سياسة

هل تعتبر التصريحات الروسية الأخيرة انقلاب على مسار العملية السياسية السورية -مقالات مختارة-

——————————-

روسيا:لا داعي لتغيير دستور سوريا..إذا كان الهدف تغيير بشار

قال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف الاثنين، إن إعداد دستور جديد لسوريا يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة في البلاد، خاصة أن “حكومة النظام راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديلات”.

لكنه رأى أنه “إذا رأت المعارضة إجراء تغييرات، يجب النظر في القضايا التي تهمها وطرحها على التصويت، في استفتاء أو للموافقة عليها بطريقة أخرى”. وأضاف “إذا سعى شخص ما إلى هدف وضع دستور جديد من أجل تغيير صلاحيات الرئيس، وبالتالي محاولة تغيير السلطة في دمشق، فإن هذا الطريق لا يؤدي إلى شيء”.

ورأى أنه إذا كانت المعارضة تعتقد حقاً أن بعض التغييرات مطلوبة، فعندئذ “يجب أن تطرح بعض المقترحات الملموسة، وألا تنغمس في التكهنات بأنه لا يمكن أن تكون هناك تغييرات طالما أن بشار الأسد في السلطة”.

وحمّل المبعوث الروسي المعارضة السورية مسؤولية التأخيرات والمشاكل التي تظهر في عملية المفاوضات، معتبراً أنه من الخطأ إلقاء اللوم دائماً على عاتق النظام، وأنه يجب تحمل المسؤولية على عاتق الطرفين.

وفي السياق قالت وزارة الخارجية الروسية إن وزير الخارجية سيرغي لافروف بحث الاثنين في اتصال هاتفي مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، ضرورة المضي قدماً في تسوية الأزمة السورية.

وأضافت أن لافروف والمقداد بحثا في الاتصال، الذي “جرى بطلب” من الوزير السوري، “تطورات الأوضاع في الجمهورية العربية السورية وحولها بالتركيز على ضرورة المضي قدما في التسوية السياسية الشاملة”.

وأضاف البيان أنه “تم النظر في نتائج الاجتماع الدولي ال17 حول سوريا في صيغة أستانة، وكذلك مسائل الجلسة ال7 للجنة الدستورية السورية المخطط لعقدها في كانون الثاني/يناير 2022. وشدد الجانب الروسي على أهمية مواصلة العمل الإيقاعي والمثمر على إعداد الإصلاح الدستوري في إطار هذا المنتدى السوري”.

وأكد لافروف، حسب البيان، “التزام روسيا بمواصلة الجهود الرامية إلى تحقيق الأهداف المنصوص عليها في القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك ضمان سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها واستقلالها”.

كما ذكرت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف والمقداد “قاما بتبادل مفصل لوجهات النظر حول سير تنفيذ القرار 2585 لمجلس الأمن الدولي بشأن تمديد الآلية العابرة للحدود لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وقد تم التشديد على التصميم المتبادل على مواصلة تنسيق مواقف البلدين في هذا الاتجاه”.

المدن

———————————

لافرنتييف أغلق أبواب الحل السوري..وأوقع المعارضة في مأزق/ مصطفى محمد

أثارت تصريحات مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف حول اللجنة الدستورية السورية، جدلاً واسعاً في الأوساط المعارضة، وخلفت مطالبات لوفد المعارضة بالإعلان عن موقف حاسم من المشاركة.

وكان لافرنتييف قد اعتبر أن أي دستور سوري بجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة في سوريا، مضيفاً أن “حكومة دمشق راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديله، وإذا رأت المعارضة ضرورة في ذلك يمكن النظر في المقترحات التي تهمها وطرحها على التصويت في استفتاء أو الموافقة عليه بأي صيغة أخرى”.

ورفض لافرنتييف تحميل النظام مسؤولية عدم تحقيق أي تقدم في عملية المفاوضات، قائلاً إنه “من الخطأ تحميل طرف واحد فقط المسؤولية، وهي تقع دائماً على عاتق الطرفين”.

ورداً على ذلك، وصف رئيس “هيئة التفاوض” أنس العبدة تصريحات لافرنتييف ب”المنفصلة تماماً عن المبادئ الاساسية للقرار الدولي 2254″، مضيفاً أن “مشكلتنا ليست الدستور فحسب، والقرار الأممي أوسع وأشمل من أن يختزل بالدستور أو رِضى النظام عنه”.

وأضاف العبدة “نحن قبلنا الدخول في العملية السياسية بما فيها مسار اللجنة الدستورية من أجل التنفيذ الكامل للقرار الدولي 2254 والانتقال السياسي، ولن تقبل قوى الثورة والمعارضة ببقاء مجرم حرب إسمه بشار الأسد في السلطة، وعلى من يتخيل عكس ذلك أن يستفيق من وهمه”.

وتتعارض تصريحات لافرنتييف مع القرار الأممي 2254 للعام 2015، الذي يرى في اللجنة الدستورية بوابة للانتقال السياسي في سوريا، عبر صياغة دستور جديد، وتأمين البيئة الآمنة والمحايدة لإجراء استفتاء على مسودة دستور، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بناءً على دستور جديد.

لكن، بحسب الباحث المختص بالشأن الروسي الدكتور محمود حمزة فإنه “لا يمكن فصل التصريحات الروسية عما سعت له موسكو في سوريا منذ العام 2015، عند إعلان التدخل العسكري المباشر بضوء أخضر أميركي”.

ويضيف ل”المدن”، أن روسيا التفت على المفاوضات الأممية في جنيف في العام 2017، عندما بدأت التفاوض مع الفصائل والمعارضة في مسار أستانة، وبعدها بعام عندما عقدت مؤتمر سوتشي الذي أقر إجراء إصلاحات دستورية، بموافقة أميركية وتفويض دولي.

وبالتالي، لا يرى حمزة في تصريحات لافرنتييف نبرة روسية مختلفة، ويقول: “روسيا متمسكة بالنظام، والولايات المتحدة تقول إنها غير معنية بتغيير النظام، وهذا كله يحتم على المعارضة الإعلان بشكل فوري عن وقف المشاركة في مباحثات اللجنة الدستورية”.

وجاء أول إعلان في هذا السياق، من عضو اللجنة الدستورية إبراهيم الجباوي الذي أعلن انسحابه من اللجنة، خلال مشاركته في لقاء على “تلفزيون سوريا”، احتجاجاً على تصريحات لافرنتييف الداعمة لإعادة إنتاج نظام الأسد وشرعنته من خلال اللجنة الدستورية.

وأشاد حمزة بموقف الجباوي، ودعا بقية أعضاء اللجنة إلى اتخاذ موقف مماثل. وقال: “نسفت اللجنة السلال الأربع وتحديداً السلة الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، وأبقت على السلة المتعلقة بوضع جدول زمني لمسودة دستور جديد”، مستدركاً: “لكن حتى الدستور لن يطبق في ظل وجود النظام، لأن مشكلة سوريا ليست دستورية، وإنما هي سياسية بامتياز”.

وتابع حمزة أن الاستمرار في المشاركة بمفاوضات اللجنة الدستورية، “يعني تنفيذ أجندات روسيا التي أخذت ما يشبه التفويض الدولي”، مؤكداً ان “حضور المعارضة يعطي الشرعية لخطوات روسيا، والحضور هو شهادة زور”.

في المقابل، يطالب عضو اللجنة الستورية بشار الحاج هيئة التفاوض السوري بالاحتجاج على تصريحات لافرنتييف لدى مجلس الأمن، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن، وطلب تفسيرات حول التصريحات الروسية.

وفي تفسيره لما قاله لافرنتييف، يربط الحاج في حديث ل”المدن”، ما جاء على لسان لافرنتييف بالضغوط الدولية على موسكو، ولا سيما في قضية أوكرانيا، ويقول: “روسيا حولت سوريا إلى صندوق رسائل دولية بشكل غير مباشر”. ويضيف “هذه التصريحات تعد نسفاً لعمل اللجنة والقرارات الأممية.. لكن التصريحات الروسية لا تنسحب على الأمم المتحدة التي تقود عملية التفاوض”.

من جهته، يرى منسق “تجمع مصير” المحامي أيمن أبو هاشم أن تجاهل وفد المعارضة تصريحات لافرنتييف، يعني موافقة الوفد الضمنية على ما جاء في هذه التصريحات، بمعنى أن الوفد سيقبل السقف الذي حددته روسيا، أي عدم تغيير النظام.

وفي حديث ل”المدن”، يعتقد أبو هاشم أن على المعارضة الإعلان فوراً عن وقف انخراطها في مسار اللجنة الدستورية. ويقول: “دون ذلك، يعني أن المعارضة مجبرة على تقديم المزيد من التنازلات، وبات الآن الوفد أمام استحقاق لا يمكن الالتفاف عليه بتبريرات تتحدث عن جدوى من هذه العملية”.

وعلى الطرف المقابل، يرفض المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف الحديث عن انقلاب روسي على القرار الأممي 2254، ويقول  ل”المدن”، إن تصريحات لافرنتييف تؤكد أن سوريا بحاجة إلى دستور جديد يحدد مبادئ الدولة السورية، ومن ثم إجراء انتخابات تحدد الطرف المنتصر.

ويضيف أن هذا ما ينص عليه القرار 2254، ويُذكّر بأن بلاده لعبت دوراً رئيسياً في إقراره، وفي تشكيل اللجنة الدستورية. ويقول: “روسيا تصر على تبني دستور جديد، ومن ثم إجراء انتخابات، وتشكيل حكومة انتقالية كما ينص القرار2254″، مبيناً أن “تبني الدستور الجديد، لا يعني تغيير السلطة في البلاد، لأن إجراء الانتخابات وفوز بشار الأسد بعد ترشحه لا يتعارض مع القرارات الأممية، وحديث لافرنتييف لم يضف شيئاً جديداً، وإنما يأتي انتقاداً لمن يريد تغيير النظام بطرق غير قانونية”.

الواضح أن تصريحات لافرنتييف الأخيرة قد أضعفت حجة وفد المعارضة الذي يتمسك بحضور محادثات صياغة الدستور في جنيف، رغم صفرية النتائج التي خرجت بها الجولات الست السابقة.

———————

الائتلاف الوطني”: التصريحات الروسية انقلاب على مسار العملية السياسية السورية

قال “الائتلاف الوطني السوري” المعارض إن تصريحات مبعوث الرئيس الروسي “تدخّل مرفوض في خيارات السوريين، وفي مسار العملية السياسية”، مشيراً إلى أن هذه التصريحات “اللامسؤولة تشكّل انقلاباً على العملية السياسية وعلى مسار اللجنة الدستورية”.

وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، قال إنه “إذا كان الهدف من وضع دستور جديد تغيير صلاحيات الرئيس، ومحاولة تغيير النظام، فهذا طريق إلى اللامكان، وإذا كانت المعارضة تريد إجراء بعض التغييرات، فمن الضروري تقديم مقترحات محددة، وعدم القول إنه لا يمكن إحراز تقدم في أثناء وجود بشار الأسد في السلطة”.

وفي بيان له، قال الائتلاف إن “الشعب السوري الذي خرج بثورة لا مثيل لها في العصر الحديث، واجه فيها أعتى الأنظمة والتنظيمات الإرهابية، لا يقبل من أي أحد أن يملي عليه خياراته، أو أن يضع له محددات سياسية أو دستورية لمستقبل سوريا”.

وأضاف أن روسيا “تجهد في أن تقدم نفسها كوسيط سياسي لكن دون جدوى، فدماء عشرات الآلاف من الشهداء، وملايين المهجرين في مخيمات البرد والصقيع، تشهد على الإجرام المستمر لروسيا والنظام وإيران، فضلاً عن التبجح الدائم بتجريب مئات الأنواع من الأسلحة الروسية على الشعب السوري”.

وأكد الائتلاف أن “المسار الدستوري جزء من حزمة مسارات في القرار الدولي 2254، ولا بد من فتح بقية المسارات وعلى رأسها مسار هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية، وهذا من مسؤولية الأمين العام للأمم المتحدة، والدول الفاعلة في المجتمع الدولي”.

وأشار إلى أنه “بالنسبة للشعب السوري فإن هذا النظام، برأسه ورموزه، بات ينتمي إلى الماضي، ولا نصيب له في مستقبل سوريا، الذي ضحى وما زال يضحي من أجله السوريون بكل غالٍ ونفيس”، مشدداً على “رفض هذه التصريحات اللا مسؤولة، والتي تشكل انقلاباً على العملية السياسية وعلى مسار اللجنة الدستورية بالأخص”.

وطالب الائتلاف بـ “موقف دولي واضح حيال هذا العبث الروسي الذي يهدد العملية السياسية برمتها”، مشيراً إلى أن “موقف الشعب السوري واضح بشأن ضرورة محاسبة مجرمي الحرب وفي مقدمتهم رأس النظام، وعلى من يحلم ببقاء مجرم الحرب بشار في السلطة، أو بأي دور له في مستقبل سوريا؛ أن يستفيق من وهمه”.

    تصريحات مبعوث الرئيس الروسي تدخل مرفوض في خيارات السوريين وفي مسار العملية السياسية.

    الشعب السوري الذي خرج بثورة لا مثيل لها في العصر الحديث، واجه فيها أعتى الأنظمة والتنظيمات الإرهابية؛ لا يقبل من أي أحد أن يملي عليه خياراته، أو أن يضع له محددات سياسية أو دستورية لمستقبل سورية.

    — الائتلاف الوطني السوري (@SyrianCoalition) December 28, 2021

وكان مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا قال في حوار أجرته معه وكالة “تاس” الروسية، إن “هناك بعض الخلافات بين النظام والمعارضة في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية لا مجال للالتفاف حولها”، مشيراً إلى أن نظام الأسد “راضٍ عن الدستور الحالي، ولا يرى داعياً لتغييره، في حين ترى المعارضة السورية أن هناك حاجة إلى تغييرات”.

—————————–

مفاوضات العار”.. سوريون ينتقدون صمت اللجنة الدستورية على تصريحات روسيا

انتقد ناشطون سوريون بشدة، اليوم الثلاثاء، صمت أعضاء المعارضة في اللجنة الدستورية السورية، بعد تصريحات روسية بأنها لن تقبل بدستور يقلل من صلاحيات رئيس النظام بشار الأسد، ووصف الناشطون مفاوضات اللجنة مع نظام الأسد في جنيف بأنها “خيانة لتضحيات الشعب”.

وأطلق ناشطون سوريون وسم #مفاوضات_العار، للتأكيد على رفض المشاركة في اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، وصمت رئيس اللجنة عن المعارضة السورية هادي البحرة بعد مطالبة روسيا بألا يؤدّي الدستور السوري الجديد إلى إبعاد بشار الأسد عن السلطة، واعتبر الناشطون أن اللجنة لا تمثل السوريين.

وأكد ناشطون أن اجتماعات اللجنة الدستورية لم تحقق أي نتائج بعد ست جولات، في ظل عدم اكتراث نظام الأسد بحل سياسي، ورأى ناشطون أن النظام وروسيا يطالبان من وفد المعارضة تقديم “صكوك استسلام غير مشروطة”.

وقال الصحفي عدنان الحسين: “منذ بداية المرحلة الروسية من التفاوض كانت موسكو واضحة أنها لا ترى ما يدعو لتغيير النظام لكن للأسف مفاوضو العار استمروا حتى جولات متقدمة حتى أعلنتها روسيا صراحة، دستوركم ومفاوضتكم انقعوها واشربوا ميتها الحكم للأقوى”.

    منذ بداية المرحلة الروسية من التفاوض كانت موسكو واضحة أنها لاترى مايدعي لتغيير النظام لكن للاسف مفاوضو العار استمروا حتى جولات متقدمة حتى اعلنتها روسيا صراحة

    دستوركم ومفاوضتكم انقعوها واشربوا ميتها

    الحكم للأقوى

    #مفاوضات_العار

— Adnan Alhussein (@Adnan_Alhusen) December 28, 2021

وأكد الناشط حارث الموسى، أن “روسيا تناور في #مفاوضات_العار في اللجنة الدستورية للالتفاف على قرارات مجلس الأمن وأهمها 2254 لإكساب النظام وقتاً بدل ضائع يحاول فيه إنعاش نفسه وجعل المعارضة تائهة بالتشعبات الكثيرة، واستمرار وفد المعارضة بالمشاركة قبول علني بذلك”.

    #روسيا

تناور في #مفاوضات_العار في #اللجنة_الدستورية

للإلتفاف على قرارات مجلس الأمن وأهمها 2254 لإكساب النظام وقت بدل ضائع يحاول فيه إنعاش نفسه وجعل المعارضة تائهة بالتشعبات الكثيرة، واستمرار وفد المعارضة بالمشاركة قبول علني بذلك.

— حارث الموسى | Hareth (@h001t) December 28, 2021

وانتقد الصحفي حسن جنيد تقديم المعارضة السورية التنازلات في المفاوضات قائلاً: “تدخلت روسيا في سوريا لصالح نظام الأسد وجلبت معها عشرات الطائرات ومئات المرتزقة للقتال إلى جانبه، دمر الروس مدناً بأكملها وهجروا أهلها وارتكبوا أبشع المجازر بحق الشعب السوري، واليوم عن طريق #مفاوضات_العار تغرق الثورة بالتفاصيل والمعارضة يوم بعد يوم تتنازل لصالح الروس على حساب الشعب”.

    تدخلت روسيا في سوريا لصالح نظام الاسد وجلبت معها عشرات الطائرات ومئات المرتزقة للقتال الى جانبه، دمر الروس مدن بأكملها وهجروا أهلها وارتكبوا أبشع المجازر بحق الشعب السوري، واليوم عن طريق #مفاوضات_العار

تغرق الثورة بالتفاصيل والمعارضة يوم بعد يوم تتنازل لصالح الروس على حساب الشعب.

— حسن جنيد Hasan (@Hasan_Jneed) December 27, 2021

بدوره أوضح الصحفي محمد السكري أن “القرارات الدولية لا تُفرّغ من مضمونها إلا في حالة توافق أطراف الصراع بالتالي بقاء المعارضة في مسار يجري تفريغه منذ سنوات يعني أنّها تقدم خدمة”.

وتابع: “سردية المعارضة فيما يخص الضغط على النظام أصبحت مبتذلة، مجرد وجود بقعة جغرافية خارج سيطرته فهذا بحد ذاته عائق أمام إنتاجه”.

    القرارات الدولية لا تُفرّغ من مضمونها إلا في حالة توافق أطراف الصراع بالتالي بقاء المعارضة في مسار يجري تفريغه منذ سنوات يعني أنّها تقدم خدمة

    سردية المعارضة فيما يخص الضغط على النظام أصبحت مبتذلة مجرد وجود بقعة جغرافية خارج سيطرته فهذا بحد ذاته عائق أمام إنتاجه

    #مفاوضات_العار

— Muhammed ElSukkeri (محمد السكّري) (@m_elsukkeri) December 27, 2021

ومن جانبه قال الكاتب عبد الوهاب عاصي: “فعلاً لم يبقَ على المعارضة السورية سوى انتظار نقل العملية السياسية من أستانا إلى دمشق والنزول عند ضغوط روسيا بدعوى الواقعية السياسية”.

وطالب عاصي “وفد المعارضة في اللجنة الدستورية إعلان موقف صريح بالانسحاب الكامل منها بعد لاءات روسيا الثلاث”.

    فعلاً لم يبقَ على المعارضة السورية سوى انتظار نقل العملية السياسية من أستانا إلى دمشق والنزول عند ضغوط روسيا بدعوى الواقعية السياسية!

    على وفد المعارضة في اللجنة الدستورية إعلان موقف صريح بالانسحاب الكامل منها بعد لاءات روسيا الثلاث.#مفاوضات_العار

#استانا #جنيف — عبد الوهاب عاصي | Asi (@abdulwahhabAssi) December 27, 2021

محاولة تغيير النظام عبر الدستور طريق إلى “اللامكان”

وفي وقت سابق، هاجم مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، وفد المعارضة إلى اللجنة الدستورية، مطالباً بألا يؤدّي الدستور السوري الجديد إلى إبعاد بشار الأسد عن السلطة، وفق وكالة “تاس” الروسية.

وأردف أن “حكومة النظام راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديله. وإذا رأت المعارضة ضرورة في ذلك يمكن النظر في المقترحات التي تهمها وطرحها على التصويت في استفتاء أو الموافقة عليها بأي صيغة أخرى”.

وأكمل المبعوث الروسي: “لكن إذا سعى شخص ما إلى هدف وضع دستور جديد من أجل تغيير صلاحيات الرئيس، وبالتالي محاولة تغيير السلطة في دمشق، فإن هذا الطريق لا يؤدي إلى شيء”.

وأشار إلى أن “كل التأخيرات والمشكلات التي تظهر في عملية المفاوضات تم إلقاء اللوم فيها على عاتق دمشق. وإنه من الخطأ تحميل طرف واحد فقط المسؤولية”، زاعماً أن “المسؤولية تقع دائماً على عاتق الطرفين”.

تصريحات لافرنتييف جاءت بعد أيام من مشاركته في أعمال الجولة الـ 17 من مؤتمر أستانا الذي أقيم في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بحضور وفدي المعارضة ونظام الأسد، وممثلي الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران.

إبراهيم الجباوي يعلن انسحابه من اللجنة الدستورية

وأعلن العميد السوري المنشق إبراهيم الجباوي انسحابه من اللجنة الدستورية التي تفاوض نظام الأسد برعاية الأمم المتحدة، بعد التصريحات الروسية.

وجاء ذلك خلال مداخلة الجباوي، مساء يوم الإثنين، في برنامج “سوريا اليوم” الذي يبثه “تلفزيون سوريا”، قائلاً: “من على هذا المنبر الكريم أعلن انسحابي من اللجنة الدستورية قولاً واحداً”.

اللجنة الدستورية السورية

وترعى الأمم المتحدة مباحثات سياسية بين نظام الأسد والمعارضة السورية بهدف التوصل إلى حل سياسي وفق قرار مجلس الأمن 2254، بما في ذلك التفاوض على كتابة دستور جديد عبر اللجنة الدستورية.

وتتكون اللجنة الدستورية من 150 شخصاً ثلثهم يمثل النظام والثلث الثاني يمثل المعارضة والثالث يمثل منظمات وهيئات المجتمع المدني.

وانتهت الجولة السادسة لـ “اللجنة الدستورية” السورية في جنيف بتاريخ 22 من تشرين الأول الفائت بحضور وفود نظام الأسد والمعارضة والمجتمع المدني، برعاية الأمم المتحدة من دون التوصل إلى أي صيغة مشتركة بين الوفود.

—————————-

 إدلب إشارات “أستانا الظِلّ” المقلقة/ مالك داغستاني

في شهر يوليو/تموز من هذا العام 2021، تم التصويت في مجلس الأمن بالموافقة على القرار 2585 القاضي بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الواقع شمال إدلب، والذي أصبح المعبر الوحيد في الشمال بعد إغلاق ثلاثة منافذ أخرى كانت عاملة منذ شباط 2016. مدة سريان القرار 12 شهراً أو (6+6 شهور) حسب التسمية الروسية الحريصة على شرعية الأسد، فالقرار سيسمح بإدخال المساعدات للشمال عبر مناطق النظام أيضاً، وهذا ما اعتبرته روسيا نصراً إلى حدٍّ ما.

أحد أهم المسببات الدولية لمنع النظام من فتح معابر تقع تحت سيطرته لإيصال المساعدات إلى مناطق الشمال، كانت لمنعه السابق وصول المساعدات إلى مناطق المعارضة في الغوطة وحمص فترة الحصار، وقد شاهد العالم بأسره فيديوهات يظهر فيها نهب ميليشيات النظام لمساعدات أممية، ومصادرتها أحيانا قبل أن تصل إلى المناطق المحاصرة أعوام 2017-2018. إذاً يتضمن القرار الجديد بطلان أقوى الحجج التي كانت تحرم النظام من معبر أممي. فباستثناء برنامج الأغذية العالمي الذي يمرر المساعدات إلى مناطق النظام منذ سنوات، فإن باقي المنظمات تدخل مساعداتها الإنسانية إلى المناطق الخارجة عن سيطرته عبر معبر باب الهوى حتى اليوم.

في التاسع من هذا الشهر ديسمبر/كانون الأول، أعلنت حكومة الإنقاذ التابعة للجولاني، في بيان رسمي، عن دخول اثنتي عشرة شاحنة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، قادمة من مناطق النظام باتجاه مناطق سيطرتها عبر معبر “الترنبة” الواقع شرقي سراقب، وهي ليست المرة الأولى، فقد سبقها في 30 أغسطس/آب من هذا العام، عملية مشابهة عبر معبر “ميزناز” ليتم تخزينها في مستودعات مستأجرة للبرنامج في بلدة سرمدا. يومها، كانت درعا تتعرض لهجوم شديد، ولربما استشعرت مجسّات مخابرات الجولاني تململاً وغلياناً شعبياً قد ينقلب على الهيئة، مما يزعزع الاستقرار، استقرار يقوم في حقيقته على ولاية الغالب، فتم تجميد تنفيذ الدفعة التالية حتى قبل أيام قليلة خلت.

تعرض ناشطان إعلاميان حاولا تغطية وتصوير الشاحنات الداخلة عبر الترنبة للدفع والمنع (والنعر حسب تعبير أحدهما) من أمنيي “هيئة تحرير الشام”، مع مصادرة الكاميرات ومسح كل ما في ذواكرها (طبعاً سمح لإعلاميين موالين للهيئة بالتصوير، مع بعض التعليقات التبريرية). للطرافة لم يتم إطلاقهما، بعد احتجاز بسيط، بسبب عدالة موقفهما أو تفهم أمنيي الجولاني. حسب أحد الأمنيين، فإن أحد الإعلاميين ينتمي لأكبر عائلات بلدة “بنش”، وبالتالي لن يكون أنسباء الجولاني وهم من عائلة صغيرة في البلدة بخير، في حال استمرار اعتقاله.

بالعودة لقرار مجلس الأمن ذي الصلة، والذي قد ينتهي مفعوله بعد شهر، في حال نجحت روسيا في ترجيح تفسيرها لنص القرار الأممي، وثبّتت مدة الشهور الستة فقط لاستخدام معبر باب الهوى. عندها سيعود ثلاثة ملايين وثمانمئة ألف مدني سوري إلى رهاب ورعب البازارات السياسية التي تسبق وترافق كل اجتماع وقرار لمجلس الأمن. تراكُم الخبرات جعل أبسط المواطنين ثقافةً بارعاً في استقراء الأحداث الجانبية التي توحي بملامح المرحلة القادمة.

يبدو للمتابع أن كلّ شيء يحدث في سوريا وخاصة الشمال السوري، منذ سبع سنوات مرتبط بأستانا. وليس القصد هنا أستانا المعلنة، بل “أستانا الظلّ” إن صحّت التسمية، فكلُّ ما أُعلن في النور لم يُنفّذ حتى الآن، وكلُّ ما حدث ونُفِّذ من تغيّر في مناطق السيطرة، إلى عمليات التهجير ونشوء مخيمات جديدة، هو على الأغلب من مخرجات أستانا الظلّ، التي لا نعرف عنها. حتى بالنسبة للهيئة، لم تعد أستانا “محفلاً ومؤتمراً للكفر والشرّ”، كما كانت قبل سنوات قليلة. بل صارت تحرير الشام واحدة من أدوات التنفيذ لعدة بنود من مخرجاته، فإن كان تسليم بعض المناطق للنظام إشاعةً، فإنّ دوام وقف إطلاق النار، رغم تجاوزات النظام وقصفه المنطقة واقعٌ دامغٌ لا يقبل الشك.

في ذات السياق، ولذات الأهداف المزمع تحقيقها، تنفيذاً لآخر أستانا، ربما تنهي بعض المنظمات الدولية والمحلية أعمالها ومشاريعها في منطقة سيطرة تحرير الشام، والإشارات بدأت. خلال الشهر الأخير نقلت اليونيسيف معظم مشاريعها إلى مناطق سيطرة (الجيش الوطني) في جرابلس واعزاز. بل إنها لم تكمل مشاريع كانت قد بدأتها ولم تصل لنهاية التعاقد فيها، مثل مشروع دعم محطات ضخ المياه في عدة بلدات (حزرة- تلعادة- تفتناز- طعوم- كفرروحين- جبل حارم)، إضافة إلى محطتي ضخ في مدينة إدلب (الثلاثين- الغزل). كانت منحة اليونيسيف تتضمن الوقود والصيانة وأجور المهندسين والمشغلين، لساعات من الضخ تؤمن المياه لمئات آلاف المدنيين، وهي كلفة ضخمة جداً بالنسبة للبلديات والمجالس المحلية التي تقتات على ضرائب أنهكت المواطنين. مواطنون يمكن تصنيفهم تحت كل خطوط الفقر والمعاناة المعروفة عالمياً. السؤال الذي لا يملك أحد له جواباً حتى الآن: لماذا رحلت اليونيسيف؟ حتما ليس لقلة في الدعم، فهي بدأت في ذات الفترة مشروعاً ضخماً جداً لضخ المياه من الفرات لسقاية مدينة جرابلس وما حولها من قرى ومخيمات. طبعاً هذا غير عشرات المشاريع في مناطق شمال شرقي سوريا، التي تستحوذ على أكبر نسب من الدعم، في عديد منها تتم بالتنسيق مع منظمات تتبع لنظام الأسد كالهلال الأحمر السوري ومشاريعه المدعومة من الصليب الأحمر الدولي.

منحة الاتحاد الأوروبي للتعليم والمسماة “مناهل” وقّعت مع المدرسين عقوداً ستنتهي في بداية عام 2022، علماً أن الأوروبيين حتماً يعلمون بموعد انتهاء العام الدراسي في سوريا. في هذا الشهر ديسمبر/كانون أول تنتهي منحة منظمة قبس المحلية المسماة “التعليم التعويضي” لطلاب المرحلة الثانية في مدارس منطقة سيطرة تحرير الشام. وقبس “المحلية” حتماً تعرف أكثر من الأوروبيين أن كانون الأول ليس آخر شهر في العام الدراسي، إشارات توحي بأن الأمر متزامن. المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ) وهي من المنظمات الدولية الإنسانية التي تعطي منحاً للمنظمات المحلية العاملة في إدلب وأريافه، كانت أوقفت أيضاً كل مشاريعها في منطقة سيطرة هيئة تحرير الشام قبل ثلاثة شهور تقريباً، باستثناء تقديم منح صغيرة، لبعض الفرق التي تعمل في مجال الحماية والدعم النفسي. كل ما يجري، وهو يبدو أنه في الحقل المدني والإنساني، إنما تفوح منه رائحة السياسة، وهي رائحة مريبة، تشير إلى التخلي المتزامن عمن يعيشون في تلك المنطقة، وتركهم إلى مصير سوف يحدده الجولاني بنسخته المحدَّثة.

صامتٌ هو الشارعُ المتخوف من بازار وشيك يتربّص به. فليس بالإمكان أكثر مما كان حسب القول الشائع، وليس في الاستطاعة فتح معركة جديدة مع الجهة المسيطرة والوكيلة لعرّابي البازارات، خصوصاً أن طوابير الخبز انتقلت عدواها إلى هذا القطاع من سوريا، ولحق بطابور الخبز لعنة تدهور سعر الليرة التركية المتداولة في المنطقة، مما زاد في مأساة أناس يعيشون أساساً ظروفاً متطرفة في قسوتها. في هكذا أحوال تنقلب عادةً الأولويات وسلالمها لدى الناس، ويسعون فقط لما يبقيهم على قيد الحياة. أما المهتمون بالشأن العام والناشطون، ومن يريد الكلام أو الكتابة أو التصوير، فعليه أن يستصدر إذناً من مكتب مديرية الإعلام التابع لحكومة الإنقاذ، هذا ظاهر الأمر، أما فعلياً فولي الأمر “خطّاب الأردني”، واسمه الحقيقي محمد نزّال، الذي يعتبر وجماعته، اليد الضاربة للجولاني فيما يخص تكميم الأفواه، وما المكتب الإعلامي إلا واجهة الغاية منها استصدار أذونات، لا تعطى إلا بعد دراسة أمنية تقوم بها جماعة خطاب. إذنٌ من “جبهة النصرة”! بسببه لن يكون من المستغرب مستقبلاً أن يجد الناشط اسمه مدرجاً على قوائم الإرهاب، بذريعة التعامل مع جهة مصنفة دولياً كمنظمة إرهابية. وإن أراد تجاوز موافقة خطاب الأردني، فعليه تقبُّلُ مصير أسوأ مما جرى للناشطين على معبر الترنبة، آخذاً باعتباره أنّ حسابات الأنسباء، لن تنقذه في بلده الذي اتّسع للجميع، وضاق عليه.

تلفزيون سوريا

———————-

السوريالية السورية.. من قانون الجاذبية إلى الصبر ما فوق الإستراتيجي/ بسام يوسف

لم تغادرنا السنة الحالية (2021م) قبل أن تمنحنا نحن السوريين سخريتها المرّة، فما من شيء ينسجم مع حالنا، في هذه السنة، وفي سنوات كثيرة قبلها، أكثر من تلك المفارقات الفاجعة التي تغلف مرارة كل تفاصيل أيامنا، ولأنها كانت سنة كريمة بمرارتها فقد منحتنا دفعة واحدة، وفي أيام قليلة، ثلاثة تصريحات تمثل “النظام” و”المعارضة” و”المجتمع الدولي”، وتلخص إلى حد كبير فاجعتنا نحن السوريين.

فقد أطلق مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا السيد “غير بيدرسون” تكتيكه الجديد (خطوة بخطوة) وبناء عليه فإن كل خطوة من هذا الطرف يجب أن تقابلها خطوة من الطرف الآخر، فالإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين لدى النظام، يجب أن تقابلها مثلا خطوة القبول ببقاء بشار الأسد رئيسا لسوريا، وإذا سارت المفاوضات على هذا النحو فإنه من المرجح أن ملف المعتقلين وحده كفيل بأن يصدر مجلس الأمن الدولي قراراً تحت البند السابع ينص على تنفيذ شعار “الأسد أو نحرق البلد”.

غير بعيد عن التكتيك الباهر للسيد “بيدرسون” فقد وصف رئيس وفد “المعارضة” وبطل سباقات أستانا الدكتور “أحمد طعمة” محادثات الجولة 17 في أستانا بـ”المعقولة”، وأنه علينا أن نتوقع وعودا في المستقبل القريب، رغم أن الطرف الروسي قال عكس ذلك، وفسر المراقبون هذا التناقض بالتصريحات بأن لدى السيد “طعمة” معطيات لا يعرفها أحد، بما في ذلك الدول الثلاث الضامنة!.

هل أتاكم حديث عبقري الدبلوماسية السورية، وبطل جلسات مجلس الأمن، سماحة السيد الدكتور “بشار الجعفري” نائب وزير الخارجية، إلى قناة “الميادين” قبل عدة أيام، والذي أعلن فيه أن سنة (2022م) ستكون بداية حقبة جديدة وليست بداية سنة جديدة وحسب، حقبة سيترسخ فيها انتصار سوريا المجلجل على أميركا وأوروبا وعشرات الدول الأخرى التي تحالفت ضدها، وكيف تستعد القيادة السورية الآن للانتقال إلى انتصار جديد، يليه انتصار جديد، وجديد..!!!

يقول الجعفري:

(انتصرنا بالتأكّيد، لم يبق إلا القليل للوصول إلى الانتصار الناجز، لكنّه كلّما اقتربنا من الانتصار الناجز، زادت هيستريا الأعداء، هيستريا مرتبطة بمدى التقدم في انتصارنا المؤكّد).

أما لماذا وقف كل هذا الحشد العالمي ضد سوريا، ولماذا حاربها وحاول هزيمتها، ثم فشل، وها هو “الجعفري” يعلن انتصارها عليه، فهذا سببه حسب “الجعفري”: لأننا ببساطة في سوريا، وفي ظل القائدين الأسدين، فإن المواقف السورية كلّفت الغرب بشكل عام، والإدارات الأميركية المتعاقبة، الكثير، ولا أبالغ إن قلت إننا كنا وراء فشل الكثير من المشاريع الغربية في منطقتنا، بدءاً من المشروع الإسرائيلي، مروراً بحلف بغداد، وأزمة (1958م)، وحرب الخليج الأولى، والثانية، وكامب ديفيد، ووادي عربة، وأوسلو.. وغيرها الكثير، إن هذه الحرب علينا هي تصفية حسابات قديمة مع سوريا.

    كعادة كل حديث لمسؤول سوري يعمل في الجوقة الأسدية، فإنّ الختام لابدّ أن يكون في مديح الرئيس “العظيم”، فقد أطلق الجعفري اصطلاحاً جديداً في مديح “بشار الأسد” هو (ما فوق الصبر الإستراتيجي)

وبمناسبة الانتصارات التي تتوالى، ومنها الانتصار على المشروع الإسرائيلي، فقد أعاد “الجعفري” التذكير بالحكمة العميقة للسياسة السورية، عندما رد على سؤال المذيعة التي تجري المقابلة عن استباحة إسرائيل لسوريا وقيامها بـ”28″ اعتداء على الأراضي السورية خلال هذا العام فقط (العدد الحقيقي أكبر من هذا بكثير) بالقول: “لن ينجح العدو الإسرائيلي باستفزازنا، فلدينا أولوياتنا، ونحن نردُّ دائماً، لكننا لا نعلن عما نفعله عبر الإعلام”.

وكعادة كل حديث لمسؤول سوري يعمل في الجوقة الأسدية، فإنّ الختام لابدّ أن يكون في مديح الرئيس “العظيم”، فقد أطلق الجعفري اصطلاحاً جديداً في مديح “بشار الأسد” هو (ما فوق الصبر الإستراتيجي)، صبرٌ يتمتع به بشار الأسد وهو من صنع انتصار سوريا المدوي…!!

إنّها السريالية السورية، سريالية الكذب اللامتناهي، الذي يصيب كل من يعمل في الملف السوري، حتى لو كان غير سوري، ويكاد يبتلع كل شيء، فلا يعود بوسعنا أن نعرف أي عصر نعيش، وهل ننتمي نحن السوريين إلى العالم المعاصر، وهل من يحكمون سوريا جادون فعلاً في إعلان انتصار بلد أصبح محتلاً من عدة جيوش، ويصل التيار الكهربائي إلى بيوت مواطنيه لعدة دقائق في اليوم، ويقيس مواطنوه دخلهم بعدد أرغفة الخبز التي يمكنهم شراءها، ويتكدسون في طوابير طويلة للحصول على جوازات سفر لعلَّ مصادفة ما تمكنهم من مغادرة جحيمه؟؟!.

قبل الجعفري بزمن طويل، وفي ظهيرة يوم ربيعي مشمس، يومها كان “حافظ الأسد” هو من يهندس وينفد جريمة الخراب السوري، خرجت امرأة عجوز من بيتها لتجلس على مصطبة أمامه، كانت تتكئ على عصاها مستمتعة بدفء الشمس الذي غاب شهوراً عديدة، عندما توقف بجانبها حفيدها ومعه بضعة تلاميذ عائدين من مدرستهم، وهم يواصلون حديثهم، كانت تستمع إليهم وهم يتحدثون عن درسهم الأخير لذلك اليوم، وعن مدرّسهم الذي قال لهم إن الأرض كروية، وتشبه الكرة التي يلعبون بها، لم تصدق تلك العجوز ما سمعته فنادت حفيدها وسألته:

    ابني مين هالأستاذ اللي عم يقول إن الارض متل الطابة؟

    أستاذ الجغرافيا يا ستّي.

    شحّاري هدول اللي ع الطابة من تحت ليش ما بيوقعوا عنها؟

    يا ستّي في قانون اسمه قانون الجاذبية بيشدّهن وما بيخليهن يوقعوا.

تبتسم الجدّة العجوز ثم تقول:

    الله يخليلنا السيد الرئيس (تقصد حافظ الأسد)، ما خلا شي وما حطلوا قانون.

    هناك فاجعة تتمدّد وتتمدّد لتبتلع ما تبقى من بلد، الغريب فيه أن انتصاراته في معركته ضد مؤامرة تضم نصف دول العالم، تستمر يوماً بعد يوم، لكّنه ومع كل انتصار يقترب أكثر فأكثر من عتمة القرون الوسطى

ولكي تستمر السوريالية السورية فإن ذلك الحفيد الذي أخبر جدّته عن قانون الجاذبية الذي يمنع سقوطنا عن الأرض الكروية، أنهى دراسته الجامعية في علوم الفيزياء، وأصبح مدرساً لها في الثانويات السورية، كتب على صفحته على “الفيس بوك”، بعد تناقل وكالات الأنباء لخبر إعصار “كاترينا” الذي ضرب الولايات المتحدة الأميركية 2015م، أن المخابرات الإيرانية والسورية وبتوجيهات من السيد الرئيس “بشار الأسد”، هي من استطاعت بتقنياتها السرية الخارقة صناعة ذلك الإعصار، ويومها أعلن هذا الفيزيائي – كما الدبلوماسي بشار الجعفري – عن اقتراب النصر النهائي.

من قانون الجاذبية الذي خلقه “حافظ الأسد” حسب تلك العجوز البسيطة، إلى عماء حفيدها الفيزيائي صانع إعصار “كاترينا”، وصولاً إلى دجل جهبذ الدبلوماسية السورية “بشار الجعفري”، هناك فاجعة تتمدّد وتتمدّد لتبتلع ما تبقى من بلد، الغريب فيه أن انتصاراته في معركته ضد مؤامرة تضم نصف دول العالم، تستمر يوماً بعد يوم، لكّنه ومع كل انتصار يقترب أكثر فأكثر من عتمة القرون الوسطى.

ربما يكون من حسن حظ السوريين الذي يعيشون في ظل حكمة صاحب “الصبر فوق الإستراتيجي”، أن لا يصل التيار الكهربائي إلى بيوتهم، كي لا يستمعوا إلى كل هذ الهراء.

تلفزيون سوريا

————————–

بيدرسن:الأطراف المتنازعة في سوريا وقعت في مأزق استراتيجي

قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إن أطراف النزاع في سوريا وقعوا في “مأزق استراتيجي” منذ 21 شهراً، مشيراً إلى أن “حل الأزمة السورية ليس بالضرورة بيد السوريين وحدهم”، ومؤكداً أنه لا وجود لحل عسكري في سوريا.

وقال بيدرسن خلال إحاطته الشهرية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، إن “جميع الأطراف تواجه مأزقاً استراتيجياً على الأرض استمر حتى الآن لمدة 21 شهراً.. من دون حدوث تغيرات في الخطوط الامامية”، مضيفاً “هذا يدل بوضوح على أن أياً من اللاعبين أو تحالفاتهم لا يستطيع حسم النزاع، وأن الحل العسكري يبقى وهمياً”.

وأشار بيدرسن إلى اتصالاته مع الأطراف المحلية، كما دول المنطقة والمجتمع المدني، وعبّر عن أمله في أن تؤدي اجتماعات أستانة، التي انطلقت الثلاثاء في العاصمة الكازاخية نور سلطان، إلى تقدم على عدد من الأصعدة.

وذكر أنه يسعى لإعادة عقد اجتماع للجنة الدستورية السورية. وعبّر عن استعداده لعقد دورة سابعة لها في جنيف فور التوصل إلى تفاهمات مع الأطراف المختلفة، بما فيها المجتمع المدني.

وانتهت الجولة السادسة للجنة الدستورية السورية في تشرين الأول/أكتوبر بحضور وفود النظام والمعارضة والمجتمع المدني، من دون التوصل إلى أي صيغة مشتركة بين الوفود.

وأكد بيدرسن “أهمية جهود التسوية الدبلوماسية للأزمة السورية”، وقال إنه عقد اجتماعات ثنائية في جنيف مع ممثلين عن الاتحاد الأوربي وتركيا وروسيا وقطر، وأكد نيته عقد اجتماعات إضافية مع عدد من الأطراف الإضافية في 2022. وعبر عن أمله بأن “نتمكن من البدء في تحديد خطوات تدريجية ومتبادلة وواقعية ودقيقة، ثم الاتفاق عليها”.

وأضاف المبعوث الأممي أن “خطوات يمكن اتخاذها بالتوازي من أجل بناء الثقة والمساعدة في دفع العملية السياسية إلى الأمام بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254″، متابعاً أن “الصيغ والقنوات المختلفة للتشاور تستثني على الأقل أحد اللاعبين الأساسيين، السوري أو الدولي”.

وأردف بيدرسن: “لكن إذا أردنا أن نرى تقدماً بشأن القضايا الأهم للسوريين والاستقرار الإقليمي، فإننا بحاجة لإدراج جميع من لهم مصلحة في جهد سياسي مشترك”.

وذكر أن “حل النزاع في سوريا ليس بالضرورة بأيدي السوريين وحدهم، بل هو في أيدي الفاعلين الدوليين كذلك”، مشيراً إلى “ضرورة الاستفادة من كل فرصة لمعالجة الاحتياجات الإنسانية وتوسيع جهود التعافي المبكر”.

من جهته، قال مبعوث الأمين العام للشؤون الإنسانية في حالات الطوارئ مارتن غريفيث إنه تم تقديم المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس إلى مليون شخص شهرياً في الشمال الشرقي.

وأشار غريفيث إلى اتخاذ الأمم المتحدة لعدد من الخطوات الإضافية في الأشهر الماضية لتقديم المساعدات الإنسانية، عبر خطوط النزاع في الشمال الغربي. وقال إن قوافل المساعدات وصلت في 9 كانون الاول/ديسمبر إلى 80 ألف شخص في تلك المنطقة. وعبّر عن أمله بزيادة تلك الإمدادات للشمال الغربي كذلك.

وقال غريفيث إن هناك “حاجة لدى الأمم المتحدة للضمانات الأمنية”، وذكّر مجلس الأمن بأن “الإمدادات عبر خطوط التماس لا يمكنها أن تحل محل المساعدات العابرة للحدود، في الشمال الغربي، حيث هناك قرابة 3.4 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية”.

ووصف مبعوث الأمين العام الوضع الإنساني في سوريا ب”القاتم”، حيث زادت الاحتياجات وقل التمويل، مضيفاً أن “العنف المستمر يؤثر على تقديم المساعدات”.

ولفت إلى أن “العمليات الإنسانية غير ممولة جيداً، مما يعني أن الأمم المتحدة لا يمكنها تقديم المساعدات الأساسية، كالوقود للتدفئة أو حتى الملابس في بعض المناطق”، مشيراً إلى “استمرار تدهور الاقتصاد وارتفاع تكلفة الغذاء، حيث زاد إنفاق الكثير من الأسر على المواد الأساسية قرابة خمسين بالمئة”.

المدن

——————–

موسكو ودمشق تحملان تركيا..مسؤولية بطء التسوية السورية

قال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف الثلاثاء، أن المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، أجرى في دمشق في 12 كانون الأول/ديسمبر محادثات بناءة مع وزير الخارجية السورية فيصل المقداد.

وأضاف لافرنتييف لدى وصوله إلى عاصمة كازاخستان نور سلطان للمشاركة في اجتماعات الجولة ال17 من مسار أستانة، إن “انطباعات بيدرسن كانت إيجابية للغاية، ونعتقد أنها تسمح لنا بالتعويل على انعقاد الجلسة السابعة للجنة الدستور السورية في كانون الثاني/يناير 2022”.

وتابع: “نحن نأمل بأنه سيتم في كانون الثاني، عقد الدورة الدورية السابعة للجنة الدستورية السورية. ونأمل جميعاً في أن تتمكن الأطراف السورية خلال هذه الجلسة، من التوصل إلى حل وسط”.

وأوضح أن “بيدرسن، بسبب بعض القيود المفروضة، لم يتمكن من الحضور الثلاثاء إلى نور سلطان، لكن يتواجد هنا بعض ممثليه، وسنناقش معهم سير عمل اللجنة الدستورية والدعم الذي يمكن أن تقدمه الدول الضامنة لعملية أستانة بالكامل”.

وقال لافرنتييف إن نتائج الدورة السادسة الماضية للجنة الدستورية “متواضعة للغاية”، لكن الأطراف تمكنت من الجلوس خلف طاولة المفاوضات، وتمكن الرؤساء المشاركون من التحدث “وجهاً لوجه”. وأضاف “هذه بحد ذاتها خطوة للأمام بالفعل. ونأمل أن تكون هناك نتائج في هذا الاتجاه”.

من جهته، حمّل معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان أنقرة المسؤولية عن بطء التقدم في عملية تسوية الأزمة في بلاده.

وقال سوسان، الذي يرأس الوفد السوري إلى المحادثات: “كان يمكن أن نحصل على نتائج بناءة أكثر لو أوفى نظام (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان بالالتزامات التي قطعها على نفسه للجانب الروسي”.

فيما أكد لافرنتييف أن موسكو على اتصال وثيق مع أنقرة بشأن الوضع في شمال سوريا. وأضاف “لم يفِ الجانب التركي بكل الالتزامات، لكننا نرى لديهم رغبة حثيثة في المساعدة في عملية التسوية”، مؤكداً وجود مقدمات لتنفيذ الاتفاقات المبرمة بين تركيا وروسيا.

من جهة ثانية، عبّر المبعوث الروسي عن “قلقه إزاء زيادة نشاط المجموعات الإرهابية في سوريا بما فيها تنظيم داعش”، معتبراً أن نشاط المجموعات ازداد في جميع أنحاء سوريا تقريبا، وليس في شمال البلاد فقط.

وقال لافرنتييف للصحافيين، إنه “من غير المعقول أن لا يقلقنى زيادة نشاط المجموعات الإرهابية في سوريا في الأونة الأخيرة، ليس فقط في شمال سوريا، ولكن عملياً في جميع أنحاء البلاد”.

ولفت إلى أنه يعول على أن “يناقش بالتفصيل خيارات تعزيز محاربة الجماعات الإرهابية وتوحيد جهود جميع الأطراف المعنية”.

وقال لافرنتييف إن موسكو تأمل بأن يضعف ضغط العقوبات المفروضة على سوريا من جانب عدد من بلدان العالم في العام 2022. وأضاف “لسوء الحظ فإن مواقف المشاركين في لقاءات أستانة وأعضاء المجموعة الصغيرة (اللجنة الدستورية السورية) مختلفة. ولا يزال السعي إلى ممارسة الضغط باستخدام العقوبات على دمشق موجوداً. لكننا نأمل بأن يتغير هذا الوضع إلى حد ما في العام القادم”.

وأشار الدبلوماسي الروسي إلى أن استقرار الوضع في سوريا سيكون أمراً صعباً دون تقديم مساعدات إنسانية وإطلاق مشاريع لاستعادة الاقتصاد السوري، قائلاً: “سيستغرق ذلك وقتاً أطول بكثير”.

—————————–

بيدرسن متفائل بـ«تغيير بسيط» في سوريا العام المقبل في إحاطة لمجلس الأمن تحدث فيها عن تدهور الأوضاع الإنسانية واشنطن/ معاذ العمري

كشف غير بيدرسن المبعوث الأممي إلى سوريا، عن تفاؤله بتغيير ولو بسيط في الأزمة السورية خلال العام المقبل 2022، لسببين: الأول، أن الأطراف المتصارعة هناك تعيش «حالة من الجمود» لقرابة 21 شهراً، دون تغيير في «خطوط التماس» بينها، ثانياً، لأن جميع الأطراف لا تريد تحمل عبء خسارة التعايش مع «الوضع الراهن»، هذا في الوقت الذي أكد فيه استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في البلاد التي مزّقتها الحرب طوال العشرة أعوام الماضية.

وقال بيدرسن في إحاطة لمجلس الأمن في نيويورك، أمس، إنه رغم ثبات «خطوط التماس»، فقد شهد المجتمع الدولي استمراراً للعنف ضد المدنيين وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان، بما في ذلك ضد النساء والفتيات، وارتفعت كذلك معدلات الجوع والفقر مع استمرار الانهيار الاقتصادي، مع وصول عدد المحتاجين إلى المساعدة في سوريا إلى 14 مليون شخص وهو العدد الأكبر منذ بدء النزاع.

ولفت إلى أنه لا يزال عشرات الآلاف محتجزين، أو مختطفين أو مفقودين، كما لا يزال 13 مليون مشرد داخل سوريا وخارجها، والغالبية منهم أطفال «لم يعرفوا وطنهم وآفاق عودتهم الآمنة والكريمة والطوعية لا تتحسن»، معتبراً أن ذلك يشكل تحدياً مستمراً لجيران سوريا على وجه الخصوص، كما لا تزال سوريا مقسمة إلى عدة مناطق تتباعد عن بعضها البعض أكثر فأكثر.

وأضاف بيدرسن: رسخت سلطات الأمر الواقع سيطرتها على الأرض، وتواصل 5 جيوش أجنبية تصارعها في المسرح السوري، كما تستمر سوريا في بث عدم الاستقرار، وتشكل ملاذاً للمرتزقة وتهريب المخدرات والإرهاب. «وأنه رغم مرور 6 أعوام على اعتماد القرار الدولي الصادر من مجلس الأمن 2254، فإننا للأسف ما زلنا بعيدين كل البعد عن تطبيقه».

وعبّر المبعوث الأممي عن تفاؤله بتغيير بسيط في سوريا، لسببين، الأول هو لأن كل الأطراف تواجه، بحسب ما أطلق عليه، «جموداً استراتيجياً» على الأرض، استمر الآن لقرابة 21 شهراً، دون تغير في خطوط التماس، موضحاً أن ذلك يشير بوضوح لعدم قدرة أي طرف أو مجموعة من الأطراف على حسم نتيجة الصراع، «وإلى أن الحسم العسكري لا يزال وهماً».

والأمر الثاني في كونه متفائلاً، هو وجود مخاطر جسيمة وتكاليف سيتحملها «كل من يحاول ببساطة التعايش مع الوضع الراهن غير المقبول»، لا سيما في ظل المعاناة الإنسانية، وكذلك استمرار أزمة النزوح، والانهيار الاقتصادي، والتقسيم الفعلي للبلد، ومخاطر التصعيد المتجدد، والخطر المستمر للإرهاب. وأشار إلى أنه سلط الضوء على هذه التفاعلات، في جميع اتصالاته مع القادة اللاعبين في الصراع السوري من الجهات الخارجية، وكذلك بين الحكومة السورية وقوات المعارضة السورية، مضيفاً: «أشعر شهراً بعد شهر بأن هناك إدراكاً أوسع من ذي قبل، بالحاجة إلى خطوات سياسية واقتصادية، وأن هذه الخطوات لا يمكن أن تتحقق إلا معاً، خطوة بخطوة، وخطوة مقابل خطوة».

وقال إن تقييمه عقب الاتصالات مع دول المنطقة والأطراف السورية، أنه لا يزال هناك «قدر كبير من عدم الثقة بين جميع الأطراف»، والرسالة الموحدة التي يسمعها من الجميع، مفادها: «لقد اتخذنا خطوات لكن الجانب الآخر لم يفعل ذلك»، مفيداً بأنه يقوم بالبدء في التشاور مع مسؤولين كبار من عدة أطراف سورية ودولية، بشكل ثنائي في جنيف، وهذه المشاورات تعقد في الوقت الراهن وستستمر في شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، وهي جولة أولى فيما يعتبره عملية تشاور مستمرة.

ونوّه بيدرسن، إلى أنه حتى الآن، شاركت روسيا، والاتحاد الأوروبي، وتركيا، وقطر في المشاورات الثنائية معه في جنيف، معبراً عن تطلعه إلى مشاركة آخرين خلال العام الجديد، كما طالب كل الأطراف الرئيسية، بعرض ليس فقط أولوياتها ومطالبها، ولكن أيضاً إيضاح ما هي على استعداد لطرحه على الطاولة.

وشدد المبعوث الأممي على أن الحل السياسي في سوريا، يجب أن يكون بقيادة وملكية سورية، إلا أن العديد من القضايا ليس في أيدي السوريين وحدهم، مضيفاً: «بل رأينا أن تحقيق بعض التقدم، يصبح ممكناً عندما تعمل الأطراف الرئيسية معاً على خطوات متبادلة حول قضايا ذات اهتمام مشترك».

وأشار إلى أن قنوات الاتصال الأميركية الروسية ساهمت في إرساء الأسس لاعتماد قرارات مجلس الأمن 2585، لذلك من المهم الإبقاء على هذا الأمر والحفاظ عليه، مستدلاً على ما ذكره الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير: «يجب أن نستمر في استثمار كل الفرص من أجل الاستجابة للاحتياجات الإنسانية، بما في ذلك من خلال زيادة الوصول وتوسيع جهود التعافي المبكر».

وقال إن فريقه المتواجد في مدينة نور سلطان، سيحضر اجتماع فريق العمل المعني بالإفراج عن المحتجزين والمختطفين، وتسليم الجثث وتحديد مصير الأشخاص المفقودين، ومواصلة الدفع من أجل إحراز تقدم ملموس في مختلف أبعاد هذا الملف، وسيقوم فريقه أيضاً بدراسة عملية الإفراج الأخيرة التي تمت تحت مظلة مجموعة العمل في 16 ديسمبر (كانون الأول) بحضور مراقبين من مكتبه، والتي أسفرت عن إطلاق سراح خمسة أشخاص بشكلٍ متزامن في شمال سوريا.

وأضاف: «في الوقت الذي أعمل فيه على دفع العملية الأوسع قدماً، أواصل السعي لعقد دورة جديدة للجنة الدستورية بقيادة وملكية سورية، لقد قامت نائبة المبعوث الخاص السيدة خولة مطر بزيارتين إلى دمشق في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، لإجراء مشاورات بشأن عقد دورة جديدة، كما التقت أيضاً في إسطنبول بهيئة التفاوض السورية والرئيس المشترك المسمى من قبلها».

وشدد على أنه من الأهمية بمكان أن تقوم الوفود ليس فقط بتقديم نصوص دستورية، ولكن على جميع الوفود أن تكون مستعدة للالتزام بتعديل النصوص التي قدمتها في ضوء النقاش الذي دار حولها، «فإننا بحاجة إلى عملية صياغة مثمرة وفقاً لولاية اللجنة، وبحيث تعمل اللجنة، وفقاً لما نصت عليه المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية، بشكل سريع ومستمر لتحقيق نتائج وتقدم».

ولا تزال عشرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، تطالب بـ«المحاسبة عن الجرائم الأكثر خطورة» التي ارتكبت ضد الشعب السوري خلال أكثر من عشر سنين من الحرب، مشددة على ضرورة مواصلة إرسال المساعدات الإنسانية عبر كل الوسائل الممكنة، بما في ذلك الآلية الخاصة بإيصال المعونات عبر الحدود.

وكان بيدرسن دق أخيراً «ناقوس الخطر» حيال الوضع الراهن في سوريا بعدما أخفقت الجولة السادسة من اجتماعات الهيئة المصغرة للجنة الدستورية في إحداث أي اختراق يذكر لدفع العملية السياسية من خلال إحراز تقدم في كتابة دستور جديد للبلاد، واصفاً المسار الحالي للتطورات بأنه «مقلق للغاية».

الشرق الأوسط

——————————–

 المعارضة ترفض خطة المبعوث الدولي للحل السياسي في سوريا/ هبة محمد

أشعلت مقاربة المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون للحل السياسي المسماة «خطوة بخطوة» سخط المعارضة وغضب الشارع السوري المعارض، ممن اعتبروا أن هذه الخطة لا تصب في صالح الحل السياسي الذي فُوّض المبعوث الدولي بتسييره، وإنما تحرف مسار العملية السياسية عن وجهتها، وتصب بنتيجتها في سلة النظام وإعادة شرعنته.

الهيئة السياسية لدى الائتلاف السوري المعارض، شددت من جهتها على ضرورة التزام المبعوث الدولي بصلاحياته ومهامه المقررة في تسيير المفاوضات للوصول إلى الحل السياسي؛ حسب القرارات الدولية، لا سيما بيان جنيف والقرار 2254، وذلك خلال اجتماع عقدته الهيئة السياسية بحضور رئيس الائتلاف الوطني سالم المسلط، لبحث مستجدات الأوضاع الميدانية والسياسية في سوريا.

وذكرت الهيئة أن خطة المبعوث الدولي إلى سوريا لا تصب في صالح الحل السياسي الذي فُوّض المبعوث الدولي بتسييره، ولكنها خطة تحرف مسار العملية السياسية عن وجهتها، وتصب بنتيجتها في سلة النظام وإعادة تدويره.

وكان بيدرسون، قد دعا النظام السوري إلى السير بمقاربته الجديدة، خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق في 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، حيث تحدث من العاصمة السورية، دمشق، عقب لقائه وزير الخارجية في حكومة النظام فيصل المقداد، عن «فرصة جادة لبحث إمكانية تطبيق مقاربة خطوة بخطوة بهدف بناء الثقة» كما قال في تصريحاته «لمست في مباحثاتي مع مسؤولين عرب وأمريكيين وأوروبيين إمكانية للانفتاح على دمشق».

وأوضح أنه خلال لقاءات عدة في عدد من الدول العربية ومع الأمريكيين والأوروبيين، رأى أن هناك فرصة جادة لبحث إمكانية تطبيق مقاربة «خطوة بخطوة» بهدف بناء الثقة، وتابع «علينا أن نحدد ما الخطوات بشكل دقيق، وهذه الخطوات مرتبطة بطبيعة الأمر بالوضع الإنساني والاقتصادي».

وأشار بيدرسون إلى أن مباحثاته مع مسؤولي النظام كانت جيدة وعميقة، حيث تم التطرق إلى العديد من المسائل، لافتاً إلى أن الأيام المقبلة تحمل «فرصاً لإعادة إطلاق المسار السياسي».

الخبير بالعلاقات السورية – الروسية د. محمود حمزة قال إن خطة المبعوث الأممي، هي «خطة أمريكية وأول من اقترحها مركز ران الأمريكي، ومسؤولو المركز هم من يصنع السياسية ويقدمون الأفكار للخارجية الأمريكية وللدول، وهم من اقترح سياسة الخطوة بخطوة، التي تعني البدء بتقديم بعض التنازلات للنظام السوري وتخفيف الضغط عليه، من أجل أن يبادر الأخير بالتنازل… وفعلاً هو ما يحصل الآن».

«تخفيف قيصر»

وبيّن حمزة، أن «الأمريكان سمحوا بتمديد الغاز إلى لبنان عبر سوريا، كما خففوا أيضًا من قانون قيصر، وسمحوا بالتطبيع مع النظام من قبل بعض الدول، كما قبلوا سوريا في الانتربول وبعض المنظمات الدولية» وهو ما اعتبره الخبير السياسي البدء الفعلي للانفتاح العربي على سوريا من قبل بعض الدول الواقعة تحت التأثير الأمريكي. وقال «هذه كلها خطوات تدل على مقاربة الخطوة مقابل خطوة من النظام».

وحول نجاح هذه المقاربة، أبدى المتحدث اعتقاده بأن هذه السياسة لن تكون ناجحة، عازياً السبب إلى عدم قناعة النظام السوري وإيران المهيمنة على قراره بها، حيث قال «فهم غير مقتنعين بالتنازل للدول الأخرى، كما يرفضون التنازل أمام الشعب السوري، لأنهم يعتمدون على القوة والحل الأمني فقط».

وتشبه هذه الخطة وفق رؤية حمزة «مفاوضات جنيف التي لم يثق بها أحد، خاصة النظام الذي لم يتفاعل أو يتعاون معها، ثم اخترع الروس مسار أستانة التي كانت التفافاً على مفاوضات جنيف ثم جاؤوا بسوتشي التي ركزت على تشكيل اللجنة الدستورية، بقرار روسي تحت مظلة الأمم المتحدة، للالتفاف على القرار الدولي، تبع ذلك، تهميش السلال الأربع والتركيز على اللجنة الدستورية وهو ملف له بداية وليس له نهاية، وذلك لكسب الوقت لصالح النظام حصراً».

وفي طبيعة الحال يرى الخبير في العلاقات الدولية أن سياسة الخطوة بخطوة هي «استمرار لهذا الوضع وبالتالي استمرار بالمماطلة والتسويف من المجتمع الدولي تجاه الملف السوري ومطالب الشعب والتغاضي عن تضحيات هذا الشعب وتمديد عمر النظام».

وتعتبر مقاربة «خطوة بخطوة» وكل ما يطرح من مشاريع دولية، برأي المعارضين للنظام السوري، مماطلة وتمديداً بعمر هذا النظام، ولا تصب بأي حال في صالح الشعب السوري والحل السياسي، إذ أن الإرادة الحقيقية تعني برأيهم الضغط الأمريكي عبر مجلس الأمن أو البحث عن حل للتفاهم مع الروس والأتراك وغيرهم، لاسيما أن الوضع في سوريا وبقاء النظام السوري لا يقود إلى استقرار هذه البلاد.

آخر «المتحايلين»

المعارض السياسي درويش خلفية، اعتبر في تصريح لـ «القدس العربي» أن طرح خطة «خطوة بخطوة» من قبل المبعوث الأممي تضعه في دائرة «المتحايلين على القرار الدولي 2254». وقال خليفة «خلال السنوات الست الماضية، ركزت الدول الفاعلة في الملف السوري على تطبيق القرار 2254، رغم تحايل حلفاء النظام السوري (روسيا- إيران- الصين) على بنود القرار، لا سيما أنهم طرحوا مسارات لا تتسق مع ما جاء ضمن القرار الأممي. وإن المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، كان آخر المتحايلين على القرار 2254، عندما طرح خطة «خطوة بخطوة» في تماهٍ واضح مع الاستراتيجية الروسية التي نتجت عن قمة بوتين-بايدن في جنيف منتصف هذا العام».

ورأى الخبير السياسي، أنَّ تعقيد المشهد الجيوسياسي في سوريا، وتشابك ملفاته، بالإضافة إلى وجود خمسة جيوش لدول مختلفة الرؤى والمصالح، أدى بالملف السوري للركون على رفوف الدول، وبالتالي؛ فإن أي طرح جديد يحرك الملف من حالة السكون وينفض عنه الغبار، ستوافق عليه الدول، وهو «الأمر الذي شهدناه عندما تم اتفاق دول محور أستانة على اللجنة الدستورية، وترحيب الدول الفاعلة بها، وكأنهم أنجزوا الحل السياسي».

لكن خطة بيدرسون، برأيه تبقى «عبارة عن تحريك للمياه الراكدة ليس إلا، في ظل انعدام الحلول السياسية، علها تغير التوقعات، وتعيد للملف زخمه الدولي» ونتيجة لذلك، وفي ظل غياب الدور المؤثر للسوريين في إيجاد مخرج لتعسر الحلول السياسية، لم يبق برأي خليفة خارطة طريق للوضع السوري سوى الاكتفاء بالقرارات الدولية والضغط من أجل تنفيذ بنوده وفق تسلسلها المنصوص عليه في أرشيف الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

الباحث لدى المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام، رشيد حوراني وضع خطة غير بيدرسون في إطار التلميح أو موافقة غير معلنة من قبل بعض الأطراف الدولية الفاعلة لخطة بيدرسون.

ومن أجل قراءة موضوعية لسياسة خطوة بخطوة التي صرح عنها المبعوث الدولي والخاصة بالحل في سوريا، رأى الحوراني أنه من الضرورة الأخذ بعين الاعتبار التصريحات التي أعلن في سياقها هذه الخطة حيث قال بيدرسون «عقدت نقاشات عميقة مع الأميركيين والأوروبيين… وأعتقد أن هناك إمكانية الآن لبدء استكشاف ما أسميه مقاربة خطوة بخطوة «ما قاله بيدرسون»

وفسر الحوراني في حديثه مع «القدس العربي» التصريح بأنه يعني «أن هناك تلميحاً أو موافقة غير معلنة من قبل جوانب دوليه فاعلة لهذه السياسة، ويمكن رد تلك الموافقة غير المعلنة بسبب التطورات بين أوكرانيا وروسيا، وموقف الجانبين «أوروبا وأمريكا» الحازم ضد رعونة الرئيس الروسي بوتين، ورغبة الجانبين المذكورين في تأجيل البدء الجدي بالحل السياسي في سوريا، حرصهما على إبقاء سوريا إحدى جهات القلق للجانب الروسي، وذلك من خلال إعطاء ضوء أخضر لتركيا بعملية عسكرية في سوريا خاصة أن ترتيباتها العسكرية واللوجستية جاهزة، بالإضافة إلى أن موقف تركيا كالموقف الأوروبي والأمريكي من الخلاف الروسي – الأوكراني.

وتأتي خطورة الخطة من أنها تخدم النظام السوري الذي يلعب ويستثمر في عامل الوقت منذ بداية الثورة وحتى تاريخ اليوم، ويسعى لكسب الأوراق وإضعاف خصومه مستفيداً من ترهل الموقف الدولي ضده، للوصول إلى فرض سياسة أمر واقع بالتعاون مع حلفائه الروس والإيرانيين.

القدس العربي

———————-

بوتين:وجود قواتنا في سوريا ضمانة للاستقرار

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن وجود قوات مسلحة روسية في سوريا “يسهم بشكل ملموس في ضمان الاستقرار في هذا البلد”، فيما ذكر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن “قواتنا تمكنت من تفادي إراقة الدماء واستقرار الأوضاع في محافظة درعا”.

وجاء تصريح بوتين حول سوريا خلال ترؤسه اجتماعاً موسعاً لوزارة الدفاع الروسية الثلاثاء، ناقش التحذيرات الغربية من تدخل روسيا عسكرياً في أوكرانيا. وحذر بوتين في الاجتماع، من أن روسيا “سترد عسكرياً وبشكل صارم على التهديدات الغربية”، مضيفاً أنه “يجب الاستمرار في تطوير الجيش الروسي لمواجهة التهديد الغربي”.

بدوره، قال وزير الدفاع الروسي في الاجتماع، إن القوات الروسية في سوريا “هي الضامن الرئيسي للسلام في البلاد”. وأضاف “تبقى مجموعة القوات الروسية هي الضامن الرئيسي لحفظ السلام في سوريا، وتم تقديم المساعدة للقيادة السورية عندما تأزم الوضع صيفاً جنوبي البلاد”، كما “تمكنت قواتنا، بمشاركة مباشرة من مستشارينا، من تفادي إراقة الدماء واستقرار الأوضاع في محافظة درعا”.

وتابع أنه “منذ بداية المهمة العسكرية الروسية في سوريا، عاد أكثر من 2.3 مليون مواطن سوري إلى منازلهم، ونفذ العسكريون الروس أكثر من ثلاثة آلاف عملية إنسانية”، كما “قدم الطاقم الطبي العسكري المساعدة ل132 ألف مدني”.

وتعترف روسيا، منذ اللحظة الأولى لتدخلها العسكري، أن وجودها في سوريا هو ميدان قتال حقيقي وليس تدريبياً، وأن هذا الميدان سيتيح لها تدريب عناصرها وتجريب كل أسلحتها التدميرية المتطورة بمختلف أنواعها الجوية والبرية والبحرية والصواريخ العابرة للقارات وغيرها مِن الأسلحة التي لم تُجرّب في حرب حقيقية خارجية.

ومطلع تشرين الثاني/نوفمبر، أشار بوتين إلى أن وجود القوات السورية في سوريا، أكسبتها الخبرة الكافية لصد هجمات الطائرات المسيّرة بشكل فعال.

وقال بوتين خلال اجتماع مع مسؤولين من وزارة الدفاع الروسية حينها: “نحن نعلم جيداً كيف أثبتت الطائرات من دون طيار نفسها في النزاعات المسلحة في السنوات الأخيرة ومدى فعاليتها ومدى خطورتها بالنسبة لنا، مع الأخذ في الاعتبار ما رأيناه في سوريا من هجمات إرهابية باستخدام طائرات من دون طيار”، مضيفاً “لقد تعلمنا أن نصد هذه الهجمات ونفعل هذا بشكل فعال للغاية”.

وفي وقت سابق في نيسان/أبريل، قال بوتين خلال اجتماع لجنة التعاون العسكري الفني مع الدول الأجنبية، إن بلاده “اكتسبت خبرة باستخدام أسلحتها الجديدة في سوريا”، موضحاً أن “روسيا تجاوزت أهدافها في هذا المجال”.

في المقابل، قال الدفاع المدني السوري إن “روسيا قتلت وجرحت أكثر من 12 ألف مدني في سوريا منذ تدخلها العسكري، وتحديداً خلال الفترة الممتدة من 30 أيلول/سبتمبر من العام 2015 حتى 20 أيلول 2021”.

المدن

———————-

انطلاق محادثات أستانا 17 في العاصمة الكازاخية بمشاركة تركيا وروسيا وإيران

انطلقت الثلاثاء، محادثات “أستانة 17” حول سوريا في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بمشاركة ممثلي الدول الضامنة، تركيا وروسيا وإيران.

وبدأت المحادثات في تمام الساعة 8 صباحا بتوقيت تركيا (5:00 ت.غ)، من خلال اجتماعات تقنية ثنائية وثلاثية بين الوفود المشاركة، ومن المقرر أن تستمر يومين.

ويشارك من الجانب التركي رئيس قسم سوريا في الخارجية التركية السفير سلجوق أونال، ومن الجانب الروسي ممثل الرئيس الروسي الخاص في سوريا ألكسندر لافرنتييف، ومن الجانب الإيراني مستشار وزير الخارجية للشؤون السياسية علي أصغري حاجي.

ويشارك في المحادثات أيضا، وفدا المعارضة والنظام ونائبة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا خولة مطر، إضافة إلى وفود الدول المشاركة بصفة مراقب وهي العراق والأردن ولبنان.

ومن المرتقب أن يتناول المشاركون في المحادثات التي ستستمر ليومين، الأوضاع الأخيرة في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية، وإعادة بدء اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، وتبادل الأسرى، وإطلاق سراح الرهائن، والبحث عن المفقودين.

وفي تصريحات صحفية للممثل الروسي لافرنتييف قبيل انطلاق المحادثات، أكد على أنّ هذه الجولة ستركز على الأوضاع الميدانية وتحقيق وقف إطلاق النار.

وذكر أن خلايا نائمة لتنظيم “داعش” بدأت النشاط في الآونة الأخيرة بسوريا قائلاً: “سنبحث هذه المسألة مع شركائنا في إيران وتركيا”.

وبدأت محادثات أستانا عام 2017 برعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران من أجل إيجاد حل للأوضاع في سوريا.

————————

===================

تحديث 30 كانون الأول 2021

———————

موسكو تضع المعارضة السورية أمام الخيارات الصعبة/ أمين العاصي

وضعت تصريحات مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، عن أن إعداد دستور جديد لسورية يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة في البلاد، المعارضة أمام الخيارات الصعبة. فالاستمرار في العملية السياسية مضيعة للوقت، وأقرب ما يكون لـ”العبث”، والانسحاب منها يُحرج هذه المعارضة أمام داعمين إقليميين.

وجددت تصريحات لافرنتييف، الاثنين الماضي، التأكيد مرة أخرى على أن موسكو حسمت خيارها بالإبقاء على بشار الأسد في السلطة، كونه الضامن لمصالحها في شرق المتوسط.

واعتبرت المعارضة السورية، عبر ائتلاف قوى الثورة والمعارضة، هذه التصريحات “انقلاباً” على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، استناداً لقرارات دولية واضحة الدلالة، وترسم طريقاً للحل يتضمن تغييراً حقيقياً في النظام الحالي.

المعارضة السورية أمام حرج سياسي

ووجدت المعارضة السورية نفسها من جديد أمام “حرج سياسي”، فهي من جهة تدرك أن تصريحات المسؤول الروسي بمثابة “رصاصة رحمة” على العملية السياسية، ولكن هذه المعارضة لا يمكنها الإعلان عن انسحابها من هذه العملية، كي لا تُتهم بعرقلة المسار التفاوضي.

وبعد تصريحات لافرنتييف مباشرة، أعلن المتحدث باسم هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية، إبراهيم جباوي، انسحابه من عضوية اللجنة الدستورية احتجاجاً على موقف موسكو.

من جهته، قال رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة أنس العبدة، عبر حسابه في “تويتر”، إن “تصريحات المسؤولين الروس حيال العملية السياسية منفصلة تماماً عن المبادئ الأساسية للقرار الدولي (2254)”.

وأضاف: “مشكلتنا ليست الدستور فحسب، والقرار الأممي أوسع وأشمل من أن يُختزل بالدستور، سواء رفضه أو رضي النظام عنه”. وأشار العبدة إلى أن “القواعد الإجرائية للجنة الدستورية واضحة وصريحة”.

وأوضح أن الخيار الوحيد الموجود أمام من يريد الاستمرار في هذا المسار هو كتابة دستور جديد، ولا بد من تفعيل بقية سلال القرار الأممي، كي يستفيق النظام من وهم أن العملية دستورية فحسب.

وأكد العبدة أن “المبعوث الدولي، وفي أكثر من مناسبة، حدّد الطرف المسؤول عن التعطيل، والذي هو نظام الأسد”. وقال: لذلك فإن ما يقوله المسؤولون الروس غير صحيح، وغير موضوعي، وهو يهدد العملية السياسية برمتها.

التصريحات الروسية تنم عن تجاهل للقرارات الدولية

وفي السياق، أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، عبر “تويتر”، أنه “لا مكان لرأس الإجرام في مستقبل سورية”، في إشارة إلى بشار الأسد.

واعتبر المسلط أن التصريحات الروسية “تنم عن جهل وتجاهل من المسؤولين الروس لجميع القرارات، والتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظماتها، والمبعوثين والمحققين الدوليين، والتي أكدت جميعها مسؤولية النظام المجرم عن تعطيل وعرقلة مسارات الحل السياسي”.

وبعد تصريحات المسؤول الروسي باتت المعارضة في عين عاصفة غضب الشارع السوري المعارض، الذي يطالب بموقف أكثر حسماً من هذه المعارضة إزاء العملية السياسية برمتها، خصوصاً بعدما بات واضحاً أن الاستمرار فيها، سواء في مسار أستانة، أو مسار جنيف، يعني تمييع هذه القضية وتصفيتها سياسياً.

دبلوماسي منشق عن وزارة الخارجية التابعة للنظام، فضّل عدم ذكر اسمه، قال، في حديث مع “العربي الجديد”، إن التفاوض مع النظام “عبث”، ولكن المعارضة لا تملك خيار الانسحاب في الوقت الراهن.

وأشار إلى أنه “على المعارضة الإعلان عن استعدادها للدخول في الجولة السابعة من مفاوضات اللجنة الدستورية، ولكن بعد وضع جداول زمنية وأهداف محددة”. وأضاف: على المعارضة المطالبة بتنفيذ القرارات الدولية، وما فرضته من تراتبية، خرّبها المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا.

النظام السوري يتهرب من الاستحقاقات

وكانت العملية السياسية في سورية بدأت في العام 2012. وصدر وقتها بيان “جنيف 1″، الذي نص على وقف العنف بكل أشكاله وإطلاق سراح المعتقلين، و”إقامة هيئة حكم انتقالية، باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية”، وإعادة النظر “في النظام الدستوري والمنظومة القانونية. وأن تُعرض نتائج الصياغة الدستورية على الاستفتاء العام”، و”القيام بإجراء انتخابات “حرة ونزيهة وتعددية”.

ولم ينفذ النظام أياً من هذه البنود التي عاد مجلس الأمن الدولي، وأكد عليها مرتين، الأولى في العام 2013 من خلال القرار الدولي 2118، الذي أعقب مجزرة الكيميائي التي اقترفها النظام في ريف دمشق، والثانية في 2015 من خلال القرار الدولي 2254. وجرت منذ العام 2014، عديد جلسات التفاوض في جنيف بين المعارضة والنظام، تحت إشراف الأمم المتحدة، إلا أنها لم تفض إلى شيء.

واضطرت المعارضة السورية إلى قبول الدخول في مفاوضات حول الدستور قبل إنجاز الانتقال السياسي، كما تنص القرارات الدولية، استجابة لضغوط من حلفاء إقليميين.

ولكن تنازل المعارضة لم يُقابل من النظام إلا بتصلب أكبر ورفض لكل القرارات الدولية ذات الصلة. بل إن هذا النظام وضع العملية السياسية برمتها وراء ظهره، إذ تحدث وزير خارجيته فيصل المقداد، الاثنين الماضي، عن “تطوير” دستور عام 2012 وليس تغييره بالمطلق.

كما تحدث المقداد عن “تحرير” الشمال السوري، ما يشير إلى أن النظام يستبعد أي خيارات سياسية وفق القرارات الدولية، ويبحث عن استسلام غير مشروط لقوى الثورة والمعارضة، ولـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد) في الشمال الشرقي من البلاد.

غياب موقف واشنطن حول تصريحات لافرنتييف

ولم يصدر حتى عصر أمس الأربعاء أي موقف رسمي من واشنطن حول تصريحات لافرنتييف. إلا أنه ليس من المتوقع أن يستجد شيء على الموقف الأميركي إزاء القضية السورية، والتي كما تشير المعطيات ليست في صلب اهتمام إدارة الرئيس جو بايدن، على الأقل في الوقت الراهن.

إلى ذلك، قال الباحث السياسي في مركز “الحوار السوري” أحمد القربي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن المعارضة “اتخذت موقفاً نظرياً رافضاً لتصريحات المسؤول الروسي”. وأضاف: بقي الموقف العملي، وهو مرتبط بالأوراق التي تمتلكها هذه المعارضة.

وأعرب عن اعتقاده بأن “قوى الثورة والمعارضة السورية تساير الجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية”، مضيفاً: أعتقد أن خيار تعليق مشاركة هذه المعارضة، أو الانسحاب من العملية السياسية، مستبعد في الوقت الراهن، ولكن عليها رفع سقف مطالبها، خصوصاً أن الموقف الروسي، الذي عبّر عنه لافرنتييف، يشكل استفزازاً للمعارضة.

العربي الجديد

———————–

روسيا تخلط أوراق “الدستورية”.. رسائل عابرة أم مؤشرات للمستقبل؟

ست جولات “مخيبة للآمال” من عمل “اللجنة الدستورية السورية” دارت بعيداً عن مقصدها بمناقشة الدستور الحالي “الإشكالي”، ووضع بنود لدستور جديد يفتح صفحة انتقال سياسي في سورية، لتأتي تصريحات مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف، وتعزز تلك الخيبات ناسفةً جميع الجهود المبذولة على مدى عامين من تأسيسها.

وفيما فقدت شريحة كبيرة من السوريين أملها بنتائج مصيرية قد تتمخض عن تلك اللجنة، اعتبر كثيرون أن التصريحات الروسية قد تخفي وراءها دلالات ورسائل تنوي روسيا إيصالها للمجتمع الدولي من جهة، ولوفد المعارضة من جهة أخرى، وسط ترقب لما ستحمله الجولات المقبلة.

تصريحات لافرنتيف كانت خلاصتها أن أي دستور قد يتمخض عن اللجنة الدستورية، يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة، معتبراً أن “الحكومة السورية راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديلات”، ما أحدث بلبلة وتساؤلات في الأوساط السياسية حول أهداف وتوقيت التصريح.

تصريح عابر أم مؤشر للمرحلة المقبلة؟

يرى الكاتب والمحلل السياسي، حسن النيفي، أن تصريحات المبعوث الروسي جاءت  نتيجة لمقدمات بدت معطياتها واضحة منذ البداية، ذلك أن الروس سعوا منذ مطلع العام 2017 إلى الالتفاف على القرارات الأممية، ومن ثم ابتدعوا فكرة مؤتمر “سوتشي” نهاية عام 2018 الذي أفضى إلى اللجنة الدستورية، حسب تعبيره.

وأضاف النيفي في حديثه لموقع “السورية نت” أن اختزال القضية السورية بلجنة دستورية بالنسبة للروس، هو في أفضل الأحوال وسيلة لكسب الوقت، بغية “ترويض” المعارضة ومن ثم تعويم وإنتاج نظام الأسد من جديد.

واعتبر الكاتب والمحلل السوري أن تصريحات لافرنتيف هي إفصاح صريح عن الهدف الروسي من مسار المفاوضات، والتي لا يمكن أن تفضي إلى تغيير السلطة في دمشق أو المساس بصلاحيات بشار الأسد، وفق الرؤية الروسية.

وأضاف: “أعتقد أن لافرنتيف لم يكن مازحاً أو مهرجاً ولا صاحب رسائل يريد توجيهها إلى أطراف محددة كما يتوهم البعض، بل يتحدث بغاية الصراحة. يريد إفهام المعارضة أو إخبارها بضرورة معرفة السقف الذي يفاوضون تحته، وهو بذلك منسجم تماماً مع كافة تفاصيل السياسة الروسية حيال القضية السورية”.

أما المحلل السياسي المقرب من روسيا، رامي الشاعر، رأى أن تصريح المبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف، هو تصريح شكلي عابر، جاء بمبادرة شخصية منه بعد المباحثات التي أجراها في جنيف و”أستانة” مع الشخصيات السورية المختلفة.

وقال الشاعر في حديثه لموقع “السورية نت” إن التصريح لا يحمل أي دلالات جديدة للمرحلة المقبلة، وأنه ليس أمام روسيا سوى السير في التهيئة لعملية انتقال سياسي سلمي في سورية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم “2254”.

وأضاف: “البعض يعتقد أن روسيا حققت أهدافها في سورية ولم تعد تهتم بالتسوية السياسية، وهذا غير صحيح. الجميع مهزومون طالما أن الشعب السوري يعاني ظروفاً إنسانية مأساوية”، مشيراً إلى أن الموقف الرسمي الروسي يؤكد على أهمية عمل “اللجنة الدستورية” باعتبارها مفتاح تطبيق القرار “2254”، حسب قوله.

أما العضو في الهيئة المصغرة لـ “اللجنة الدستورية”، حسن الحريري، فسّر تصريحات لافرنتيف على أنها “إعلامية” تهدف لإيصال رسائل إلى دول أخرى تواجه روسيا في الملف السوري أو ملفات أخرى.

وقال الحريري لموقع “السورية نت” إن “العملية الدستورية لم تصل بعد إلى مناقشة باب السلطات في الدستور، ولا تزال بمرحلة صياغة المبادئ الأساسية، ما يشير إلى أن تصريحات لافرنتيف عابرة وتدل على وجود نقاشات بدوائر أخرى حول ملفات مختلفة”.

وأضاف: “مثل هذه التصريحات ليست غريبة عن الروس المحتلين لسورية، فقد سمعنا  تصريحات أشد على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وغيره من المسؤولين”.

لماذا لم تنسحب المعارضة؟

وضعت تصريحات لافرنتيف المعارضة السورية في موقف حرج، خاصة أن الوفد الممثل  لها في “اللجنة الدستورية” يقول إن مشاركته تأتي في إطار خطوات وضع الدستور، والذي من شأنه أن يفضي إلى تغيير جذري في هيكلية النظام السوري، لكن التصريحات الروسية تخالف الصورة العامة للمسار الذي تأسست من أجله اللجنة.

وسادت انقسامات في الأوساط السياسية السورية حول ضرورة انسحاب وفد المعارضة من اللجنة الدستورية بعد سبع جولات “أضاعت الوقت”، فيما يرى البعض أن التصريح الروسي يجب ألا يؤثر على سير المباحثات بما يفضي بالنهاية لحل ينهي معاناة السوريين.

وتعليقاً على ذلك، رأى العضو في “اللجنة الدستورية”، ممثلاً لوفد المعارضة، حسن الحريري، أن الانسحاب “ليس حلاً ولن يكون حلاً بيوم من الأيام”، مشيراً إلى الأمر برسم “هيئة التفاوض العليا” كونها المرجع للجنة الدستورية، حسب وصفه.

وأضاف: “من غير المنطقي أن يتسبب تصريح كهذا بانقسام المعارضة، خاصة أن الروس غير قادرين على إنتاج حل للملف السوري”.

وكذلك، اعتبر المحلل السياسي المقرب من موسكو، رامي الشاعر، أن استمرار المعارضة باللجنة الدستورية هو “أمر ضروري جداً رغم العقبات التي يضعها وفد النظام”، مضيفاً أن “اللجنة الدستورية إنجاز وملك كل السوريين ومن خلالها تستطيع كل مكونات الشعب المشاركة بمستقبل سورية”.

وبحسب الشاعر فإن لتصريح لافرنتيف “أثر إيجابي” كونه حرّك الركود حول أهداف “اللجنة الدستورية”، ودفع السوريين للاهتمام مجدداً بعمل اللجنة، في وقت لا نسمع عنها شيء سوى كل ستة أشهر، حسب قوله.

أما المحلل السياسي، حسن النيفي، رأى أن استمرار المعارضة بالمشاركة في “اللجنة الدستورية” وراءه سببان، الأول استمرارها في الحفاظ على مصالحها.

أما السبب الثاني فهو أن “دورها بات وظيفياً وليس دوراً وطنياً منبثقاً من قرار وطني يمثل مصالح السوريين”، مضيفاً أن “مشاركتها أو عدم مشاركتها في المفاوضات مرتبط بأوامر الدول أو الجهات أو الأجندات التي تعمل وفقاً لها”.

“عند النقطة صفر”

منذ بدء أعمالها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عقدت “اللجنة الدستورية” ست جولات في جنيف لم يخرج فيها المشاركون من الوفود الثلاثة بمخرجات ملموسة على صعيد كتابة الدستور في سورية، بل على العكس تركز النقاش على عدة مسائل ونقاط بعيدة كل البعد عن المبادئ الدستورية، التي تشكلت اللجنة من أجلها.

بالعودة إلى الجولة الأولى التي لم يتصافح خلالها وفدا النظام والمعارضة، قال المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، حينها إن الجولة “كانت أفضل من المتوقع” رغم الأجواء “المشحونة” بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بقضية “الإرهاب”، وهو مصطلح يستخدمه نظام الأسد، ويسعى لضمه إلى مشروع إصلاح الدستور، لكن المعارضة ترفض ذلك.

أما الجولة الثانية شهدت انسحاباً رسمياً لوفد النظام ثلاث مرات، بعد طرحه مقترحاً لجدول الأعمال رفضته المعارضة، يتضمن “بنوداً وطنية للاتفاق عليها كأساس لعمل اللجنة ككل”، وتشمل هذه البنود إدانة “العدوان” التركي والتدخل الأمريكي ورفع العقوبات وغيرها، حسب رواية النظام.

وشهدت الجولة الثالثة في أغسطس/ آب 2020 خلافات عميقة، حسب بيدرسون، الذي صرح حينها بوجود “اختلافات عميقة بين الأطراف في عدة قضايا- لم نصل لمرحلة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف”.

وكذلك، كان الجولة الرابعة المنعقدة في ديسمبر/ كانون الأول 2020، شبيهة بسابقاتها، باستثناء  طرح وفد النظام السوري لقضية عودة اللاجئين إلى سورية، وهو أمر يعتبره وفد المعارضة ملفات فوق تفاوضية ودستورية، وتشابه ملف المعتقلين.

وبعد أربع جولات “فاشلة”، أحيت الجولة الخامسة آمالاً لدى السوريين، كونها كانت ستناقش  ولأول مرة البذور الأولى للدستور الجديد، والمتمثلة بـ”المبادئ الدستورية”.

إلا أنه بعد انتهاء الجولة خرج بيدرسون بتصريحات “صادمة” حين تحدث عن نتائج “مخيبة للآمال”، قائلاً: “مع الأسف لم نحققها، لأنه ليس هناك فهم واضح بشأن كيفية التقدم في أعمال اللجنة”.

الجولة السادسة والأخيرة لم تختلف عن باقي الجولات من ناحية خيبات أمل بيدرسون، الذي تحدث بنبرة حادة عن عدم وجود رغبة لدى الأطراف السورية بالتوافق، إلا أنها تميزت بأنها انعقدت بعد إجراء نظام الأسد “انتخابات” رئاسية، في رسالة منه إلى أن مسار اللجنة لا علاقة له بالانتخابات.

وتتجه الأنظار حالياً نحو الجولة السابعة المزمع انعقادها في يناير/ كانون الثاني 2022، خاصة بعد تصريحات لافرنتيف التي خلطت الأوراق على طاولة هذا المسار.

———————-

لافرنتييف يُسقط ورقة التوت عن المعارضة: هل بقي شيء يقال؟/ العميد الركن أحمد رحال

على مدار سنوات الثورة حجّت المعارضة السياسية والعسكرية فرادى وجماعات بقاماتها وقاداتها لأكثر من مرة إلى موسكو، طمعاً بالحصول على تنازل ولو بسيط في الموقف الروسي المعلن والواضح ولم تحصل عليه.

كانت تلك المعارضات تتحفنا ببيانات خشبية تخلط فيها الحابل بالنابل لتقنعنا بنجاح مساعيها، وعندما أُسقطت مدينة حلب وفتح الروس قاعاتهم للآستانيين، هرول الجميع من قادة فصائل وأعضاء ائتلاف ليتسابقوا على سلالم الطائرات الراحلة بهم إلى صالات الاجتماعات، دون أدنى حس وطني أو إحساس بعذابات هذا الشعب وتضحياته.

وعندما نادى الروس لاجتماع (سوتشي) ورفضت كل شرائح الثورة وتنظيماتها المدنية والثورية المشاركة؛ كان للدكتور أحمد طعمة والعميد أحمد بري وغيرهم كثر رأي آخر. ورغم خبث الروس وغدرهم لكنهم لا يخفون مآربهم وأهدافهم، فوضعوا لهم علم النظام وشعارات الأسد بكل مكان في قاعة الاجتماع ولم يفهموا الرسالة. ومن قبلها اعتبر الرئيس الروسي بوتين ووزير خارجيته لافروف أن كل من خرج على نظام بشار الأسد هو إرهابي، وأن تدّخل الجيش الروسي في سوريا هو لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها الثورة. ومع ذلك بقي الآستانيون متمترسين وملتزمين باجتماعاتهم، ضاعت مناطق خفض التصعيد الواحدة تلو الأخرى واستمروا، لم يُطلق سراح معتقل واحد واستمروا، لم يتوقف إطلاق النار ليوم واحد واستمروا، طائرات الروس ومدفعية الأسد وصواريخ إيران أدمت قلوب المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ،والآستنايون مستمرون ولا رادع لهم يمنعهم من تلبية أي دعوة توجهها موسكو.

هيئة المفاوضات التي توسّمنا فيها خيراً وقلنا عسى أن تكون خلفاً صالحاً لسلف ائتلافي فاسد، لكن المعادلة لم تتغير. واجتماع سوتشي الذي رفضت حضوره الهيئة وافقت على مخرجاته, وكأن خلافنا على سوتشي هو على نوع وجبات الطعام ولون الستائر في القاعات!!!

بناءً على سوتشي وبدعوة من الآستانيين شكلوا اللجنة الدستورية ورغم اعتراض أهل الثورة وكل من فيها إلا أنهم أصروا على الحضور, عام ونصف من التحضير والمشاورات فقط على أسماء الوفد, وطيران بوتين وآلة حرب الأسد والإيرانيين وحزب الله تحصد بأرواح السوريين ولم يرف للجنة الدستورية رمش وتابعت واستمرت, عام ونصف آخر مع ست جولات انتهت بمحصلة صفرية ولا تقدم ولا بخطوة واحدة, ومع ذلك استمر أعضاء اللجنة بعملهم تحت أعذار واهية تقول: لن نترك الساحة السياسية للأسد ولن نتركه للخيار العسكري, وكأن جولاتهم السياحية أوقفت القصف, بل كان العكس ما يحصل, فقبل كل جولة هناك تصعيد عسكري وقتل ودمار, وبعد الانتهاء من المفاوضات العبثية الصفرية بكل جولة كان يزداد القصف بتصعيد آخر, ومع ذلك استمروا.

أصبح معلوماً للجميع, وللغريب قبل القريب, أن المبعوث الأممي ديمستورا كان يضحك على الجميع ويحاول (مطمطة) ولايته الفاشلة, وليأتي خلفه بيدرسن ليمارس علينا نفس الدور من بيانات عامة, وعبارات فضفاضة, عبارات رمادية, يلتمس فيها رضا النظام ليقبلوا بتحديد موعد له لزيارة دمشق, وعندما بانت عورته في أستانا 17 يخرج علينا عضو من الائتلاف المبجل ليطالبه بالاستقالة!

أمر فيه العجب العجاب, منذ عشر سنوات وأعضاء الائتلاف متربعون على سدة مشهد المعارضة السورية، وخطواتهم تتسم بالضياع وتسير من فشل لآخر ومن مصيبة لأخرى، ومن طامة لأكبر منها، ولم يستقل منكم أحد (باستثناء من استقالوا من القدامى قبل سنوات ورحلوا)، أما الموجودون الآن فقد أقسموا على الله ألا يبرحوا مواقعهم ومناصبهم حتى بفناء كل السوريين, ومن تنتهي ولايته والنظام الداخلي لا يسعفه ولا يخدمه لا مانع من انتقاله من رئيس ائتلاف لرئيس حكومة، ولا مانع أيضاً من تبديل الطرابيش بين رئيس هيئة التفاوض ورئيس الائتلاف، أحد هؤلاء اليوم يطالب المبعوث الأممي بيدرسون بالاستقالة لأنه فاشل وكأنهم هم الناجحون، البارزون، الصناديد الأبطال!

ويبدو أن رئيس اجتماعات آستانا ألكسندر لافرنتييف ضاق ذرعاً بنفاق المعارضة السورية فأراد أن يقدمها (مقشرة) ويعلنها واضحة، وما كان يقال بالغرف المغلقة قاله اليوم لافرنتييف على الملأ:

_ بالنسبة للدستور الجديد يجب ألا يشمل أي فقرة أو بنداً لا تلميحاً ولا كتابة يدعو لتغيير سلطة نظام الأسد في سوريا.

_ في الدستور الجديد (إذا ما كان هناك دستور جديد) ممنوع المس أو التغيير بصلاحيات (الرئيس) بشار الأسد.

_ طالما أن بشار الأسد باقٍ في السلطة فلا حاجة لأي تغييرات واقبلوا بالواقع كما هو وعلى المعارضة التخلي عن مطالبها غير الواقعية.

_ وزاد بالطنبور نغماً عندما هدد بوقف تمديد قرار مجلس الأمن الذي يحتاج لتصويت آخر خلال أسابيع قليلة, وبالتالي منع إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى, خاصة أن زعيم جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) قد منح الروس غايتهم عندما مرر المساعدات الإغاثية من مناطق النظام إلى الشمال, وموسكو رفعت تقريراً عاجلاً لمجلس الأمن عن نجاح تلك الخطوة ولا داعي لمعبر باب الهوى بل كل المساعدات تدخل عبر نظام الأسد ومنها توزع لكل الجغرافية السورية.

وانتقد لافرنتييف ببقية حديثه سياسة الولايات المتحدة الأمريكية, وأن سياسة الخطوة مقابل الخطوة لم تُفلح, وأن مبدأ “الإنعاش المبكر” لم تطبقه واشنطن و و و

سقطت ورقة التوت عن المعارضة

نعم سقطت ورقة التوت وبانت عورات كل الآستانيين وكل هيئة التفاوض وكل أعضاء اللجنة الدستورية وكل مؤسسة الائتلاف باعتبار أن كل تلك اللجان منكم وإليكم وعبركم وبموافقتكم وبرضاكم.

نسأل السيد هادي البحرة رئيس وفد اللجنة الدستورية: هل بعد ما قاله لافرنتييف هناك قول يقال؟! وهل لديكم الجرأة على إعلان موقف يلبي متطلبات الحاضنة الشعبية التي طالبتكم مراراً وتكراراً بوقف تلك المسرحية العبثية؟!

نسأل الدكتور أحمد طعمة رئيس وفد الآستانيين: هل لديك ما تخدرنا به بعد أن امتدحت الدور الروسي واعتبرتهم فاعلين بالبحث عن حل؟؟وهل ما قاله لافرنتييف هو الحل الذي حدثتنا عنه؟!

وهل اجتماعاتكم في آستانا مع لافرنتييف على مدار 17 جولة كانت تبحث بما أخبرنا به لافرنتييف؟! هل بقي شيء يقال؟!

نعم… بقي أن نقول شكراً لافرنتييف, فقد كشفت المكشوف, وقلت المعروف، ونطقت بما نعلم لكنك أزلت ورقة التوت عمن كان يظن نفسه يخدعنا.

——————-

===========================

تحدبث 02 كانون الثاني 2022

——————-

الوضوح الروسي الذي فاجأ المعارضة/ عبسي سميسم

لم يخرج تصريح المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتييف، يوم الإثنين الماضي، حول الدستور والعملية السياسية في سورية، عن الموقف الفعلي لروسيا تجاه القضية السورية، إذ لم يختلف عنه، إلا لناحية الوضوح، والحديث صراحة عن أن موسكو التي تمسك بمعظم أوراق الحل في سورية، متمسكة ببقاء بشار الأسد في السلطة.

وبالتالي يعني ذلك أنها لا ترى ضرورة لتغيير الدستور في سورية، الذي تم إنشاء لجنة خاصة برعاية الأمم المتحدة تضم ممثلين من المعارضة والنظام لتغييره، كخطوة أولى على طريق تطبيق القرار الدولي 2254 الخاص بالحل السياسي في سورية.

هذا الموقف يعني نسف كل العملية السياسية التي تقوم على قرارات الشرعية الدولية، وأن كل اللجان والهيئات التي تم إنشاؤها لهذه الغاية، وكل جولات المفاوضات واجتماعات اللجنة الدستورية، لم تكن إلا وسيلة لكسب الوقت ريثما يتم إعادة تأهيل نظام الأسد، وطرح عملية سياسية وفق الرؤية الروسية تقوم على إعادة إنتاج النظام نفسه بشراكة جزئية مع جزء من المعارضة التي قام الروس بتصنيعها.

وعلى الرغم من وضوح الموقف الروسي منذ بداية تدخّل موسكو في سورية، إلا أن المعارضة السورية بكل هيئاتها ظهرت بموقف المُفاجأ من تصريحات لافرنتييف، وخرجت ببيانات استنكار واستغراب لتلك التصريحات التي عدتها انقلاباً على العملية السياسية، التي لم تكن موجودة أصلاً.

ويبدو أن استغراب المعارضة والمفاجأة التي أبدتها من التصريحات، لم تكن من الموقف الروسي المعروف أصلاً، وإنما من الوضوح الذي ألغى عملياً مبرر وجود بعض الهيئات واللجان التي شكلتها المعارضة بهدف تحقيق الحل السياسي، وبشكل خاص اللجنة الدستورية، التي أنهى كلام المسؤول الروسي مبرر وجودها.

في المقابل، لم تصدر أي ردة فعل من الأطراف الدولية الأخرى المتدخلة بالشأن السوري، خصوصاً الولايات المتحدة. كما حدد بوضوح الأدوار التي كانت تقوم بها بعض اللجان والوفود المعارضة، خصوصاً وفد المعارضة لمسار أستانة، الذي بدا واضحاً أن دوره لا يتعدى أن يكون شاهداً على تسليم مناطق سيطرة المعارضة تباعا للنظام بدءاً من ريف حمص الشمالي إلى غوطة دمشق، فالجنوب السوري، وحالياً إدلب.

ولكن على الرغم من كل الوضوح في الطريق الذي يسير به الحل في سورية، إلا أن الهيئات واللجان المعارضة لا تزال متمسكة بالتفاوض مع النظام وبإضاعة المزيد من الوقت في بحث الدستور، وفي تقديم شهاداتها على تسليم النظام مزيداً من مناطق سيطرة المعارضة.

العربي الجديد

———————–

سوريا.. مسلسل الأكاذيب الروسية/ بشير البكر

تصريحات مندوب الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، حول عدم ضرورة صياغة دستور سوري جديد، وأن بشار الأسد باق في السلطة، أقفلت باب التفاوض مع النظام السوري على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي ينص في صورة واضحة على “التنفيذ الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012″، والخاص بـ “إنشاء هيئة حكم انتقالية” تتولى نقل السلطات من الأسد، وسبق لموسكو أن خرقت هذا القرار الذي تقف وراء صياغته عام 2015، وسمحت له في العام الماضي بالترشح لولاية رئاسية جديدة، وتم إجراء انتخابات في المناطق التي تسيطر عليها. وبالتالي صارت “هيئة الحكم الانتقالية” أمرا منسيا وأن الأسد سوف يمضي على الأقل سبعة أعوام في الحكم، وما جاء على لسان لافرنتييف لوكالة “تاس” من رفض أي نقاش حول وضع الأسد، هو تثبيت لموقف موسكو الذي لم يتغير منذ تدخلها العسكري في عام 2015.

أفرغت روسيا القرار 2254 من كل حمولته السياسية ومضامينه، وما نص عليه من إجراءات لبناء الثقة، وتصرفت على عكس ما جاء فيه لعدة نقاط مهمة في سياق الحل عبر الأمم المتحدة. أولا، ما يتعلق بالإفراج عن المعتقلين بشكل تعسفي، وجاء في النص “الإفراج عن أي محتجزين بشكل تعسفي، لا سيما النساء والأطفال، ويدعو دول الفريق الدولي لدعم سوريا إلى استخدام نفوذها على الفور تحقيقا لهذه الغايات”. ولم يتحقق من ذلك شيء حتى اليوم، بل على العكس يواصل النظام هذا النهج، وفي آخر جولة من اجتماعات أستانا (17) اختصر لافرنتييف عدد المعتقلين إلى أقل من 500، في حين أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان وثقت 149 ألف حالة اختفاء قسري لدى النظام منذ قيام الثورة.

والمسألة الثانية، هي إدخال المساعدات الإنسانية، ويدعو القرار “الأطراف إلى أن تتيح فورا للوكالات الإنسانية إمكانية الوصول السريع والمأمون وغير المعرقل إلى جميع أنحاء سوريا، ومن خلال أقصر الطرق، وأن تسمح فورا بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من هم في حاجة إليها”. وقد لعبت موسكو على هذه النقطة وحولت الحاجة إلى سلاح ضغط لتجويع المهجرين، ووسيلة ابتزار سياسي من أجل المزيد من التنازلات من تركيا والفصائل السورية المتحالفة معها.

أما النقطة الثالثة فهي تتعلق بعودة المهجرين، ومما جاء في القرار “يؤكد الحاجة الماسة إلى تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليا إلى مناطقهم الأصلية وتأهيل المناطق المتضررة، وفقا للقانون الدولي”. وإلى اليوم لم يتم تنفيذ ولو قسط بسيط من هذه الفقرة من القرار، بسبب عدم وجود ضمانات وتوافر شروط آمنة للعودة الطوعية، في طل اختفاء وابتزاز الأعداد القليلة التي عادت من لبنان.

والمسألة الرابعة تختص بوقف إطلاق النار واستهداف المدنيين، وكان القرار صريحا في هذه النقطة “يطالب بأن توقف جميع الأطراف فورا أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حد ذاتها، بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي”. ومن المعروف أن النظام لم يمتثل لذلك ولا حلفاؤه الروس والإيرانيون حتى اليوم، وفي ما يتعلق بالمرافق الطبية فإن معارك العامين الأخيرين تشهد على تدمير كامل لها في أرياف حماة وإدلب وحلب، وقامت صحيفة “نيويورك تايمز” بتحقيق استقصائي حول ذلك وتوصلت إلى نتائج بالأدلة المسجلة حول قيام روسيا بتدميرها مع سبق الإصرار.

ويظهر هذا العرض لبنود القرار أن موسكو اختارت منه بندا واحدا وهو “تحديد جدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه لانتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملًا بالدستور الجديد، فـي غضون 18 شهرًا تحـت إشراف الأمم المتحدة”، وجرى تشكيل اللجنة الدستورية التي تحولت بعد عامين من الجلسات في جنيف إلى متاهة “كافكاوية”. وجاء تصريح لافرنتييف ليحيلها إلى التقاعد وإقفال الملف. ومن المؤسف هنا هو رد هيئة التفاوض الذي جاء على لسان رئيسها أنس العبدة، والتي أراد منها إحراج الروس من خلال التمسك باللجنة الدستورية، بدل أن يدعو إلى بدائل تقوم على تصليب موقف هيئات المعارضة في وجه المسار الروسي للحل، والقائم على تثبيت الأسد. والأمر لا يقف عند موقف العبدة الباهت، بل يرجع إلى سلسلة طويلة من التراجعات من قبل هيئة المفاوضات.

تلفزيون سوريا

——————–

روسيا تخلط أوراق “الدستورية”.. رسائل عابرة أم مؤشرات للمستقبل؟

ست جولات “مخيبة للآمال” من عمل “اللجنة الدستورية السورية” دارت بعيداً عن مقصدها بمناقشة الدستور الحالي “الإشكالي”، ووضع بنود لدستور جديد يفتح صفحة انتقال سياسي في سورية، لتأتي تصريحات مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف، وتعزز تلك الخيبات ناسفةً جميع الجهود المبذولة على مدى عامين من تأسيسها.

وفيما فقدت شريحة كبيرة من السوريين أملها بنتائج مصيرية قد تتمخض عن تلك اللجنة، اعتبر كثيرون أن التصريحات الروسية قد تخفي وراءها دلالات ورسائل تنوي روسيا إيصالها للمجتمع الدولي من جهة، ولوفد المعارضة من جهة أخرى، وسط ترقب لما ستحمله الجولات المقبلة.

تصريحات لافرنتيف كانت خلاصتها أن أي دستور قد يتمخض عن اللجنة الدستورية، يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة، معتبراً أن “الحكومة السورية راضية عن الدستور الحالي، وفي رأيها لا داعي لتعديلات”، ما أحدث بلبلة وتساؤلات في الأوساط السياسية حول أهداف وتوقيت التصريح.

تصريح عابر أم مؤشر للمرحلة المقبلة؟

يرى الكاتب والمحلل السياسي، حسن النيفي، أن تصريحات المبعوث الروسي جاءت  نتيجة لمقدمات بدت معطياتها واضحة منذ البداية، ذلك أن الروس سعوا منذ مطلع العام 2017 إلى الالتفاف على القرارات الأممية، ومن ثم ابتدعوا فكرة مؤتمر “سوتشي” نهاية عام 2018 الذي أفضى إلى اللجنة الدستورية، حسب تعبيره.

وأضاف النيفي في حديثه لموقع “السورية نت” أن اختزال القضية السورية بلجنة دستورية بالنسبة للروس، هو في أفضل الأحوال وسيلة لكسب الوقت، بغية “ترويض” المعارضة ومن ثم تعويم وإنتاج نظام الأسد من جديد.

واعتبر الكاتب والمحلل السوري أن تصريحات لافرنتيف هي إفصاح صريح عن الهدف الروسي من مسار المفاوضات، والتي لا يمكن أن تفضي إلى تغيير السلطة في دمشق أو المساس بصلاحيات بشار الأسد، وفق الرؤية الروسية.

وأضاف: “أعتقد أن لافرنتيف لم يكن مازحاً أو مهرجاً ولا صاحب رسائل يريد توجيهها إلى أطراف محددة كما يتوهم البعض، بل يتحدث بغاية الصراحة. يريد إفهام المعارضة أو إخبارها بضرورة معرفة السقف الذي يفاوضون تحته، وهو بذلك منسجم تماماً مع كافة تفاصيل السياسة الروسية حيال القضية السورية”.

أما المحلل السياسي المقرب من روسيا، رامي الشاعر، رأى أن تصريح المبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف، هو تصريح شكلي عابر، جاء بمبادرة شخصية منه بعد المباحثات التي أجراها في جنيف و”أستانة” مع الشخصيات السورية المختلفة.

وقال الشاعر في حديثه لموقع “السورية نت” إن التصريح لا يحمل أي دلالات جديدة للمرحلة المقبلة، وأنه ليس أمام روسيا سوى السير في التهيئة لعملية انتقال سياسي سلمي في سورية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم “2254”.

وأضاف: “البعض يعتقد أن روسيا حققت أهدافها في سورية ولم تعد تهتم بالتسوية السياسية، وهذا غير صحيح. الجميع مهزومون طالما أن الشعب السوري يعاني ظروفاً إنسانية مأساوية”، مشيراً إلى أن الموقف الرسمي الروسي يؤكد على أهمية عمل “اللجنة الدستورية” باعتبارها مفتاح تطبيق القرار “2254”، حسب قوله.

أما العضو في الهيئة المصغرة لـ “اللجنة الدستورية”، حسن الحريري، فسّر تصريحات لافرنتيف على أنها “إعلامية” تهدف لإيصال رسائل إلى دول أخرى تواجه روسيا في الملف السوري أو ملفات أخرى.

وقال الحريري لموقع “السورية نت” إن “العملية الدستورية لم تصل بعد إلى مناقشة باب السلطات في الدستور، ولا تزال بمرحلة صياغة المبادئ الأساسية، ما يشير إلى أن تصريحات لافرنتيف عابرة وتدل على وجود نقاشات بدوائر أخرى حول ملفات مختلفة”.

وأضاف: “مثل هذه التصريحات ليست غريبة عن الروس المحتلين لسورية، فقد سمعنا  تصريحات أشد على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وغيره من المسؤولين”.

لماذا لم تنسحب المعارضة؟

وضعت تصريحات لافرنتيف المعارضة السورية في موقف حرج، خاصة أن الوفد الممثل  لها في “اللجنة الدستورية” يقول إن مشاركته تأتي في إطار خطوات وضع الدستور، والذي من شأنه أن يفضي إلى تغيير جذري في هيكلية النظام السوري، لكن التصريحات الروسية تخالف الصورة العامة للمسار الذي تأسست من أجله اللجنة.

وسادت انقسامات في الأوساط السياسية السورية حول ضرورة انسحاب وفد المعارضة من اللجنة الدستورية بعد سبع جولات “أضاعت الوقت”، فيما يرى البعض أن التصريح الروسي يجب ألا يؤثر على سير المباحثات بما يفضي بالنهاية لحل ينهي معاناة السوريين.

وتعليقاً على ذلك، رأى العضو في “اللجنة الدستورية”، ممثلاً لوفد المعارضة، حسن الحريري، أن الانسحاب “ليس حلاً ولن يكون حلاً بيوم من الأيام”، مشيراً إلى الأمر برسم “هيئة التفاوض العليا” كونها المرجع للجنة الدستورية، حسب وصفه.

وأضاف: “من غير المنطقي أن يتسبب تصريح كهذا بانقسام المعارضة، خاصة أن الروس غير قادرين على إنتاج حل للملف السوري”.

وكذلك، اعتبر المحلل السياسي المقرب من موسكو، رامي الشاعر، أن استمرار المعارضة باللجنة الدستورية هو “أمر ضروري جداً رغم العقبات التي يضعها وفد النظام”، مضيفاً أن “اللجنة الدستورية إنجاز وملك كل السوريين ومن خلالها تستطيع كل مكونات الشعب المشاركة بمستقبل سورية”.

وبحسب الشاعر فإن لتصريح لافرنتيف “أثر إيجابي” كونه حرّك الركود حول أهداف “اللجنة الدستورية”، ودفع السوريين للاهتمام مجدداً بعمل اللجنة، في وقت لا نسمع عنها شيء سوى كل ستة أشهر، حسب قوله.

أما المحلل السياسي، حسن النيفي، رأى أن استمرار المعارضة بالمشاركة في “اللجنة الدستورية” وراءه سببان، الأول استمرارها في الحفاظ على مصالحها.

أما السبب الثاني فهو أن “دورها بات وظيفياً وليس دوراً وطنياً منبثقاً من قرار وطني يمثل مصالح السوريين”، مضيفاً أن “مشاركتها أو عدم مشاركتها في المفاوضات مرتبط بأوامر الدول أو الجهات أو الأجندات التي تعمل وفقاً لها”.

“عند النقطة صفر”

منذ بدء أعمالها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، عقدت “اللجنة الدستورية” ست جولات في جنيف لم يخرج فيها المشاركون من الوفود الثلاثة بمخرجات ملموسة على صعيد كتابة الدستور في سورية، بل على العكس تركز النقاش على عدة مسائل ونقاط بعيدة كل البعد عن المبادئ الدستورية، التي تشكلت اللجنة من أجلها.

بالعودة إلى الجولة الأولى التي لم يتصافح خلالها وفدا النظام والمعارضة، قال المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون، حينها إن الجولة “كانت أفضل من المتوقع” رغم الأجواء “المشحونة” بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق بقضية “الإرهاب”، وهو مصطلح يستخدمه نظام الأسد، ويسعى لضمه إلى مشروع إصلاح الدستور، لكن المعارضة ترفض ذلك.

أما الجولة الثانية شهدت انسحاباً رسمياً لوفد النظام ثلاث مرات، بعد طرحه مقترحاً لجدول الأعمال رفضته المعارضة، يتضمن “بنوداً وطنية للاتفاق عليها كأساس لعمل اللجنة ككل”، وتشمل هذه البنود إدانة “العدوان” التركي والتدخل الأمريكي ورفع العقوبات وغيرها، حسب رواية النظام.

وشهدت الجولة الثالثة في أغسطس/ آب 2020 خلافات عميقة، حسب بيدرسون، الذي صرح حينها بوجود “اختلافات عميقة بين الأطراف في عدة قضايا- لم نصل لمرحلة كتابة الدستور، نعمل على بناء الثقة بين الأطراف”.

وكذلك، كان الجولة الرابعة المنعقدة في ديسمبر/ كانون الأول 2020، شبيهة بسابقاتها، باستثناء  طرح وفد النظام السوري لقضية عودة اللاجئين إلى سورية، وهو أمر يعتبره وفد المعارضة ملفات فوق تفاوضية ودستورية، وتشابه ملف المعتقلين.

وبعد أربع جولات “فاشلة”، أحيت الجولة الخامسة آمالاً لدى السوريين، كونها كانت ستناقش  ولأول مرة البذور الأولى للدستور الجديد، والمتمثلة بـ”المبادئ الدستورية”.

إلا أنه بعد انتهاء الجولة خرج بيدرسون بتصريحات “صادمة” حين تحدث عن نتائج “مخيبة للآمال”، قائلاً: “مع الأسف لم نحققها، لأنه ليس هناك فهم واضح بشأن كيفية التقدم في أعمال اللجنة”.

الجولة السادسة والأخيرة لم تختلف عن باقي الجولات من ناحية خيبات أمل بيدرسون، الذي تحدث بنبرة حادة عن عدم وجود رغبة لدى الأطراف السورية بالتوافق، إلا أنها تميزت بأنها انعقدت بعد إجراء نظام الأسد “انتخابات” رئاسية، في رسالة منه إلى أن مسار اللجنة لا علاقة له بالانتخابات.

وتتجه الأنظار حالياً نحو الجولة السابعة المزمع انعقادها في يناير/ كانون الثاني 2022، خاصة بعد تصريحات لافرنتيف التي خلطت الأوراق على طاولة هذا المسار.

———————-

سورية .. مصالح روسيا وإيران/ فاطمة ياسين

يعدّ ميناء طرطوس المنفذ البحري الوحيد الذي تستطيع روسيا استخدامه بحريةٍ مطلقةٍ خارج نطاق دول الاتحاد السوفييتي السابق، ففي العام 2019 وقّع نظام الأسد مع روسيا اتفاقا يمكّن الجانب الروسي من استخدام ميناء طرطوس لمدة تصل إلى 49 عاماً، وتكون لروسيا السيادة السياسية والقضائية على الميناء، ويمكنها أن تنشر فيه العدد الذي ترغب فيه من السفن، ويشمل ذلك السفن النووية.. بينما الميناء الآخر الواقع إلى شماله، على بعد 90 كم، في اللاذقية، تشغله إيران جزئياً، وتوجد فيه بشكل مؤثر، إذ تحرّكت إيران بشكل جدي، حين انتهى العقد المبرم، بين ائتلاف شركة فرنسية لتشغيل خطوط النقل البحري وإدارة محطة الحاويات مع شركة “سوريا القابضة” لصاحبها هيثم جود في 2019، لتضع يدها على إدارة ساحة التخزين الرئيسية في ميناء اللاذقية. ولقي الاتفاق اعتراضاً روسياً بسيطاً لقرب الميناء الشديد من قاعدة الوجود العسكري الجوي الروسي في حميميم، خصوصاً أنّ هذه القاعدة تعرّضت أكثر من مرة لهجوم من طائرات درون مجهولة المصدر، لكنّ الاعتراض اختفى بعدما حصل الروس على حصّتهم البحرية في طرطوس، وبعد عدة لقاءات بين مسؤولين روس وإسرائيليين، جمع أحدها فلاديمير بوتين وبنيامين نتنياهو، وتضمّنت وقوف روسيا على الحياد، في حال قرّرت إسرائيل القيام بهجمات ضد أهداف إيرانية في سورية. أدارت إيران، وبشكل رسمي، ساحة تخزين الحاويات الرئيسية في الميناء، على الرغم من قلة السفن الراسية هناك بعد بداية الحرب، لكنّ الجانب الإيراني وجد نفسه على منفذٍ مباشر على البحر المتوسط، استغله لصالح سياسته المعروفة، وإحكام سيطرته على ما يستطيع ابتلاعه من الأرض السورية، خصوصاً بوجود منافس روسي صلب وعنيد.

تلقت الأراضي السورية في العام السابق وحده حوالي 30 هجوماً إسرائيلياً على أهداف سورية وإيرانية، بمعدل هجومين إلى ثلاثة في الشهر، ما يعني أنّ النشاط الإيراني داخل الأراضي السورية تتابعه إسرائيل وبشكل دقيق ومنظم، لكنّ ميناء اللاذقية الذي أصبحت إيران تشغل قسماً مهماً منه، وبشكل رسمي، لم يتم الاقتراب منه إلّا مع بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، فقد تعرّض الميناء، وبالذات قسم ساحة تخزين الحاويات الذي تديره إيران، إلى هجمتين، قيل إنّ الهجمة الثانية كانت واسعةً ومدمرة بشكل كبير، وقد حفزت شدّة الضربة جزءاً من جمهور النظام والإيرانيين على توجيه اللوم للجانب الروسي الذي يوجد بكثافة في سورية.

لا يجيد جمهور النظام القراءة، أو أنّه يتقصد توجيه رسائل محرجة إلى روسيا التي اكتفت بتبرير هزيل، وكأنّه يريد حرف اللوم عن الجهة التي يُفترض عليها حماية مصالحها، وهي إيران، ربما طمعاً منه بقدرة الروس، لكن في الواقع فميناء طرطوس الذي انتقل عملياً إلى إدارة روسيا لم يُمسّ، وتحرص روسيا على تطويره، ولا تخفي خططها اللوجستية والتوسعية التي تنوي القيام بها في الميناء من دون أن تتعرّض لهجمة إسرائيلية واحدة، فيما يتعرّض ميناء اللاذقية للقصف المركّز مرة بعد مرة، وهو، كما سبق القول، مكان مهم لوجود القوات الإيرانية، فمن الأوْلى أن يحمي الإيرانيون امتيازاتهم، وليس من مهام الروس الدفاع عنهم أو الردّ على أي هجوم يستهدف وجودهم. أما سورية المستباحة فيتملكها القوي ويفرض نفسه، وهو القادر بوضع اليد على ذلك، بعد الغياب الرسمي للدولة التي لا تقوى على أية مواجهة، وعلى كلّ مستفيدٍ من الوجود في سورية أن يحمي ممتلكاته… هذه الرسالة القصيرة والمباشرة التي تريد روسيا أن تقولها من خلال الاكتفاء بمشاهدة آثار الدمار في ميناء اللاذقية.

العربي الجديد

———————

أسد.. أبد.. إعمار البلد!!!/ غزوان قرنفل

على خدها الأيمن ابتداءً تلقت المعارضة السورية صفعة (سيرغي لافروف) وزير الخارجية الروسي عام 2012 عندما صرح قائلا إن بلاده “لن تسمح للسنة بحكم سوريا”، وعندما أدارت له خدها الأيسر تلقت الصفعة الثانية من المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا (ألكسندر لافرنتييف) عندما صرح أن الدستور الذي يتم الاشتغال عليه يجب أن لا يهدف إلى إزاحة الأسد عن السلطة أو التقليل من صلاحياته(!) وما بين الصفعتين كانت الطائرات الروسية تشن حرب إبادة حقيقية على السوريين بقنابلها المدمرة لتنتزع منهم كل ما كان بين أيديهم من أراض دفعوا ثمن تحريرها من احتلال قوات النظام وميليشياته الطائفية دما وتجويعا وتهجيراً لم يسبق لسلطة أن فعلته بشعبها عبر التاريخ، وفي بث مباشر وحي لكل الوقائع والأحداث التي كان يشاهدها العالم دون أن يفكر مرة بخيار واحد تفرضه عليه قيمه الإنسانية والحقوقية، فضلا عن التزاماته القانونية المفترضة بحماية المدنيين.

الحقيقة أن الروس كانوا دائما واضحين وشفافين تماما في أسلوب تعاطيهم مع الملف السوري وإدارة الصراع بين أطرافه، فهم لم يخفوا قط دعمهم العلني واللامحدود لنظام الأسد، وهم قالوا صراحة إن تدخلهم العسكري المباشر في الصراع السوري عام 2015 جاء تماما لدعم وحماية نظام الأسد من التداعي والسقوط، وبالتالي لا يمكن الزعم أن المعارضة السورية متفاجئة ومصدومة من التصريح الأخير خصوصا أنه يأتي ضمن السياق الطويل لاشتغال الروس على عدة مسارات تبدأ بإعادة تثبيت نظام الأسد وتدعيم مقومات استمراره، مرورا بتعزيز فكرة أبدية هذا النظام الذي انتصر على شعبه المتآمر (!) وانتهاء بالعمل الحثيث على دفع الشركاء الدوليين نحو ضرورة إعادة الإعمار بالنظر للأمر الواقع الذي يتعين عليهم التعامل معه بعد طي صفحة العقوبات الاقتصادية، ونسيان موضوع المساءلة عن الجرائم والانتهاكات، وعلى المعارضة السورية أن تفهم تلك المعادلة وأن تتقبل نتائج هزيمتها وتتشارك مع النظام ببعض المناصب الحكومية الوضيعة التي يقبل النظام أن يتكرم بها عليها.. ولأجل ذلك هي فرضت نسقا مغايرا لإدارة الصراع سياسيا عن مسار جنيف والقرارات الدولية فاجترحت مسار أستانا ومناطق خفض التصعيد، ومن ثم سوتشي وسلال ديمستورا واللجنة الدستورية، واللافت كان حجم الاستجابة والمطواعية التي تعاطت معها المعارضة في هذا المسار وكم الأوهام التي عششت في عقولها، والقائمة على افتراض أن خيوط فجر سوريا الجديد ربما تتبدى ملامحه من إشراقة شمس موسكو !!!.

ما يثير الدهشة أن قوى المعارضة اكتفت بمجرد بيان تافه وخجول أو مجرد تصريحات أو تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، لتعلن رفضها لما جاء في تصريحات المبعوث الروسي، والتي من شأنها حسب قول أحدهم أن تقوض العملية السياسية برمتها (!!!) وكأن العملية السياسية أصلا تسير بالشكل القويم على سكة الحل بلا أية منغصات أو عراقيل وجاء هذا التصريح لينسفها أو يقوضها(!).

هذه الضحالة والصبيانية في إدارة الصراع والتعاطي مع الحال السوري، وقبول المعارضة بما صدر عن اجتماع أستانا الأخير لجهة قضايا ما سمي التعافي المبكر المزعوم، وللعقوبات الاقتصادية على سلطة العصابة، هي ما يفضي بالضرورة لتلك التصريحات والمواقف الروسية، وهي ما سيقود تلك المعارضة المتهافتة للقبول بأي حل يصوغه الروس ضمن المحددات التي عبروا عنها في تصريحاتهم وسياساتهم منذ 2012 وحتى الآن  وسيقود القوى الدولية الأخرى إلى التخلي كليا عن مسار جنيف وموجبات القرار الدولي 2254، والبحث الجدي عن مصالحها الاقتصادية المباشرة طالما أن أصحاب القضية قد باعوا قضيتهم.

من الواضح تماما بالنسبة للسوريين عموما أن هذه المعارضة في تركيبتها الحالية المترهلة وأدائها ليست بمستوى القضية التي يتعين عليها حمل عبئها، وأنه لابد من مراجعة سريعة وجراحة عاجلة لإعادة بناء تصور جديد ليس فقط لبنية المعارضة وإنما أيضا لإعادة الصراع إلى مسرحه الحقيقي والتمسك بالقرارات الدولية ذات الصلة بالمسألة السورية، واعتبارها الأجندة والإطار الوحيد للحل وفك ارتباطها بباقي المسارات المبتدعة الأخرى الأستانوية والسوتشية والدستورية وغيرها من البدع التي يتحفنا بها الروس بين الحين والآخر.. ولدى المعارضة القوة لفعل ذلك وهي قوة الامتناع والرفض، وهي قوة لايستهان بها.. ذلك أن روسيا أولا والمجتمع الدولي ثانيا صار يحتاج إلى حل لإطفاء جذوة هذا الصراع، وهذا يحتاج إلى شركاء في صناعته وتنفيذ موجباته، والمعارضة هنا هي الشريك المفترض الذي يجب أن يعرف كيف يستثمر تلك الحاجة في تغيير معادلات الحل السياسي الذي يريده الروس، والعودة إلى معادلات الحل التي توافق عليها المجتمع الدولي ومنهم الروس أنفسهم.

قوة الرفض والامتناع ليست شيئا يجب الاستهانة فيه وفي فاعليته إن أحسنت المعارضة استخدامه واستثماره.. ولعبة عض الأصابع أهون وأنجع ألف مرة من الرضوخ لحل يحيي شرعية النظام وديمومته ويدخل سوريا في غيبوبة الاستبداد لقرن آخر… فارفضوا وامتنعوا يا أولي الألباب.

تلفزيون سوريا

———————-

زهايمر سياسي روسي بعد أستانة17/ د.باسل معراوي

يدرك الجميع هدف الروس الحقيقي بسورية ولكن دون تجاوز خطوط دبلوماسية حمراء…في احاديث دائمة ومن مختلف المستويات ان هدف التدخل المعلن هو ابقاء نظام الاسد وعودة سلطة (الدولة السورية) الى كامل التراب السوري…ولكن يتميز الروس بالبراغماتية فهم ليسوا مستعدين للصراع مع الاطراف الفاعلة بالقضية السورية (أمريكا–تركيا–ايران–العرب –الاتحاد الاوربي) فهي تحاول تقديم نفسها طرف يتكلم معه الجميع

حاولت روسيا حسم الملف السوري عسكريا لفرض رؤيتها السياسية لكن التموضع الأمريكي والتركي في الشمال حال دون ذلك…وبالتالي اصبح الروس غير قادرين على ذلك عمليا كما انهم غير قادرين على منع استهداف إسرائيل للتموضعات الايرانية وغير قادرين(لحد الآن) عن التخلي عن الجهد الميليشياوي الايراني على الارض…

بالإضافة لكونهم غير راغبين بتحدي المانحين الدوليين لاعادة الإعمار المرتقبة وهم دول الاتحاد الاوربي ومجلس التعاون الخليجي

الثابت الرئيس في السياسة الروسية أن زمن المعارك الكبرى قد انتهت وان لاتحول بمناطق السيطرة على الارض جوهريا وأنه لابد من استثمار ذلك الجهد العسكري الذي قدموه سياسيا ومن ثم اقتصاديا

لم ينجح تسول الروس للاموال من المانحين بعقد مؤتمرات صورية لتأمين عودة اللاجئين من الدول التي تحتضنهم الى سورية وبالتالي يسبق ويرافق ذلك اعادة للاعمار باشرف روسي ونيل حصة الاسد من اموال مخصصة لذلك مع تقديم نفسها راعي الحل وتخليص العالم من صداع القضية السورية وبالتالي تثببت روسيا نفسها كدولة حققت السلام والهدوء المنشود دون الحاجة لتطبيق القرارات الدولية وتفسيراتها…

مر العام 2020 و2021  بعد توقف المعارك الكبرى في ادلب ولم تحقق روسيا شيئا مما تخطط له…

حاولت استغلال رغبة الرئيس الديمقراطي المعلنة بالانسحاب من مناطق النزاع التي لانهاية للحروب فيها وخاصة بعد الانسحاب الامريكي من افغانستان…وبدأت تعد العدة للحلول مكان القوات الامريكية المنسحبة وهو ما عبر عنه بوتين صراحة عند استقباله لرئيس النظام السوري في موسكو بان ميليشيات نظامه تسيطر على 90% من الجغرافيا السورية..وبالتالي لايمكن عقد شراكة مع المعارضة التي تسيطر على 6% من الجغرافية (طبعا مع استثناء هيئة تحرير الشام من مناطق سبطرتها على ادلب لانها كما يرى الاغلبية انها فصيل نابع للنظام)…

كانت اشارة القيصر الروسي معناها انه تم اطلاق النار على الراس على القرار الدولي 2254 وبالتالي اصبح ذلك القرار ميتا وإكرام الميت دفنه

ثم عزز موقف الروس بعد لقاء القمة مع الرئيس الامريكي بصيف 2021 في جنيف ..وبدا ان للامريكان مقاربة إنسانية بحتة للملف السوري خاصة إنهم لايوردونه في قائمة اولوياتهم وان الامريكان ذاهبون للتوقيع على اتفاق نووي مع الايرانيين وسيتركون  سورية لراعي دولي له علاقات مع كل اطراف النزاع..بحيث تسود الهيمنة الروسية على سورية ويتم تحقيق امن اسرائيل ومحاربة بعض بقايا الارهاب والحفاظ على وقف اطلاق النار وعدم التصعيد….وقدم الرئيس بايدن تنازلات حقيقية للرئيس الروسي لتمرير 2585  في مجلس الامن القاضي بالموافقة على استمرار تدفق المساعدات الاممية عبر معبر باب الهوى حيث استثنى الرئيس الامريكي جملة من الانشطة تحت مسمى التعافي المبكر من العقوبات القيصرية الامريكية…واعتبر الروس ان خطوة الالف ميل باعدام قانون قيصر قد بدات وسيتم خرقه مجدد

زيارة العاهل الاردني لواشنطن وموسكو في الصيف الماضي وما اعقبها من تطبيع اردني وقبول النظام السوري كامر واقع لامناص من التعامل معه وترافق ذلك مع اغماض العين الامريكية بل تشجيعها  على مبادرة خط وصول الغاز المصري والكهرباء الاردنية الى لبنان عبر مناطق سيطرة النظام وحصول النظام على حصص عينية من كهرباء وغاز والاهم من ذلك هو الحرارة السياسية التي اعقبت ذلك تجلى باجتماعات وزارية بين الدول الاربعة كانت الاولى للنظام السوري بعد قطع العرب اتصالاتهم العلنية معه…

كانت دعوات عودة النظام السوري لشغل مقعد الجمهورية العربية السورية في الجامعة العربية في قمة الجزائر القادمة 2022 كانت تطرب اسماع الروس ..واخذوا يعدون العدة لتطبيع متدرج مع النظام السوري من مختلف الافرقاء ..نظرا لعدم توفر بديل له…ولايخفى على الجميع ان رمز الانتصار العسكري  الروسي (المزعوم) في سورية  هو وجود بشار الاسد في قمة السلطة وهو الذي كان مهددا بالسقوط خلال اسبوعين لولا تدخل الالة العسكرية الروسية

لماذا  تعكرت الأجواء على الروس مؤخرا؟

يمكن ادراج عدة اسباب جرت في الشهرين الاخيرين ادت لتعطيل المسار الذي كان الروس يمنون النفس به منها:

1–تعثر المفاوضات في فيبنا بين المجموعة الغربية وإيران وظهور مؤشرات عديدة تقول انه من الوارد عدم حدوث اي اتفاق وعودة المنطقة للتصعيد بحرب رمادية او مباشرة وقد بدأت الاصوات تعلو عن ضربة اسرائيلية قريبة للمنشآت النووية الايرانية تقوم بها لوحدها او بالمشاركة مع الولايات المتحدة برغبتها او توريطها بذلك

2– ازاء تعثر المفاوضات برزت مواقف ومؤشرات امريكية لاتسر الجانب الروسي..فقد قرر الرئيس الامريكي برسالة موجهة الى الكونغرس ان بقاء القوات الامريكية في سورية اثر سحب القوات القتالية من العراق بقاء غير محدد باجل طالما يستدعي أمن الولايات المتحدة ذلك.

ترافق ذلك مع حملة صحفية من اهم صحيفتين في الولايات المتحدة(الواشنطن بوست  والنيويورك تايمز) بشن حملة على ممارسات النظام السوري وشخص رئيسه وعائلته..تلاه ربط مشروع قانون لكشف ثروة عائلة اسد وعشيرتها الاقربون وامهال الكونغرس للحكومة الامريكية مدة 4 اشهر لانجازه وربط مشروع القانون بقانون الدفاعةالوطتي الامريكي لضمان توقيع الرئيس عليه واصبح قانونا بعد توقيعه وتم اسقاط مشروع قانون بتعطيل شبكات تصنيع وتجارة المخدرات التي يقوم بها النظام السوري والتي تهدد الامنىالمجتمعي لدول الجوار والعالم اجمع…ولكنه بقي مسودة قرار تم صباغته من المشرعين الامريكان ويمكن ان يقر في هذا العام…

3–تزايد حدة ومواقف الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة من النظام السوري خاصة بعد فشل زيارة وزير الخارجية الاماراتي لدمشق والبناء عليها ان لا أمل بنزع النظام السوري من الحضن الايراني باي شكل من الاشكال..

4–لايمكن اغفال نشر الصحافة الامريكية لضربات امريكية تمت في عام 2020 وبحزيران 2021 لمتشآت سورية قرب دمشق تعمل على استمرار مشروع النظام السوري بامتلاك غاز السارين ..وبالتالي فشل كل الضمانات الروسية بتسليم كامل مخزونات النظام من السلاح الكيماوي وعدم العودة لمشروع انتاجه مجددا وهو موضوع القرار الدولي تحت الفصل السابع 2118…ايضا اثارة الموضوع في الجمعية العامة للامم المتحدة ..وليس بعيدا عن ابراز الملف دوليا هو اعتقال السلطات الفرنسية لتاجر فرنسي من اصل سوري قام بتوريد مواد ومعدات لصناعة اسلحة كيماوية

القشةالتي قصمت ظهرالدب الروسي

5- هذه القشة هي تصريحات السفير السعودي في الامم المتحدة حيث عبر عن موقف بلاده(وموقف المجموعة الدولية الفاعلة بالملف السوري حيث تعتبر المملكة حجر اساس لتنفيذ اي سياسة بالمنطقة) بكلمته الاخيرة والتي عنوانها لاتصدقوهم وملخصها ان النظام السوري هو نظام إبادة بشرية وليس نظام مارق او دكتاتوري…لايمكن التوصل لاي اتفاق مع انظمة الابادة البشرية حتى بعد حرب..اذا لابد من استئصالها تماما (كنظام هتلر) ..

وصلت الرسالة للروس ان هناك قرار دولية بسكب سطل ماء متجمد على كل المساعي الروسية لتعويم النظام سياسبا ومن ثم اقتصاديا او بالعكس…اذ ان *لادولار لإعادة الإعمار ولا تطبيع مع بشار* هو موقف دولي وانه من الممكن تم صنع فخ او مازق  او مستنقع سوري لروسيا بحيث تبقى تستنزف ولاتستطيع التقدم خطوة للامام ولا التراجع خطوة الى الخلف..اصيبت بصدمة عبر عنها لافرنتيف مؤخرا وحاول تخفيف اثرها بل حتى تكذيبها(بتبادل ادوار) من قبل بوغدانوف ..وبدا ان الروس يوصلون الامور لحافة الهاوية فيما الامريكان سعيدين باستنزاف كل القوى المنخرطة بالشان السوري للتخفيف من طلبات الرؤوس الحامية بعد إنهاكها وقبل الجلوس الى طاولة مستديرة.

ويبقى كالعادة الشعب السوري يتحمل كل اوزار الصراع الدولي في سورية وعلى سورية.

———————————-

عندما أكل الأمن السوري الدستور/ سميرة المسالمة

يستبق قطبا التفاوض الدولي (الولايات المتحدة وروسيا) مباحثاتهما في جنيف الأسبوع المقبل بوضع نقاط علامات بارزة لمراكز قوتهما في الملفات المختلف حولها، ومنها الملف السوري، على الرغم من أنه ليس المعني بجدول أعمالهما، إلا أنه أحد المؤثرات الجانبية التي تفيد في تثقيل موقف روسيا من جهة، وكشف خبايا ردود الفعل المستقبلية للجانب الأميركي من جهة مقابلة. والشأن السوري، على ما يظهر للعلن، أسهل القضايا التي يجري التلاعب بمضمونها، من خلال تعدّد القراءات للقرارات الدولية المتعلقة بها، وطرق تنفيذها، من بيان جنيف 1 وحتى قرار مجلس الأمن 2254، وما بعدهما بشأن المساعدات الدولية والممرّات الإنسانية، وتبع ذلك الانتقال من مفاوضات جنيف إلى آستانة، ثم إلى متاهات اللجنة الدستورية، ما يبدّد أوهام بعض السوريين عن حجم الاهتمام الدولي بمتابعة تطبيق التصريحات أو القرارات ذات الصلة بالصراع في سورية وعليها.

واللافت أنه باستعارة أي محادثة بين الطرفين بشأن الخلافات (خارج الملف السوري)، ومنها الموضوع الأوكراني، وإسقاطها على الوضع السوري، سنجد أن الطرفين يستخدمان المصطلحات نفسها في مواجهة بعضهما ضد التدخل في شؤون الدول المستقلة التي ينتهكان سيادتها، فبينما تتمسّك التصريحات الأميركية باستقلالية أوكرانيا دولة ذات سيادة لا يجوز التدخل في شؤونها والاعتداء عليها، تواجه روسيا التدخل الأميركي في سورية بالتعبير نفسه، وتطالب بخروج قواتها من شمال سورية، في وقتٍ تناقض فيه الولايات المتحدة نفسها أيضاً، برفض التدخل الروسي في أوكرانيا، بينما فتحت هي المجال واسعاً أمام تدخل القوات الروسية في سورية، ولاذت بالصمت عن توسع نفوذ إيران في كل من العراق ولبنان واليمن وسورية.

ولذلك يمكن قراءة التغيرات الأخيرة للجانبين في سورية ضمن مروحة خياراتهما لاستفزاز بعضهما في سورية، ولمصلحة حواراتهما أو مفاوضاتهما على ملفاتٍ خارجها، فالتغيير الحاصل في تصريحات المبعوث الرئاسي الروسي، ألكسندر لافرنتييف، واستبقت بأيام التواصل بين الرئيسين، الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، في نهاية العام المنقضي، تؤكّد أن الموقف الروسي الذي استطاع استمالة كيانات في المعارضة السورية بتوجيه تركي، كان يهدف إلى احتواء “حالة” بهدف تبديدها، لا حل قضيتها على أساس عادل، وبذلك فقد امتلكت روسيا منذ عام 2017، أي مع بدء دخول ما تسمّى “المعارضة” في “كوريدور” مفاوضات آستانة المعتم، الوقت اللازم لتمييع ملامح الصراع السوري، وضمنه تضييع القضية السورية التي أضحت دولياً مجرّد قضية إنسانية، تتعلق بتقديم مساعدات، أو إنشاء مخيمات، أو تسهيل حياة المشرّدين.

وسهّلت المعارضة مهمة روسيا في سورية باختلافاتها وتمزّقها، وقبل ذلك بعسكرتها الصراع، وتصوير ما يجري في سورية حرباً متكافئة بين جيشين يعلن كل منهما بين حين وآخر انتصاره ورفع علمه على الأرض المسيطر عليها، ما حيّد جانباً حقيقة الثورة على النظام، وبدل أن تكون قضية تغيير سياسي نحو المواطنة والديمقراطية، أو قضية صراع بين الشعب والنظام الحاكم بطبيعته الاستبدادية، أصبحت قضية صراع مسلّح بين طرفين، وقد شكّل ذلك رافعة للموقف الروسي أمام المجتمع الدولي عموماً، والجانب الأميركي تحديداً، الذي منحها صفة المفاوض والمتحكّم بالملف السوري، في مقابل كيانات المعارضة الممزّقة، وأجهضت القرارات الدولية، وشعارات المساندة لحقوق السوريين في دولة ديمقراطية لمواطنين أحرار.

وفقاً لهذا الاعتبار، تمارس روسيا دورها في سورية من منطلق أنه نقطة قوة تفاوضية لها مع الولايات المتحدة. ولذلك، فإن تغيير تصريحاتها في ما يتعلق بعمل اللجنة الدستورية، والغرض من تغيير الدستور في سورية “يجب ألا يهدف إلى تغيير السلطة في البلاد”، بحسب تصريح لافرنتييف في 27 ديسمبر/ كانون الأول، يؤكد أنها تتعامل مع القضية السورية حسب متغيرات الوضع الدولي مع مصالحها، وليس من منطلق راعي عملية تفاوضية سورية – سورية سلمية. أي إن الدستور السوري ورقة تفاوضية جديدة ترميها قبيل جلستها المنتظرة مع الجانب الأميركي، لتأكيد أن جعبتها بما يتعلق بالملف السوري لم تفرغ من المفاجآت، وأنها في كل مرّة قادرة على التلاعب بمصير السوريين، من مسودة الدستور الذي قدمته للمعارضة في أول اجتماع لها في آستانة في 24 يناير/ كانون الثاني 2017، وتضمن تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، في وقت تتوسّع فيه مهام البرلمان، وضمن معايير جديدة لعلاقة السلطات مع بعضها، إضافة إلى ما يحتويه من تغيير في شكل الدولة، حيث طرحت المسودة هوية فيدرالية تركّز على تحقيق مطالب الكرد في سورية، إلى ما تلا ذلك من تصريحات عن انتخابات رئاسية مبكّرة يتم مسح مضامينها بسهولة، عبر ما قاله المبعوث الرئاسي الروسي قبل أيام، ويمثل حقيقة الموقف الروسي في سورية.

ويمكن باختصار توضيح القول إن الصراع اليوم لا يجري على الدستور الذي أقالته الأجهزة الأمنية قبل الثورة وبعدها، وإنما على حقيقة الهدف من الثورة، وعدم وجود داعمين دوليين لحل الصراع في سورية، لأنه حتماً لا يمكن اختزال ما جرى ويجري بتعديلات دستورية يُستفتى عليها شعبٌ يرزح تحت سلطة الأمن التي كانت سبباً في تفجير الثورة، وأسهمت في حرف مسارها من سلميتها إلى عسكرتها، لنكون اليوم أمام صراعٍ على كل شيء، على السلطة، وعلى طبيعة الدولة، وعلى هويتها، هل هي دولة مؤسسات وقانون ومواطنين، أم هي سلطةٌ تغوّلت على الدولة، وأخضعتها لمصالحها، بالتالي، باتت متحكّمة بالشعب وبالدولة في آن واحد. علماً أن هذا النظام لم يعنه وجود دستور سابقاً، ليكون موضع اهتمامه لاحقاً، لأن سلطته الأمنية والعسكرية أكلت الدستورين السوريين، الحالي والسابق، وستفعل ذلك في اللاحق، لأنها تشتغل وفقاً لقانون القوة، قوة العنصر المسلح على المواطن الأعزل، أو سلطة الهيمنة الشاملة على المجتمع، وعلى مؤسسات الدولة وعلى الموارد.

العربي الجديد

———————————–

===========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى