سياسة

مقالات تناولت الوضع في ادلب

مستقبل إدلب في الصراع السوري ومصالح الجهات الدولية الفاعلة/ فراس فحام

تتناول هذه الورقة التحليلية موقع إدلب في خريطة الصراع السوري، وأهميتها بالنسبة لكل من النظام السوري والمعارضة، وأجندات الفاعلين الدوليين في إدلب والملف السوري عمومًا، بالإضافة إلى مآل هذه المنطقة والسيناريوهات المحتملة.

بدت الانتخابات التي أجراها النظام السوري، في 26 مايو/أيار من العام الجاري (2021)، وكأنها عملية “هروب إلى الأمام” في ظل استمرار الملفات العالقة بين الفاعلين الدوليين المؤثرين في سوريا، وعلى رأس تلك الملفات مستقبل محافظة إدلب، التي لا يزال مصيرها متأرجحًا إلى يومنا هذا.

بقيت محافظة إدلب شمال غرب سوريا إحدى أهم المناطق المشتعلة بالمواجهات بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام إلى مطلع عام 2020، بل يمكن وصفها بأنها كانت إحدى أكثر البؤر الملتهبة.

ورغم الاتفاق الذي جرى توقيعه، في مارس/آذار 2020، بين كل من الرئيس التركي “أردوغان” ونظيره الروسي “بوتين” لفرض الهدنة في إدلب، إلا أن المنطقة إلى يومنا هذا تخضع للتجاذبات السياسية التي تتخللها مناوشات ميدانية، كما أنها محور المباحثات المستمرة بين الوفود التقنية التركية-الروسية.

تتناول هذه الورقة التحليلية موقع إدلب في خريطة الصراع السوري، وأهميتها بالنسبة لكل من النظام السوري والمعارضة، وأجندات الفاعلين الدوليين في إدلب والملف السوري عمومًا، بالإضافة إلى مآل هذه المنطقة والسيناريوهات المحتملة.

أولًا: إدلب والمعارضة

لمحافظة إدلب أهمية في الاقتصاد السوري، فهي عقدة وصل مهمَّة بين مناطق شرق وشمال سوريا من جهة، والموانئ الساحلية غرب البلاد من جهة أخرى، بالإضافة إلى كونها منطقة حدودية مع تركيا وفيها معبر “باب الهوى” البري؛ مما يجعلها بوابة عبور مهمة باتجاه البحر المتوسط، ومحطة أساسية لمرور البضائع من أوروبا عبر تركيا إلى جنوب سوريا، ثم دول الخليج مرورًا بالأردن. وزاد من هذه الأهمية على الصعيد الاقتصادي قرب إدلب من محافظة حلب (العاصمة الاقتصادية لسوريا) وإحدى أهم المدن الصناعية في البلاد، فقد أصبحت بهذا محطة أساسية في نقل البضائع المخصصة للتصدير من حلب إلى الموانئ الساحلية.

الإهمال السياسي وعدم دعم المشاريع الزراعية والتنموية في إدلب من قبل النظام السوري، جعل من المنطقة بؤرة أساسية في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في مارس/آذار 2011، وأسهم في الإقبال الجماهيري الكبير على التظاهرات المناهضة للنظام السوري بُعد المحافظة عن مركز السلطة، وخلوها تقريبًا من انتشار وحدات الجيش الرئيسية التي حرص النظام على نشرها في محيط مدن رئيسية، وهي: دمشق-حلب-حمص-اللاذقية. وبعد مرور أشهر من عمر الانتفاضة، تحولت إدلب إلى مركز ثقل رئيسي للحراك الشعبي في مواجهة النظام، وباتت مدنها الرئيسية (إدلب-أريحا-معرة النعمان-جسر الشغور) تشهد نزول الآلاف من المتظاهرين إلى الساحات.

مع تحول المشهد السوري من المظاهرات الشعبية إلى العمل المسلح ضد النظام السوري في بدايات 2012، أصبحت محافظة إدلب أكثر أهمية بسبب موقعها المتميز على الحدود، خاصة مع تشكيل غرف عمليات دولية لدعم الفصائل العسكرية التابعة للمعارضة في كل من الأردن وتركيا، والتي عُرفت باسم “موم” و”موك”(1). وقد أصبحت منطقة “باب الهوى” التي تضم معبر حدودي يصل الأراضي السورية مع تركيا المقر الرئيسي لما يعرف بـ”هيئة أركان الجيش السوري الحر”، التي كانت بمنزلة مظلة تستقبل الدعم العسكري الدولي وتقوم بتوزيعه على فصائل “الجيش السوري الحر” في شمال ووسط سوريا، وبعض مناطق ريف دمشق كالغوطة الشرقية. بهذا صارت إدلب شريان دعم مهمًّا للمقاومة المسلحة ضد النظام السوري، وبوابة أساسية لتلقي المساعدات الإنسانية التي يجري توزيعها على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، والأهم من ذلك كله أن الاستحواذ على الطرق الدولية الواصلة بين حلب-اللاذقية (M4)، وحلب-دمشق (M5)، والتي تمر من محافظة إدلب، أدى إلى إحداث ما يشبه الشلل في التبادل التجاري والحياة الاقتصادية لدى النظام السوري.

باتت إدلب، باستثناء قريتي “كفريا” و”الفوعة”، في ربيع عام 2015، أول مركز محافظة تسيطر عليه الفصائل العسكرية المقاتلة المناهضة للنظام(2) السوري بشكل شبه كامل، والتي كانت تقاتل وقتها ضمن غرفة عمليات “جيش الفتح”(3)، ولم يبق من إدلب سوى القريتين اللتين بقيتا خاضعتين لسيطرة فصائل مسلحة موالية لإيران. واستطاع “جيش الفتح” بعد أسابيع قليلة فقط السيطرة على ريف إدلب الغربي (أريحا-جسر الشغور)، لتهدد الفصائل بهذا أهم حاضنة شعبية للنظام، ألا وهي محافظة اللاذقية، التي وصلت الفصائل إلى مشارفها الشمالية وتحديدًا “معسكر جورين”(4).

هذه الأسباب مجتمعة جعلت من محافظة إدلب ذات أهمية كبيرة للقوى العسكرية التي تحارب النظام السوري على اختلاف أسمائها (معارضة معتدلة-فصائل جهادية)، حتى تضمن حضورها في المشهد السوري وتحتفظ بحظوظها على طاولة المفاوضات، وذات أهمية كبيرة أيضًا بالنسبة للنظام الذي بات يرى في إدلب أنها العقبة الأكبر في استعادة سيطرته على الأراضي السورية وإعلان “النصر الحاسم”، خاصة أن عودته إلى إدلب تعني وضع حدٍّ للتدخل الدولي من البوابة التركية في الوضع الميداني على الأراضي السورية.

وبدورها، تنظر التنظيمات الجهادية، وأبرزها “هيئة تحرير الشام”، إلى محافظة إدلب على أنها الملاذ الأخير، على اعتبار أنها غادرت مع فصائل المعارضة السورية كل من ريف دمشق وحمص وريف حماه باتجاه إدلب، وهذه الورقة مهمة لها ليس فقط على الصعيد العسكري، بل من ناحية فرض نفسها كلاعب أساسي في الحل السياسي، لأن التحول إلى لاعب سياسي يضمن لتلك التنظيمات البقاء وعدم ترك مكوناتها عرضة للتصفية الميدانية بذريعة أنها “تنظيمات مصنَّفة على قائمة الإرهاب”.

ثانيًا: مصالح الفاعلين الدوليين

تلعب أطراف إقليمية ودولية أدوارًا رئيسية في الأزمة السورية، تتلاقى وتتعارض مصالحها، لاسيما في إدلب:

تركيا: تأثير إدلب وأحداثها على تركيا ومساسها بشكل مباشر بأمنها القومي، جعل أنقرة توليها أهمية بالغة ومبكرة، تجسدت هذه الأهمية بشكل أوضح بعد عام 2017 من خلال إرسال قوات من الجيش التركي إلى إدلب؛ حيث قامت أنقرة بنشر 12 نقطة مراقبة من أجل الحفاظ على وقف إطلاق النار فيها(5). كما وقفت بوجه محاولات قوات النظام السوري المدعومة روسيًّا، للسيطرة على إدلب، وزادت من حضورها العسكري فيها، فبلغ عدد الجنود الأتراك هناك مع حلول عام 2020 أكثر من 10 آلاف جندي(6) وبات انتشارها العسكري يتخذ شكل “خط فولاذي” لمنع تقدم قوات النظام السوري باتجاه المدن المؤهلة بالسكان منها مركز محافظة إدلب ومدينة أريحا والمدن والبلدات الواقعة شمال المحافظة(7).

ويمكن فهم مصالح تركيا في إدلب من خلال النظر إلى محددات أساسية، أولها: مخاوف أنقرة من موجات نزوح جديدة باتجاه الأراضي التركية في حال سقطت إدلب بيد النظام السوري؛ ما سيلقي أعباء كبيرة عليها في ظل تراجع مؤشرات الاقتصاد، وسيعطي فرصة للمعارضة التركية لانتقاد الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، كما أن فقدان هذه المساحة يعني تلاشي الآمال الخاصة بفرض الاستقرار وتسهيل عودة اللاجئين السوريين التدريجي إلى الأراضي السورية، واستمرار استنزاف  الرصيد الشعبي لحزب العدالة والتنمية في الجولات الانتخابية المتلاحقة، والذي كان واضحًا خلال الانتخابات البلدية الأخيرة (عام 2019) من خلال خسارة “العدالة والتنمية” للولايات الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول. وتصرُّ تركيا خلال مفاوضات الوفود التقنية مع روسيا على انسحاب النظام السوري من مدن خان شيخون-سراقب-معرة النعمان التابعة لمحافظة إدلب، والعودة إلى حدود مناطق السيطرة وفق اتفاق “سوتشي”، الذي جرى توقيعه في شهر سبتمبر/أيلول 2018، وذلك لإعادة عشرات الآلاف من المهجَّرين المقيمين على الشريط الحدودي إلى مناطقهم. ومنذ أواخر عام 2020، تناقش أنقرة وموسكو خلال لقاءات الوفود التقنية إمكانية انتشار الشرطة العسكرية الروسية أو شرطة محايدة يجري تشكيلها لضمان عودة النازحين من قرب الحدود التركية إلى مناطقهم(8).

المحدد الثاني لموقف أنقرة في إدلب هو “تقويض الحزام الكردي” على الحدود السورية-التركية بقيادة وحدات الحماية “الكردية” (YPG) التي تصنِّفها أنقرة أنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وتنظر إلى هذا الحزام على أنه مرحلة أولى من إنشاء دولة ستمتد إلى داخل الأراضي التركية. فأطلق الجيش التركي عملية “درع الفرات” في شمال حلب، عام 2016، ضد “تنظيم الدولة” (داعش)، ليحيط بذلك بمنطقة “عفرين” المتاخمة لإدلب، وهي من الأقاليم الأساسية التي أنشأتها الوحدات “الكردية” داخل سوريا إلى جانب كل من “رأس العين” و”عين العرب” و”القامشلي”، قبل أن تتمكن القوات التركية بعملية مشتركة مع فصائل المعارضة السورية حملت اسم “غصن الزيتون” من دخول عفرين، أواخر عام 2018. ولقد ضمنت التحركات العسكرية التركية في كل من “إدلب” و”عفرين” عرقلة اتصال محتمل بين قوات النظام السوري و”قوات سوريا الديمقراطية “(تشكل وحدات الحماية العمود الفقري لها)، وما يفتحه هذا التواصل الجغرافي من فرص للطرفين من أجل العمل المشترك ضد مصالح أنقرة وأمنها القومي؛ إذ إن هذا الاحتمال يبقى قائمًا وبقوة في ظل عدم انقطاع المحادثات والمفاوضات بين الطرفين وبرعاية روسية، ومحاولة التفاهم على صيغة مناسبة للعمل المشترك، تعيد الأذهان إلى حقبة ثمانينات القرن الماضي، التي احتضنت فيها دمشق زعيم حزب العمال الكردستاني “عبد الله أوجلان”(9).

تدرك أنقرة أن خسارتها لإدلب ستعني بالضرورة ضعف أوراقها في الملف السوري، وستحد من قدرتها في صياغة الحل السياسي المستقبلي، كما ستضعفها في مواجهة كل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، حيث لا تزال تركيا قلقة من سيطرة وحدات الحماية “الكردية” على مناطق واسعة قرب الحدود التركية، مستفيدةً من الدعم الأميركي بشكل أساسي، والغطاء الروسي في بعض المناطق مثل “تل رفعت” و”منبج” بريف حلب، و”عين عيسى” بمحافظة الرقة.

ومنذ بداية عام 2020، كثف الجيش التركي من قواته في منطقة “جبل الزاوية” المطلة على الطرق الدولية في محافظة إدلب، بالإضافة إلى الانتشار الواسع على الطريق الدولي، إم فور (M4) الواصل بين شمال سوريا وغربها، سعيًا من أنقرة لامتلاك أوراق تفاوض تجعلها حاضرة في المشهد بشكل فاعل، إذ من شأن السيطرة على الطرق الدولية أن يعزز دور تركيا وخياراتها في مواجهة واشنطن الراغبة في تطبيق العقوبات الاقتصادية على النظام السوري بشكل صارم، وكذلك في  مواجهة روسيا التي تريد استعادة عمل الطرق الدولية والتبادل التجاري، والتي أظهرت في أكثر من محطة استعدادها لتجاوز الدور التركي في سوريا، من خلال فرض واقع عسكري في حال تمكنت من ذلك.

ولا يمكن إغفال المكاسب التي تجنيها أنقرة ضمن حلف شمال الأطلسي كمقابل تصديها لمشكلة الهجرة القادمة من إدلب باتجاه الأراضي الأوروبية، خاصة أن أنقرة تطمح لإعادة تعريف دورها ضمن الحلف والتحول إلى فاعل أساسي في رسم سياساته(10).

روسيا: بعد سقوط نظام “معمر القذافي” في ليبيا على يد دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بادرت روسيا إلى تعزيز نفوذها ضمن حوض البحر المتوسط من بوابة سوريا(11) ، فوقفت منذ البداية إلى جانب “بشار الأسد” وساندته سياسيًّا عن طريق مجلس الأمن، وعسكريًّا من خلال الاستشارات والدعم العسكري التقني، ولم تتردد بالتدخل العسكري المباشر عندما شعرت موسكو، عام 2015، أن نظام الأسد بات في خطر حقيقي، بعد أن سيطرت فصائل المعارضة في ريف دمشق على جبال دوما المطلة على العاصمة، ووصول طلائع غرفة عمليات “جيش الفتح” إلى أطراف شمال اللاذقية غرب البلاد. كما أنشأت روسيا، في سبتمبر/أيلول 2015، قاعدة جوية في منطقة “حميميم” بريف اللاذقية، وأتبعتها، في أكتوبر/تشرين الأول 2016، بقاعدة بحرية في مدينة طرطوس، وأصبحت القاعدتان لاحقًا نقطتي ارتكاز لروسيا في البحر المتوسط عمومًا، واستخدمتهما لاحقًا في نقل العتاد الحربي والمقاتلين إلى ليبيا(12).

شكَّلت إدلب، مركز ثقل المعارضة المسلحة، تحديًا أمنيًّا وسياسيًّا كبيرًا لروسيا في ظل الأدوار الدولية المعقدة على الساحة، فقد كانت بلدات شمال حماه التي تتبع لمنطقة خفض التصعيد الرابعة (تسمى منطقة إدلب اصطلاحًا) منطلقًا للطائرات المسيرة لمهاجمة قاعدة “حميميم” بريف اللاذقية التابعة للجيش الروسي(13). فتوغلت موسكو داخل إدلب للتخلص من هذا التهديد ولتقترب أكثر من المناطق الحدودية، وبالتالي تمهد الأجواء للتفاوض مع تركيا الداعم الأساسي لفصائل المعارضة التي كانت تستهدف القاعدة الروسية الاستراتيجية عبر الطائرات المسيرة، وقد استطاعت موسكو بالفعل إنهاء تلك الهجمات.

وَسَعَتْ روسيا من خلال عملياتها العسكرية إلى إحكام السيطرة على الطرق الدولية، وذلك بهدف فرض إعادة فتح تلك الطرقات وضمان تدفق البضائع إلى جنوب سوريا، وهي إلى اليوم تركِّز على هذا الهدف خلال اللقاءات مع الجانب التركي وتعمل على تحقيقه بالطرق الدبلوماسية(14).

بالنسبة لموسكو، فإن النجاح في خلق عملية التبادل التجاري بين النظام السوري ومناطق المعارضة، يعد فرصة مهمة لتطبيع الوضع السياسي بين الطرفين، وأيضًا فإن تفعيل الطريق الممتد من ولاية غازي عنتاب التركية إلى دمشق مرورًا بشمال سوريا، يتيح للنظام السوري خلق شراكات مع دول الجوار من البوابة الاقتصادية.

إيران: الحضور الإيراني في سوريا يتيح لطهران فرصة الوصول إلى البحر المتوسط، لتأمين خطوط تصدير الغاز والنفط باتجاه أوروبا. ولذلك، كان هناك اهتمام إيراني بالتغلغل داخل المؤسسات العسكرية للنظام السوري، بالإضافة إلى نشر “ميليشيات” على الطريق الواصل بين طهران وبيروت مرورًا بمحافظتي دير الزور وحمص السوريتين، وكذلك عززت إيران من حضور هذه الميليشيات في إدلب المتاخمة لمحافظة اللاذقية والمطلة على البحر المتوسط.

أما نفوذ إيران في إدلب وكذلك حلب، فإنه يوفر لطهران فرصة مهمة للضغط على تركيا بهدف ضبط سياساتها في منطقة الشرق الأوسط عمومًا وفق المصالح الإيرانية، في ظل تصاعد العمليات العسكرية التركية على الأراضي العراقية.

إلا أن الدور الإيراني غاب عن محافظة إدلب منذ ما قبل توقيع اتفاق سوتشي، منذ سبتمبر/أيلول 2018 وحتى منتصف 2019، لأن طهران كانت مهددة بموجة عقوبات أميركية جديدة ولم ترد إغضاب تركيا. لكن شهد صيف 2019 انخراط قوات “حزب الله” وبعض تشكيلات الحشد الشعبي العراقي المدعومة إيرانيًّا في العمليات العسكرية ضد المعارضة السورية بمحافظة إدلب، فيما بدا أنه رد فعل على تجاوب أنقرة مع الولايات المتحدة في قضية العقوبات الاقتصادية وخفض كمية النفط المستوردة من إيران إلى مستوى غير مسبوق، ويمكن تفسيره أيضًا على أنه محاولة إيرانية للضغط على تركيا التي وسَّعت من تحركاتها في العراق(15). ومنذ أواخر عام 2019، أصبحت الميليشيات الإيرانية تنتشر بكثافة في كل من “سراقب” وريفها شرق إدلب، بالإضافة إلى أطراف منطقة “جبل الزاوية” جنوب المحافظة، وريف حلب الجنوبي المتاخم لإدلب(16).

وفي شهر مايو/أيار 2021، أعلنت إيران عن افتتاح قنصلية لها في مدينة حلب، وعلى الأرجح ستكون تلك القنصلية مقرًّا استخباراتيًّا لمتابعة الأوضاع عن قرب في حلب وإدلب، ولتخطيط تحركات الميليشيات المدعومة إيرانيًّا المنتشرة شمال غرب سوريا عمومًا(17).

الولايات المتحدة الأميركية: لم تنخرط واشنطن بشكل كبير في الصراع السوري، لكن عملت على امتلاك أوراق مهمة للضغط على الأطراف الأخرى، مثل وضع اليد على حقول النفط شمال شرق سوريا والعقوبات الاقتصادية، إلى جانب الإدارة من الخلف وفق مصالح واشنطن لبعض الصراعات في سوريا بين من تعتبرهم خصومًا أو منافسين لها. غاب الحضور الأميركي الفعلي عن تطورات إدلب، واكتفت واشنطن، في مناسبات عديدة أثناء التصعيد الروسي على إدلب، بتأكيد دعمها للجهود التركية، ووقوفها إلى جانب أنقرة في مواجهة تقدم النظام السوري. وفي سياق التأكيد على هذه السياسة، بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين تركيا وروسيا في مطلع شهر مارس/آذار 2020، زار المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري” معبر “باب الهوى” الواصل بين تركيا وإدلب(18).

أعلنت واشنطن مرارًا عن معارضتها لاجتياح المنطقة من قبل النظام السوري وروسيا لتفويت فرصة الحسم في سوريا لصالح موسكو(19)، ومن جهة أخرى، عدم إتاحة الفرصة لخرق الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على النظام السوري عبر بوابة إدلب لأنها ترى في العقوبات الاقتصادية ورقة مهمة للتأثير في المشهد السياسي وعدم تركه بالكامل لروسيا.

تدرك الولايات المتحدة الأميركية أن إتاحة الفرصة لروسيا لحسم ملف إدلب عسكريًّا يعني إنهاء آخر معقل للفصائل العسكرية المناهضة للنظام السوري، وبالتالي تسجيل نصر حاسم على مناهضي نظام الأسد، وفقدان ورقة مهمة تتيح لها التحكم بالسلوك الروسي وضبطه في سوريا والمنطقة عمومًا.

إن بقاء منطقة متنازع عليها بين روسيا وتركيا، مفيد بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية لجهة تفويت الفرصة على روسيا للتقارب أكثر مع أنقرة وإبعادها عن تحالفاتها الغربية. ومن ناحية أخرى، فإن استمرار التوترات بين تركيا وروسيا يعني صعوبة تركيز جهود الطرفين على شمال شرق سوريا حيث النفوذ الأميركي.

ثالثًا: تأثير إدلب على التسوية السياسية

يمكن تحديد تأثير إدلب على التسوية السياسية من خلال النظر إلى السيناريوهات المحتملة التالية:

أحدها، تجميد الصراع: يعتبر سيناريو “تجميد الصراع” على وضعه الراهن من ضمن السيناريوهات المحتملة جدًّا في محافظة إدلب، ومما يقوِّي فرصه أن الدول المساندة لكل من النظام السوري والمعارضة تتمسك بمواقفها في مختلف المناطق، وتدعمانهما بالقوة العسكرية المباشرة ميدانيًّا.

فمن جهة، لم تلتزم روسيا بتعهداتها المتعلقة بإبعاد تنظيم وحدات الحماية عن المناطق الحدودية مع تركيا(20)، وتحتفظ بتواصل مع التنظيم في القامشلي ومنبج وعين عيسى، وهذا يدفع تركيا لرفض تقديم أي تنازل في سوريا وملف إدلب على وجه التحديد. وبالمقابل، فإن أي تراجع تركي في إدلب يعني المزيد من الخسائر في الملف السوري، وتراجع التأثير في الحل السياسي. الانتشار العسكري التركي المباشر في إدلب، والموقف الأميركي المساند لأنقرة، سيشكِّل حاجزًا في وجه روسيا في حال ما أرادت الحسم العسكري.

إن تجميد الصراع سيدفع الدول الفاعلة، وعلى رأسها روسيا، للبحث عن خيارات من أجل دفع التسوية إلى الأمام، خاصة أن الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام السوري مؤخرًا لم تلق قبولًا دوليًّا، وبالتالي ستكون هناك صعوبات حقيقية أمام المحاولات الروسية لتسويق النظام على صعيد المجتمع الدولي.

على الأرجح، ستبحث موسكو عن المخرج من بوابة إعادة تفعيل مسار اللجنة الدستورية المعطلة، ثم الدعوة إلى إجراء انتخابات لاحقًا وفق دستور معدل أو جديد، مع التركيز على ألا يُستثنى أي طرف من تلك الانتخابات، وقد يكون هذا الخيار مناسبًا للدول بما فيها تركيا مع اشتراط حضور مراقبين دوليين، مما يتيح إسدال الستار بالتدريج على الصراع في سوريا بمشاركة جميع الأطراف بتوزيع المكاسب وفق موازين القوة على الأرض. وقد يتخلل عملية التهدئة محاولات روسية للضغط عبر مسارين: الأول: مناوشات عسكرية وقصف جوي متقطع، والثاني: التلويح بمعارضة تمديد برنامج إدخال المساعدات إلى شمال غرب سوريا عن طريق معبر “باب الهوى”.

والسيناريو الآخر، التصعيد العسكري: من الممكن أن تتجه الأوضاع في إدلب إلى التصعيد الميداني خلال المستقبل القريب، وهذا قد يحدث في حال رغبت بعض الأطراف الدولية مثل الولايات المتحدة الأميركية بالضغط على روسيا من البوابة السورية، أو الضغط على إيران بما يخدم مسار المفاوضات حول تجديد الاتفاق النووي، والعمل على تحجيم نفوذها تمهيدًا لتوقيع اتفاق نهائي يراعي تأطير الدور الإيراني في المنطقة، إلا أن فرص التصعيد العسكري لن تكون كبيرة إلا في حال انخرطت فيه تركيا لتحقيق أهداف معينة، ومنها إبعاد “الميليشيات الإيرانية” عن مناطق عديدة، والضغط على روسيا من أجل فتح ملف المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم وحدات الحماية، وبإشراف كل من إيران وروسيا، مثل: تل رفعت-منبج في ريف حلب، وعين عيسى بريف الرقة.

ومن المحتمل أن تتجه روسيا للتصعيد، كمحاولة لفرض الحسم العسكري في حال استمرت حالة الجمود السياسية والعسكرية، لكن يبقى خيار الحسم صعبًا في ظل الانتشار التركي بمحافظة إدلب.

إن عودة التصعيد العسكري في إدلب -رغم أنه السيناريو الأقل ترجيحًا- سيعني بالضرورة تجميد ملف التسوية السياسية وتأجيله على المستوى القريب والمتوسط إلى حين ترتيب الملفات الميدانية العالقة في شمال غرب وشمال شرق سوريا، كما أن التصعيد قد يكون وسيلة من أجل تحريك الملف السياسي.

خاتمة

من الواضح أن مصالح الجهات الدولية الفاعلة في الملف السوري -خاصة تركيا وروسيا- اصطدمت في منطقة إدلب، مما عزز عملية بحث الأطراف عن تفاهمات تجنِّبها الصدامات المباشرة، وتضمن لها في الوقت ذاته تحقيق الحد الأدنى من مصالحها، وغالبًا فإن هذا المسار سيتسمر مستقبلًا.

ويبدو أن أنقرة ستتمسك بواقع السيطرة الحالي في محافظة إدلب، وكذلك ستفعل فصائل المعارضة السورية المتمثلة بـ “الجبهة الوطنية للتحرير”، بالإضافة إلى “هيئة تحرير الشام”، لأن خسارة إدلب لصالح النظام السوري وروسيا تعني إخراج الأطراف المذكورة خارج دائرة التأثير.

ثبات واقع السيطرة في إدلب لا يعني توقف المفاوضات حول تعزيز التفاهمات المحدودة، وبالتالي فقد نشهد افتتاح معابر تجارية بين محافظة إدلب ومناطق سيطرة النظام السوري، وقد يكون هذا المقابل الذي ستحصل عليه روسيا مقابل عدم عرقلة وصول المساعدات عن طريق معبر “باب الهوى”.

وفي حال استمرار الهدوء في إدلب سينصبُّ اهتمام الأطراف الدولية على دفع العملية السياسية المجمدة للأمام، وقد لوَّحت روسيا بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا بإجراء انتخابات مبكرة في حال تم التوصل إلى تفاهم جديد بين النظام السوري والمعارضة؛ الأمر الذي يدل على الرغبة في بقاء باب المفاوضات مفتوحًا.

نبذة عن الكاتب

فراس فحام

فراس فحام، باحث متخصص في الشأن السوري، وهو باحث رئيسي في مركز جسور للدراسات، وباحث متعاون مع مركز أبعاد المتوسط المتخصص في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال إفريقيا.

مراجع

    غرف العمليات “موم”، و”موك”، هي غرف أسستها الدول المساندة لما كان يُعرف بـ “فصائل الجيش السوري الحر” وهي: الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، والأردن، والسعودية، والإمارات، وقطر، وفرنسا، واتخذت من تركيا والأردن مقرات لها. وعن طريق تلك الغرف كان يتم تنسيق إيصال الدعم إلى فصائل المعارضة السورية سواء في شمال غرب سوريا أو جنوبها. يُنظر: القدس العربي، غرفة العمليات الدولية المشتركة التي تقدم الدعم للمعارضة المسلحة المعتدلة، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، (تاريخ الدخول: 7 مايو/أيار 2021):  https://bit.ly/2RUMySx

    الجزيرة نت، المعارضة المسلحة تكمل بسط سيطرتها على إدلب، 28 مارس/آذار 2015، (تاريخ الدخول: 8 مايو /أيار 2021): https://bit.ly/3iCcQEu

    تأسست غرفة عمليات “جيش الفتح”، في مارس/آذار 2015، وضمَّت فصائل: جبهة النصرة، وأحرار الشام، وصقور الشام، وأجناد الشام، وفيلق الشام، وجيش السنَّة، ولواء الحق، وهدفها الأول تمثل بالسيطرة على مركز محافظة إدلب.

    العربي الجديد: المعارضة السورية تسيطر على جسر الشغور بريف إدلب، 25 أبريل/نيسان 2015، (تاريخ الدخول: 8 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3eJMY7h

    وكالة الأناضول، الجيش التركي ينهي إقامة نقاط المراقبة الـ 12 في إدلب السورية، 16 مايو/أيار 2018، (تاريخ الدخول: 10 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3fluwAZ

    عربي 21، صحيفة: هذا عدد الجنود الأتراك بإدلب.. بانتظار الضوء الأخضر، 12 فبراير/شباط 2020، (تاريخ الدخول: 10 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3w731lt

    الحرة: القوات التركية تنتقل إلى الخطة “ب” جنوب إدلب، 4 يناير/كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 10 مايو/أيار 2021): https://arbne.ws/2SvAGr0

    الباحث نقلًا عن مصادر مقربة من وزارة الخارجية التركية، اتصال (تاريخ الاتصال: 18 مايو/أيار2021).

    العربي الجديد: الأكراد يفاوضون دمشق: مقترح روسي لدمج قسد بقوات النظام، 15 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 30 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3c4Y2u7

    وكالة الأناضول: توقيع اتفاقية تصدير مسيرة “بيرقدار” التركية إلى بولندا، 24 مايو/أيار 2021، (تاريخ الدخول: 26 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3fSYBIE

    جيمس سلادين وآخرون، الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط، معهد راند، 2017، (تاريخ الدخول: 8 يونيو/حزيران 2021): https://bit.ly/3v9EOKD

    موقع نداء بوست: عملية في الظلام.. كيف تجند “فاغنر” الروسية سوريين للقتال في ليبيا، 12 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 30 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3c21WnG

    روسيا اليوم: الدفاع الروسية تعلن صد هجوم على قاعدة “حميميم”، 10 فبراير/شباط 2021، (تاريخ الدخول: 12 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3hrrjCC

    نقلًا عن مصادر تركية على اطلاع على مسار المفاوضات مع روسيا حول إدلب (تاريخ الاتصال: 21 مايو/أيار 2021).

    ترك برس، مشتريات تركيا من النفط الإيراني هبطت إلى الصفر في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، 28 يناير/كانون الثاني 2019، (تاريخ الدخول: 12 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3vgonNg

    أورينت نت: أين تتمركز الميليشيات الإيرانية في محيط إدلب؟، 6 يناير/كانون الثاني 2020، (تاريخ الدخول: 12 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3oHEoJK

    مقابلة مع العميد الركن، فاتح حسون، رئيس وفد المعارضة المسلحة في مؤتمر أستانة (تاريخ المقابلة: 21 مايو/أيار 2021).

    جريدة عنب بلدي السورية، لأول مرة منذ عام 2011.. وفد أميركي رفيع المستوى إلى إدلب، 3 مارس/آذار 2020، (تاريخ الدخول: 16 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/34i8ASo

    موقع تليفزيون سوريا، جيفري: قوات الأسد لن تعود إلى إدلب بسبب وجود الجيش التركي، 13 ديسمبر/كانون الأول 2020، (تاريخ الدخول: 16 مايو/أيار 2021): https://bit.ly/3wzrekC

      وكالة رويترز، أردوغان: تركيا وروسيا تتفقان على انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية وتسيير دوريات مشتركة، 22 أكتوبر/تشرين الأول 2019، (تاريخ الدخول: 31 مايو/أيار 2021): https://reut.rs/3pcrFz3

————————————–

لم يبقَ سوى قليل من الوقت أمام اتفاق إدلب/ روبرت فورد

ربما يساور بعض القراء الشعور ذاته الذي يخالجني عندما أشاهد فيلماً مرعباً، ذلك أنك تشعر بأن ثمة شيئاً مروعاً سيحدث وتتملكك الرغبة في الصراخ وتحذير الشخصية بألا تفتح الباب أو أن تتخذ إجراءً طارئاً قبل فوات الأوان. إلا أنه بطبيعة الحال يبقى مجرد فيلم رعب ومن الطبيعي أن يشن القاتل أو الوحش خلاله هجوماً ضد آخرين.

الحقيقة أن هذا بالضبط شعوري تجاه وضع المساعدات الإنسانية في شمال غربي سوريا وإدلب. جدير بالذكر هنا، أن قرار الأمم المتحدة الذي يسمح للقائمين على العمليات الإنسانية بإرسال مساعدات من تركيا عبر الحدود السورية عند باب الهوى إلى داخل إدلب، من المقرر أن تنتهي فترة سريانه في الـ10 من يوليو (تموز).

وأفاد تقرير صدر عن الأمم المتحدة، في وقت سابق من الشهر الجاري، بأن ما يقرب من 1.000 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية تمر عبر باب الهوى شهرياً، توفر العون إلى 3.4 مليون مدني سوري في حاجة ماسة للمساعدة. ومثلما الحال في أفلام الرعب، حذرت الحكومة الروسية علانية أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) لإعاقة أي تمديد آخر لهذا الترتيب. والتساؤل هنا: هل لدى واشنطن وأصدقائها الأوروبيين خطة لمنع الكارثة التي ستبدأ في 11 يوليو؟

من جهته، قال الرئيس بايدن ومستشاروه إنهم سيناقشون مشكلة المساعدات الإنسانية السورية مع الرئيس بوتين في جنيف في 16 يونيو (حزيران). وقد شعرت ببعض التوتر عندما خلط بايدن خلال مؤتمره الصحافي في 14 يونيو بين سوريا وليبيا ثلاث مرات، لكن قلقي كان أكبر عندما اطلعت على قائمة مستشاري بايدن الذين رافقوه في اجتماعه مع بوتين. في الواقع، جميعهم كانوا شخصيات صالحة وذكية، لكن ليس من بينهم خبراء في الشأن السوري والمساعدات الإنسانية. على النقيض، ضم بوتين للوفد المرافق له مبعوثه الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتيف. وعليه، كان باستطاعة الروس مناقشة تفاصيل بخصوص سوريا لم يكن باستطاعة الجانب الأميركي تناولها.

والواضح أن الجانب الأميركي دخل الاجتماع بفكرة أنه إذا أخبرنا الروس أن تمديد أجل المساعدات الإنسانية عبر الحدود أمر مهم لواشنطن، فإنهم سيوافقون. وبعد القمة، أخبر بايدن وسائل الإعلام الأميركية أنه ناقش مع بوتين «ممرات المساعدات الإنسانية»، لكن في واقع الأمر فإن «ممرات المساعدات الإنسانية» تختلف عن «العمليات الإنسانية عبر الحدود»، ذلك أن الممرات يمكن أن تشير إلى طرق المساعدات الإنسانية النابعة من داخل مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة السورية، وليس تركيا.

المعروف أن الحكومة السورية تعوق المساعدات الصادرة من أراضيها إلى إدلب. وعليه، فإن مثل هذا من الممر الإنساني لن يتمكن من إنقاذ الـ3.4 مليون مدني سوري. بعد ذلك، أشارت وكالة «رويترز» إلى أن روسيا في الواقع لم تتعهد بالسماح بتمديد عملية المساعدات عبر الحدود. وبذلك، استمر فيلم الرعب.

لقد كتبت من قبل عن كيف أن واشنطن لا يبدو أنها تستوعب سوريا وديناميكيات الحرب هناك. ومن بين أكبر الأخطاء التي اقترفتها واشنطن مبالغتها في تقدير نفوذها السياسي والعسكري. على سبيل المثال، قبل قمة 16 يونيو، قال مسؤول أميركي إن بايدن سيخبر بوتين أنه إذا أعاقت موسكو تمديد المساعدات العابرة للحدود، فإن الأميركيين لن يتعاونوا مع موسكو بخصوص الملف السوري.

وقال محللون أميركيون آخرون في واشنطن إنه يجب على أميركا توضيح أن العمليات عبر الحدود تشكل أولوية للجانب الأميركي، بل وزارت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الحدود مع إدلب منذ ثلاثة أسابيع لإظهار القلق الأميركي إزاء هذا الأمر.

الحقيقة أنه من وجهة نظر بوتين، فإن واشنطن الآن لا تتعاون بخصوص سوريا، ولا تساعد في إرساء استقرار الحكومة السورية وتعوق إعادة إعمار سوريا. وبدلاً عن ذلك، تخلق العقوبات الأميركية صعوبات أمام دمشق. وإذا رغبت واشنطن في مساعدة بوتين لها، فإنها يجب أن تدفع ثمناً مقابل ذلك.

ولأن موسكو تعرف من بايدن أن قضية المساعدات هذه مهمة للغاية لواشنطن، ارتفع السعر الذي تطلبه موسكو.

من جهته، اقترح المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في أبريل (نيسان) أن تتبرع واشنطن بمزيد من المساعدات الإنسانية لعملية الأمم المتحدة داخل دمشق مقابل موافقة روسيا على تمديد عملية نقل المساعدات عبر الحدود لعام آخر. وبعد ذلك، بداية من صيف 2022 ستصبح جميع المساعدات الإنسانية تحت سيطرة حكومة الأسد.

من جانبهم، يعتقد محللون آخرون أن بوتين ربما يقبل تمديد المساعدات عبر الحدود مقابل تقليص العقوبات الأميركية. في الوقت ذاته، أفاد تقرير إعلامي كردي بأن بايدن سيسمح لشركات النفط الروسية بالحصول على عمليات تخص شركة نفط أميركية في منطقة الحكم الذاتي بشمال شرقي سوريا.

وتحمل جميع هذه الأفكار إيجابيات وسلبيات. وقد اقترحت من جانبي عبر وسائل إعلام أميركية في يناير (كانون الثاني) أن تستعد الحكومة الأميركية لاستبدال العملية التي تقودها الأمم المتحدة، وأن تتولى قيادة عملية دولية جديدة للمساعدات عابرة للحدود بالتعاون مع الحلفاء الأوروبيين والأتراك.

أما اليوم، فلم يعد هناك وقت كافٍ للاستعداد، وفي كل الأحوال تنطوي هذه الفكرة هي الأخرى على مشكلات كبيرة. وعلى خلاف أفلام الرعب التي تنتجها هوليوود، فإنه لا يوجد حل واضح لهذه الأزمة والوقت المتاح قصير. وعليه، فإن أفضل ما يمكن لإدارة بايدن فعله أن تضع أهدافها في سوريا على رأس أولوياتها، ويجب كذلك أن تجعل مسألة إنقاذ المدنيين أولوية أمامها.

الشرق الأوسط

———————————-

هل يستطيع النظام وحلفاؤه شن هجوم جديد على إدلب؟/ العقيد عبد الجبار العكيدي

لم يكن التصعيد الروسي على منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب مفاجئاً للسوريين الذين اعتادوا على إجرام الجيش الروسي قبل كل استحقاق سياسي أو جولة مفاوضات، وقد تزامن هذه المرة مع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن المقررة منتصف تموز/يوليو للتصويت على القرار 2533، الذي ينصّ على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية الى سوريا عبر الحدود السورية التركية، لكن قبل ذلك اللقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي الذي عُقد الأربعاء.

قضية المعابر والمساعدات الانسانية كانت محور حديث الرئيسين في ما يتعلق بالملف السوري، وتهديدات روسيا باستخدام حق النقض الفيتو، لإغلاق أحد أهم شرايين الحياة عن شمال غرب سوريا المتمثل بمعبر باب الهوى، وحرمان حوالي أربعة ملايين مدني من كافة المحافظات السورية من تلك المساعدات، وكأن موسكو تريد أن يلاحقهم الموت جوعاً بعد أن فتكت بهم طائراتها وأسلحة حليفها النظام.

التصعيد والقصف الجوي على قرى جبل الزاوية الذي راح ضحيته أكثر من عشرة قتلى من المدنيين، بالتأكيد لم يكن تزامنه مع زيارة وفد تركي رفيع برئاسة نائب وزير الخارجية سادات اونيل إلى موسكو من قبيل المصادفة، فالوفد طار إلى موسكو مستبقاً قمة الناتو، واجتماع بايدن-أردوغان، وبايدن-بوتين، لمحاولة إقناع المسؤولين الروس بعدم استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الامن الدولي ضد قرار تمديد آلية ادخال المساعدات الإنسانية الى سوريا عبر الحدود، وأيضاً عدم التصعيد العسكري في إدلب، وثني موسكو عن التفكير بأي خطة لاجتياح مناطق ريفي إدلب واللاذقية، بعد وصول تهديدات روسية وتحذيرات غربية من نوايا روسية بهذا الخصوص. إلا أن مهمة الوفد لم تكن سهلة، وما جرى على الأرض يدلّ على عدم تفهم وقبول الروس، وليس من الواضح إن كانت هذه الرسائل الدموية التي يدفع ثمنها على الدوام المدنيون من الشعب السوري ستكون مقدمة لتصعيد أكبر.

يمكن القول إن القصف الروسي كان بمثابة الرد على زيارة المندوبة الأميركية الدائمة في مجلس الامن ليندا توماس غرينفيلد إلى معبر باب الهوى، وتأكيدها دعم بلادها استمرار إيصال المساعدات، ضمن حملة تقودها الولايات المتحدة لتمديد تفويض دخول المساعدات الأممية الى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في إدلب، في تحدٍ واضح للفيتو الروسي المحتمل في مجلس الأمن لوقف مرور المساعدات الأممية الى تلك المناطق.

الروس حاولوا من خلال هذا التصعيد توجيه رسائل متعددة، قبيل قمة الناتو، واجتماع جنيف بين قطبي العالم، لابتزاز تركيا والضغط عليها لتنفيذ ما تبقى من تفاهمات أستانة وسوتشي، خاصة فيما يتعلق بفتح الطرق الدولية “إم-4” و”إم-5″، وحلّ مشكلة هيئة تحرير الشام التي تتخذها روسيا ذريعة للقصف وقضم المزيد من المناطق.

روسيا تريد أيضاً مساومة الولايات المتحدة لتقديم تنازلات في ملف العقوبات الاقتصادية على النظام وفي ملف قانون قيصر للعقوبات، فليس غريباً على الجانب الروسي بعقليته البوتينية الإجرامية استخدام الأراضي السورية والدم السوري النازف الذي لطالما كان مداداً خُطت به رسائل الفرقاء المتداخلين بالملف السوري، لممارسة ضغوط على بايدن لتحصيل مكاسب في مناطق صراع متداخلة أخرى (أوكرانيا- القرم، وغيرها من الملفات).

وما قصف مشفى الشفاء الممول من قبل الجمعية الطبية السورية-الأميركية في مدينة عفرين، من قبل ميليشيا قسد وبأسلحة أميركية وغطاء وحماية روسية إلا إحدى هذه الرسائل بالغة الأهمية، مفادها ان الروس هم المتنفذون وأصحاب القرار في سوريا، وأن استقرار وأمن المنطقة مرتبط بتحقيق المصالح الروسية.

ومع ذلك، فإن المؤشرات العسكرية على الأرض لا توحي بأن الأمور سوف تتطور بسرعة، لأن الهجوم المباشر على إدلب أو جبال اللاذقية لم يعد نزهة كما كان من قبل، وسيجعل فلول قوات النظام والميليشيات الداعمة لها في مواجهة مباشرة مع الجيش التركي الذي عزّز قواته بشكل كبير في المنطقة، وحوّل نقاط المراقبة إلى قواعد عسكرية ضخمة معززة بكافة أصناف الأسلحة، وبالتالي المواجهة المباشرة بين شركاء أستانة وسوتشي، مما يعني انهيار وتداعي كل التفاهمات السابقة، وهذا سيكون له حسابات كبيرة لدى الروس، والتضحية به أمر مستبعد من قبل الروس والأتراك على حد سواء.

لكن في ظل الاستعصاء السياسي والعسكري الحالي وانسداد أفق الحل، لا يمكن التكهن بما يمكن أن تقدم عليه روسيا، التي مازالت تغوص في مستنقع الرمال السورية المتحركة دون أن تجني حتى الآن ثمار انتصاراتها العسكرية، سياسياً واقتصادياً، وما هذا التصعيد العسكري والإصرار على إغلاق معابر المساعدات الإنسانية لمناطق الثوار إلا ورقة ضغط لتحسين شروط التفاوض لإعادة تعويم وتدوير الأسد، بعد مسرحية الانتخابات الهزلية، رغم تصريحات المسؤولين الروس بعدم التمسك بالأسد.

إن السؤال الذي يطرح نفسه فعلاً الآن هو: هل هناك نية روسية لاجتياح إدلب؟ أم أن الموضوع لا يعدو كونه ضغط وابتزاز، وهل هناك إمكانية أصلاً لهذا الاجتياح؟

من الناحية السياسية والإعلامية ليس من مصلحة روسيا في ظل وضعها الراهن وسعيها لترجمة انتصارها العسكري على الأرض الى مكسب سياسي واقتصادي، ومع استمرار مطالبتها للغرب بعودة اللاجئين والمساهمة بإعادة الاعمار، إثارة الضجيج عبر هدير الطائرات وأصوات المدافع، ما يعني تدفق المزيد من المهاجرين باتجاه أوروبا.

إضافة إلى أن روسيا لم يعد بإمكانها ممارسة الضغط عل تركيا بنفس الأريحية السابقة بعد نجاح اللقاء الأخير بين بايدن وأردوغان عل هامش اجتماع الناتو، وانكسار الجليد بين الزعيمين، وبالتالي حرص بوتين على الحفاظ على الحليف التركي خوفاً من انزلاقه أكثر باتجاه الغرب.

بالمقابل ليس من مصلحة تركيا تنفيذ كل الاتفاقيات مع الروس مجاناً، وخاصة ما يتعلق بورقة هيئة تحرير الشام وفتح الطرق التجارية مع النظام، في ظل عدم إيفاء الروس بالتزاماتهم بما يتعلق بتنظيم قسد في تل رفعت ومنبج وعين عيسى.

أما من الناحية العسكرية فالوضع على الأرض لم يعد كما كان قبل سحب نقاط المراقبة التركية وإعادة انتشارها وتموضعها في نقاط محكمة، على امتداد المنطقة، في جبل الزاوية وسهل الغاب وريف حلب الغربي وجبل التركمان وجبل الأكراد في الساحل، وتحويلها الى قواعد عسكرية معززة بكافة أصناف الأسلحة.

وبات عديد عناصر الجيش التركي في سوريا حوالي 15 ألفاً مقسمة على سبعة ألوية قتالية، ومعززة بخمسة ألوية من الجبهة الوطنية للتحرير، ولواءين من الجيش الوطني، كقوات رديفة يتراوح عددها بين 12000 إلى 14000 مقاتل تعمل مع الجيش التركي ومرتبطة به من حيث التدريب والتنظيم والتخطيط والتحصين والرباط. وينتشر الجيش التركي في كل المنطقة مشكلاً طوق حديدي حول كل محاور القتال التي يمكن للنظام أن يشن الهجوم منها. بالإضافة الى حوالي 25000 مقاتل من الجبهة الوطنية للتحرير، وما يزيد عن 10000 من مقاتلي هيئة تحرير الشام، التي تعمل بشكل منفصل.

ميدانياً، هناك أربعة محاور محتملة يمكن للنظام عبرها شن هجومه البري إذا اتخذ قرار العملية العسكرية، وهي:

المحور الأول: النيرب، أريحا، جبل الأربعين، وبالتالي السيطرة على جنوب طريق ال”إم-4″.

المحور الثاني: الدانا، كفرنبل، باتجاه البارة، بينين، وصولاً الى محمبل الواقعة أيضاً على ال”إم-4″.

المحور الثالث: كنصفرة، العنكاوي، سهل الغاب، وبالتالي تطويق جبل الزاوية والوصول الى أطراف جسر الشغور، ومحاصرة الكبينة، وطرف جبل الاكراد؟

المحور الرابع: يمتد من سهل الغاب، العنكاوي، اليعقوبية، وصولاً الى جسر الشغور، وهو ذو طبيعة جغرافية سهلية.

أيضاً يمكن أن يفكر النظام بالاجتياح من ريف حلب الغربي حيث التواجد الأكبر له في الفوج 46، للوصول الى معبر باب الهوى، لكنه سيكون في مواجهة القواعد التركية والفصائل المقاتلة المتمركزة في بلدات الأتارب وكفر نوران والابزمو.

خيارات لا يوجد فيها ما هو سهل، كما أن النظام لم ينسَ بعد كابوس مسيرات البيرقدارالتي فتكت بقواته في عملية “درع الربيع”، انتقاماً للجنود الاتراك الذين قتلوا بقصف النظام على نقطة المراقبة في قرية إبلين بجبل الزاوية، لذا لا يبدو أنه يملك هو وحلفاؤه الإمكانية ولا الجرأة للقيام بأي هجوم بري دون غطاء ودعم روسي، وعليه من المتوقع أن يكتفي بالخروقات لتوجيه رسائل سياسية بين الفينة والأخرى، ودائماً بأوامر روسية.

وييقى السؤال الأهم هل فعلاً ضغط الرئيس بايدن على بوتين خلال لقائهما في جنيف، من اجل إبقاء المعابر التي تعتبر شريان الحياة لأكثر من أربع مليون سوري مفتوحة، وما هو المقابل الذي سيعطيه لبوتين مقابل ذلك؟

المدن

————————–

مدنيو إدلب… حقل تجارب/ عبسي سميسم

تشير التطورات العسكرية اليومية في محافظة إدلب إلى تفاقم الخلاف بين روسيا وتركيا حول منطقة “خفض التصعيد الرابعة”، التي أقرّها مسار أستانة، وأن الاتصالات بين الطرفين، خلال الفترة الأخيرة، لم تفض إلى أية تفاهمات.

ويشي هذا الأمر بعودة روسيا إلى تسخين الوضع العسكري هناك، من خلال دعم قوات النظام، وتأمين غطاء جوي لها، للقيام بعملية قضم جديدة لأجزاء من تلك المنطقة، كنوع من الضغط على تركيا، التي بدأت تظهر بوادر خلاف مصالح بينها وبين روسيا في أكثر من ملف، كأذربيجان وأوكرانيا. ويشكّل توغل قوات النظام في محافظة إدلب، من خلال عملية مشابهة لما قامت به بداية 2020 وسيطرت خلالها على مدينتي معرة النعمان وسراقب، ورقة ضغط كبيرة على تركيا، كون حدوث ذلك مجدداً سيتسبب بنزوح مئات آلاف المدنيين باتجاه المناطق الحدودية، في الوقت الذي قطعت فيه أنقرة وعوداً بإعادة مليون نازح هجرتهم الحملة السابقة إلى قراهم. وسيزيد هذا الأمر من مأساة السكان هناك، ويتسبب بقتل وتهجير مزيد منهم. كما يرتب أعباء إضافية على الجانب التركي، وسيضعه في موقف الضعيف غير القادر على أداء دور الضامن لتلك المنطقة.

ويبدو أن الاتصالات التركية مع الجانب الأميركي، خلال الفترة الماضية، بما يخص الملف السوري، كانت بهدف كسب تأييد أميركي، في حال زيادة التصعيد الروسي في إدلب، خصوصاً بعد نجاح موسكو في تمرير لعبة الانتخابات في دمشق، ومحاولتها كسب أوراق قوة إضافية للنظام. إذ من غير المتوقع أن تتمكن أنقرة، رغم كل الحشود العسكرية التي تستقدمها إلى محافظة إدلب، من إيقاف عملية عسكرية تقودها روسيا في المنطقة.

وبما أن الملف السوري يقع في أسفل سلم اهتمامات الإدارة الأميركية الجديدة، والتي اختصرته بجانب إنساني مرتبط بفتح معابر لإدخال المساعدات الأممية لمناطق شمال سورية، حاولت تركيا كسب الولايات المتحدة، من خلال إعادة طرح فكرة المنطقة الآمنة في الشمال السوري، ومن خلال التعويل على ردة فعل واشنطن على ما قد يترتب من مأساة إنسانية، قد يتسبب بها أي عمل عسكري تقوده روسيا في محافظة إدلب من قتل وتدمير، والأهم ما يترتب عليه من تهجير، قد يتسبب بموجة لجوء جديدة عبر الحدود التركية. ليبقى سكان محافظة إدلب الضحية الأولى لتضارب مصالح الدول المتدخلة في الشأن السوري، ورهن رد فعل الولايات المتحدة، التي لم تتخذ موقفاً حاسماً مما يجري في سورية، منذ بداية الثورة.

العربي الجديد

——————————————

========================

تحديث 02 تموز 2021

———————————-

ما بعد مؤتمر روما/ حسن النيفي

لعله لا يمكن الجزم حول المزامنة القائمة بين لقاء روما في 27 من الشهر الجاري، واستهداف  طائرات التحالف لمواقع تابعة لميليشيات الحشد الشعبي في منطقة البوكمال والميادين في الشرق الأقصى من سوريا، وأيّاً كان الأمر، وسواء أكان للمصادفة دور في تشابك الحادثتين أم لا، فإن تداعياتهما لا بدّ متداخلة، بل وربما يكمل بعضها الآخر. فلئن كان مؤتمر (روما) مُسخراً بالأصل لتقييم الحرب التي شنها التحالف الدولي على تنظيم داعش، فإن هذه الأولوية لا تمنع من أن يتطرق المؤتمرون إلى قضايا أخرى، وفي عدادها الشأن السوري، وربما استدعى هذا الأمر دعوة أطراف دولية أخرى ذات نفوذ في الشأن السوري، لحضور المؤتمر.

وبعيداً عن التكهنات التي استبقت انعقاد المؤتمر، أو التي واكبته، يمكن التأكيد على أن ما تضمنه البيان الختامي للقاء روما، لم يخرج عما هو متوقع، ولم يكشف – كما ظن البعض – عن تفاهمات بينية – روسية أميركية – تنبىء عن اقتراب انفراجة قريبة في الاستعصاء السياسي في سوريا، بل يمكن التأكيد على أن إدارة بايدن ليس لديها ما تضيفه إلى ما خطّته إدارة ترامب، وقبله أوباما.

إذاً لقد حضرت القضية السورية ولكن ليس للنظر في جذر المشكلة السورية بل للبحث في تداعياتها الإنسانية، وهذا الإصرار الأميركي، ومن خلفه الأوروبي، على عدم مقاربة المشكلة السورية من أبوابها الأكثر استعصاء، إنما يعكس موقفاً لا يمكن وصفه باللامبالاة فحسب، بل يجسّد الموقف الأميركي الرامي إلى بقاء الصراع في سوريا على ما هو عليه، دون إعطاء فرصة لأي طرف، بالإخلال بموازين القوى الراهنة، وهذا يعني ممانعة واشنطن لأي اجتياح تقوم به روسيا وقوات النظام لمدينة إدلب، بغض النظر عمن يوجد فيها، سواء أكان هيئة تحرير الشام أم سواها، كما يوجب ذلك أيضاً ضرورة عبور المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى إلى إدلب والشمال السوري عموما، لعل هذه الخطوة الأميركية الدفع، إنما تُعدّ دعماً رمزياً للدولة التركية أولاً، وكذلك إيحاءً رادعاً للروس من احتمال تعطيلهم لقرار يُفتَرض التصويت عليه في مجلس الأمن في العاشر من تموز المقبل، بخصوص استمرار عبور المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى التركي الحدودي.

    إذاً لقد حضرت القضية السورية ولكن ليس للنظر في جذر المشكلة السورية بل للبحث في تداعياتها الإنسانية، وهذا الإصرار الأميركي، ومن خلفه الأوروبي

غياب الأطراف السورية عن لقاء روما (المعارضة والنظام) لا يغيّر من الأمر شيئاً، ما دام المؤتمرون ما يزالون مشغولين بإدارة مصالحهم على الأرض السورية أولاً، وليس بمشكلة أو مصالح السوريين. ذلك أن الحرص الأميركي على الحشد الدولي لمواجهة الفيتو الروسي المحتمل في اجتماع مجلس الأمن المقبل، إنما يأتي استباقاً لمسعى موسكو التي تريد للمساعدات الإنسانية الدخول إلى سوريا عبر قنوات النظام، ليكون هو المستفيد الأول منها، بل ربما كان نظام الأسد هو أحوج ما يكون إلى تلك المساعدات، خاصة حيال التردّي الاقتصادي الكارثي الذي يواجهه الأسد، وهذ ما سيتيح لنظام دمشق – وفقا لما يريده الروس – إيجاد خروقات يمكن أن تتسع شيئاً فشيئاً للحصار، نتيجة العقوبات المفروضة عليه، بينما لا ترغب الإدارة الأميركية بإحداث أي تخفيف للعقوبات، بل تدفع إلى استمرار حالة الحصار، من خلال تحذيراتها المتكررة للدول العربية التي تحاول فتح قنوات، أو إعادة علاقاتها مع نظام الأسد.

لقد شُغِل الحيّز الأكبر من لقاء روما للبحث في مواجهات محتملة قادمة مع تنظيم داعش، سواء في سوريا والعراق، أو احتمالات ظهوره في مناطق ودول أفريقية أخرى، وتزامناً مع هذا الهمّ الأميركي المطروح بقوة في المؤتمر، كانت طائرات التحالف تقصف ثلاثة مواقع لميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، موقعَين منها داخل الأراضي السورية، وموقعاً ثالثاً داخل الأراضي العراقية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة عشر عنصراً وإصابة العشرات من اللواء (14- كتائب سيد الشهداء )  واللواء (24 – كتائب حزب الله ) المدعومين من فيلق القدس الإيراني، بينما قامت ميليشيا الحشد على إثر ذلك، باستهداف مواقع أميركية في حقل العمر النفطي.

ثمة تصريحات أميركية مزامنة لقصف مواقع الحشد الشعبي تؤكّد أن الإدارة الأميركية بحوزتها معلومات وتقارير كافية تؤكد على أن وكلاء إيران في العراق وسوريا قد اعتمدوا خططاً مستقبلية لاستهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق معاً، كما تفيد تلك المعلومات – وفقاً للتصريحات الأميركية – بأن استهداف ميليشيا الحشد الشعبي للقنصلية الأميركية في كردستان العراق في السادس والعشرين من حزيران الماضي، إنما يأتي في سياق تلك الحرب غير المباشرة التي يعلنها وكلاء إيران على المواقع الأميركية في المنطقة.

ووفقاً لذلك فإن الاستهداف الأميركي لأذرع إيران في شرقي سوريا يمكن أن يكون تدشيناً لمواجهات جديدة، وربما مستمرة، بل ربما تكون تلك المواجهات استمراراً للحرب على الإرهاب – وفقاً للتوجه الأميركي- الأمر الذي يجعل الحضور الأميركي في سوريا مرتبطاً – من الناحية الوظيفية – بالصراع مع إيران، وبعيداً عن ملامسة القضية السورية في عمقها الحقيقي، تماماً كما كان في السابق مرتبطاً بالحرب على تنظيم داعش.

بعيداً عن التقييمات الجارية لفحوى الاستراتيجية الأميركية في مواجهة إيران، وكذلك بعيداً عن التشكيك في جدوى تلك المواجهات، إلّا أن المعطيات الواضحة تؤكّد أن واشنطن بإدارتها الجديدة، ما تزال تحتفظ بانكفائها عن الملف السوري، وما جاء في بيان روما الختامي على لسان الوزير أنطوني بلينكن، أي الدعوة إلى تجميد الصراع وضرورة المصالحة والبناء وإيجاد حل سياسي وفقاً للقرار 2254 ، فهو في جوهره لا يعدو موقفاً عاما اقتضاه سياق المناسبة، ولا ينبثق عن خطة أو مسعى أميركي جدي للانخراط في حل للقضية السورية، بل ربما بات التعاطي مع القرار 2254 ، كالتعاطي مع القرار 242 الخاص بالقضية الفلسطينية.

استمرار النأي الأميركي عن الشأن السوري، مع استمرار الانفراد الروسي، لا شك أنه أمر مُحبِط لكثير من السوريين، وخاصة في ضوء ما استطاع الروس أن يحققوه من التفاف على القرارات الأممية، بل وحرْف مسار المفاوضات واستثمارها بما يخدم توجهات نظام الأسد وحلفائه، مما دفع الكثيرين للتطلع والبحث عن مساع أخرى، من شأنها التأثير في الموقف الأميركي، بغيةَ عدوله عن نأيه السابق، ولعل هذا المسعى يحظى بكامل المشروعية، ولا غضاضة في ذلك، إلّا أن السؤال الأهم الذي يمكن أن يواجه السوريين أنفسهم هو التالي: مطالبة الأطراف الدولية بمبادرات جديدة لإحياء القضية السورية، ألا تستدعي – وجوباً – مبادرات جديدة من أصحاب القضية أنفسهم؟ وهل استمرار الرهان على توافق المصالح الدولية بات الشكل الأمثل للعمل من أجل وضع حدّ لمأساة السوريين؟ فما الذي سيخسره السوريون لو أن أصحاب القرار في المعارضة السورية قاموا بتقييم جديد لمسار المفاوضات، وأعلنوا عن موقف يؤكدون فيه رفضهم للمسار العبثي لمفاوضات اللجنة الدستورية؟ وما هي المكاسب التي حققها مفاوضو المعارضة ويخشون خسرانها إن هم ربطوا استمرارهم بالمفاوضات بوجود سقف زمني محدد، وعدم الاستمرار إلى ما لا نهاية بالاستماع إلى خطب وفود نظام الأسد حول الثوابت الوطنية المزعومة؟ ثم هل سيخسر مفاوضو المعارضة مكسباً قد حققوه لو أنهم أصروا على أن يتزامن التفاوض حول كتابة الدستور مع البحث في ملف المعتقلين والمغيبين في سجون النظام؟  ليس بالضرورة أن تكون هذه الأمثلة هي الوحيدة أو مقصودة بذاتها، بقدر ما تبدو دعوة  إلى الخروج من حالة استمراء الاكتفاء بالتفرّج واستملاح الخدر الوظيفي لدى من هم في حكم أصحاب القرار في المعارضة السورية.

—————————–

المنطقة منزوعة السلاح بإدلب… ابتزاز روسي لتحقيق مكاسب ميدانية مقابل إدخال المساعدات/ عماد كركص

أحدثت الترجمة غير الدقيقة لكلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمره الصحافي أول من أمس الأربعاء، مع نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، لغطاً كبيراً لجهة الاعتقاد بتوصل الطرفين لاتفاق جديد في إدلب، شمال غرب سورية، يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح. ووقع الكثير من وسائل الإعلام المحلية السورية، لا سيما المعارضة منها، ووسائل إعلام عربية بهذا المطب، إذ إنّ الحديث لم يكن في سياق الإعلان عن اتفاق جديد بالمطلق، وإنما مراجعة اتفاق سابق، يتضمن منطقة منزوعة السلاح في جزء من المحافظة. وحسمت الخارجية الروسية الجدل، بإصدارها بيانا يتضمن التفاصيل التي تطرق لها وزيرا الخارجية التركي والروسي في مؤتمرهما الصحافي الذي أعقب اجتماعاً بينهما في مدينة أنطاليا التركية، كان بمثابة جلسة تفاوض، شملت قضايا ثنائية وإقليمية بين البلدين، منها الوضع في سورية وأذربيجان وليبيا، مع احتلال الملف السوري أولوية على الطاولة.

ونقلت الخارجية الروسية في بيان عن لافروف خلال حديثه في المؤتمر، قوله: “تحدثنا عن الأوضاع في شمال شرق سورية وفي محافظة إدلب، بما في ذلك مهام تنفيذ البروتوكول الإضافي الروسي – التركي (اتفاق وقف إطلاق النار) المؤرخ في 5 مارس/آذار 2020، لمذكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب في 17 سبتمبر/أيلول 2018 (اتفاق سوتشي)”.

وعلى الرغم من أنّ هذا التصريح يثبت عدم التوصل لاتفاقات جديدة في إدلب، وأن الحديث تمحور حول اتفاقات سابقة، إلا أنّ عدم الوضوح لا يزال يشمل هذه الجزئية خلال حديث لافروف عن الشأن السوري، وتحديداً الوضع في إدلب خلال المؤتمر. إذ إن اتفاق سوتشي بين كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان حول إدلب في سبتمبر 2018، وكذلك بروتوكول وقف إطلاق النار المبرم بين روسيا وتركيا في مارس 2020 والملحق باتفاق سوتشي، والذي أوقف العمليات العسكرية في المحافظة بين المعارضة والجيش التركي من جهة، والنظام والمليشيات المدعومة من إيران وروسيا من جهة أخرى، يتضمن كل واحد منهما اتفاقاً مختلف من حيث جغرافية المنطقة منزوعة السلاح.

فالاتفاق الأول، المعروف بـ”اتفاق سوتشي” بين بوتين وأردوغان، تضمن تثبيت حدود “منطقة خفض التصعيد الرابعة” (إدلب وما حولها)، التي تم إقرارها أساساً في الجولة الرابعة من مسار أستانة في مايو/أيار من العام 2017. وقضى اتفاق سوتشي حينها بـ”إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح ما بين 15 إلى 20 كيلومتراً على طول خط التماس، ابتداء من 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018″، ما يعني إنشاء حزام حول تلك المنطقة من دون انتشار عسكري من المعارضة والنظام. لكن الاختلاف على تفسير هذا البند في الاتفاقية حال دون تطبيقه، إذ أصرت المعارضة على أن الاتفاق يقضي فقط بسحب السلاح الثقيل من داخل هذا الحزام، وبقاء الانتشار بالأسلحة المتوسطة والخفيفة. وعلى الرغم من أن المعارضة بدأت بسحب السلاح في أكتوبر، من هذا الحزام، وشارفت على الانتهاء من العملية حينها بإشراف ومتابعة من الجانب التركي، إلا أنّ عدم التزام النظام بسحب المظاهر العسكرية من الحزام أفشل الاتفاق لتعود العمليات العسكرية، والتي ضرب بموجبها النظام وحليفه الروسي إلى جانب المليشيات المدعومة من إيران، الاتفاق بعرض الحائط، وقضموا أجزاء واسعة من كامل المنطقة الواقعة ضمن الحدود الجغرافية لاتفاق سوتشي، والتي تشمل محافظة إدلب بالكامل، وأجزاء من أرياف حلب الغربية والجنوبية وحماة الشمالية والغربية واللاذقية الشرقي. إذ شنّ النظام بدعم جوي روسي، عمليات على مراحل خسرت بموجبها المعارضة أجزاء من جنوب وشرق إدلب، بالإضافة لأجزاء من ريفي حلب الغربي والجنوبي وريف حماة الشمالي، لتتوقف تلك العمليات باتفاق وقف إطلاق النار في مارس من العام الماضي.

وهذا هو الاتفاق الثاني، الذي جاء بعد التدخل المباشر للجيش التركي إلى جانب المعارضة ضد قوات النظام. إذ سعت روسيا لإنهاء العمليات، تفادياً لمزيد من الخسائر لقوات النظام، وتم التوصل إلى اتفاق، عُدّ بروتكولاً ملحقاً باتفاق سوتشي في موسكو بين الرئيسين بوتين وأردوغان. وتضمن البروتكول ثلاثة بنود؛ الأول، وقف إطلاق النار، والثاني، إنشاء ممر آمن على طول طريق حلب – اللاذقية الدولي المعروف بطريق “أم 4″، بجزئه المار من إدلب، بعمق 6 كيلو مترات من شماله، ومثلها من جنوبه، على أن يكون هذا الممر منزوع السلاح. أما البند الثالث، فيتعلّق بتسيير دوريات مشتركة بين الجيشين الروسي والتركي تمهيداً لفتح الطريق “أم 4” أمام الحركة الطبيعية والتجارية. وسارت الدوريات المشتركة على الطريق بشكل منتظم، لكن من دون إنشاء هذا الممر الآمن. وحينها، تسرّبت معلومات عن أنّ الأتراك يريدون حل مشكلة السيطرة على طريق حلب – دمشق الدولي المعروف بطريق “أم 5″، والذي استولى النظام والروس على كامل جزئه المار من إدلب ومنطقة “خفض التصعيد” خلال العمليات، ومن ثم حل مشكلة الطريق “أم 4″، ما أحدث خلافات بين الروس والأتراك، أدت إلى توقف الدوريات المشتركة على الطريق الأخير مع نهاية صيف العام الماضي.

والآن، لماذا يذكّر لافروف بهذه المنطقة، على الرغم من أنّ منطقة خفض التصعيد لم يعد لها وجود فعلي كمنطقة تماس واشتباك بين المعارضة والنظام بعد أن ابتلعها الأخير والروس في العمليات السابقة، فيما تبقت مسألة الممر الآمن غير مفهومة من حيث آلية التنفيذ، وسط اتفاق أو بروتكول مبهم وغير واضح المعالم؟ ربما يفسّر ويرتبط بذلك تصعيد الروس والنظام في إدلب خلال الأيام الماضية، إذ تحاول موسكو استغلال الحاجة لعدم الاعتراض على تمديد آلية إدخال المساعدات الأممية عبر الحدود إلى سورية (عبر معبر باب الهوى مع تركيا كما تريد مختلف القوى الدولية)، بتحقيق مكاسب ميدانية وعسكرية على الأرض، وهي لا تزال والنظام، يريدان الوصول إلى الطريق الدولي “أم 4” بهدف فتحه أمام الحركة التجارية لتخفيف الأعباء الاقتصادية على النظام، الذي يعيش في أزمة مالية خانقة نتيجة العقوبات الغربية. واختارت روسيا التصعيد قبل لقاء جاووش أغلو بلافروف، ربما لإحداث تحريك للمياه الراكدة في هذا البروتكول وتحديداً في جزئية الممر منزوع السلاح على جانبي الطريق. وكانت “العربي الجديد” علمت قبل يومين، أن اتفاقاً لوقف التصعيد والرد المتبادل بين النظام والمعارضة في إدلب، توصل إليه كل من الروس والأتراك لمدة 72 ساعة، وذلك قبل لقاء الوزيرين بيوم واحد، ما يعني تأكيد استخدام التصعيد للتفاوض، من جهة الروس والنظام.

في السياق، اعتبر القيادي في المعارضة السورية والمحلل العسكري، العميد فاتح حسون، أن “روسيا تتذرع بأنّ تركيا لم تستطع إلزام الفصائل الثورية بتطبيق اتفاق مارس 2020، وبأنّ الطريق أم 4 غير آمن بسبب تعرض عدد من الدوريات لكمائن. لكن بالتحري والتدقيق، يتبيّن أنّ روسيا هي من تحرك أذرعها وخلاياها في المنطقة بغية استهداف الدوريات لتبقى المنطقة متوترة وتستفيد من ذلك لتنفيذ عمليات عسكرية عندما ترغب بذلك. كما أنها بهذا تحرج تركيا باتهامها بأنها غير قادرة على تنفيذ الاتفاق، وعليها أن تترك لروسيا تنفذه بالقوة”. وأشار حسون في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “أهم أهداف اتفاق مارس هي عسكرية ميدانية، فالاتفاق ينص على أن يكون هناك ممر آمن جنوب الطريق أم 4 بعمق 6 كيلومترات من شماله ومثلها من جنوبه، وهذا يعني قضم مزيد من المناطق على طول الطريق لصالح نظام الأسد، فالحركة التجارية على هذا الطريق في ظل تطبيق قانون قيصر ليست مجدية، ولن تعود على اقتصاد نظام الأسد بما يسنده”. وأوضح أن “روسيا لا يمكن أن تلتزم بأي اتفاق أو معاهدة، فهذا ديدنها في سورية وغيرها، لذا هي تناور في تطبيق الاتفاق كي تتمكن من خلاله من قضم مناطق جديدة من قوى الثورة والمعارضة. فمنطقة إدلب، وإن هدأت بعض الشيء نتيجة ضغوط دولية على رأسها الموقف الأميركي المترقب لروسيا، هي ليست حكراً على تفاهمات ذات محددات بين روسيا وتركيا فقط، إنما دخول الولايات المتحدة على الخط يجعل الموقف أكثر تعقيداً بالنسبة لروسيا وإيران، وهذا يتطلب من الأخيرتين سبر الموقف التركي المدعوم من واشنطن، لذا دعتا لجولة جديدة من مباحثات أستانة”.

ويتوقع حسون أن “يظهر مزيد من التوضيحات في الجولة 16 من مسار أستانة المقرر عقدها في الثامن من شهر يوليو/تموز الحالي في العاصمة الكازاخية نور سلطان، والتي سيتم التطرق فيها إلى العديد من النقاط، منها آلية إدخال المساعدات إلى شمال سورية والتصعيد الأخير في إدلب، واللجنة الدستورية وغيرها، على أن لا نتائج إيجابية ترجى من جهة المعارضة من هذه الجولة لهذا المسار الموصوف بالعقيم والسلبي من قبل جمهور المعارضة”.

تجدر الإشارة إلى أنّ تركيا كانت طالبت أكثر من مرة بانسحاب النظام إلى ما وراء حدود المنطقة الجغرافية التي حددها اتفاق سوتشي (إدلب ومحيطها)، أي إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية المنتشرة على حدود تلك المنطقة، بهدف إعادة حوالي مليوني نازح اضطروا لمغادرة منازلهم في القرى والمدن التي تقدم إليها النظام وحلفاؤه نتيجة العمليات. وقد شنت عملية عسكرية لتحقيق هذا المطلب العام الماضي، لكن العملية توقفت باتفاق وقف إطلاق النار في مارس 2020، ولم تعد المطالبات التركية حاضرة على لسان المسؤولين في أنقرة. حتى أن تركيا لجأت إلى سحب كل نقاطها التي أصبحت ضمن مناطق سيطرة النظام في جنوب منطقة “خفض التصعيد”، ونقلتها إلى المناطق التي لا زالت تحت سيطرة الجيش التركي والمعارضة، فيما لا تزال مشكلة النازحين قائمة، وسط ظروف مأسوية.

العربي الجديد

———————————-

موسكو تقايض أنقرة..تطبيق سوتشي قبل التمديد لباب الهوى/ مصطفى محمد

أيام قليلة تفصل عن موعد تجديد القرار الأممي رقم 2533 الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية- السورية، وروسيا لا تزال تعلن رفضها تمديد التفويض الدولي، ساعية بذلك إلى تحقيق مكاسب من الأطراف ذات الصلة بالملف السوري، وفي مقدمتها تركيا التي تبدو المتضرر الأكبر من عرقلة القرار، الذي سيزيد من حجم الأعباء الإنسانية عليها.

ويأتي إعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن معارضة بلاده لمشروع قرار جديد في الأمم المتحدة بشأن فتح الممرات لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، بعيد اجتماعه بوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ليؤكد عدم حصول تقدم بين الجانبين المعنيين بإدلب، أثناء الاجتماع الذي عقد الأربعاء في أنطاليا التركية.

وذكرت الخارجية الروسية في بيان، أن الاجتماع ناقش الوضع في إدلب، بما في ذلك تنفيذ بروتوكول موسكو الموقع في 5 آذار مارس عام 2020، بشأن إنشاء منطقة منزوعة في إدلب وفقاً لاتفاقية “سوتشي” في أيلول/سبتمبر 2018.

وأكد البيان أن الاجتماع أشار إلى الجولة القادمة من محادثات “أستانة 16” حول سوريا، المقرر عقدها في العاصمة الكازاخية نور سلطان/أستانة، بعد أيام.

وكانت وسائل إعلام قد نسبت إلى لافروف قوله، إن اتفاقاً على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب جرى خلال الاجتماع، غير أن مصادر متخصصة في الشأن الروسي نفت ذلك، مشيرة إلى وقوع لُبس في الترجمة.

وحسب المصادر لم يأتِ لافروف على ذكر أي اتفاق جديد مع تركيا بشأن إدلب، وهو ما أكده الباحث في مركز “جسور للدراسات” فراس فحام الذي أكد أن روسيا أرادت تذكير تركيا باتفاق “سوتشي” حول إدلب.

وأضاف ل”المدن”، أن روسيا تحضر لطرح تنفيذ اتفاق “سوتشي” الذي يقضي بإنشاء ممر آمن على جانبي الطريق الدولي “أم-4″، في الجولة المرتقبة من محادثات “أستانة”. وقال إن كل المؤشرات تشير إلى عدم وجود اتفاق جديد تركي-روسي حول إدلب.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو ل”المدن”، إن روسيا “عوّدتنا مع اقتراب فترة كل استحقاق دولي متعلق بسوريا على التصعيد العسكري وهذا ما جرى على امتداد نحو شهر في جبهات إدلب، والآن انتقلت روسيا من التصعيد العسكري إلى الحقل الدبلوماسي مع تركيا لفرض رؤيتها بما يخص إدلب، قبل الموافقة على قرار المساعدات”.

وأضاف أن لافروف لمح خلال اللقاء بنظيره التركي، إلى اتفاق “سوتشي”، علماً بأن روسيا لم تلتزم ببنود الاتفاق من حيث وقف التصعيد. وقال: “روسيا أول من أخلت بالاتفاق، من خلال الهجوم والسيطرة على مناطق كانت مشمولة بالاتفاق، واليوم هي تطالب أنقرة بالالتزام بالاتفاق”.

أما الباحث في “مركز الحوار السوري” الدكتور محمد سالم فاعتبر أن المقصود بإشارة لافروف إلى اتفاق “سوتشي” هو تنفيذ بند من بنود اتفاق موسكو، وهو إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طرفي الطريق “إم-4”. وأوضح ل”المدن”، أن الاتفاق لم يُنفذ بسبب العرقلة للدوريات الروسية التركية المشتركة، وانسحاب روسيا من آلية الدوريات المشتركة بذرائع عدم وجود تأمين لها.

وكان الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين قد توصلا في لقاء قمة عُقد في موسكو في 5 آذار/مارس 2020، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب. وجاء الاتفاق بوصفه ملحقاً لاتفاق “سوتشي” لعام 2018، بعد أن تعذّر تنفيذ اتفاق “سوتشي”، بسبب تقدم النظام إلى المناطق التي كان يفترض أن تكون ضمن المنطقة العازلة.

ونص اتفاق موسكو، على إنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولية حلب-اللاذقية “إم-4″، بعمق 6 كيلومترات شمال الطريق وجنوبه، وبدء تسيير دوريات مشتركة روسية-تركية على الطريق الدولية.

الواضح أن الكثير من العوائق ما زالت تعترض تطبيق التفاهمات التركية-الروسية في إدلب، والثابت الوحيد أن روسيا تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب لمنح الموافقة على تجديد التفويض الدولي لإدخال المساعدات العابرة للحدود.

المدن

—————————

يونيسف: تأثير مدمر يشمل 1.7 مليون طفل سوري إذا فشل تمديد إدخال المساعدات

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في بيان، اليوم (الخميس)، من «تأثير مدمر» على 1.7 مليون طفل سوري في حال فشل مجلس الأمن الدولي في تمديد التفويض لإدخال المساعدات إلى سوريا عبر معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويسري التفويض عبر الحدود منذ عام 2014، لكنه قُلّص بشكل كبير العام الماضي عبر إبقاء نقطة دخول حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى (شمال غرب) مع تركيا. وتنتهي صلاحية التفويض في 10 يوليو(تموز).

وقالت المنظمة في بيانها: «ندعو مجلس الأمن إلى تفويض المساعدة عبر الحدود وتوسيعها وذلك لمدة 12 شهراً». وأضافت أن «جميع طرق المساعدة، عبر الحدود وعبر خطوط القتال، ضروريّة لتلبية الاحتياجات المتزايدة والسّماح للشّركاء في المجال الإنساني بتقديم المساعدة للأطفال المحتاجين أينما كانوا في البلاد”، مشيرة إلى أن «حياة ملايين الأطفال في سوريا تعتمد على هذا القرار».

وحذرت إنه «في حال عدم التّجديد، فإن الوضع المتردّي أصلاً لأكثر من 1.7 مليون طفل من الأكثر هشاشة في المنطقة سيزداد سوءاً»، مشيرة إلى أن “سوريا ليست مكاناً آمناً للأطفال».

ويستعد مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قرار لتمديد إدخال المساعدات العابرة للحدود وسط خشية من فيتو من روسيا التي أبدت رغبتها في إغلاقه، لتصبح بذلك كل معابر المساعدات إلى سوريا مقفلة، باستثناء تلك التي تمرّ عبر دمشق.

وأكدت منظمة يونيسف أنه «من دون المساعدات التي يتم إيصالها عبر الحدود، سيُحرم الأطفال من المساعدة المنقذة للحياة ويَحدث تأثير وخيم على حمايتهم وإمكانية وصولهم إلى خدمات المياه والنّظافة والدّعم الطبي والتّعليم».

وبحسب المنظمة «ازدادت الاحتياجات بحوالى الثلث منذ إغلاق نقطة حدودية أساسيّة تسمح بدخول المساعدات إلى المنطقة يعتمد الآن كل طفل في سوريا تقريباً على المساعدة، فيما تتواصل الهجمات العشوائيّة مما يعرّض ملايين الأطفال للخطر. قُتل أو جُرح حتى الآن ما لا يقل عن 12 ألف طفل – وربما أكثر بكثير – في جميع أنحاء البلاد».

وفي 2014، سمح مجلس الأمن الدوليّ بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلّصها مطلع العام الماضي، بضغوط من روسيا والصين، لتقتصر على معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب. ويدخل عبره شهرياً نحو عشرة آلاف شاحنة.

ومنذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، استخدمت موسكو التي تُرجِع تدهور الوضع الإنساني إلى العقوبات الغربية، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16 مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10 مرات.

الشرق الأوسط

——————————

موسكو تقايض أنقرة..تطبيق سوتشي قبل التمديد لباب الهوى/ مصطفى محمد

أيام قليلة تفصل عن موعد تجديد القرار الأممي رقم 2533 الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية- السورية، وروسيا لا تزال تعلن رفضها تمديد التفويض الدولي، ساعية بذلك إلى تحقيق مكاسب من الأطراف ذات الصلة بالملف السوري، وفي مقدمتها تركيا التي تبدو المتضرر الأكبر من عرقلة القرار، الذي سيزيد من حجم الأعباء الإنسانية عليها.

ويأتي إعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن معارضة بلاده لمشروع قرار جديد في الأمم المتحدة بشأن فتح الممرات لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، بعيد اجتماعه بوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ليؤكد عدم حصول تقدم بين الجانبين المعنيين بإدلب، أثناء الاجتماع الذي عقد الأربعاء في أنطاليا التركية.

وذكرت الخارجية الروسية في بيان، أن الاجتماع ناقش الوضع في إدلب، بما في ذلك تنفيذ بروتوكول موسكو الموقع في 5 آذار مارس عام 2020، بشأن إنشاء منطقة منزوعة في إدلب وفقاً لاتفاقية “سوتشي” في أيلول/سبتمبر 2018.

وأكد البيان أن الاجتماع أشار إلى الجولة القادمة من محادثات “أستانة 16” حول سوريا، المقرر عقدها في العاصمة الكازاخية نور سلطان/أستانة، بعد أيام.

وكانت وسائل إعلام قد نسبت إلى لافروف قوله، إن اتفاقاً على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب جرى خلال الاجتماع، غير أن مصادر متخصصة في الشأن الروسي نفت ذلك، مشيرة إلى وقوع لُبس في الترجمة.

وحسب المصادر لم يأتِ لافروف على ذكر أي اتفاق جديد مع تركيا بشأن إدلب، وهو ما أكده الباحث في مركز “جسور للدراسات” فراس فحام الذي أكد أن روسيا أرادت تذكير تركيا باتفاق “سوتشي” حول إدلب.

وأضاف ل”المدن”، أن روسيا تحضر لطرح تنفيذ اتفاق “سوتشي” الذي يقضي بإنشاء ممر آمن على جانبي الطريق الدولي “أم-4″، في الجولة المرتقبة من محادثات “أستانة”. وقال إن كل المؤشرات تشير إلى عدم وجود اتفاق جديد تركي-روسي حول إدلب.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو ل”المدن”، إن روسيا “عوّدتنا مع اقتراب فترة كل استحقاق دولي متعلق بسوريا على التصعيد العسكري وهذا ما جرى على امتداد نحو شهر في جبهات إدلب، والآن انتقلت روسيا من التصعيد العسكري إلى الحقل الدبلوماسي مع تركيا لفرض رؤيتها بما يخص إدلب، قبل الموافقة على قرار المساعدات”.

وأضاف أن لافروف لمح خلال اللقاء بنظيره التركي، إلى اتفاق “سوتشي”، علماً بأن روسيا لم تلتزم ببنود الاتفاق من حيث وقف التصعيد. وقال: “روسيا أول من أخلت بالاتفاق، من خلال الهجوم والسيطرة على مناطق كانت مشمولة بالاتفاق، واليوم هي تطالب أنقرة بالالتزام بالاتفاق”.

أما الباحث في “مركز الحوار السوري” الدكتور محمد سالم فاعتبر أن المقصود بإشارة لافروف إلى اتفاق “سوتشي” هو تنفيذ بند من بنود اتفاق موسكو، وهو إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طرفي الطريق “إم-4”. وأوضح ل”المدن”، أن الاتفاق لم يُنفذ بسبب العرقلة للدوريات الروسية التركية المشتركة، وانسحاب روسيا من آلية الدوريات المشتركة بذرائع عدم وجود تأمين لها.

وكان الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين قد توصلا في لقاء قمة عُقد في موسكو في 5 آذار/مارس 2020، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب. وجاء الاتفاق بوصفه ملحقاً لاتفاق “سوتشي” لعام 2018، بعد أن تعذّر تنفيذ اتفاق “سوتشي”، بسبب تقدم النظام إلى المناطق التي كان يفترض أن تكون ضمن المنطقة العازلة.

ونص اتفاق موسكو، على إنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولية حلب-اللاذقية “إم-4″، بعمق 6 كيلومترات شمال الطريق وجنوبه، وبدء تسيير دوريات مشتركة روسية-تركية على الطريق الدولية.

الواضح أن الكثير من العوائق ما زالت تعترض تطبيق التفاهمات التركية-الروسية في إدلب، والثابت الوحيد أن روسيا تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب لمنح الموافقة على تجديد التفويض الدولي لإدخال المساعدات العابرة للحدود.

المدن

———————–

تصعيد في إدلب..بعد فشل القمة الروسية-التركية

أعلنت غرفة عمليات “الفتح المبين” العاملة في منطقة إدلب، عن تدمير عربة عسكرية مجنزرة لقوات الأسد، إثر استهدافها بصاروخ موجه على جبهات ريف إدلب الجنوبي. والعربة العسكرية من طراز “شيلكا” استهدفتها فصائل غرفة عمليات “الفتح المبين” بصاروخ “م.د” على محور قرية وكبة جنوب إدلب.

يأتي ذلك فيما واصل النظام السوري تصعيده في المحافظة، حيث قصفت قواته بالمدفعية الثقيلة والصواريخ عدة قرى وبلدات في أرياف إدلب وحماة وحلب ضمن ما يُعرف بمنطقة “خفض التصعيد” الرابعة (إدلب وما حولها)، بينما أرسلت قوات “الفيلق الخامس” المدعومة من روسيا تعزيزات عسكرية ضخمة من جبهات إدلب، إلى البادية السورية لاستكمال الحملة العسكرية ضد خلايا تنظيم داعش.

وأعلن فصيل “أنصار التوحيد” عبر حسابه على “تليغرام”، عن استهداف فوج المدفعية والصواريخ التابع له بقذائف الهاون والمدفعية مقرات قوات “الفيلق الخامس” و”الفرقة 25 مهام خاصة” المنتشرة في بلدة الدار الكبيرة القريبة من مدينة كفرنبل جنوب محافظة إدلب. وأكد الفيصل تحقيق إصابات مباشرة ضمن المواقع المستهدفة، وذلك رداً على قصف النظام للمناطق المأهولة بالسكان التي تُسيطر عليها المعارضة في منطقة إدلب.

وأُصيب عناصر من مجموعات “الفرقة 25 مهام خاصة” إثر استهداف مقراتهم بالمدفعية الثقيلة والصواريخ داخل قرية “داديخ” من قبل المعارضة السورية، كما نتج عن الاستهداف احتراق في خزانات الوقود القريبة من تجمع الدبابات وسط البلدة.

يأتي ذلك بعد يوم من اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنطاليا التركية. ولم ينجح اللقاء في تحقيق أي اختراق خصوصاً على مستوى التمديد لمعبر باب الهوى على الحدود التركية-السورية، وهو المعبر الوحيد المتبقي لنقل المساعدات الدولية إلى شمال سوريا.

من جهة أخرى، أرسلت الأمم المتحدة 93 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى محافظة إدلب وريفها. وقالت وكالة “الأناضول”، إن قافلة المساعدات دخلت الأراضي السورية من معبر “جيلوه غوزو” في ولاية هطاي جنوبي تركيا، المقابل لباب الهوى من الجانب السوري. وسيتم توزيع المساعدات الإنسانية على المحتاجين في إدلب وريفها.

——————————

المنطقة منزوعة السلاح في إدلب.. المعايير والأهداف الروسية القريبة والبعيدة/ عبد الوهاب عاصي

جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في 30 من حزيران، الدعوة لضرورة تنفيذ البرتوكول المشترك المتّفق عليه في 5 من آذار 2020 والذي ينصّ على تشكيل منطقة منزوعة من السلاح وخالية من الوجود العسكري.

ما زال هناك توافق بين تركيا وروسيا على استمرار وقف إطلاق النار في سوريا، بموجب تصريح لافروف، بعد مضي أكثر من 16 شهراً على التهدئة في إدلب، وهي أطول فترة يتم فيها الحفاظ على وقف إطلاق النار منذ بدء المعارك في البلاد؛ إذ تعثرت جميع التفاهمات الدولية السابقة للتوصّل إلى اتفاق مستدام أو طويل الأمد.

وأبدى لافروف رفض بلاده لمشروع قرار جديد تم طرحه في مجلس الأمن الدولي في 27 من حزيران ينصّ على افتتاح معبر ثانٍ لنقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا من اليعربية شمال شرقي الحسكة. يبدو ذلك بمثابة قبول بتمديد التفويض الممنوح لآلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وعدم الموافقة على مقترح لتوسيع عدد المعابر، والذي تدعو وتحشد إليه الولايات المتّحدة.

مع أنّ وزير الخارجية الروسي ربط موقف بلاده من المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بفرض الولايات المتّحدة عقوبات على النظام السوري بما فيها قانون قيصر لحماية المدنيين، إلّا أنّ إعادة الاتفاق على ضرورة تنفيذ المنطقة منزوعة السلاح في إدلب يعني غالباً الاستعداد أو الموافقة على عدم تبني مواقف متشدّدة خلال جلسة الأمن في 10 من تموز/ يوليو والتي يتحدّد بموجبها مصير القرار 2533 (2020).

عندما تم توقيع مذكّرة موسكو (2020) كملحق إضافي لمذكرة سوتشي (2018) ومذكرة خفض التصعيد (2017)، اتّفق الرئيسان رجب طيّب أردوغان وفلاديمير بوتين على إنشاء ممرّ أمني بعمق 6 كم من الشمال و6 كم من الجنوب من الطريق السريع M4 على أن يكون هناك اتفاق لاحق على معايير محدّدة لعمل الممر الأمني بين وزارتي الدفاع التركية والروسية.

يبدو أنّ اللّجان العسكرية التقنية لم تستطع الاتفاق على معايير مشتركة لضمان توفير بيئة آمنة لحركة التجارة والنقل على الطريق الدولي بين حلب واللاذقية. هذا ما يُفسّر غالباً تجميد العمل بالدوريات المشتركة منذ 25 من آب 2020 بعدما تم تسيير 25 واحدة، إذ لم تحل الإجراءات المتّخذة دون منع استهدافها 5 مرّات على أقل تقدير من قبل مجموعات مسلّحة على ارتباط غالباً بفرع تنظيم القاعدة في سوريا.

في الأصل، يتعلّق الخلاف بين الطرفين بالتباطؤ في تنفيذ برتوكول موسكو حول إدلب؛ نتيجة عدم الاتفاق على معايير مشتركة تضمن حركة آمنة للسلع والبضائع والأفراد على الطريق الدولي ضمن منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا.

سابقاً، كان الاعتماد لتأمين الدوريات المشتركة، التي تعمل على مسار يصل بين بلدتي ترنبة غرب سراقب وعين حور غرب جسور الشغور بمسافة 72، يقوم على عدد من المعايير التقنية مثل وجود محارس تتوزّع على طرفي الطريق الدولي، وعمليات الاستطلاع الجوي.

عِلماً، أنّ تركيا أنشأت في الفترة بين منتصف تشرين الثاني 2020 ومنتصف كانون الثاني 2021 ما لا يقلّ عن 20 نقطة أمنية ضمن المنطقة منزوعة السلاح، بموجب معلومات شبه رسميّة لأداء مهام الحراسة، حيث تم تزويدها بكتل إسمنتية وكاميرات للمراقبة وزجاج مضاد للرصاص. أثناء مسير الدوريات المشتركة تقوم المحارس بتوفير عمليات الإمداد اللوجستي، والانتشار العسكري للعناصر على طرفي الطريق الدولي.

بالنسبة لروسيا فإنّ تأمين طرفي الطريق الدولي بعمق 6 كم يحتاج إلى إخلائها من الانتشار العسكري، وقد تكون تركيا عارضت هذا المعيار أو طلبت تأجيله لحين توفير بدائل مقبولة والتوصّل مع فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام إلى صيغة مرضية.

قد توافق روسيا مبدئياً على نزع المنطقة من السلاح الثقيل وانتشار فصائل المعارضة في إطار المهام الأمنية لا العسكرية، وهو ما عملت عليه تركيا خلال السنة الماضية بإدماج قسم من الجبهة الوطنية للتحرير ضمن نقاط الحراسة.

ومع ذلك، لا بدّ من الاتفاق على آليات الترفيق لحركة التجارة والنقل من قبل الدوريات المشتركة، عدا تحديد نقاط التفتيش عند خطوط التماس ومعايير عملها، مع وضع جدول زمني لتنفيذ تلك الخطوات.

تهدئة مؤقتة ومشروطة

على نحو مستمر تُحمّل روسيا تركيا مسؤولية عدم الالتزام بتطبيق مذكّرات التفاهم حول إدلب، وما يترتب على ذلك من تصعيد. يُمكن الاسترشاد بذلك لمعرفة تعاطي روسيا مع تركيا إذا ما وافقت على تمديد وقف إطلاق النار في إدلب مقابل تفعيل حركة التجارة والنقل.

ومع ذلك، لن تكتفي روسيا حتى في حال تحقيق تقدّم بملف حركة التجارة والنقل وقد تلجأ مرّة أخرى إلى التصعيد في إدلب من أجل تسوية بقية القضايا الخلافية؛ وتحديداً مصير الوجود العسكري لتركيا، ومكافحة الإرهاب، والعملية السياسية.

إنّ تحقيق اختراق في حركة التجارة والنقل يعني تمديد فترة التهدئة في إدلب وليس إرساء وقف دائم لإطلاق النار. قد تربط روسيا حجم العوائد الاقتصادية من افتتاح المعابر التجارية بالامتناع عن التصويت ضد تمديد آلية المساعدات الإنسانية. لكنها، لن تُفوّت فرصة إعادة طرح القضية للتفاوض مجدّداً بعد انتهاء التفويض سواءً كان سنة أم ستة أشهر.

أيّ أنّ الفائدة التي يُفترض أن تحصل عليها المعارضة السورية تقتصر على العوائد المالية من المعابر الداخلية، إلى جانب تمديد مؤقت لا يتجاوز فترة تمديد تفويض قرار مجلس الأمن حول المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

رغم الجهود التي تبذلها روسيا للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية في مناطق النظام السوري عبر عدد من السياسات والأدوات بما فيها إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب لأهداف تجارية، إلّا أنّها لن تتخلّى عن مساعي “استعادة سيادة” النظام السوري على كامل الملفات وبالتالي العمل على حسم القضايا الخلافية مع تركيا على هذا الأساس.

فروسيا تأمل أن يُسيطر النظام السوري على كامل المنطقة جنوب الطريق الدولي M4 وانسحاب تركيا منها نحو شماله ومن ثم توقيع بروتوكول إضافي لاتفاق أضنة (1998) يؤدي إلى تراجُعها نحو عمق يتراوح بين 10 و15 كم على طول الشريط الحدود، مع استعادة النظام للمعابر الحدودية ووضع جدول زمني للانسحاب، إضافة إلى التعاون في ملف مكافحة الإرهاب على أن يقود إلى تفكيك هيئة تحرير الشام ومعظم فصائل المعارضة أو تغيير مهامها.

تلفزيون سوريا

——————————

إدلب.. منظمات إنسانية تدق ناقوس الخطر وتلفت انتباه العالم بـ”سلسلة بشرية

نظّمت جمعيات ومنظمات إنسانية اليوم الجمعة، فعالية شكّلت من خلالها “سلسة بشرية” لمئات العاملين فيها على الطريق الواصل إلى معبر “باب الهوى” الحدودي في محافظة إدلب شمال غرب سورية.

وجاءت الفعالية ضمن حملة المناصرة الداعمة لإدخال المساعدات الإنسانية الأممية عبر المعبر الحدودي، والذي تصر موسكو على إغلاقه، لصالح تمرير المساعدات الإنسانية عبر المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.

وامتدت “السلسلة البشرية” التي شارك فيها ما يزيد عن 3 آلاف عامل إنساني على مسافة 3 كيلومترات، وحمل خلالها المشاركون لافتات تطالب بضرورة إدخال المساعدات عبر الحدود، وتندد بالموقف الروسي المعرقل لعملية عبورها إلى محافظة إدلب، حيث يحتاجها الملايين من النازحين والسكان المحليين.

“تدق ناقوس الخطر”

مصطفى السيد مدير مكتب منظمة “البوصلة للتنمية والإبداع” التابعة للمنتدى السوري في شمال غرب سورية وأحد المنظمين لفعالية “السلسلة البشرية” يقول إن ما يقارب 50 منظمة سورية محليّة دقت “ناقوس خطر إيقاف إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى”، ودعت إلى السلسلة التضامنية منذ حوالي الأسبوع.

ويضيف السيد في تصريحات لموقع “السورية.نت” أن “باب الهوى” شريان مغذي لـ 4.5 مليون سوري في الشمال السوري، بينهم 2.4 مليون مستفيد، كما يعتمد على الحملات الإغاثية الأممية بصورة مباشرة.

وبحسب السيد فإن إغلاق المعبر “يشكل خطراً حقيقياً على المستوى المعيشي والخدمي والبنية التحتية والأمن الغذائي في الداخل السوري”، مضيفاً:”كان من الواجب على المنظمات إرسال رسالة مفادها بأن إغلاق المعبر يحدث كارثة إنسانية كبيرة، وخاصةً وسط تفشي فيروس كورونا المستجد، فضلاً عن تأثر قطاع التعليم”.

وعن الخطط البديلة، لفت ذات المتحدث إلى أن “إمكانيات المؤسسات المحلية والدولية ضئيلة جداً بالمقارنة مع المساعدات الأممية، ومن الصعب سد هذه الفجوة”.

من جانبه وفي تعليقه على تأثير إغلاق “باب الهوى” طبياً يوضح الطبيب عبد الحميد العريف، وهو منسق مخازن اللقاح والتبريد في منظمة “أطباء عبر القارات” العاملة في إدلب أن مشاريع اللقاح من أهم المشاريع الطبية في “المناطق المحررة”، وستتأثر بشكل مباشر بقرار إغلاق “باب الهوى” أمام المساعدات الإنسانية.

ويشير الطبيب السوري في حديث لموقع “السورية.نت” إلى أن الأمم المتحدة وعبر منظمة “اليونيسيف” تزوّد مشاريع اللقاح في المنطقة، إضافةً إلى حالات سوء التغذية.

وبالتالي ستتوقف آلية دخول المواد المذكورة عبر معبر باب الهوى في حال نجحت روسيا في إيقاف تدفق المساعدات، ما يحرم ملايين الأطفال من اللقاح ويعرقل معالجة الآلاف منهم من حالات سوء التغذية، بحسب العريف.

من جانبها اعتبرت المتطوعة كفاء الديبو إحدى المشاركات في “السلسلة البشرية” أن قرار تعليق المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” سيكون بمثابة “إبادة جماعية” في ظل الفقر الشديد الذي يعاني منه سكان المنطقة، وتراجع المستوى المعيشي بشكل عام.

“المساعدات حق”

وتصر موسكو منذ بداية العام الحالي على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.

كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

محمد عقيل قناص مدير مكتب سرمدا في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” أحد برامج “المنتدى السوري” يرى أن المساعدات الإنسانية “هي حقّ طبيعي لسكان المنطقة وليست مكرمة دوليّة، في ظل غياب مصادر الدخل والموارد المعيشية. المنطقة بحاجة ماسة لهذا النوع من المساعدات”.

ويقول قنّاص إن المنظمات ومنها التابعة لـ”المنتدى السوري” مستمرة في عملها سواء أغلق المعبر أم بقي مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية.

ويؤكد المسؤول الإغاثي على “واجب المنظمات الإنسانية والعاملين في هذا الشأن لفت انتباه العالم إلى المحنة التي يمر بها السكان والمنطقة”.

وإلى جانب منظمتي “إحسان” و”البوصلة” الممثلتين عن “المنتدى السوري”، شارك في السلسلة كل من “الدفاع المدني السوري” و”منظمة بنفسج”، و”هيئة ساعد الخيرية”.

بالإضافة إلى “الرابطة الطبية للمغتربين السوريين” (سيما) ومنظمة “سيريا ريليف”، و”هيئة الإغاثة الإنسانية”، و”تكافل الشام وعطاء”، وغيرها من المنظمات المحلية السورية.

“حراك شعبي ـ مؤسساتي”

وفي الوقت الذي تزداد فيه المخاوف من “فيتو” روسي يجهض آلية التفويض بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” تزداد وتيرة حراك المؤسسات الإنسانية في الضغط على المجتمع الدولي والرأي العام، من أجل إيقاف قرار من الممكن أن يودي بالمنطقة إلى كارثة إنسانية إضافية.

وفي السياق المذكور اجتمع مدير “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح مع المبعوث البريطاني إلى سورية، جوناثان هارغريفز، في 30 من يونيو/حزيران الماضي على الحدود السورية التركية.

وكان تمديد تفويض آلية دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية على قائمة ما ناقشه الطرفان، ضمن الحملة التي تنشط بها المؤسسات السورية الإنسانية، لدعم تمديد آلية التفويض وإدخال المساعدات.

ويقول الصالح في حديث لموقع “السورية.نت” إن اللقاء كان “في سياق مساعي “الخوذ البيضاء الدائمة في إيصال صوت السوريين للعالم وضرورة شرح أوضاعهم”.

ويضيف أن “مسألة تمديد التفويض كانت حاضرة بقوة لأنها قضية الساعة”، مؤكداً خلال لقائه مع المبعوث البريطاني أنّه لا بديل عن إدخال تلك المساعدات عبر المعبر، وأن عدم تمديد تفويض دخول المساعدات هو تشريع لجريمة الحصار والتجويع.

ويشير الصالح إلى أنّ المبعوث البريطاني أكد تمسك موقف بلاده بقرار مجلس الأمن 2254 والانتقال السياسي في سورية.

وكانت 75 منظمة سورية عقدت في 23 يونيو/حزيران مؤتمراً صحفياً في مخيم للنازحين شمالي إدلب.

وحذرت خلال المؤتمر من كارثة إنسانية قد تلحق بسكان المنطقة، في حال لم يُجدد مجلس الأمن قرار إدخال المساعدات.

هل تنفع حملات المناصرة؟

في غضون ذلك يرى محمد حلاج مدير فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري أن حملات المناصرة ومنها “السلسلة البشرية” تعتبر ضرورية ومهمة، “لأنها تسلط الضوء إعلامياً على مأساة سكان المنطقة، وتحدد مواطن المشاكل التي يعاني منها المهجرون والسكان الأصليين”.

ويقتصر دور حملات المناصرة والتحرك المدني والمؤسساتي على لفت انتباه العالم إعلامياً.

لكن من الناحية العملية فإنّ تمديد إدخال المساعدات هو شأن دول وحكومات، وانعكاس سياساتها على القضية السورية، بحسب حلاج الذي يضيف: “كما هو اليوم فإن مصير الملايين إنسانياً بيد فيتو روسي في مجلس الأمن ضدّ قرار التمديد”.

وأكد حلاج في سياق حديثه على أهمية اتباع خطة بديلة لإنقاذ السوريين في المنطقة.

ويتابع: “كان من الواجب أن يكون هناك تخزين للمساعدات الإنسانية خلال السنوات الماضية، لتأسيس ما يشبه احتياطي في المنطقة”.

أرقام وإحصاءات

ولعل اللغة الأقوى لشرح الواقع الإنساني في حال عدم تمديد إدخال المساعدات إلى الشمال السوري هي لغة الأرقام.

وحسب إحصائية حصل عليها موقع “السورية.نت” من معبر “باب الهوى” الحدودي فقد أدخلت الأمم المتحدة في عام 2019 قرابة 6927 شاحنة محملة بـ147 ألف طن من المواد الإغاثية التي يحتاجها ملايين السكان في كل من إدلب وريف حلب.

في عام 2020 بلغ عدد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية 10412 شاحنة، تحوي ما يعادل 228 طنا.

أما في الربع الأول من العام الجاري (حتى الأول من حزيران- يونيو) فقد بلغ عدد الشاحنات التي أدخلتها الأمم المتحدة 5000 شاحنة، محملة بـ113 ألف طن من المواد الإغاثية.

————————–

لا تسلموا المعابر للأسد”.. سلسلة بشرية على طريق “باب الهوى”

نظّم متطوعون في “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) وكوادر طبية وعمال إنسانيين فعالية شكّلوا خلالها سلسلة بشرية على الطريق المؤدي إلى معبر “باب الهوى” بريف إدلب.

وامتدت السلسلة على مسافة 3 كيلومترات، وجاءت للمطالبة بتمديد آلية تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود.

وحمل المشاركون في الفعالية اليوم الجمعة صوراً ولافتات كتب عليها: “لا تسلموا المعابر للأسد”، “التهجير والنزوح ليس قرارنا. لكن فتح المعابر قراركم”، “الأسد حاربنا بالغذاء والدواء. لا تسلموه المعابر. لا تقتلونا مرتين”.

ويأتي ما سبق ضمن حملات أممية ومحلية بهدف الضغط قبل عملية التصويت في مجلس الأمن على قرار يسمح بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود.

والأسبوع الماضي قدمت إيرلندا والنرويج مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى مساعدة السوريين داخل البلاد، من خلال معبرين الأول هو “باب الهوى” والثاني “اليعربية”.

ويُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر “باب الهوى”، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرق سورية عبر العراق.

وتصر موسكو منذ بداية العام الحالي على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.

كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن يناقش خبراء مجلس الأمن القرار الإيرلندي- النرويجي المقترح مطلع الأسبوع المقبل.

وكانت روسيا والصين استخدمتا، العام الماضي، حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ألماني بلجيكي، ينص على تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة وباب الهوى.

لكن بعد مفاوضات، وافقت روسيا على دخول المساعدات عبر نقطة حدودية واحدة فقط هي معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.

    شارك متطوعون من #الخوذ_البيضاء وكوادر طبية وعمال إنسانيين، اليوم الجمعة 2 تموز، بتشكيل سلسلة بشرية على طريق معبر باب الهوى في ريف إدلب الشمالي، امتدت بطول نحو 3 كم، للمطالبة بتمديد آلية تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود.#المعابر_شريان_الحياة#Syria_LifeLine pic.twitter.com/QJUFv0klcw

“بالأرقام”

وفي تصريحات لموقع “السورية.نت” قال مازن علوش، مدير المكتب الإعلامي لمعبر “باب الهوى” إنهم يتخوفون من إغلاق المعبر في أثناء التصويت الذي سيشهده مجلس الأمن في الأيام المقبلة.

وأضاف علوش: “هناك تخوف على درجة كبيرة، لأن باب الهوى هو الشريان الرئيسي للمناطق المحررة، سواء لدخول المساعدات الأممية وغير الأممية لمنطقة إدلب وريف حلب الشمالي في منطقتي غضن الزيتون ودرع الفرات”.

ويقع “باب الهوى” في الريف الشمالي لإدلب، ويعتبر ممرا إنسانياً بارزاً تستخدمه المنظمات الأممية وغير الأممية لتمرير المساعدات من داخل الأراضي التركية إلى سورية، لتوزيعها على أكثر من 4 ملايين مدني، نصفهم من النازحين.

وحسب إحصائية حصل عليها موقع “السورية.نت” من معبر “باب الهوى” الحدودي فقد أدخلت الأمم المتحدة في عام 2019 قرابة 6927 شاحنة محملة بـ147 ألف طن من المواد الإغاثية التي يحتاجها المواطنون الأصليون والنازحون في كل من إدلب وريف حلب.

في عام 2020 بلغ عدد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية 10412 شاحنة، تحوي ما يعادل 228 طنا.

أما في الربع الأول من العام الجاري (حتى الأول من حزيران- يونيو) فقد بلغ عدد الشاحنات التي أدخلتها الأمم المتحدة 5000 شاحنة، محملة بـ113 ألف طن من المواد الإغاثية.

وبشكل عام أوضح مدير المكتب الإعلامي لـ”باب الهوى”، مازن علوش أن المواد الإغاثية موزعة على 73% مواد غذائية، 24% لوجستية “خيم ومستلزماتها”، 3% صحية وطبية.

————–

========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى