نصوص

المرء والكون/ إرنستو ساباتو

وُلد إرنستو ساباتو في مدينة روخاس الأرجنتينية عام 1911، وتوفي في بوينس آيرس عام 2011. نال درجة الدكتوراة في الفيزياء من جامعة لا بلاتا الوطنية عام 1937. التحق بجامعة السوربون في باريس، وهناك حصل على منحة دراسية لمدة سنة لإجراء أبحاث حول الإشعاع الذري في معهد كوري (Curie)، كما درس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 1939، وعاد بعدها إلى الأرجنتين عام 1940، حيث درّس الفيزياء النظرية في جامعة لا بلاتا الوطنية، وبدأ بنشر مقالات في صحيفة “لا ناثيون” الرائدة، تؤكد معارضته لحكومة خوان بيرون، وكان الثمن حرمانه من مناصبه التدريسية. وفي حوار أجري معه لمجلة “يونيسكو كوريير” أشار ساباتو إلى أنه “رغم تخصصه في الفيزياء التي قدمت له نوعًا من النظرة التجريدية والملاذ المثالي الأفلاطوني، بعيدًا عن فوضى العالم، غير أنه سرعان ما أدرك أن الإيمان الأعمى بالفكر الخالص والعدل والتقدم الذي يتحلى به بعض العلماء جعلهم يتغاضون عن الجوانب الأساسية في حياة الإنسان، كاللاوعي والأساطير، حيث وجد الجانب الخفي في حياة الإنسان الذي كان يفتقده تمامًا في عمله العلمي البحت. فقد قللت السيادة المطلقة للعلم والتقدم في القرنين التاسع عشر والعشرين كثيرًا من قيمة الفرد لدرجة أن جعلته ترسًا في آلة ضخمة”. كان ساباتو يدرك الكارثة الروحية التي تلم بالعالم، فوجد في الأدب فسحة تسمح له بالتعبير عن شكوك الإنسان ومعضلة الوجود. ومع أنه هجر العلم بالمعنى الأكاديمي بعد الحرب العالمية الثانية، واتجه بشغف نحو الأدب، إلا أننا حين نقرأ أعماله نجد أنه يعالج الأفكار التي يطرحها بأسلوب تتضح فيه آلية تفكيره العلمية التي تبقى جلية في مقاربته لمواضيعه.

صدر كتابه الأول “المرء والكون” عام 1945، ولقي نجاحًا باهرًا حصل إثره على جائزة بلدية بوينس آيرس في العام نفسه، وعلى جائزة جمعية الكتاب الأرجنتينيين. كتب رواية “النفق” التي قوبلت بإعجاب كبير من قبل الروائي الألماني توماس مان، وألبير كامو، وتُرجمت إلى الفرنسية، وإلى لغات أخرى عديدة. تلتها روايته “أبطال وقبور”، التي عالج من خلالها أسطورة التطور، واستخدام التكنولوجيا، فكانت بمثابة نداء لاستعادة المفقود من إنسانيتنا. كما صنفت روايته “أبدون، ملاك الجحيم” كأفضل كتاب أجنبي في فرنسا عام 1976. بعد وفاته، وصفته الصحيفة الإسبانية الأشهر “إل موندو” بأنه آخر كتّاب الأرجنتين العظام.

في كتابه “المرء والكون”، الذي ينطوي على مجموعة أقوال وتأملات شخصية فلسفية وميتافيزيقية تعكس انشغاله بالأفكار الجوهرية حول الخلود والوجود والإنسان والعلم، ينتقد ساباتو الحياد الأخلاقي الواضح للعلم، ويحذر من تجريد الإنسان من إنسانيّته في المجتمعات التكنولوجية، متجهًا نحو موقف تحرري إنساني. ويؤكد ساباتو في مقدمة الكتاب على أن تأملاته تشير إلى كيانات لقيها في طريقه نحو معرفته لذاته، إذ ينطلق المرء إلى أراض قصية، أو يسعى إلى المعرفة من خلال البشر، أو يتقصى الطبيعة، أو يبحث عن الله؛ ثم يدرك أن الشبح الذي كان يطارده ما هو إلا ذاته التي يبحث عنها. إنه يدرك وجود كيانات ونظريات وفرضيات أخرى مختلفة عن التي تكشّفت له في تجربته، لذا نراه ينبه إلى أن الكون الذي يتحدث عنه هنا هو كونه الخاص، بالتالي هو كون غير مكتمل ومتناقض وقابل للتحسين.

من هذا الكتاب إليكم هذه المختارات:

                                                                                                                               [ترجمة وتقديم: مها عطفة]

أبيرون(1)

قالوا لنا إن هذا الكون الناقص الذي نعيش فيه يتكوّن من مادة واحدة في تغيّر مستمر، تتخذ على نحو مؤقت شكل أشجار ومجرمين وجبال، مثل فنان غير راضٍ يقوم باستمرار بهدم عمله الفني. تحاول هذه العملية أن تكون نسخة عن كون فانتازي تنعدم فيه الحركة. كونٌ يوجد فيه الشجر والحيوان والعدل وسقراط والمثلث، كل هذه الأشياء، بشكل غير قابل للتغيّر، أو التلف، لأن الزمنَ الذي يُفسد ويغيّر كل شيء والذي ربما يكون هو الانحلال والتحوّل، لا يمرّ عليها. فالأشياء والموت والحب في العالم اليومي هي أشبه بصورة تقريبية رديئة عن تلك الأشياء الغرائبية. ومع أننا لم نرها من قبل، رغم ذلك نعتقد بأنها موجودة في مكان ما. نحن نؤمن مثلًا بأزلية شيء نسميه الشجرة، وهي فكرة ثابتة ومتبلورة، تُقارَب بخفر من خلال السقاية والعناية والكثير من الجسيمات الكونية التي كانت من قبل ملحًا وجبلًا وماء. هذا الكائن الهش يموت قبل أن يبلغ تلك الحالة المثالية، إذ يبدو كما لو أن الطبيعة هي عدوة الأشياء النقية غير القابلة للانحلال. وبهذا يتحول الحجر إلى شجرة، والهيدروجين إلى أوكسجين، وأفلاطون إلى أرسطو، والحب إلى كره، والمجرم إلى قديس.

بيركلي(2)

عندما شعر الدكتور جونسون أن الجدال مع الأسقف بيركلي كان يدخله في ورطة، قرر الدخول في صلب الموضوع متبعًا الأسلوب المتعمد من قبل البراغماتيين الإنكليز، وقام بركل حجر، ثم صاح:

ـ أفنّد نظريتك بهذه الشاكلة.

واعتقد أنه بذلك برهن على صحة أن الحجر ليس وهمًا إدراكيًا. لكن، ألا يمكن لحجر بيركلي أن يُركَل؟ ففي الأحلام أيضًا نستطيع أن نركل حجرًا. لست مهتمًا على الإطلاق بإنقاذ بيركلي، لكن من باب الاحترام للذكاء، أطالب ببراهين أقوى.

بورخس

إن الأعمال المتتالية للكاتب هي بمثابة المدن التي تُبنى على أنقاض المدن التي سبقتها. ومع أنها مدن جديدة، إلا أنها تطيل أمدَ خلودٍ ما، تؤكده أساطير قديمة، وناس من السلالة نفسها، والغروب المتكرر نفسه، والعواطف المتشابهة، وعيونٌ ووجوه تعودُ إلى الظهور.

وعندما يتم التنقيب في أعمال خورخي لويس بورخِس، تظهر أحافير متباينة من مخطوطات لمهرطقين، وورق لعب، وكيبيدو، وستيفينسون، وأدب التانغو، وبراهين رياضية، ولويس كارول، ومفارقات إيليّة(3)، وفرانس كافكا، ومتاهات كريتية(4) وضواحي بوينس آيرس، وستيوارت ميل، وتوماس دي كوينسي، ورجال وسيمون بقبعات فاخرة. الخليط واضح، وهو دائمًا عبارة عن الانشغالات الميتافيزيقية ذاتها بزي مختلف: فدورة بورق اللعب يمكن أن تكون الخلود، والمكتبة يمكن أن تكون العودة الأبدية، وعراب من فراي بينتو يقدم تبريرات لديفيد هيوم. يروق لبورخِس إرباك القارئ: يعتقد المرء بأنه يقرأ قصة بوليسية، وفجأة يقابل الله، أو بازيليد(5) الزائف.

إن الأسباب الفعالة لعمل بورخس هي نفسها منذ البداية. يبدو أن المادة في مجموعته القصصية (خيالات) بلغت شكلها المثالي، وصار المحتمل واقعيًا. يبدو أنه لا يمكن التغلب على التأثير الذي يمارسه بورخِس على بورخِس. فهل سيكون مقدرًا عليه من الآن فصاعدًا أن ينتحل أفكاره من نفسه؟

“عندما يتم التنقيب في أعمال خورخي لويس بورخِس، تظهر أحافير متباينة من مخطوطات لمهرطقين، وورق لعب، وكيبيدو، وستيفينسون، وأدب التانغو، وبراهين رياضية، ولويس كارول، ومفارقات إيليّة، وفرانس كافكا، ومتاهات كريتية وضواحي بوينس آيرس”

يعبر بورخِس في مقدمته لرواية اختراع موريل(6) عن سخطه من أنّ الحرية في ما يسمى بالروايات النفسية تصبح اعتباطية مطلقة: قتلة يقتلون بدافع الرحمة، عشاق يفترقون بدافع الحب؛ ويجادل بأنه لا توجد صرامة(7) إلا في روايات المغامرات. أعتقد أن هذا صحيح، لكن لا يمكن قبولُه كنقد: إنه تعريف في أفضل الأحوال. فقط في بعض روايات المغامرات، البوليسية منها على وجه التفضيل، والتي بدأت مع بو، توجد هذه الصرامة الذي يمكن تحقيقها من خلال نظام من الأعراف البسيطة، كما هو الحال في الهندسة أو الديناميكية؛ غير أن هذه الصرامة تعني قمع العرائك الإنسانية الحقيقية. فإن كانت هنالك حبكة، أو قانون في الواقع البشري، فيجب أن يكون شديد التعقيد حتى يتمكن من أن يكون واضحًا.

الضرورة والصرامة من سمات المنطق والرياضيات. لكن، كيف يمكن تطبيقهما على علم النفس إذا لم يكن في متسعهما مساعدة المرء على فهم الواقع المادي حتى؟ وكما يقول راسل، الفيزياء رياضية ليس لأننا نعرف كثيرًا عن العالم المادي، ولكن لأن ما نعرفه عنه يسير للغاية.

إذا قمنا بمقارنة بعض متاهات بورخِس في مجموعته القصصية “خيالات” مع متاهات كافكا، فيمكن ملاحظة هذا الاختلاف: طراز متاهات بورخِس هندسي، أو شطرنجي، والكرب الذي تحدثه كربٌ فكري، مثل مسائل زينون(8) التي تنشأ من الوضوح المطلق لعناصر اللعبة؛ في المقابل، فإن متاهات كافكا هي عبارة عن ممرات مظلمة وغامضة وبلا قاع، والكرب فيها كرب كابوسي، نابع من الجهل التام بالقوى اللاعبة. في الأول توجد عناصر غير بشرية، وفي الثاني العناصر بشرية وحسب. المحقق إريك لونروت(9) ليس كائنًا من لحم ودم: إنه دمية رمزية تطيع بشكل أعمى، أو بشكل واضح، الأمر سيان، قانونًا رياضيًا. إنه لا يقاوِم، تمامًا كما لا يستطيع الوتر مقاومة أن تُبَرهَن من خلاله نظرية فيثاغورس؛ سحره يكمن بالضبط في حقيقة أنه لا يقاوِم. لدى كافكا أيضًا قانون لا يلين، لكن يتم تجاهله إلى حد بعيد؛ إذ إنّ السبب في الكرب الذي تعانيه شخصياته يكمن في شكّهم بوجود شيء ما، يقاومون كما يقاوم المرء في كوابيس الليل محاربين القدر؛ والجاذبية في هذه الشخصيات تكمن بالتحديد في هذه المقاومة التي لا جدوى منها.

كما يمكن القول إن بورخِس يمارس الجبر، وليس الحساب (كما يحدث مع تيست وليوناردو دو فاليري). فراي بينتوس(10) العصية على النسيان يمكن أن تكون في كلكتا، أو الدنمارك. إنه يُغالط الحاجة الحتمية، وفقًا للعرف الأدبي، إلى إعطاء أسماء دقيقة للشخصيات والأماكن. من الواضح أن بورخِس يرى هذا التقيّد بمثابة خلل. لم يستطيعوا أن يسمّوا شخصياتهم ألفا، إيني، أو كابا، بينما هو يجعلهم غير محليين قدر الإمكان، إنه يفضل الهنغاريين البعيدين، ثم لاحقًا الإسكندنافيين الكثر.

تشدّد مدرسة فيينا على أن الميتافيزيقيا هي فرع من أدب الخيال. لا يستهوي الميتافيزيقيون هذا التأكيد، لكنه يستهوي بورخِس، فالألعاب الميتافيزيقية وفيرة في كتبه. بالأحرى، أعتقد أن بورخِس يرى كل شيء من منظار ميتافيزيقي، فقد صنع كينونة الخديعة، ولاهوت الإجرام الذي يُرتكب على الشواطئ؛ وعادةً ما تكون أقانيم واقعِه عبارة عن مكتبة، أو متاهة، أو يانصيب، أو حلم، أو رواية بوليسيّة. التاريخ والجغرافية هما مجرد انحطاط في الزمكان لأبدية ما، يحكمها أمين مكتبة عظيم.

يخبرنا بورخِس في ثلاث روايات عن يهوذا، ونصدقه، أنه بالنسبة لنيلز رونبيرغ(11)، كانت نظرياته عن يهوذا هي الشيفرة التي تكشف غموضًا أساسيًا في علم اللاهوت. إنها مادة للتفاخر والبهجة والرعب، وقد بررت هذه النظريات وبلبلت حياته. يمكننا أن نضيف: ربما أنه بسببها أيضًا قَبِلَ الجحيم.

في المقابل، يرى بورخِس أن هذه النظريات ما هي إلا “تمارين سريعة في الإهمال والتجديف”. وبالغبطة، أو الحزن نفسه الذي يولده عدم وجود أي إيمان، سيعلن بورخِس أطروحة رونبيرغ وعكسها، سيدافع عنها، أو يدحضها، وطبعًا لا يقبل النار في أي منها. حتى ينال رجلٌ إعجابَ بورخِس لا بدّ له أن يكون منفتحًا على كل الآراء، الأمر الذي يماثل إلى حد ما وحدة الوجود. وحدث أنه ذات مرة ألف قصة عن لاهوتي كرس حياته لصراع شخص مهرطق، وفي النهاية فنّد آراءه وقام بحرقه. وبعد موت اللاهوتي، أدرك أنه والشخص المهرطق شخص واحد. يهوذا أيضًا هو بطريقة ما انعكاس للمسيح. غير أن بورخِس لا يدع نار وحدة الوجود تحرقه، لأنه أيضًا مثنوي وتعددي.

“طراز متاهات بورخِس هندسي، أو شطرنجي، والكرب الذي تحدثه كربٌ فكري، مثل مسائل زينون التي تنشأ من الوضوح المطلق لعناصر اللعبة. في المقابل، فإن متاهات كافكا هي عبارة عن ممرات مظلمة وغامضة وبلا قاع”

إن لاهوتية بورخِس هي لعبة شخص غير مؤمن، وهي الحافز لكتابة روائعه الأدبية. وإلا، كيف يفسر إذًا إعجابه بليون بلوى(12)؟ ألا يُعجب بإيمانه وقوته على نحو نوستالجي. لطالما لفت انتباهي أنه يعجب بالعرابين وبالرجال الوسيمين ذوي الخناجر على خصورهم. ولهذا أطرح هذه الأسئلة:

هل يفتقر بورخِس إلى الإيمان؟

أليست جهنم هي مصير الملحدين؟

ألا يكون بورخِس ذاك الجحيم؟

أراك يا بورخِس، مهرطقًا من ضواحي بوينس آيرس، ولاتينيًا يتحدث العامية، ومجموعَ أمناءِ مكتباتٍ لا متناه بأقانيمهم، ومزيجًا نادرًا من آسيا الصغرى وباليرمو، ومن تشيسترتون وكارييغو، ومن كافكا ومارتين فييرا؛ غير أني في المقام الأول، أراك شاعرًا عظيمًا، ثم تعسفيًّا ورفيعًا ودمثًا وساعاتيًّا وضعيفًا وكبيرًا ومنتصرًا ومُخاطِرًا، وخائفًا وفاشلًا ورائعًا وتعيسًا ومحدودًا وطفوليًا وخالدًا.

العودة الأبدية

يتكرر المنظر في كل مرة تكتمل فيها الدورة في لعبة دوامة الخيل. وبالطبع، يجب أن يكون هناك منظر دائم الوجود حتى تتم عملية التكرار. والعودة الأبدية تتضمنُ في طياتها السرمديةَ، أو بالأحرى “منظرًا خارج الزمن”. وكما هو الحال في كتاب الطيماوس(13)، كان من الممكن صنع الزمن مع الأجسام التي تدور، حتى تظهر الأبدية بصورة متحركة.

هوامش:

1 ـ كلمة يونانية تعني اللانهائي، أو اللامتعين، ويقصد به مادة لا محدودة كمًا وكيفًا أتى منها الوجود بكل عوالمه.

2 ـ جورج بيركلي (1685 ـ 1753): أسقف وفيلسوف أيرلندي طور نظرية اللامادية التي تقول بأن الموجودات المألوفة ما هي إلا أفكار في عقول من يدركونها حسيًا.

3 ـ نسبة إلى زينون الإيلي من مدينة أيليا على الساحل الجنوبي لإيطاليا.

4 ـ نسبة إلى جزيرة كريت، أكبر جزر اليونان.

5 ـ باسيليدس من كبار الغنوصيين في الإسكندرية في النصف الأول من القرن الثاني.

6 ـ رواية لأدولفو بيوي كاسارِس.

7 ـ صرامة القطيعة مع التراث الثقافي (المترجم).

8 ـ زينون من أنصار بارميندس في أن عالم الحس وهم باطل.

9 ـ شخصية من قصة بورخِس “الموت والبوصلة”، وهي من مجموعته القصصية التي بعنوان حكايات أو قصص من الخيال.

10 ـ مدينة في الأوروغواي.

11 ـ شخصية الكاتب الخيالي في قصة ثلاث روايات عن يهوذا.

12 ـ روائي كاثوليكي فرنسي.

13 ـ إحدى محاورات أفلاطون.

    المترجم: مها عطفة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى