سياسة

الضربات الإسرائيلية المكثفة لسوريا -مقالات تناولت الحدث-

القصف الإسرائيلي في شرق سوريا: دير الزور الشاهدة والشهيدة/ صبحي حديدي

ليس واضحاً، حتى الساعة على الأقلّ، السبب في وقوع أعداد كبيرة من القتلى جراء الغارات التي شنّتها قاذفات جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخراً، وطالت سلسلة أهداف في مناطق البوكمال والميادين ومحيط مدينة دير الزور، شرق سوريا. المعلومات المتوفرة عن الانتشار العسكري في هذه المناطق تشير، حسب موقع «فرات بوست» إلى استهداف ميليشيات «لواء زينبيون» وأغلبية مقاتليه باكستانيون، و«لواء فاطميون» ذي الأغلبية الأفغانية؛ وهؤلاء، في اللوائين، عناصر محدودة التدريب ومتواضعة القدرات، وثمة ما يدعو إلى التساول عن سبب تعمّد دولة الاحتلال إيقاع أعداد كبيرة من القتلى في صفوفهم. هنالك، في المقابل، سبب أكثر وضوحاً في حالة «كتائب حزب الله» العراقي المنتشر في البوكمال، والمبرر هنا لا يقتصر على دولة الاحتلال، بل يشمل الإدارة الأمريكية والبنتاغون بسبب الصلة العراقية وتهديد الوجود الدبلوماسي العسكري الأمريكي هناك.

أكثر جلاء هذا الجديد اللافت الذي طرأ، إسرائيلياً، على الأعراف الشائعة بصدد امتناع دولة الاحتلال عن إعلان مسؤولية قاذفاتها عن تنفيذ الكثير من عمليات القصف (1000 عملية، خلال السنوات الخمس الأخيرة، حسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية). الجديد تمثّل في تسريب خبر عن معلومات وفّرتها واشنطن لخدمة عمليات القصف الإسرائيلية، وأنّ وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قدمها إلى رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين خلال لقاء احتضنه مقهى في واشنطن؛ من باب رفع الكلفة، ولتعظيم مضامين الإهانة الموجهة إلى طهران. وقد يُقال، في تفسير أوّل روتيني الطابع، إنّ بومبيو يواصل أداء الدور الذي أناطه بنفسه، بموافقة سيّده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غنيّ عن القول، كعرّاب لسلسلة من الإجراءات التي قد تتكفل بتعقيد مهامّ إدارة جو بايدن في السياسة الخارجية. وقد يُساق، كذلك، رأي يقول إنّ الرسالة موجهة إلى إيران بصفة أساسية، لجهة منح دولة الاحتلال ترخيصاً أكثر وضوحاً بالذهاب أبعد وأدهى في مقارعة طهران على الأرض السورية.

وفي مظاهر هذا الجديد ما سرّبته الاستخبارات الأمريكية، صاحبة التسريب ذاته عن لقاء المقهى، أنّ بعض المقارّ ومخازن السلاح والعتاد التي قصفتها القاذفات الإسرائيلية كانت تخدم أيضاً البرنامج النووي الإيراني؛ الأمر الذي يجافي المنطق من حيث المبدأ، ولكنه لا يستبعد فرضية دخول واشنطن على خطّ التسخين الدائم بين دولة الاحتلال وطهران، من زاوية سوف يلوح أنها تخصّ الأمن القومي الأمريكي، وتشاغب في الآن ذاته على نوايا بايدن في العودة إلى الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني؛ ومن هنا حضور بومبيو شخصياً في المشهد. وبعض كتّاب الأعمدة المختصين بالشؤون الدفاعية في الصحافة الإسرائيلية أعربوا عن عدم الرضا إزاء هذه النقلة، ليس لأنها تكلف دولة الاحتلال أعباء إضافية على مستوى الاستنفار والتحسب واحتمالات التصعيد من جبهات لبنانية أو سورية أو حتى عراقية، فحسب؛ بل كذلك لأنّ إدارة أمريكية قادمة على الأعتاب، والتكهنات حول سياساتها ليست واضحة تماماً أو ليست قاطعة بصدد هذه الملفات.

يبقى، بالطبع، الجانب الذي يُنتفى، موضوعياً وطبقاً لوقائع سنوات وعقود، من حيث أنّ تعظيم الإهانة لا يُقصد به شخص بشار الأسد ولا حيشه، رغم أنّ القصف الإسرائيلي استهدف مواقع تابعة للنظام رسمياً أو اسمياً، مثل مقرّ الأمن العسكري في مدينة دير الزور، واللواء 137 وتلة الحجيف ومخازن عياش ومحيط المطار. فمن جانب أوّل أعلنت دولة الاحتلال، مراراً في الواقع، أنها حين تستهدف قوات النظام فإنها لا تفعل ذلك إلا لأنها تأوي ميليشيات إيرانية التابعية، أو الحرس الثوري الإيراني ذاته. ومن جانب ثانٍ، سبق لدولة الاحتلال، على اختلاف ساستها وعقائد جنرالاتها، أن أعلنت أنّ إسقاط نظام آل الأسد ليس هدفاً لها وليس في مصلحتها، وهذا خيار تعزز أكثر فأكثر بعد انطلاق انتفاضة الشعب السوري في آذار (مارس) 2011. جانب ثالث هو مقادير التفاهم المذهلة بين أركان جيش الاحتلال وأركان القوات الروسية المرابطة في مختلف أصقاع سوريا، وفي مطار حميميم الساحلي خصوصاً؛ حول تنفيذ غالبية الضربات، حيث الرادارات الروسية ليست خرساء لعجز تكنولوجي مثلاً، بل هي أقرب إلى وضعية الإخراس عن سابق قصد وتصميم.

ولا يغيب عن حسابات هذا المشهد، في قديمه وفي مستجدّه، حال مدينة دير الزور ذاتها، ثمّ عشرات البلدات والقرى الواقعة على نهر الفرات، إلى جانب مناطق المحافظة عموماً؛ لجهة حضور إيران وميليشياتها وما تبقى من وحدات عسكرية مبعثرة للنظام، ولجهة حضور «قسد» وما تعكسه المناطق التي تسيطر عليها من ولاءات متناثرة موزّعة على قوى محلية وخارجية. ومنذ انطلاق الانتفاضة، وعلى وجه التحديد منذ آب (أغسطس) 2011 حين أقدمت عناصر استخبارات النظام العسكرية على استخدام الذخيرة الحية ضدّ المتظاهرين وقصفت مسجد حرويل؛ وبعدها، أواخر حزيران (يونيو) 2012، حين قصفت دبابات النظام أحياء المدينة الشرقية وأوقعت أكثر من 20 قتيلاً وعشرات الجرحى؛ لم تكفّ المدينة عن دفع أثمان باهظة من دماء أبنائها وخراب عمرانها (جسرها المعلّق التاريخي على نحو خاصّ) وآثار صراعات القوى المتقاطعة على أرضها.

وعلى سبيل رصد مفردات العيش اليومية، تكفي مقارنة الفارق في أسعار الموادّ الغذائية بين مناطق سيطرة النظام ومناطق نفوذ «قسد» كي تتضح معاناة سكان المحافظة، فلا يعود ينقص المأساة المفتوحة سوى صنوف البلاء التي يجلبها وجود الميليشات ذات التابعية الإيرانية، والدمار الإضافي الذي تتسبب به اعتداءات دولة الاحتلال. هذا بافتراض أنّ الحصار الذي كانت تعيشه المدينة، بين مطرقة النظام وسندان «داعش» أو العكس، قد انحسر اليوم ليخلي الساحة لأنماط أخرى من الحصار المباشر أو غير المباشر بين مطرقة النظام وسندان «قسد» أو العكس، هنا أيضاً. وبلدة معيزيلة، في محيط مدينة البوكمال، مثال صارخ على طرائق الميليشيات ذات التابعية الإيرانية في فرض الوصاية وقهر السكان؛ ليس على مستويات سياسية فقط، بل الأخطر منها الحجر ومنع المغادرة، والتحكّم في البرامج التعليمية والثقافية والممارسات الدينية. ولم يكن من دون أسباب وجيهة أنّ عدداً من الناشطين السوريين أطلقوا حملة «هولوكوست دير الزور» في ضوء ما تعرضت له المحافظة من أعمال قصف وحشية تبادلت تنفيذها القوات الروسية وبوارجها في البحر، وقوات النظام السوري، وقوات التحالف بقيادة أمريكا وحلفائها، تكالبت على قرابة مليون مدني محاصر و 180 ألف نازح؛ والآن جاء دور دولة الاحتلال الإسرائيلي!

.. أو، الأحرى القول إنّ القاذفات الإسرائيلية إنما تستأنف دورها في المحافظة ولا تبدأه من جديد، فهذه للتذكير هي المحافظة ذاتها التي شهدت القصف الإسرائيلي لموقع الكبر، في 6 أيلول (سبتمبر) 2007. يومذاك، للتذكير المفيد، اخترقت قاذفات إسرائيلية حرمة الأجواء السورية من جهة الساحل، بعد أن اخترقت جدار الصوت على هواها، وحلقت فوق مساحات واسعة من المنطقة الشمالية ــ الشرقية، من بادية دير الزور إلى تخوم المثلث السوري ـ العراقي ـ التركي، مارّة بمطارَين عسكريين في الأقلّ؛ فقصفت الموقع المطلوب، بعد استلام توجيهات من عملاء على الأرض، وعادت أدراجها سالمة مطمئنّة. وها أنّ دير الزور تواصل، اليوم، موقع الشاهدة على مختلف ألوان البطش والقهر والتدمير، والشهيدة في هذا كلّه وعلى نحو متعدد تارة، ومتناوب طوراً، ومتبادل في أمثلة كثيرة. وبين تدمير موقع الكبر وفنجان قهوة بومبيو/ كوهين، ثمة قوس إسرائيلي لا تغيب عنه جرائم النظام وحلفائه ومسانديه، ولكن لا يُفتقد خلاله إباء المحافظة وأهلها وسمائها وأرضها.

كاتب وباحث سوري يقيم في باريس

القدس العربي

————————–

من البوكمال إلى البيت الأبيض/ بيار عقيقي

لم تكن الغارات الإسرائيلية، يوم الأربعاء الماضي، في البوكمال ـ دير الزور، شرقي سورية، جديدة. اعتاد الإسرائيليون شنّ الهجمات في سورية منذ سنوات. الجديد إعلان مسؤول استخباراتي أميركي “رفيع المستوى”، لوكالة أسوشييتد برس، أن الإسرائيليين نفّذوا غاراتهم “بناءً على بيانات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة إلى إسرائيل”. وأضاف أن الغارات “استهدفت مستودعات في سورية كانت تُستخدم كجزء من خط الأنابيب لتخزين أسلحة إيرانية وتجهيزها”، وأن “المستودعات كانت بمثابة خط أنابيب لمكونات تدعم البرنامج النووي الإيراني”. وكشف أيضاً أن “وزير الخارجية مايك بومبيو ناقش الغارات قبل وقوعها، مع رئيس الموساد يوسي كوهين”.

يمكن قول الكثير عن هذه التفاصيل، بدءاً من التسريب الأميركي عن التعاون الذي أفضى إلى شنّ الغارات، مروراً بنوعية المستودعات المُستهدفة وفق الأميركيين، وصولاً إلى انعكاس ذلك كله على الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب جو بايدن. في التفصيل الأول، أظهر الأميركيون أن التعاون مع الإسرائيليين في الملف السوري لن يتغيّر، خصوصاً أن أهدافه لم تعد تنحصر في موضوع وجود القوات الإيرانية وحلفائها في سورية، بل يتعدّاه إلى قطع الطريق على مدّ إيران بمكوّناتٍ تُساهم في دعم برنامجها النووي. هنا، يظهر التفصيل الثاني في موضوع الغارات: إسرائيل مستعدّة ميدانياً لقصف كل ما يتصل بعملية تطوير البرنامج النووي الإيراني، في حال لم يتمّ التوصل إلى اتفاق نووي جديد في عهد بايدن. وما قصف البوكمال، كانت تلك المكونات موجودة أو لا، سوى إنذار إسرائيلي بدعمٍ أميركي، للذهاب إلى أبعد من ذلك، أي إلى حدّ قصف مواقع في الداخل الإيراني. أما التفصيل الثالث، فمرتبط بمدى استعداد بايدن تأييد التصعيد الأمني الجديد وتغطيته، بل والاستفادة منه لـ”تطوير الاتفاق النووي الإيراني”، وفق أدبياته وأدبيات أركان إدارته العتيدة.

في الواقع، انتقل الإسرائيليون من أولوية “إبعاد الإيراني عن الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة”، إلى “منع الإيراني من الحصول على المواد المساهمة في إنتاج السلاح النووي في سورية، لنقلها إلى طهران”. والأولويتان أساس بند “إخراج إيران من سورية”، لدى الإسرائيليين. ولا يُمكن إقناع روسيا، حليفة إيران، بجدوى هذه العمليات، سوى من خلال العودة إلى لقاء تل أبيب الأمني الذي عُقد في يونيو/حزيران 2019، وترأسه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وضمّ في حينه، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات، ومستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون، ومستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف. اختلف المجتمعون، في حينه، على الموضوع الإيراني في سورية، لكنهم اتفقوا على أن “أمن إسرائيل فوق كل اعتبار”. هنا تبدو الثغرة مفتوحةً لإقناع الروس بجدوى الغارات من جهة، والضغط عليها لإقناع إيران، أقلّه في الحدّ من تطوير وجودها في سورية من جهة ثانية. كما أن أنباء أخرى، غير مؤكّدة، تحدثت عن إخلاء الروس مواقعهم في البوكمال قبل الغارات الإسرائيلية.

في المقابل، لا يبدو بايدن بعيداً عن مبدأ “أمن إسرائيل أولاً”، وفقاً لتاريخه المؤيد لها، لكنه كان مستعدّاً لإحداث نوعٍ من التوازن في أثناء عمله نائباً للرئيس الأسبق، باراك أوباما، خصوصاً في الوصول إلى اتفاق نووي مع إيران في يوليو/تموز 2015. إلا أن اختلال التوازن حالياً دفعه إلى تأييد فكرة تعديل الاتفاق النووي، وشموله مسألة “الصواريخ البالستية”، لكنه لا يرغب في الانغماس في الصدام مع إيران. وما تسميته وليام بيرنز مديراً لوكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) سوى محاولة لتطوير التفاوض مع إيران، اعتماداً على هندسة بيرنز نفسه الاتفاق النووي.

يدرك الإسرائيليون والإيرانيون أن بايدن سيركّز على مكافحة كورونا وإعادة تنشيط الاقتصاد الأميركي في الوقت الحالي، ولن يكون في مقدوره صياغة تغييرات جوهرية في الشرق الأوسط في الأشهر القليلة المقبلة، لذلك سترتفع وتيرة الحراك الميداني بحدّة، وقد تتجاوز سورية إلى لبنان والعراق.

العربي الجديد

—————————-

قراءة في أسباب فشل التصدي للضربات الإسرائيلية في سوريا/ خالد المطلق

تتكرر الضربات الإسرائيلية بشكل مستمر على المواقع والمنشآت السورية التي توجد فيها القوات الإيرانية ولعل أبرز ما يميز هذه الضربات الانتقائية الدقيقة للأهداف والدقة المتناهية في اختيار توقيت هذه الضربات وهذا ما يؤكد على الخسائر الكبيرة البشرية والمادية التي تتكبدها الميليشيات الإيرانية جراء هذه الضربات، ومن الملفت امتناع إيران وجيش الأسد عن الرد على هذه الضربات إلا من خلال رشقات عشوائية من الصواريخ المضادة للطائرات متزامنة مع توقيت الضربات وحتى بعد تنفيذها، ولم تتمكن حتى الآن من إسقاط أي هدف طائرة كانت أم صاروخ، وهذا يستدعي كثيرا من الأسئلة والاستفسارات المشروعة من أهمها لماذا لا يتم التعامل الجدي مع هذه الضربات؟ وهل هذا بسبب نقص في الإمكانيات الفنية والقتالية لسلاح الدفاع الجوي السوري؟ أم أن هناك أسباب خفية متفق عليها بين بعض الأطراف داخل نظام الأسد وروسيا من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى؟

وسؤال آخر يتردد دائما لماذا لا ترد إيران على الضربات الإسرائيلية طالما باتت تمتلك ترسانة من الصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى في سوريا ولبنان؟، وللإجابة على كل هذه الأسئلة لابد من معرفة البنية القتالية للدفاع الجوي السوري الذي يتكون من ثلاث طبقات جوية الأولى يصل مداها إلى “300” كيلومتر وتسمى بالعالية ومسؤولة عن تغطيتها ثلاث أنواع من محطات الصواريخ بعيدة المدى مثل أفواج أل “”S-200 وأفواج ألـ “S-300” وكتائب الصواريخ فولغا، والطبقة الثانية وتسمى المتوسطة ويصل مداها إلى 45 كيلومترا ومسؤول عن تغطيتها كتائب الصواريخ بيتشورا وكفادرات وبانتسير وبوك.

أما الطبقة الثالثة وتسمى بالطبقة المنخفضة ويصل مداها حتى “15” كيلومترا ومسؤول عن تغطيتها كتائب الصواريخ أوسا وستريلا والكوبرا والمدفعية المضادة للطائرات، بالإضافة إلى بعض قواعد الصواريخ الإيرانية المضادة للطائرات التي لم يُعلن عنها ولم تستخدم حتى الآن، ويلحق بهذه القواعد محطات استطلاع على مختلف الارتفاعات وفي كل الاتجاهات، وتنتشر هذه القواعد على مساحة القطر كاملة، وبهذا ومن المفروض أنه لا يمكن اختراق هذه المنظومات بسهولة إلا أن معظم هذه الأنواع من الصواريخ دخلت الخدمة في جيش الأسد في الفترة الواقعة بين عامي “1969” وحتى عام “1981” باستثناء ثلاث أنواع حديثة دخلت الخدمة بعيد عام “2007” ولم يتوفر منها ما يمكن أن يغطي كامل الأراضي السورية خاصة بعد فقدان كثير من المحطات القديمة خواصها الفنية والقتالية نتيجة الزمن وتطور الأسلحة الجوية الإسرائيلية وغيرها.

ومن هنا علينا أن نعترف بأن الإمكانيات القتالية لمنظومات الدفاع الجوي السورية والروسية والإيرانية المجتمعة على الأراضي السورية لا تضاهي فنياً وقتالياً الإمكانيات القتالية والفنية للأسلحة الجوية والصواريخ الإسرائيلية الحديثة وهذا هو سبب واقعي لا يمكن تجاوزه عندما نريد تفنيد أسباب عدم فعالية الدفاع الجوي الأسدي في مواجهة الغارات الإسرائيلية، أما الأسباب الأخرى وأهمها ما يمكن أن يكون اتفاقا إسرائيليا روسيا وجناحا تابعا لروسيا في الجيش السوري والذي يأتي في إطار إخراج القوات الإيرانية من سوريا وأعتقد أن هذا هو الاحتمال الأكثر واقعية خاصة أن الضربات تستهدف مناطق دقيقة جداً وبتوقيت دقيق يؤشر وبشكل واضح على أن من يشي بالإحداثيات الدقيقة لهذه المواقع وما تحتويه وتوقيت اجتماع أو وصول المسؤولين الإيرانيين إليها لابد أن يكون قريب جداً من أصحاب القرار في هذه المنشآت والمسؤولين عنها.

وما يعزز هذه الفرضية هو عدم القيام بأي رد فعل بُعيد أي ضربة إسرائيلية يمكن من خلالها استهداف المواقع الإسرائيلية في العمق على الرغم من وجود إمكانية ذلك بسبب امتلاك جيش الأسد صواريخ أرض – أرض قصف بها الشعب السوري الثائر والتي وصلت إلى الحدود التركية التي تبعد أكثر من “350” كيلومترا عن دمشق ومن المؤكد أنها قادرة على الوصول إلى أي هدف في إسرائيل، كما يعزز فرضية الاتفاق الروسي الإسرائيلي هو عدم تصدي قواعد الصواريخ الروسية “S-400” الموجودة في قاعدة حميميم على الساحل السوري والتي تملك الإمكانيات للتصدي لهذه الطائرات ولو بشكل جزئي، أما لماذا لا يقوم الإيرانيون بالرد على الاستهداف المتكررة لحرسها الثوري وميليشياتها وكبار ضباطها وفنيها العاملين في سوريا فهذا السؤال أعتقد الإجابة عليه من خلال تقدير الإمكانيات القتالية للقوات الإيرانية في سوريا وقدرتها على المواجهة العامة مع إسرائيل وأميركا في سوريا أو لبنان أو العراق وأعتقد جازماً أن نظام الملالي لو يستطيع الرد على هذه الضربات وخاصة الضربات التي أدت إلى مقتل خيرة قياداته في الحرس الثوري أمثال قاسم سليماني وغيره من كبار قادة الحرس الثوري لما تأخر لأنه يعرف بأنه لا يملك خطة جاهزية لقواته في الوقت الحالي يمكن أن تقارع القوات الجوية والصاروخية الإسرائيلية، ولهذا السبب أعتقد أنه يلتزم الصمت مكتفياً بالتهديد والوعيد الإعلامي بانتظار استكمال البنية القتالية والفنية لقواته في مناطق نفوذه في سوريا والعراق ولبنان، وأعتقد أن إسرائيل معها الولايات المتحدة الأميركية لن تسمح له بهذا وستبقى الضربات الجوية والصاروخية مستمرة من أجل ذلك إلى أن يصل الأمر لمرحلة الانفجار الكبير، ويمكن أن يكون هذا الانفجار شرارة حرب عالمية ثالثة ستكون الحرب السيبرانية مرتكزاً رئيسياً لها وما حدث منذ أيام قليلة من استهداف تجريب لإيران بهجوم سيبراني أدى إلى انقطاع الكهرباء عن مجمل الدولة الإيرانية مؤشر واضح على استخدام هذا الأسلوب من الحروب في الحرب القادمة وأعتقد أن هذه التجربة ستكون بداية النهاية لنظام الملالي في طهران.

كاتب في الشؤون العسكرية والأمنية.

تلفزيون سوريا

———————————

 الضربات الإسرائيلية المكثقة لسوريا تدحض التقديرات الغربية عن قآني وتبعث برسالة للأسد وبايدن

لا يختلف المحللون العسكريون والسياسيون في إسرائيل على أن قصف الطائرات الحربية الإسرائيلية لأهداف في الأراضي السورية الليلة قبل الماضية، بدا مختلفاً عن الضربات والقصف خلال الأعوام السابقة، وأسهبوا في شرح وتوضيح طبيعة هذه الهجمات، وخلصوا الى أن الضربات الصاروخية للطائرات كانت هذه المرة أشد فتكاً وأن القصف كان أكثر كثافة وأطول مدة واتساعاً لنطاق الأماكن المستهدفة، خصوصاً للمقار الأساسية ومراكز الدعم اللوجستي الإيرانية في منطقتي دير الزور والبوكمال على الحدود العراقية والتي تجاوزوت الـ18 موقعاً، والهدف منها دفع طهران لمراجعة حساباتها، إذ إن إيران تغتنم فرصة التغيير بين إداراتين في الولايات المتحدة وتزيد من نقل الأسلحة المتطورة الى سوريا.

اللافت أن مصادر أميركية كشفت أن هذه الضربات جاءت بناءً على معلومات استخبارتية أميركية، قدمها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لرئيس جهاز الموساد الإسرائيلي خلال لقائهما في مقهى في واشنطن قبل أيام.

العلاقة الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تعود إلى زمن بعيد، لكنها شهدت تقارباً واضحاً وملموساً خلال عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، وفقاً لرونين بيرغمان المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، حيث كتب في تحليله عن عملية إغتيال أبو محمد المصري، قائلاً: “إن العلاقة الاستخباراتية بين إسرائيل والولايات المتحدة هي أفضل من أي وقت مضى، ودرجة الثقة والتقارب والتعاون عالية، وأن الموساد يقوم بتصفية حسابات لأقوى دولة في العالم”.

ويشير بيرغمان إلى أنه “ليس في وسع اسرائيل أن تقوم بجزء كبير من العمليات المنسوبة اليها ضد إيران، سواء في سوريا ولبنان أو العراق أو في إيران نفسها، من دون تغطية الولايات المتحدة ومظلتها عليها، فيتم استقبال رئيس جهاز الموساد يوسي كوهين بحفاوة كبيرة، وتقدير عميق من قبل المسؤولين الذين يتواصل معهم الموساد في البيت الأبيض، ووكالة الاستخبارات المركزية وأركان الدولة”.

لكن يبدو أن اسرائيل تسعى لما هو أبعد من لجم تنامي قدرات إيران العسكرية والحد من تمركزها في منطقة الشرق الأوسط، وفق رون بن يشاي المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” فعلى الرغم من اغتيال قاسم سليماني، لم تتوقف مساعي إيران عن ترسيخ قواعدها في سوريا، وإقامة جبهة ضد إسرائيل، لكنها فعلت ذلك بتكتم هذه المرة، وغيرت انتشارها في سوريا والعراق لتقليل قدرة القوات الجوية الإسرائيلية على إلحاق الضرر بالبنية التحتية العسكرية التي تبنيها في سوريا”.

ويشير بن يشاي الى “أن الغرب اخطأ بتقديراته تجاه قآني من أنه يواجه صعوبات في خلافة سليماني، فقد استمر بعملية التوسع الإيرانية في الشرق الاوسط، بتكتم وبعيداً من الإعلام وبحذر أكثر من سلفه. التغييرات التي أجراها قآني في التعامل مع الميليشيات والقواعد ونقل الأسلحة كشفت ضوءاً للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وعلى افتراض انه نجح في تنفيذ خطته، فمن المرجح أن يجعل هذا الوضع صعباً على الجيش الإسرائيلي وعلى التعامل مع الجبهة السورية وربما الجبهة اللبنانية في الحرب المقبلة… إن حدثت”.

وبحسب المحللين العسكريين في الإعلام الإسرائيلي، فقد جاء قصف الخط الخلفي الإيراني شرق سوريا، وعلى ضفاف نهر الفرات قرب الحدود العراقية أكثر فتكاً، وبدقة كبيرة، وأدت عمليات القصف الجوي الى مقتل عسكريين وعناصر ميليشيات شيعية أجنبية، فيما قامت الطائرات الإسرائيلية من نوع “أف 35” بالتحليق على بعد مئات الكيلومترات في المجال الجوي السوري، وتم استخدام الأسلحة الموجهة بدقة لقصف ما لا يقل عن عشرة أهداف، كما أن توقيت الهجمات تم تحديده وفقاً لاعتبارين أساسيين، الاول الطقس الصافي خلال الأسابيع الأخيرة والذي يسهل القيام بأي هجوم نظراً لاتضاح الرؤية، أما الثاني، فهو استباق تغيير الإدارة السياسية في واشنطن.

وتشير التقديرات السياسية في إسرائيل، الى أن إدارة الرئيس جو بايدن المرتقبة ستحد من حرية إسرائيل السياسية في تحريك جيشها، بعد أن كانت إدارة ترامب قد منحتها الحرية الكاملة للعمل، كما منحتها الكثير من المعلومات الاستخباراتية والتعاون والمجال لتنفيذ عمليات عسكرية، لذلك فإن لقصف الاراضي السورية رسالة أيضاً إلى الرئيس السوري بشار الأسد ولإدارة بايدن بأن إسرائيل ستعمل من دون انقطاع وستستمر في وقف التمركز الإيراني في المنطقة، ولن تسمح للمشروع الإيراني بالتموضع في سوريا.

 هنغبي

الوزير الإسرائيلي في حكومة بنيامين نتنياهو، تساحي هنغبي، رد على سؤال للإذاعة الإسرائيلية الرسمية، عما اذا ما كانت إسرائيل وراء الهجمات الجوية على سوريا، وكان لافتاً أنه برر الضربة الإسرائيلية لسوريا من دون أن يجيب صراحة عن مسؤولية إسرائيل عن القصف بقوله: “إن أكثر ما يقلق إسرائيل هو المشروع النووي الإيراني، خلال إدارة الرئيس ترامب الذي قام خلالها بإلغاء الاتفاق النووي وفرض عقوبات اقتصادية على إيران للحد من تطويرها لمشروعها النووي، لكن الإيرانيين نجحوا بالاستمرار خلال السنوات الأربع الماضية، كما نجحوا ايضاً في تحويل سوريا إلى نسخة عن “حزب الله” اللبناني، وتشكيل ميليشيات مع جنود مدربين وأسلحة وقواعد عسكرية. إسرائيل قامت بقصف القوة العسكرية الإيرانية مرة تلو الأخرى، لم يستسلم الإيرانيون او يتوانوا عن الاستمرار بمشروعهم، لذلك نقوم في كل فرصة سانحة بضرب هذه القواعد مرة تلو الأخرى.

وأكد هنغبي أن الإيرانيين لم يستسلموا بعد وفي كل مرة يحاولون من جديد، وبعد نجاح هذه الضربات في تدمير القواعد، فإن هدف إسرائيل الآن هو إقناع الإدارة الأميركية الجديدة ألا تعود إلى البنود القاسية في الاتفاق النووي السابق والصادم الذي أبرمته ادارة الرئيس باراك أوباما، وكان الرئيس بايدن أحد المخططين له. الاتفاق النووي ساعد إيران على تطوير مشروعها وتوسيع طموحها ونحن نسعى الى أن لا يحدث ذلك. اذا لم يقتنع الرئيس بايدن بذلك فإن إسرائيل ستكون وحيدة أمام إيران والمشروع النووي الإيراني. لن نسمح بذلك، لقد قمنا مرتين بما يلزم أمام المشاريع النووية في المنطقة… عام 1981 المفاعل النووي العراقي، وفي 2007 المفاعل النووي السوري. ونحن عازمون على فعل ما يلزم اذا كان هذا هو المطلوب”.

النهار العربي

————————–

حصري: شحنة سلاح إيرانية مفقودة في دير الزور تثير جنون إسرائيل/ سعد الشارع

تتركز الضربات الجوية على مواقع الميليشيات الإيرانية بشكل أكبر في الضفة الغربية من نهر الفرات  بمحافظة دير الزور، وسواء كانت هذه الضربات مصدرها طائرات إسرائيلية أو تتبع للولايات المتحدة الأميركية فلا يغير ذلك شيئا من طبيعة الصراع المتشكل في المنطقة، ويأتي هذا التركيز على المنطقة الممتدة من الساتر الحدودي مع العراق عند معبر مدينة البوكمال وصولاً إلى جنوبي مدينة الرقة عند مفرق “البشري”، ومنذ تزايد وتيرة الضربات الجوية في المنطقة كانت تستهدف الجهة الجنوبية من مدن محافظة دير الزور وهي ذاتها المنطقة التي اتخذتها ميليشيات إيران مقارَّ سيطرة وإسناد لحماية العمق الحيوي داخل المدن من خطر هجمات تنظيم الدولة الذي ينشط بقوة انطلاقا من مواطن سيطرته داخل البادية السورية.

ومع تزايد هذه الضربات بدأت الميليشيات باتخاذ خطوات تكتيكية تمثلت بسحب بعض المقار الإدارية إلى داخل المدن، ونقل جزء من مستودعات السلاح والذخيرة إلى الريف الغربي لمدينة دير الزور الذي يعتبر أكثر أمناً -نسبياً- والاعتماد على ميليشيا “حرس القرى” التي شكلتها من أبناء المنطقة كدرع وقائي من هجمات التنظيم، وأنزلت الإعلام والرايات عن بعض المقار وأشركت حضورها مع قوات النظام، كما أوعزت لقادة الميليشيات والشخصيات المحورية في الفصائل بعدم الظهور داخل المقار الجنوبية في الفترة الليلية التي جرت العادة أن تكون موعد الضربات الجوية ولهذا السبب يكون العدد الأكبر من قتلى الضربات الجوية هم من السوريين الموجودين في هذه المقار في الفترة أو كما يُطلق عليه اسم (الورديّة) الليلية.

في السياق ذاته بدأت ميليشيات إيران بحفر أنفاق تصل المقارَّ بعضها ببعض خاصة في جنوبي قرية الهري التي تصل إلى البوابة الشرقية من قاعدة (مجمع الإمام علي) أهم قاعدة عسكرية لإيران في سوريا، وجرت عمليات توسعة للمستودعات الأرضية في معمل مسبق الصنع في مدينة الميادين، ومستودعات عياش غرب بلدة البغيلية، واستبدلت ترميز المحطات اللاسلكية المستخدمة، وغيرت أسماء المواقع إلى أرقام مشابهة للتي تستخدمها قوات النظام، كل هذه التحركات كانت تدل على أن طهران تتحضر لموجة شديدة من الضربات الجوية على المنطقة التي تعد الشريان البري الوحيد الذي يربط مناطق نفوذها بين العراق وسوريا، وهذا ما حصل منتصف ليلة الثلاثاء – الأربعاء.

مصادر حصرية عراقية: شحنة سلاح دخلت سوريا وفقدت إسرائيل أثرها

مصادر حصرية من داخل الأراضي العراقية أفادت لموقع تلفزيون سوريا بأن شحنة سلاح مجهولة النوعية (في الغالب صواريخ) محملة في 4 شاحنات، دخلت الأراضي السورية في بداية الأسبوع الحالي بعد أن انطلقت من مشروع الفوسفات الذي يبعد قرابة 20 كم جنوب شرقي بلدة (حصيبة) العراقية.

وبعد دخول هذه الشاحنات الأراضي السورية وصلت معلومات للقوات الأميركية ترجح احتمالية أن تكون هذه الشاحنات تحمل صواريخ مصدرها الحرس الثوري الإيراني، ولم تتمكن فرق الاستخبارات الميدانية من تتبع مسارها بعد مضي أيام على دخولها ولم ترد تأكيدات عن مغادرتها لمحافظة دير الزور، لذلك كان لزاماً على سلاح الجو الإسرائيلي أن ينفذ غارات جوية على قائمة أهداف موسعة يتوقع أن يكون من ضمنها مقرٌّ يحوي هذه الشحنة المجهولة.

ولأن الأمر على درجة عالية من الأهمية كانت المشاركة الأميركية واضحة في هذه العملية من خلال طائرات الاستطلاع الأميركية التي كثفت من حضورها في أجواء الجهة الغربية من العراق قبيل يومين من العملية، ويتضح جلياً أن ما نسبته 90% من المواقع المستهدفة هي مستودعات سلاح أو مواقع يمكن أن تحوي مخازن.

ماذا حصل في العملية الأخيرة؟

في الساعة الأولى من يوم الأربعاء 13 كانون الثاني 2021 نفذ سرب من الطائرات غارات متتالية على مواقع متعددة في عموم محافظة دير الزور، أولى الانفجارات وقعت في (التلة الشرقية) من مجمع الإمام علي، ثم السواتر الغربية في قرية الهري والتي توجد في محيطها مقارَّ لـ (لواء زينبيون) الباكستاني، تلا ذلك انفجارات في جنوب مدينة الميادين استهدف مقارّ (الطلعة) قرب قلعة الرحبة التي تعد منطقة نفوذ (لواء فاطميون) الأفغاني، وما يعرف بغرف المزارع والنقاط الجديدة غربي موقع مسبق الصنع، ليعاد سماع أصوات انفجارات متزامنة في جنوبي البوكمال وتحديداً الطرق المؤدية لمعبر القائم والمعبر العسكري الأول، وفي مدينة دير الزور كانت المفاجأة باستهداف مواقع ضمن المناطق السكنية على أطراف حي هرابش وشارع بور سعيد، ومبنى الأمن العسكري، وبعد عدة دقائق هزت المنطقة انفجارات ضخمة كان سببها استهداف مستودعات عياش التي بقيت أصوات الانفجارات تسمع بعد مغادرة الطيران أجواءَ المنطقة، مما يؤكد انفجار مخازن الذخيرة في المستودعات، كما تم استهداف موقع في جبل الثردة جنوب مطار دير الزور العسكري، بالإضافة إلى مواقع أخرى في مناطق مختلفة من عموم الجهة الجنوبية لبلدات محافظة دير الزور.

بلغ عدد المواقع المستهدفة نحو 32 موقعاً، بعضها جرى استهدافه بأكثر من غارة جوية، ولا توجد حصيلة نهائية للقتلى، (الأرقام تتراوح بين 80 – 110) والسبب أن بعض المقارّ قد تم تدميرها بشكل كامل ولا يعرف بالضبط عدد العناصر الموجودين فيها، لكن المؤكد أن أكثر من نصف القتلى هم من جنسيات غير سورية، بينهم ثلاثة ضباط (مستشارين) في الحرس الثوري الإيراني.

التحليل الأولي للعملية يُرجّح أنها من تنفيذ طائرات F35 الإسرائيلية مما يعني أن قاعدة القوات الجوية 28 في بئر السبع داخل إسرائيل كانت لها المشاركة الفاعلة (تحوي سربا من هذه الطائرات)، ولم يتم تأكيد أي مشاركة عبر الصواريخ من القواعد الأميركية في منطقة شرق الفرات أو قاعدة التنف العسكرية.

بعد نحو 20 ساعة من تنفيذ العملية حلقت طائرات الاستطلاع بشكل مكثف في أجواء مدينتي البوكمال والميادين، – وهذا الأمر لم يكن معهوداً بعد تنفيذ الغارات سابقاً – في محاولة لرصد نتائج العملية والحصول على تأكيد بتدمير الهدف المفقود، فلا تأكيد على أن العملية حققت مرادها.

تتميز العملية عن سابقاتها بعدة نقاط أهمها:

    جرت العادة خلال الأشهر الماضية أن يتم استهداف بين موقع أو أربعة مواقع على أبعد تقدير، في الجهة الجنوبية من المنطقة الممتدة بين مدينتي الميادين والبوكمال، ولم يحصل إلا مرتين (واحدة في البوكمال وأخرى في الميادين) استهداف داخل المدينة، فهذا التنفيذ هو الأول من نوعه (كمّاً) داخل المدن (مدينة دير الزور).

    أول مرة تشهد المنطقة استهدافاً في وقت استغرق قرابة 40 دقيقة في صورة مشابهة لما حصل سابقاً أثناء استهداف طائرات التحالف لمواقع تنظيم الدولة في مدينة الرقة، وهنا المفارقة المهمة أن هذا النوع من العمليات يتم عندما يكون هناك عناصر ميدانية على الأرض يُمهّد لها الطيران للتقدم، وهذا غير متوفر حالياً في منطقة غربي الفرات.

    تعمّد استهداف مواقع للنظام السوري، بالطبع تشغل الميليشيات الإيرانية جزءاً من هذه المباني أو تتشارك مع النظام بها (الطابق الثاني في مبنى الأمن العسكري يحوي مكاتب المعلومات المشتركة)، وفي ذلك تأكيد أن الميليشيات الإيرانية في دائرة الاستهداف أينما كانوا داخل سوريا.

الموقف الروسي

تصب هذه العملية في مصلحة روسيا التي تتهيأ للدخول في نديّة ظاهرة ومنافسة صلبة مع إيران، وتحاول موسكو أن تُبقي كفتي الميزان متأرجحة دون أن تميل إلى طرف، فمن جهة هي لا تريد خسارة الحليف الإيراني في هذا الوقت الذي يشهد عدم حسم للملفات العالقة خاصة في الشمال السوري (إدلب وأريافها) واحتمالية اندلاع مواجهات مفتوحة من جديد لذلك الحاجة ماسة لثقل الميليشيات الإيرانية في أي هجوم برّي، لأنّ القناعة الروسية ترى أن الفيلق الخامس ولواء القدس الفلسطيني والقطعات العسكرية من جيش النظام لا تقوى على هذه المواجهة.

ومن جهة أخرى فإن الضغوط الأميركية والإسرائيلية على موسكو للقيام بتعهداتها بضبط إيران في دير الزور كبيرة جداً، وليس أمام روسيا خيارات كثيرة في هذا الجانب، فقد حاولت منذ فترة أن تعيد انتشار قواتها مع الشرطة العسكرية الروسية في مدينة البوكمال، لكن هذه المساعي اصطدمت بحجم الحضور الإيراني الكبير في المنطقة، بل إن هذه الاستراتيجية باتت مفهومة لدى طهران التي هيَّأت أن يكون الاحتفال المركزي في الذكرى السنوية الأولى لمقتل (قاسم سليماني) في مدينة البوكمال وليس أي منطقة أخرى في سوريا.

خريطة المواقع المستهدفة تُوحي بما لا يدع مجالاً للشك بأن تنسيق معلومات هذه العملية اطّلعت عليه روسيا، وإثبات ذلك هو أن عدداً من هذه المواقع التي تم استهدافها يجاور مقارّ روسيا (جبل الثردة، مستودع العجلات قرب المبقرة، مقر في اللواء 137)، وأي خطأ في التنفيذ سترفضه موسكو ولن تكون متعاونة على أقل تقدير في تقديم المعلومات المطلوبة لواشنطن وتل أبيب.

تبدل في قواعد الاشتباك أم مناورة جديدة؟

أغلب المؤشرات عن العملية توضح أن الاجتماع الذي حصل في مطعم (ميلانو) بواشنطن يوم الإثنين 11 الشهر الحالي (قبل نحو 35 ساعة من العملية) والذي جمع وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو” مع رئيس الموساد الإسرائيلي “يوسي كوهين” قد تمت فيه مناقشة العملية، وتحديث آخر المعلومات الاستخبارية عن المنطقة بين الطرفين، بيد أن ما حصل في دير الزور هو توسع في التكتيك العسكري وليس تغيراً في الاستراتيجية المتبعة من قبل أميركا وإسرائيل تُجاه إيران في سوريا، فهي ما زالت مبنية على ثلاثة محددات أساسية، تتمثل بالضغط السياسي، وإحكام العقوبات الاقتصادية، وما تفعله الطائرات من غارات جوية، ويندرج هذا الهجوم الجوي الأخير ضمن المحدد الثالث.

ولذلك فإن أي تعويل على أن هذا الهجوم الواسع هو انتقال لمستوى آخر من الصراع مع إيران في المنطقة؛ يفتقر إلى الموضوعية، والظرفية الدولية بانتظار تبلور السياسة العامة الأميركية للإدارة الجديدة، ومن هنا تحديداً يبرز مدى الحرص الإسرائيلي على الاستفادة حتى الساعة الأخيرة من وجود الرئيس “ترامب” وتحاول تل أبيب تثبيت برامج الاستهداف وأزمنتها لاعتقادهم أن وجهة النظر الأميركية (الديمقراطيين) قد تكون مغايرة في تعاطيهم مع ملف إيران في سوريا، وهذا ما أكده رئيس حزب الليكود “تساحي هنغبي” محذراً الإدارة الأميركية الجديدة بوجوب ألا “ترضي” إيران وأنَّ تل أبيب لن تتسامح مع الوجود الإيراني العسكري في سوريا. استنتاجاً من هذا التصريح يمكن القول إن إسرائيل ليست لديها مشكلة كبيرة في الوجود الإيراني في سوريا، إنما مشكلتها في شكل هذا الوجود وتموضعه، وما يقلقها بل ويثير جنونها أي معلومة عن نقل صواريخ من العراق إلى سوريا -كما حدث في العملية الأخيرة- غير ذلك يُعدّ ضمن المسيطر عليه.

منذ أكثر من ثلاث سنوات وتحديداً في بداية شهر تشرين الثاني عام 2017 أعاد النظام السوري مع الميليشيات الإيرانية السيطرة على مدينة البوكمال وطرد تنظيم الدولة من آخر معاقله الحضرية في غرب الفرات، وبعدها ليس بكثير بدأت سلسلة الغارات الجوية تتزايد تدريجياً وتستهدف الوجود الإيراني الذي بدأ يتوسع في المنطقة ويستكمل بناء أكبر قاعدة عسكرية له في سوريا (مجمع الإمام علي) وتدرك طهران أن هذه الضربات تعيق عملها في المنطقة وتربك الخطط العسكرية ضد تنظيم الدولة في البوادي (سواء في سوريا أو العراق) وتعطل أحياناً الطرق غير الرسمية التي تستخدمها كمعابر بين البلدين، لكنها لا تشكل تهديداً مطلقاً طالما أنها لم تُقرَن بعنصر تقدمٍ على الأرض، والحقيقة أنه إنْ لم يكن هناك تحركٌ من القواعد الأميركية سواء من شرق الفرات (قاعدة حقل العمر، تل الباغوز) أو من غرب الفرات (قاعدة التنف) فستبقى هذه الضربات ضمن إستراتيجية الوقاية ومنع الاستقرار العسكري الدائم.

تلفزيون سوريا

————————————-

طهران “والفاطميون”ينفون سقوط ضحايا في الغارات الإسرائيلية

قال مساعد لقائد العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني أحاد كريم خاني إن الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية في شرق سوريا فجر الأربعاء، لم توقع “أي ضحية”، بحسب ما جاء في وكالة “فارس” للأنباء.

وأضاف خاني رداً على الأنباء عن سقوط 57 قتيلاً في الغارات، إن هذه المعلومات “أكاذيب ودعاية إعلامية”، وقال إن “هذا الهجوم لم يسفر عن أي ضحية”.

وكانت المقاتلات الإسرائيلية نفذت 1 غارة شرق سوريا فيما اعتبر أعنف قصف إسرائيلي يستهدف النظام والموالين له منذ بدء الحرب السورية. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في لندن عن مقتل 57  شخصا على الأقل  بينهم 11 مقاتلاً من لواء “فاطميون” خلال الغارات.

لكن قائد لواء “فاطميون” قال إن المقاتلات “الصهيونية” استهدفت في غاراتها الأخيرة مواقع للجيش السوري ولم تستهدف مواقع “فاطميون”. ونفى ما نشرته وسائل الإعلام الغربية بشأن مقتل عدد من المقاتلين الأفغان في سوريا.

وأضاف “على الرغم من الحملات الإعلامية الغربية، لم يتم استهداف مواقع فاطميون ولم يستشهد أي مقاتل أفغاني خلال هذه الغارة الصهيونية”.

من جهتها، قالت صحيفة “هآرتس” العبرية إن سبب الغارات المكثفة الآخيرة يعود إلى قلق تل أبيب بشأن تطورات الوضع في العراق. وأضافت في تقرير الخميس، إلى أن الهجوم الأخير يختلف عن سابقيه من حيث الحجم والأهداف.

ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية رفيعة المستوى تأكيدها أن القصف نُفّذ على خلفية تموضع إيران عند الحدود السورية-العراقية وتصعيد التوترات الإقليمية قبيل وصول إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن إلى الحكم في الولايات المتحدة.

وخلصت التقييمات الاستخباراتية، حسب التقرير، إلى أن إيران تواجه صعوبات في ترسيخ تواجدها غربي دمشق، نظراً للغارات الجوية الإسرائيلية والعقوبات المفروضة عليها، ولذلك بادرت طهران إلى نقل قواتها إلى الحدود مع العراق، أي منطقة تخضع بالكامل لسيطرتها، حيث أقامت بنى تحتية لتنفيذ عمليات نقل القوات وتهريب الأسلحة بين العراق ولبنان.

ونقلت “هآرتس” عن مسؤول استخباراتي إسرائيلي قوله في مفاوضات جرت مؤخراً وراء الأبواب المغلقة: “أجرت إيران تقييم الأضرار، بعد أن أدركت أنها ستواجه صعوبات في أنشطتها قرب الحدود الإسرائيلية، وأعادت النظر في غرب العراق، ونقلت إلى هناك صواريخ قادرة على استهداف أي مكان في الأراضي الإسرائيلية، وبإمكانها نقلها لمسافة أقرب عبر طريق تهريب. كما تقيم إيران هناك شبكة طائرات مسيرة وصواريخ كروز وصناعات دفاعية لم يكن بوسعها الحفاظ عليها في محيط دمشق”.

وذكرت الصحيفة أن المسؤولين العسكريين الإسرائيليين رفيعي المستوى، في تقييمات الوضع المطروحة على السياسيين، يعربون عن قلقهم إزاء إمكانية أن تخسر واشنطن، لدى تولي بايدن مقاليد الحكم، اهتمامها بالعراق، ما يهدد بتحوله إلى دولة خاضعة بالكامل لنفوذ إيران.

وتنصّ تلك التقييمات على أن هذا الاحتمال، بالإضافة إلى إمكانية عودة إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي وتخفيف العقوبات الأميركية ضد طهران، قد يشجع الحرس الثوري الإيراني على تنفيذ عمليات محفوفة بالخطر ضد إسرائيل ودول أخرى.

وأوضح مسؤول عسكري إسرائيلي سابق كان منخرطاً في مساعي منع إيران من التموضع في المنطقة، أن من مصلحة تل أبيب أن “تُظهر للولايات المتحدة أنها لن تقبل بالتفريق بين ملف إيران النووي وتصرفاتها في سوريا أو دعمها لحزب الله، طالما تشكل هذه التصرفات خطراً استراتيجياً على إسرائيل”.

وتابع المسؤول السابق أنه إذا كثّفت إيران و”حزب الله” أنشطتهما في المنطقة فإن إسرائيل “ستضطر إلى توسيع نطاق المعركة بين الحروب وتقرير ما إذا كان إبقاء الأنشطة العمليات على مستوى أدنى من مستوى الحرب يكفي لحل المشكلة”.

المدن

—————————

الصواريخ الإيرانية… والأجندة إسرائيلية/ خيرالله خيرالله

بات واضحا أن إسرائيل، التي تضرب كلّ يوم تقريبا في سوريا وتراقب الأراضي اللبنانية من الجو وحتّى البحر، ليلا ونهارا، نجحت في جعل الصورايخ الباليستية لإيران القاسم المشترك، وقد يكون الوحيد بين إدارتي دونالد ترامب وجو بايدن. في النهاية ذهبت إدارة بايدن، قبل أيّام من دخول الأخير إلى البيت الأبيض، إلى حيث يفترض أن تذهب. ربطت بين إعادة الحياة إلى الاتفاق في شأن الملف النووي الإيراني الموقّع صيف العام 2015 في عهد باراك أوباما وبين الشروط التي تجاهلها الاتفاق، والتي دفعت ترامب إلى تمزيقه في 2018 وجعله يقول إنّه “أسوأ اتفاق من نوعه”.

في مقدّم هذه الشروط الربط بين الاتفاق النووي الإيراني من جهة والصواريخ الباليستية الإيرانية والسلوك الإيراني في المنطقة من جهة أخرى.

من هذا المنطلق يمكن اعتبار كلام جيك ساليفان مستشار الأمن القومي في إدارة بايدن بمثابة نقطة تحوّل في غاية الأهمّية والدلالات. قال ساليفان قبل أيّام قليلة إنّ إدارة بايدن ليست ضد العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع مجموعة الخمسة زائدا واحدا (البلدان الخمسة ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن وألمانيا)، “لكنّ الصواريخ يجب أن تكون على الطاولة”. خلاصة مثل هذا الكلام، الذي يعني الكثير، أنّه لم يعد مطروحا هل ستكون هناك حرب قبل مغادرة الرئيس الحالي للبيت الأبيض وأن الحرب مرتبطة بإدارة ترامب فقط. ما صار مطروحا أن شيئا لن يتغيّر في عهد بايدن الذي صار على خطّ ترامب. سيظل خيار الحرب مطروحا بسبب الصواريخ الباليستية التي تقدّم، ربّما، الاهتمام بها على البرنامج النووي الإيراني…

الأكيد أن إدارة بايدن لا تستطيع الاعتراف علنا بأن إدارة ترامب كانت على حقّ في الموضوع الإيراني. الواقع أن هناك فريق عمل كان محيطا بترامب يعرف إيران وتاريخها الحديث جيّدا، بدءا باحتجاز دبلوماسيي السفارة الأميركية في طهران 444 يوما ابتداء من تشرين الثاني – نوفمبر 1979. استطاع هذا الفريق بناء سياسة متماسكة في مواجهة إيران أوصلت إلى تمزيق الاتفاق في شأن ملفّها النووي وفرض المزيد من العقوبات على النظام. أثّرت هذه العقوبات على إيران تأثيرا كبيرا.

هذا ما يرفض أركان النظام الاعتراف به، مثلما يرفضون الاعتراف بأنّه لن يكون في استطاعتهم التفاوض مع الإدارة الأميركية الجديدة من موقع قوّة، وذلك مهما تظاهروا بذلك ومهما عملوا من أجل تأكيد أنّهم في لبنان وفي غزّة وأن صواريخ لبنان وغزّة الموجهة إلى إسرائيل جاءت من إيران وليس من أيّ مكان آخر.

مهما فعلت إيران، لن تستطيع الإمساك كلّيا بالعراق، الذي تعتبره الجائزة الكبرى، وذلك بالطريقة التي تريدها. مهما لجأت إلى عراضات مسلّحة يقوم بها “الحشد الشعبي”، وهو مجموعة ميليشيات مذهبية موالية لطهران، يبقى العراق العراق وتبقى إيران إيران. مهما فعلت إيران في لبنان لتأكيد أنّه يدور في فلكها وأن قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” موجود في كلّ حيّ شيعي، يظلّ أن إيران مرفوضة من معظم الشعب اللبناني الذي بات يعرف أنّها تستطيع أن تدمّر، لكنها لا تستطيع أن تبني.

هناك ما جعل الإدارة الأميركية الجديدة تعيد النظر بحساباتها وتخفف من اندفاعتها الإيرانية وحماستها للعودة من دون شروط إلى الاتفاق النووي. شمل ذلك، الرجل المفتاح، جيك ساليفان المعروف بمواقفه المتعاطفة مع العودة إلى العمل بالاتفاق النووي الإيراني.

لا بدّ، في هذا الإطار، من التوقّف عند حدثين في غاية الأهمية صبّا في هذا الاتجاه. كان الحدث الأوّل إطلاق صواريخ وقذائف بواسطة طائرات من دون طيّار على منشآت نفطية لشركة “أرامكو” السعودية في أبقيق الواقعة في المنطقة الشرقية في أيلول – سبتمبر 2019. كانت الإصابات التي حققتها إيران دقيقة وكشفت الميزات الجديدة المتطورة لصواريخها الباليستية التي عطلت لبضعة أيّام قسما لا بأس به من إنتاج النفط السعودي.

تكرّر الأمر قبل نحو أسبوعين. قصف الحوثيون، الذين ليسوا سوى أداة إيرانية، مطار عدن. سقطت القذائف على بعد أمتار قليلة من الطائرة المدنية التي كانت تنقل أعضاء الحكومة اليمنية الجديدة إلى عاصمة الجنوب اليمني. سقط 26 قتيلا والعشرات من الجرحى في ضربة مدروسة أطلقت فيها صواريخ من منطقة قريبة من تعز عاصمة المنطقة الوسطى اليمنية التي يسيطر الحوثيون على جزء منها. قطعت هذه الصواريخ مسافة نحو 150 كيلومترا وسقطت على بعد أمتار قليلة من الهدف!

لا تستطيع أي إدارة أميركية إلاّ أن تأخذ في الاعتبار أن صواريخ إيران صارت خطيرة ودقيقة. لا تستطيع أيضا تجاهل أن أمن إسرائيل صار على المحكّ. وهذا همّ أميركي حقيقي. قد تكون الصواريخ الإيرانية في اتجاه المنطقة الشرقية في السعودية انطلقت من العراق وليس من إيران، لكنّ الثابت أن تغييرا في العمق حصل لا يمكن لإدارة بايدن الوقوف موقف المتفرّج منه. ليس مسموحا أميركيا أن تلعب إيران دور القوّة المهيمنة في الخليج والشرق الأوسط معتمدة على الصواريخ والميليشيات المذهبية التي تموّلها. فالسياسة التي اعتمدتها إدارة ترامب كانت تحظى بدعم واسع في مجلسي الكونغرس (مجلس الشيوخ ومجلس النواب) ومن النواب والشيوخ الديمقراطيين والجمهوريين في الوقت ذاته.

ما الذي ستفعله إسرائيل؟ ذلك هو السؤال الكبير. ما نجحت به إلى الآن يتمثل في جعل صواريخ إيران قاسما مشتركا أو جسرا بين إدارتين ليس ما يجمع بينهما. أكثر من ذلك، إذا كانت إدارة ترامب استخفت بالصواريخ التي تطلقها إيران، عن طريق الحوثيين (أنصارالله) من اليمن في اتجاه الأراضي السعودية، ليس مستبعدا أن تكون هذه المسألة موضع اهتمام واشنطن في الأشهر القليلة المقبلة من زاوية أن دقة الصواريخ الإيرانية في أهمّية البرنامج النووي الإيراني… بل أهمّ منه. أكثر من ذلك بدأ يظهر كلام عن الأراضي اليمنية التي يمكن استخدامها في إطلاق صواريخ في اتجاه إسرائيل وأن هذه الصواريخ تستطيع الوصول إلى ميناء إيلات على البحر الأحمر!

إعلامي لبناني

العرب

——————————

اللاعبون على الحدود العراقيّة – السوريّة!/ جاسم الشمري

تمثّل الحدود العراقيّة السوريّة واحدة من أخطر المناطق الحدوديّة؛ وذلك بسبب رخاوتها، وعدم القدرة الفعليّة على ضبطها لأسباب حقيقيّة ووهميّة.

وقد لوحظ خلال الفترة الأخيرة، وبالتحديد منذ بداية العام 2019، أنّ مقاتلي (داعش) عادوا ثانية لتنفيذ عمليّات اغتيالات وكمائن في سوريّا والعراق، وقد راح ضحيّتها العديد من الميليشيات والضبّاط والجنود  الروس والسوريّين والعراقيّين، وهذا يؤكّد أنّ التنظيم عاد ثانية لحرب الكرّ والفرّ، وتنازله عن حرب السيطرة على المدن!

وفي اليوم الأخير من العام 2020 شنّ تنظيم (داعش)، هجومًا بالأسلحة الثقيلة على حافلة عسكريّة في محافظة دير الزور شرقيّ سوريا تقلّ عناصر من جيش النظام  بعد أن فجّروا عددًا من العبوات الناسفة في طريقها، مما أدّى لتدميرها، ومقتل 40 عنصرًا وإصابة آخرين!

وعلى المنوال ذاته، ولكن بشكل اغتيالات فرديّة، تستمر عمليّات التنظيم في العراق، لينسحب مقاتلوه بعدها إلى عمق الصحراء المتداخلة بين البلدين!

وتمتد الحدود بين العراق وسوريا لأكثر من 600 كم إلا أنّ هنالك ثلث هذه المناطق قرابة (200) كم تعدّ الأهم والأخطر والمتمثّلة بمناطق خطّ التنف – البو كمال – القائم.

أغلب هذه المناطق على الجانبين العراقيّ والسوريّ كانت تحت سيطرة تنظيم (داعش) لأكثر من أربع سنوات، وبالذات مع إعلان التنظيم عن (ولاية الفرات) وسيطرته على مدن عراقيّة كبيرة من بينها الأنبار والموصل وغيرهما في العام 2014.

وتمكّنت قوّات حكومة بغداد المدعومة من قوات التحالف الدوليّ لمحاربة (داعش) من إعلان النصر على التنظيم نهاية العام 2017، ومن يومها عادت تلك المناطق إلى الهدوء النسبي، ولكنّ التنظيم استمرّ طوال تلك المراحل بتنفيذ عمليّات اغتيال لبعض العسكريّين، والمدنيّين الذين ساعدوا الحكومة، لكنّها لا تقارن بقدراته السابقة، وفي كلّ الأحوال دخل التنظيم في مرحلة السبات الإجباريّ، أو المرحليّ، أو  الخلايا النائمة!

وتحسب مدينة القائم الواقعة في محافظة الأنبار العراقيّة من المناطق النائية والبعيدة عن مركز العاصمة بغداد بأكثر من (400) كم إلى الغرب، وأهمّيّتها الاستراتيجيّة تعود لعدّة أسباب:

-الأوّل: كونها من المنافذ الحدوديّة المهمّة مع سوريّا، وبالتالي من المناطق الرابطة بين الصحراء العراقيّة والبادية السوريّة.

-الثاني موقعها الاستراتيجيّ كونها تقع عند النقطة التي يدخل عندها نهر الفرات إلى الأراضي العراقيّة قادماً من سوريّا.

-الثالث حرص إيران على تأمين هذه النقطة وتنقيتها من القوّات غير الموالية لها، لبقاء الطريق الواصل ما بين طهران وبغداد ودمشق وبيروت، ولغايات لوجستيّة وعسكريّة استراتيجيّة.

    من عوامل عدم قدرة السيطرة على تلك الصحراء ضعف القدرات الفنيّة والمادّيّة للقوّات العراقيّة، وعجزها عن اقتحام الصحراء

-الرابع: الرغبة الإيرانيّة في تقليل وجود القوّات الأميركيّة في مناطق استراتيجيّة وقريبة من الحدود السوريّة، وهذه الرغبة تدخل ضمن الصراع المستمرّ بين واشنطن وطهران في أرض الرافدين.ومنطقة الجزيرة العراقيّة هي الأراضي المحصورة بين نهري دجلة والفرات في جنوب نينوى وغرب صلاح الدين وشمال الأنبار، وهي من أعمق وأشد معاقل التنظيم في العراق منذ عدة سنوات.

كما لاحظنا خلال الأسبوعين الماضيين عودة تنظيم (داعش) إلى العمل بشكل ملحوظ، في الجانبين السوريّ والعراقيّ!

عراقيّاً، وربّما سوريّاً، يمكن إرجاع هذا النشاط العسكريّ للتنظيم لعدّة أسباب منها:

    أخذ التنظيم الوقت الكافي لترتيب أوراقه ثانية بعد الضربات القاسية التي تلقاها في معاركه مع التحالف الدوليّ والقوات العراقيّة والحشدين الشعبيّ والعشائريّ.

    انسحاب القوّات الأميركيّة من المناطق القريبة من القائم والحبانية وغيرهما في آذار/ مارس 2020، وتسليم معسكراته للجيش العراقيّ والحشد الشعبيّ.

    انشغال دول العالم بجائحة فيروس كورونا 19.

    الصراع الإيرانيّ الروسيّ للسيطرة على الحدود السوريّة مع العراق، وتسليم زمام الأمور لقوّات قريبة من موسكو وداعمة للنظام السوريّ ممّا تسبّب بغياب القوّات المليشياويّة التابعة لإيران من الطرف السوريّ.

    انشغال غالبيّة القوات الرسميّة والميليشياويّة بعمليّات التهريب المتنوّعة بين البلدين، وعدم التركيز على حفظ الحدود.

ومع هذه العودة المتوقّعة لـ(داعش) إلى المناطق الغربيّة والصحراويّة والحدوديّة العراقيّة، سنحاول هنا ذكر أهم القوّات الرسميّة وغير الرسميّة والمليشياويّة العراقيّة المسيطرة على تلك المناطق:

    الجيش العراقيّ: وهذه الوحدات غير ثابتة، وتشمل قيادة عمليّات الجزيرة والبادية، وتضم الفرقة الأولى، وقيادة عمليات الأنبار وتضم قيادة فرقة المشاة العاشرة، وقيادة شرطة الأنبار ومعها ثمانية أفواج طوارئ، وجميعها تابعة لوزارة الدفاع العراقيّة.

    الحرس الثوريّ الإيرانيّ: وهم مجموعة من العسكريّين التابعين للحرس الثوريّ الإيرانيّ، وفي الغالب هؤلاء تكون مهامهم استشاريّة.

    القوات الأميركيّة: وهي عبارة عن دوريات غير محدّدة للقوّات الأميركيّة الموجودة في قاعدة عين الأسد.

    فصائل الحشد الشعبيّ: وهذه تتمثّل في العديد من الفصائل، ومنها:

    ميليشيات حزب الله لواء 45.

    منظمة بدر بزعامة هادي العامري.

ب. حركة أنصار الله الأوفياء

ت. حركة النجباء بقيادة أكرم الكعبي.

ث. عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي.

ج. لواء الطفوف بقيادة (قاسم مصلح) لواء 13.

ح. كتائب سيد الشهداء بزعامة أبو مصطفى الشيباني.

وغيرها العديد من الميليشيات التي لا تعرف أعدادها الحقيقيّة.

5. الحشود العشائريّة: وهذه تتمثل بمجاميع عشائريّة مسلّحة هدفها حماية المدن من هجمات تنظيم (داعش)، وربّما يمكن القول إنّ معظم عشائر تلك المناطق لديها حشود عسكريّة مدعومة من فصائل الحشد الموجودة في تلك المناطق، وتأتمر بأمرها، وبعضها مرتبط بحكومة بغداد.

6. تنظيم (داعش): حقيقة لا يمكن عدّ التنظيم من ضمن القوّات المسيطرة، أو الماسكة للأرض في تلك المناطق لكنّه من القوى المؤثّرة، والفاعلة.

وبالنسبة لأعداد مقاتلي التنظيم فلا توجد إحصائيات دقيقة حول أعدادهم، والأمر يقع ضمن دائرة التخمينات، وسبق لمسؤول مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتّحدة  (فلاديمير فورونكوف) أن ذكر بأنّ التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 10 آلاف من مقاتلي تنظيم (داعش) يتحرّكون بين العراق وسوريا.

ويحرص التنظيم على خرق الحدود مع سوريا عبر عمليّات تهريب يوميّة لتأمين رواتب مقاتليه، وتقدر وارداته بأكثر من 50 ألف دولار يوميّاً يجنيها من تهريب السلع والأشخاص والنفط والأسلحة وغيرها من البضائع!

وقد أكّد لي بعض سكّان تلك المناطق أنّ الكثير من الأهالي يتخوّفون حالياً من المرور على الطريق الرابط بين الرمادي والقائم بعد الغروب، بسبب وجود عناصر التنظيم في الصحراء غير المسيطر عليها، وأكّدوا بأنّ التنظيم يدخل المدينة ويخرج منها دون أن تحاول القوّات الرسميّة الاقتراب من عناصره!

خلاصة القول فإنّ هذه المنطقة ستبقى ساحة صراع مستمرّ بين واشطن وطهران من جهة، و(داعش) والقوى العسكريّة والمليشياويّة والعشائريّة من جهة أخرى.

مَنْ يريد ضبط الحدود العراقيّة السوريّة عليه أن يمسك الأراضي الصحراويّة وهذا الأمر غير ممكن بسبب عمق الصحراء المترامي والمرتبط مع سوريا من الحدود العراقيّة حتّى ريف حمص الشرقيّ من جهة، ومع العديد من المدن العراقيّة ومن بينها الموصل وصلاح الدين من جهة أخرى، وهذه الصحراء تمثّل 23% من مساحة العراق الكلّيّة، وأكثر من 60 ألف كيلو متر مربع من مساحة سوريا.

ومن عوامل عدم قدرة السيطرة على تلك الصحراء ضعف القدرات الفنيّة والمادّيّة للقوّات العراقيّة، وعجزها عن اقتحام الصحراء، وكذلك معرفة مقاتلي (داعش) لتضاريس تلك المناطق، وبالذات تلك الوعرة منها بشكل كبير، ووجود الألغام الأرضيّة الصادّة للتحرّكات العسكريّة في العديد من مناطق الصحراء!

وزبدة الكلام فإنّ مَنْ يُسيطر على الصحراء العراقيّة والبادية السوريّة سيضبط الحدود، وإلا فلن تفلح كلّ المحاولات دون تصفية تلك المناطق، وستبقى مجرّد عمليّات عسكريّة عبثيّة!

تلفزيون سوريا

————————

ميليشيات إيران تنفّذ «إعادة انتشار» شرق سوريا

«الحرس الثوري» يلوّح بـ«رد صعب» بعد الغارات الإسرائيلية

لندن – طهران: «الشرق الأوسط»

أُفيد أمس (الخميس) بأن ميليشيات مرتبطة بإيران نفذت إعادة انتشار في مناطق واسعة من شرق سوريا غداة أعنف جولة من الغارات المفترض أن طائرات إسرائيلية نفذتها فجر الأربعاء ضمن ما تُعرف بـ«سياسة منع التموضع» الإيراني في هذا البلد. وفيما طالبت حكومة دمشق مجلس الأمن الدولي باتخاذ إجراءات لمنع تكرار الغارات، قدمت وسائل إعلام إيرانية معلومات تشير إلى أن الخسائر الناجمة عن الهجوم الإسرائيلي أقل بكثير مما أُعلن عنه في البداية، علماً بأن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» (مقره بريطانيا) تحدث عن 57 قتيلاً وعشرات الجرحى من الفصائل الموالية لإيران وقوات النظام السوري.

وأورد «المرصد»، في تقرير جديد أمس، أن «القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها عمدت خلال الساعات الفائتة إلى إعادة الانتشار ضمن المناطق التي تعرضت لقصف إسرائيلي هو الأكثر كثافة من نوعه»، متحدثاً عن «إعادة انتشار» ضمن مدينة دير الزور نفسها، بالإضافة إلى مدينتي البوكمال والميادين، شرق المحافظة. وبعدما أشار إلى إخلاء مواقع على أطراف تلك المناطق، قال إن «قسماً من الميليشيات» انتشر ضمن أحياء سكنية خوفاً من ضربات جديدة قد تستهدفها، فيما انتشر قسم آخر في مواقع تابعة لهذه الجماعات المرتبطة بإيران.

وأكد «المرصد» أيضاً حصيلة القتلى، متحدثاً عن مقتل «ما لا يقل عن 57 شخصاً» في ضربات إسرائيلية على «مواقع وتمركزات ومستودعات أسلحة وذخائر وصواريخ لكل من قوات النظام و(حزب الله) اللبناني والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها؛ وعلى رأسها (لواء فاطميون)، في المنطقة الممتدة من مدينة الزور إلى الحدود السورية – العراقية في بادية البوكمال». ففي مدينة دير الزور ومحيطها، قُتل 26 شخصاً، هم: 10 من قوات النظام، و4 من «الأمن العسكري»، و12 من الميليشيات الموالية لإيران، جراء 10 ضربات إسرائيلية طالت مستودعات «عياش» و«معسكر الصاعقة» و«اللواء137» والجبل المطل على مدينة دير الزور ومبنى الأمن العسكري، بحسب حصيلة «المرصد». أما في البوكمال فقد قُتل 16 من عناصر الميليشيات الموالية لإيران جميعهم من الجنسية العراقية جراء 6 ضربات جوية طالت مواقع ومستودعات ذخيرة وسلاح في منطقة الحزام وحي الجمعيات ومناطق أخرى ببادية البوكمال، بحسب الحصيلة ذاتها التي أشارت أيضاً إلى مقتل 15 من الميليشيات الموالية لإيران، هم: 11 من «لواء فاطميون» من الجنسية الأفغانية، والبقية من جنسيات غير سورية، قُتلوا جراء ضربتين جويتين على مواقع ومستودعات للسلاح في منطقة المزارع ببادية الميادين شرق دير الزور.

لكن هذه الأرقام بدت متناقضة جداً مع ما قدّمته وسائل إعلام إيرانية؛ إذ نقلت عن أحمد كريمخاني، المساعد السياسي لقائد «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»، نفيه تسجل أي خسائر في الأرواح في دير الزور. وقال كريمخاني إن «مزاعم وسائل الإعلام الأجنبية حول خسائر غارة الكيان الصهيوني على مواقع في سوريا، كاذبة من الأساس وحرب إعلامية (…) ضد المقاومة». وربط تكثيف الغارات بـ«رعب إسرائيل من الانتقام الصعب للمقاومة وهروبهم إلى الأمام» جراء ما عدّه «توسع الاحتجاجات الداخلية في إسرائيل، التي أدت إلى تحديات أمنية وسياسية واجتماعية مهمة ضد (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو». ومع ذلك، قال القيادي في «فيلق القدس» إن «الغارات التي يقدمون عليها (هي) هجمات عمياء (فاشلة) ودون أهداف استراتيجية»، وإن «الكيان الصهيوني على دراية جيدة بالخطوط الحمراء للجمهورية الإسلامية ومجموعات المقاومة في سوريا، ويدرك أن مهاجمة مواقع المقاومة ستقابل برد صعب وثقيل».

من جانبها، قالت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» إن ميليشيا «فاطميون» الأفغانية «نفت» تقارير وسائل إعلام غربية عن مقتل عدد من عناصرها في سوريا. وقال قائد ميداني من «فاطميون» في سوريا لـ«تسنيم» إن أياً من «مقاتلي (فاطميون) لم يسقط في الغارات». وأوضح أن الغارات «استهدفت مواقع الجيش السوري في الطريق الفاصلة بين دير الزور والبوكمال، ما أدى إلى مقتل عدد من ضباط الجيش السوري».

وقال القيادي؛ الذي لم تكشف الوكالة عن هويته، إن «الكيان الصهيوني ومن يدعمونه إعلامياً يريدون من نشر هذه التقارير والاستمرار في الهجمات، إثارة الرعب والخوف في هيكل القيادة ومقاتلي جبهة المقاومة، في حين أنهم يعلمون أن مسار زوالهم في متناول يد الجبهة أكثر من أي وقت مضى».

في غضون ذلك، ذكرت «وكالة الأنباء السورية (سانا)» الرسمية أن وزارة الخارجية والمغتربين قالت في رسالة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، إن «العدوان الإسرائيلي الغاشم» على بعض مناطق محافظة دير الزور يأتي في وقت تواصل فيه «(قوات سوريا الديمقراطية) – (قسد) ممارساتها الإرهابية والإجرامية والقمعية بحق أبناء الشعب السوري في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور مدعومة من الإدارة الأميركية». وطالبت الوزارة مجلس الأمن بـ«اتخاذ إجراءات حازمة وفورية لمنع تكرار» الضربات الإسرائيلية، مضيفة أن الحكومة السورية «تؤكد تصميمها، وبمساعدة الدول الصديقة وحلفائها، على استعادة كل ذرة تراب» من أراضي سوريا، وأن الشعب السوري «سيبقى مصراً اليوم، وأكثر من أي يوم مضى، على التمسك بحتمية انتصاره على الإرهاب واستعادة الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران (يونيو) لعام 1967».

وفي إطار الحملة المستمرة ضد «قوات سوريا الديمقراطية»، أشارت وكالة «سانا» إلى أن حسين شيخ الجميل، وهو أحد وجهاء عشيرة البكير، قُتل أمس بإطلاق النار عليه في منطقة العزبة بريف دير الزور الشمالي، وهي منطقة خاضعة لسيطرة «سوريا الديمقراطية». وأشارت إلى أن اغتياله يأتي بعد أيام فقط من اغتيال الشيخ اطليوش الشتات، أحد وجهاء قبيلة العكيدات، وابنه، في قرية حوايج ذيبان، متهمة «قوات سوريا الديمقراطية» بـ«تصفية عدد من الرموز الوطنية ووجهاء القبائل» شرق سوريا.

على صعيد آخر، أفاد «المرصد السوري» بمقتل 3 وإصابة 7 من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين جراء استهداف تجمعاتهم في معسكر الزيتون شمال قرية حزارين بريف إدلب (شمال غربي سوريا)، مشيراً إلى أن فصيل «أنصار التوحيد» أطلق صواريخ محلية الصنع على المعسكر.

الشرق الأوسط

————————-

الشّرق الأوسط: مرحلة تجميع الأوراق/ علي حمادة

في الأيام القليلة المتبقية من عهد الإدارة الأميركية الحالية، تكثّف إسرائيل ضرباتها الجوية ضد أهداف عسكرية إيرانية حساسة في سوريا، وعلى الحدود مع العراق. آخر الضربات كانت سلسلة عنيفة جداً من الغارات على قواعد الصواريخ ونظم الدفاع الجوي ومخازن تحتوي على أجزاء من الصواريخ الإيرانية التي يجري تهريبها عبر سوريا الى لبنان.

وتأتي الضربات الإسرائيلية بالتنسيق مع الطرف الأميركي الذي أعطى في الأيام القليلة الماضية ضوءاً أخضر لتل أبيب كي تكثّف ضرباتها قبل تسلّم الرئيس المنتخب جو بايدن سلطاته الدستورية، مخافة أن يعمد هذا الأخير الى محاولة تقييد حركة الإسرائيليين في مواجهة التمدد الإيراني في سوريا، لا سيما أن كل المعلومات تشير الى تصاعد عمليات التسلل والتمركز الإيراني، المباشر أو عبر الميليشيات التابعة لطهران، في العديد من المواقع القريبة من خطوط التماس مع الإسرائيليين في الجولان، إضافة الى العنصر الأكثر خطراً في المدى المتوسط، عنينا وصول كميات أكبر من الصواريخ الإيرانية الدقيقة الى “حزب الله” في لبنان، ما قد يدفع، عند سقف معين، إسرائيل الى تجاوز الخطوط الحمر وتوجيه ضربات في لبنان حتى لو اضطرت الى القفز فوق الرغبات الأميركية، إن وجدت، والتي ينتظر أن تنحو في اتجاه تجميد الوضع في سوريا ولبنان والعراق مع الإيرانيين، في انتظار بلورة سياسة أميركية جديدة في الشرق الأوسط في الشهور القليلة التي ستلي تسلم بايدن السلطة.

لقد كان عنف الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية التابعة لـ”الحرس الثوري” والميليشيات التابعة له لافتاً جداً، إذ تعمّد الإسرائيليون توجيه رسالة قوية لطهران مفادها أن مستوى المواجهة يمكن أن يرتفع إذا ما اضطرت إسرائيل الى الوقوف بوجه التمدد العسكري الإيراني في سوريا الذي لم يتوقف يوماً بل استمر بوتيرة أكبر برغم الضربات الإسرائيلية والأميركية المؤلمة في السنوات الأربع الأخيرة. ومن هنا خشية الإسرائيليين من أن يستغل الإيرانيون المرحلة الرمادية الأولى في عهد بايدن، عندما تكون الإدارة في طور التكوين العملي، من أجل تسريع خطط التمدد في سوريا، ونشر منظومات صاروخية دقيقة بين سوريا ولبنان، بهدف الضغط على الأميركيين والشركاء في مجموعة 5+1 في الاتفاق النووي، للعودة الى ما قبل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق بقرار من الرئيس دونالد ترامب، وذلك من دون ربط العودة بشروط يطالب بها الإسرائيليون وحلفاء الولايات المتحدة العرب.

انطلاقاً مما تقدم، يمكن إطلاق تسمية “مرحلة تجميع الأوراق” على المرحلة المقبلة، مع مسارعة كل الأطراف الى تجميع عناصر القوة للجلوس الى الطاولة مع طواقم الرئيس بايدن، وخصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد تصدر الصراع العربي -الإيراني متلازماً مع الصراع الإسرائيلي – الإيراني جدول أعمال كل الدول المركزية في المنطقة. ومن هنا تسارع خطوات التطبيع العربي – الإسرائيلي على الصعد كافة وصولاً الى الأمن والدفاع، فضلاً عن تسريع خطوات المصالحة الخليجية التي باتت حاجة للجميع من أجل تحصين الموقف مع التغيير الجذري الذي ستشهده واشنطن بحلول بايدن مكان ترامب بعد أيام معدودة. وهنا لا يستبعد المراقبون المطلعون أن تستمر الضربات الإسرائيلية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، وعلى الحدود مع العراق، وربما وسّعت إسرائيل مجال عملياتها الى بعض المناطق اللبنانية المتداخلة مع الأراضي السورية حيث ينشط “حزب الله” في إنشاء قواعد صواريخ في سلسلة جبال لبنان الشرقية. ولا تغيب عن “رادار ” المراقبين القواعد التي أنشأها “حزب الله” في عدد من المناطق في السلسلة الغربية، حيث مخابئ الأسلحة التقليدية التي لا تهتم لها إسرائيل، وكذلك مخابئ صواريخ دقيقة تعتبرها إسرائيل عنصر تهديد استراتيجي لأمنها!

إنها “مرحلة تجميع الأوراق”، وهي تحصل على “صفيح ساخن”، وفي زمن التحولات الكبرى في التحالفات التي تشهدها المنطقة، وهي التي صار من الضرورة بمكان أخذها في الاعتبار في المديين القريب والأوسط. فكيف سيتعامل بايدن مع هذا المعطى الجديد في المنطقة؟

النهار العربي

—————————-

ثلاثة خيارات إسرائيلية لـ«تقويض النووي الإيراني»

عاد النقاش حول طرح الخيار العسكري خشية عودة بايدن للاتفاق مع طهران

نظير مجلي

كشفت مصادر إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يناقش ثلاثة خيارات عسكرية لمواجهة محتملة مع إيران، في حين يستعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لخلافات مع الإدارة الأميركية الجديدة بشأن السياسة النووية الإيرانية، بعدما قطع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وعوداً بإعادة بلاده إلى الاتفاق النووي الخاص بالبرنامج الإيراني.

وأفادت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس، بأن الجيش الإسرائيلي تقدم إلى الحكومة لطلب زيادة كبيرة في ميزانيته تقدر بعدة مليارات، وذلك لكي يمول «الخطة المعدلة للتعامل مع التهديدات في الشرق الأوسط؛ خصوصاً التهديد النووي الإيراني».

وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم»، المقربة من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن الجيش الإسرائيلي يعمل على إعداد خطة عملية جديدة تتعامل مع التهديدات الإيرانية في الشرق الأوسط، وتتطلع لتقويض جهودها النووية؛ مشيرة إلى نقاش يدور عن «خطة مركبة تتضمن ثلاثة خيارات سيتم إعدادها خلال الفترة القريبة، قبل أن تعرض على الجهات السياسية».

وبحسب الصحيفة، فإن «الخطة الجديدة تتطلب ميزانية إضافية لوزارة الأمن تقدر بعدد من المليارات». وأفادت مصادر سياسية بأن «وزارة المالية تعارض تقديم هذه الزيادة، وتطالب الجيش بتدبيرها من ميزانيته»، إذ إنها تعاني من أعلى عجز مالي في الموازنة بتاريخها، وصل إلى 160.3 مليار شيقل (ما يزيد عن 50 مليار دولار)، أي ثلاثة أضعاف العجز في سنة 2019، جراء تفشي جائحة «كورونا».

ويريد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن العودة للاتفاق مرة أخرى إذا عادت إيران للالتزام الكامل به. وتشعر إسرائيل بالقلق من موقف بايدن «الأكثر ليناً»؛ رغم أن تهديدات الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب بعمل عسكري لم تقلص خطوات إيران النووية.

وأضافت المصادر أن نتنياهو الذي «يتفهم احتياجات الجيش، وضرورة مكافحة المشروع الإيراني النووي، وعد بإيجاد حل للمعضلة». وتابعت بأن «طهران لا تدرك خطورة التطورات في المنطقة ومدى الغضب من نشاطها النووي، ولذلك تمارس الخداع. فهي تريد العودة إلى الاتفاق النووي مع دول الغرب، لفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة بقيادة جو بايدن؛ لكنها في الفترة الأخيرة قامت بعدة خطوة تقربها من الحصول على قنبلة نووية». ونوهت المصادر العسكرية بأن «الرأي السائد في إسرائيل حالياً هو أن إيران لا تحتاج سوى لسنة واحدة حتى تنتج منشأة نووية». وأضافت أن «إعداد هذه الخطط في الجيش الإسرائيلي يأتي على خلفية الكشف عن تقدم البرنامج النووي الإيراني، وقيام طهران بأنشطة تسمح لها باختصار فترة الوصول إلى صنع قنبلة نووية، في حال اتخذت قراراً كهذا».

وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» في هذا السياق، إن «بحوزة إيران ثلاثة أطنان من اليورانيوم المخصب بمستوى منخفض، إلى جانب حيازتها لأجهزة طرد مركزي متطورة، وأنها منذ الأسبوع الماضي بدأت في تخصيب يورانيوم بمستوى 20 في المائة. والكل يفهم أن هذا يقربها من إنتاج السلاح النووي».

ونشرت الصحيفة فقرة من مقال موسع ينشره لديها وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في عددها الصادر اليوم الجمعة، يقول فيها إن «إيران تتقدم في السنوات الأخيرة أيضاً في مجال الأبحاث والتطوير، وجمع المواد المخصبة، وأيضاً في مجال رفع قدراتها الهجومية». ويؤكد أن «النظام الإيراني يدير منظومة عمل تفضي جميعها إلى حقيقة الحصول على السلاح النووي. ومن الواضح أنه يجب على إسرائيل أن تمتلك خياراً عسكرياً في مواجهة هذه البرامج الإيرانية، وهذا الأمر يتطلب موارد واستثماراً، وأنا أعمل حالياً على تحقيق ذلك».

وأفاد مصدر مقرب من نتنياهو بأنه ينوي تعيين مسؤول حكومي خاص لإدارة هذا الملف، وأقوى مرشح لهذا المنصب هو رئيس «الموساد» يوسي كوهين، بعد أن ينهي مهام منصبه في شهر يونيو (حزيران) القادم. وفي تفسير هذا الاختيار قال المصدر: «إسرائيل تريد اتفاقاً مستقبلياً مع إيران يتضمن فترة أطول للإشراف على برنامجها النووي، إضافة إلى تقييد الأبحاث النووية، وتقييد تطوير الصواريخ الباليستية ونشاطاتها العسكرية في المنطقة».

وفي عهد إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما التي قادت الجهود الدبلوماسية مع إيران، كانت إسرائيل تهدد بين الحين والآخر بضربات جوية وقائية على مواقع نووية إيرانية.

وشكك بعض المسؤولين الأميركيين في ذلك الوقت في قدرة إسرائيل التي يتردد أن ترسانتها العسكرية تشمل أسلحة نووية، على توجيه ضربات فعالة للأهداف الإيرانية البعيدة والمتناثرة وشديدة التحصين.

وأعرب مسؤولون إسرائيليون عن أملهم في أن يبقي بايدن على سياسة ترمب المتمثلة في ممارسة «أقصى الضغوط» على طهران، بما في ذلك فرض عقوبات صارمة، حتى يجري تفكيك برنامجها النووي؛ لكن أحدهم، وهو وزير المالية إسرائيل كاتس، قد أقر لإذاعة الجيش الإسرائيلي بأن «هناك خلافات (مع بايدن) فيما يتعلق بإيران، وبالطبع سيشكل ذلك تحدياً»، حسب «رويترز».

وبدا كاتس متحمساً لنية بايدن إدراج برنامج إيران للصواريخ الباليستية في أي مفاوضات جديدة على الاتفاق النووي. وأشار جاك سوليفان الذي اختاره بايدن مستشاراً للأمن القومي، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الإخبارية مطلع الشهر الحالي، إلى استعداد للتشاور مع «اللاعبين في المنطقة» في تلميح محتمل لإسرائيل.

وقال إيلي كوهين وزير المخابرات الإسرائيلي لتلفزيون «واي نت» إن حكومة نتنياهو لم تدخل بعد في حوار رسمي مع الإدارة الأميركية الجديدة؛ لكن رداً على سؤال عما إذا كانت إسرائيل تحاول عن طريق قنوات غير رسمية التأثير على بايدن فيما يتعلق بإيران، قال: «نعم. هناك جهود» في هذا الاتجاه.

————————–

العميد أحمد رحال : سلاح الجو الإسرائيلي يستهدف الميليشيات_الإيرانية والمرتبطة بها بـسوريا

————————–

«إعادة انتشار» إيرانية في سوريا بعد ضربات إسرائيل

فتح معبر جديد بين مناطق النظام والإدارة الذاتية

غداة أعنف جولة من الغارات الإسرائيلية المفترضة ضمن ما يعرف بسياسة «منع التموضع» الإيراني في سوريا، كشف أمس أن ميليشيات مرتبطة بـ«الحرس الثوري» الإيراني نفذت إعادة انتشار في مناطق واسعة في محافظة دير الزور، شرق سوريا.

وأورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها» نفذت «إعادة انتشار» ضمن مدينة دير الزور نفسها، بالإضافة إلى مدينتي البوكمال والميادين، شرق المحافظة التي تقع على الحدود مع العراق. وأشار إلى إخلاء مواقع على أطراف تلك المناطق، موضحاً أن «قسماً من الميليشيات» انتشر ضمن أحياء سكنية خوفاً من ضربات إسرائيلية جديدة قد تستهدفها.

وفي وقت تمسك «المرصد» بروايته عن حصيلة الغارات، متحدثاً عن مقتل 57 شخصاً من قوات النظام والقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها، بدت هذه الأرقام متناقضة جداً مع ما قدمته وسائل إعلام إيرانية. فقد نقلت وكالة «تسنيم» عن قائد ميداني من «فاطميون» في سوريا تأكيده عدم سقوط أي قتيل من عناصر هذا اللواء في الضربات الإسرائيلية.

على صعيد آخر، سمحت الإدارة الذاتية و«قوات سوريا الديمقراطية» التي تبسط سيطرتها على أجزاء من ريف دير الزور الشرقي وكامل ريفها الشمالي وضفة حوض نهر الفرات الغربية، بافتتاح معبر جديد مع مناطق النظام السوري هو معبر «الصالحية» للسماح لأهالي المنطقة بالانتقال إلى الأراضي بالضفة الثانية الخاضعة لقوات النظام.

—————————

إسرائيل تبحث 3 خيارات لمواجهة تهديدات إيران

طهران تتحدث عن إبعاد غواصة أجنبية من منطقة مناورات بحرية

كشفت مصادر إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يناقش ثلاثة خيارات عسكرية «لتقويض جهود إيران النووية» قبل طرحها على الحكومة، وذلك في وقت يستعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لخلافات مع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الذي وعد بالعودة إلى الاتفاق النووي في حال التزام طهران به. ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم»، أمس، عن مصادر، أن الجيش الإسرائيلي تقدم بطلب للحكومة بزيادة في ميزانيته تقدر بعدة مليارات الدولارات، ليمول «الخطة المعدلة للتعامل مع التهديدات الإيرانية في الشرق الأوسط، خصوصا التهديد النووي الإيراني».

ورجّحت المصادر أن تعارض وزارة المالية الإسرائيلية الطلب، لأنها تعاني من أعلى عجز مالي في الموازنة بتاريخها، وصل إلى 160.3 مليار شيقل (ما يزيد على 50 مليار دولار)، جراء تفشي جائحة «كورونا».

ويشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من موقف بايدن «الليّن» تجاه إيران. وأفاد مصدر مقرب من نتنياهو بأنه ينوي تعيين مسؤول للتواصل مع إدارة بايدن، مضيفا أن أقوى مرشح لهذا المنصب هو «رئيس الموساد» يوسي كوهين.

في غضون ذلك، وزع الجيش الإيراني، مقطع فيديو، من داخل مروحية إيرانية أثناء تحليقها فوق «غواصة أجنبية». وقال إن الغواصة، التي لم يحدد هويتها، كانت تبحر شمال المحيط الهندي، وتنوي الاقتراب من منطقة مناوراته التي انتهت في خليج عُمان أمس. وربطت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» بين الغواصة الأجنبية والغواصة الأميركية «يو إس إس جورجيا» النووية، التي أعلن البنتاغون الشهر الماضي عبورها مضيق هرمز وانضمامها لقواته في الخليج العربي.


====================

تحديث 17 كانون الثاني 2021

—————————

الميليشيات الإيرانية تنفذ أكبر عملية إعادة إنتشار شرق سوريا/ خالد الخطيب

يسود التوتر في مناطق دير الزور شرقي سوريا بسبب التحركات العسكرية المكثفة، وعمليات إعادة الانتشار التي تنفذها المليشيات الإيرانية. ويواصل طيران الاستطلاع التابع للتحالف الدولي تحليقه في سماء المنطقة، وترصد الطائرات بشكل أكبر التحركات التي تجري على الشريط الحدودي مع العراق وفي المنطقة القريبة من مدينتي الميادين والبوكمال.

وتشمل عمليات إعادة الانتشار التي تقوم بها المليشيات الإيرانية إفراغ المقار والثكنات العسكرية المتضررة بشكل كبير بفعل الغارات الإسرائيلية، ونقل الأسلحة الثقيلة والذخائر إلى مواقع جديدة تم إنشاؤها في النصف الثاني من العام 2020، وهي غالباً مواقع وأنفاق تحت الأرض حفرتها المليشيات في باديتي البوكمال والميادين وفي محيط مدينة دير الزور. بعض الأنفاق والمخابئ تحت الأرض كان قد حفرها تنظيم “داعش” خلال الفترة التي سيطر فيها على المنطقة، وأعادت المليشيات الإيرانية تأهيلها واستخدامها.

وقال الصحافي في شبكة نهر ميديا عهد صليبي ل”المدن”، إن “عمليات إعادة الانتشار تضمنت أيضاً إنشاء مقار وثكنات عسكرية داخل التجمعات السكنية وعلى أطراف المدن الثلاث الكبرى، دير الزور والميادين والبوكمال، وفي القرى المنتشرة في مناطق نفوذها وصولاً إلى المنطقة الحدودية مع العراق”. وأضاف “تعكس عمليات نقل المواقع إلى داخل الأحياء السكنية خشية المليشيات من تكرار حملة القصف المدمرة التي تعرضت لها فجر يوم 13 كانون الثاني/يناير الحالي، وتسود حالة من الخوف في صفوف المليشيات والتي تفرض طوقاً أمنياً حول مواقعها”.

وأشار صليبي إلى أن “المليشيات الإيرانية نقلت شحنة أسلحة وذخائر من حي الحويقة بدير الزور، إلى ملهى الأصدقاء (حديقة كراميش سابقاً) في منطقة حويجة صكر بمدينة دير الزور، وسط تشديد أمني كبير. وفي الميادين، اتخذ الحرس الثوري الإيراني ومليشيا أبو الفضل العباس، تدابير أمنية مشددة بعد الضربة الجوية الأخيرة، ونقلت المليشيات أسلحة ثقيلة وذخائر عبر سيارات مغطاة إلى مواقع جديدة”.

وامتدّ التوتر الأمني إلى ريف البوكمال، حيث فرضت المليشيات حظر تجول جزئي في قريتي سويعية والهري الواقعتين بالقرب من الحدود السورية العراقية شرقي دير الزور، وسط تحركات وعمليات إخلاء وتمويه للمقرات العسكرية في المنطقة. واستهدفت الحملة المقار والمواقع المنتشرة على جانبي الطريق الواصل بين البوكمال والحدود العراقية، والمقرات المنتشرة في محيط قرى سويعية والهري والصلبي وحميضة.

وكثّفت الفروع الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة دير الزور من تواجدها في الأحياء وعلى الطرق الرئيسية، وأقام فرع المخابرات الجوية حواجز في حيي الجورة والقصور وعدد آخر من أحياء دير الزور، في حين نشر الأمن العسكري نقاطاً له بجانب جسر الجورة في مدينة دير الزور.

ويضاف إلى دوريات وحواجز الفروع الأمنية دوريات تابعة للمليشيات الإيرانية. وقال عهد صليبي إن “الاستنفار الأمني للنظام والمليشيات الإيرانية كان يهدف إلى اعتقال مجموعات وعناصر تابعة للمليشيات فرت من مواقعها بعد الضربات الجوية الإسرائيلية”. وأشار إلى أن “المليشيات الإيرانية أعادت افتتاح البوابة العسكرية مع العراق بالقرب من بلدة الهري بعد إغلاقها المؤقت على خلفية حملة القصف الجوي التي تعرضت لها”.

بدورها، أكدت مصادر في دير الزور ل”المدن”، أن “الممر العسكري الواصل بين البوكمال والعراق شهد حركة مرور غير مسبوقة خلال الساعات ال24 الماضية، حيث عبرت أرتال عسكرية قادمة من العراق يرجح أنها لقادة من الحرس الثوري الإيراني والمليشيات”.

وأضافت المصادر أن “قائد القوات الإيرانية في منطقة دير الزور -يدعى حج عسكر- اجتمع بقيادات المليشيات من “حزب الله” و”فاطميون” و”زينبيون” و”لواء الباقر” و”313″ و”الفوج 147″، لبحث مسألة عمليات الانتشار الجديدة، وأساليب الدفاع والحماية من ضربات جديدة متوقعة”.

وقال الصحافي فراس علاوي ل”المدن”، إن “الاجتماعات التي يجريها قادة المليشيات الإيرانية شرقي سوريا لا تهدف الى بحث عمليات الرد على القصف المدمر الذي تعرضت له، هي لا تستطع الرد على إسرائيل، ولا تملك هذا الخيار أصلاً”.

وأضاف أن “الضربات الجوية تسببت بشلل شبه كامل للمليشيات الإيرانية في دير الزور، لأنها استهدفت أهم المواقع والمستودعات والنقاط التي يتم الاعتماد عليها في المنطقة، وبالتالي تهدف الاجتماعات التي يجريها قادة المليشيات الى إيجاد خطة لإنعاشها من جديد، وإيجاد طريقة أكثر أمناً لعمليات الانتشار تتفادى من خلالها المزيد من الخسائر في حال تكرر القصف”.

وشهدت المناطق والقرى القريبة من النقاط والمواقع العسكرية التابعة للمليشيات الإيرانية نزوحاً لعدد من الأهالي خوفاً من تكرار القصف الإسرائيلي، بينما يخشى سكان مدن دير الزور والميادين والبوكمال من عمليات الانتشار الجديدة التي نفذتها المليشيات والتي طبقت تكتيك التحصن داخل التجمعات السكانية لحماية عناصرها وعتادها العسكري.

المدن

———————————

باحث استراتيجي: الضربة الإسرائيلية الأخيرة على سوريا تأكيد على استمرارية السياسة الأمنية

قال عدنان وهبي باحث استراتيجي، السبت، إن الرسالة التي أرادت إسرائيل البعث بها استباقياً إلى الرئيس الأميركي جو بايدن قبل أيام قليلة من تسلمه منصبه هي أنها مستمرة بنفس السياسة الأمنية في سوريا.

وقال “وهبي” لنورث برس: إن إسرائيل بعثت بالرسالة عبر عملياتها العسكرية الأخيرة في سوريا.

وأشار إلى أن استراتيجية “بين الحروب” التي تتبعها إسرائيل في السنوات الأخيرة، “باقية ولا تغيير عليها.”

من جهتها، ذكرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، أنه بوجود الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب أو بايدن، فإن رسالة إسرائيل إلى إيران بقيت على حالها: “نهاجم عند الحاجة.”

وأضافت أن إسرائيل ستواصل هجماتها وفقاً لحاجاتها العملانية عندما تنشأ، من دون علاقة بتبدُّل السلطة ونيات إدارة بايدن استئناف المفاوضات مع إيران على الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه إدارة ترامب في أيار/مايو 2018.

وفي هذه الأثناء ينهي بايدن التعيينات في قياداته الأمنية والسياسية، ومن القضايا الأولى التي سيتطرق إليها المشروع النووي الإيراني.

وأعلن بايدن مؤخراً، تعيين وليام بيرنز الدبلوماسي المخضرم كرئيس للسي آي إي، وهو معروف جيداً لدى القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل.

وعمل “بيرنز” مساعداً لوزير الخارجية في فترة بلورة الاتفاق النووي، وكتب كتاباً عن فترة عمله كدبلوماسي، عنوانه “القناة الخلفية”، والذي خصص جزءاً منه للمفاوضات مع إيران.

وبحسب “هآرتس”، فإن تعيين “بيرنز”، مثل “سلسلة التعيينات الأًخرى من خريجي إدارة أوباما في مناصب تحت إدارة بايدن لا يترك مجالاً للشك.”

ورجحة الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يحظى بحرية عمل ومناورة كاملين في واشنطن كما كان سُمح له في السنوات الأربع من ولاية ترامب.

إعداد: أحمد إسماعيل ـ تحرير: معاذ الحمد

نورث برس

——————————-

المليشيات الإيرانية الموجودة في تدمر تستبدل راياتها بعلم النظام السوري/ عبد الرحمن خضر

استبدلت المليشيات المدعومة من إيران، والمنتشرة قرب مدينة تدمر وسط سورية، الجمعة، راياتها بعلم النظام السوري، خوفاً من القصف الجوي الأميركي والإسرائيلي الذي طاول مواقع تابعة لها شرقي وجنوبي البلاد.

وذكر “تلفزيون سوريا”، نقلاً عن مصادر خاصة، أن المليشيات المنتشرة على تخوم مدينة تدمر والطرق المؤدية إليها في ريف حمص الشرقي استبدلت راياتها بعلم النظام السوري، تفادياً لاستهداف مقارّها ونقاط تفتيشها في المنطقة.

وأوضحت المصادر أن العملية شملت 17 مقراً في محيط بلدة السخنة ومدينة تدمر في البادية السورية، بريف حمص الشرقي الخاضع لسيطرة قوات النظام.

وشملت أيضاً، بحسب المصادر ذاتها، ست نقاط تفتيش لمليشيات “حزب الله” و”فاطميون” الأفغانية التي تنتشر على طريق تدمر- دير الزور.

كما أشارت إلى أن رفع أعلام النظام جاء بعد سماع تحليق مكثف لطيران استطلاع مجهول منتصف ليلة أمس الخميس، في سماء المنطقة التي تعتبر معقلاً للمليشيات المدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني.

وكانت المليشيات نقلت بعد الضربة الدامية التي استهدفت مواقعها في ريف دير الزور يوم الأربعاء قياديين إلى العاصمة السورية دمشق، كما نشرت جنودها في الأحياء السكنية داخل مدينتي البوكمال والميادين.

وتعتبر مدينتا البوكمال والميادين، الواقعتان على الحدود العراقية السورية، من أكبر مقرات القوات الإيرانية داخل الأراضي السورية، وينتشر فيهما العديد من المليشيات، من أبرزها “فاطميون” و”زينبيون”، وأيضا الحرس الثوري الإيراني.

وكانت مواقعها قد تعرّضت لقصف من التحالف وجيش الاحتلال الإسرائيلي في وقت سابق، ما خلّف قتلى وجرحى في صفوف مقاتليها، وحدّ من تحركاتها نهاراً.

العربي الجديد

——————————-

بعض الوقائع في شرق الفرات/ حسين قاسم

لا يمكن في مطلق الأحوال القفز على الحقائق وتجاوز الوقائع، دون الاعتراف بها وتحليلها والغوص في تفاصيلها، لا مجال أن نستغرق في الهوامش والجوانب الثانوية، اللوحة ساطعة بما يكفي أن نقرّ بها وان نعترف بما يتعارض مع قناعاتنا ورغباتنا قبل الانغماس والضياع في ما يوافق أمزجتنا.

لا يمكن الاكتفاء بالحديث عن داعش وخطر التيارات الإسلامية المتطرفة للتغطية على جرائم نظام الأسد والسلوك الوحشي لجيشه، والدفع باتجاه خلق وعي كردي سوري يغطي على الحقبة السوداء ومسؤولية الطغمة الحاكمة عن هذه الحقبة، وفي المقلب الآخر لا يمكننا القول أن نظام الأسد في شقه المعادي للكرد استثناء في السياسة العنصرية العربية ضد الحق الكردي، أين الاستثناء في المشروع الوطني السوري منذ تشكيل الدولة السورية إلى هذه اللحظة؟ حتى الحديث عن الفترة الوردية بعد الاستقلال لا يخلو من رومانسية وصناعة مخيلة تحاول لجم الحلم الكردي الذي تبلور مرتكزاً على حقيقة لا شريك عربي يدعم حقه المشروع في تقرير مصيره وفقاً للعهود والمواثيق الدولية في سوريا، وهنا الحديث يستثني بعض النخب وبعض السياسيين الذين حملوا القضية الكردية كقضية رئيسية في البلاد.

وكذلك لا يكفي القول أن تركيا لاعب رئيسي في المنطقة وتركيا بنسختها الأردوغانية متطرفة في مواجهة الحق الكردي، ولكن متى لم تكن السياسة الرسمية التركية في مواجهة الحق الكردي حتى تكون الأردوغانية استثناء، هناك في تركيا وفي كل مكان يتواجد فيه الكرد، حتى في سياق الحديث عن تورغوت آوزال نجانب الصواب عند القول أن التسوية السلمية كانت قاب قوسين أو أدنى.

كل الأحاديث عن وجود إيراني في شرق الفرات على شاكلة الوجود التركي عار عن الصحة، وهذه الحقيقة لا تتعارض مع حقيقة الدعم الإيراني المطلق واللامحدود لنظام الأسد، لكن الحديث عن وجود إيراني بشكل يغير التركيبة الديمغرافية في بعض المناطق السورية هو نفخٌ في النار الطائفية ولا يمت إلى الوقائع بصلة.

دعت الإدارتان الأمريكيتان المتعاقبتان (أوباما وترامب) إلى رحيل الأسد كما دعمت القوات الامريكية قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد داعش وتبنتها على أنها ذراعها في سوريا ضد التيارات الإسلامية في بقعة جغرافية كبيرة من سوريا، لكن أمريكا لم تمانع يوماً في الحوار بين النظام وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD (حزب السلطة في الإدارة الذاتية)، كما أنهما صرحتا (أن الولايات المتحدة تراعي مخاوف الامن القومي التركي) في اكثر من حديث لمسؤولين أمريكيين في الشأن السوري، وهذا يعني أنه لامجال للمقارنة في هذه اللحظة بين المصالح التي تربط أمريكا وتركيا وبين الدور الوظيفي التي قامت به قسد في حربها ضد داعش، ومن السذاجة القول أن أمريكا غافلة عن المساهمة التركية في دعم التيارات الإسلامية في سوريا.

من الإنصاف القول أنه لم تكن للحركة الكردية السورية جسم عسكري يستطيع حماية المدنيين ضد هجمات المجموعات المتطرفة، ولمشاركة الكرد في الحركات الكردستانية العسكرية في تركيا والعراق كان من الطبيعي أن تشارك تلك المجموعات في الدفاع عن مواطنيها، بناءً على ذلك ولكون كردستان العراق يتمتع بوضعية رسمية كانت الفرصة أمام حزب العمال الكردستاني كبيرة، هذا إضافة إلى الديناميكية العالية لكوادر الحزب، يبدو أن مشاركة كوادر الحزب المباشرة وإشرافهم في تدريب الكوادر السورية أمرٌ مفهوم، ولكن من غير المفهوم أن تهيمن تلك الكوادر وبسلوك صبياني ونزعة استعلائية على القرار الكردي السوري وان يساهموا في ضياع الرصيد المعنوي الكبير الذي صنعوه في الجانب العسكري.

يبقى السؤال الأخير في الخيارات التي كانت متاحة امام الكرد والذي حسم منذ آمد طويل في الانحياز المطلق للخيار الأمريكي مع الرهان على لعبة الوقت في التحالفات المؤقتة مع كل الفاعلين على الأرض بما فيه النظام وبعض فصائل المعارضة السورية.

ولكن ماذا لو خُيّرت أجسام المعارضة السورية إجمالاً والعسكرية منها على وجه الخصوص والتي لا تصنف في خانة التطرف الديني، “وهي قليلة جداً“، بين تحالفاتها مع إيران أو تركيا أو روسيا أو أمريكا، إذا افترضنا جدلاً أن هذا الخيارات متاحة، أيُّ الخيارات أقل كلفةً وأكثر جدوى؟

ماذا لوكان خيار التحالف مع روسيا وإيران متاحاً امام المعارضة السورية؟ ألم تكن الدولتان الآن ملاكان مدافعان عن حق الشعب السوري في العيش بحرية وكرامة؟

كان هذا السؤال مرهوناً ومعطوفاً على غياب الفاعلية الوطنية السورية في طريقة تفكير معظم المعارضين وانحيازهم لأجندات تعبر الأجندة السورية إلى الأجندة اليسارية والقومية العربية والإسلامية، مع التركيز على الخطر الكردي في شرق الفرات كنقطة محورية في بناء تصورها لتلك الخيارات، ومحاربة الآفاق التي يمكن ان تسفر عنها تحالفات “الصدف” إن جاز التعبير بين الكرد من جهة والأمريكان والروس والنظام من جهة أخرى، مرتكزاً على الوزن التركي ومخاوف آمنه القومي في مواجهة الكرد.

موقع نوتة سوريا

——————————-

لماذا يستميت “حزب الله” بالدّفاع عن النّظام السّوري؟/ ابراهيم حيدر

يؤدي “حزب الله” دوراً استثنائياً في سوريا. النظام السوري محاصر من كل الجهات ولم يعد الرئيس بشار الأسد مقبولاً، ليس من الولايات المتحدة الأميركية فحسب، التي تفرض عليه عقوبات بموجب قانون قيصر، بل أيضاً من الأوروبيين الذين شددوا معارضتهم على استمراره في الحكم وفرضوا عقوبات على أركانه، بغضّ النظر عن المفاوضات التي تديرها الأمم المتحدة. ينطلق دور الحزب من أنه يشكل الرئة اللبنانية للنظام، وليس من حلفاء في لبنان للنظام يستطيعون أن يتولوا نصرته كما فعل الحزب بقرار مرجعيته الإيرانية التي حشدت ميليشيات عراقية وأفغانية أيضاً للدفاع عنه أولاً، ولوضع موطئ قدم في سوريا، توازياً مع دعم النظام وقتال الأطراف الإسلامية كـ”النصرة” سابقاً و”داعش” على الأرض السورية.

التغلغل الإيراني في سوريا ومن ضمنه “حزب الله” له أكثر من وظيفة بالتأكيد. الأمر لا يتعلق بمنافسة إيرانية لروسيا دفاعاً عن النظام وبقاء بشار الأسد في السلطة. فاستمراره هو مصلحة إيرانية، كما هو ورقة روسية لتحسين الشروط وإحداث توازن معين مع الأميركيين الذين يديرون معركتهم في سوريا من بعيد ولديهم استهدافات عدة. الأهم بالنسبة إلى الأميركيين ليس مصلحة الكرد أو القوات التي دربوها في سوريا، بل مصالحهم هي أوسع من ذلك وترتبط بمشاريعهم في المنطقة ككل. ومن هذه النقطة تأتي إسرائيل كخط أحمر، وحمايتها مسؤولية أميركية بالدرجة الأولى.

تورّط “حزب الله” في الحرب السورية إلى جانب النظام منذ عام 2012، وهو انخرط فيها غير آبه بالانقسام اللبناني الذي رفض قسم كبير من اللبنانيين هذا التورط، ليس لأنه دفاع عن النظام فحسب، بل لأنه يقاتل قسماً كبيراً من الشعب السوري، كما يجر لبنان الى الغرق في الوحول السورية، وإن كان الحزب قد أعلن أن تدخله هو لمحاربة “داعش” ومنع تمدده إلى لبنان. اليوم تختلف الصورة بعد انكسار تنظيم الدولة الإسلامية واستعادة النظام لكل المناطق باستثناء إدلب وبعض مناطق دير الزور، إلى شريط على حدود تركيا، فإذا بالنظام الذي استعاد السيطرة يتعرض للخنق والحصار، في ظل وجود قوات من دول وميليشيات مختلفة لها مشاريعها الخاصة، وفي مقدمها الحزب. وقد جاءت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على البوكمال ودير الزور على الحدود العراقية السورية لتزيد الضغوط على الإيرانيين و”حزب الله” ولمحاولة منعهما من تثبيت القواعد والسلاح والتوسع في المرحلة المقبلة.

بات واضحاً أن سوريا تحوّلت ساحة تُستخدم لتحسين الشروط في المواجهة الإيرانية الأميركية، حيث يتولى الحزب دور تأمين التواصل بين بيروت ودمشق، وهو الذي باتت له قواعد ثابتة في المناطق السورية القريبة من الحدود، من القصير إلى الزبداني، يعتبرها مناطق خلفية في أي مواجهة. وحتى الآن استهدفت إسرائيل بغطاء أميركي مواقع عدة من دون أن تلقى رداً على رغم التهديدات التي أطلقها السيد حسن نصر الله في غير مناسبة، ويبدو أن هذه القوى تحاول تمرير الفترة الفاصلة عن خروج الرئيس الأميركي دونالد ترامب من البيت الأبيض، مراهنة على تغيّر النظرة الأميركية مع جو بايدن للعلاقة مع إيران.

لم يعد من متنفس للنظام السوري سوى لبنان. العقوبات التي فرضت عليه بموجب قانون قيصر وغيره، والتلويح أيضاً بعقوبات لأي كيان أو مؤسسة تمدّه بالأوكسيجين. وبعدما اشتد الحصار من الجهة العراقية، لم يعد من منافذ سهلة للتهريب على الحدود العراقية السورية، أو مد النظام بمستلزماته، لذا باتت الحدود اللبنانية المنفذ الوحيد ليتمكن النظام من الاستمرار عبر مده بكل ما يحتاجه، حتى بالمال. ويتولى “حزب الله” هذه المهمة التي يعتبرها استراتيجية لا بل مقدسة برعاية إيرانية، وهو ما يفتح على احتمالات عدة في المرحلة المقبلة، أبرزها انتقال المواجهة الإسرائيلية الإيرانية إلى لبنان، خصوصاً إذا قررت إسرائيل شن هجمات على مواقع لـ”الحزب” في الداخل اللبناني أو على الحدود. وحتى الآن لا تزال الأمور في دائرة الضغوط المالية والسياسية، حيث تُفرض عقوبات على الحزب وكيانات ومؤسسات له وشخصيات حليفة، مع التلويح بزيادتها، لكنها يمكن أن تتحوّل الى مواجهة عسكرية وساحة تصفية حسابات، بعدما كانت الضربات الإسرائيلية والغارات تقتصر على الأرض السورية.

يعتبر “حزب الله” أن معركته في سوريا لا تنفصل عن لبنان. يُمسك بساحة الجنوب اللبناني ويحتفظ بسلاحه وفائض قوته ويهيمن على الوضع اللبناني بتحالفه مع رئيس الجمهورية ميشال عون. وفي المقابل عمل على تأسيس مقاومة مسلحة في منطقة الجولان السوري المحتل في مواجهة إسرائيل. لذا أي معركة قد تنشب مع إسرائيل في الجولان لن يكون لبنان بمنأى عنها. المواجهات قد تأخذ أبعاداً ميدانية في المرحلة المقبلة، إذ إن الطلعات الإسرائيلية اليومية في السماء اللبنانية تشير الى أن إسرائيل توسّع من تحركاتها وتحذّر الحزب من الإقدام على أي خطوة وأنها سترد على مجموعة أهداف تكرّس واقعاً جديداً قد يفتح على أخطار ومواجهات وربما حرب كبرى عند أي خطأ في الحسابات.

في المقابل، تبقى الحدود اللبنانية السورية مشرعة، وممسوكة من “حزب الله”، وهي متنفس أيضاً للنظام السوري، فإذا كان “حزب الله” والإيرانيون لم يردوا على القصف الإسرائيلي خوفاً من مواجهة كبرى، في انتظار رحيل ترامب، إلا أن التّطورات في الميدان لا تشير الى أن الأمور ذاهبة الى تسوية أو على الأقل تهدئة تفتح الطريق لحوار في كل الملفات. لذا يبقى لبنان رهينة لمشاريع خارجية، لا يمكن تبرئة أحد منها بين أطراف الطبقة السياسية الحاكمة، وفي مقدمها الحزب الذي يأخذ البلد الى معارك إقليمية لا قدرة له على تحملها في ظل الانهيار، ويستميت بالدفاع عن النظام السوري، حتى لو كان ذلك على حساب لبنان.

النهار العربي

————————–

قصف أمريكي إسرائيلي للقوات الإيرانية في منطقة شرق سوريا/ منهل باريش

شنت أمريكا مئات الغارات على مواقع الميليشيات الإيرانية جنوب دير الزور خلال  عام 2020 ولكن قصف الأربعاء، يعتبر الأشد على الميليشيات الإيرانية، وتأتي أهميته من كون العملية مشتركة بين إسرائيل وأمريكا، وحجم بنك الأهداف الكبير الذي لم يقتصر على المقرات الإيرانية بل تعداها ليستهدف فرع الأمن العسكري في مدينة دير الزور (الفرع 243) ويقتل أحد مسؤوليه وهو رئيس قسم الدراسات، المساعد أول أحمد العفارة ويصاب قائد الفرع العميد أحمد الخليل المنحدر من مدينة طيبة الإمام في ريف حماة الشمالي، وعين الخليل رئيسا للفرع منتصف شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويعتبر من المقربين من القيادة العسكرية الروسية في سوريا وقلده مركز المصالحة الروسية وساما في العام 2017.

على صعيد الميليشيات الإيرانية، تعرضت إيران إلى ضربة كبيرة لا شك، دمرت قسما كبيرا من مستودعاتها الرئيسية في شرق سوريا، أما على مستوى استهداف القادة الإيرانيين، فالقصف لم يستهدف أحد القادة المعروفين للحرس الثوري أو للميليشيات الإيرانية هناك. حيث لم تعلن طهران عن خسارتها أي من قادتها العسكريين رغم استهداف ما يعرف بمركز نصر أو كلية التربية التي اتخذتها إيران مقرا عسكريا لها، الواقعة على طريق بورسعيد (طريق الميادين) جنوب المدينة، وهو واحد من أهم المقرات العسكرية الإيرانية في شرق سوريا.

في حين قتل القيادي العراقي في الحشد الشعبي، صالح عبد الأمير القطراني، وقيادي في الحرس الثوري من بلدة نبل في ريف حلب الشمالي، والحاج مهدي القيادي في لواء فاطميون الافغاني، في غارات متفرقة في عدة مناطق في ريف دير الزور.

في السياق، قال شهود عيان في دير الزور أن “القصف وأصوات الانفجارات استمرت ساعات دون توقف” ونقلت الميليشيات وقوات النظام الجرحى والقتلى إلى مشافي المدينة وقامت بإخلاء المرضى من أصحاب الحالات الباردة أو مرضى فيروس كورونا. وأضاف شهود العيان انه لم يصل العميد الخليل إلى المستشفى العسكري في دير الزور، في حين تناقلت مصادر أخرى خبر وفاته يوم الجمعة، متأثرا بجروحه. وتناقلت صفحات النظام خبر إصابة العميد الخليل يوم الأربعاء إلا أنها لم تشر إلى موته.

وقصفت إسرائيل وأمريكا المنشآت العسكرية الإيرانية مئات المرات خلال السنوات الماضية ووصل التوتر إلى حدود الجولان السوري المحتل في شباط 2018 عندما أسقطت الدفاعات الجوية للنظام طائرة إسرائيلية هجومية نوع اف- 16.  وكذلك استهدفت قاعدة التطوير العسكري الإيراني لطائرات الدرون في مطار التياس T-4وقتلت 14 خبيرا وعنصرا إيرانيا بينهم العقيد مهدي دهقان يزدلي المسؤول عن برنامج الطائرات بلا طيار في سوريا ولبنان، ويتبع لسلاح الجو في الحرس الثوري الإيراني أو ما يعرف بالقوة “الجو- فضائية” في الحرس الثوري. وربما يكون يزدلي هو واحد من أكبر العقول العلمية التي خسرتها إيران في سوريا ناهيك عن القادة العسكريين الذين قتلوا في المعارك مع المعارضة السورية أو في القصف الأمريكي أو الإسرائيلي في منطقة القنيطرة.

ودمرت إسرائيل مصنعا على الحدود السورية اللبنانية يتبع لحزب الله اللبناني قرب القصير، كان يؤسس ليكون معملا لإنتاج الصواريخ متوسطة المدى. وأشار خبراء غربيون إلى أن التحصين العالي للبناء وإشادته في منطقة جبل يرجح ان يكون استخدامه لعدة أغراض حربية أخرى. وقتلت إسرائيل قائد الجناح العسكري لحزب الله مصطفى بدر الدين، واتهمت إسرائيل الحزب يومها بتصفيته.

وفي إطار إيقاف نشاط حزب الله وإيران في الجولان السوري استهدفت عدة من قادة الحزب مطلع عام 2015 أهمهم القائد العسكري البارز محمد عيسى، أحد مسؤولي ملفي العراق وسوريا، وجهاد عماد مغنية، بالقرب من حدود الجولان السوري المحتل، حيث قامت طائرة إسرائيلية باستهدافهم خلال اشرافهم على التحصينات الهندسية الإيرانية هناك.

كل تلك العمليات لم تحد من نشاط إيران أو تمنعها على العكس، حافظت إيران على سياسة هادئة في بناء شبكاتها العسكرية والأمنية والثقافية والدينية على الأرض. وأصبحت بعد اتفاق التسوية في جنوب سوريا أكثر حضورا بعكس ما كانت تأمل وتسعى إسرائيل. وتحافظ إيران على مناطق ذات أهمية جيو سياسية كبيرة بالنسبة لها، كمناطق ريف حلب الجنوبي وحمص والقنيطرة وغربي درعا. وتنتشر في نحو تسعين نقطة وحاجز على طول الشريط الحدودي بين إسرائيل وسوريا في منطقة الجولان. وتعمل القوات الإيرانية تحت مظلة واسم الفرقة الرابعة التي يقودها اللواء ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري.

والحال، ان قائد فيلق القدس، قاسم سليماني من خلال معرفته العميقة والميدانية بالواقع السوري تمكن من رسم خريطة انتشار متماسكة وقوية للغاية، وتحتاج لهزيمتها إلى تغيير منطق القوة الذي تمارسه تل أبيب وواشنطن، وإلى مقاربة على الأرض لا في السماء فشعار إخراج إيران، أصبح محكوما بالفشل بعد ست سنوات من مواجهتها من السماء.

في شهري نيسان/ابريل وايار/مايو  2018 قامت إسرائيل بأكبر عملية قصف جوي في تاريخ الحرب السورية على الإطلاق، وقصفت نحو 100هدف بتواتر مدهش للغاية، تعرضت فيه المصالح الإيرانية إلى ضربة كبيرة للغاية وخصوصا على مستوى مستودعات الصواريخ المنقولة لحزب الله، وطائرات التجسس الإيرانية. لكن بعد تلك الحملة القاسية عليها، استعادت إيران نشاطها مجددا ولم تتوقف برامجها في سوريا، وتوجهت للعمل على السيطرة على شرق سوريا. وبالفعل أصبحت، اليوم، مدن مثل البوكمال والميادين وأغلب دير الزور مناطق إيرانية بكثير من الأوجه. حيث ينشط المركز الثقافي الإيراني وتتعاظم حملات التشيع وتقدم المؤسسات الخيرية الإيرانية دعما إنسانيا لمواليها. وتستوعب الميليشيات شبان تلك المناطق وتضمهم إليها، وتجعلهم يخدمون في مناطق قريبة على بيوتهم. وتسعى إيران إلى حملات تزاوج بين المقاتلين الأجانب والمواطنات السوريات في عدة مناطق والعكس صحيح. كما تفرض على النظام بعض عمليات التجنيس.

من المفيد القول، ان شعار عزل إيران وتدميرها من الداخل الذي تبناه مستشار الأمن القومي جون بولتون فشل مع عزله وتخبطت الإدارة الأمريكية في بناء استراتيجية واضحة وحازمة ضد أنشطة إيران في المنطقة كاملة. وتعرض “عزل إيران ” إلى أول فشل مع عدم مقدرة أمريكا إغلاق الحدود السورية العراقية في وجه “فيلق القدس” والميليشيات الشيعية الأجنبية التي يستقدمها الجنرال قاسم سليماني من شرق سوريا عبر الطريق البري. وبدل ان تسعى لدعم فصائل المعارضة السورية المدعومة من البنتاغون لشن عمل عسكري ضد “داعش” والتقدم شمالا إلى البوكمال بهدف بناء جدار يقطع طهران عن دمشق بشكل كامل ترك المسافة الممتدة بين منطقة 55 كم شمال التنف ونهر الفرات فارغة ليتقدم سليماني ويملأها بهدوء وثقة .

وما زالت مقاربة هزيمة إيران قاصرة للغاية واعتماد أمريكا على الضربات الجوية من أجل هزيمة ايران في سوريا وإخراجها هو مجرد وهم، من دون بناء شراكة محلية.

القدس العربي

—————————–

إسرائيل في دير الزور/ معن البياري

كتب جورج بوش الإبن، في مذكّراته “قرارات مصيرية” (2012)، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، أخطره، في أوائل سبتمبر/ أيلول 2007، بموعد ضربة إسرائيلية لموقع سوري في دير الزور، من دون أن يطلب مشورته، أو تغطيةً سياسيةً أميركيةً لها. ولمّا نصحه بوش بأن تعمل الولايات المتحدة على استصدار قرار من مجلس الأمن بشأن القدرات النووية السورية، ليسوّغ الضربة، ردّ أولمرت بالرفض، وأنه يُخبره ولا يستأذنه، فهذا الأمر “يخصّ إسرائيل وحدها”. تمّت الضربة بعد أيام. وفي مارس/ آذار 2018، رفعت دولة الاحتلال السرّية عن استهدافها في تلك الواقعة منشأة مفاعل نووي تطوّره دمشق سرّاً. أما الغارات الإسرائيلية التي استمرّت ساعة، على موجتين، ثانيتهما 18 غارة، فجر الأربعاء الماضي، على مواقع في شرق سورية، فإن واشنطن تسرّب أنها قد ساعدت تل أبيب في تنفيذ هذه الغارات بمعلومات استخبارية، ومن ذلك أن المواقع التي ضُربت مستودعاتُ أسلحةٍ إيرانية. وأخذاً بنكتة دريد لحام في “ضيعة تشرين” عن فتح الراديو على لندن لنعرف ماذا يحدُث عندنا، ليس من رجاحة العقل أن يكتفي واحدُنا بخبر وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن قيام العدو الإسرائيلي بعدوان جوي على مدينة دير الزور ومنطقة البوكمال، وأنه “يتم حالياً تدقيق نتائج العدوان”، فالتقارير الإخبارية لم تطيّر فقط أعداد القتلى الذين أفيد بأنهم زادوا عن الخمسين، بين سوريين يتبعون النظام وإيرانيين و”زينبيين” باكستانيين و”فاطميين” أفغان، وإنما أيضا أن عشاء في مطعم إيطالي في واشنطن جمع بين وزير الخارجية الأميركي، بومبيو، ورئيس “الموساد”، يوسي كوهين، في الليلة السابقة للعملية العسكرية الإسرائيلية الأعنف منذ سنوات في سورية. وإذا كان مرجّحاً أن الصديقيْن تداولا، بعض الوقت، في أمر الضربة المقرّر موعدها مسبقاً، فمستبعدٌ أن يكون ترخيصٌ أميركيٌّ بها قد أعطي في المطعم.

تُحسَب ضربة دير الزور إبّان أولمرت بوش ضمن اعتداءاتٍ إسرائيليةٍ سبقت شرارة الثورة والحال الدامي في سورية الراهنة، وليس من عددٍ موثّق لهذه الاعتداءات منذ 1982، غير أنه ليس منسيّاً أن أولاها كانت على فصيلٍ فلسطيني في 2003، وفي الوسع احتساب تحليق الطائرات الإسرائيلية فوق قصر بشار الأسد في اللاذقية صيف 2006 ضمنها. أما اللواتي لا يتوقف عنها سلاح الجو في دولة الاحتلال، بعد الثورة، فتُخبرنا “جيروزاليم بوست” أنها نحو ألف منذ 2013. وعلى ما تنقل الصحافات العبرية، فإن إسرائيل اعتادت أن تنفّذ ضربة كل ثلاثة أسابيع، لكنها تنوي إنجاز ضربةٍ كل عشرة أيام. وإذ تستثير هذه الأرقام أسىً غزيرا في نفوسنا، نحن الذين نقيم على مناهضة النظام القاتل، الفاسد المستبد، غاصب السلطة في دمشق، فإن فضولاً فينا بشأن ما تُحدثه في نفوس الذين يشايعون النظام الموصوف هنا، ولا يغادرون التغنّي بممانعته، وهو الذي نشتهي يوماً أن يردّ، ولو بمعيّة مليشيات إيران وحرسها الثوري بين ظهرانيه، الصاع صاعاً واحداً على أي اعتداء إسرائيلي.

ما الذي أرادته إسرائيل وإدارة ترامب بومبيو من هذه الوجبة الصاروخية البالغة العنف في بادية شرق سورية؟ لا داعي لإجهاد الذهن في التفتيش عن رسائل تبعثها الحليفتان هاتان إلى إدارة بايدن المرتقبة وإلى إيران (وإلى من يريد أن يتلقّاها، لا بأس)، فالمسألة أكثر بساطةً، لأن مثيلاتٍ لضربةٍ كهذه قد تتكرّر لاحقاً، في غضون إقامة بايدن في البيت الأبيض رئيساً، موجزها إنه لا صلة لحسابات القوة الإسرائيلية باعتباراتٍ مثل التي يفترضها بعضُنا عن رسائل إلى هؤلاء أو إلى أولئك، وإنما هي حساباتٌ موزونةٌ بمعايير تقوم على استضعاف الضعيف أكثر وأكثر، فنظام غاز السارين، غاصب السلطة في دمشق، لا يستحقّ في الاعتبارات الإسرائيلية غير إهانته بمزيد من الإهانة، حوالي دمشق وفي درعا وفي كل مطرح، وقد استحقّها هذه المرّة في بطاح بادية شرق سورية، في دير الزور والبوكمال والميادين.

كتب مدير المخابرات المركزية الأميركية الأسبق، جورج تينيت، (في مذكّراته)، إن بقاء نظام الأسد أفضل من العمل على إسقاطه. وهذا بالضبط هو الموقف الإسرائيلي، مضافاً في تفاصيله إن بقاء النظام المذكور ضعيفاً ثم أضعف، وإنْ بوجود الزينبيين والفاطميين عنده، أفضل لإسرائيل. وعندما يخزّن أسلحة، لحزب الله أو لغيره، منحتها إيران أو غيرها، في دير الزور أو غيرها، فينبغي ضربه.. هذا موجز القصة ومختتمها.

العربي الجديد

——————————-

ماذا بعد أوسع ضربة إسرائيلية لإيران في سوريا؟/ العقيد عبد الجبار العكيدي

تطرح الضربة الإسرائيلية الأخيرة لمواقع عسكرية إيرانية في شرقي سوريا تساؤلاً رئيسياً وهو: ما الجديد فيها شكلاً ومضموناً وما الدلالات المختبئة بين طياتها؟

بداية تميزت الضربة الأخيرة بمواصفات وتقنيات غير مسبوقة لجهة عدد القتلى والمواقع المستهدفة، أهميةً وعدداً، وكذلك التوقيت السياسي لتنفيذها والذي يتزامن مع ترقب وصول  الساكن الجديد للبيت الأبيض.

يمكن القول إن الضربات الإسرائيلية الأخيرة تُشكل ذروة الهجمات التي استهدفت المواقع الإيرانية والميليشيات التابعة لها، حيث شملت عملياً جميع المواقع الإيرانية في مدينة دير الزور والميادين والبوكمال حيث مركز ثقل التواجد الإيراني، والنافذة الأثيرة لطهران التي تأمل أن تصل من خلالها الطريق البري المرجو من طهران إلى بيروت.

وفوق كل ذلك فإن هذه الضربة سبقها هجمات تمهيدية استهدفت خط الدفاع المبكر (منظومة الإنذار المبكر ومواقع الحرب الالكترونية) بالقرب من مدينة السويداء والديماس لفتح طريق آمن وهذا لا يحدث إلا قبيل هجمات كبيرة ومكثفة، يدلل على ذلك مشاركة الولايات المتحدة لأول مرة في هذه الضربة، من خلال تقديم معلومات استخباراتية غاية في الدقة وطائرات السطع الالكتروني لتحديد الأهداف وتوجيه الطائرات الحربية مما أسفر عن إصابات محققة وتدمير أغلب الأهداف وقتل عدد كبير من القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها.

لا يمكن القول إن الهجمات ستتوقف عند هذا الحد بدليل التصعيد السياسي غير المسبوق من طرف واشنطن ضد إيران في الآونة الأخيرة، على الرغم من انشغالها العميق بمشاكل انتقال السلطة. ومن المؤشرات على هذا التصعيد تزامنه مع الحديث عن تقرير أميركي يُقال إنه سيكشف عن علاقة إيران بتنظيم القاعدة ومؤشرات لتحميلها مسؤولية هجمات 11 أيلول/سبتمبر وتكرار الحديث عن وجود قادة التنظيم الإرهابي فيها وإيجاد ملاذ آمن لهم والتنسيق بينهم وبين أجهزة الاستخبارات الإيرانية.

قاسم سليماني..ما قبله وبعده

ولقراءة المشهد السياسي والعسكري بدقة لا بد من استعراض الأوضاع قبل مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني وبعده.

سليماني الذي عمل مع أبو مهدي المهندس على هندسة تموضع القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في شرقي سوريا، وخاصة منطقتي الميادين والبوكمال لقربهما من الحدود العراقية، بعد أن أدركا صعوبة إقامة وجود لها في مناطق غرب دمشق، تاركين لحزب الله اللبناني هذه المهمة، بسبب كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية واستهدافها لمواقع تواجد قواتها والميليشيات التابعة لها هناك، في تسليم واضح بأن تموضعهم بالقرب من حدود إسرائيل كلفته باهظة جداً، بل وهو بند توافقت عليه موسكو وواشنطن وتل أبيب في مرحلة التسوية بجنوب سوريا.

في المقابل، بعد مقتل سليماني، قامت إيران بنقل الكثير من قواتها الى المناطق القريبة من الحدود العراقية السورية الخاضعة لسيطرتها، لتجعل من مدينة البوكمال قاعدة إيرانية ومعبر لقواتها الى سوريا، ومدخل المشروع الإيراني الممتد بين طهران-بغداد-دمشق-بيروت وصولاً الى البحر المتوسط، الحلم القديم المتجدد لطهران، على أن تبدأ من هناك العمليات العسكرية والاستراتيجية واللوجستية، حيث تُعتبر قاعدة “الإمام علي” أكبر قاعدة إيرانية في المنطقة وهي تغذي بقية القواعد الأخرى، مع إقامة بنى تحتية لتسهيل تحريك عناصرها وتعزيز عمليات التهريب بين العراق ولبنان.

التحركات أعلاه لم تغِب بطبيعة الحال عن أعين الجانبين الأميركي والإسرائيلي الذين تابعا التحركات الإيرانية عن كثب، مع إطلاع كافٍ على المعلومات التي تفيد بوجود مستودعات أسلحة تحوي مكونات قد تدعم البرنامج النووي الإيراني، وكذلك عمليات لتثبيت قواعد صاروخية في سوريا تطال إسرائيل.

وبناء على ذلك، ثمة عامل لا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهله، وهو موسكو، خصوصاً في ظل وجود اتفاقية مع التحالف الدولي، ومن خلفه واشنطن، تتعلق باستخدام الأجواء السوريّة، أي أن الضربة الأخيرة قطعاً جرت بالتنسيق مع روسيا، وهو ما يستدعي سؤالاً رئيسياً، يتعلق بالهدف أو الأهداف المشتركة بخصوص التواجد الإيراني بين روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل؟

من الواضح أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسعى من خلال هذه الهجمات الى تصعيد الموقف مع الإيرانيين إلى ذروته لتسليم خليفته جو بايدن ملفاً ساخناً وبحالة تجعل مهمة الأخير بما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني أكثر تعقيداً، ومحكومة بقيود الحرب لا السلم التي لا يمكن التحرر منها بسهولة، وبالتالي تصبح مهمة الرئيس الأميركي الجديد أكثر صعوبة في صياغة اتفاق جديد مع إيران، ناهيك عن رفض إيراني مُعلن لإعادة التفاوض، بمعنى العودة إلى الاتفاق الحالي أو لا اتفاق.

الموقف أعلاه صاحبة المصلحة الأكبر فيه هي إسرائيل الحريصة على تقويض أي تقارب أو اتفاق أميركي-إيراني، في ظل مخاوفها الجدية من تغير محتمل في سياسة بايدن تجاه إيران، يعزز هذا التوجه مأزق نتنياهو نفسه ومحاولته الهروب من أزمته السياسية والحزبية وملاحقته بقضايا الفساد وضغط احتجاجي مستمر أكثر من ثلاثين أسبوعاً. ويبدو أن نتنياهو يعمل على تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب في اللحظات الأخيرة من حكم ترامب، وتشكيل جبهة مفتوحة وتعاون بين إسرائيل والتحالف الدولي وتكثيف الضربات العسكرية الإسرائيلية على المواقع الخلفية لإيران وميليشياتها في سوريا.

تسعى إسرائيل من كل ذلك إلى ضرب الآمال الإيرانية في تحويل سوريا إلى قاعدة مستقرة لها، بتحطيم قدرتها على بناء قواعد ثابتة وتقليم أظافرها وتقطيع أوصال مواقعها، مستفيدة من طبيعة المنطقة الصحراوية المكشوفة.

هذه الطبيعة الجغرافية، حتى تنظيم “داعش” لم يفوت فرصة معرفته الدقيقة بتفاصيل تضاريسها لتوجيه ضربات قوية لطرق الإمداد وقوافل الدعم العسكري القادم من إيران الى قواته في سوريا وحزب الله في لبنان، وهذا ما يفسر تغاضي قوات التحالف عن تحركات داعش الأخيرة في البادية السورية بحرية واستعادة نشاطها وازدياد عملياتها العسكرية الخاطفة ضد قوات النظام والميليشيات الايرانية.

ما الذي تريده موسكو؟

يبدو أن مساعي روسيا للاستفراد بالكعكة السوريّة وحدها تستلزم تحييد إيران بعد أن انتهى دورها الوظيفي في مواجهة قوات المعارضة، وربما المرحلة الراهنة تستدعي مصلحة روسيّة أكبر للتنسيق مع الجانبين الأميركي والإسرائيلي، ومعهما الدول الإقليمية لإبعاد إيران عن سوريا، أو على أقل تقدير إضعافها، وذلك قبل رسم ملامح الحل النهائي في سوريا بتوافق الدول الفاعلة في هذا الملف.

ودليل ما سبق، انسحاب روسيا قبل ساعات من مواقع الضربات ومنع النظام من استخدام منظومات الدفاع الجوي “إس-200” وإس-300″، وتزويد الجانب الإسرائيلي بمواقع واحداثيات القوات الإيرانية، وهذا ما عزز دقة الضربات التي أوجعت على ما يبدو الإيرانيين.

قاسم سليماني نفسه تحدث قبل مقتله مطلع العام 2020، عن هذه الجزئية حين أشار إلى أن المعلومات المتوفرة لإسرائيل لا يمكن الحصول عليها فقط من خلال وسائط التجسس المختلفة، في إشارة إلى الطائرات الأميركية.

والآن، ما هي خيارات إيران أمام ما يمكن وصفه بمعسكر الأعداء، الولايات المتحدة وإسرائيل، والأصدقاء الأعداء، أي روسيا؟

تبدو طهران مضطرة في هذه الآونة لامتصاص الموقف وتحمل كل الضربات دون أن تغامر برد، سواء في الجولان أو جنوب لبنان، قابضة على جمر ما بقي من أيام إدارة ترامب، على أمل أن تخرجها الإدارة الأميركية الجديدة من مأزقها، عازمة في تلك المرحلة على اللعب بأوراق الميليشيات التابعة لها أو المتحالفة معها في سوريا واليمن ولبنان والعراق، وكذلك حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، إضافة إلى ملف قدراتها الصاروخية، في إطار العودة إلى الاتفاق النووي، لإنقاذ اقتصادها المتهاوي على أقل تقدير.

وهنا، هل نحن حقاً أمام خطة استراتيجية متكاملة وغطاء سياسي أميركي لزعزعة المشروع الإيراني في المنطقة، أم هو مجرد غضبة من ترامب في أيامه الأخيرة لصنع مشهد تكتفي الإدارة القادمة بالبناء عليه لتقليم أظافر إيران وترويضها وإخضاعها في ملفات عدة على رأسها البرنامج النووي الإيراني؟

سؤال تبقى الإجابة عنه محكومة بتطورات الأيام القليلة القادمة، خصوصاً بعد التصريحات الإسرائيلية الأخيرة التي توعدت بتكثيف الضربات ضد المواقع والميليشيات الإيرانية في سوريا لتصبح مرة على الأقل كل ثلاثة أيام.

المدن

——————

سورية .. طور جديد من التدمير الإسرائيلي/ مالك ونوس

استفتح طيران الاحتلال الإسرائيلي الحربي السنة الجديدة بضربتين على سورية، شن في الثانية 18 غارة حربية على مواقع تابعة للنظام وللقوات الإيرانية في دير الزور والبوكمال وجواريهما. وتعد هذه الغارات، إضافة إلى كلام مصدر عسكري إسرائيلي عن منهجيةٍ جديدةٍ لاستهداف الأراضي السورية وفق وتيرة تتضمن ثلاث غارات كل عشرة أيام، بمثابة إدخال سورية في طور جديد من التدمير الممنهج تقوم به القوات الإسرائيلية، ويتميز بعجز سوري وإيراني عن ردّه أو الرد عليه. وإن كان عجز الجيش السوري عن ردّه مبرّراً بسبب تدمير قدراته الدفاعية طوال السنوات العشر الماضية، فإن العجز الإيراني يثير التساؤل، بسبب ترك الإيرانيين قواتهم والمليشيات التابعة لهم مكشوفة الظهر أمام هذه الغارات.

لا يمكن تصنيف الغارة التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على سورية على المناطق المذكورة، فجر يوم 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، ولا كلام المصدر العسكري الذي صدر بالتزامن معها، ضمن إطار التصعيد الروتيني الذي درج عليه الإسرائيليون منذ اندلاع الحرب في سورية، بل هي بمثابة حربٍ غير معلنة. إنها حرب استنزافٍ ستدمِّر، ليس المناطق المستهدفة فحسب، بل كل ما يمكن أن يساعد القوات الإيرانية على تثبيت تموضعها في النقاط والقواعد التي تشغلها الآن في سورية. ويمكن لهذه الحرب أن تتعدَّى سورية، فتطاول لبنان والعراق وقطاع غزة، وربما المنطقة برمتها، بسبب ارتباط دولها بمحور واحدٍ تتحكّم فيه إيران، فالغارة طاولت أهدافاً عدة دفعةً واحدةً، وفي منطقة واسعة شملت محافظة دير الزور ومنطقة البوكمال والميادين، واستمرّت ساعةً، وأوقعت أكثر من خمسين قتيلاً وغيرهم من الجرحى من الإيرانيين والسوريين، ومن الفصائل المدعومة من إيران والمكونة من جنسيات مختلفة.

وإذ تميزت هذه الغارات بعنفها وكثافتها واستمرارها مدة أكثر من المعتاد في الغارات السابقة، نفذتها طائرات حربية إسرائيلية اخترقت الأجواء السورية جنوب البلاد، وتوجَّهت إلى البادية في العمق وعلى الحدود مع العراق، قاطعةً مسافةً كبيرةً، فإنها تدلّ على أهمية الأمكنة المستهدفة وتنوعها، وإمكانية وجود تحصينات كبيرة وأنفاق يحتاج التعامل معها إلى كثافة نيران واستهداف واسع النطاق. ومن هنا، كتبت صحيفة إسرائيلية إن ضربات الأسبوع الماضي تختلف عن سابقاتها، لأنها دمَّرت مستودعاتٍ ومقار عسكرية، ربما تكون لصواريخ بعيدة المدى وطائراتٍ مسيَّرةٍ ومصانع أسلحة. ويبدو أن إيران بدأت في استغلال هذه المناطق لإقامة قواعد حساسة، بعدما اكتشفت أهمية إبعادها عن مناطق غرب دمشق وجنوبها، قرب الحدود الفلسطينية المحتلة حيث يسهل على الإسرائيليين استهدافها هناك. وإذ لوحظ عدم تصدّي الدفاعات الجوية السورية للطائرات، فذلك يرجّح أن الهجمات نفذتها طائرات إف 35 الجديدة التي لا تكشفها الرادارات، وفي هذا خطورة تتهدّد الأراضي السورية بسبب سهولة الاستهداف. وتزداد هذه الخطورة مع أنباء عن مغادرة القوات الإيرانية مقارّها وانتشار آلياتها وأفرادها وتوزُّعهم داخل المدن في أحياء دير الزور والبوكمال والميادين، مخافة إعادة استهدافهم بتكرار الضربة.

وتكرار الضربة ليس بعيداً، فقد أفصح المصدر العسكري الذي علَّق على الغارات، عن استراتيجية جديدة ستنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ ضرباتٍ وفق معدل ثلاث ضرباتٍ كل عشرة أيام، بعد أن كانت تنفذ ضربةً واحدةً كل ثلاثة أسابيع، حسب ما نقلت عنه إحدى القنوات التلفزيونية العربية. وستستهدف الضربات فيما تستهدفه، الصواريخ السورية والإيرانية التقليدية والرادارات. وهذا يدخل ضمن الاستراتيجية الإسرائيلية البعيدة المدى، والتي تقوم على منع إيران من التمركز بقوة في سورية من أجل إيلامها ودفعها إلى الخروج من هذا البلد. ويعني هذا الأمر مزيداً من الآلام للشعب السوري عبر استهداف أراضيه أو بناه التحتية، بفعل النيران الجانبية أو المباشرة، خصوصاً أن إعادة تموضع إيران وتوزيع قواتها وأفرادها ضمن المدن لن يمنع الإسرائيليين من استهدافهم وإيقاع خسائر في صفوف المدنيين وأملاكهم، كما حدث سابقاً عند استهدافهم معمل البصل في قلب مدينة السلمية وسط سورية، والذي اتخذته إيران قاعدةً لها ومخزناً لأسلحتها.

وفيما يخص الرد الإيراني، أو التصدّي للصواريخ والطيران الإسرائيلي المغير، لا يبدو أن لدى إيران النيّة على الرد عليه أو ردعه أو حتى التصدّي له، هذا في حال توفُّر القدرة. أما إذا كانت لديها تلك القدرة، فتشير المعطيات إلى أنها باتت تتبع في التهدئة هذه الآونة. يؤكد ذلك امتناعها عن الرد على اغتيال قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، بمناسبة مرور سنة على اغتياله، وعلى اغتيال العالم النووي البارز، محسن فخري زادة، والذي يبدو أن للإسرائيليين دورا في اغتياله. ومردّ هذه التهدئة أملٌ يحدوها في تغيير السياسة الأميركية تجاهها مع قدوم الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، إلى سدة الرئاسة، واحتمال تخلُّصه من تركة سلفه، دونالد ترامب، التي كلفتها الكثير. أما الرد عن طريق الوكلاء، فقال المصدر العسكري الذي نقلت عنه القناة التلفزيونية إن أي عملية ينفذها حزب الله ضد أهداف إسرائيلية سيقابلها ضرب بنك أهداف كامل في لبنان. وهو ردٌّ سيكلِّف الحزب خسائر كبيرة ونقمةً بين الأوساط الشعبية اللبنانية، بسبب إسهامه في زيادة انهيار الدولة اللبنانية التي تقف على شفا حفرة من الانهيار على الصعد كافة.

في ظل هذه الأجواء، سيستمر الطيران الإسرائيلي في تنفيذ سياسة الاستهداف التي وضعها أمامه، وستكون سورية عرضةً لمزيدٍ من الآلام، ومناطقها وبنيتها التحتية لمزيدٍ من التدمير بفعل غارات الطيران الإسرائيلي الذي تمتنع روسيا عن ردّه بسبب اتفاق قيادتها مع الإسرائيليين لتنسيق العمليات العسكرية لتجنب الاحتكاك في الأجواء والمياه الإقليمية السورية. وكذلك بسبب عدم القدرة الإيرانية أو ربما غياب الإرادة، إضافة إلى ضعف قدرات الجيش السوري الدفاعية التي أنهكتها عشر سنوات من الحرب، وامتناع الحلفاء عن تعزيزها. وأمام هذا الواقع، يستمر المواطن السوري بدفع ثمن كل ما يجري على أرضه من انتهاكات، سببتها الحرب، وزادها، وربما سيزيدها أكثر، التأخر في إيجاد حلٍّ سلميٍّ لقضيته.

العربي الجديد

——————————–

إسرائيل في حميميم/ عمار ديوب

وصل قطار التطبيع إلى قبرص أولاً ثم إلى حميميم ثانياً. المحطة الأولى بين الوفدين، الإسرائيلي والسوري، كانت هناك. والثانية في سورية إذاً. حين يكون في حميميم، فهو مع نظام دمشق، أي إن إسرائيل لم تعد تُحلّق في سماء سورية وتصطاد على أرضها المواقع الإيرانية أو التابعة لحزب الله أو للنظام السوري، بل أصبحت تتفاوض، أو تتواصل على الأرض أيضاً. هي جولاتٌ يكتنفها الغموض الشديد، حيث إدارة التفاوض بخصوص التطبيع مع النظام السوري ليست بسيطة، ومعقدة بدرجة تعقيد الوضع السوري ومستقبل النظام؛ وإذا كانت كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب بعيدة عن إسرائيل، فإنّها وسورية متتاخمتان، وهناك الجولان المحتل، والمفاوضات السابقة بينهما، وهناك أيديولوجيا كاملة عن ممانعة التطبيع. ويضاف إلى كل ما سبق وجود دولة وازنة لم تُطبّع، السعودية. ولا يجوز إهمال التحالف التاريخي بين النظام السوري وإيران، وبالتالي من التسرّع بمكانٍ إطلاق الأوهام، وأن إسرائيل هي الممانعة، بينما النظام السوري هو المحبّ الراغب في التطبيع. هذه خفة في القول؛ فإسرائيل تعلم أن القطار أعلاه مع الأنظمة، وليس مع الشعوب، وإذا وضعنا في الذهن أيديولوجيا النظام وتحالفاته، وألف تعقيد آخر، يصبح التطبيع يتطلب شروطاً، ليس أقلها وضع الجولان مستقبلاً، أي كيف سيكون شكل السيطرة عليه، وكيفية تقاسمه بين “الدولتين”؛ الكيان المحتل والنظام السوري (وإن نفى رسمياً اجتماع حميميم).

يتعجل بعضهم بالقول إن التطبيع ضرورة للنظام في سورية، فهو في أشدِّ حالات الضعف، وإن شرعنته مجدّداً تقتضي التطبيع، حيث ستتولى إسرائيل ذلك عند أميركا كما فعلت مع السودان مثلاً. يَشتهر النظام بتضييع خصمه في متاهة التفاصيل، كما كان يؤكد وزير الخارجية الراحل، وليد المعلم، ومن عاداته ألّا يتعجل في قضايا خطيرة، تكشف عورته كاملةً، أي التطبيع. وعدا ذلك، هناك الخلاف الروسي الأميركي بخصوص الموقف من مستقبل النظام ومن كليّة الوضع السوري، ونقصد أنه ليس من مصلحة روسيا تحقيق التطبيع الذي تشرف على المفاوضات بخصوصه، ولا سيما أنه لن يعود عليها بفائدة كبرى، فإسرائيل، مع الأخذ بالتوافقات الكبيرة بينها وبين روسيا، تُقيم حساباتها الدقيقة وفقاً للسياسة الأميركية، وفي هذا لنلاحظ إدخالها تحت القيادة العسكرية الوسطى لأميركا أخيراً.

استهلكت بعض المعارضة السورية بعض الوقت في نقاشٍ خاطئ من أصله، ويتحدّد بكيف نجعل إسرائيل تدعمنا ولا تدعم النظام. قد يكون هناك “علاقات استخباراتية” بين النظام وإسرائيل، والمعلومات عنها شحيحة، وإذا تجاوزنا هذه الفكرة، فكيف لكيانٍ محتلٍ أرضاً عربية أن يدعم ثورة شعبية، هي امتداد لأهل تلك الأرض المحتلة؟ أليس هذا هو العبث بعينه، إذاً لا علاقة للثورة ذاتها بذلك النقاش، وبمن زار إسرائيل متوهماً أنّه سيفكّك أواصر العلاقة تلك، وسيعقد معها زواجاً كاثوليكياً، تنصره إسرائيل عبره وتساهم في إسقاط النظام.

لا يرفض النظام المفاوضات مع إسرائيل، ولكنه يضع لها شروطاً، وهو متمسّك، كما بعض الدول العربية بمبادرة القمة العربية 2002 في بيروت، حيث الأرض ما قبل احتلال عام 1967 مقابل السلام. وضمن ذلك، ونظراً إلى تعقد وضعه، يمكنه أن يُجري مفاوضاتٍ ليس في حميميم، بل في دمشق ذاتها. ولكنه، كما ذكرت، لن يطبع من دون شروطٍ، أقلّها تعيد سيادة معينة على الجولان، وهو ما كان له في مفاوضاتٍ قديمة مع الأسد الأب، وكان الاختلاف على بعض التفاصيل. وضعه الجديد لن يدفعه إلى غير ذلك، ولن يُسلّم بورقة التطبيع بسهولةٍ، ولا سيما أن علاقته متينة بإيران وحزب الله بالتحديد، وأيديولوجيته تمنعه من ذلك.

ذكر الصديق سلامة كيلة مرّةً، أنه هو من أطلق اسم الممانعة على النظام السوري، قاصداً أنّه لا يرفض التطبيع بشكل قاطع، ولكنه يمانع وهو راغبٌ فيه، وأن ممانعته مشروطة، وبتحقّقها صلى الله وبارك. للتوضيح: طبّعت بعض دول الخليج، ولكن السعودية اكتفت بفتح مجالها الجوي للطائرات الإسرائيلية، وعقد محادثات مع وفود من هذه الدولة، ولكنها لم تُطبّع. القصد هنا أن حسابات الدول الوازنة معقدة، ولهذا تتأخر عن إنجاز ذلك، وتريد تهيئة الأرض كاملة.

لو انطلقنا من زاوية إسرائيل، والسؤال لماذا ستتعجل بالتطبيع مع نظامٍ ليس مستقبله مضموناً، وبلاده محتلة، ولدى شعبه نزعة شديدة لرفضها، وسيتأخر كثيراً التطبيع مع الشعب السوري، وقد لا يكون كما حال أهل مصر والأردن والفلسطينيين. أغلب الظن أن مفاوضات قبرص وحميميم تخصّ ترتيبات أمنية كثيرة من نظامي تل أبيب ودمشق، ولكن لن يكون هناك تطبيع قريب بينهما.

قد نجد هوىً لدى بعض السوريين تجاه روسيا أو تركيا أو إيران، بل وحتى أميركا، ولكن لن نجد هوىً نحو إسرائيل، طبعاً نستثني بعض الأفراد هنا وهناك، وربما لدى تياراتٍ في النظام ذلك الهوى، وبقصد تلك الشرعنة، وربما لدى فئاتٍ في المعارضة. إسرائيل ستظل كياناً غاصباً واستيطانياً لدى الشعوب العربية، ولن يتحقّق لها تطبيع حقيقي قبل أن تنصف الفلسطينيين، وهذا لا يساوي أن تلك الشعوب داعمة للفلسطينيين كما كانت في عقود سابقة. لا أقصد ذلك، ولكن استيطانية إسرائيل وعنصريتها وكل سياساتها تجاه فلسطين، والعرب عامة، تمنع ذلك التطبيع؛ هي مشكلة تخصّ إسرائيل أولاً؛ فهي ذاتها لا تستطيع أن تبدّل هويتها، وتلغي صهيونيتها، وتبني مع الفلسطينيين دولة واحدة، وبالتالي قطار التطبيع خاص بالأنظمة، ولن يصعد إليه النظام السوري منفرداً، بعد أن أستعجل أشقاء له ذلك.

لإسرائيل الآن، وبتوافقٍ أميركي روسي، وربما تركي أيضاً، كامل الحق بمتابعة أية أخطار محدقة بها من الأرض السورية، وهذا لن يتطلب توافقاً مع النظام السوري، ورفضه من الأخير لا يغير من المعادلة شيئاً. التطبيع العلني لن يكون قبل جلاء أفق الوضع السوري، الذي لم يستقر بعد، وما زالت الحاجة ماثلة للإيرانيين، وأقصد تحالفهم مع روسيا، ومتابعة خيارهم المشترك بخصوص الوضع السوري. أميركا وأوروبا ما زالتا بعيدتين عن الخيار الروسي للوضع السوري، والروس لم يتقدّموا بعد بصفقةٍ جديدة مع الأميركان. وأغلب التحليلات ترجّح خلافاتٍ أقوى في المستقبل بين روسيا وأميركا، وهذا لا يخدم قضية التطبيع، بل قد تتراجع حمّى التطبيع الذي تمّ في الأشهر الأخيرة كذلك، وبالطبع لن تطوى صفحته. إذاً، التغيير الجديد في الإدارة الأميركية سيتبعه تغيير في السياسات تجاه المنطقة، وهذا لا يفترض التطبيع أولوية، ولا سيما أن التفاوض مع إيران سيكون ضمن تلك الأولويات، وهذا يفترض هدوءاً في سرعة قطار التطبيع.

إذاً ليس من تطبيعٍ راهن بين إسرائيل والنظام الممانع في سورية، والقضية ما زالت تخص مستقبل الجولان أولاً ووضع النظام وفكفكة تحالفاته الإقليمية وأيديولوجيته وقضايا أخرى ثانياً.

العربي الجديد

————————————–

==================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى