه الأسد وإدخاله إلى الصورة ولو شكلاً، وهي طلبت من إسرائيل بوادر حسن نية تحددها بنفسها فاقترحت هذه الأخيرة الإفراج عن الأسيرين وإبعادهما وأمام رفضهما لذلك رغم موافقة روسيا – ونظام الأسد – تم التوافق المشترك على تمويل اللقاحات الذي يحقق فوائد للأطراف كلها حيث استعادت إسرائيل مواطنتها بثمن بخس، بينما حققت روسيا فوائد اقتصادية وإعلامية ودعاية للقاح كورونا الخاص بها وسياسية طبعاً فيما يختص تقوية العلاقات مع إسرائيل، كذلك حقق نظام الأسد الذي يعاني على كل المستويات فائدة ما عبر الحصول على لقاحات مجانية حتى لو كان ذلك بتمويل إسرائيلي.

بدا لافتاً جداً كذلك الرقم المتواضع الذي دفعته تل أبيب لموسكو 1.2 مليون دولار – رغم عدد اللقاحات الكبير -60 ألف جرعة تقريباً – وذلك نظراً لانخفاض ثمن اللقاح بشكل عام، ما يطرح تساؤلاً منطقياً عن أسباب عدم تبرع روسيا نفسها للنظام، علماً أنها كانت تبرعت بـ5000 جرعة للسلطة الفلسطينية ولدول أخرى، أيضاً ما يؤكد حقيقة أنها لا تقيم وزناً كبيراً للنظام الخاضع تماماً لهيمنتها.

ومن جهة أخرى. فنحن بالتأكيد أمام تطبيع موصوف بين إسرائيل ونظام بشار الأسد حتى لو كان صحياً أو تلقيحياً للدقة، كون بشار والطبقة المحيطة به سيتلقون لقاحاً – روسياً – مموّلاً إسرائيلياً، وإذا لم يكن هذا التطبيع فما هو.

أما تداعيات التفاهم فلا تقل أهمية خاصة لدى الجانب الإسرائيلي، حيث ستلاحقه التفاصيل إلى غزة، كما قالت صحيفة هآرتس “الأحد21 شباط فبراير”، في أي صفقة تبادل محتملة مع حماس، وإضافة إلى الثمن المرتفع سيتم طرح ضرورة سماح إسرائيل بوصول اللقاحات إلى غزة من جهات مانحة ومتبرعة وحتى من السلطة الفلسطينية في رام الله، حيث لا يطلب أحد من تل أبيب التبرع رغم أنها تتحمل المسؤولية كقوة احتلال عن أحوال الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بالضفة وغزة.

في التداعيات سعت إسرائيل مباشرة إلى تعميم التجربة وتحديداً الجانب التطبيعي منها، حيث قررت حكومتها تقديم لقاحات مجانية لعدة دول – 20 تقريباً – مقابل فوائد سياسية حسب تعبير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تتعلق بإقامة علاقات دبلوماسية معها أو بنقل السفارات من تل أبيب إلى القدس، كما هو الحال في حالة هندوراس وجواتيمالا.

في الأخير وباختصار أسقط التفاهم الروسي الإسرائيلي مرة أخرى وهم الممانعة والمقاومة والسيادة عن نظام الأسد، مع تفريطه الموصوف بالسيادة الوطنية وحتى بحقوق المواطنين السوريين تحت الاحتلال. كما أكد من جهة أخرى أن روسيا ليست داعما جديا للعرب وقضاياهم كون تفاهماتها راسخة وقوية مع الاحتلال الإسرائيلي. أما علاقاتها مع فلسطين والعرب فتمر عبر تلك التفاهمات الراسخة، واعتبارها أي روسيا أمن ومصالح إسرائيل قاعدة لسياساتها العامة في المنطقة.

——————————

وثيقة أوروبية ترفض مسبقاً الانتخابات الرئاسية السورية، الدول الأعضاء بدأت مناقشتهاو«الشرق الأوسط» تنشر مضمونها/ إبراهيم حميدي

بدأت دول أوروبية تحركاً لإقرار وثيقة قدمتها فرنسا باسم مجموعة ذات تفكير متشابه، وحصلت «الشرق الأوسط» على مسودتها، تقترح رفض «أي انتخابات رئاسية سورية لا تحصل بموجب القرار الدولي (2254)»، وقطع الطريق على «التطبيع» مع دمشق بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية مايو (أيار) المقبل.

وتخطط دمشق لإجراء انتخابات رئاسية، بموجب الدستور الحالي لعام 2012، حيث يتوقع أن يفوز بها الرئيس بشار الأسد. وتدعم موسكو وطهران هذا التوجه، مع جهود روسية كي تكون «الانتخابات نقطة انعطاف وطي صفحة» السنوات العشر الماضية، عبر بدء دول عربية وأوروبية عملية تطبيع دبلوماسي وسياسي مع دمشق، وإرسال أموال لدعم الإعمار في سوريا، والاعتراف بـ«شرعية الانتخابات».

فصل المسارين

تبلغ المبعوث الأممي غير بيدرسن أن لا علاقة بين الانتخابات الرئاسية المقررة بموجب دستور 2012 وأعمال اللجنة الدستورية التي عقدت 5 جلسات دون اتفاق على صوغ مسودة للوثيقة التشريعية بموجب القرار (2254).

ويواصل بيدرسن جهوده بلقاء المعارضة في إسطنبول، بعد لقائه وزير الخارجية فيصل المقداد، ورئيس «الوفد المدعوم من الحكومة» أحمد الكزبري، الذي قدم للمرة الأولى وثيقة تتناول آليات عمل اللجنة الدستورية لصوغ «مبادئ الدستور»، ولقاءات دورية بينه وبين رئيس وفد «هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة.

وعملياً، النتيجة تتعلق بإصلاح دستوري بعد الانتخابات، وعدم حصول أي تقدم قبل إجراء الانتخابات، ونهاية ولاية الرئيس الأسد في منتصف يوليو (تموز)، بحيث تجري بموجب الدستور القائم الذي يعطي صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية، ويدشن ولاية ثالثة للأسد مدتها 7 سنوات، ويحدد معايير الترشح للانتخابات الرئاسية، بينها: الإقامة 10 سنوات متواصلة قبل التقدم للترشح، والحصول على موافقة 35 نائباً في البرلمان. وتلمح موسكو إلى أن الإصلاح قد يطبَّق في أول انتخابات برلمانية مقبلة في 2024، ما لم يقدَّم موعدها.

وكانت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة، بقيادة «البعث» الحاكم، قد فازت بـ183 مقعداً (بينها 166 بعثياً) من 250 مقعداً في انتخابات البرلمان في يوليو (تموز) العام الماضي، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وتحالف الأحزاب المرخصة.

ولم يعلن أحد بعد عن ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة، لكن مؤشرات حملة إعلامية بدأت تظهر في مناطق الحكومة التي تشمل المدن الرئيسية والعدد الأكبر من السكان، مع أنباء عن اتصالات مع «الإدارة الذاتية» شرق الفرات لتفاهم حول نشر مراكز اقتراع في مناطق تشكل نحو ربع مساحة سوريا، علماً بأن للحكومة ثلاثة مراكز في القامشلي ومطارها والحسكة. ومن المستبعد وجود مراكز اقتراع في إدلب وشمال البلاد، أو مناطق انتشار غالبية اللاجئين في دول الجوار، مثل تركيا والأردن، باستثناء بعض مناطق لبنان.

وأعربت دول غربية عن انتقاد البيانات الروسية التي تشير إلى «إمكانية الفصل بين الانتخابات الرئاسية واللجنة الدستورية لأنها تثير قدراً عميقاً من القلق، وتُلحق الأضرار بالعملية السياسية وإجماع الآراء المتفق عليها في مجلس الأمن». ورفضت الدول الغربية الاعتراف بالانتخابات البرلمانية في 2012 و2016 و2020، والرئاسية في 2014.

رفض الانتخابات

وبدأ ممثلو الدول الأوروبية اجتماعات لإقرار مسودة لـ«الورقة فرنسية»، واتخاذ موقف موحد من الانتخابات الرئاسية، بناء على مسودة سابقة كانت تتناول الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وحسب المسودة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، فإنها ترمي إلى «منح وساطة الأمم المتحدة المتوقفة منذ 3 سنوات بشأن الدستور زخماً سياسياً جديداً يساهم في معاودة ربط العملية السياسية بالشعب السوري، داخل وخارج البلاد، مع مواجهة القيادة الروسية بشأن العملية السياسية»، إضافة إلى «معارضة محاولات النظام السوري وحلفائه إعلان نهاية الأزمة، من خلال إجراء انتخابات صورية مزيفة في عام 2021 الحالي، من دون الالتزام بتنفيذ العملية السياسية المستندة إلى القرار (2254)، أو التعامل المباشر مع الأسباب العميقة للأزمة الراهنة».

وأضافت الورقة: «من شأن الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة لعام 2021 أن تنعقد بموجب الأحكام الدستورية والقوانين المعمول بها راهناً، تحت مظلة وسيطرة النظام السوري الحاكم منفرداً، وستُستغل هذه الانتخابات من جانب النظام الحاكم ومؤيدوه للإعلان من جانب واحد عن نهاية الأزمة السورية، من دون الالتزام بأي شيء يتفق مع تطلعات الشعب، ومن شأن هذه الانتخابات أن تشكل حاجز ردع كبيراً في وجوه اللاجئين».

وأشارت إلى أن «الدول الأوروبية التي كابدت التبعات المباشرة والدائمة للأزمة السورية المستمرة، أمنياً وبالهجرة، لديها مصلحة كبيرة في الحيلولة دون انحراف العملية السياسية عن مسارها الصحيح بواسطة الانتخابات الرئاسية الصورية»، مؤكدة أن «إجراء الانتخابات الحرة النزيهة ذات الاتساق التام مع القرار (2254) هو ما يساهم بصورة حقيقية فاعلة في تسوية الأزمة، وليس تفاقهما. ومن الواضح أن مثل هذه الانتخابات لن تتم في المنظور قصير المدى».

وعليه، فإن الورقة اقترحت خطة عمل مشتركة للدول الأعضاء للتعاطي مع الانتخابات تتضمن خطوات، بينها «الإيضاح عبر رسالتنا العامة أن الانتخابات التي تُعقد بمنأى عن القرار (2254) لا يمكن الاعتداد بها بصفتها مساهمة فاعلة في حل الأزمة السورية، وإنما من شأنها العمل على تقويض فرص التوصل إلى تسوية سياسية حقيقية مستديمة للنزاع السوري»، و«دعوة المبعوث الأممي إلى طرح السلة الانتخابية ضمن العملية السياسية، مع الإشارة بوضوح إلى أنه لا يمكن التوصل إلى حل سياسي يتسق مع القرار (2254) من دون إجراء انتخابات رئاسية حرة نزيهة، مع عدم ادخار الجهود لتمهيد الأجواء المناسبة لعقد هذه الانتخابات بمجرد انتهاء اللجنة الدستورية السورية من أعمالها».

ومن حيث المبدأ، اقترحت الورقة 4 خطوات عمل، هي: «أولاً، ضمانات لمشاركة اللاجئين من الخارج والنازحين في الداخل في عملية الاقتراع. ثانياً، تنفيذ خطوات بناء الثقة، وإيجاد البيئة الآمنة المحايدة. ثالثاً، تهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي. رابعاً، إشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات، وضمان أقصى درجات الحياد».

دعم الحلفاء

ومن المقرر أن تقوم الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بإقرار عناصر من هذه الورقة في بيان أوروبي في الذكرى العاشرة للاحتجاجات في 15 الشهر الحالي، إضافة إلى «رفع مستوى النفوذ في الأمم المتحدة، وتعزيز الحيازة العربية لمسار الانتخابات السورية، بصفتها ركناً ركيناً في جهود تسوية الأزمة السورية». كما ستعرض على الدول المجاورة لسوريا لـ«إدماج إسهاماتها، بصفتها أطرافاً فاعلة رئيسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مع تشجيع وتيسير مشاركتهم فيها، بالتعاون مع المبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية في أعمال التحضير لإجراء التصويت خارج البلاد»، إضافة إلى «حشد المغتربين السوريين والمجتمع المدني وقوى المعارضة السورية، من أجل مساعدتها على الإعراب الواضح عن مطالبها بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن مجريات العملية السياسية».

وفي مقابل هذا الموقف من الانتخابات المقبلة في مايو (أيار)، تقترح الوثيقة الشروع مع الأمم المتحدة «في الأعمال التحضيرية للانتخابات المستقبلية بما يتسق مع القرار (2254)، لا سيما من خلال التواصل مع المغتربين السوريين، وبما يتفق مع أحكام التصويت الانتخابي خارج البلاد التي لا تتطلب الحصول على موافقة رسمية من السلطات السورية. ويستلزم هذا الأمر التوضيح للمواطنين السوريين أن تلك الأعمال التحضيرية لا تهدف إلى السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2021».

وبالتالي، فإنه استعداداً للانتخابات المقبولة غربياً، يجب أن تتضمن 4 معايير، هي: «الضمانات الصارمة التي تؤكد ضرورة مشاركة اللاجئين والنازحين السوريين، وخطوات بناء الثقة على أرض الواقع بُغية خلق البيئة الآمنة المحايدة للناخبين، وتهيئة الظروف القانونية والعملية لإجراء الاقتراع التعددي، وإشراف منظمة الأمم المتحدة على الانتخابات مع ضمان أقصى درجات الحياد في أثناء العملية الانتخابية».

وقد اقترحت دعوة المبعوث الأممي لـ«بدء الأعمال التحضيرية المكثفة اللازمة لتنظيم التصويت الانتخابي خارج البلاد، وذلك بما يتسق مع القرار (2254)، مع المواطنين السوريين كافة، بمن فيهم المغتربين». وقالت: «هذا الأمر لا يستلزم التفاعل المباشر مع النظام السوري الحاكم، ولا ضرورة للحصول على موافقته المسبقة». وكان بيدرسن قد رفض الانخراط في الإعداد للانتخابات، قائلاً إن مهمته بموجب القرار (2254) لا تتعلق بأي انتخابات لا تجري بموجب مضمون القرار الدولي. والانتخابات الرئاسية المقبلة هي رقم 18 منذ عام 1932 التي لم تحظَ بأهمية كبيرة، كونها جرت في ظل الحكم الفرنسي، مقابل اهتمام أكبر بانتخابات 1955 التي تنافس خلالها شكري القوتلي وخالد العظم. أما باقي الانتخابات جميعها، فكانت إما استفتاءات وإما انتخابات يخوضها منافس لا يواجهه فيها أحد. وسمح دستور 2012 بترشح أكثر من شخص للانتخابات بعد عقود من الاستفتاء.

الشرق الوسط

——————————-

محيط دمشق هدف دائم للغارات الإسرائيلية/ أمين العاصي

بعد أيام قليلة من غارات أميركية استهدفت مليشيات إيرانية وعراقية في الشرق السوري، ضرب طيران الاحتلال الإسرائيلي مواقع يُعتقد أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني في محيط العاصمة السورية دمشق، مساء أول من أمس الأحد، في سياق استراتيجية إسرائيلية معلنة، تستهدف الوجود الإيراني في سورية. وفي السياق، ذكرت مصادر في دمشق، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن طائرات، يُعتقد أنها إسرائيلية، عاودت قصف أهداف إيرانية في محيط بلدة السيدة زينب جنوبي دمشق، التي تحوّلت إلى معقل بارز للمليشيات الإيرانية وحزب الله اللبناني.

من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” التابعة للنظام السوري، عن مصدر عسكري قوله، إن الطيران الإسرائيلي “نفّذ، في وقت متأخر من مساء الأحد، عدواناً جوياً من جهة الجولان السوري المحتل، مستهدفاً بعض الأهداف في محيط دمشق”. وقال إن “وسائط دفاعنا الجوي تصدّت لصواريخ العدوان وأسقطت معظمها”، من دون الإشارة إلى الخسائر التي تسبب فيها القصف.

وبات القصف الجوي الإسرائيلي لمواقع عسكرية في سورية شبه اعتيادي في العام الحالي، في إطار حرب معلنة من تل أبيب ضد الوجود الإيراني في سورية، تحديداً جنوبي البلاد وشرقها. ففي 6 شهر يناير/كانون الثاني الماضي، شنّ الطيران الإسرائيلي غارات على مواقع عسكرية في محيط بلدة الكسوة جنوبي دمشق، يُعتقد أنها تابعة للفرقة الأولى في قوات النظام، والتي تحوّلت إلى ما يشبه قاعدة إيرانية. وطاول القصف أيضاً كتيبة الرادار في ريف السويداء في أقصى الجنوب السوري، والتي يُعتقد أنها تحوّلت إلى مقرّ لعناصر حزب الله. كما استهدفت الغارة مواقع أخرى على طريق دمشق – درعا، تنتشر فيها مليشيات موالية لإيران و”حزب الله”، إضافة إلى قوات النظام والمليشيات الموالية لها.

وفي 13 يناير الماضي، شنّت الطائرات الإسرائيلية غارات على مخازن أسلحة ومواقع عسكرية في ريف دير الزور في أقصى الشرق السوري، مخلّفة عشرات القتلى من عناصر المليشيات الموالية لإيران، في حصيلة تُعدّ الأعلى منذ بدء الضربات الإسرائيلية في سورية. ووفق وسائل إعلام النظام السوري، فقد قُتل في 22 يناير الماضي 4 مدنيين، بينهم طفلان، جراء قصف إسرائيلي استهدف محيط مدينة حماة، في وسط البلاد.

وفي شهر فبراير/شباط الماضي، واصل الطيران الإسرائيلي استهداف مواقع عدة، وضرب في 5 فبراير “الفوج 165″ التابع لـ”الفرقة الأولى” في قوات النظام، في محيط ناحية الكسوة جنوبي دمشق. كما هاجم شحنة أسلحة إيرانية في محيط مطار دمشق الدولي، وفق موقع “صوت العاصمة”، المهتم بأنباء دمشق وريفها. ونادراً ما تؤكد حكومة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ ضربات في سورية ضد مواقع تابعة للنظام أو للجانب الإيراني، لكن الجيش الإسرائيلي ذكر في تقريره السنوي، أواخر العام الماضي، أنه قصف خلال عام 2020 نحو 50 هدفاً في سورية، من دون تقديم تفاصيل عنها.

وعلى الرغم من كثافة الغارات الإسرائيلية وغارات طيران التحالف الدولي، إلا أن الوقائع والمعطيات على الأرض أظهرت عدم تأثر الوجود الإيراني بها. ولم يُسجّل أي انسحاب من قبل المليشيات الموالية لإيران من مواقع استهدفها الطيران الإسرائيلي. وتعزز المليشيات الموالية لإيران وجودها العسكري بشكل دائم في جنوب سورية، تحديداً في محيط العاصمة، بالإضافة إلى شرق البلاد، حيث باتت محافظة دير الزور تحت النفوذ الإيراني.

وفي هذا الصدد، يرى الباحث في مركز “الحوار السوري”، محمد سالم، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “إذا كان الهدف من الغارات الجوية من قبل الطيران الإسرائيلي، هو منع المليشيات الموالية لإيران من امتلاك أسلحة نوعية تهدد أمن إسرائيل، فيبدو أنها تنجح بذلك نسبياً، لأنها تضايق المليشيات إلى حد ما”. ويستدرك بالقول إن هذه الغارات لا يمكن أن تكون فعالة في منع انتشار المليشيات والنفوذ الإيرانيين في المجتمع السوري بمختلف المجالات.

وجاءت الغارة الإسرائيلية بعد أيام قليلة من غارات أميركية على مواقع لمليشيات تابعة للجانب الإيراني، ومنها مليشيات عراقية في ريف دير الزور الشرقي، رداً على هجمات صاروخية على أهداف أميركية في إقليم كردستان العراق. وذكرت مصادر متقاطعة أن الغارات الأميركية خلفت 17 قتيلاً على الأقل من المليشيات المنتشرة في ريف دير الزور، جنوبي نهر الفرات. وذكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن الجيش شن غارة جوية استهدفت مليشيات تدعمها إيران في سورية، مؤكدة أن الهجوم أسفر عن تدمير “منشآت عدة عند نقطة حدودية يستخدمها عدد من الجماعات المسلحة التي تدعمها إيران”.

وتندرج الغارات الإسرائيلية والأميركية ضمن استراتيجية تحجيم الدور الإيراني العسكري في سورية إلى حدوده الدنيا، كي لا يكون مصدر خطر على إسرائيل وعلى أهداف أميركية في سورية والعراق. ويبدي الباحث السياسي رضوان زيادة، اعتقاده بوجود رابط بين الغارات الإسرائيلية والأميركية، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد”، أن الغارة الأميركية شجعت إسرائيل على القيام بمزيد من الغارات، لأنها أوصلت رسالة مفادها بأن إدارة بايدن مستعدة للقيام بها. ويرى أن الغارات الإسرائيلية “تندرج في سياق الفعل الإسرائيلي على الوجود الإيراني في سورية”، لافتاً إلى أن المفاجأة ظهرت في عدم اعتراض روسيا على غارات تل أبيب، بحجم الاعتراض نفسه على الغارات الأميركية.

وفي أحدث تعليق على الغارات الأميركية، قال سفير النظام السوري في موسكو، رياض حداد، في تصريحات أول من أمس الأحد، إن نظامه يدرس مع الحلفاء كيفية الرد على الضربات. ووصف الغارات بـ “العدوان”، مشيراً إلى أن الرد “سيجري بما يخدم مصلحة وسيادة سورية، لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، والذي تحاول الولايات المتحدة زعزعته من خلال هذه الاعتداءات”. واعتبر المحلل العسكري أحمد رحال، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن ما قاله حداد “مجرد كذب إعلامي لا أكثر”.

العربي الجديد

————————-

بايدن يدخل العراق من سورية/ إياد الدليمي

يبدو أن الضربة الأميركية، الأولى في عهد الرئيس جو بايدن، في الشرق الأوسط، والتي استهدفت مليشيات عراقية داخل سورية، ستبقى مثار تحليلات وفرضيات كثيرة، ليس لأنها الأولى، ولكن لأن الهدف والمكان يثيران الشهية لتساؤلاتٍ عديدة تحاول أن تجد لها إجابات شافية، فهذه الضربة التي استهدفت مليشيا حزب الله العراقي، بحسب تصريح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، جاءت بعد أيام قلائل من هجوم صاروخي، استهدف قاعدة حرير الأميركية قرب مطار أربيل شمال العراق، وأصيب فيه متعاقد أميركي وعراقيان، أعقبه بيومين هجوم آخر على محيط السفارة الأميركية في بغداد، وهو ما دفع إدارة بايدن إلى الرد على الهجومين، إلا أن اختيار سورية مكاناً للرد يشي باستراتيجيةٍ أميركيةٍ مختلفةٍ في التعامل مع أزمات المنطقة عموماً، والعراق بشكل خاص.

مثّل استهداف قاعدة حرير في أربيل، ومحيط السفارة الأميركية في بغداد، أول تحدٍّ للإدارة الأميركية الجديدة، فهي على الرغم من موقفها المعلن بأهمية العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، إلا أنها لا تريد أيضاً أن تظهر كأنها ضعيفة أمام إيران ومليشياتها التي تسيطر على العراق. ولعل من أهداف الضربة الأميركية التي استهدفت مليشيات عراقية في سورية توجيه رسالة إلى طهران أولاً، بأن الإدارة الجديدة قد لا تكون الحمل الوديع الذي سيرضى بما ترغب به إيران، بل يمكن أن تكون أكثر قسوةً، فقد أعلن بايدن، عقب تلك الضربات، أن على إيران أن تحذر.

قوبل الهجوم على مليشيا حزب الله في الأراضي السورية بردة فعل إيرانية روسية سورية رافضة مثل هذه الضربات، وغير معتادة ربما، فقد كان هناك إجماع على رفض هذا القصف والتحذير من تكراره، وكأنها المرّة الأولى التي يتم فيها استهداف هذه المليشيات، ما يؤكد أن هناك خشية إيرانية بدأ منسوبها يرتفع؛ من طريقة تعامل هذه الإدارة مع ملفات المنطقة، وفي مقدمها الملف العراقي الذي تعتبره طهران إيرانياً بامتياز. والسؤال: لماذا اختار بايدن سورية لتوجيه رسالته إلى إيران ومليشياتها في العراق؟

يبدو أن الإدارة الجديدة في البيت الأبيض أكثر حنكة ودراية بتعقيدات الملف العراقي من سابقتها، أو قل أكثر خبرة وحكمة، حتى في التعامل مع هذا الملف المعقد، فبايدن ابن المؤسسة الأميركية العريقة والعميقة، وليس رئيساً طارئاً كسابقه ترامب، وسبق لبايدن أن شغل منصب نائب الرئيس خلال حقبة الرئيس باراك أوباما من العام 2009 وحتى 2017، وتربطه بساسة العراق علاقات واسعة، وهو يعرف أكثر من غيره أن الوضع العراقي لا يحتمل تعقيدات كثيرة. لذا عليه أن يحمل معه مبضع جرّاح، لا مطرقة حداد في رسم مساره بين طرق بالغة الحدّة والدقة في آن واحد.

اختيار سورية لتوجيه الرسالة الأميركية الأولى لإيران ومليشياتها في العراق يأتي ضمن ما يمكن أن يصطلح عليه “ثمن السيادة”، فبايدن لا يبدو أنه يريد أن يحرج حكومة مصطفى الكاظمي، من خلال قصف داخل الأراضي العراقية، قد يضعف موقف رئيس الحكومة، أكثر مما هو عليه الآن، وبالتالي كان اختيار سورية؛ التي تشهد يومياً تقريباً، عمليات جوية تستهدف مليشيات إيران أو قوات نظامية سورية، ينفذها طيران الاحتلال الإسرائيلي. كما أن بايدن أراد أن يمنح إيران ومليشياتها في العراق فرصة للتراجع عن مسار التصعيد الذي سلكته منذ عدة أسابيع، ليس في العراق وحسب، وإنما حتى في اليمن، في إطار مسعى طهران إلى تثيبت واقع جديد، يمكن أن يعزّز أوراقها في أي مفاوضاتٍ جديدة مع إدارة بايدن.

تبدو إيران على عجلة من أمرها، إنها تريد أن يحسم بايدن وفريقه الأمر، فإما تصعيدا ومواجهة أو مهادنة وعودة إلى الاتفاق النووي، لذا فلقد سعّرت مليشياتها في الأيام القليلة الماضية بقوة، غير أن لساكن البيت الأبيض الجديد رأيا آخر، فهو يرى ضرورة ممارسة أقصى درجات الدبلوماسية على طهران، من أجل أن تعود ليس إلى الاتفاق النووي القديم، وإنما إلى اتفاق نووي قديم متجدّد يحمل بين ثناياه اشتراطات أميركية عديدة تصر إيران على أنها ستكون مرفوضة.

عدم العجلة الأميركية في التعامل مع إيران هو أحد الأسباب التي دفعت واشنطن إلى اختيار مكانٍ للرد على المليشيات الإيرانية، فكانت سورية مكاناً للرد. صحيح أن لإيران مصالح في سورية، ومليشيات مسلحة، إلا أنها تبقى محكومة بالحامي الأول؛ روسيا، المتفاهمة مع تل أبيب على استهداف تلك المليشيات من وقت إلى آخر. بينما الحال في العراق مختلف، فإيران لا ترى العراق إلا جزءًا من حدودها، وهي لا تتردّد في التصريح بذلك، حتى وصل الحال بالسفير الإيراني في بغداد، إيرج مسجدي، إلى أن يطلب علناً من تركيا الكفّ عن التدخل في الشأن العراقي، ما أغضب رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، الذي طالب، في تغريدة، سفراء الدول الأجنبية في العراق بأن يلتزموا حدود العمل الدبلوماسي.

دخل بايدن العراق من بوابة سورية لدعم حكومة مصطفى الكاظمي، وعدم إحراجها، خصوصا وأنها هي التي قدمت لواشنطن المعلومات الاستخباراتية اللازمة لتنفيذ العملية، فهل سيكون بايدن أكثر دعماً لحكومة بغداد ليتخذ منها حائط الصد الأول لمواجهة نفوذ إيران المتزايد؟ وهل تقوى حكومة الكاظمي، أو من سيأتي بعده؛ على القيام بمثل هذا الدور؟ ربما؛ خصوصا إذا ما علمنا أن هناك رغبة من فريق داخل الحكومة والعملية السياسية، بضرورة تحجيم نفوذ إيران، لكن هذا الفريق يخشى المجازفة، إلا في حال تأكد له أن هناك دعما أميركيا حيال أي خطوة مستقبلية.

العربي الجديد

————————-

دعاوى حول الكيماوي..أول محاولة جديّة لمحاكمة الأسد

رفع محامون يمثلون عدداً من الناجين من هجمات بأسلحة كيماوية للنظام السوري دعوى جنائية أمام القضاء الفرنسي، متهمين مسؤولين في النظام بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” و”جرائم حرب”.

وقدّمت هذه الشكوى 3 منظمات غير حكومية، هي: “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” و”مبادرة العدالة للمجتمع المفتوح” و”الأرشيف السوري”؛ من أجل التحقيق في هجمات غاز السارين التي وقعت في آب،أغسطس 2013 في الغوطة الشرقية قرب دمشق.

وقال الناشط مازن درويش، الذي يرأس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير ومقره باريس، لوكالة رويترز، إن “هذا أمر مهم حتى يتمكن الضحايا من رؤية المسؤولين يمثلون أمام العدالة ويحاسبون”، مضيفاً أنه يتوقع رفع دعوى قضائية أخرى في السويد خلال الأشهر المقبلة. كما طالب درويش المجتمع الدولي بالتعاون من أجل “إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة الجناة”.

وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” تعليقاً على الدعاوى: “الآن قد تبدأ قريباً التحقيقات الجنائية الأولى التي تستهدف الأسد ورفاقه حول استخدام الأسلحة الكيماوية”. وأضافت أن “خبراء الذخائر الكيماوية جمعوا لسنوات معلومات تفيد بأن الحكومة السورية استخدمت هذه الأسلحة المحظورة ضد شعبها، وهي جريمة حرب مرت حتى الآن دون عقاب ورفضها رئيس النظام بشار الأسد باستهزاء”.

ووصفت الأمر بأنه :خطوة كبيرة لمحاسبة الأسد ودائرته على بعض أسوأ الفظائع التي ارتُكبت في الصراع السوري”، مشيرة إلى أن الدعوى رُفعت أن قضاة في وحدة جرائم الحرب الخاصة في قصر العدل الفرنسي.

وتطلب الشكوى، التي قال المحامون إن القضاة سيقبلونها على الأرجح، إجراء تحقيق جنائي مع الأسد وشقيقه ماهر وسلسلة من كبار المستشارين والمسؤولين العسكريين الذين شكلوا التسلسل القيادي.

إلى جانب شكوى مماثلة تم تقديمها في ألمانيا في تشرين الأول/أكتوبر 2020، تفتح الشكوى الفرنسية، جبهة جديدة تهدف إلى ضمان فرض بعض أشكال العدالة على الأسد وتسلسله الهرمي في جرائم الأسلحة الكيماوية.

إذا لم يكن هناك شيء آخر، فإن التحقيقات الجنائية في فرنسا وألمانيا يمكن أن تعقد إلى حد كبير مستقبل الأسد، الذي خرج منتصراً إلى حد كبير في الحرب السورية، ولكن بوضع منبوذ يمنع المساعدات الدولية اللازمة لإعادة بناء بلاده.

وترى “نيويورك تايمز” أن “الحصول على مثل هذه المساعدة قد يصبح أكثر صعوبة إذا كان الأسد ورتبه العليا متهمين في محاكمات جرائم الحرب في المحاكم الأوروبية، حتى لو اعتبروا مثل هذه الإجراءات غير شرعية. كما أنه من غير المحتمل أن يعود ملايين السوريين الذين فروا إلى أوروبا وأماكن أخرى كلاجئين إلى ديارهم”.

وقال ستيف كوستاس، كبير محامي المجموعة التي قدمت الشكاوى في فرنسا، إنها ركزت على أحداث آب 2013 في مدينة دوما ومنطقة الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق – وهي هجمات منسقة قالت حكومة الولايات المتحدة إنها قتلت أكثر من 1400 شخص، مما يجعله أخطر استخدام للأسلحة الكيماوية في العالم في هذا القرن.

وتقول الجمعيات التي رفعت الدعوى، إن من بين الشهود الذين يمكنهم إحضارهم، ليس ناجين من الهجمات فحسب، بل أعضاء سابقين في الحكومة مرتبطين بترسانة الأسلحة الكيماوية المحظورة أو لديهم علم بعملها.

وتصر الدول الغربية، حتى تلك التي استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين، على أن الإفلات من العقاب على الجرائم ليس خياراً لأي اتفاق سلام أو تطبيع في المستقبل. حتى الآن، لم تُتخذ سوى خطوات محدودة نحو محاسبة كبار المسؤولين السوريين.

وقال كوستاس إن طلب إجراء تحقيق جنائي يستند جزئياً إلى دراسة لمدة عامين لبرنامج الأسلحة الكيماوية في سوريا تتجاوز ما قامت به الِإجراءات الدولية الأخرى. وأشار إلى أن الدراسة اعتمدت على مصادر متعددة، من منشقين ومطلعين سابقين وموظفين ومهندسين وأشخاص مرتبطين مباشرة أو لديهم معرفة بالبرنامج.

المدن

————————

روسيا تكلف شركة سورية معاقبة أميركياً باستثمار حقلي نفط في دير الزور

في عملية تقاسم للحصص في حقول النفط السورية، قامت القوات الروسية العاملة في سوريا، بتلزيم استثمار حقلي نفط «التيم» و«الورد»، في محافظة دير الزور، إلى شركة (أرفادا) التي سمحت لها دمشق العام الماضي بتأسيس مصفاتين للنفط (الرصافة) لتكرير النفط الثقيل و(الساحل) لتكرير النفط المتكاثف.

وقالت مصادر إعلامية في دير الزور، إن اجتماعاً عقد في مطار دير الزور العسكري، بين ضباط روس، ورجل الأعمال السوري حسام قاطرجي (39 عاماً) ومساعده حسين السطم السلطان، جرى خلاله توقيع القاطرجي صاحب شركة «أرفادا»، عقد استثمار للآبار النفطية، «التيم» و«الورد» مع القوات الروسية، لمدة خمس سنوات.

وتعود ملكية شركة «أرفادا» المؤسسة بدمشق عام 2018، إلى الأشقاء؛ حسام قاطرجي ويملك 34 في المائة من أسهم الشركة، ومحمد براء قاطرجي (33 في المائة) وأحمد بشير قاطرجي (33 في المائة). كما أن «أرفادا» أول شركة قطاع خاص تحصل على ترخيص رئاسي بتأسيس مصفاتي نفط، العام الماضي، بالشراكة مع وزارة النفط والثروة المعدنية بدمشق التي تملك 15 في المائة من أسهم الشراكة، فيما تملك شركة «ساليزارشيبينغ» اللبنانية، 5 في المائة، وشركة «أرفادا» 80 في المائة.

وقالت شبكة «عين الفرات» الإخبارية، إن القوات الروسية لزّمت استثمار حقلي «التيم» و«الورد» بدير الزور، إلى شركة حسام القاطرجي، فيما ظل حقلا «الحسيان» و«الحمار» بريف البوكمال، تحت سيطرة الحرس الثوري الإيراني الذي رفض تسليمها للقوات الروسية، بذريعة توقيع عقود استثمار مع دمشق لمدة عشر سنوات.

وتسيطر القوات الروسية على حقلي «التيم» و«الورد» بدير الزور، منذ الصيف الماضي، في حين تسيطر الميليشيات الإيرانية على حقلي «الحسيان» و«الحمار» بريف البوكمال، منذ طرد تنظيم «داعش» منها عام 2017. وبحسب أرقام حكومية سورية، ينتج حقل التيم 2500 برميل يومياً، فيما يبلغ إنتاج حقول دير الزور الواقعة تحت سيطرة النظام وحلفائه 4600 برميل يومياً.

وتتركز معظم الحقول النفطية شرق سوريا في محافظتي دير الزور والحسكة، قريباً من الحدود مع العراق ومع تركيا. معظمها واقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المدعومة من القوات الأميركية الموجودة شرق الفرات، حيث تسيطر «قسد» على حقل رميلان في الحسكة، والذي يضم أكثر من 1322 بئراً، إضافة لأكثر من 25 بئراً للغاز. كما تسيطر على أكبر الحقول النفطية في سوريا، وهي حقلا العمر والتنك، وحقل العزبة وعدد من الحقول لأخرى الموجودة في ريف محافظة دير الزور، في حين يسيطر النظام وحلفاؤه، على حقول صغيرة، حيث لا ينتج حقلا الورد والتيم الواقعان تحت سيطرة النظام والقوات الروسية غربي الفرات، سوى مردود ضئيل، كونهما محطة ضخمة للنفط القادم من حقلي العمر والتنك. فيما تنتج حقول الجفرة وكونيكو لإنتاج الغاز، وحقول ديرو والجفرة والخراطة الواقع تحت السيطرة الإيرانية، نحو ألفي برميل، يومياً.

وتشير تقارير دولية، إلى أن احتياطي سوريا النفطي، يشكل نحو 0.14 على مستوى العالم، بواقع إنتاج يومي كان قبل عام 2011. ثلاثمائة ألف برميل انخفض إلى أربعين ألف بعد اندلاع الحرب، حيث بلغت خسائر قطاع النفط، 91.5 مليار دولار، وفق أرقام وزارة النفط بدمشق.

وأفادت شبكة (عين الفرات) بقيام مجموعات القاطرجي بتجنيد «أكثر من ألف شاب من المنطقة الشرقية ومنطقة الشميطية ومعدان والسبخة والبوكمال، في صفوفها»، لقاء رواتب شهرية تقدر بـ225 ألف ليرة سورية مع سلة غذائية، أي ما يعادل (60 دولاراً أميركياً)، وتتولى مجموعات القاطرجي المنتشرة في حقل صفيان الرصافة جنوب الرقة، وصولاً إلى الحسكة، حماية الصهاريج ومرافقتها وحماية آبار النفط.

ويعتبر الأشقاء قاطرجي من حيتان المال السورية التي ظهرت خلال الحرب، وأحد أهم الأذرع الاقتصادية للنظام السوري، وقفازه في التعامل التجاري مع تنظيم «داعش»، حين سيطرته على المناطق الشرقية، ثم مع قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر اليوم، بدعم أميركي، على معظم حقول النفط والغذاء في الجزيرة السورية.

وتولى القاطرجي عمليات شراء النفط والقمح السوري من المناطق الشرقية الخارجة عن سيطرة النظام، منذ عام 2014. مما أدى إلى فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على «القاطرجي» عام 2018. كما فرضت عقوبات جديدة، نهاية العام الماضي، على وزارة النفط، وعدد من رجال الأعمال بينهم حسام قاطرجي، وعدد من الشركات، بينها «شركة مصفاة الرصافة»، و«شركة مصفاة الساحل»، و«شركة أرفادا البترولية المساهمة المغفلة».

يذكر أن بعد تعرض مجموعات «القاطرجي» لسلسلة هجمات من فلول تنظيم «داعش» خلال العام الماضي، بات عملها تحت إمرة وحماية القوات الروسية الموجودة في المناطق الشرقية.

في سياق موازٍ، ذكرت مصادر محلية في شرق سوريا، وقوع أكثر من 10 انفجارات يوم أمس الأحد، في محيط مدينة البوكمال من جهة الحسكة، في غارات شنها طيران مجهول على رتل للميليشيات الإيرانية.

الشرق الاوسط

———————————-

================

تحديث 03 أذار 2021

————————

قطر تدرس تمويل مشاريع في مناطق الجيش الوطني السوري/ عقيل حسين

كشف رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى عن وعود قطرية بتمويل مشاريع في مناطق سيطرة الجيش الوطني، بعد توقيع اتفاقية تثبيت خطوط التماس في شمال غرب سوريا بين قوات المعارضة والنظام، لكنه نفى وجود خطة لتوحيد العمل مع حكومة الإنقاذ في إدلب.

وقال مصطفى الذي زار قطر مؤخراً، في لقاء مع “المدن”، إن الجانب القطري طلب تقديم دراسات مفصلة عن المشاريع من أجل تمويلها، مشيراً إلى أن هذه هي الزيارة الثانية إلى قطر بعد الزيارة الأولى في آذار/مارس 2020. وقال: “عقدنا لقاءً مع وزير الخارجية القطرية وكان لدينا قائمة مشاريع في مجالات مختلفة، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والتنمية، قدمناها للجهات القطرية وعلى رأسها صندوق قطر للتنمية”.

وأضاف “حالياً لا يوجد أي دعم للمناطق المحررة من أي جهة دولية، لذلك طلبنا من الأخوة القطريين تمويل هذه المشاريع، وأهم ما ركزنا عليه في المشاريع المقدمة هي تنمية المخيمات العشوائية التي لم تُدرج في قوائم الأمم المتحدة، وخطتنا في الحكومة بناء مساكن من البلوك لسكانها وتحويل المخيمات إلى قرى سكنية”. وقال: “أبدى القطريون استعدادهم وطلبوا دراسة هذا المشروع تحديداً من أجل تمويله، من جملة المشاريع الأخرى التي هي ضمن خطتنا الحالية”.

وحول ما إذا كان إطلاق هذه المشاريع مرتبط باتفاقية توسيع الهدنة وتثبيت خطوط التماس الذي تم التوصل إليه في لقاء مؤتمر أستانة الأخير، قال مصطفى: “قبل هذا الاتفاق، ومنذ البداية، فإن الجانب القطري يدعم الكثير من هذه المشاريع التنموية والانسانية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ولا شك أن الاستقرار الأمني والعسكري يُعتبر أساس نجاح واستمرار المشاريع الخدمية، لكن سابقاً كان هناك العديد من اتفاقيات وقف النار التي لم يلتزم بها النظام وحلفاؤه، وبالتالي نتوقع كل الاحتمالات”.

وتعليقاً على الطرح الذي تقدم به رئيس الإئتلاف الوطني نصر الحريري وطالب فيه بالعمل على تطوير إدارة المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، أشار مصطفى إلى أنه “منذ تشكيل الحكومة المؤقتة كان أساس عملها تخديم وإدارة المناطق المحررة بغض النظر عن المتغيرات والتطورات، لكن ما أعاقها باستمرار هو ضعف الإمكانات والموارد، ومع ذلك هي تقوم بواجبها ولا تربط الأمر بالعملية السياسية وتطوراتها”.

الملف الأمني

وحول الانتقادات الحادة التي تُوجّه لتعامل مؤسسات المعارضة مع الحالة الأمنية في مناطق سيطرة الجيش الوطني، مع استمرار عمليات الاغتيال والتفجير، أشار مصطفى إلى أن “هذا الملف أساسي بالنسبة للحكومة المؤقتة التي تعتبر أن كل شيء مرتبط به، لكن من المهم الإشارة إلى وجود مجموعة من الأعداء الذين يستهدفون ضرب استقرار هذه المناطق، مثل النظام وداعش وحزب العمال الكردستاني وأدواته”. وقال: “نحن نعترف بالضعف في الجانب الأمني لكن ليس بالصورة التي يتم إظهارها، فمثلاً مقابل نجاح الأطراف المعادية بتنفيذ بعض العمليات فإن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لنا تفشل الكثير من هذه العمليات أيضاً”.

وأقرّ مصطفى بأن هذا لا ينفي الانتقادات المحقة غالباً حول وجود الفساد والتقصير وعدم الاعتماد بشكلٍ كافٍ على الكفاءات في مؤسسات الحكومة، بالإضافة إلى تضارب الصلاحية في عمل قواها العسكرية والأمنية. وأضاف “ما قلته ليس تبريراً، وأكرر أن منع الخروق الأمنية هي مسؤوليتنا طبعاً وهدفنا أن لا يتعرض مواطن واحد لأي ضرر، ولذلك نقول يجب أن تكون هناك سلطة مركزية قوية تحكم هذه المناطق، وإذا تمكنت الحكومة المؤقتة من إدارة المنطقة بمركزية وعمل مؤسساتي سليم فإن هذا الخلل سيخف بشكل كبير”.

كما كشف عن وضع خطة في الاجتماع الأخير الذي ضم المسؤولين عن مختلف المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية في الحكومة المؤقتة، وقال أن قرارات حاسمة اتخذت لمواجهة الفساد وتقوية الأجهزة الأمنية وضبط الحدود وتحصينها، مع تكثيف الدوريات الثابتة والمتحركة، وقد بدأت قبل أيام الحملة الأمنية التي تستهدف تنفيذ هذه القرارات والتي ستكون مفتوحة من دون مدة زمنية محددة.

الخلاف مع الائتلاف

وتطرق مصطفى في حديثه مع “المدن”، إلى الخلاف الذي نشب خلال الفترة الماضية بين الحكومة المؤقتة والائتلاف قائلاً إن “هذه الخلافات ليست جديدة بين الطرفين، وخاصة حول الصلاحيات، وهو أمر لا يتعلق بالحكومة الحالية بل عانت منه كل الحكومات السابقة، وغالباً سبب الخلافات التداخل في الصلاحيات، وهذا الأمر يحل بفهم أن الحكومة هي صاحبة الدور التنفيذي والائتلاف له الدور السياسي وله صلاحية محاسبة الحكومة”.

لكن مصطفى نوّه إلى أن “الخلاف ليس بين الحكومة والائتلاف كمؤسسة، بل بين الحكومة وبعض الشخصيات في الإئتلاف الذين لم يرق لهم أن هذه الحكومة لم يتم تشكيلها بناء على محصصات الكتل، لكن نحن على تواصل دائم لحل أي إشكاليات بهذا الخصوص وفق الأسس والمعايير المؤسساتية المتبعة”.

وحول إشكالية التضارب في الصلاحيات بين الحكومة والمجالس المحلية التي تحصل على التمويل من الجانب التركي مباشرة ومن دون المرور بالحكومة المؤقتة، قال: “إذا لم نتفق على مركزية السلطة فإن الخلل سيستمر وسيضعف جميع المؤسسات.. أنا كنت في فترة رئيساً للائتلاف واليوم أنا رئيس للحكومة، لكن في كل المواقع كنت أقول وأكرر أنه يجب عدم التداخل في الصلاحيات وأنه يجب تقوية الحكومة، أما أن تستمر العلاقة تنافسية فإن الجميع سيخسر وفي مقدمتهم المواطنون”.

الاندماج مع حكومة الإنقاذ

وعن المعلومات التي تمّ تداولها مؤخراً حول وجود مفاوضات لدمج الحكومة المؤقتة مع حكومة الإنقاذ التي تدير مناطق إدلب، قال مصطفى: “نتمنى أن تكون جميع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام تحت إدارة واحدة، لكن للآسف، الأجندات الخارجية التي تدعم سلطة الأمر الواقع في شرق الفرات والمشاريع الإيدويولوجية في المناطق الأخرى هي ما تعيق ذلك”.

وأضاف أنه على الرغم من كل الضغوط فقد “حافظنا على وجود مديريتي التعليم والصحة في إدلب المستمرتين بتقديم خدماتهما هناك، لكن الكلام عن مشاريع توحد أو اندماج غير صحيح، وليس هناك أي تواصل بهذا الصدد مع أي جهة”.

المدن

—————————

ماذا يفعل نصر الحريري في كردستان العراق؟

اجتمع وفد من الائتلاف السوري المعارض برئاسة نصر الحريري الأربعاء، بالرئيس السابق لإقليم كردستان العراق ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وذلك في إطار الزيارة التي بدأها الوفد للإقليم، الثلاثاء.

وكان وفد الائتلاف قد عقد اجتماعاً مع المسؤول السياسي للملف السوري في إقليم كردستان العراق حميد دربندي وتمّ بحث الوضع الميداني والسياسي السوري وملف اللاجئين، وتنشيط مسار الحكم الانتقالي الوارد في القرار 2254 بإشراف الأمم المتحدة، وفق مصادر الائتلاف.

ويرافق الحريري في الزيارة الرسمية الممتدة على ثلاثة أيام، كل من نائبيه عبد الحكيم بشار وربا حبوش، والأمين العام عبد الباسط عبد اللطيف، ومنسق دائرة العلاقات الخارجية عبد الأحد اسطيفو، وأعضاء الهيئة السياسية محمد يحيى مكتبي، محمد سلو وياسر الفرحان.

وحول أهداف الزيارة، أكد عضو الهيئة السياسية محمد يحيى مكتبي أن الزيارة تأتي ضمن سلسلة زيارات يجريها الائتلاف تباعاً إلى الجهات الفاعلة في الملف السوري، وهي من ضمن النشاط السياسي والدبلوماسي من جانب الائتلاف.

وأضاف ل”المدن”، أن قيادة كردستان العراق “كانت وما زالت مناصرة لتطلعات الشعب السوري، نحو الحرية والكرامة والتعددية، وبناء دولة المؤسسات والقانون. هذه الزيارة لم تكن الأولى التي يجريها الائتلاف للإقليم”.

وقال مكتبي إن الائتلاف على تنسيق مستمر مع قيادة الإقليم، بما يخص القضية السورية، مشيراً إلى وجود ربع مليون لاجئ سوري في الإقليم، معتبراً أن قيادة الإقليم تتحمل أعباء كبيرة في سبيل استضافة اللاجئين، و”من هنا يقوم الائتلاف بالتواصل مع المنظمات الدولية بالتنسيق مع قيادة الإقليم، لتخفيف المعاناة عن اللاجئين، وتحديداً في ملفات التعليم والصحة”.

وحسب مكتبي، جرى الحديث خلال الاجتماعات التي يعقدها وفد الائتلاف عن “الدور التخريبي الإيراني في سوريا، من خلال الزج بالمليشيات الطائفية، بالتعاون مع حكومة بغداد”، وكذلك تمّ استعراض واقع المناطق المحررة، و”التهديدات التي تواجه هذه المناطق في ظل التهديدات من جانب نظام الأسد وتنظيم الدولة وحزب الاتحاد الديمقراطي”.

وتابع: “ناقشنا مشروع إدارة المناطق المحررة، ونريد من خلال كل ذلك زيادة فعالية المجلس الوطني الكردي في سوريا، وهو من مكونات الائتلاف، في أنشطة الأخيرة، وكان هذا الأمر محل ترحيب من قيادة الإقليم”.

لكن مصادر “المدن” أشارت إلى وجود أهداف غير معلنة للزيارة، على صلة بالخلافات بين نصر الحريري و”المجلس الوطني الكردي” حليف الإقليم، والتي تأزمت مع استبعاد اسم عضو الائتلاف عن المجلس الوطني الكردي حواس عكيد من “هيئة التفاوض” من قبل الحريري، في العام 2020.

ويبدو أن الحريري يحاول تلطيف الأجواء مع الإقليم، أملاً في نزع التوتر مع ممثلي المجلس الوطني في الائتلاف، لحسابات انتخابية، متعلقة بالانتخابات المقررة في تموز/يوليو القادم.

وإلى جانب الحسابات الانتخابية، يريد نصر الحريري الحصول على دعم مالي من قيادة الإقليم، لمشاريع يعتزم الائتلاف تنفيذها في الشمال السوري. كما أكدت مصادر “المدن”.

في السياق، قال نصر الحريري في تغريدة: “اجتمعنا اليوم مع الزعيم مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني وبحثنا أهم قضايا وتحديات المنطقة وآخر المستجدات الميدانية والسياسية، ولابد من الإشادة بالمواقف المبدئية للرئيس بارزاني في دعم الشعب السوري ومطالب ثورته في الحرية والكرامة والخلاص من النظام المجرم”.

——————

أنس العبدة: لعدم تجزئة القرار الأممي 2254

قال رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة إن النقاط التي قدمتها المعارضة في رسالتها إلى مجلس الأمن كفيلة بتفعيل المسار السياسي، مشددا على أنه ينبغي الوصول إلى آلية فعالة لتنفيذ القرار 2254.

كلام العبدة جاء في سلسلة تغريدات بعد لقائه بالمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن في إسطنبول. وقال العبدة إنه قال للمبعوث الأممي إن “النقاط التي قدمناها في رسالتنا إلى مجلس الأمن كفيلة بتفعيل المسار السياسي، وتفعيل مسار اللجنة الدستورية أكثر”. وأضاف أن المنهجية الصحيحة هي تفادي تضييع الوقت والالتزام بمهمة وولاية اللجنة حسب وثيقة القواعد الإجرائية”.

وأضاف العبدة في تغريدة ثانية، “شددت على أنه ينبغي الوصول إلى آلية فعالة للعمل على تنفيذ القرار الأممي (2254) دون استثناء أي بند منه، لأن العمل على بند وتأجيل بقية البنود المهمة هو مضيعة لوقت السوريين والمجتمع الدولي. هذا يحتاج إلى تظافر الجهود الاقليمية والدولية لدعم العملية السياسية”.

وشدد رئيس هيئة التفاوض على “ضرورة إنجاز تقدم فعلي وحقيقي في ملف المعتقلين الذين يرزحون في سجون النظام، ويعانون الظلم والتعذيب”، مضيفاً أن “النظام يرفض إنجاز أي خطوة في هذا الملف، لذلك لابد من ضغط دولي على النظام وحلفائه، لأن مضيعة الوقت يدفع ثمنها المعتقلون”.

وقال العبدة: “لمسنا جدية المبعوث الأممي، وتأييده لضرورة إيجاد آلية ومنهجية فعالة لدفع المسار السياسي، والقرار 2254 دون أن يتم تجاوز أي بند من بنوده”، مشيراً إلى أن “هذا يلامس مطالبنا منذ البداية لأن الحل في سوريا لا يُجزّأ ولا يُقسّم، القرار الأممي واضح وهناك حاجة لدفع تطبيقه كاملاً وبالسرعة الممكنة”.

———————

المعارضة السورية: الحريري يزور كردستان العراق والعبدة يلتقي بيدرسون / حمد الأحمد

وصل رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، نصر الحريري، إلى إقليم كردستان العراق، يوم الثلاثاء، في زيارة رسمية تمتد لثلاثة أيام، يرافقه وفد من أعضاء ورؤساء مكاتب في الائتلاف، حيث سيلتقي مسؤولين بارزين في الإقليم، منهم الرئيس السابق للإقليم ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، فيما التقى رئيس هيئة التفاوض السورية، أنس العبدة، المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، في مدينة إسطنبول التركية، لبحث مستجدات الأوضاع الميدانية والسياسية في سورية.

وقال الحريري في تصريح على حسابه الشخصي في “تويتر” مساء الثلاثاء: “نقوم بزيارة رسمية إلى الأشقاء في إقليم كردستان العراق، على مدار ثلاثة أيام، سنبحث مع قيادة الإقليم سبل توطيد العلاقات الثنائية، وتنسيق المواقف المشتركة تجاه قضايا المنطقة ومستقبلها والتحديات التي تواجهها، وسنلتقي مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني فخامة الرئيس مسعود البرزاني”.

وأضاف في منشور لاحق: “عقدنا اجتماعاً مع المسؤول السياسي للملف السوري في إقليم كردستان العراق، الدكتور حميد دربندي”. وتابع: “بحثنا خلال الاجتماع الوضع الميداني والسياسي السوري وملف اللاجئين، وسعي الائتلاف إلى فتح مسار الحكم الانتقالي الوارد في القرار 2254 بإشراف الأمم المتحدة”.

من جهتها، قالت نائبة رئيس الائتلاف والمتحدثة الرسمية باسمه، ربا حبوش، والتي ترافق الحريري ضمن الوفد في الزيارة: “نسعى دوماً لتوطيد العلاقات مع الإقليم قيادة وشعباً، وسيكون هناك خلال الزيارة حديث عن التحديات والمشاكل المشتركة التي تواجهنا، وستكون هناك لقاءات عدة وغداً نلتقي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني”. مشيرةً، في تصريح لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الزيارة تهدف أيضاً للوقوف عند أوضاع أهلنا السوريين الموجودين ضمن الإقليم والصعوبات التي تواجههم”. مضيفةً بأن الإقليم “يستضيف 250 ألف لاجئ سوري، معظمهم من الكرد السوريين”.

وحول ما إذا كانت هناك خطة للائتلاف لبناء علاقة ذات بعد استراتيجي مع إقليم كردستان العراق، لفتت حبوش إلى أنه “منذ بداية الثورة وقف الإقليم مع الشعب السوري الثائر والمعارضة، والعلاقة منذ ذلك الحين مستمرة وجيدة ونثمن الدور الذي قاموا به باحتضان السوريين المهجرين”، مؤكدة أن “موضوع الصحة والتعليم وكل أوضاع اهلنا السوريين هناك سيتم التوقف عندها للبحث بها خلال الزيارة”.

وكان الائتلاف الوطني السوري قد أدان، في بيانٍ له، الهجوم الصاروخي الإرهابي الذي استهدف مطار أربيل وبعض الأحياء السكنية في إقليم كردستان العراق في الـ 15 من فبراير/ شباط الفائت العام الجاري. مُشيراً في بيانه إلى أن “الائتلاف يقف إلى جانب الشعب العراقي في مواجهة الإرهاب، ومؤكداً رفضه أي محاولات لتصفية حسابات إقليمية أو دولية على حساب العراقيين”.

ويرتبط الائتلاف مع الإقليم بعلاقات طيبة منذ اندلاع الثورة السورية، وشهد العام 2013 زيارة للرئيس الأسبق للائتلاف أحمد الجربا إلى كردستان العراق، التقى فيها الرئيس السابق للإقليم مسعود البرزاني، لتتوالى بعدها الزيارات الرسمية لرؤساء الائتلاف، مع التعاون في بعض المجالات، ولا سيما فيما يخص تحسين أوضاع اللاجئين السوريين في الإقليم.

وتستمر حكومة الإقليم في تعزيز هذه العلاقة، رغم الموقف الحاد للحكومة المركزية في العراق بمساندة نظام بشار الأسد، والعداء للمعارضة، ولا يزال مسؤولو الإقليم يدعمون خيارات المعارضة في إحداث تغيير سياسي شامل في البلاد.

وفي إسطنبول، التقى رئيس هيئة التفاوض السورية بالمبعوث الأممي، لبحث مستجدات الأوضاع الميدانية والسياسية في سورية.

واستعرض العبدة، خلال اللقاء، مضمون الرسالة التي وجّهتها هيئة التفاوض إلى مجلس الأمن، وقال “إنها كفيلة بتفعيل المسار السياسي، وتفعيل مسار اللجنة الدستورية السوري بشكل أكبر”. مؤكداً أن “المنهجية الصحيحة هي تفادي تضييع الوقت والالتزام بمهمة وولاية اللجنة حسب وثيقة القواعد الإجرائية”، مضيفاً أنه “ينبغي الوصول إلى آلية فعالة للعمل على تنفيذ القرار الأممي 2254 دون استثناء أي بند منه”. وفق الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري.

ونوّه رئيس هيئة التفاوض إلى أنه “لمس جدية المبعوث الأممي، وتأييده لضرورة إيجاد آلية ومنهجية فعالة لدفع المسار السياسي، والقرار 2254، دون أن يتم تجاوز أي بند من بنوده”. موضحاً أن “هذا يلامس مطالبنا منذ البداية لأن الحل في سورية لا يُجزّأ ولا يُقسّم، القرار الأممي واضح وهناك حاجة لدفع تطبيقه كاملاً وبالسرعة الممكنة”.

واعتبر العبدة أن “العمل على بند وتأجيل بقية البنود المهمة هو مضيعة لوقت السوريين والمجتمع الدولي”. مُشيراً إلى أن “ذلك يحتاج إلى تضافر الجهود الإقليمية والدولية لدعم العملية السياسية”، مشدداً على “ضرورة إنجاز تقدم فعلي وحقيقي في ملف المعتقلين الذين يرزحون في سجون النظام، ويُعانون الظلم والتعذيب”، وأضاف أن “النظام يرفض إنجاز أي خطوة في هذا الملف”، مشدداً على “ضرورة القيام بضغط دولي على النظام وداعميه من أجل إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المغيبين قسرياً”، ومضيعة الوقت يدفع ثمنها المعتقلون وأهلهم والسوريون كافة”.

ويحاول بيدرسن الدفع لتحقيق خرق خلال الجولة القادمة من أعمال اللجنة الدستورية، من خلال التمهيد لذلك عبر مباحثات وجولات مكوكية انطلقت من العاصمة الروسية موسكو ومن ثم دمشق نهاية الشهر الماضي، وذلك بعد أن منيت الجولة الخامسة من أعمال اللجنة بالفشل، والتي كان يعقد عليها المجتمع الدولي الآمال بالنجاح بعد عام وثلاثة أشهر من انطلاقة أعمالها، دون إحراز تقدم.

ولم ينجح بيدرسن، على ما يبدو، حتى الآن، بإقناع المسؤولين في موسكو ودمشق وحتى طهران بتحديد موعد جديد لانعقاد الجولة السادسة، إذ يشدد النظام على عدم تحديد أطر زمنية لعمل اللجنة، بعد أن أعلن صراحة في الجولة الماضية (الخامسة) أن وفده شارك في أعمالها بهدف مناقشة مواضيع دستورية وليس وضع وكتابة نصوص وصياغات دستورية، الأمر الذي دفع المبعوث الأممي لإعلان فشل الجولة، محملاً وفد النظام مسؤولية ذلك بشكل غير مباشر.


=================

تحديث 04 أذار 2021

————————

حزب الاتحادوالإدارة الذاتيةينتقدان زيارة وفد الائتلاف السوري إلى كردستان العراق/ سلام حسن و عماد كركص

يبدو أنّ الزيارة التي يقوم بها رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية نصر الحريري، برفقة وفد من الائتلاف، إلى كردستان العراق، قد أثارت حفيظة “الإدارة الذاتية” الكردية لشمال وشرق سورية، وحزب “الاتحاد الديمقراطي”، الذي يعتبر الجناح السوري لحزب “العمال الكردستاني”، بتحميلها أوجهاً مختلفة، لا سيما أنها تأتي في ظل تعقد وجهات النظر حول استئناف الحوار الكردي– الكردي، إذ تدعم حكومة كردستان العراق أحزاب “المجلس الوطني الكردي”، الذي يعد من مكونات الائتلاف الوطني السوري الذي يخوض الحوار مقابل أحزاب “الوحدة الوطنية” الكردية التي يقودها حزب “الاتحاد الديمقراطي”.

وقوبلت الزيارة بهجوم واسع عبر وسائل الإعلام الموالية لـ”الإدارة الذاتية”، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، في حين كانت تصريحات قيادات حزب “الاتحاد الديمقراطي” لاذعة وهجومية حيال الزيارة.

المؤتمر الصحفي لرئيس الائتلاف الوطني السوري، نصر الحريري، بعد زيارته إلى برلمان #إقليم_كردستان #العراق

Civîna çapemeniyê ya Serokê Hevbendiya Niştimanî Sûrî piştî seredana wî ya Parlamentoya Kurdistana Iraqê#سوريا @Nasr_Hariri @pofsoc

📺 شاهد 👇https://t.co/zDtxfKgj1K

— الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) March 4, 2021

وقال القيادي البارز في حزب “الاتحاد الديمقراطي” ألدار خليل إنّ “الدواعش الذين كانوا قبل حوالي ثلاثة أعوام على بعد كيلو مترات من هولير (أربيل)، يدخلونها اليوم بحفاوة”، مضيفاً، في تغريدة على حسابه في “تويتر”، مهاجماً أعضاء الائتلاف: “المرتزقة الإرهابيون الذين شردوا أهل عفرين وأبادوهم، وفعلوا الأمر ذاته في سري كانيه/ رأس العين، وتل أبيض- كري سبي، يدخلون هولير بزي السياسيين والدبلوماسيين”.

الدواعش الذين كانوا قبل حوالي ثلاثة أعوام على بعد كيلو مترات من هولير، اليوم يدخلونها بحفاوة، المرتزقة، الإرهابيين الذين شردوا أهل عفرين وأبادوهم وفعلوا ذات الأمر في سري كانية- رأس العين و تل أبيض- كري سبي يدخلون هولير بزي الساسة والدبلوماسيين.

— Aldar xelîl (@Xelilaldar) March 3, 2021

كما وصفت ممثلية “الإدارة الذاتية” الكردية الزيارة بأنها “تضر بالقضية الكردية”، وتهدف إلى وضع عراقيل أمام الحوار الكردي– الكردي شرقي سورية، مضيفة، في بيان أصدرته مساء أمس الأربعاء حول الزيارة، أنّ زيارة الحريري إلى أربيل تأتي “في سياق الإضرار التام بالقضية الكردية أولاً، ووضع عراقيل وعقبات حقيقية حيال مجرى المفاوضات الكردية في روج آفا (شرقي سورية) ثانياً”.

وأضاف البيان: “الحريري والوفد المرافق له، الذي لبّى دعوة الحزب الديمقراطي الكردستاني– العراق في ظرف تعيش فيه جغرافية روج آفا (شرقي سورية) مراحل مفصلية وخطرة، لا سيما أن الاحتلالات التركية المتتالية لمناطقنا، مثل عفرين وسري كانيه (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض)، كانت بمشاركة مباشرة من قبل الائتلاف ذاته الذي يترأسه الحريري، وثلة من المرتمين في أحضان تركيا، التي لم تتوان بكل السبل عن الإقدام على ضرب المشروع الديمقراطي الذي قدمه الكرد ومكونات شمال وشرق سورية، ودافعوا عنه بقوة في وجه مخططات دولة الاحتلال التركية”.

وأبرزت الممثلية، في بيانها، أنهم يرون في هذه الزيارة “نوايا مشتركة مضرة بمصالح كرد روج آفا ومكونات شمال وشرق سورية”، مضيفة: “كما نجد أن هذا اللقاء لا يتوافق مع الروح القومية والوطنية، خاصة بعد تهجير وتشريد مئات الآلاف من شعبنا لمناطقهم جراء سياسات واتفاقات الائتلاف مع الدولة التركية”، متهمة الائتلاف بأنه “واجهة سياسية للإرهاب في سورية، ويضم بين صفوفه وجناحه العسكري المسمى بالجيش الوطني إرهابيين ومرتزقة من “داعش”، وكذلك ممن ساهموا في الحرب مع تركيا ضد مناطق أخرى، كليبيا وأذربيجان”.

كما لامت الممثلية حكومة كردستان لاستقبالها وفد الائتلاف بالقول: “الزيارة المذكورة وطريقة الاستقبال من قبل هولير تعنيان موافقة ضمنية حول ما يفعله الائتلاف في روج آفا، الأمر الذي نراه بأنه لا يخدم المصلحة الكردية ولا مصلحة الشعب السوري”.

من جهته، اعتبر أمجد عثمان، المتحدث الرسمي باسم “مجلس سورية الديمقراطية” (مسد)، وهو الجناح السياسي المقابل لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “ما صدر عن ممثلي الائتلاف من داخل مكاتب المجلس الوطني الكردي في أربيل لا يخدم القضية السورية، ولا ينبغي استثمار إقليم كردستان وتحويله إلى منبر لشرعنه الوجود التركي في شمال وشرق سورية، وتكريس الانتهاكات بحق الكرد في المناطق التي احتلتها تركيا وتهجير سكانها”، حسب قوله.

في المقابل، أشار محمد سلو، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف وممثل المجلس السوري التركماني داخله، والذي يرافق الحريري في الزيارة إلى أربيل، إلى أن أنهم التقوا بالرئيس السابق للإقليم وزعيم “الحزب الديمقراطي الكردي” مسعود بارزاني، إضافة للقاءات عدة أجروها مع مسؤولين من حكومة كردستان، من بينها زيارة إلى برلمان الإقليم.

وأضاف سلو، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “المسؤولين في كردستان أكدوا دعمهم الثورة السورية والشعب السوري، ونحن شكرناهم على دعمهم واستضافتهم تقريباً 250 ألف لاجئ سوري، وتم الحديث عن المكونات الموجودة في إقليم كردستان وكيفية تنظيم حقوقهم في الدستور الجديد”، مشيراً إلى أن “الهدف من الزيارة هو تعزيز العلاقات والشكر لدعمهم الثورة السورية”.

أما شلال كدو، عضو الائتلاف عن المجلس الوطني الكردي وسكرتير حزب “اليسار الديمقراطي الكردي”، فكشف لـ”العربي الجديد” عن أن “لا تأثير لهذه الزيارة على الحوار الكردي- الكردي المتوقف أصلاً”، مؤكداً أن “الجميع يعلم أن “الحوار متوقف منذ أن غادرت البعثة الدبلوماسية الأميركية المناطق التي تسيطر عليها (قسد) قبل أشهر”.

وأضاف كدو: “منذ ذلك الحين، شهدنا هجمات إعلامية ظالمة من قبل حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يقود وفد الأحزاب الوطنية، وهذه الحملة الظالمة، التي نعتقد بأنها كانت تستهدف قبل كل شيء ضرب الحوار الكردي”.

وأكد كدو أن “موضوع مهجري عفرين كان حاضراً في المباحثات في كردستان”، مشيراً إلى أنه “في ما يتعلق بالضمانات والعودة، لا توجد ضمانات، ولا أحد يستطيع تقديم ضمانات لعودة النازحين. نحن نسعى إلى أن يعود أكبر قدر ممكن من أهلنا الذين هجروا من عفرين ورأس العين إلى مناطق سكناهم الأصلية”.

والتقى الحريري مسعود بارزاني يوم أمس الأربعاء، بمشاركة وفد الائتلاف، وناقش الجانبان “الأوضاع في سورية والمنطقة عامةً، والوضع في سورية ومناطق شرق الفرات على وجه الخصوص، بالإضافة للتطرق إلى مسألة الانتهاكات في مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض”، إذ أعرب بارزاني، خلال لقائه بالوفد، عن “قلقه حيال الانتهاكات في المناطق المذكورة”، داعياً لـ”تأمين حقوق جميع مكونات الشعب السوري في سورية المستقبل، وأخذها بعين الاعتبار”.

اجتمعنا مع السيد مسرور بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان، في أربيل اليوم، وتناولنا العلاقات الثنائية وأهم القضايا المشتركة والتحديات التي تواجه المنطقة، وأهمية التنسيق الدائم في مواجهتها، ولا بد من تثمين مواقف السيد رئيس الحكومة وقيادة الإقليم في دعم ومناصرة القضية السورية. pic.twitter.com/ReiIeDfbsM

— د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) March 4, 2021

وبدأت زيارة وفد الائتلاف إلى كردستان العراق، الثلاثاء الماضي، باجتماع مع المسؤول السياسي للملف السوري في إقليم كردستان العراق حميد دربندي.

وأشار الحريري عقب الاجتماع إلى أنه تم بحث “الوضعين الميداني والسياسي في سورية وملف اللاجئين، وسعي الائتلاف إلى فتح مسار الحكم الانتقالي الوارد في القرار 2254 بإشراف الأمم المتحدة”.

ويرتبط الائتلاف مع الإقليم بعلاقات طيبة منذ اندلاع الثورة السورية، وشهد العام 2013 زيارة للرئيس الأسبق للائتلاف أحمد الجربا إلى كردستان العراق، التقى خلالها الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني، لتتوالى بعدها الزيارات الرسمية لرؤساء الائتلاف، مع التعاون في بعض المجالات، ولا سيما في ما يخص تحسين أوضاع اللاجئين السوريين في الإقليم.

وتستمر حكومة الإقليم في تعزيز هذه العلاقة، رغم الموقف الحاد للحكومة المركزية في العراق بمساندة نظام بشار الأسد، والعداء للمعارضة. ولا يزال مسؤولو الإقليم يدعمون خيارات المعارضة السورية في تغيير سياسي شامل في البلاد.

العربي الجديد

———————-

حرب من أجل جملة/ رائد وحش

تجرأنا على الحلم ولن نندم على الكرامة

شعب بأكمله مشغول في تأويل جملة. مع أنّ “تجرأنا على الحلم ولن نندم على الكرامة” ليست جملة من نصّ مقدّس، ولا هي عبارة من دستور أو قانون. كلّ ما هنالك كلماتٌ بسيطة بساطةَ الماء. تحمل معنى بسيطًا يحلو لمن آمنوا بالثورة السورية أن يُعبّروا عن ذلك الإيمان بصيغة إيحائية، تقول إننا حلمنا بالتغيير وبذلنا الجهد في سبيله، ورغم الثمن الكبير الذي طالنا لم نشعر بالندم.

هذا ما تقوله. وهذا ما تريده. ولأجل هذا لاقت كل هذا الرواج.

ولأننا في فترة استقطاب سياسي يزداد حدّة يومًا تلو آخر، خصوصًا مع توفّر المنصات كمنابر للتفريغ النفسيّ، ستكون هناك محاولات دائمة وحثيثة ليعبّر كلٌّ عن هواه، معتبرًا أنه الحق وما دونه باطل، بل باطل الأباطيل، مع أن النخب التي أعلنت الانتماء إلى الثورة السورية عجزت كليًّا عن الوصول إلى بناء تصورات لمشروع وطني يمكن التعبير عن بكلمات بسيطة، كما تفعل الثورات الأخرى في العالم، حين تختصر بالشعارات والملصقات والغرافيتي جوهرها العميق. ولهذا سيكون كل نقاش سوري حوارًا جديدًا يبدأ من الصفر، وكل حوار جديد لا يستند إلى بديهيات ومُسلّمات سوف يتحوّل إلى خلاف، وكل خلاف بداية حرب، وكل حرب نهاية.

وفي ظل غياب الأسس المتفق عليها سنبقى على حواف النهاية، نتأرجح بين سقوطين، سقوط آمن إلى جهة النجاة، لكن مع كسور أو رضوض، ما يجعل النجاة غير كاملة، والسقوط الآخر كاملٌ إلى الهاوية الذي لا يُعطي إلا درسًا بائسًا عما تجلبه آمال الناس في التغيير.

وبسبب ذلك التأرجح سوف يأتي دائمًا من يدعي النقد، وسينظر إلى كل الأفكار على اعتبارها أفكارًا خاطئة، وحين يقرأ جملةً مثل الجملة التي نتحدّث عنها سيبحث عن مكمن الخطأ. فمرة يراه في الذل والعار اللذين وصلنا إليهما كمشرّدين ومهزومين. مع أن هذا ليس خطأ شخصيًّا، فنحن “نحاول”، تمامًا كما قال امرؤ القيس منذ قرون “نحاول.. أو نموت فنُعذرا”. أو يراه في وصول الباقين في بلادهم إلى حصارات مُركبّة تضرب من حولهم أسوارًا من الجوع والمرض والصمت. مع أنّ النظام، أساس الكارثة، لا يزال موجودًا. أي أن المشكلة التي قامت لأجلها كل القيامة السورية لم تنته بعد. فكيف نراها خطأً وكل ما حدث كان لأجل إيقاف مفعولها؟

كل من هؤلاء يبحث عن براءة. وكل منهم يعتبر أن ثمة شعبًا مُذنبًا، ولكي يبرئ نفسه سوف يسم كل ما حوله بوسم الخطأ، أو بالتأثيم حتى، لكي يؤكد لنفسه ولمن سواه: أنا غير الآخرين المهزومين من حولي، أنا أرى ما لا يراه قصار النظر الذين غرقوا في دوامات لم تكن إلا نتيجة لأفكارهم.

وعلى هذا يضع ذاته محورًا ينظر منه إلى كل القضايا، ومن وضع ذاته هذا الموضع سيصل إلى الرأي الأحمق الذي يرى خلاص القضايا الكبرى هو الخلاص منها، فالمشكلة في القضايا نفسها!

بسبب طبيعة السوشيال ميديا ما يحدث للسوريين يحدث لغيرهم بدون شكّ، إذ تتخذ النقاشات طابعًا حادًا وعنيفًا، دون أن تصل الأفكار إلى برّ منطقي تستطيع فيه أن تتحوّل إلى مبادئ جامعة، فالرغبات الشخصية لا تُجدي هنا، إنما ثمة حاجة إلى بذل جهد جماعّي في المراجعة الفكرية والأخلاقية للثورة من أجل الوصول إلى مبادئ محدّدة من جهة، وثمة حاجة أخرى بالتوازي لاكتشاف هوية سوريا من خلال التجربة الراهنة والتاريخ المحلي (المذكرات والسير، الأوراق العائلية، التاريخ الشفوي..) الذي يمنحنا إضاءات ساطعة على من نحن وماذا نريد أن نكون، بعيدًا عن النزعات الشخصية في الكتابة والتدوين، تلك التي لم يعد لها من همّ سوى التميز الشخصي.

ليست تلك العبارة مراجعة فكرية نظرية لمآلات عَقْدٍ من المأساة، ولا هي مخرج من النفق. المأساة والمصير أكبر من سطر مكتوب. ومن يريد حلًّا من سطر فبالتأكيد لن يصل إليه أبدَ الدهر.

الترا صوت

———————–

هل ما زال ممكناً منع الانهيار في سورية؟/ مروان قبلان

ينشغل المثقفون والناشطون السوريون من جميع الاتجاهات السياسية والفكرية هذه الأيام في البحث عن مخرج من الحال الكارثية التي آلت إليها بلادهم بعد عشر سنوات دامية من الصراع. المسألة ليست سهلة، والمخرج غير واضح، والكلّ يتلمس طريقه في العتمة، من دون نتيجة، خصوصا أن قدرة السوريين على التأثير في مستقبل بلادهم تتقلص باستمرار، مع تكرّس الوجود الأجنبي فيها، وبلوغ جمهور النظام والمعارضة حافّة الانهيار.

لا يجب أن يكون هناك خلاف كبير بين السوريين بشأن أن بلادهم باتت، منذ السنة الثانية لثورتها، ساحة صراع لقوى إقليمية ودولية لا تقيم وزنا لمصالحهم، ولا تأبه بمصيرهم. هذا يجب أن يقرّ به الجميع خطوة أولى نحو الخروج من المأزق، فإيران لم تهرع لمساعدة النظام حبًا فيه أو وفاءً له، بل وجدت في الصراع فرصةً لاستكمال بناء قوس نفوذها الإقليمي، خصوصا مع خروج الأميركيين من العراق عام 2011. وعندما يئست من ذلك، مع احتدام الصراع على سورية، اقتصر اهتمامها في السيطرة على “كوريدور” برّي، وإنشاء سلطات موازية، تؤمن وصولها إلى حليفها في لبنان، حزب الله. بالنسبة لإيران، ليست سورية سوى خط دفاع، أو ساحة صراع، تمنع عبرها انتقال المعركة إلى طهران وقم وأصفهان، وهي من ثم غير معنية بدمارها، تقسيمها، أو حتى بفناء أهلها، من النظام أو المعارضة، لا فرق ما دامت المعركة تظل بعيدة عن أرضها. دول الخليج العربية لم تكن يوما مهتمةً بمساعدة الثورة في الوصول إلى نظام ديمقراطي، يحقق للسوريين تطلعاتهم في حياة حرّة كريمة، بل وجدت في سورية ساحة صراع لاستنزاف إيران، وكسر قوس نفوذها الذي بات يهدّد الخليج بعد انهيار العراق. ينطبق الأمر نفسه على الروس والأتراك والأميركيين والأوروبيين وغيرهم، كلّ يطمح إلى تحقيق مصالحه في بلدٍ يحظى بأهمية استراتيجية، لا تسمح بتركه للآخرين.

بالنتيجة، تجثم على الأرض السورية اليوم خمسة جيوش أجنبية وتوابعها، تهدّد وحدة سورية وكيانها السياسي، مع ظهور توجّه أميركي إلى الاعتراف بالإدارة الكردية في مناطق شرق الفرات، ووجود توجه تركي إلى إقامة كانتون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب البلاد، ومنطقة “آمنة” في مناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” في الشمال، واستماتة إيرانية للاحتفاظ بالكوريدور الواصل بين البوكمال والحدود اللبنانية، وتوافق روسي – إسرائيلي على منطقة عازلة في الجنوب تمنع الوجود الإيراني على الحدود، وسيطرة روسية على الساحل السوري بموانئه وحصّة سورية فيه من نفط شرق المتوسط وغازه.

لقد صرف السوريون السنوات العشر الأخيرة في الصراع على رؤيتهم سورية ومستقبلها. أما وقد باتت سورية نفسها مهدّدة بوجودها، فقد صار لزامًا الارتقاء إلى مستوى الخطر المحيق بها. ويتحمّل النظام هنا المسؤولية أكثر من غيره، إذ يبقى في موقع أفضل للمبادرة ومد اليد للتوصل إلى حلٍّ يسمح بجمع السوريين حول صيغة إنقاذ، بعيدا عن الأجندات الخارجية والمصالح الضيقة. أما العناد والاستمرار في ادّعاء النصر فلن يؤدّيا إلا إلى انهيار كامل للبلد الذي يصرّ النظام على حكمه، فأيّ نصرٍ هذا ونحو 40% من الأراضي السورية، بما فيها من ثروات، خارج السيطرة؟ وأي نصرٍ ذاك، والنظام عاجز عن إطعام السوريين تحت حكمه، دع جانبا توفير الخدمات لهم؟ وماذا عن المليشيات والمرتزقة التي تعيث في سورية؟ المعارضة مطالبة بأن تتحلّى بالشجاعة، وتبدأ تبنّي خطاب قد لا يروق لجمهورها، فالقيادة الحقيقية لا تكون في إسماع الناس دائما ما يحبون، بل في إسماعهم أحيانا ما لا يحبون. من المهم أن تعلن المعارضة، في هذه المرحلة، رفضها سياسة تجويع السوريين في مناطق النظام، كما رفضت سياسة النظام في تجويع السوريين في مناطقها، ولنستعد فعلًا، لا قولاً، شعار “الشعب السوري واحد” الذي أطلقته الثورة في يومها الأول.

يبقى أن نقرّ بوجود نقاط توافق جوهرية عديدة بين النظام والمعارضة، يمكن أن تشكل أرضية لحوار حقيقي نحو الحل، أهمها الاتفاق على وحدة الأراضي السورية، ورفض أي نزعات انفصالية، والتأكيد على سيادة سورية واستقلالها، وخروج كل القوات الأجنبية من جيوش ومليشيات منها، ورفض تحويل سورية إلى أرض جهاد أو ساحة صراع لأيٍّ كان، ورفض سياسات المحاور والانخراط فيها، واعتبار الجولان أرضا محتلة لا مساومة عليها. إذا لم نستطع أن نبني على هذه النقاط، سوف يتحمّل النظام مسؤوليةً تاريخية عن انهيار البلد وتفكّكها، وإذا لم تتجاوب المعارضة سوف نبكي، كما قالت أم عبد الله الصغير، بحسب الرواية، “كالنساء وطنًا لم نستطع أن نحافظ عليه كالرجال”.

كاتب وباحث سوري

العربي الجديد

———————–

مجلس عسكري في ميزان الثورة المدنية، ما هي المهام المشروعة؟/ د. سميرة مبيض

لا بد أن مفهوم العمل العسكري في البلدان التي حُكمت من قبل نظم شمولية لفترة طويلة من الزمن يختلف عن أي مفهوم سوي وسليم والذي يقضي بوجود قوى أمنية وعسكرية كأداة خدمة للمواطن وحمايته وحفظ أمنه واستقراره، في حين تعدّ هذه المؤسسة في النظم القمعية أداة تابعة للسلطة تُوظف لتمكينها ويباح لها استخدام كافة وسائل العنف في المجتمع دون محاسبة ولا مساءلة لتحقيق هذا الهدف الغير سوي من أصله.

هذه الحالة القمعية تُنتج بشكل بديهي ومستمر ودون استثناء حالة تشدد وتطرف مضاد تترجم بأشكال مختلفة، تؤدي بمجملها لانقسام المجتمع وتجاذبه بين تيارات استقطابية تمنع وصوله لحالة تناغم ضرورية لأي تقدم وتطور، فيلبث عالقاً في دوامة مقيدة بين العنف السلطوي والعنف المضاد الناتج عنه، من البديهي اذاً أن ارتباط طرفي الحلقة هو ارتباط كامل والانفكاك من أحدهما هو انفكاك من الآخر ولعل الحامل الأهم للخروج من هذه الأطر هو حامل المجتمع المدني الذي يُهمش دوره بشكل كامل بين أطراف الاستقطاب العسكري والراديكالي المقابل له تحت أي مسمى، تهميش يرتكز على اختلاف الأدوات والأهداف فأدوات هذه الأطراف متشابهة في استقطاب الجموع نحو الانقسام والصراع والتسليح بهدف استمراريتها بما يخالف توجهات المجتمع المدني نحو البناء لمصلحة المواطن وتحقيق أولوياته بالاستقرار والأمان.

لعل الوضع السوري والصراع القائم منذ عقد من الزمن أوضح مثال عن هذا النموذج ونتائجه وتعقيداته، فالثورة السورية بانطلاقتها الغير مشوهة كانت رداً على التراكم القمعي ذو البعد العسكري والأمني الهائل ضمن المجتمع وانفجار بديهي لنهوض حالة مدنية سليمة بمواجهة تيارات القمع والشعارات التي استنفذت واستهلكت سوريا وشعبها لعقود طويلة، هذه الحالة المدنية التي واجهت نظام الأسد، والتي كان يمكن لها أن تجمع السوريين، باتت أيضاً ضحية التطرف والتشدد المسلح المتعدد الأقطاب الذي نشأ في صفوف الثورة بينما هو يشكل جزءاً من المنظومة القمعية ذاتها.

من هذه الوقائع، نجد اليوم مخاوف مشروعة من قبل السوريين عند طرح مشروع عسكري للحل، تذهب هذه المخاوف باتجاهين الأول ألا يُعاد انتاج وتكريس الحالة العسكرية مستقبلاً والثاني ألا تزداد اقطاب التشدد المقابل تمكناً فالحصيلة بهذه الحال ستكون استمرارية الوضع الحالي من تقهقر دولة القانون والمؤسسات والدستور على حساب تصاعد الصراعات وانعدام الاستقرار بخلاف ما نطمح له في مسار سوي من نهوض على كافة الصعد، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية.

في الحين ذاته لا يمكن، في ظل الظروف الحالية من انعدام الاستقرار والأمن وتواجد ميليشيات وعصابات ومرتزقة يحاربون على الأراضي السورية، أن نتجاوز ضرورة وجود جهة عسكرية تضمن حسن سير العملية الانتقالية وعدم حصول حالة الانفلات التي يتخوف منها السوريون أيضاً وتتخوف منها دول المنطقة والمجتمع الدولي، في هذه الحيثية تذهب بعض الطروحات نحو وجود مجلس عسكري يحقق هذه المهمة بالتوافق مع القوى الدولية في المنطقة.

في ظل هذا الواقع فان توازن المهام التي ستقدمها أي جهة عسكرية للحالة المدنية هي ما قد تمنحها الشرعية لتكون جزءاً من الحل، أي أن المجلس العسكري لا يمكن أن يكون حاملاً منفرداً ورئيسياً للعملية الانتقالية بل يكون جزءاً من مجلس تعددي انتقالي يأخذ بعين الاعتبار البعد التخصصي والبعد الجغرافي في سوريا بحيث ينطلق من حوامل محلية تؤسس لمجلس حكم انتقالي يتضمن كتلة للعمل المدني والاجتماعي، كتلة عسكرية، كتلة سياسية وديبلوماسية، كتلة إدارية وتكنوقراط، كتلة اقتصادية وكتلة قضائية وقانونية وتلتزم ضمنه الكتلة العسكرية بالمحددات السياسية التي سيقوم عليها المجلس التعددي الانتقالي وفق تطبيق مهام محددة بفترة زمنية واضحة تعمل على نزع السلاح من كافة الجهات وإعادة هيكلة مؤسسات الجيش والامن بعيدا عن السياسة، وعن الحزبية، والعقائدية، والإيديولوجية، والطائفية، ووفقا للكفاءات وحصر مهامها بحفظ أمن الوطن والمواطنين، وعلى أن تلتزم الكتلة العسكرية خلال تنفيذ هذه المهام بمعايير حقوق الإنسان وتخضع في عملها للرقابة والمساءلة التي يجب تطبق على كافة الكتل الأخرى المشكلة للمجلس الانتقالي والتي تُحدد وفق آلية عمله.

مثل هذه المهام المشروعة تضمن أن يكون المجلس العسكري ذراعاً لتحقيق أهداف الثورة المدنية وعاملاً هاماً لإنجاح العملية الانتقالية وضمان الاستقرار والامن خلالها وبالتالي دافعاً لتسريع الانتقال السياسي وانهاء معاناة السوريين في كافة المناطق، ولابد أن الخطوة التي جرت مؤخراً بالسعي لتشكيل مجلس عسكري من الضباط المنشقين ذوي المواقف الواضحة ووفق هيكلية متماسكة تعد خطوة هامة في بلورة كتلة عسكرية قادرة على التفاعل من جهة مع الكتل المدنية والسياسية والحقوقية السورية في كافة المناطق من سوريا وقادرة على التفاعل من جهة أخرى مع القوى الدولية. هذه الخطوة ستتطلب كذلك المتابعة على عدة محاور، من حيث الالتزام برؤية سورية مشتركة تشكل أرضية لدستور سوري جديد مؤسس لدولة سوريا الحديثة، دولة القانون والمواطنة المتساوية بالمطلق والذي يقطع مع النظام الشمولي بكافة مرتكزاته، ومن حيث المهام المطلوبة من هذا المجلس وآلية تنفيذها.

خطوة في مسار العمل التراكمي السوري الساعي لحلول ناجعة، والتي، اضافة للحراك القانوني الهام في هذه المرحلة لمنظمات حقوقية على الصعيد الأوروبي والدولي لإدانة جرائم نظام الأسد، تعد مؤشرات على ثبات واصرار السوريين على السير قدماً وعلى كافة المحاور نحو التغيير الجذري، تغيير حتمي لتستمر سوريا بالحياة.

موقع نواة سورية

—————————-

“قسد” تدعم تشكيل “مجلس عسكري مشترك”: نتواصل مع مناف طلاس

أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) دعمها لفكرة تشكيل “مجلس عسكري مشترك” في سورية، وكشفت عن اتصالات مع العميد المنشق، مناف طلاس، لتحقيق ذلك.

وقال المتحدث باسم “قسد”، غابرييل كينو الجمعة إن تشكيل “المجلس العسكري” خطوة أساسية للحل في سورية، وإنهم جاهزون للمشاركة بالجسم العسكري.

وكشف كينو في تصريحات لصحيفة “الشرق الأوسط” عن وجود اتصالات مع العميد السوري المنشق مناف طلاس بهدف التوصل لتفاهمات ترضي جميع الأطراف.

وأضاف المتحدث: “حصلت مجموعة من الحوارات بيننا لمعرفة مهام المجلس والهدف منه والأفكار المطروحة حوله”.

وتابع: “نرحب بأي خطوة تؤدي إلى حل الصراع السوري، وتعمل على ضم جميع القوى الفاعلة على الأرض”.

ويأتي ما سبق بعد قرابة شهر من أحاديث ترددت من شخصياتٍ معارضة لنظام الأسد، عن تحركات لتشكيل “مجلس عسكري”، يرأسه مناف طلاس، وهو ابن وزير الدفاع الأسبق في نظام الأسد، مصطفى طلاس.

ولم يصدر أي تعليق أو موقف من طلاس حتى الآن.

بينما أعلن المعارض السوري، جمال سليمان، الشهر الماضي أنه صاحب فكرة تشكيل المجلس، مشيراً في منشور له عبر “فيس بوك” إلى أنه تطرق للحديث عن ذلك في أثناء اجتماع حضره مع مسؤولين روس في موسكو.

في مقابل ذلك نفت روسيا وجود أي محادثات حول “المجلس العسكري” ، الذي روجت له شخصيات معارضة لنظام الأسد، وقالت إن الحديث عنه “تضليل متعمد”.

وقال مبعوث بوتين إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف في تصريحات على هامش أعمال الجولة الـ 15 من “أستانة”، في 16 شباط/ فبراير الماضي، إنه لا توجد أي محادثات حول “المجلس العسكري”.

وبحسب لافرنتيف، فإن الحديث عن تشكيل مجلس عسكري هو “تضليل متعمد يهدف لنسف المحادثات والعملية السياسية” السورية.

وتحظى “قسد” بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، وتسيطر على مناطق واسعة في شمال وشرق سورية.

وتتزامن تصريحات المتحدث باسمها عن “المجلس العسكري” مع تحركات لمسؤولين سياسيين فيها للبحث عن موطئ قدم سياسية في المشهد السوري، مع الدخول بالعام العاشر للثورة السورية.

————————-

هل سوريا بحاجة لمجلس عسكري؟!!/ بسام جوهر

ربما يكون الاستعصاء في الحل السياسي ووصول كافة المسارات السياسية، بدأً من جنيف وأستانة وسوتشي وانتهاءً بمصير اللجنة الدستورية في جولتها الخامسة، إلى طريق مسدود، أقول ربما، هو السبب وراء الدعوة لتشكيل مجلس عسكري انتقالي وذلك كحل سريع يدغدغ مشاعر السوريين في وقف الحرب والبدء في قطف ثمار ثورتهم بعد عقد من الزمن المُر. علماً أن هناك من يقول أن هذه الدعوة قديمة وتعود إلى عام 2013، لكن أحلام الحسم العسكري وموازين القوى على الأرض في ذلك الوقت لم تسمح لهذه الدعوة أن ترى النور.

لكن هذه المشاعر الصادقة للسوريين باقتراب الحل على يد العسكر، تصطدم دائماً بذاكرة حية، وهي أنه وعلى مدى عقود من سوريا الحديثة، كان الضابط السوري هو الحاكم وهو الأقوى وهو الآمر الناهي في كل تفاصيل الحياة اليومية للسوريين وهو المسؤول الأول والأخير لما وصلت إلية سوريا من وضع لا تُحسد عليه.

الضابط في سوريا، بمجرد أن يرتدي بدلته العسكرية ويضع نياشينه وأوسمته الكاذبة على صدره، يشعر بينه وبين نفسه أنه هو الأجدر والأكفأ لحكم البلد ويترجم هذه الجدارة والكفاءة بقمع كل صوت معارض مهما كان حجمه بقوة السلاح الذي بين يديه.

وبالتأكيد فإن كل سوري لديه ذاكرة متقدة، تذّكره دائماً بممارسات العسكر في سوريا، بدءاً من الوقوف أمام الفرن، حيث يقفز العسكري من آخر الصف ليأخذ الخبز وأنت تنظر إليه بحسرة، مروراً بأفضلية المرور على الحواجز بسيارته المميزة، حيث له طريق خاص، إلى آخر هذه المهازل التي تُشعر العسكري أنه متفوق وجدير باستلام السلطة.

مناسبة هذا الكلام هو الدعوة لتشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة العميد مناف طلاس تكون مهمته ( تنفيذية)، تتضمن إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية وحماية المرحلة الانتقالية بالإضافة إلى إخراج القوى الأجنبية من سوريا باستثناء روسيا.

قد يكون من الصعب معرفة مدى صدقية وجدية هذا الطرح ومدى تفاعل الأطراف الفاعلة على الساحة السورية معه، وخاصة روسيا صاحبة اليد العليا بهذا الشأن، لكن لنفترض جدلاً أن الدول المؤثرة والفاعلة على الساحة السورية أبدت اهتماماً ومنحت أصحاب الدعوة آذان صاغية، فإن السؤال الأول والمهم: هل نحن في سوريا بحاجة لمجلس عسكري بعد كل هذه العسكرة؟ وكيف لهيئة الحكم الانتقالي أن تسيطر على هذا المجلس؟ إذا كانت مهمة هذا المجلس، كما يقولون، حفظ الأمن وحماية المرحلة الانتقالية، ألا تستطيع قوات الشرطة وقوى الأمن والجيش حفظ الأمن وحماية الناس؟ أعتقد أن الغاية من هذا الطرح هو تنصيب العسكر لقيادة البلد من جديد، لأنه بمجرد تشكيل هذا المجلس ستكون له الكلمة الأولى والأخيرة في سوريا، وهذا الأمر هو خيانة لكل من سقط شهيداً في سبيل تحرر سوريا من العسكر.

السؤال الآخر والمهم أيضاً: لماذا مناف طلاس دون غيره من الضباط؟؟؟ هل مناف طلاس من خارج منظومة النظام السوري الذي خرج السوريون ضده، أم هو أحد أركانه الأساسيين؟ هل (انشقاقه المزعوم والغامض) وتخليه عن قيادة اللواء 105 في الحرس الجمهوري وانتقاله للعيش في قصر في باريس، يعطيه الأفضلية على ضباط آخرين أكثر منه كفاءة بالمعنى السياسي والعسكري؟ وهو الذي وصل إلى موقعه ورتبته بفضل والده مصطفى طلاس، مهندس فضيحة توريث السلطة من الأسد الأب إلى الأبن الوريث. ثم ماهي مؤهلاته السياسية وحتى العسكرية كي يقود مجلس عسكري انتقالي؟ ومن يضمن أن هذا الأمر سيكون انتقالي؟ خاصة وأن ذاكرتنا تقول لنا: أنه ليس هناك عسكري في العالم العربي وصل إلى السلطة وترك بمحض إرادته، (باستثناء حالة واحدة في السودان عندما تخلى اللواء عبد الرحمن سوار الذهب عن السلطة للمدنيين بعد انقلاب عسكري)، وربما ندم على فعلته تلك.

سؤال آخر يفرض نفسه: لماذا على هذا المجلس العتيد إخراج كافة القوى الأجنبية من سوريا باستثناء روسيا؟ أليست روسيا دولة أجنبية وتفاخر بوتينها بفاعلية السلاح الروسي في تمزيق أجساد السوريين وهدم منازلهم؟ ام انها كانت حمامة سلام ورسول محبة لكل السوريين؟!!!

إن الدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري فكرة خبيثة وأعتقد أن سوريا ليست بحاجة لها ويجب مقاومتها مهما كانت الظروف.

لاشك بأن البلد بحاجة إلى قوة لحفظ النظام، وهذا الأمر ضروري، وهذا ما يجب أن تتضمنه المرحلة الانتقالية من خلال قرار مجلس الأمن 2254، مع ضرورة وجود آلية معينة بانضواء هذه القوة تحت أمرة القيادة السياسية التي تقود هيئة الحكم الانتقالي، مع التركيز أن يقتصر دور العسكر على حفظ الأمن فقط،  لا أن يكون العكس لأن سوريا ليست بحاجة إلى المزيد من العسكرة والعسكريين الذين يستهلكون ولا ينتجون.

إن أي قوة عسكرية  لا ضابط سياسي لهل ستعيدنا إلى نفس المأساة، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت، وهي تحكم العسكر بمفاصل الحياة والعودة للصراع على السلطة بالقوة، كما فعل حافظ الأسد مع صلاح جديد، وصلاح جديد مع محمد عمران، ومحمد عمران مع مأمون الكزبري وهكذا دواليك.

بسام جوهر

ضابط ومعتقل سياسي سابق.

موقع نواة

—————————

=======================

تحديث 12 أذار 2021

———————–

المعارضة السورية ونظرية التعويم الزيتي/ محمد برو

وعلى هذه الأولوية تمركزت الإرادات بشكلٍ عفوي، وكانت المؤسسة الأولى للمعارضة “المجلس الوطني” والتي حازت في الأشهر الأولى على دعم الشارع الثوري، وقبوله لها كممثل وحيد للثورة، وهذا لأن المجلس الوطني كان بالفعل ممثلاً لصوت الجماهير الثائرة، وخطابه متطابق إلى حد كبير مع خطابها، وأحياناً بشكلٍ حرفي، فعلى سبيل المثال الشعار الشعبي البسيط والذي أراد أن يقطع الطريق على أولى محاولات التفتيت كان “واحد، واحد، واحد، الشعب السوري واحد” كرره بحرفيته وعبر كبرى المنصات الإعلامية المتحدثون الرسميون للمجلس الوطني وغيرهم، وحظي يومها بقبول واسع وأصبح شعارنا الجامع.

في تلك الأيام العزيزة علينا كسوريين معارضين ننشد الحرية ونراها مرتبطة بشكلٍ حتمي بسقوط الديكتاتورية وأعوانها، لم نكن نجد فرقاً إن تولى رئاسة المجلس سني أو علوي أو إسلامي أو علماني.

لم يكن أحد ليتجرأ في تلك البدايات لينافح أو يجادل على حصته أو عدد الأفراد الذين يمثلون تياره السياسي في هذه المجموعة أو تلك.

ويومها سارت الوقائع بذلك الزخم الشعبي وحده، فترنح النظام وتراجعت سيطرته على الأرض السورية وانحسر إلى ثلث الأراضي السورية التي أصبح يروج لها فيما بعد باسم سوريا المفيدة، وما ذلك إلا ليبرر هزيمته ويعلل من يواليه بأنه استطاع الحفاظ على الشطر الأهم من سوريا.

عام “1967” إبان حرب حزيران التي خرجت منها إسرائيل منتصرة وقد قضمت سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان، كانت السياسة الاستراتيجية السورية قد خرجت بفكرة ألمعية سمَّوها يومئذٍ “التعويم الزيتي” ومفادها أن يترك المجال لإسرائيل فتتوغل في الأراضي السورية إلى عمقٍ متقدم، لا تستطيع معه السيطرة على مكتسباتها، فيسهل تمييعها والقضاء عليها، وتضيع في المحيط العربي كما تضيع قطرة الزيت، لو نشرناها على مسطحٍ مائيٍّ متسع.

غاب عن هذا التفكير الاستراتيجي أن إسرائيل كدولةٍ معتديةٍ، تحارب في محيطٍ عربيٍ واسع، ملزمةٌ بحكم الضرورة، بالتدقيق في حساباتها وخياراتها، وبدراسة خطواتها بشكلٍ تفصيلي، لم يعتد الساسة العرب المرتجلون الإتيان بمثله، فتقدمت قواتها في الحيز المفتوح، بالقدر المناسب لموازين القوة التي تعرفها، وتوقفت عند هذا الحد، وما إن تحطمت النظرية على صخرة الواقع، حتى سارعت القيادة البعثية إلى ابتكار نظرية أكثر جدة، وهي أن إسرائيل خاضت تلك الحرب لهدفٍ وحيد، وهو إجهاض الثورة، وطالما أن الثورة باقية فقد خسرت إسرائيل رهانها الوحيد، وعادت تجر أذيال خيبتها ومعها آلاف الكيلومترات من الأراضي العربية التي استولت عليها في لحظة غضبها.

أتى هذا بالضبط مشابهاً للفشل الذريع، الذي منيت به قطاعات واسعة من المعارضة السورية، وفي مقدمتها الهيئات التمثيلية الكبرى، فبعد أن باتت المعارضة بمجملها تسيطر على ثلثي الأرض السورية، بالرغم من كل القوى “الروسية والإيرانية وحزب الله” التي كانت تحارب بالنيابة عن نظام الأسد المتمزق، والذي لم يعد يملك موارد ولا كوادر، يدير بها ما تبقى له من الأرض السورية المفيدة كما دعاها، توزعت قوى المعارضة السورية بطريقة التعويم الزيتي ذاتها، ولم تعد قادرة على إدارة المساحات التي حررتها من نظام الأسد، لتهيمن عليها فصائل مسلحة لا تملك حرفاً واحداً من أبجدية الإدارة، وبتعبير أكثر دقة لا تصلح لإدارة مؤسسة إغاثية توزع الخبز والطحين وحسب، فما بالنا بإدارة المعابر ونظام الرسوم الجمركية، وضبط الأمن والقضاء بين الناس، وغيره كثير كثير مما هو مطلوب، ممن سيطر على مدن أو بلدات ورفع فوقها علم الثورة، ويبدو أن النظرية البعثية البائسة “نظرية التعويم الزيتي” التي فشلت في الحرب مع إسرائيل، نجحت في الحرب مع المعارضة السورية.

والواقع أنَّ ما جرى، هو تحرير مدن سورية من بقايا نظام الأسد الفاسدة، والسيطرة عليها من قبل مجموعات كانت بفعل جهلها وعدم تأهيلها، تنافس الأسد على إدارة الفساد.

لسوء التدبير وفقر الحال، لم يكن هناك بديل عن النظام في المناطق التي خرجت عن سيطرته، سوى مجموعات لا حصر لها مثَّل كثيرا منها نمطاً من أنماط إدارة الفساد والتجارب الفاشلة، كان من نتائجها تصريح كثيرين ممن ناصروا الثورة في البدء، برغبتهم في العودة إلى حكم نظام الأسد، رغم معرفتهم التامة بمدى فساده وضلوعه في الإجرام.

واليوم وبعد عشر سنوات من انطلاقة الثورة، لم يبق المشهد على ما هو عليه وحسب، بل انحط إلى ما هو دون ذلك، فأصبح ذلك الفساد وغياب الكفاءات أو تنحيتها عمداً، والذي سمحت الفوضى بولادته يومها، أكثر تنظيما وأشد تمكناً، وصار السؤال الصعب والشديد الإيلام هل تستحق هذه الثورة وما بذل فيها من دماء وتضحيات هذه القيادات الفاشلة والبائسة؟ وهل سيتسع الوقت للتخلص من هذه النماذج الثورية التي أصبحت عبئاً على الثورة ذاتها، وعقبة في طريق تقدمها أو تصحيح مسارها، أم أننا مقبلون على أشكال جديدة من الثورات الداخلية والخارجية معاً؟

————————–

مسار الدوحة: روسيا تقدم تنازلات غير كافية/ عقيل حسين

في مقال سابق أشرت إلى أن الاجتماع الأخير للدول الراعية لمسار أستانا الذي انتهى في السادس عشر من الشهر الماضي كان بمثابة الإعلان عن وفاة هذا المسار، وأن البحث جار عن مسار جديد للحل السياسي في سوريا.

لم تكن تلك الإشارة مبنية فقط على أن مسار أستانا قد استنفد الأغراض التي وجد من أجلها على الصعيد الميداني، مقابل الفشل الذريع الذي مني به سياسياً، وبالتالي لا بد من العمل على مسار بديل كانت كل من روسيا وتركيا، بالإضافة إلى إيران أيضاً، قد بدأت السعي لإنتاجه منذ لحظة الإعلان عن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية مطلع هذا العام.

نحو ستين يوماً من الاتصالات والنقاشات بين أنقرة وموسكو أفضت إلى التوافق على إنتاج مسار جديد، سيحمل ابتداء من الخميس 11 آذار 2021 اسم مسار الدوحة، على اعتبار أن الإعلان عنه كان من العاصمة القطرية، عقب الاجتماع الذي ضم وزراء خارجية الدول الثلاث، بينما غابت إيران في الشكل على أن تبقى حاضرة على صعيد المضمون والتفاصيل مؤكداً.

من الواضح أن روسيا وتركيا أرادتا إبعاد إيران عن المسار الجديد على أن يكون ذلك مقابل قصر الحضور الخليجي فيه على قطر، ورغم الزيارتين اللتين أجراهما سيرغي لافروف إلى كل من السعودية والإمارات، إلا أن التحاق هاتين الدولتين بشكل رسمي به لم يكن مطروحاً، لكن من الواضح أيضاً أن الأفكار التي كانت بجعبة وزير الخارجية الروسي كانت مقبولة من الرياض وأبو ظبي، حيث عبر المسؤولون في الدولتين عن تأييد مبدئي لعودة سوريا إلى الجامعة العربية مقابل الابتعاد عن إيران.

الجامعة العربية مقابل إيران إذاً.. هذا هو الثمن الذي تطلبه هذه الدول من النظام، لكن هل الأخير مستعد لمقايضة من هذا النوع، أو هل يرغب بها حقاً؟

بالتأكيد لا تعني جامعة الدول العربية بالنسبة للنظام شيئاً، بل لا يختلف اثنان على أنه يعتبرها من أعدائه الذين وقفوا ضده، مقابل الدعم غير المشروط أو المحدود الذي حظي به من إيران، لكن هذه العودة تعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لروسيا التي تدرك أن إعادة إنتاج النظام سياسياً ودولياً إنما يبدأ من بوابة الجامعة العربية.

فجهود روسيا على هذا الصعيد، والتي تصطدم حتى الآن بموقف أميركي وأوروبي صلب يرفض أي تطبيع مع النظام قبل التوصل إلى حل سياسي على أساس القرارات الدولية، سيشكل قبول الدول العربية بإعادة العلاقات مع النظام فرصة استثنائية لكسر هذا التصلب، والتوجه إلى الغرب بأنهم لا يمكن أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك، وسيرفع الإحراج عن كاهل الدول الأخرى الراغبة بتجديد الصلات مع دمشق.

لكن موسكو التي تدرك صعوبة تحقيق اختراقة في هذ الجدار، على الرغم من عدم مبالاة السعودية، وحماس أبو ظبي، وفي ظل موقف تركي قطري رافض لمناقشة هذه العودة في الظروف الحالية، عبر عنه بوضوح وزير خارجية قطر في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الروسي، ومع الإصرار الأميركي الأوروبي على التمسك بهذا الموقف، تدرك أيضاً أن عليها تقديم تنازلات أكثر أهمية من أجل تحقيق تقدم في العملية السياسية تسمح بخلق أفق لتدفق أموال المساعدات وإعادة الإعمار إلى سوريا.

المعلومات المتوفرة حتى الآن تفيد بعرض روسيا الموافقة على دخول المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة المعارضة مع التنازل عن شرط مرورها من خلال المعابر التي تخضع للنظام، مقابل تعهد دول الخليج بالمساهمة بشكل أكبر في برامج الأمم المتحدة للمساعدات المخصصة للمناطق التي يسيطر عليها النظام، وهو أمر لا يمكن أن يشكل نقطة خلاف بطبيعة الحال.

كما عرضت روسيا وللمرة الأولى، حسب المصادر، أن يتم البحث في قضية المعتقلين كبادرة لبناء الثقة بين المعارضة والنظام، ووعدت بأنها ستضغط على الأسد بشكل حقيقي من أجل فتح هذا الملف الذي يصر النظام وبقوة على إبقائه مغلقاً.

أما العرض السياسي والتنازل الجوهري الذي تقول هذه المصادر إن موسكو طرحته، فهو إمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة التي ينوي النظام إجراءها، مقابل الحفاظ على مسار اللجنة الدستورية حياً، وكذلك البدء بمناقشة تشكيل هيئة حكم انتقالي دون اشتراط عدم مشاركة بشار الأسد فيها، وقد طلبت روسيا من قطر وتركيا طرحه على المعارضة الرسمية والشخصيات البارزة فيها من خارج الائتلاف وهيئة التفاوض لجس النبض حوله، وهذا ما يفسر غالباً سبب لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مع رياض حجاب.

على أية حال، نحن أمام حراك ديبلوماسي غير مسبوق فيما يتعلق بالملف السوري، وهو حراك أول خطواته تبدأ من ملفات إنسانية لا خلاف حولها، على أمل أن تشكل أرضية قبل الانتقال لمناقشة ملفات حساسة تعتبر العقبات الحقيقية أمام فتح الطريق إلى الحل الشامل، وأهم هذه العقبات مصير بشار الأسد والوجود الإيراني في سوريا، وبالطبع لم تكن روسيا لتقبل بالحديث حول هذه النقاط لولا الضغط الاقتصادي الكبير الذي تعاني منه ويجعلها عاجزة هي وإيران عن تقديم مساعدات تسعف النظام الذي يعيش أوضاعاً متدهورة على هذا الصعيد.

تلفزيون سوريا

————————–

اجتماع الدوحة.. هل يفتح آفاق الحل السياسي في سوريا؟/ هشام منوّر

لم تكن جولة وزير الخارجية، و”كاهن” الدبلوماسية الروسية، سيرغي لافروف، في منطقة الخليج العربي لتمر مرور الكرام، لولا الملفات التي تأبّطها وجال فيها على عدد من العواصم الخليجية العربية، باحثا في أروقتها عن تفاهمات بينية مع بعض دول الخليج العربي حول ملفات عربية (سوريا وليبيا واليمن) وغيرها.

فالرجل الذي يحاول إدارة ملفات عدة، منها الملف السوري، وهو ما يهمنا في هذا السياق، يروم البحث عن مخرج لحليفه في دمشق، بشار الأسد، بعد أنهكت العقوبات الدولية وتداعيات قانون قيصر والعقوبات الأميركية الدولية على إيران بسبب ملفها النووي، كلاً من الأسد وحلفائه، وأوصلت المواطن السوري المقيم في مناطق سيطرة النظام إلى حافة المجاعة، بحسب تصريحات أممية متوالية، آخرها ما كشف عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، من أن “60 في المئة من السوريين معرضون لخطر الجوع هذا العام”. وهي التصريحات التي أدلى بها للصحفيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك تزامنا مع اقتراب الذكرى العاشرة للثورة السورية.

ما من شك أن هناك حاجة لوصول مزيد من المساعدات الإنسانية العابرة للحدود للوصول إلى جميع المحتاجين في سوريا، بحسب المسؤول الأممي، لكن عقدة التحالفات والأقطاب المتصارعة على الأرض السورية، جعلت الملف الإنساني واحدا من أبرز أوراق الضغط الممارس على السوريين على مختلف انتماءاتهم.

إعلان وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والقطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والتركي مولود جاويش أوغلو، عن إطلاق عملية تشاورية جديدة بشأن سوريا بين دولهم، بهدف الوصول إلى حل سياسي دائم في سوريا، شكل “مفاجأة” ربما تكون سارة مع اقتراب ذكرى عشرية الثورة السورية، لما للدول الثلاث من تأثير ونفوذ واضح على الملف السوري المتنازع عليه من قبل الفرقاء الدوليين. وإشارة وزير الخارجية الروسي لافروف إلى عدم منافسة المسار الجديد لمسارات أخرى (جنيف، سوتشي، أستانا..) قد يكون المراد منها محاولة امتصاص ردود الفعل الدولية والإقليمية حول التطور الجديد في الملف السوري، وتأمين نجاحه واستمراره بمعزل عن محاولات الإفشال التي قد تضطلع بها دول وجدت نفسها شيئا فشيئا خارج خريطة الجغرافية السورية سياسيا.

التعويل على المسارات المتناسلة لإيجاد حل سلمي أو سياسي في سوريا لا يمكن التعويل أو المراهنة عليه بطبيعة الحال، لكن ما يختلف في قمة الدوحة حول سوريا، هو جمعها لثلاث دول بإمكانها إمساك الخيوط السياسية والإنسانية/ المعيشية في الملف السوري، في ظل رعاية روسيا لنظام الأسد من جهة، ووقوف كل من تركيا وقطر إلى جانب خيارات الشعب السوري في مواجهة جلاده، من جهة أخرى. ما يجعل باب التفاؤل بخصوص الملف السوري مواربا، بالتزامن مع الذكرى العاشرة لانطلاق ثورة شعبها ضد مستبدها، ويفتح آفاقا جديدة يمكن البناء عليها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار انخراط الدول الثلاث بشكل مباشر في الملف السوري، وقدرتها على اجتراح مخرج للانسداد السياسي في سوريا، واستبعاد “العنصر المعطل” والمتفق على مشاغبته سياسيا وعسكريا، والمعني هنا إيران تحديدا، وخروجها من دائرة القوى الفاعلة في الملف السوري بسبب انشغالها بمفاوضات عودتها إلى الاتفاق النووي، واحتمال فقدانها للعديد من الأوراق الإقليمية في سياق مفاوضاتها.

قد يكون الترقب والانتظار لما ستؤول إليه الاجتماعات المقبلة للدول الثلاث والتي تم الاتفاق على عقد الاجتماعين المقبلين في تركيا وروسيا، على التوالي، خيارا متعقلا ومتفهما في الوقت ذاته، بانتظار تكشف الحقائق وتوضح الصورة الكلية، لكن مقدمات الانفراج السياسي تلوح في الأفق، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إمكانية ربط السلال التفاوضية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يخشى الأسد أن يفقد ما تبقى من نفوذه لدى ما تبقى من الموالين له بحكم ضغوط الحياة المعيشية على السوريين في مناطق سيطرة نظامه، وربما تشهد الأيام المقبلة اجتماعات مفاجئة أخرى للكشف عن نتائج القمة الثلاثية، و”مواجهات” متصاعدة بين موسكو وطهران تحديدا، التي سوف تجد نفسها للمرة الأولى.. وربما الأخيرة، خارج الفضاء السوري!.

تلفزيون سوريا

—————————–

قدري جميل: فكرة “المجلس العسكري” تخدم النظام

عماد كركص

في ظلّ وصول العملية السياسية لحلّ الصراع السوري إلى طريق شبه مسدود، مع الفشل الذي يخيم على مسار اللجنة الدستورية، وبروز الخلافات داخل “هيئة التفاوض” المعارضة، التي انبثق عنها وفد المعارضة إلى اللجنة، تدور أسئلة حول مآل هذه العملية التي تجري وسط انقسام في صفوف المعارضة. كذلك تدور التساؤلات حول شكل الحلول المرضية لأطراف الصراع، ومستقبل هذا الصراع وأفقه، لا سيما مع عودة طرح فكرة تشكيل “مجلس عسكري” لقيادة البلاد. هذه النقاط، وغيرها، يطرحها “العربي الجديد” على قدري جميل، أمين مجلس حزب “الإرادة الشعبية”، ورئيس “منصة موسكو” (إحدى “منصات” المعارضة السورية)، التي تربطها علاقة جيدة مع روسيا.

حول ماهية “منصة موسكو” ومكوناتها حالياً، وما إذا كانت تبدلت رؤيتها وأهدافها وطريقة طرحها للحلّ السوري، منذ بروز هذا المصطلح، يلفت جميل إلى أن “المنصة تضم عدداً من الأحزاب والحركات والتيارات الموجودة في مختلف المناطق السورية، والتي تضم مناضلين سياسيين موجودين في مواقع المعارضة منذ عقود”. ويوضح أن “من بين مكونات المنصة، حزب الإرادة الشعبية ومجلس العشائر العربية والتيار الثالث لأجل سورية وتيار طريق التغيير السلمي، بالإضافة إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي وتجمع سورية الأم، وغيرها من التشكيلات”. ويضيف: “رؤيتنا كقوى مكونة للمنصة، حتى قبل تشكيلها، وحتى ما قبل عام 2011، هي أنّ التغيير الجذري الشامل في كل النواحي هو ضرورة وجودية لسورية. وبعد 2011، رفضنا شعارات الأطراف المتشددة من الجهتين بالحسم والإسقاط، لأننا كنا نعرف أنّه لن يتحقق أي من الشعارين، وما سيجرى هو تدمير للبلاد والعباد”. ويتابع جميل: “دعونا إلى الحوار والحل السياسي منذ اللحظة الأولى، ولحماية الحركة الشعبية من التدخلات الخارجية، ومن القمع الأمني والعنف، ورفضنا التسلح والطائفية. مواقفنا هذه كانت ولا تزال ثابتة”.

ابتعاد عن الـ2254

وحول الموضوع الأهم الذي يدور الحديث عنه في الوقت الراهن، من أن منصتي موسكو والقاهرة قدّمتا مقترحاً للروس لتشكيل مجلس عسكري يقود البلاد خلال فترة انتقالية، يُذّكر جميل بأنه نفى الأمر باسم “منصة موسكو” ككل، وليس باسمه الشخصي فقط، وكذلك فعل الأستاذ خالد المحاميد في لقاء تلفزيوني أخيراً. ويلفت إلى أن “المسألة هي أن السيّد جمال سليمان (منصة القاهرة) تقدم بأفكار شفهية شخصية خلافاً لما جرى ترويجه”. ويتابع: “بالنسبة لنا، قناعتنا هي أنّ الفقاعة الإعلامية حول مجلس عسكري لها هدف واحد هو حرف الأنظار عن (قرار مجلس الأمن الدولي) 2254”. ويعتبر جميل في هذا السياق أن “تراكم التعطيل ضمن اللجنة الدستورية وضع الجميع أمام استحقاق الخطوة التالية، والتي ينبغي أن تكون منطقياً من ضمن قاموس الـ2254، ولذا فإنّ إلقاء فكرة مجلس عسكري لقيادة المرحلة الانتقالية هو كما نقول في دمشق (فت برّات الصحن)، الغرض منه قطع الطريق على السير قدماً في الحلّ السياسي، في وقتٍ تلوح فيه إمكانية جدية لحدوث ذلك”، بحسب رأيه. ويرى جميل أنه “في حال كان المجلس العسكري جزءاً من جسم الحكم الانتقالي الذي هو جسم سياسي بالضرورة، والذي ينص عليه القرار 2254، فهذا أمر مقبول، وربما ضروري. لكن ما يجرى طرحه هو أمر آخر تماماً، هو مجلس عسكري يقود البلاد، أي أنه طرح من خارج 2254 بالكامل”.

ويستفيض رئيس “منصة موسكو” في شرحه أسباب رفض الطرح، قائلاً “توجهنا بالسؤال لبعض ممن يطرحون هذه الفكرة حول كيفية تطبيقها ومن سيطبقها، فإما لم يقدموا جواباً، أو أنهم قالوا إن ذلك يمكن أن يتم عبر انقلاب عسكري، أو بتدخل عسكري خارجي. بكلام آخر، فإنّ هذا الطرح هو تكرار لشعارات الحسم والإسقاط”، معتبراً أن “من يطرحونه يخدمون النظام، سواء عن وعي أو دونه، بتقديم صورة هي أن المعارضة انقلابية ومعادية للتوافق وللحل السياسي، ما يسهل الهروب من العملية السياسية. بهذه الطريقة يخلصون النظام من الحرج والضغط المتعلق باللجنة الدستورية وبالعملية السياسية ككل”.

وعن خلاف “منصة موسكو” مع مكونات “هيئة التفاوض”، بسبب استبعاد ممثلها (مهند دليقان) إلى الهيئة ووفد الدستورية، خصوصاً مع إرسال المنصة ومكونات أخرى رسالة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن، قبيل انطلاق الجولة الأخيرة من أعمال اللجنة الدستورية، والاتهامات التي طاولت المنصة بعرقلة مسار اللجنة، يرد جميل لك بالقول: “الخلاف هو بين ثلاثة مكونات من الهيئة، نحن وهيئة التنسيق ومنصة القاهرة، ومكون رابع هو الائتلاف”. أما بالنسبة للاتهام بالعرقلة، فيؤكد أنها “المرة الأولى التي نسمع به. وبكل الأحوال، فإنّ اتهامات من هذا النوع، إنْ وجدت، فهي تأتي من أطراف ضمن المعارضة أو النظام، كانت ضد تشكيل اللجنة الدستورية من الأساس في الوقت الذي كنا ندفع فيه نحو تشكيلها، والأطراف نفسها سبق أن رفضت بيان جنيف والقرار 2254، ورفضت لسنوات طويلة الحوار والحل السياسي، واعتبرته خيانة”. ويضيف: “هذه الأطراف نفسها هي من تهيمن اليوم على مفاصل العملية السياسية، بما فيها اللجنة الدستورية، وهدفها منع الوصول إلى الحل السياسي لأنها معادية له بالأساس ولا تزال تحلم إما بالحسم العسكري أو بالإسقاط، وتتعامل مع العملية السياسية بطريقة منافقة”. ومن الملفت للانتباه، بالنسبة إلى جميل، “ألا يجرى اعتبار تصريحات بعض الأطراف المعارضة المشاركة في اللجنة والتي قامت باستبعادنا، حول موت العملية السياسية وانعدام جدوى اللجنة الدستورية، تعطيلاً للجنة، فيما يجرى اعتبار احتجاجنا على استبعادنا من اللجنة تعطيلاً لها”.

وعما إذا كان لا يزال يعتقد أن مسار اللجنة الدستورية سيفضي إلى حل، أو يكون جزءاً منه، يقول جميل: “لم نقل في يوم من الأيام إن مسار اللجنة الدستورية سيفضي إلى الحل. ما قلناه ونعيده هو أنّ اللجنة هي مجرد مفتاح للحل، والحل هو بالتطبيق الكامل للقرار 2254 بكل بنوده. لا ينبغي تضخيم أهمية اللجنة ولا التقليل منها. اللجنة جاءت إنقاذاً للعملية السياسية التي بقيت متوقفة قرابة ثلاث سنوات، واستطاعت للمرة الأولى أن تجمع على طاولة واحدة ممثلين عن النظام وعن المعارضة. وبات واضحاً الآن، كما سبق أن أكدنا أيضاً، أنّها لن تتمكن من إنجاز مهمتها دون السير بالتوازي في بقية مفردات القرار 2254 وضمناً (الحكم ذو المصداقية الشامل للجميع وغير الطائفي)”.

وعن الحلّ الذي يناسب “المنصة” لمشكلة استبعاد ممثلها عن هيئة التفاوض ووفد اللجنة الدستورية، يقول “ينبغي التذكير أنّ استبعاد ممثلنا مهند دليقان جرى بطريقة غير شرعية ومخالفة للنظام الداخلي لهيئة التفاوض. وبكل الأحوال، فاستبعاده جرى على أساس رأي سياسي قدّمه باسم منصة موسكو ككل، وذلك الرأي هو المطالبة بنقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق مع توفير الضمانات الأممية اللازمة لأعضائها”. وحول هذا الاقتراح، يشدد جميل أن المنصة “لا تزال مصرة عليه وعلى كونه صحيحاً وضرورياً لإنهاء كل مسرحيات التعطيل، ولتحويل عمل اللجنة إلى عمل يومي مستمر وصولاً إلى إنتاج الدستور الجديد خلال أقصر فترة ممكنة. كما أنّ وجود المعارضة في قلب دمشق يعني نقل البلاد إلى مرحلة جديدة سياسياً، لا يمكن أن تكون فيها العملية السياسية لعبة سياسية في جنيف كما يريد ويعبر البعض من الطرفين”. وباختصار، فإنه “بالنسبة للحل، فهو واضح، المخطئ عليه أن يتراجع عن خطئه”، على حدّ قوله.

مسار أستانة

وبحكم قرب المنصة وهو شخصياً من روسيا، استوضحنا ما إذا كان لدى الإدارة الروسية وجهة نظر معينة للحل طبقاً للظروف الحالية، سواء تم إطلاعه عليه، أو قرأها من خلال لقاءاته مع أعضاء منصته بهم، يشير جميل إلى “وجهة النظر التي نسمعها من الروس في الإعلام وفي الاجتماعات المغلقة هي ذاتها: 2254 كاملاً. أما تقديم رسمات تفصيلية للتطبيق حول سورية المستقبل، فهذه من العادات السيئة للدول الغربية التي لم تتخلّص بعد من عقليتها الاستعمارية”. ويضيف: “الروس لا يقدّمون وصفات جاهزة، ولكن يطلبون من مختلف الأطراف السورية أن تصل إلى توافق في ما بينها ويضغطون بالنصيحة وعبر علاقاتهم متعددة الجوانب، لجمع الأطراف السورية ولدفعها نحو التوافق”.

وبرز أخيراً التوجه الروسي لاستئناف لقاءات مسار أستانة بعد فشل الجولة الأخيرة من اللجنة الدستورية، وتم تحديد جولة جديدة من المسار (16 و17 فبراير الحالي)، مع اعتقاد بأن الروس، وبالمشاركة مع إيران وتركيا، يرغبون في إهمال مسار الدستورية، والعودة إلى أستانة بعد عام من توقفه. وعن رأيه في ما إذا كان يؤيد هذا الاعتقاد، يوضح جميل أن “هذا الاعتقاد لا أساس له من الصحة؛ فاللجنة الدستورية هي من إنتاج مسار أستانة نفسه الذي نظّم بشكل مشترك مؤتمر سوتشي الذي جرى فيه إقرار النقاط الـ12، وكذلك إقرار إنشاء اللجنة الدستورية بالتوافق مع القرار 2254”. ويرى رئيس منصة موسكو في هذا الصدد أن “الذين هاجموا اللجنة الدستورية مراراً وتكراراً ودعوا إلى دفن أستانة، هم المجموعة المصغرة بقيادة واشنطن، ولذا فقد كان تشكيل اللجنة من الأساس إنجازاً لأستانة وخسارة للمصغرة”.

وبرأي جميل، فإن “مسار أستانة لم يقدّم نفسه في أي يوم كبديل عن مسار جنيف، بل كداعم له، والدعاية الغربية ضد أستانة مسيسة وتتعلق بالصراع الدولي القائم، وليست تعبيراً عن رأي موضوعي بالمسار. وبكل الأحوال، فإنّ المسارات المختلفة (جنيف، أستانة، سوتشي)، ينبغي أن تصب في نهاية المطاف في التطبيق الكامل للقرار 2254 الذي سيطبق في سورية، وليس في أي مكان آخر”.

وقبل حوالي شهرين، خرج جميل بمؤتمر صحافي أشار خلاله إلى أن البلاد والسوريين، يعيشون أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، وطرح حلولاً، من بينها إخراج الوجود العسكري المتعدد، لكنه تجنّب الحديث عن الوجود العسكري الروسي. وعن سبب ذلك، يجيب جميل اليوم بأن “ما قلناه في المؤتمر الصحافي، هو أنّه لا حل اقتصادياً للأزمة الاقتصادية القائمة. الحل هو حل سياسي حصراً، وعبر تغيير جذري شامل للبنية التي لم تعد قادرة إلا على خلق المزيد من المشاكل والتعقيدات للناس. الحل السياسي هو وحده ما يسمح برفع أو تجاوز العقوبات الغربية الإجرامية التي لا تصيب سوى عامة السوريين، وما يسمح بإنهاء حالة تقطع أوصال البلاد، وللسوريين بالبدء بعملية تقرير مصيرهم بأنفسهم، ما يعني ضمناً تمكينهم من تغيير البنية المتوحشة للفساد الكبير التي تسيطر على القرار في الداخل السوري”. وبالنسبة للوجود العسكري الأجنبي، يضيف “نحن لم نتجنب ذكر أحد، نحن نطالب بخروج كل القوات الأجنبية من سورية على الإطلاق، الأميركية والروسية والتركية والإيرانية، وأولاً وقبل أي أحد آخر، قوات الاحتلال الصهيوني التي عليها الخروج من الجولان السوري المحتل كجزء من مفاعيل تطبيق القرار 2254 نفسه. نطالب بخروج الجميع، على الرغم من تمييزنا الواضح بين الأدوار المختلفة جذرياً التي تقوم بها القوات الأجنبية في سورية، ولكن تحقيق ذلك الخروج غير ممكن بلا حل سياسي شامل”.

اللامركزية… نموذج جديد

وخلال المؤتمر ذاته، وضع جميل رؤية لشكل الدولة المستقبلية، وشكل الحكم كذلك، معلناً أنهم يميلون للامركزية الإدارية. وعما إذا كانت اللامركزية قابلة للتطبيق في البلاد، في ظلّ وضع اقتصادي غير متوازن بين المحافظات، وما هو شكل اللامركزية التي يتصورونها، يقول جميل لـ”العربي الجديد”: “ما نطرحه يتجاوز الحديث عن لامركزية إدارية، ويتعارض مع طرح البعض للفدرالية. نطرح ضرورة صياغة علاقة جديدة بين المركزية واللامركزية، إذ إنه دون مركز قوي لا توجد دولة، خصوصاً في ظروف تقسيم الأمر الواقع الموجودة حالياً والتي لن تختفي من تلقاء نفسها بمجرد بدء الحل السياسي. ولكن أيضاً، دون قدرٍ من اللامركزية، لا يوجد شعب؛ أي لا توجد مساحة للتعبير عن إرادة الشعب إذا بقيت المركزية بشكلها المطلق القائم حالياً”.

ويشير رئيس منصة موسكو في هذا الصدد إلى أن “سورية بهذا المعنى، تحتاج إلى صياغة نموذج جديد يكون الأساس فيه هو دفع مركز السلطة نحو الشعب أكثر، عبر تمكينه من ممارسة سلطته ورقابته على أجهزة الدولة بشكل مباشر في كل مناطق سورية. وعبر تمكين الناس من اختيار ممثليهم ضمن السلطات الإدارية عبر الانتخاب، مثل انتخاب المحافظ مثلاً”. ويتابع: “لدينا تصورات تفصيلية حول العلاقة بين المركزية واللامركزية، ولكن بالتأكيد ليس لدينا ولا لدى أي جهة سورية تصور كامل، والوصول إلى تصور كامل هو عمل يتطلب بحثاً وحواراً يشمل كل القطاعات السورية ومن كل المناطق، وهذا النوع من الحوار الشامل سيكون الأساس لوضع الخريطة التفصيلية لسورية الجديدة”.

العربي الجديد

————————–

محطة قطرية – تركية في جولة لافروف العرب اللندنية

الدوحة – سجلت تركيا حضورها في الشأن الخليجي بقوة عندما شملت محطة الدوحة في جولة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اجتماعا ثلاثيا جمعه بنظيريه التركي مولود جاويش أوغلو، والقطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.

ورغم أن الشأن السوري هو الموضوع الذي أطّر زيارة لافروف، إلا أنّ روسيا لا تحتاج إلى المحطة القطرية للنقاش مع تركيا في ترتيبات الوضع السوري وكان واضحا أن الأتراك أرادوا أن يقولوا إننا موجودون في الخليج الآن.

وقال مراقبون إنّ أنقرة تريد أن تحوز المقاربة التركية – الروسية بشأن التسوية في سوريا على دعم خليجي بهدف إظهار وزنها الإقليمي في أيّ حوار مستقبلي مع الولايات المتحدة، وخاصة مع الإدارة الجديدة التي لا تظهر أيّ حماس لبناء علاقات مع أنقرة دون حلّ نقاط الخلاف الخاصة بحقوق الإنسان والتدخل في سوريا لفرض منطقة عازلة وتهديد الأكراد.

وأشار المراقبون إلى أن الاجتماع الثلاثي في الدوحة، ومشاركة جاويش أوغلو فيه كان الهدف التركي منه هو الاستثمار السياسي والإعلامي، مشيرين إلى أنّ تزامن وجود الوزير التركي في الدوحة لم يكن مبرمجا مسبقا ضمن أجندة لافروف، وأن جولة وزير الخارجية الروسي كان عنوانها خليجيا، ولو أراد الحوار مع تركيا لاتّجه إليها خاصة أن لقاءاته مع نظيره التركي شبه مستمرة سواء في أنقرة أو موسكو.

ويعتقد هؤلاء أن وجود الوزير التركي في لقاء الدوحة كان هدفه استثمار المناسبة لإظهار أن أنقرة شريك في مختلف تفاصيل الحل السوري، وأنها باتت حلقة وصل بين الروس والخليجيين، فضلا عن محاولة جذب قطر للتسوية وتبديد الصورة القديمة عن دورها الداعم لمجموعات إسلامية متشددة.

لكن الأمر يبدو صعبا بسبب سجل قطر في دعم المتشددين من ناحية، ومن ناحية أخرى، معاداة الرئيس السوري بشار الأسد الذي هو الحليف الرئيسي لموسكو، وقد تدخلت عسكريا في 2015 لتثبيته في الحكم.

ولم يخف الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، معارضته لعودة سوريا إلى الجامعة العربية في تناقض مع توجّه عربي جماعي لحلّ الأزمة في الفضاء العربي.

محمد بن عبدالرحمن آل ثاني: أسباب تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لا تزال قائمة

وقال إن “أسباب تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية في 2011 لا تزال قائمة”، في حين قال جاويش أوغلو إن التواصل الدولي مع حكومة الأسد في الآونة الأخيرة أعاق الجهود الرامية للتوصل إلى حل سياسي.

لكنّ وزير الخارجية الروسي سعى لإظهار أن اللقاء الثلاثي لا يتحمل أيّ تأويلات، وأن قطر لا يمكن بأيّ حال أن تكون شريكا رئيسيا في مستقبل الحل السوري، وأنها لا يمكن أن تحل محل إيران الضلع الثالث لمسار أستانة.

وقال لافروف إن الدول الثلاث لا تسعى لطرح بديل للجهود التي تبذلها تركيا وروسيا وإيران منذ عام 2017 للحد من القتال في سوريا ومناقشة حل سياسي.

وأضاف “لا يسعني إلا أن أرحّب برغبة قطر في الإسهام في تهيئة الظروف للتغلب على الوضع المأساوي الحالي في سوريا”.

ويسعى المسؤولون الأتراك، في كل مناسبة، لإظهار أفضالهم على نظرائهم، والهدف من وراء ذلك هو دفع الدوحة إلى ضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد التركي الذي يعيش وضعا صعبا بسبب الأجندات العدائية للرئيس رجب طيب أردوغان تجاه محيطه العربي والأوروبي.

وأشار محللون إلى أن جولة لافروف في الخليج، كان الهدف منها حشد الدعم الإقليمي لحل سريع في سوريا بعد مضي عشر سنوات على الحرب، وإظهار أن عرقلة هذا الحل جاءت من الولايات المتحدة، وخاصة في فترة الرئيس المتخلي دونالد ترامب الذي خلط الأوراق بمواقف متناقضة فيما يتعلق بالانسحاب من عدمه، والتدخل المباشر لحماية مواقع النفط بشكل غير دبلوماسي.

وشدّدوا على أنّ موسكو لن تسمح بأيّ أدوار جديدة يمكن أن تغطي على أهدافها سواء في توجيه رسالة قوية للإدارة الأميركية الجديدة بشأن الجهة التي تمسك بمفاتيح الحل، أو إلى الخليجيين كون روسيا حليفا موضوعيا لهم في مواجهة الضغوط الأميركية، متسائلين كيف يمكن أن يتخلّى الكرملين عن هذا ويسمح لأجندات صغيرة (تركية – قطرية) للتغطية عليه.

وقال وزير الخارجية التركي إن بلاده وروسيا وقطر تبذل محاولة مشتركة للدعوة إلى حل سياسي للصراع السوري المستمر منذ عشر سنوات.

وأعلن عن إطلاق “عملية تشاور ثلاثية جديدة… هدفنا هو مناقشة كيف يمكننا المساهمة في الجهود الرامية إلى حل سياسي دائم في سوريا”.

وأضاف أن الوزراء الثلاثة أكدوا في اجتماعهم أن الحل الوحيد للصراع الذي راح ضحيته مئات الآلاف وتشرد بسببه الملايين هو تسوية سياسية تتماشى مع قرارات الأمم المتحدة.

وذكر أنه قرر مع نظيريه القطري والروسي مواصلة الاجتماعات الثلاثية بشكل منتظم، وأن الاجتماع التالي سيعقد في تركيا.

مراقبون: وجود الوزير التركي في لقاء الدوحة كان هدفه استثمار المناسبة لإظهار أن أنقرة شريك في مختلف تفاصيل الحل السوري

وأشار إلى أن الاجتماع الوزاري الثالث ستستضيفه روسيا، وسيكون ذلك ضمن فترات معينة بغية تأسيس السلام والاستقرار الدائم في سوريا.

من جهته، قال الوزير القطري إن الوزراء بحثوا كذلك آليات إيصال المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، مضيفا أن هناك حاجة ماسة لتخفيف معاناة السوريين.

وفي بيان مشترك صدر عقب المحادثات، حث الوزراء الوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية على إعطاء أولوية لتطعيمات كوفيد – 19 داخل سوريا وتعزيز الجهود الرامية لتوصيل المساعدات الإنسانية.

كما شدد الوزراء على التزامهم بالحفاظ على استقلال سوريا وسلامة أراضيها.

———————-

رياض حجاب: مرتاحون للمسار الثلاثي الجديد ولا مستقبل للأسد في سورية

قال رئيس الوزراء السوري الأسبق، رياض حجاب، إن بقاء بشار الأسد في السلطة يشكل عبئاً على استقرار سورية مستقبلاً، مبدياً تفائله في “المسار الثلاثي” التشاوري حول سورية، والذي أعلن عنه في الدوحة اليوم الخميس، ويضم قطر وروسيا وتركيا.

“التغيير قادم وحقيقي”

وقال حجاب الذي شغل قبل سنوات، منصب رئيس “هيئة التفاوض العليا”، التي مثّلت المعارضة السورية في مسار جنيف، إن “الشعب السوري خُذل من المجتمع الدولي”.

واعتبر خلال مقابلة له على قناة “الجزيرة”، بثت مساء اليوم الخميس، أن “إسرائيل هي صاحبة المصلحة الأولى في بقاء بشار الأسد والحفاظ عليه، وكذلك إيران صاحبة مصلحة كبيرة في بقاء النظام، إضافة لروسيا”.

ولكنه رغم ذلك قال بأن “التغيير قادم وحقيقي” في سورية، لأن “الأسد مجرم فقد شرعيته ولا مصلحة للمجتمع الدولي بتعويمه”.

مرتاحون للمسار الثلاثي

وحول اجتماع وزراء خارجية قطر وروسيا وتركيا في الدوحة، اليوم الخميس، قال:”مرتاحون بالمسار الجديد الذي فيه بصمات عربية. تابعنا باهتمام هذا اللقاء الثلاثي والبيان الختامي”.

وأعرب حجاب الذي التقى اليوم وزير الخارجية التركي مولود جاوويش أوغلو، عن أمله في “أن يُحدث هذا المسار فارقاً في المستقبل، ويكون داعماً للمسار الأممي خاصة في تنفيذ القرار الدولي 2254”.

ترهل المعارضة

وقال حجاب الذي أعلن انشقاقه عن نظام الأسد منتصف سنة 2012 عندما كان يشغل منصب رئيس الوزراء، إن “هناك ترهل عام في المعارضة السورية ويجب إعادة هيكلتها مجدداً”، مشيراً إلى أنها عجزت عن “تشكيل بديلٍ مناسب عن النظام”، وهو شكل قلقاً إضافياً للمجتمع الدولي حول تغيير النظام حسب قوله.

لكنه رغم ذلك اعتبر أن من “جلد الذات الزائد تحميل المعارضة كل أسباب الفشل”، محملاً المسؤولية للمجتمع الدولي و”المسؤولية بالدرجة الأولى على الأمم المتحدة، وخاصة ديسمتورا الذي اشتغل على التماهي مع الموقف الروسي، وذهب للعمل في مساري آستانة وسوتشي وهو ما أضعف المبادرة الأممية، وادى لمزيد من تعنت للنظام وروسيا”.

الإدارة الجديدة في واشنطن

وحول رؤيته لتعاطي إدارة الرئيس الجديد للبيت الأبيض، جو بايدن، مع الملف السوري، قال بأن هذه الإدارة “مازالت تضع استراتيجيتها لمعالجة الملف السوري، وتحدثوا عن تعاون مع الحلفاء الغربيين والعرب في سورية”.

وتمنى حجاب أن “تعود مجموعة أصدقاء سورية للتشكل، وأن تعود القضية السورية إلى الواجهة بعد أن تراجعت عن أولويات المجتمع الدولي بعد انفجار أزمات جديدة في دول أخرى مثل ليبيا واليمن وشرق المتوسط وغيرها”.

وقال إن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، أخطأت في تعاطيها مع حراك الشعب السوري و”قرأنا في مذكرات أوباما انه يلوم نفسه على ذلك”.

وأشار في نفس الوقت، إلى أن هناك “تحركات إيجابية من الجالية السورية في الولايات المتحدة، والكونغرس الأمريكي أصدر قانون قيصر، والآن هناك مشاريع أخرى في الكونغرس تدفع باتجاه عدم التخلي عن الضغط على نظام الأسد. نتمنى نجاح هذه الجهود لإبقاء الضغوط على النظام”.

مشهد محزن في كل مناطق النفوذ

وحول الأوضاع داخل سورية، قال إن “المشهد العام في كل مناطق النفوذ، هو فوضى عارمة، و فلتان أمني، في ظل وضع اقتصادي متدهور، وللأسف المواطن السوري هو الذي يدفع الثمن الأكبر”.

وتابع أن “المشهد مزعج جداً، هناك تنافس روسي –إيراني وتنافس بين الميليشيات التي تتنافس على المنافع. نفس الأمر في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية هناك اغتيالات وفوضى. وكذلك في مناطق سيطرة المعارضة التي ما زالت تشهد تفجيرات مستمرة، والتنسيق بين الفصائل الكثيرة المسيطرة ضعيف والوضع غير مستقر في كل سورية”.

وحمّل نظام الأسد مسؤولية كل ما آلت إليه الأوضاع، معتبراً أن “سياسة النظام في تطبيق شعار الأسد او نحرق البلد، هي من أوصلت السوريين إلى هذا الوضع المأساوي والبلد إلى حافة الانهيار”.

لا شرعية للانتخابات

وتسائل حجاب:”ما هو البرنامج الانتخابي لبشار الأسد، هل مزيد من الفقر والجوع؟ ماذا سيقدم بشار الأسد للسوريين؟”، قائلاً إن الأسد “يريد من الانتخابات، أن يعزز موقفه التفاوضي، ويُفشل المحاولات الأممية لحصول أي اصلاح دستوري حقيقي، وأن يقطع أي محاولة دولية من أجل الحديث عن مصيره”.

واعتبر أن “روسيا وايران تدعم وتعمل بكل السبل من أجل شرعنة هذه الانتخابات، ولكنها لن تكون شرعية مهما حصل”، مشيراً إلى أن “بشار الأسد أمام مأزق كبير، فطهران غير قادرة على الدعم المادي بسبب العقوبات المفروضة عليها، وروسيا قالت أيضاً إنها غير قادرة على تقديم دعم مادي”.

وبينما تحدث عن “تفكك الدائرة الضيقة لبشار الأسد، وظهور خلافاته” مع رامي مخلوف وغيرها إلى العلن، فإنه رأى بأن “بشار الأسد لن يكون رجل المرحلة المقبلة لأنه اصبح عبئاً على سورية والسوريين. ذهاب الأسد لن يخلق فوضى، بل بقائه هو الذي يسبب الفوضى”.

———————-

حجاب: بشار الأسد انتهى والأيام القادمة تحمل الانفراج للسوريين

أكد رئيس الوزراء السوري المنشق عن نظام الأسد “رياض حجاب” أنه لن يفرط بثوابت الثورة السورية، كاشفا أن “الأيام القادمة تحمل الانفراج للسوريين وأن التغيير قادم وحتمي لن يكون فيه بشار الأسد رئيساً”.

وشدد “حجاب” في مقابلة مع قناة “الجزيرة” مساء الخميس، على أنه لا يمكن إعادة تعويم بشار الأسد دولياً، كما أن الانتخابات الرئاسية التي يزمع النظام إقامتها غير شرعية، معتبرا أن بشار الأسد انتهى وليس هو رجل المرحلة القادمة.

وأوضح “حجاب” الذي شغل منصب “رئيس هيئة التفاوض العليا”، أن محاولات روسيا في إعادة تعويم النظام لن تنجح، كما أن إيران غير قادرة على إنقاذه اليوم، مشيرا إلى أن سياسة “الأسد أو نحرق البلد” هي من أوصلت سوريا إلى هذا الحال.

وقال: “ما هو البرنامج الانتخابي لبشار الأسد، هل هو مزيد من الفقر والجوع؟ ماذا سيقدم بشار الأسد للسوريين؟”، مبينا أن “الأسد يريد من الانتخابات، تعزيز موقفه التفاوضي، وإفشال المحاولات الأممية تجاه أي إصلاح دستوري حقيقي”.

وأضاف أن بقاء بشار الأسد في السلطة يشكل عبئاً على استقرار سوريا، لأنه مجرم وفقد شرعيته ولا مصلحة للمجتمع الدولي بتعويمه من جديد، ولذلك فإن التغيير قادم وحقيقي في سوريا.

وحمل نظام الأسد مسؤولية كل ما آلت إليه الأوضاع، معبرا عن حزنه لما آلت إليه أحوال السوريين في مناطق سيطرة نظام الأسد، حيث يكثر مشهد الفوضى العارمة، والفلتان الأمني، والوضع الاقتصادي المتدهور، والتنافس الروسي والإيراني على المنافع وهذا ما ينطبق على الميليشيات الموالية لهما.

وقال “حجاب” إن وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” أجرى جولة خليجية لعودة نظام الأسد إلى الجامعة العربية لكنه تلقى رفضا واضحاً، مضيفا في الوقت ذاته أن إسرائيل صاحبة المصلحة الأولى في بقاء بشار الأسد في السلطة تليها إيران.

وتابع: “إن الشعب السوري نزع الشرعية عن بشار الأسد.. وهو الشعب السوري ذاته الذي خذل من قبل المجتمع الدولي”، محملا المسؤولية أيضا للمجتمع الدولي والأمم المتحدة، والمبعوث الأممي “ديسمتورا”، الذي عمل على التماهي مع الموقف الروسي، وذهب للعمل في مساري “آستانة وسوتشي”، وهو ما أضعف المبادرة الأممية، وبالتالي المزيد من تعنت النظام وروسيا.

وفيما يتعلق بالمسار الثلاثي القطري التركي الروسي، أبدى حجاب تفاؤله قائلا: “مرتاحون بالمسار الجديد الذي فيه بصمات عربية. تابعنا باهتمام هذا اللقاء الثلاثي والبيان الختامي، معربا عن أمله في أن يُحدث هذا المسار فارقاً في المستقبل، ويكون داعماً للمسار الأممي خاصة في تنفيذ القرار الدولي 2254.

وعن أداء المعارضة السورية قال: “هناك ترهل عام في المعارضة السورية ويجب إعادة هيكلتها مجدداً، فهي عجزت عن تشكيل بديلٍ مناسب عن النظام، وهو ما شكل قلقاً إضافياً للمجتمع الدولي حول تغيير النظام”.

وتطرق “حجاب” إلى الموقف الأمريكي تجاه سوريا، مشيرا إلى أن إدارة “بايدن” مازالت تضع استراتيجيتها، فيما أخطأت سياسة الرئيس الأسبق “باراك أوباما” في تعاطيها مع الملف وهذا ما ظهر واضحا في مذكرات الأخير.

——————————–

ما إمكانية تشكل كتلة وطنية عريضة في المرحلة القادمة | حوارية مشتركة لنخبة من المثقفين

https://www.youtube.com/watch?v=WU28bNk8MHE

————————

برنامج سيناريوهات: عشر سنوات على الثورة السورية..التحديات وملامح المرحلة المقبلة

د.رياض حجاب مباشر على قناة الجزيرة

https://www.facebook.com/watch/live/?v=1165883667201562&ref=watch_permalink

————————-

================

تحديث 13 أذار 2021

———————–

التحالفات الديمقراطية السورية .. سطور في رمال/ راتب شعبو

مع اقتراب الذكرى العاشرة للثورة السورية، يتساءل المرء عن أسباب التعثر المتكرّر لمحاولات تجميع القوى الديمقراطية السورية، بين الذاتي والموضوعي. هل المشكلة في أن السوريين لا يجيدون العمل المشترك فيما ينجحون أفراداً؟ أم أن الحدود الموضوعية (تعقد الموضوع السوري وهامشية تأثير السوريين على موضوعهم وشأنهم الخاص، بعد تحوّل سورية إلى مناطق نفوذ، وتوضع قوى سورية مسيطرة على الأرض من طبيعة متشابهة وتشكل موطئ قدم لنفوذات خارجية مباشرة.. إلخ) تثقل على المحاولات، وعلى النفوس، وتحبطها عن العمل؟

ماذا يمكن للذات السورية التي تهدف إلى تحرير الدولة السورية من قبضة سلطةٍ تستعمرها وتسخّرها لمصالحها الضيقة، كي تعود (الدولة) إلى كونها مؤسسةً عامة، وتريد تحرير سورية من سيطرة القوى الأجنبية، وتحرير الإنسان السوري من سيطرة جماعات محلية تفرض نفسها بالقوة: ماذا يمكن لهذه الذات أن تفعل في الظروف المتاحة اليوم؟ من أين تبدأ، من تثقيل حضورها السوري، كي تتمكّن من بناء علاقةٍ متوازنةٍ مع قوى خارجية من موقع غير تابع؟ ولكن هل تستطيع في الظروف القائمة أن تعزّز ثقلها السوري من دون مساندة ودعم من قوى خارجية؟ أم تبدأ ببناء علاقة مع قوى خارجية، بحيث تستثمر هذه العلاقة بتثقيل حضورها السوري؟ ولكن هل تستطيع أن تحافظ على استقلالها ونزاهتها في علاقتها مع الخارج، فيما هي لا تملك ثقلاً سورياً؟ أليس هذا حال الهيئات الرسمية للمعارضة السورية التي تشكل تبعيتها المبرّر العام لسعي الديموقراطيين السوريين للبحث عن بديل؟

يشكّل ما سبق خلفية التعثر المتكرّر للمحاولات التنظيمية السياسية للديموقراطيين السوريين في الخارج. ومن النماذج التي يمكن عرضها عن هذه الحال تجربة اللقاء السوري الديموقراطي، وهو إحدى المحاولات المشار إليها.

التقى في يوليو/ تموز 2018 في باريس ممثلو 24 مجموعة سياسية ومدنية سورية، بمبادرة من “حركة ضمير” غير السياسية، والتي تحرّكت بدافع “ضميري” سياسي، لتفعيل عمل مشترك بين مجموعاتٍ لا يوجد ما يبرّر تناثرها وتباعدها، وربما جهلها بعضها بعضاً. لدينا ما يدفعنا إلى الاعتقاد أن كون حركة ضمير غير سياسية، فضلاً عن القيمة المعنوية لأفرادها وجهدهم في التواصل والتنسيق مع المجموعات، كان من أهم أسباب نجاحها في لمّ شمل هذه المجموعات التي كان يمكن أن تتردّد، باعتقادنا، لو جاءت الدعوة من طرف سياسي قد تبدو دعوته في عيون بعضهم مسعى للبروز وتحقيق القيمة التي يستجرها بشكل تلقائي مجرّد السعي إلى جمع إرادة السوريين.

على أي حال، رأت القوى المجتمعة أن التشكيلات المعارضة السورية المعترف بها دولياً واقعة تحت تأثير الدول التي تحتضنها، وغير مستقلة في قرارها، ولا يمكنها بالتالي أن تمثل الشعب السوري في سعيه إلى التحرّر. على هذا، تم الاتفاق على تشكيل جسم تحالفي مستقل في قراره وفي تمويله (تمويل ذاتي)، يسعى إلى ملء ما اعتبروه فراغاً أو شبه فراغ للمكان الديموقراطي في اللوحة السورية التي سيطر عليها النظام من جهة والقوى الإسلامية والكردية غير الديموقراطية من جهة ثانية. وعلى تفاوت حجمها وثقلها وتاريخها، كان لدى هذه المجموعات ما يكفي من التقاطعات، ومن الحماس للعمل المشترك، وعبر بعضها عما يتجاوز العمل المشترك إلى أفق الاندماج، أو حتى الاندماج المباشر، سيما أن التباين السياسي بينها ليس كبيراً، ولا يتعدّى ما يمكن وجوده بين أعضاء الجماعة الواحدة.

سمّت المجموعات لقاءها الأول “اللقاء التشاوري” بما يدلّ على طبيعته بوصفه محطّة للتشاور والتفكير في العلاقة التي يمكن صياغتها فيما بينها، وبما يمكن التوافق عليه، وما يمكن عمله.. إلخ. بعد سنة ونصف من هذا، وبعد وضع ورقةٍ سياسيةٍ مشتركة ونظام داخلي (استغرق وضعها كثيراً من العمل والاجتماعات، وقد وقع العبء الأساسي على كاهل بضعة أفراد تجاوزوا الجميع في جهدهم ومثابرتهم وحرصهم على نجاح اللقاء)، نجحت هذه القوى بعقد مؤتمرها الأول في باريس أيضاً، في يناير/ كانون الثاني 2020. خلال هذه الفترة، انسحبت بضع قوى، منها من انقطع عن التواصل من دون سبب واضح، ومنها من اعترض على الورقة السياسية، وهذا شمل، بوجه خاص، القوى الكردية التي كانت مشاركةً في اللقاء التشاوري، فوصل اللقاء إلى مؤتمره الأول، ناقصاً في عدد القوى، وخالياً من أي قوةٍ كردية.

انتخب المؤتمر هيئة تنفيذية، وسرعان ما برزت أمامه مشكلةٌ لم تكن في الحسبان، وهي أن الهيئة التنفيذية اختارت لموقع منسق اللقاء شخصية نشيطة، ولكن لها مشاركة في اللجنة الدستورية، وفي مبادرة سورية الاتحادية التي كان لها حضور في ذلك الوقت، وهما محط خلاف بين القوى المعارضة. رأت القوى المتحالفة أن هذا الاختيار سوف يعطي للقاء هوية محدّدة، لا تعكس هويته، على اعتبار أن هوية الشخص الأول في أي تشكيلٍ تؤخذ على أنها هوية التشكيل.

حين حاولت القوى معالجة الأمر في اجتماع استثنائي وافق فيه الجميع (ما عدا المكوّن الذي تنتمي إليه الشخصية المشار إليها) على استبعاد هذه الشخصية من الموقع الأول في اللقاء، انسحبت الشخصية ومكونها من اللقاء، فاستكملت الهيئة التنفيذية، واختير شخصٌ آخر ذو خبرة ليكون منسق اللقاء. بعد أسابيع قليلة، استقال هذا الشخص فجأة من دون أن يوضح السبب، ثم انسحبت الجماعة التي ينتمي إليها من اللقاء. ليتبيّن لاحقاً أن السبب هو خلاف شخصي مع أحد أعضاء الهيئة التنفيذية. بعد ذلك، أُعيد انتخاب هيئة تنفيذية جديدة بمنسّق جديد، تولت العمل حتى المؤتمر الثاني الذي عقد في 24 فبراير/ شباط 2021.

يمكن عزو التعثر المذكور إلى أن اللقاءات تحتاج إلى بعض الوقت كي تستقر. ولكن السنة الفاصلة بين المؤتمرين تميّزت بضعف النشاط والحماس، وكانت كافيةً لأن يصبح عدد القوى المشاركة عشرة فقط، ولأن تفكّ القوى في المؤتمر الثاني تحالفها، وتتحوّل إلى منصّة أو ملتقى للنقاش وتبادل الرأي، وربما الاتفاق على بيان أو حملة مناصرة أو ما شابه، من دون قيادة ومن دون التزام متبادل.

نموذج عن محاولةٍ استهلكت الوقت والمال والجهود، وانتهت من دون أن تترك أثراً في الموضوع الذي تصدّت له، كأنها خطّت سطراً في رمال. يبقى ما يلفت النظر أن القوى التي شاركت في هذا التحالف تستمر في نشاطها، وكانت غالبيتها، طوال الوقت، أكثر حضوراً من اللقاء السوري الديموقراطي نفسه. كما لو أنه كلما اتجهنا صوب الفردية، كان الأداء أفضل.

العربي الجديد

—————————

لماذا أسست روسيا «منصة ثلاثية» جديدة لسوريا؟/ إبراهيم حميدي

الاختبار الأول لـ«المنصة الثلاثية» حول سوريا، التي أطلقتها روسيا مع تركيا وقطر بغياب إيران، سيكون النجاح بعقد اجتماع الجلسة السادسة للجنة الدستورية قبل حلول شهر رمضان في منتصف الشهر المقبل، كما وعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام اجتماع «المنصة» في الدوحة أول من أمس.

– الموقف الأميركي

بداية، جاء تأسيس «المنصة الثلاثية» الجديدة في لحظة هجوم دبلوماسي روسي خلال المرحلة الانتقالية الأميركية. الواضح، أن سوريا ليست أولوية لإدارة الرئيس جو بايدن، إذ تجري حالياً عملية مراجعة للسياسة الأميركية تجاه سوريا بقيادة مسؤول الشرق الأوسط الجديد في مجلس الأمن القومي بريت ماغورك. وكل المؤشرات، تدل على أن الأميركيين قرروا البقاء في شمال شرقي سوريا، وأن هذا الوجود لن يكون عرضة لتغريدات مفاجئة من بايدن، كما كان يحصل مع سلفه الرئيس دونالد ترمب. ستبقى أميركا تعبر عن «الموقف الأخلاقي» ذاته من الأزمة السورية، لكنها «لن تجد نفسها مكلفة بالقيام بأي شيء ملموس» باعتبار أنها «لا تريد أن تكون شرطي العالم».

الشيء الثابت هو العودة إلى المصلحة المباشرة المتمثلة بقتال «داعش» والاكتفاء بدعم سياسي لتنفيذ القرار 2254 وتقديم مساعدات إنسانية، وحديث خطابي عن موضوع المساءلة والمحاسبة. ومن المؤشرات الأخيرة إلى ذلك، أن وزير الخارجية طوني بلنكين قرر إلغاء تقديم خطاب تلفزيوني إلى مؤتمر بروكسل للمانحين في 30 الشهر الجاري. ستقدم واشنطن وعوداً مالية في المؤتمر، لكن الوفد سيقوده السفير الأميركي وليس وزير الخارجية. بدلاً من ذلك، قرر بلنكين الدعوة مع بلجيكا إلى مؤتمر للتحالف الدولي ضد «داعش» في 30 الشهر الجاري، يوم انعقاد مؤتمر بروكسل.

– الأولويات واضحة

يضاف إلى ذلك، أن المؤسسات الأميركية تجري مراجعة لآثار العقوبات بما فيها «قانون قيصر» على مواجهة «كورونا» والوضع الإنساني. ويعتقد أن هذا سيكون له أثر في سرعة إصدار قوائم جديدة من العقوبات، من دون أن يعني ذلك تغيير «قانون قيصر» المقر من الكونغرس الذي يسعى بعض أعضائه لفرض عقوبات إضافية.

لكن الجانب الأميركي وافق مبدئياً على إصدار بيان رباعي مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا غداً، يتضمن مبادئ الموقف السياسي في مناسبة الذكرى العاشرة للأزمة السورية في 15 الشهر الجاري، الأمر الذي سيقوم به الاتحاد الأوروبي أيضاً بإصدار بيان باسم الدول جميعاً، تضمنت مسودته عناصر، بينها أنه لا مشاركة في إعمار سوريا «قبل تقدم جوهري في العملية السياسية»، وأن «أي انتخابات سورية لا تجري وفق القرار 2254، لن تكون سبباً لتطبيع العلاقات مع دمشق»، إضافة إلى القول إن «جذور الأزمة» التي كانت سبباً للشرارة في 2011 لا تزال قائمة.

– الهجوم الروسي

أمام هذه الصورة والتوتر الأوسع بين واشنطن وموسكو، قررت روسيا القيام بـ«غزل» جديد لدول عربية أساسية. الهدف، محاولة جديدة لإقناعها بالتطبيع مع دمشق وإعادتها إلى الجامعة العربية، إضافة إلى المساهمة في إعمار سوريا وتقديم مساعدات إنسانية. البعض يرى أن «أسباب تجميد عضوية دمشق لا تزال قائمة»، وأنه «لا بد من حل سياسي يرضي الأطراف السورية»، وأن «الميليشيات الطائفية تعرقل الحل ولا بد من خروجها من سوريا»، فيما يرى آخرون أن «قانون قيصر» يحد من إمكانات التطبيع سواء من الدول أو القطاع الخاص. وقال لافروف في مؤتمر صحافي مع نظيريه القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والتركي مولود تشاووش أوغلو: «ليس بوسعي إلا أن أرحب ببلورة موقف جماعي لدى الدول العربية بشأن ضرورة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية. وأعتقد أن هذا سيكون قراراً موحداً سيلعب دوراً إيجابياً في استقرار الأوضاع في هذه المنطقة الكبيرة برمتها».

لكن الواضح أن «الموقف الموحد» لم يتبلور بعد، فكان الاهتمام حالياً بإطلاق «منصة ثلاثية» جديدة تضم تركيا وقطر. وإذا كانت «منصة آستانة» بمشاركة روسيا وتركيا وإيران أطلقت في مايو (أيار) 2017، للتركيز على البعد العسكري والتوصل إلى اتفاقات «خفض التصعيد» قبل أن تتحول إلى البعد السياسي بعقد «مؤتمر الحوار الوطني» في سوتشي بداية 2018، ثم التركيز على المسار الدستوري باجتماع ثلاثي لـ«الضامنين» بداية العام، فإن الواضح أن «المنصة» الجديدة تركز في شكل مباشر على بعدين: إنساني ودستوري… وفي شكل غير مباشر على بعد سياسي – عسكري: مواجهة الأكراد، خلفاء واشنطن.

– اتفاق خطي

إذا كانت «منصة آستانة» سحبت تركيا من «مجموعة لندن 11» التي كانت تقودها أميركا لدول تدعم المعارضة، فإن «المنصة» الجديدة وضعت قطر أيضاً في مجموعة جديدة شكلتها روسيا. وكان لافتاً أن البيان الثلاثي، يشبه إلى حد كبير بيانات «مجموعة آستانة»، خصوصاً الأخير الخاص بـ«الدستورية».

لكن الأبرز، هو ثلاث نقاط: الأولى، «التأكيد على مكافحة الإرهاب في جميع صوره وأشكاله والوقوف في وجه الأجندات الانفصالية». المقصود هنا، «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من أميركا. اللافت، أن يأتي هذا بعدما تأكد أن الوجود الأميركي شرق الفرات بات ثابتاً مع إدارة بايدن، حيث يقود الملف السوري ماغورك الذي تعده أنقرة «متعاطفاً» مع الأكراد إلى حد أن مسؤولين أتراكاً سموه «لورانس الأكراد» تشبيهاً بـ«لورانس العرب» في بدايات القرن الماضي. ولم تكن صدفة، حملة التصعيد السياسية والعسكرية من موسكو وأنقرة ودمشق ضد «الإدارة الكردية» في القامشلي أمس.

الثانية، التأكيد على «الحاجة لزيادة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى جميع السوريين بمختلف أرجاء البلاد». بالنسبة إلى أنقرة، تفسر هذه العبارة بأنها مقدمة لتمديد روسيا لقرار إيصال المساعدات «عبر الحدود» لدى انتهاء ولاية القرار الحالي في منتصف يوليو (تموز) المقبل. لكن بالنسبة إلى موسكو، فإن هذا قد يكون منصة لمساهمة قطر وتركيا في إعمار سوريا بطريقة ما من البوابة الإنسانية، أمام معارضة أوروبا وأميركا.

الثالثة، دعم المسار الدستوري عبر «التأكيد على الدور المهم للجنة الدستورية وضمان احترام الأطراف السورية معايير العمل». خطة الوزراء الثلاثة، هي عقد اجتماع الجلسة السادسة قبل شهر رمضان. قبل الاجتماع الثلاثي كان رئيس «الوفد المدعوم من الحكومة» أحمد الكزبري قدم ورقة للاتفاق مع رئيس وفد «هيئة التفاوض» المعارض هادي البحرة على آلية صوغ الدستور. مساء أول من أمس، أرسل البحرة ورقة مضادة إلى المبعوث الأممي غير بيدرسن الذي سيرسلها إلى الكزبري.

عليه، فإن الاختبار هو إمكانية التوصل إلى اتفاق خطي كما يريد بيدرسن حول آلية عمل «الدستورية» وعقد جلسة جديدة خلال أسابيع. موسكو تضغط بهذا الاتجاه، لكن الأيام ستكشف موقف طهران التي لم تحضر اجتماع الدوحة وموقف دمشق من مخرجات هذه «المنصة» الجديدة التي تحولت إلى مسار دائم. عقد ممثلو الدول الثلاث ثلاثة اجتماعات غير معلنة وسيعقدون اجتماعهم المقبل في تركيا ثم روسيا.

الشرق ا|لأوسط

—————————

الائتلاف السوري يرحّب بمخرجات اللقاء الثلاثي في الدوحة.. وتظاهرات ضد النظام بإدلب وحلب/ عدنان أحمد

رحّب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، اليوم الجمعة، بمخرجات قمة الدوحة التي جمعت وزراء خارجية قطر وتركيا وروسيا، فيما خرج آلاف الأشخاص في تظاهرات شمالي سورية، بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة.

وذكر الائتلاف المعارض، في تصريح صحافي، أن “جميع السوريين يشعرون بالاطمئنان حين تكون دول شقيقة وصديقة مشاركة في أي مبادرة من شأنها تخفيف معاناتهم وتقديم الإغاثة لملايين المهجرين والنازحين من أبنائهم”، في إشارة إلى مشاركة قطر وتركيا في القمة التي شهدتها العاصمة القطرية الدوحة يوم أمس الخميس.

وأضاف أنه “بالرغم من إدراكنا لطبيعة الدور الروسي الهدّام والمعطل لكل مسارات الحل، وبالرغم إصرار الكرملين على دعم النظام ومشاركته القتل والتهجير، فإننا على ثقة بالأشقاء في تركيا وقطر وقدرتهم على تنسيق جهودهم والمساهمة في هذا الملف بطريقة تلتقي مع المصالح الحقيقية للشعب السوري، وبما يحول دون استغلاله من قبل النظام وحلفائه أو توظيفه للإضرار بالمدنيين”.

وأكّد الائتلاف، في التصريح، أن “رؤيته للحل كانت ولا تزال وستظل مرتكزة إلى الشرعية الدولية، وعلى أي مبادرة دولية أو مسعى لإنقاذ الشعب السوري ينطلق من تنفيذ القرارات الدولية، ومحاسبة مجرمي الحرب، وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، بالتوازي مع العمل من أجل الانتقال إلى نظام سياسي مدني وفق مقتضيات بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254”.

وكان وزراء خارجية قطر وتركيا وروسيا أصدروا، أمس، بياناً مشتركاً أكّدوا فيه على الحفاظ على استقلال وسيادة سورية، وأنه لا حل عسكرياً للأزمة.

من جانبه، قال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، إنهم بدأوا عملية تشاورية جديدة في الشأن السوري مع وزيري خارجية قطر وروسيا تهدف للتوصل إلى حل سياسي دائم في سورية.

وأكد على أنه “لا يمكن إنهاء الصراع في سورية إلا من خلال إيجاد حل سياسي، لذا يجب الضغط على النظام السوري لكسر الجمود في الوضع الراهن”.

في سياق متصل، خرج آلاف المتظاهرين في إدلب وحلب، وبخاصة في المخيمات الحدودية، في تظاهرات تحت اسم “في تمام العقد نجدد العهد” وذلك بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة التي اندلعت في مارس/ آذار عام 2011.

وأكّد المتظاهرون، الذين تجمّعوا في ساحات مدن إدلب وسلقين وحارم وإبلين، ومدينة الباب شرقي حلب، على الاستمرار بالمشاركة بالثورة حتى إسقاط النظام وكافة رموزه، كما طالبوا بالإفراج عن المعتقلين، والسماح للمهجّرين بالعودة إلى مدنهم وبلداتهم، التي تسيطر عليها قوات النظام وميليشياتها.

    مع بدء فعاليات ذكرى الثورة.

    الآن: مظاهرة شمال إدلب، في الذكرى العاشرة لانطلاق #الثورة_السورية pic.twitter.com/rxSVbnVu1D

    — د.عبد المنعم زين الدين (@DrZaineddin) March 12, 2021

روسيا تسيطر على حقل غاز

ميدانيّاً، نقلت القوات الروسية الموجودة في سورية، اليوم الجمعة، راداراً لكشف الأنفاق إلى قاعدة حميميم الموجودة في ريف مدينة اللاذقية غربي البلاد، فيما سيطرت مجموعات تتبع لها على حقل توينان للغاز الواقع في البادية بين محافظتي الرقة وحمص.

وبحسب ما ترجم موقع “روسيا اليوم”، نقلاً عن وكالة “تاس الروسية”، فإنه يمكن استخدام الرادار للبحث عن أنفاق تحت الأرض. وقال نائب قائد قوات الهندسة العسكرية الروسية التابعة لمجموعة القوات الروسية في سورية بافيل ريوتسكي إن رادار ” أوكو-3″ رادار جيولوجي مخصص للبحث عن أماكن جوفاء ليس في الأرض فقط فحسب بل وفي بيئات أخرى مثل الخرسانة، كما يمكن استخدامه لأغراض مدنية في التنقيب الجيولوجي.

وفي سياق منفصل، وصلت مجموعات من “الفيلق الخامس” الذي تدعمه روسيا إلى حقل توينان للغاز شرقي سورية، بعد انسحاب الميليشيات الإيرانية التي كانت تسيطر عليه لأسباب مجهولة.

وذكر موقع “عين الفرات” المحلي أن سبع آليات عسكرية روسية محملة بالجنود إضافة لثلاث حافلات على متنها عناصر من الفيلق الخامس، وصلت إلى حقل توينان للغاز، وتمركزت فيه.

ولفت إلى أن هذه الخطوة تأتي ضمن التفاهمات التي يجريها الطرفان في المنطقة، والتي لم تتضح كامل معالمها بعد، وأشار إلى أنَّ القوات الروسية والميليشيات الإيرانية تعملان على تقاسم مناطق النفوذ وإعادة رسم خارطة السيطرة بمناطق البادية التابعة لريفي الرقة وحمص، حيث أخلت القوات الروسية مطار التيفور في ريف حمص لصالح الميليشيات الإيرانية، وخرجت الأخيرة من مطار تدمر العسكري لتبسط القوات الروسية سيطرتها المطلقة عليه.

وكانت مصادر كشفت لـ”العربي الجديد” أن القوات الروسية زادت في الآونة الأخيرة من حملات التجنيد للشبان في مناطق النظام، بعد تكثيف تنظيم “داعش” هجماته على قوافل نفطية ونقاط عسكرية للمليشيات المرتبطة بروسيا ضمن البادية الممتدة من محافظة دير الزور شرق البلاد، وصولاً إلى مدينتي تدمر والسخنة شرق حمص.

—————————

سوريون مصابون بذعر التغيير/ عبد الرزاق دياب

شهدت الأيام الأخيرة جدلاً سورياً داخل كل الأطياف سواء الموالية لنظام الأسد أو المعارضة له حول من سيخلف بشار الأسد في سدة الحكم، وترافق الجدل مع تصريحات السيد رياض حجاب عن نهاية زمن الأسد واقتراب الحل السياسي، وتوافقات دولية بدأت بإعادة تفعيل الملف السوري آخرها لقاء الدوحة، وارتباط هذا الملف بجملة ملفات أخرى في المنطقة.

الجدل السوري ارتفعت حدته مع الترويج -الذي توقف- عن مجلس عسكري بقيادة مناف طلاس يكون بديلاً انتقالياً عن الأسد، وبالتالي إنشاء جسم عسكري بين المعارضة والنظام يقود مرحلة انتقالية قبل الانتخابات، وهذا ما وجد فيه البعض إعادة لإحياء النظام بوجوه جديدة وبإرادة روسية بموافقة أميركية غير معلنة، ورأى فيه آخرون محاولة مقبولة للتغيير، وأما الكتلة الصلبة من الموالين والرماديين فأعادت أسطوانة الولاء للأسد، وإعادة انتخابه كاستحقاق دستوري سوري لا بديل عنه.

عاد الجدل منذ أيام قليلة حول شخص رياض حجاب كبديل عن بشار الأسد حيث رأى كثيرون في لقائه مع قناة الجزيرة والاجتماعات التي عقدها أخيراً مؤشراً عن اهتمام دولي بشخصه، وهذا ما فتح حروباً على مواقع التواصل بين مؤيد لتلك الفكرة ورافض لها، وبين من يرى فيها مجرد عبث يسبق انتخابات الرئاسة التي يديرها النظام في الداخل كأمر واقع فيما بقية الأطياف الأخرى تعوّل على أوهام الخلاص بسيناريوهات سبق لها أن عجزت عن تقديم حلّ ينهي مأساة السوريين الإنسانية، وإخراجها من لعبة الاستقطابات الدولية والإقليمية.

الموالون ممن يعلنون انتماءهم لصنف العقلاء قالوا إن ما يحصل الآن لم يكن يحتاج إلى عشر سنوات من الحرب والخراب الاقتصادي إذا كان سيطرح من جديد عودة حجاب فلماذا كانت الثورة، وأما المتشنجون فرفضوا قطعاً إعادة خائن لحكم بلاد دفعت مئات الآلاف من شهداء الجيش والقوات الموالية.

كاتب معارض رأى فيما يحصل هدفاً غير معلن لمن يقفون خلف إعادة تعويم حجاب فهم أرادوا أن يمنحوا السوريين الذين يعيشون أقسى مراحلهم إبرة مخدرة ريثما يتم ترتيب أمر آخر يعطي الأسد وحلفاءه مزيداً من الوقت لترتيب أوضاعهم.

آخرون ممن يحلمون بكثير من العدالة والنزاهة في محاسبة النظام على جرائمه يرون أنه حتى لو تم استبعاد الأسد عن السلطة فهذا لن يكون إلا خطوة صغيرة في التغيير الذي يجب أن يكون مترافقاً مع محاكمة للمسؤولين عن القتل وتدمير حياة السوريين واقتصادهم، وهذا يعني بالضبط التغيير الكلي للنظام وأجهزته الأمنية والسياسية المسؤولة عن كل هذه المذبحة.

في كل السيناريوهات المطروحة لم يتوافق السوريون على إنهاء مصيبتهم، وبعضهم أعلن صراحة عن حسده للتوافق الليبي، والأفغاني، وظهروا كمن يخشى التغيير بكل أشكاله المرحلية والمؤقتة، وتعاملوا مع مأساتهم كأنها منفصلة عما يحصل في المنطقة والعالم.

المعارضة لم تستطع خلال عشر سنوات تقديم مشروعها البديل، وخسرت قاعدتها التي باتت لا تثق بأدائها وتراها جزءاً من المأساة، وأن إدارة كارثة وطنية لا يكون أبداً إلا بتبني سيناريو وطني خالص مع بعض الحنكة التي وضح تماماً أن المعارضة السياسية لا تمتلكها.

النظام الذي قدم نفسه كمخلّص لمواليه ومن في حكمهم من الإرهاب والخونة يقف اليوم عاجزاً عن إيقاف مجاعتهم، وإعادة الحياة للاقتصاد وليرته المنهارة، ويناور أخيراً باستدرار العطف بالإعلان عن إصابة الأسد وزوجته بكورونا.

السوريون مذعورون جميعاً من التغيير ويخشونه، ليس لأنه مفتاح مستقبل مجهول، وليس لأنهم فقدوا الثقة بالعالم وحلوله العاجزة فقط.. وحتى موالو الأسد يتمسكون بأسباب جوعهم وعبوديتهم على أنه ثمن الصمود والنصر كي لا تأتي لحظة حساب عما اقترفوه، وأما المعارضون فيخشون التغيير الذي يعتقدون أنه لن يحقق لهم العدالة.

تلفزيون سوريا

——————————-

سورية: فشل جهود أميركية لإعادة إطلاق الحوار الكردي/ عدنان أحمد و سلام حسن

لم تنجح اللقاءات التي أجرتها البعثة الأميركية في الأيام الأخيرة مع طرفي الحوار الكردي في شرق سورية؛ “أحزاب الوحدة الوطنية الكردية” (الاتحاد الديمقراطي وشركاؤه) و”المجلس الوطني الكردي” (المنضوي ضمن الائتلاف السوري المعارض)، في دفع الطرفين لتجاوز خلافاتهما وإعادة إطلاق الحوار بينهما، على الرغم من إعلان الطرفين دعمهما العلني للحوار.

ويرى مراقبون أنّ عودة الوفد الأميركي إلى شمال شرقي سورية تعكس رغبة واشنطن في إنجاح هذا الحوار، في ظلّ فشل مسار اللجنة الدستورية، وما قد يفرضه هذا الواقع من ضرورة تفعيل مسارات أو خطط أخرى لدفع النظام السوري وروسيا للتعامل بجدية مع مشروع التغيير السياسي في سورية، وهنا تبرز أهمية نجاح العملية التفاوضية شرقي الفرات، بشقيها الكردي-الكردي في الوقت الحاضر، والكردي مع بقية المكونات في مرحلة لاحقة. وبينما يشير مراقبون إلى وجود بصيص أمل بنجاح هذا المسار بعد التغييرات التي حدثت في الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية، يستبعد آخرون ذلك طالما يواصل حزب “الاتحاد الديمقراطي” محاولاته للتوصل إلى اتفاق لا يغيّر من الوقائع على الأرض.

والتقت البعثة الأميركية الخاصة لشمال وشرق سورية، والتي ترعى الحوار الكردي ـ الكردي، في الأيام الأخيرة، مع طرفي الحوار كل على حدة، للتمهيد لبدء جلسة جديدة من المباحثات الكردية. وأوضح مصدر مطلع من “المجلس الكردي” أنّ المبعوث الأميركي الخاص إلى شمال وشرق سورية، ديفيد براونستين، أكد لوفد المجلس، خلال اجتماع الإثنين الماضي، جدية وإصرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنجاح الحوار الكردي. وأضاف المصدر أنّ وفد “المجلس الكردي” طرح من جديد شروطه على الراعي الأميركي لاستئناف الحوار بين الطرفين، ومنها ضرورة تقديم الاعتذار عن التصريحات التي صدرت من بعض قيادات أحزاب “الوحدة الوطنية”، وأيضاً الكف عن الاعتقالات التي حدثت لبعض المدرسين وحرق المكاتب، في إشارة إلى ممارسات “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في المناطق الخاضعة لسيطرتها، شرق سورية. ولفت المصدر إلى أنّ وفد “المجلس الكردي” طالب براونستين بوضع جدول زمني للحوار. كذلك أكّد مصدر آخر من أحزاب “الوحدة الوطنية” أنهم عقدوا لقاء مع نائب المبعوث الأميركي، وأكدوا له استعدادهم في أي وقت لاستئناف الحوار من النقطة التي توقفت.

اللقاء الثلاثي في الدوحة

وفي هذا الإطار، قال شلال كدو، عضو “الائتلاف الوطني السوري” عن “المجلس الوطني الكردي”، إنّ المنطقة تشهد حوارات ماراثونية بين البعثة الأميركية والطرفين الكرديين كل على حدة، بهدف استئناف الحوار الذي توقف بعيد الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأضاف كدو، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنّ “المجلس الوطني” يرى أنّ “أجواء الحوارات قد تم تسميمها من قبل الحزب الديمقراطي الذي شن حرباً إعلامية شعواء ضد المجلس في الفترات الأخيرة بلا مبرر، ويرى أنه لا بد من تهيئة الأجواء مرة أخرى لإنجاح أي مفاوضات مقبلة”. وشدد على ضرورة أن “يكون لعملية الحوار سقف زمني محدد، لأنّ جميع مكونات المنطقة بحاجة لإنجاح هذه العملية التي لا يمكن أن تستمر إلى الأبد”، مؤكداً جاهزية حزبه لـ”حوار جدي وحقيقي”.

ولم يستبعد كدو استئناف الحوار في الفترة المقبلة، لكن الرهان كما قال “على مدى شفافية الحوار والنيات الصادقة، وكذلك تصميم الراعي والطرفين المتفاوضين على إنجاح هذه الحوارات”. وأكد “ضرورة إيقاف الحملات الإعلامية الظالمة، ومختلف الممارسات المنافية للحوار، خصوصاً ما يتصل بالمسائل التي كنا تفاهمنا عليها سابقاً، مثل حرق المكاتب، واعتقال المدرسين، ومحاولة فرض المناهج الأيديولوجية وغير ذلك”.

على الجهة المقابلة، قال صالح كدو، أحد أبرز المفاوضين في وفد “أحزاب الوحدة الوطنية”، إنّ “لا جديد حتى الآن في ما يخصّ استئناف الحوار، وليس هناك أي اجتماع محدد بيننا وبين المجلس الوطني الكردي”، مضيفاً في حديث لـ”العربي الجديد” أنّ “موقف أحزاب الوحدة الوطنية واضح وتم إبلاغه للوفد الأميركي، إذ أكدنا جاهزيتنا لاستمرار الحوار”. وحول ما إذا كان الأميركيون قد مارسوا أي ضغط على الطرفين لاستئناف الحوار بينهما، قال صالح كدو إن “الأميركيين يرعون الحوار ولم يتحدثوا عن أي مطالب، وليست وظيفتهم تحقيق مطالب أحد الطرفين، بل تشجيع المفاوضات بينهما وإزالة العوائق أمام استمرارها”.

وعلّق صالح كدو على زيارة وفد “الائتلاف الوطني السوري” إلى إقليم كردستان العراق، والتصريحات التي أدلى بها رئيس الائتلاف نصر الحريري هناك، وهاجم فيها قوات “قسد” و”وحدات حماية الشعب” و”وحدات حماية المرأة”، قائلاً “طلبنا من المجلس الوطني الكردي أن يبدي موقفه من هذا التصريح ويوضح أنه ليس معه، وفي حال كان متفقاً مع رأي الحريري، ستكون هناك مشكلة كبيرة”.

وفي تقييمه هذه الحوارات المديدة، والخلاف بين المكونين الكرديين الرئيسيين، قال الناشط السياسي علي محمد رضوان، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنّ “الحوار الكردي ليس وليد اليوم أو هذه المرحلة، بل بدأ منذ بداية الثورة السورية وخصوصاً منذ اتفاقية هولير في يوليو/ تموز 2012، التي اعتبرت مرجعية للحوار إلى الآن، واتفق بموجبها المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي على معظم النقاط الخلافية، ولكن لم يتم التوصل إلى نتائج بسبب تمسك الطرفين بمواقفهما، وتحديداً الخلاف بشأن القوة العسكرية والأمنية لإدارة المنطقة، وكيفية الإدارة المدنية وهيئات ومؤسسات الإدارة الذاتية، وتدخلات الأطراف الخارجية”.

وأضاف رضوان، المقيم في مدينة القامشلي شرق سورية، أنه في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي “بدأت مبادرة ثانية من قبل بعض المستقلين والمثقفين الأكراد تحت إشراف قائد قسد مظلوم عبدي، إلا أنها لم تصل إلى نتيجة أيضاً، خصوصاً بعد تدخل الروس وفتح حوار بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري، وبالتزامن مع تغيّر الإدارة الأميركية وتغيّر أسلوب واشنطن في التعامل مع الملف السوري”.

ورأى أنّ الطرفين؛ “المجلس الوطني” و”الاتحاد الديمقراطي”، “يحملان إيديولوجيات مختلفة، ولا قواسم مشتركة بينهما، فالمجلس الوطني يحمل صفة حركة تحرر وطني ذات ميول قومية بأهداف واضحة للقضية الكردية في سورية، فيما الطرف الثاني يحمل إيديولوجية حزب العمال الكردستاني، المتمثلة بالماركسية الثورية والتي تنادي بشعارات شعبوية أممية تحت غطاء الديمقراطية بعيدة عن تطلعات الشعبين الكردي والعربي”. وأشار إلى أنّ “كلا الطرفين عرقلا ظهور طرف ثالث مستقل سياسياً مثل المثقفين والمفكرين والحقوقيين والسياسيين الأكراد، ليقوموا بدور مقرّب للرؤى الواقعية والموضوعية للحل الأنسب”.

واعتبر رضوان أنّ “الطرفين لهما مرجعية خارجية، إذ يعود كل منهما إلى أربيل أو قنديل حين تكون هناك حاجة لاتخاذ قرارات مهمة، إضافة إلى أنّ الطرفين ليست لديهما رؤى مشتركة في الجانبين العسكري والأمني، فضلاً عن عدم تمثّل الإدارة الذاتية في مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، واعتماد تلك الإدارة على منصات لا يتقبّلها الشارع الكردي، مثل منصة موسكو ومنصة القاهرة. هذا بالإضافة إلى تدخل النظام في بداية كل حوار كردي بفتح الحوار مع الإدارة الذاتية والضغط عليها، مما يساهم في عرقلة الحوار”.

————————–

================

تحديث 16 أذار 2021

————————–

أزمة التمثيل في المعارضة السورية/ ياسين السويحة

مثل كل البلد، وكل أركان حياته العامة، لم تَعِش المعارضة السورية في العقود الأخيرة حياة مستقرة، ولا تمتعت بظروف تسمح بالحد الأدنى من الحياة المؤسساتية والفكرية السليمة. وابتداءً من 2011، كان على المعارضة أن تتعامل مع مفارقة مواجهة واجبات أكبر في ظروف أصعب. إن أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار تمهيد واجب لأي تحليل للحياة السياسية للمعارضة، وإن كان من الضروري ألا يمنع التساؤل حول ما إذا كانت هذه الظروف القصوى قد تحولت إلى مسوِّغ للجمود، ومبرِّر لإعفاء النفس من التفكير.

يبحث هذا النص، عبر مراجعة لأهم محطات التاريخ القريب للمعارضة السياسية السورية، عن تحديد نقاط أساسية في إشكاليات التمثيل السياسي لدى المعارضة السورية. ولأجل ذلك، سيعتمد في تحليله على الإطار المفاهيمي الذي وضعته الأكاديمية وعالِمة السياسة الأميركية حنّه بيتكن في كتابها الشهير مفهوم التمثيل،1 الذي يُعتبر من أوسع الإحاطات المفاهيمية بمسألة جوهرية في النقاش الفكري السياسي المعاصر، أي التمثيل السياسي.2 في هذا الإطار، تقترح بيتكين أربع رؤىً مختلفة، تُمثِّلُ كل واحدة منها زاوية متمايزة يمكن من خلالها النظر إلى مسألة التمثيل السياسي. وهذه الرؤى الأربع هي: التمثيل الشكلاني، أي الإجراءات المؤسسية التي تؤسس لعملية التمثيل (الشرعنة والمحاسبة)؛ والتمثيل الرمزي، أي الأدوات والطرق التي يمارس فيها الفاعل السياسي عملية التمثيل؛ والتمثيل الوصفي، أي مدى تماثل المُمثِّل السياسي مع من يمثّلهم في الشكل والانتماءات وأسلوب الحياة وغيرها؛ والتمثيل الفاعلي (substantive)، أي الأفعال التي يقوم بها الممثل السياسي لتمثيل مصالح ورؤى أولئك الذين يمثّلهم سياسياً. ورغم أن هذا الإطار السياسي نظريّ وعام، إلا أن رؤاه الأربع مفيدة للاستخدام كنقاط علّام عند التفكير في سلوك البُنى السياسية المعارِضة خلال السنوات الأخيرة. وعند تمرير تعريف البُنى السياسية المُعارِضة على نقاط العلاّم التي تمثّلها رؤى بيتكين، سنجد مشاكل بنيوية أساسية في مفهوم التمثيل لدى المعارضة السورية، من التباس معنى كل هيئة من الهيئات المُعارِضة أمام نفسها وأمام الذين يُفترَض أنها تمثلهم.

سينظر النص في سيرة وواقع كل من هيئة التنسيق الوطني، والمجلس الوطني، والائتلاف الوطني، والهيئة العليا للمفاوضات، دون أن يشمل عمل هيئات وكتل معارِضة أقل حجماً وحضوراً في المحافل السياسية، وأيضاً دون أن يشمل تجربتَي المجلس الوطني الكردي ومجلس سوريا الديمقراطية، اللذين ينتميان لدينامية مختلفة لها إطارها وخصوصيتها، رغم التقائهما وتَفارُقهما عن الهيئات المذكورة في محطات عديدة من السنوات الأخيرة (علاقة المجلس الوطني الكردي بتجربتَي المجلس الوطني والائتلاف؛ وحزب الاتحاد الديمقراطي بوصفه جزءاً من تأسيس هيئة التنسيق).

أكبر عدد من المتنوّعين فيما بينهم

أسوةً بغيرها من الدول العربية،3 وتأثُّراً بالتحولات السياسية العالمية بعد انهيار جدار برلين، من تآكل الأطر الأيديولوجية السائدة خلال القرن العشرين ودخول نموذج التنظيم السياسي السائد حتى حينه في أزمة، وتصاعد الإقبال على شخصية «الناشط السياسي المستقل»، أو «المثقف»، كبديل عن الكادر الحزبي، سادت ضمن المعارضة السورية في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين قناعة بضرورة إنتاج نموذج الجبهة العريضة، المظلة الائتلافية التي تجمع أكبر عدد من المعارضين المختلفين فيما بينهم أيديولوجياً حول توافُقات حدود دنيا، قوامها الموقف الرافض لإغلاق المجال العام على يد أجهزة أمن نظام الأسد، والدعوة لإطلاق الحريات العامة، وكفّ يد المخابرات، والسماح بالتنظيم السياسي، وكفالة حرية التعبير والحريات الصحفية، مع إهمال الاختلافات البينية أو إدغامها أو «تأجيلها» حتى إحراز ظروف سياسية أفضل. وسط هذه الأجواء، جاء إنشاء إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في تشرين الأول (أكتوبر) 2005 كَأوسع ائتلاف للمعارضة السورية حتى حينه، وأبلغ تعبير عن النموذج (أو الباراديغم) الذي ساد ضمن أجواء المعارضة السورية عموماً. ورغم أن إعلان دمشق عاش خلافات داخلية عاصفة، وانسحابات وتجميد عضويات عديدة خلال سنوات ما قبل 2011، إلا أنه بقي أوسع مظلة سياسية معارِضة في سوريا، والنموذج الذي نشأ في إطاره، أي النموذج الائتلافي الوطني-الديمقراطي، بقي هو السائد.

ورغم الخلافات ومكامن الخلل الواضحة في النموذج الائتلافي السوري، فإن منطق البحث عن ائتلاف يجمع أكبر عدد من المختلفين حول هدف مشترك وواضح لقي دفعة كبيرة مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، وبدأت محاولات الاجتماع وتنسيق الجهود نحو إنشاء مظلة جديدة أوسع وأكثر فعالية عبر مؤتمرات ولقاءات واجتماعات داخل سوريا4 وخارجها.5

تأسيس المجلس الوطني السوري، والسنتان ونصف التاليتان (أي حتى انعقاد مؤتمر جنيف2 أوائل عام 2014)، أدى إلى قناعة – عزّزتها ضغوط

تأسست هيئة التنسيق الوطني نهاية حزيران (يونيو) 2011 كمظلة ائتلافية تجمع أحزاباً يسارية وقومية عربية وكرديّة، بالإضافة لناشطين مستقلين ومثقفين معارضين. وقدّمت الهيئة نفسها في بيانها التأسيسي على أنها «أوسع إطار سياسي في سوريا»، لتخوض بعدها مع المجلس الوطني، الذي تأسّس بعدها بأشهر قليلة – في 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 – صراعاً سياسياً مريراً حول أحقية «تمثيل» المعارضة السورية.6 وقد تم خوض هذا الصراع وسط أجواء ضغوطات متعددة المستويات من أجل «توحيد» المعارضة السورية تحت عنوان واحد كمدخل أساسي لأي دور دولي داعم للمعارضة السورية، أو حتى لتشكيل وساطة أممية قادرة على تحقيق نتائج ملموسة. تحتاج إشكالية «توحيد» المعارضة، من حيث طبيعة ونوع وكمية الصراعات التي خيضت ضمنها، وكمية الضغوطات والتدخلات والوصايات الدولية التي فُرضت على السياسة السورية المعارِضة باسمها، لوقفة وبحث منفصلين.

دولية – بضرورة تأسيس جسم «تمثيلي» للمعارضة السورية، ليس فقط كمُعبِّر ائتلافي عن الحساسيات السياسية المناهضة لسلطة بشار الأسد، ولكن أيضاً كهيئة سياسية مستعدة لملء الفراغ الذي يمكن أن ينتج عن انهيار النظام، أو عن عملية عسكرية دولية تطيح بسلطته؛ جسم يمثّل السوريين بما يكفي لمنازعة النظام على «تمثيل» سوريا ككل في المحافل الدولية (مثل الجامعة العربية، التي منحت كرسي الجمهورية العربية السورية للمعارضة السورية خلال قمّة الدوحة 2013). بالتالي، دخلت المعارضة السورية في مرحلة جديدة، تتداخل فيها مفاهيم التمثيل السياسي لحساسيات وأيديولوجيات ورؤى سياسية تمثّلها أحزاب (أو مستقلون) مع أنماط توزيع التمثيل ومحاصصته التي يجب أن يَضمنها أي نظام سياسي، من تمثيل الجماعات الأهلية والمناطق الجغرافية وغيرها من التمايزات الاجتماعية-السياسية. وقد بدا هذا الأمر أكثر وضوحاً مع تأسيس الائتلاف الوطني في 11 تشرين الثاني 2012، الذي دخلت على خط تشكيله خلافات بينيّة ضمن المعارضة،7 فاقمتها ضغوطات دولية كثيرة سعت لتجاوز المجلس الوطني نحو تشكيل قُدِّمَ على أنه أكثر تمثيلية واتساعاً من المجلس الوطني (الذي صار جزءاً من بين أجزاء عديدة للائتلاف).

نهاية العام 2015، تأسست الهيئة العليا للمفاوضات كجسم سياسي مُصمَّم لخوض الجولات التفاوضية المتلاحقة مع النظام، والتي تكرّست وتتابعت إثر التفاهمات الروسية-الأميركية التي أعقبت المجزرة الكيماوية في الغوطة الشرقية في آب 2013،8

المسار السياسي السوري الذي دشنه «اتفاق الكيماوي» في موقع الجمهورية (آب، 2019). وأدَّت لإلغاء ضربة عسكرية عقابية مفترضة للنظام جراء ارتكابه مجزرة، مقابل تسليم الأخير ترسانته الكيماوية. أدّت هذه التفاهمات إلى نهاية العمل بفكرة إنشاء جسم «تمثيلي» يمكن أن يحل محل النظام في تمثيل سوريا ككل، والتوجّه نحو تشكيل جسم مُفاوِض يتمثّل فيه الجميع، وفق محاصصات بحتة غير مشغولة بتقديم نفسها بأي شكل، نتجت عن توافقات ومساومات غير علنية ولا ناتجة عن نقاشات سياسية واضحة المعالم لسوريين. في هذا الجسم، بات الائتلاف الوطني كتلة من ضمن كتل أخرى عديدة، تتمثّل فيها الفصائل المسلحة وكتل أخرى من المعارضة السورية لم تكن جزءاً من الائتلاف الوطني؛ وهي محاصصات تمت إعادة توزيعها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 لإدخال عناصر وكتل جديدة.

عدا ذلك، يتمثّل الائتلاف الوطني والفصائل العسكرية أيضاً ضمن وفود مسار أستانة، الذي نشأ برعاية روسية-إيرانية-تركية مطلع العام 2017. ومن اللافت أن الجهات الدولية التي كانت تضغط على المعارضة السورية لكي «تتوحّد» وتكون «تمثيلية»، هي ذاتها التي رسّخت تعدد المسارات السياسية بين جنيف وأستانة.

هكذا، نرى أن سيرورة الأجسام الرئيسية للمعارضة السورية خلال العقد الأخير، قُبيل 2011 وما بعده، قد انتقلت من فكرة جمع أكبر عدد من المختلفين حول فكرة معارضة النظام، إلى إنشاء جسم يُنافس النظام على تمثيل سوريا ككل في المحافل الدولية وقادر على «شغل الفراغ السياسي» في حال سقوط النظام أو إسقاطه؛ وصولاً إلى الوضع الحالي، حيث تظهر الهيئة العليا للمفاوضات كجسم لا أسس واضحة للانضمام له، ينبثق عنه فريق تفاوض دون أُسُس علنية ثابتة في طريقة اختيار أعضائه.

ماذا تمثِّل، ومن يتمثَّل فيها؟

كما سبق الذكر، لا يمكن تحليل عمل أجسام المعارضة السورية، خصوصاً خلال سنوات ما بعد 2011، دون أخذ الظروف القصوى التي عاشتها بعين الاعتبار. يخصّ هذا الأمر كل جوانب عملها السياسي، ومن بينها كيفية التعاطي مع مسألة التمثيل السياسي: عاشت سوريا ظروفاً بالغة القسوة، ومع تحوُّلات ومنعطفات شديدة خلال السنوات السابقة، وتغيّرات على صعيد الساحة السياسية الإقليمية والدولية لم يكن من السهل الاستجابة لمتطلباتها على مستوى إنشاء أجسام قادرة على تمثيل توجّهات أو قوى أو تيارات في مختلف المحافل الطارئة. إضافة لذلك، لم تسمح الظروف بحياة سياسية داخلية سليمة داخل الأجسام المعارِضة نفسها، أكان على مستوى تطوير نُظُمها الداخلية وتمتين آليات الاختيار والتجديد والمحاسبة، والعمل على إرساء طقوس وممارسات دوريّة تؤسس لحياة سياسية سليمة بالحدّ الأدنى. فغالبية الأحزاب والتيارات السياسية مشت بمنطق الضرورة الذي فرضته الأوضاع السورية، ولم تقم بتجديد مكاتبها التنفيذية، ولم تتمكن من عقد مؤتمرات ولا اجتماعات واسعة لتجديد وثائقها وقراراتها، وهذا ينسحب أيضاً على المظلات الكبرى للمعارضة خلال سنوات ما بعد 2011، التي كانت اجتماعاتها الدورية مكرّسة لتجديد عضويات مكاتبها التنفيذية ومجالسها الرئاسية، ولكن دون البحث في تجديد تعريفات الذات والنُظُم الداخلية وآليات الانتساب والمحاسبة، حتى حين أصبحت هذه البُنى أجزاء من بُنى أحدث.

من الضروري التذكير بالظروف السابق ذكرها في المقطع السابق، بقدر ما هو ضروري أن نشير إلى أن ثمة استكانة إلى خطاب «الظروف» التبريري حصلت في مختلف مراحل عمل أجسام المعارضة السورية الرئيسية؛ خطاب تعزّز مع ميل إلى التكتيك السياسوي مقابل إهمال العمل المؤسساتي والتفكير الاستراتيجي والاهتمام بالأسس النظرية والمفاهيمية. دون أخذ هذه الاستكانة بعين الاعتبار، لا يمكن تفسير العَوَز الكبير في آليات العمل السياسي التي قدّمتها هذه الأجسام، ومنها مشاكل جمّة طرأت على صعيد التمثيل على مستويين: الأول يخص طريقة تقديم هذه الأجسام لنفسها كممثلة لتوجهات أو قوى أو أيديولوجيات في سياق المسألة السورية، والثاني الطريقة التي (يُفترض أن) تجد تيارات وجِهات سياسية نفسها، مع قطاعات مختلفة من السوريين، ممثَّلة ضمن هذه الأجسام.

أولاً: تعريفات الذات:

في بيانها التأسيسي، قدّمت هيئة التنسيق الوطني نفسها كعاملة على «إشراك بقية القوى السورية المستعدة لتوقيع الوثيقة في عضويتها لمواجهة الأوضاع الراهنة المعقدة في البلاد في مرحلة الانتقال من النظام الديكتاتوري الحالي إلى النظام الديمقراطي المنشود». ورغم اعتبار نفسها «تمثّل أوسع إطار سياسي في سورية» في البيان نفسه، إلا أن الهيئة لم تطرح نفسها في أيّ وقت كمنافس موضوعي للنظام على تمثيل كلّ السوريين، ولم تزاحمه على تمثيل سوريا في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة أو الجامعة العربية، بل إن جزءاً جوهرياً من معركتها السياسية كان قائماً على نفي هذه الصفة عن المجلس الوطني أولاً، ثم عن الائتلاف، اللذين أنكرت تمثيلهما للمعارضة السورية أمام المحافل الدولية، واعترضت على أي صفة رسمية نالاها من قِبَل أي محفل دولي، قبل أن تلتقيهما في الهيئة العليا للمفاوضات.

من جهته، أعلن المجلس الوطني، في البند الثالث من بيانه التأسيسي، أنه قادر على «تشكيل حكومة مؤقتة على النحو المبيَّن في برنامجه السياسي»، وأنه بـ«تنوع الكتل السياسية الممثلة فيه (أي المجلس) يضمن وحدة الشعب ووحدة الهدف السياسي في إقامة دولة ديمقراطية حرة». ولم يعدِّل المجلس الوطني من قائمة أهدافه وتقديمه لنفسه حتى بعد أن أصبح جزءاً من الائتلاف الوطني، الذي أشار بدوره في بيانه التأسيسي إلى أن من أهدافه «تشكيل حكومة انتقالية بعد الحصول على الاعتراف الدولي».9 وأيضاً، بدوره، لم يُعدّل الائتلاف الوطني من تعريفه لذاته ولا لأهدافه في أدبياته العلنية بعد أن صار طرفاً، من ضمن أطراف أخرى عديدة، في الهيئة العليا للمفاوضات. وعند هذه الأخيرة التقت، على ما يبدو، أعلى درجات الاستنزاف مع أقصى مستويات التكتيك السياسوي، عَبْرَ التصالح منذ اللحظة الأولى مع كونها أداة تكتيك سياسي ليس عليها أن تُوجِّه أي تعريف واضح عن نفسها وتمثيلها للرأي العام، ولا أن تقدِّم أي شكل من الوثائق البرامجية والأهداف، عدا ما يصدر من تصريحات أعضائها وتحليلاتهم على وسائل الإعلام، أو ما تنشره مُعرِّفات الهيئة على وسائل التواصل الاجتماعي.

بالمحصلة، نرى غياباً تاماً للوضوح لدى مختلف بُنى المعارضة السورية الحالية بخصوص ماذا تمثّل هي كمؤسسات سياسية: هل تمثّل مجموعة من السوريين المعارضين المتفقين على أهداف معيّنة، ويوحّدون جهودهم من خلال هذا الكيان السياسي؟ هل تمثّل كلّ أو غالبية المعارضين السوريين الساحقة؟ هل تمثّل – أو تقدر على تمثيل – كلّ السوريين بما يُشرعِن لها طرح نفسها كجهة قادرة على تشكيل حكومات وحدة وطنية انتقالية؟ أم هل هي فريق تفاوض ناتج عن معادلات موازين القوى الإقليمية والدولية. ولا يؤثر غياب الوضوح هذا على دور المؤسسات السياسية المعارِضة فقط، بل أيضاً على حياتها الداخلية، وماذا تعني العضوية فيها، وماذا تمثّل، وكيف يُعبَّر عن هذا التمثيل.

ثانياً: كيف يتمثّل السوريون في أجسام المعارضة؟

عبر وضعها كنقاط لطرح الأسئلة التحليلية بشأن التعريفات والبُنى التنظيمية والوقائع، تفيد الرؤى الأربع للتمثيل السياسي، التي قدّمتها حنّة بيتكِن في كتابها مفهوم التمثيل المذكور أعلاه، في المرور عبر كيفية تعامل بُنى المعارضة السورية الرئيسية مع مسألة التمثيل السياسي: كيف تقدّم هذه البُنى السياسية – ضمن الالتباس المُشار إليه أعلاه حول تعريفها لنفسها – معنى العضوية فيها؟

على مستوى التمثيل الشكلاني، أي محاولة التفكير في المعنى «الرسمي» لأن تكون عضواً في هذه الكتلة المعارضة أو تلك، نرى أن الالتباس هنا هو وليد التباس معنى الكتلة السياسية كمؤسسة، وتعريفها لنفسها ودورها. فمثلاً، عضوٌ ما في المجلس الوطني السوري هو جزء من بُنية تقدِّم نفسها كجهة قادرة على أن تكون بمثابة مجلس حكم انتقالي؛ لكنها في نفس الوقت جزء من مظلة – هي الائتلاف الوطني – تطرح نفسها كنوع من برلمان مؤقت، يُقِرّ تشكيلات حكومية ولديه مكاتب تمثيلية وبعثات دبلوماسية، ويحوي توزيعات وحصصاً لتمثيلات محلية على مستوى المجالس المحلية ومجالس المحافظات؛ لكن هذا الائتلاف هو أيضاً جزء من الهيئة العليا للمفاوضات، حيث تتواجد هناك على المستوى نفسه تكتّلات حزبية وتجمعات مستقلين (مثل منصتَي القاهرة وموسكو) وممثلو فصائل عسكرية، يُفترَض أن بعضهم أصلاً جزء من الائتلاف.

على الصعيد الشكلاني، أيضاً، ثمة ضبابية تامة في آليات الاختيار والتجديد والمحاسبة. صحيح أن ظروف الواقع السوري القاهرة تفرض الاعتماد على آليات التفاوض والتوافق والمشاركة المحاصصاتية ضمن أطر تحمل أهدافاً مشتركة، لكن يظهر واضحاً في حالة كل البُنى المعارضة أن الرأسمال الرمزي والعلاقات الإقليمية والحضور الإعلامي هي عوامل تثقيل غير رسمية ولا علنية للاختيار والتجديد. ولا آليات محاسبة واضحة في أيّ من البنى المذكورة.

وبما يخص التمثيل الرمزي، أي معنى تمثيل ممثّل ما للمجموعة التي (يفترض أنه) يمثّلها، فنجد أن كل واحدة من البُنى السياسية المُلاحَظة، على اختلافات تعريفاتها الملتبسة لنفسها، تفخر بتنوّع كبير في الكُتَل والأحزاب والشخصيات والإثنيات والطوائف والمناطق المتمثلة فيها، فهيئة التنسيق أعلنت في بيان تأسيسها أنها ناتجة عن «تسع قوى قومية عربية ويسارية وماركسية، وأحد عشر حزباً كردياً، وشخصيات من الاتجاه الإسلامي الديمقراطي، ومن قطاع المرأة، وعدد من الشخصيات الوطنية العامة في سورية، كما وقَّعَت عليها شخصيات سورية في أوروبا». ويبدو واضحاً في هذه الصياغة أن الإقبال على الإتيان بمصفوفة توحي بتنوّع كبير يطغى على الانشغال بصياغة منطق ومعنى لهذا التعداد التنوّعي، الذي يوحي، مثلاً، وكأن «قطاع المرأة» تيار سياسي كأي واحد من القوى الماركسية أو القومية العربية أو الكردية. هل يجب أن نفهم إذاً، حسب الصياغة، أن كل ما عدا «قطاع المرأة» مكون من رجال حصراً، وأن المرأة لا يمكن أن تكون إلا «قطاع مرأة»؟

من جهته، يشير المجلس الوطني في بيان أهدافه إلى أنه «بتنوع الكتل السياسية الممثلة فيه يضمن وحدة الشعب ووحدة الهدف السياسي في إقامة دولة ديمقراطية حرة». من جهته، تساعد نظرة إلى تركيبة الهيئة العامة للائتلاف على ملاحظة كيف أن هاجس التنوّع قد طغى على المنطق العملي للتنوّع من حيث ضرورة أن يكون التنوّع مفيداً للعمل السياسي، أو ذا منطق معيّن يساعد على التكامل. ففي الهيئة العامة للائتلاف10 تمثّلت – على المستوى نفسه – كُتَل إثنية وقومية، ومجالس تمثيل محلي، و«عشائر»، ومجلس رجال دين، وأحزاب سياسية، و«شخصيات مستقلة»، و«رجال أعمال»، والمجلس الوطني السوري (الذي يفترض أنه يحوي أساساً ممثلين عن أغلب ما سبق). لو فكرت بنفسي وموقع تمثيلي في الائتلاف، فسأحتارُ في معرفة أين أُمثَّلُ أنا في مصفوفة التنوّع الملوّن هذه طالما أنها كلها على قدم المساواة؟ هل يمثلني المجلس المحلي للرقة (وهل هو جسم إداري أم كيان سياسي أصلاً؟)، أم «كتلة العشائر» (إذ يبدو أن هناك نسخة من مبدأ فوق-دستوري سوري ما، تقول إن كل ما هو شرق طريق حلب-دمشق ليس إلا «عشائر») أم ممثلو الحزب الذي أنتمى له (أو ربما يمنع انتمائي العائلي لعشيرة ما من أن يكون لي أيديولوجيا وانتماء حزبي، ما لم أتبرأ رسمياً من منبتي الأهلي وأنقل تمثيلي من «عشائر» إلى خانة أخرى)؟ أما الهيئة العليا للمفاوضات فهي نتاج محاصصة كل ما سبق مع كُتَل و«منصات» من خارج الائتلاف الوطني، ومع فصائل عسكرية، على أسس يبدو فيها دور القوى الإقليمية الراعية لكل جهة أقوى من أي عامل آخر لدرجة عدم الانشغال ولو بتقديم مصفوفة تنوعات مهنئة للذات كما التي سبق عرضها.

تُرجعنا نظرة إلى خريطة الكُتَل والتمثيلات الحاضرة، في كل بُنية سياسية من بُنى المعارضة، إلى قوّة حضور المنطق الائتلافي الاستيعابي كنموذج وحيد في عمل المعارضة السياسية السورية حتى الآن: كلما كان عدد المختلفين فيما بينهم أكبر، وكلما كانت مسافات ومستويات الاختلاف وتنوّعاتها أكثر، كانت رمزية التمثيل أقوى. بمعنى آخر، يبدو جمع مختلفين، أياً كانوا، وأياً كان اختلافهم، هو «التمثيل الرمزي» وفقاً للنموذج الائتلافي الاستيعابي، ولا أهمية أمام إحرازه لأي اعتبار آخر، من قبيل التبعات العملية للاختلاف، أو طريقة توظيفه على مستوى السياسات العملية، الأبعد من المشهد الرمزي، وعلى أهمية هذا الأخير.

أما مستوى التمثيل الوصفي، أي مدى شَبَه المُمثَّل بالذين يُمثّلهم، ومشاركته لهم في المصالح وفي الخبرات الحياتية، ففيه من الإشكاليات الواجبة التفكير ما قد يدعو لدراسته بشكل مستقل وأكثر تعمّقاً في المستقبل. أول تلك الإشكاليات أن هناك تمثيلات لبُنى أهلية، طوائف وقوميات و«عشائر» في هيئات المعارضة السورية، ما يستدعي بناء صورة نمطية في السلوك لممثلي هذه البنى الأهلية كجزء من ممارستهم السياسية، وإقامة اعتبار لمنظورات جوهرانية ليست فقط غير واقعية، بل إنها مؤذية على الصعيد السياسي. عدا ذلك، يفتح هذا المجال النقاش حول «أصيلانية» سوريين ما مقابل سوريين آخرين، كبناء متقابلات بين سوريين يُشبهون «غالبية» مُتخيَّلة من السوريين مقابل سوريين آخرين «متغرّبين» (وهو نوع من المتقابلات يُقبِل عليه الإسلاميون عادةً بكثافة في البلدان العربية). وفي حالة السياسيات النساء، يبدو أن تقييم مدى «تمثيلية» سيدة ما هو مجال خوض أكثر إصراراً وعنفاً من مثيله بين الرجال في السياق السوري (والسياقات العربية عموماً)، ويدفع نحو اعتبار النساء كتلة واحدة متجانسة، منسجمة في مخيال شديد المُحافَظَة عنهنّ.11

أخيراً، على صعيد التمثيل الفاعلي، أي مجمل السياسات التي يُمارِسها الممثلون السياسيون، فيجدر القول إن فاعلية المعارضة السورية، أكان على صعيد البُنى أو الأفراد، هي تحت رحمة الظروف القاسية التي يعيشها البلد، وضمن الواقع السوري الذي بات شديد التدويل، ويتضمن وجوداً عسكرياً مباشراً لأربع من خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، فيما قدرة المعارضة السياسية على التأثير في هذا الوضع ضعيفة للغاية، بغض النظر عن مدى صحّيّة حياتها السياسية الداخلية. في هذا تَفهُّم للمعارضة السورية بقدر ما هو إشارة إلى أن جزءاً كبيراً من نشاطها الحالي ليس إلا شهادة زور في أروقة مُسايَسات القوى الإقليمية والدولية، صاحبة القرار الفعلي في سوريا.

خاتمة

من المُنصِف قول إن ظروف المعارضة السورية خلال العقود الثلاثة السابقة للثورة كانت مسوِّغاً مشروعاً للتفكير بالنموذج الائتلافي كخطة عمل، ومن المُنصِف كذلك الإقرار أن لحظة التحشيد التي عنتها الثورة السورية كانت دافعاً للذهاب بهذا النموذج إلى أقصاه، ضمن ظروف أشد قسوة. لكن، يُلوى ذراع هذا الإنصاف كثيراً إن لم يُقَل إن هناك الكثير من اللوم اللازم للمعارضة السورية، لأسباب كثيرة، من بينها خِفّة – باتت منذ سنوات كاريكاتيرية – في التعامل مع مسألة التمثيل السياسي. ويجب على هذا اللوم اللازم أن يتجاوز افتراض حسن النيّة ضمن ظروف قُصْوَوِيّة نحو إدانة الإصرار على إنتاج «تنوّعات» زائفة، مناقِضة لبعضها غالباً، وليس تحتها فعلياً إلا الإصرار على «تنوُّع مطلوب» ما. دون لحظة حشدية فعلية، ودون وعي كامل بمؤقتيتها، يصير المنطق الائتلافي حُكماً معادياً للسياسة وحابساً لها.

1. The Concept of Representation, Hanna F. Pitkin; University of California Press (1967).

2. Dovi, Suzanne, “Political Representation”, The Stanford Encyclopedia of Philosophy, (Fall 2018 Edition).

3. يقدّم الأكاديمي والناشط المصري عمرو عبد الرحمن ملامح من التجربة المصرية في هذا المجال ضمن مراجعته لتاريخ أحزاب اليسار المصري في الجمهورية، آب 2019،

4. أهمها مؤتمر سميراميس، الذي عُقد في دمشق في 27 حزيران (يونيو) 2011.

5. أهمها مؤتمر أنطاليا في تركيا، المنعقد بين نهاية أيار (مايو) وبداية حزيران (يونيو) 2011، وكان محطة أساسية في تأسيس المجلس الوطني السوري بعدها.

6. قدّم برهان غليون شهادته عن تشكيل المجلس الوطني، وصراع المجلس مع هيئة التنسيق من موقعه كأول رئيس للمجلس الوطني السوري في كتابه الأخير عطب الذات: وقائع ثورة لم تكتمل 2011-2012 (الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2019).

7. تساعد هذه الورقة لوحدة الدراسات السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات، الصادرة في نهاية تشرين الثاني 2012، على استعادة أجواء نقاشات وصراعات تلك المرحلة.

8. راجع صادق عبد الرحمن،

9. شكّلَ الائتلاف «حكومة مؤقتة» في آذار (مارس) 2013 ما زالت قائمة، وإن بإمكانات متواضعة ودون اعتراف سياسي دولي، عدا تعاونات محدودة معها كمنسّق لتوزيع الدعم التنموي والإنساني المقدّم من قِبل دول مانحة عبر تركيا.

10. الحياة، تركيبة الهيئة العامة للائتلاف الوطني، ديسمبر 2012.

11. أشارت ليلى العودات إلى هذه المسألة في معرض نقاشها حول أزمة الديمقراطية التمثيلية في مقال منشور في موقع الجمهورية (آب 2019).

موقع الجمهورية

—————————-

الائتلاف السوري يختتم اجتماعاته.. وعقوبات بريطانية على نظام الأسد/ محمد الأحمد

اختتمت الهيئة العامة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية اجتماعاتها، اليوم الإثنين، بدورتها العادية رقم 55، والتي انطلقت أمس الأحد في مقر الائتلاف الوطني في مدينة أعزاز شمال مدينة حلب.

 وناقش أعضاء الهيئة، خلال الاجتماعات، مستجدات الأوضاع الميدانية والسياسية، بالتزامن مع الذكرى السنوية العاشرة لانطلاق الثورة السورية.

وقدم رئيس هيئة التفاوض أنس العبدة، عرضاً عن تطورات العملية السياسية التي تستند للقرار الأممي 2254، والذي يتضمن ثلاثة أجزاء؛ إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسرياً، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب بحق المدنيين، والمسار التفاوضي.

وأكد العبدة أن الجزأين الأول والثاني هما من الأمور فوق تفاوضية، وفق ما نقلت الدائرة الإعلامية للائتلاف الوطني السوري، مشيراً إلى  أن “العملية السياسية تمر بمرحلة حرجة بسبب تعنت النظام ورفضه الانخراط فيها لتطبيق كامل القرار 2254″، مشدداً على أن إنقاذ القرار 2254 هو أولوية لدى هيئة التفاوض السورية في المرحلة الحالية.

وحول مستجدات العملية الدستورية، أوضح الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية عن المعارضة، هادي البحرة، أن أهم ما تحقق في الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية، هو أن المعارضة بقيت ملتزمة باستحقاقاتها.

ولفت البحرة إلى أن “المبعوث الأممي غير بيدرسون حمل نظام الأسد مسؤولية تعطيل الوصول إلى حل سياسي”، مضيفاً أن المبعوث الأممي طالب النظام بوضع منهجية للعمل في الجولة السادسة.

وكان وفد النظام قدم مقترحاً رفضه وفد هيئة التفاوض السورية، الذي قدم بدوره مقترحاً آخر للجولة السادسة من اللجنة الدستورية، مؤكداً على أنهم يعملون من أجل وضع جدول زمني لعمل اللجنة الدستورية.

وتحدث رئيس الائتلاف الوطني نصر الحريري عن الأعمال والأنشطة واللقاءات التي أجراها خلال الفترة الماضية، مؤكداً على أهمية الاستمرار في العمل الدؤوب لمواجهة التحديات القادمة، وإكمال مسيرة الشعب السوري ونضاله من أجل تحقيق الحرية والكرامة والديمقراطية.

كما قدم نواب الرئيس تقارير عن أعمالهم أمام الهيئة العامة، تحدثوا فيها عن عمل الدوائر والمكاتب واللجان، واستعرضوا أهم القرارات التي تم اتخاذها خلال الفترة الماضية. 

واستعرض الأمين العام للائتلاف الوطني عبد الباسط عبد اللطيف، عمل الأمانة العامة، والأعمال والأنشطة التي قامت بها لدعم عمل الدوائر والمكاتب واللجان والمؤسسات التنفيذية في المناطق المحررة.

 وعرض رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى والوزراء، تقريراً عن أعمال الحكومة، وركزوا خلال اجتماعاتهم على “عمل الحكومة في ضمان عودة الأمن والاستقرار إلى المناطق المحررة، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، وتقديم نموذج إداري متميز”، كما شهدت الدورة الـ 55 أيضاً، قيام الهيئة السياسية والدوائر والمكاتب واللجان، بعرض تقارير أعمالها وأنشطتهم.

وبحثت الهيئة العامة التحضيرات المكثفة لإقامة احتفالية الذكرى العاشرة للثورة في ريف حلب، بما فيها إقامة نصب تذكاري يخلد شهداء الثورة السورية.

 كما أشارت الهيئة العامة إلى المشاركة في الاحتفالية التي ستقام في مدينة عفرين بتاريخ 21 مارس/ آذار بمناسبة عيد النيروز (رأس السنة الكردية)، وبمشاركة عدد من الأحزاب السياسية والقوى الثورية والفعاليات المجتمعية والمدنية تعبيراً عن التلاحم بين أبناء الشعب الواحد، الذي مارس عليه نظام الأسد الكثير من الاضطهاد والحرمان من حقوقه الثقافية، والذي عانت منه أيضاً جميع شرائح الشعب السوري، بحسب بيان الائتلاف. 

وناقش أعضاء الهيئة العامة الأوضاع الميدانية وتغيير مرجعية تمثيل الحراك العسكري في الائتلاف الوطني، وقبول الترشيحات الجديدة من الجيش الوطني السوري المعارض، وبحث الحضور تطورات العملية السياسية، وعقدوا اجتماعاً افتراضياً مع سفراء الدول الصديقة والشقيقة للشعب السوري، وناقشوا معهم معظم الملفات الهامة المتعلقة بالملف السوري.

من جهة أخرى، رحب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، في بيانٍ له مساء اليوم الإثنين، بالعقوبات البريطانية الجديدة التي فرضتها اليوم والتي طاولت ست شخصيات في نظام بشار الأسد، معبراً في بيانه عن ثقته بالتزام المملكة المتحدة البريطانية بمساعدة الشعب السوري على المستوى الدبلوماسي والسياسي والإنساني.

وطالب البيان بالمزيد من الخطوات البريطانية الفعالة بالتعاون مع أميركا والاتحاد الأوروبي، كما يرى الائتلاف أن المملكة المتحدة مؤهلة للعب دور محوري تجاه فرض الحل السياسي على النظام، وضمان انتقال السلطة لهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، حسب قرارات مجلس الأمن الدولي وعلى رأسها القراران 2118 و2254.

وأشار الائتلاف إلى أن “حزمة العقوبات البريطانية اختارت شخصيات محددة مقربة من رأس النظام، وسيكون لها أثر مباشر على هؤلاء الأشخاص”، متمنياً “قيام باقي الأطراف الدولية بفرض عقوبات اقتصادية شديدة وعلى أعلى المستويات ضد المصالح الروسية والإيرانية، والشخصيات المتورطة في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي طاولت الشعب السوري”.

وأوضح البيان أن “سجل النظام الإرهابي يحفل بقائمة طويلة من الجرائم والأعمال الإرهابية، وله سوابق في تهديد بريطانيا التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع النظام لأول مرة عام 1986 على خلفية رعايته للإرهاب”.

وأكد الائتلاف الوطني أنه “يتابع ملف العقوبات المفروضة على النظام عبر دائرة متخصصة، ويتطلع إلى تعزيز تعاونه مع الحكومة البريطانية بما يضمن فعالية العقوبات، وملاحقة محاولات الالتفاف عليها من خلال واجهات أو شركات وهمية هنا وهناك”، مشدداً على تركيز العقوبات ضد النظام وأركانه، وألا تمس المدنيين من أبناء الشعب السوري بأي شكل من الأشكال.

ولفت الائتلاف إلى أن “الخطوات المطلوبة من المجتمع الدولي تستند إلى أسس قانونية وشرعية صادرة عن مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2254 بما يضمن انتقال سورية إلى نظام ديمقراطي مدني يضمن الحريات والحقوق لجميع أبناء سورية في ظل حقوق مواطنة مضمونة”، وشدد على ضرورة ربط العقوبات الدولية بشكل مباشر بخطوات جادة من قبل النظام وحلفائه باتجاه الحل السياسي بما في ذلك أي خطوات عملية نحو إطلاق سراح المعتقلين.

واعتبر الائتلاف أن النظام هو العقبة الرئيسية في طريق الحل، مشيراً إلى أن النظام قادر من خلال خطوات محددة على تحريك العملية السياسية وفتح الباب أمام تحسين الأوضاع وتخفيف الضغوط على الشعب السوري.

وكانت بريطانيا قد أعلنت الاثنين، في الذكرى العاشرة للثورة عن فرض عقوبات جديدة، طاولت ستة حلفاء لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وهم: وزير الخارجية فيصل المقداد، ومستشارة الرئيس الإعلامية لونا الشبل، ورجلا الأعمال يسار إبراهيم ومحمد براء القاطرجي، وقائد الحرس الجمهوري مالك عليا، والضابط برتبة رائد في قوات النظام زيد صالح.

وأوضح وزير الخارجية دومينيك راب أن المملكة المتحدة ستفرض حظر سفر وتجميد أصول على ستةٍ من أركان النظام، بمن فيهم وزير الخارجية، لضمان عدم استفادتهم من المملكة المتحدة بأي شكل من الأشكال.

وتعتبر العقوبات الجديدة الأولى ضد القيادة السورية بموجب نظام العقوبات المستقل في المملكة المتحدة، والذي بُدئ العمل به بعد نهاية الفترة الانتقالية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، ويأتي بعد 353 من العقوبات المستهدفة بشأن سورية، وهي عقوبات مطبقة أصلاً.

وأضاف وزير الخارجية البريطاني “لقد عرّض نظام الأسد الشعب السوري لعقد من الوحشية لتجرؤهم بالمطالبة بالإصلاح السلمي، واليوم، نحاسب ستةً آخرين من أفراد النظام على اعتداءاتهم واسعة النطاق على عامّة المواطنين الذين كان من واجبهم توفير الحماية لهم”.

ويأتي الإعلان عن العقوبات البريطانية في الذكرى العاشرة للانتفاضة السورية، حيث يواصل نظام الأسد معاملة السوريين بوحشية وعنف، بما في ذلك الاستخدام المروع للأسلحة الكيماوية.

وقد عرقل النظام وداعموه التقدم في العملية السياسية، بينما تفاقمت انتهاكات حقوق الإنسان وعمليات القمع وحالات الفساد التي أشعلت الاحتجاجات في عام 2011، والوضع الإنساني مستمر في التدهور.

——————–

موسكو … رسائلها تمنح الأمل وأفعالها تحمل الموت/ العميد الركن أحمد رحال

شخصيات سياسية روسية ومسؤولون رسميون وكتّاب روس حملوا في تصريحاتهم مؤخراً الكثير من الأمل للسوريين، بأن نهاية التغريبة السورية اقتربت وأن هناك تفكيراً جدياً لدى موسكو بالخروج من هذا المستنقع النازف بحل قريب ينعش قلوب السوريين المتعبة.

الكاتب السياسي رامي الشاعر المحسوب على الخارجية الروسية ووزارة الدفاع قال: “ننتظر مبادرة جديدة وجديّة من القيادة في دمشق لتسهيل مهمة المبعوث الشخصي لهيئة الأمم المتحدة، للبدء في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وفك الحصار عن سوريا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية”. وهي رسالة تحمل في طياتها جرعة من الأمل لواقع سوري توصيفه بالكارثي لم يعد ينصف بشاعته.

بلقاء جمع منصتي القاهرة وموسكو طُرحت مع الوزير لافروف نقطتان غاية بالأهمية هما عبثية مسرحية الانتخابات التي تمهد للتقسيم ربما، وعبثية الاستمرار بمفاوضات لا نهاية لها، عدا عن خروجها بدون أي نتائج، ومدى انعكاسها سوءاً على الراعي والرعية، وبالرغم من عدم وجود رد واضح من الوزير الروسي على تلك الطروحات لقناعة المجتمعين بارتباط القضية السورية بملفات أخرى لكنهم أدركوا أنه ليس رفضاً لما قالوه، وتلك فسحة أمل يُبنى عليها لاحقاً.

وباجتماع آخر استغل السيد جمال سليمان عضو منصة مؤتمر القاهرة (المعتكف) وجود الجنرال “زورين” المستشار العسكري للرئيس “بوتين” وقدّم بصفته الشخصية وبعيداً عن منصة القاهرة ومنصة موسكو مقترحاً لتشكيل مجلس عسكري، بعد فشل كل خيارات التفاوض بين السوريين من جنيف إلى سوتشي إلى أستانا إلى جولات اللجنة الدستورية.

طرح فكرة المجلس العسكري كان كخيار وبديل عن الجمود والتعطيل وليس بديلاً أو التفافاً على قرار مجلس الأمن 2254، والفكرة وفق رؤية صاحبها قد تفتح ثغرة بالحائط المسدود الذي عمل ويعمل بشار الأسد على ترسيخه بدعم إيراني وبتنفيذ من بشار الجعفري وأحمد الكزبري، و كان على الروس تلقف تلك الفكرة لأنها تستجيب لتحفظاتهم حول المعارضة السورية بأنها غير موحدة وغير منسجمة وأنها تخضع لتأثيرات الدول المختلفة، والمجلس العسكري يحقق للروس أيضاً أهم مطالبهم الرافضة لخروج المعارضة منتصرة لأنه يكرس معادلة أن الجميع خرج ليس منتصراً لكنه أيضاً ليس مهزوماً.

ومع ذلك وجدنا تجاوباً واهتماماً شعبياً بتلك المبادرة (المجلس العسكري) كونها أوقدت لهم شمعة بنفق مظلم وفتحت باباً من الأمل أمام السوريين.

وعندما تقوم موسكو بتسريب ونشر رسائل مذلة لنظام الأسد ورئيسه بالتحديد، وتظهر حالة الارتباك، وتصور حالة الاستجداء الأسدي لروسيا للتدخل وإنقاذه من السقوط المحتم (كان سيسقط خلال أسبوع كما قال الرئيس بوتين ووزير خارجيته)، فـمن الطبيعي أن يشعر المواطن السوري بالارتياح من أن هناك انعطافة وهناك تغيراً في طريقة التعاطي الروسي مع بشار الأسد بالتحديد، ومع القضية السورية بشكل عام، يُضاف لذلك المقالات الخمسة الأخيرة للكاتب رامي الشاعر والتي حملت في طياتها توجيه النقد اللاذع للقيادة السورية، وتحميلها مسؤولية معظم نكبات السوريين، ومسؤولية فشل المفاوضات وخاصة في جولات اللجنة الدستورية، أيضاً تلك المقالات وبالموقع السياسي الذي يمثله الكاتب، حملت انتعاشة أمل للسوريين من أن هناك تغيرات قادمة قد تكون قبل “مسرحية الانتخابات” التي يطمح من خلالها بشار الأسد لترسيخ وجوده قسراً على جماجم السوريين لسنوات سبع قادمة.

عندما حاولنا ربط “نفحات الأمل” تلك مع الواقع والأفعال الروسية على الساحة السورية وجدنا أنفسنا وكأننا نتعامل بالملف السياسي والعسكري مع دولتين ومع قرارين منفصلين ومتعاكسين تماماً، ويستحيل التصديق أنهما صادران عن قيادة سياسية واحدة.

وإلا ما معنى أن تقوم قاعدة “حميميم” الروسية بقصف صاروخي مركز وعبر صواريخ “توتشكا” الروسية وصواريخ أخرى من إحدى سفنها البحرية الحربية لمناطق مدنيّة في شمال سوريا قرب مدينة “جرابلس” السورية، تتجمع فيها بعض الصهاريج وتقوم بنقل الوقود الخام القادم من مناطق “قسد” إلى الشمال المحرر بعد معالجته بمصافٍ بدائية محلية، وهي مناطق يسيطر عليها قادة فصائل يجتمعون مع الروس وشركاء لهم في اجتماعات “الأستانا”، وبعيدة عشرات الكيلومترات عن مواقع “هيئة تحرير الشام” التي تصفها موسكو بالإرهابية، والتي تنعم بأمان من ناحية الضربات الروسية (وتلك ليست دعوة لقصفهم) لدرجةٍ يحسدهم عليها المدنيون ببقية المناطق التي تتعرض للقصف؟؟

ما معنى القصف الجوي وبطائرات روسية للمدنيين في أرياف إدلب الأسبوع الفائت، وكذلك غض نظرهم عن الخروقات اليومية لميليشيات أسد، وبيوم واحد (الثلاثاء 10 آذار) كانت هناك أكثر من 250 قذيفة صاروخية ومدفعية انهالت على رؤوس المدنيين بقرى جبل الزاوية، وتحت أعين كاميرات المراقبة لأكثر من 12 طائرة استطلاع روسية مسيرة كانت تجوب سماء المنطقة وكانت تصحح لهم الرمايات، وواضح أنها تجمع المعلومات تحضيراً لعدوان آخر لاحق، وهذا ما أدى لحركة نزوح أخرى وخلق الرعب بنفوس المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، رغم أن التأكيد على اتفاق وقف إطلاق النار المعلن بالجولة 15 من أستانا لم يجف حبره بعد؟؟

ثم تخرج علينا قاعدة “حميميم” ببيانات وشهادات زور تحمّل الفصائل مسؤولية الخرق؟؟

كيف لشركاء داعش أن يكونوا حلفاء للروس بالحرب على الإرهاب؟؟

ما معنى أن تعلن روسيا وتروّج للعالم أنها تقوم بحملة ضد “الإرهاب الداعشي” في البادية السورية، وتقوم بتقديم مساندة ودعم جوي لتشكيلات وميليشيات تتبع للأسد وإيران وحزب الله في الحرب ضد خلايا داعش، وروسيا أكثر من غيرها تعلم أن جناحي داعش الإيراني وداعش الأسدي هما من أهم أجنحة داعش في سوريا، وأنهما يتلقيان الدعم المادي والعسكري والاستخباراتي بشكل مباشر من أجهزة نظام الأسد، ومن غرف عمليات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا؟؟

ما معنى الموقف الروسي الرافض لإدخال الإغاثة الأممية للشعب السوري المنهك والمجوّع واستخدام الروس للـ “فيتو” في مجلس الأمن ضد إدخال الإغاثة من الأمم المتحدة للنازحين في مخيم “الركبان” على الحدود السورية_العراقية ومن أي معابر أخرى بالشمال السوري خارجة عن إدارة النظام باستثناء معبر واحد (باب الهوى) الرازح تحت سيطرة وهيمنة “هيئة تحرير الشام” التي تتفرد بنهب وسرقة معظم تلك الإغاثة دون حسيب أو رقيب، وروسيا تعلم أن إدخال الإغاثة الأممية من معابر النظام يعني سرقتها وتحويلها لشبيحة إيران وحزب الله وفاطميون وزينبيون، وأنه حتى موالو الأسد المدنيون لن ينالوا حصة من تلك الإغاثة؟؟

ما معنى أن تتعهد موسكو للغرب بتحجيم الدور الإيراني ووقف تغولها في مفاصل الدولة السورية، والتعهد بإبعادها عن الجنوب السوري، لكن على أرض الواقع أصبحت إيران وبعد هذا الوعد الروسي أكثر تغولاً وأكثر تمدداً في الجغرافية السورية، وأصبحت ميليشياتها وحرسها الثوري يسيطرون بشكل منفرد على معظم القواعد الجوية العسكرية السورية وعلى مقرات الفرق البرية، وعلى مراكز البحوث والتصنيع العسكري بعد أن نقلت وسائط إنتاج الصواريخ ومعدات تصنيع وتشغيل طائرات “الدرون” من إيران إلى سوريا، بل زادت عليها إيران بطرد الروس من أكبر قاعدة جوية في “التيفور”، وأن ميليشيات إيران وحزب الله باتت تتمدد نحو مدينة “تدمر” التي كانت تسيطر عليها روسيا بشكل منفرد، وقامت تلك الميليشيات مؤخراً بافتتاح مكاتب تطويع ومقرات وحسينيات فيها، ومعلومات متداولة عن نقل إيران وبموافقة روسية وعبر شاحنات ضخمة الفوسفات السوري من موقع “خنيفيس” براً إلى طهران عبر الأراضي العراقية؟؟

ما معنى أن تقول موسكو أنها مع السيادة السورية ويهدد مندوبها بمجلس الأمن بتفعيل منظومة “إس_300” السورية (المعطلة روسيا) في حال استمرار القصف الإسرائيلي والأمريكي ضد ميليشيات إيران وحزب الله، بل زادت عليها موسكو عندما أعلنت مؤخراً عن اشتراك منظومات دفاعها الجوي (بانتثر، بوك إم2) بالتصدي للطيران الإسرائيلي الذي هاجم مستودعات صواريخ إيرانية في محيط “السيدة زينب”، وروسيا تعلم أن كل الأجندة الإيرانية في سوريا ليست لمصلحة الشعب السوري وضد السيادة السورية، والاحتلال الإيراني غايته خلق ساحة إيرانية إضافية لساحات صراعها المنفعية مع أمريكا وإسرائيل، ولتمرير مشروعها الفارسي والمشروع النووي الهادف للهيمنة على المنطقة والتفاخر باحتلالها لأربع عواصم عربية وتحقيق الهلال الشيعي؟؟

منذ سنوات خمس مرت ونحن نقول للروس أن لديكم أخطاء استراتيجية في طريقة تعاطيكم مع الملف السوري أهمها:

_خطأ قاتل للروس أن يظنوا ومهما قدّموا من دعم عسكري (جوي وبري وبحري) لنظام الأسد، ومن دعم سياسي إن كان عبر “فيتو” مجلس الأمن أو سواه، أن يظن الروس للحظة أن بشار الأسد سيكون أقرب لموسكو من الحضن الإيراني، وزيارة وزير خارجية الأسد الجديد “المقداد” لطهران عبّرت عن عمق تفكير دمشق بترتيب تعاطيها مع حلفائها، ومن قبلها الرسالة “المذلة” للروس التي كتبت بمكتب بشار الأسد بأقلام مخابراتية وذيلت بتوقيع عضو مجلس الشعب خالد العبود والتي تطاول فيها على الرئيس “بوتين” وهدد بطرد الروس من سوريا، رسالة تعطي صورة واضحة عن تنمر بشار الأسد ومكان تموضعه النهائي.

_ خطا قاتل للروس أن يظنوا أن الورقة السورية هي ورقة مهمة للغرب وللأمريكان، وأن استحواذ الروس عليها سيقوي أوراقهم الضاغطة على طاولة التشابكات السياسية مع العواصم الأوروبية وواشنطن، وأن بمقدور موسكو مقايضتها مع الملفات العالقة الأخرى، إن كان بملف شبه جزيرة القرم، أو ملف أوكرانيا، أو ملف الدرع الصاروخي، أو ملف العقويات الاقتصادية الغربية على موسكو، وكان على موسكو أن تعلم أن جل ما تريده واشنطن من سوريا هو ما حصلت عليه من السيطرة على مقومات الاقتصاد السوري بالجزيرة السورية عبر دعمها لحليفها “قسد” (نفط، غاز، قمح، قطن، ماء، كهرباء) وذلك لمنع إعمار سوريا بأموال السوريين، وأن الهدف الأمريكي الواضح هو تشكيل حالة اقتصادية ضاغطة على نظام الأسد وموسكو وطهران لتكون شريكاً فقط بأي حل قادم في سوريا.

_خطأ قاتل للروس وبعد علاقات قوية بين الشعبين الروسي والسوري، عسكرياً وسياسياً وحتى اجتماعياً (آلاف الضباط والمهندسين السوريين والخريجين من روسيا زوجاتهم من الجنسية الروسية)، من أن تضحي موسكو بعلاقتها مع 24 مليون سوري خدمة لمصالح وبقاء أقل من 200 شخصية سياسية وعسكرية من بينها بشار الأسد.

ما ينطبق على الروس اليوم المثل المصري القائل: أسمع كلامك أتبسط، أشوف أفعالك أستعجب!!!

وهناك أسئلة تدور في أذهان السوريين:

متى تخرج القيادة الروسية من عنادها وإصرارها على البقاء في المستنقع الذي وضعهم فيه الأمريكان، وقد قالها المبعوث الأمريكي “جيمس جيفري” منذ أسابيع: (لقد ورطنا الروس بالمستنقع السوري وهم يزدادون انغماساً واستنزافاً هناك)؟؟

متى تدرك موسكو أن هناك خيارات أخرى يمكن من خلالها الحفاظ على مصالحها وعدم التضحية بإرث علاقاتها مع الشعب السوري، وتتيقن أن العلاقات المتينة والقوية هي علاقات تُبنى مع الشعوب وليس مع ديكتاتوريات وحكام ساقطين مهما طال الزمن؟؟

متى تدرك موسكو أن النصر ليس هدفاً وحيداً حتمياً في كل المعارك، بل إن تقليل الخسائر ووقف الاستنزاف قد يكون هدفاً سياسياً وعسكرياً ملحاً في بعض الأوقات؟؟

العميد الركن أحمد رحال

——————–

====================

تحديث 17 أذار 2021

————————

اجتماع الدوحة: عمودياً على طريق إيران/ موفق نيربية

صدر في ختام اجتماع الدوحة الثلاثي منذ أيام، بيان مشترك مهم في مضمونه المباشر، تصدّرت نقاطه مسألة «الحفاظ على سيادة سوريا، واستقلالها ووحدة أراضيها، وفق ميثاق الأمم المتحدة»، ثم المرور على نقطتين عمليتين لازمتين، تؤكّد أولاهما على عدم وجود حل عسكري للصراع، وتعرب ثانيتهما على موقف إيجابي من عمل اللجنة الدستورية، وضرورة التفاعل المستمر مع الأطراف السورية، من أجل استدامة عملها الفعّال، من خلال دعم جهود غير بيدرسون ممثل الأمين العام للأمم المتحدة.

ذلك مهم ويمكن العودة إليه بعد قليل، ولكن الأهم منه هو انعقاد ذلك الاجتماع وتوقيته وتركيبته. فانعقاده بالذات تغيير مهم على المحاور والتوجّهات. ويثير الانتباه بقوة تحوّل الروس من تركيز آمالهم على السعوديين والإماراتيين لتحقيق اختراق في عملية إعادة لصق فتات بشار الأسد وشظاياه، إلى الذهاب إلى الدوحة التي تؤكد – مثل تركيا – على أولوية التسليم بالانتقال السياسي. يلفت أيضاً هذا الاستبدال «القاسي» لإيران بقطر، بعد مسار ثلاثي آخر طويل، ابتدأ في آستانة، وكاد ينهي مسار جنيف أحياناً لمصلحته.

لا بدّ أيضاً من الإشارة إلى تواقت الاجتماع مع ذكرى مرور عشر سنوات على الثورة والحرب والأزمة في سوريا. وقد اهتمّت أطراف رئيسة في العالم بهذه المناسبة، وأصدرت بيانات وعقدت اجتماعات وجدّدت مطالب، في حين لم يكن ذلك على طاولة الدوحة، ولم يجر التطرّق إليه في البيان الختامي، ولا حتى من ناحية الشكليات والبلاغة في البلاغ. على الرغم من كلّ ذلك، للاجتماع أهمية ودلالات، لابدّ من ملاحقتها، ربّما لفترة طويلة. أوّل ذلك، كما أسلفنا، هو غياب إيران والانعطاف إلى قطر، من دون أن نغرق في ذلك عميقاً، قبل التثبّت من صموده في ما بعد. وفي ذلك تنعكس سمات عديدة، منها عروبة قطر، على سبيل المثال، وأهميتها في توجّهات مقبلة تعود فيها بعض جسور العلاقة بين تركيا والعرب. وكان من الطبيعي أكثر المرور على طريق دول الخليج الأخرى الأقرب إلى مصر من الناحية السياسية، كما فعل لافروف بالفعل. لكن الطريق القطري أكثر موثوقية كما يبدو، في سياسة تعتمد على تأسيس عوامل الضغط قبل عوامل المرونة والنوايا الحسنة، وذلك ليس غريباً في السياسة الدولية، والإقليمية خصوصاً. وهنا تلتقي المبادرة كذلك مع استعادة قطرية تقوى بالتدريج للاستراتيجية المستندة إلى قوة وإمكانية «الوساطة»، بدلاً من بعض ما ساد بها سابقاً من المظاهر الأكثر عنفاً، كما حدث في سوريا وليبيا. انعكست دبلوماسية الوساطة مؤخّراً بنجاح في القضية الأفغانية، ويمكن أن تكون لها قريباً مساحة للتحرّك باتّجاه إيران، مع كلّ خصومها، ومع احتدام سجالات الاتفاق النووي، حتى قول نتنياهو إنه «لن يسمح بامتلاك سلاح نووي، مع اتفاق أو بدونه».

الأكثر غرابة في توجهات أطراف الاجتماع، كان الموقف الروسي، الذي هجر- من حيث الشكل على الأقل- مثلثاً عاش طويلاً بوجود إيران والاعتراف بدورها في المسار السوري، على الرغم من كون الطرفين الروسي والتركي هما الفاعلان المباشران في المسار المذكور، كون أحدهما في العديد من الحسابات متعهداً للنظام، والآخر متعهّداً للمعارضة. وسوف تتمّ إضافة ذلك المعنى إلى مؤشّرات معروفة يتزاحم فيها النفوذ الروسي مع الإيراني على جسد النظام السوري، ويصل ذلك أحياناً إلى حدّ الصدام هنا وهناك على الأرض.

تحتاج السياسة الروسية إلى مدخل قطري في المسألة الأفغانية، يُضاف إلى مدخل تركي على المسألة ذاتها من خلال المؤتمر المزمع عقده قريباً في إسطنبول. وقد طال بالفعل ابتعاد الروس عن أفغانستان، في حين أنّ لهم جذوراً قوية هناك، دفعوا من أجلها هزيمة وخسائر وضحايا كبرى في السابق، بذلك يمكن لروسيا أن تستملك ورقة جديدة – زائفة في جوهرها- تلعب مع الأمريكيين والغرب عموماً بوجودها وعلى هوامشها. لا يستطيع الإنكار الروسي لتلك المعاني لاجتماع الدوحة أن ينفيها عملياً، بل هو يؤكّدها بشكل غير مباشر، حين يتمّ ربطها بوجود استراتيجية جديدة في واشنطن، وسياسة محتملة لها أكثر نشاطاً. ذلك مهم جداً للروس، الذين يرغبون بربط الملفات المختلفة، التي تجمّعت في علاقتهم مع الولايات المتحدة وأوروبا، بعد أن حققوا ما أرادوه شرق المتوسّط، وبقيت إشكالات أخرى ينبغي عقد «البازار» عليها الآن، وأهمها إنهاء العقوبات الغربية.

تحتاج تركيا بدورها إلى تعزيز مكاسبها، واستعادة بعض أوراقها التي خسرتها في العاصفة، وتطوير إمكانية دعم الاقتصاد الوطني، وتجميع آثار التشدّد في سياساتها شرق المتوسط، خصوصاً بعد انخراطها في مسار التسوية الليبية وتصفية عوالقها هناك، مع جباية الأرباح والفوائد الممكنة، لذلك لا بدّ من إعادة بناء سياستها العربية، وتحسين علاقاتها مع مصر والسعودية والإمارات، كما ابتدأ يلوح بالفعل في الأفق.

ولكن ما يحتاجه الأتراك أكثر من أيّ شيء آخر، هو ما عبّر عنه بيان الدوحة في نقطته الأولى، من دعم لوحدة أراضي سوريا، ومواجهة التوجّهات الانفصالية، وبالتالي تحقيق دعم روسي وقطري للاستراتيجية التركية الأكثر مركزية وحساسية في وجه حزب العمال، وأخطار وجود قوة كردية مستقرة مدعومة على الحدود، تراها قابلةً للتحوّل إلى كيان يصعب اجتثاثه إذا قام وتأسس على الأرض. هنا يرغب الأتراك – ويدعمهم الطرفان الآخران بشكل غير مباشر على الأقل – في مواجهة السياسة الأمريكية الجديدة، استناداً إلى وضعية أكثر قوة، تضرب كلّ الاحتمالات الضارة التي يمكن أن تتفرّع عن الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديمقراطية، انطلاقاً من دورها المطلوب في مواجهة «داعش»، التي ينبغي ألّا تنساها أي محاولة لرؤية سياسية جديدة. ولا يحقق مسار آستانة ووجود إيران ما يمكن لمسار الدوحة الواعد أن يحققه.

وهنالك مثلث آخر يجري تمويهه أحياناً، له علاقة ما بما جرى في الدوحة، هو الأمريكي- الروسي- الإسرائيلي. وتجتمع أطراف الدوحة كلها على قلب واحد، في ما يخصّ ذلك الاتجاه. فالروس يريدون التأكيد على ثبات مركزهم هناك، ليس من خلال دور في استعادة جثمان جاسوس، أو التزامات متحركة بالحفاظ على مسافة تواجد الإيرانيين وجماعاتهم على الحدود مع سوريا، بل في الضغط على إيران أكثر فأكثر من أجل التخلي عن سياساتها النووية والصاروخية، وطموحاتها الإقليمية التي نمت بشكل خطير حتى الآن.. تحتاج تركيا لاحقاً إلى تموضع أفضل مع إسرائيل في ما يخص شرق المتوسط وصفقاته المقبلة، وتحتاج روسيا إلى تكريس موقع لها أكثر استراتيجية في السياسة الإسرائيلية. وتحتاج قطر إلى الالتفاف على ما تشكّله اتفاقات إبراهام من خطر عليها، مباشر أو غير مباشر.

وملاحظة هامشيّة: ربّما شكّل انتهاء الحقبة الترامبية، وابتداء حقبة أخرى تبدو مختلفة أكثر من المعتاد، فرصةً لاسترداد الأنفاس للعديد من الأطراف، لتستعيد البراغماتية مركزها ودورها في استراتيجياتها، بعد أن كان الارتجال والعصبية أهمّ ردود الفعل أمام الخوف والقلق حتى الآن.. يظهر مثل هذا التحوّل في سياسات أطراف مثلث الدوحة الجديد بأشكالٍ مختلفة.

أما سوريا الحقيقية نفسها، فربما ينعكس عليها نشاط هذا المحور الجديد آمالاً بمقاربة عملية لمشكلتها، تكون الأكثر قوة منذ عام 2012 ومؤتمر جنيف وبيانه… سوريا التي فقدت مئات الآلاف من مواطنيها، وربما الملايين من الضحايا، وتشرّد نصفهم في الأرض، وابتعدت آمالهم في بناء وطن حرّ ديمقراطي يؤمن لهم الكرامة والمواطنة المتساوية. إنّها «تحتفل» بالذكرى العاشرة لثورتها، ولا يبدو على وجهها الفرح بذلك أبداً، كما ينبغي، مع انسداد الآفاق أكثر وأكثر في الأعوام الأخيرة. لأهل تلك البلاد، ربّما يكون احتمال تفتيت ما بقي من شرعية للطاغية بتطوير حملات المحاسبة والتجريم، وإجباره على الدخول في عملية تفاوض حقيقية من أجل الانتقال السياسي، وزيادة عزلة وضعف النظام الإيراني، بكلّ ما يشكّله من أخطار داهمة؛ مكسباً مؤكّداً قد يكون هنالك دور لاجتماع الدوحة فيه.. وقد لا يكون.

كاتب سوري

القدس العربي

———————

“الإخوان المسلمون”: من يفضل النظام علينا يظلمنا ونعمل لتحقيق “أجواء الحرية والديمقراطية”

صرّح مرشد جماعة ” الإخوان المسلمين” في سوريا “محمد حكمت وليد”، بأن من يفضّل نظام الأسد على الإخوان يظلم نفسه ويظلم الإخوان والشعب السوري، مضيفاً أن الجماعة تعمل على تحقيق “أجواء شفافة من الحرية والديمقراطية” في سوريا.

وحول موقف الجماعة من المنافسة على الحكم في سوريا، و إن كانت بديلة للنظام السوري، قال “وليد” لصحيفة “عربي 21”: “الإخوان المسلمون واعون تماماً لعلاقات القوة التي تحكم المنظومة الإقليمية والدولية”، مضيفاً “ومَن يفضل النظام على الإخوان يظلم نفسه ويظلم الإخوان ويظلم هذا الشعب الذي ما زال يرزح تحت سياط الفساد والاستبداد”.

وأردف: “نحن كإخوان مسلمين شاركنا في الحياة السياسية النيابية والتنفيذية في عهد الاستقلال وفي العهود الديمقراطية القصيرة التي تمتعت بها البلاد، ونشارك اليوم بالفعاليات السياسية القائمة. وأحب أن أشير هنا إلى حقيقة هامة، وهي أن حكم البلاد لا يجوز أن يكون حكرا على فئة من هذا الشعب دون الفئات الأخرى؛ فالله لم يخلق بعض الناس ليكونوا حاكمين ويخلق آخرين ليكونوا محكومين، فالناس ولدتهم أمهاتهم أحراراً كما قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه”.

وتابع: “الجواب على سؤال هل الإخوان بديل للنظام لا يكون بنعم أو لا؛ فالذي يقرر هذه القضية هي صناديق الاقتراع في أجواء شفافة من الحرية والديمقراطية، نعمل على أن تتحقق في بلدنا في المستقبل إن شاء الله”، حسب تعبيره.

وبرأي المراقب العام في الجماعة إن “قيام أي حكم رشيد في سوريا يجعل منها ثورة سياسية واقتصادية إقليمية كبرى تؤثر في توازنات المصالح لدى العديد من الدول التي تريد لسوريا البقاء في مربع التخلف والتبعية. ومن هنا جاءت الجهود المكثفة التي تبذلها بعض القوى الفاعلة لمنع قيام أي حكم إسلامي أو حتى ديمقراطي في سوريا”، مضيفاً “فالحرب في سوريا في حقيقتها هي حرب على هوية البلد العربية الإسلامية وعلى مستقبلها الديمقراطي الحر الذي يحتكم لصناديق الاقتراع الحرة النزيهة المُعبّرة عن رأي الأغلبية”.

وقال “وليد” إن “الإيرانيين حاولوا الاتصال بنا، وكان جوابنا شرطاً للقائهم هو أن تُعلن إيران أنها مع الشعب السوري ضد نظام الاستبداد والفساد، وأن تنسحب وتسحب ميليشياتها المحتلة من سوريا”، مضيفاً أنه “ومع ذلك، نحن لا نُكنُّ أية مشاعر عدائية تجاه عموم الشعب الإيراني، ولكننا ننظر لإيران كدولة محتلة ذات روح طائفية بغيضة، صاحبة مشروع يتذرع بالمقاومة ويعمل على تغيير النسيج الديني والثقافي للشعب السوري”.

وخلال حديثه قال المراقب إن “موقف المملكة العربية السعودية ليس سلبيا من الإخوان السوريين، ونحن يدنا ممدودة للتعاون مع كل القوى المخلصة في المنطقة، ونحن نأمل أن يستمر موقف المملكة الداعم للثورة السورية لتسقط النظام، وأن يبقى مانعاً من إعادة إنتاج النظام وإدماجه في المجتمع الدولي رغما عن إرادة الشعب السوري، وهذا هو أكبر ضمان لردع إيران عن تهديد دول الخليج واليمن”، حسب تعبيره.

وبشأن فاعلين جماعة “الإخوان” في “الائتلاف السوري المعارض” يقول “وليد”: “نحن موجودون في الائتلاف منذ أول تأسيسه ونشارك بمختلف أنشطته، ونعارض سياساته إذا رأيناها مخالفة لما نعتقده الصواب، ونعمل على إصلاح بعض جوانب القصور فيه. كنّا في هيئته الرئاسية في فترة من الفترات، ونحن اليوم مُمثلون في هيئته السياسية”.

الجدير بالذكر أن “محمد حكمت وليد” هو طبيب وسياسي، ويشغل منصب المراقب العام لجماعة “الإخوان المسلمين” في سوريا، حيث انتُخب مراقباً عاماً من قبل مجلس شورى الجماعة في 6 نوفمبر 2014 خلفاً ل”محمد رياض الشقفة”، وفي عام 2017 أُعيد انتخابه مجدداً مراقباً عاماً للجماعة.

———————–

“إيلاف” تكشف عن لقاء أمني مع الجانب السوري في العقبة

الاتفاق على تشكيل مجلس عسكري سوري برئاسة شخصية غير علوية

“إيلاف” تكشف عن اجتماع لأجهزة أمنية من الأردن ومصر وسوريا وتركيا ودول خليجية وروسيا تم في العقبة قبل نحو أسبوعين وتم بحث سبل العمل المشترك من اجل إعادة اعمار سوريا ودعم الشعب السوري واستثناء إيران.

علمت “إيلاف” من مصدر كبير ان إجتماعا عقد في مدينة العقبة الأردنية ضم قادة الأجهزة الامنية من الأردن ومصر وتركيا ودول خليجية وروسيا وسوريا حيث تم بحث الوضع السوري وسبل إعادة العلاقات مع الدولة السورية ومحاولة تقديم الدعم للسوريين وإعادة اللاجئين الى ديارهم وإجراء تغييرات جذرية على النظام السياسي في سوريا وإقامة مجلس عسكري أعلى يترأسه شخص مقبول على جميع الأطراف ويتم خلال المرحلة الاولى إعادة السوريين الى ديارهم دون قيد إو شرط وإعادة إعمار المناطق السورية كافة وإخراج كل التنظيمات الخارجية والدول الخارجية من سوريا بما فيها إيران وميلشياتها وتنظيمات جهادية أخرى دخلت سوريا للقتال هناك.

ولفت المصدر ان سوريا طرحت فكرة العودة الى جامعة الدول العربية وفكرة دعمها ماديا و دوليا لسداد ديونها والنهوض باقتصادها عبر تشكيل مجلس اقتصادي اعلى يترأسه شخص مختص بهذا المجال وبعضوية الدول الداعمة وهيئات تمثل المعارضة في الخارج والداخل ويكون تحت إشراف المجلس العسكري الذي يتم العمل على تشكيله في المرحلة الأولى والبدء بعملية عودة السوريين الى ديارهم على ان يتولى المجلس العسكري عملية الاشراف على العودة وإعادة الأملاك لأصحابها وإخراج كل من استولى على أملاك السوريين اللاجئين في شتى انحاء العالم.

وبحث المجتمعون مستقبل الرئيس بشار الاسد وإمكانية بقاءه رئيسا فخريا في المرحلة المقبلة وضمان أمنه وأمن مقربيه مع الاخذ بعين الاعتبار امكانية منح العلويين حكما ذاتيا في الشمال الغربي لسوريا بحسب المصدر والذي قال ان الافكار التي طرحت كانت جديرة بالاهتمام لكن التنفيذ على الارض هو الاهم واستبعد المصدر ان تبدأ عملية عودة السوريين قبل تشكيل المجلس العسكري برئاسة شخصية غير علوية وضمان أمن العائدين وأملاكهم وإطلاق سراح السجناء الأمنيين والسياسيين كلهم من سجون النظام.

———————

كواليس تشكيل المجلس العسكري وطبيعة دوره والدول الداعمة له

أكد النقيب صهيب غنام أحد ضباط مشروع المجلس العسكري أن مشروع المجلس العسكري يحظي بتوافق أمريكي روسي، ودعم من دول الجوار السوري والمحور العربي.

وقال فى حوار خاص لـ الشمس نيوز إن هذا التوافق والدعم مرتبط بالدور الإيجابي للمجلس في تحسين الظروف التنفيذية للقرارات الدولية وخاصة القرار 2254 والتي تحتاج بيئة لا يمكن توفيرها بدون المحافظة على مؤسسات الدولة السورية وإعادة ترتيبها بما يخدم تنفيذ القرارات الدولية وإلا ستبقى بدون الية تنفيذ كما هو الوضع سابقا.

النقيب صهيب غنام

وأشار غنام إلى أن توقيت إعادة تداول مشروع المجلس العسكري جاء متزامنا مع عودة الحراك الدولي والإقليمي والعربي في الملف السوري والذي يظهر حاليا في في التحركات الدبلوماسية الأخيرة لدول الخليج العربي لإنهاء معاناة الشعب السوري وهي أيضا جزء من المؤشرات الدولية على ان اطلاق مشروع المجلس في هذا التوقيت جاء بسبب الحاجة له ضمن خيارات الدول النافذة بالملف السوري .

وشدد على إن المجلس العسكري يشمل كافة الأطراف السورية بدون اقصاء أحد لأنه يعتبر ان كل الأطراف شريكة في الحل السياسي واستبعاد أي طرف يؤدي الى العودة الى الصراع وتهديد الحل السياسي نتيجة تحرك الفئات المهمشة للمطالبة بمصالحها مضيفا أن المجلس ضامن لكل مكونات الشعب السوري في المرحلة الانتقالية لان كل المكونات ستكون متمثلة فيه ، والعمل في المجلس يتم وفق الية العمل التراتبية واحترامها وكذلك المساواة بين كافة الأطراف السورية في المحاسبة وفرص العمل وعدم اتباع سياسة اقصاء لأي مكون ، وسيضمّ المجلس إضافة إلى القيادات العسكريّة شخصيات مدنيّة توافقيّة لها الخبرة في المجالات الاقتصاديّة والإداريّة والسياسيّة تساهم معه في إدارة المرحلة الانتقاليّة ضمن الأولويّات الثلاث الأساسيّات لهذه المرحلة والتي هي ضبط السلاح وتأمين المعيشة الكريمة لجميع لمواطنين وتثبيت الحريّات العامّة.

وأوضح غنام أن المجلس هو جسم تنفيذي وليس سلطة متفردة في المرحلة الانتقالية ، وجزء من هيئة الحكم الانتقالي التي فيها أيضا الهيئات السياسية والقانونية ، مبينا أن أهداف المجلس هي اعادة المؤسسات السورية لدورها الوطني الفعال وتحقيق اهداف الثورة الشعبية ونقل المؤسسات من خدمة الأشخاص في السلطة الى خدمة الدولة السورية والشعب ، وتأمين البيئة الامنة والمستقرة لعودة اللاجئين والنازحين وعودة الاستثمارات السورية ودعم مشاريع إعادة الاعمار وفتح فوري للانتقال والتواصل للأفراد والسلع بين جميع المناطق والمحافظات السورية  بكل حرية عبر تأمين الاستقرار المطلوب لدخول الشركات والمنظمات الدولية وإعادة وهيكلة وبناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية وضمن وقف إطلاق النار الشامل وحماية البنية التحتية ومؤسسات الدولة والموارد الوطنية وضمان تحقيق الانتقال السياسي وفق القرار 2254

وبين أنه ليس هدف المجلس العسكري استلام السلطة ولا فرض الحكم العسكري في البلاد بل هو جزء من هيئة الحكم الانتقالي ومن أدواره الوظيفية ضمان حسن تنفيذ القرار الدولي ومخرجاته على صعيد المصالحة الوطنية الشاملة وقيام عملية سياسية ذات مصداقية تحت اشراف دولي وضمان سلامة مؤسسات الدولة وإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية ، وتبدأ فوائد المجلس العسكري من اللحظات الأولى التي يتم التوافق فيها دوليا وبين الأطراف السورية على المجلس لانه سيعمل بشكل عاجل وفوري مع الأمم المتحدة والدول المؤثرة في الملف السوري من أصدقاء الشعب السوري على تأمين مستلزمات حياة المواطنين ورفع الفقر عنهم ضمن آليّات يتمّ التوافق عليها مع الأمم المتحدة وسيكون المشرف على تنفيذ خطوات بناء الثقة وتعزيز التقارب بين الأطراف السورية وضمان وقف اطلاق النار الشامل كما ان معظم الخطوات المعرقلة حاليا في جنيف والاستانة ستزال بسبب ارتباطها بشكل رئيسي بعدم وجود الية تنفيذية مقبولة من كل الأطراف للخطوات التي يتفق عليها وبسبب حالة التشكيك في مؤسسات الدولة لانها تحولت لخدمة طرف ومصالحه فقط .

وأكد أن موضوع الشخصيات الرئيسية في المجلس العسكري وأدوارها مرتبطة بنتائج المشاورات الدولية والمحلية التي تتحرك حاليا بخصوص المجلس سواء في دول الخليج العربي او الاتحاد الأوربي وتم حاليا تداول اسم العميد مناف طلاس والذي سبق ان عمل على هذا المشروع منذ بداية العام 2013  بناء على وثيقة التوقيع التي اطلقها الضباط المنشقين وشمل التوقيع عليها من أكثر من ١٥٠٠ضابط مع انطلاق دعوات مشابهة من بعض القوى السياسية والعشائرية والشعبية في الداخل السوري والمنتشرة بمناطق النظام والمعارضة وضمن مؤسسات وهيئات الأطراف السورية سواء العسكرية او المدنية ، وهو بنفس الوقت  يحظى حاليا بقبول دولي بين الدول النافذة من أصدقاء الشعب السوري والتي قامت في الأعوام السابقة بمشاركة ودعم مشروع المجلس العسكري ببرامج وخطط فتح جسور التواصل بين ضباط وطنيين من المعارضة والنظام.

علي أحمد _ الشمس نيوز

———————————-

بيان الدوحة حول سوريا.. هدفه تقديم المساعدات الانسانية/ أسامة آغي

در بيان عن اجتماعات الدوحة التي جمعت وزراء قطر وتركيا وروسيا يومي 10 و11 آذار/مارس 2021، جاء فيه: “إن الاجتماع يهدف لبحث سبل التعاون، التي من شأنها الإسهام في حلٍ سياسي دائمٍ في سوريا”. وأكّد البيان على “الالتزام بحماية سيادة سوريا، واستقلالها، ووحدتها، وسلامة أراضيها، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، والاتفاق على عدم وجود حل عسكري للصراع، ومحاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، ومواجهة المساعي الانفصالية”.

هذا الاجتماع، ليس اجتماعاً لحلّ الصراع السوري، فالروس الداعمون لنظام الأسد، يدركون أن ملعب الحل السياسي لا يكون في الدوحة أو أستانا أو سوتشي، بل يكمن الحل بتفاهمات صريحة وواضحة مع الأمريكيين، وهذا لم يحن موعده روسياً، في انتظار تبلور السياسة الأمريكية حيال سوريا في عهد بايدن.

زيارة لافروف لثلاث دول خليجية (السعودية والإمارات وقطر) غايتها تسويق إعادة النظام السوري إلى مقعده في الجامعة العربية، وهي ليست أول محاولة للديبلوماسية الروسية بهذا المجال.

لافروف سمع من السعوديين والقطريين، أن عودة مقعد سوريا إلى الحكومة السورية مرهون بانخراط نظام بشار الأسد بالعملية السياسية، التي ترعاها الأمم المتحدة، وفق القرار الدولي 2254.

لكن لافروف كان يبحث عن نقاط تقاطع مع القطريين والأتراك، هذه النقاط، تتعلق بتوفير مساعدات إنسانية لمناطق النظام، علّها تساعده في منع الانفجار الشعبي في عمق حاضنته.

الموقف الروسي من الصراع في سوريا لم يتغيّر بعد، وهو محاولة استكشاف الموقف الأمريكي الجديد من هذا الصراع، ولهذا يدرك الروس، أن القضية السورية مؤجلة الحل، إلى وقت حدوث تفاهمات بينهم وبين الأمريكيين، وهذا ليس واضحاً تماماً متى يحدث.

ولعل البيان أوضح في جانب منه أن الدول الثلاث تشير إلى أهمية اللجنة الدستورية السورية، وضرورة التزام الأطراف المشاركة بها بمبادئ عملها السياسية، ودعم جهود المبعوث الدولي (غير بيدرسون).

وفق ما تقدم، نستطيع القول، إنه لم يحصل أي اختراق جدي بقضية الحل السياسي في سوريا، فهذا الاختراق له شروطه الموضوعية والذاتية، ومن شروطه الموضوعية، توفر التفاهم الدولي، على تنفيذ قرار وقعه الروس في مجلس الأمن، ثم عملوا على الالتفاف على جوهره، عبر أستانا وسوتشي، وحربهم المدمرة على الشعب السوري.

أما الشروط الذاتية للحل السياسي فهي متعلقة بقناعة النظام بهذا الحل، وهو أمر لم يضعه النظام بحساباته حتى اللحظة الحالية، فهو يؤمن بالحسم العسكري والهيمنة على البلاد والعباد، ولذلك يعرقل كل المساعي الدولية والإقليمية بهذا الشأن.

(إن الزير لا يزال في البير)، وعلى السوريين أن يتحلوا بالصبر، وعدم ممارسة رفاهية الأمل من هذا الاجتماع، فالمقرر الرئيسي الأمريكي، لا يزال يبلور سياسته نحو الصراع السوري، بكل متعلقاتها الإيرانية والخليجية والروسية والتركية، وهذا يعني أن الحل مؤجل إلى حين.

إن الحديث عن سياقات أخرى للحل السياسي السوري، هي مجرد أحاديث تخدم أجندات أصحابها، فأي حل سياسي ينبغي أن يتمّ عبر سياق قرارات مجلس الأمن الدولي، وتحديداً القرار 2254، وهذا يعني أن هناك طرفين رئيسيين سيوقعان بنهاية التفاوض على تنفيذ هذا القرار، هذان الطرفان هما النظام السوري، الذي سيقبل صاغراً بتنفيذ 2254، والمعارضة التي تعمل مؤسساتها من أجل تحقيق هذا الهدف، الذي يعني انتقالاً سياسياً، تتشكل فيه هيئة حاكمة انتقالية، تفضي إلى الاستقرار ودولة المؤسسات الديمقراطية.

إن القول بمجلس عسكري انتقالي حاكم، يقصد منه تغييب القرار الدولي 2254، وتغييب مؤسسات المعارضة الرسمية، التي تعترف بها المجموعة الدولية، وبموجب هذا الاعتراف، تقوم هذه المؤسسات بتمثيل قوى الثورة والمعارضة والشعب السوري الثائر ضد الاستبداد.

إذاً اجتماع الدوحة ليس اجتماعاً لحل القضية السورية، بل هو لأهداف أخرى لا تتعلق بالملف السوري، وهذا ستكشفه الأيام القريبة التالية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

—————————

=====================

تحديث 18 أذار 2021

————————

اصطفافات جديدة في الصراع على سوريا/ بكر صدقي

ترافق مرور عشر سنوات على بداية الثورة السورية مع حراك سياسي ودبلوماسي متعدد بشأن الصراع في سوريا وعليها، لعل أبرزها اجتماع الدوحة الثلاثي الذي جمع وزراء خارجية كل من قطر وتركيا وروسيا، وأعلن عن تشكيل «آلية ثلاثية» ستكون لها اجتماعات لاحقة، في مواعيد قريبة، في كل من أنقرة وموسكو، موضوعها «البحث عن حل سياسي في سوريا». وهو ما يوحي، ضمناً، بأن الآلية الجديدة مصممة لتكون بديلاً عن آلية آستانا ـ سوتشي، وإن كان الروس قد أنكروا ذلك.

ما الذي يعنيه هذا التشكيل الدبلوماسي الجديد؟

يعني قبل كل شيء اعترافاً، ضمنياً، بوصول «الآلية» السابقة إلى طريق مسدود، وهي الحقيقة التي باتت معروفة قبل زمن. ويعني تشكيل الثالوث الجديد، ثانياً، إخراج إيران وإدخال قطر بدلاً منها في المساعي السياسية بشأن سوريا، الأمر الذي يمكن فهمه على أنه ملاقاة للاستراتيجية الأمريكية بشأن عزل إيران، مقابل استدراج الإدارة الأمريكية الجديدة للمساهمة بصورة إيجابية في البحث عن حل للمشكلة السورية، في وقت لم يتضح بعد ما الذي قد تريده واشنطن في سوريا باستثناء مواصلة العقوبات المفروضة على النظام الكيماوي، ومواصلة دعم «قوات سوريا الديمقراطية» في الشمال الشرقي.

كذلك تعني عودة قطر للانخراط في الملف السوري نوعاً من التفاهم على ذلك مع السعودية، بعد إنجاز المصالحة الخليجية، وقد تجلت هذه العودة بأوضح صورها في عودة رئيس الوزراء السابق المنشق رياض حجاب إلى صدارة المشهد المعارض، بعد سنوات من تهميشه من قبل المحور السعودي ـ الإماراتي. في المقابلة التي أجرتها قناة الجزيرة الإخبارية مع حجاب، لاحظنا حرصاً على إظهار التفارق مع الإسلام السياسي «الذي حرف الثورة السورية عن أهدافها» كما قال المحاور محمد كريشان، في حين دعا حجاب إلى «إعادة هيكلة المعارضة بصورة شاملة».

بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى، يمكن القول إن انهاء الخلاف الخليجي قد انعكس إيجاباً على القضية السورية، على الأقل من حيث انهاء الوضع المشلول لمؤسسات المعارضة الرسمية بسبب التجاذبات الإقليمية في داخلها. كذلك يمكن اعتبار استبدال «آلية الدوحة» بآلية آستانة، تطوراً إيجابياً بسبب استبعاد إيران منها. يبقى أن انعكاس هذه الإيجابيات النسبية على القضية السورية ستظل مرهونة بعوامل أخرى لعل أهمها الموقف الغربي. كذلك ينبغي توخي الحذر من التفاؤل لأن روسيا بوتين تبقى هي الشريك الأقوى في الآلية الجديدة، كما كانت في القديمة، ودورها حاسم في رسم ملامح الفترة القادمة، لكونها مسيطرة عسكرياً على الوضع في سوريا، إضافة إلى امتلاكها سلاح حق النقض في مجلس الأمن.

ولم تبدر من روسيا أي إشارة إلى التخلي عن حماية النظام الأسدي، بل على العكس من ذلك، رأينا وزير خارجيتها سيرغي لافروف يستبق اجتماع الدوحة الثلاثي بزيارتين لكل من السعودية والإمارات، تقول التقارير الإعلامية إن موضوع مباحثاته مع قادة البلدين ركزت على إخراج النظام الكيماوي من عزلته ومده بالمساعدات ليتمكن من الخروج من أزمته الخانقة. هذا ما يجعلنا، كسوريين، أقل تفاؤلاً بشأن الفترة المقبلة وما يمكن للآلية الثلاثية أن تنجزه في ظل التعنت الروسي في التمسك بالنظام وفي الدفاع عن حقه في إجراء الانتخابات الرئاسية بعد أشهر قليلة.

من جهة أخرى جاءت التصريحات الأوروبية والأمريكية بشأن رفض منح الشرعية للانتخابات المذكورة، استمراراً لمواقف تلك الدول الداعمة لـ«العملية السياسية» في إطار «اللجنة الدستورية» المعطلة، وقد كانت في الأصل هروباً من استحقاقات الانتقال السياسي وفقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

ويتضح من المقالة التي نشرها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شبكة بلومبرغ، ووجه فيها نداءً إلى الدول الغربية لدعم الموقف التركي في سوريا بصورة فعالة بدلاً من «مراقبة الصراع من المدرجات» على حد تعبيره… يتضح أن تركيا نفسها لا تعول كثيراً على الآلية الثلاثية الجديدة ما لم تدعم بجهود الدول الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة التي خاطب أردوغان رئيسها جو بايدن مطالباً إياه بالوفاء لوعوده في الحملة الانتخابية بشأن سوريا. فالآلية الثلاثية ملغومة سلفاً بسيرغي لافروف الذي لا يفوت فرصة إلا ويكرر فيها أن بشار الأسد هو رئيس شرعي منتخب لسوريا المنكوبة به.

ثمة دعوات في الكونغرس الأمريكي لتشديد العقوبات على النظام الكيماوي وحلفائه، ومحاسبته على استخدامه المتكرر للسلاح الكيماوي، قبل صفقة أوباما بشأنه وبعدها، وثمة تشدد أوروبي تجاه النظام ما زال في إطار البيانات والتصريحات. من المحتمل أن روسيا تستأنف مساعيها المتجددة لفتح قناة دبلوماسية مع الإدارة الأمريكية، على أمل منها لإيجاد توافقات بشأن سوريا وموضوعات الخلاف الأخرى، ويمكن اعتبار استبعاد إيران من الآلية الثلاثية بشأن سوريا نوعاً من «رشوة» للولايات المتحدة بهذا الخصوص.

هل تتحول دعوة رياض حجاب إلى إعادة هيكلة المعارضة إلى موضوع جديد للتجاذبات المؤذية داخل مؤسسات المعارضة تشغل الرأي العام بدلاً من إنجاز أي شيء ذي قيمة؟

كاتب سوري

القدس العربي

—————————–

آلية الدوحة بشأن سوريا/ عدلي صادق

بدا واضحا أن هناك تدبيرا استراتيجيا جديدا بالنسبة إلى سوريا، نشأ في محاذاة التحولات الجديدة في شكل أو خارطة العلاقات في الإقليم. ويتبدّى العامل التركي، أكثر الأطراف الضالعة في هذه الاستراتيجية ميلا إلى التحول عكسا، في العديد من السياسات التي اتبعتها أنقرة خلال السنوات العشر الماضية، ومعها الدوحة التي تقتفي أثرها. كما بدا أن هذه الأخيرة باستضافتها اللقاء الثلاثي القطري والتركي والروسي، ومشاركتها فيه، واعتماد مأسسة هذا اللقاء لكي يواظب على اجتماعات دورية؛ قد أعطت الإشارة العملية الأهم للتقارب مع السعودية، علما وأن الرياض أظهرت بعض التخفّف من مواقفها السابقة حيال نظام الحكم في سوريا.

ولكي يُصار إلى اجتذاب واشنطن إلى الآلية الجديدة حرصت الأطراف الثلاثة المشاركة في اجتماع الدوحة، على استبعاد الإيرانيين، ولم يقلق هذا الأمر طهران على اعتبار أن الضامن الروسي لبقاء حكم الأسد، موجود بقوة ويؤدي الغرض مستأنسا بوزنه العسكري في البلاد وبـ”أفضاله” على النظام. لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن: ماذا يريد التركي من وراء هذه التحولات التي لم تقم على مراجعات موضوعية، وإنما على نوايا مضمرة، ورغبة في الاندفاع إلى مطارح عمل جديدة. فالعلاقات بين مصر وتركيا، شهدت في الأسابيع الأخيرة بوادر انفراج، في موازاة اجتماعات قطرية مصرية، تمثل أولى الخطوات في اتجاه تصفير الخلاف. فما هو الطرف الذي يتراجع عن منهجيته، في هذا السياق كله؟ وما الذي يمكن أن تقرأه جماعة “الإخوان” من التحول في السياسة التركية؟

معنى أن يتغيّر موقف أنقرة من القاهرة؛ أن الأولى لم تعد ترى الحكم فيها انقلابيا مثلما دأبت على وصفه منذ العام 2013. ومعنى أن تشكل أنقرة ـ والدوحة في إثرها ـ إطارا للعمل في الإقليم بالتشارك مع موسكو، لن يكون إلا تراجعا عن موقف رجب طيب أردوغان من النظام السوري. فلا مجال للقول إن التناغم بين العواصم الثلاث، والتوافق على “آلية جديدة” قد جرى على أساس إطاحة الأسد. فكل ما قيل عن هدف هذه الآلية، هو أنها معنية بالبحث عن حل سياسي في سوريا، وذاك هدف عبرت عنه مصر وجامعة الدول العربية والعديد من الدول الأعضاء، ومن بينها السعودية. وعلى الرغم من وجاهة هذا المسعى السلمي، الذي يطوي صفحة الحرب، فإنه يُعدّ بالنسبة إلى تركيا نكوصا عن سياسة اتبعتها خلال سنوات الصراع في سوريا، وإعلانا صريحا بالفشل، ما يؤشر إلى أن أنقرة أخفقت في جعل سوريا منطقة نفوذ لها، وخسرت مسعاها لإضعاف النظام في مصر، ونكثت بتعهداتها لجماعة “الإخوان” وهو ما كان متوقعا.

آلية الأطراف الثلاثة، التركي والقطري والروسي، جاءت كبديل لمسار أو آلية أستانة العاصمة الكازاخية، التي تحولت إلى منصة تتعاطى مفردات الحل السياسي، وإحدى ثلاث منصات تنتسب إلى موسكو والقاهرة وجنيف. وكانت هذه الأخيرة موصولة بالأمم المتحدة ويرعاها السويدي ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي إلى سوريا. وكان ذلك المبعوث، قد استبعد من منصته في اجتماع جنيف 4 في مارس 2017 الطرفين المتشددين ضد بقاء الأسد، وهما الفرنسي والقطري، ودعا وفود منصتي أستانة والقاهرة للمشاركة، وتركزت معظم المباحثات على مسائل الدستور في سوريا المستقبلية، وشكل النظام السياسي والتوزيع الصحيح والعادل لصلاحيات الرئاسة والبرلمان والجيش في سوريا.

الآلية الجديدة التي انبثقت عن اجتماع الدوحة، جاءت كرجع الصدى للتحولات التركية. وليست هناك أي أهمية للقطريين في هذه الآلية تزيد عن كونهم ماضين في أثر الأتراك، يمينا ويسارا، وهؤلاء يتجهون إلى تغيير في السياسات، تحت ثقل الكثير من المصاعب التي يواجهها الحكم في الداخل وفي الخارج. ففي المحصّلة، لا يريد النظام التركي أن يخسر كل شيء من جراء مساندة جماعة لا يقبل ولا يستطيع أن يستنسخها في بلاده، ولا أن يرتضي أن تتسلم الحكم النسخة التركية. فقد استُخدمت النسخة الأصلية، لتأدية دور مساند للطموحات الأردوغانية في المنطقة، وانحصرت مهمة الجماعة في تأثيم الأنظمة الحاكمة على افتراض أن تأثيمها يُسقطها ويفتح الطريق واسعا أمام عثمانية جديدة.

السعوديون بدورهم تصرفوا بمنطق القائل “أطلقني وخذ عباءتي” فيمّموا وجوههم شطر أنقرة التي وجدت فرصتها سانحة للعودة إلى سياسة تصفير المشكلات التي اخترعها خبير العلاقات الدولية أحمد داود أوغلو، الذي جرى إقصاؤه بعد أن كان الرجل الثاني في النظام التركي بسبب توتر علاقته مع أردوغان.

آلية الدوحة الجديدة جاءت بمثابة إعلان وفاة آلية أستانة ـ سوتشي السابقة. ولا تجد موسكو غضاضة في فشل تلك الآلية، على الرغم من إنكار كونها فشلت. فمجرد الإعلان عن الآلية الثلاثية الجديدة تأكّد الفشل موضوعيا وجرى تغيير العناوين والأدوار.

ولم يكن استبعاد إيران إلا لعدم إزعاج واشنطن التي يُرجى منها العون على الرغم من تصاعد التوتر بين موسكو وإدارة بايدن. إن مصلحة الأميركيين في سوريا، تقتصر على دعم قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي من البلاد، وبخلاف ذلك تكتفي بمواصلة العقوبات المفروضة على النظام السوري. ويبدو أن التغييرات في المشهد كلّه، قد شملت المعارضة السورية نفسها. فقد كانت الرياض تصرّ على استبعاد رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق المنشق، لكن الرجل عاد مؤخرا إلى واجهة المعارضة بفضل التقارب السعودي القطري واستضافته قناة “الجزيرة” لكي يقول كلاما لم يكن يُرضي القطريين، وتطوّع مقدم برنامج الاستضافة بشرح المراد قوله، وهو أن “الإسلام السياسي حرف الثورة السورية عن أهدافها”، وفي المقابلة أكد حجاب على “ضرورة إعادة هيكلة المعارضة السورية بصورة شاملة!”

في هذه الأثناء، وتأكيدا على خيبة أمل أنقرة، كان وزير الخارجية الروسي في السعودية وفي الإمارات. هناك لم يَطرح شيئا سوى رغبة موسكو في إخراج النظام السوري من عزلته. ولا تزال موسكو ضعيفة الاستجابة لأي مطمح شعبي سوري في تغيير بُنية النظام، لكن ذلك لم يعد سببا خلافيا من جانب أنقرة، وهذا يؤكد بجلاء عدم اكتراث النظام التركي لمصير سوريا والسوريين أو الإخوان والإخوانيين.

كاتب وسياسي فلسطيني

العرب

———————–

مؤيدو الأسد ومعارضوه يتجاهلون واقعهم المرير/ إبراهيم الجبين

بين زمن كتابة هذه السطور ونشرها سيكون الوضع الاقتصادي لسوريا قد تغيّر، وسط انهيار غير مسبوق لليرة السورية، تزامنا مع الذكرى العاشرة لانطلاق الانتفاضة الشعبية في العام 2011 التي تشهد المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد احتفالات ومسيرات عارمة بمناسبتها، ترفع شعار “مليونيات من أجل الحرية”. وقد يقول قائل كيف يعيش السوريون أيامهم هذه؟ وبينما يلفظ المواطن السوري أنفاسه الأخيرة بسبب الجوع، حسب صحيفة “تشرين” الرسمية، تنظّم في دمشق حملة شعبية برعاية رئيس الاتحاد الرياضي فراس معلا، المقرّب من رأس النظام، تحت عنوان “أطول رسالة حب ووفاء في العالم لرجل السلام الأول”، لجمع توقيعات تؤيد رئيس النظام بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية القادمة، متجاهلة المطالب الدولية التي اعتبرت أن الانتخابات غير شرعية، وأنها لا تلتزم بقرار مجلس الأمن 2254 وتقفز فوق شرط الوصول إلى تسوية سياسية. ويصف المروّجون لهذه الحملة مسيرتهم بالقول إنها “انطلقت إلى محافظة القنيطرة ومن ثم إلى درعا، فالسويداء ثم ريف دمشق وحمص وحماة وإدلب والرقة وحلب واللاذقية وطرطوس، ومن ثم العودة إلى دمشق في السابع من أبريل تزامنا مع الاحتفال بعيد ميلاد حزب البعث، بعد أن تكون حملت تواقيع مليونين ونصف مليون مواطن سوري في المحافظات، وأنه سيتم العمل على دخول الفعالية موسوعة غينيس”.

في أي سوريا يعيش هؤلاء وأولئك؟ ليست هذه هي المرة الأولى التي يتجاهل فيها مؤيدو الأسد ومعارضوه واقعهم المرير، فقد أوصل الأسد عهده إلى مرحلة من الهشاشة لا يحسده عليها أحد. كما أوصل الكثير من معارضيه بفضل سياسات ابتعدت عن الحنكة، أوضاع الثورة الشعبية إلى انسداد في الأفق وضياع للبوصلة. وعلى الضفتين، الحال يشبه الاحتضار الجماعي غير الواعي، فمن المستفيد من سوريا منهارة؟

سؤال سيبقى يلاحق الجميع، بعد أن يروا بأعينهم نتائج السياسات التي تم اختيارها للمضيّ بسوريا خارج سياقها، وخارج دورها الاستراتيجي، وبعيدا عن كيانها كوعاء وطني حاضن للملايين من المنتمين إلى هذه التابعية. وحين نقول الجميع، فإننا نشير أيضا إلى مجمل الأدوار السلبية التي لعبها الإقليم وبعض دول العالم العربي، أما ما يسمّى بالمجتمع الدولي، فلا ضرورة لبذل الكثير من العناء لاستحضار ما قاله وزير الخارجية السعودي الراحل الأمير سعود الفيصل في مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الأول بتونس في فبراير 2012 قبل أن ينسحب من الجلسة “مؤتمركم هذا إن لم يعمل على إزاحة بشار الأسد، فإنكم ستكونون كمن يسمّن الذبيحة قبل نحرها، أنتم تشاركون في قتل الشعب السوري”.

كانت تلك مرحلة تسمين بالفعل وإغداق بالمساعدات والإغاثة، تلتها مرحلة تجويع تعرضت لها المناطق السورية المتمرّدة، حتى أكل الناس ورق الشجر في غوطة دمشق وحلب وحمص وغيرها، تحت حصار قوات الأسد وميليشيات إيران وحزب الله اللبناني التي طوّقت كل تلك المناطق. وحصار داخلي فرضته جبهة النصرة الإرهابية ونظرائها، قبل أن يشنّ الروس من السماء حصارا ناريا على الشمال والجنوب، مرادفا لحصار داعش وحزب العمال الكردستاني لعرب المحافظات الثلاث في الشرق دير الزور والرقة والحسكة، لتدور دائرة الجوع وتحيط بسكّان المناطق التي يسيطر عليها الأسد اليوم، لكن هل تغيّر شيء في مواقف السوريين؟ لم يتغيّر أي شيء.

يعتقد البعض أن السبب وراء إصرار معارضي الأسد على إزاحته بعد كل ما تعرّض له المدنيون في سوريا على يديه وبسبب خياراته المدمّرة لمعالجة الأوضاع، هو التزام منهم بموقف مبدئي. وقد يكون هذا صحيحا لدى الكثيرين منهم. لكن القلّة الفاعلة في المشهد لا تنطلق من هذا التوجّه. ومع الوقت أصبح رفض استمرار الأسد منهجا وقالبا ونمطا، وبات الخروج عن ذلك النمط يعني فقدان كل ما ترتّب عليه. والوقوف أمام الكاميرات بلا أي مشروع. لكن هل كان المشروع أساسا إزاحة الأسد وحسب، أم أن هناك برامج مستقبلية كان يجب أن ترسم دون انتظار إسقاط النظام؟ بالمقابل فإن رافضي التمرّد والثورة من السوريين الذين التصقوا بالأسد، لم يكن في تصوّرهم أن مهمتهم ستكون محصورة بالدفاع عن بقاء فرد واحد، بل كانت لديهم مخاوف من التغيير، وغلاف حيويّ آخر اعتادوا عليه بدورهم، وكان صعبا عليهم أن يخلعوه عنهم إلى المجهول.

هذا ما يجري على خشبة المسرح. لكن خلف ذلك، يبحث السوريون، في الكواليس وعلى الجانبين، عن مخرج من هذه الطريق المسدودة. الأسد يرفض قرارات مجلس الأمن وبيان جنيف الذي وقّعه حلفاؤه الروس مع الجانب الأميركي الذي يعاقب الأسد ويطالب بالحوار معه في الوقت ذاته. الروس الذين يبحثون عن مخرج هم أيضا يبتعدون عن داعمي الأسد الإيرانيين، وإيران تعرقل بدورها تطبيق القرارات الأممية التي تتمسك بها المعارضة السورية، كما تمسك الفلسطينيون بالقرار 242 ورفضوا تقسيم فلسطين، فصارت إسرائيل أكبر وأكثر قوة ونفوذا.

تطرح جهات مختلفة مشاريع مثل المجلس العسكري الذي يتوهّم البعض بأنه قادر على حكم سوريا. مجلس مشكل من قيادات عسكرية من الأطراف كافة بما فيها كبار ضباط النظام والعميد المنشق مناف طلاس وغيره. ويعود السوريون مرة جديدة إلى استنساخ التجارب التي شاهدوها في ليبيا ومصر خلال السنوات العشر الماضية، ولكن ليس تونس مع الأسف، فالمجلس العسكري المصري لم تؤسسه قوى خارجية، بل هو من عزل حسني مبارك ومن بعده محمد مرسي، والمجلس العسكري السوداني الذي لم تشكّله قوى غير سودانية هو من عزل عمر البشير، لكن تلك القوى راقبت الحدث المحلّي ولم تقف في وجه التغيير، ومن لا يعلم أن القوى الدولية القادرة على تشكيل مجلس عسكري سوري بديل لنظام الأسد، وبديل لقرار مجلس الأمن، تملك القدرة ذاتها على تأسيس هيئة حكم انتقالي مدنية وفق القرار ذاته؟

الصراع السوري، بفعل عدم إدراك السياسيين السوريين لقوة المبادرة الذاتية، خرج من كونه شأنا محليا منذ سنوات، وتحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وللمقايضة السياسية على ملفات أخرى. ولذلك من المستبعد أن يتمكن السوريون من العثور على مفتاح الصندوق الذي أغلقوه على أنفسهم إن لم يبحثوا عنه أولا.

كاتب سوري

العرب

————————-

سوريا على مسار العراق ولافروف يستبق رافعة سعودية-تركية/ منير الربيع

بين إخراج القوات العراقية من الكويت بعد اجتياحها في حرب الخليج الثانية والاجتياح الأميركي للعراق في العام 2003، 12 سنة، عاش خلالها العراق أسوأ الأزمات الاقتصادية والسياسية والمالية، وكان في عزلة لم يخرج منها. لا بد من التأمل جيداً والعودة بالذاكرة للمراجعة، على الأرجح أن ذلك هو الذي سيكون في سوريا إلى أمد طويل بكل أسف. وآثاره المدمرة ستكون على سوريا وشعبها في الداخل والخارج. كل الحركة الدولية التي تجري في المنطقة، وخصوصاً من قبل روسيا باتجاه دول الخليج لن تكون قادرة على إعادة إنتاج بشار الأسد، ولا قدرة لأحد على إعادة تعويمه. على الرغم من أن الأسد في كل مرة يشارف فيها على السقوط أو الانهيار، تأتي قوة خارجية لإنقاذه.

نتيجة زيارة سيرغي لافروف إلى دول الخليج واضحة، لا تقدم في المسار السياسي في سوريا ولا في المسار المالي، طالما أن لا اتفاق على برنامج للمرحلة الانتقالية. الموقف القطري والتركي لم يتغير، ولا الموقف السعودي تغير بخلاف كثير من التفسيرات التي اعتبرت أن الرياض مستعدة للتقارب مع النظام، وهذا تفسير خاطئ، فحتى الموقف الإماراتي الذي جاء على لسان وزير الخارجية عبد الله بن زايد حول قانون قيصر، كان واضحاً أنه لا يمكن لأحد إحداث أي تغيير في سوريا من دون قرار أميركي، قانون قيصر صادر عن الكونغرس ولا يمكن لأي إدارة أميركية أن تتلاعب به أو معه، وهو يرتبط بشكل رئيسي في المرحلة المستقبلية والتي تتعلق بإعادة الإعمار، ولا يمكن لأي طرف الإقدام على أي خطوة إلا وسيكون عرضة للعقوبات.

يؤشر المسار إلى استعصاء لن يكون متاحاً الخروج منه قريباً، وفي ظل إصرار موسكو والأسد، على إجراء الانتخابات وإعادة انتخابه، ما لن يقدم أو يؤخر في الوضع القائم، إنما سيزيد من مآسي الشعب السوري، وسيرتفع منسوب صرخات الموالين قبل المعارضين، إلى أن يصل الأمر إلى نقطة لا رجعة عنها، فينتهي الأسد. قبل ذلك لن يكون في سوريا أي جديد سوى ارتفاع أعداد الضحايا والأسرى، ومراكمة الخسائر والانهيارات بكل صنوفها. وعلى الرغم من غياب مباشر للأثر العربي في سوريا، لكن في النهاية، ستبقى الكلمة الأساسية لهذه الدول خصوصاً من بوابة إعادة الإعمار. والأكيد أن أي طرف غير مستعد لإعادة إعمار سوريا وإعادة تسليمها للأسد.

لا يمكن تقديم أي مساعدات مالية جدية إلا من دول الخليج، وهذه الدول تضع شروطها الواضحة، بأن أي مساعدات ترتبط بتحقيق شروط واضحة. تنقسم الشروط العربية إلى قسمين، قسم لا يمانع بقاء الأسد، ولكن بشرط تغيير تحالفاته وسياسته وأن يذهب إلى منهج جديد يختلف عن منهجه السابق المنضوي كاملاً في العباءة الإيرانية. بين العامين 2011 و2014 كانت إيران صاحبة القوة والنفوذ الأبرز في سوريا، أما اليوم فإن المعادلة تغيرت بشكل كامل، ففي سوريا قوى كثيرة ومتعددة، روسيا، تركيا، أميركا، إسرائيل، ويبقى الملف المستقبلي في إعادة الإعمار والاستنهاض الاقتصادي بيد دول الخليج. وبذلك تكون إيران أكثر الأطراف التي دفعت أثماناً مالية وعسكرية وبشرية، ستكون صاحبة المكاسب الأقل وفق التقديرات.

وقوف لافروف بين وزيري خارجية تركيا وقطر فيه الكثير من المعاني، وهي الحاجة الروسية الماسة للأموال، لكن الموقف القطري كان واضحاً بأنه لا يزال من المبكر البحث في الملف السوري. ولا يمكن لروسيا أن تستمر في سوريا على هذا الشكل، هي بحاجة لروافد مالية غير قادرة على توفيرها أبداً. ولذلك هي ستكون مضطرة لتقديم تنازلات سياسية لصالح الدول العربية أو الخليجية بالتحديد وهي بالأساس المخولة بالقيام بعملية إنقاذ الإقتصاد السوري، ووقف الاستنزاف الروسي.

تواجه إيران أيضاً تقارباً سنياً سنياً، بخلاف ما كان عليه الوضع سابقاً خلال إدارة ترامب، وكنا قد أشرنا في مقالات سابقة في هذه الزاوية، حول تطويق إيران سنياً من قبل تركيا وعبر إجراء مصالحات مع الدول العربية والخليجية، عبر طوق يمتد من أفغانستان وباكستان إلى أذربيجان، وصولاً إلى العراق وسوريا ولبنان، وحتى في اليمن، إذ إن المرحلة المقبلة ستشهد تقارباً تركياً سعودياً سيكون له انعكاس سياسي في المستقبل.

كان ترامب غير مهتم بسوريا، بينما هذه الإدارة تبدو مهتمة إلى حدّ بعيد بالملف السوري، سواء من خلال دعم الأكراد وعدم الاتفاق بينهم وبين النظام، بخلاف الرغبة الروسية، أو من خلال إصدار البيت الأبيض تقرير الإرشاد الاستراتيجي، والذي يتضمن فقرة واحدة عن الشرق الأوسط، تتعلق بدعم حلفاء واشنطن التقليديين وعلى رأسها إسرائيل، بالإضافة إلى مواجهة الصين وروسيا، وهذا يعني أنه لن يكون بإمكان واشنطن قطع العلاقات مع تركيا، إنما لا بد من تحسينها، بالإضافة إلى تأكيد الثبات على قانون قيصر وعدم الخروج منه، وهناك التقاء أوروبي أميركي على ضرورة تشديد الضغوط على النظام، وينعكس ذلك في المحادثات الأميركية الفرنسية، وما يشير إليه تقرير الإرشاد الاستراتيجي حول التعاون الأميركي الأوروبي أيضاً في الملف السوري.

لا يمكن لكل هذه الضغوط أن تتحول إلى هباء، إنما سينجم عنها برامج سياسية متكررة، عنوانها أساسي إما أن يرحل الأسد أو أن ينسحب حزب الله والقوات الإيرانية من سوريا. وهذه مسؤولية ملقاة على عاتق الروس، الذين يعرفون أنه ليس من السهل إخراج إيران من سوريا، لا بل من المستحيل، ولكن الميليشيات التابعة لإيران هي التي ستخرج، بينما تحتفظ طهران بنفوذها السياسي كدولة إيرانية بعد كل ما حققته على طول مساحة الجغرافيا السورية وعرضها. جانب من هذه الملفات كلها كان حاضراً على طاولة التفاوض بين وفد حزب الله والمسؤولين الروس خلال الزيارة التي أجريت إلى موسكو.

تلفزيون سوريا

——————–

ليس لدى بوتين من يكاتبه/ حسان الأسود

تبحث روسيا عن استثمار نتائج تدخلها العسكري في سوريا بأوجه مختلفة، وتحاول ترجمة ذلك على أرض الواقع من خلال ترميم المشهد السوري ببعض المساحيق التجميلية. إذا صحّت الأخبار القائلة بأنّ بعض دول الخليج كانت مساهمة في إقناع الروس بالتدخّل عسكرياً بعد الحصول على الموافقة الأميركية، فإنّ من شأن ذلك أن يوضّح جزءاً من التركيبة المعقّدة للوضع الراهن في هذا المشرق المضطرب. يأتي استشعار الروس لخطر الانزلاق في المستنقع السوري كما كان وضع السوفييت في أفغانستان، نتيجة بدهيّة لعدم قدرتهم على حسم المعركة واستعادة كامل الأراضي التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد من جهة أولى، ولعدم قدرتهم على تشغيل مؤسسات الدولة السورية، التي كان منع انهيارها هو العنوان الأبرز لتدخّلهم الدموي من جهة ثانية، ولعدم قدرتهم على إعادة إعمار ما ساهموا بتدميرهم بهمجيّتهم المعهودة من جهة ثالثة. وفق هذه الخلفية يمكن قراءة المنصّة الثلاثية الجديدة التي توافق الروس والأتراك على إطلاقها مع مضيفيهم من العاصمة القطرية الدوحة، وهي بوّابة صريحة لمغازلة السعوديين بقضايا تهمّهم جداً هذه الأيام.

تحاول روسيا استثمار حالة الضغط الأميركي على دول الخليج لإنهاء الحرب اليمنية، وتحاول أن تلعب دور الحليف الممكن الاعتماد عليه والذي لا يتخلى عن حلفائه كما الأميركيين. هناك فراغٌ تكتيكي في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية، يتسبب به تغيّر الإدارات بين الجمهوريين والديمقراطيين، ويظنّ الروس أنّهم قادرون على ملئه جزئياً ومن ثمّ البناء عليه لعقد شراكات وتحالفات استراتيجية بعيدة المدى.

تحاول روسيا استثمار حالة الضغط الأميركي على دول الخليج لإنهاء الحرب اليمنية، وتحاول أن تلعب دور الحليف الممكن الاعتماد عليه والذي لا يتخلى عن حلفائه كما الأميركيين. هناك فراغٌ تكتيكي في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأميركية، يتسبب به تغيّر الإدارات بين الجمهوريين والديمقراطيين، ويظنّ الروس أنّهم قادرون على ملئه جزئياً ومن ثمّ البناء عليه لعقد شراكات وتحالفات استراتيجية بعيدة المدى.

ستعرض روسيا خدماتها الاستخباراتية وإمداداتها للملكة العربية السعودية بالأسلحة لمواجهة خطر التمدد الإيراني عبر مسيّرات الحوثيين. يدرك الروس مدى امتعاض الأتراك من سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الملف الكردي والدعم الكبير الذي تقدّمه لخصومها أو أعدائها اللدودين هناك، لهذا سيعملون على رفع مستوى التحالف مع الأتراك من جهة، وعلى مدّه باتجاه شمال شرق سوريا لممارسة مزيد من الضغط على الإدارة الذاتية هناك.

يدرك القطريّون أنّ حلفاءهم الأتراك قد هزموا الروس مرتين في معركة المسيّرات، واحدة في إدلب والثانية في أذربيجان، لذلك كان الحليف التركي حاضراً على الطاولة وبثقلٍ كبير، مما سيشكّل منقذاً للسعودية من خطر ما زال يتفاقم يوماً بعد يوم. يسعى القطريّون بدورهم أيضاً إلى ترميم العلاقة بين السعوديين والأتراك، وهم ذوو باع طويل في ممارسة دور الوساطة الحميدة بين الأطراف المتنازعة. لقد حافظت الدوحة على علاقات متوازنة مع جميع الفاعلين الدوليين والإقليميين في الشأن السوري، كما في غيره من الشؤون العالقة الأخرى، فرغم الحصار الذي تعرّضت له من دول الجوار القريب إضافة لمصر، إلا أنها استطاعت أن تكون حاضرة على الساحة الدولية، بل إنّ الحصار أفادها كثيراً في خلق بدائل قويّة للعلاقة مع دول الجوار العربي، وأبرز هذه البدائل كان الحلف الاستراتيجي مع الدولة التركية. احتفظت قطر بملفات معقدة وشائكة في نفس الوقت ونجحت في إدارتها، بدءاً من ملف حماس والجهاد وانتقالاً للعلاقة مع إيران وتوابعها مثل حزب الله، وصولاً إلى ملف المفاوضات مع طالبان الذي يعتبر من أهمّ الملفات الدولية التي ترعاها. أثبتت قطر خلال أزمة الحصار أنها قادرة على البقاء والتأقلم، وهذا جعلها لاعباً هامّاً لا يمكن تجاهله. 

على الضفّة التركية نجد أنّ الشهية لتوسعة المجال الحيوي للأمن القومي مفتوحة، وهي تتقاطع جزئياً مع الأمن القومي العربي خاصّة لناحية العدوّ / المنافس الإيراني. من هنا نجد التقارب التركي المصري ضرورة للجانبين. سيجعل هذا الأمر مصر أكثر قوّة في مواجهة الضغوط الغربية بملف حقوق الإنسان، وسيجعل تركيا أكثر قرباً من منابع الطاقة والغاز في البحر الأبيض المتوسط. تدرك تركيا أنّ صراع الحدود البحرية كبيرٌ جداً مع الأوروبيين، وأنها بتنازلها في معاهدة لوزان قبل قرن من الآن، عن أية مطالبات في ليبيا ومصر قد خسرت ورقة هامّة في مجال ترسيم الحدود، فالجزر التي أخذتها منها إيطاليا ثمّ تنازلت عنها لليونان حرمت تركيا من الحيد البحري الذي يتناسب مع حجمها ومكانتها وحتى مع تاريخها الإمبراطوري أمام السلطنة العثمانية. لذلك سيكون من المفيد لها إعادة بناء العلاقة مع النظام المصري ولو على مضض، كما سيكون من مصلحة المصريين التعاون مع الأتراك لاقتسام الكعكة بدل الخصام وذهابها كاملة للأوروبيين.

لا يمكن تجاهل إسرائيل وعلاقتها الشائكة مع هذه الأطراف جميعها، فهي بلا شك ستدخل من باب المساعدة في مواجهة إيران واستفزازات الحوثي والميليشيات العراقية، كذلك ستقدّم أوراق اعتمادها عبر الإمارات لمحاربة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإسلامية، وهي بذلك تقدّم نفسها ومصالحها في تقاطع مع المصالح السعودية والإماراتية والمصرية بشكل كبير. هنا لا بدّ من الإشارة إلى التوتر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن، وحاجة الأول لانتصارات من أي نوع لاستثمارها في انتخاباته البرلمانية القادمة، وإلا واجه السجن هو وعائلته، بينما يرى الثاني أنّ إدارته هي من يرسم شكل العلاقة الثنائية لا حكومة إسرائيل ولا رئيسها المثقل بالمشاكل. قد يجد الروس لهذا الأمر منفذاً من خلال علاقة ثلاثية تجمعهم بالإماراتيين والإسرائيليين في قادم الأيام أيضاً.

يسعى الروس إلى حلّ المعضلة السورية بما يضمن مصالحهم الاستراتيجية التي تدخّلوا من أجلها. إنّ أي حرب لا تنتهي بمكاسب سياسية وبالتالي اقتصادية هي حرب خاسرة. لكنّ الثمن الذي تطلبه السعودية مقابل الدعم المالي للروس هو إخراج إيران من سوريا بشكل فعلي ونهائي، وأغلب الظنّ أنّ الروس وحدهم غير قادرين على القيام بذلك. وبالنسبة لقطر يجب أن يكون ثمن الدعم تطبيع العلاقات مع دول الخليج بشكل كامل، وهذا أيضاً ليس بمقدور الروس تقديم شيء ذي قيمة فيه. أمّا الإمارات التي حاولت أن تخرق الحصار المفروض على نظام الأسد مراراً، فوجدت نفسها في مواجهة موقف حاسم من قبل الإدارة الأميركية فيما يخصّ العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر، وهنا لا يمكن للروس أن يقدّموا لها شيئاً، فهم ذاتهم موضوعون على قائمة العقوبات الأميركية.

لا تعتبر النجاحات التي تحققها روسيا في ملفات صغيرة مثل إعادة رفاة جنود إسرائيليين، أو ساعة الجاسوس كوهين، أو تقديم لقاحات كورونا لنظام المقاومة من عدوّه المُعلن، سوى انتصارات هزيلة لا قيمة لها في اعتبارات الدول والمصالح المتضاربة. ليس من شأن هذه الحركات البهلوانية سوى تأكيد تبعيّة الأسد ونظامه لحاكم الكرملين، لكنّها مسائل لا تُسمن ولا تغني من جوع.

سيحاول الروس خلق منصّات كثيرة للقفز على الاستحقاقات الكبيرة التي يتعامون عنها، فهم لا يريدون رؤية الفيل القابع في الغرفة، وبدون انتقال سياسي حقيقي لن يكون هناك أي دعم أميركي أو أوروبي، ولن يكون بمقدور العرب – ولو رغبوا بذلك – أن يقدّموا أي شيء بهذا الخصوص.

تكمن معضلة الروس في إدراكهم أنّ أيّ انتقال سياسي حقيقي قد يورّطهم بالتعامل مستقبلاً مع إرادة شعبية حقيقية لم تنسَ ولن تنسى جرائمهم. سيبقى الروس على حالهم هذا، وسيبقى الجنرال بوتين في عزلته يبحث عمّن يكاتبه، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً ما لم يغيّر من عقليته المتخشّبة عند حدود إمبراطوريّة أفلت ولن تعود.

تكمن معضلة الروس في إدراكهم أنّ أيّ انتقال سياسي حقيقي قد يورّطهم بالتعامل مستقبلاً مع إرادة شعبية حقيقية لم تنسَ ولن تنسى جرائمهم. سيبقى الروس على حالهم هذا، وسيبقى الجنرال بوتين في عزلته يبحث عمّن يكاتبه، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً ما لم يغيّر من عقليته المتخشّبة عند حدود إمبراطوريّة أفلت ولن تعود.

تلفزيون سوريا

——————————–

الائتلاف الوطني… ما بين المبادئ المعلنة والجهاز التنظيمي/ رعد أطلي

لا بد من بعد عشر سنوات من الثورة، وما يزيد عن ثمان سنوات من عمر الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة الوقوف قليلاً وأخذ النفس، وقراءة التجربة، ولو بشكل سريع، بعيداً عن الصياح والشعبوية والتقاذف الذي يملأ الميديا الجديدة، وبالارتكاز على أساس عقلاني يعتمد الأرقام والمعلومات المستقاة من المصدر الرئيسي للائتلاف، وهو الموقع الرسمي له.

تأسس الائتلاف في الربع الأخير من عام 2012، وجاء كبديل أكثر اتساعاً، ومن المفترض أيضاً أكثر تمثيلاً لقوى المعارضة والثورة مما كان عليه الأمر في المجلس الوطني، ولم يزد عن تشكيله شهرا واحدا حتى شارك في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي ضم 120 دولة، واعترِف بالائتلاف ممثلا شرعياً للشعب السوري، وحصل على مقعد سوريا في الجامعة العربية، وبات له ممثليات في أكثر من90 دولة وصلت إحداها لتكون السفارة الرسمية لسوريا، وهي السفارة السورية في قطر.

كان للائتلاف إنجازات لا يمكن التغاضي عنها، أولها توحيد المناهج التعليمية والعمل على إطلاق المسيرة التعليمية ودعمها، وأيضاً في مراحله الأولى دعم تشكيل المجالس المحلية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، كما لعب دوراً في مجال الدعم الإغاثي والإنساني، واستطاع أن يبدأ عملية تفاوضية سياسية في جنيف جعلته نداً مفاوضاً للنظام معترف به دوليا، مما جعل للدولة السورية رأسين يتنافسان عليها.

اليوم وبعد كل الأحداث التي مرت بها الثورة السورية ما زال الائتلاف حتى الساعة الممثل الشرعي للمعارضة والثورة، ولهذا الكيان مبادئه الأساسية التي ينشرها على موقعه الرسمي ضمن مبوبة الرؤية السياسية له، والتي تقول ببناء الدولة المدنية التعددية الديمقراطية القائمة على أساس المواطنة، فما مدى تطابق رؤيته مع سياساته وسلوكيات أعضائه؟

أزمة التمثيل وفوضاه

إن المواطنة تعني في صلبها المساواة بين جميع أفراد الدولة دون النظر أو الاعتماد على أي تمييز بينهم على أي أساس طبيعي مثل الطائفة أو الدين أو العرقية أو الجنس. إلخ، ورغم أن دستور العراق يصر على المواطنة مبدأ في الدولة، وكذلك دستور لبنان، فإن الانقسام الطائفي المستعر هناك يتجلى بالدرجة الأولى من خلال البنى التقليدية التي تحكم العملية السياسية، والتي تنتج شكل الديمقراطية التي تحكم هذين البلدين حاليا، ويبدو أن الائتلاف الوطني نفسه يسعى لنمط مشابه لهذه الديمقراطية، فالائتلاف في بنده الثاني من مبادئه يرى أن على الدولة الاعتراف الرسمي بالمكونات السورية وضمان حرية ممارستها للغتها وتقاليدها، بمعنى أكثر تجريداً الاعتراف بالحقوق الثقافية، ولا يوجد بند يعترف بحقوق سياسية لتلك المكونات، وهذا أمر طبيعي، لأن في دولة المواطنة الحقوق السياسية واحدة، لأنها حقوق خاصة بالفرد على اعتباره مواطناً يحوز الحقوق وعليه الواجبات نفسها بالمقارنة مع أي مواطن آخر، والمواطنة بطبيعتها تتطلب الحداثة، وخاصة في مرحلة الانتقال الديمقراطي، وأكثر خصوصية في الدول التي تحتوي تنوعاً إثنيا في مجتمعها، مما يستدعي وجود بنى حديثة على أساس مهني أو سياسي أو مطلبي، وهذا لا ينفي وجود دور للمجتمع الأهلي، لكنه يصبح مهدداً للمواطنة بكليتها إن كان دوراً كبيراً، لأن البنى التقليدية والطبيعية من العشيرة والطائفة والعرق والقوم لا يمكن لها أن تطور مجتمعا سياسياً مدنياً، لأنها في الأصل قائمة على أساس ضد حداثي، وإذا ما نظرنا إلى الائتلاف الوطني، نجد أن عدد أعضائه المنتمين إلى بنى تقليدية على أساس الانتماء الديني أو القومي أو العرقي يشكلون ما يقارب 43٪ من أعضاء الائتلاف (تم احتساب ممثلي الفصائل ضمن البنى التقليدية لأنها تتبنى شعارات دينية وتتألف من مكون واحد من المجتمع السوري)، بينما تشكل القوى التي من المفترض أن تكون مدنية 57٪، ولكن حتى تلك القوى المدنية في قسم كبير منها تحمل أسماء ذات طابع وطني أو لا يحمل دلالة لانتماء طبيعي ما، مثل تيار المستقبل أو حركة العمل الوطني، إلا أنها فعلياً بنى أهلية أيضا بلبوس حداثي، كما أن فروق التمثيل واضحة، فإن عدد مَن يمثلون المجالس المحلية في الائتلاف الوطني 7 أعضاء مقابل 11 عضواً يمثلون الفصائل العسكرية، ولجماعة الإخوان المسلمين باسمها الصريح ثلاثة أعضاء، في حين للتجمع الوطني الحر للعاملين في مؤسسات الدولة، الذي من المفترض أنه يمثل الموظفين المنشقين عن النظام على مختلف انتماءاتهم، والذي يعتبر بنية مدنية حديثة، ممثل واحد فقط.

بعيداً عن غلبة البنى التقليدية وما تشكله من خطر على أي مشروع وطني يسعى لبناء دولة المواطنة، فإن مكونات الائتلاف عموماً لا تمثل بشكل حقيقي القوى التي من المفترض أن تمثلها، فتكتل الحراك الثوري الذي يحوي تسعة أعضاء، ومنهم رئيس الائتلاف نفسه، يكاد يكون ممثلوه هم أنفسهم منذ انطلاقة الثورة، رغم أن أشكال الحراك الثوري والجغرافية وحتى الشخوص والكتل التي نشأت خلال السنوات الأخيرة قد تغيرت بشكل جذري، وخاصة بعد عمليات التهجير، ولذا فإن ممثلي الحراك الثوري يمثلون حراكاً ثورياً آخر غير الذي يجري الآن سواء في سوريا، أو خارجها، بل إن معظم الحراك الثوري الحالي يرفع لافتات بشكل يكاد يكون يوميا، وخاصة في مناطق الثورة التي تعادي من يدعون تمثيلها.

إن القوى السياسية الممثلة في المجلس أيضا هي قوى رخوة لا وجود حقيقيا لها على الأرض، فلا توجد قوة سياسية مشاركة في الائتلاف يمكن في أفضل أحوالها أن تتكون من خسمين عضواً، بل إن هناك كتلا لا توجد إلا على صفحة الائتلاف الرسمية فحسب، مثل الكتلة الوطنية المؤسسة، ناهيك عن وجود كتل وهمية لم يعد لها أعضاء في الائتلاف مثل إعلان دمشق والتيار الشعبي. الرخاوة أيضا في مدى علاقة أعضاء الائتلاف بكتلهم، ففي عام 2015 بدأ يتشكل في مدينة غازي عنتاب التركية ما تم تسميته التجمع الوطني الحر، وكان يهدف للوقوف في وجه الائتلاف، وترشيد سياساته أو مواجهته بسبب انحرافه عن الخط الوطني، كان يحضر الاجتماعات أعضاء من الكتلة الديمقراطية وتيار مواطنة والكتلة الديمقراطية الوطنية وحزب وعد وأحزاب كردية وغيرها، إلا أن تلك القوى كان لها ممثلوها في الائتلاف الوطني، كانت هي الائتلاف الوطني، بمعنى آخر كانت عبارة عن اجتماعات لقوى الائتلاف الوطني تواجه انحرافات قوى الائتلاف الوطني!

حتى التوزيع على أساس المكونات لم يكن مطابقا لتلك المكونات على الأرض، فعلى سبيل المثال المجلس التركماني لديه ما يزيد عن 8٪ من أعضاء الائتلاف، والمجلس الوطني الكردي مع رابطة المستقلين الكرد يشكلون 13٪ من أعضاء الائتلاف، فهل تلك النسب تطابق نسب تلك المكونات في المجتمع السوري؟ وعلى أي أساس يتم توزيع المقاعد، وفي الوقت نفسه لا يوجد أي تمثيل لمكونات أخرى مثل الشركس والأرمن.

يضاف إلى ذلك أن هناك ما يقارب 5٪ من أعضاء الائتلاف مجهولون، بمعنى لا يوجد أي معلومات عنهم ولا صور ولا أسماء صريحة، ودواعي هذا الحجب أمنية، ولكن لماذا يكون هناك أعضاء غير قادرين على الظهور أو التعريف بأنفسهم لدواع أمنية من الأصل؟ يمكن أن نتفهم ذلك في بداية الثورة، ولكن في وقت يوجد فيه الملايين من السوريين الذين ينادون بالشكل الصريح بمعارضتهم للنظام يكون من عدم المنطقي وجود ممثلين للثورة والمعارضة مجهولين.

نسبة تمثيل النساء 0 ٪

إن أكثر ما يظهر التناقض الظاهر بين مبادئ الائتلاف وتجلياته التنفيذية هي نسبة النساء، حيث تشكل النساء من نسبة الأعضاء الممثلين لمكونات الائتلاف 0 ٪، لا يوجد أي تكتل في الائتلاف تمثله امرأة، والعضوات فيه جئن من قائمة المستقلين والمستقلات، وبهذه المكونات نفسها يريد الائتلاف أن يبني دولة المواطنة ويعمل على “ترقية” المرأة كما سمى الأمر في البند الثامن من مبادئه، وتشكل النساء من أعضاء الهيئة العامة عموماً أقل من 10٪، ولا بد من ذكر الطريقة التي تم تعيين المستقلات عبرها، والتي أثارت جدلاً كبيرا بين الناشطات، حيث تم اختيارهن بناء على سيرهن الذاتية، وكأنهن يقدمن للعمل في شركة أو منظمة ما، ناهيك عن أن عدد النساء في مراكز اتخاذ القرار في الائتلاف (الهيئة السياسية والرئاسة) امرأتان مقابل 22 رجلاً، مما يجعل قدرة تأثير المرأة في القرار معدومة.

قوة التصويت والهيمنة

هناك كثير من الحديث عن هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على قرار الائتلاف، ولا تناقش هذه المادة التأثير القادم من التدخل الإقليمي في الائتلاف، حيث لا يوجد أدوات واضحة للقياس، إلا أنه يمكن قياسها على مستوى المؤسسة، فرغم أن تكتل الإخوان المسلمين باسمهم الصريح ليس لديه سوى ثلاثة أعضاء في الائتلاف، إلا أن عدد الأعضاء من المستقلين أو المنتسبين لتكتلات أخرى مثل الحراك الثوري أو حركة العمل الوطني أو رابطة العلماء السوريين …إلخ الذين يرتبطون بشكل واضح عن طريق العضوية المباشرة أو عن طريق الدعم الصريح للإخوان المسلمين يقارب 40 ٪ من كتلة أصوات الائتلاف بالحد الأدنى، وذلك بناء على تصريحات هؤلاء أو مواقفهم أو قراراتهم بالتصويت، هذا دون أن يقوم الإخوان بأي تحالف، مما يجعلهم قادرين على إفشال أو إنجاح أي عمل يقوم به الائتلاف.

الشفافية المعدومة:

لأكثر من عشر سنوات لا يعرف الشعب السوري أي معلومة حقيقية موثقة عن حجم التمويل الذي وصل للائتلاف، ولا عن مخارج صرفها أو آلياته، واختلط المال العام بالخاص، فلا يمكن مثلا تحديد ما قدمته السعودية في فترة رئاسة أحمد الجربا للائتلاف من كونه منحة للمؤسسة أم الشخص، وعبر الثماني سنوات لا يوجد أي تعامل نزيه وشفاف وسط كثير من الأخبار والإشاعات عن الفساد المالي والإداري وإهدار المال العام، مثل قضية مكتب تأجير السيارات لحكومة أحمد الطعمة وغيرها، ورغم كل ذلك لا ينشر الائتلاف الوطني لليوم ميزانيته أو صرفياته، كما أن انعدام الشفافية يتخطى الجانب المالي إلى الجانب الإداري والتنظيمي، فعلى سبيل المثال لم ينشر الائتلاف على موقعه الرسمي نظامه أو لائحته الداخلية الذي تحدد آلية اتخاذ القرار فيه ونمط العلاقات الداخلية، ومستوى التداول الديمقراطي.

أعضاء متهمون بالاحتيال والدعوة للكراهية

في عام 2015 تم إصدار جوازات سفر بديلة عن التي يصدرها النظام، وكان القائم على العملية السيد محمد نذير الحكيم عضو الائتلاف وممثله في تركيا، وراح السوريون يستخرجون جوازات السفر ويستلمونها من مبنى الائتلاف في تركيا، أو إحدى المراكز المعتمدة، برسوم تبلغ 200 دولار للإصدار، أو٤٠٠ دولار للإصدار السريع، على أساس اعتراف عدة دول به، ولكن ما إن مرت فترة حتى بات هذا الجواز في حكم المزور، وفي عام 2017 تجاوز عدد الذين يواجهون قضايا تزوير بسبب هذه الجوازات في تركيا 315 شخصاً تم ترحيل 109 حالات منهم، ولم يقدم الائتلاف الوطني أي معلومات عن الجهة التي تسلمت الأموال، ولم يفتح تحقيقاً بالأمر، والشخص المتهم بالأمر ما زال عضوا مهما في الائتلاف الوطني.

في منتصف 2017 قام تنظيم داعش بمهاجمة قرية المبعوجة في ريف سلمية وبقتل 50 شخصا بينهم على الأقل 15 مدنياً، صرح حينها عضو الائتلاف الوطني سليمان الحراكي على صفحته على الفيس بوك مستهجنا إدانة الهجوم “البعض يتباكى بكل وقاحة على قرية المبعوجة النصيرية التي تم اقتحامها على يد تنظيم “داعش”، والله لو اقتحموا القرداحة وسحلب لتباكوا على هذه الأوكار، أضحى النفاق والكذب ديناً عند من يدعي المعارضة”، ورغم أن الائتلاف أصدر بياناً بفصله، لكنه أكد أن قرار الفصل لا يتم إلا بعد التصويت ونيل أكثر 50٪ من الأصوات، ويبدو أن أكثر من 50 ٪ من أعضاء الائتلاف رؤوا وما زالوا يرون أن تصريح سليمان الحراكي تصريح لا يختلف مع مبادئ الائتلاف في الدولة الديمقراطية التعددية، لذا ما زال الحراكي عضوا حتى اليوم فيه.

من الأمور التي تلفت الانتباه أنه بالنسبة للمستقلين هناك شريحتان في الائتلاف، شريحة المستقلين “العاديين”، وشريحة المستقلين “غير العاديين”، فإضافة لوجود المستقلين هناك من تم تسميتهم “شخصية وطنية” مثل أنس العبدة وهادي البحرة، ولا يسمي طبعا النظام الداخلي للائتلاف ما هي المعايير التي تجعل من المرء شخصية وطنية متمايزة عن باقي الأعضاء، وإن الصفة تستدعي بالضرورة أن تلك الشخصيات قدمت شيئاً اسثنائياً يجعل منها شخصيات أكثر وطنية من غيرها، لكن لا يوجد تعليل لتلك الوطنية الفائضة.

إن ما يميز الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة خلال سنواته الثمان الماضية أنه بات فارغا من مبادئه، فارغاً من كل شيء.

تلفزيون سوريا

——————————–

في الخطاب الاستعلائي (للديمقراطيين)/ حسن النيفي

مع حلول الذكرى العاشرة لانطلاقة الثورة السورية، يعود الحديث مجدداً في أوساط العديد من الجماعات السياسية السورية حول ضرورة تشكيل أو إنشاء كتل أو تجمعات سياسية وازنة، استجابة لما تمليه المرحلة الراهنة التي تشهد استفحالاً لمأساة السوريين من الناحية الإنسانية، موازاة مع حالة الانسداد الكامل في مسار العملية السياسية التي تعكس كامل بؤسها في اللقاءات المترنّحة للجنة الدستورية. لا شك أن نبرة الحديث عن افتقاد الحالة السورية لتنظيمات سياسية ذات وزن وتأثير، هي الأعلى لدى مجموعات تسمّي نفسها (القوى الديمقراطية) وهي تعني بهذه التسمية الجماعات اليسارية التي ينحدر معظمها من إيديولوجيات شيوعية سابقة، وربما بعضها يعلن انحيازه لتيار ثقافي يتماهى في كثير من جوانبه مع المفاهيم الحقوقية من منظورها الليبرالي.

ولعل الواضح أن هكذا دعوات إنما تأتي استجابة لوجوب المراجعات النقدية الدائمة لمسارات الثورة، إلّا أن الغريب في الأمر، أن هذه المراجعات غالباً ما تكون مواكبة لمناسبة ما، كذكرى انطلاقة الثورة مثلاً، الأمر الذي يستدعي سؤالاً مقلقاً: هل التفكير بأي مراجعة نقدية بات محصوراً بالمناسبات فحسب؟ وهل بات تعاطي السوريين مع واقع القضية السورية يتخذ منحًى وظيفياً يقتضيه واجب المناسبة فقط؟.

بالعودة إلى الجهود التي تبذلها القوى (الديمقراطية) حول ضرورة إنشاء كيان سياسي ديمقراطي وازن، لا بدّ من سماع شرح طويل ومفصّل، واستعراض دقيق من (الديمقراطيين أنفسهم) إلى تشخيص الأسباب الحقيقية التي حالت دون وجود الكيان الديمقراطي المنشود طيلة السنوات السابقة، فذلك ربما يُعدّ الخطوة الأولى والضرورية التي تمهّد للانتقال إلى الخطوة أو المرحلة الثانية من العمل.

في الخطوة الأولى (التشخيص): نسمع شرحاً طويلاً ومفصلاً عن تغوّل القوى السياسية الإسلامية في مفاصل الثورة، وسعيها الحثيث نحو الهيمنة واستثمار العمل الوطني لصالح رؤاها الإيديولوجية ذات النزعة الصارخة نحو التسلّط، كما نسمع شروحات أكثر تفصيلاً عن الدور المدمّر للجماعات الدينية المتطرفة (داعش والقاعدة ومشتقاتهما)، وكذلك عن جميع الفصائل العسكرية المتأسلمة، ودورها التخريبي في استنزاف قوى الثورة من جهة، وفي تشويه الوجه الناصع للثورة السورية في أنظار المجتمع الدولي من جهة أخرى، بل بات من غير المستغرب أن نسمع الكثير منهم لا يكتفي بالحديث عن دور الإسلام السياسي في خراب الثورة فحسب، بل يمتد الكلام على الحاضنة المجتمعية السورية ذات الأكثرية السنية التي اتّسمت بالتديّن، ووفّرت المهاد والغطاء معاً لاستفحال نزعة التطرف والعنف، بل وربما امتدّ الحديث لاستحضار حقب سحيقة من التاريخ، بغية التنقيب في تضاعيفها واكتشاف البذور الفكرية والفلسفية التي أسست لكوابح الوعي والفكر الديمقراطي لدى السوريين، وبالتالي سنكون أمام إرثٍ مليء بالسواد والأوبئة الفكرية والثقافية، أضف إلى ذلك مجتمعاً محكوماً بوعيه وتفكيره الفطري الموروث بنزعة دينية لا تستجيب لأدنى دواعي الحداثة والتطور اللتين يستوجبهما الوعي الديمقراطي الحديث. وبناءً على هذا التشخيص ذي المنشأ (الديمقراطي)، يبدو المجتمع السوري بغالبيته غير مؤهل لاستيعاب، ليس الديمقراطية فحسب، بل جميع مفاهيم الدولة الحديثة، وفي طليعتها: الحرية. وفي هذا السياق تصبح نظرية (التجانس) التي تذرع بها بشار الأسد لتبرير التغيير الديموغرافي في سورية حاجة، ليس بالنسبة إلى السلطة فحسب، بل للقوى (الديمقراطية) أيضاً. إلّا أن المفارقة العجيبة التي ربما خفيت، أو أخفاها (الديمقراطيون) هو أن الشعب السوري الموصوف بالعقم من جانب الديمقراطيين، هو ذاته من فجر ثورة آذار 2011 العظيمة، والتي بفضلها يتحدث (الديمقراطيون) وسواهم بهذه الأريحية.

ما هو مؤكّد، أننا لسنا بصدد محاكمة تشخيصات (الديمقراطيين) التي حالت – طيلة السنوات الماضية – دون الوصول إلى مبتغاهم، وذلك لسببين اثنين، الأول أنهم أحرار فيما يذهبون إليه ويستنبطونه، بل ربما يتفق المرء مع شطر لا بأس به مما يذهبون إليه. والثاني: أن تلك التشخيصات لم تعد جديدة، بل باتت ملازمة لأي حديث يطال مسار الثورة من حيث التقييم والتقويم، ولكن اللافت للانتباه، والموجب للدهشة بآن معاً، أن مراجعات (الديمقراطيين) غالباً ما تتجه خارج بناهم الفكرية ومرجعياتهم الإيديولوجية وتاريخ أحزابهم وذواتهم وكياناتهم المُحصّنة جميعها، وبقوة من أية سلطة نقدية، فهم غالباً ما يتموضعون، أو يضعون أنفسهم في الحيّز الناصع من تاريخ أي حدث، بل ربما ولّد لديهم الاستغراق في تشخيص الأسباب التي أجهضت تطلعاتهم ومبادراتهم (الديمقراطية) سردياتٍ عميقة من المظلومية التي تتماهى في أشكالها مع سواها من المظلوميات الرائجة، فهم – وفقاً لاستنتاجاتهم البحثية والنقاشية – ضحيّة مؤامرة أسهم في نسجها الدين والعادات والتقاليد والسلطات الحاكمة والجماعات الدينية المتطرفة، بل وربما الفطرة الاجتماعية للناس المختلفين عنهم لأنها غير صالحة لاستنبات الوعي الديمقراطي.

لم نشهد (للديمقراطيين) خلال ما فات من عمر الثورة، حديثاً واضحاً عن مُنجَز ديمقراطي بعينه، بل ما شهدناه في الغالب، هو مواقف صادرة عنهم تجاه قوى أخرى، وربما اعتقدوا أن تقييمهم لمنجزات الآخر يكفيهم عناء الفعل أو المبادرة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، ما تعرّض له السيد رياض الترك من هجوم كاسح لكثير من القوى (الديمقراطية)، ليس لتقصير في مواكبة الثورة (وهو تقصير مفترض لا أؤيده)، ولكن بسبب موقفه غير المتصادم مع الإخوان المسلمين، سواء في (التجمع الوطني الديمقراطي عام 1979) أو في (إعلان دمشق عام 2007)، بينما شهدنا بالمقابل ثناء وتعظيماً وصل إلى درجة (رفع القبعات) للمنجز الذي حققه حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) في محاربة داعش.

ولكي تكون الخطوة الثانية منسجمة مع مقدمات ونتائج الخطوة التي سبقتها (التشخيص)، فأول ما يجب الإفصاح عنه، بل وضرورة الجهر به كي يسمع العالم أجمع، هو التبرؤ من معظم الظواهر والتداعيات ذات المآلات المؤلمة في الثورة، وفي طليعتها العسكرة التي لا تنسجم بالمطلق مع مفهوم التغيير الديمقراطي ولا مع النزعة السلمية للثورة، بل ربما بدا مجرّد حمل السلاح سمةً طاردة لأي مفهوم ثوري ديمقراطي وفقاً لخطاب (الديمقراطيين)، وبالطبع، حين يطال الحديث موضوع العسكرة، فإنه لا يُطرح في سياقه الزمني، من حيث دوره الوظيفي منذ ظهوره وحتى مآلاته الراهنة، بل غالباً ما يُنظر إليه في أكثر حالاته قذارة وخراباً، ثمّ تُؤخذ هذه الحالة على أنها سمة ثابتة، وبناء عليه: يتساوى في ذلك من حمل السلاح ليدافع عن نفسه وأمه وأبيه وإخوته في مواجهة العصابات الطائفية المتوحشة التي كانت تذبح الناس بالسواطير، مع الداعشي الذي يقطع الرؤوس لمجرد اعتقاده أن الآخرين كفرة. مما لا شك فيه أن عقداً من الزمن، قد فات من عمر الثورة، يُظهر كمّاً هائلاً من الفواجع والكوارث التي نتجت بفعل عوامل متعددة، منها ما هو ذاتي، ومنها ما كان بفعل التدخل الخارجي القاهر للجميع، ولئن كان التقييم السليم لما جرى ويجري يستدعي المزيد من الموضوعية والتجرّد من النزق الفكري المنبعث من رواكم الإيديولوجيا، وهذا بالطبع يدعو إلى مزيد من بذل الجهد والعناء فضلاً عن الإحساس بالمسؤولية، إلّا أن البعض ربما اختار طريقاً آخر من المراجعة، ربما لاعتقاده بأن هذا الطريق هو الأسرع للوصول للمبتغى، وهو القفز فوق الوقائع، والخلود إلى ما هو راكن في الذهن، ذلك أن المآلات الراهنة للثورة، والتي – بالتأكيد – لا تسرّ أشدّ مناصريها والمتحمّسين لها، قد تكون مغرية للتبرؤ الكامل حتى من أبسط مظاهرها الرمزية، وهو علم الثورة، وبالفعل فإن عدداً من القوى (الديمقراطية) ترى بعد عشر سنوات، بضرورة إلغاء العلم الأخضر، والرجوع إلى اعتماد علم الجمهورية العربية السورية.

لعله في غاية الموضوعية، أن تختلف القوى السورية المتعددة في تقييمها لما جرى ويجري، وربما من حقها جميعاً أن تتباين في تفسير حدث واقع بالفعل، ولكن من غير الطبيعي هو حذف الفعل، من حيث كونه مرجعية مادية للخلاف، والتعالي عليه بخطاب هو أقرب للثقافوية التي تتحاشى مقاربة الوقائع خشيةً من افتضاح خوائها.

النزعة المتعالية لخطاب (الديمقراطيين) عن الثورة، بدلاً عن البحث والتفكير الموضوعي في عمق إشكالياتها، يقود بسهولة إلى القول: بإمكان أي امرىء أن يبحث عن ثوب على مقاسه ومزاجه، ولكن من غير المنطقي أن يبحث عن ثورة تحدد مصير شعب كامل وفقاً لمقاس أفكاره وتصوراته، فسعيُ (الديمقراطيين) نحو تعزيز القناعة بأن كل مظاهر الدعشنة والعنف والتطرف، وتخلف الوعي، هي امتدادات طبيعية لسمات متجذّرة في المجتمع السوري، يشبه إلى حدّ بعيد مسعى الإسلام السياسي لتعزيز القناعة – وبالقوة ذاتها – بأن جميع الأفكار والرؤى غير الإسلامية، والقوى الحاملة لها، إنما هي مصدر وباء داهم يهدّد بالخراب كينونة الأمة. بل إن حال (الديمقراطي) الذي ما يزال يتوهم بأن (ابن تيمية والغزالي والشافعي) ما يزالون يضغطون على خناقه كي لا يتنفّس هواءً ديمقراطياً، هو مماثل من حيث التفكير، للإسلامي الذي يرى في الحريات بجميع أشكالها، والقيم العلمانية، كابحاً له، يحول دون انطلاقته لتحرير القدس، وربما فتح الأندلس.

تلفزين سوريا

———————-

فراس طلاس في صحيفة المستوطنين الصهاينة/ بشير البكر

لا يهدأ أولاد وزير الدفاع السوري السابق مصطفى طلاس، رجل الأعمال فراس، وشقيقه الضابط السابق في الحرس الجمهوري مناف، فهما حاضران بقوة في الإعلام، وما إن يختفي أحدهما عن مسرح الأحداث حتى يظهر الآخر. وفي كل مرة يتحفنا أحد الشقيقين بمبادرة أو اختراع تحت عنوان إنقاذ أهل سوريا من حكم آل الأسد الذين صاروا خصومهم في السنوات الأخيرة، بعد أن عاشوا كعائلة واحدة لزمن طويل في كنف العلاقة التاريخية بين الأسد الأب وصديقه التاريخي مصطفى طلاس الذي كان الأمين على عملية توريث بشار في عام 2000، والوحيد الذي بقي إلى جانبه من بين الحرس القديم حتى أعفاه من المنصب عام 2004.

وقبل أن تهدأ عاصفة المجلس العسكري التي أثارها مناف طلاس في الشهرين الماضيين بالتفاهم مع الروس لتصفية الثورة السورية، طلع علينا فراس طلاس أمس بحديث مع صحيفة “ماكور ريشون” الإسرائيلية الناطقة بلسان تيار المستوطنين أجرته معه عبر الهاتف. وترجح أوساط صحفية فلسطينية في الداخل الفلسطيني أن طلاس هو الذي طلب الحديث، كي يوصل عدة رسائل الغاية منها التموضع داخل الحلف الجديد بين إسرائيل وأبوظبي. واعتبر طلاس الذي يقيم في العاصمة الإماراتية” أن إسرائيل أخطأت بعدم تدخلها في الحرب الأهلية في سوريا”. وقال “أفهم الموقف الإسرائيلي الذي رأى بالنظام والشعب السوري أعداء، ولذلك امتنعت عن التدخل في الحرب. لكن الواقع في سوريا اليوم سيئ بالنسبة لإسرائيل ويسبب مشكلات كثيرة عند الحدود. وعلى إسرائيل أن تدرك أنه يوجد ثمن لعدم العمل”. وبحسب طلاس، فإنه “في السنوات 2013 – 2015 نظر كثير من السوريين بشكل إيجابي إلى إسرائيل، وكانت فرصة حقيقية للتغيير ولمستقبل جديد. واليوم عاد الشعب السوري إلى النظر بصورة سلبية لإسرائيل، لأنها أيدت الروس وبقاء الأسد رئيسا. والآن يتعين على إسرائيل أن تفعل كثيرا من أجل تغيير هذه الفكرة السلبية”.

يمتلك فراس طلاس جرأة استثنائية حين يجزم بأن كثيرا من السوريين نظروا بإيجابية إلى إسرائيل. وأي شخص آخر يمتلك قليلا من الاحترام للذات كان سيراجع نفسه طويلا، قبل أن يطلق مثل هذا الحكم الخطير في الذكرى العاشرة للثورة السورية. ولا أدري من أين جاء طلاس بهذا الاستنتاج، فلم يسبق لأحد من السوريين، باستثناء شخصيات ساقطة أخلاقيا وسياسيا، ولا تاريخ لها أو دور في الحراك السوري، أن رحبت بدور لإسرائيل في حل المسألة السورية، فالشعب السوري ونخبه الوطنية لم يخرجوا عن الخط الوطني الذي يعتبر إسرائيل عدوا. وأي تعويل على دور إسرائيلي في القضية السورية، فإنما كان من طرف النظام، والدليل على ذلك تصريح رامي مخلوف الشهير  لصحيفة “نيويورك تايمز” “إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل”.

وإذ ينصح فراس طلاس إسرائيل بالعمل من أجل “تغيير الأفكار السلبية عنها لدى السوريين”، فإن الذي بات واضحا هو أن آل طلاس يبحثون عن دور سياسي سواء عن طريق الروس أو إسرائيل، كما هو حال مناف، وشقيقه فراس الذي يغازل الإسرائيليين، ولا شك أن الأخير يصوب من خلال حديثه نحو أهداف أخرى، منها وعود البزنس في الجو الجديد الذي ينشأ في الانفتاح الإسرائيلي الإماراتي، وتقديم عربون ولاء للعراب الإماراتي الذي يشكل رأس القاطرة لتمهيد طريق علاقات إسرائيل الجديدة مع المنطقة.

ويدين آل طلاس بكل ما نعموا به لآل الأسد، فلولا حافظ الأسد لما وصل مصطفى طلاس إلى الموقع الذي شغله كوزير دفاع، وكان سيكون مثل بقية الضباط الآخرين وأقل. وتعود الصداقة بين الأسد وطلاس حسب كتاب باتريك سيل “الصراع على الشرق الأوسط” إلى أن الأسد حين أعاد زوجته إلى سوريا من مصر في فترة الوحدة، وعن طريق البحر باتجاه اللاذقية، وبرفقتها نجله الكبير باسل، كلف طلاس بمرافقتها. وأجاد طلاس دور الوفي للأسد في كل الأوقات، وهذا ما سمح لأولاده بأن يحتلوا مواقع متقدمة في العسكرية والأعمال، وكان فراس إلى حين قيام الثورة ثاني أغنى شخصية في سوريا بعد رامي مخلوف حسب تقديرات قطاع الأعمال.

وكما أشرت فإن صحيفة “ماكور ريشون” محسوبة على التيار الصهيوني المتدين، ويرأس تحريرها حجاي سيغل عضو التنظيم السري اليهودي في ثمانينات القرن الماضي، والذي قام بأعمال إرهابية ضد شخصيات وطنية فلسطينية مثل بسام الشكعة وكريم خلف وإبراهيم الطويل، وحاول تفجير حافلة للكلية الإسلامية، كما خطط لتفجير المسجد الأقصى، الأمر الذي يعني أن التعاطي مع هذا الأوساط، يعبر عن تهافت بأي ثمن على إسرائيل ولو من بوابة الاستيطان، وهذا نموذج سيئ ومسيء للغاية للسوريين.

تلفزيون سوريا

————————–

تركيا تبتعد عن إيران..والمعارضة السورية في حالة ترقب؟/ عقيل حسين

بات ملف العلاقات التركية-الإيرانية على رأس اهتمامات المعارضة السورية، بعد تطورات أخيرة دفعت للاعتقاد بدخول هذه العلاقات مرحلة جديدة عنوانها “الابتعاد التركي عن إيران” بناء على متغيرات إقليمية عديدة.

ورغم عدم الكشف عن تفاصيل الزيارة التي أجراها وزير خارجية إيران جواد ظريف إلى أنقرة الجمعة، واللقاء الذي عقده مع نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، إلا أن التوقعات تشير إلى أن الملفين السوري واليمني كانا أبرز ما تركزت عليه المباحثات.

زيارة ظريف إلى تركيا جاءت بعد يوم واحد من قصف صاروخي استهدف مدينة كيليس الحدودية مع سوريا الخميس، وقالت أنقرة إن مصدر القصف كان قوات النظام، بينما توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بردٍ قوي.

سبق ذلك هجوم حاد شنّته صحيفة “كيهان” الإيرانية التي تمثل التيار المحافظ، على تركيا، بسبب معلومات عن اقتراب أنقرة من عقد صفقة مع السعودية، لتزويدها بطائرات مسيرة من طراز “بيرقدار” التي استخدمها الجيش التركي في سوريا وأثبتت فعالية كبيرة مطلع العام 2020، حيث هددت الصحيفة الإيرانية في مقال لها، بأن تركيا ستدفع ثمن ذلك هجمات تطاول أراضيها.

وعلى الرغم من إعلان طهران دعم لقاء الدوحة الثلاثي حول سوريا الذي ضمّ روسيا وتركيا بالإضافة إلى قطر وعُقد الاسبوع الماضي، إلا أن طيفاً واسعاً من المعارضة السورية رأى في استثناء إيران من هذا الاجتماع أول مؤشرات السعي إلى تقليص دورها في سوريا، بل وربما يعني بدء تغيّر في التحالفات واستراتيجيات العمل في المنطقة، لصالح تقارب تركي-سعودي-مصري بدأت تتزايد المؤشرات عليه بشكل متسارع.

ويرى المعارض السوري بسام حجي مصطفى أن التحول التركي في الموقف تجاه إيران بات أمراً محسوماً، والعلاقات الاستراتيجية التي كانت تربط الطرفين رغم خلافاتهما في عدد من الملفات لن تبقى كذلك بعد اليوم، لأن أنقرة فهمت بوضوح على ما يبدو أن الجميع حسم أمره بحجم دور إيران ونفوذها في المنطقة، إضافة إلى ازدياد حجم التناقض بالمصالح التركية-الايرانية في منطقة عادت تركيا لتعتبرها مساحة لنفوذها أيضاً، بعد عقود من الإهمال الاضطراري لها، وخاصة في سوريا والعراق ولبنان والخليج.

ويضيف ل”المدن”، أنه “على الرغم من تصريحات واشنطن الأخيرة التي تظهر مرونة تجاه إيران، إلا أن استراتيجية الإدارة الأميركية  الجديدة تقوم بوضوح على مواجهة التحديات التي فرضها خصومها الدوليون خلال السنوات ال8 الماضية في مناطق مختلفة من العالم”.

ويقول: “إذا كان الرئيس الأميركي جو بايدن قد عبّر بوضوح عن ذلك تجاه روسيا بالدرجة الأولى والصين كذلك، إلا أن الموقف من التمدد الإيراني في الشرق الأوسط سيكون من أولويات واشنطن، بعد أن استُنفذ هذا التمدد الذي غضّت الولايات المتحدة الطرف عنها طيلة العقدين الماضيين، بل وربما سهّلته، حيث أسهم في إضعاف بعض الدول ودفع بعضها الأخر للتطبيع مع إسرائيل تحت هاجس الخوف من إيران، ولعل تركيا أكثر من يستطيع التقاط هذه المؤشرات، وبالتالي فإنها لن تستمر في الرهان على حصان إيران الذي سيكون خاسراً في المرحلة القادمة”.

وكانت معلومات قد تم تداولها عن إطلاق بعض فصائل الجيش الوطني السوري المعارض المتحالفة مع تركيا في ريف حلب، حملة لتجنيد عناصر للقتال إلى جانب قوات التحالف العربي في اليمن، وهو ما أكدته مصادر متطابقة في شمال سوريا.

المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أخبرت “المدن”، أن أحد الفصائل التركمانية بدأ باستقطاب مقاتلين سوريين للتعاقد معهم من أجل التوجه إلى اليمن، وأن العرض الذي قدّمته شركة أمنية تركية خاصة، يتضمن العمل كحرس للحدود والمنشآت الحيوية مقابل راتب شهري كبير، يبلغ أضعاف الذي حصل عليه المقاتلون الذي أُرسلوا سابقاً إلى ليبيا وأذربيجان، لكن هذه المصادر أكدت أنه حتى الآن لم يتم تجميع العناصر الذين أبدوا موافقتهم على العرض، حيث جرت العادة أن يتم إخضاع المقاتلين الذين يوقعون عقوداً للقتال في الخارج إلى معسكرات تدريبية قصيرة قبل السفر.

ويرى البعض أنه حتى في حال أوقفت الحكومة التركية هذه العملية، إلا أن الرسائل السياسية من ورائها تبدو شديدة الوضوح، ولذلك فإن المباحثات التي أجراها ظريف في أنقرة الجمعة،  كانت على درجة كبيرة من الأهمية بالنظر إلى مجمل التطورات التي سبقتها أو تزامنت معها.

لكن المحلل السياسي غسان ياسين يستبعد أن تتخلى تركيا عن علاقاتها الاستراتيجية مع إيران، ويقول في تصريح ل”المدن”، إنه “لا يعتقد بأن تحولاً كبيراً يمكن أن يطرأ على العلاقات التركية-الإيرانية، فهي علاقات قديمة واستراتيجية، وحتى مع اشتداد العقوبات الاقتصادية على طهران، ظلت تركيا المنفذ الوحيد بالنسبة لها”.

ويضيف “صحيح أن الطرفين يتصارعان في عديد من الملفات، وبينها الملف السوري، وأيضاً قد نشهد أنخراطاً تركياً في الملف اليمني إلى جانب السعودية قريباً، لكن هذا لا يرقى إلى توقع القطيعة أو المواجهة بين تركيا وإيران، وحتى مع الحديث عن حلف جديد يجري الترتيب له في المنطقة لمواجهة إيران، ويضم بعض دول الخليج ومصر بالإضافة إلى اسرائيل”، مستبعداً أن تنخرط أنقرة فيه، وأكثر ما يمكن أن يحصل هو دخول أنقرة إلى الملف اليمني بجانب الرياض، لكن من دون أن يعني ذلك الاصطفاف الكامل ضد إيران أو التخلي عن العلاقات الاستراتيجية معها.

بين الأمل والرغبة في حدوث تحولات كبيرة تصبّ في صالحها، تحاول المعارضة السورية فهم التطورات في العلاقات بين الدول والمحاور، وانعكاساتها على الملف السوري، وفي مقدمة ذلك العلاقات التركية-الإيرانية التي تبدو معقدة بالفعل، لاسيما وأن سوريا ستظل ميدان تنافس بالنسبة لكلا الطرفين.

المدن

——————————

=======================

تحديث 22 أذار 2021

—————————

عندما ينتهك فراس طلاس المقدّسات/ حسين عبد العزيز

أثار الأخوان طلاس، فراس ومناف، في السنوات العشر الماضية، جدلا واسعا في الساحة السورية، من خلال أنشطتهما السياسية والعسكرية وتصريحاتهما الإعلامية. ويكمن الاهتمام الشعبي والإعلامي بمواقف فراس (رجل الأعمال السابق في قطاعات الإسمنت والألبان والبُن والمعادن والأغذية المعلبة والسكر) ومناف (قاد اللواء 104 في الحرس الجمهوري) بحكم علاقتهما السابقة بأولاد حافظ الأسد، وبأنهما كانا جزءا من منظومة الحكم الضيقة في سورية، فهما نجلا وزير الدفاع الأسبق، العماد مصطفى طلاس، المقرّب جدا من حافظ الأسد، وبقي في منصبه 32 عاما. وكان واضحا منذ سنوات أن الأخوين يبحثان عن أدوار سياسية وعسكرية في المشهد السوري، بعدما فشلا في إقناع المعارضة بأهليتهما في أن يكونا جزءا منها.

حمل العام الجاري تحرّكين بارزين للأخوين: أعلن فراس تأسيس “الحزب الوطني السوري”، فيما بدأ مناف التجهيز لرئاسة “مجلس عسكري”، يهدف إلى قيادة البلاد نحو مرحلة انتقالية. وفي ضوء هذين التطوّرين، يبدو مفهوما وطبيعيا أن يدلو كل منهما بتصريحاتٍ عن مستقبل الوضعين، السياسي والعسكري، السوريين، بغض النظر عن مضمون هذه التصريحات ومدى التزامها بالخط السياسي المعارض.

ولكن، أن يدلي فراس طلاس بتصريحاتٍ لصحيفة إسرائيلية، ويعطي قيمة لإسرائيل، من حيث دور إيجابي كان يمكن أن تلعبه في الساحة السورية، فهذا خروجٌ عن المألوف، وضربٌ لكل التابوهات السياسية والأخلاقية في الوعي والوجدان السوريين. إن مجرد قبوله التحدث إلى صحيفة “ماكور ريشون” الإسرائيلية، المحسوبة على اليمين الصهيوني ـ الديني (الاستيطاني)، فهذا اعتراف منه ليس بإسرائيل فحسب، بل بالاستراتيجية الاستيطانية داخل الأراضي العربية المحتلة. وبمجرّد قبوله بفكرة دور “بناء” لإسرائيل في سورية، فهذا يعني وضعها في مصفوفة الجهات القادرة على لعب دور إيجابي في سورية والبلدان العربية.

لو جاءت تصريحات فراس طلاس قبل خمس سنوات أو أكثر، لقلنا إن رغبة الرجل في إسقاط النظام بأية وسيلة دفعته بالخطأ نحو إسرائيل، وإن كان هذا السلوك مرفوضا بالأساس، ولكن أن تأتي تصريحاته في هذه المرحلة، بعدما انتهت العمليات العسكرية الكبرى في سورية، وثبتت مناطق النفوذ، فإن الأمر لا يتعلق بالوضع السوري، بقدر ما يتعلق بأجندةٍ تخدم إسرائيل في عموم المنطقة.

لم يتحدّث الرجل عن حزبه السياسي، ولا عن الدور المفترض لأخيه العسكري. ولم يتحدّث عن الوضع السياسي المستقبلي في سورية، ولا عن الدور الإيراني أو الضربات العسكرية الإسرائيلية، بل تحدّث عن علاقة بشار الأسد بزوجته وأخوته، وعن تصريحاتٍ للأخير عام 2011، لم يعد لها أية قيمة سياسية، ما يوحي أن المقابلة جاءت خارج السياق السياسي والإعلامي.

أبرز ما قاله إن “إسرائيل أخطأت بعدم تدخلها في الحرب الأهلية في سورية”، وإنه “بين عامي 2013 ـ 2015، نظر سوريون كثيرون بشكل إيجابي إلى إسرائيل، وكانت فرصة حقيقية للتغيير ولمستقبل جديد. واليوم عاد الشعب السوري إلى النظر بصورة سلبية لإسرائيل، لأنها أيّدت الروس وبقاء الأسد رئيسا. والآن على إسرائيل أن تفعل كثيرا من أجل تغيير هذه الفكرة السلبية”. وثمة مغالطتان هنا. الأولى، اعتقاد نجل مصطفى طلاس أن إسرائيل تهتم لما يجري في سورية فيما يتعلق بالصراع بين النظام والمعارضة، وإنها تهتم بالحقوق والحريات والديمقراطية ودولة القانون. وتناسى أن الربيع العربي شكل خطرا استراتيجيا كبيرا على إسرائيل، فنشوء دول عربية ديمقراطية هو التهديد الأكبر لها. لم يدرك أن إسرائيل ليست معنية بما يجري في سورية، إلا من من ناحية حصول تهديد لها. ولهذا السبب مالت نحو النظام أكثر مما مالت نحو المعارضة التي يطغى عليها البعد الإسلامي. المغالطة الثانية، قوله إن سوريين كثيرين نظروا بإعجاب إلى إسرائيل في مرحلة معينة، وهذا كلام مناف للحقّ والحقيقة، فالشعب السوري مفرط في أيديولوجيته القومية. وما زال الصراع مع إسرائيل وسيبقى صراعا وجوديا في الهوية السورية، وأن مسألة التعاطي مع إسرائيل تعتبر انتهاكا للمقدّسات في صفوف المعارضة.

على الرغم من هذه المغالطات، ليست المسألة الجوهرية في منطوق كلام فراس طلاس، وإنما في توقيته وغايته والجهة الموجّه إليها هذا الكلام. وهنا تطرح بعض الأسئلة والاستفسارات: ما الذي يجعل صحيفة إسرائيلية ثانوية تتصل بطلاس، وتجري معه لقاءً عبر الهاتف للحديث عن قضايا أصبحت ميتة سياسيا، ولا تحظى بالاهتمام الإعلامي؟ لماذا تهتم صحيفة إسرائيلية محلية معنية بالاستيطان بوضع سياسي مضى عليه عشر سنوات؟

ثمة ملاحظات لا بد من طرحها: لا تخرج تصريحات طلاس عن محاولة تلطيف صورة إسرائيل من خلال قدرتها على لعب دور في إسقاط النظام السوري، وإنهاء حالة الاستبداد مقدمة لبناء نظام ديمقراطي. ولا تنفصل هذه التصريحات، بطبيعة الحال، عن موجةٍ عربيةٍ متلهفة للتطبيع مع إسرائيل والانفتاح عليها، لعبت الإمارات، حيث يقيم فراس طلاس، فيها دور العرّاب. وهي موجة تعمل، منذ فترة، على تلميع صورة إسرائيل في الوعي العربي، منارة للحرية والسلام. ثانيا، ليس مصادفة أن تأتي تصريحات فراس طلاس في هذا التوقيت، بعدما أصبح له حزب سياسي، وكأنه يبحث عن دور سياسي مستقبلي، يحظى بدعم إماراتي وبرعاية إسرائيلية، وبقبول أميركي. ثالثا، تهدف مثل هذه التصريحات إلى توجيه ضربة سياسية للمعارضة وتشكيكا في أخلاقياتها، في وقت تخدم النظام السوري الذي طالما استغلّ مثل هذه الحالات الفردية، لاتهام المعارضة بالعمالة لإسرائيل والولايات المتحدة، وحالة كمال اللبواني ماثلة في الذاكرة. رابعا، من الواضح أن عقلية طلاس لا تنفصل عن عقلية النظام السوري القائمة على مكيافيلية انتهازية، تساوم على كل شيء من أجل تحقيق مصالحه الضيقة.

هل علينا التذكير بتصريح رامي مخلوف عام 2011 حين قال لصحيفة نيويورك تايمز “إذا لم يكن هناك استقرار في سورية، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل”؟ وهل علينا التذكير أيضا بما جرى في 5 يونيو/ حزيران عام 2011، حين أرسل النظام مئات السوريين والفلسطينيين لاجتياز السياج الحدودي والعبور إلى الجولان المحتلة، في خطوةٍ لم تحدث منذ نهاية حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973؟ .. إنها رسائل سياسية واضحة، مفادها بأن أي تهديدٍ لنظام الحكم في دمشق سينعكس سلبا على إسرائيل، وما المقاومة والممانعة إلا أداتان أيديولوجيتان لخدمة السلطة.

يعيد فراس طلاس اليوم منطق النظام السوري، ولكن هذه المرّة من بوابة الشعب السوري المعارض، البريء منه براءة الذئب من دم يوسف بن يعقوب.

العربي الجديد

—————————–

صيغة “غامضة” للحل في سوريا.. هل اقترب موعد استقالة بيدرسن؟/ مالك الحافظ

لعل دعوة المبعوث الأممي لسوريا، غير بيدرسن إلى صيغة دولية جديدة من أجل حل الأزمة السورية، تتمثل بإشراك دول “مسار أستانا” إلى جانب دول “المجموعة المصغرة حول سوريا”، هي إعلان فشل دور المبعوث وكذلك تدهور مسار العملية السياسية ضمن إطار اللجنة الدستورية.

تبدو دعوة بيدرسن، في الخامس عشر من آذار الجاري، لإحداث تقارب في الرؤى بين الدول الضامنة لـ “أستانا” (تركيا، روسيا، إيران) و”المجموعة المصغرة” (الولايات المتحدة، بريطانيا، ألمانيا، فرنسا، السعودية، مصر، الأردن)، أنها محاولة لرأب الصدع في مسار العملية السياسية بعد فشل ذريع للجنة الدستورية التي لا يستقيم مسار العملية السياسية خلال الفترة الحالية دون تحقيقها لخطوات تقدم ملموسة وحقيقية. هذا المسار الذي بات مرشحاً للتدهور أكثر وتعطيل جهود المبعوث الأممي الذي حذر أيضاً مطلع شهر شباط الفائت من فشل العملية السياسية في سوريا إذا لم توجد دبلوماسية دولية بناءة.

يقترب موعد إقامة الانتخابات الرئاسية في سوريا، دون بروز أية بوادر من موسكو أو دمشق توحي بتأجيل لازم لتلك الانتخابات التي ستشوه عملياً اللجنة الدستورية، وتؤكد التقسيم في سوريا، فضلا عن تسببها بإنهاء مهمة المبعوث الدولي الرابع إلى سوريا (بعد استقالة المبعوثين السابقين الثلاثة، كوفي أنان، الأخضر الإبراهيمي، وستيفان دي ميستورا).

قد يتشابه مصير بيدرسن بالأخضر الإبراهيمي (استقال من منصبه في أيار 2014)، بعد أن تحدث الأخير عن التأثير السلبي لعقد الانتخابات الرئاسية في ذلك الوقت، في حين يرفض بيدرسن التدخل بالانتخابات غير أنه يشير صراحة إلى عدم الاعتراف بها وعدم شرعيتها. كانت دمشق قد دعت بيدرسن إلى أخذ دوره المحايد؛ في اتهام صريح وغير مبرر لمهمة المبعوث الدولي على لسان وزير خارجية النظام فيصل المقداد، ما ينبئ بذهاب المبعوث الرابع إلى الاستقالة في ظل عقد الانتخابات الرئاسية وتعطل مسار اللجنة الدستورية.

يحاول بيدرسن تدوير الزوايا والنظر إلى أن عقدة حل المشكلة القائمة تقتضي بتقريب جناحي المسارات الدولية التشاورية حول سوريا، غير أنه قد لا ينجح في هذه المهمة إذا ما بقي معتمداً خلال الشهرين المقبلين على هذه الرؤية “الطارئة”.

بخلاف تقارب تركي خليجي “خجول” حاصل في الآونة الأخيرة، ومحاولة موسكو تعميق علاقاتها مع دول خليجية، إلا أن أياً من تلك التقاربات لا ترقى إلى مستوى نقل العلاقات المشتركة بين تلك الأطراف إلى مستوى متقدم من التفاهم حول سوريا في مثل هذه المساحة الضيقة من الزمن.

تُشكّل إيران عامل تعطيل رئيسي لمقاربة بيدرسن “الغامضة” و “غير المجدية”، فالجانب الإيراني لا يحوز على انسجام كامل حتى مع دول “أستانا”، فضلا عن وصول إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن وعدم اهتمام سياسته الخارجية بالملف السوري بشكل رئيسي -حتى الآن-، بالإضافة إلى توقعات واستقراءات تقول إن بايدن سينتهج سياسة مغايرة (ذات طابع سلبي) لما كانت عليه إدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب مع كل من روسيا وتركيا، سواء في سوريا أو باقي ملفات المنطقة.

وفي ظل توتر متصاعد متوقع من قبل واشنطن تجاه موسكو، فلا ترى الأخيرة أن احتمالات التقارب ممكنة في الفترة القصيرة المقبلة على سوريا دون إعلان “تطمينات” أميركية تجنح من خلالها للتهدئة المعلنة والدعوة للحفاظ على مخرجات التفاهمات الروسية التركية في سوريا، والالتفات لتحركات روسيا الد بلوماسية حيال تخفيف أثر العقوبات الأميركية على سوريا، والتقليل من وطأة الخناق على النظام السوري وكذلك روسيا في سوريا.

لا تحركات جدية متوقعة من قبل واشنطن، وبالمقابل أيضاً فإن روسيا المتلهفة لإعادة إعمار قريبة في سوريا لا ترى ضيراً لاستخدام ورقة الانتخابات الرئاسة من أجل الضغط السياسي على واشنطن وبروكسل. مراوحة في المكان محتملة في سوريا، دون تصعيد عسكري في الشمال، بمقابل استمرار التعاون التركي الروسي، وخطر يلوح في الأفق يتهدد سوريا، حيال تقسيم معلن بدرجة أعلى عما سبق من مراحل ماضية في سوريا، ما قد يدفع المبعوث الأممي إلى الاستقالة طالما بقيت الأزمة مستعصية وانعدمت الحلول لديه.

لا ننظر بتشاؤم إذا قلنا إن بيدرسن قد يستقيل، في ظل استمرار الأوضاع على ما هي عليه، وإصرار دمشق على المماطلة في اللجنة الدستورية والتعنت بإقامة انتخابات رئاسية مرشحها الوحيد خارج عن أية شرعية منذ سنوات. يجب على بيدرسن القول بجرأة وصراحة بضرورة التحرك وبالسرعة القصوى تجاه هيئة حكم انتقالي قد تضمن مصالح روسيا في مرحلة إعادة إعمار عاجلة، بغير ذلك فالاستقالة للمبعوث الدولي إلى سوريا باتت قريبة، وفي نفس الشهر الذي استقال فيه الإبراهيمي وبنفس الظروف، بعد أكثر من عامين على تولي الدبلوماسي النرويجي مهمته من أجل الحل “الغائب” حتى اللحظة في سوريا.

تلفزيون سوريا

—————————

تشكيل كيان سياسي سوري معارض جديد لـ”إحداث تغيير ديمقراطي”/ أمين العاصي

تتحضر مجموعة من التيارات السياسية السورية المعارضة للإعلان عن تشكيل كيان سياسي جديد يضم هيئات ذات طابع قومي عربي، وأخرى يسارية، إضافة إلى أحزاب وحركات كردية وتركمانية.

وذكرت مصادر مطلعة أن التيار الجديد يحمل اسم “الجبهة الوطنية الديمقراطية” (جود) ويضم أحزابا وقوى معارضة من الداخل والخارج، هي: هيئة التنسيق الوطنية بمكوناتها، المبادرة الوطنية، كوادر الشيوعيين، حزب التضامن العربي، تيار بدنا الوطن، الحزب التقدمي الكردي، حزب الوحدة الكردية، الحركة التركمانية، مجموعة الشباب الوطني.

 وبيّنت المصادر لـ”العربي الجديد”، أن الإعلان عن الجبهة سيكون في السابع والعشرين من الشهر الجاري من فندق في العاصمة السورية دمشق بالنسبة للتيارات الموجودة في الداخل وعبر الإنترنت للتيارات المعارضة خارج سورية، مبيّنة أن الجبهة ستضم عدة شخصيات سورية مستقلة.

 وينظر إلى هيئة التنسيق الوطنية والتي تأسست أواخر عام 2011، من ائتلاف عدة أحزاب وهيئات، باعتبارها تمثل معارضة الداخل السوري. وتعد هذه الهيئة التي يرأسها حسن عبد العظيم (88 سنة) منذ التأسيس أبرز مكونات الجبهة الجديدة التي تضاف إلى سلسلة من الهيئات والمجالس التي ظهرت خلال سنوات الثورة السورية، بدأت بالمجلس الوطني السوري الذي تشكل أواخر عام 2011.

ولم يصمد هذا المجلس طويلا وهو ما دفع المعارضة السورية إلى تشكيل الائتلاف الوطني السوري في عام 2013 وهو يعد المظلة السياسية الأشمل لقوى المعارضة والثورة السورية. وتعرض الائتلاف منذ ذاك الحين لاهتزازات سياسية دفعت أبرز مؤسسيه للانسحاب منه، ومواصلة العمل السياسي في منصات أخرى أو كمستقلين.

كما تضم الجبهة الجديدة حزبين كرديين ما يؤكد أن المساعي التي تبذل لتشكيل مرجعية سياسية كردية واحدة في سورية لم تنجح حتى اللحظة، رغم أن المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي أكبر كيانين سياسيين كرديين في سورية انخرطا في حوار منذ نحو عام.

ويشكل انضمام “المبادرة الوطنية” إلى الجبهة الجديدة دافعا قويا لها، حيث تضم هذه المبادرة مئات الشخصيات السورية المعارضة التي كانت قد أعلنت عن المبادرة في مدينة جنيف في إبريل/ نيسان من عام 2019. وكان أكد مؤسسون لهذه المبادرة أنهم يسعون إلى “عقد مؤتمر وطني عام تمثيلي ووازن يقرّ ميثاقًا وطنيًا وخطوات فعلية للتغيير الوطني الديمقراطي”.

إحداث تغيير ديمقراطي

وبيّن إبراهيم جباوي وهو عضو مستقل في “الجبهة الوطنية الديمقراطية”، التي من المقرر أن ترى النور خلال أيام، أن الجبهة “تحالف قوى وتيارات وأحزاب ومستقلين لتشكيل جسم سياسي معارض يضم بين جنباته أكبر قدر ممكن من ممثلي الشعب السوري”.

 وأشار جباوي بحديث لـ”العربي الجديد”، إلى “ان الهدف من تشكيل هذه الجبهة النهوض بسورية المستقبلية”، مضيفا: “هدفنا إحداث تغيير ديمقراطي جذري وتحقيق انتقال سياسي حقيقي وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254. وتابع بالقول “ننتظر انضمام القوى والأحزاب السورية المعارضة كافة ليصار إلى عقد مؤتمر وطني جامع لكل السوريين.

وكانت المعارضة السورية أقامت أواخر عام 2015 هيئة التفاوض التي تضم الائتلاف الوطني السوري، وهيئة التنسيق الوطنية ومنصتي موسكو والقاهرة وعسكريين ومستقلين. ومهمة هذه الهيئة قيادة التفاوض مع النظام السوري تحت مظلة الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية. ولكن هذه الهيئة عصفت بها مؤخرا خلافات كادت أن تفضي إلى انهيارها، بسبب التباين في الرؤى حول طرق الحل السياسي في سورية.

 ويبدو المشهد السوري اليوم زاخرا بالهيئات والأحزاب والتيارات السياسية المعارضة في ظل مراوحة العملية السياسية برمتها في المكان منذ سنوات، حيث لم يبد نظام بشار الأسد أي رغبة في تحريك هذه العملية، بل يستعد لتنظيم انتخابات رئاسية منتصف العام الجاري وفق دستور عام 2012 لتثبيت بشار الأسد في السلطة لسبع سنوات قادمة.

وكانت مجموعة من التيارات السياسية في شرق نهر الفرات الخاضعة لقوات سورية الديمقراطية “قسد”، شكلت منتصف العام القادم ما سمّي بـ “جبهة السلام والحرية” التي ضمت المنظمة الآثورية الديمقراطية، والمجلس الوطني الكردي، وتيار الغد السوري، والمجلس العربي في الجزيرة والفرات.

العربي الجديد

———————-

يحيى العريضي لعنب بلدي: غياب التوافق الدولي يعرقل عمل اللجنة الدستورية

حوار: أسامة آغي

حلّت خلال الأسبوع الحالي الذكرى العاشرة لانطلاق الثورة السورية (آذار 2011)، في وقت وصل التعقيد في الملف السوري إلى ذروة تعقيداته السياسية.

ويكمن التعقيد في تعطيل تنفيذ القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن القاضي بتشكيل هيئة حكم انتقالي في سوريا، أو جمود المسارات السياسية الأخرى (سوتشي وأستانة).

الأمر ذاته ينطبق على عمل اللجنة الدستورية، والتي من المفترض أن تنجز دستورًا جديدًا لسوريا.

وبالإضافة إلى ما سبق، تبرز مشاكل المعارضة السورية المشتتة وخلافاتها الداخلية، وغياب قدرتها على اتخاذ مواقف موحدة سياسيًا.

ولنقاش ما سبق، التقت عنب بلدي برئيس المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض، الدكتور يحيى العريضي، للحديث عن اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض.

في انتظار توافق دولي

منذ انطلاق أعمال اللجنة الدستورية، والتي تضم ثلاث قوائم (قائمة النظام والمعارضة والمجتمع المدني)، فشل المجتمعون بتحقيق أي تقدم خلال الجلسات.

وتقاذف النظام والمعارضة الاتهامات بينهما بشأن التعطيل في أثناء واحدة من أعمق الأزمات التي تمر بها سوريا عبر تاريخها الحديث.

وعن آفاق جلسات اللجنة الدستورية، يرى يحيى العريضي أنه “ليس هناك آفاق طالما استمرّ غياب التوافق الدولي، وتحديدًا الروسي والأمريكي”.

وأشار العريضي أنه بمجرد حدوث التوافق تُنجز اللجنة الدستورية أعمالها خلال أربعين يومًا أو بأقل.

كما اعتبر أنه لا دستور في سوريا في ظلّ حكم آل الأسد، خلال نصف قرن، وإنما هناك ورقة تقول “أنا مطلق الصلاحيات كإلهٍ على الأرض وما عليها، بإمرتي يعيش الناس ويموتون من أجلي” (في إشارة إلى حافظ وبشار الأسد).

ووصف العريضي الدستور الحالي (أُقرّ في عام 2012) بأنه يمثّل دستور موت لا دستور حياةٍ وعيش.

وأضاف بأنه مع نهاية هذه المنظومة، سيكون كل شيء بحاجة إلى نقاهة طويلة، وجهد، وإرادة، وعمل”، وأن السوريين سيعيدون بلادهم للحياة.

وبرأي العريضي فإن تبعثر الثورة وعدم انجازها لمهامها “تقف خلفه يد خارجية لعبت الدور الأهم في تأخير نجاح الثورة، فهناك مؤامرة على شعب سوريا وعلى ثورته، وهناك عمل على إنقاذ منظومة الاستبداد، فهي منظومة سلّفت كثيراً من القوى الخارجية بالذي تريده، وخاصة اسرائيل”.

وبالتالي، فإن العريضي يرى أن الثورة لا لوم عليها، وأن “منظومة الاستبداد لعبت دور حارس حدود اسرائيل الشمالية، هذه الحدود التي قال عنها بن غوريون مؤسس إسرائيل (الخطر على الكيان الاسرائيلي يأتي من الشمال)، والأسد هو من أزال هذا الخطر”.

هيئة التفاوض صامدة

نشأت “الهيئة العليا للمفاوضات” في 10 من كانون الأول 2015، كمرجعية سياسية لتوحيد المعارضة السورية وإعادة تشكيل وفدها الذي سينخرط بالمفاوضات مع النظام السوري.

ومرت “الهيئة العليا” بعدة مراحل بعد تأسيسها، وتعاقبت ثلاثة وجوه على رئاستها، وحافظت على الأجسام السياسية المكونة لها، باستثناء دخول منصتي “القاهرة” و”موسكو” في تشرين الثاني 2017، الذي كان ضمن مخرجات مؤتمر “الرياض 2”.

وصارت مكونات “الهيئة العليا للمفاوضات السورية” تضم أعضاء من “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، وفصائل المعارضة المسلحة، و”هيئة التنسيق الوطني”، ومنصتي “القاهرة” و”موسكو”، ومستقلين، تحت مسمى “هيئة المفاوضات السورية”.

وفي 2019، نشأت “أزمة المستقلين” في “هيئة التفاوض”،  بعد استضافة العاصمة السعودية الرياض عددًا من السوريين لاستبدالهم بمجموعة المستقلين في “الهيئة”، وذلك في محاولة من السعودية للاحتفاظ بنفوذها، والحد من النفوذ التركي داخل “هيئة التفاوض”، بحسب تصريحات سابقة المحلل السياسي حسن النيفي لعنب بلدي.

ويرى العريضي، الذي يشغل منصب رئيس المكتب الإعلامي لهيئة التفاوض، بأنها (الهيئة) “عملت أقصى جهدها لتحمل أمانة حق السوريين في استعادة حقوقهم عبر القرارات الدولية (بيان جنيف 1، والقرار 2118، والقرار 2254).

واعتبر أن الهيئة “صمدت أمام محاولات النظام وحلفائه لنسف مصداقيتها”، بحسب رأيه، إضافة إلى كل ما هو محبط، بوجود منصتي موسكو والقاهرة، من حيث عدم الانسجام المتوقع، أو المخطط له، من قبل جهات، تريد الإجهاز على أي جسد سياسي، يمثّل حقوق السوريين”.

وقال العريضي لعنب بلدي إن الهيئة “استطاعت سحب هيمنة الروس على اللجنة الدستورية ووضعها بيد الأمم المتحدة، لتكون منسجمة مع القرار الدولي 2254”.

وعن الخلاف داخل هيئة التفاوض، بين ممثلي الائتلاف والفصائل من جهة وهيئة التنسيق الوطنية ومنصتي القاهرة وموسكو من جهة أخرى، أشار العريضي إلى أن ما حدث في نهاية عام 2019، أن هيئة التنسيق الوطنية ومعها منصتا موسكو والقاهرة، قالوا إن ترجيح التصويت يكون لصالح الائتلاف.

وعقدوا اجتماعًا لاستبدال المستقلين، (الحلقة الأضعف في بنية هيئة التفاوض بحسب رأيه) لكن ما فعلوه ذهب مع الريح، فالهيئة مستمرة باجتماعاتها الدورية كل شهر”.

وأوضح أن الاجتماعات من قبل الهيئة ورئاسة الهيئة مع المبعوث الدولي تتمّ، وكذلك اجتماع المبعوث مع منسق هيئة التنسيق الوطنية، هذا الهيئة يعمل فريقها في اللجنة الدستورية بانضباط وتمترس حول حقوق السوريين”.

لكن العريضي يعتبر أن الدول تعمل وفق مصالحها، وأن “هيئة التفاوض” تعمل ككتلة واحدة، وأن العمل في “الهيئة” ليس منصبًا ولا وظيفة، بل هو منبر رسمي للحق السوري، وله عنوان وتواجد ومعروف دوليًا، غايته تطبيق القرارات الدولية والانتقال السياسي.

وتتكون “الهيئة” من 36 عضوًا يمثلون “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، وأربعة أعضاء من “منصة القاهرة”، ومثلهم من “منصة موسكو”، وثمانية أعضاء مستقلين، وسبعة من الفصائل العسكرية، وخمسة أعضاء من “هيئة التنسيق الوطني”.

عنب بلدي

————————–

=====================

تحديث 23 أذار 2021

————————-

الجبهة الوطنية الديمقراطية:بديل عن النظام أم هيئة التفاوض؟/ عقيل حسين

توصل ممثلون عن قوى وأحزاب سياسية تمثل المعارضة الداخلية في سوريا إلى اتفاق لتشكيل تحالف جديد سيتم الإعلان عنه نهاية الأسبوع، ويضم أيضاً شخصيات مستقلة من المعارضين المقيمين في الخارج.

وعلمت “المدن” أن هيئة التنسيق الوطني المعارضة، ومقرها دمشق، توصلت إلى اتفاق مع عدد من القوى المحلية من أجل تشكيل جسم سياسي جديد يحمل اسم الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”، على أن يتم الإعلان عنه بشكل رسمي من مقر الهيئة  في 27 آذار/مارس الحالي.

وبالإضافة إلى هيئة التنسيق، تضم الجبهة كل من “الحزب التقدمي الكردي، وحزب الوحدة الكردية، وتيار المبادرة الوطنية، وكوادر الشيوعين في جبل العرب، وحزب التضامن، وتيار بدنا وطن، والحركة التركمانية، ومجموعة الشباب الوطني” بالإضافة إلى المستقلين.

وإلى جانب هيئة التنسيق، تُعتبر “المبادرة الوطنية” أهم القوى المنخرطة في التشكيل السياسي الجديد، حيث تضم عشرات من الأكاديميين والمعارضين البارزين، بعضهم مقيم في سوريا ومعظمهم يعيشون خارج البلاد، كانوا قد أعلنوا عن المبادرة في نيسان/أبريل 2019، وقالوا إن هدفهم “عقد مؤتمر عام تمثيلي يقر ميثاقاً وطنياً يفضي إلى التغيير الديمقراطي في البلاد”.

ويرى معارضون في توقيت الإعلان عن الجبهة الجديدة، مؤشراً محتملاً حول تواصل ربما يكون جرى بين هيئة التنسيق وأعضاء المبادرة الوطنية من جهة، وبين روسيا من جهة أخرى من أجل تشكيل هذا الجسم الجديد، تمهيداً لفرضه كقوة سياسية جديدة  على خريطة المعارضة المعترف عليها رسمياً في الوقت الحالي، والتي تقف موسكو موقفاً عدائياً من معظم مكوناتها، خاصة الإئتلاف الوطني، بالإضافة إلى فشلها بعقد اتفاق بين النظام والإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا التي يقودها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.

موقف النظام

ولا يستبعد معارضون أن تكون الجبهة المزمع إنشاؤها أحد الخيارات التي ستجد دعماً روسياً من أجل كسر احتكار تمثيل المعارضة من قبل هيئة التفاوض والإئتلاف الوطني، على الرغم من تمثيل منصة موسكو في الهيئة، إلا أن المنصة لا تحظى بقبول من الرأي العام المعارض، ما يدفع، حسب أصحاب هذا الرأي، الروس إلى التشجيع على قيام مثل هذه المبادرة، خاصة وأنه سيتم إطلاقها من دمشق وتحت أعين النظام الذي لا يمكن أن يتسامح مع مثل هذه الخطوة لولا وجود ضغط روسي.

لكن محسن حزّام، عضو اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية، وهو عضو في هيئة التنسيق الوطني، أكد أنه من غير المستبعد أن يقوم النظام بإفشال انعقاد المؤتمر التأسيس للجبهة، أو حتى اللجوء إلى اعتقال القائمين عليها، وأن اللجنة استعدت لكل الخيارات التي من المحتمل أن يقوم بها النظام، ولذلك فقد تم توجيه الدعوة للعديد من ممثلي البعثات الديبلوماسية المتواجدين في دمشق لحضور المؤتمر التأسيسي.

ونفى حزّام في حديث مع “المدن”، أن يكون مشروع الجبهة قد جرى التنسيق حوله مع أي من الأطراف الخارجية، مشيراً إلى أن “القوى المشاركة فيها كانت قد أعلنت عن بيان الإشهار منذ سنة ونصف السنة، والهدف من هذه الخطوة تجميع أكبر عدد ممكن من القوى الوطنية في الداخل السوري المتفقة في الأهداف والمبادئ من أجل وضع خطة انقاذ لسوريا بعد مرور عشر سنوات على الثورة، على أن يكون تأسيس الجبهة نواة لمؤتمر وطني سوري عام لاحقاً، ينتج بديلاً موضوعياً يستجيب لأي تطور يمكن أن يطرأ على الحالة السورية إذ ما توافقت القوى الدولية على حل ما للقضية السورية.

وعن توقيت المشروع، قال: “اختيار هذا التوقيت سببه تعثّر مسارات الحل السياسي في الوصول إلى تنفيذ مضامين القرارات الدولية وعلى رأس هذه المضامين تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، بسبب تعطيل النظام العملية السياسية وإصراره على الحل العسكري، وبالتالي رأينا وجوب أن يكون هناك بديل داخلي تجتمع عليه القوى الوطنية من أجل انقاذ سوريا، وبعد أشهر من العمل من قبل اللجنة التحضيرية نضجت فكرة المشروع وباتت جاهزة للإطلاق”.

وحول ما إذا كان البحث عن بديل موضوعي يعني تخلي هيئة التنسيق عن هيئة التفاوض المعارضة وهي جزء منها حالياً، قال حزّام: “لا نعتقد أنه يمكن لأي طرف من المعارضة أن يكون بديلاً عن الآخر، بل يجب ان تتكامل كل الجهود من أجل الوصول إلى الأهداف المشتركة”. وقال إن “هيئة التفاوض تعيش مرحلة من العطالة مستمرة منذ وقت غير قصير بسبب ممارسات بعض مكوناتها، والحقيقة نحن نستشعر أن هناك توجهاً من القوى المؤثرة في الصراع السوري نحو إيجاد بديل عن هذه الهيئة، وهو أمر لا نؤيده لكن يجب أن نكون مستعدين له”.

الموقف من الانتخابات

وحول التكهنات بأن هذا المشروع ربما يكون تحضيراً للمشاركة في الانتخابات الرئاسية القادمة، أكد حزّام أن قوى الجبهة متفقة على مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة وأي انتخابات يمكن أن تجري قبل تطبيق القرار 2254. وأضاف “موقفنا هو أن كل ما يقوم به النظام الحالي وكل ما ينتج عنه لا شرعية له، وأن أي انتخابات يجب أن يتم تنظيمها في بيئة آمنة يمارس فيها السوريون حقوقهم وواجباتهم كمواطنين أحرار وليس كتابعين لسلطة مستبدة تحكم البلاد، وهو أمر محسوم بالنسبة لنا”.

ينظر السوريون بتوجس إلى أي خطوة أو مشروع سياسي يطرح في هذا التوقيت، ولعل تشكيل تحالف من قوى الداخل يتم الإعلان عنه بمناطق سيطرة النظام يجعل منه عرضة للتأويلات بشكل أكبر، خاصة مع الحديث المتزايد عن حراك اقليمي ودولي لإنتاج مقاربة جيدة للحل في سوريا، وهو ما يدركه القائمون على الجبهة الوطنية الديمقراطية المزمع تأسيسها الذين يعملون على توضيح موقفهم من هذا المشروع.

المدن

—————————–

تقرّب رياض حجاب من “إخوان” سوريا والجولاني… هل من مشروع لتقسيم سوريا؟/ عبدالله سليمان علي

ما بين انشقاقٍ ملتبس ما تزال تدور حوله الكثير من الشكوك والتساؤلات، وإعادة تلميع مكثفة أعقبت ثلاث سنوات من الغياب أو التغييب، يبدو أن رحلة رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري الأسبق المنشقّ ومنسق الهيئة العليا للمفاوضات (المعارضة) الأسبق، لم تصل إلى نهايتها بعد، خاصةً بعد تقاربه الأخير مع جماعة “الإخوان المسلمون – فرع سوريا” والحديث عن احتمال تلاقيه مع تطلعات أبي محمد الجولاني زعيم “هيئة تحرير الشام”، مع ما يشير إليه ذلك من وجود مشروع تركي لترسيخ واقع التقسيم في سوريا، في ظل إدارة أميركية لم ترسم بعد سياستها النهائية بخصوص الملف السوري.

وحرصت الدبلوماسية التركية على إخراج رياض حجاب من سبات سياسي طويل استمر نحو ثلاث سنوات بعد استقالته من منصب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، حيث التقاه في الدوحة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم 11 آذار (مارس) في أعقاب القمة التي جمعت الأخير مع وزيري خارجية روسيا وقطر. وبعد ساعات من اللقاء مع الوزير التركي ظهر حجاب على قناة “الجزيرة” في لقاء مطول حرص من خلاله على توجيه رسائل عديدة في اتجاهات مختلفة.

ويبدو أن أنقرة تعمل على إعادة تلميع حجاب ليكون بمثابة واجهة مدنية وسياسية لجماعة “الاخوان المسلمون – فرع سوريا” في ظل عجز الجماعة عن توليد كوادر ذات كفاءة سياسية تكون لديها قدرة على ضمان تحقيق الحد الأدنى من التوافق المحلي والاقليمي حولها. وقد تكون أنقرة ارتأت في ظل الانعطافة السياسية التي تقوم بها لضبط علاقاتها مع بعض الدول وعلى رأسها مصر والسعودية أنه من الأفضل تنفيذ سياساتها المستجدة من خلال شخصيات غير محسوبة  على الإخوان تنظيمياً.

ويرى مراقبون أن عملية إعادة تلميع صورة حجاب تؤكد ما جرى تداوله منذ فترة حول وجود تحرك إخواني لطرح مبادرة جديدة تكون كفيلة بتجديد سيطرة التنظيم على هيئات المعارضة السورية وتكريس هيمنتها عليها من وراء الستار.

ورغم بعض الخلافات التي تخللت العلاقة بين رياض حجاب وجماعة “الاخوان” السورية خلال السنوات الماضية، وخاصة في بعض المنعطفات الانتخابية التي شهدها الائتلاف السوري المعارض، فإن هذه العلاقة ظلت محافظة على حد أدنى من التفاهمات الضمنية ولا سيما في ظل الجهود التي بذلتها أنقرة لإبقاء شعرة معاوية بين الطرفين.

وتشير سلسلة مواقف كل من حجاب و”الاخوان” إلى وجود قواسم مشتركة تجمع رؤيتهما حول بعض جوانب الأزمة السورية ومسارات حلها. وقد تبدى ذلك في شكل خاص من خلال موقف الطرفين الرافض لمفاوضات جنيف واللجنة الدستورية. وظهر تأثير الارتباطات الخارجية لحجاب على خياراته السياسية عندما آثر الاستقالة من الهيئة العليا للمفاوضات على أن ينخرط  في جهود توحيد المعارضة السورية تطبيقاً للقرار الأممي 2254 والتي قادتها المملكة العربية السعودية.

ونظرت بعض الجهات الاقليمية إلى مقترح تشكيل مجلس عسكري لقيادة المرحلة الانتقالية في سوريا، رغم تبرؤ منصات المعارضة السورية منه، على أنه خطوة باتجاه تلميع شخصية العميد المنشق مناف طلاس وتحضيره للقيام بأدوار سياسية معينة في المرحلة المقبلة. وما رفع من منسوب القلق وجود مؤشرات على أن المقترح قد يكون لاقى دعماً خفياً من قبل بعض الدول الاقليمية، وأنه بات يمثل توجهاً دولياً يجري  العمل على تنفيذه من تحت الطاولة. واستجابة لذلك لم يجد “الاخوان المسلمون” – فرع سوريا بدّاً من تجاوز خلافاتهم مع رياض حجاب والعمل على تنسيق المواقف معه تمهيداً لإعادة تصديره كصوت سياسي قادر على منافسة مناف طلاس ومن يقف وراءه.

وجاء تقارب “الإخوان” مع حجاب في ظل سكوت الأخير عن “هيئة تحرير الشام” وأدوارها التخريبية في الساحة السورية خلال مقابلته الأخيرة على قناة “الجزيرة”. وقد أثار هذا السكوت الكثير من الشكوك والتساؤلات حول تطور العلاقة بينه وبين أبي محمد الجولاني، وما إذا كانت ثمة تفاهمات أو محادثات بين الطرفين دفعت حجاب إلى التغاضي عن التهجم على الهيئة، كما فعل عام 2017 عندما دعا إلى محاربتها. وقال حجاب في مقابلة بثت على قناة “الجزيرة” في شهر أيلول (سبتمبر)  2017 أن “الهيئة العليا للمفاوضات تدعم أي عملية عسكرية لتركيا والجيش الحر لاستئصال القاعدة من سوريا”، وكان حجاب اعتبر في حديث سابق أن “هيئة تحرير الشام ليست سوى أقنعة واهية لتنظيم القاعدة في سوريا”.

ولم يستبعد البعض أن تكون علاقة حجاب مع “هيئة تحرير الشام” قد تطورت إيجابياً بفعل الدور التركي المتصاعد في إدلب، حيث يرى بعض المراقبين أن الوجود العسكري التركي، بالإضافة إلى التحولات التي يجريها الجولاني لتلميع صورة جماعته دولياً، قد يكونان أقنعا حجاب بإمكانية استغلال الهيئة وطموحات زعيمها السياسية من أجل تقوية نفوذه في الداخل السوري وتصدير صورة عن نفسه بأنه يمثل جناحاً واسعاً من المعارضة السياسية والعسكرية.

وللمرة الأولى في تاريخها كانت “هيئة تحرير الشام” قد قررت تبني علم الثورة السورية في الذكرى العاشرة لانطلاقتها ورفعه بشكل علني في شوارع مدينة إدلب، وذلك بعد عقد من العداء للعلم ورمزيته. وجاء التبني كأحدث خطوة من خطوات الجولاني في مسار الانحراف عن الجهادية نحو المعارضة السياسية.

وما يعزز من نظرية التقارب، ما جرى تسريبه حول قيام الجولاني بتكليف شخصية مؤثرة في “هيئة تحرير الشام” بهدف فتح باب التفاوض مع “الجيش الوطني السوري” المدعوم من قبل تركيا. وذكرت التسريبات أن الجولاني كلّف أبا ماريا القحطاني، عراقي الجنسية، بهذه المهمة من أجل بناء جسور تواصل وإقامة علاقات على أسس جديدة بين الهيئة وفصائل “الجيش الوطني”.

وقد دفعت هذه التحركات المريبة، الإعلامي المعارض حبيب أرحيّم، الذي يعمل في شبكة الحقيقة المعارضة إلى التحذير من مشروع تركي يقضي بتقسيم سوريا إلى ثلاثة أقاليم: إقليم يحكمه الرئيس السوري بشار الأسد، وإقليم للأكراد، والإقليم الثالث عبارة عن كنتون يحكمه “الاخوان المسلمون” بقيادة تركيا. وأعرب الإعلامي عن أمله في أن يرفض رياض حجاب هذا المقترح، حسب ما كتب على حسابه الشخصي على تويتر في نفس اليوم الذي ظهر به حجاب على قناة “الجزيرة”

النهار العربي

————————–

=====================

تحديث 24 أذار 2021

————————–

دمشق: تحالف معارض جديد برعاية «هيئة التنسيق الوطنية»… و«الائتلاف» يراه محاولة لنزع الشرعية عن المعارضة في الخارج/ وائل عصام

تضع أحزاب وتيارات وقوى سياسية سورية اللمسات الأخيرة على تحالف سياسي جديد، يحمل اسم «الجبهة الوطنية الديمقراطية – جود».

ومن المُنتظر أن يتم الإعلان عن التحالف الجديد الذي يضم تشكيلات سياسية عربية وكردية وتركمانية معارضة ومن توجهات مختلفة، رسمياً خلال مؤتمر تأسيسي سيعقد في مقر «هيئة التنسيق الوطنية» في دمشق يومي 27-28 آذار /مارس الجاري، وفق ما ذكرت مصادر لـ «القدس العربي».

ويضم التحالف المرتقب (جود) كلاً من: «هيئة التنسيق الوطنية، والمبادرة الوطنية، وكوادر الشيوعيين، وحزب التضامن العربي، وتيار بدنا الوطن، والحزب التقدمي الكردي، وحزب الوحدة الكردية، والحركة التركمانية، ومجموعة الشباب الوطني».

وحول التحالف الجديد، قال عضو المكتب التنفيذي لـ «هيئة التنسيق الوطنية» أحمد العسراوي، إن الهدف هو تجميع القوى الديمقراطية التي تؤمن بالحل السياسي. وأضاف لـ«القدس العربي» أن الجبهة تضم عدداً من القوى السياسية الموجودة داخل سوريا وخارجها، يجمعها الاتفاق على ضرورة التوصل لحل سياسي وفق قاعدة بيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة، الحل الذي من شأنه انهاء مأساة الشعب السوري.

وأضاف أن التحضيرات للمؤتمر التأسيسي، بدأت منذ سنوات، والتأخر مرده إلى التضييق على القوى السياسية التي تنشط من داخل سوريا، مؤكداً أنه «ليس للمؤتمر صلة بالاستحقاقات المقبلة، أي الانتخابات الرئاسية». وبسؤاله حول موقف النظام من عقد المؤتمر في دمشق، وإن كان مستفيداً من ذلك، قال العسراوي: «هو عادة لا يسمح، وكل الخطوات التي نقوم بها تتم دون إذن النظام، ونعمل منذ العام 1997 وفق مبدأ احتلال المواقع» مستدركاً بالقول: «قد يمنعنا من عقد المؤتمر…كل شيء وارد».

وقال الدكتور إبراهيم جباوي، وهو عضو مستقل في التحالف المرتقب، إن هذا الجسم الجديد هو عبارة عن تحالف لقوى سياسية معارضة، تداعت لتشكيل هذا الجسم من أجل الدفع بالعملية السياسية ودعمها وفق القرارات الدولية، بما يكفل إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه. وأضاف في حديث لـ«القدس العربي» أن التجمع يهدف إلى بناء الدولة الديمقراطية الحديثة دولة المؤسسات والحيادية تجاه الأديان والمذاهب، والتي تكرس مبدأ التساوي في الحقوق والواجبات لكل أفراد الشعب السوري دون تمييز على أسس القومية أو الدين.

وحسب جباوي، فإن المأمول من الجبهة أن تشكل نقطة ارتكاز لتشكيل تحالف قوى ديمقراطية ووطنية واسع، والأمل كذلك أن تنضم القوى والتيارات الأحزاب المعارضة كافة في سوريا.

وعن اختيار دمشق مكاناً لانعقاد المؤتمر التأسيسي، قال جباوي: «دمشق لنا وليست لآل الأسد، ولم يتم أخذ رأي النظام بهذا الصدد» مضيفاً: «لا نأمن غدر النظام فعلاً، ونخشى أن يعمل على عرقلة مجريات فعاليات المؤتمر». وشدد في هذا الصدد، على أن «الجبهة ستكون واضحة في مقاطعتها ودعوتها الشعب السوري إلى مقاطعة الانتخابات، وكذلك ستؤكد في مؤتمرها على هدم الاعتراف بشرعية النظام، وأن هدفها هو تغيير النظام بشكل جذري والانتقال بسوريا إلى مرحلة جديدة».

ووضع عضو في الائتلاف السوري، فضل عدم الكشف عن اسمه، تشكيل التحالف الجديد في إطار الضغوط المتزايدة على «هيئة التفاوض» السورية. وقال لـ«القدس العربي»: «هناك محاولات من قبل هيئة التنسيق ومنصة موسكو ومجموعة من المستقلين، لنقل مكان المفاوضات الدستورية إلى دمشق، ونتيجة لفشل ذلك بسبب رفض الائتلاف وتركيا وحتى الولايات المتحدة، بدأت الجهات ذاتها بمخطط جديد لنزع الشرعية عن المعارضة السياسية». وتشهد الساحة السورية زيادة في تأسيس الكيانات والأجسام السياسية، وهو ما تعزوه مصادر إلى حالة الجمود الحاصل في المسار السياسي السوري.

وفي سياق منفصل، انضمت ألمانيا إلى قائمة الدول التي أعلنت عن موقفها من الانتخابات الرئاسية التي يتحضر لها النظام السوري، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، «في ظل الواقع الذي تشهده سوريا الآن، من الصعب تصور إجراء انتخابات هناك».

موقف الخارجية الألمانية، جاء بعد تأكيد نائب المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة جيفري ديلورنتس أن إدارة الرئيس جو بايدن «لن تعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية المقررة في سوريا» إذا لم تحصل بإشراف الأمم المتحدة، مع مراعاة وجهة نظر المجتمع السوري كله.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في وقت سابق عن عدم اعترافه بنتائج الانتخابات في سوريا، مهدداً بإعادة فرض عقوبات اقتصادية على دمشق.

القدس العربي»

———————————–

معارضة الداخل لـ«مؤتمر إنقاذ وطني» في دمشق بـ«حماية دبلوماسية»/ إبراهيم حميدي

«هيئة التنسيق» تسعى لتشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية»… وتحاور «مجلس سوريا الديمقراطية»

تسعى قوى «معارضة الداخل» السورية، بقيادة «هيئة التنسيق الوطني»، للحصول على «حماية دبلوماسية» من حلفاء دمشق، خصوصاً موسكو وطهران، لعقد مؤتمرها الموسع يوم السبت المقبل، وتشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية» (جود)، بسقف سياسي يتضمن التمسك بـ«الانتقال السياسي» وتنفيذ «بيان جنيف» وقراري مجلس الأمن 2118 و2254.

كما تواصل «الهيئة» مفاوضات مع «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) لإنجاز خريطة لتنفيذ اتفاق مبادئ بينهما، بعد حل عقد الخلاف والموقف من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، و«الإدارة الذاتية» شرق الفرات.

وقال المنسق العام لـ«هيئة التنسيق»، حسن عبد العظيم، لـ«الشرق الأوسط»، إن دعوات وجهت إلى الحكومات الممثلة دبلوماسياً في دمشق، بينها روسيا وإيران والصين ومصر، لحضور افتتاح المؤتمر في دمشق يوم السبت المقبل، وإن بعض الدول على «اطلاع مسبق» بعقده، في حين أوضح أحمد العسراوي، الأمين العام لـ«حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي»، أحد مكونات «الهيئة»، أنه «لا ضمانات حتى الآن تؤكد عقد المؤتمر، وأن الحضور الدبلوماسي لا يوفر حماية».

وقال قيادي آخر لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادي السابق في «الهيئة» عبد العزيز الخير «اختفى» بعد وصوله إلى مطار دمشق، عقب عودته من زيارة رسمية إلى الصين، في حين أضاف العسراوي «عقد المؤتمر في دمشق يعطيه 75 في المائة من أسباب النجاح، لكن ليس لدينا ضمانات من أي طرف من الأطراف».

– كتل ومؤتمرات

وتأسست «هيئة التنسيق الوطنية» في يونيو (حزيران) 2011، من 11 حزباً ومكوناً وقوى سورية معارضة من داخل وخارج سوريا؛ بهدف «التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا»، مع رفض «التدخل الخارجي»، والمطالبة بـ«انتقال سياسي»، حسب «بيان جنيف» لعام 2012 وقراري مجلس الأمن 2118 لعام 2013 و2254 لعام 2015. وفي سبتمبر (أيلول) 2012، عقدت «الهيئة» في دمشق «مؤتمر الإنقاذ الوطني» بحضور سفراء وممثلي روسيا وإيران ومصر، الذي طالب بـ«التغيير الديمقراطي الجذري».

وافترق طريقا الحليفين، «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي و«الهيئة»، عن بعضهما بعضاً، حيث شكل «الاتحاد» تحالفاته مع «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تلقت دعماً لقتال «داعش» من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى تأسيس «الإدارة الذاتية» في شمال شرقي سوريا.

وفي نهاية 2015، عقد في الرياض مؤتمر موسع للمعارضة، أسفر عن تشكيل «هيئة المفاوضات السورية»، وتضم 36 عضواً: 8 من «الائتلاف»، و4 من «منصة موسكو»، و4 لـ«منصة القاهرة»، و5 لـ«هيئة التنسيق»، و7 للفصائل العسكرية، و8 مستقلين، إضافة إلى عضو كردي مع «الائتلاف».

– «إنقاذ»

وقال عبد العظيم، في اتصال هاتفي أجرته «الشرق الأوسط» مساء أول من أمس، إن المؤتمر الجديد سيعقد بمشاركة مكونات «هيئة التنسيق» الـ11، وعشرة كيانات أخرى، لـ«تشكيل أوسع تحالف من القوى الوطنية المتمسكة بالحل السياسي بموجب بيان جنيف والقرارين الدوليين 228 و2254»، كما هو الحال مع «الائتلاف الوطني السوري» المعارض، الذي وُسِّع في 2012 «المجلس الوطني السوري» بضم مكونات وتحالفات أخرى.

وحسب العسراوي، فإن فكرة المؤتمر طرحت قبل سنتين، وجرى تشكيل لجنة تحضيرية، حيث جرى الاتفاق على عقده آخر مارس (آذار) الحالي. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ليس بديلاً من المعارضة أو الائتلاف» الذي قال معارضون آخرون، إنه عرضة للنقد؛ لأنه بات قريباً جداً إلى تركيا. وأوضح عبد العظيم، أن «الائتلاف في الخارج، وله امتدادات في الداخل، ونحن في الداخل لنا امتدادات في الخارج، ونكمل بعضنا بعضاً».

وقبل انعقاد «مؤتمر الإنقاذ» في 2012، حصلت «هيئة التنسيق» على ضمانات روسية، لكن جرى لاحقاً اعتقال مشاركين فيه. لكن في هذه المرة، اكتفت «الهيئة» بالإبلاغ وتوجيه دعوة للسفارات لحضور الجلسة الافتتاحية. وفي ختام المؤتمر، سيتم الإعلان عن وثيقة سياسية مشتركة تدعو إلى «التغيير الديمقراطي والانتقال السياسي، عبر الحل السياسي».

وفي يونيو الماضي، لدى إعلان «الحزب الشيوعي السوري» بدء تشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية» (جود)، قال إنها ترمي إلى عقد «مؤتمر إنقاذ وطني عام، للعمل على التغيير الجذري للنظام، وإنجاز مهمات المرحلة الانتقالية»، و«دعم العدالة الانتقالية، بما يشمل محاسبة وتعويضاً وسلاماً مجتمعياً، والإسهام في بناء نظام سياسي – اقتصادي – اجتماعي، يوفر العدالة الاجتماعية، ويسهم في انتشال أكثر الفئات فقراً وتهميشاً، ويؤمّن نمواً مستداماً مؤسساً على حقوق الإنسان».

– الانتخابات الرئاسية

وقال عبد العظيم والعسراوي، إن لا علاقة لعقد المؤتمر بالانتخابات الرئاسية السورية المقررة قبل ستين يوماً من انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد في 17 يوليو (تموز) المقبل. وشكلت الانتخابات نقطة خلافية بين موسكو وطهران الداعمتين لإجرائها «الاستحقاق الدستوري» بموجب الدستور الحالي لعام 2012، واعتبار الأسد «الرئيس الشرعي»، وواشنطن ودول غربية قالت، إنها لن تعترف بنتائج انتخابات لا تجري بموجب القرار 2254. ودعا عبد العظيم في بيان إلى «مقاطعة الانتخابات». وأوضح العسراوي، أن قوى معارضة الداخل «لم تشارك في الانتخابات منذ 1973». وأضاف عبد العظيم «هذه الانتخابات شكلية، وموقفنا منها هو المقاطعة، ودعوة الشعب لرفض المشاركة ترشيحا وانتخابا، وذلك لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي التفاوضي وفقاً لبيان جنيف والقرارين 2118 و2254». وزاد «إجراء الانتخابات الرئاسية من النظام يعني رفض الحل السياسي التفاوضي، وتجاهل القرارات الدولية».

– الحوار… شرقاً

وقد يشارك في مؤتمر «جود» من القوى الكردية، كل من «الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الديمقراطي الكردي»، في حين تواصل «هيئة التنسيق» البناء على قرار من المجلس التنفيذي، بالحوار مع «المجلس الوطني الكردي» المنضوي في «الائتلاف»، و«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، لعقد سلسلة جلسات حوارية مع الكتلة الأخيرة، وهي الذراع السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية».

وبعد جلسات عدة، تم التوصل إلى مسودة تفاهمات، تضمن إحدى نسخها التمسك بـ«وحدة سوريا»، وأن «المخرج الوحيد للحل هو التغيير الديمقراطي»، و«بناء جيش وطني، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، وعدم تدخل الجيش في السياسة، ودخول كل القوى العسكرية المؤمنة بالحل السياسي، وبينها (قسد)، ودمجها بالجيش»، إضافة إلى «إعادة القراءة الموضوعية لتجربة الإدارة الذاتية، والإفادة منها إيجاباً أو سلباً»، واعتبار «القضية الكردية قضية وطنية»، وتعاون «الطرفين في تجميع أوسع طيف من القوى والشخصيات الوطنية، لإشراك الجميع، ومنهم (مجلس سوريا الديمقراطية)، في العملية السياسية واللجنة الدستورية».

وحسب عبد العظيم، لا تزال هناك خلافات بين الطرفين تحول دون المضي في تنفيذ التفاهمات بينها؛ إذ إن ممثلي «مسد» يريدون انضمام «قوات سوريا الديمقراطية» ككيان مستقل إلى الجيش، يحافظ على خصوصيته، «بينما نقول نحن أن تُضَم (قسد)، وكل القوى المسلحة التي لم ترتكب جرائم حرب، بطريقة مهنية إلى الجيش السوري المستقبلي، ليس ككتلة، بل كأفراد فيه»، واعتبار «الإدارة الذاتية تجربة فرضتها الظروف، لها إيجابيات وسلبيات، تدرس في أجواء إيجابية»، في حين يرى الطرف الآخر، أن «التجربة يجب أن تعمم في سوريا». وأضاف عبد العظيم، أن وفد «الهيئة» طالب أيضاً بالتأكيد على أن «ثروات البترول والغاز هي ملك للشعب السوري، وليس لأي طرف معارض».

وقال قائد «قوات سوريا الديمقراطية»، مظلوم عبدي، لـ«الشرق الأوسط» الشهر الماضي «نحن لا نعارض في المشاركة في أي هيكلية أو جسم عسكري وطني سوري، يحقق الأهداف الوطنية السورية، في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، ويحافظ على خصوصيتنا في (قوات سوريا الديمقراطية)، وألا يكون المجلس الجديد – كما سميته أنت – ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية، بل يؤمن بالدفاع عن الوطن، ولا يكون خاضعاً لأجندات أطراف خارجية». وكانت الرئيسة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» أوضحت «نسعى لتكون الإدارة الذاتية تجربة فاعلة ونموذج يحتذى بها في سوريا».

الشرق الأوسط»

—————————

قراءة في إحاطة بيدرسون الأخيرة.. مؤتمر دولي وفق “2254”/ أسامة آغي

فشل الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، كان دافعًا للمبعوث الأممي الخاص بالملف السوري، غير بيدرسون، إلى تقديم إحاطة شاملة حول مفاوضات اللجنة الدستورية، هذه الإحاطة لم تكن كسابقاتها، لأنها وضعت القضية السورية برمتها تحت الضوء.

ووفق إحاطة بيدرسون، فإن الحاجة إلى “صيغة جديدة للنقاش الدولي، وشكل جديد وضروري من أشكال الدبلوماسية والتعاون”، تبدو ملحة وأساسية لدفع عربة تنفيذ القرار “2254”.

هذه الصيغة الدبلوماسية يمكن قراءتها بصورة أعمق، فالشكل الجديد من الدبلوماسية، الذي يطالب به بيدرسون، هو شكل محتواه تعاون دولي، عبر أدوات مختلفة عما تم التعامل به حتى نهاية الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية.

هذه الرؤية تطرح فكرة عقد مؤتمر دولي، بإشراف الأمم المتحدة، قاعدة نقاشاته ومخرجاته هي القرار “2254”، هذا المؤتمر، يجب أن تُدعى إليه مجموعة الدول المنخرطة بالصراع السوري، والتي لها قوات على الأرض السورية، وكذلك دول المجموعة العربية، وممثلون للاتحاد الأوروبي، وأعضاء مجلس الأمن الدائمون وغير الدائمين.

عقد مؤتمر دولي يعني بالضرورة تغييرًا بأساليب العمل وقواعده، وما دامت الغاية من عقده هي دفع عملية الحل السياسي، فوجود هذه الدول مع طرفي الصراع السوري في مؤتمر، تضع جدول أعماله الأمم المتحدة، من خلال جوهر القرارات الدولية ذات الصلة بالشأن السوري، يسهّل اتخاذ قرارات نافذة.

إن عقد مؤتمر دولي حول سوريا لن يسمح للنظام وحلفائه بوضع عراقيل رئيسة، تُفشل الهدف من انعقاده، فهنا تذوب مساحة تعطيل اتخاذ القرارات أو الإجراءات المطلوبة.

بيدرسون الذي تحدث عن صيغة جديدة للنقاش، كان يدرك بعمق أهمية تحقيق اقتران بين عمل اللجنة الدستورية في جنيف ودبلوماسية دولية بنّاءة بشأن سوريا، تكون داعمة لهذا الجهد، والسبب في ذلك، هو أن القضية السورية ليست ملك الطرفين السوريين المتصارعين فحسب، بل هي ملك للدول المنخرطة بالصراع في سوريا، والتي لها جيوش وميليشيات، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وتركيا، وإيران، ولبنان.

بيدرسون الذي يسعى إلى هذا الهدف، يعرف تمامًا أن ظروفًا موضوعية وذاتية يجب أن تسبق عقد المؤتمر الدولي المنشود، مثل مسألة وقف إطلاق نار حقيقي على المستوى الوطني وفقًا للقرار “2254”، وأن يكون هناك نهج متفق عليه بشأن التصدي للتحدي الذي تمثله جماعات مصنفة إرهابية، ومدرجة على القوائم الخاصة بالصراع السوري.

إن تحريك ملف المفقودين، والمغيّبين قسرًا، والمعتقلين لدى كل الأطراف، هو عامل يجب أن يتم العمل عليه دوليًا، لما له من مفاعيل بإيجاد مربعات ثقة بسيطة بين طرفي الصراع السوري.

إن البقاء في مربع التفاوض الحالي، وفق الصيغة التي انبنى عليها القرار الدولي “2254”، هو بقاء غير بنّاء، لأنه لا يلزم الطرفين المتفاوضين (قوى الثورة والمعارضة، والنظام السوري) بآليات عمل محددة وملزمة، وبنفس الوقت، لا يلزمهم بجدول زمني، وهذا معناه أن ما يجري ليس تفاوضًا بل مراوحة في المكان.

بيدرسون أدرك خطر هذه المراوحة، وقال عنها إنها إذا استمرت لفترة طويلة فإنها ستشكل خطرًا حقيقيًا على العملية السياسية برمتها، ولتجنب مثل هذا الخطر، ينبغي التفاوض عبر إرادة سياسية من جميع الأطراف، وهذا لم يكن ممكنًا حتى اللحظة، في ظلّ غياب جدولة للتفاوض ووجود لآليات هذا التفاوض المنتج.

إن عقد مؤتمر دولي بالصورة التي قاربها بيدرسون، هو فعل إيجابي واضح الأهداف والمرامي، ولعل عقده يكون مخرجًا يحفظ ماء وجه الدول المنخرطة بالصراع السوري، وتحديدًا التي دخلت هذا الصراع على قاعدة الاستثمار السياسي والاقتصادي والعسكري.

الروس سيكونون في طليعة من يتخلص من أسر مستنقع الصراع السوري، فهذا الصراع في وضعه الحالي صار مكلفًا، لا بل مرتفع التكلفة، بما لن يستطيعوا دفع فواتيره لزمن أطول، ولهذا يبدو طريق عقد المؤتمر مخرجًا آمنًا لهم، على اعتبار أنه مؤتمر تعقده الأمم المتحدة، وفق قاعدة القرار “2254”.

إن الروس يمكنهم الموافقة على هذه الخطوة، إذا تمّ العمل عليها بالتعاون بينهم وبين الأوروبيين والأمريكيين، فالأخيران مصرّان على تنفيذ القرارات الدولية، وهذا المؤتمر يشكّل مظلة لها، ولذلك تبدو خطوة عقد المؤتمر الدولي أفضل من بالونات الاختبار، المتمثلة بفكرة تشكيل مجلس عسكري انتقالي خارج القرار الدولي.

الإيرانيون سيقبلون بحصة اقتصادية في السوق السورية اللاحقة، وهذا يعني وقف نزيف قواتهم وميليشياتهم على الأرض السورية، التي تتلقى الضربات من إسرائيل أو قوى الثورة والمعارضة، وبنفس الوقت تشكل خطوة حضور إيران المؤتمر الدولي فرصة لها، لمنع حدوث حرب على قواتها في فترة مقبلة على الأرض السورية.

تركيا هي الأخرى لا تمانع من عقد مؤتمر دولي حول سوريا، فمثل هذا المؤتمر، لن يسمح بطرح صيغ سياسية تتناقض واستقلال البلاد، حتى لو أخذت صيغة فيدرالية، أو صيغة حكم ذاتي قرب حدودها.

الأتراك ليسوا متشبثين بالبقاء في مناطق الشريط الحدودي السوري- التركي، ما دام المؤتمر الدولي سيأتي بحكومة انتقالية وطنية تمثّل كل السوريين، وفق دستور يقر بحقوق هذه المكونات بالمشاركة الفعالة سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا.

الأمريكيون ومعهم الأوروبيون، ليسوا ضد تحقيق انتقال سياسي، عبر مؤتمر دولي جوهر فعاليته يستند إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن. ولهذا سيكون هذا المؤتمر خطوة أولى باتجاه عقد مؤتمر آخر للدول المانحة، التي ستسهم بعملية إعادة الإعمار في سوريا.

هذا المؤتمر لن يعجب النظام السوري، ولن يشكّل له مخرجًا وفق تصوراته المبنية على إعادة تأهيله، ولهذا لن يقبل به إلّا تحت شروط تضمن له بعض ما يريده، مثل عدم محاكمة المتورطين من أركانه، وهذا أمر لا يمكنه الحصول عليه في حين تتكدس وثائق تثبت جرائمه ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي ارتكبها.

النظام في ظل انعقاد هذا المؤتمر، لن يفعل أكثر من تدبير مكان آمن يقبله ويحميه من تبعات محاكمات دولية.

وفق ما تقدّم، يمكن القول، إن الضرورة التاريخية لتغيير الوضع المأساوي في سوريا صارت ضرورة ملحة لكل اللاعبين بهذا الملف، وإن أي تأخير في دفع عربة السلام في سوريا، سيراكم من قيم الفواتير التي سيدفعها المتورطون بالصراع السوري، كل    وفق نسبة تورطه.

فهل يذهب المتورطون الدوليون بالصراع السوري إلى عقد مؤتمر دولي يحفظ ماء وجوههم، أم أن المكابرة قد تفعل العكس؟

عنب بلدي

———————-

رياض حجاب.. بين الترويج لتوريث الأسد وأجندات الإخوان المسلمين

ليفانت- خاص

عشر سنوات مضت على اندلاع الثورة السورية، باءت خلالها جهود السوريين ممن دفعوا سنيّ أعمارهم، وأغلى ما يملكون من مالٍ وبنين، في سبيل تنحية النظام السوري، للوصول إلى مطلب بسيط، لم ينشدوا غيره؛ كلّ هذه الخسائر كانت ثمناً لمطلب “الحرّية” الذي تكفله كل الشرائع والدساتير، إلا تلك التي يسنّها الطغاة.

ولسخرية القدر، يأتي بعد هذه السنوات العشر من يدعو لإعادة إنتاج النظام نفسه، من خلال شخصيات حفرت أفعالها أخاديد عميقة في وجدان السوريين، كونها كانت جزءاً من المنظومة الأمنية التي أوصلت السوريين إلى ما هم فيه اليوم.

رياض حجاب، واحد من هؤلاء الأشخاص الذين يرى فيهم نسبة كبيرة من السوريين، جزءاً لا يتجزأ من منظومة النظام؛ كونه وصل لمنصب رئيس وزراء النظام السوري، بعد اندلاع الثورة السورية، بعد أن كان قد شغل منصب محافظ القنيطرة لمدة ثلاثة أعوام، قبل أن يتم تعيينه محافظاً للاذقية قبل شهر واحد من اندلاع الثورة السورية، وبعد أن أصبح أمر قيام الثورة في سوريا محتوماً، ليصبح وزيراً للزراعة في أول حكومة تشكّل بعد اندلاع الثورة، والتي ترأسها عادل سفر، ليصبح بعدها رئيساً للحكومة التالية التي شكّلت بعد سنة، ويغادر دمشق إلى الأردن بعد شهرين فقط من تعيينه رئيساً لمجلس وزراء النظام السوري!

مصادر عدة اعتبرت أن “رياض حجاب”، كوفئ على بلائه الحسن في اللاذقية، وهو الذي ترأس في بداية الثورة ، لجنة أمنية مهمتها متابعة مجريات الوضع في محافظة اللاذقية وما حولها، وذلك إضافة إلى منصبه كمحافظ للمدينة، وهي ثقة لا يمنحها النظام السوري، لأي كان، بطبيعة الحال!

ووفقا لناشطين معارضين فإن اللجنة التي ترأسها حجاب، كانت وظيفتها تنحصر بإدارة عمليات القمع ضد المظاهرات السلمية، كما ساهمت قراراتها بارتكاب الكثير من المجازر في المدينة.

وبحسب المصادر المطّلعة، لم يكن أداؤه متميزاً في ملف اللاذقية فقط، بل إنّ أهالي دير الزور، والتي قيل أنّه ينحدر منها، نال أهلها ما نال أهالي اللاذقية، حيث دخل جيش النظام إلى دير الزور أثناء تولي رياض حجاب رئاسة الوزراء، وارتكب ثاني أكبر مجزرة بتاريخ الثورة السورية (بعد مجزرة كيمياوي الغوطة)، إذ إقتحم جيش النظام المدينة وقتل بمنطقتي حي القصور و الجورة أكثر من 400 شهيد، البعض منهم تم حرقه حياً (ستة أشخاص بفرن خبز) وعدد كبير من النساء والأطفال والشيوخ سمح لهم بالخروج مشياً من بين المقابر للإلتحاق بباصات سفر تقلهم إلى دمشق، ثم قتلوا وحرقوا بين المقابر.

كلّ هذا تمّ في وقت كان فيه رياض حجاب، رئيساً لمجلس وزراء النظام السوري، والذي غادر منصبه إلى الأردن، حيث أعلن عن انشقاقه، على الرغم من الأسطول الأمني الذي يحوطه، وهو الذي يشغل منصباً حساساً في عام 2012، في حين عرف عن النظام أنّه لا يتورّع عن تصفية من يشقّ عصا الطاعة، وهو ما حصل مع رئيس وزراء النظام السوري الأسبق “محمود الزعبي”، ومن بعده وزير الداخلية الذي أرعب اللبنانيين لعقود “غازي كنعان”!

مجزرة العلبي في اللاذقية

ظهر “رياض حجاب” في شريط فيديو في نهاية شهر مارس /آذار 2011، وهو يخاطب المتظاهرين داخل حي الصليبة في اللاذقية، مغدقاً عليهم الوعود بتحسين ظروف حياتهم وتأمين وظائف لهم، إلا أن هذه الوعود كما يقول الناشطون كانت جميعها “كاذبة ومحاولة لكسب الوقت من أجل تنفيذ حملة أمنية ضد المتظاهرين وإنهاء الثورة في المدينة”.

ونقلت صحيفة الشرق الأوسط، عام 2012، عن أحد الناشطين من أبناء اللاذقية يومها، أحد أعضاء تنسيقيات مدينة اللاذقية للثورة السورية، والذي أسمته “عدنان” قوله “إن رياض حجاب مسؤول عن ارتكاب مجزرتين في مدينة اللاذقية، إحداهما وقعت في منطقة السكنتوري وأخرى في حي الصليبة قرب مقهى العلبي”، وأضاف: “كان على رأس لجنة أمنية تقوم بإعطاء الأوامر لتنفيذ المجازر بحق سكان المدينة، تكليفه لرئاسة الوزراء إهانة جديدة لأرواح الشهداء الذين سقطوا”.

فيما أكّد أحد الناشطين في مدينة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية، أن “حجاب جاء إلى مدينة جبلة في بداية الأحداث وتحاور مع منسقي المظاهرات ووجهاء المدينة، حاول إغراء الناس بالمناصب والوظائف لإيقاف المظاهرات ضد نظام الحكم، لكن الجواب كان بشكل واضح أن أهالي المدينة يريدون إسقاط النظام”. وأضاف: “بعد رحيل حجاب قام الأمن بتنفيذ أول اقتحام ضد جبلة، ثم تتالت الاقتحامات والاعتقالات والقمع”.

بدأت مسيرة رياض حجاب باكراً في دعم بشار الأسد، وبحسب المصادر فقد كان لرياض حجاب دور في حشد التأييد لبشار الأسد، وطرحه خلفاً لأبيه الذي مات عام 2000، حيث كان عضواً في قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في دير الزور حينها، والذي شغله بين أعوام 1998 وحتى 2004، ليكافأ بعدها بتعيينه أميناً للفرع عام 2004.

مجزرة حي الجورة

لاحقاً ارتكبت مجزرتي “القصور” و”الجورة” في دير الزور، حين كان يشغل منصب رئيس الوزراء، حيث اقتحم جيش النظام المدينة وقتل أكثر من 400 شخص، البعض منهمتم حرقه حياً (ستة أشخاص بفرن خبز)، فيما سمح لعدد كبير من النساء والأطفال والشيوخ بالخروج مشياً من بين المقاب، للالتحاق بباصات سفر تقلهم إلى دمشق، ثم قتلوا وأحرقوا بين المقابر.

وكان من بين ضحايا هذه الحملة الوحشية الهمجية شقيق وزيردولة بوزارة حجاب ( الوزير نجم الدين خريط)، إذ قتل مدرس الفلسفة والكاتب القاص إبراهيم خريط وولديه على باب بيتهم علناً، أمام من تبقى حياً من الجيران لأنهم وجدوا أنه يمتلك مكتبة كبيرة ببيته!

انشقاق مريب.. وصفقة “حلب”

تشير المصادر إلى أنّ رئيس أركان الجيش الأردني، أفاد بأنّ الأردن سمح لرياض حجاب بالدخول الى أراضيها بعد التنسيق مع الحكومة السورية ، وبحسب المصادر ذاتها فقد تم حذف هذا الفيديو من اليوتيوب منذ سنة تقريباً، معتبرة أن أن انشقاقه هو “مسرحية من تدبير النظام السوري لشق المعارضة فيما بعد”، ثم انتقل لقطر، لافتةً إلى أنّه لم ينكر المعلومات التي تحدثت عن تلقيه مبلغ خمسون مليون دولار مقابل انشقاقه.

واعتبر أنّ “حجاب” أثناء رئاسته لهيئة التفاوض، ارتكب أكبر جريمة بحق الثورة السورية حين قرر الانسحاب من مفاوضات جنيف، رغم أن الجيش الروسي وميليشيات النظام كانا يحاصران حلب، ورفض إتمام المفاوضات، ما أعطى ذريعة للروس لدخول حلب، مشيراً إلى أنّ هذه المرحلة بداية إنتكاسة الثورة السورية وانكفائها، وأعترف حجاب لاحقاً بخطأ انسحابه من المفاوضات لكن “بعدما وقعت الفاس بالرأس”!

وحول تبعات انسحاب هيئة التفاوض من جنيف، نشر مركز جسور للدراسات تقريراً عام 2017 قال فيه: “ومن المهم ملاحظة أن فترة خدمة الهيئة، والتي استمرت منذ بداية عام 2016 وحتى نهاية عام 2017 جاءت بالكامل بعد التدخل العسكري الروسي، وشهدت هذه الفترة أكبر خسائر عسكرية للمعارضة، وخصوصاً سقوط حلب. ويرى بعض المراقبين أن الهيئة لو تمتعت بشيء من المرونة لتفادت الكثير من هذه الخسائر”.

رعاية قطرية وأجندات إخوانية

منذ لحظة الانشقاق والبقاء في الإردن، واختياره لقطر لتكون أولى محطاته بعد الانشقاق، يبدو واضحاً مدى انخراط تنظيم الإخوان المسلمين في تعويم “حجاب” وتصديره كنموذج للقيادي الذي يمكنه التصدي لمرحلة ما بعد النظام؛ ساعد على ذلك هيمنة تنظيم الإخوان المسلمين على الفضاء الإعلامي العربي.

وبحسب تقرير مركز “جسور”، الذي أشير إليه سابقاً، فقد “اتسمت العلاقة بين الائتلاف الوطني والهيئة العليا منذ البداية بالتوتر، رغم وجود عدد كبير من أعضاء الإئتلاف داخل الهيئة، بما فيهم حجاب نفسه، والذي دخل الهيئة على مقاعد الائتلاف بعد أن فشل في الحصول على مقعد كمستقل، حيث تنازل بدر جاموس في مؤتمر الرياض الأول عن مقعده لصالح حجاب”.

كذلك جاء في تصريح لوزير خارجية قطر السابق، حمد بن جاسم، كشف أن عملية انشقاق “رياض حجاب” كلّفت الحكومة القطرية مبلغ 50 مليون دولار أمريكي، وأنّ العملية تمّت بالتنسيق مع ابن خال رياض حجاب الذي يعيش في الاْردن منذ زمن طويل.

وأشارت وكالة عمون، لدى انشقاق حجاب، أنّه بعد خروجه من سوريا، والذي خطّط له من قبل شخصيات أردنية غير رسمية، لها صلات رفيعة مع عواصم القرار الأوروبية، فضلاً عن صلاتها بالداخل السوري، وأنّ المعلومات التي كانت بحوزته ظلّت محجوبة عن المسؤولين الأردنيين، حيث أنّه طالب بـ”بوليصة تأمين” على حياته وحياة عائلته، قبل أن يغادر الأردن الذي أقام فيه في إحدى سلاسل الفنادق العالمية، وبحراسة مشدّدة، إلى قطر التي كانت غايته منذ لحظة مغادرة سوريا!

يأتي البعض ليتحدّث عن خطاب ناري نقله “رياض حجاب” إلى عواصم القرار، فضح من خلاله النظام السوري وممارساته، وكأنّ الحديث عن صراع النفوذ بين الكنّة والحماة، هو جلّ ما ينشد المجتمع الدولي معرفته عن خفايا الدولة العميقة في سوريا، متناسين أنّ الصوت العالي يبدأ بالمراجعة الذاتية أولاً، فأين كان “حجاب” يوم ارتكبت مجزرة العلبي في اللاذقية التي كان رئيساً للجنتها الأمنية آنذاك؟ّ

————————————-

لا حلّ في سوريا إلا عبر توافق أمريكي روسي/ عبدالعزيز مطر

عشر سنوات مرت منذ اندلاع الانتفاضة السورية التي قام بها شباب سوريون يبحثون عن الحرية، وأحداث كثيره مرّت وتعاقبت شهدتها هذه الانتفاضة، ومراحل متعاقبة مرت بها انتفاضة هذا الشعب التي حولتها من أيقونة ورمز للمطالبة بالحرية إلى مأساة وكارثة ألمّت بالشعب السوري بفعل التأثيرات الخارجيه والداخلية والطريقة التدميرية البشعة التي تعاملت بها سلطة الاستبداد مع مطالب الشعب السوري الذي يبحث عن الكرامة والحرية.

ومنذ إطلاق النظام لقطعان التطرّف والإرهاب، الذين كان يحتجزهم في سجونه، إلى تحول المشهد السوري من مسألة نضال شعب ضد نظام وسلطة مستبدة إلى صراع بين قوى إقليمية ودولية على الأراضي السورية، بعد ارتهان السلطة السورية واستنجادها بأذرع إيران الإرهابيّة لإخماد ثورة الشعب السوري والجرائم الكبيرة الذي نتجت عن هذا التدخل وتدمير البنى التحتية والاقتصادية والمجتمعيه السورية، الأمر الذي انعكس بصورة مأساوية على حياة الشعب والمواطن السوري.

ومما زاد الطين بلة، تحول المجتمع الدولي والقوى الدولية خلال السنين الماضية عن واجبه ومسؤولياته لإنهاء هذه المأساة إلى إدارة هذه النزاع، مما أطال في أمد هذه الكارثة. كل ذلك بفعل تناقض المصالح الإقليمية والدولية على الأرض السورية وارتهان القرار الوطني والسيادي لطرفي الصراع في سوريا لدى قوى إقليمية ودولية، وتماهي الطرفان مع هذه المصالح على حساب مصالح الشعب السوري.. هذا الارتهان جعل من سوريا ومن الشعب السوري وترابه ساحة لتصفية الحسابات بين مختلف القوى، مما جعل السوريون جميعهم تواقين للخلاص من هذه المأساة.

وفي ظل المعاناة الكبيرة التي يعيشها الشعب السوري، فإنّه يتطلع لأي بارقة أمل في إنهاء هذا النزاع، ويرى أي جهد يبذل في هذا الإطار خطوة جيدة لإنهاء مأساته، وحتى لو كانت هذه الخطوات غير فعالة اتجاه إنهاء الأزمة السورية. ويعلم الكثير من الساسة والمراقبين بتمعن للوضع السوري أنّ حلّ هذه المسألة يتم عبر توافق دولي، يرعاه في الدرجة الأولى القرار الأمريكي وتوجهات السياسة الأمريكية الجديدة، وأنّ أي حل فعال وتوجه فعال لإنهاء هذه المأساة لا بد أن يكون مصحوباً بتوجّه فعال للسياسة الأمريكيه وإدارتها الجديدة بالتوافق مع الدور الروسي، الذي بات وجوده في سوريا أمراً واقعياً وتأثيره في الوضع السوري واضح للعيان.

وما شهدناه مؤخراً حول المبادرة الثلاثية، الروسية التركية القطرية، لا تعدو كونها لفت انتباه من جانب قوى دولية وإقليمية لتوجيه اهتمام السياسة الأمريكية للبحث وإيجاد مخرج حقيقي للأزمة السورية، فأيّ جهد أو مبادرة أو توجّه لإنهاء هذه المأساة سيكون قاصراً وضعيفاً بدون وجود المشاركة الفعالة للسياسة الأمريكية، والسنوات الماضية في عمر هذه المأساة تؤكد هذا التوجه، وتؤكد أنّ جميع المبادرات والمسارات لحلّ الأزمة، من أستانا وسوتشي وغيرها، كانت قاصرة وضعيفة، بسبب عدم رضا أو مشاركة أو دعم السياسة الأمريكية لها.

وبالتأكيد هناك مصالح دولية في سوريا ستسعى القوى الدولية لتحقيقها من خلال أي جهد لإنهاء هذه الكارثة، وهذا لا يمكن توفره إلا بتوافق أمريكي روسي على حلّ الأزمة السورية، بغضّ النظر عن مصالح الأطراف الإقليمية الأخرى، كون تلك المصالح مرتبطة إلى حدّ ما بالقرار الأمريكي أو القرار الروسي، وبالتأكيد إنّ أي توافق بين الأمريكي والروسي سينال الدعم المباشر والموافقة من قبل الدول  الإقليمية الأخرى.

إنّ التداخلات والمبادرات الإقليمية السابقة أضعفت كثيراً مسارات الحل في المسألة السورية، وتسببت في إطالة أمد آلام السوريين، وعمقت الكثير من جراح الشعب السوري، وابتعدت كثيراً عن مسار الحلّ الأساسي، وهو مسار جنيف، وحاولت قوى إقليمية، بالتعاون مع الروس، لإضعاف مسار جنيف والالتفاف حول القرار ٢٢٥٤، ولكن في النهاية فشلت كل هذه المسارات فشلاً ذريعاً في وضع حدّ لهذا النزاع الذي أرهق الجميع، ووصل الجميع لقناعة أنّه لايمكن تحقيق الاستقرار في سوريا إلا من خلال قرار جنيف ٢٢٥٤، ومن خلال الدور الأمريكي الفعال المدعوم بتفاهم من الروس حول تطبيق هذا القرار وآلياته، وبات من الواضح أنّ الجانب الروسي الذي قدم الدعم الكثير لسلطة الاستبداد في سوريا لن يستطيع الحفاظ على مصالحه وماحققه خلال السنوات الماضية من مكاسب اقتصادية وجيوسياسية في سوريا إلا بتوافق مع السياسة الأمريكية من جهة، ومن خلال التخلي عن العبء الثقيل الذي أصبح يشكله النظام السوري ورأس النظام على السياسة والمصالح الروسية من جهة أخرى.

إنّ التكاليف الباهظة التي يتطلبها دعم نظام تخلّى عنه الجميع وفقد شرعيته، الداخلية والخارجية، وأصبح عاجزاً عن ممارسة دور قيادة الدولة السورية وتحقيق إعادة الاستقرار في سوريا بفعل تفاقم الأزمة الاقتصادية والعسكرية والاجتماعية في سوريا، جعلت من أوليات السياسة الروسية المضي قدماً لإيجاد مخرج لإنهاء هذه الأزمة والتخلص من هذا العبء، وإنّ امتناع القوى الدولية عن تقديم أي مساعدات أو ضمانات لتقديمها في ظلّ وجود هذا النظام، حتى ولو كان رمزياً، وإصرار جميع القوى الإقليمية والدولية، صاحبة اليد الطولى، اقتصادياً ومالياً، الانخراط في ملف إعادة الإعمار بوجود هذا النظام جعل توجه السياسة الروسية تتجه لمسار أكثر جدية للتوافق مع الإدارة الأمريكية الجديدة، لحلحلة الوضع والانسداد السياسي في المسألة السورية.

وفي هذا الخضم جميعه، وبانتظار هذا التوافق يتطلع السوريون للتفاعل مع أي جهد أو أي بارقة أمل تنقذهم من هذه الكارثة التي طال أمدها، والتي يتحمّل جزءاً كبيراً منها النظام السوري، وأصبحت تشكل مصدر قلق لدول الجوار والخوف من انزلاق الأمور لمستويات أكثر خطورة، ويتحمل الجزء الآخر المعارضة العقيمة التي أصبحت عاجزة ولم تقدّم نموذجاً يقبل به المجتمع الدولي، على مر السنوات الماضية.

بالتأكيد هناك بوادر أمل تلوح بالأفق ونشاطات سياسية قد تشهدها الساحة الدولية قريباً، على صعيد وضع حدّ للمأساة السورية التي آلمت كل ضمير حي في هذا العالم.

——————————-

المجلس العسكري ليس خياراً بل ضرورة/ نمرود سليمان

لا تستطيع أية دولة وأي نظام أن يحافظا على أمنهما واستقرارهما إلا بوجود مجلس عسكري يحافظ على خلق بيئة آمنة مستقرّة تحافظ على الدولة وتعمل على حفظ الأمن الشعبي، وتخلق مناخاً سياسياً واقتصادياً للتنمية والتطوّر والتقدّم، يرافق ذلك وجود هيئة سياسية منتخبة هدفها الحفاظ على مصالح الشعب وتنسيق العلاقة بين الشعب والدولة وبين الأحزاب المختلفة، ولا تُميّز بين حزب في السلطة وآخر بالمعارضة، وتقوم بدور الموجّه والناصح لكل مؤسسات الدولة، بما فيها المجلس العسكري.

القيادية السياسية عليها قراءة الواقع السياسي كما هو لا كما تريده أن يكون، وتدرسه وفقاً لمعادلاته القائمة بمنهج علمي ومنطق سياسي، وعليها العمل على ربط معادلات الداخل بالوضع الإقليمي والدولي، وتسعى من خلال ذلك إلى تحقيق طموحات ومطالب الشعب.

المجلس العسكري لديه معادلاته الأمنية والعسكرية المختلفة عن المعادلات السياسية لهيئة الحكم، وهذا ضروري وليس وجوده سلبياً، لذا تقوم الهيئة السياسية بدور التوجيه للمجلس، ويقوم الأخير بتنفيذ ذلك من خلال معادلاته الخاصة به، وهذا لا يعني خلافاً بل وفاقاً بكل المقاييس، وهناك هيئة مجلس الأمن القومي تجمع المدني والعسكري في صفوفها.

من هنا نفهم هذه اللجّة الإعلاميّة الضخمة التي تدور حول المجلس العسكري السوري بقيادة الجنرال مناف طلاس، منذ انغلاق الأفق السياسي والعسكري أمام الشعب السوري، وأصبح المجلس المنقذ والأمل وبدونه لا يمكن الاستقرار، فهو ليس خياراً بل ضرورة.

المجلس العسكري مشمول بالقرار الأممي 2254، وقد التفّ حوله من الضباط بمختلف المراتب 1461 ضابطاً مع العشرات من العشائر السورية، ومثلها من الأحزاب والمنظمات، وتحوّل إلى مادة خصبة في الإعلام.

على السوريين بكافة مكوناتهم العمل بيد واحدة لإنقاذ بلدهم، المطلوب من المثقف السوري والسياسي والمفكر التقاط اللحظة الزمنية والقيام بدوره الوطني المطلوب.

في هذه المرحلة تعيش سوريا على حقل ألغام سياسيّة قابلة للانفجار في أية لحظة، وتداعياته ستكون قاسية على الجميع. لا يمكن إيقاف هذا الانفجار إلا من خلال المجلس العسكري. يقول صديقي: “المجلس العسكري المضبوط سياسياً”.

————————–

=====================

تحديث 26 أذار 2021

——————–

المجلس العسكري السوري..لا يتقدم على المسار السياسي/ العقيد عبد الجبار العكيدي

“عندما أسمع عن فكرة مجلس عسكري يتسلم السلطة في سوريا، بدني يقشعر.. يقشعر”،  كان هذا جواب الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي على سؤال للكاتب في ندوة حوارية عن مقترح المجلس العسكري الذي يدور الحديث عنه بين السوريين، وعن إمكانية نجاحه وخطورته على الثورة وتضحيات الشعب السوري.

وأضاف المرزوقي حينها “مصيبتنا ومصيبة هذه الأمة هي الأنظمة العسكرية التي من المفترض أن الجيوش فيها هم حماة الديار وأن يكونوا في مواجهة العدو الصهيوني، ولكنها أصبحت في كل البلدان العربية تقريباً أداة السيطرة للطبقات الفاسدة على الشعوب، ولكن مع التفريق بين حكم العسكر وبين الجيش الوطني المنضبط الذي ليس له أطماع بالحكم”، محذراً من ارتكاب هكذا خطأ بالعودة إلى حكم العسكر، وأنه لابد من سلطة مدنية يدعمها الجيش.

جواب الرئيس المرزوقي كان الدافع لكتابة هذا المقال وتوضيح الملتبس بين المجلس العسكري وأهميته ومهامه وضرورته في الحالة السورية، وبين حكم العسكر الذي جلب الويلات والكوارث للبلدان العربية منذ استقلالها وحتى الآن.

في ظل الوضع المضطرب والمأساوي ومضي أكثر من 8 سنوات على وثيقة جنيف، وخمس سنوات على صدور القرار الأممي 2254، ومأساة السوريين ما زالت تتفاقم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، ووحدة البلاد مهددة أكثر من أي وقت مضى، أصبح الوصول إلى هيئة الحكم الانتقالي في سوريا بعيد المنال، بعد تماهي المعارضة مع المبعوث الدولي السابق ستيفان دي مستورا بالالتفاف على القرار 2254 والتفريط به لصالح العملية الدستورية التي استغرق تشكيل لجنتها حوالي السنة ونصف، ومضى على بدء أعمالها مثل ذلك، دون كتابة مادة واحدة، أو الاتفاق على جدول زمني لعملها، وأصبح واضحاً للقاصي والداني عبثية استمرارها، لذا كان لا بد من التفكير بالخروج من هذا الاستعصاء، وتحريك المياه الراكدة، فكان مقترح المجلس العسكري القديم المتجدد.

في ظل الظروف التي تمر بها سوريا يُعتبر تشكيل مجلس عسكري ضرورة لقيادة المرحلة المقبلة وإنهاء المأساة السورية، وربما يكون مفتاح خارطة طريق مقنّعة للسوريين وللمجتمع الدولي والدول النافذة في الملف السوري، والمخرج المناسب بعد انسداد أفق الحل السياسي وفشل عمل اللجنة الدستورية.

لكن السؤال المطروح الآن: هل فعلا تبلور مشروع المجلس العسكري؟ وهل أقتنعت الولايات المتحدة وروسيا وبقية الأطراف الفاعلة في الملف السوري أنه حاجة ضرورية للحفاظ على وحدة سوريا ومكوناتها ونسيجها الاجتماعي ومؤسسات الدولة السورية من الانهيار؟

والسؤال الأهم الذي يتبادر إلى ذهن كل سوري: هل سيكون هذا المجلس بديلاً عن هيئة الحكم الانتقالي النصوص عليها في بنود القرار 2254؟ أم سيكون تطبيقاً للنموذج السوداني بحيث يكون إلى جانبه مجلس سياسي لقيادة المرحلة الانتقالية؟

رغم تخوف الشعب السوري الذي كره ذكر حُماة الديار حتى في نشيده الوطني، والذي انكوى بنار حكم العسكر منذ أول انقلاب عسكري والقضاء على الحياة الحزبية والسياسية وإيصال البلاد إلى ما وصلت اليه من كوارث، إلا أن الكثيرين يتطلعون لمن يخلّصهم من هذا الوضع ويحقق لهم الانتقال لمرحلة ما بعد بشار الأسد وفرض الأمن والاستقرار.

إن تنظيم الوضع العسكري هو أحد أهم شروط الانتقال السياسي من نظام الاستبداد إلى دولة القانون، على أن يتم بناء المؤسسة العسكرية على أسس مهنية ووطنية، وفي هذا الإطار يتوجب علينا معالجة المسائل التالية:

أولاً، أن يتم تضمين فكرة المجلس العسكري ومشروعه وضع حدود واضحة بين السياسة ومقتضياتها وبين العسكرة ومواصفاتها، فالتجربة الوطنية السورية منذ الاستقلال وحتى الآن كشفت عن علاقة ملتبسة بين الحقلين السياسي والعسكري، ولطالما تمّ استخدام العسكر لأغراض حزبية وفئوية، ما أدى إلى إفساح المجال لتدخل الجيش في السياسة وصولاً للهيمنة عليها، ولمعالجة هذه المشكلة المزمنة يتوجب وضع أسس واضحة لبناء منظومة عسكرية تكون في خدمة بناء الدولة والدفاع عن سيادتها وحدودها، وليس توظيفها في الصراعات السياسية.

ثانيا، أن يكون واضحاً في المشروع إعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية وفق أسس مهنية تقطع وتنهي بصورة تامة مع التجاذبات الطائفية والولاءات المناطقية أو غيرها، وكل اعتبار يؤدي إلى إضعاف وتمزيق النسيج الوطني، فقد كشفت دروس علاقة النظام السوري بمؤسسة الجيش والأمن استخدام الأول لتلك المؤسسات من خلال إضفاء الطابع المذهبي والطائفي عليها لأغراض سلطوية أدت إلى نتائج خطيرة وانحرافات كبيرة حالت دون بناء مؤسسة عسكرية وطنية تحمي الشعب وتدافع عن حقوقه ومصالحه، ولا أدلّ على ذلك من زج النظام لهذه المؤسسة في معركته الدموية ضد الشعب السوري.

ثالثاً، أي انتقال سياسي يؤدي إلى تغيير حقيقي في سوريا يستوجب إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وفق متطلبات تحقيق هذا الانتقال نحو دولة المواطنة والقانون.

ورغم أنه من غير المتوقع حتى الآن أن هناك توافقاً دولياً على هكذا طرح، فسياسية الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه سوريا لم تتبلور بعد ومن غير المرجح موافقة وقبول روسيا حتى الآن باستبدال الأسد قبل وضوح الرؤية الأميركية وإنجاز كامل التفاهمات، إلا أنه في حال قُدّر لفكرة تشكيل مجلس عسكري أن تبصر النور في هذه المرحلة، فإنه يجب التركيز على ضرورة مطلقة غير قابلة للنقاش وهي أن لا يكون مجلساً حاكماً، بل نواة لمؤسسة عسكرية وطنية تحت سلطة مجلس سياسي مدني يدير البلاد بعد سقوط نظام الأسد، ويكون له مهام واضحة المعالم بتراتبية عسكرية، خاضع للقانون ومطمئن للشعب السوري وللمجتمع الدولي وهي كالتالي”

– إعادة الأمن وتوفير بيئة الاستقرار في سوريا.

– إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها وتمكينها من القضاء على الإرهاب وتفكيك الفصائل المحلية التي نشأت خلال الصراع وإعادة دمجها ضمن هيكلية مهنية صرفة، وجمع السلاح واستعادة سيادة الدولة.

– إخراج كل الميليشيات الأجنبية والمقاتلين الأجانب خارج سوريا.

– الحفاظ على السلم الأهلي وفرض السيادة الوطنية التي فرّط بها النظام وحماية الدستور لا الانقلاب عليه.

– إجراء المصالحة الوطنية وتهيئة البيئة الآمنة والمحايدة لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية تحت إشراف الأمم المتحدة، ضماناً لحياديتها ومصداقيتها.

– الحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع انهيارها، ومنع وقوع حرب أهلية.

– إطلاق سراح كافة المعتقلين والكشف عن مصير المغيبين قسراً، وتهيئة المناخ لإقامة بيئة آمنة لعودة اللاجئين والشروع بانتخابات نيابية ورئاسية.

– إعادة بناء إدارة التوجيه المعنوي على أسس وطنية ومهنية تجعل منها أداة لإنفاذ الدستور وحمايته وليس عبئا عليه.

كل ما يثار الآن عن المطالب بتشكيل المجلس العسكري رغم أن هدفها غالباً الحرص على إنهاء الصراع في سوريا والذهاب نحو حالة الاستقرار، إلا أنها تأتي وكأنها منفصلة عن السياق العام لمرحلة الانتقال السياسي، مما أدى إلى خلق تشويش حيال الفكرة بحد ذاتها، ولذلك اعتقد من وجهة نظري كضابط منشق أنه يجب أن يتمّ التركيز على وحدة المسار السياسي المتوافق مع القرارات الدولية بحيث يكون أي تشكيل عسكري منضبط ضمن مراحل الانتقال السياسي وخطواته التسلسلية كي يتمّ انتظام هذه المؤسسة ضمن الرؤية الوطنية وبما يخدم أغراضها وأهدافها.

المدن

————————

وثيقة معارضة لمؤتمر دمشق تتمسك بـ«هيكلة الأمن» و«إنهاء النظام»، طالبت بـ«إخراج الميليشيات والجيوش الأجنبية» من سوريا/ إبراهيم حميدي

كشفت مسودة الرؤية السياسية للمؤتمر التأسيسي لتكتلات من المعارضة السورية لتشكيل «الجبهة الوطنية الديمقراطية» (جود)، الذي يعقد في دمشق غدا السبت، مطالبة المشاركين بـ«إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته»، والتمسك بتشكيل «هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات» بموجب «بيان جنيف» لعام 2012 والقرارات الدولية.

كما طالبت الوثيقة، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بـ«إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وبناء جيش وطني (…) مع تحييده عن السياسة والعمل الحزبي»، إضافة إلى «إخراج كافة الجيوش والميليشيات غير السورية».

– كل رموزه ومرتكزاته

ومن المقرر، أن يُعقد في منزل المنسق العام لـ«هيئة التنسيق الوطنية» حسن عبد العظيم في حي ركن الدين في دمشق اليوم، المؤتمر التأسيسي لإطلاق «الجبهة الوطنية الديمقراطية» بمشاركة نحو 18 مكوناً سياسياً، بينها القوى المشاركة في «هيئة التنسيق» التي تأسست في 2011. ويبدأ المؤتمر بجلسة افتتاحية يشارك فيها مدعون بينهم ممثلو سفارات عربية وأجنبية. وقال قيادي سوري معارض، إن اللجنة التحضيرية لم توجه الدعوة إلى السفارة الإيرانية التي كانت دُعيت إلى «مؤتمر الإنقاذ الوطني» الذي عُقد في نهاية 2012. وأضاف: «أصبحت منحازة»، وأشار إلى أن دعوة سفارات يُعتقد أن بينها روسيا والصين ومصر «لم تكن ترمي إلى توفير الحماية الدبلوماسية، لأننا قوى وطنية معارضة منذ عقود».

وبعد جلسة الافتتاح، سيناقش المشاركون، وهم نحو 120 شخصاً، عدد منهم سيساهمون عبر الفيديو، جدول الأعمال، بما في ذلك مسودة وثيقة سياسية أقرتها اللجنة التحضيرية في نهاية العام الماضي، للمؤتمر الذي يرمي إلى التأسيس لـ«بناء جبهة وطنية ديمقراطية سورية عريضة، بدءاً بعقد مؤتمرها التأسيسي، لأنها ضرورة ملحّة لإنجاح المسار السياسي الوطني للأزمة السورية وفق مبادئ وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خصوصاً بيان جنيف لعام 2012، والقرار 2254، بما يكفل إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته، والمساهمة بإحداث التغيير والتحول الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، دولة الحق والقانون والمؤسسات المنتخَبة، الدولة الحيادية تجاه الأديان والمذاهب التي تكرّس مبدأ المواطنة الحرة المتساوية في الحقوق والواجبات لكل أفراد الشعب السوري، من دون تمييز أو إقصاء على أساس القومية أو الدين أو المذهب أو الجنس أو الاتجاه السياسي».

– وقف الحل الأمني

وبالنسبة إلى منطلقات تأسيس «الجبهة»، جاء في الوثيقة أن سوريا تعيش منذ سنوات «مأساة في جوهرها انعكاس لأزمة مستدامة تعود إلى إخفاق في بناء الدولة المدنية الديمقراطية، دولة المواطنة التي تحقق الحرية والمساواة والعدالة والمساواة (…) وتفاقمت هذه الأزمة في ظل نظام الاستبداد والقهر والفساد القائم منذ عقود، لتتفاقم مع قمع النظام بالحل الأمني والعسكري انتفاضة الشعب السوري السلمية في عام 2011، التي بدأت مشروع ثورة وطنية ديمقراطية من أجل الحرية والتقدم، ما ولّد العسكرة والتطييف والتطرف والأسلمة؛ فهجر السوريون وهدمت المدن والبنى التحتية وفتتت اللحمة الاجتماعية، وعطل الحل السياسي».

ورأت أن الحل السياسي هو «الحل الوحيد الناجع الذي يجنب بلادنا المخاطر ويحقق تطلعات شعبنا في التغيير الجذري للنظام القائم والتحول الديمقراطي الشامل وبناء دولة ديمقراطية»، الأمر الذي يتطلب بداية «وقف الاحتراب والقتال والعمليات العسكرية على الأراضي السورية إذا كان مصدرها تحت إشراف الأمم المتحدة، وفق مقدمها الحل الأمن والعسكري الذي يقوده النظام ضد الشعب السوري»، وأن يترافق هذا الإجراء مع إطلاق «جميع معتقلي الرأي في سجون النظام وغيرها من السجون، والعفو عن المطلوبين السياسيين داخل سوريا وخارجها، ومعرفة مصير المقتولين تعذيباً والمختفين قسراً في المعتقلات منذ عام 1980، والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية».

وقالت الوثيقة، التي تقع في أربع صفحات، إنه «لا بد من إخراج كافة الجيوش والميليشيات غير السورية أياً كانت من الأراضي السورية، وتفكيك الميليشيات المسلحة، وسحب سلاحها، وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية وبناء جيش وطني يكون مسؤولاً عن حماية الوطن والشعب مع تحييده عن السياسة والعمل الحزبي»، إضافة إلى «دمج المجموعات والتشكيلات المسلحة المنتشرة في الجغرافيا السورية، والتعامل معها بعد تسليم أسلحتها إلى الدولة والنظر إلى ممارساتها على أرض الواقع، ذلك استناداً إلى موافقتها بصورة جدية وعملية على الالتزام بالحل السياسي (…)، وبناء دولة المواطنة والقانون والنظام الديمقراطي».

– هيئة انتقالية

ولتحقيق هذه الأهداف بالنسبة إلى المؤسسين، هناك ثلاث خطوات، تبدأ بعقد المؤتمر التأسيسي لـ«جود» لتشكيل تحالف موسع، ثم مؤتمر موسع يضم كل قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية. وقالت الوثيقة: «خلال الفترة الانتقالية وفي ظل تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية وفق قرارات الشرعية الدولية، يأتي عقد المؤتمر الوطني العام الذي يمثل جميع مكونات المجتمع السوري، لإقرار ميثاق وطني يتضمن المبادئ الأساسية لحل جميع القضايا».

وأشارت الوثيقة أيضاً إلى مبادئ عدة، بينها أن «سوريا جزء من الوطني العربي… وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية» وأن «مهمة تحرير الأراضي السورية المحتلة بكل الوسائل والطرق المشروعة، لا بد أن تظل على رأس المهمات الوطنية المطروحة على الشعب السوري وقواه الوطنية».

كما أشارت إلى أن «القضية الكردية مسألة وطنية سورية، ما يوجب إيجاد حل ديمقراطي ودستوري يعترف بالحقوق القومية والثقافية والاجتماعية المشروع للوجود الكردي (…) ضمن إطار سيادة سوريا ووحدتها، أرضاً وشعباً».

ودعي إلى المؤتمر «الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الديمقراطي الكردي»، علماً بأن «هيئة التنسيق» عقدت جلسات تفاوضية مع «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) الجناح السياسي لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) للاتفاق على مبادئ عامة لرؤيتهما لمستقبل سوريا. وبرزت في المفاوضات عُقدتان تتعلقان بالموقف من مستقبل «قوات سوريا الديمقراطية» و«الإدارة الذاتية».

الشرق الأوسط»

————————-

المعارضة السورية تامل بشأن الدور القطري في الدبلوماسية الروسية والتركية/ سلطان الكنج

كثفت روسيا مؤخرًا من جهودها لإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية . كانت المنظمة الإقليمية قد علقت  عضوية سوريا في 12 نوفمبر 2011 ، في أعقاب حملة القمع الدموية للنظام ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في ذلك الوقت.

وحمل وزير خارجيتها سيرجي لافروف مطالب روسيا خلال جولته في دول الخليج في مارس آذار. وزار لافروف  أبوظبي والرياض والدوحة ، حيث التقى بنظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو.

وأكد الوزراء الثلاثة خلال اجتماعهم بالدوحة في 10 آذار / مارس أن حل الأزمة السورية سياسي بعيدًا عن الخيار العسكري. وأكد الشيخ محمد أن الأسباب التي أدت إلى خروج سوريا من الجامعة العربية لا تزال قائمة ، معربا عن أمله في تحقيق تقدم سياسي يضمن عودتها.

وشدد على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ، وضرورة التوصل إلى توافق على رفض الحل العسكري للأزمة. “يجب استغلال كل فرص التعاون بين الدول ، وسنكمل الجهود الدولية للتوصل إلى تسوية للأزمة السورية”.

في غضون ذلك ، أكد لافروف أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية حتمية وستسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة بأسرها. وأشار إلى أن بلاده تتفق مع تركيا وقطر على ضرورة التوصل لحل سياسي للأزمة السورية وتقاسم موقف مشترك بشأن وحدة الأراضي السورية.

لكن الجهود الروسية أججت مخاوف المعارضة السورية من عودة نظام بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية. قال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في بيان صحفي يوم 10 آذار / مارس: “لا يمكن قبول محاولات إعادة تأهيل نظام الأسد أو إيجاد غطاء للقيام بذلك”.

رياض حجاب ، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في ظل نظام الأسد والرئيس السابق للهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة السورية ، قال في مقابلة مع قناة الجزيرة بعد اجتماع الدوحة الثلاثي في ​​13 آذار / مارس ، إن “روسيا تسعى للحصول على بشار الأسد. الأسد ونظامه يخرجون من مأزقهم. ولهذا تسعى لإضفاء الشرعية عليه من خلال دعمه في الانتخابات المقبلة “.

هشام اسكيف ، عضو المكتب السياسي للجيش الوطني السوري المعارض ، الموالي للجيش السوري الحر ، الذي يعيش في شمال حلب ، قال لـ “المونيتور”: “نحن مع الحل السياسي ، لكن النظام وحلفائه … روسيا وإيران – رفضتا كل الحلول “، في إشارة إلى قرارات الأمم المتحدة.

قال: “روسيا وإيران في معضلة حقيقية لأنهما أصبحا غير قادرين على دعم النظام اقتصاديًا. روسيا حاليًا في مأزق وسط العلاقة المتوترة مع الإدارة الأمريكية الجديدة ، وهذا قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات تؤدي في النهاية إلى التخلص من الأسد. لقد حاولت روسيا [سابقًا] إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية ، لكن قطر والسعودية أعاقت جهودها “.

قال عبد الكريم العمر ، المحلل السياسي السوري المقيم في إدلب ، لـ “المونيتور”: “ذهب لافروف إلى دول الخليج لاقتراح طريقة لمنع انهيار الدولة السورية. في قطر ، كان من الواضح أن مسارًا جديدًا قد انبثق للأزمة السورية ، يتكون من قطر وتركيا وروسيا. في ظل هذا المسار ، الحل السياسي للحرب السورية هو مسار جنيف ، الذي سعت روسيا إلى تجنبه من خلال تنظيم اجتماعات أستانا وسوتشي. كان الاجتماع الثلاثي الأخير في الدوحة قيد الإعداد منذ عدة أشهر. ووعد لافروف بالرد على الموقف القطري التركي بعد فحصه في الاجتماع المقبل في أنقرة منتصف أبريل المقبل.

وأشار عمر إلى أن “تركيا لاعب رئيسي وكبير في سوريا وتربطها علاقات وثيقة بقطر. حاولت الاستفادة من هذه العلاقات لجعل قطر تلعب دورًا في الأزمة السورية أو حتى العودة بعد شبه غياب بسبب الحصار الذي تعرضت له خلال الخلاف الخليجي. من الواضح تماماً أن تركيا وقطر ترفضان إبقاء نظام الأسد واقفاً على قدميها أو الاعتراف بشرعية الانتخابات التي سيجريها [النظام] في مناطق سيطرته في أيار المقبل. يأتي ذلك بالتزامن مع التأكيد التركي على ضرورة التعجيل بإيجاد حل سياسي عادل وشامل من خلال تنفيذ القرارات الدولية ، بما في ذلك قرار الأمم المتحدة رقم 2254 ، الذي يدعو بشكل أساسي إلى مرحلة انتقالية في سوريا لتمهيد الطريق لانتخابات برعاية الأمم المتحدة .

وأوضح أن المتفائلين من المعارضة السورية يبنون على تصريحات الحجاب حول الحل السياسي. وأضاف أن “هذا رفع آمال جزء كبير من المعارضة السورية”.

لكن عمر أشار إلى أن جانبًا آخر من المعارضة السورية لا يزال متشائمًا. وأوضح أن تصريحات مماثلة حول حل سياسي وشيك ليست جديدة. وقال: “إذا لم يتم التوصل إلى [اتفاق] تركي روسي أمريكي ، فلن يكون هناك حل [للأزمة السورية]”.

قال قيادي في المعارضة السورية مقيم في تركيا لـ “المونيتور” ، شريطة عدم الكشف عن هويته ، “هناك محور تركي وقطري وسعودي يتبلور. سيمارس هذا المحور مزيدًا من الضغط على روسيا لإجبار النظام على قبول حل سياسي بناءً على قرار الأمم المتحدة رقم 2254 “.

المونيتور

—————————

سوريا.. “هيكلة الأمن” و”إنهاء النظام”.. أبرز مطالب مؤتمر “جود

أفادت مصادر إعلامية أنّ مسودة الرؤية السياسية للمؤتمر التأسيسي لتكتلات من المعارضة السورية لتشكيل “الجبهة الوطنية الديمقراطية” (جود)، الذي يعقد في دمشق غدا السبت، كشفت عن مطالبة المشاركين بـ”إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته”، والتمسك بتشكيل “هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات” بموجب “بيان جنيف” لعام 2012 والقرارات الدولية. جود

حيث ينتظر أن يُعقد في منزل المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية” حسن عبد العظيم في حي ركن الدين في دمشق اليوم، المؤتمر التأسيسي لإطلاق “الجبهة الوطنية الديمقراطية”، بمشاركة نحو 18 مكوناً سياسياً، بينها القوى المشاركة في “هيئة التنسيق”، التي تأسست في 2011.

ويبدأ المؤتمر بجلسة افتتاحية يشارك فيها مدعوّون، بينهم ممثلي سفارات عربية وأجنبية. في حين قال قيادي سوري معارض، إن اللجنة التحضيرية لم توجه الدعوة إلى السفارة الإيرانية التي كانت دُعيت إلى “مؤتمر الإنقاذ الوطني” الذي عُقد في نهاية 2012. وأضاف: “أصبحت منحازة”، وأشار إلى أن دعوة سفارات يُعتقد أن بينها روسيا والصين ومصر “لم تكن ترمي إلى توفير الحماية الدبلوماسية، لأننا قوى وطنية معارضة منذ عقود”.

ويناقش المشاركون، وهم نحو 120 شخصاً، عدد منهم مشاركين عبر الفيديو، جدول الأعمال، بما في ذلك مسودة وثيقة سياسية أقرتها اللجنة التحضيرية في نهاية العام الماضي، للمؤتمر الذي يرمي إلى التأسيس لـ”بناء جبهة وطنية ديمقراطية سورية عريضة، بدءاً بعقد مؤتمرها التأسيسي، لأنها ضرورة ملحّة لإنجاح المسار السياسي الوطني للأزمة السورية وفق مبادئ وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، خصوصاً بيان جنيف لعام 2012، والقرار 2254، بما يكفل إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته، والمساهمة بإحداث التغيير والتحول الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة، دولة الحق والقانون والمؤسسات المنتخَبة، الدولة الحيادية تجاه الأديان والمذاهب التي تكرّس مبدأ المواطنة الحرة المتساوية في الحقوق والواجبات لكل أفراد الشعب السوري، من دون تمييز أو إقصاء على أساس القومية أو الدين أو المذهب أو الجنس أو الاتجاه السياسي”.

جدير بالذكر، أنّ الوثيقة أشارت أيضاً إلى مبادئ عدة، بينها أن “سوريا جزء من الوطني العربي… وعضو مؤسس في جامعة الدول العربية” وأن “مهمة تحرير الأراضي السورية المحتلة بكل الوسائل والطرق المشروعة، لا بد أن تظل على رأس المهمات الوطنية المطروحة على الشعب السوري وقواه الوطنية”.

كما لفتت إلى أن “القضية الكردية مسألة وطنية سورية، ما يوجب إيجاد حل ديمقراطي ودستوري يعترف بالحقوق القومية والثقافية والاجتماعية المشروع للوجود الكردي، ضمن إطار سيادة سوريا ووحدتها، أرضاً وشعباً”.

——————–

=====================

==================

تحديث 27 أذار 2021

——————

من المعارضة السورية إلى الرئيس بايدن/ وائل السواح

في حوار بيني وبينه، قبل أسابيع، كان السفير الأميركي السابق في دمشق، روبرت فورد، يعيد مرارا إن انخراط الولايات المتحدة في سورية ليس في مصلحتها. كان يدافع عن سياسة أميركية انسحابية في سورية، بينما كنت أدافع عن مزيد من الانخراط الأميركي في الشأن السوري، لأن ذلك سيكون في مصلحة البلدين. وما زلت أعتقد أن هذا من مصلحة الولايات المتحدة. ببساطة، لأن الانسحاب يعني ترك سورية فريسة لروسيا وإيران، الخصمين التاريخيين لأميركا، ومدّ الحبل أمام الإرهاب الذي يمكن أن يضرب في كلّ مكان، واحتمال عودة “داعش”، وإغلاق الباب أمام عودة المهجّرين إلى بيوتهم، لتخفيف العبء عن دول اللجوء والمساهمة في إعادة الإعمار.

كانت سياسة الرئيس السابق، ترامب، في سورية تقوم على الفوضى والارتجال وعدم الاتساق، وبينما كان يوجه ضربة استعراضية إلى مطار فارغ في يوم، كان يأمر قواته بالانسحاب في يوم آخر، ما اضطر قادته إلى الكذب عليه. ومع الرئيس بايدن، ستختلف الأمور إلى حدّ كبير. فالرجل ليس هوائيا ولا هاويا، ولديه في السياسة الخارجية باع طويل، من خلال خبرته في مجلس الشيوخ أو نائبا للرئيس أوباما.

بالطبع ثمّة خوف من أن يكون عهد بايدن النسخة الثانية من عهد أوباما الذي كانت سياسته في سورية، بخطوطه الحمراء وتردده، وبالا على السوريين، بيد أن من يراقب سياسات بايدن الداخلية والخارجية يدرك الفرق بين الرجلين، فهو لم يرتمِ في أحضان الإيرانيين كما كنا نخشى، ولم يمالئ الروس ولم يغمض عيونه عن انتهاكات حقوق الإنسان في كلّ مكان في العالم. ويتمتّع برؤية شاملة، ويبني مواقفه على تبصّر في خطواته وأين ستؤدّي به، فيطلب من مساعديه أن يبيّنوا له مآل قراراته حين يتّخذها. ولكن الرجل كما بدا مولعا بإمساك العصا من المنتصف، كما في سياساته الملحوظة مع إيران والسعودية ومصر وتركيا. وأغلب الظن أنه سيتابع هذه السياسة في ما يتعلّق بالشأن السوري، فلا نتوقع منه أن يقبل حلولا جذرية للمأساة السورية. على أن مشكلة الرئيس بايدن الكبرى هي في المعارضة السورية، فمنذ أعلنت نتائج الانتخابات الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كرّس قادة المعارضة طاقتهم ووقتهم لتوقّع المسار الذي ستسير فيه سياسة بايدن وفريقه، لكي يكيّفوا نفسهم معها. والحال أن ذلك لا يساعد السوريين، ولا بايدن في رسم سياسة سورية صحيحة، فمهما بلغت حنكة الرئيس وخبرته، ومهما بلغت معرفة بريت ماكغورك وإيمي كاترونا في الشؤون السورية، يبقى أهل مكّة أدرى بشعابها، وتبقى المعارضة أدرى بمصلحة السوريين.

من واجب المعارضة السورية، إذن، بدل أن ينتظروا سياسة بايدن، أن يقدّموا النصيحة لإدارته في وضع سياسة سورية جديدة. أن يؤكّدوا أهمية تحقيق خرق دبلوماسي، يؤكد قرار مجلس الأمن 2254، بالحديث مباشرة مع الروس للبحث عن قواسم مشتركة تؤمّن مصلحة السوريين جميعهم أولا، ولا تغفل مصالح الأطراف المعنية الأخرى، وبينها مصالح روسيا. وسيتعين على المعارضة أن تؤكّد للرئيس بايدن أن أي حلّ يقبله السوريون لا بدّ أن يعني رحيل بشار الأسد، وتحقيق مبدأ المساءلة لجميع من ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، سواء أكان من النظام أم من المحسوبين على المعارضة. ويتعيّن على المعارضة أن تتحلّى بالجرأة للقيام بانتقاد ذاتي في هذا المجال، وعدم تقديم الحماية لمن انتهك حقوق الإنسان من المحسوبين عليهم.

ويرتبط بمبدأ المساءلة مبدأ تعزيز الحماية للمدنيين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من شتى الأطراف وفي كلّ المعتقلات، وضمان عودة طوعية كريمة وآمنة لمن يريد العودة من المهجّرين واللاجئين. وبالتالي، أي دعم لإعادة الإعمار لا يمكن أن يتمّ قبل التوصّل إلى حلّ سياسي حقيقي يحقّق سورية مدنية ديمقراطية شاملة لجميع مواطنيها، من دون الأسد وعصابته، وتقوم على أساس تداول السلطة وسيادة القانون وضمان الحقوق الأساسية لجميع المواطنين وللجماعات القومية والدينية في سورية وضمان مساواة المرأة مساواة تامة مع الرجل في كلّ المجالات.

وتمتدّ هذه السياسة أبعد من الحدود السورية، لتحقيق إصلاح للتحالفات الإقليمية، بحيث يتمّ العمل مع الشركاء الإقليميين لتسوية الاختلافات الاستراتيجية، بما في ذلك معالجة التداعيات الإنسانية وردع السلوك الإقليمي الخبيث لإيران، من خلال إشراك الشركاء الإقليميين، للمساعدة في ربط السياسة السورية بالسياسة تجاه الدول المجاورة التي تعاني أيضًا من عدم الاستقرار الشديد، مثل لبنان والعراق. ولا يمكن أن يحدث ذلك من دون البدء بتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، ما يفرض على إدارة بايدن – هاريس مواصلة الضغط الدبلوماسي لضمان استمرار فتح طرق المساعدات عبر الحدود من خلال تجديد قرار مجلس الأمن 2504، وزيادة الدعم للمنظمات غير الحكومية المحلية والدولية العاملة في جميع أنحاء سورية.

كما على المعارضة السورية أن تطالب الرئيس بايدن بطي قرارات ترامب الجائرة، منع اللاجئين السوريين من الوصول إلى الولايات المتحدة. ومع الإقرار بالفضل لبايدن لطيه قرار حظر دخول المسلمين من بعض الدول، فإن هذا القرار وحده غير كاف، ولا بدّ من فتح الحدود أمام نسبة من اللاجئين السوريين، مع دعم إعادة توطين اللاجئين السوريين في بلدان أخرى.

لا يفيد السوريين ولا المعارضة أن تقف موقف المنفعل، وأن تبني مواقفها وسياساتها على أساس التلقّي والاستجابة للمنحى الذي تسير فيه سياسات الحكومات الغربية والإقليمية. ولا يفيد السوريين ولا المعارضة كيلُ الاتهامات للحكومات ورفعُ الشعارات الراديكالية وحملُ المظلومية السورية في وجه الحكومات، فالحكومات الغربية ليست أمهاتنا، وإنما هي هيئات انتخبتها شعوبها لتحقيق مصالح تلك الشعوب بالدرجة الأولى. ومن المهم والذكي أن نبحث لأنفسنا عن التقاطعات الممكنة بين مصالحنا ومصالح تلك الشعوب، لكي نبني وإياها تحالفا يطول زمنه أو يقصر، لكنه قد يؤدّي إلى ما فيه مصلحة السوريين، جميع السوريين، ما عدا القتلة وكبار المجرمين.

العربي الجديد

—————————

رجوع الشيخ إلى صباه!/ عمر قدور

بحسب الصفحة التي تحمل اسمها على فايسبوك، تعقد الجبهة الوطنية الديموقراطية-جود مؤتمرها “التأسيسي” بتاريخ 27-28 آذار الحالي، في مكتب “هيئة التنسيق الوطنية” في دمشق، وهو ما تنقله الصفحة عن حسن عبدالعظيم المنسق العام للهيئة. في التفاصيل، الجبهة لم تطلب ترخيصاً لاجتماعها من سلطة الأسد، ولا يُستعبد طبعاً أن تبادر المخابرات إلى منع انعقاده، أو إلى اعتقال الذاهبين إليه أو البعض منهم.

ينفي المنظّمون العمل بضوء أخضر من أية جهة دولية، موسكو تحديداً، وعدم طلبهم الإذن لعقد مؤتمرهم يضعونه في سياق موقفهم الذي لا يعترف بشرعية السلطة. هناك ممثلو سفارات مدعوون إلى المؤتمر، وهؤلاء “في حال حضورهم” سيكونون من الدول التي تحتفظ بتمثيل دبلوماسي في دمشق، مع ما يعنيه ذلك من دون تحميل الجبهة مسؤوليته. الأخيرة يُفترض أنها مسؤولة فقط عن برنامجها المعلن، والذي اجتمع عليه 18 تنظيماً بينهم عشرة من مكونات هيئة التنسيق، يُضاف إليهم بعض المستقلين.

العمل على الرؤى النظرية وعلى اللائحة التنظيمية استغرق نحو سنة، والجانب النظري يرتكز بشكل أساسي على بيان جنيف1 لعام2012، والقرار 2254 لعام2015، بما يكفل إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته، والمساهمة بإنجاز التغيير والتحول الديموقراطي، كما جاء في نص الوثيقة. تطالب الوثيقة أيضاً برحيل كافة الجيوش والميليشيات غير السورية، وبتفكيك الميليشيات المسلحة، وإعادة هيكلة أجهزة المخابرات وببناء جيش وطني مُحيَّد عن السياسة. وإلى جانب ذلك، تطالب بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المعتقلين، والعمل على تحقيق العدالة الانتقالية، عطفاً على رؤيتها أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الناجع، وتقترح إشراف الأمم المتحدة على وقف مسار الاحتراب وما يليه.

تشير الوثيقة إلى أن سوريا جزء من الوطن العربي، وعضو مؤسس في الجامعة العربية، وتنص أيضاً على أن القضية الكردية مسألة وطنية سورية، ويتوجب إيجاد حل ديموقراطي ودستوري يعترف بالحقوق القومية والثقافية والاجتماعية المشروعة للأكراد في إطار سيادة ووحدة سوريا أرضاً وشعباً. يُذكر أن الحزب التقدمي الكردي وحزب الوحدة الكردي من بين التنظيمات المدعوة، بينما هناك أنباء عن فشل المفاوضات مع مسد بسبب موقف الأخيرة من موضوع حل الميليشيات ومستقبل قسد والإدارة الذاتية عموماً.

الاقتباسات السابقة تشير إلى أن وثيقة الجبهة الجديدة لا تفترق عما يطالب به طيف من المعارضة، بما في ذلك من كانوا يوماً من المتحمسين للحسم العسكري وأجبرتهم التطورات الميدانية على القبول بما هو مطروح عليهم دولياً، والمطروح اليوم في أقصى حالاته ليس بيان جنيف ولا تطبيق القرار 2254 بحذافيره. أي أن الجبهة تطرح سقفاً قد يكون الأعلى، والتحفظات عليه ستأتي من أطراف كردية تطمح إلى نوع من اللامركزية يُبقي على قسد وعلى الإدارة الذاتية.

إلا أن ما وراء السطور، وهذا مؤثر لدى المنخرطين في الشأن السوري، قد تكون له أهمية تفوق الوثيقة النظرية بمجملها، من ذلك مثلاً ما تنقله صفحة الجبهة على فايسبوك من حوار أُجري مع جون نسطة عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر. جواباً لسؤال عن الدافع وراء إنشاء جسم معارض جديد مع امتلاء الساحة بأجسام قديمة، يصوّب السيد نسطة على تلك الهيئات بالقول: “الساحة السياسية المعارضة، كما جاء في سؤالكم، غصت بالكثير من التجمعات والمنصات والمنابر، منها الوطني الديموقراطي، ومنها ما ربط قراره ومصيره بدول اقليمية او دولية، ومنها أيضاً من عانى من الفساد وتقاسم الغنائم، ومنها من تبنى فكراً دينياً أو طائفياً أو عشائرياً، ومن هنا تشكلت فجوة كبيرة، وحاجة موضوعية لتشكيل جبهة وطنية ديموقراطية”. ثم يضيف: “المجتمع الدولي بكامله لم يكن له الثقة بالتشكيلات، التي ادّعت بأنها (الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري)، والتي كانت تؤمن بالحل العسكري، وترعى إلى الآن فصائل عسكرية، وهي ايضا تضم في صفوفها بالدرجة الأولى قوى الإسلام السياسي، وبعض الشخصيات الانتهازية التي تسعى إلى الشهرة وحب الأضواء.  ولذلك لم تشكل، بعين المجتمع الدولي، البديل المرتجى للنظام القائم. وهذا ايضاً شكّل ضرورة، لقيام جبهتنا الوطنية الديموقراطية. الشعب السوري لم يعد يثق بالمعارضة الخارجية، معارضة الفنادق ذات النجوم الخمس، وشاشات التلفزيونات، والتي كذبت عليه ووعدته بالتدخل الخارجي لدول الناتو، وغيرها من الوعود الخلبية”.

قد يصحّ الكثير من أقوال السيد نسطة واتهاماته، إلا أن التقسيم بين معارضة خارجية وداخلية في بلد هُجِّر ثلث سكانه على الأقل، وغير ذلك من أوصاف ميّزت خطاب هيئة التنسيق طوال سنوات، هذه الأقوال تكشف عن ثأر قديم أكثر مما تشي بجديد مُنتَظر من الجبهة الجديدة. بل إنه لا يعزو نهج الذين يهاجمهم إلى الخطأ، هم “وفق إجابة تالية” الثورة المضادة التي سرقت الانتفاضة الأولى وحوّلت مسارها السلمي. ومشكلة هذا الخطاب “المتخفي وراء وثيقة تأسيسية يصعب الاختلاف حولها” أنه ينزع عنها مسبقاً إمكانيتها كخطاب جامع، ويوحي بأنها مجرد غطاء لعداوات قديمة، وبأنها أيضاً غطاء لمظلومية أصحابها الذين يدّعون أن الثورة سُرقت منهم من دون أن يقدّموا مراجعة لتقصيرهم في تحصينها من السرقة المزعومة، ومراجعة عميقة وجادة لأسباب فشل النضال السلمي، وبناء عليها تقديم اقتراحات عملية وممكنة لاستئنافه؛ هذا إذا جارينا الزعم المضمر بتأثير بارز لهم في مرحلة المظاهرات السلمية.

مؤسف أن نقتبس عنوان “رجوع الشيخ إلى صباه” للدلالة على حال معارضة هرمة، تبني أمجادها المتوهمة على فشل الآخرين الذين ليسوا أحسن حالاً منها، ولا ترى في الفشل السوري مسؤولية مشتركة، إن لم تكن في المسؤولية عن الفعل فهي في المسؤولية الواقعية عن آثاره بصرف النظر عن مرتكبيه. لقد كانت المعارضة “ذاتها تقريباً” موجودة قبل الثورة “أو الانتفاضة أو أي توصيف آخر”، وظلت موجودة أثناء الثورة بل شاركت في هيئات مشتركة مع “أقطاب الثورة المضادة”، وها هي اليوم تسترجع صباها وخطابه كأنما لم يستجد شيء باستثناء بيان جنيف وقرار مجلس الأمن كمرجعيتين لا فضل لأية هيئة معارضة في صدورهما.

في المقلب الآخر، الموصوف بالثورة المضادة، كانت الهيئات الوليدة للمعارضة قد شاخت سريعاً، بعدما ولدت وهي تحمل الأمراض المزمنة للمعارضة السورية القديمة، وفوقها بعضٌ من الثقافة التي برعت الأسدية في غرسها لدى الكثير من السوريين. هذه المعارضة الهرمة استفاقت مؤخراً، بعد عشر سنوات فقط، على إقرار “ميثاق الثورة السورية لحقوق الإنسان والحريات العامة” الذي ينظّم الائتلاف الوطني ندوات تمهيداً لإقراره.

يتلو ويناقش أحد الحاضرين في تسجيل للندوة الأولى فقرة تنص على عدم جواز إنشاء سوى نقابة واحدة لتنظيم مهنة أو حرفة على مستوى “القطر”! هكذا، يمر تعبير “القطر” ضمن الحديث باعتيادية وانسيابية، وكأنه ليس من العدة الأساسية لخطاب البعث. ثم لن تكون الطامة الكبرى مُستغربة، فممثل الائتلاف، الذي يشدد على أولوية حقوق الإنسان غير القابلة للمس والتعديل، ينوّه بأن “مناطقنا- أي المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد” لا تشهد انتهاكات ممنهجة. إنها “إذا وجدت” مجرد تصرفات فردية، ولنا أن نستنتج توافق قوانين جبهة النصرة في إدلب مع شرعة حقوق الإنسان، وكذلك الأمر مع انتهاكات “العمشات” وغيرها من الفصائل المسيطرة على عفرين، ولنا أن ننسى عدم قدرة هذه المعارضة “إذا سلمت نواياها” على تطبيق ميثاقها في أية بقعة يسيطر عليها أي فصيل.

ثمة مصيبتان، لا على جانبي المعارضة فحسب، بل في ما يجمعهما وهما تحاولان تجديد شبابهما؛ في الغالب يكون التصابي نسخة مشوَّهة عن الصبا، فكيف إذا كان الشباب في الأصل ممسوخاً وقبيحاً؟ وإذا كانت الميزة الوحيدة، التي لا فضل لهما فيها، هي البشاعة المطلقة لدولة الأسد؟

المدن

———————————-

دمشق:النظام يمنع مؤتمر”جود”..وشبيحته يطوقون منزل عبد العظيم

منع النظام السوري عقد المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، الذي كان مقرراً عقده صباح السبت في العاصمة دمشق. وأرسل النظام شبيحته إلى مكان انعقاد المؤتمر للتأكيد على عملية المنع.

وقال الأمين العام لحزب “الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي” أحمد العسراوي في رسالة إلى المكتب التنفيذي للحزب في وقت متأخر ليل الجمعة: “وردني قبل لحظات اتصال هاتفي من جهة مختصة تبلغني بقرارهم عدم عقد المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية الديمقراطية، إلّا بعد الحصول على موافقة لجنة شؤون الاحزاب”. وأضاف “يرجى الإطلاع واتخاذ الموقف المناسب”.

وكان من المقرر أن يعقد المؤتمر أولى جلساته الساعة العاشرة صباحاً في منزل المنسق العام ل”هيئة التنسيق الوطنية” المعارضة المحامي حسن عبد العظيم بمشاركة 18 حزباً وتياراً ومكوناً سياسياً، بالإضافة إلى ممثلين  عن سفارات عربية وأجنبية.

وكان الموقف الأول من عبد العظيم رداً على قرار المنع، دعوته إلى أن “تتابع اللجنة التحضيرية وأعضاء المؤتمر الحضور الى مكان المؤتمر لأنه في مكان خاص”. لكن مصادر محلية أبلغت “المدن” أن مجموعات من شبيحة النظام السوري تحاصر المبنى الذي يقطن فيه عبد العظيم منذ الصباح، ما أجبره على إلغاء المؤتمر بسبب تعذّر انعقاده. وأوضحت المصادر أن الشرطة تماطل في الحضور لتفريق الشبيحة رغم الاتصال بها مرات كثيرة.

وقال عبد العظيم لموقع “تلفزيون سوريا”، إنه “لا يمكن حالياً عقد المؤتمر لوجود قرار واضح بالمنع”، مؤكداً بشكل قاطع أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر لن تتقدم بطلب للحصول على موافقة من لجنة الأحزاب، التابعة لوزارة الداخلية في حكومة النظام.

من جهته، قال مكتب الإعلام في اللجنة التحضيرية لمؤتمر “جود”، إن المنع جاء من خلال اتصالات “جهات أمنية” بشخصيات وقيادات مكونات مشاركة في المؤتمر منتصف ليل الجمعة.

وأضاف في بيان “التهديدات التي اتخذت شكل تحذيرات للمتصل بهم، أفادت بأن السلطات الأمنية لن تسمح وستمنع انعقاد مؤتمر جود بذريعة عدم حيازة المؤتمرين أو لجنة المؤتمر على ترخيص من ما يسمى لجنة شؤون الأحزاب”.

‏وقال: “لا يخفى على أحد آلية تعامل النظام الاستبدادي في دمشق، مع كل نشاط وطني ديمقراطي وثوري، يناهضه ويسعى لتغيير الأوضاع الراهنة التي أنهكت سوريا والسوريين، ومن ينظر إلى توقيت قرار المنع، يرى كيف انتظرت أجهزة النظام الأمنية حتى الساعات الأخيرة قبيل انعقاده، وفي منتصف الليل كي لا تتاح أي فرصة للتحرك أو فعل شيء”.

ورأت اللجنة أن “ما قام به نظام القمع في دمشق ضد القوى المشاركة بتشكيل جود… ليس إلا حلقة في سلسلة قمع النظام واستبداده وشموليته، نظام الفساد والانتهاكات والقتل والتهجير وتدمير البلاد”. واعتبرت أن “منع عملها السلمي المدني، انتهاك لكل الشرائع الدولية وحقوق الإنسان، وعملاً إجرامياً قمعياً يضاف إلى سجل النظام الزاخر بكل ما يشين”.

وأضافت أنها “تدرس “كل الاحتمالات، فهي لن تتنازل عن حقِها في النضال السلمي ضد الاستبداد والقمع والقهر والفساد، وعملها ضد القتل والتدمير، وسترى ما يمكن فعله لمتابعة ما بدأت من مسعى لتوحيد قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية وتعاضدها مع السوريين في كل مكان بالداخل والخارج لتحقيق حلمهم بالحرية والكرامة والحياة”.

——————————

مؤتمر المعارضة السورية.. الأمن طوّق المبنى ومنع الخروج والدخول

 أعلنت هيئة التنسيق الوطنية المعارضة أن نظام الأسد منع عقد مؤتمر إطلاق الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”، في العاصمة دمشق، حيث أرسل النظام عناصر الأمن والشرطة إلى مكان انعقاد المؤتمر.

وقال المنسق العام لـ “هيئة التنسيق الوطنية” حسن عبد العظيم لـ قناة روسيا اليوم: “إن اللجنة التحضيرية للمؤتمر تلقت في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة، من السلطات السورية أن عقد المؤتمر ممنوع قبل تقديم طلب إلى وزير الداخلية”.

وأضاف عبد العظيم أن اللجنة التحضيرية قررت تأجيل المؤتمر، خاصة أن “السلطات لم تكتف بالتبليغ بل إنها أرسلت أفراداً من أمن الدولة والجنائية والشرطة وتوزعوا أمام البناء الذي كان سيتم فيه عقد المؤتمر، ومنعوا الخروج والدخول، كما منعوا وسائل الإعلام، والصحفيين، من تغطية ما يجري”.

وكان من المقرر أن يعقد المؤتمر أولى جلساته صباح اليوم في منزل المنسق العام لـ “هيئة التنسيق”، المحامي حسن عبد العظيم بدمشق، بمشاركة 18 حزباً وتياراً ومكوناً سياسياً، بالإضافة إلى ممثلين  عن سفارات عربية وأجنبية.

وكشفت مسودة الرؤية السياسية للمؤتمر التأسيسي لتشكيل “الجبهة الوطنية الديمقراطية” (جود)، عن تمسكها بـ”إنهاء نظام الاستبداد القائم”، و”تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات بموجب بيان جنيف والقرارات الدولية”.

وفي وقت سابق قال “عبد العظيم في حوار خاص مع موقع تلفزيون سوريا تعليقا على الانتخابات الرئاسية: إن “هيئة التنسيق الوطنية تعتبر هذه الانتخابات شكلية، وموقفنا منها هو المقاطعة، ودعوة الشعب لرفض المشاركة ترشيحاً وانتخاباً، وذلك لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي التفاوضي وفقا لبيان جنيف 1 في حزيران من العام 2012، وللقرارات الدولية ذات الصلة، وأهمها القراران 2118 في العام 2013، و2254 في العام 2015”.

تلفزيون سوريا

————————-

حسن عبد العظيم يؤكّد أن مؤتمر “جود” سيعقد بشكل أوسع قريباً

قال حسن عبد العظيم المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي”، في تصريح للمرصد السوري لحقوق الإنسان، حول إلغاء مؤتمر جود الذي كان من المقرّر إجراؤه اليوم السبت 27 مارس-اذار2021 في العاصمة دمشق.

وأكّد “عبد العظيم” أن المؤتمر كان هدفه الدعوة إلى الحلّ السلمي، مضيفاً أن المؤتمر هو بمثابة العمل على فتح آفاق جديدة في العمل السياسي، وصولا إلى الحل السياسي التفاوضي، وتنفيذ القرار 2254 كمشروع جدول أعمال لبيان جنيف، وبالتنسيق مع القوى السياسية.

حيث كشف عبد العظيم، إنّ المؤتمرين فوجئوا بالتطويق الأمني لعناصر النظام بمحيط الفندق الذي كان سيشهد الجلسات، وقد تم منع القيادات المعارضة من الوصول إلى المقرّ كحلّ أمني يختاره النظام مجددا لإفساد المؤتمر.

في حين اتهم المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي”، النظام بالوقوف وراء عمليات القمع البوليسي، وإفساد المؤتمر عبر كوكبة من الأمن والشرطة.

قوى أمنية

وأوضح “حسن عبد العظيم” أنّ المؤتمر هو تجمع يضم مجموعة من القوى المعارضة الديمقراطية، التي اختارت منذ البداية الحل السياسي التفاوضي، الذي يفضي إلى التغيير الوطني الديمقراطي والانتقال السياسي، وشدّد على أهمية المضي قدما نحو إقرار الحل السلمي في سورية بعيدا عن منطق الفوضى والعنف والعسكرة .

ولفت إلى أنّه سيتم عقد المؤتمر بشكل أوسع قريبا وستشارك فيه مختلف الأطياف المعارضة، متابعاًَ أن ” إجراء المؤتمر حقّ مشروع لنا وسننجزه في ظروف أحسن مستقبلا”.

واتهم المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي”، النظام بالوقوف وراء عمليات القمع البوليسي وإفساد المؤتمر عبر كوكبة من الأمن والشرطة.

جدير بالذكر أنّه في أحدث الأخبار التي رشحت من دمشق، حول مؤتمر الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”، والذي كان يفترض أن ينعقد اليوم، حصلت ليفانت نيوز على معلومات تفيد بأنّ قوات الشبيحة والأمن، التابعة لأجهزة النظام السوري منعت المؤتمِرين من الوصول إلى مكان انعقاد المؤتمر.

وبحسب مصادر ليفانت نيوز، فإنّ المؤتمر الذي كان يفترض أن ينعقد في مكتب هيئة التنسيق الوطنية، وقد عمدت أجهزة النظام الأمنية، ومجموعات “الدفاع الوطني” إلى منع الصحفيين الأجانب من الدخول إلى لمكتب، وقامت بتفتيش هويات كافة المواطنين الذين كانوا على مقربة من مكان الحدث.

ليفانت- المرصد السوري لحقوق الإنسان

————————————

===================

تحديث 28 أذار 2021

———————

المعارضة

مؤتمر “جود” والنظام السوري/ حيّان جابر

أعلنت مجموعة من القوى السياسية المعارضة داخل سورية عن عقدها مؤتمرا تأسيسيا، يوم أمس السبت الموافق 27/3/2021، بهدف تأسيس الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) من منزل أمين عام هيئة التنسيق الوطني، حسين عبد العظيم، في دمشق. ثم تسارعت الأخبار مساء الجمعة، قبل قرابة 24 ساعة من موعد انعقاد المؤتمر، عن قرار النظام منع انعقاد المؤتمر من دون الحصول على موافقة لجنة شؤون الأحزاب، وهو ما يهدّد انعقاد المؤتمر، وربما يسعد قوى معارضة كثيرة خارج سورية من ناحية ثانية. إذ تباينت آراء السوريين ضمن هيئات المعارضة الرسمية، وغير المؤطرين أيضا من المؤتمر، حيث ذهب بعضهم إلى اعتباره لعبة روسية، ورآه آخرون خطوةً تعمق الانقسام بين القوى المعارضة. وثمة من وجده تلميعا لصورة النظام السوري، إلى غير هذا وذاك من الآراء والتحليلات الممتعضة من الخطوة عموما. وتنكتب هذه المقالة قبل التأكد من النجاح أو الفشل في عقد المؤتمر، لتوضيح بعض المنطلقات الرئيسية بشأن تشكيل “جود” وعقد المؤتمر وعن نظام الأسد.

من حيث المبدأ، يخوض الشعب السوري صراعا مشروعا مع نظام النهب والاستبداد الأسدي منذ عشر سنوات، صراع بدأ شعبيا عبر احتجاجات جماهيرية متفرّقة أحيانا، وحاشدة وكبيرة جداً جداً في أحيان أخرى. ثم صعب على الشارع السوري ممارسة الوسيلة الاحتجاجية نفسها التي استبدلها بالمظاهرات الطيارة وفق التعبير الرائج، وهي مظاهرات خاطفة صغيرة العدد ومتوارية عن الأنظار، تهدف إلى إرسال رسالة أن الثورة مستمرة. وأخيرا نجاح النظام في قمع أي مظهر احتجاجي شعبي، بفعل ممارساته الإجرامية. ليتحوّل المعارضون إلى نشطاء إعلاميين أو إغاثيين، ومنهم من تحول إلى العمل العسكري، الأمر الذي أفرغ الساحة السورية الداخلية من مظاهر الاحتجاج الشعبي المنظم، أو حتى العفوي، وهو ما استمر فترة طويلة جدا، لم يقطعها سوى حراك “مشايخ الكرامة” في العام 2015، والذي انتهى أو خفت وتوارى نسبيا بعد اغتيال الشيخ وحيد البلعوس.

نجح النظام عبر القمع والقتل والقصف والاعتقال والتصفية في محو مظاهر الاحتجاج الشعبي، عفويا كان أم منظما، نظراً إلى دلالات هذه المظاهر الخطيرة عليه، وعلى وصورته وخطابه، وهو ما تفسّره الأولويات الأمنية التي نظمت استراتيجية النظام الأمنية على طول العقد المنصرم، أي منذ بداية الحراك الثوري السوري. حيث عمد النظام إلى عسكرة الصراع، بدلا من تسييسه، من خلال إطلاقه سراح مختلف المحتجزين لديه على خلفيات إرهابية وإجرامية عنيفة. بل ويسهل استنتاج مسؤولية النظام في مد هذه الجماعات بالسلاح، سيما في السنوات الأولى؛ ربما حتى العام 2015، وبالتحديد حتى التدخل الروسي. في مقابل سعيه إلى اغتيال جميع نشطاء الحركة الثورية السلميين، وتصفيتهم واعتقالهم، ولا سيما محرّكي الاحتجاجات السلمية ومنظميها ومعدّيها، والناشطين الإعلاميين، والناشطين الإغاثيين، فمن منا لا يذكر كيفية استهداف قناصة النظام رؤوس الهتيفة والمتظاهرين، واقتلاع حنجرة إبراهيم القاشوش، واعتقاله عشرات الشخصيات العامة المعارضة، لمشاركتهم في المظاهرات الاحتجاجية، وغيرها مئات من الوقائع والدلائل التي تثبت خشية النظام من أي مظهر احتجاجي داخلي، جماعيا كان أم فرديا، عفويا أم منظما، سياسيا أم اجتماعيا.

من ذلك كله، مستغربة، بل مستهجنة، حالة الاستخفاف بجهود العازمين على عقد مؤتمر معارض داخل العاصمة السورية دمشق، وفق البيان التأسيسي المعلن والمنشور على صفحة الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) في “فيسبوك”، والذي نشرته غالبية الوسائل الإعلامية المعارضة، فالنص المنشور يوازي، في الحد الأدنى، أعتى بيانات المعارضة الخارجية، بل ويزيد عليها، برفضه جميع قوى الاحتلال الخارجية، بما يشمل روسيا وإيران وتركيا وأميركا والدولة الصهيونية. لكن الفرق الجوهري بين بيان “جود” التأسيسي وغيره يكمن في مكان إعلانه وفي إصرار معدّيه على تحدّي النظام داخل مناطق سيطرته، على الرغم من المخاطر الأمنية التي تهدّدهم، على الرغم من غياب مظاهر الاحتجاج الثوري الشعبي أو تراجعها. فالمؤتمر حركة احتجاجية نخبوية، تتحدّى النظام في مركز ثقله العسكري والسياسي والأمني، أي دمشق التي صعب، أو بالأصح، ندر كسر طوقها الأمني في ذروة النشاط الثوري. نعم، لا يمثل المؤتمر مظاهرة شعبية ضخمة تصدح بأصوات المتظاهرين، لكنه تحدٍّ كبير وضخم، وخطوة مهمة وكبيرة، عُقد المؤتمر أم لم يعقد، وسواء توافق المؤتمرون على إعلان تأسيس “جود” من دمشق، أم لم يتوافقوا. بل أكثر من ذلك هو فعل سياسي وثوري سليم، يناقض جولات قوى المعارضة الرسمية الخارجية من “الائتلاف” والمجلس الوطني ومنصات الدول المتعدّدة (روسي ومصري وإماراتي)، التي يخلو نشاطها من أي فعل ثوري مفيد، مثل اجتماعاتهم المرفهة في فنادق الخمس نجوم، ولقاءاتهم مع الوفود الدبلوماسية المتعدّدة، وصولا إلى مشاركتهم في الجولات التفاوضية العبثية.

لكن وعلى الرغم من إعجاب الكاتب هنا، واحترامه جرأة القوى المشاركة في صياغة بيان جود التأسيسي وإرادتها، وإصرارها على عقد مؤتمر تأسيسي في العاصمة دمشق، إلا أن خطوتهم ناقصة، وتعيد الأخطاء التنظيمية والسياسية نفسها التي دأبت قوى المعارضة على انتهاجها منذ بداية الحركة الثورية، حيث لا يتضمن بيان التأسيس أي جديد يذكر بعيدا عن مكان إصداره وكيفيته التي أولتهما الأهمية الأولى في الفقرات السابقة. إذ يصعب تبيان أي فرقٍ بين بيان “جود وغالبية بيانات القوى المعارضة السياسية، أي يمكن، بكل سهولة، استبدال الشعار والتوقيع، من دون أن يلمس القارئ ذلك أو حتى يشك به. حيث يعود ذلك بجوهره إلى حصر العمل السياسي المعارض في خندق التغيير الديمقراطي، وتقويض نظام الاستبداد والقمع والإجرام، ما يهمّش القضايا الاقتصادية وقضايا إعادة الإعمار التي تلامس معاناة (وتطلعات) سوريين كثيرين مهدّدين بالموت جوعا أو مرضا داخل سورية اليوم. وتحريك هذه القضايا والتركيز عليها، بالتوازي مع التركيز على قضايا الانتقال الديمقراطي، قد يساهم في استعادة نبض الشارع الثوري، الأمر الذي قد يسهّل على المعارضة الداخلية الجذرية (بعيدا عن التي يصنعها الأسد) خطواتها التي تعتزم تنفيذها، بل ربما يرفع سقفها عاليا جدا أيضاً.

العربي الجديد

——————————-

النظام السوري يعرقل إطلاق “جود”: المعارضة ممنوعة في الداخل/ أمين العاصي

لم يسمح النظام السوري لمجموعة من الأحزاب والتيارات السياسية المعارضة، في مقدمتها “هيئة التنسيق الوطنية” (التي ظهرت في المشهد السوري المعارض عام 2011)، بتنظيم مؤتمر في العاصمة دمشق كان مقرراً عقده أمس السبت، وغايته الإعلان عن “جبهة وطنية ديمقراطية”، تدعو إلى إنهاء الاستبداد الذي جفّف الحياة السياسية في سورية منذ نحو 60 عاماً، وحصَرها بحزب “البعث” الحاكم، ومجموعة أحزاب تدور في فلكه.

وذكر مصدر من داخل اللجنة التحضيرية للمؤتمر، الذي كان مفترضاً عقده في مقرّ الهيئة في حيّ ركن الدين الدمشقي، أن السلطات السورية منعت (أمس) السبت عقد المؤتمر التأسيسي لـ”الجبهة الوطنية الديمقراطية” (جود)، بذريعة “عدم وجود ترخيص”، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية “هدّدت باعتقال المؤتمرين”، ومؤكداً أن “اللجنة التحضيرية للمؤتمر تدرس الخطط البديلة لمتابعة هذا المشروع”. من جهته، أوضح القيادي في “هيئة التنسيق الوطنية”، أحمد العسراوي، لـ”العربي الجديد”، أن “اللجنة التحضيرية هي المخوّلة تحديد الخطوة المقبلة بعد منع عقد المؤتمر”، مضيفاً “أننا سنعلن الموقف البديل خلال الأيام المقبلة”.

وكان متوقعاً أن يُجهض النظام هذه الخطوة، خصوصاً أن “هيئة التنسيق” كانت قد دعت على لسان رئيسها حسن عبد العظيم منذ أيام، إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية التي يعتزم النظام إجراؤها منتصف العام الحالي لإبقاء بشار الأسد في السلطة لدورة رئاسية جديدة مدّتها 7 سنوات. كما أن مسودة الرؤية السياسية للمؤتمر الذي أُجهض، تدعو إلى “إنهاء نظام الاستبداد القائم، وتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات بموجب بيان جنيف والقرارات الدولية”، وهو ما يرفضه النظام جملةً وتفصيلاً. وتؤكد الخطوة التي أقدم عليها النظام أنه ليس في وارد السماح بعمل سياسي معارض في الداخل السوري لا يتماهى تماماً مع رؤيته للحلّ في البلاد، والتي تقوم على بقاء الأسد في السلطة.

عقود من “الإلغاء”

وألغى النظام السوري الحياة السياسية في البلاد منذ استيلاء مجموعة من الضبّاط على السلطة في انقلاب عسكري نفّذ في مارس/آذار 1963 تحت غطاء حزب “البعث العربي الاشتراكي”، الذي تحوّل إلى “قائد للدولة والمجتمع” بموجب مادة شهيرة في دستور فرضه حافظ الأسد في عقد السبعينيات من القرن الماضي، حملت الرقم 8. وأنشأ الأسد الأب خلال العقد ذاته ما سمّي بـ”الجبهة الوطنية التقدمية” التي ضمّت مجموعة من الأحزاب الناصرية، منها: حزب الوحدويين الاشتراكيين، الاتحاد الاشتراكي العربي، الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي، إضافة إلى الحزب الشيوعي، وكلّها كان يتحكم بها حزب “البعث”.

واتّبع النظام طيلة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، سياسة القمع تجاه كلّ الأحزاب والتيارات المعارضة له، وزجّ في السجون عدداً كبيراً من الشخصيات اليسارية التي كانت منضوية في “رابطة العمل الشيوعي”. كما تعامل بشدّة مع أعضاء في حزب “البعث” الحاكم اتهمهم بالتعامل مع الجناح العراقي في الحزب، أو ما كان يسمّيه نظام الأسد بـ”تيار اليمين” في “البعث”. وفي العام 1980، أصدر حافظ الأسد القانون الشهير الذي حمل الرقم 49 الذي حظر حركة “الإخوان المسلمين”، وعاقب كلّ من يثبت انتماؤه إليها بالإعدام.

وعقب وفاة الأسد الأب واستلام ابنه بشار الأسد السلطة في العام 2000، شهدت العاصمة السورية ما سمي في حينه بـ”ربيع دمشق”، مع ظهور المنتديات السياسية ولجان المجتمع المدني التي دعت إلى إجراء إصلاحات جوهرية في النظام والإفراج عن السجناء السياسيين، وإنهاء الوضع الخاص لـ”البعث” بوصفه “الحزب القائد في المجتمع والدولة”، ورفع حال الطوارئ والأحكام العرفية. ولكن سرعان ما اعتقل النظام أغلب الشخصيات البارزة في “ربيع دمشق” الذي انتهى من دون تحقيق أيّ من أهدافه. وفي العام 2005، لم يتقبّل النظام وثيقة ترسم خطوطاً عريضة لعملية التغيير الديمقراطي، عُرفت لاحقاً بـ”إعلان دمشق”، واعتقل عدداً كبيراً من الموقّعين عليها.

ولم يكن النظام السوري مهتماً بإجراء أي إصلاح سياسي حتى دهمته الثورات العربية التي اندلعت في منتصف مارس/آذار 2011 في العاصمة دمشق، والتي أربكته ودفعته إلى التعامل معها بوحشية. وفتحت الثورة الباب أمام ظهور تيّارات وهيئات سياسية معارضة في الداخل، بعضها كان تحت إشراف مباشر من الأجهزة الأمنية، لإضفاء انطباع أن النظام ماضٍ في طريق الإصلاح السياسي لوأد الثورة، منها ما سمّي بـ”تيار بناء الدولة”، الذي سرعان ما اختفى من المشهد السوري المعارض. كما دفع النظام بشخصيات عدّة مرتبطة به إلى تشكيل أحزاب (معارضة) وفق قانون أحزاب وضعه في العام 2011 في سياق إصلاحات شكلية أجراها على عجل.

جدل “الوزن السياسي”

وفي يونيو/حزيران 2011، ظهرت في المشهد السوري المعارض في الداخل السوري، “هيئة التنسيق الوطنية”، والتي ضمّت عدداً من أحزاب اليسار السوري وحزب العمل الشيوعي وحزب الاتحاد الاشتراكي، وأربعة أحزاب كردية. وضمّ المكتب التنفيذي للهيئة شخصيات عدّة، لها باع طويل في العمل السياسي المعارض وقضت سنوات في المعتقلات. وقدمت الهيئة نفسها كجهة تمثيلية للحراك الثوري الذي كان تصاعد وعمّ المحافظات السورية كافة، داعية في حينه النظام إلى وقف الخيار الأمني العسكري والإفراج عن جميع الموقوفين والمعتقلين السياسيين، ورفع حال الطوارئ والأحكام العرفية، والاعتراف بحقّ التظاهر السلمي. لكن النظام لم يكترث لهذه الدعوات، بل اعتقل قياديين في الهيئة لم يُعرف مصيرهم حتى اللحظة، منهم عبد العزيز الخيّر ورجاء الناصر.

ويُنظر إلى “هيئة التنسيق الوطنية” من قبل شريحة واسعة من الشارع المعارض باعتبارها من “المعارضة الناعمة”، كونها رفضت منذ البداية “عسكرة الثورة”، وظلّت على موقفها الذي يدعو إلى حلّ سياسي للصراع. ومنح الجانب الروسي غطاء للهيئة، وهو ما يمنع النظام من اعتقال عدد من القياديين فيها، والذين لا يزالون يغادرون الأراضي السورية لحضور فعاليات سياسية معارضة في الخارج، ثم يعودون إليها.

وفقدت الهيئة خلال سنوات الثورة الكثير من زخمها السياسي، بسبب انسحاب شخصيات وتيّارات مؤسسة لها لاختلاف في الرؤى حيال الأوضاع في البلاد. ولكن الهيئة دُعيت في العام 2015 للانضمام إلى “هيئة التفاوض” التابعة للمعارضة السورية باعتبارها تمثّل معارضة الداخل. وحول وضعها الحالي، اعتبر أحمد العسراوي أن الهيئة لا تزال محافظة على وزنها السياسي في المشهد السوري المعارض بعد مرور نحو 10 سنوات على تأسيسها، مضيفاً في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، بقواها وشخصياتها الوطنية الديمقراطية، هي في مقدمة القوى التي كانت تقاوم تفرّد واستبداد النظام قبل انطلاق الثورة السورية”.

وتعليقاً على ذلك، رأى الباحث السياسي رضوان زيادة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه “ليس هناك أوزان تفاوضية لكلّ المجموعات في سورية، لأنه ليس هناك انتخابات برلمانية تستطيع أن تُظهر هذا الوزن التفاوضي”. وأشار زيادة إلى أن المعارضة “تعاني من فوضى التمثيل منذ البداية، وهو ما جعل بابها مفتوحاً على مصراعيه”، موضحاً أن “الكلّ يدعي وزناً وتمثيلاً، لكن من الصعب اختيار حجم هذا التمثيل بسبب غياب الانتخابات البرلمانية التمثيلية الحقيقية”. وبرأي زيادة، فإن “هيئة التنسيق لا تملك حضوراً في المشهد السوري المعارض والثوري، ويمكن قياس ذلك من خلال التعليقات السلبية (حولها) في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها”، معتبراً أن هذه الهيئة “تقوم بالتنسيق مع النظام في كلّ الخطوات التي تقوم بها، كما أن السماح لأفرادها بالدخول والخروج من سورية يدعو للريبة دوماً”.

العربي الجديد

—————————–

 النظام السوري يمنع مؤتمراً لـ«معارضة الداخل» في دمشق

اللجنة التحضيرية لـ«الجبهة الوطنية الديمقراطية» اعتبرت ذلك «عملاً إجرامياً قمعياً»

المعارضة في دمشق تطالب بـ«حماية دولية»

حاصرت قوات النظام السوري المكان الذي كان مقرراً أن يشهد، السبت، عقد المؤتمر التأسيسي لإطلاق «الجبهة الوطنية الديمقراطية» المعارضة (جود)، حيث منعت سلطات النظام عقده ومنعت الدخول إلى المكان والخروج منه كما منعت وسائل الإعلام من تغطية ما يجري.

وقالت مصادر، في اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن «جهة أمنية اتصلت بعضو اللجنة التحضيرية أحمد العسراوي الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي في وقت متأخر من مساء الجمعة، وأبلغته بمنع عقد المؤتمر التأسيسي لـ(جود)، إلا بعد الحصول على موافقة من الجهات المختصة بالأحزاب، بعد تقديم طلب إلى وزير الداخلية».

من جانبه، أعلن المنسق العام لـ«الهيئة التنسيق الوطنية»، حسن عبد العظيم، قرار اللجنة التحضيرية «تأجيل المؤتمر، لأن السلطات لم تكتفِ بالتبليغ بالمنع، بل أرسلت أفراداً من أمن الدولة والجنائية والشرطة وتوزعوا أمام البناء الذي كان سيتم فيه عقد المؤتمر، ومنعوا الخروج والدخول، كما منعوا وسائل الإعلام، والصحافيين، من تغطية ما يجري». وقال بيان صادر عن مكتب الإعلام في اللجنة التحضيرية للمؤتمر إن «النظام السوري منع انعقاد المؤتمر التأسيسي لتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية الذي كان سيعقد صباح السبت، في دمشق»، مضيفاً أن اللجنة التحضيرية تعتبر نفسها «في حالة انعقاد اجتماع مفتوح، فيما تنسق عملها خلال الساعات والأيام القادمة لاتخاذ القرار المناسب»، فيما يخص تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية. كما اعتبرت اللجنة التحضيرية منع النظام لـ«عملها السلمي المدني انتهاكاً لكل الشرائع الدولية وحقوق الإنسان، وعملاً إجرامياً قمعياً»، محملة النظام والحكومات الداعمة له، والدول المؤثرة في المشهد السوري، مسؤولية «أمن رفاقنا وزملائنا في الداخل وسلامتهم»، مطالبة بـ«تدخل دبلوماسي ودولي وأممي لحفظ سلامتهم».

وأوضح البيان أن المنع جاء عبر اتصالات من «جهات أمنية» بمشاركين في المؤتمر منتصف ليل أول من أمس (الجمعة). وقد حملت الاتصالات «تهديدات اتخذت شكل تحذيرات» بأن «السلطات الأمنية لن تسمح وستمنع انعقاد مؤتمر «جود» بذريعة عدم حيازة المؤتمرين أو لجنة المؤتمر على ترخيص من ما يسمى «لجنة شؤون الأحزاب». وانتقد البيان تأخر التبليغ بالمنع حتى الساعات الأخيرة قبيل انعقاد المؤتمر، وذلك «كي لا تتاح أي فرصة للتحرك أو فعل شيء».

وكانت اللجنة التحضيرية لتشكيل «جود» قد قدمت وثائقها المقترحة على المؤتمر لإقرارها والتي نشرت «الشرق الأوسط» نسخة منها. وقدمت الوثيقة مجموعة اقتراحات لـ«الخروج من الوضع السوري الراهن»، أبرزها تغيير النظام بشكل «جذري بكل مرتكزاته ورموزه» و«إخراج كل الجيوش والميليشيات الأجنبية من سوريا» و«البدء بحل سياسي حسب قرارات الشرعية الدولية جنيف 1 والقرار 2254 بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية تفضي إلى جو ديمقراطي يتيح كتابة دستور جديد للبلاد، وانتخابات نزيهة تحت إشراف أممي، تحيل إلى دولة مدنية». كان عبد العظيم دعا إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة قبل ستين يوماً من انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد في منتصف يوليو (تموز) الماضي، باعتبارها «غير شرعية». وقالت اللجنة التحضيرية في بيانها أمس: «وفي موقفها من ‏الانتخابات الرئاسية التي يزمع النظام إجراءها في يونيو (حزيران) المقبل، فتراها انتخابات غير شرعية، ويجب على السوريين عامة مقاطعتها».

‏ وتضم «هيئة التنسيق الوطنية» التي دعت إلى المؤتمر، أحزاب «التجمع الديمقراطي» أبرزها «حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي». وكانت قد أعلنت عبر وسائل إعلام خارجية عن عزمها عقد مؤتمر تأسيسي هو الأول من نوعه في دمشق منذ تسع سنوات لإطلاق تحالف سياسي جديد باسم «الجبهة الوطنية الدمقراطية» بمشاركة «المبادرة الوطنية» و«كوادر الشيوعيين» و«حزب التضامن العربي» و«تيار بدنا الوطن» و«الحزب التقدمي الكردي» و«حزب الوحدة الكردية» و«الحركة التركمانية» و«مجموعة الشباب الوطني».

الشرق الأوسط»

——————————-

عودة المعارضة إلى الداخل السوري/ إبراهيم العلوش

مع صدور القرارات التركية الجديدة بشأن المعارضة المصرية الموجودة في تركيا ووسائلها الإعلامية، الذي أدّى إلى توقف كثير من برامجها، لا بد من استباق الأحداث والتفكير بمصير المعارضة السورية في تركيا وفي غيرها، وفي مصير وسائل إعلامها التي ستستيقظ يومًا ما على قرار مشابه يراعي تطورات الأحداث ومصلحة الدولة المضيفة.

ردّ مستشار الرئيس التركي، ياسين أقطاي، على المبالغات وعلى إشاعات تسليم المعارضين المصريين، وقال، حسب موقع عنب بلدي، “مستحيل أن تسلم تركيا أي شخص لا لمصر ولا لأي دولة تنفذ عقوبة الإعدام”، ولكن القنوات المصرية التي تبث من تركيا أوقفت عدة برامج سياسية خلال الأسبوع الماضي بعد صدور التعليمات التركية بشأن العلاقة مع مصر. وهناك ثلاث قنوات تتبع للمعارضة المصرية هي “مكملين” و”الشرق” و”وطن”، تتوجه إلى المصريين المعارضين للرئيس السيسي الذي انقلب على الحكومة الإخوانية من جهة، وعلى سائر المعارضة التي تطالب بالديمقراطية من جهة أخرى.

المعارضة السورية بدورها تتركز معظم كوادرها ووسائل إعلامها في تركيا، وكثير من منابرها يلقى التشجيع من قبل الدولة التركية التي تستضيف حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري. كثير من الكوادر السياسية والعسكرية المنشقة عن النظام السوري لجأت إلى تركيا، بالإضافة إلى المعارضة السورية الخارجية، مثل قيادات “الإخوان المسلمون”، التي كانت تقيم في بريطانيا وفي ألمانيا، فقد انتقلت كوادرها الرئيسة إلى تركيا بعد تسلّم الرئيس، رجب طيب أردوغان، وحزبه، لتتركز في اسطنبول وفي غازي عينتاب، بالإضافة إلى عدد من الأحزاب الشيوعية والقومية ومنظمات مدنية معارضة لا تزال مشتتة في أنحاء أوروبا.

رفضت الكوادر المعارضة السورية بعد العام الثاني للثورة أن تثبّت وجودها في سوريا لعدة أسباب، أولها وحشية النظام وتصفياته الجماعية لكل معارض مهما كانت طلباته، إذ كانت آلة المخابرات ومعتقلاتها تقوم بأعمال تصفية واسعة النطاق في المعتقلات وعلى الحواجز. وثانيها هو اتهام التنظيمات الدينية المتطرفة لاحقًا الصحفيين والسياسيين بتهم الكفر والردة، واعتبارها أن المطالبة بالديمقراطية خضوع للغرب ومحاربة للإسلام الذي تتبناه هي. وآخرها بسبب مؤتمرات المعارضة الخارجية في تركيا والسعودية وقطر، والتكوينات الخارجية التي أنتجتها، مثل “المؤتمر الوطني” و”الائتلاف” وقيادات “الجيش الحر”، والتي شجعت على استقرار كوادر المعارضة في الخارج.

التاريخ السياسي والإعلامي للمعارضة السورية منذ الستينيات من القرن الماضي كان مبنيًا على اللجوء، وكانت الصحافة اللبنانية هي الملجأ لكل معارض سوري، وهي المنبر الذي يقصده كل سوري يريد أن يتميز في الصحافة أو الأدب والثقافة، فكان النشر في صحيفة “النهار”، أو “الأسبوع العربي”، أو “المستقبل”، أو “السفير”، أو “الحياة”، تعبيرًا عن شهادة إعلامية غير رسمية، وكان النشر في دار “الآداب”، أو “الكلمة”، أو “العودة”، أو “الريّس”، تكريسًا شبه رسمي لولادة أديب سوري جديد.

واليوم، صار الفعل السياسي والإعلامي وحتى الثقافي الأهم للمعارضة السورية يصدر من اسطنبول، فقنوات تلفزيونية ووسائط “ميديا” مثل قناة “سوريا” و”أورينت”، ومواقع دراسات ونشر سياسية مهتمة بالشأن السوري مثل “حرمون” و”عمران” و”العربي الجديد” و”عنب بلدي” وغيرها العشرات، تتركز كوادرها في اسطنبول، بالإضافة إلى أن معظم الكوادر السياسية لـ”الائتلاف” والأحزاب الجديدة تتشكل وتتمركز في تركيا، فهل تبقى هذه الكوادر وهذه المؤسسات في تركيا دائمًا؟

مع نشوء محور تشاوري جديد بين تركيا وروسيا وقطر خلال شباط الماضي، فإن تغيرات مقبلة ستعصف في التكوينات السورية الموجودة في تركيا أو المدعومة من الدوحة، خاصة أن الدوحة وأنقرة تتجهان إلى تسوية خلافاتهما مع الدول الخليجية الأخرى، وقد تتجهان إلى حلول تتناسب مع مصالحهما في الشأن السوري، ما يهدد مستقبل هذه التكوينات ما لم تستشعر التغييرات بشكل مبكر.

مهما كان الوضع الداخلي صعبًا في سوريا فإن البناء فيها أكثر ديمومة، إذ لا يزال الدعم الدولي يشجع على العمل الإعلامي والسياسي من الداخل السوري، وقد يصبح العمل السياسي والإعلامي في الداخل أقل تبعية للآخرين، والكوادر الشابة في سوريا مؤهلة وقادرة على إدارة نفسها في الشمال السوري، سواء في إدلب أو في المناطق الشمالية والشرقية الأخرى، وهي لا تزال محميّة من قبل الجيش التركي، والتحالف الغربي، ومن قبل المنظمات الدولية، وبالتالي فهي قادرة على تجاوز مرحلة التأسيس بسهولة مع دعمها من قبل الكوادر التي نضجت الآن في تركيا وفي أوروبا، وصارت لديها خبرات واسعة في العمل السياسي والإعلامي وفي العلاقات العامة مع الدول والمنظمات الدولية، ما يمهد لهذه المؤسسات الانتقال إلى الداخل السوري بيسر، ويؤهلها لأخذ دور في النقاشات المحلية والدولية التي تدور حول تطبيق القرار “2254”، ولا يعرّضها إلى المصير المفجع الذي وصلت إليه المؤسسات السياسية والإعلامية التي بنتها المعارضة المصرية في تركيا.

قد تتأخر القرارات الدولية أشهرًا، ولكنها لن تتأخر سنوات أخرى، وهي ستكون حاسمة لأن الحلول السورية قد تكون قسرية للمعارضة وللنظام، خاصة مع التقلبات السياسية الداخلية للدول، وعلينا جميعًا أن نساعد السوريين في الداخل على بناء نواة الاستقرار القادمة في الداخل السوري، قبل أن تطيح القرارات الدولية المفاجئة بالجهد السوري الكبير في المؤسسات الإعلامية خاصة، التي صارت تعادل المؤسسات الوطنية للدول المضيفة، وبعضها قد يرتقي إلى أن يكون مصدرًا دوليًا للخبر وللتحليل في الشأن السوري والإقليمي، فهل تستطيع المؤسسات المعارضة السورية العودة التدريجية إلى الداخل، وهل تستطيع أن تتجنب مصير مؤسسات المعارضة المصرية في تركيا؟

عنب بلدي،

—————————–

=================

تحديث 30 أذار 2021

———————–

الحيرة مع المعارضة السورية الحاضرة والمغيّبة/ سميرة المسالمة

تشكّل المعارضة الداخلية للنظام السوري نقطة قوة وضعف في آن، فهي تمنح النظام القمعي صك براءة بوجه من يصفه بالاستبدادي والديكتاتوري. ومن جهة مقابلة، تشوّه الصورة النمطية للحاكم المنزّه الذي تهتف رعيته لحياته وأبديتها، وحيث يغلب على الأنظمة الأمنية الرغبة بالبقاء في حيز التفرّد وبسط السيطرة الكاملة على محيطها، فإن سلبيات ما يعنيه وجود معارضين لها تفوق بكثير حسنات الصورة “الوهمية” الديمقراطية لها، مهما كانت هذه المعارضة هشّة أو سطحية، فكيف مع معارضةٍ وطنيةٍ وراسخةٍ نمت وتطورت، على الرغم من إرادته وفي أقبية سجونه، وأصبحت أذرعها طويلةً، بما يكفي لتزيح من بياناتها جمل المواربة والدبلوماسية، وتتحضّر لمواجهةٍ معه، تطلب فيها نزع شرعيته، وإحلال نظام آخر مكانه يحقق طموحاته الوطنية.

ومن ذلك، لم يكن غريبا ولا مفاجئا البتّة منع النظام السوري انعقاد المؤتمر التأسيسي لتشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، الذي كان من المفترض عقده في دمشق صباح يوم أول من أمس (27/3)، حيث إن مقدمات المؤتمر لا تقدّم للنظام أيا من المعيارين السابقين: .. هي لا تمنحه المشهد الديمقراطي “الوهمي” الذي يحتاجه لتسويق نفسه دولياً، ونزع المبادرة من المعارضة الخارجية تحت غطاء الجو الديمقراطي للنظام المقبل على انتخابات رئاسية على بحر من دم السوريين. لسبب بسيط هو أن هذا النظام يحتكر السياسة، والمجال العام، ويمنع المشاركة السياسية منذ أكثر من نصف قرن. لكن الغريب والمفاجئ اعتقاد أية حركة سياسية سورية، تعمل خارج إطاره، أو في معارضته، بأنها في منجاة من ذلك. الأمر الآخر، السماح من تلك الأجهزة الأمنية بتمرير مؤتمر ببيان يحطّ من قدر شرعية النظام كوجود قائم، أو في مرحلة الانتخابات المقبلة، ووسمها علنا بين مؤيديه، وفي عقر داره بأنها “غير شرعية”، يعني أن النظام ينتحر علناً، وهو ما لم يقرّره خلال عشر سنوات من الحرب التي شنها على شعبه، دفاعاً عن وجوده واستمراره على كرسي الحكم بالصفة الأبدية.

على أية حال، يُحسب للأطراف التي كانت تعتزم المشاركة في ذلك المؤتمر، وفي مقدمتها هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، تجرؤها، أو اعتزامها عقده في دمشق، الأمر الذي يعد نوعا من تحدٍّ للنظام، واختبارا له أمام الرأي العام، داخليا وخارجيا. فوق ذلك، يُحسب لها خطابها السياسي الذي كشف عن الملامح السياسية للمؤتمر المفترض، إن صح ما تسّرب عن بيانه الختامي المفترض، والمتضمن: “تغيير النظام الحاكم المستبد، بشكل جذري، بكل مرتكزاته ورموزه”. إخراج كل القوى والجيوش والمليشيات الأجنبية من سورية، وسحب سلاح الأخرى، في مسعى إلى وقف الاحتراب والأعمال العسكرية داخل سورية من أي كان. البدء بحل سياسي حسب قرارات الشرعية الدولية، بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254، بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، تفضي إلى جو ديمقراطي يتيح كتابة دستور جديد للبلاد، وانتخابات نزيهة تحت إشراف أممي تحيل إلى دولة مدنية. اعتبار ‏الانتخابات الرئاسية التي يزمع النظام إجراءها (في يونيو/ حزيران المقبل) غير شرعية، وعلى السوريين عامة مقاطعتها. تأكيد أن “ما قام به نظام القمع في دمشق ضد القوى المشاركة بتشكيل “جود”، وهي قوى سلمية مدنية، تمثل حراك الشارع السوري بكافة أطيافه، والأحزاب والتيارات الوطنية الديمقراطية السورية، والشخصيات الوطنية المشهود بوطنيتها ونضالها، والتي عانى الكثير منها التضييق والترهيب والملاحقة والاعتقال، ليس إلا حلقة في سلسلة قمع النظام واستبداده وشموليته، نظام الفساد والانتهاكات والقتل والتهجير وتدمير البلاد”.

ومن خلال ذلك، تأتي الحيرة مع هذه المعارضة الغائبة والمغيبة، والتي تسمّى معارضة الداخل ببيانها الذي انتشر أنه تميّز بخطاب متماسك، ويمكن اعتباره الأكثر مقاربة للأزمة السورية، ولطرق حلها، إلا إنها على الرغم من ذلك كله، ولأسباب ذاتية (تتعلق بطبيعة بعض مكوناتها)، ولأسباب ربما موضوعية، ظهرت وكأنها على هامش المعارضة، حين اندماجها في العمل مع كيانات المعارضة الخارجية، وعلى الأخص المدعومة من أنظمة غير ديمقراطية، أو كأنها اختارت أن تكون في منزلةٍ وسط، فلا هي محسوبة على المعارضة بخطابها “العسكري وأجنداتها الإقليمية”، ولا هي محسوبة على النظام القمعي، ولا هي تستطيع تجنب احتسابها على أيٍّ من الطرفين. وفوق ذلك كله، هي لا تحظى بمكانة مناسبة على الصعيد الشعبي (المحسوب على الثورة)، وليس على المعارضة التقليدية، تبعا لدورها الهادئ في المعارضة، أو المتأقلم مع ظروف قمع النظام. ومفهوم طبعا أن ذلك يعود إلى أسباب تاريخية، ولأسباب تتعلق بحرمان السوريين من حقهم في المشاركة، وحق تشكيل الأحزاب، والحق في التعبير عن الرأي والاجتماع.

في المقابل، ثمّة حيرة أخرى من المعارضة المتصدّرة، أو الحاضرة، أي تلك التي احتلت مشهد المعارضة السورية، طوال السنوات الماضية، والتي أضحت مختزلة في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، فهذه لم تخفق فقط في أنها معارضة للنظام، مع معرفتنا بانحسار دورها ومكانتها في الصراع ضد النظام، فهي أخفقت، أساسا، في مكانتها، بوصفها معارضة، إزاء السوريين، إذ لا أحد ينظر إليها على هذا النحو لأسباب عديدة:

أولا، تلك المعارضة (الائتلاف) لم تستطع أن تحوّل ذاتها إلى كيان وطني جامع للسوريين، فهي حكر على مجموعة أشخاص تتداول على هيئاتها وتفريعاتها، “رغم مسرحيات التوسعة وتوزيع الهبات” التي تعمّق الشرخ مع السوريين، بديلا عن إيجاد الحلول بطرق مقبولة شعبياً، وقد أخذت دور السلطة عندما ارتفعت أصوات سوريي الداخل بمواجهتها، ورمت معارضيها بالصفات نفسها التي أسبغها النظام على معارضته من مندسّين إلى مأجورين أو غوغائيين، وغير ذلك.

ثانيا، باتت هذه المعارضة فاقدة للمصداقية، فهي أضحت وكأنها امتداد للسياسة التركية في الصراع السوري، أكثر بكثير من كونها ممثلة لمصالح السوريين. وهكذا، ففي كل المواقف والمنعطفات، كان “الائتلاف” يعطي الصورة أنه يتمثل مصالح تركيا وتوجهاتها، أكثر مما يتمثل مصالح الشعب السوري، وسلامة مسار ثورته.

ثالثا، حتى على صعيد الخطاب السياسي، ومنذ انخراطه في مسار أستانة، وغيره، بات “الائتلاف” من دون خطاب سياسي متماسك، أو واضح، وهو مجرّد دعاية إعلامية لما تريده تركيا من هذا المسار.

بناء عليه، بات السوريون في حيرة من أمرهم، في المفاضلة بين ما تُعرف بالمعارضة الداخلية والمعارضة الخارجية، ما يفيد بوجود فراغ هائل في المعارضة، وتالياً في السياسة السورية، وهو الأمر الذي يفترض تداركه، إذا كان ثمّة قوى حية ما زالت تعمل، مخلصة لصالح الشعب السوري، وضمن أجندة الثورة الوطنية ما قبل عسكرتها وتدويلها وتنوع أجنداتها.

————————–

=====================

تحديث 30 اذار 2021

—————————

عبد العظيم ل”المدن”:مؤتمر “جود” سينعقد في نيسان وفي دمشق

مصطفى محمد

بدا المنسق العام ل”هيئة التنسيق الوطنية” حسن عبد العظيم، غير آبه بكل الضغوط والإشارات التي أرسلها النظام بعد منعه عقد المؤتمر التأسيسي للجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، الذي كان مقرراً السبت الماضي في 27 آذار/مارس في دمشق، مؤكداً في حوار خاص مع “المدن” أن المؤتمر سيُعقد في نيسان/أبريل 2021، وفي دمشق أيضاً.

ويروي عبد العظيم ما جرى صباح السبت الماضي قبل انعقاد المؤتمر بنحو ساعتين قائلاً إنه “بحلول الساعة الثامنة صباحاً، حوصر مكان انعقاد المؤتمر، ومُنع الدخول إلى المبنى، وطُلب من المراسلين الإعلاميين الذين كانوا داخل المبنى المغادرة، ومنهم فريق قناة الميادين، وصحافية روسية”، ويضيف “كان لدينا معطيات تشير إلى احتمال عرقلة النظام، ففي ليلة الجمعة، وردت اتصالات من جهات أمنية لشخصيات مشاركة في المؤتمر، بمضمون تهديدي، وصباحاً اقترن التهديد بالفعل”.

وفي ما يخص الأسباب التي أدّت إلى قيام النظام بتعطيل المؤتمر، قال عبد العظيم: “المؤتمر حظي باهتمام إعلامي واسع، ويبدو أن التفاعل الواسع مع (جود) وإبداء عدد من الكيانات والقوى الرغبة بالانضمام لها، قد أشاع نوعاً من الحذر عند النظام، لأن تصدير صورة المعارضة بهذا الزخم من دمشق، يعطي تأكيداً بأن المعارضة تتمتع بقاعدة واسعة، وانطباعاً عربياً ودولياً بأن المعارضة قوية، ويبدو أن القرار اتُخذ لتجنب كل ذلك”.

وعما إذا كانت جرأة الرؤية السياسية ل”جود” وسقفها المرتفع الذي تحدث عن إسقاط النظام وهيكلة الجيش وإخراج الاحتلالات، دور، قال عبد العظيم: “دون أدنى شك، أحدثت الرؤية السياسية ضجة واسعة، والواضح أنها مثلت تحدياً للنظام”.

ويضيف أن النظام وجد في حجة عدم حصول المؤتمر على ترخيص من لجنة “شؤون الأحزاب” التي يترأسها وزير الداخلية، مبرراً لتعطيل انعقاده، ويتابع: “في اللقاءات الإعلامية السابقة، وجهت لنا تساؤلات حول حصول (جود) على طلب ترخيص من النظام، وكان ردنا بأن المؤتمر يعقد في مكان خاص (منزل)، ولا نرى ضرورة للتقدم للحصول على ترخيص، لأننا لا نراهن على العنف والسلاح للتغيير”.

وعن السبب الذي منعهم من التقدم للنظام للحصول على ترخيص، أجاب: “قدّرنا أن اللجنة لن تمنحنا الترخيص مع رؤية سياسية بسقف مرتفع، والأهم أننا لن نحتاج هنا إلى التذكير بموقفنا من النظام، واتفاقنا على ضرورة تغييره، لأن سياساته الخاطئة هي التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه”.

وجدد عبد العظيم موقف “جود” الرافض لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي الذي تحدده القرارات الأممية، وعقّب قائلاً: “أوضحنا أن الانتخابات ستعطي النظام ولاية جديدة، وهو عاجز عن تلبية مطالب واحتياجات الشعب السوري، وموقفنا مُعلن”.

وكان المكتب الإعلامي ل”جود” قد حملّ النظام والحكومات الداعمة له، مسؤولية أمن القيادات المشاركة في الداخل وسلامتهم، وطالب بتدخل دبلوماسي ودولي وأممي لحفظ سلامتهم، وبهذا الخصوص أكد عبد العظيم أن “اللجنة التحضيرية في بيانها لم تطالب بحماية دولية، واقتصر موقفها على التنديد بتصرف النظام”.

ولم يُفصح عبد العظيم عما إذا كانت مكونات “جود” تلقي اتصالات من جهات دولية بعد عرقلة المؤتمر، مكتفياً بالقول: وصلتنا بعض الأنباء التي تُشير إلى امتعاض روسي من تصرف النظام، وتناهى إلى مسامعنا أن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف وصف تصرف النظام بالفعل السخيف”، ويستدرك: “وجهنا من قبل رسائل للسفارات في دمشق ومنها الروسية والمصرية والتشيكية، أوضحنا من خلالها موقفنا للحل في سوريا”.

ورداً على دعوة رئيس الائتلاف المعارض نصر الحريري لعقد مؤتمر “جود” التأسيسي في الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، قال عبد العظيم: “تلقيت اتصالاً من الحريري، أكد فيه استعداده تقديم أي مساعدة، وموقفه هذا مكان ترحيب، غير أن قرارنا هو العمل من قلب دمشق”.

وتُعتبر “هيئة التنسيق الوطنية” إلى جانب منصات أخرى معارضة، شريكة للائتلاف في “هيئة المفاوضات”. ورداً على سؤال حول المطالبة بتمثيل “جود” في “هيئة التفاوض”، قال عبد العظيم: “جود ليست منصة معارضة، وهي متطابقة وداعمة لرؤية هيئة التنسيق للحل السياسي التفاوضي، وفق بيان جنيف والقرارات الدولية”، منهياً حديثه ل”المدن” بالقول: “جود تدعم الحل السياسي والانتقال السياسي إلى وضع جديد، وبناء سوريا المستقبل”.

—————————-

عن مؤتمر في دمشق… منعه نظامها/ موفق نيربية

في الليلة السابقة على انعقاد مؤتمر الجبهة الوطنية الديمقراطية السورية في منزل حسن عبد العظيم – منسق هيئة التنسيق الوطنية، صاحبة الدعوة الأكثر أهمية، ورد «اتصال هاتفي من جهة مختصة» يمنع انعقاده. وفي صباح اليوم التالي، اجتهدت المؤسسة الأمنية، لمنع أعضاء المؤتمر من حضوره، كعملية قمع روتينية معتادة من قبل النظام الحاكم.. وبذلك ارتفعت قيمة الحدث التبادلية على الفور في فضاء الإعلام، على أمل أن ترتفع قيمته الاستعمالية في المضمون، والتأثير في السياقات والمفاعيل اللاحقة.

في الوقت ذاته، تتجلّى على الأرض السورية وقائع جديدة، تصنعها السياسات الروسية والإيرانية، في تداخل مع أخرى تركية وخليجية، تحفر كلّها عميقاً ما بين السوريين الموجودين على الأرض، في متاهات ثلاث في الشمال الشرقي والشمال الغربي، وبقية سوريا تحت قبضة النظام وحلفائه قليلاً أو كثيراً. وإذ كان هنالك قصف روسي وأسدي حارق شمال حلب مؤخراً، ثم قصف لمؤسسات صحية قريبة من الحدود التركية، وآخر لتجمعات الشاحنات المحمّلة خارج معبر باب الهوى.. لتتلوها مطالبة روسية معلنة بفتح معابر ثلاثة ما بين مناطق النظام، وتلك التي تتواجد فيها المعارضة مع القوات التركية، وأيضاً معابر بينها وبين المناطق التي تسيطر فيها قوات سورية الديمقراطية، ومن يحالفها، أو يساكنها شمال شرق سوريا.

ينذر الحدثان المذكوران بتطورات يمكن أن تنعكس سلبياً على وحدة البلاد وشعبها؛ وينذران أيضاً بالمزيد من وقوعها تحت تأثير القوى الخارجية، إقليمياً ودولياً، على الرغم من مؤشرات قد توحي بالعكس، رغم ذلك، يتقبّل كثيرون بإيجابية ما ورد في وثائق «الجبهة الوطنية الديمقراطية – جود» التي كان مؤتمرها الأول سينعقد يوم السبت الماضي. وهي عموماً لا تتعارض إلّا في حدّة الصوت، مع الطروحات المعارضة السائدة، ومع وثائق التجمعات الأخرى التي تتنافس معها، أو تحاول ذلك، بما فيها الائتلاف الوطني خصوصاً. فقد نصّت أوراق الجبهة العتيدة على «إنهاء النظام الاستبدادي القائم بكل رموزه ومرتكزاته» والتمسك بتشكيل «هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات» بموجب «بيان جنيف لعام 2012 والقرارات الدولية» بدلاً من «إسقاط النظام» الذي لم يعد يتردد بدوره بالوتائر ذاتها في لغة أهل الائتلاف، لا هو ولا مفهوم «هيئة الحكم الانتقالي». كما نصّ أيضاً على «إقامة نظام ديمقراطي» بالمواصفات المعيارية، وعلى المطالبة بـ»إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية، وبناء جيش وطني، مع تحييده عن السياسة والعمل الحزبي» إضافة إلى «إخراج الجيوش والميليشيات غير السورية كافة». من حيث المضمون، تحرج تلك الطروحات القوى الأخرى التي طالما أصرّت على عزل هيئة التنسيق في السابق، وأيضاً تلك القوى والشخصيات الحريصة على وحدة المعارضة وقوة تمثيلها. ولعل ذلك لا يكون هدفاً مُضمراً لبعض منظمي المؤتمر، كما أوحت كلمات أحد القياديين، الذين يعملون منذ ثلاث سنوات في قيادة المشروع المذكور بفعالية مشهودة – وهو مستقر في «الخارج» منذ ستين عاماً – حين قال بنبرة حادة، إن الدعوة لم تكن «موجهة لكل أطراف المعارضة» لأن «الشارع السوري لم يعد يثق بالمعارضة الخارجية، التي دعت إلى الحل العسكري منذ البداية، والتي كذّبت على الناس بقرب التدخل العسكري الأجنبي، ودعت إليه علنا وعلى رؤوس الشهود، والمجتمع الدولي بكامله لم يقتنع بصلاحية البديل، الذي قدمته معارضة الخارج، والذي يسيطر عليه الإسلام السياسي، خصوصا الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى بعض الأشخاص الذين وصلوا إلى العمل المعارض مؤخراً، بقصد الحصول على المنافع الخاصة، والرتب المتوقعة، الانتهازيين، سكان فنادق الخمسة نجوم، ومحبي شاشات التلفزيون، وعشاق الأضواء والبروظة».. على الرغم من استدراكه بعد ذلك مباشرة حين قال «نحن في جود، بعد مؤتمرنا التأسيسي هذا سوف ندعو إلى مؤتمر أوسع للمعارضين السوريين جميعهم». ويبقى أن ذلك ينسجم مع استهداف تحجيم وعزل الائتلاف الوطني، في رؤية قوى إقليمية نافذة. لا ريب هنا أن «الائتلاف» يستحق، والإسلام السياسي المتحكم فيه ما يحيق بهما إلى حدٍّ كبير – بدليل أنه لا يرى ذلك – بعد مسلسل طويل من الإقصاء منذ البداية، ثم التصدّر والاحتكار «الإسلامي – السياسي» والارتهان أيضاً، وبشكل متصاعد يكاد يمحو شخصيته الخاصة ككيان وطني، كان يمثّل قسماً مهماً من السوريين، وينبغي له ألّا يفرّط في حقوقهم. ولا تساعده تطوراته الأخيرة على ذلك، من خلال خطوات توسيع صفوفه بمضمون وطريقة سيئة، وحتى في محاولته الاستعراضية للانتقال إلى عقد اجتماعاته في الداخل، شمال غرب سوريا، حيث تسود تركيا والفصائل المرتبطة بها من جهة، وهيئة تحرير الشام والقوى الواقعة تحت مطرقتها من جهة أخرى.

لا ريب أيضاً، في أن القوى والتيارات الديمقراطية الأخرى، التي تتحرّك وتراوح في مكانها، من دون تقدم نحو وضع جديد فاعل، تستحق أيضاً وضعيّتها الضائعة بين الطرفين السابقين الكبيرين، على الرغم من أنها قادرة على حسم الاتّجاه والعودة إلى الإمساك بالحلقة الرئيسية، لو كانت همتها ونشاطها على ما ينبغي من الديناميكية والإنجاز. ولعلّ استسهال بعضها اللجوء إلى مسار شعبوي عبثي، يزداد صخبه منذ فترة، يلجم نسبياً بعض قدراتها. من بين هؤلاء، من يستحق اللوم أكثر، كأولئك الذين يرون في أنفسهم بعض» نخبة ديمقراطية» تمثّل بما تراه وتطرحه كتلة مهمة من الشعب السوري، بقيمه الحضارية والثقافية والمدنية المتعدّدة.. إذ ابتدأت لديهم حالة «المراجعة» ثم تحوّلت إلى رجوع إلى المقاعد الخلفية بين المتفرجين.. حرصاً على طهارة مزعومة على الأغلب. ذلك كلّه «سوري» خاص بالسوريين في أحد وجوهه، ولكن الحقائق الموجودة حالياً غير سورية في وجهها الأساسي. الأمر الذي يضطرنا إلى البحث في المعادلة الخارجية، وراء مشروع مؤتمر دمشق، بغضّ النظر عن نوايا أهله. فمازالت الخلافات العاصفة وراء الحدود، رغم بعض التهدئة مؤخراً، تنعكس على القضية السورية، ومن ذلك الخلاف بين السعودية وتركيا، حول تركيبة هيئة التفاوض، وظهر ذلك في وجود مجموعتين من المستقلين، يدافع الائتلاف ومن وراءه عن شرعية إحداها، وهيئة التنسيق مع منصتي موسكو والقاهرة ومن وراءهم عن شرعية الثانية، بحيث انعكس ذلك تجميداً لفعالية الهيئة، واقتصارها تقريباً على ممثلي الائتلاف ومعهم ممثلو الفصائل العسكرية. بذلك يبدو مشروع المؤتمر في سياق توظيف خارجي، لا يبتعد كثيراً عن الدوائر الروسية، التي تعيد حالياً بناء استراتيجيتها، بحيث تضمن عودة «القطاف» إليها قبل الجميع، وأكثر منهم. لم يكن دبلوماسيو موسكو والصين بعيدين عن حضور المؤتمر، وربما مع بركة بعض أهل الخليج أيضاً. كلّهم يشمّون رائحة حلول مقبلة، لا بدّ من التحضير والتحضّر لها، بكلّ غنائمها الآنية والمستقبلية، ونتائجها الاستراتيجية أيضاً. أمّا في ما يخصّ النظام، فيبدو أن إغراء المزيد من تقسيم المعارضين له وتشتيتهم، لم يكف لجعله يوافق على انعقاد المؤتمر، على الرغم من اقتصاره على من بقي من هيئة التنسيق، وآخرين يبدو أن العديدين منهم كانوا سيأتون من السويداء، وربما أيضاً من درعا – والاثنتين جنوب البلاد – كذلك لم يكن نظام الأسد متأكداً، على ما يبدو، من أن رضا بعض الأطراف العربية والدولية عنه حين يمرّر انعقاد المؤتمر، سوف يمنع ما يلمسه من تراجع عن احتمال انتخاب رئيسه في موعده المخطط من جديد، لدى أكبر داعميه.

على الرغم من ذلك، كان عديدون يتمنون نجاح انعقاد المؤتمر، الذي يضمّ الكثير من الديمقراطيين المخلصين، ومنهم أصدقاء ورفاق درب طويل، (على الرغم من التطيّر العفوي من اسم التحالف الجديد «الجبهة الوطنية الديمقراطية» الذي يذكّر باسم» الجبهة الوطنية التقدمية» سيئة الذكر والتاريخ، ومع حساسية مستجدة من تعبير» الجبهات» ذاته، إضافة إلى ذلك، تحتمل المعادلة استعادة بعض وهج هيئة التنسيق بعد أن خبا؛ كما تحتمل استفزازاً مستجداً كذلك لهمم بقية الديمقراطيين السوريين، من أجل إنهاء مراجعاتهم الطويلة والتخلي عن الحذر والتلكّؤ والحساسيات النافلة.. ولن تستطيع تلك الشماتة بقمع النظام لأصحاب المؤتمر، التي ظهرت لدى من فقد بوصلته، تغييرَ هذا الشعور الإيجابي الغالب، حتى يثبت العكس؛ أو تظهر عوامل جديدة تضع هذه البلاد المنكوبة على نسقٍ مغاير لما هو كائن.

كاتب سوري

القدس العربي

————————–

حول منع النظام عقد مؤتمر “جود” في دمشق/ سمير سعيفان

لم يفاجئني منع النظام لعقد مؤتمر جود “الجبهة الوطنية الديمقراطية”، وهي مؤلفة من أحزاب وقوى سورية قومية ويسارية ووطنية؛ ذلك بأن (جود) وأمثالها أخطر على النظام من (داعش)، ليس لأنها تهدد الآن وجوده في الداخل، بل لأن النظام ومعه الروس والإيرانيين يريدون أن يظهروا للعالم أن المعارضة السورية لها وجه واحد فقط، وجه جهاديّ مثل داعش والنصرة وما يشبهها، بينما تقدّم (جود) ومن يشبهها للعالم صورة بأن بديل النظام ليس داعش أو النصرة، بل قوى ديمقراطية حقيقية، ومن بينها قوى إسلامية معتدلة تتبنى الديمقراطية والحريات العامة وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع. ويرى النظام وحلفاؤه أن الإفساح أمام نمو نشاط معارض منظم في داخل مناطق سيطرة النظام، ورغم أنه يحسن صورة النظام أمام القوى الفاعلة، ولكنه سيشكل خطرًا داهمًا بالنسبة لوجوده، لأنه يفسح الطريق أمام تكوين معارضة منظمة داخل سورية تشكل بديلا ديمقراطيًh للنظام.

سأذكر هنا أمثلة عن سياسة النظام تجاه المعارضة الديمقراطية:

    تأسيس هيئة التنسيق: اتخذ النظام موقفًا معاديًا من مؤتمر هيئة التنسيق الذي عُقد في 25 حزيران/ يونيو 2011، وأعلن عنه في مؤتمر صحفي في 30 حزيران. وقد شارك في المؤتمر أحزاب قومية ويسارية عربية وكردية، وشخصيات مستقلة. وعُقد المؤتمر في حلبون، في بيت حسن عبد العظيم. وعلى الرغم من أن أجهزة الأمن لم تعتقل من حضر المؤتمر، كما تفعل عادة، فقد كانت متوجسة من المؤتمر، ولم تمد يدها له بتاتًا، بل روّجت الشائعات ضده، بالرغم من أن الجميع يعلم أن قوى هيئة التنسيق وشخصياتها الأبرز لا تمتّ إلى قوى الإسلام السياسي بصلة البتة، وأنها منفتحة للحوار مع النظام لبحث مستقبل سورية.

    مؤتمر سميراميس لقوى المعارضة السورية: أذكر في شهر حزيران/ يونيو 2011، اتصل بي لؤي حسين، وقال ننوي أن ننظم مؤتمرًا علنيًا للمعارضة في دمشق، في فندق سميراميس، وكان معنا ثلاثة آخرين في المجموعة التي عملت على تنظيم المؤتمر الذي عقد في 27 حزيران/ يونيو 2011، وكان لؤي حسين على اتصال بالدكتورة بثينة شعبان، التي كانت تبلّغه بالموافقة على عقد المؤتمر أو بعدمها، وكانت تتشاور في ذلك مع فاروق الشرع ومع بشار الأسد، وكانت نيّات النظام تتأرجح بين الموافقة وعدمها، وبالطبع، لا يقبل صاحب فندق سميراميس عقد المؤتمر من دون موافقة السلطات الأمنية، وكان الأمن السياسي هو المسؤول، وكان في كلّ فندق (خمس نجوم) ضابطٌ من الأمن السياسي، بدوام كامل، وله مكتب. وحتى عشية يوم عقد المؤتمر، كانت الموافقة متأرجحة، بما يعكس أن هناك حوارًا يدور في أروقة القصر، بين من يرى فوائد للسلطة في عقد مثل هذا المؤتمر، وبين من يرى ضررًا في ذلك. وجاءت الموافقة فِي آخر لحظة، عند العاشرة من مساء يوم 26 حزيران/ يونيو، وعُقد المؤتمر، وكان عدد الحضور نحو 200 شخص، من مختلف أنحاء سورية، وكان المشاركون قوى ديمقراطية ويسارية عمومًا، ولم يكن لقوى الإسلام السياسي أي دور فيه، وقد تولى رئاسة المؤتمر الدكتور منذر خدام، وهو يساري وسجين سياسي لسنوات طويلة، ولا يمكن لأحد أن يعدّه متطرفًا. ولكن أجواء المؤتمر كانت راديكالية، وصدر بيانه بلهجة قوية، فأفزع ذلك من يؤمنون بأن السلطة ملك بيت الأسد للأبد.

    مؤتمر المبادرة الوطنية من أجل مستقبل سوريا: التي أطلقها محمد سلمان، وزير إعلام حافظ أسد، وكان توجهها أقلّ راديكالية من مؤتمر سميراميس، وقد عقدت مؤتمرها في 4 تموز/ يوليو 2011، ويبدو أن أوساط القصر كانت منقسمة حولها، فبعد أن أعطوهم الموافقة لعقد مؤتمرهم في فندق سميراميس، قاموا بعرقلة عقد المؤتمر. وحضر المؤتمر نحو 200 شخصية مستقلة، كان جزءٌ كبيرٌ منهم من أوساط السلطة أو قريب منها، وحظيت المبادرة بدعم عدد من كبار ضباط الجيش المتقاعدين. ولكن حين حضور المشاركين إلى فندق سميراميس، رفضت إدارة الفندق فتح قاعة الاجتماع، بحجة “عدم تثبيت الحجز”، بالرغم من أن منسق المؤتمر النائب في البرلمان محمد حبش أكد حصوله على موافقة موقعة من مكتب فاروق الشرع، فاضطر الحاضرون إلى اقتحام القاعة بعد مغادرة كثير منهم، ولكن إدارة الفندق لم تقدّم لهم أي خدمات، وقامت بقطع الكهرباء عن القاعة. ولم يصدر بيان عن المؤتمر.

    لقاء الحوار الوطني: أطلق النظام مبادرته لعقد لقاء للحوار الوطني، ودعا إليه مئات الشخصيات، ومنها شخصيات معارضة، وكنتُ ممّن تلقى دعوة للمشاركة، ولكني رفضت المشاركة، كما رفض الحضور معظم شخصيات المعارضة تقريبًا، لأن المعارضين طلبوا وقف القتل ووقف الحل الأمني أولًا، كي يشاركوا، ولكن النظام لم يوقف حله الأمني، ولم يكن راغبًا في حضور هذه الشخصيات. وعقد اللقاء في 10 تموز/ يوليو 2011، في مجمع صحارى، وعلى الرغم من أن المؤتمر وضع توصيات ناعمة جدًا للإصلاح التدريجي، بقيادة بشار الأسد، وأن فاروق الشرع خرج من القاعة، قُبيل إقرار اللقاء لتوصياته، واتصل ببشار الأسد واستشاره في موضوع التوصيات، وقد وافق بشار حينذاك على صدورها؛ ولكن حلّ غضبه على فاروق الشرع، لأنه سمح بخروج توصيات لا تمجّد ببشار الأسد، ومنذ ذلك الوقت، وُضع فاروق الشرع على الرفّ وتحت المراقبة، خاصة أن البعض بدأ يطرح فاروق الشرع كبديل للأسد. وبالطبع تم الصمت على توصيات لقاءٍ نظّمه النظام بموافقة الرئيس.

منطق الحل الأمني للنظام:

تلك كانت أمثلة أربعة عن تعامل النظام مع أي دعوة للإصلاح والتغيير التدريجي الذي يحفظ سورية، بينما اختار الحل الأمني، وقد رفض النظام هذه المؤتمرات، لأنها كانت ستخِّرب خطته، لأن وجهها ديمقراطي وليس إسلاميًا، بينما سعى النظام لإظهار أن المعارضة إسلامية جهادية ومسلحة. والسبب في موقفه هذا أنه اتخذ قراره بعدم الاستجابة لمطالب الشعب السوري، وعدم إجراء أيّ تغيير، وكان حلّه الأمني هو منهجه الوحيد.

يقدّم فهم النخبة الحاكمة للسلطة تفسيرًا للجوء النظام إلى الحل الأمني. فأمام تحدي الربيع العربي واستحقاق التغيير في 2011، وقف النظام أمام مفرق طرق:

الطريق الأول: طريق الإصلاح، وهو طريق آمن ويحافظ على سورية، ويفتح باب الازدهار أمامها، واختيار النظام لهذا الطريق يتطلب أن تكون قيم الوطنية -ولو بحدها الأدنى- موجودة في ضمير النخبة الضيقة الحاكمة في هذا النظام، وأن تكون قناعتهم أن التغيير استحقاق تاريخي مؤلم، ولكن لا بد منه، وأنه من غير الممكن المحافظة على طبيعة النظام ذاتها، ولا بد من الانفتاح والمشاركة. وكان في السلطة قوى وشخصيات كثيرة مع هذا التوجه، لأنها تدرك المخاطر ولكن التوجه الاستئصالي المميت كان هو الغالب.

الطريق الثاني: يقوم على قناعة أن سورية هي ملك لبيت الأسد ومن يلوذ بهم، وأن من يعارض ذلك مصيره الموت.

النخبة الضيقة الحاكمة في سلطة الأسد اختارت الطريق الثاني وترجمته بالحلّ الأمني المدمّر، لأنها تعلم أن الطريق الأول سيفتح لنمو قوى ديمقراطية وحراك سياسي ومجتمع مدني، وهذه مقدمات لوضع حد لسلطة بيت الأسد، بعد أربعة عقود من حكمهم، أي أن الأسد لن يفوز في انتخابات 2014، تاريخ استحقاق الانتخابات الرئاسية، وأن السنوات بين 2011 و 2013 ستكون سنوات للإصلاح ولتحول تدريجي سلمي سلس للسلطة، من سلطة متوارثة إلى سلطة تداولية عبر صناديق الاقتراع، وقد لعبت إيران دورًا حاسمًا في هذا الاختيار، لأن فكرة الانتقال السياسي في سورية وذهاب السلطة من يد الأسد، ولو بعد سنوات، أرعبتها، لكونها تعني أن إيران ستفقد جزءًا من ذارعها “الشيعي” الممتد من إيران عبر العراق وسورية وصولًا إلى لبنان. خاصة أن إيران رأت أن توريط نظام الأسد في حرب داخلية مع شعبه سيجعله بحاجة ماسة لها، وسيمكنها ذلك من أن تضع يدها على سورية بالكامل، وكانت إيران تعتقد أن الأسد سيتمكن -بدعم منها- من وأد الانتفاضة السورية خلال بضعة شهور أو في غضون عام.

“لو” أن النخبة الضيقة الممسكة بسلطة الأسد امتلكت شيئًا من الوطنية والعقلانية، لكانت اختارت منذ مطلع 2011 تشجيع المعارضة الديمقراطية والتحالف معها لمواجهة الإسلام السياسي، إن كانت تخشى الإسلام السياسي فعلًا، ولكانت سورية اليوم تسير على طريق تونس بدلًا من الدمار المادي والمجتمعي الذي جرى ويجري لسورية وشعبها حتى اليوم، ولا أحد يعلم الى متى وإلى أين، وكان السوريون سيغفرون لبيت الأسد ولبقية أركان سلطتهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر. ولكن تلك النخبة الضيقة الممسكة بالسلطة اختارت سياسة: “كلّ شيء أو لا شيء” بدفع من إيران وتشجيع من موسكو وتطمين من إسرائيل أنها لا تريد إسقاط النظام.

لكن من زرع اللو حصد الريح.

مركز حرمون

——————————

جود” تربك المعارضة والنظام!/ عقيل حسين

مكاسب معنوية كبيرة حققتها هيئة التنسيق الوطني، وكذلك بقية القوى التي شاركت معها في الإعداد لمشروع الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”، بعد الضجة الكبيرة التي أحدثها المؤتمر التأسيسي الذي لم ينعقد.

لا يتعلق ذلك بمنع النظام انعقاد المؤتمر الذي كان مقرراً يومي السبت والأحد الماضيين، فهذا المنع لا يؤدي إلى تلميع “معارضة الداخل” كما يصرّ البعض، إذ إن هذه ليست المرة الأولى التي تفشل الهيئة بعقد مؤتمر لها خلال العقد المنصرم، بل يتعلق أولاً بمضمون الوثيقة السياسية للمشروع التي كانت جريئة، إلى حدٍ أربك النظام والمعارضة.

الإرباك كان حاضراً قبل الإعلان عن الوثيقة لدى المعارضة في الخارج، بما فيها القوى التي تلقت دعوة مسبقة لحضور المؤتمر بصفة ضيف، أو تلك التي لم تُدعَ.

توجيه الدعوات للضيوف واختيارهم لم يكن، كما هو واضح، بناء على مدى التوافق الفكري والسياسي، بل كان على أساس العلاقات ودرجة الوئام، فغابت قوى إعلان دمشق عن قائمة المدعوين، وهو أمر متوقع بسبب الخلافات العميقة مع حزب الاتحاد الاشتراكي، (الحزب القائد) لهيئة التنسق الوطني. كما غاب، للسبب نفسه تقريباً، المجلس الوطني والائتلاف عن قائمة الضيوف المقترحين، في الوقت الذي اعتذر فيه اليساري هيثم مناع عن عدم المشاركة، وكذلك فعل فاتح جاموس، الشيوعي القديم.

وإذ كان اعتذار مناع وجاموس متوقعاً بالنظر إلى الخلافات التي تحكم علاقاتهما مع الهيئة أيضاً، فإن اعتذار من لم يلبِّ الدعوة من قوى المعارضة الخارجية كان مبنياً على سبيين: الأول أن المؤتمر ينعقد في دمشق، والثاني: عدم معرفة تفاصيل المشروع ودوافع إطلاقه في هذا التوقيت.

والواقع فإن دمشق كمكان باتت اشكالية بالنسبة للمعارضة منذ عام 2011، عندما غادرت سوريا الأغلبية الساحقة من المعارضين التقليديين الذين خرجوا وهم متيقنين بعودة قريبة لتسلم قيادة البلد بعد سقوط النظام الذي لم يكن أحداً يشك في حتميته وقربه، لكن بمرور الوقت، ومع عدم تحقق هذا السقوط، ودفعاً لتهمة الخروج (خوفاً وطمعاً) لم يجد غالبية هؤلاء أفضل من التهجم على من قرر البقاء في الداخل والترويج للتشكيك بهم بين جمهور الثورة، الذي كان من السهل اقناعه أنه لا يمكن أن يتواجد معارض واحد في مناطق النظام إلا إذا كان مرتبطاً بهذا النظام أو صنيعة له!

تصنيف سيضيف سبب جديداً للتناحر بين قوى المعارضة التقليدية التي لم تكن بحاجة إلى ما يؤجّج خلافاتها المستعرة طيلة عقود، والتي ستنقلها كصراعات وانقسامات إلى أجسام الثورة ومؤسساتها التي أنشئت بهدف توحيد المعارضة!

تغييب هيئة التنسيق وغيرها من معارضي الداخل عن إعلام كان قد حرمهم من فرصة وصول أكبر لجمهور ما يزال أكثره يعتقد بأن مطالب هذه المعارضة تنحصر بالإصلاح، وسقفها هو سقف وطن الأسد، وأنها محمية من قبل روسيا ومرتبطة بالنظام..إلخ، وعليه يمكن القول إن مشروع الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) يمثل أهمّ خطوة في تاريخ هيئة التنسيق وبقية القوى المنخرطة فيه.

فقد حملت وثيقة المشروع السياسي للجبهة مضامين بسقف لا يقل عن سقف شعارات الثورة الجذرية، سواء لجهة المطالبة بإسقاط النظام وكذلك تحميله المسؤولية عما لحق بالبلاد طيلة خمسين عاماً، إلى جانب بنود أخرى كانت من القوة والوضوح بأن أربكت قوى المعارضة الأخرى التي لم تكن تتوقع مثل هذا الموقف، وعليه لم يبقَ سوى التشكيك بأسباب هذه الجرأة.

وتحت هذا الهدف، ركزّ البعض على الترويج لوجود توجه روسي لتطبيق القرار 2254، وأن هذا الموقف الجذري من النظام الذي عبرت عنه “جود”، لم يكن ليصدر في هذا التوقيت لولا تقديم الروس ضمانات للقوى التي أصدرته، بل وأكثر من ذلك، منحها وعوداً بأنها ستحل مكان النظام ذاته!

الترويج لروسية المشروع لم يثنِ آخرين عن محاولة ضرب الوثيقة السياسية من خلال الترويج لعدم توافق قوى الجبهة عليها، فأشيع أنها ليست معتمدة بشكل نهائي، وأن هناك خلافات حولها، وأن سبب هذه الخلافات هو عدم توقيع بعض المكونات عليها بسبب سقفها المرتفع خشية إغضاب النظام، وهو ما يتناقض وحقيقة أن هذه الوثيقة كان متوافقاً عليها ومُقرّة بالأصل منذ منتصف كانون الأول/ديسمبر 2020.

أيضاً حاول البعض ربط المشروع الوليد بأسماء إشكالية من معارضة الداخل المتماهية مع النظام أو التي أعلنت مبكراً رفضها للثورة، مثل محمود مرعي وميس كريدي وغيرهما، كما تم الغمز على نطاق واسع من وجود حزب التضامن المرخص ضمن الجبهة، والترويج بأن رئيسه محمد أبو القاسم قد أعلن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، رغم أن هيئة التنسيق كررت موقفها الواضح مؤخراً بمقاطعة هذه الانتخابات وعدم الاعتراف بشرعيتها.

وما بين الرغبة في أن ينعقد المؤتمر فتصدق الاتهامات بارتباط قوى “جود” بالنظام، وبين الخشية من نجاح هذه القوى بإنتاج منصة معارضة قوية ومتماسكة تحظى لاحقاً بدعم وتأييد دولي يسحب البساط من تحت أقدام بقية منصات ومؤسسات المعارضة، مرّ يوم الجمعة ثقيلاً على الجميع.

لكن القائمين على هذا المشروع كانوا واثقين من أن النظام لن يسمح لهم بعقد المؤتمر، وبالفعل فقد تلقى أحمد العسرواي أحد أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر، منتصف الليل، رسالة من إدارة أمن الدولة تطلب عدم عقد الاجتماع قبل الحصول على إذن من لجنة الأحزاب، وهو أمر كانت قوى الجبهة قد حسمت موقفها منه، وكان قرارها واضحاً بعدم طلب أي إذن أو موافقة مسبقة من النظام.

في حديث ل”المدن” نُشر الثلاثاء، أكد الأمين العام لهيئة التنسيق الوطني حسن عبد العظيم، المكون الأكبر في مشروع “جود”، أن المؤتمر التأسيسي سيعقد في نيسان/أبريل، وهو موقف يظهر فيه إلى جانب التحدي، حجم الجرعة المعنوية التي كسبتها الهيئة والتي تريد، كما هو واضح، أن تستثمرها إلى أبعد حد ممكن، خاصة وأن عبد العظيم اعتبر أن ما جرى يؤكد قوة معارضة الداخل و”اتساع قاعدتها الشعبية”، وهي الجملة التي قد تتسبب بحرب أكثر شراسة على الهيئة و”جبهتها” من تلك التي تسببت بها الوثيقة السياسية للمشروع، حيث يعتبر الجميع، النظام والمعارضة، أن القاعدة الشعبية خط أحمر لا يمكن السماح بالمنافسة على إدعاء امتلاكها وتمثيلها.

المدن

————————-

مشروع الجبهة الوطنية الديمقراطية “جود”.. وشروطه الذاتية والموضوعية/ أسامة آغي

ينعقد في دمشق بتاريخ 27 و28 آذار 2021 مؤتمر القوى الوطنية الديمقراطية السورية تحت مسمى تأسيس “جبهة وطنية ديمقراطية” يشار إليها اختصاراً بـ (جود). وقد جاء في مشروع الرؤية السياسية لهذه الجبهة منطلقات أساسية تحددت بإحدى عشرة نقطة.

تحلّلُ الورقة أن سبب الأزمة في سوريا، هو الإخفاق في بناء الدولة المدنية الديمقراطية (دولة المواطنة)، التي ترتكز على مبادئ أساسية، هي (الحرية والعدالة والمساواة). وتتبنى الورقة فكرة أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الناجع، الذي يحقق التحول الديمقراطي الشامل، وهذا يتطلب بناء دولة ديمقراطية عصرية، وفق قرارات الشرعية الدولية، ذات الصلة بالصراع السوري.

وتُظهر الورقة طموحاً مشروعاً بضرورة الوحدة الوطنية، هذه الوحدة يمكن تحقيقها عبر مؤتمر وطني، يشمل جميع القوى، التي لم تشارك بقتل السوريين، حيث ينعقد هذا المؤتمر في المرحلة الانتقالية، ليقرّ ميثاقاً وطنياً.

كذلك تقول الورقة بضرورة إخراج القوى والجيوش والميليشيات غير السورية كافة، وتفكيك الميليشيات المسلحة وسحب سلاحها، وإعادة هيكلة المؤسسة الأمنية، وبناء جيش وطني مسؤول عن حماية الوطن والشعب، وتحييده عن السياسة والعمل الحزبي.

تطرح الورقة فقرة تتعلق بالقضية الكردية معتبرة إياها مسألة وطنية سورية، حيث تُحلّ وغيرها من الحقوق الثقافية المشروعة للجماعات القومية المختلفة ضمن إطار دستوري ديمقراطي على أرضية سيادة سوريا ووحدتها أرضاً وشعباً.

لم تنس الورقة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبأن سوريا جزء من المنظومة العربية وجزء من المنظومة العالمية، وضرورة استعادة أراضيها المحتلة في الجولان السوري من إسرائيل.

إن انعقاد هذا المؤتمر يبدو ضرورة وطنية، بعدما تمّ أخذ الصراع بين قوى الثورة السورية والنظام السوري إلى مستوياتٍ، لا تمتّ لعملية التحول الديمقراطي في البلاد، فالثورة السورية، التي طيّفت وصُبغت بصبغة ذات محتوى ديني، بحاجة إلى إعادة تصحيح موقعها ومسارها، هذا التصحيح مهمة منوطة بقوى سياسية، تعمل على مبدأ دولة المواطنة والمؤسسات الديمقراطية، خارج الفهم الفئوي، أو الطائفي، أو الديني، أو الإثني.

انعقاد مؤتمر القوى الوطنية الديمقراطية ضرورة تاريخية، لأنه يخلق بؤرة تركيز القوى ذات المصلحة ببناء الدولة المدنية الديمقراطية، ويقطع الطريق على كل القوى ذات المشاريع، التي تخلق التفاوت الاجتماعي، أو الإثني، على مستوى الحقوق والواجبات الوطنية المتساوية للجميع.

إن وجود جبهة وطنية ديمقراطية سيخلق توازن قوى جديد في الساحة السورية، وبالتالي، سيمنع هذا التوازن نظام الأسد، أو القوى المعادية للديمقراطية، من تثبيت وجودها المضرّ بالشعب السوري ووحدته.

ولكن، الشروط الذاتية للقوى الوطنية الديمقراطية، بحاجة إلى تأصيل الذات، فالعمل بالنسبة لهذه القوى، ينبغي أن يأخذ شكله الواسع، ضمن إطار واحد، أي تذويب المقدمات الخلافية، الواقعة خارج مربع الوطنية الديمقراطية، وهذا أمر ممكن، ضمن صيغة التحالفات، ضمن مربع التقاطع المرحلي الأكبر.

التقاطع المرحلي يرتكز على بناء دولة مدنية عصرية، جوهرها فصل السلطات الثلاث، وتعميق الوطنية، بما هي هوية وانتماء، يحياه كل فرد سوري، بغض النظر عن دينه أو طائفته أو إثنيته.

وهذا يعني بالمحصلة، تراجع كل المشاريع السياسية، التي تتعارض مع مفهوم الوطنية العميق، ما يزيد من الترابط الوطني الطبيعي، ضمن فرص متساوية للخلق والإبداع والعمل والمساواة أمام قانون واحد للجميع.

الشروط الموضوعية لقيام الجبهة الوطنية الديمقراطية موجودة، لأنها مرتبطة بعملية الدفع التاريخي للقوى الاجتماعية ذات المصلحة بدولة مدنية ديمقراطية. فلا يمكن تطوير المجتمع وقواه بدون قانون عام يسمح بذلك، هذا القانون، ألغته سلطة الاستبداد وأحلت محله مصالحها الضيقة وقانونها الخاص، الذي أضعف التطور الاجتماعي ووضعه أمام طريق مسدودة.

إن مؤتمر القوى الوطنية الديمقراطية السورية ينبغي أن يؤسس بصورة واقعية، مبنية على نقد الواقع والذات، منحى للتغيير العميق في البنى الاجتماعية السورية، فهل يستطيع فعل ذلك، دون الوقوع بفخ الشعارات الكبرى غير القابلة للحمل والتحقق في هذه المرحلة.

نجاح المؤتمر لا يعني تسويقاً لنظام الاستبداد، حيث سيضطر هذا النظام إلى إغماض عينيه عن تجمع سياسي تفرضه المرحلة، إغماض العينين سببه عدم امتلاك هذا النظام للقرار السياسي في البلاد، حيث فقده منذ الزمن الذي سمح فيه للقوى الدولية بالتدخل لحمايته، دون أن يفكّر أن يتصالح منذ البداية مع شعبه الذي كان يريد إصلاحات حقيقية تلغي ركائز الاستبداد والفساد.

المؤتمر سيكون إعادة توزيع لميزان القوى الداخلي، وتغييراً ببنية هذا التوازن، بما ينسجم مع قوى الدفع التاريخي التي تعمل منذ زمن طويل على بناء دولة المؤسسات الديمقراطية دولة المواطنة المتساوية.

فهل سينجح المؤتمر بتحقيق أهدافه، أم ستطفو على سطحه الخلافات والتناقضات المضرّة؟.

—————————

رياض درار: منفتحون على كل القوى ويمكن لتركيا لعب دور في السلام

أجرى الحوار طارق صبح ومحمد حاج بكري

ينحدر رياض درار من مدينة دير الزور، ولد فيها في العام 1954، وحصل على بكالوريوس لغة عربية من جامعة دمشق، سافر بعدها إلى المملكة العربية السعودية، حيث درس ودرّس العربية، ليعود بعدها إلى سوريا ويعمل كداعية وإمام ومعلم للقرآن في مساجد دير الزور، إلى جانب عمله في الخطابة والنشاط الاجتماعي.

عُرف عن الشيخ رياض، كما يناديه المقربون منه، في بداية حياته الهوى الناصري، وبدأ نشاطه السياسي فعلياً منذ العام 2000، حيث التحق بلجان إحياء المجتمع المدني وبدأ النضال لأجل حقوق الأكراد في سوريا، واعتقل في العام 2004 على خلفية كلمة ألقاها في جنازة الزعيم الصوفي الكردي الشيخ معشوق الخزنوي، الذي اغتيل في أعقاب انتفاضة الأكراد في العام نفسه، فضلاً عن دوره في التحضير لمؤتمر المعارضة في دير الزور الذي عُقد في العام 2005 وعُرف باسم “ربيع دير الزور”، وحُكم عليه بالسجن لخمسة أعوام بتهمة التعاطف مع الانفصاليين الأكراد ومحاولة تقسيم البلاد، شهد خلالها الاستعصاء الذي حصل في سجن صيدنايا والمجزرة التي تلته، ليفرج عنه في حزيران من العام 2010.

مع اندلاع الثورة السورية، انخرط رياض درار في فعالياتها السياسية، وكان أحد المؤسسين لكتلة “هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي” في تشرين الأول من العام 2011، واستقال منها في آب من العام 2014، وفي شباط من العام 2017، انتخب رئيساً مشتركاً لـ “مجلس سوريا الديمقراطية”، خلفاً للمعارض هيثم منّاع، وما زال في منصبه حتى الآن.

حين طلبنا من الأستاذ رياض درار إجراء هذا الحوار، أجاب “سأتحدث هكذا على السجية، دون مرجعية إلا خلفيتي السياسية والأخلاقية، وأعتبر أن المصداقية التي سأتحدث فيها هي وسيلتي لإيصال المعنى”، ونحن سنرفق إجاباته على أسئلتنا كما وردت منه.

عندما يذكر اسم الشيخ رياض درار أمام كثير من السوريين يتبادر إلى الذهن “مجلس سوريا الديمقراطية” والارتباط (البعض يقول هيمنة) مع حزب “الاتحاد الديمقراطي”، ومحاولة استبدال نظام شمولي بآخر عبر سلطة الأمر الواقع. كيف تفند هذا الاتهام؟

حزب “الاتحاد الديمقراطي” أحد الأحزاب المنضوية ضمن “مجلس سوريا الديمقراطية”، وله إمكانية الحديث عن التأسيس، لأنه الحزب الأكبر والأقوى، وتعرفت على ممثلي هذا الحزب في “هيئة التنسيق الوطنية”، عندما كنا في المكتب التنفيذي أنا والأستاذ صالح مسلم وآخرون.

التجربة علمتني أن أُنصف الناس وألا أتوقف عند التهم الملقاة، خاصة في أثناء الخصومات. تجربتي مع “الاتحاد الديمقراطي” بدأت منذ العام 2011 عندما كنت أؤسس فرع الهيئة في الحسكة، وكان التجاوب كبيراً، وكان الحزب يقوم بمهام حماية المنطقة والدفاع عنها، وبالتالي أنا أقوم بالتقييم من خلال هذه التجربة.

ولاحقاً أيضاً، كنت موجوداً في التواصل بعد خروجي من “هيئة التنسيق” وتشكيل “مجلس سوريا الديمقراطية”، الذي لم أنضو فيه مباشرة رغم أني أرسلت رسالة تهنئة، والأسباب لا أريد ذكرها، لأني كنت في المؤتمر الثاني البديل لمن وقف في وجه حضوري في المؤتمر الأول.

هذه التجربة هي تجربة مهمة جداً، ونأخذ اسم “الاتحاد الديمقراطي” كتعبير عن الهدف المنشود من هذا الحزب، لأنه يتحدث كحزب وتوجه سوري، رغم غالبيته الكردية، بدليل انسجامه مع مسار “هيئة التنسيق”، التي هي بغالبيتها من الأحزاب القومية العربية والماركسية والشيوعية.

الاهتمام في الداخل السوري يجعلنا نفكر أن حزب “الاتحاد الديمقراطي” وكل مسار خرج عنه هو مسار يعمل من أجل سوريا موحدة، لكن من خلال حواراتي وأحاديثي، كان هناك تفكير كيف يمكن التعامل مع الخصوصية الكردية في سوريا؟ وكان السؤال الدائم للمعارضة قولوا لنا ماذا يمكن أن تعطونا خلافاً للنظام الذي منعنا من المشاركة والحضور وقيّد حياتنا في السياسة والمجتمع؟

المعارضة لم تجب على هذا السؤال، مما دعا مسار الحزب للتوجه باتجاه إعداد قوة للمقاومة باسم “وحدات حماية الشعب”، و”ووحدات حماية المرأة”، والذي جعلها تستمر هو ظروف سوريا التي عانت من الفوضى، فكان هذا الحزب، المنظم عقائدياً وعقلياً، بمقدوره الاستمرار بالمسير في هدفه والدفاع عن المنطقة وتحريرها من “تنظيم الدولة”، وصولاً إلى التحالف مع قوات “التحالف الدولي”، وإنشاء قوة عسكرية سورية باسم “قوات سوريا الديمقراطية”، التي نشأت قبل تأسيس “مجلس سوريا الديمقراطية”.

ولذلك الهدف أصبح واضحاً بأن الحزب يعمل من أجل سوريا موحدة، وأنا كعربي، عملت في أحزاب قومية عربية وكنت جزءاً من مسار الطليعة العربية وفكري من مؤسسي الفكر القومي العربي، أعتقد أن الحق الكردي في الوجود وفي المشاركة وفي التعبير هو كحقي كعربي، وإذا لم أفكر كذلك أكون قد خنت قضيتي أولاً.

كيف تصفون علاقاتكم مع مختلف التشكيلات السياسية للمعارضة السورية، داخل سوريا وخارجها، وهل هناك محاولات لرأب الصدع في هذه العلاقة؟

“مجلس سوريا الديمقراطية” تشكيل منفتح على كل القوى السياسية الديمقراطية، وحاولنا عبر مؤتمرات الحوار السوري – السوري، التي أقيمت في الأعوام 2017 و2018، وبعد ذلك في الورشات التي أقيمت في أوروبا وهي 6 ورشات في عواصم أوروبية، الانفتاح على القوى السياسية والشخصيات الديمقراطية.

محاولات رأب الصدع مستمرة، بدليل دعوتنا، مع آخرين، لعقد مؤتمر القوى الديمقراطية والمشاركة فيه بفاعلية، ومن أجل توحيده وتوحيد الديمقراطيين في منصة ديمقراطية سورية، تستطيع أن تقيم التوازن مع القوى التي أصبحت مسيطرة، سواء باسم القومية العربية أو الدينية الإسلامية.

ووجود قوة ديمقراطية وازنة يمكنه تعديل الميزان في الاستحقاقات المستقبلية أو التي نواجهها أو التي نصنعها، نحن مع التوجه الديمقراطي، ونبني هذا التوجه على أساس التدرّج، لأن ليس كل من طرح الديمقراطية هدفاً أو تحدث بها، هو ديمقراطي بالمعنى الكامل، فالديمقراطية مراحل، ويمكن أن نصل إليها بالتدرّج، وهذا هو تقييمنا للعمل السياسي والعلاقات السياسية.

بعد عشر سنوات وجمود متواصل.. كيف ترون مسارات الحل السياسي، وأي منها يلبّي تطلعات الشعب السوري؟

الشعب السوري قام بثورة حقيقية تستحق، ضمن الأهداف المعلنة لها، أن تُسجّل ضمن الثورات المميزة، ولكنها انحرفت عن مسارها بسبب ضعف إدارتها، المنوط بالمعارضة التي حملت هم هذه الإدارة.

فشلت المعارضة ولم تصل إلى مبتغاها، والثورة ستستمر، صحيح أنها لم تنجز أهدافها في الحركة الأولى، وربما تعيش الآن استعصاء، لكن هذا يستوجب لاحقاً قراءة جديدة لمسار ثورة جديدة على النظام والمعارضة نفسيهما، لتشكيل مسار يمكن أن ينجز الأهداف، وبالتالي، فإن تطلعات الشعب السوري تمر بصعوبات، لكن يمكن أن تأتي لاحقاً.

فعلى سبيل المثال، التغيرات استمرت في الثورة الفرنسية، حتى إنه عاد نظام الحكم الملكي أكثر من مرة، ومع ذلك الهم الذي حمله الشعب في ثورته الأولى بقي مستمراً حتى حقق إنجازه أخيراً، وهذا ما نتطلع إليه، والشعب السوري الآن يبني نفسه ويتعلم.

الحل السياسي قد لا يكون منجزاً كما تهوى الثورة التي قامت، لكن ربما يكون هناك تفاهمات تُوصل إلى حلول جزئية، والأهم في هذه التفاهمات هو وقف النظام القائم عن مساره، ورسم مسار لنظام جديد، قد يكون خليطاً، لكنه سوف يعطي تغييراً لاحقاً في الأهداف وفي المسار ثم في الإنجاز.

 ماذا عن هيئة المفاوضات واللجنة الدستورية؟

تشكيل هيئة المفاوضات واللجنة الدستورية تراجع عن تنفيذ أهداف مقررات “جنيف 1″، التي كانت كافية ووافية لتغير حقيقي في المسار السياسي والحل الديمقراطي والوطني، والتراجع كان نتيجة ضعف أداء المعارضة وتدخل القوى الدولية والإقليمية، التي كانت تبحث عن حصص لها.

أعتقد أن المسار الآن يدار خارج حضور السوريين، لأنهم بقوا في الواجهة فقط لتمرير الوقت وتحقيق مزيد من المكاسب والحصص لهذه القوى الدولية والإقليمية، التي استطاعت أن تحقق مكاسبها، والآن تحاول تثبيتها بمرور الوقت على حساب مسار يتقدمه ممثلو المعارضة باسم “هيئة التفاوض” أو باسم “اللجنة الدستورية”، التي باعتقادي لم تحقق شيئاً، لأن الحضور الروسي والإيراني يزيد من عنجهية نظام الأسد، والتردد الأميركي والتركي يجعل المعارضة غير مستقرة وغير قادرة على الإنجاز، ومن هنا فإن القرار هو خارج يد السوريين الآن، ويحتاج إلى اتفاق بين القوى المتدخلة.

لا أحد يستطيع الإنكار بأن القوى الإقليمية والدولية هي من تمسك بالملف السوري، وتسير الأطراف السورية وفق مصالحها والتوازنات فيما بينها. كيف ترون الوضع في سوريا وفق تفاهمات هذه القوى ومقترحاتها للمسارات السياسية؟

تدخل القوى الإقليمية والدولية والبحث عن مصالحها في الصراع السوري أنجز مساره إلى حد بعيد، وبقيت بعض التفاهمات للوصول إلى هذا الإنجاز متمثلة في دور تريده روسيا بالاتفاق مع تركيا وإيران، وهو إخراج أميركا من سوريا، ما يجعل سوريا ملعباً لروسيا يمكّنها من اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية كهدايا لصالح تركيا أو إيران، وهذا جزء من التنافس الروسي الأميركي.

باعتقادي الآن، أن السوريين لا يستطيعون فعل شيء إلا في حالة واحدة، وهي أن يدوسوا على جراحاتهم وصراعاتهم الماضية، ويمدوا يد بناء الثقة لمسار جديد، وهذا يتطلب التنازل عن المصالح الشخصية والأهداف الجزئية والارتهان للقوى الخارجية، عندها فقط يمكن للسوريين أن يشكّلوا رافعة لعملهم تجعل المسار الدولي والإقليمي يرتبط بأهدافهم الجديدة.

كسوريين، نحتاج إلى دافع حقيقي يجمعنا، فنحن ما زلنا نتوجه وفق مصالحنا، ومع نهاية هذه المصالح، نستطيع تشكيل قوة موحدة، وبناء إدارة خاصة بنا، عندها ستسير وراءنا الدول من كل الاتجاهات.

كيف ترون دعوة “هيئة التنسيق” لعقد مؤتمرها وتشكيل “الجبهة الوطنية الديمقراطية”، وهل وجهت لكم دعوة للمشاركة؟

كنا مع “هيئة التنسيق الوطنية” في تواصل وحوار مستمر خلال الشهور الماضية، وصلنا فيها إلى تفاهمات أساسية، وبقيت بعض التفاهمات خارج إطار العمل السياسي وتدخل في عمل “الإدارة الذاتية”، وتركنا الأمر موصولاً بها في حال اتفقنا على تفاهمات سياسية وأخرجنا ورقة للتفاهم السياسي، لذلك نحن في الانتظار.

أما فيما يخص مؤتمر “الجبهة الوطنية الديمقراطية – جود”، نحن لسنا مشاركين فيه ولا مدعوين لسببين، الأول أن هذا المؤتمر وأوراقه ومساره الذي طرحته “هيئة التنسيق” كان مطروحاً منذ فترة طويلة، ودخلت فيه أطراف وخرجت منه أخرى، والأطراف الموجودة حالياً هي فقط المدعوة لحضوره.

السبب الثاني، أنه نحن لدينا منذ سنتين طرح بنفس الاتجاه، الدعوة لمؤتمر القوى الديمقراطية، وهو ثلاثة لقاءات فيزيائية في سوريا باسم “الحوار السوري – السوري”، وست ورشات في أوروبا، واللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر ما زالت مستمرة.

وأعتقد أن “هيئة التنسيق” بعد أن تنجز مؤتمرها، تستطيع التفاهم مع اللجنة التحضيرية لمؤتمر القوى الديمقراطية والتوصل لتفاهمات بخصوصه.

صرحتم منذ وقت قريب بأن اقتراح “المجلس العسكري” قد يكون مدخلاً لحل شامل للأزمة الحالية، ما هي رؤيتكم لهذا المجلس، وكيف يمكن أن تشارك “قوات سوريا الديمقراطية” فيه باعتبارها الجناح العسكري للمجلس؟

باعتقادي أن المجلس العسكري فيما لو تم الاتفاق حول إنجازه وتشكيله يمكن أن يكون عاملاً محرضاً لتحقيق التفاهمات الدولية وإنجاز هيئة حكم انتقالي، لأن المجلس العسكري إذا بدأ عمله سيكون هناك فصل مباشر لدور رئاسة الدولة وتعليقها، وسيكون هذا المجلس بمثابة انقلاب، لكنه مقبول دولياً لإنجاز مهمة عملية في مسار الحل السياسي، بدلاً من التعقيد الذي يؤكد على بقاء النظام بشكله الحالي وترقيعه للحل وتمريره للوقت بلا مبرر، ويمكن للمجلس العسكري أن يحقق إنجازاً بإعادة دور القوات المسلحة والأمن لتصبح هناك بيئة آمنة يمكن أن يتم فيها الإنجاز السياسي.

ودور “قوات سوريا الديمقراطية” هو نفس الهدف الذي طرحته منذ البداية، أنها ستكون جزءاً من الجيش السوري بعد التسوية، ما يعني أن مشاركة ممثلين عن “قوات سوريا الديمقراطية” في هذا المجلس هو مشاركة في رسم الجسم العسكري وكيفية الحضور فيه، وهو توجه آخر لتكون كل فعاليات الأجسام السورية مشاركة في الحل السياسي.

ما هي حدود علاقتكم في “مجلس سوريا الديمقراطية” بالمفاوضات الكردية – الكردية، ومن يعرقل التوصل إلى حل يجمع الأحزاب الكردية؟

أحزاب الوحدة الوطنية الكردية في غالبيتها أعضاء في “مجلس سوريا الديمقراطية”، وهي التي تتفاوض مع “المجلس الوطني الكردي”، و”مجلس سوريا الديمقراطية” مؤمن تماماً بهذه التفاهمات كوسيلة لتوحيد الصف الكردي الذي يمكن أن يوحد وراءه قوى المعارضة السورية، لأن هذين الجسمين موجودان في مكانين مختلفين الآن، فالمجلس الوطني الكردي موجود في قائمة الائتلاف، والتفاهمات معه يمكن أن تقود إلى تفاهمات مع “الائتلاف الوطني” وممثليه في توحيد صف المعارضة.

نحن في “مجلس سوريا الديمقراطية” ندعم هذه المفاوضات وندفع إليها، وطالبنا بها في مؤتمرات عدة قبل حتى قبل أن تبدأ، لكن يبدو أن هناك موانع تعرقل الاستمرار، وننتظر أن نعي جميعاً هذا الهدف وأن نتنازل عن بعض شروطنا من أجل مصالح الجميع.

 يعتبر الشيخ رياض درار من وجوه ربيع دمشق، ويُعرف عنه الانفتاح على الآخر مهما كان مختلفاً ضمن إطار الديمقراطية، برأيك، كيف يمكن مقاربة وجهات النظر بين التيارات الكردية والمعارضة السورية؟

يمكننا الحديث عن توافقات القوى الديمقراطية فيما بينها باستمرار، لأنها هي الأقرب لقبول الآخر وللتسويات وللبناء على تحقيق مصالح الجميع، ومسار العمل الديمقراطي هو الذي ينجز الأهداف التي لا تتوقف عند حدود الانتماءات الإيديولوجية التي أدت على صراع في لحظة ما.

وباعتبار ذلك، يمكن الحديث عن أن التيارات الكردية الموجودة إذا اتفقت ستكون رافعة لما هي رافد للمعارضة السورية، فالمعارضة تحتاج إلى القوة الكردية وتحتاج إلى أدائها المنظم، وتحتاج إلى عمقها في التجربة.

وأضرب مثلاً في ذلك عندما عقدنا مؤتمر محيميدة في أيار 2005 (الذي يعُرف بإعلان دير الزور)، دعونا أحزاباً كردية لهدفين، لأنها أحزاب سورية أولاً ولأن لها قدرة منظمة نستطيع أن نستفيد منها، بسبب التشتت الفكري والسياسي لدى القوى السورية الأخرى.

نحنا عشنا مواتاً سياسياً، وكنا نحتاج لهذه التجربة، وأعتقد الآن بعد فشل تجربة المعارضة نحتاج إلى هذا الدور الإيجابي للقوى الكردية الموجودة، لأن الجميع سيعمل في صورة سوريتهم المشتركة، فالهويات في المرحلة القادمة هي مواقف ثقافية والصراع السياسي هو صراع قوى تعمل من أجل إنجاز الحل السياسي في سوريا والبناء المشترك للجميع على أساس سوريتهم.

أجريت عدة جولات للحوار بينكم وبين النظام، وتحدثت تقارير عن توافق على بعض الملفات وخلاف على كثير غيرها، أين وصل هذا الحوار، وماذا تريدون منه بالضبط؟

أجرينا بالفعل عدة لقاءات مع النظام بهدف بناء الثقة، لأن الإنجاز لا يكون من دون بناء الثقة، والتوافق يكون على الأهداف، لكن لم نصل إلى ذلك، لأن النظام يريد أن يعود كما كان متغوّلاً في الدولة والمجتمع، ويريد أن يعطي مكاسب صغيرة للكردي ككرد دون أن يحقق إنجازاً حقيقياً لأهداف الوطن وأهدف السوريين في هذا الوطن، لذلك رفض المفاوضون أن يكون هناك ثمن لأهدافهم الوطنية.

كان هناك إمكانية لتشكيل لجان في عدة مسائل في مجال الخدمات، يمكن أن تنجز شيئاً من بناء الثقة، وتتعلق بالسجل المدني لحاجات الناس إليه، وفي مواضيع الصحة والتربية والتعليم، وأيضاً في قضيتي الكهرباء والماء من خلال تحقيق إنجاز في سد الفرات يمكن أن يصلح ما تخرب بسبب “تنظيم الدولة”.

النظام لا يريد التوصل إلى إنجاز لأنه يبحث عن سلطة وعلم وصورة وخضوع الآخرين لما يمليه، ولذلك كل دعواتنا لمسائل بناء الثقة لم تعطِ نتيجة، وهذا يستوجب منا دائماً أن نطالب وألا نتوقف، لأنه بالنتيجة لا بد للأحداث وللأيام وللصعوبات التي يعاني منها النظام أن تكسر هذا الحاجز الذي يقف وراءه متعنتاً ومحاولاً أن يكسب الوقت.

دعوتم لضم أحزاب وتشكيلات سياسية جديدة إلى “مجلس سوريا الديمقراطية”، أين وصلتم في ذلك، وما الهدف من هذه التوسعة؟

إن تواصلنا مع القوى والأحزاب السورية من أجل انضمامها إلى “مجلس سوريا الديمقراطية” هو بهدف المشاركة الحقيقية لجميع مكونات المجتمع، لأن توجهنا هو دائماً إلى الأحزاب والقوى الديمقراطية والعربية الموجودة في الضفة الأخرى، وبمشاركتها يمكن أن نتجاوز التهمة التي تتكرر بأن هناك أهدافا تتعلق بالاستقلال والانفصال للقوى كردية من وراء هذا المشروع.

إن المشاركة تعني أننا جميعاً كسوريين لنا توجه مشترك وواحد وهو تحقيق أهداف الثورة السورية، وأن تبقى سوريا موحدة، وأن يكون هناك بناء جديد لشكل النظام الذي نريده نظاماً لا مركزياً، ونموذجاً ديمقراطياً حقيقياً عبر التحولات المرحلية نحو الديمقراطية.

ولذلك توجهنا أيضاً هو قائم باتجاه القوى الديمقراطية، وفي الفترة الأخيرة كان هناك أكثر من إنجاز لدينا بانضمام عدد لا بأس به من الأحزاب والقوى، من بينها “الجمعية الوطنية”، التي كانت امتداداً لـ “مجموعة عمل قرطبة”، وشكّلت رافداً قوياً وإيجابياً لوجود عدد لا بأس به من النخب الثقافية فيها، ولامتدادها في داخل الوطن حيث لها وجود في دمشق ومحيطها وفي حمص وحلب.

هذه القوى أيضاً هي مجموعة من الأحزاب والمكونات، ولديها نشاط عبر مؤتمرات عديدة أنجزت فيها الكثير من المهام، فالمشاركة معها هو إنجاز جديد لـ “مجلس سوريا الديمقراطية” سيتبعه المزيد من الحوارات مع قوى أخرى.

تتهمكم العشائر في الجزيرة السورية بإشعال الفتنة فيما بينها، وتهميش بعض العشائر على حساب أخرى، وفرض أيديولوجيا على أبناء المنطقة، كيف ترون هذه الاتهامات؟

لم تستطع أي قوة أن تجمع العشائر كما فعلنا، ومؤتمر العشائر الذي جرى في أيار من العام 2019 في عين عيسى تجاوز حضوره ستة آلاف مشارك، والحقيقة لم يكن هناك مطلب للعشائر إلا وتحقق، وما زالت الأمور تسير بنفس السيرورة، ولا يوجد أي فكر يمكن أن يفرض على هذه العشائر لأننا نعلم معنى الأعراف والتقاليد ولا توجد أيديولوجيا محددة تُفرض عليها، لأن الأيديولوجيا تعمل من أجل بناء القوى السياسية والأحزاب، بينما العشائر لها دور آخر وحضور آخر وهو حضور اجتماعي مهم لا يمكن تجاوزه.

والفتنة التي تحصل هي بسبب الخروقات التي تأتي من جهة النظام، ونحن اكتشفنا مجموعة من الخلايا التي ساهمت في اغتيال عناصر من العشائر بهدف إثارة الفتنة.

كما أن هناك مشروعا عشائريا آخر يلعب دوراً مخرباً، توجد أساساته الآن في مجلس العشائر المدعوم من المعارضة ويريد تخريب التفاهمات الموجودة في المنطقة، ولا مبرر لذلك لأن هذا التخريب سينقلب وسينعكس على أبناء العمومة والخؤولة، ويسيئون إلى الدم الواحد المشترك بلا معنى أو طعم.

أهداف توحيد العمل السياسي والعشائري هو أن نبني مجتمعاً مشتركاً في قواعد المصالح المشتركة، ومن دون إثارة النعرات على أساس الولاءات الموجودة عند البعض.

تؤكد “الإدارة الذاتية” أنها تقوم باستثمار النفط في منطقة الجزيرة لصالح أبناء المنطقة وإقامة مشاريع تخدمهم، لكن هناك من يقول إن ملف النفط هو بيد واشنطن وفق تفاهمات وقعتها شركات نفط أميركية معكم، أين ملف النفط الآن، ومن يتحكم به، وفيمَ تستخدم موارده، وما هي حدود صلاحية الشركات الأميركية فيه؟

النفط ثروة وطنية يجب أن يعم نفعها على الجميع، لكن علينا أن نعلم أن آبار النفط حالياً بسبب سوء الاستخدام ليست بالإنجاز والإنتاج الكبير، ولذلك فإن مردودها لا يمكن أن يكون بالمعنى المتصور بأن هناك فائضاً بسبب استثمار هذا النفط.

في الحقيقة هناك إمكانية بسيطة تخدم المجتمع المحلي، وبعض الإنجاز باتجاه السوريين في مناطق أخرى، وهو خدمة مشتركة للجميع.

نحن لا نرد على التطاولات التي تتحدث عن نهب النفط، لأن الحقيقة غير ذلك، أما كيف يستثمر، وهل الوجود الأميركي مؤثر في ذلك، في الحقيقة لا يؤثر الوجود الأميركي على هذا الاستخدام على الإطلاق، ولا توجد شركات الآن تدير هذا الاستخدام لأن الاتفاقات لم تُعط إنجازها بعد.

نتمنى أن يكون هناك إمكانية لإعداد آبار نفط بشكل جيد واستخراجه بما ينفع، لأن عدد الموظفين الذين يستفيدون من استثمار هذا النفط يزيد على 350 ألف، وأعتقد في حال إنجازه سيزيد عدد المنتفعين أكثر وأكثر، مما يعني استقرار المنطقة وحسن الاستثمار باتجاه المحيط الذي يقدم نفعاً لبقية السوريين في المناطق الأخرى.

صدرت تصريحات عن عدة شخصيات كردية، وُصف بعضها بـ “الخجولة” و”المواربة”، حول إمكانية فتح الحوار مع تركيا حول قضايا المنطقة. هل أنتم جادون فعلاً في الحوار مع تركيا، وما المعايير اللازمة لتحقيق ذلك؟

أولاً تركيا هي جارة لسوريا، وتمتلك أطول حدود مع سوريا، وهذه الحدود غالبية سكانها من الكرد.

إن المسألة الكردية في تركيا ليس بالضرورة أن تكون ذات المسألة التي تتعلق بالكرد السوريين، وأهداف الكرد السوريين غير الأهداف التي ينشدها الكرد في تركيا، والصراع القائم في تركيا بين “حزب العمال الكردستاني” والحكومة التركية هو صراع من التاريخ، واستمراره الآن بسبب عدم السعي لحل سياسي.

وتركيا عندما تريد أن تتوجه بالتهم لمناطق الشمال السوري، ووصف القائمين على مسار الكرد بالإرهاب هي تريد أن تبرر لقواتها المقاتلة البعد الأخلاقي للقتال، باتهامهم بأنهم يتبعون لـ “حزب العمال الكردستاني”، وهذه حقيقة غير موجودة، وتهمة لا تحقق أهداف الأتراك في هذه المنطقة بقدر ما تسيء للعلاقات على الحدود، وهناك سعي واضح جداً لاقتطاع جزء من الأرض السورية لصالح سياسات القيادة الحاكمة، وأيضاً لغاية إنجاز الحضور على طاولة المفاوضات المستقبلية.

نحن نؤكد أننا لا نريد أي إساءة لتركيا، ولا الاعتداء على الحدود، ولا على الأمن القومي التركي، ونحترم حقوق تركيا في حماية الأمن القومي لها، ولكننا أيضاً نبحث عن الأمن القومي السوري.

إن أبناء المنطقة يريدون أماناً واستقراراً، لا تهديدات عبر تخويف غير موجود، والمسار الذي ترسمه القوى الكردية مع القوى العربية والسريانية الآشورية والتركمان وغيرها في المنطقة هو من أجل رسم صورة لسوريا الجديدة يشارك فيها الكرد السوريون، وبما يعنيه مفهوم المشاركة، وليس التهم المتجاوزة التي تتحدث عن تقسيم وانفصال وما إلى ذلك.

نرى أن تركيا في حال تفهمها للدور المناط سواء كان لـ “مجلس سوريا الديمقراطية” أو الكرد السوريين في مسارهم الحالي، يمكنها أن تلعب دوراً تأسيسياً في إقامة السلام، وتستطيع أن تتبنى تواصلاً بين قوى المعارضة و”مجلس سوريا الديمقراطية”، وتستطيع أن تبني تفاهمات من أجل إعادة المهجرين إلى مناطق مما يؤدي إلى الاستقرار.

نعتقد أن تركيا يمكن أن تقوم بذلك، ونحن نعمل أيضاً على ذلك بتصريحاتنا وننتظر التجاوب من الطرف التركي.

تطالبون بشكل مستمر بترجمة الشراكة العسكرية مع الولايات المتحدة الأميركية إلى اعتراف سياسي بكم، وأطلقت عدة شخصيات من المجلس مطالبات لإدارة بايدن باعتماد ممثل سياسي للمجلس في واشنطن، ما رؤية الإدارة الأميركية لهذا المطلب؟ وأنتم ماذا تريدون منه؟

يوجد مكتب لـ “مجلس سوريا الديمقراطية” في واشنطن، ينسق العلاقات ويتواصل مع الشخصيات السياسية هناك، والحقيقة نحن نأمل من الولايات المتحدة المزيد من الاعتراف لتحقيق وجود وحضور فاعل في النشاطات السياسية وفي كافة أعمال الحل السياسي.

الوعود كانت مستمرة في تحقيق ذلك بعد إنجاز التحرير من “تنظيم الدولة”، وننتظر من إدارة جو بايدن أن يكون هناك مزيد من التمثيل والمشاركة.

نحن نأمل أن تحقق الولايات المتحدة حضورها في سوريا من أجل الحل السياسي، نعلم أن سياسات الدولة غير سياسات الأحزاب والأفكار والتجمعات، لكن نحن مشروع سوري ينشد الحضور في الفعاليات السياسية وينشد دعم موقفه من أجل شكل سوريا الجديد الذي ننشده.

كسياسي ولك خلفية دينية وتوصف بالعلماني والديمقراطي، كيف ترى موقع حركات الإسلام السياسي في مستقبل سوريا؟

إن وجود الحركات الأحادية سواء كانت دينية أو قومية هو ضرر كبير في بناء الدول، لأنها بالنتيجة هي أسباب لنشوء صراعات لا تتوقف، ولذلك الحل الديمقراطي هو الذي يمكن أن ينجح في الدول المتحضرة وفي المشاريع المتحضرة أيضاً، وحضور القوى الديمقراطية يجب أن يكون علمانياً، لأن العلمانية تعني الفصل بين الدين والأيديولوجيات وبين الدولة.

فالدولة مسار خدمي لا يمكن أن يتدخل في الأديان، ولا يمكن أن يرسم السياسات على أساس مرجعياتها بقدر ما أن الأديان يجب أن تمثّل الحضور الأخلاقي والضميري للأفراد، وبالتالي فإن وظيفة الأديان يجب أن تكون في المجتمع وليس في السياسة، وحركات الإسلام السياسي لم تتوقف، وخرجت في فترة كان شعارها أن تعيد الخلافة وتعيد دولة الإسلام وهيبتها، علماً أنه لم تكن هناك دولة للإسلام بالمعنى الحقيقي، بل كانت هناك دول بمرجعيات عائلية أو مرجعيات قبائلية، مثل الدولة الأموية والدولة العباسية ودولة المماليك ودولة العثمانيين، وكلها لم تكن دولاً إسلامية بالمعنى الصحيح.

الإسلام في مضمونه ليس دعوة من أجل إقامة الدولة، بل هو دعوة من أجل فضائل الدعوة نفسها حتى تمتد للشعور الأخلاقي والبناء الذي يقوم على الحريات وعلى القيم في المجتمعات، ومن هنا، أعتقد أن أي مشاركة في بناء الدولة للإسلام السياسي هو مشروع تنافس يقوم على الصراع وإلغاء الآخر، فالتعددية هي القوة الصحيحة للدولة والاحترام الثقافي للجميع وأيضاً قبول الجميع بكل مرجعياتهم في الحضور المجتمعي في الدولة الواحدة.

هل ترى انفراجاً من أي نوع في قضية المعتقلين والمغيبين قسرياً؟

المغيبون والمعتقلون ألمنا الدائم والمستمر، إن حل مشكلة المغيبين والمعتقلين يمكن أن تكون بمزيد من الضغط الدولي لأن الجميع ساهم في الاعتقال وفي تغييب الأفراد والعناصر.

فالضغط الدولي هو الذي يؤسس لمشروع الإفراج عن الجميع لدى الجميع، وهذا الأمر يجب أن يكون مخرجاً أخلاقياً للتفاهمات السياسية والحل السياسي المنشود.

هل من الممكن أن يؤدي تدهور الوضع الاقتصادي داخل سوريا إلى أي حراك مستقبلي؟

استمرار الحصار بالتأكيد يمكن أن يؤدي إلى انفجار، فالضغط المستمر الذي يعاني منه السوريون في الداخل، مثل الجوع وانعدام الأمان والخوف المستمر، لابد له أن يؤدي إلى نتيجة، وبسبب القوة القهرية الموجودة لدى النظام أعتقد أن الأمر سيكون صعباً لكنه بين حالتين إما الموت وإما الموت، فلا بد للناس أن تنتفض وهذه هي طبيعة الأمور.

كيف ترى الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، ومحاولات تعويم نظام الأسد؟

بغياب الحل السياسي وغياب أي فعاليات يستطيع النظام أن يجدد الانتخابات، ولكنها ستكون مهزلة جديدة كما هي الانتخابات في كل مجريات الحدث السوري، الرئاسية والبرلمانية وحتى الإدارات المحلية.

الآن لا توجد صورة حقيقية عما تسمى انتخابات، هي إما استفتاء قهري وقسري، وإما تعيينات باسم الانتخابات، وبالنتيجة هذا الأمر لا يمكن أن يعتمد ولا يمكن أن يكون شرعياً، خاصة أن السوريين اليوم في كل أصقاع الأرض، ويزيد عدد النازحين والمهجرين عن نصف سكان سوريا وربما أكثر من ذلك.

تلفزيون سوريا

—————————

========================

تحديث 01 نيسان 2021

————————

قوى “جود” من الموجود/ عمار ديوب

اذهبوا إلى شعبة الأحزاب في وزارة الداخلية، وسيسمح لكم بعقد المؤتمر. عدّة اتصالات من قياداتٍ أمنيّة كانت كافية لإيقاف القائمين على المؤتمر عقد مؤتمرهم. رغم ذلك، تجمع بعض الأفراد في دار السيد حسن عبد العظيم، ولكن الشرطة أخرجتهم منها، وكفى المؤمنين شر القتال. قيادة هيئة التنسيق معروفة جيدة لأجهزة السلطة، والأخيرة لا تخشاها بحالٍ من الأحوال، ولكنها لا تريد تشريع نشاطاتها أيضاً.

انشغلت أوساط المعارضة في الأيام الأخيرة بقصة مؤتمر “جود”، وهناك من رأى جرأة بعقدهم المؤتمر وهم في فم النظام، بينما رأى آخرون أنّ روسيا ستشمل بعطفها المؤتمر العتيد، وهناك من لم “يشيل” الزير من أرضه؛ ربما الرأي الأخير الأدق. قضية المؤتمر تتعلق بتكتيك تنتهجه قوى “نص الشرعية” وتريد عبره شرعنة عملها، وفي حالة سوريا، تتوهم أنّها ستفرض نفسها كأمر واقع، بحكم العلاقة الوطيدة مع روسيا، وهناك جملة الأزمات المستحكمة بالنظام، والواقعية تقتضي من الأخير أو يغير من مواقفه، وسيكون سماحه للمؤتمر فائدة له ولقوى المؤتمر ذاتها، ولكن هيهات هيهات، لمن لا يمتلك أية خيارات سوى خياره الأمني، وهو خيار قديم قدم الحركة التصحيحية، وبالتالي، مَنع النظام عقد المؤتمر.

تتبنى وثيقة “جود” موقفاً صلباً إزاء النظام؛ تغييره. الموقف، وأغلب قوى المعارضة تقول به، ولكن وبعد كل ما جرى بسوريا، ونظراً لمعرفة النظام بمرونة حسن عبد العظيم وقيادة الهيئة، فقد رأى أنّ بإمكانهم أن يقولوا ما يشاؤون، فهم لا يشكلون خطراً عليه، ولكن لا يُسمح لهم بالمؤتمرات العلنية. وبالتالي لا قيمة حقيقية لوثيقتهم، والتي تتضمن إصراراً على القرارات الدولية، وهي بالحقيقة أصبحت نافلة القيمة، ما لم تتبناها الدول العظمى والإقليمية وتقيم تسوية وفقها.

الفكرة الأخيرة، هي المجمَع عليها في أوساط المعارضة والتحليل السياسي العالمي للوضع السوري. أي لم تعد القضية السورية سوريّة، وصار حلّها، يتعلق بتوافقات عالمية وإقليمية. وبالتالي ليس من حلٍّ بإرادةٍ وطنية، التي هي غير متوفرة بالأصل، وهذه مأساة إضافية. نعم، السوريون خارج المعادلة ما داموا يتابعون مسيرتهم “العظيمة” كما هي. ليس في سوريا قوى وطنية؛ نظامية ومعارضة، وبالتالي الحلّ من الخارج. مشكلتنا أنّ الخارج لم يصل إلى تسوية للوضع. وبالتالي سيظلّ الوضع مفتوحاً على مزيد من التفتت والتبعية للخارج، وفقاً لمناطق النفوذ التي رسمتها أمريكا وروسيا وإيران وإسرائيل بشكل خاص.

تزامن المؤتمر المقموع، مع أزمة اجتماعية عنيفة، وهي تتضاعف يومياً. صَوّرت الهيئة عبر وثيقتها وبيان التنديد بقمعها أنّها تمثل هموم الشارع السوري. هذا طبعاً غير سليمٍ، فهي قوى معزولة عن المجتمع، وهذا حال كل المعارضة، وأزعم أنّ النظام كذلك لولا سطوته الأمنية، وحاجة الناس إلى إدارته لشؤونهم العامة. قوى “جود” أرادت أن تثقل من وزنها، سيما أنّ الفشل يشملها ويشمل المعارضة، بعقد مؤتمر في الداخل، وخلط الأوراق، ولكن عزلتها وضعف الثقل الشعبي الذي تمثله جعل فكرة المؤتمر ومنعه كغيمةٍ صيف، ولا شيء آخر.

النظام لم يستثمر في “جود” كما لم يعد يستثمر بالجبهة الوطنية التقدمية، وروسيا أهملته وأهملت قمعه، وشخصيات جود نفسها فضلت عدم عقد المؤتمر بشكل صدامي، وكأنّها كانت تريد أن تُرخِص له، ولكن طبيعة النظام الشمولية تمنعها، وكذلك عدم شراء خطوتها تلك من إحدى الدول الفاعلة، وبالتالي فضلت إثارة ضجة إعلامية، سرعان ما ستنتهي.

إنّ تحرّك قوى جود يأتي بسياق محاولات أخرى من أطراف عديدة من قوى المعارضة، وبهدف تشكيل بديل عن الائتلاف الوطني، وبالطبع عن هيئة التنسيق. أيضاً، طغى في الأشهر الأخيرة الحديث عن مجلسٍ عسكري انتقالي، يقود المرحلة الانتقالية، ويستلم البلاد من النظام القديم ويسلمها للنظام الجديد. قيادات جود تتحدّث عن أنّ مؤتمرها العتيد كان يعدُّ له منذ سنوات، وهذا لا يشكل حجّة يُستند إليها بعقد هذه الفترة، هي لحظة تشهد تحركات متعددة، وأزمة عميقة، وهناك قضية الانتخابات الرئاسية، التي لم يصدر بعد بياناً يؤجلها بسبب كورونا أو لسبب آخر.

طبعاً فشلت القوى الرافضة للائتلاف في تشكيل بديل له، وكذلك فشلت بقية القوى في تشكيل معارضة قوية؛ وقوى قسد وهيئة تحرير الشام والفصائل التابعة لتركيا هي قوى أمر واقع، وسيطالها الشطب حينما تنعقد التسوية الإقليمية والدولية، وهي لا تشكل مرتكزاً لمعارضةٍ جديدة وجادة، ومثال عما نتحدث، أنّ قسد لم تستطع إقامة تحالف مع قوى كردية أخرى رغم الضغط الأمريكي نحو ذلك.

لو نجحت قوى “جود” في عقد مؤتمرها وانتخاب قيادة لها، هل كان سيتغير المشهد السوري؟ لا طبعاً. للدقة نقول، إنّ قوى جود وقبلها هيئة التنسيق، عوّلت كثيراً على دورٍ روسي، يحتضنها، ويقويها وتقوى به، وربما تتوّهم باستلام قيادة البلاد عبر الروس. إذاً هيئة التنسيق وبقية قوى جود طامحون لشغلٍ سياسيٍّ مستقبلي، وربما هذا هو فحوى المؤتمر، ولو أنّه فشل. وبالطبع هم يتحسبون لقمعه، ولكنهم نجحوا بدون شك في وضع أنفسهم في مصنفٍ عند القادة الروس وللحظة تحلُّ فيها ساعة التسوية، وليس القيامة.

أهم ما قد يكون له مفاعيل في سوريا، هي الأزمة الاجتماعية، والتي أجبرت روسيا، وهذا تحليلي، على تشكيل منصّة الدوحة، وربما تجبرها، وقد أصبحت غير مستفيدة من وجودها في سوريا، وربما تبدأ عملية استنزافها واستنقاعها كذلك ورغم كل الاتفاقيات الاقتصادية لصالحها؛ فداعش يُجدد له، وأمريكا باقية وقد تتمدّد، والأتراك أيضاً طامحون إلى سلخ أراضٍ جديدة من سوريا. وبالتالي ليس من مصلحة روسيا تأجيل تسوية الوضع السوري، وكافة محاولاتها لتعويم النظام وإنعاشه فشلت؛ فأمريكا والاتحاد الأوربي يرفضان المسارات الروسية كافة.

قوى جود ربما درست جملة التفاعلات أعلاه، وتنتظر مبادرة روسية قوية، وحينها قد يكون للشخصيات الأساسية في هذه القوّة دور ما في التسوية المستقبلية. أخيراً لا قيمة لأيّة قوى سوريّة لا ترى أنّ سوريا لم يعد يحكمها النظام، بل يحكمها الاحتلال الروسي أولاً، والإيراني ثانياً، والأمريكي والإسرائيلي والتركي ثالثاً؛ هذا ما على قوى جود أن تفهمه وتعيه جيداً، وكذلك على بقية قوى المعارضة.

ليست روسيا راعياً نزيهاً يا هيئة التنسيق، ومن يجنّد نفسه عندها لن يكون إلّا تابعاً ذليلاً لها، يأتمر بأمرها، وهو حال الائتلاف مع تركيا وقسد مع الأمريكان وهيئة تحرير الشام مع داعميها، وهم كثر.

عمار ديوب

ليفانت – عمار ديوب

———————–

في مؤتمر “جود” ودلالاته/ محمود الوهب

أثار ضجيج مؤتمر “جود” (الجبهة الوطنية الديمقراطية) الذي كان سيُعقد يوم السبت الماضي الواقع في 27 آذار 2021 في العاصمة السورية دمشق الكثير من الدهشة والاستغراب والتساؤل في إطار طبيعة النظام وسقف شعارات المؤتمر.. وتضم “جود” نحو 18 تجمعاً وحزباً سياسياً وكيانات تحالفية عربية وكردية وتركمانية وانتماء لأديان وطوائف مختلفة، بقيادة “هيئة التنسيق الوطنية”، وذهبت التعليقات في اتجاهات شتى بين السماح والرفض أو سوء النوايا وحسنها، وبين الإشادة والتخوين، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان بدايات محاولات تكوين جسم واحد للمعارضة منذ أوائل العام 2011 والتباينات التي حصلت بين معارضة داخلية وخارجية! وفي وثيقة المؤتمر، كما أوضح السيد حسن عبد العظيم أن المؤتمر يرفض إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي الذي تحدده القرارات الأممية، وأن النظام عاجز عن تلبية مطالب واحتياجات الشعب السوري..

رهانات وتكهنات

ومن سوء النوايا أن هذا المؤتمر يمكن أن يفسح في المجال للنظام كي يستثمر فيه إذ رأى بعضهم أن السماح بعقد المؤتمر في دمشق سوف يؤكد ما يقوله النظام عن نفسه بأنه “علماني” و”ديمقراطي”، وبخاصة في هذه الظروف التي لا يزال النظام يعاني خلالها عزلة دولية! وأنَّ محاولات روسية حثيثة تجري لتبييض صفحته من فضائح جرائم (مصنفة ضد الإنسانية) كان قد أعانه عليها الروس والإيرانيون.. وأنه سوف يستغل ذلك سياسياً وإعلامياً، في الترويج للمؤامرة الكونية التي قال بها منذ البداية مبرراً مواجهة المتظاهرين بالرصاص الحي وسوف يعلن أنَّ في سورية معارضة فعلية، أما من قتَلهم وقاتلَهم فهم الإرهابيون والمتطرفون الإسلاميون الذين جاؤوا من أنحاء الدنيا لإسقاط نظام العلمانية والمقاومة..

حقيقة النظام وطبيعته

تأبى الحقيقة إلا أن تتجلى في أوضح صورها.. فقد كذَّب النظام تلك الرهانات والتكهنات، ولم يستطع الخروج من جلده الاستبدادي، فبدا على حقيقته، تماماً كما وصف عبد الرحمن الكواكبي “أشد مراتب الاستبداد التي يُتعوذ بها من الشيطان” إذ قال: “إنها حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية”، وإن كان في مثل حالنا السورية، (حائز على تجار دين ودنيا). فكيف لنظام يزعم بأنه انتصر على الإرهاب – والمعارضة، في توصيفه، -كلُّها إرهاب – أن يسمح بعقد مؤتمر لها، حتى وإن كانت معارضة ما يسمى “الداخل” وتنعت غالباً بـ “الوطنية”، فكيف يسمح بمؤتمر تأسيسي لها، في وقت يعاني فيه المواطن السوري مهانة الحصول على أبسط ضرورات عيشه، ما قد يسمح لذلك المؤتمر أن يكون نقطة جذب لآخرين في الداخل ممن يعبِّرون عن رأيهم بنوع من الاستحياء.. ألا يخشى النظام أن يساهم المؤتمر في جعل هؤلاء يرفعون الصوت – وقد بدأ بعضهم فعلاً بسبب شدة الضائقة – أو ربما أخذوا بتشكيل معارضة جديدة بين صفوف الموالاة أنفسهم هؤلاء الذين اكتشفوا، وإن متأخرين، حقيقة النظام لا لجهة الحال الاجتماعية البائسة التي يعيشونها فقط، ولا بسبب ما يقابلها من موجة جديدة من القطط السمان التي جعلت مخلوف وحمشو وشاليش وراء ظهرها بمسافات طويلة، وفي زمن يعدُّ قصيراً جداً.. بل لجهة فضح حقيقة شعار المقاومة الذي عاش عليه الأسد سنين طويلة.. ومن هذا وذاك أخذ الكثيرون يتساءلون، بما عرفوه عن النظام، كيف سيسمح فعلاً لهذه المعارضة التي هي، في المجمل، تبدو علمانية، وتنادي بالديمقراطية التي فيها نوع من المزايدة على “ديمقراطية” و”علمانية” يزعمهما النظام؟! ثم كيف له أنْ يسمح دون أن يستأذن المعنيين “لجنة شؤون الأحزاب” من جهاتها المختصة. (الأمن) ثم ما الذي يجعل النظام يقبل بذلك، وهو الذي قتل مئات الألوف من أبناء هذا الوطن لأنهم خرجوا عليه مطالبين إياه بإجراء بعض الإصلاحات، ثم ليهجِّر الملايين، لدى شعوره بخطر اهتزاز كرسيه، بعد هدم بيوتهم فوق رؤوسهم، وليدمِّر وطناً كان منارة تزهو على منطقة الشرق الأوسط كلها، قبل أن يأتي حافظ الأسد ليستولي عليه بانقلاب عسكري، ثم ليأسره وأهله ثلاثين سنة محوِّلاً إياه إلى مزرعة خاصة له ولأسرته، ولمن يحمي سلطانه، ويضرب بسيفه.. ولم يكن الأمر لدى الوريث بعد وفاة أبيه بأفضل مما كان.. فقد تردى الوضع الاقتصادي أكثر فأكثر، وارتفعت وتائر الفساد إذ أطلق الوريث اليد لابن خاله ليشارك الدولة في ممتلكاتها، ومنافذ وارداتها، ولترتفع عندئذ وتائر القمع، فيوضع بعض الشباب السوريين ممن تطلّعوا نحو مستقبل أفضل لسورية وللسوريين في السجون والمعتقلات، ومن بين هؤلاء عضوا مجلس الشعب رياض سيف ومأمون الحمصي إذ تحدَّثا عن الفساد، وفضحا عقد شركة “سيريتل” وليتبين أن الوريث أسوأ من المورِّث، وخاصة لدى ابتلاعه الوعود بالإصلاح والتحديث، ولتصاب سورية بنكسة أكبر بكثير مما كانت عليه..

رأي لموسكو

لكن سرَّ المؤتمر الأكثر إقناعاً وبعيداً عن كل التكهنات أنه أتى، وبحسب بعض التسريبات، في إطار البحث عن مخرج للاستعصاء السوري، وربما نقطة تحول نحو أفق أوسع للمعارضة، وللروس الذين يلوبون منذ سنوات، وعبر صراع خفيّ يجري خلف الكواليس بينهم وبين الإيرانيين تأميناً لمصالح كل منهما خارج بنود القرار 2254 ووفق تفاهمات تجري تحت عنوانه، فتبقي على بشار الأسد، وإن إلى حين، وتقنع في الوقت نفسه الأمم المتحدة التي أشبعوها اعتراضات منذ 2011 وحتى الآن، ولم تنفعهم إلا في تدمير سورية وقتل السوريين، وكذلك لم تنفعهم “أستانا” ولا “سوتشي” ولا حتى لقاء “الدوحة” الأخير إذ واجهوا القرار ذاته أمامهم، كما واجهوا رفض الدول العربية الفاعلة عودة النظام إلى الجامعة العربية.. والحقيقة أن لا مفر من تطبيق القرار مادامت أمريكا والأوربيون عموماً متمسكين به. وما هو واضح أن لا أحد غير الإيرانيين متمسك بالأسد، فهو وحده من يبقيهم في سورية، وبقاؤهم يعني وجودهم في لبنان.. وما يؤكد أنَّ الروس مع انعقاد مؤتمر “جود” تصريح حسن عبد العظيم “أنَّ بعض الأنباء وصلتهم تُشير إلى امتعاض روسي من تصرف النظام بإلغاء المؤتمر، وأن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، كما تناهى إلى سمعهم قد وصفه بالفعل السخيف”.

خلاصة ونتيجة

أخيراً يمكن القول: واهمٌ كل من يفكر بأن النظام يمكن أن يفكك دولة القمع بنفسه، وبرضاه، والأكثر وهماً من يعتقد أنه يمكن لسورية أن تذهب إلى حريتها، وتبني ديمقراطيتها، وتبدأ بإعادة الإعمار وجزء من تركيبة النظام لاتزال قائمة.. فما خرَّبه النظام على مدى خمسين سنة على الصعيد الاجتماعي والفكري والنفسي أكبر بكثير مما فعله خلال السنوات العشر الماضية. وقد جاء رفض انعقاد المؤتمر الذي يمثل الجزء الناعم من المعارضة تأكيداً لذلك.. لكنه، وفي الوقت نفسه، تأكيد لزوال النظام حباً أو كرهاً.

تلفزيون سوريا

—————————-

جود” متمسكة بعقد مؤتمرها في دمشق وتبحث تحديد موعد جديد في إبريل/ ريان محمد

يبدو أنّ منع النظام السوري انعقاد مؤتمر “الجبهة الوطنية الديمقراطية”، التي أصبحت تعرف بـ”جبهة جود”، بداية الأسبوع الماضي، لم ينه رغبة القوى السياسية المشاركة في هذه الجبهة بعقد مؤتمرهم في دمشق، إذ تنشغل اللجنة التحضيرية هذه الأيام ببحث تكرار المحاولة من جديد.

وقال عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر “جود” سليمان الكفيري، في حديث مع “العربي الجديد”، اليوم الأربعاء، إنّ “هناك رغبة وإصراراً واضحين لدى مختلف القوى المشاركة في الجبهة بعقد مؤتمر الجبهة في دمشق، وبأقرب وقت ممكن، قد يكون خلال الشهر المقبل، لكن إلى اليوم لم يتم اتخاذ قرار بتحديد هذا الموعد، وخاصة أنّ هناك قوى جديدة تواصلت معنا خلال الأيام القليلة الماضية وأعربت عن رغبتها بالانضمام إلى الجبهة، ما يحتاج إلى اتخاذ إجراءات تنظيمية جديدة”.

وتابع “اللجنة التحضيرية في حالة انعقاد دائم إلى اليوم، وخيارات عقد المؤتمر، إن كان على مستوى الجغرافيا أو التاريخ، كثيرة ومتعددة، لكن لم يتخذ قرار بعد، حيث يطغى على النقاشات تطور الأحداث وتوسع انتشار جود وردود الأفعال من قبل القوى السياسية التي تدين بالمطلق منع السلطة انعقاد المؤتمر”، معتبراً أن “هذا يحمّل جود اليوم مسؤولية كبيرة لعدم تخييب آمال السوريين والقوى المتعاطفة مع الجبهة، والعمل أكثر على إطلاق الجبهة لتكون خطوة في استعادة القرار السوري وبناء دولة المواطنة المنشودة”.

وحول المكونات المشاركة في الجبهة، بيّن الكفيري أنّ “القوى المشاركة هي المبادرة الوطنية في جبل العرب، تجمع بنا وطن، حزب التضامن، كوادر الشيوعيين، الحركة التركمانية الوطنية السورية، مجموعة الشباب الوطني، الحزب التقدمي الكردي، حزب الوحدة الديمقراطي الكردي– ياكيتي، التحالف العربي الديمقراطي، حزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي، الحزب الشيوعي المكتب السياسي، الحزب الديمقراطي الاجتماعي، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، الحزب العربي الشيوعي، الجمعية الأهلية لمناهضة الصهيونية، التيار السوري للبناء والتجديد، تكتل السوريين، وعدد من هذه الأحزاب تنتمي لهيئة التنسيق الوطنية، إلى جانب عدد من الشخصيات المستقلة”.

وعن موقف الدول الفاعلة في الأزمة السورية، وخاصة التي لها تمثيل دبلوماسي في دمشق، أوضح الكفيري أنّ “اللجنة التحضيرية سبق أن وجهت عدة دعوات للبعثات الدبلوماسية الموجودة في دمشق مثل السفارات الروسية والصينية والمصرية وغيرها، لحضور افتتاح المؤتمر، إلا أنها لم تؤكد حضورها قبل موعد المؤتمر، ولم نتلقّ منها إلى اليوم أي اتصال أو تعليق رسمي حول ما جرى”.

ومنع النظام السوري مؤتمر “جود” الذي كان مقرراً السبت الماضي في 27 مارس/ آذار في دمشق، إلا أنّ المنسق العام لـ”هيئة التنسيق الوطنية” حسن عبد العظيم، أكد، في تصريحات صحافية، أن المؤتمر سيُعقد في إبريل/ نيسان المقبل، وفي دمشق أيضاً.

من جهته، قال مصدر مقرب من “جود”، طلب عدم الكشف عن هويته، في حديث مع “العربي الجديد”، “ليلة الجمعة السبت، تلقى أحد أعضاء اللجنة التحضيرية في جود اتصالاً هاتفياً من قبل أمن الدولة، أبلغه بصيغة تهديدية بأنه من غير المسموح عقد المؤتمر لعدم الحصول على موافقة رسمية مما يسمى لجنة الأحزاب التي يترأسها وزير الداخلية في حكومة النظام، رغم أنّ هذه مهمة الشرطة وليس الأمن”.

وتابع المصدر “وبالفعل في الصباح الباكر من يوم السبت تم حصار منزل  العضو الكائن في حي ركن الدين بدمشق، والذي كان من المقرر استضافة المؤتمر به، من قبل قوى أمنية قامت بمنع دخول أي شخص إلى البناء، وطلبت من جميع الموجودين في المنزل مغادرته على الفور، ومن بينهم فريق إعلامي لإحدى القنوات التلفزيونية العربية المقربة من النظام، وصحافية روسية”.

وأوضح أنّها “ليست المرة الأولى التي تعقد بعض القوى السياسية، ومنها هيئة التنسيق، مؤتمراً للمعارضة في دمشق، منها ما تم، مثل مؤتمر حلبون، ومنها ما تم وأده ودفع ثمنه غالياً لمجرد التفكير به، وما تسويق وجود ضمانات دولية إلا ضروب من التشويه ودعم النظام لدعايته بأن المعارضة مرتبطة بالخارج، حتى لو كان ذلك الخارج هي الدول الحليفة للنظام، بل هذا يثير النظام لدرجة الحقد”.

وذكّر المصدر بـ”أحد أبرز قيادات هيئة التنسيق الدكتور عبد العزيز الخير ورفاقه، عندما قامت المخابرات الجوية في سبتمبر/ أيلول من عام 2012 بخطفهم عبر حاجز لها اعترض طريقهم وهم عائدون من مطار دمشق إلى منزله في دمشق، بعد أن أنهى زيارة للصين، قيل حينها إن هناك ضمانات روسية وصينية لسلامة الخير وسلامة رفاقه، لكن أثبتت التجربة أن لا ضمانات مع النظام، فهو لا يمكن أن يلتزم بأي وعود أو تفاهمات أو التزامات”.

وحول أسباب أخذ النظام قراراً بمنع انعقاد المؤتمر قبل ساعات قليلة من الموعد المقرر له، قال المصدر ذاته: “لم تصدر أي تعليقات رسمية عن تلك الأسباب، سوى ذريعة أخذ الموافقة من لجنة الأحزاب، لكن أعتقد أنّ النظام بعقليته الرافضة للآخر والحل السياسي السلمي التي لم ولن تتغير، قد تكون لديه الكثير من الأسباب التي تدفع القوى المتشنجة بداخله للعمل على وقف المؤتمر؛ منها نجاح جود بحشد عدد لا بأس به من القوى السياسية من الداخل السوري ضمن الجبهة، والموقف الإيجابي للعديد من القوى السياسية السورية، والكشف رسمياً عن وجود ورقة تفاهمات أولية ما بين هيئة التنسيق المنتمية لجود و(مجلس سورية الديمقراطية – مسد)، إضافة إلى الورقة السياسية للجبهة التي تطالب بتغيير جذري لنظام الاستبداد بكافة رموزه ومرتكزاته، وإعادة هيكلة الجيش والأمن، وأخيراً حضور ملف الانتخابات الرئاسية التي يسوق النظام لإعادة انتخاب رئيسه بشار الأسد عبرها مرة جديدة، إذ أعلنت هيئة التنسيق وغيرها من القوى مقاطعتها ودعت السوريين لمقاطعتها أيضا، الأمر الذي سيخلق بلبلة في مناطق النظام القابلة للانفجار من جديد بسبب تردي الأوضاع إلى مستويات غير مسبوقة”.

العربي الجديد

———————–

حسين حمادة: الائتلاف يعاني هشاشة في بنيته التنظيمية وهو مبني من كتل وأحزاب وهمية

غسان ناصر

يستضيف مركز حرمون للدراسات المعاصرة، هذا الأسبوع، المعارض السياسي القاضي بمحكمة النقض السورية المنشق حسين حمادة، رئيس المكتب التنفيذي لـ (الهيئة الوطنية للقانونيين السوريين)، ومدير (المركز السوري للدراسات الإستراتيجية الحقوقية) المختص بالشأن السوري، وهو عضو اللجنة الإدارية في (الهيئة الوطنية السورية) التي أطلقتها شخصيات سورية معارضة من المدنيين والعسكريين، هذا العام، وهي تهدف -بحسب مؤسسيها- إلى إنضاج الرؤية السياسية بما يتوافق مع المستجدات على الساحة، في وقت تعاني فيه البلاد حالة فراغ قيادي يمثل خطـورة كبيرة عليها، في ظل ارتهـان نـظام بشار الأسد والمعـارضة السورية للخارج.

ضيفنا، المقيم حاليًا في ألمانيا، من أبناء حي الخالدية في حلب، حاصل على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق 1980، وقد أعلن انشقاقه عن نظام بشار الأسد في عام 2012.وكان قد التحق بالقضاء السوري عام 1982، فشغل مواقع قضائية مهمة في مسقط رأسه، بدءًا من قاضي تحقيق، ثم قاضي صلح مدني، فرئيس نيابة عامة، ثم مستشار في محكمة الجنايات، وأخيرًا رئيسًا لاستئناف الجنح. وذلك بين أعوام 1986 و1999، واختير كعضو في “إدارة التشريع” في وزارة العدل.

بعد عام من انشقاقه عن النظام السوري، عُيّنَ رئيسًا للهيئة القضائية العليا في (مجلس القضاء السوري الحرّ المستقل). أما على الصعيد السياسي، قبل الثورة، فقد انتخب عام 2000 عضوًا في قيادة فرع حزب البعث، وفي عام 2005 أُعفي من هذه المهمة، بناء على استقالة خطية قدّمها إلى القيادة القطرية عن طريق فرع الحزب في حلب. وبعد اندلاع الثورة التي سرعان ما أعلن تأييده لها، أسهم في عام 2013 في تأسيس (التجمع الوطني لإنقاذ سورية في الداخل السوري). وفي العام التالي، انتُخب عضوًا في المكتب التنفيذي لـ (هيئة قوى الثورة في حلب) التي تضم (76) كيانًا ثوريًا مدنيًا وعسكريًا.

وفي العام 2020، تم التوافق على تسميته رئيسًا للمكتب التنفيذي في (الهيئة الوطنية للقانونيين السوريين). وصدر له حديثًا كتابٌ بعنوان «يوميات قاض سوري.. في العمل القضائي والسياسي والثوري» (دار نون للنشر والتوزيع، غازي عنتاب/ تركيا)، يروي فيه ذكرياته عن اللقاءات التي جمعته مع رأس النظام السوري بشار الأسد، راسمًا صورة مقربة له. يقول حمادة: “التقيت به أكثر من مرة.. كان في المرة الأولى مبهرًا بحديثه المتماسك الشامل، وفي المرة الثانية، أعاد الحديث نفسه: حروفه وفواصله ونقاطه، فأدركت أنه يحفظ النصوص جيدًا ويرددها كروبوت آلي! ولقطع الشك باليقين، سألتُهُ عن موضوع خارج السياق، فأجابني جوابًا لا علاقة له بالسؤال، وكان يتحدث، وهو يؤشر بيديه ويحرك فمه ويصدر أصواتًا من فمه دون أن أميّزها: هل هي ضحك أم بكاء!”. يضيف القاضي حسين حمادة معلقًا: “أدركتُ لدرجة اليقين بأنّ صاحبنا مجنون” (صفحة 133).

هنا نص حوارنا معه:

صدر لكم أخيرًا، كتاب بعنوان «يوميات قاض سوري.. في العمل القضائي والسياسي والثوري»، ماذا تحدثنا عنه؟

اعتمدت في تأليف كتابي «يوميات قاض سوري..»لغة مبسطة بطريقة توثيقية، معتمدًا سرد يومياتي التي لها دلالة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية من خلال السياق التالي:

أولًا: في عملي القضائي:

1- في منطقة عين العرب: من واقع عملي، كقاضٍ وحيد في تلك المنطقة بين عامي 1982 و1986، سلّطت الضوء في كتابي على:

    أ – الواقع الديموغرافي لسكان تلك المنطقة ونواحيها، وطبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة بينهم، والتداخل بين كل مكوّنات تلك المنطقة في العادات والتقاليد واللباس (كلابية وعقال) عربًا وكردًا، والتداخل في النسب والمصاهرة من دون حصول أي مشكلة بين المكوّنات السكانية لأهالي المنطقة على خلفية عرقية.

    ب – الإهمال المقصود من قبل السلطة، في تقديم الخدمات بتلك المنطقة (مدارس، مراكز صحية، طرقات.. إلخ).

2- في مدينة حلب، بين عامي 1987 و2000، سلطت الضوء خلالها على أبرز المشكلات السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والإدارية.

3- في محكمة النقض السورية، بين عامي 2000 و2012، سلطت الضوء على البنية الإدارية الخاطئة لهذه المحكمة، والذهنية الضيقة التي تقاد بها السلطة القضائية.

ثانيًا: في عملي السياسي:

في عام 2000، انتُخبت كعضو في فرع حلب لحزب البعث، وكلفت بين عامي 2000 و2003 برئاسة المكتب الاقتصادي إضافة إلى القانوني، ثم كُلفت بين عامي 2003 و2005 برئاسة مكتب نقابات المهن العلمية وكذلك المكتب القانوني، بعدها قدّمت استقالتي من هذه المهمة في عام 2005. وميزت في كتابي بين هاتين المرحلتين: الأولى، اتّسمت ببوادر جادة في عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والقانوني والإداري. أما الثانية، فاتّسمت بإحباط أي محاولة جادة في عمليات الإصلاح (سياسيًا، واقتصاديًا، وقانونيًا، وإداريًا).

ثالثًا: في عملي الثوري:

قمت بتدوين أبرز يومياتي في العمل الوطني الثوري، بموضوعية (ما لها وما عليها)، ومنها (التجمّع الوطني السوري للإنقاذ، وهيئة قوى الثورة بحلب، ومجلس القضاء السوري الحرّ المستقل…)، كما دوّنت أبرز الوقائع الدالة على إجهاض كل التجارب الوطنية من قبل قوى داخلية مدعومة إقليميًا ودوليًا، وانتهيت إلى الخلاصة التالية:

1 – النظام السوري قبل الثورة كان فئويًا أمنيًا مستبدًّا، لا يقبل الإصلاح أو المشاركة، لينقلب بعد الثورة إلى عصابة مجرمة تُشكّل خطرًا على الإنسان، أينما وجد. وأصبح وجود هذه العصابة يهدد الأمن والسلم الدوليين، ولذا يجب ملاحقتها أمام القضاء الوطني والدولي.

2 – المعارضة السورية، بحسب بنيتها التنظيمية وذهنيتها القائمة، غيرُ قادرة على أن تكون بديلًا عن النظام، بل إنها أصبحت مشكلة أضيفت إلى المشكلات القائمة.

وأعتقد أنّ كتاب يومياتي هذا يصلح أن يكون مقدمةً لكتاب آخر أنوي نشره قريبًا، وسيحمل عنوان «الخلاص الوطني السوري».    

هل ترون أنكم نجحتم فعلًا في إيصال الرسائل التي احتواها الكتّاب للقرّاء بخاصة الجيل الجديد، وكيف؟

من زاوية شخصية، شعرت براحة ضمير عندما دوّنت يومياتي، وأعتقد بأنه سيأتي يوم يقف فيه كثير من السوريين على ما بين السطور. وهذا الكتاب -كما ذكرتُ- هو مقدمة موضوعية لكتابي الثاني «الخلاص الوطني السوري»، وربما يكون بمحتواه شمعة من بين تلك الشموع التي تضيء الطريق للجيل الجديد.

غياب المشروع الوطني السوري

ما الأسباب التي دفعتكم إلى الانشقاق عن النظام السوري؟ ومتى كان ذلك؟

النظام السوري قبل الثورة كان نظامًا فئويًا أمنيًا مستبدًّا، وبمجرّد أن قامت الثورة، انقلب إلى نظام مجرم، وقد دفعني ذلك إلى الانشقاق عنه في عام 2012، كي لا أُحسب على هذا النظام.

الثورة في سورية أخذت أبعادًا، وأصبحت صراعًا مركّبًا، كيف تنظرون إلى طبيعته من موقعكم اليوم؟

لا شك في أنّ الصراع في بلادنا أصبح بجزءٍ كبيرٍ منه صراعًا إقليميًا ودوليًا على سورية، ولكل دولة منها مصالحها الخاصة المتباينة بين الدول الأخرى، وفي مجملها لا تقيم وزنًا أو اعتبارًا للشعب السوري المنكوب، وما زاد من تعقيدات المشهد سوءًا هو غياب المشروع الوطني السوري وشخصياته، الأمر الذي يعيد الصراع الداخلي إلى أصله المتمثّل بين شعب أراد الحرّية والكرامة وبين نظام مجرم دمّر سورية.

في قراءة للمشهد السوري، بعد عشر سنوات من ثورة الحرّية والكرامة، نجد أن كل قوى وأطياف المعارضة أصبحت مرتهنة لدول إقليمية ودولية لها تدخّلاتها في القضية السورية. فهل يمكن التعويل على هذه المعارضة بأنْ تكون البديل أو المنقذ من الكارثة السورية؟

إنّ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية يعاني هشاشة في بنيته التنظيمية، ومبنيّ من كتل وأحزاب وهمية لا تمثيل شعبيًا لها، ولا تمتلك كفاءة علمية، ومُهيمن عليه من قبل مجموعة أفراد يبنون علاقات فردية ضيقة مصلحية مع بعض الجهات الدولية، ما خلق واقعًا من علاقات الارتهان والتبعية لهذه الدول، وأحدث فجوة واسعة بين الائتلاف من جهة وبين المجتمع السوري بكل أطيافه في الداخل والخارج من جهة ثانية، وبات معظم السوريين لا يرون دورًا إيجابيًا ممكنًا له.

بتقديركم، هل يمكن فكاك قوى المعارضة، بل المعارضات السورية، التي لم تتخلّص من إرثها (العشائري، القومي، الطائفي… إلخ)، عن عجزها وتبعيتها للقوى الإقليمية والدولية، والعودة إلى جمهورها لبناء إطار سياسي شعبي، أو قاعدة دعم شعبي عريضة، والعمل على مشروع وطني سوري يمكنها من قيادة المرحلة القادمة؟

هذه المعارضات أضاعت كلّ الفرص التي أُتيحت لها، وهي عاجزة اليوم عن القيام بأي دور وطني. والقول بعودتها إلى جمهورها في غير محله، لأنها أضحت سببًا معرقلًا في مسار الخلاص الوطني السوري،ولا يمكن لها أن تكون جزءًا من الحلّ، لذا لا بدّ من إعادة إنتاج هيئة وطنية مؤلفة من شخصيات معيارية ذات احترام في وسطها الاجتماعي، وتمتلك كفاءة علمية تمكّنها من استخدام لغة حقوقية سياسية تخاطب فيها الداخل والخارج، ربما تكون مدخلًا لإنقاذ ما بقي من سورية وإعادة بنائها دولة عصرية.

سورية تمرُّ اليوم بحالة تشظي هوياتي

إلى أيّ حدٍّ أضرّ تجميد مسار “جنيف1” باعتباره المظلة الدولية، والتخلي عن مضامين بيان “جنيف 1″، والقرارين الدوليين (2118) و (2254)، مقابل تفعيل مسارات جانبية (أستانا وسوتشي)، بالملف السوري؟

بيان “جنيف1” حدّد المرحلة الانتقالية، وفق الخطوات الرئيسية التالية:

1 – تأسيس هيئة حكم انتقالي بسلطات تنفيذية كاملة، تتضمن أعضاء من الحكومة السورية والمعارضة، ويتم تشكيلها على أساس القبول المتبادل من الطرفين.

2 – مشاركة جميع عناصر وأطياف المجتمع السوري في عملية حوار وطني هادف.

3 – مراجعة النظام الدستوري والقانوني في سورية.

4 – إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتعدّدية، لشغل المؤسسات والمناصب الجديدة التي يتم تأسيسها.

5 – تمثيل كامل للمرأة في كافة جوانب المرحلة الانتقالية.

وكان أن صدرت قرارات دولية من مجلس الأمن أيّدت هذا البيان، منها القراران (2118) و (2254). 

مما سبق يتبين أنّ الخطوات التنفيذية الواجب اتّباعها، وفق هذا المسار، تبدأ بإنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، أما مسار (أستانا وسوتشي) فهو يرى أنّ الحلّ السياسي يبدأ بتعديلات دستورية وانتخابات رئاسية برعاية الأمم المتّحدة، وهذا المسار الخاطئ سيؤدي حتمًا إلى إعادة شرعنة بقاء النظام بإرادة سورية مشوّهة، ويبنى على ذلك أمور خطيرة منها:

    أ – عدم مساءلة النظام السوري عن الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، واعتبار أن قام به هو واجب وطني وفي حدود مسؤوليته السياسية.

    ب – اعتبار كل من ثار على النظام (إرهابيًا)، ويجب ملاحقته قضائيًا أمام القضاء الوطني والدولي.

لذا، فإنّ ما يسمّى “اللجنة الدستورية” هي في حقيقتها أسلوب التفافي على مخرجات “جنيف1” والقرارات الدولية المتعلقة بالشأن السوري، فضلًا عن البنية الخاطئة لتكوين هذه اللجنة وأسلوب التصويت الخاطئ (3/4 يجب أن يوافقوا على المقترح) وهذا يستحيل تحقيقه، ما دام ممثّلو المعارضة في هذه اللجنة هم الأقلية، أي إذا كان هناك مقترح يتضمن أنه لا يحق للرئيس الحالي (بشار الأسد) أن يترشح لمنصب الرئاسة مجددًا، فإنّ هذا المقترح يجب أن يحوز على موافقة 3/4 من أعضاء “اللجنة الدستورية”، وهذا يستحيل تحقيقه، استنادًا إلى البنية التنظيمية لتشكيل هذه اللجنة، كما يعني بالضرورة تثبيت النص المقترح تعديله، وهذا الأسلوب لا يسمح بالمطلق حتى بإجراء أي تعديل في دستور 2012.

هل الموقف المعادي للجنة الدستورية ولمشاركة الفريق المعارض فيها، أضعف موقف هذا الفريق تجاه خصومه، وجعله معزولًا، وعرضة للهجوم عليه والطعن بشرعيته؟

سبق أن قلت إنّ الغاية من “اللجنة الدستورية” هي إعادة شرعنة النظام السوري، بإرادة داخلية مشوّهة ومزورة، علمًا أنّ جذر المشكلة الحقوقية في سورية ليس المواد الدستورية فحسب، بل هو الحزمة القانونية الكبيرة التي أنتجت مؤسسات قمعية لا تسمح بالانتقال السياسي من نظام فئوي أمني مستبدّ إلى نظام مدني تعدّدي ديمقراطي.

في ظلّ فشل العملية السياسية التفاوضية، وتعنت نظام الأسد عن الانخراط فيها، وما تعانيه المعارضة من انقسامات، ومحاولات بعض الدول للاستيلاء على صوتها. هل من الممكن أن تحظى فكرة “المجلس العسكري الانتقالي” المشترك بين النظام والمعارضة، في مرحلة انتقالية، بقبول أغلبية الشعب السوري، بعد فشل معظم المسارات السياسية للحلّ؟

البعض يعمل على جعل مطلب الشعب السوري هو الأمن والأمان فقط، ومن ثمّ يطرح حلولًا مخالفة لمخرجات “جنيف1″، ومنها “المجلس العسكري الانتقالي”. والقول بمجلس عسكري يقود الدولة والمجتمع هو سيناريو يُعيد سورية إلى المربع الأول.

    – الأصل أنّ السلطة الناظمة التي يمكن أن ترأب الصدع الحاصل في المجتمع يجب أن تكون منبثقة من الشعب، بشكل قانوني، وضمن صلاحيات محدّدة وتحت مظلة عمل وطني على مستوى سورية، واستثناءً يجب أن تكون وفق التوافقات الدولية الواردة بمؤتمر “جنيف١” والمؤيَّدة بقرارات دولية، والقول بمجلس عسكري يقود المرحلة الانتقالية لا تنطبق عليه القاعدة والاستثناء.

    – الضباط الذين انشقوا عن النظام وعبّروا عن رغبتهم في هذا المشروع، رغم ضبابيته، إنما بسبب تهميشهم في أي عمل كان، سواء في مرحلة عسكرة الثورة أو في المراحل السياسية الأخرى، وكان أن أقدمَ بعض الضباط إبان بدايات عسكرة الثورة على تشكيل نواة “الجيش الوطني”، ولكن أغلق الملف نهائيًا قبل مباشرة العمل به.

    – المجلس العسكري الانتقالي المشترك هو دليل أفق سياسي مقفل، وهو ليس حلًّا، وليس علاجًا، إنما وصفة سريعة لا تنفع البلاد.

    – الأصوات السياسية التي كانت سببًا في حرف مسار الثورة هي نفسها اليوم تسرد الموضوعية حول المجلس العسكري!

سورية تمرُّ اليوم -بكل فئاتها- بحالة تشظّ هوياتي، وهي الآن بلا هوية وطنية جامعة، لذلك نشوء “مجلس عسكري” يقودنا إلى التذكر كيف انقسم الجيش اللبناني على نفسه، وفق هويات فرعية، ولا يمكن أن يكون ذلك إلّا إذا تمت محاسبة الضباط الذين تلطخت أيديهم بالدماء، وإذا حصل ذلك، فهذا يؤدي إلى تفتت المجلس ونشوء حالة انتقامية داخل مؤسسة الجيش…

الشعب السوري الآن يمرُّ بمرحلة فيها من المعوقات ما يمنع استكمال مرحلة انتقالية، وأذكر من هذه المعوقات: أزمة الهوية بمعنى التشرذم الثقافي، وهو يمنعها من التكامل في إطار وطني واحد. وكذلك أزمة المشاركة بامتناع قطاعات عريضة عن المشاركة في عملية صنع القرار والانخراط في عمل وطني منظم. وأزمة التوزيع وانتفاء صفة العدالة في توزيع المهام في عملية البناء. زد على ذلك أزمة الشرعية، وهي محصلة لما سبق، إضافة إلى نقص في المؤسسات أو عدم فعاليتها أو انخراطها في أعمال بعيدة عن تحقيق ما يصبو إليه الناس في حريتهم. ولذا لا مناص من تطبيق مخرجات “جنيف1” والقرارات الدولية وفق منطوقها والأولويات الواردة فيها.

بعد تزايد الجدل حول “المجلس العسكري الانتقالي”، أصدرت “هيئة القانونيين السوريين” و”التجمع الوطني الحرّ للعاملين في مؤسسات الدولة”، في 14 شباط/ فبراير الماضي، بيانًا مشتركًا يؤيدان فيه مقترح تشكيل هذا المجلس، ليلعب دورًا رئيسًا بإشراف هيئة الحكم الانتقالية التي تضمنتها القرارات الدولية حول الحلّ السياسي في سورية. ما موقفكم أنتم؟

بالإضافة إلى وجود ائتلاف قوى الثورة والمعارضة والمنصات السياسية، هناك المئات من الهيئات والكيانات الوطنية، وهي إلى حدٍّ كبير متطابقة بالمبادئ والأهداف، وكل منها متمترس حول قيادته، الأمر الذي يشكّل مأزقًا لها جميعًا ، والمخرج الوحيد من هذا المأزق الضيق يكون بطرح مشروع لا يقوم على تجميع هذه الكيانات والهيئات، لاستحالته، وإنما على التفاف الشخصيات الوطنية (سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وحقوقية، وضباط شرطة وجيش) سواء كانت داخل تلك الكيانات أو خارجها ليكون الجميع صفًا واحدًا، خلف مشروع وطني حقوقي سياسي يبنى على مفهوم الدولة الوطنية، ويحافظ على وحدة سورية أرضًا وشعبًا خالية من الاستبداد والاحتلال والإرهاب.

مع تعثر المسارات السياسية المتعدّدة في الملف السوري، خرجتْ أخيرًا أصوات من جهات سورية معارضة عدّة، دعت إلى “مؤتمر وطني جامع للسوريين، يبدأ من كل مدينة أو قرية، ليفرز ممثلين لمؤتمر أوسع، يشكّل نواة لمؤتمر وطني سوري على مستوى العالم”. هل مثل هذه الدعوة ممكنة في ظل الوضع الراهن؟

لقد شوّهت القوى الوطنية (عن جهل أو نفاق) العديد من الصيغ التي يمكن أن تكون مدخلًا للحلّ الوطني السوري، وكان مفهوم مؤتمر وطني جامع للسوريين يبدأ من القاعدة هو أحد الحلول التي تم تشويهها من خلال طرح هذه الفكرة دون التأسيس لإنجاحها الذي يستدعي حتمًا توافر إرادتين:

    * إرادة سورية: تقوم على شخصيات وطنية من كل مكوّنات الشعب السوري، وهذا يتطلب اعتماد المعايير التالية:

‌أ – التشاركية، المعيارية، التوافقية، الانتقائية، الانتقالية.

‌ب – الديموغرافية، المناطقية.

‌ج – الداخل، الخارج.

    * إرادة دولية: تقوم على الاعتراف بمخرجات هذا المؤتمر من دون التدخل فيه.

برأيي، إنّ أي عمل يقوم تحت عنوان مؤتمر وطني جامع للسوريين، لا تتوفر فيه هاتان الإرادتان مع توفير الأمن والأمان والاستقرار، هو عنوان لمسمى آخر لا ينتج الآثار السياسية المعلنة.

الحلّ يكمن في تفعيل القرار الأممي (377)

 ذكرت دراسة نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أنه “عندما أقرّ المشرعون الأميركيون (قانون قيصر)، قاموا ببناء آليات تهدف إلى مقاومة تغييره من قبل الإدارات المستقبلية. لذلك، من المرجّح أن تستمر العقوبات الاقتصادية التي تستهدف نظام بشار الأسد”. وكما تعلمون أقرّ مجلس النواب الأميركي، منتصف شهر شباط/ فبراير الماضي، مشروع قانون حمل اسم الدبلوماسي السوري المنشق “بسام برابندي”، من أجل تحفيز المخبرين على تقديم معلومات حول رؤوس المهربين الذين يتعاملون مع النظام السوري ويسهلون عملياته. سؤالنا: ما انعكاسات هذه القوانين على نظام بشار الأسد واستمرار حكمه لولاية رئاسية جديدة من ناحية؟

قد يسهم هذا القانون، لو أُحسن تطبيقه، في إضعاف النظام السوري بشكل لا يضر بمصالح الشعب في الداخل، لكنّ أمر التخلّص من هذا النظام الذي يهدد في بقائه كامل دول المنطقة، ويشكّل تهديدًا على الأمن والسلم الدوليين، يفرض على مجلس الأمن الدولي أن يباشر القيام بمهامه، ومنها إحالة مرتكبي الفظاعات المنصوص عنها بالمادة (5) من نظام روما الأساسي، إلى المحكمة الجنائية الدولية. وبالوقت نفسه يحتاج إلى إرادة سورية – سورية أولًا، ومن ثم إرادة إقليمية دولية ثانيًا.

هنا لا بدّ من التنبيه إلى أنّ الحلّ -في ظل الهيمنة الروسية والصينية على مجلس الأمن الدولي واستخدام حق النقض “الفيتو”- يكمن في تفعيل  القرار (377)  الذي يحمل عنوان “الاتّحاد من أجل السلم”، وينص على أنّ للجمعية العامة أن تتّخذ إجراءات، إذا لم يتمكّن مجلس الأمن من التصرف بسبب تصويت سلبي من جانب عضو دائم، إذا ما بدا أنّ هناك تهديدًا للسلم أو خرقًا للقانون الدولي أو هناك عملًا من أعمال العدوان، فعندئذٍ يمكن للجمعية العامة أن تنظر في المسألة على الفور، من أجل إصدار توصيات إلى الأعضاء باتّخاذ تدابير جماعية لصون أو إعادة السلم والأمن الدوليين.

لقد استخدمت الولايات المتّحدة قرار الجمعية العامة رقم (377)، عندما قامت كوريا الشمالية بالهجوم على كوريا الجنوبية عام 1950، وحاولت الولايات المتّحدة التدخل في الحرب لصالح كوريا الجنوبية بإصدار قرار من مجلس الأمن، لإرسال قوات تحت مظلة الأمم المتّحدة، فقام الاتّحاد السوفيتي باستخدام حق النقض “الفيتو”، لمنع اتّخاذ قرار بهذا الخصوص، فقامت الولايات المتّحدة بالالتفاف على ذلك بالذهاب إلى الجمعية العامة، التي كان لها فيها -آنذاك- أغلبية ساحقة، بحجّة أنه لا يجوز منع تهديد الأمن والسلم الدوليين من قِبل أحد الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن باستخدامها حق النقض “الفيتو”، ومنع المجلس من اتّخاذ قرار بهذا الشأن، حينها دعت الولايات المتّحدة الدول الغربية إلى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة عام 1950، تحت عنوان “الاتّحاد من أجل السلم”، وتم فيها اتّخاذ القرار رقم (377)، بتصويت بأغلبية الثلثين.

قرار الجمعية العامة رقم (377) أكّد أنه يحق لدورة خاصة للجمعية العامة تجاوز عدم تصرف مجلس الأمن، نتيجة استخدام حق النقض “الفيتو” من أحد الأعضاء الدائمين، باتّخاذ قرارات بأغلبية الثلثين تكون لها قوة قرارات مجلس الأمن، ومن ضمنها الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتّحدة، وقد تم بموجب هذا القرار إرسال قوات الأمم المتّحدة إلى كوريا الجنوبية. وقد تم عقد الجمعية العامة في دورة استثنائية، بموجب القرار (377) لعام 1950، تحت بند “الاتّحاد من أجل السلم” عام 1956، عندما قامت بريطانيا وفرنسا باستخدام “الفيتو” في حرب السويس، لمنع إرسال قوات فصل بين مصر وإسرائيل. وأصدرت الجمعية العامة قراراها بأغلبية الثلثين بإرسال قوة عسكرية للفصل بين القوات المصرية والإسرائيلية. وفي هذه الحالة، تتمتع توصيات الجمعية العامة بـ “الإلزام”؛ لأنّ أحكام القرار (377) تنص على إصدار مثل هذه التوصيات، في حالة إخفاق مجلس الأمن في التوصل إلى حل للمسألة قيد البحث، وتعتبر أنها تهدد السلم والأمن الدوليين. هذه هي الحالة الوحيدة التي يكون فيها قرار الجمعية العامة إلزاميًا، وليس على شكل توصية، وهذا يفتح المجال لتجاوز “الفيتو” الروسي والصيني ضد جميع القرارات الأممية.

ما موقفكم من عمليات التهجير القسري التي يمارسها نظام الأسد على الأرض، بهدف إجراء تغييرات ديموغرافية تتناسب وما يحقق للأسد دولة (سوريا المفيدة)؟ وكيف تواجهون كنخب سياسية وناشطين حقوقيين هذه السياسات؟

النظام السوري يسعى إلى الاكتفاء بشعب مفيد له، بغض النظر عن مكوّناته، وبأرض مفيدة له بغض النظر عن حجمها، لذا وقبل أن نجيب على سؤالكم كيف يمكن للحقوقيين مواجهته، علينا أن نعرف أنّ الجهة السياسية للمعارضة التي حازت اعترافًا من بعض الدول هي المعنية -من الناحية السياسية والحقوقية- بالقيام بهذا الواجب، لكن ذلك لم يمنع قيام بعض الحقوقيين السوريين بعمل قانوني أسهم بشكل ما في ملاحقة مرتكبي الجرائم، وسلّط الضوء على البنية الحقوقية للنظام السوري في جانبيها الدستوري والقانوني، التي تمنع عملية الانتقال السياسي من نظام فئوي أمني مستبدّ، إلى نظام مدني تعدّدي ديمقراطي، وعلى الرغم من أنّ العمل الفردي للحقوقيين، مهما كان صحيحًا، لا ينتج آثارًا إيجابية كالعمل الجماعي المنظم، وهذا ما نسعى إليه في (الهيئة الوطنية السورية).

في المناطق الخاضعة لنفوذ سلطات الأمر الواقع في شمالي سورية، اعتمدت حكومتا “الإنقاذ” في إدلب و”المؤقتة” بريف حلب، نظامين قضائيين مختلفين، في مصدر التشريع وفي آلية تنفيذ الأحكام القضائية.. هذه الفوضى -في مجال هو من أهم مجالات تنظيم الحياة- كيف يمكن معالجتها؟ ومن المسؤول الأول عنها؟ ومن القادر على إعادة تنظيم وهيكلة القضاء وتوحيد مصادر التشريع القضائي بما يحمي حقوق الأفراد في مناطق المعارضة؟

دعنا نعود للوراء قليلًا، وتحديدًا في بداية عام 2013، عندما طرح بعض المحامين الأحرار مقولة خاطئة تقول بأنّ “القانون العربي الموحد” هو الأصلح للتطبيق، من دون قراءة عميقة لهذا القانون، الذي ينص في القسم الخاص من قانون العقوبات على توصيف الجرائم وتحديد عقوباتها وفقًا للأفكار التي تبناها تنظيم (داعش). هذا الأمر فتح المجال واسعًا أمام بعض القوى السياسية الراديكالية لتحميل مشاريعها السياسية تحت عناوين شتّى، بحيث أصبح لدينا اضطّراب في المنظومة القانونية البديلة، من دون علم قانوني صحيح للمعنى الحقيقي للمنظومة القانونية القائمة في سورية، التي صدرت قبل عام 1960 وأسهم في إنجازها كبار فقهاء القانون والشريعة، ومن دون التمييز بين تلك القوانين وبين القوانين الخاصة التي تكرس مبدأ بقاء النظام السوري مستوليًا على السلطة، الأمر الذي جعل البعض ينظر إلى المنظومة القانونية القائمة في سورية برمتها على أنها من صنع الطغاة، ويجب نسفها بالكامل، وقد أسهم ذلك في بروز أنظمة قضائية عدة في الشمال السوري (بمناطق ما يسمّى بالإدارة الذاتية أو الحكومة المؤقتة أو حكومة الإنقاذ). تلك المؤسسات القضائية شكلٌ لا يمكن وصفه بنظام قضائي علمي يقوم على أسس في حدّها الأدنى (المحاكمة العلنية، والتقاضي على درجتين، وحرية الدفاع، والمرافعات الشفوية، وما إلى ذلك).

بعد اجتياح الفكر الديني المتطرّف للجغرافيا السورية، عبر قوى وتيارات وفصائل متعدّدة تحمل طابعًا إسلاميًا متشدّدًا. سؤالنا: ما درجة خطورة هذا الفكر الجهادي على مستقبل الديمقراطية والتعدّدية في سورية الجديدة، وكيف يمكن اجتثاثه؟

لا شك في أنّ الفكر الديني الراديكالي والفكر القومي الشوفيني يمثّلان كارثة في حياة سورية، وأعتقد أنّ معظم الشعب السوري -بكل مكوّناته- يرفضون هذين الفكرين، ولا يحتاجون إلا إلى أمن وأمان، ليعبّروا عن ذلك.

لا استمرارية للتحالف الروسي الإيراني

بالرغم من وجود منظومات صواريخ “إس – 300″ و”إس – 300 متطور” و”إس – 400″ تابعة للجيش الروسي الذي أقام قاعدتين في طرطوس واللاذقية، لا تزال أجواء سورية «مفتوحة» أمام طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة، وأمام طائرات العدو الإسرائيلي التي تعلن بعد كل ضربة أنها قصفت “مواقع إيرانية” في سورية. برأيك، لماذا تصمت موسكو عن هذه الضربات، وهل هي راغبة حقًا في إنهاء الوجود العسكري الإيراني في (سوريا الأسد)؟

لا يخفى على أحد العلاقة الوطيدة بين روسيا وإسرائيل، بالمقابل فإنّ التحالف الهش بين روسيا وإيران يقوم على تلاقي المصالح الآنية، وتضارب المصالح الإستراتيجية، ومنها مسألة الغاز الروسي المتدفّق إلى أوروبا، وما قد يشكّله من خطر جراء تدفّق الغاز الإيراني القطري إلى أوروبا. من هنا، نعتقد بأنّ التحالف الروسي الإيراني لن يدوم، لأنه في حقيقته صراع مصالح اقتصادية لا مواقف إستراتيجية أيديولوجية. وأعتقد أنّ على المعارضة السورية أن تعي ذلك، وتحاول بناء علاقات مع روسيا تحقق مصلحة الشعب السوري، من دون إغفال أنّ ما قامت به في سورية هي جرائم حرب ارتكبت بحق الشعب السوري.

ما الأهداف الروسية في سورية اليوم، بعد أن صارت البلاد مسرحًا لموسكو، لاستعراض القوة واستعادة دورها الدولي كقطب عالمي، وبعد استخدامها كحقل تجارب مجاني لتحسين أداء الأسلحة الروسية، وكمعرض بيع دائم لأسلحتها الجديدة؟

كلّنا يعلم أنّ هناك قضايا عالقة بين الولايات المتّحدة الأميركية وروسيا، وأنّ روسيا تحاول أن تلعب دور القطب الثاني في المعادلة الدولية، من دون وزن أو اعتبار لمآسي الشعوب، وهذا ما عبرت عنه موسكو لأكثر من مرة على أنها تعتبر سورية حقل تجارب لأسلحتها الجديدة.

بعد أن أدّت الخلافات الدينية والطائفية والمذهبية إلى تفكيك جسم الثورة، وشتّت هدفها الأساسي: إسقاط نظام الأسد. ما الأولويات اليوم لرأب التصدّعات في المجتمع السوري لبناء سورية المستقبل؟

دائمًا، هناك مساحة للخلاص الوطني، وهذا يتطلب إرادة سورية – سورية، تقوم على توحيد الصف والكلمة، مع مراعاة التفريق بين مرحلة الاستقرار الوطني التي يكون للأحزاب السياسية دور ريادي في قيادتها، أما مرحلة الإنقاذ الوطني التي تعيشها سورية الآن، فهي بحاجة إلى تشكيل هيئة وطنية وفق ما سبق وبيناه. برأيي، إنّ تداخل هاتين المرحلتين بصيغ عملهما وشخصياتهما كان سببًا كارثيًا في حياة الثورة السورية.

سؤالنا الأخير، كيف الخلاص على المدى المنظور، وقد أصبحت سورية أرضًا مستباحةً أمام القوى الإقليمية والدولية المتخاصمة لخوض حروبها وتصفية حساباتها عبر وكلاء سوريّين؟ وهل بتنا أمام لحظة تقاسم مناطق النفوذ؟ وإلى أي حدٍّ من الممكن أن تنجح فكرة الفدرالية في سورية؟

كلّ السيناريوهات مفتوحة، من تعميق الاستبداد إلى تقسيم البلاد، إلى توزيع أجزاء من سورية على دول الجوار، وذلك بسبب غياب المشروع الوطني وشخصياته، وفي هذا السياق، أقول: إنّ البعض يردّد مقولة خاطئة مفادها أنّ المجتمع الدولي يضع “فيتو” على تكوين مشروع سوري كهذا، لكن الحقيقة غير ذلك، وهي أنّ هذا “الفيتو” المزعوم هو ذاتي، فرضته أغلب النخب الوطنية السورية على نفسها، تهربًا من مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية، مع تأكيدنا أنّ اللامركزية الإدارية هي مطلبٌ يتماشى مع أهداف الثورة، ويعمّق مشاركة الشعب في إدارة شؤونه، وأنّ الحديث عن اللامركزية الإدارية المنشودة أمرٌ يطول شرحه، لأنه مرتبط بمنظومة دستورية وقانونية واسعة، لا يمكن الحديث عن جزئية منفردة فيها، بينما نظام الفدرالية، في الظروف الحالية التي تعيشها سورية الآن، يؤدي حتمًا إلى جعل سورية الواحدة سوريات متعدّدة.

مركز حرمون

————————–

المعارضة السورية والدور المفقود!/ أكرم البني

تتواتر في المشهد السوري المعارض مبادرات تنظيمية لتشكيل تجمعات سياسية أو مؤتمرات وطنية، بغرض خلق هيئة تمثيلية جديدة يتوخى منها إخراج المعارضة السورية من ضعفها وقصورها المزمن في تحمل مسؤولياتها، كانت أوضحها الدعوة لعقد «مؤتمر القوى الوطنية» كبديل ينزع الشرعية عن «الائتلاف الوطني»، تلتها المطالبة بتشكيل «مجلس عسكري»، ثم «تجمع ديمقراطي»، وآخرها الإعلان عن عقد مؤتمر تأسيسي بدمشق لتشكيل ما سمي «الجبهة الوطنية الديمقراطية»، وأجهضته أجهزة الأمن السورية بعد أن حاصرت مكان انعقاده ومنعت وصول المشاركين.

عادة ما تتزامن تلك المبادرات مع تنامي رهان بعض المعارضين على أزمات محلية أو متغيرات دولية، قد تمنحهم الفرصة لتجديد حضورهم وأدوارهم، رهان يحضر اليوم، مع تفاقم أزمة النظام ومشكلاته، في ظل عجزه عن وقف التدهور المريع لحياة السوريين وتلبية الحد الأدنى من مستلزمات العيش بعد سنوات عجاف، أكلت خلالها آلة الحرب الأخضر واليابس، ربطاً بموقف دولي يطعن في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها، وقبلها كان الرهان مثلاً، على تداعيات قانون قيصر أو ما رشح من خلافات بين رموز السلطة القائمة، وعلى احتدام التنافس على الكعكة السورية بين موسكو وطهران، أو على توافق مرتقب بين البيت الأبيض وقيادة الكرملين لإخماد بؤرة التوتر السورية، إلى آخر هذه الرهانات التي عاد منها هؤلاء المعارضون وهم أشد إحباطاً ويأساً.

لكن الإصرار وعدم الملل من طرح مبادرات ومشروعات لحفز فاعلية المعارضة السورية، إذ يدل على حيوية بعض أوساط الحقل السياسي والثقافي واستعدادهم لتحمل المسؤولية، فإن الفشل المتكرر يكشف عن عمق أمراض الحقل المعارض وشدة استفحالها، فكيف الحال حين لا ينجو أي لقاء أو مؤتمر عقدته بعض أطرافها من الاتهامات وردود الفعل العدائية من أطراف أخرى؟ وكيف الحال حين لا تضيف هذه المبادرات جديداً يتجاوز الشعارات والتركيبة المألوفة، أو تذهب نحو تسابق محموم على التجميع الحسابي والكسب العددي، حتى لو أفضى ذلك لضم شخصيات إشكالية، تفتقر المصداقية، وتحاول، غالباً بدوافع وصولية وانتهازية، وضع القناع المعارض وركوب الأزمات لفرض نفسها بالمشهد السياسي؟!

صحيح أن ثمة أسباباً بنيوية وراء أزمة المعارضة الديمقراطية ودورها المفقود، بعجز غالبية تنظيماتها، كالحركات القومية والإسلام السياسي، عن التحرر من ثوابت آيديولوجية عفّى عليها الزمن وتتناقض مع جوهر الفكر الديمقراطي، أو بشيوع الحسابات الأنانية والمصالح الحزبية الضيقة بين صفوفها، كما المزايدات اللفظية، وصحيح أن ثمة تعويلاً كبيراً، كان في الماضي، على دور قيادي وإنقاذي لمعارضة موحدة وذات صدقية، لكن الصحيح أيضاً أن هذه المعارضة لم تعد تمتلك اليوم، مهما تكن صورتها، زمام المبادرة والقدرة على التأثير في مجرى صراع باتت مفاتيحه بيد قوى خارجية واحتلالات أجنبية لا تهمها سوى مصالحها وتحسين شروط نفوذها.. زاد الطين بلة، ما حصل من خراب معمم، ثم نجاح التنظيمات الإسلاموية في التمدد والتهام ما تبقى من قوى عسكرية ومدنية كانت تحسب على الثورة، والأهم الانصياع الذليل لأهم أطراف المعارضة لأوامر الخارج والسير وفق حساباته.

ورغم حضور شروط موضوعية، داخلية وخارجية، لا يمكن بأي حال القفز فوقها، باتت تتحكم في الوضع السوري ومسارات تطوره وتتحكم بالضرورة في الحقل المعارض وترسم حدوداً متواضعة لدوره، فإن التضحيات العظيمة التي قدّمها السوريون من أجل حريتهم وكرامتهم تستحق معارضة سياسية من طراز جديد، تمثلهم وطنياً بمختلف مكوناتهم، وتنتصر لمستقبلهم الديمقراطي، وتحنو على مختلف وجوه معاناتهم، وتسعى، بعيداً عن المبالغة والتطرف، إلى تفعيل دورها في الحقلين السياسي والمدني استعداداً للتعاطي مع متغيرات لا بد آتية.

وكي يؤتي هذا الاستحقاق أكله، ويطرح ثماره الطيبة، لا بد من بذل جهود دؤوبة لبناء رؤية متكاملة حول عملية الخلاص وما تكتنفها من منزلقات ضمن خصوصية المجتمع السوري بتعدديته القومية والدينية وبحساسية ارتباطاته الإقليمية والعالمية، تحدوها وقفة نقدية جريئة لتجاوز أخطاء الماضي والتأسيس لشرعية، لا تستند إلى رهان على دعم خارجي، أو إلى سطوة آيديولوجية، دينية كانت أم ثورية، أو لأنصاف مواقف وحلول سبّبت أفدح الأضرار بحقوق السوريين واجتماعهم الوطني.

أولاً؛ ضرورة الجمع بين المسؤولية السياسية والمسؤولية الأخلاقية للمعارضة، بين تبني الخيار الديمقراطي والتلاحم حوله والجهوزية للتضحية في سبيله ولمنع إعادة إنتاج ظواهر الاستبداد والتمييز في الدولة والمجتمع والسياسة وأيضاً في الدين والثقافة والتربية والتعليم، وبين الكشف عن وجه أخلاقي عبر صدق تمثل المعارضة لقيم الحرية والعدالة والمواطنة، وقرن أقوالها بأفعالها وضرب المثل في احترام التعددية وحق الاختلاف، وفي تنمية روح المنافسة الصحية التي تحترم اجتهادات الآخرين، وتنأى بطرائق السجال عن التجهيل والمبالغة والإقصاء.

ثانياً؛ آن الأوان أن تمتلك المعارضة المنشودة الجرأة في حجب الثقة عن الإسلام السياسي ووقف الرهانات المضللة على دوره في التغيير، ليس فقط بسبب التشوهات والخسائر الكبيرة التي خلفها التطرف الإسلاموي، وإنما أيضاً بسبب الممارسات الأنانية لـ«الإخوان المسلمين» وأشباههم، وسرعة انقلابهم على ما أعلنوه شكلاً من مبادئ وطنية وديمقراطية، وتالياً عجزهم المزمن عن التجدد السياسي والخروج من عالم الوصاية والاستئثار، وكلنا يتذكر كيف عمل هؤلاء على اقتناص الفرص لدعم مشروعهم الإسلاموي الخاص على حساب أبسط الروابط الوطنية والحقوق الإنسانية، بدءاً بدورهم البغيض في إجهاض وثيقتي القاهرة (العهد الوطني والمرحلة الانتقالية) اللتين شكلتا إطاراً جامعاً لغالبية أطياف المعارضة ومكونات المجتمع السوري، وانتهاء بإلحاق «الائتلاف الوطني» بالسياسة التركية وإخضاعه لإملاءاتها.

ثالثاً؛ هي مسؤولية وطنية وأخلاقية راهنة بإعادة بناء الثقة بين الأكراد والعرب السوريين على قاعدة معاناتهم المشتركة من القهر والتمييز، وحاجتهم الطبيعية للعيش بحرية وكرامة، الأمر الذي يتطلب الانفتاح الجدي على الشعب الكردي ومختلف قواه السياسية والمدنية، والامتناع عن وضع الاشتراطات المسبقة لضمان ولائه الوطني، يحدو ذلك تقديم رؤية مبدئية واضحة تجاه المسألة القومية، تلبي طموحات الأكراد وحقوقهم من دون انتقاص، بما في ذلك حق تقرير المصير، ما يساعد على تقليل فرص تحول القضية الكردية حقلاً لنوازع التطرف القومي، ولاستثمارات السلطة السورية، وللتجاذبات الإقليمية والدولية، والأهم لإظهار الوجه الحقيقي لمعارضة تقارع الاستبداد والتمييز فعلاً، وتحترم الشرعة الدولية لحقوق الإنسان وخيارات الشعوب.

الشرق الأوسط

——————————

المعارضون السوريون بين الداخل والخارج/ راتب شعبو

ينطوي الكلام المستقر في اللغة السياسية السورية اليوم، عن معارضة داخلية وأخرى خارجية، على التباسات عديدة تعكس التباسات الواقع السياسي في سورية. كما ينطوي، إلى ذلك، على شحنة تنافر، وعلى ميل إلى التبخيس المتبادل بين الطرفين، لم يحمل ولا يحمل خيراً للشعب السوري.

المعارضون في الداخل لا يسمون المعارضة التي في الخارج “معارضةً خارجية” بل “معارضة الخارج”، أي تتم إضافتها إلى الخارج لغوياً، رغبةً في تضمين التسمية معنى الالتحاق أو التبعية السياسية للخارج. من دون استعداد للتفكير فيما أدّى إلى نشوء ظاهرة المعارضة الخارجية، أو في فساد فكرة الربط الآلي بين الخارج والتبعية. في المقابل، وعلى اعتبار أن الإضافة إلى الداخل لا تتضمن بذاتها معنىً سلبياً، فقد اعتمد المعارضون “الخارجيون” تسمية معارضة الداخل “معارضة النظام”، في تضمينٍ يقول إن النظام يستغرق الداخل السوري، وإنه لا محل بالتالي لمعارضةٍ في الداخل، ما لم تكن على هوى النظام وبرضاه ومنسوبة إليه.

المشكلة الأصلية التي واجهتها دائماً الأحزاب المعارضة لنظام “حرق البلد” هي القمع الاستئصالي. في مثل هذا النظام، يوجد مزيج صلب يجمع الطبيعة الأمنية الشديدة إلى التعبئة السياسية الفاشية ضد المعارضين. وتقوم هذه التعبئة على اعتماد مبدأ عصبوي متعدّد الوجوه في شد الأتباع، إلى جانب نسف الأساس السياسي للمعارضة. في ذهنية النظام وجمهوره، لا يوجد محل لمعارضة سياسية. وفق هذه الذهنية، لا تنشأ المعارضة السياسية على أرضية سياسية حقيقية، بل تنشأ على أرضية فساد أخلاقي (حسد، خيانة، كراهية، أنانية، طمع … إلخ) يتغلف بالسياسة، كي يتمكّن من التغرير بالمغفلين. المعارضة، إذن، هي عدوان على المجتمع وعلى البلد بدوافع شرّيرة، تغذيها جهاتٌ لا تريد خيراً للبلد الذي يشكّل النظام تجسيده الكامل. من المشروع، إذن، حرق كل نزوع معارض. بفعل هذه التعبئة، ظهر جمهور النظام، بعد الثورة، أكثر ميلاً إلى قمع المعارضين من أجهزة النظام. وبفعلها نبت القول الفاشي الصريح: تطهير البلد بالحرق.

العلاج الذي اعتمدته المعارضة السياسية لهذه المشكلة قبل 2011 كان العمل السرّي، وهذا ما اختارته بضعة أحزاب، فلكي يتاح للحزب المعارض أن يقول رأيه السياسي بحرية، كان عليه أن يعمل تحت الأرض، وفي جو من الملاحقة الأمنية الدائمة التي أنتجت آلاف السنوات من السجن، وخراب حياة مئات العائلات، وتدمير مستقبل آلاف البشر. وبعد كل شيء، لم تكن النتيجة السياسية شيئاً يُذكر، فقد نشأت هذه الأحزاب وانتهت تقريباً من دون أن يدري بها الشعب السوري.

في الفترة نفسها، رأت أحزابٌ سياسية أخرى أن من الأجدى تفادي المواجهة مع النظام، وتشكيل ما يمكن تسميته “يسار النظام”، عبر المطالبة والضغط من داخل النظام، أو من جواره، وبشكلٍ لا يستفز عدوانيته، أو يحرّض غريزته القمعية. لم يكن لهذه الاستراتيجية تأثير يذكر أيضاً، وقد تمكّنت آلية النظام من ابتلاع من دخل فيه، ومن تهميش من ظل إلى جواره.

كان في اللوحة السياسية، إذن، أحزاب سرية، تعارض بجرأة، وأحزاب علنية تواكب النظام من اليسار، أو قل تدعمه من اليسار. أما التيار الإسلامي فكان قد بادر إلى مواجهةٍ دمويةٍ مع النظام، خسرها والتجأ إلى الخارج، بعد أن حرق النظام وجوده في الداخل، بفعل القمع الدموي الرهيب، إضافة إلى القانون 49 لعام 1980، الذي يحكم بالإعدام على منتمي الإخوان المسلمين.

بعد وفاة حافظ الأسد ووراثة ابنه الحكم (صيف عام 2000)، تحرّكت اللوحة السياسية قليلاً في سورية، وظهر بعض النشاط العام المستقل، ولكن سرعان ما ارتدّ النظام على هذه الأنشطة، واستعاد وجهه الأمني القديم. في هذا الوقت، كانت الأحزاب السياسية المعارضة قد حفظت درساً يقول إن العمل السري شديد الكلفة وقليل الجدوى. بعض الأحزاب السرّية التي كان قد حطمها القمع، رمّمت نفسها وبدأت تجرّب العلنية مع تجنب إغضاب الوحش.

عقب الثورة، ومع صمود الطغمة الحاكمة، تفجّرت اللوحة السابقة، واستقرّت على شكل جديد. بدلاً من ثنائية (سرّي/ علني) ظهرت ثنائية (خارج/ داخل). في اللوحة الجديدة، بات الخارج صنو السرية، فهو المكان الذي يتيح للمؤسسة المعارضة أن تكون أكثر جذريةً في قولها. مع ملاحظة أن الخارج يعني الأمان للمعارض، فيما كان العمل السرّي محفوفاً بالخطر الدائم. أما الداخل فقد بات صنو العلنية. وفي الحالتين، تقع الأحزاب تحت مرمى نيران أجهزة الأمن.

النقد الذي كانت توجهه الأحزاب المعارضة السرّية في زمانها للأحزاب المتحالفة مع النظام، أو المتعايشة معه، كان يمتلك دائماً مصداقية أخلاقية على الأقل (إذا وضعنا جانباً المعنى والقيمة السياسية للنقد)، لأن هذه الأحزاب كانت بالفعل تضع نفسها في مواجهةٍ خطيرةٍ مع النظام، لم تكن الأحزاب العلنية لتجرؤ عليها. أي كانت الأحزاب الجريئة تدفع ثمن جرأتها. في اللوحة الجديدة، لا يتمتع النقد الذي يوجّهه معارضو الخارج لمعارضة الداخل بهذه المصداقية الأخلاقية، ذلك أن الداخل هو من يواجه خطر القمع والتضييق، فيما يتمتع من هم في الخارج بالأمان. بهذا المعنى، فإن جرأة الخارج الجريء مجانية. على أن الوثيقة التي نشرتها معارضة الداخل، الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) في استعدادها لمؤتمر كان سيعقد في 27 الشهر الماضي (مارس/ آذار)، ولم يسمح به النظام، تضمّنت طرحاً سياسياً جريئاً، لا يفضله طرح المعارضة الخارجية في شيء.

القول إن وجود معارضة الداخل شقّ المعارضة، وساعد النظام على المناورة واستثمار هذا التبعثر صحيح، لكن الحقيقة أن في مقدور معارضة الداخل أن تقول الشيء نفسه حيال المعارضة الخارجية. ومعلومٌ أن معارضة الداخل تبلورت في تنظيمٍ موحد، قبل أن تتبلور معارضة الخارج، هذا فضلاً عن أن القاعدة هي وجود المعارضة في الداخل، وليس في الخارج.

الحق أن المصير الذي انتهت إليه الثورة السورية لم ينجم عن اعتدال سياسة المعارضة الداخلية، أو عن جذرية المعارضة الخارجية، بل قاد إليه انقسام المعارضة بين داخل وخارج، وعدم وجود خط سياسي موحد ومستقل يخدمه من في الخارج ومن في الداخل معاً.

العربي الجديد

——————————

=================

تحديث 05 نيسان 2021

———————

تجميد أعمال اللجنة الدستورية السورية مقابل هيئة حكم انتقالي/ مالك الحافظ

في زحمة الحديث عن انتخابات رئاسية يعتزم الأسد وحليفه الروسي عقدها خلال الأسابيع المقبلة، والإشارة إلى تراجع الاهتمام الدولي بالقضية السورية حتى على صعيد الملف الإنساني والمساعدات المالية، تبرز مسألة جدوى استمرار اللجنة الدستورية والخيارات التي يمكن أن تطرح بديلة عنها.

وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال في نهاية شهر آذار الفائت، إن قرار مجلس الأمن رقم 2254 حول سوريا، لا يمنع إجراء انتخابات رئاسية دون تعديل الدستور أو كتابة دستور جديد لسوريا. وهو التصريح الذي يُمثّل اعترافاً ضمنياً من قبل لافروف أن روسيا استطاعت تمرير رغبتها منذ بداية طرح “مشروع” اللجنة الدستورية مطلع عام 2018، في تضييع الوقت داخل أروقة السياسة المتعلقة بالملف السوري حتى الوصول إلى انتخابات رئاسية جديدة تضمن سبع سنوات جديدة لبشار الأسد على رأس السلطة؛ التي تريد موسكو التحكم بها في فترة لاحقة لخدمة مصالحها في إعادة الإعمار.

بالمقابل فإن تصريح المفوضية الأوروبية أواخر شهر شباط الماضي، بأن الملف السوري لم يعد في سلم أولويات المجموعة الدولية، استبق النتائج المخيبة للآمال من مؤتمر المانحين الخامس في بروكسل حول سوريا، المنعقد أواخر شهر آذار، حيث لم تصل تعهدات المانحين إلى الهدف الذي أقرته “الأمم المتحدة” بتوفير أكثر من عشرة مليارات دولار للدعم الكامل للسوريين في 2021. فوصل كتعهدات أولية إلى 4.4 مليار دولار أميركي لعام 2021 (لا يعني أن هذا المبلغ سيتم توفيره كاملاً). ما يشي بعدم اكتراث أكبر ومعلن في هذه المرة في القضية السورية، واقتراب مصير مسألة الحل السياسي في سوريا من المجهول، فـ “حل اللاحل” بات أقرب من أي سيناريو آخر؛ إذا ما تدخلت المجموعة الدولية وللمرة الأخيرة، وعملت على “ردم الهوة” الأميركية الروسية، من أجل معالجة كل الاستعصاء الحاصل والانتقال نحو هيئة حكم انتقالي، مقابل تأجيل الانتخابات الرئاسية (يمكن لروسيا رسم شكل التأجيل كيفما تريد)، وتأجيل عمل اللجنة الدستورية بعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي.

لا بد من التساؤل بخصوص الفائدة من استمرار اللجنة الدستورية إن كان عملها بلا جدوى ومُعطّلاً من أي إنجاز منذ تأسيسها ( تشرين الأول 2019)، خمس جولات دون أي تقدم يُذكر؛ لا سيما أن موعد تشكيل اللجنة الدستورية كان محطة بارزة أدت إلى تقسيم المعارضة إلى عدة معارضات، فقسم منها رأى بأن الواقعية السياسية تجبر على منع تعطيل مسارات التفاوض القائمة، مقابل استمرار الجهود بالمطالبة في لزوم التوازي بين سلة الدستور وهيئة الحكم الانتقالي، رغم أن ذلك لم يكتب له التنفيذ، ولو أن المعارضة طالبت بذلك على استحياء في أواخر العام 2019، دون أن تُعير الدول الفاعلة في الشأن السوري لهذه التحركات المحدودة أية التفات، لا سيما أن تلك التحركات كانت بالأساس، تصريحات ضمن نطاق الاستهلاك الإعلامي.

لم يرغب وفد المعارضة في اللجنة الدستورية السورية بجنيف، أن يعلن اعترافه بعدم جدوى الاستمرار في جلسات اللجنة، وهو قد يكون محقاً في هذه الجزئية إذا ما اعتبر أن هذا الإعلان سيؤدي بالمجتمع الدولي إلى أن يعتبره الطرف المتسبب بتعطيل العملية السياسية في سوريا، إلا أن هذا المجتمع بات يتملل من الملف السوري، وصار واجباً وقبل الوصول للمحطة الأخيرة دون التوجه إلى رؤية حل ناجع ومنتج، أن يتم اتخاذ خطوة مفصلية وضمن محددات آلية الحل السياسي وفق القرار الدولي 2254، والضغط لتشكيل هيئة حكم انتقالي تتجاوز كل المسارات التي تم اختراعها في مراحل سابقة، بخاصة وأن تطورات الاستعصاء السياسي تلازمت مع مساهمات روسية لتأخير العملية السياسية، وهم الذين توافقت تصريحاتهم مع توجهات دمشق الأخيرة حيال الطلب من المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، بعدم تقييد عمل اللجنة الدستورية والابتعاد عن وضع جدول زمني لعملها ما يعني أن موعد انتهاء أعمال اللجنة سيبقى غير محدد، كما قالها فيصل المقداد وقبله المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف، مقابل اعتراف علني بتمييع عمل اللجنة وفق تصريح أحمد الكزبري، رئيس اللجنة المشترك عن وفد النظام، حينما قال إن اللجنة تناقش فقط مواضيع دستورية وليس مهمتها صياغة المضامين الدستورية. لا سيما أن روسيا قادت مسار التصعيد العسكري في الشمال السوري وقبله في مناطق أخرى من جنوب ووسط سوريا، بالتوازي مع مسار العملية السياسية الذي كانت تسيطر عليه من خلال إقران جولات التفاوض بانتهاء كل مرحلة خططت لها روسيا ضمن سياسة قضمها الميداني التدريجي في سوريا.

تلفزيون سوريا

———————————

المعارضة السورية والفرصة الأخيرة/ حسام الحميد

أتمت الثورة السورية العظيمة قبل أيام عامها العاشر، ولا تزال شعلة الحرية متّقدة في نفوس الآلاف من أبنائها المخلصين، تستمد قوتها من أحلام الشهداء وصرخات الثكالى من بين أنقاض البيوت المهدمة على ساكنيها، وتتقد أكثر بطموحات أطفال ترعرعوا في خيام النزوح وأرصفة المنافي في بلاد الشتات، يحلمون بالعودة إلى وطنٍ لم نعد نعرف ملامحه بعد عشر سنواتٍ عانى فيها من كل أشكال القتل والتدمير من نظام مجرم تفنن بكل أساليب الاعتقال والتعذيب والاغتصاب والتهجير الجماعي الممنهج، وذلك كله بوجود الاحتلال الإيراني لسورية، بمشاركة حزب الله ومليشيات طائفية، والاحتلال الروسي الذي جرّب كل أنواع الأسلحة الفتاكة على الشعب السوري.

مضت عشر سنوات، والمعارضة السورية، على الرغم من فرص كثيرة أتيحت لهذه للمعارضة لإثبات ذاتها وقدرتها على تشكيل وعي شعبي، يساهم في استعادة القرار الوطني السوري، إلا أنه، وبنظرة بسيطة إلى واقع حالها السياسي اليوم، نجد أنفسنا أمام ركامٍ هائلٍ من التناقضات في المواقف، وحالة من التشظي والتفكك لا تشبه أي واقع سياسي في أيٍّ من ثورات الربيع العربي، أو ثورات العالم أجمع، وما نراه اليوم من منصّات هامشية، تمثلها شخصياتٌ أكثر هامشيةً لتلعب أدوارا أقل ما يمكن القول عنها إنها هامشية، وكأن حالهم يتمثل قول الشاعر: عَلَى فَرْشِ الْبُغَاةِ تُجَرِّدُوا مِنْ سِتْرَةٍ كَانَتْ لهم وَثِيَابِ/ حَسِبُوا التَّعَري لِلْعَصَاَةِ تُقَدِّمَا وَتَحْضُرَا فِي هَيْئَةٍ وَلُبَابِ..

ولكنها (هذه المنصّات) لعبت دورا كبيرا في حالة التشظي تلك، حتى أصبح حال المعارضة السياسية عموماً اليوم كحال مجموعة دكاكين تصرّ على بيع منتج واحد فقط، فلا هي استفادت ولا حققت الفائدة للمستهلك. وهذا ما أوصل المعارضة اليوم إلى أن تكون في حالة انقطاع تام الصلة عن المجتمع المنوط بها تمثيله أصلاً، وفقدت كل رصيدها في الشارع المعارض، نتيجة أسبابٍ ذاتيةٍ ليس إِلَّا، محمولة على طموحات شخصية نرجسية لأشخاصٍ أسند لهم دور قيادي في مرحلة من المراحل، نتيجة تدخل دول عديدة لتغيير بنية المعارضة وهندستها، كيف ما أرادوا، لتتماشى مع المسارات السياسية المطروحة في ذلك الوقت. ولكن هؤلاء اليوم، والذين يسمون أنفسهم قيادة المعارضة السياسية، لا يزالون يتوهمون بأنفسهم، وقد استمرأوا حال الفراغ التي ملأوها، ولم يعودوا يتصوّرون أنفسهم في مناصب أخرى، أو يلعبون أدواراً أخرى غير التي هم فيها، أو يعودون إلى عيش الحياة الطبيعية، كما كانوا مثل باقي السوريين. هم يرفضون اليوم التخلي عن هذا الدور، والإصرار على إكمال المسيرة، وتبادل الأدوار فيما بينهم، وكأننا في مشهد للعبة الكراسي الموسيقية في قاعة مدرسية.

لقد أصبح الوضع اليوم، وبوجود هؤلاء، يوحي بأن أي محاولةٍ لتنسيق جهود السوريين، وتوحيد عملهم في هذا المشهد المزري، تبدو كمحاربة طواحين الهواء. لذا عى السويين اليوم أن يعملوا على دعم كل الجهود المخلصة والصادقة التي تسعى إلى استعادة القرار الوطني السوري وتوحيد الكلمة، فلا يمكن مواجهة الوضع السوري الرازح الآن تحت سيطرة الاحتلالات المتعدّدة، وبقايا قوى النظام، من دون معارضة سورية موحدة في كتلةٍ وطنيةٍ ديمقراطية، تمثل آمال شعب سورية، ومصالحه ومستقبله، بكل مكوناته وثقافاته، وهو الطامح إلى التغيير وبناء دولته الوطنية الحديثة.

ما يُراد قوله هنا أنه، ومع انبعاث الروح المتجدّدة للثورة السورية، في ذكراها العاشرة، وانطلاق مظاهرات الحرية مجددا في الشارع السوري، على قوى الثورة المخلصة التقاط هذه اللحظة التاريخية الثمينة، والعمل على إسقاط الشرعية عمّن تصدر المنابر العامة في مؤسسات المعارضة شتى، وإن حصل على توافقات دولية لوجوده، لا قيمة لها، في نظر من يتجرّع المرار في الداخل السوري. ولن تفيدنا في شيء اليوم محاولة هؤلاء التظاهر بمظهر الحريص على من يقيم في المناطق المحرّرة (متجاهلين تماماً الرازحين تحت سيطرة “قسد” أو ملالي إيران)، ومد جسور التواصل معهم، من خلال إقامة مركز هنا أو هناك، وهم لا يحتاجون لمن يركب جرّارا هنا، أو يزرع شجرة هناك، بل إلى من يقدّم لهم مصدر رزق للقمة العيش الحرّة والكريمة. لقد أن الأوان لجماهير الثورة التبرّؤ علنياً منهم، وإجبار جميع المتدخلين بالشأن السوري على الانصياع لإرادة السوريين الذاتية، وتغيير سياسة تجاذب المصالح، وتحقيق مصلحة السوريين أولاً.

ولن يتحقق هذا إذا لم يصدح صوتٌ واضحٌ منسقٌ قويٌّ من أهل الثورة السورية، يُسقط القناع عن الوجوه التي وافقت على العمل وفق أجندات غير سورية. غير ذلك، سوف نبقى ندور في الحلقة نفسها، المفرغة من سيطرة المعارضة الهامشية على قرار الثورة، وسيبقى أنين المعذبين في سورية فترة إضافية قد تطول عشر سنوات أخرى.

إنها الفرصة الأخيرة لهذه المعارضة، في ظل فقدان طغمة الحكم في دمشق أي أمل لها في البقاء، مع بقاء الأوضاع المأساوية التي تعيشها مناطق سيطرتها، والحصار الأقتصادي الخانق، وتفشّي فيروس كورونا بمستويات غير مسبوقة. ويدفع هذا كله المجتمع الدولي الآن للعمل على وضع المسار السياسي السوري، المتمثل في قرار مجلس الأمن 2254 على سكة الحل، مع توفر الإرادة الدولية اليوم لعدم السماح لروسيا بتعويم النظام، فمع كل ما سبق ذكره، فقدت روسيا إي إمكانية في إقناع أطراف أقليمية بالموافقة على عودة سورية إلى جامعة الدول العربية. ولم يعد من الممكن إطلاقاً إعادة تعويم النظام بأي شكل، ولن تفلح لعبة الانتخابات الرئاسية المزيفة التي يديرها الروس اليوم في إعادة أي أمل لتدوير رأس النظام، أو إعادة ذرة هيبة واحترام لهذا النظام المجرم من أيٍّ من دول الغرب أو الشرق، ولا الدول الشقيقة التي تدّعي حرصها على وحدة الصف العربي، وما إلى ذلك من كلام مهترئٍ بال عفا عنه الزمان، ولم يعد له صرف في قواعد اللعبة الدولية، فالعالم اليوم أصبح على مفترق طرق حقيقي، فإما أن ينتصر لعذابات السوريين، أو أن يقف إلى جانب الوحش الذي فتك بأرواح ملايين السوريين ودمائهم.

نقف اليوم جميعاً أمام الفرصة الأخيرة لهذه الثورة، وعلى السوريين أن يتخذوا الخطوات العملية، وعلى أرض الواقع، ومن الداخل، وبيد الثوار الحقيقيين لقلب الطاولة على رؤوس هذه الزمرة الفاسدة، وإسقاط الشرعية عنها، وكسب استحقاقٍ يعيد شرعية التمثيل في هذه الثورة العظيمة إلى أصحابها الحقيقيين، وإبعاد جميع المتسلقين والانتهازيين وممثلي الأجندات الإقليمية الذين تلحفوا بعباءة الثورة ورموزها وشعاراتها، ليجثموا كابوساً لا يقل قرفاً عن طغمة الحكم نفسها.

إعادة إحياء المظاهرات السلمية في كل مدن سورية وشوارعها، ورفع علم الثورة في كل بيت وزاوية، استعادة قرار الثورة، هذه هي الخطوة الأساسية الآن، والتي يجب أن تتبناها على قلب واحد جميع القوى الوطنية السورية المخلصة، للخروج من هذا الاستعصاء السياسي الذي كلف ولا يزال مزيداً من الدماء.

لقد أضاعت المعارضة السياسية أثمن فرص إيجاد حل لوقف النزيف السوري، وتم ارتكاب أفدح الأخطاء في حق هذه الثورة، وما زالوا مستمرّين في غيهم، لعدم وجود صوت سوري موحد، يسقط عنهم الشرعية، تماماً كما سقطت شرعية النظام. وينتظر أبناء الثورة بفارغ الصبر أن يدوي هذا الصوت السوري الحر اليوم، ويشكل عاصفة قوية تكنس جميع الغبار السميك المتراكم على صدور السوريين.

وسوف تشهد المرحلة المقبلة مخاضا عسيراً لولادة الثورة من جديد في الداخل السوري، ومن أبناء الثورة الأوفياء الذين لا يزالون على العهد، ويعملون الآن على استراتيجية التمييز والفصل بين الأيادي النظيفة والملوثة، تمهيدا لدراسة جذورها وتحديد الموقف منها (تمحيصا وتشخيصا) وتقرير كيفية التعامل معها، فإما مدّ يد العون لها ودفعها نحو الأمام أو اجتثاثها جذرياً. .. يحدث ذلك الآن تمهيدا لرسم الطريق ومفترقاته، وتحديد الخطوة التي ستحقق أمن الوطن وسلامته ومستقبله، على المعارضة أن تكتشـف الطريق، فالخطيئة اليوم لن يغفرها المستقبل.

العربي الجديد

———————–

=================

مسارات التفاوض السياسية/ أحمد علي الحريري

جنيف، آستانا، سوتشي، وأخيرًا اللجنة الدستورية بين كوفي عنان وبيدرسون

 أربعة أشخاص تمّ تكليفهم بالملف السوري، بصفة ممثل للأمين العام للأمم المتحدة: كوفي أنان، الأخضر الإبراهيمي، ستيفان ديمستورا، وغير بيدرسون.

يعتقد كثيرون بأن الدول الغربية وأفرادها لديهم منظومة أخلاقية، لا يمكن المساومة عليها، تتعلق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك تمامًا. كوفي أنان، الأفريقي، الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة البراغماتي الذي يهتمّ بالمصالح أكثر من المبادئ، كانت لديه الشجاعة الأخلاقية ليستقيل من مهمته، لأن الأطراف الدولية الفاعلة توفر غطاءً لنظامٍ يقتل شعبه، ولا يريدون إدانته ولا معاقبته. كذلك الأخضر الإبراهيمي الذي فضّل الاستقالة بشجاعة أخلاقية، عندما رأى عدم جدية النظام وعدم جدية مجلس الأمن في بدء مفاوضات حقيقية للوصول إلى إنهاء الصراع الدموي الدائر في سورية، مفضلًا الالتزام بأخلاقه التي منعته من بيع الوهم للسوريين وخداع العالم، بينما تكشفت الصورة الحقيقية للأوروبيين، فستيفان ديمستورا وغير بيدرسون كانا مكيافيليين حتى العظم، وسقطا في الاختبار الأخلاقي، لذلك استمرّا في بيع الوهم للسوريين والمجتمع الدولي، وتوفير غطاء للنظام لزيادة جرائمه، وتوفير أطول وقت ممكن له.

إن ما جرى في جنيف منذ 2014 لم يكن مصممًا ليكون عملية تفاوضية حقيقية، وخاصة منذ تولي ستيفان ديمستورا وظيفة ممثل الأمين العام، خلفًا للأخضر الإبراهيمي، وقد بدأ ديمستورا بالصيغة الجديدة التي شاهدناها، وهي الاجتماع على انفراد مع كل وفدٍ على حدة، وعدم جمع وفد المعارضة ووفد النظام وجهًا لوجه. وما يعزز هذا الفهم عدم وجود جدول أعمال واضح متفق عليه بين الجميع، لأن من أبجديات القاموس السياسي أن يكون هناك برنامج عمل وجدول متفق عليه، لإسناد النتائج إليه في حال التوصل إلى اتفاق ما، وثاني أمر هو أن ممثل الأمين العام ديمستورا كان مهتمًا بلغة الجسد لأعضاء وفد المعارضة، إذ كان يملي عليهم عدم الابتسام أو التفاؤل، أكثر من اهتمامه في وضع جدول أعمال حقيقي تستند إليه العملية، ويتسق مع مهمته تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254. أضف إلى ذلك تدخله في ما سيقوله وفد المعارضة، بعد كل جلسة لوسائل الإعلام. وكان واضحًا أنه يسعى لإطالة الأزمة، أو بالأحرى لتوفير الغطاء للنظام الذي كان يمعن في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين العزل.

طبعًا القرار 2254، تضمن إطارًا زمنيًا محددًا، وهو بطبيعة الحال استند على بيان جنيف لعام 2012 والنقاط الست المتضمنة فيه. وعندما تجاوز ديمستورا الإطار الزمني دون تحقيق أي تقدم يذكر، تفتق ذهنه بالاتفاق مع الروس وبمباركة أميركية، للانحراف عن مسار جنيف نحو آستانا 2017، ثم الانحراف نحو سوتشي، لينتهي مسلسل الانحرافات بمسار اللجنة الدستورية. طبعًا، كان القصد من مسار آستانا هو تفكيك تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات، وتدجين الفصائل المسلحة والتحكم في حركتها. أذكر هنا مكالمة لديمستورا مع رئيس الهيئة العليا للمفاوضات في حينها الدكتور رياض حجاب، ومساومته على زيادة عدد أعضاء الوفد من 15 عضوًا، ليصبح 22 أو حتى 25، لكن بشرط أن يكون نصفه تمامًا من الفصائل المسلحة. وهذا أمرٌ سبق أن حذّرنا منه في عام 2017، خلال ندوة أقامها مركز حرمون حول موضوع آستانا ومناطق خفض التصعيد. ولكن يبدو أن ديمستورا كان قد اتفق مع بعض الشخصيات الهلامية من فصائل المعارضة المسلحة على المضي قدمًا بمسار آستانا، مهما كانت مواقف الآخرين. وبطبيعة الحال، كان المستفيد هو النظام وديمستورا، كشخص يبحث عن مصلحته المادية في استمرار مهمته، بغض النظر عن الدم الذي كان يسفك كل يوم بآلة النظام والروس والإيرانيين المجرمة. ولم يكن ممكنًا للمعارضة الانسحاب، وروسيا وأميركا تديران اللعبة بخبث، ولم يكن بإمكان الأطراف إلا التحرك حسب ما هو مرسوم في حينه.

توجهات المجتمع الدولي وأميركا إدارة الأزمة وليس حلها

من المهم هنا، الإضاءة على مسألة مهمة، وهي سقوط المنظومة الأخلاقية الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي كان دورها سلبيًا ولا يرقى إطلاقًا إلى المكان الذي قالت إنها فيه، وهو مجموعة أصدقاء الشعب السوري. أميركا -حتى هذه اللحظة- ليس لديها استراتيجية للحل في سورية، وإنما تعمل وفق سياسة إدارة الأزمة وليس حلّها. وهذا أمرٌ مخيّب للآمال، ولا أخلاقي، من دولةٍ بحجم أميركا، ولا سيّما أنها تتبنى شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إلا إذا أقرّت أميركا أن سيادتها وبعض بنود دستورها يمرّ عبر الإرادة الإسرائيلية والصهيونية العالمية. كانت تتعامل مع وفد المعارضة، وكأنها الوصي عليه، وتستخف بشخوصه، ولا تحترم إرادته ولا إرادة مكوناته، إضافة إلى التحكّم في عددٍ كبير من الفصائل المسلحة، عبر غرف العمليات (الموك) و(الموم)، وهي مكون وازن في تركيبة الهيئة العليا للمفاوضات.

الأوروبيون لم يكونوا أفضل، فهم عاجزون ومترددون ويتبعون الأميركيين، ومصالحهم أهم بكثير من حياة الأبرياء، ومن تحقيق الشعارات التي يختبئون وراءها؛ ففرنسا كان يهمها ألا تقصف قوات التحالف معمل الإسمنت الفرنسي في الشمال السوري، أكثر من حماية أرواح الأطفال والمدنيين، ومبادئ الحرية والديمقراطية. وأميركا كان أمنُ إسرائيل بالنسبة إليها أهمّ بكثير من حياة ما يقارب 1500 إنسان، في مجزرة الكيمياوي بالغوطة، في آب/ أغسطس 2013. وبريطانيا لديها أوراق قوية لتلعبها أفضل من المكان الذي قبعت فيه تطلق كلامًا وشعارات فارغة المضامين. وها هي اليوم تعلن أنها عاقبت أشخاصًا من دائرة النظام، ونحن نعلم أن هؤلاء الأشخاص لا أهمية لهم، بينما كان بإمكانها معاقبة زوجة رئيس النظام التي تحمل الجنسية البريطانية، وهي التي أعلنت دعمها لاستخدام القوة ضد المدنيين، وتلعب الآن دورًا كبيرًا في السيطرة على اقتصاد البلاد.

وأوروبا كلّها صمتت، عندما أعلن كاردينال الكنيسة الارثوذوكسية الروسية أنه يدعم تدخل بوتين في سورية عام 2015، لأنها “حرب مقدسة”، ولم نسمع أي تعليق أو إدانة من الغرب “المتمدّن”، لا سيما أنها تصريحات غير مسؤولة وحاقدة، وتفوح منها ثقافة الغزو الصليبي المقيت.

أين أخطأت المعارضة وأين أصابت؟

أخطأت المعارضة السورية، منذ اليوم الأول، حين شكلت وفدها التفاوضي بناءً على مبدأ المحاصصة ودرجة الولاء، بعيدًا عن الكفاءة والأهلية والتخصص. كذلك بالنسبة إلى الاستشاريين والدعم الفني والتقني. فمثلًا تم تعيين أشخاص في الوفد وبعض الاستشاريين، لأنهم ينتمون إلى فئة معينة، أو حزب أو جماعة أو منصة أو تيار. وكثير من هؤلاء لا يملكون من المؤهلات ما يخوّلهم أن يكونوا في وفدٍ تفاوضي ولا في مسميات مهمة ضمن الوفد، ليناقش مسألة وطن وقضية أمة. كانوا مهتمين بالوقوف أمام كاميرات الأعلام، مرددين كلامًا فارغًا، والأنا المتورمة لديهم جعلتهم يعتقدون أنهم أصبحوا مفاوضين. البعض الأخر ارتكب أخطاء قاتلة، ولم يُحاسب لا من قبل حزبه ولا من الجهة التي سمّته في الوفد وأصبحت مسؤولة عنه، الأمر الذي يبين بوضوح أن هناك فسادًا مستشريًا في هذه الأجسام وأيديولوجياتها التي توجهها المكاسب والسيطرة على السلطة، أكثر من انخراطها في مشروع وطني حقيقي، يجمع جميع السوريين، ويعبّر عن طموحهم في دولة ديمقراطية يحكمها القانون. المخيب للآمال لدرجة النزيف هو أن مثل هؤلاء الأشخاص، بدلًا من محاسبتهم، تم الدفع بهم إلى مراكز متقدمة في أجسام المعارضة، بل أصبح البعض منهم يحركون بوصلة المعارضة، وهناك آخرون -تبعًا لدرجة ولائهم الشخصي لبعض المتنفذين- تم وضعهم في مراكز للنفع المادي، إضافة إلى معلومات كثيرة عن الفساد المالي لكثير منهم، بدأت تطفو على السطح الآن.

أداء المعارضة خلال الجولات التسع

مع الأسف، كان الأداء متواضعًا وضعيفًا، لنقص الخبرة والمحاصصة والإقصاء المتعمد للخبرات، إضافة إلى الارتهان للخارج. هذا طبعًا لا ينفي المسؤولية المباشرة عن المعارضة في ارتكاب أخطاء قاتلة، فليس كلّ شيء سببه التدخلات الخارجية.

الأمر الآخر المهمّ هنا هو موضوع السلال الأربع لعام 2017، الذي نتج عن آلية التشاور التي ابتكرها ستيفان ديمستورا، ووافقت عليها الهيئة العليا للتفاوض. لم نسمع حتى اليوم من أي شخص من الهيئة العليا توضيحًا لما جرى: لماذا وافق الوفد عليها؟ وهل وافقت الهيئة العليا عليها أم رفضتها، علمًا أن الهيئة العليا هي المرجعية العليا للوفد؟ لماذا لم نحصل على تفسير شفاف ومصارحة وتحديد المسؤول عن ذلك ومعاقبته؟

أسباب فشل جميع المحاولات

لا يحتاج الأمر إلى جهد كبير لفهم ما جرى، فمنذ البداية لم تكن ثمة عملية حقيقية تهدف إلى تحقيق نتائج تقود إلى حل حقيقي، لأنهم يعلمون أن النظام لن يقبل بأي شكل من الأشكال أن يتنازل عن سلطته، وهو الذي لم تستطع الأعمال العسكرية أن تسقطه، فكيف سيقبل بالمفاوضات. جميعهم يعرف هذه الحقيقة، لذلك تماهى الطيف الأغلب مما يسمى بالمعارضة، مع ما هو مرسوم، وأصبحت مهمة ديمستورا وبيدرسون، ومن ورائهم أميركا وروسيا، أكثر سهولة. تصريح بيدرسون منذ أيام بأن اللجنة الدستورية ليست الحل، ولا بد من نهج جديد، مرفوضٌ ويجب محاسبته عن طول المدة التي كان مسؤولًا فيها عن إدارة الملف، لأنه رفض هذا الكلام، عندما قيل له ذلك، وأصرّ على المضي في شراء الوقت للنظام. كذلك على المعارضة أن تحاسب كل المطبّلين الذين روجوا للقول إن اللجنة الدستورية بداية الحل، وأضاعوا شوطًا كبيرًا من الزمن، دفع السوريون فيه الثمن باهظًا، هؤلاء يستحقون محاكمة ثورية.

أخيرًا، يزدحم العالم العربي بمراكز بحثية كثيرة محسوبة على الثورة أو قريبة من المعارضة، كان من المفترض أن تقدّم المشورة والدعم الفني والاستشاري للوفد المفاوض، إلا أن ذلك لم يحصل، لأن غالبية هذه المراكز كانت مشغولة في الترويج لأيديولوجيات الجهات التي أنشأتها أو الأحزاب القائمة عليها، أو في بناء الأمجاد الشخصية لبعض الأفراد القائمين عليها، وبعضها أيضًا مارس سياسة الإقصاء، فقرّب وأبعد أشخاصًا، تبعًا لدرجة الولاء الأيديولوجي أو الشخصي أو كلاهما معًا. لذلك، لم يكن أمام وفد المعارضة وثائق تشكل حاملًا وطنيًا واضحًا لتسير عليه، وبقيت مضطربة الاتجاه، في حين كان هناك أربع مجموعات استشارية وقانونية، كلها أجنبية، مكلفة بتقديم المشورة والنصح القانوني لوفد المعارضة، وهي: مجموعة (بي أي إل بي جي) وهي مجموعة استشارية قانونية تابعة لوزارة الخارجية الأميركية؛ مجموعة “الدبلوماسيين المستقلين”، وهي مجموعة بريطانية تابعة لوزارة الخارجية البريطانية؛ مجموعة “سكوير باتن بوغيس”، وهي أيضًا مجموعة استشارية أميركية، محامون وأعضاء كونغرس سابقين؛ مجموعة “جوناثان باول”، وهي مجموعة بريطانية أيضًا.

جميعها كانت معنية بتقديم النصح والمشورة القانونية للوفد المفاوض، قدّم بعضها مساهمات خجولة، وكان فيها من السمّ أكثر من العسل، بينما لم يقدّم أيّ مركز عربي لا سمًا ولا عسلًا. وفي كل الأحوال، نحن لم نقدّم للأمم المتحدة أو أي جهة ما معنية أيّ ورقة وردتنا من هذه المجموعات كما هي، حتى بعض الترجمات كنّا ندققها ونصححها بما يتناسب مع توجهنا وانتمائنا وتطلعاتنا. نحن ما قدمناه كان -على تواضعه- منتجًا وطنيًا، نتمنى أن تتاح الفرصة لكل الخبرات والكوادر السورية، دون أي إقصاء لأيّ منها، بأن تسهم مستقبلًا في أي حدث ممكن أو مسار سياسي، وفي تأطير هذه الكوادر، لتسهم في إعادة بناء سورية ونهضتها من جديد.

مركز حرمون

——————–

هيئة الانتخابات السورية بين النظام والائتلاف والإدارة الذاتية/ حسان الأسود

أعلنت الإدارة الذاتية لمنطقة شمال شرق سورية، المتمثلة بمجلس سورية الديمقراطي (مسد)، على لسان نائب رئيس الهيئة التنفيذية فيها، حكمت حبيب، قبل أيام، في مقابلة أجراها معه موقع “الحل نت”، عن إنشائها مفوضية عليا للانتخابات، تمهيداً لإجراء انتخابات شاملة خلال المرحلة المقبلة في مناطق سيطرتها. وأضاف أنّ “تشكيل مفوضية عليا للانتخابات جاء نتيجة لعمل لجنة المتابعة المنبثقة عن مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات التي لا تزال تعقد اجتماعاتها دورياً وبشكل شهري”، مؤكّداً أنّ “الانتخابات ستجرى خلال المرحلة المقبلة، بهدف إتاحة الفرصة والدور لمن كان في المنطقة الرمادية للمشاركة في الإدارة الذاتية”.

وتأتي الخطوة المتّخذة من الإدارة الذاتية دليلاً واضحاً على أهميّة هذا الملف، مع الأخذ بالاعتبار الظروف المحيطة به، والمسارات الموازية في مناطق سيطرة النظام من جهة، وقوات المعارضة المدعومة من تركيا من جهة ثانية، وقوات هيئة تحرير الشام من جهة ثالثة، وبغضّ النظر عن طريقة إخراجه وآليات تنفيذه ومدى شموله. ولا بدّ من قراءتها ضمن هذا السياق، خصوصاً أنّ تحضيرات نظام الأسد لإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية تجرى على قدم وساق في مناطق سيطرته، ولا تقدح في جدّيتها التصريحات المتضاربة لحلفائه الروس، والتي يقصد منها المماطلة كسباً للوقت لا أكثر، خصوصاً وأنّ الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كان قد أصدر، قبل عدّة أشهر، قراراً مماثلاً بإنشاء مفوضية وطنية للانتخابات، لكنّه ما لبث أن تراجع عن قراره هذا تحت ضغط الشارع الثوري.

وقد يخطر ببال حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام، في مقبل الأيام، أن تعلن عن إنشاء هيئة مشابهة، خصوصاً أنّها تتبّع سياسة تصفير المشكلات مع الأميركيين بالدرجة الأولى، وهذا ما بات واضحاً في المقابلات الصحافية المتكرّرة لقائد الحركة، أبو محمد الجولاني، الذي يعتقد أن من الممكن للمجتمع الدولي قبول وجود إمارة إسلامية معتدلة شمال غرب سورية، إذا ما قبلت أميركا ذلك، وما يشجّعه كثيراً هو التحوّل الكبير في السياسة الأميركية تجاه حركة طالبان. أمّا عقدة كون الديمقراطية كفراً في معتقد الحركة، فهي عقبة صغيرة يمكن تجاوزها، عندما تكون المصلحة السياسية واضحةً لدى قادة هذا التنظيم، فقليل من الديماغوجيا الإعلامية قادر على مسح الشعارات الرنانة ولحس عقول الأتباع.

الانتخابات من أهم الأدوات الدستورية السياسية للتعبير عن الإرادة الشعبية. وفيما يخصّ الملف السوري، ورد ذكرها ضمن قرار مجلس الأمن رقم 2254 إحدى الخطوات النهائية لحلّ الصراع الدائر منذ عشرة أعوام. وتأتي أهميتها بتطبيقها بالترتيب، بعد إنجاز خطوات حسن النية المتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين، وبعد تأمين البيئة الآمنة والمحايدة، وبعد تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات، وبعد كتابة الدستور التوافقي. وأكثر من ذلك، ربطت جميع القوى الفاعلة بالملف السوري مسألة إعادة الإعمار ورفع العقوبات بموضوع الانتقال السياسي الحقيقي وفق مقرّرات بيان جنيف 1 والقرارات الدولية ذات الصلة، وقد أوضحت الإدارة الأميركية، وكذلك الاتحاد الأوروبي، بصراحة موقفهما الرافض أية انتخابات يجريها نظام الأسد خارج إطار التوافقات الدولية.

استدركت الإدارة الذاتية الخطأ الذي وقعت به قوى الثورة والمعارضة من قبل، عندما تجاهلت أهمية الانتخابات بوصفها أحد أسباب اكتساب الشرعية للسيطرة الفعلية على الأرض. من هنا جاءت خطوتها هذه للبدء بعمليات تحضير واسعة للبنى التحتية الخاصّة بالانتخابات، وهذه ستشمل من بين مفرداتها تدريب الكوادر الفنية المختصّة على خوض غمار المراقبة والمتابعة لمجمل مفاصل العملية الانتخابية. وهذه النقطة من أهم النقاط التي لم تستوعبها قوى الثورة والمعارضة السورية، فهي أسيرة شعارات جامدة وخطابات خشبية، وكأنّ سورية لم تنقلب رأساً على عقب خلال الأعوام العشرة المنصرمة.

للعمل على إنجاح الانتخابات، لا بدّ من القيام بتحضيرات كثيرة تبدأ الآن. ولعلّ أهمّ خطوات مشروع انتخابات ناجحة إنجاز بنية تحتية ملائمة، فلا بدّ من أن تتضمّن هذه البنية القواعد الدستورية والقانونية، أي البنية التشريعية اللازمة، من حيث قوانين الانتخابات والأحزاب والإعلام، وغيرها مما يتصل بشكل مباشر بالعملية الانتخابية، وكذلك ترتيب العلاقة بين السلطات التنفيذية والقضائية، وتوزيع الأدوار وإدارة العملية من جهة واحدة مستقلة، وهذا ما تعمل عليه الإدارة الذاتية بشكل ممنهج، فحتى لو خلصت العملية السياسية إلى غير ما ترغب هذه القوى من إعلان دولة مستقلة، أو إقليم منفصل، أو حتى حكم شبه ذاتي، فإنها تكون قد أسّست لبنية تحتية قابلة للتطوير ضمن إطار فيدرالية ضيقة، أو حتى لا مركزية إدارية موسّعة.

لن يكون الحل بيد طرف واحد في سورية، لا النظام ولا قوى الثورة ولا قوى وسلطات الأمر الواقع، بل سيكون مشتركاً بينهم جميعاً، وسيكون بالأدوات الشرعية التي يعرفها المجتمع الدولي ويعترف بها، وأهمها الانتخابات. لم تستوعب أغلب قوى الثورة والمعارضة بعد أنّ الأمور لا تأتي بدون مقدمات، وأنّ الانتصارات لا تتحقّق برفع الشعارات فقط من دون امتلاك أسبابها. لم يقتنع فرسان “السوشيال ميديا”، الذين كان لهم، بالمناسبة، الدور الأكبر في تراجع “الائتلاف” عن قراره، بأنّ إنشاء مفوضية وطنية للانتخابات ضرورة ملحّة، وليس ترفاً أو تزيّداً لا طائل منه.

وجود جهة مستقلة حيادية احترافية قادرة على إدارة الانتخابات، بمستوياتها الرئاسية والبرلمانية والمحلية في سورية المستقبل، أمرٌ لا غنى عنه، وعلى القوى المقابلة للنظام السوري أن تبدأ ببناء مؤسساتها التي ستصبح في المستقبل جزءاً من بنية الدولة السورية الجديدة، بعد زوال نظام الاستبداد. بدون كوادر مؤهلة ومدرّبة قادرة على إدارة العملية التنافسية بشكل محترف، ستتمكّن قوى النظام القديم من الفوز بأية انتخابات مقبلة، فالمسألة تقنية إلى جانب أنها جزء من العملية السياسية، ومن يمتلك الأدوات يمكنه الوصول إلى الأهداف.

على الجميع أن يدرك أنّ الزمن الضائع ثمين، ومن يتحضّر باكراً للمشاركة في العملية السياسية سيقطف الثمار الناضجة، ومن يتخلّف عن العمل أو يمتنع تحت شعارات وحجج واهية سيبقى خارج اللعبة. وعلى السوريين أنّ يتعظوا من تجربة القوى السياسية في العراق. أدركت الأحزاب المشاركة في مجلس سوريت الديمقراطي ذلك، وتعمل عليه بكلّ جد وإخلاص، والنظام يملك مؤسسات الدولة بطبيعة الحال، فهل تدرك قوى الثورة والمعارضة الأمر، أم تبقى نائمةً في العسل، تحلم بزرقة السماء وروائح الياسمين وأصوات العصافير؟

العربي الجديد

————————-

============================

تحديث 14 نيسان 2021

—————————-

المعارضة

عن الجديد في جبهة وطنية ديمقراطية/ عروة خليفة و صادق عبد الرحمن

اكتسب الإعلان عن قرب تأسيس جسم سياسي سوري جديد في شهر آذار (مارس) الماضي زخماً استثنائياً، وذلك لسببين اثنين، أولها أن الإعلان الذي تداولته وسائل الإعلام تحدّث عن مؤتمر تأسيسي علني في دمشق، في يوم محدد هو السابع والعشرون من آذار، يحضره ممثلون عن قوى سياسية معارضة أبرزها هيئة التنسيق، الحاضرة في الهيئة العليا للمفاوضات إلى جانب الائتلاف وغيرهما من منصات المعارضة الأخرى، والتي تقول بضرورة رحيل النظام تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254. أما السبب الثاني فهو أن الإعلان جاء مترافقاً مع تدهور اقتصادي متسارع يبدو النظام عاجزاً عن تداركه، ومع ما بدا حراكاً سياسياً يشي بأن ثمة تغييرات مقبلة في معطيات المعادلة السورية المستحيلة الحلّ، إذ كان قد سبق ذلك ضجة حول تأسيس مجلس عسكري انتقالي سوري، وجولة روسية على دول الخليج العربي تزامنت مع ظهور رياض حجاب على الساحة مجدداً بعد طول غياب.

وقد دفع اجتماع هذه الظروف إلى شيوع اعتقاد بأن مشروع الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) ما كان ليتم الإعلان عنه بهذه الطريقة لولا مؤشرات على تحولات جدية وشيكة في الملف السوري، ولولا أن هناك معطيات لدى هيئة التنسيق وحلفائها تقول إن الفرصة باتت مواتية لخلق جسم معارض جديد، يكون هو الشريك في الحلّ السياسي المرتقب، ويكتسب شرعيته من وجوده في دمشق، الأمر الذي لا يمكن أن يحدث دون غطاء أو موافقة ضمنية من الجانب الروسي، خاصة أن الرؤية السياسية للجنة التحضيرية للجبهة تتحدث عن «إنهاء نظام الاستبداد القائم بكل رموزه ومرتكزاته» وعن «التغيير الجذري للنظام القائم، والتحول الديمقراطي الشامل». لكن سرعان ما تجاوزت الأحداث كل هذا خلال أيام قليلة، إذ مَنَعَ النظام انعقاد المؤتمر بذريعة عدم حصوله على ترخيص، ولم تكن هناك مؤشرات تقول إن السفارة الروسية في دمشق كانت تنوي حتى تلبية الدعوة لحضوره، فيما تراجعت عن المشهد الأحاديث والتكهّنات عن قرب حدوث تحولات مهمة في الملف السوري، وعادت لتختفي وراء مشاهد تفاقم الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلد، ووراء الدعم الروسي المستمر للأسد في كل المناسبات والاجتماعات والمحافل الدولية.

لكن القائمين على مشروع جود لا يزالون يقولون في أحاديثهم لوسائل الإعلام إنهم سيعقدون مؤتمرهم من دمشق، مرجِّحين أن يكون ذلك في شهر نيسان (إبريل) الجاري، كما يؤكدون أنهم لن يطلبوا إذناً أو ترخيصاً من النظام أو من غيره. وصحيح أن التوقيت الذي تم فيه الإعلان عن المؤتمر يشي بأن وراءه دوافع متعلقة بالظرف السياسي والاقتصادي الراهن، إلا أن الصحيح أيضاً أن المشروع في حد ذاته لم يكن استجابة سريعة لحدث طارئ، ذلك أنه مطروح منذ زمن بعيد، حتى أن صفحة الجبهة على فيسبوك موجودة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وكانت قد أعلنت عن رؤيتها السياسية منذ مطلع كانون الأول (ديسمبر) 2020، وأصدرت بيانات رسمية في مناسبات عديدة. وهو ما يؤكده بسام سفر، عضو المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي (أحد مكونات جود وهيئة التنسيق)، الذي قال في حديث مع الجمهورية.نت إن المشروع مطروح أصلاً منذ نحو أربع سنوات.

كذلك ليس الخطاب العام للمتحدثين باسم مكونات الجبهة ولجنتها التحضيرية جديداً، بل هو يذكّر بأجواء الأشهر والسنوات الأولى بعد قيام الثورة، عندما طرحت هيئة التنسيق الوطنية نفسها نقيضاً لنظام الاستبداد، الذي تطالب بإنهائه بكل رموزه ومرتكزاته منذ انطلاقتها، فيما كان النظام ولا يزال يواجه حضورها وخطابها بالتضييق الأمني وإغلاق مساحات العمل، بالقوة والاعتقالات والترهيب، لكن دون أن يتجه إلى محاولة استئصال هذا الحضور وإنهائه كلياً. كما طرحت الهيئة نفسها أيضاً نقيضاً لـ«المعارضة الخارجية» والمعارضة «التي تستقوي بالسلاح»، معتبرةً أن مصدر شرعيتها هو سلميتها ووجودها العلني في «الداخل»، وهو الخطاب الذي تراجع حضوره قليلاً بعد خروج عدد لا بأس به من كوادرها من البلد، وبعد شراكتها مع الائتلاف في الهيئة العليا للمفاوضات، إلا أنه لم يَغِب في أي وقت، وتجري استعادته اليوم في سياق الحديث عن مشروع جود، أو التذكير به بشكل أو بآخر عبر تكرار استخدام كلمة «الداخلية» في سياق وصف مكوِّنات الجبهة السياسية.

ليس المشروع جديداً تماماً إذن، لكن فيه عناصر جديدة دون شك.

مكونات جود

هيئة التنسيق الوطنية هي المكوِّن الرئيسي في الجبهة الجديدة، وتتألف الهيئة من عدة قوى سياسية أبرزها حزب الاتحاد الاشتراكي ذو التوجهات القومية العربية، وحزب العمل الشيوعي، وكان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي أحد مكوناتها الرئيسية – قبل أن ينسحب منها متابعاً مشروعه الخاص في قوات سوريا الديمقراطية وإدارتها الذاتية. وبشكل عام، تتألف هيئة التنسيق من تيارات وقوى وشخصيات ذات خلفيات قومية ويسارية، لديها موقف جذري مناهض للنظام، ولدى أغلبها تاريخ قديم في مناهضته من مواقع أيديولوجية متعددة، لكنها حرصت على اتخاذ تموضع سياسي مختلف عن القوى والأحزاب والتيارات الحاضرة في الائتلاف، معتمدةً خطاب «المعارضة الداخلية» في مواجهة «معارضة خارجية» كنقطة تمايز رئيسية كما أسلفنا.

وقد أعلنت اللجنة التحضيرية لجود أنّ قوى سياسية من خارج هيئة التنسيق ستنضم إلى الجبهة الجديدة، من بينها «المبادرة الوطنية»، وهي تيار سياسي يقوده معارضون سوريون يتخذون من محافظة السويداء مقراً لهم، حسب المعلومات التي حصلت عليها الجمهورية.نت. كما تضم جود حزب التضامن، وهو حزب حاصل على ترخيص من هيئة الأحزاب في وزارة الداخلية التابعة لحكومة النظام السوري، يحمل في خطابه ميولاً قومية عربية ذات أبعاد يسارية، لكن ليس في خطابه ما يشي بأي موقف معارِض للنظام. وبخصوص هذا التناقض الظاهر، بين مسار حزب التضامن ومسار هيئة التنسيق ومواقفها السياسية المعلنة، يقول بسام سفر للجمهورية.نت: «طالما يوافق الحزب أو التيار السياسي على بيانات الجبهة التي تتحدث بشكل واضح عن تغيير سياسي جذري في سوريا بناءً على القرار 2254، فإن ذلك لا يشكل أي تناقض بالنسبة لنا كأحزاب مكونة لهيئة التنسيق والجبهة الوطنية الديمقراطية».

وتفيد البيانات والتصريحات الرسمية بأن الحركة التركمانية السورية ستكون جزءاً من الجبهة الجديدة، وكانت الحركة في وقت سابق جزءاً من مجلس سوريا الديمقراطية، أي حليفاً سابقاً لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، إلا أنها انفصلت عن المجلس لاحقاً. يعني تموضعها السابق هذا استحالة انضمامها للائتلاف. ويبدو أن الحركة رأت في مشروع جود تحالفاً مناسباً لها، وهو ما يؤكده محسن حزام، عضو اللجنة التحضيرية للجبهة الوطنية الديمقراطية عن حزب الاتحاد الاشتراكي، في حديث له مع الجمهورية.نت. يضاف إلى الحركة التركمانية تجمعات وتيارات ومبادرات أخرى، من بينها رابطة الشيوعيين في السويداء وتيار مواطنة، وجميعها تحمل خطاباً عاماً قريباً من خطاب هيئة التنسيق.

كذلك تتحدث الأنباء عن انضمام أحزاب كردية للجبهة، هي الحزب التقدمي الكردي وحزب الوحدة الكردي (يكيتي)، اللذان يعملان اليوم بشكل مستقل عن كل من المجلس الوطني الكردي ومجلس سوريا الديمقراطية. إلا أنّ مصادر من داخل جود قالت للجمهورية.نت إنّ الحزبين فضّلا تأخير إعلان انضمامهما الرسمي إلى ما بعد انعقاد المؤتمر التأسيسي، وفي هذا السياق حصلت الجمهورية.نت على معلومات من مصادر مقربة من حزب الوحدة الكردي تفيد بأنّ التأخير أتى على خلفية نقاشات ضمن الحزب وأخرى مع حلفائه، انتهت إلى ضرورة انتظار موقف واضح من الجبهة بخصوص القضية الكردية، مع وجود اعتراضات على بعض مواقف مكوناتها من هذه المسألة، وهو ما تسبب في تأخير الإعلان الرسمي عن انضمام الحزب.

تموضع جود السياسي

انطلقت العديد من التقديرات السياسية من فكرة أنّ الإعلان عن مؤتمر سياسي للمعارضة السورية في دمشق مؤشر على محاولات لنقل العملية السياسية إلى دمشق، وهو ما أشار إليه عضو في الائتلاف السوري المعارض لم يكشف عن اسمه في تصريح لصحيفة القدس العربي. لكن بالمقابل، جاءت تصريحات المتحدثين باسم لجنة جود التحضيرية وبياناتها الرسمية على العكس من ذلك، ساعيةً إلى تثبيت الموقف السياسي ذاته الذي حملته هيئة التنسيق خلال السنوات الماضية. عن هذا يقول محسن حزام للجمهورية.نت: «جود ليست بديلاً عن أحد، وبالتأكيد لن تتخلى هيئة التنسيق التي انضوت أحزابها مؤخراً في جود عن الشراكة القائمة في الهيئة العليا للمفاوضات. سمعنا تصريحات بهذا الشأن من عضو الائتلاف في القدس العربي، وهي مخالفة تماماً للواقع». وفي هذا الإطار، قالت مصادر مقربة من هيئة التنسيق للجمهورية.نت إنّ الهيئة تعتبر أن تصريح عضو الائتلاف لم يكن سوى انعكاس للخلافات ضمن الهيئة العليا للمفاوضات، وذلك بعد الشكاوى المتعددة لهيئة التنسيق من تفرّد الائتلاف بالقرار. وكانت هيئة التنسيق قد أعلنت عن خلافات بينها وبين الائتلاف في الهيئة العليا للمفاوضات، وكان ذلك – بحسب مقربين من الهيئة – تعبيراً عن رفض تحكّم طرف إقليمي واحد هو تركيا بقرار الائتلاف، ورفض ابتعاده عن الأجواء التوافقية التي أُقيمت الهيئة العليا للمفاوضات على أساسها.

يضيف عضو اللجنة التحضيرية لجود محسن حزام في حديثه للجمهورية.نت: «نحن لم نطرح أنفسنا بديلاً لأحد، لكننا من خلال الإعلان عن جود في هذا التوقيت، كنا نحاول كسر الانسداد التام في العملية السياسية المرتبطة بسوريا، وتغيير حالة العطالة التي وصلت إليها المعارضة السورية نتيجة الخلافات الداخلية، وهذا لا يعني أبداً أننا سنتخلى عن أي من مواقفنا الواضحة من النظام السوري، ولا من مسألة التغيير الديمقراطي الجذري في سوريا وفق القرارات الدولية». في الاتجاه نفسه، يؤكد بسام سفر خلال حديثه مع الجمهورية.نت على هذه النقطة، ويضيف أن «الحديث عن توجهات لاستبدال الائتلاف أو هيئة المفاوضات غير صحيح، على الأقل ليس من قِبَلِنا، فهذه المؤسسات شُكِّلت برعاية دولية هي التي تمتلك على أرض الواقع قرار حلّها بشكل نهائي. وفي الأصل، كانت فكرة تشكيل الجبهة الوطنية الديمقراطية خلق تحالف سياسي يضم القوى الديمقراطية من أجل مرحلة ما بعد الانتقال السياسي، ما يعني أن مهمة جود ليست استبدال أحد من أطراف المعارضة، بل تشكيل تحالف أوسع لمواصلة النضال من أجل الديمقراطية في سوريا».

ما الجديد إذن؟

لا يبدو حتى الآن أن مشروع جود يتضمن جديداً على صعيد الخطاب أو الموقع السياسي، فهو لا يقدم خطاباً سياسياً مختلفاً عن خطاب هيئة التنسيق، ولا يخلق تموضعاً سياسياً جديداً في السياق السوري. لكنّ ما يبدو واضحاً هو عمل أحزاب هيئة التنسيق على عقد تحالفات جديدة أوسع مع جهات تمتلك حضوراً على الأرض في مناطق سيطرة النظام السوري، وعلى عقد تحالفات جديدة في الأوساط السياسية الكردية. أما الجديد الأبرز فهو الظروف التي رافقت الإعلان عن المؤتمر التأسيسي الشهر الماضي، الذي يبدو واضحاً أنه لم يكن فقط نتيجة شهور وسنوات من العمل التحضيري، إذ تُظهِر مواقف المتحدثين باسم اللجنة التحضيرية للجبهة ارتباط هذا الإعلان بحالة الانسداد في المسار السياسي السوري، ما يعني أنها محاولة لالتقاط مؤشرات من القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في هذا الملف، وللتفاعل مع الظروف الطارئة بغية إحداث تغيير في المعادلات القائمة.

ولكن بنتيجة التفاعل الصفري للقوى الدولية مع كل المبادرات الحالية، بما فيها مبادرة جود، لا يبدو أن هناك فائدة سياسية مباشرة من إنشاء أي تحالفات جديدة تستأنف التحالفات القديمة. وإذ تحاول قوى وشخصيات سياسية سورية كثيرة رمي أحجارها في مياه الحل السياسي السوري الراكدة، لا يبدو أن لدى أي منها حجراً ثقيلاً قادراً على تحريك هذه المياه فعلاً، أما الجهات الدولية والإقليمية القادرة على التحريك، فلا يبدو أنها تريد ذلك الآن. ليس قبل أن تنضج التفاهمات، أو قبل أن يأتي حدث كبير يغير من معطيات المعادلة الراهنة.

موقع الجمهورية

———————————-

في مدى واقعيّة تسليم سوريا لمجلس عسكري مؤقت/ شاهين أحمد

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن احتماليّة تسليم الحكم في سوريا لمجلس عسكري بصورة مؤقتة لحين جدولة وهندسة الانتقال السياسي، وإجراء انتخابات رئاسيّة وبرلمانية، ووضع دستور جديد للبلاد.

ويطرح بقوة اسم العميد مناف طلاس لرئاسة هذا المجلس، والعميد طلاس هو نجل وزير الدفاع السوري الراحل مصطفى طلاس، وبالتالي فإنّه -أي العميد مناف طلاس- هو شخصية معروفة ومقبولة من قبل الوسطين، الموالي للنظام والمعارض له، ومقبول من أطراف إقليمية وعربية ودولية وازنة، ولم يشارك في المجازر المرتكبة بحق الشعب السوري بعد اندلاع الاحتجاجات في منتصف آذار 2011، كما أنّه لم يشارك في أي إطار أو منصّة معارضة رسمية خلال مرحلة تفريخ المنصّات والمعارضات، بمعنى أنّه لم يُستهلك في مرحلة حرق المعارضات وواجهاتها ومتصدّريها.

هل فكرة المجلس العسكري حاجة سورية، وتعبير عن توافق دولي واقعي، وضرورة ميدانية، أم أنّها مجرد فقاعة للاستهلاك الإعلامي؟

السوريون لهم ألف حكاية وحكاية مع العسكر، ذاكرتهم مليئة بالمشاهد المرعبة والمؤلمة من ظلم العسكر، وحاضرهم شاهد على هذا الظلم، وكي لا يخرج علينا البعض البعيد عن الوطن، والذين نسوا تماماً معالم سوريا وتضاريسها، وواقعها، وتركيبة مجتمعها الخليط بين الأهلي والمدني والقبلي، ويقول بأنّ قضية تسليم سوريا لمجلس عسكري هي خيانة لتضحيات الشعب السوري وشهدائها ومفقوديها ومهجريها، وبدون أدنى شك لا أحد يختلف أن ما قدمه الشعب السوري من تضحيات كانت كافية لتحرير نصف العالم، ولكن المصالح كان لها رأي آخر، وكذلك العامل الذاتي المتعلق بفشل السوريين في فرز طبقة سياسية معارضة مختلفة عن النظام فكراً وثقافة وقدرة على تمثيل الشعب السوري، بكل مكوناته، القومية والدينية والمذهبية، تمثيلاً حقيقياً بعيداً عن الإقصاء والتمييز، وإقناع المجتمع الدولي بأنّها -أي الطبقة السياسية المعارضة- قادرة على إقامة البديل الوطني الديمقراطي المعبر عن مختلف مكونات الشعب، ومراعاة التوازنات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

ونحن هنا لسنا بوارد الوقوف على أسباب انحراف الثورة، والأطراف التي تسببت في انتكاستها. وبدون أدنى شك إنّ الشعب الذي قدّم مئات الآلاف من أبنائه قرابين لنيل الحرية، والتخلص من الدكتاتورية، لا يليق به إلا نظام ديمقرايطي تعددي على مسافة واحدة من جميع مكوناته، ودولة اتحادية لتوزيع السلطة والثروة بشكل عادل على جميع أفراده. ولكن علينا ألا نقفز أبداً على الواقع بعد أن أكملت الثورة عشريتها، ودخلت في العقد الثاني من عمرها، وما شهدته من انحرافات وانتكاسات، وتشكل واقع مؤلم، حيث تحوّلت سوريا إلى مكب للنفايات البشرية، وتحوّل البلد إلى ساحة صراع للمصالح الإقليمية والدولية، وخرجت المبادرة من أيدي السوريين بشكل شبه نهائي، ألا يتطلب ذلك منّا كسوريين وكمعنيين بمصير الثورة، أن نعيد النظر بكل ما حصل، وأن نفكر بشكل جدي بالبدائل؟.

من جهة أخرى،  أليست كل هذه المساحات التي شملتها ثورات الربيع كانت محكومة لعقود من قبل مجالس عسكرية بطلاء مدني منذ نشوء الدول الحديثة، بحدودها السياسية والإدارية المعروفة، والتي رسمها المنتصرون في الحرب العالمية الأولى من خلال ما عرف باتفاقية سايكس – بيكو لعام 1916، التي وقعتها فرنسا والمملكة المتحدة وروسيا، وخروج الأخيرة منها بعد قيام ثورة أكتوبر الاشتراكية فيها سنة 1917.

من قال بأنّ النظم المستقبلية التي ستحكم المنطقة، ستكون نابعة من إرادة شعوبها بشكل كامل، وأنّ اللاعبين الكبار سيكونون بعيدين عن تصميمها وتنصيبها وفرضها على شعوب المنطقة من جديد. بعد كل هذه التضحيات والدماء والخراب والدمار، ألا يتوجب علينا أن نعيد قراءة الأحداث من جديد وبشكل أكثر واقعي، ونفكر بوقف حمام الدم السوري، وإيقاف ماكينة الكراهية؟.

كي لايفهم أحد بأنّنا من أنصار تسلّم العسكر للسلطة، نقولها بمنتهى الوضوح إنّنا من أنصار المشروع الوطني السوري التغييري الشامل، والقائم على التخلّص من كافة أنواع الاحتلالات المقنعة والمباشرة، وإخراج جميع الغرباء والوافدين من خارج الحدود، لإعادة إنتاج جمهورية سورية اتحاديّة، ونظام ديمقراطي وطني تعددي مدني على مسافة واحدة من جميع مكونات الشعب السوري، القومية والدينية والمذهبية، ولكن هذا لا يمنع البحث عن كل الطرق، وسلوك مختلف المسارات للوصول إلى هذا الهدف. لنعود من جديد إلى سؤالنا الأساسي: هل المجلس العسكري حاجة سورية، ويشكّل مساحة توافق دولي وواقعي وضرورة ميدانية؟.

سؤال قد يجده البعض بسيطاً للوهلة الأولى، ولكنه صعب ومعقد لدرجة لا يمكن الإجابة عليه بشكل كامل، وذلك نظراً لتعقيد الوضع الميداني في سوريا، نتيجة وجود جيوش عدة دول كبيرة، من أمريكا وروسيا وتركيا وإيران وغيرها، ولكل دولة من هذه الدول شركاتها الأمنية، وميليشياتها الطائفية، ومرتزقتها وأدواتها الميدانية العاملة على مساحة الوطن السوري، من شماله إلى جنوبه، ومن غربه إلى شرقه. بمعنى آخر إنّ أية صيغة عسكرية يجب أن تحظى بموافقة ورضى المتدخلين في الشأن السوري، ولا يمكن أن ينجح المجلس العسكري إلا إذا كان مختلفاً تماماً عن كل هذه الأدوات والميليشيات الحاملة للسلاح والعاملة في الميدان.

ولنتوقف قليلاً على المشهد الميداني. بصورة مختصرة، سوريا فعلياً مقسّمة اليوم إلى ثلاث مناطق نفوذ رئيسية كما يلي:

1– منطقة نفوذ روسية – إيرانية: فيها قوات النظام السوري وميليشياته الطائفية، وكذلك القوات الروسية وشركاتها الأمنية، وقوات إيرانية مع عشرات الفصائل والميليشيات الطائفية، من باكستان وأفغانستان والعراق ولبنان وغيرها، والقسم الأكبر منها مصنّفة على لوائح الإرهاب الأمريكية والأوربية.

2– منطقة نفوذ أمريكية – غربية: فيها قوات من التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش الإرهابي، وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” المكونة من خليط من العرب والكورد والسريان الآشوريين وغيرهم، وتقود هذه القوات فعلياً كوادر من حزب العمال الكوردستاني pkk، المصنّف على قائمة الإرهاب الأمريكية والتركية والأوربية.

3– منطقة نفوذ تركية: فيها القوات التركية، وفصائل عسكرية محسوبة على المعارضة السورية، غالبيتها عربية سنية ذات توجه إسلامي راديكالي، فيها العديد من القيادات التي بايعت داعش وعملت في صفوفه، وكذلك تلك التي تنتمي لفروع تنظيم القاعدة (فصائل هيئة تحرير الشام) المصنّفة على لائحة الإرهاب الدولية.

إذاً هناك واقع ميداني معقد جداً، وهذا الواقع يضع المجلس العسكري المزمع تشكيله أمام سؤال كبير وهو: على أي فصيل، وأية قوة من تلك التي تم ذكرها، سيعتمد المجلس العتيد؟ لكن بالمقابل هل نترك البلد لهذه المجاميع المنفلتة، ويبقى شعبنا وقوداً لصراعات المتطرفين والمعولمين العابرين للحدود، ومصالح المتدخلين، أم علينا أن نجتهد لإيجاد البدائل؟.

والجدير ذكره هنا، أنّ السوريين في الداخل والشتات منقسمون كعادتهم فيما يتعلق بموضوع المجلس العسكري أيضاً، كما كانوا دائماً، حيث هناك مؤيد، وهناك معارض، وهناك محايد وساكت، وهناك لا مبالٍ، ولكل واحدٍ مبرراته، ولكل مجموعةٍ مبرراتها.

المؤيد يرى مصلحته وحاجته في ضرورة إيجاد حلّ، وطرح بدائل للخروج من حالة السبات والمعاناة، وخاصة أنّه اكتمل عقد كامل من عمر الثورة وما زالت نفس الواجهات والعقليات هي التي تتحكم بمفاصل مؤسسات المعارضة، وهناك تراجع مستمرّ وفقدان الثقة بهذه الهياكل والواجهات المعارضة.

ولانفشي سراً هنا، أن شريحة الضباط المنشقين وعوائلهم ومحيطهم الاجتماعي هم أكثر المؤيدين لإنشاء المجلس العسكري. وأن المعارضين لفكرة المجلس العسكري يتوزّعون بين ضفتي المعارضة والنظام معاً، حيث هناك شريحة واسعة من المستفيدين لدوام الأزمة واستمراريتها، لذلك يرون أنّ تشكيل هكذا مجلس يعني نهاية هياكل مؤسسات محسوبة على المعارضة من جهة، ومؤسسات وهياكل محسوبة على النظام من جهة أخرى، لن يبقى لها أي مبرر، لذلك نرى أنّ الشريحة المستفيدة من إدارة الأزمة واستمراريتها يقفون بقوة ضد فكرة المجلس العسكري، أو أية فكرة أو مبادرة أخرى من شأنها تغيير الواقع.

ومن الأهمية بمكان هنا الإشارة إلى أنّ شريحة الفاسدين والمتورّطين في الفساد -من تجار الأزمات، ومافيات الحرب، ومسؤولي المعابر وسماسرة السلاح والمواد الغذائية والمسيطرين على المؤسسات الإغاثية… إلخ- تأتي في مقدمة الرافضين لأيّ تغيير في الواقع الحالي. وهناك شريحة تتوجس خيفة من سيطرة العسكر على السلطة والحكم، ودوافعها وطنية، يجب أن يتم معالجة هذه المخاوف من خلال تطمينات وضمانات لإعادة تسليم السلطة إلى المدنيين عبر جدول زمني انتقالي واضح.

وهناك شريحة اللامباليين، وهم بغالبيتهم الساحقة أصبحوا بشكل أو بآخر خارج ميدان الصراع، وأصبحوا هم وعوائلهم في المهاجر البعيدة، ومنهم من حصل على الجنسية وحسم أمره في الاستقرار في مواطنهم الجديدة. وهناك نسبة من هذه الشريحة (اللامباليين) فقدوا الثقة بكل المعارضات لأسباب تتعلق بالوضع الأمني المنفلت، والمعيشي الذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وبالتجارب الفاشلة للإدارة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وهنا على المعنيين من أصحاب ومؤيدي فكرة المجلس العسكري، ومن منطلق الواجب والمسؤولية، أن يتعاملوا مع مختلف تلك المواقف والتوجسات السلبية والإيجابية بشكل عقلاني وبدون أحكام مسبقة، ودراسة مجمل الظروف التي تحيط بكل شريحة من الشرائح والفئات المذكورة، والتعامل مع المعارض للفكرة بنفس روحية التعامل مع المؤيد لها، والأخذ بعين الاعتبار التنوّع القومي والديني والمذهبي في سوريا، وأن تأتي المعارضة، وكذلك التأييد، من خلال حوار وطني شامل لكافة مكونات الشعب السوري دون أي تمييز أو إقصاء. وخاصة وكما ذكرنا أعلاه، أنّ سوريا منقسمة إلى ثلاث مناطق نفوذ واضحة، ولكل منطقة من المناطق المذكورة جيوشها وإداراتها وسلطاتها وقياداتها وبصورة شبه مستقلة، وباختلاف أيديولوجي واضح بين بعضها البعض، وكل إدارة منها تعتبر نفسها وطنية وتتهم الأخرى بالتابعية والارتزاق وكافة النعوت غير الوطنية. وكل من حمل السلاح بشكل أو بآخر متورّط في قتل الشعب وتشريده وتهجيره، وكذلك مسؤولية مشغلي هذه الأدوات المختلفة. وهناك نقطة في غاية الخطورة، وتعتبر أحد أهم التحديات التي ستواجه المجلس العسكري إذا كتب له النجاح، أو أية صيغة أخرى وهي: موضوع عشرات الفصائل والمجاميع المسلحة المعارضة والمؤيدة التي تستمدّ مشروعيتها ومعيشتها من البندقية التي تحملها، وتشكّل نسبة غير قليلة، تمرّست في الخطف والنهب والقتل بغرض تحصيل الأموال.

ونقطة أخرى أكثر خطورة تتمثّل في الميليشيات المتطرّفة المعولمة العابرة للحدود التي تتغلغل في مفاصل المجتمع السوري، وكيفية إخراجها وإقناعها. بالإضافة إلى الجيوش الكبيرة العائدة لكبار اللاعبين المتدخلين في الشأن السوري والمتواجدين على تراب بلدنا، وظاهرة انتشار السلاح الفردي الخفيف والمتوسط، وكيفية جمعه، وإخراجه من أيدي الملايين.

باختصار شديد، هذه مكونات اللوحة السورية المعقدة. وبالتالي السوريون جميعاً (وأقصد النخب والمخلصين المهتمين بمصير شعبنا ومستقبل بلدنا) أمام جملة أسئلة تطرح نفسها بإلحاح قبل الخوض في أية تجربة، لأن الواقع لن يتحمل تجارب فاشلة. ومن هذه الأسئلة: ما مدى واقعية طرح فكرة المجلس العسكري، وقيادة سياسية في ظلّ هذا الواقع المعقد؟.

من سوف يقبل، ويتقدّم لتحمل هكذا مسؤولية، التي أشبه ما تكون بعملية انتحار، والعمل في واقع أقرب، لا بل أصعب من السير في حقول ألغام بدون خرائط؟ وهل هناك مصلحة دولية وإقليمية لإنهاء الصراع وإعادة الاستقرار لربوع سوريا؟ هل لدينا كوادر عسكرية كافية من الضباط والمختصّين الحاملين لمشروع وطني سوري تغييري شامل بعيداً عن الولاءات الطائفية والقوموية والدينية؟ هل يستطيع أحد التعامل مع هذه اللوحة المعقدة دون الوقوف على الأسباب التاريخية التي أدّت بشعوبنا إلى هذه الحالة المزرية، وكذلك معرفة الجهات التي ساهمت في تزوير تاريخ المنطقة، والرغبة الصادقة في الكشف عن الحقائق التاريخية المتعلقة بشعوب هذه المنطقة؟ لكن هل نحن مؤهلون أساساً كي نضع الأسس السليمة لمشروع وطني سوري جامع ومعبر عن وجود وحقوق جميع مكونات الشعب السوري، القومية والدينية والمذهبية، بعد حقبة طويلة من التزوير الممنهج الذي قام به البعث؟.

ولنكن موضوعيين، ألم تكن المنطقة بكاملها، من سوريا إلى العراق ومصر وليبيا… إلخ، محكومة من قبل الدكتاتوريات العسكرية، وعبر انقلابات دموية معروفة، لماذا إذاً سوف يشذّ المجلس العسكري العتيد عن تلك القاعدة، ولن يتمسك بالسلطة على غرار حافظ الأسد والقذافي وحسني مبارك وصدام حسين؟ أليس جميع الضباط، سواء المنشقون عن النظام، أو المستمرون معه، هم خريجوا مدارس البعث، وتشربوا بثقافة البعث العنصري ومنطلقاته التي أنتجت أجيالاً مشوهة؟.

لكن هل هناك بديل واقعي آخر يخرج بالشعب السوري من هذه المحرقة، ويسقط البعث؟ ما هي الآليات والضوابط التي من شأنها كبح جماح العسكر ومنعهم من تغيير لباسهم وإعادة إنتاج دكتاتورية عسكرية بلون آخر من خلال مسرحيات انتخابية معروفة النتائج مسبقاً؟ ما هي الأسس التي يجب أن يتم وضعها كي يبقى العسكر تابعاً للسياسي المدني وليس العكس؟.

ملخص الكلام، إنّ التحديات التي سيواجهها المجلس العسكري -فيما إذا شاءت الأقدار وتوافقت مصالح المتدخلين الكبار ورأت النور- كبيرة وكثيرة، منها ما يتعلق بكيفية التخلّص من الاحتلالات المتعددة المقنعة والمباشرة، ومنها ما يتعلق بعشرات الميليشيات الطائفية العابرة للحدود، وبالسلاح المنفلت الموزع بشكل رهيب على كامل مساحة الوطن، ومنها ما يتعلق بـكيفية إخراج الإرهابيين المعولمين، ومدى القدرة على التوافق بين كل هذه المتناقضات الموجودة في اللوحة السورية المعقدة، ومدى قدرة هذا المجلس في تمثيل مكونات الشعب السوري المختلفة، ومدى قدرة القائمين على المجلس من تصحيح ذهنيتهم المشوهة التي بناها البعث العنصري… إلخ.

لكن مع كل ذلك، نحن محكومون بالأمل والعمل، وبأن لا نفقد الثقة بشعبنا، وأن لا نقطع الأمل بكوكبة من الوطنيين من الأخوة، عسكريين ومدنيين، ومن مختلف المشارب والمكونات، الذين ما زالوا يشعرون بآلام شعبهم ووطنهم، ووصلوا إلى قناعة تامة، بأنّ البعث كان السبب فيما وصلت إليه الأمور، وأنّ العمل الوطني الجماعي على تهيئة الظروف لإعادة إنتاج سوريا جديدة مختلفة عن سوريا البعث، لجميع السوريين وبجميع السوريين، هو الخيار الوحيد أمام الجميع.

ليفانت – شاهين أحمد

——————————-

لماذا أعجب السوريون بفكرة المجلس العسكري؟/ إياد إبراهيم

حين تخيّر الشعوب بين الفوضى العارمة والاستبداد السياسي فإنّها تختار الاستبداد في غالب الأحوال وتعتبره أخف الضررين وخير الشرين، لكن الاحتماء من الفوضى بالاستبداد خيار قصير النظر، لأنّه علاج للعرض وإبقاء على المرض، فالاستبداد هو الجذر الذي يرجع إليه أصل المعضلة السياسية.

أحيانا تكون الفوضى المصاحبة لبعض الثورات فوضى طبيعية ليست مفتعلة، وإنما هي ثمرة من ثمار ضعف الوعي السياسي لدى الثوار، أو طغيان الأنانية السياسية على تفكيرهم، مما يمنعهم من بناء إرادة مشتركة ويجعل جهودهم متضاربة، فتضيع الكتلة الحرجة التي انطلقت بها الثورة، وتتحوّل أشتاتاً من الجماعات والفصائل التي لا يجمع بينها سوى العداوة للنظام الاستبدادي، دون اتفاق على رؤية أخلاقية للبديل، ولا خطة عملية للتغيير.

لقد أثبتت التجربة أنّ الحركة المسلحة لا يمكن أن تحقق إنجازات حقيقية في مواجهة نظام مستبد من دون قيادة موحدة واستراتيجية تلتزم بها، كما تبين أنّ تعدّد الفصائل المسلحة الناجم عن انطلاقتها العفوية وبيئاتها الاجتماعية المختلفة أو صراعها الأيديولوجي أو عن هذه العوامل مجتمعة، لا يلبث أن يحوّل الصراعات بينها على النفوذ إلى التناقض الرئيس. وغالباً ما لا تنجح هذه الحركات في التوحد من تلقاء نفسها بسبب غياب الثقة المتبادلة وحضور الخوف المتبادل، وارتفاع منسوب النرجسية ووهم القوة الذي يخلقه حمل السلاح من دون تدريب أو انضباط حزبي. لذلك، فإنّه إما أن يوحدها تنظيم واحد بالقوة ويسيطر عليها، أو يحصل ذلك بتدخل خارجي.

هذا في مرحلة الكفاح المسلح، أما في مرحلة بناء الدولة، فلا يمكن إطلاقاً المضي في بناء مؤسسات الدولة من دون دمج الفصائل المسلحة في جيش واحد أو حلّها؛ سواء بالإقناع أم بالقوة. ويفضل أن يكون ذلك بالإقناع أو الطرق السلمية. ولكن هذا يتطلب حلولاً وسطى وتسويات وتوافقات.

هناك طرفة قديمة تقول “ما الجمل سوى حصان سباق صممته لجنة”. والنقطة الجادة خلف هذه الطرفة هي أنّ الجماعات –نتيجة لتشتت السلطة فيها، أو توزع القوة بين أعضائها– تضطر إلى إجراء تسويات بغرض الوصول إلى موقف يجمع عليه الجميع. من هنا تبدأ القصة؛ فإما فوضى لا متناهية، وإما توافقات وتسويات تنتج حلولاً مشوهة.

يميز بعض الباحثين بين مراحل متعددة من الثورة. تتميز أولى المراحل بالآمال الطوباوية، وفيها يلتف الثوريون خلف الشعارات والآمال العريضة، ورغم وجود أقلية ما زالت ترفض مغادرة هذه المرحلة، إلا أنّ الأغلبية بعد أن بحّت حناجرها وهي تنادي الفصائل بالتوحد، بدأت تكتشف أنّ الواقع يختلف عن الأحلام، وأصبح بإمكان الناظر أن يكتشف أنّ غياب الوعي السياسي الذي تجلّى عند انطلاقة الثورة في مراحلها الأولى أصبح جزءاً من الماضي لدى أغلب السوريين، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال النقاشات التي تدور والأفكار التي تطرح والأنشطة التي يقوم بها السوريون في بلدان المهجر، ففي الآونة الأخيرة أصبحت قوى الثورة تنافس النظام صاحب الخبرة وتتفوّق عليه في معظم أنشطة الدبلوماسية والدبلوماسية الموازية، ولعل هذا أحد إيجابيات امتداد الثورة الزمني، حيث تراكمت لدى أغلب السوريين الكثير من المعارف السياسية نتيجة الممارسة والتجربة.

يعلم الجميع أنّ المؤسسة العسكرية هي أكثر مؤسسات الدولة تنظيماً وانضباطاً، وأنّها المؤسسة الوحيدة التي تمتلك القوة القادرة على فرض الأمن وضبط فوضى السلاح وفوضى وتشتت السلطة. لذلك، فمن الطبيعي أن يكون للمؤسسة العسكرية الدور الأبرز في المرحلة الانتقالية.

من هنا، لا يستغرب أنّ الذين يؤيدون فكرة المجلس العسكري يزدادون يوماً بعد يوم، فهذه المؤسسة إن لم يكن في قيادتها مجموعة من الضباط القادرين على توجيه أنشطتها لصالح الثورة لربما تعود بالبلاد إلى ما كانت عليه قبل الثورة وإن كانت برأس آخر، والمجلس العسكري الذي أصبح السوريون يتبادلون الحديث عنه ويبنون عليه آمالهم، هو تجمع لضباط انشقوا عن النظام وانحازوا لمطالب الجماهير بالحرية والكرامة. لذلك، من الطبيعي أن يكونوا داخل الجيش التيار الثوري المواجه للتيار الآخر المحافظ.

ليس التأييد لفكرة المجلس العسكري في الشارع الثوري موقفاً اعتباطياً، إنما هو خيار ناتج عن وعي سياسي تراكم خلال الثورة وهو آخذ بالازدياد.

ليفانت – إياد إبراهيم

—————————-

النظام السوري يعرقل اجتماعات اللجنة الدستورية/ عماد كركص

بعد خمس جولات للجنة الدستورية السورية، انتهت بلا نتائج حيال صياغة دستور جديد للبلاد وفقاً للقرار الأممي 2254، يتجه النظام السوري إلى مزيد من المماطلة، بهدف تمرير الانتخابات الرئاسية المقررة في شهر يونيو/حزيران المقبل وإعادة تنصيب بشار الأسد رئيساً لولاية جديدة، قبل عقد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة.

ونقل موقع إذاعة “روزنة” المحلية السورية، عما وصفها بالمصادر المقربة من الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد النظام، أحمد الكزبري، قولها إن الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، لن تعقد قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. وأشارت المصادر إلى أن المماطلة في الاتفاق على جدول أعمال للجولة السادسة، ستظلّ قائمة حتى انعقاد الانتخابات الرئاسية، وضمان سبع سنوات جديدة للأسد في الحكم. وأكدت أن الحديث الذي سرى أخيراً حول لقاء يجمع رئيسي اللجنة المشتركين، الكزبري وهادي البحرة، كان مجرد إلهاء تسعى إليه دمشق، للادعاء زيفاً باستعدادها المضي في خطوات حقيقية وناجعة للاستمرار بأعمال اللجنة الدستورية.

ما نقله موقع “روزنة”، أكده مصدر مقرب من خارجية النظام، لـ”العربي الجديد”، إذ أشار إلى أن الأحاديث داخل أروقة الخارجية تفيد بهذا السياق، مؤكداً أن وفد النظام سيتذرع أمام المبعوث الأممي غير بيدرسن والدول الفاعلة لتأجيل عقد الجولة السادسة، بحلول شهر رمضان وصعوبة التنقل والتفاوض خلاله بأريحية، مشيراً كذلك إلى أن الوفد وبدعم من الخارجية، يتجهز لخلق ذرائع جديدة بعد انتهاء رمضان لتعطيل انعقاد الجولة حتى تمرير الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها نهاية يونيو المقبل، كما المتوقع.

تحبط هذه التسريبات ما خرج أخيراً على لسان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أكد أواخر شهر مارس/آذار الماضي، أن هناك اتفاقاً على أن تتضمن الجولة المقبلة للجنة الدستورية السورية عنصراً جديداً يميّزها عن كافة الجولات السابقة، مشيراً إلى أن بلاده تعمل عبر اتصالاتها مع المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى سورية وممثلي الحكومة والمعارضة السوريتين، على دفع الأطراف للتقارب. وقال لافروف أيضاً: “الاجتماع المقبل للجنة الدستورية الذي كان مقرراً قبل حلول شهر رمضان، ولا نزال نأمل في إمكانية إجرائه في موعده، يتوقع أن يكون جديداً نوعياً، لأنه للمرة الأولى تمّ الاتفاق على أن يعقد رئيسا وفدي الحكومة والمعارضة خلاله لقاء مباشراً بينهما”، مثمناً الترحيب الذي لاقاه الاتفاق من قبل المبعوث الأممي، و”الذي ساعدت روسيا في التوصل إليه، ونأمل بأن يتحقق”.

وأمام ذلك تبدو موسكو، إما عديمة الحيلة أمام إجبار النظام على التعاطي بجدية حقيقية للجلوس على طاولة اللجنة والبدء بوضع صياغات دستورية تفضي مع تقدم الجولات لكتابة دستور جديد للبلاد، أو أنها لا تزال تراوغ بالتظاهر في ذلك، في حين تدعم خيارات النظام بالمماطلة وعدم الاكتراث لمصير هذا المسار المعقد، والذي بات طويلاً وعقيماً في آن.

وتندرج ضمن ذلك الزيارة التي أجراها مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، إلى دمشق، الخميس الماضي، والتقى خلالها رئيس النظام بشار الأسد. وعلى الرغم من أن وسائل إعلام عربية سرّبت عن اللقاء بأن الأسد تلقى ضغوطاً روسية كانت بمثابة التهديد لدفعه إلى الانخراط بمسارات الحل السياسي، ومنها مشاركة وفده في أعمال اللجنة الدستورية، وإظهار جدّية في الجولات المقبلة من اللجنة، إلا أن أنباء رسمية في هذا الإطار لم تصدر عن أي جهة روسية. من جهتها، أفادت وكالة “سانا” الرسمية للأنباء، والتابعة للنظام، بأن لقاء الأسد ولافرنتييف، بحث مواضيع ذات الشأن السياسي ومنها اجتماعات لجنة مناقشة الدستور، و”الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية لعرقلة عمل اللجنة”، مشيرة إلى أنه تم التأكيد خلال اللقاء أن “أي تقدم على المسار السياسي يتطلب التزاماً بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية، والتي لا يملك أي طرف الحق في التنازل عنها”.

وفي تعليق على هذه التسريبات، قال يحيى العريضي، عضو القائمة الموسعة للجنة الدستورية عن وفد المعارضة، والمتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية التي انبثق عنها الوفد، بأنه “سواء استؤنف انعقاد أعمال اللجنة الدستورية قبل الانتخابات أو بعدها، فلن تكون مبرراً لإعطاء شرعية لأي انتخابات لا شرعية أساساً”. وأضاف العريضي، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أن “لا أحد يتصور أن تقبل هيئة التفاوض اجتماعاً في جنيف للجنة الدستورية خدمة لمنظومة الاستبداد في دمشق أو الروس، فهي لن تقبل أن تكون شاهد زور على خداع الروس والنظام بأنهم ينخرطون في اللجنة الدستورية”. وشدّد على أنه “إن لم يكن هناك اتفاق على جدول أعمال ومنهجية لإنجاز العمل وإنهائه بسقف زمني محدد، فلن يكون استئناف عمل اللجنة مجدياً”.

من جهتها، قالت عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني، رغداء زيدان، إنه ليست لديها تأكيدات حول التسريبات التي تفيد بأن النظام قد يلجأ لتعطيل انعقاد الجولة المقبلة (السادسة) حتى الانتهاء من انتخابات الرئاسة، لكنها أشارت في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “وفد النظام عوّد الوفدين الآخرين على التعطيل والمماطلة وتضييع الوقت، وهذا كان سمة الجولات السابقة”. ولم تستبعد زيدان ممارسة التعطيل مجدداً من قبل وفد النظام بهدف تمرير الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرة أن “الانتخابات في حال أجريت أم لا، فلن تؤثر على عمل اللجنة الدستورية، المنفصل عن إجراء الانتخابات، وبالتالي إذا تمكنت اللجنة من صياغة دستور جديد، فهذا الدستور هو الذي سيقرر إجراء انتخابات جديدة في البلاد”. ورأت زيدان أن اللجنة لن تستطيع كتابة دستور “في ظلّ الظروف الحالية، وطالما لا توجد منهجية محددة لعملها”. وحذرت من أنه “في حال عدم التوصل إلى تلك المنهجية، سنستمر في عقد جولات شكلية بلا فائدة ولا مخرجات دستورية حقيقية”، لكنها رأت أنه “من الممكن أن يبقى عمل اللجنة تفاوضياً من جهة، وأحد أبواب الحل من جهة أخرى، وهذا يحتم علينا العمل والضغط لفتح المسارات التفاوضية الأخرى للوصول إلى حلّ حقيقي في سورية، وعدم الاعتماد بشكل رئيس على مسار اللجنة الدستورية”.

ومع نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، انتهت أعمال الجولة الخامسة من اللجنة الدستورية في جنيف، بفشل منسوخ عن الجولات الأربع السابقة. وعلى هامش تلك الجولة، صرّح الرئيس المشترك للجنة عن وفد النظام، أحمد الكزبري، بأن الوفد قبل المشاركة في أعمال اللجنة لمناقشة مواضيع دستورية وليس وضع صياغات دستورية، ملمحاً إلى أن ذلك لا يدخل ضمن صلاحياته. كما أشار إلى أن صياغة دستور يتطلب وقتاً طويلاً وتفاوضاً مستمراً، الأمر الذي دفع المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، لتحميل وفد النظام، بشكل غير مباشر، المسؤولية في فشل الجولة. ولم ينجح بيدرسن بعد ذلك بالوصول إلى التوفيق بين أطراف اللجنة لعقد جولة جديدة، على الرغم من الزيارات المكوكية التي أجراها بين عواصم الدول الفاعلة في الملف السوري، لا سيما موسكو وطهران وأنقرة.

العربي الجديد

——————-

جمال سليمان يعلق نشاطه السياسي مع المعارضة السورية/ وسام سليم

أعلن عضو منصة القاهرة المعارضة الفنان السوري جمال سليمان، اليوم السبت، تعليق نشاطه السياسي وتوقفه عن المشاركة في أي اجتماعات رسمية تخص أي مؤسسة أو كيان في المعارضة السورية خلال الفترة الأخيرة.

وقال “سليمان” في منشور له على صفحته الشخصية على موقع “فيسبوك”: “في الفترة الماضية، ولأسباب متعددة لم أجد نفسي من خلال كيانات المعارضة، لذلك علقت نشاطي معها ولم أشارك في أي اجتماعات رسمية لأي كيان منها”.

وأضاف: “هذا لا يعني طعناً بالمعارضة فأنا جزء منها”، موضحاً أنّ “الصراع الإقليمي والدولي في سورية ورفض النظام القائم لأي حل سياسي ينقذ سورية والسوريين كانت لهما انعكاساتهما السلبية على تماسك المعارضة واستقلال رأيها و صوابية حساباتها” . ورأى أن المعارضة بالنسبة للبعض “أصبحت مهنة وحرفة وهذا أساء للقضية الوطنية، ودعا إلى مراجعة كاملة لبنية المعارضة”.

وختم “سليمان” (61 عاما) بالقول:” مع تقديري لخبرات وتجارب شخصيات المعارضة، إلا أنني أتمنى أن أرى ويرى الشعب السوري وجوها جديدة، ونسمع أصواتا جديدة، فشباب وشابات سورية الذين كانوا في سن المراهقة يوم حدث الانفجار السوري الكبير، صاروا اليوم أشخاصا ناضجين، يتمتعون بخبرات ومعارف لا تملكها الأجيال التي سبقتهم”.

وكان جمال دخل غمار السياسة مع انطلاق أحداث الثورة السورية عام 2011، حيث شارك في تجمع أسسه وزير الإعلام السوري الأسبق محمد سلمان (والد زوجة جمال)، قبل أن ينفك عقد ذلك التجمع بعد مرور أشهر قليلة من تشكيله.

وانضم الفنان السوري بعدها في العام 2013 إلى الائتلاف الوطني السوري المعارض في تشرين الأول 2013، ولم تطل فترة بقائه فيه، ليساهم بعدها في العام 2014 في تأسيس منصة القاهرة للمعارضة السورية.

وشغل “سليمان” منصب نائب رئيس هيئة التفاوض عن المعارضة السورية، ومثل منصة القاهرة في عدة اجتماعات سياسية في  جنيف، وزار موسكو وعقد لقاءات مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف.

وأعلن “سليمان” سابقا أنه طرح على الجانب الروسي فكرة تشكيل المجلس العسكري لحكم سورية في المرحلة الانتقالية، ورأى في حوارات صحافية سابقا أن الحل يكمن في تنحي السلطة الحالية، وإفساح المجال لكتلة سياسية جديدة تقود البلاد إلى حالة من السلام.

ومؤخراً، أكد جمال رغبته بالترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، ورأى أن هذه الرغبة يجب أن تكون حاضرة عند كل سوري يرى نفسه قادراً على قيادة البلاد، مؤكداً أن سورية بلد جمهوري ونظامه ودستوره من المفروض أن يكونا جمهوريين، وفي هذه الحالة قانونياً لا حاجز يقف أمام ترشحه للمنصب.

————————————

===========================

تحديث 17 نيسان 2021

————————

عقلية الدكّنجي .. أو ذهنية المعارضة السورية/ وائل السواح

خلال عشر سنوات، غيّرت المعارضة السورية جلدها مرات عدة. من هيئة التنسيق الوطنية إلى مؤتمر أنطاليا إلى المجلس الوطني المؤقت إلى المجلس الوطني فالائتلاف الوطني فمؤتمرات القاهرة والرياض وموسكو فهيئة التفاوض السورية، وعشرات المجموعات والمبادرات التي نشأت على هامش هذه التشكيلات، وفي معارضتها. ولم تؤتِ أيٌّ من هذه المظاهر السياسية المعارضة أيّ أُكُل للسوريين، بل زادتهم تشتيتاً وتفكّكاً وضياعاً.

تَشتُّت المعارضة وهزالُها شجّعا اللاعبين الدوليين والإقليميين على ألاّ يأخذوا هذه المعارضة على محمل الجدّ، بل على محاولة التلاعب بها واتخاذها ورقةً تعزّز مواقفهم في سورية للحصول على حصّة أكبر من الكعكة السورية. وبينما نسمع قادة الحكومات الغربية يكرّرون دوماً أنّ السوريين هم من يقرّرون مستقبلهم، ويتوصّلون إلى حلول لمشكلاتهم ويكتبون دستورهم، فإنّنا نعرف أنّ تحقيق أيّ إجماع بين قيادات هذه المعارضة وأصغر مسؤول حكومي غربي أو إقليمي صار الآن أصعب من ذي قبل بمرّات ومرّات.

أذكر محاضرة للفيلسوف السوري، حافظ الجمالي، الذي كان رئيساً لاتحاد الكتاب ووزيراً للتربية والتعليم العالي، ألقاها في مدينتي الصغيرة حمص، وكنت تلميذاً في المرحلة الثانوية، تحدّث فيها عن مَيل السوريين عموماً إلى المشاريع الفردية الصغيرة. وأطلق الجمالي على هذه الميل “عقلية الدكّنجي”. وضرب مثلاً فقال: “إن سرْتَ في سوق الحميدية (كان القلب التجاري للعاصمة دمشق وقتها) لرأيت سلسلة غير متناهية من المحال التجارية التي يملك كلاًّ منها شخص واحد، أو شخصٌ مع أولاده، فإن مات تقاسم الأولاد المحلّ وجزّأوه إلى دكاكين صغيرة”. وأردف: “نادراً ما نرى في السوق محلاً تجارياً لشريكين، فإن وجدت واحداً رأيناه بعد سنة أو سنتين وقد انقسم محلّين اثنين”. ورأى الجمالي أنّ عقلية الدكّنجي لا تنتج اقتصاداً كبيراً، ولا تُراكِم رأس مال حقيقياً. ولا أدري إن أضاف، أو أنّني توهّمت أنّه أضاف، أنّ مثل هذه العقلية لا يمكن أن تنشئ حضارة حقيقية.

عقلية الدكّنجي هي التي تتحكّم بكثير من مناحي حياة السوريين، بما في ذلك معارضتهم. وتكاد المعارضة السورية تكون فريدةً لناحية كثرة عدد تنظيماتها، وصغر حجم كل منها، وضعف تأثيره منفردا. وليست هذه الظاهرة وليدة اليوم، فكلنا يعرف انقسام الحركات السياسية السورية تاريخيا. هذا ما فعله حزب البعث، حين انقسم إلى أربعة أو خمسة أحزاب تنتمي إلى يمين ويسار ووسط. انقسم عام 1961 فخرج منه الاشتراكيون العرب والوحدويون الاشتراكيون. وسنة 1966 انقسم إلى يمين ويسار، ثم عاد فانقسم إلى “شباطيين” وحركة تصحيحية. ثم انقسم الاشتراكيون العرب أنفسهم مثنى وثلاثاً، وكذلك فعل الوحدويون الاشتراكيون. وانقسم الاتحاد الاشتراكي خمس أو ست مرات. وجاء دور الشيوعيين، حين خرج المكتب السياسي، ثم منظمات القاعدة، ثم جناح يوسف فيصل، وانقسم المكتب السياسي، فخرجت منه حركة اتحاد الشيوعيين، وعاد خالد بكداش فانقسم وخرجت منه مجموعة قاسيون. وانقسم القوميون السوريون والإسلاميون. وانقسم “البارتي” الكردي إلى بضعة عشر تنظيماً. وهكذا صارت الأحزاب السياسية في الساحة السورية كأطباء الأسنان، تزيد نسبتها على حاجة المواطنين السوريين، من دون أن تعرف حقاً ما الفَرْق بين كلّ هذه الفِرَق، ومن دون أن تفهم لماذا لم يظهر على الساحة حزب جديد (أو أحزاب) يمثل قوى اجتماعية وفكرية غير القائمة على الساحة. ولماذا لم يظهر في سورية حزبٌ ليبرالي حقيقي، أو اشتراكي ديمقراطي؟ أيعقل أن يكون الطيف السياسي السوري بمجمله طيفاً قومياً- يسارياً- شعبوياً أو إسلامياً وحسب؟

ولشدّ ما تخطر محاضرة الجمالي ببالي هذه الأيام، وأنا أرى إلى حال المعارضين السوريين اليوم. تنقسم المعارضة إلى ثنائيات متعدّدة، فهي منقسمة ما بين معارضة داخلية وأخرى خارجية؛ ومنقسمة ما بين معارضة قديمة وأخرى حديثة؛ ومنقسمة ما بين معارضة إسلامية وأخرى علمانية؛ ومعارضة مدنية وأخرى مسلّحة. ثمّ تنقسم كلّ واحدة من هذه المعارضات إلى أجزاء لامتناهية في الصغر ولامتناهية في التأثير، تدور في فلك هذه الدولة أو تلك، فتتصارع الإيديولوجيات والأعلام وصور الزعماء والعُمُلات في بينها، دافعةً إلى الخلف صورنا وأعلامنا وأفكارنا وكلّ ما يخصّنا.

ولا يعني هذا القول أنّ المعارضة السورية لا تتمتع بشرعية ومصداقية، فللمعارضة الداخلية مشروعيتها الخاصة، لأنّها تعبر عن تطلعات فئة من السوريين الذين لا يحتلّون الآن ربما الصفوف الأمامية ولا يرفعون صوتهم عالياً، لكن، في وقت ما من المستقبل، ستراهم يشاركون برأيهم من خلال صندوق الاقتراع. تريد هذه الشريحة التوصّل إلى حلّ سياسي سلمي، يرفض العسكرة ويريد رحيل كلّ القوات الأجنبية من سورية، ولا يمانع بمرحلة انتقالية يشارك فيها جزء من النظام الحالي، لم يشارك بالقتل والتدمير وانتهاك حقوق الإنسان. وللمعارضة الخارجية مشروعيتها، من خلال انتشارها الأوسع وحريتها في الكلام وعلاقاتها الدولية. وشهد العامان الأخيران حركة موّارة بين جماعات المعارضة السورية، تمخضّت عن ولادة مجموعات ومبادرات سياسية كثيرة. ويأتي هذا الحراك السياسي على أرضية متقاربة بدرجة عالية، وهو يقوم، إلى حدّ كبير، على جهود أفراد من المعارضين السوريين الذين كانوا يعملون بشكل مستقلّ، أو ممن كان لهم ارتباطات بأجسام المعارضة الحالية، ثم انفصلوا عنها لأسبابٍ بعضها سياسي وبعضها إيديولوجي وبعضها شخصي، ولكن انسحابهم جاء أيضا فراقا سياسيا. تتقاسم هذه الحركات جملة من الأمور، بينها غياب الشخصيات السياسية التقليدية التي كانت معروفة قبل الثورة، أو التي طغت على المشهد السياسي بعدها. وتلعب المرأة في هذه المبادرات دورا أكثر أهمية، وهي في معظمها تياراتٌ ليبرالية، يعيش معظم أفرادها في أوروبا وأميركا الشمالية منذ ما قبل الثورة السورية، فهم يعرفون أيضا ومباشرة الديمقراطية وفصل السلطات وتداول السلطة وحرية الصحافة وسيادة القانون.

المشكلة أنّ عقلية الدكّنجي التي تحكم المعارضة السورية لا يمكن أن تفلح وهي تواجه عقلية الـ”كوربوريت”، أو الشركة بالغة الكبر التي يمثلها النظام الذي يحتكر الجيش والأمن والاقتصاد ومؤسسات الدولة، ويسخّرها جميعها لخدمة أهدافه التي لم تتغير منذ بدء الصراع. ولذلك، بينما يتمتّع النظام بخطاب واحد ونقاط حديث واحدة، تجد في صفوف المعارضات خطاباتٍ متعارضة ونقاط حديث متصارعة، لا سبيل للتقريب بينها.

وإن كان من درس ينبغي تعلّمه فهو أنّ من واجب المعارضة أن تتخلى عن هذه العقلية التي أثبتت فشلها، فالتنظيم أو التجمّع أو الحزب لا يفلح لأنّ فلاناً قائده، لكن، لأنّه يتمتع ببرنامج سياسي وإيديولوجية خاصة به تميّزه عن غيره. ولست من دعاة أن نضع كلّ الأطراف في بوتقة واحدة، لكن من واجب الأطراف المتماثلة في الطرح والتفكير والبرنامج أن تسعى إلى التقارب فيما بينها، وتوحّد قواها في قوة واحدة. ولا مندوحة من أن تتمتع هذه القوة بالصلابة من جانب المطالب الأساسية والمرونة في القضايا التكتيكية، وتجمع بين معارضة الداخل التي تعبّر عن شريحة واسعة من السوريين، عادة ما تكون صامتة، ومعارضة الخارج التي صنعت لنفسها اسماً ومكانة، والمبادرات السياسية الجديدة التي تتمتع بانفتاح مؤسسيها، ممن يقيم في دول ديمقراطية، ويتقن اللعبة الديمقراطية، ويعرف مداخلها ومخارجها. وباختصار، لمواجهة “كوربوريت” النظام، لا بدّ لنا من التخلّص من عقلية الدكنّجي، والعمل بعقلية الـ”كوربوريت”.

العربي الجديد

——————————

بيدرسون يرسل للمعارضة السورية مقترح جدول أعمال اللجنة الدستورية

نشرت صحيفة العربي الجديد تفاصيل جدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، وقالت الصحيفة إن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون، أرسل مساء الخميس مقترحا لجدول أعمال الجولة السادسة ساعيا بذلك إلى التوسط لكسر حالة اللا توافق الحاصلة بين النظام والمعارضة، وذلك بعد تقديم النظام مقترحين في وقت سابق، في حين قدّمت المعارضة مقترحا مضادًا لأحدهما واعتراضا على صياغة آخر.

وقدم المبعوث الأممي في الرسالة منهجية سير الجولة السادسة، وطلب الاتفاق على أجندة الجولة التي تليها قبل نهاية الجولة السادسة، كما يُقدم المقترح تصورًا حول دور الرئيسين المشتركين للجنة، هادي البحرة وأحمد الكزبري، خلال الجولة لـ”تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”، وفق الصحيفة

وجاء في مقترح المبعوث الأممي أنه “قبل المغادرة إلى جنيف، يقوم الوفد المرشح من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية، والوفد المرشح من قبل هيئة التفاوض السورية، ووفد المجتمع المدني (سواء بشكل مجمع إذا رغبوا في ذلك أو كمجموعات) بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور”، ويتم “خلال كل اجتماع من اجتماعات الهيئة المصغرة في الأيام من 1 إلى 4 تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله”.

مقترح بيدرسون يعني أن الجولة الواحدة ستناقش ثمانية مبادئ دستورية مقترحة من قبل الوفود، فاليوم الواحد من الجولة يتضمن جلستين، في حين يبقى اليوم الخامس من الاجتماعات غير واضح الأجندة، حيث اكتفى مقترح بيدرسون بالقول إنه “قد تسعى الهيئة المصغرة في اليوم الخامس إلى تعميق أي نقاط اتفاق مؤقت تم تحديدها في الأيام من 1 إلى 4”.

كما أن الجلسة الواحدة، والتي تستمر نحو ساعتين تقريبا، ليس بالضرورة أن تنتهي باتفاق على المبدأ الذي يتم النقاش حوله، وجاء في المقترح: “يسعى كل اجتماع للهيئة المصغرة إلى تحديد ما إذا كان هناك اتفاق مؤقت أو بعض عناصر اتفاق مؤقتة فيما يتعلق بالمبدأ الدستوري الأساسي قيد المناقشة”، و أنه “لا يحول عدم التوصل إلى اتفاق مؤقت حول مبدأ دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري الأساسي المقترح التالي في الاجتماع التالي. قد ترغب الهيئة المصغرة في العودة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات القادمة”.

وتضمن المقترح أيضا اجتماعَ الرئيسين المشتركين مع المبعوث الخاص “خلال اليوم السابق لبدء الدورة، وعلى مدار الأسبوع، وفقاً لما تقتضيه الحاجة لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”، وستكون مهمة الرئيسين “تحديد قبل بدء الدورة مقترحات المبادئ الدستورية الأساسية المقترح مناقشتها في كل اجتماع، يمكن أن يقوم الرئيسان المشاركان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كل وفد بالتناوب”.

ويقوم الرئيسان، وفق المقترح، بـ”تحديد الوسائل العملية التي يتم من خلالها عرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة خلال الاجتماعات، والقيام، بمساعدة السكرتارية، بتسجيل وتدوين النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها مؤقتاً، مع تسجيل النقاط التي لا يوجد اتفاق مؤقت بشأنها”، إضافة إلى “مناقشة والاتفاق على موعد انعقاد الدورة التالية وخطة عمل أولية حتى نهاية عام 2021، والتنسيق مع المبعوث الخاص بشأن قيامه بالإعلان عن نتائج الدورة والعمل المستقبلي للجنة الدستورية”.

تلفزيون سوريا

——————————

تفاصيل أجندة الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية/ صبحي فرنجية

أرسل المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، مساء الخميس، مقترحًا لجدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، ساعيًا بذلك إلى التوسط لكسر حالة اللا توافق الحاصلة بين النظام والمعارضة، وذلك بعد تقديم النظام مقترحين في وقت سابق، في حين قدّمت المعارضة مقترحًا مضادًا لأحدهما واعتراضا على صياغة آخر.

وتأتي رسالة بيدرسون، التي حصل “العربي الجديد” على نسخة منها، في صفحتين، قدم فيها المبعوث الأممي منهجية سير الجولة السادسة، وطلب الاتفاق على أجندة الجولة التي تليها قبل نهاية الجولة السادسة، كما يُقدم المقترح تصورًا حول دور الرئيسين المشتركين للجنة، هادي البحرة وأحمد الكزبري، خلال الجولة لـ”تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”.

وجاء في مقترح المبعوث الأممي أنه “قبل المغادرة إلى جنيف، يقوم الوفد المرشح من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية، والوفد المرشح من قبل هيئة التفاوض السورية، ووفد المجتمع المدني (سواء بشكل مجمع إذا رغبوا في ذلك أو كمجموعات) بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور”، ويتم “خلال كل اجتماع من اجتماعات الهيئة المصغرة في الأيام من 1 إلى 4 تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله”.

مقترح بيدرسون يعني أن الجولة الواحدة ستناقش ثمانية مبادئ دستورية مقترحة من قبل الوفود، فاليوم الواحد من الجولة يتضمن جلستين، في حين يبقى اليوم الخامس من الاجتماعات غير واضح الأجندة، حيث اكتفى مقترح بيدرسون بالقول إنه “قد تسعى الهيئة المصغرة في اليوم الخامس إلى تعميق أي نقاط اتفاق مؤقت تم تحديدها في الأيام من 1 إلى 4”.

كما أن الجلسة الواحدة، والتي تستمر نحو ساعتين تقريبًا، ليس بالضرورة أن تنتهي باتفاق على المبدأ الذي يتم النقاش حوله، وجاء في المقترح: “يسعى كل اجتماع للهيئة المصغرة إلى تحديد ما إذا كان هناك اتفاق مؤقت أو بعض عناصر اتفاق مؤقتة فيما يتعلق بالمبدأ الدستوري الأساسي قيد المناقشة”، و أنه “لا يحول عدم التوصل إلى اتفاق مؤقت حول مبدأ دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري الأساسي المقترح التالي في الاجتماع التالي. قد ترغب الهيئة المصغرة في العودة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات القادمة”.

وتضمن المقترح أيضًا اجتماعَ الرئيسين المشتركين مع المبعوث الخاص “خلال اليوم السابق لبدء الدورة، وعلى مدار الأسبوع، وفقاً لما تقتضيه الحاجة لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”، وستكون مهمة الرئيسين “تحديد قبل بدء الدورة مقترحات المبادئ الدستورية الأساسية المقترح مناقشتها في كل اجتماع، يمكن أن يقوم الرئيسان المشاركان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كل وفد بالتناوب”.

ويقوم الرئيسان، وفق المقترح، بـ”تحديد الوسائل العملية التي يتم من خلالها عرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة خلال الاجتماعات، والقيام، بمساعدة السكرتارية، بتسجيل وتدوين النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها مؤقتاً، مع تسجيل النقاط التي لا يوجد اتفاق مؤقت بشأنها”، إضافة إلى “مناقشة والاتفاق على موعد انعقاد الدورة التالية وخطة عمل أولية حتى نهاية عام 2021، والتنسيق مع المبعوث الخاص بشأن قيامه بالإعلان عن نتائج الدورة والعمل المستقبلي للجنة الدستورية”.

وسينتظر بيدرسون ردود الطرفين على المقترح، فيما ترى مصادر “العربي الجديد” في هيئة التفاوض أن مقترح بيدرسون “قد لا يحصل على موافقة النظام، لأن النظام ليس مستعدًا لبحث عدة مبادئ دستورية في جولة واحدة”، مضيفة أن “مقترح بيدرسون يعكس رغبة المبعوث الأممي في تحريك الاجتماعات وإضفاء حركية عليها، عكس ما يريده النظام”.

وكان النظام السوري قد أرسل إلى بيدرسون، نهاية شهر فبراير/ شباط الماضي، مقترحاً جاء فيه أن كل طرف (النظام، المعارضة، المجتمع المدني) يُقدم مقترح مبدأ دستوري، و”بعد طرح المبدأ تتاح الفرصة لكل أعضاء اللجنة لإبداء أفكارهم، والمبررات التي تقف خلف هذا الطرح”، كما جاء في مقترح النظام أنه “لا يجوز أن تُطرح مضامين المبادئ دفعة واحدة”، و “يُقدم الطرف المعني صياغة للمضمون الذي تقدم به، ويطرحه على الأطراف الأخرى لبيان الرأي حوله”.

في مقابل ذلك المقترح، أرسلت هيئة التفاوض مقترحًا مضادًا يوم 11 مارس، آذار الماضي، جاء فيه أنه “يلتزم كل من الأطراف الثلاثة (مرشحي هيئة التفاوض، ومرشحي الحكومة، ومرشحي المجتمع المدني) بإعداد وتقديم صياغة مبدئية مقترحة لمبادئ دستورية يرى تضمينها ضمن المبادئ الأساسية في مشروع الدستور”، ويتم تقديم هذه المقترحات للرئيسين المشتركين.

ووفق مقترح المعارضة، فإن الرئيسين المشتركين يناقشان مع المبعوث الأممي قبل يوم من بدء الاجتماعات تفاصيل خطة العمل، بما فيها إعداد قائمة واحدة تجمع الصياغات المبدئية المقترحة من قبل الوفود ليُصار إلى توزيعها على أعضاء اللجنة كافة في صباح أول يوم من الاجتماعات. واقترحت المعارضة أن يتم الاتفاق على “زمن محدد يتفق عليه الرئيسان المشتركان لمناقشة كل مبدأ ويوزع هذا الزمن على الأطراف الثلاثة بالتساوي”، كما أن المعارضة طلبت أن “يتسنى طرح ومناقشة صياغة ما لا يقل عن مبدئين دستوريين أساسيين على التوالي في كل جلسة”.

مقترح المعارضة رد عليه النظام بمقترح يوم 19 مارس/ آذار الماضي، لم يحمل أي جديد عن مقترح النظام الأول، إلا أن المعارضة هذه المرة لم تعترض على المقترح فحسب، بل على صياغته أيضًا، خصوصًا أن ورقة المقترح التي قدمها النظام إلى بيدرسون تذكر المعارضة باسم الطرف الآخر، ووفد النظام باسم الوفد الوطني.

وبحسب مصادر “العربي الجديد”، فإن الوفد الأممي قام بالتواصل مع النظام والمعارضة خلال الأيام الماضية، حيث التقى أعضاء من فريق بيدرسون برئيس وفد المعارضة هادي البحرة في الرياض، كما تم التواصل مع رئيس وفد النظام أحمد الكزبري.

وتُشير المصادر إلى أن بيدرسون عازم على عدم إرسال دعوات للجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية قبل التأكد من هذه الجولة ستُحدث خرقًا في الجمود الحاصل، لأنه “يعلم أن فشل الجولة السادسة يعني بطبيعة الحال انهيار المسار وتوقفه”.

كما ينتظر المبعوث الأممي بفارغ الصبر استكمال واشنطن لفريقها إلى الملف السوري، والذي من المتوقع أن يتم خلال الأسابيع القليلة القادمة، بحسب مصادر “العربي الجديد”، لأن الفريق الذي يدير الملف الآن هو من الموظفين غير القادرين على اتخاذ أي قرار أو تحرك فعلي، فضلًا عن غياب استراتيجية لواشنطن حيال الملف السوري، وهو ما يُلقي بظلاله على تراجع حركية المسار الأممي وتفاعل الدول المعنية به.

العربي الجديد

———————————–

وثيقة من بيدرسن تقترح خطة لـ«صوغ الدستور السوري»

تضمنت اجتماعات دورية بين الكزبري والبحرة… وموسكو تضغط لعقد جلسة عشية الانتخابات الرئاسية

لندن: ابراهيم حميدي

تضغط موسكو لعقد الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بعد شهر رمضان وعشية الانتخابات الرئاسية نهاية الشهر المقبل، التي سيفتح مجلس الشعب (البرلمان) السوري غداً باب الترشيح لها، في وقت استغل المبعوث الأممي غير بيدرسن هذا الاهتمام الروسي، وقدم مسودة اتفاق بين رئيسي وفدي الحكومة أحمد الكزبري و«هيئة التفاوض» المعارضة هادي البحرة لضمان حصول اختراق في «الدستورية».

حالياً، هناك ثلاثة مسارات سياسية: الأول، تمسك دمشق بإجراء الانتخابات الرئاسية بموجب دستور العام 2012. إذ يبدأ مجلس الشعب جلسة برلمانية لفتح باب الترشيح إلى جانب الرئيس بشار الأسد، بحيث تجرى الانتخابات نهاية مايو (أيار) المقبل.

الثاني، ضغط روسي لعقد جلسة جديدة للجنة الدستورية للقول بأن «العملية السياسية تسير رغم البطء فيه» ولإعطاء «شرعنة للانتخابات الرئاسية» وتأكيد أنه لا ربط بين الإصلاح الدستوري للوصول إلى وثيقة جديدة والانتخابات الرئاسية التي تجرى بموجب الدستور القائم للعام 2012. وكان هذا بين الأمور التي بحثها الكسندر لافرينييف مبعوث الرئيسي فلاديمير بوتين، لدى لقائه الأسد في دمشق الأسبوع الماضي، خصوصاً أن الجانب السوري جدد التأكيد على «أن أي تقدم في المسار السياسي يتطلب التزاما بالمبادئ الأساسية والثوابت التي يتمسك بها السوريون بخصوص مكافحة الإرهاب وحماية وحدة وسلامة الأراضي السورية والتي لا يملك أي طرف الحق في التنازل عنها».

الثالث، المفاوضات التي يقودها بيدرسن مع الكزبري والبحرة لعقد الجولة السادسة من «الدستورية»، ذلك أن المبعوث الأممي قال إنه لن يدعو إلى جولة جديدة ما لم يكن هناك اتفاق خطي بين الطرفين لعمل اللجنة. وكان الكزبري رفض في الجولات السابقة لـ«الدستورية» الخوض في «صوغ» الدستور قبل الاتفاق على «المحددات الوطنية» وتتضمن رفض «الاحتلالين» الأميركي والتركي و«رفض الإرهاب» والتمسك بـ«وحدة سوريا وسيادتها». وبعد ضغوط روسية، وافق الكزبري على «مناقشة المبادئ الدستورية» قبل «صوغ» الدستور، لكنه أشار إلى صعوبة المشاركة في الاجتماعات خلال رمضان أو لدى التئام البرلمان غدا لبحث الانتخابات الرئاسية.

وأمام تمسك بيدرسن بـ«اتفاق خطي» ونصائح روسية، وافق الكزبري في فبراير (شباط) على إرسال ورقة عاجلة تتضمن مقترحات لـ«آلية عمل» اللجنة الدستورية، رد عليها البحرة بورقة تفصيلية مقابلة، عاد الكزبري وقابلها بمقترحات خطية. المفاجأة في ورقة الكزبري الأخيرة – حسب مسؤول غربي – تمسكه بمخاطبة وفد «هيئة التفاوض» بـ«الوفد الآخر»، بما يختلف عن التفاهم الأخير بين بيدرسن ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد، الذي تضمن تمسك المبعوث الأممي بضرورة التزام «اتفاق معايير وآليات عمل اللجنة الدستورية» الذي تم التوصل إليه في أكتوبر (تشرين الأول) 2019. في المقابل، حافظ الجانب السوري على موقفه برفض «وضع جداول زمنية» لعمل اللجنة، التي هي «كيان سيادي مستقل» وتذكير بيدرسن بأنه «ميسر» للعملية التي «هي ملكية سورية».

وأمام إصرار الكزبري على رفض مخاطبة «وفد هيئة التفاوض» والتمسك بآليات عمل اقترحها، حاول بيدرسن الإفادة من الاهتمام الروسي (وسط غياب أميركي) للدفع إلى الوصول إلى «اتفاق خطي»، حيث بعث أول من أمس مسودة اتفاق إلى الكزبري والبحرة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسختيها الإنجليزية والعربية.

وتقع النسخة الإنجليزية في صفحة واحدة وعنونت بـ«مقترح لمنهجية العمل» لعمل المجموعة المصغرة في الجولة السادسة للجنة الدستورية، حيث ذكر بيدرسن الطرفين بأن اللجنة «تأسست ودعمت بالاتفاق بين حكومة الجمهورية العربية السورية وهيئة التفاوض السورية، بتسهيل من الأمم المتحدة حول مرجعية العمل وقواعد الإجراءات، بحيث تعمل اللجنة بموجب ذلك الأمر الذي جرى التأكد عليه (في اتفاق) قواعد السلوك».

بعد المقدمة، اقترح بيدرسن خطة للعمل في الجولة المقبلة، وتضمنت خمس نقاط، بحيث «يقوم الوفد المرشح من قبل الحكومة والوفد المرشح من هيئة التفاوض (…) بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور» ذلك قبل أن يغادر الوفدان إلى جنيف، على أن يتم في كل اجتماع من الاجتماعات خلال الأيام الأربعة للجولة السادسة «تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله».

وتضمنت المادة الثالثة من مسودة الاتفاق، اختبار «الهيئة المصغرة» (التي تضم 45 عضوا من الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني)، إمكانية حصول «اتفاق حول المبدأ الدستوري ومناقشة تعديلات عليه»، فيما أشارت الثالثة إلى أن «عدم التوصل إلى اتفاق حول مبدأ يجب ألا يحول دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري التالي في الاجتماع اللاحق، وإمكانية عودة الهيئة المصغرة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات».

أما النقطة الخامسة، وهي الأكثر إثارة، تتعلق بالاتفاق على اجتماعات ثلاثية دورية بين بيدرسن والكزبري والبحرة، بحيث يجتمعون عشية انعقاد الجولة السادسة وخلال أيام إجرائها لـ«تعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة». والأهم أن مقترح بيدرسن تضمن نصوص اتفاق – عمل رئيسي الوفدين للمرحلة التي تعقب الجولة السادسة، وتتضمن «تحديد مقترحات المبادئ الدستورية المقترح مناقشتها، يمكن أن يقوم الرئيسان بذلك من خلال اختيار مقترح نص واحد من المقترحات المكتوبة المقدمة من كل وفد». كما يقوم الكزبري والبحرة بـ«تحديد الوسائل العملية لعرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة والمساعدة السكرتارية، بتسجيل النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها والنقاط التي لم يحصل اتفاق حولها». كما تتضمن المسودة «الاتفاق على موعد انعقاد الجولات اللاحقة وخطة العمل حتى نهاية 2021، والتنسيق مع المبعوث الأممي لإعلان نتائج كل جولة والعمل المستقبلي للجنة».

وكان الجانب الروسي وعد الأمم المتحدة بضمان الاتفاق على حصول اجتماعات دورية بين رئيسي الوفدين لـ«ضمان استمرار عمل اللجنة الدستورية»، في وقت أبلغ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه في حال تم الاتفاق على مسودة دستور جديد يمكن الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة (بعد هذه التي يتوقع أن ينال الأسد ولاية جديدة مدتها سبع سنوات) بموجب الوثيقة الجديدة. وتتجه الأنظار حالياً لرد الكزبري والبحرة على ورقة بيدرسن وموقف موسكو، الحريصة على عقد جلسة دستورية بين رمضان والانتخابات الرئاسية.

الصفحة الأولى من مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأممي غير بيدرسن لوفدي الحكومة والمعارضة

نص المقترح الأول لرئيس «الوفد المدعوم» من الحكومة أحمد الكزبري

—————————

======================

تحديث 20 نيسان 2021

————————

مقترح بيدرسن مضيعة الوقت/ عبسي سميسم

لم يحمل المقترح الذي قدمه المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، الخميس الماضي، بشأن جدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، أي طرح جديد من شأنه تحقيق أي تقدم في مسار عمل اللجنة الدستورية، أو المسار الأممي ككل لحل سياسي في سورية وفق قرار مجلس الأمن.

فمنذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2254 في عام 2015 الخاص بإيجاد حل سياسي في سورية، وخلق مسار جنيف التفاوضي لتطبيقه، والنظام، ومن خلفه روسيا، يعملان على تمييع هذا القرار والمماطلة في تطبيق أي بند من بنوده من جهة، ومن جهة أخرى خلق مسارات موازية، تحاول روسيا فرضها بديلاً للمسار الأممي.

وقد نجح النظام خلال السنوات الست الماضية من عمر هذا القرار، الذي نص صراحة على تشكيل هيئة حكم انتقالية وإجراء انتخابات رئاسية برعاية أممية، بتمييعه وإفراغه من مضمونه، واختصاره بلجنة دستورية، يصرح النظام بشكل دائم أنه غير معنيّ بنتائجها. واستطاع خلال أكثر من سنة ونصف السنة من عمر تشكيل اللجنة تعطيل عملها، وعدم تحقيق أي نتيجة تخدم الحل السياسي الذي نص عليه قرار مجلس الأمن.

ورغم اقتصار دور المبعوث الأممي في اللجنة الدستورية على تيسير الجلسات بين الوفود الثلاثة (النظام، والمعارضة، والمجتمع المدني)، إلا أن مقترح بيدرسن لجدول أعمال الجولة السادسة يشير إلى إدخاله اللجنة بتفاصيل قد تمتد جلساتها إلى ما لا نهاية من الزمن، وهو الأمر الذي يراهن عليه النظام. واقترح بيدرسن أنه “قبل المغادرة إلى جنيف، يقوم كل وفد من الوفود الثلاثة، بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور”، ويتم “خلال كل اجتماع من اجتماعات الهيئة المصغرة في الأيام من 1 إلى 4 تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله”. وبين أنه ليس بالضرورة أن تنتهي الجلسة باتفاق على المبدأ الذي يتم النقاش حوله، وإنما يتم الانتقال إلى المقترح الذي يليه، الأمر الذي يتيح الفرصة أمام النظام، في حال الموافقة على هذا المقترح، أن يناقش كل المبادئ الدستورية المقترحة من دون الموافقة على أي منها، وبالتالي كسب المزيد من الجولات والوقت لمناقشة المبادئ الخلافية، وهو ما يحتاجه لتمرير الانتخابات الرئاسية، وفرض بشار الأسد لسبع سنوات جديدة، الأمر الذي يجعل من مقترح المبعوث الأممي، مجرد تحريك لملف اللجنة الدستورية، ومنعه من الانهيار، من دون النظر إلى أي تقدم في مسار الحل السياسي الذي يتطلب إرادة أممية تتمكن من إجبار النظام وحلفائه على تطبيق مضمون قرارات الشرعية الدولية.

————————

رغم مقترحات بيدرسن..الدستورية تنتظر عيد الفطر والانتخابات الرئاسية/ عقيل حسين

مواقف متباينة رشحت عن كتل هيئة التفاوض المعارضة حيال مقترح المبعوث الدولي غير بيدرسن الذي قدمه لوفدي النظام والمعارضة بخصوص جدول أعمال الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي لا يبدو أنها مرشحة للانعقاد قريباً.

وتجري مكونات الهيئة نقاشات لتحديد موقفها من الرسالة التي وجهها بيدرسن الأربعاء، إلى وفدي النظام والمعارضة، تضمنت عرضاً مبدئياً لبرنامج عمل الجولة المقبلة التي كان مقرراً أن تنعقد قبل منتصف نيسان/أبريل، لكنها تأجلت بسبب عدم التوصل إلى اتفاق حول أجندتها.

وحسب الاتفاق الذي جرى في الجولة الخامسة التي عقدت نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2021، فمن المقرر أن تخصص الجولة السادسة لمناقشة وصياغة المبادئ الدستورية أو ما فوق دستورية، لكن إصرار النظام على تقديم مقترح خارج عن هذا الاتفاق عطّل انعقاد الجولة في الموعد الذي كان هناك توافق مبدئي حوله.

وقالت مصادر “المدن” إن رئيس وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية هادي البحرة يسعى إلى الحصول على توافق من مكونات الوفد الممثلة في هيئة التفاوض على الورقة التي قدمها الوفد الدولي، وحصل حتى الآن على رد إيجابي من كتلة الائتلاف الذي ناقش في اجتماع الجمعة، مقترحات بيدرسن، بينما أبدت الكتل الأخرى بعض التحفظات، باستثناء كتلة المستقلين التي لم تناقشها بشكل رسمي بعد، لكن يُتوقع أن تتخذ قراراً بالموافقة.

ويتضمن مقترح بيدرسن لخطة عمل الجولة السادسة أربع نقاط، بالإضافة إلى إنجاز مقترحين خطيين يقدمهما وفدا المعارضة والنظام  حول المبادئ الدستورية التي سيتم التفاوض حولها قبل الحضور إلى جنيف، على أن تتم مناقشة هذه المبادئ خلال جلسات الجولة، وهي النقطة الثانية في رسالة بيدرسن، الذي شدد فيها على ضرورة أن يتم مناقشة مبدأ واحد على الأقل في كل جلسة، بينما أشار  في النقطة الثالثة إلى أن عدم الاتفاق على مبدأ معين يجب ألا يعيق الانتقال إلى مناقشة المبادئ الأخرى، في محاولة منه على ما يبدو لقطع الطريق على وفد النظام ومنعه من الاستمرار في تعطيل عمل اللجنة في حال سعى إلى استهلاك الوقت.

أما النقطة الرابعة، فتقترح عقد ثلاثة لقاءات بين بيدرسن ورئيسي وفدي النظام أحمد الكزبري، والمعارضة هادي البحرة، الأول قبل انعقاد الجولة المقبلة، والثاني والثالث خلال انعقادها، وهو ما يتفق والرغبة الروسية التي تعتبر أن جلوس رئيسي الوفدين على طاولة واحدة سيمثل اختراقاً مهمأً وتطوراً استثنائياً في ملف اللجنة الدستورية، حيث سبق وأن وعد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأمم المتحدة بتحقيق هذا الاختراق.

بينما تتعلق النقطة الخامسة في رسالة بيدرسن بأن يتفق الوفدان، بالإضافة إلى وفد المجتمع المدني على جدول أعمال شامل للجنة عن العام 2021.

وكانت عضو وفد المجتمع المدني في اللجنة الدستورية إيلاف ياسين قد استبعدت في حديث سابق ل”المدن”، انعقاد جولة جديدة قريباً، بسبب عدم إبداء وفد النظام تفاعلاً جدياً مع مساعي  بيدرسن، مشيرة في هذا الصدد إلى مقترح الكزبري السابق و”الذي تضمن جملاً انشائية وحديثاً مكرراً عن السيادة الوطنية ووحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب، من دون التطرق إلى المبادئ الدستورية التي هي من اختصاص اللجنة”.

عدم التفاؤل هذا تعزز مع مضمون الرد الجديد الذي أرسله رئيس وفد النظام إلى الفريق الدولي مؤخراً، حيث اعتبر أن عقد جولة سادسة من المفاوضات خلال شهر رمضان غير ممكن، كما  أشار إلى انشغال الوفد بالتحضير للانتخابات الرئاسية.

عدم التفاؤل عبّر عنه أيضاً عضو وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية عبد المجيد بركات الذي اعتبر أن مقترح بيدرسن ورغم ما فيه من نقاط مهمة إلا أنه لن يكون كافياً لحل الاستعصاء الذي تواجهه اللجنة، كما قال.

وأضاف ل”المدن”، أن “بيدرسن يحاول من خلال هذا المقترح الوصول لاتفاق مبدئي على تقديم كل طرف مبادئ ونصوصاً دستورية واضحة لمناقشتها قبل الدعوة رسمياً لانعقاد الجولة الجديدة، كما يريد أن يحمل رئيسي وفدي النظام وهيئة التفاوض مسؤولية ضبط النقاش والخروج بنتائج منها، وبالتالي فهو يسعى إلى أن تكون الجولة السادسة مختلفة، سواء من حيث الإجراءات أو من حيث المضمون، لكن بالمجمل لا أعتقد أن هذا سيؤدي إلى حل الاستعصاء في عمل اللجنة الذي يتسبب به النظام، مقابل التعامل الإيجابي من وفد المعارضة”.

ومن الواضح أن أكثر ما يثير قلق بيدرسن هو أن يؤثر إجراء النظام الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي قد يؤدي إلى نسف جهود الحل السياسي التي تعتبر اللجنة الدستورية البرنامج الوحيد القائم منها حالياً، وهو ما سبق وأن ناقشه مع الجانب الروسي الذي يعتبر أن إجراء هذه الانتخابات “لا يتعارض” ومفاوضات الحل السياسي بشكل عام واللجنة الدستورية بشكل خاص.

ورغم أن مصادر في المعارضة كشفت ل”المدن”، أن الروس أكدوا للجانب التركي مراراً أن إيران هي من تدفع النظام إلى تعطيل عمل اللجنة الدستورية على الرغم من الضغوط التي تمارسها موسكو عليه، بما في ذلك مطالبته بتأجيل الانتخابات الرئاسية، وهو مقترح كان مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف قد ناقشه مع رئيس النظام خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق الأسبوع الماضي، حسب هذه المصادر، إلا أن أطرافاً في المعارضة لا تبدو واثقة تماماً من ذلك، وتتهم الروس بالتماهي مع موقف دمشق وطهران، وعدم ممارسة ضغط حقيقي على النظام، بينما ترى أطراف أخرى أن موسكو غير قادرة على إجبار النظام على تقديم أي تنازلات.

ومع ذلك فإن المعطيات تشير إلى أن وفد المعارضة ذاهب إلى رد إيجابي على رسالة بيدرسن الأخيرة، خاصة وأن المقترحات الواردة فيها تتفق وما يريده هذا الوفد، مع بعض التحفظات التي أبداها البعض حول ما جاء فيها، لكن مع ذلك فإن أحداً لا يتوقع أن تستأنف جلسات اللجنة الدستورية في وقت قريب، على الأقل حتى انتهاء عطلة عيد الفطر وانتظار ما سيجري بخصوص انتخابات النظام الرئاسية.

————————-

هل تولد استراتيجية جديدة للتعامل مع الأسد/ إبراهيم الجبين

لا يمكن للنشاط الكثيف الذي تشهده الساحة السياسية السورية في الآونة الأخيرة، لاسيما بعد انسداد أفق التفاوض، إلا أن يفضي إلى تصوّرات جديدة عن حل النزاع الذي يدخل عامه الحادي عشر مخلّفا شروخا هائلة في المسألة السورية برمّتها، الدولة وهويتها والمواطنة والدور التاريخي والمستقبلي..

تكثر المشاريع السياسية الجديدة، وتتوالد الأفكار حول الهاجس ذاته؛ معارضة سورية موحّدة تواجه نظاما برهن طيلة الأعوام الماضية على قدرته على التماسك رغم الضربات التي تلقّاها، ورغم انحساره عن ثلثي الأراضي السورية، قبل أن تنجح سياساته البراغماتية في استرجاعها مستعينا بالروس والإيرانيين والميليشيات من كل حدب وصوب. ولن يجدي نفعا ترداد المعارضين القول إنه لم يستعد توازنه بمفرده، ففي الحُكم وضروراته، تكون المآلات هي المقياس لا كيفية الوصول إليها.

وقد بدا المشهد، الذي سرّبته مؤخرا منابر النظام السوري عن احتفال بعيد جلاء الفرنسيين عن سوريا الذي يصادف السابع عشر من أبريل كل عام وأقيم في قاعدة حميميم العسكرية التي يسيطر عليها الروس وبمشاركتهم، مشهدا يفصح عن الكثير. وآخر ما يمكن أن يقرأ المرء منه، الرغبة الروسية بالتعبير عن الانتصار على الغرب الذي تمثّله أوروبا وفرنسا التي غادرت سوريا قبل عقود.

أبعد من ذلك يريد الروس أن يرسّخوا ما تمكنوا من إقناع الولايات المتحدة به في جنيف، عبر البيان الشهير الذي استبدل ردّ الفعل الدولي حيال استخدام السلاح الكيميائي من قبل الأسد ضد المدنيين، بحل سياسي لا بديل عنه، ولا سبيل إليه.

ما يحتفل به الأسد حقا، نجاحُه في تحويل الانتفاضة الإصلاحية السلمية إلى “حرب أهلية”، وسيحتج المعارضون السوريون مجددا على تعبير “حرب أهلية”، بحكم ما يعنيه ذلك من استحقاقات وتبعات قانونية تختلف عما يرون أنه قد حصل في بلادهم.

الواقع الجديد الذي خلقه نظام الأسد، حين كرّس أن ما يجري في سوريا هو حرب أهلية يتجسّد أولا بتحويله للحالة السورية من ميدان جدل سياسي من أجل التغيير، إلى ساحة حرب على الإرهاب الذي كان هو شخصيا يطالب الغرب بتعريف محدّد له، لتمييزه عن المقاومة وغيرها، حرب تسببت بفوضى شاملة ومدمّرة، وبات هو طرفا فيها لا مركزا للقرار، فوضى تسلّلت إليها مشاريع متطرفة من كل حدب وصوب، وجدت في سوريا بيئة ملائمة. وبنزعه للصبغة السياسية من المشهد، أصبح الأسد قادرا على الاستمرار بحظر أي نشاط مناوئ له على الأراضي التي يسيطر عليها، فكل من يخالفه في الرأي حول حملته العسكرية هو بالضرورة يناصر الإرهاب الذي يتهدّد الدولة وأمنها. كما تمكن من استدراج القوى الداعمة له إلى رقعة حربه، وهو يدرك أكثر من الجميع أنها غير قادرة على البقاء إلى الأبد، لأن العالم تغيّر ولم يعد الغزو والاحتلال والاجتياح الخارجي قابلا للعيش وسط منظومة دولية مستقرة، على الأقل شكليا. ولا حاجة إلى التذكير بأن آخر احتلال عسكري رسمي لدولة لأخرى كان احتلاله للبنان وانسحابه منه بإجماع دولي وتحت التهديد.

أخطر ما يملكه الأسد، هو معرفته الدقيقة بكون نظامه ضرورة عضوية، سواء في الإقليم أو على المستوى الدولي. فتقديمه لسوريا كبوابة أمام كل الدول الطامحة إلى بسط نفوذها أمرٌ لا تريده دول الإقليم. وسوريا بفعل عوامل عديدة، لم يكن الأسد بعيدا عن تركيبها، استُعملتْ من قبل الأميركيين، وبجدارة، وحسب تعبير وكالة الاستخبارات المركزية كـ”مصيدة للذباب” لاستقطاب المشاريع المتشدّدة، من جهة، ومن جهة أخرى، كنقطة ارتكاز لإعادة تشكيل الخطر الأوراسي في الخارطة الدولية، روسيا والصين بالطبع، ويجري على ظهر الملف السوري استدراج تلك القوى إلى معادلات وحسابات في نقاط توتر عديدة في العالم، تبدأ بأوكرانيا ولا تنتهي في بحر الصين وحرب الغاز التي تدور في أوروبا بهدوء. أما إيران في حسابات الأسد، فهي ورقة للتفاوض أكثر منها حليفا داعما.

وسط هذا كلّه، فكّرت جهات معارضة تقيم في الداخل السوري، بإحياء مشروع قديم، تأسس في العام 1979، ولم يكتب له الاستمرار، قاده المفكر السوري الراحل جمال الأتاسي، وكان يحمل اسم “التجمّع الوطني الديمقراطي” الذي ضمّ العديد من أطياف المعارضة السورية، غالبيتها جمعها الفكر القومي العروبي.

من هنا ولدت فكرة عقد مؤتمر لتأسيس جبهة وطنية ديمقراطية، أطلقت على نفسها اختصارا اسم “جود” ترعاها هيئة التنسيق الوطنية بقيادة المعارض المخضرم حسن عبدالعظيم والعديد من التيارات والقوى السياسية السورية المتباينة الأهداف والتوجهات. اضطرت من أجل تلصيق تفاهماتها إلى أن تعلن اعترافها بحقوق قومية للأكراد وغيرهم من القوميات التي تعيش في سوريا، لتتجاوز تلك الأحزاب صلاحياتها وتقفز فوق أي دستور سوري، سابق أو مستقبلي، يعترف بالمواطنة للجميع لا بالحقوق العرقية والطائفية لأحد.

منعت أجهزة النظام “جود” من عقد مؤتمرها في دمشق، بعد الدعوة العلنية إليه وتحديد موقعه، مع أن عبدالعظيم أكّد أن الهدف من المؤتمر الدعوة إلى الحلّ السلمي، وفتح آفاق جديدة وصولا إلى الحل السياسي التفاوضي، وتنفيذ القرار 2254 كمشروع جدول أعمال لبيان جنيف، وبالتنسيق مع القوى السياسية.

واشتكى عرّاب المؤتمر من أنّ زملاءه فوجئوا بالتطويق الأمني لعناصر النظام لمحيط الفندق الذي كان سيعقد فيه، وتم منع القيادات المعارضة من الوصول إليه.

الحادثة كشفت عن حقيقة جديدة، فالمعروف أن هيئة التنسيق تعمل في دمشق برعاية روسية، وبضمانات من موسكو بعدم تعرّض الأجهزة الأمنية السورية إلى أي من أعضائها، رغم أن الأمر تم اختباره لمرات، ونتج عنه اعتقال شخصيات هامة من قيادة الهيئة مثل الطبيب عبدالعزيز الخير رئيس مكتب العلاقات الخارجية فيها الذي ألقت المخابرات السورية القبض عليه إثر عودته إلى دمشق من الخارج، وكذلك أمين سرّ الهيئة رجاء الناصر، بالإضافة إلى حوادث أخرى مشابهة.

الاختبار الجديد الذي تمثّل في منع عقد مؤتمر “جود”، رسالة من النظام السوري إلى الروس، أكثر منه رسالة إلى معارضة الداخل التي تدرك أنه لا يمكن لأي عمل سياسي أن يرى النور، مادام ضباط المخابرات السورية لا يزالون يستدعون قيادات تلك المعارضة ويناقشون معها الخطوط الحمراء التي لا يُسمح لأي نشاط بتجاوزها.

المعادلة تتغير من حول المعارضة السورية، وثباتها على مطالبها لا يشبه عناد الأسد في الإصرار على البقاء، والعالم والإقليم لن ينتظرا إلى الأبد، فالمعارضة من جانبها باتت تميل إلى الجمود وقلّة الحيلة، بينما الأسد يغلق الباب كلّ مرّة ليدلّ الجميع إلى طريق وحيدة يمكن المرور منها نحو الحل، طريق تمرّ عبره هو دون سواه، بعيدا عن أي قرارات دولية أو اتفاقات أو حديث عن محاسبة، وهو يراهن على العاملين اللذين بقيا دوما يعملان لصالحه وينقذانه من جميع المآزق التي وقع فيها سابقا، والمفقودين من جميع استراتيجيات المعارضة السورية؛ الزمن وخلق الحاجة.

كاتب سوري

العرب

———————–

السلام والحرية” شرقي الفرات… منافس أم بديل لـ”الاتحاد الديمقراطي”؟/ أمين العاصي و سلام حسن

تسعى جبهة سياسية معارضة تضم تيارات عربية وكردية وآشورية في الشمال الشرقي من سورية، إلى فرض نفسها لاعباً رئيسياً في المنطقة التي باتت تُعرف بـ”شرقي الفرات” التي يسيطر عليها حزب “الاتحاد الديمقراطي” من خلال ذراعه العسكرية “وحدات حماية الشعب”، والذي عمل على منع أي مشاركة لباقي المكونات السياسية بالقرار العسكري والأمني والاقتصادي. وأعلنت “جبهة السلام والحرية”، مساء السبت الماضي، أنها عقدت اجتماعاً افتراضياً لـ”استكمال التداول في الشأن التنظيمي الداخلي، ومناقشة اللوائح الداخلية وعمل المكاتب المتخصصة كمكتب العلاقات الوطنية، ومكتب العلاقات الخارجية، ومكتب الإعلام، ومكتب المساعدات الإنسانية”، وفق بيان لها. وأشارت إلى أنّ الاجتماع تطرق أيضاً إلى “إمكان إجراء بعض التعديلات على اللوائح الداخلية التي أعدتها اللجنة التحضيرية، ومن شأنها تطوير آليات العمل داخل الجبهة”، مضيفة: “أوصى المجتمعون بضرورة بذل جميع الجهود لتفعيل عمل مؤسسات الجبهة، واستكمال اللقاءات مع القوى الوطنية السورية، والقوى الإقليمية والدولية الفاعلة في الشأن السوري”.

واعتبرت الجبهة نفسها “نواة وطنية سورية، جاءت تلبية لمشروع وطني يضمن حقوق جميع المكونات العرقية والدينية التي تجاهلت الدساتير السورية السابقة حقوقها ومورست بحقها إجراءات عنصرية”. وأملت أن تكون “مشروعاً وطنياً يجسّد ثقافة الحوار التي حرمنا منها لعقود طويلة، ليكون شاملاً تقتدي به جميع المكونات السورية، ومظلة لمختلف القوى السياسية الوطنية”، وفق ما جاء في البيان.

وكانت أربعة كيانات سورية معارضة، أعلنت منتصف العام الماضي، تحالفها ضمن ما سمّي بـ”جبهة السلام والحرية”، وهي: المنظمة الآثورية الديمقراطية، والمجلس الوطني الكردي، وتيار الغد السوري، والمجلس العربي في الجزيرة والفرات. وجاء في البيان التأسيسي أن “جبهة السلام والحرية” هي “إطار لتحالف سياسي بين عدد من القوى السياسية السورية التي تسعى إلى بناء نظام ديمقراطي تعددي لا مركزي يصون كرامة السوريين وحريتهم، لا مكان فيه للإرهاب والتطرف والإقصاء بكلّ أشكاله وتجلياته، تعمل وفقاً للمبادئ والأهداف التي تمّ تضمينها في الرؤية السياسية”.

ويشكل العرب غالبية السكان في “شرقي الفرات”، إلا أنّ هذه المنطقة تضم العدد الأكبر من الأكراد والآشوريين السوريين. ويسيطر حزب “الاتحاد الديمقراطي” على جل هذه المنطقة من خلال ذراعه العسكرية وهي “وحدات حماية الشعب” والتي تشكل الثقل الرئيسي لـ”قوات سورية الديمقراطية” والمعروفة اختصاراً بـ”قسد”، والتي تضم هي الأخرى مقاتلين من المكونات العرقية للمنطقة، إلا أن القرار بيد قادتها الأكراد. وتتلقى هذه القوات دعماً كبيراً من التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

ويأتي تفعيل عمل الجبهة في ظل استعصاء سياسي مستحكم بين أكبر تشكيلين سياسيين في المشهد الكردي، وهما حزب “الاتحاد الديمقراطي” و”المجلس الوطني الكردي”، إذ فشلا في ردم هوّة الخلاف بينهما لتشكيل مرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين كما تريد الولايات المتحدة التي ترعى حواراً بين الجانبين منذ عام. ولا يزال حزب “الاتحاد” يرفض مبدأ فك الارتباط بحزب “العمال الكردستاني”، كما يرفض عودة “البشمركة السورية” التي تضم مقاتلين سوريين أكرادا إلى الشمال الشرقي من سورية من نقاط تمركزهم في إقليم كردستان العراق.

في السياق، أوضح عضو المكتب السياسي لـ”المجلس العربي في الجزيرة والفرات” محمد شبيب عبد الرحمن، في حديث مع “العربي الجديد”، أن الجبهة “تحالف قوى سياسية كبرى تمثل قوميات وشرائح من المجتمع السوري”، مشيراً إلى أن “هذا التحالف بحد ذاته هدف”. وأضاف: “نتطلع للعب دور فاعل في الساحة السورية وفي الحل السياسي المنشود لحفظ حقوق جميع القوميات في سورية”.

وكان قد أُعلن عن تأسيس “المجلس العربي في الجزيرة والفرات” في العاصمة المصرية القاهرة عام 2017، ويضم شيوخ عشائر ووجهاء وفعاليات اجتماعية وثقافية وناشطين سياسيين. بينما أعلن عن تأسيس “تيار الغد” في مارس/آذار عام 2016 في القاهرة كذلك. وكلا التنظيمين السياسيين يتبعان للرئيس الأسبق للائتلاف السوري المعارض، أحمد الجربا.

من جهته، أشار كبرئيل موشي كورية، وهو في الهيئة القيادية في الجبهة، ممثلاً عن “الجبهة الآثورية”، إلى أنّ “مستقبل شرقي الفرات ينطوي على الكثير من التعقيد بسبب التدخل الخارجي في المنطقة وخضوعها لمعادلات الصراع”، مضيفاً في حديث مع “العربي الجديد” أن “كل هذا يجعل المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات”. ولفت إلى أنّ “جبهة السلام والحرية، تعمل بوسائل سلمية، وتسعى إلى ترجمة رؤيتها من خلال إعادة الاعتبار للعمل السياسي بعد تراجع العمليات العسكرية في سورية، وتأكيد كل الأطراف أن الحل في سورية سياسي وليس عسكرياً”. وأوضح أنّ الجبهة “تسعى لأخذ مكانها في المشهد السوري على صعيد المعارضة الوطنية والتكامل مع قوى المعارضة، ومنها الائتلاف الوطني السوري”. وتابع: “نعتقد أنّ الجبهة قادرة على أن تكون جسراً بين مكونات الشمال الشرقي من سورية، ونحن ندعم أي حوار سياسي في شرقي الفرات لترسيخ قيم السلم الأهلي والعيش المشترك وتأسيس إدارة جديدة في المنطقة ذات تعدد ديمغرافي وديني وثقافي”.

ولفت كورية إلى أنّ الجبهة “تسعى لتكون في أطر المعارضة؛ سواء الائتلاف أو هيئة التفاوض أو اللجنة الدستورية”، مضيفاً: “وجود الجبهة سيخلق حالة تنافسية وهو من طبيعة العملية الديمقراطية. الجبهة تقدم خياراً آخر لأبناء الشمال الشرقي من سورية”. وتأسست “المنظمة الآثورية الديمقراطية”، والمنضوية في الائتلاف الوطني السوري، قبل أكثر من 60 عاماً، وهي “تعمل من أجل تثبيت الحقوق القومية للشعب الآشوري”، وفق أدبياتها السياسية.

بدوره، أكد الكاتب شفان إبراهيم، وهو عضو في مكتب الإعلام في الجبهة، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ مكونات الجبهة من عرب وأكراد وآشوريين، “تشجع الحوار الكردي الكردي وتجد في نجاحه نجاحاً لها”، مضيفاً أنّ “التوافق الكردي مصدر قوة لباقي مكونات المنطقة”. وبيّن أن انضمام “المجلس الوطني الكردي” إلى الجبهة “لا يعد بديلاً عن الحوار الكردي”، مؤكداً أنّ المجلس “متمسك بالحوار ونجاحه ليفضي إلى إدارة تشاركية بين باقي مكونات الشمال الشرقي من سورية”.

وتأسس “المجلس الوطني الكردي” أواخر عام 2011، بعد أشهر من اندلاع الثورة السورية، من ائتلاف للعشرات من الأحزاب الكردية السورية، وشخصيات وطنية مستقلة، وممثلين عن المجموعات الشبابية. ويدعو المجلس المنضوي أيضاً في الائتلاف الوطني السوري لـ”دولة ديمقراطية برلمانية تعددية، والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي كمكون رئيسي في البلاد”.

العربي الجديد

———————–

المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون: إحاطة إلى مجلس الأمن حول سوريا

ترجمة غير رسمية

السيد الرئيس (السفير Dang Dinh Quy فيتنام)

1. يجتمع المجلس الاستشاري النسائي في جنيف هذا الأسبوع – للمرة الأولى بشكل شخصي منذ عام. أود أن أشكر السلطات السويسرية لتعاونها في جعل هذا الأمر ممكناً. تعمل عضوات المجلس الاستشاري النسائي بشكل فعال على تزويدي أنا وفريقي بمعلومات حيوية عن الوضع على الأرض ويقدمن لي المشورة بشأن العملية السياسية. وعلى الرغم من أنهن يمثلن وجهات نظر مختلفة حول العديد من القضايا وأنهن يأتين من خلفيات متعددة، إلا أنهن تواصلن البحث عن طرق للعمل سوياً حتى الوصول إلى اتفاق في كثير من الأحيان. في تنوعهن والتزامهن، فإنهن على دراية بما يواجهه العديد من السوريين – ويركزن على ما يريد العديد من السوريين تحقيقه لبلدهم.

2. دعونا لا ننسى أنه بالإضافة إلى التحديات التي تواجه جميع السوريين، فإن العديد من النساء قد تعرضن أيضاً للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر والقسري والاتجار. ومع تزايد أعداد القتلى والجرحى من الرجال، فإن عدد النساء اللاتي تعيلن أسرهن قد ازداد أكثر من أي وقت مضى – كل ذلك على خلفية العنف والإرهاب والنزوح وعدم الاستقرار والفقر والجائحة.

3. عندما التقيت بعضوات المجلس الاستشاري النسائي يوم الإثنين، أعربن عن خوف مشترك من انقسام دائم في سوريا، وعن قلقهن من أن الخلافات بين الأطراف الخارجية ستؤدي إلى استمرار الصراع السوري. لكنهن تحدثن أيضاً بأمل وتصميم حول أهمية دفع العملية السياسية، وأهمية أن يسود هدوء دائم في جميع أنحاء البلد، وأهمية وضع دستور جديد يضمن الحقوق والحريات لجميع السوريين. كما عبرن عن رغبتهن في رؤية نهاية للنزاع – وتحقيق سلام مستدام بمشاركة هادفة من النساء السوريات، مع مراعاة سلامة المرأة وتوفير احتياجاتها الأساسية وصيانة كرامتها وحقوقها وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة.

السيد الرئيس،

4. أود اليوم أن أطلق تحذيراً للجميع – بأهمية إعطاء الأولوية للبحث عن تسوية للصراع السوري. فعلى الرغم من مرور أكثر من عام من الهدوء النسبي بالمعايير السورية، إلا أن احداث هذا الشهر تذكرنا باحتمال انفلات الوضع بشكل أكبر أو تدهوره بسرعة.

– لقد شهد شمال غرب سوريا تصعيداً كبيراً. وشمل ذلك ضربات جوية على مستشفى تدعمه الأمم المتحدة ومخطر عن مكان تواجده في غرب حلب بالقرب من مخيمات النازحين المكتظة بالسكان، وعلى مقربة من الحدود السورية-التركية حيث يتم تسليم المساعدات الإنسانية عبر الحدود من قبل الأمم المتحدة، فضلاً عن قصف المناطق السكنية في غرب مدينة حلب.

– في 22 نيسان/أبريل، وقعت غارات جوية داخل سوريا للمرة الثانية خلال شهر ونسبتها الحكومة السورية إلى إسرائيل. مما أدى إلى قيام الحكومة السورية بتفعيل أنظمة دفاعها الجوي. وفي المقابل، قالت إسرائيل أن صاروخاً انطلق من سوريا أصاب بعد ذلك الأراضي الإسرائيلية، وإنها نفذت بعد ذلك ضربات أخرى داخل الأراضي السورية.

– كما واصل تنظيم داعش تصعيد نطاق ومدى هجماته في وسط وشمال شرق سوريا – ووردت معلومات أنه خلال احدى الهجمات قامت خلايا التنظيم باختطاف عشرات المدنيين من ريف حماة.

– كما شهدت عفرين وتل رفعت وعين عيسى تصاعداً مستمراً في الأعمال العدائية.

– وفي القامشلي التي غالباً ما يسودها الهدوء، اندلعت التوترات وتحولت إلى مواجهة عنيفة الأسبوع الماضي، مما تسبب في سقوط ضحايا ونزوح بين المدنيين.

– ولا يزال جنوب غرب سوريا يعاني من عدم الاستقرار بشكل دائم، مع استمرار عمليات الاختطاف والقتل والاعتقال وانتشار الجريمةـ، وتحركات القوات التي تنذر بإمكانية تصعيد وشيك.

السيد الرئيس

5. من السهل جداً أن نعتاد على مثل هذه التطورات – والمخاطر التي يمكن أن تؤدي إليها. ولكن من الضروري تحقيق وقف إطلاق النار على المستوى الوطني وفقاً للقرار 2254 – وأيضاً الوصول إلى نهج تعاوني للقضاء على الجماعات الإرهابية المدرجة على القوائم.

6. ينتابني القلق إزاء الوضع الاقتصادي الذي يواجهه الشعب السوري بعد عقد من الصراع والدمار والفساد وسوء الإدارة واقتصاديات الحرب والانهيار المالي اللبناني والجائحة والعقوبات. وعلى الرغم من استعادة الليرة السورية لبعض قيمتها هذا الشهر، على خلفية إجراءات الحكومة السورية، ألا أن أسعار المواد الغذائية لا زالت عند مستويات قياسية ولم يتراجع حجم التضخم. يعاني حوالي 12.4 مليون شخص الآن من انعدام الأمن الغذائي – بزيادة قدرها 4.5 مليون خلال العام الماضي فقط. ولا يزال نقص الوقود مصدر قلق رئيسي أيضاً.

7. أنا على يقين أن مارك لوكوك سيقوم بتسليط الضوء على الآثار الإنسانية لهذا الوضع في إحاطته – وبالتأكيد أيضاً على الزيادة الكبيرة في حالات COVID-19 في بعض المناطق وانقطاع وصول المياه لما يقرب من نصف مليون شخص في الحسكة. واسمحوا لي أيضاً أن أؤكد من طرفي، كما سيفعل مارك، على الأهمية الأساسية لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل ومستمر ودون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا، من خلال عمليات تسليم مكثفة عبر الخطوط وعبر الحدود. وقد شدد الأمين العام في إحاطته إلى الجمعية العامة على أن الاستجابة على نطاق واسع عبر الحدود لمدة 12 شهراً إضافية تظل ضرورية لإنقاذ الأرواح. وأناشد أعضاء المجلس التركيز على الوصول إلى توافق في الآراء بشأن هذه المسألة.

8. إنني أقدر أيضاً، وأواصل مناشدتي، لضرورة استمرار المانحين في دعم الركائز الأساسية لخطة الاستجابة الإنسانية –المساعدات الإنسانية – الحماية –دعم القدرة على الصمود والوصول إلى الخدمات.

السيد الرئيس،

9. لقد عبر لي أعضاء المجتمع المدني على تنوعهم، والذين ما زالت أتواصل معهم عبر غرفة دعم المجتمع المدني التابعة للأمم المتحدة، عن مخاوف مشتركة بشأن الوضع المتدهور لمعظم السوريين. وقد لفتوا الانتباه في رسالة مشتركة ألقاها بعضهم مؤخراً في مؤتمر بروكسل في نهاية شهر مارس/آذار، إلى الأثر المدمر لعشر سنوات من الحرب على النسيج الاجتماعي في سوريا، وعمليات النزوح المستمر، وتدهور أوضاع اللاجئين. ودعوا إلى زيادة البرامج الإنسانية وبرامج سبل العيش وتطبيق جميع الاستثناءات الإنسانية على أنظمة العقوبات. وشددوا على ضرورة إحراز تقدم فيما يتعلق بالآلاف الذين ما زالوا محتجزين أو مختطفين أو مفقودين، ودعوا إلى حل سياسي متسق مع قرار مجلس الأمن 2254.

السيد الرئيس،

10 – اسمحوا لي هنا أن أكرر نداء الأمين العام بشأن أهمية تجنب وتخفيف أي آثار للعقوبات على قدرة السوريين في الحصول على الغذاء والإمدادات الصحية الأساسية والدعم الطبي لمواجهة فيروس COVID 19.

السيد الرئيس،

11. واسمحوا لي أن أؤكد مرة أخرى على أهمية تحقيق تقدم بشأن المعتقلين والمختطفين والمفقودين. فطالما ظل هذا الملف مجمداً إلى حد كبير، لن يتمكن العديد من السوريين حتى من البدء في التفكير في المضي قدماً، ولن يكون استعادة لحمة النسيج الاجتماعي السوري ممكناً. إنني على دراية مباشرة بالخسائر الفادحة التي تلحقها هذه القضية بالعائلات، من خلال اتصالاتي المتكررة مع أسر المعتقلين والمجموعات النسائية والمواطنين السوريين العاديين. وأعمل في هذا الشأن جنباً إلى جنب مع نائبتي، وبمساعدة الأعضاء المعنيين والمتفرغين في فريقي لهذه المسألة، وانخرط بشكل مباشر مع الأطراف، وسنستمر في القيام بذلك. هذا ويشارك مكتبي أيضاً في مجموعة العمل المكونة من إيران وروسيا وتركيا، واللجنة الدولية للصليب الأحمر بصفة مراقب، على الرغم من أن هذه المجموعة لم تجتمع إلا مرة واحدة في الأربعة عشر شهراً الأخيرة. وعلى الرغم من العدد المتواضع من المعتقلين والمختطفين الذين تم إطلاق سراحهم في عمليات إطلاق سراح متزامنة وبنسب مماثلة، لم يحرز أي من المسارين تقدماً حقيقياً. لقد قمنا بتقديم أفكار محددة، بما في ذلك إجراءات ملموسة للكشف عن مصير وأماكن تواجد الأشخاص المفقودين، ولكن تحتاج هذه الإجراءات إلى التفعيل. وأكرر في هذا الصدد مناشدتي للحكومة السورية وجميع الأطراف السورية الأخرى لإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين بشكل أحادي، واتخاذ إجراءات ذات مغزى بشأن المفقودين – على نطاق يتناسب مع حجم هذه القضية المأساوية. سيكون عيد الفطر القادم مناسبة جيدة لهذا النوع من العمل.

السيد الرئيس،

12. إذا كان لهذا الصراع الذي يشهد تدويلاً كبيراً أن يتحرك نحو الحل، فنحن بحاجة إلى دبلوماسية دولية بناءة وشاملة بشأن سوريا لمحاولة تحقيق تقدم خطوة بخطوة. لقد ناقشت هذه المسألة مع الأطراف السورية وسأواصل القيام بذلك في لقاءاتي. كما ناقشتها أيضاً خلال لقاءاتي مؤخراً مع مسؤولين رفيعي المستوى في روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران والعالم العربي وأوروبا وغيرهم من أعضاء هذا المجلس. وأقدر اعرابهم عن اهتمامهم بهذه الفكرة. لكن في الوقت نفسه، من الواضح أن انعدام الثقة والرغبة في رؤية الآخرين يتحركون أولاً هما عاملان أساسيان يحكمان تفكير الأطراف إزاء هذا الأمر.

13. أتفهم هذا الأمر تماماً. لكن هناك عدة طرق للتغلب على هذه المخاوف. حيث يمكن النظر في أطر جديدة للنقاش الدولي أو تشكيل دولي جديد يضم الأطراف ذات المصلحة التي يمكنها تقديم شيء على الطاولة. ويمكن إجراء مشاورات استكشافية للمساعدة في اختبار الأفكار والاحتمالات والعمل على تجاوز غياب الثقة الذي يعرقل مثل هذا الجهد. يمكن للأطراف الرئيسية أن تحدد، بواقعية ودقة، الخطوات المتبادلة التي يمكنها اتخاذها وما تسعى إلى تحقيقه، من أجل تعزيز التقدم في تنفيذ القرار 2254. يمكن أيضاً أن تساعد مجموعة من الإجراءات المحددة في شكل صفقة متكاملة ومحددة جيداً دون غموض، والتنفيذ المتوازي وبشكل قابل للاختبار حسب الحاجة. لا توجد ضمانات بإيجاد أرضية مشتركة – لكنني مقتنع بإمكانية ذلك. فهناك ما يكفي من الأمور على المحك وما يكفي من المصالح المشتركة لدفعنا للمحاولة. ويجب أن نبدأ في وضع الأساس لمثل هذا الجهد – مع ادراكنا أنه سيتطلب وقتاً وجهداً ليؤتي ثماره. فمع الهدوء النسبي والهش الذي يسود على الأرض، ومع إدراك عدة عواصم للحاجة إلى المضي قدماً، نحن بحاجة إلى استكشاف ما هو ممكن. يجب ألا نضيع المزيد من الوقت في استكشاف هذا الأمر بجدية.

السيد الرئيس

14. لقد أخذنا علماً بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في سوريا في 26 أيار/ مايو. سوف تُجري هذه الانتخابات وفقاً للدستور الحالي، وهي ليست جزءاً من العملية السياسية بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2254. الأمم المتحدة ليست منخرطة في هذه الانتخابات وليس لها تفويض للقيام ذلك. وتواصل الأمم المتحدة التأكيد على أهمية التوصل إلى حل سياسي تفاوضي للصراع في سوريا. وفي هذا الصدد، يفوض القرار 2254 الأمم المتحدة بتسهيل عملية سياسية تتوج بإجراء انتخابات حرة ونزيهة وفق دستور جديد، تدار تحت إشراف الأمم المتحدة وفقاً لأعلى المعايير الدولية للشفافية والمساءلة، وبمشاركة جميع السوريين الذي تحق لهم المشاركة، بما فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر.

15. اسمحوا لي أن أنتقل في النهاية إلى اللجنة الدستورية – وأستهل ملاحظاتي بنقطتين على النحو التالي:

16. أولا، ما هو بديهي، أن اللجنة الدستورية بقيادة وملكية سورية. وقد تم تأسيسها وتمكينها بموجب اتفاق بين حكومة الجمهورية العربية السورية وهيئة التفاوض السورية، وبتيسير من الأمم المتحدة – وهذا الاتفاق هو المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية. وتعمل اللجنة وفقاً لهذه المعايير. وأكد أعضاء اللجنة على ذلك في مدونة السلوك التي اعتمدوها بالإجماع. وأناشد الرئيسين المشتركين وجميع أعضاء اللجنة احترام المصطلحات الواردة في المعايير المرجعية في تعاملاتهم الرسمية. كما أناشدهم الالتزام بمدونة السلوك في خطاباتهم العامة.

17- ثانياً، لقد أوضحت أنه من أجل مصلحة السوريين أنفسهم، فإن الدورة السادسة للهيئة المصغرة للجنة تحتاج إلى التحضير بعناية. وأنه يجب أن تكون هناك ضمانات للتأكد من أنها ستلتزم بتنفيذ المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، وأن تستعيد وتساهم في بناء بعض الثقة، وأن تحقق تقدماً في تفويض اللجنة بإعداد وصياغة إصلاح دستوري للموافقة الشعبية. وبعبارة أخرى، يجب أن تكون الدورة السادسة مختلفة عن ذي قبل- مع بعض الأهداف الواضحة، وأساليب العمل الفعالة، وتعزيز التعاون بين الرئيسين المشتركين، ووضع خطة عمل للدورات المقبلة.

18. لقد عملت بصبر مع الرئيسين المشتركين لتبادل المقترحات بينهما وتبادل الآراء معي للتوصل إلى توافق في الآراء حول كيفية عقد مثل هذه الدورة. منذ إحاطتي الأخيرة، أدى استخدام مصطلحات غير متسقة مع المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية والخلافات حول المنهجية إلى طريق مسدود. وقد توصلت إلى تقييم بأنه لا يمكن التغلب على هذه الخلافات من خلال الاستمرار في تبادل المقترحات بين الرئيسين المشتركين. وبالتالي، فقد أرسلت لكلا الرئيسين المشتركين في 15 أبريل/نيسان مقترحاً توافقياً، مبنياً على الأفكار الجيدة التي تضمنتها مقترحات كل منهما، وطلبت منهما ابداء قدر من المرونة. واسمحوا لي أن أشير في هذا السياق إلى أنه من المؤسف أن بعض العناصر السرية للمناقشات الجارية وجدت طريقها إلى وسائل الإعلام. وإنني على يقين من أن هذا المقترح التوافقي، في حالة تنفيذه، سيساعد اللجنة على المضي قدماً في إنجاز عملها بشكل تدريجي. وقد التقيت أيضاً مؤخراً مع أعضاء اللجنة من المجتمع المدني من الثلث الأوسط.

19. قبل هذه الإحاطة مباشرة، تلقيت رداً رسمياً على مقترحي من الرئيس المشترك المسمى من قبل هيئة التفاوض السورية. وأُبلغت من قبل الرئيس المشترك المسمى من قبل الحكومة السورية أنني سأتلقى رده بشكل رسمي الأسبوع المقبل. سأنتظر رد كل من الرئيسين المشتركين قبل تقديم المزيد من التعليقات. في الوقت الحالي، اسمحوا لي أن أقول إن الأمم المتحدة على استعداد من الناحية اللوجستية لعقد دورة سادسة في أقرب وقت ممكن بمجرد التوصل إلى اتفاق بين الرئيسين المشتركين.

السيد الرئيس،

20. اللجنة الدستورية ما هي إلا جزء مما يجب أن يكون عملية أوسع لتنفيذ القرار 2254 – وهي عملية يمكن المساعدة في إطلاقها بشكل تدريجي من خلال الخطوات المتبادلة. وهذه العملية الأوسع نطاقاً ضرورية لخلق بشكل تدريجي الظروف الآمنة والهادئة والمحايدة التي يمكن أن يترسخ فيها إصلاح دستوري توافقي ومدعوم على نطاق واسع في سوريا. هذه هي نفس الشروط المطلوبة لعودة آمنة وكريمة وطوعية للاجئين السوريين ولإجراء الانتخابات المنصوص عليها في القرار 2254. لا يمكننا الوصول إلى هذه الأهداف دفعة واحدة. لكن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتوليد بعض الحركة، ويتطلب ذلك دبلوماسية دولية بناءة لتحديدها وتنفيذها. أنني منفتح على أي اقتراحات أو نصائح في هذا الشأن، لكن لا أرى سبيلاً آخر غير هذا لمساعدة الشعب السوري على الخروج من أزمته الرهيبة نحو مستقبل أفضل يلبي تطلعاته المشروعة ويعيد سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها.

شكراً السيد الرئيس.

——————————

تعقيدات الحل السياسي التفاوضي/ حسن عبدالعظيم

بادئ ذي بدء لا بد من التأكيد ان العملية السياسية لإنجاز التسوية السياسية عبر اللجنة الدستورية مجمدة على الرغم من الجهود المتواصلة للمبعوث الدولي السيد غير بيدرسن ونائبه د. خولة مطر وأعضاء البعثة، والمسؤول الرئيس عن ذلك هو النظام.

فما احتمالات تحقيق الحل السياسي التفاوضي وفق بيان جنيف1 والقرار 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة في جنيف رغم الخلافات والتعقيدات والتدخلات العسكرية لدول إقليمية وخارجية وتناقض مصالحها وبرامجها؟

وأشار “بيدرسن” بعد الجولة الخامسة من أعمال اللجنة في التاسع والعشرين من كانون الثاني من هذا العام بأنها “فرصة ضائعة ومخيبة للأمال”، وذكر “عدم وجود أي خطة عمل مستقبلية من أجل سوريا حتى الآن.”

وفي حديث هام للشرق الأوسط مع الإعلامي البارز إبراهيم حميدي أواسط آذار الماضي، أكد “بيدرسن” أن السوريين وقعوا في ” فخ الحرب اللا منتهية “، وأن “على الجميع أن يشعر بالخجل” بسبب الفشل في وقف المأساة السورية، واعتبر بصراحته الجريئة أن المأساة السورية طالت لمدة تقارب مدة الحربين العالميتين الأولى والثانية، والشعب السوري أكبر ضحايا القرن الأخير.

ويتناغم هذا مع بيان الأمين العام للأمم المتحدة المتميز في الذكرى العاشرة للشعب السوري الذي قال “إن عدم المساهمة في حل الصراع السوري يعني أن النظام العالمي ليس فاعلاً”، وأكد أنه لا الحكومة السورية؛ ولا المعارضة ولا مجموعة أستانا وأميركا قادرات على احتكار الحل، لابد من نهاية (تسوية) متفاوض عليها.

ولم يتجاهل إقدام النظام على فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية بالإيعاز لمجلس الشعب بالإعلان عن ذلك على أساس دستور 2012 متجاهلاً الوثائق الدولية لبيان جنيف 1 والقرارات الدولية ذات الصلة وفي مقدمتها 2118/2013 و2254/2015.

وعبر عن موقف الأمم المتحدة والبعثة وخبرائها الدوليين، “إن الانتخابات المقررة ليست جزءاً من مهمته بموجب القرار الدولي 2255 الذي يتحدث عن دستور جديد… يجب أن تجري وفق أعلى المعايير الدولية بمشاركة من السوريين في الشتات.”

وهذا الموقف الواضح للأمم المتحدة ومبعوثها الدولي، في تقديري، ينفي تماماً توفر أي معايير دولية للنزاهة والحياد في الانتخابات الرئاسية السورية وفق دستور 2012 المفصل على نهج النظام الاستبدادي، واحتكار السلطة وعدم مشاركة السوريين في الشتات، ولا بد للقوى الوطنية الديمقراطية في الداخل والخارج أن تعبر عن مواقفها برفض المشاركة في هذه الانتخابات الصورية الشكلية والدعوة لمقاطعتها.

كما عبرت هيئة التنسيق الوطنية عن موقفها لأنها تقطع الطريق على الحل السياسي والتسوية التاريخية في جنيف، وتكرر الاستبداد والعنف والصراع المسلح والإرهاب، واستمرار الأوضاع المأساوية التي يعاني منها الشعب السوري في المعارضة والموالاة والمجتمع المدني والمدنيين والعسكريين.

وفي إحاطته أمام مجلس الأمن في الثامن والعشرين من نيسان الماضي، شرح السيد “بيدرسن” الأوضاع الكارثية التي يعاني منها الشعب السوري في الداخل والخارج والأوضاع المتفجرة في المناطق التي تسليمها للنظام في المنطقة الجنوبية لمحافظة درعا وغيرها عبر المصالحات والتسويات والفيلق الخامس والفيلق الثامن المواليين للروس ومع ذلك لا يلتزم النظام بها.. ويستمر في التحالف مع الحرس الثوري الإيراني ونظام ولاية الفقيه رغم انتفاضة غالبية الشعب الإيراني عليه ومعارضة وزير الخارجية العلنية له ولسياساته التخريبية في تصدير الثورة وأذرعها المذهبية المسلحة في العراق ولبنان وسوريا واليمن وتفجير الحروب الأهلية.

واستمرار وجود مجموعات مسلحة من الحرس الثوري الإيراني والميليشيات المذهبية من لبنان أو العراق أو القوقاز رغم الاتفاق السابق على انسحابها في المناطق الجنوبية والغربية من محافظة درعا أو السويداء يعرضها مع القوات السورية والروسية للهجمات الخاطفة المفاجئة، واستمرار وجودها في منطقة الجولان وفي ريف دمشق وشرقي الفرات ومستودعات أو مصانع الاسلحة يعطي الذرائع للكيان الصهيوني بالقيام بالهجمات الصاروخية والغارات العدوانية على الأراضي السورية المستباحة بصمت روسي وغياب رد وردع للعدوان، وفي تصوره وجواباً على إمكانية التسوية، أشار المبعوث الدولي إلى التواصل المستمر مع المحاورين الأساسيين في واشنطن وموسكو والعواصم العربية والأوروبية وطهران وأنقرة الأساسيين.

وأكد أن كل العناصر الضرورية التي تحدد حل الصراع السوري موجودة في القرار 2254، غير أن تغييرات جوهرية حصلت في الوضع على الأرض بعد صدوره في كانون الأول عام 2015، جعلت الحل ليس أقرب من عام 2015.

وهناك أهمية للمضي بالعملية السياسية قدماً وحل ملف المفقودين والسجناء، والقضايا المتعلقة بالنازحين واللاجئين وموضوع العقوبات وموضوع إعادة الاعمار على طاولة المفاوضات وثمة انتظار لموقف وفد النظام في الجولة السادسة بعد رمضان ومدى الضغط الروسي عليه للانخراط جدياً في المفاهيم الدستورية وتحديد سقف زمني لإنجاز الدستور الجديد وتشكيل هيئة حكم غير طائفي بالتوافق بين اللجان الثلاتة وتوفير البيئة الآمنة للانتقال السياسي وممارسة هيئة الحكم في استلام الصلاحيات التنفيذية الكاملة وتسليم الصلاحيات التشريعية والقضائية والإدارية والعسكرية والأمنية المشكلة بالتوافق طبقاً لبيان جنيف1 والقرار2254.

نورث برس

——————————

عندما قاطع السوريون الأمم المتحدة/ أحمد طرقجي

كان لإعلان السوريين مقاطعة الأمم المتحدة، خريف عام 2016، وقع الصاعقة في أرجاء المنظمة الدولية، حيث لم يسبق في تاريخ المنظمة منذ تأسيسها أن تمت مقاطعتها، وبالأخص من قبل 72 منظمة مدنية بالتوقيت نفسه، نتيجة ضعف الأداء الأممي وأثره السلبي على المواطن السوري.

من المناسب اليوم العودة لتقييم بعض أحداث تلك الفترة بعد مرور خمس سنوات خصوصاً مع التدهور الحالي وصعوبة الوضع المعاشي للمواطن السوري.

ساعد صدور القانون الأممي 2165 لعام 2014 على إنشاء آلية العمل الإنساني عبر الحدود السورية وشدد على ضرورة دعم وحماية الفرق الإغاثية الشريكة للأمم المتحدة. صوت مجلس الأمن بالإجماع لصالح هذا القانون بعد فشل القانون السابق 2139 الصادر قبل بضعة أشهر، والذي دعا لرفع الحصار وإزالة معوقات العمل الإغاثي، خصوصاً في ضوء أحداث حصار مناطق حمص القديمة.

سبق تبني هذا القرار العديد من الأزمات مثل انتشار فيروس شلل الأطفال في سوريا بسبب منع اللقاحات عن مناطق المعارضة.

وثق الباحثون حينذاك تباطؤ استجابة المنظمات الدولية وغياب آليات العمل لمساعدة الأطفال المصابين، فالمنظمات الأممية مخولة بالتنسيق فقط مع النظام حسب القوانين الدولية حينذاك، وهي الجهة نفسها التي فرضت الحصار كما أشار القانون الأممي لاحقاً.

تبع هذا القرار الأممي تبلور آلية “كل سوريا” لتنسيق العمل الإغاثي. كان حجم الدعم الأممي – وما يزال –  يزيد عن المليار ونصف المليار دولار سنوياً، يُوزع أكثر من ٧٠٪؜ منها لمكتب دمشق، تعادل هذه الميزانية نحو 10-15٪؜ من موازنة سوريا عام 2010.

لم يمض كثير من الوقت حتى بدا واضحاً ضعف إدارة الموارد وتجاهل الأعراف الدولية. فسوريا قد تكون أحد الحروب القليلة عبر التاريخ الحديث التي لم يتم فيها وضع آليات لإخلاء المرضى المدنيين على سبيل المثال، ففي شتاء عام 2015 كان سكان مضايا يموتون جوعا أمام أعين المنظمة الدولية. وبعد ضغوط دولية كبيرة، أرسل مكتب دمشق مواد غذائية أممية منتهية الصلاحية مما أفقد ثقة السوريين بالأمم المتحدة.

وفي صيف 2016، كان الحصار قد أطبق على حلب الشرقية واشتد حصار الغوطة. كان مئات المرضى المصابين بالحالات الطبية المستعصية كالسرطان والفشل الكلوي والأطفال بحاجة للإخلاء الطبي بسبب شح المواد الطبية في المناطق المحاصرة.

دعت المنظمات الطبية لوضع آليات لدعم العمل الطبي المدني في المناطق المحاصرة ولإخلاء المرضى الراغبين حسب آليات متوافقة مع القوانين الدولية بحيث لا تكون آليات الإخلاء مبهمة كالتي طرحتها روسيا ولا تسفر أيضاً عن اعتقال وتهجير المرضى أو تسيس احتياجاتهم، كما دعونا لتطوير الاستجابة الدولية بناء على حاجة المواطنين وليس بناء على قوالب أممية جامدة بعيدة عن الواقع أو بناء على معلومات مغلوطة تقدم من مكتب دمشق.

لتبسيط شرح الآلية الدولية، فهناك منصات تتشارك فيها الفرق الوطنية المختصة مع المنظمات الدولية كاليونسيف ومنظمة الصحة العالمية لدراسة وتنسيق معظم الاستجابة الإنسانية. تضع هذه المنصات تقييمها وأولوياتها السنوية لمناطق عملها. يجمع فريق الأمم المتحدة هذه المعلومات من مختلف المناطق ولكنه بدل تنسيقها فإنه يعيد صياغة الخطط والأولويات حسب رؤيته بعد التفاوض مع الوزارات في دمشق بغض النظر عن آراء الفرق المختصة والقريبة من الأرض.

في خطة عمل 2016 تم تغيير  71 مقترحا من مسودة التقرير النهائي نتيجة ضغط الوزارات السورية فصدر التقرير النهائي بعيداً عن حاجات المواطنين والموارد المتوفرة. زاد على ذلك ضعف الرقابة على التعاقدات المالية والتوزيع العادل للموارد.

بعد مداولات عديدة اتخذنا قرارنا بمقاطعة التنسيق مع الفريق الأممي. وضع الخبراء ورقة عمل مفصلة عن التغييرات المطلوبة لزيادة الشفافية والوصول للمواطنين بناء على احتياجاتها وأولوياتهم. ضجت أروقة الأمم المتحدة بهذا الموقف وتطايرت الاتهامات في كل الاتجاهات.

حاولت بعض الفرق اختراق الإجماع الوطني عن طريق وعود بمنح مالية أو التهديد بالتهميش. أوضحت المجموعات السورية المتضامنة أن موقفها هو للدفاع عن حقوق السوريين ومنع تسييس احتياجاتهم.

كانت المفاجأة  بعيداً عن الأضواء، حيث تعاطف كثير من الخبراء الأمميين وأيدوا رأي خبرائنا لكنهم كانوا علناً مكبلين بالآليات الجامدة للأمم المتحدة. كما شجعت كثيرا من الدول المانحة على تطوير آليات العمل لكن مع المحافظة على منصات التنسيق كونها أداتهم الوحيدة لتقييم الوضع الإنساني داخل سوريا.

رغم صعوبة هذه المعركة على صعيد دبلوماسية العمل الإنساني، إلا أن الموقف الجماعي نجح في تغيير بعض الآليات مما ساعد على تطوير الاستجابة لحاجات الناس رغم التدمير والتهجير الواسعين في العامين التاليين، من نافل القول أن هذه المبادرة قوبلت لاحقاً بآليات معاكسة في السنين التالية كما هو متوقع في أي مجال دبلوماسي.

بعد خمس سنوات اختلفت كثير من معطيات القضية السورية، إلا أن أساسيات العمل الوطني على جميع المنصات المدنية والإنسانية والقانونية ما زالت تتمحور حول المبدأ نفسه، الالتزام الجماعي بالأجندة الوطنية وتطوير الخبرات الوطنية، فهذه الخبرات هي القادرة على تحويل الفرص لمشاريع وطنية ناجحة، كما أن العمل الجماعي للسوريين هو القادر على تمكينهم من فرض أجندة وطنية بعيداً عن القوالب الدولية الجامدة لأن الأجندة الوطنية السورية هي الضامن الوحيد للمواطن السوري ولكرامته.

تلفزيون سوريا

——————————-

المجلس العسكري الانتقالي السوري: اختراع من وسائل التواصل أم أكثر من ذلك؟!

ماثيو آيتون/ ترجمة أحمد عيشة

شهدت الأسابيع الأخيرة تعالي صوت الشائعات التي تزعم أن الدعم المحلي والإقليمي والدولي يتزايد من أجل تأسيس مجلس عسكري انتقالي سوري (TMC). ويُزعَم أن العميد المنشق مناف طلاس سيقود ذلك المجلس، وستكون مهمته إيصال البلد الذي مزقته الحرب إلى مستقبل ما بعد بشار الأسد.

لقد طُرح مفهوم المجلس العسكري الانتقالي السوري منذ بضع سنوات، وقال لي كبار الشخصيات المعارضة إن الفكرة اقتُرِحت في مناسبتين سابقتين على الأقل -2012 و2016- وأنها سوف تصاغ إلى حد ما على غرار التجربة المصرية بعد إطاحة حسني مبارك في عام 2011، حيث تولّى المجلس الأعلى للقوات المسلحة سلطة الدولة. ومع ذلك، ففي حالة سورية، ظلّ تشكيل المجلس العسكري الانتقالي السوري فكرة ضبابية وظل في حالة سبات إلى حد كبير في الأوساط الدبلوماسية، حيث إن وحشية الصراع بين الإخوة وبناء توافق الآراء الدولي الهزيل قد خنقا تحقيقه.

ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن الوقت يتغير. ووفقًا لمقال نشر في 10 شباط/ فبراير، في صحيفة الشرق الأوسط التي تتخذ من لندن مقرًا لها، فإن روسيا، حامية الرئيس الأسد في الخارج وصانعة الملوك في مرحلة ما بعد الصراع، تلقت اقتراحًا من أعضاء في المعارضة المنفيّة لبناء المجلس العسكري الانتقالي السوري. وادعى المقال أن شخصيات من منصّة القاهرة (وهي مجموعة مقرّها في العاصمة المصرية) قدّمت الخطة إلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وكان هدفهم تسهيل الانتقال السياسي في سورية. والمنصة بشكل عام هي أكثر توافقًا مع موقف روسيا من مواقف المعارضة التي تتخذ من تركيا مقرًا لها.

وبعد نشر المقال بفترة وجيزة، أصدر جمال سليمان، وهو مسؤول سابق في منصة القاهرة، بيانًا حاول فيه أن يصحح الأمور بقوله إنه طرحَ الاقتراح على لافروف بصفته الشخصية، لا بصفته عضوًا في منصة القاهرة. وعلى الرغم من ذلك، استمرت الشائعات الإعلامية بعد ذلك مدعية أن هناك جهودًا متضافرة تُبذل خلف الأبواب المغلقة لإنشاء وتأسيس المجلس العسكري الانتقالي السوري. ويزعَم أن المفضَل لقيادة هذا التشكيل هو صديق الطفولة للأسد، وهو من داخل النظام السابق، وجنرال من قوات النخبة في الحرس الجمهوري، إنه مناف طلاس الضابط الذي انشق وهرب إلى باريس في تموز/ يوليو 2012، عندما كانت ترتعد فرائص دمشق تحت وطأة تمرّد متزايد القدرة.

وتقول بعض التقارير إن المتحمّسين للمجلس العسكري الانتقالي بقيادة طلاس اعتبروا مقال الصحفي السوري ياسر بدوي، المنشور في صحيفة نيزافيزيمايا غازيتا الروسية اليومية، المؤيد لهذه الفكرة، دليلًا على تقبّل الكرملين لأحدث ظهور للفكرة. وفي الواقع، كما جاء في مقال الشرق الأوسط، “فسّرت شخصيات معارضة نشر روسيا لمقالته [بدوي] على أنه دليل على استعداد روسيا رسميًا لمناقشة هذه الفكرة”.

وروّج البعض للفكرة في مكان آخر، وادعى باسل العودات، في جريدة الأهرام المصرية، أن المفهوم “يحظى بتأييد واسع النطاق في سورية”، في حين أكّد معارضو النظام في المنفى في بعض المقابلات، مثل القائد السابق للمتمردين عمار الواوي، تأكيدًا قاطعًا أن نشوء المجلس أمرٌ “لا مفرّ منه”. وتفيد التقارير أن الدافع وراء إنشاء هذا المجلس هو الإشراف على التحرك نحو تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، الذي يدعو في جوهره إلى وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وتتبعه انتخابات يقودها السوريون وتشرف عليها الأمم المتحدة، كجزء من تسوية سياسية أوسع نطاقًا للصراع.

ولا يبدو خارج نطاق العقلانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يكون مستعدًا، نظرًا للوقائع التي يواجهها الآن في سورية، لإضفاء مباركته على المجلس العسكري الانتقالي، لرسم مسار للخروج مما يبدو وكأنه طريق مسدود. وقبل كل شيء، إن الأموال اللازمة لإعادة بناء سورية، التي يمكن أن تسمح لروسيا بتحريك تدخلها نحو انتصار استراتيجي طويل الأمد ودائم، لن يمنحها الحلفاء الغربيون ولا أغلب دول الخليج العربي الذين يطالبون بإنهاء قيادة الأسد كشرط أساسي. لذا، يبدو أن هناك ما يكفي من المبررات التجريبية والنظرية للتساؤل: هل يتم بذل الجهود وراء الأبواب المغلقة، بين أصحاب المصلحة في الصراع السوري مع مصلحة موسكو التي لا غنى عنها، من أجل بثّ الحياة في روح المجلس العسكري الانتقالي بقيادة طلاس، أم أن التقارير تستند إلى حد كبير إلى الشائعات؟

وأوضح لي العميد طلال فرزات، رئيس حركة الضباط الأحرار، الذي تربطه علاقة وثيقة بالعميد طلاس، أن مشروع المجلس العسكري الانتقالي “حظي أخيرًا بتوافق في الآراء بين الولايات المتحدة وروسيا، وبدعم من البلدان المجاورة لسورية والمحور العربي”، وأكد بعض العلامات الملموسة الموجودة لدعم ذلك. وأخبرني فرزات، من دون أن يوضح التفاصيل، أن “مناف طلاس موجود في الساحة”، وأنه “تلقى إشارات جادة من المستويين المحلي والدولي، ليبلور المشروع ويظهره”.

وزعم فرزات كذلك أن هناك تفاعلًا جديًا ومستمرًا مع الخطة، من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول عربية متعددة. وزعم أنه لا ينبغي الخلط بين الغياب الحالي للإعلانات العامة عن الدعم، والافتقار والتأييد المتنامي من وراء الكواليس. وأضاف أن “الأطراف الخارجية تراقب الاقتراح، ولكنها تفضل عدم الإعراب عن آراء صريحة بخصوصه، حتى الآن، معتقدة أن ذلك يساعد في تدوير وتعميم الفكرة على مختلف المستويات بطريقة هادئة وتداولية”. وعلى الصعيد الإقليمي، أعرب المسؤولون القطريون والسعوديون عن اهتمامهم الشديد بالاقتراح، وأنهم “يشعرون بنبض” كيانات المعارضة السورية تجاه الفكرة.

والواقع أن العنصر الحاسم في تحويل المجلس العسكري الانتقالي إلى واقع يتلخّص في الوحدة بين الرجال الذين يقفون وراءه والجهات الفاعلة العسكرية السياسية على الأرض، وهم على وجه التحديد: الحكومة السورية المؤقتة، والجيش الوطني السوري، وقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة. وزعم فرزات، وهو يتطرق إلى ذلك، أن “الدلائل الحقيقية على وجود دعم دولي واسع النطاق” قد ساعدت في تشجيع “الأطراف السورية على أرض الواقع” على قبول المبادرة.

ومع ذلك، فإن أعضاء المعارضة الذين تحدثت إليهم “على أرض الواقع” يعدون هذه المزاعم إشكالية، وجميعهم دحضوا فكرة المجلس العسكري الانتقالي، إما إنكارًا لجدواها السياسية وإما رفضًا صريحًا لها، باعتبارها نتاج شائعات. وقال أحد كبار المسؤولين في الحكومة السورية المؤقتة: “نحن، في الحكومة السورية المؤقتة، وفي كتائب وتشكيلات الجيش الوطني السوري، لم يسألنا أحد عن هذا المشروع، وليس لنا أي دور فيه، أو أي موقف منه على الإطلاق. ولا يحظى مشروع مناف طلاس بأي دعم من المعارضة السورية، و98 في المئة من السوريين الذين يؤيدون المعارضة لا يقبلون بما يسمّى بالمجلس العسكري”.

وردد أحد الجنرالات من الجيش الوطني السوري الذي يتخذ من إدلب مقرًا له، هذه النقطة قائلًا: “إن هذا الحديث [عن المجلس العسكري الانتقالي] هو مجرد آراء منتشرة في منتديات وسائط التواصل الاجتماعية، ولا يوجد اتفاق مع أي شخص”. واستمرارًا لهذا الموضوع، أدان جنرال آخر، من مجلس حماة العسكري في الجيش الوطني السوري، المشروع باعتباره “شائعات وفقاعات من الناس الذين يحبون الظهور، كما لو أنهم مهمّون لمستقبل سورية، يعيشون في أوروبا ويستمتعون بجمع (لايكات likes) على مواقع التواصل الاجتماعي”. وعلى النقيض من ذلك، تبدو قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة أكثر استيعابًا وتكيفًا. وقد أبلغني مسؤول رفيع المستوى من المجموعة أنه كانت هناك “اتصالات بين مناف طلاس وقوات سوريا الديمقراطية، بخصوص الفكرة وكيفية تنفيذها، ونحن نؤيدها”. غير أن المتحدث الرسمي أضاف، في معرض الكشف عن المرحلة الجنينية من المجلس العسكري الانتقالي، “حتى الآن، جرت مناقشات أساسية. وهناك حاجة إلى مزيد من المحادثات وتوضيح الفكرة وكيفية تنفيذها”.

ولكن، حتى لو وُجد مهندسو المجلس العسكري الانتقالي أنفسهم في سيناريو عالمي مثالي، حيث تقف مجموعة جماعات المعارضة السورية كلها خلفهم، فإن هناك سؤالًا محرجًا يظل مطروحًا: كيف نبدأ الانتقال من الأسد؟ وبعيدًا عن التأكيد أن الدكتاتور يجب أن يغادر منصبه، وفقًا لقرار مجلس الأمن 2254، فإن الأفراد الذين كانوا وراء المشروع الذين تحدثت إليهم كانوا غير قادرين أو غير راغبين في تقديم مزيد من التفاصيل، بخصوص الكيفية التي قد يتخذونها لإبعاده؛ سواء من خلال نوع من الاتفاق السياسي أو بالقوة.

مفتاح العملية الذي لا يمكن القفز من فوقه هو الاستعداد الروسي للتخلي عن الأسد. ومن الناحية الواقعية، تبدو فرص ذلك ضئيلة، حيث تلقي موسكو بثقلها وراء ما يسمى بالانتخابات السورية المقبلة (المقرر إجراؤها في 26 أيار/ مايو) ومن شبه المؤكد أنها ستمنح الرئيس السوري فترة ولاية أخرى في منصبه. وفي معرض تأكيد ذلك، صرّح مسؤول من حقبة باراك أوباما، كان يعمل كمستشار حول الانتقال السياسي السوري حتى عام 2012، بأنه كلّما طرح أسئلة حول خطط الانتقال من الأسد، على أولئك المشاركين في المجلس العسكري الانتقالي، “كان يواجه دائمًا جدارًا أصمّ أو متاهة من الأمنيات”.

وقال المسؤول الأميركي السابق: “الأمر الأكثر أهمية أن تخلق هيكلًا مفصلًا يصور كيف يمكن أن تحكَم سورية خلال مراحل مختلفة من التحول السياسي. ومع ذلك، إنه أمرٌ آخر تمامًا، أن توصف كيف يبدأ الانتقال نفسه في الواقع”.

ما يبدو في الوقت الراهن أن هذا المجلس العسكري الانتقالي هو إلى حد كبير نظرية يكافح وجودها المادي، من أجل تجاوز الحبر المصروف على الورق. هناك عوائق كبيرة تحول دون تنفيذه، مثل التعامل مع مصير الأسد، وكسب تأييد المعارضة السورية المدعومة من تركيا، التي تشكك في الرجال الذين يتخذون من أوروبا مقرًا لهم في المقام الأول ويقفون خلف المجلس العسكري الانتقالي، وفي العميد طلاس. هذا فضلًا عن الافتقار إلى الأدلة الملموسة، بخلاف مزاعم فرزات، التي تؤكد أن روسيا تؤيد الاقتراح. ومع ذلك، فإن المسؤول الأميركي السابق أبدى ملاحظة واحدة على خلاف مع ملاحظات المعارضة السورية. وقال إنه على الرغم من تحفظاته حول قدرة المجلس العسكري الانتقالي على البقاء، “أستطيع أن أؤكد لكم أن الأمر أكثر بكثير من اختراع وسائل التواصل الاجتماعي”.

اسم المقال الأصلي         Syrian Transitional Military Council: A ‘social media invention’ or much more?

الكاتب   ماثيو آيتون، Matthew Ayton

مكان النشر وتاريخه         المجلس الأطلسي، Atlantic Council، 3 أيار/ مايو 2021

رابط المقال         https://bit.ly/3tHe3MN

ترجمة   وحدة الترجمة/ أحمد عيشة

مركز حرمون —————————–

======================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى