سياسة

الوضع في سورية.. حرب المعابر، التطبيع مع النظام، مؤتمر “أستانة 16” -مقالات مختارة-

منازلة باب الهوى بين بوتين وبايدن/ عمر قدور

سرعان ما عادت لهجة موسكو إلى التصلب في ما يخص معبر المساعدات الأممية الوحيد في “باب الهوى”، ووصف مندوبها في الأمم المتحدة مطالبات زملائه الغربيين بالإبقاء على المعبر بالنفاق الإجرامي. التصعيد الروسي كان قد بدأه وزير الخارجية لافروف، من دون حصول ما يمكن وصفه باستفزاز من أية جهة، إلا إذا كانت المناشدات الدولية والإنسانية قد استثارت “ذئبية” الديبلوماسية الروسية.

مع انتهاء قمة بايدن-بوتين، لم يرشح خبر عن التطرق إلى الشأن السوري بينهما، خاصة ما يتعلق بالشق الإنساني الذي ركز عليه مسؤولو إدارة بايدن قبل القمة. من جهته حاول بوتين إشاعة أجواء إيجابية عامة في مؤتمره الصحفي الذي أعقب اللقاء، وامتدح نظيره الأمريكي مقارنة بسلفه ترامب، ما أوحى بإمكانية التفاهم بينهما في العديد من الملفات الصغرى ومنها الاتفاق حول معبر أو اثنين لإدخال المساعدات إلى الشمال السوري.

رفعُ السقف لفظياً في نيويورك أتى مسنوداً بالغارات الروسية على مناطق في إدلب، كما في استهداف الطيران الروسي منطقة عين شيب قبل يومين، مع ملاحظة استهداف نقطة مراقبة تركية من قبل قوات الأسد وهو ما لا تفعله عادة إلا بالتنسيق مع موسكو أو بأوامر منها. أمس أيضاً بدأت القوات الروسية مناورات بحرية وجوية على الساحل السوري، وهو استعراض للقوة له مغزى إضافي في الوقت الذي تنسحب فيه القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق، وتسحب بطاريات صواريخ باتريوت من قواعد أخرى في المنطقة.

المؤشرات جميعاً تفيد بسعي بوتين إلى منازلة يخرج منها منتصراً، وكان بايدن قد فوّت عليه فرصة الاستعراض إعلامياً بعدم الدخول في مؤتمر صحفي مشترك بعد انتهاء القمة. بالمقارنة، يرى بوتين نظيره الأمريكي رئيساً ضعيفاً لبلد قوي بينما يرى نفسه رئيساً قوياً يعوّض ضعف بلاده بالقياس إلى القوة الأعظم. امتداحه بايدن بعد القمة، وحتى ذمّه ترامب الذي طالما تعامل معه كصديق، يحتمل الصدق والمكر معاً، فبايدن مقروء، وهو ليس مثل ترامب الذي تسهل قراءة بنيته النفسية وعليها يصعب التكهن بمدى الشطط في ردود أفعاله. مع بايدن عادت السياسة الأمريكية إلى حصافتها، حيث لا مفاجآت، وهذا خبر سار لبوتين.

في النزاعات والمنافسات الصغيرة لا أهمية لفائض القوة الاستراتيجي، القيمة هي للقوة المستخدمة فعلاً، وبوتين لا يتوانى عن استخدام قوته هنا وهناك، من القرم وأوكرانيا وصولاً إلى سوريا. رد الفعل الغربي، الذي اقتصر على العقوبات في ملف القرم وأوكرانيا، لا يردع بوتين عن المضي في أسلوبه الذي يراه ناجعاً لغاية الآن، ولو استطاعت باريس وبرلين فرض إرادتهما لكانت القمة الأوروبية الأخيرة قد أعادت التطبيع مع بوتين باستعادة انعقاد القمة الأوروبية-الروسية، وفي دلالة على التراجع الأوروبي والإقرار بفشل أسلوب العقوبات.

أما في سوريا فلم يلقَ التدخل الروسي أدنى معارضة غربية، لم تُواجه الآلة العسكرية الروسية ولو باعتراض لفظي، والتعاطي معها يتعدى التسليم بوجودها إلى اعتباره وجوداً إيجابياً للضغط على بشار وطهران! هكذا اعتاد بوتين على أن يقبض في سوريا لقاء دوره المُتخيَّل، فأُعطيت له السيطرة على مساحات واسعة بانسحابات طوعية، وعلى مساحات أخرى مُنع فيها تسليح خصومه بما يتناسب مع التصدي له.

الفكرة السائدة عن قدرة واشنطن على قلب الطاولة السورية على بوتين تصلح للمماحكة النظرية أكثر مما هي واردة فعلاً، فأولاً يجب أن تتخذ واشنطن قرار قلب الطاولة، وهو ما لن تفعله ضمن المعطيات الحالية. التصعيد العسكري الروسي المتواتر لا يقترب من القوات الأمريكية، ولن يقترب منها، وهناك أمام بوتين مساحات شاسعة من مناطق النفوذ التركي ليستعرض عضلاته فيها. وإذا حال الفيتو الروسي دون إقرار تدفق المساعدات الأممية من معابر خارج سيطرة الأسد فذلك لن يُحدث فرقاً في الاستراتيجية العامة الأمريكية، وكل ما ستفعله واشنطن هو إلقاء اللوم على موسكو وتسجيل نقاط “أخلاقية” لا تضير بوتين ولا تنفع السوريين.

استباقاً لاجتماع مجلس الأمن، استفاقت الديبلوماسية الروسية على مسار أستانة المنسي، فدعت إلى اجتماع للثلاثي مطلع الشهر القادم. تريد موسكو الإيحاء بأنها تنشط في المسار السياسي السوري، بخلاف واشنطن التي أبدت اهتماماً بالمساعدات الإنسانية وحسب. أيضاً تريد موسكو إبلاغ واشنطن بأن أنقرة مضطرة للتفاهم مع موسكو، حتى عندما تكون مناطق نفوذها تحت القصف الروسي، أو عندما تتعرض قواتها في تلك المناطق للقصف. فضلاً عن ذلك، هي فرصة لإبراز التحالف الروسي-الإيراني، حيث من المتوقع حصول إيران على حوافز أمريكية تخص نفوذها في سوريا، الحوافز التي يُتوقع أن تكون على حساب النفوذ الروسي بعدما كانت الإدارة الأمريكية السابقة تطالب بالعكس.

تهوّل موسكو من حجم الاستحقاق الإنساني المقبل، فتصوّره كمنازلة بين بيوتين وبايدن، بينما الثاني منهما لا يضع “ولن يضع” ثقل بلاده في الميزان من أجل تفصيل غير موجود أصلاً ضمن أولويات إدارته. فوز بوتين محسوم سلفاً، فقرار تمديد العمل في معبر باب الهوى لن يمر من دون الحصول على مكسب ما، إما بقضم قطعة نفوذ جديد، أو بالموافقة على الإبقاء على المعبر لقاء مرور المساعدات الذاهبة إلى الإدارة الذاتية عبر سلطة الأسد، ومن المتوقع أن يكون تدفق النفط من الإدارة إلى الأسد واحداً من المطالب.

المداولات في مجلس الأمن لن تكون سهلة، والوصول إلى تسوية سيستغرق جهداً ووقتاً يُبرز من خلالهما الجانب الروسي تحكمه وقدرته على فرض مشيئته. وفي النهاية لا يُتوقع الوصول إلى قرار يحترم معاناة المحتاجين في كافة المناطق السورية، بل يُتوقع أن تكون مدة القرار الجديد ستة شهور فقط، ليعود بوتين إلى ممارسة الابتزاز لقاء السماح بوصول المساعدات، أو ليمنع وصولها إذا استدعت مصالحه ذلك. يفوز بوتين في كل الأحوال مادام الدب الروسي فالتاً في سوريا بمباركة جماعية، ولا عزاء للسوريين المحتاجين بأنه قد يخسر من منظور الحسابات الاستراتيجية البعيدة جداً.

المدن

————————

مشروع قرار لتمديد المساعدات عبر الحدود من معبرين وواشنطن تطالب بإضافة ثالث

دعت الولايات المتحدة الأميركية، في بيان، إلى إضافة معبر ثالت للمعبرين المطروحين ضمن مشروع القرار الذي سلّم لمجلس الأمن أمس الجمعة، والمعني بتمديد تصريح عبور المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

ويطالب المشروع بتمديد التصريح بعبور الشاحنات الإغاثية إلى سوريا من خلال معبري “باب الهوى” على الحدود التركية، ومعبر “اليعربية” على الحدود العراقية لمدة عام آخر، بدءاً من 11 تموز المقبل.

واعتبر بيان واشنطن أن مشروع القرار الصادر عن مجلس الأمن “لا يفي بوصول المساعدات الإنسانية إلى ملايين السوريين الذين هم في أمس الحاجة إليها”، مطالباً بإعادة تفويض معبر “باب السلامة” إلى جانب “باب الهوى” ومعبر “اليعربية”، لتقديم المساعدات للسوريين.

وأرجع البيان أهمية معبر “باب السلامة” إلى كونه الشريان الرئيسي لإيصال المساعدات إلى إدلب، إذ ذكر أنه منذ إغلاقه في شهر تموز عام 2020، “لم تنجح قافلة واحدة في الوصول إلى إدلب”.

وبحسب البيان فإن نظام الأسد “منع ما لا يقل عن نصف قوافل الأمم المتحدة في المناطق التي يسيطر عليها، وهناك أماكن في سوريا لم تشهد شحنة مساعدات منذ 18 شهراً”.

من جانبه قال منسق الشؤون الإنسانية السابق في الأمم المتحدة، مارك لوكوك، الذي استقال من منصبه مؤخراً، إن تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع لا يمكن أن يحل محل عمليات التسليم عبر الحدود ووصف العملية عبر الحدود في باب الهوى بأنها “شريان حياة”.

وحذّر من أنه في حالة عدم الموافقة على المشروع، ستتوقف عمليات توصيل الطعام لـ 1.4 مليون شخص كل شهر، وملايين العلاجات الطبية، والتغذية لعشرات الآلاف من الأطفال والأمهات، والمستلزمات التعليمية لعشرات الآلاف من الطلاب.

ويتطلب صدور قرارات مجلس الأمن، موافقة 9 دول على الأقل من أعضائه الـ 15، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

غير بيدرسون: يجب تمديد آلية المساعدات إلى سوريا لإنقاذ الملايين

المشروع النرويجي الأيرلندي

سلّمت أيرلندا والنرويج، المسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، مشروع قرار لبقية الأعضاء الثلاثة عشر في المجلس.

ويطالب المشروع بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لمنطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرقي سوريا عبر العراق، “أخذاً في الاعتبار بأنّ ثمة زيادةً في الاحتياجات الإنسانية في شمال غربي سوريا وشمال شرقها”.

الإصرار الروسي على إنهاء التفويض

ونوقِش موضوع التفويض عبر الحدود في القمة الأخيرة في جنيف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لكنهما لم يكشفا عن موقف محدد حول الملف.

وفي حال إقرار تمديد التفويض، في العاشر من تموز المقبل، يمكن أن يكون الملف نقطة بداية جديدة في العلاقة الروسية الأميركية.

وتصر موسكو، حليفة نظام الأسد، منذ بداية العام على إنهاء تفويض الأمم المتحدة، وتعتبر أن مرور المساعدة الدولية عبر حليفها “يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود”، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

وفي بيان سابق إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هيئة تحرير الشام بعرقلة مرور المساعدات  الإنسانية عبر المعابر الحدودية “بتواطؤ من أنقرة”.

كذلك اتهم “لافروف” في البيان، المانحين الغربيين بـ”الابتزاز” بالتهديد بقطع التمويل الإنساني عن سوريا إذا لم يتم تمديد تفويض إرسال المساعدات عبر معبر باب الهوى، مضيفاً: “نعتبر أنه من المهم مقاومة مثل هذه الأساليب”.

عواقب إنسانية “وخيمة”

شددت ديانا سمعان، وهي باحثة في شؤون سوريا بمنظمة العفو الدولية، أمس الجمعة، على أن وقف المساعدات عبر الحدود ستكون له “عواقب إنسانية وخيمة”، داعية مجلس الأمن “لتجديد التفويض بوصول المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى وإعادة فتح معبري باب السلامة واليعربية”.

بدوره دعا لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش إلى استمرار التفويض عبر الحدود وتوسيعه إلى المعبرين المغلقين منذ العام 2020. ، قائلاً في بيان:  “أي شيء بخلاف تجديد التفويض قد يؤدي إلى الحكم على الملايين من السوريين في شمال البلاد بالفقر المدقع أو الموت نتيجة سوء التغذية أو كوفيد-19 (كورونا)”.

منظمة الصحة تحذر من كارثة إذا لم يستمر عبور المساعدات إلى سوريا

وقالت مندوبة أميركا في الأمم المتحدة، توماس غرينفيلد، إن ملايين السوريين يعانون “ومن دون اتخاذ إجراءات عاجلة سيتم قطع ملايين آخرين عن الغذاء والمياه النظيفة والأدوية واللقاحات”، مضيفاً: “الوضع مدمر وسيزداد سوءاً إذا لم نتحرك”.

من جانبه رحّب الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند، بالجهود المبذولة لمواصلة المساعدات إلى شمال غربي سوريا، واستعادة عمليات التسليم إلى الشمال الشرقي، معرباً عن قلقه من أن القرار لا يسعى إلى استعادة عمليات التسليم عبر باب السلامة، واصفاً إياه بـ “البوابة المباشرة” لشمال حلب التي يقطنها 800 ألف نازح.

وقال: “لقد أجبر العنف وانعدام الأمن في السابق باب الهوى (..) على الإغلاق، مما يهدد إيصال المساعدات في الوقت المناسب لملايين السوريين”، داعيًا مجلس الأمن إلى “تعظيم عدد نقاط العبور والوصول إلى المساعدات”.

ومنذ بدء الثورة السورية عام 2011، استخدمت موسكو، التي تُرجِع تدهور الوضع الإنساني في سوريا إلى العقوبات الغربية، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16  مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10  مرات.

وتستخدم نحو ألف شاحنة معبر باب الهوى شهرياً لتوصيل مساعدات وأدوية، تشمل اللقاحات المضادة لكورونا، إلى نحو 2.4 مليون مدني يعيشون على الحدود التركية وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة.

تلفزيون سوريا

—————————–

روسيا تهدد شرياناً اقتصادياً سورياً: معبر “باب الهوى” في وجه العاصفة/ أمين العاصي

قفز معبر “باب الهوى” الحدودي مع الجانب التركي إلى واجهة الحدث السوري مع اقتراب موعد اجتماعات مجلس الأمن الدولي، والمتوقع أن تجرى في 10 يوليو/تموز المقبل، من أجل تمديد العمل بآليات دولية لإدخال مساعدات إلى الشمال الغربي من سورية، والتي تنتهي قريباً.

وحتى اللحظة، ترفض روسيا التمديد لهذه الآلية المعمول بها منذ عام 2014، لأنها تعد “انتهاكاً لسيادة النظام”، وفق التصور الروسي، ما يعني قطع الشريان الاقتصادي الأهم للشمال الغربي من سورية والخاضع لسيطرة فصائل المعارضة السورية، وهو ما تحذّر جهات إغاثية من نتائجه الكارثية.

ويقع هذا المعبر إلى الشمال الشرقي من مدينة إدلب بنحو 33 كيلومتراً، ويتبع إداريا لهذه المحافظة، وهو البوابة السورية الأكبر مع الجانب التركي، حيث يقابله معبر “جلفاغوزو” التابع لولاية هاتاي التركية.

ووفق مصدر في المعبر، تدير “باب الهوى” إدارة مدنية مستقلة معنية بحركة العبور والمواد التجارية والإغاثية من تركيا وإليها، مشيرا إلى أن المعبر يضم العديد من الإدارات، منها: قسم الهجرة والجوازات، أمانة الجمارك، قسم الحراسات والمرور، وقسم الإشراف الفني.

وكان هذا المعبر قبل عام 2011 شريان النقل البري بين أوروبا وسورية والأردن والخليج العربي. واعتمدت الأمم المتحدة معبر باب الهوى لإدخال المساعدات الدولية لملايين السوريين، وجلهم نازحون، في الشمال الغربي من سورية الذي يضم محافظة إدلب ومحيطها.

واعتبر فريق “منسقو استجابة سورية”، معبر باب الهوى، “الشريان الوحيد للشمال السوري”، مشيراً، في بيان، إلى أنه “في حال عدم تجديد آلية التفويض بدخول المساعدات الإنسانية، ستشهد المنطقة انهياراً كاملاً في النواحي الإنسانية والاقتصادية”.

وبحسب الفريق، فإن عدم التجديد يؤدي إلى “ارتفاع معدلات البطالة خلال المرحلة الأولى بنسبة 40 في المائة، والمرحلة الثانية بنسبة 20 في المائة”، و”ارتفاع أسعار المواد والسلع الأساسية بنسب متفاوتة، أبرزها المواد الغذائية بنسبة 300 في المائة، والمواد غير الغذائية بنسبة 200 في المائة. أما مادة الخبز فستسجل ارتفاعاً بنسبة 400 في المائة”.

وأوضح، في بيان، أن لعدم التجديد آثاراً أخرى، منها “انخفاض ملحوظ في الموارد المتاحة ضمن الشمال السوري، وعدم قدرة الموارد الحالية على تلبية احتياجات المنطقة، حيث لن تستطيع الحركة التجارية تأمين النقص الحاصل، خاصةً مع عدم قدرة عشرات الآلاف من المدنيين على تأمين احتياجاتهم اليومية”.

وكانت الدول المانحة جمعت، خلال اجتماعات النسخة الخامسة من “مؤتمر بروكسل من أجل سورية” التي عقدت أواخر مارس/آذار الماضي، نحو 6.6 مليارات دولار أميركي لعامي 2021 و2022، لمساعدة اللاجئين والنازحين السوريين في قطاعات مختلفة، في مقدمتها الصحة والتعليم والإغاثة الإنسانية.

وسيكون جزء كبير من هذه المخصصات، ضمن المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود، والمهددة بتعطيل آلية التجديد لها من خلال روسيا في مجلس الأمن. وبيّن مناف قومان، وهو باحث اقتصادي في “مركز عمران للدراسات”، في حديث مع “العربي الجديد”، أن معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا “منفذ تجاري وإنساني، بات خلال السنوات الماضية أحد الأحجار الأساسية في اقتصاد المنطقة، فهو شريان رئيس تمر عبره المساعدات الإغاثية الآتية إلى الشمال السوري”.

وأوضح أن “التجارة البينية بين الشمال وتركيا بلغت نحو مليار ونصف المليار دولار، خلال العام الفائت، بين استيراد وتصدير”، مضيفا أن جزءاً كبيراً من هذه التجارة يأتي من خلال معبر باب الهوى، الذي بات بمثابة بوابة بين مناطق المعارضة السورية في الشمال إلى تركيا ومنها إلى العالم الخارجي، وشريانا حيويا يمد المنطقة بالمساعدات الإغاثية الدولية.

كما بيّن قومان أنه “بين 2014 و2020 عبرت حوالي 37.7 ألف شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سورية، نحو 85 في المائة من تلك الشاحنات دخلت عبر باب الهوى”. وتابع بالقول: “في 2020 وحدها دخلت 12 ألف شاحنة محملة مواد غذائية وسلعاً مرسلة من برنامج الغذاء العالمي، إلى المنطقة”.

وأضاف أن مصير ملايين السكان يعتمد على الشاحنات المحمّلة بالمياه وسلل الغذاء والنظافة والسلع وغيرها. وأشار إلى أن عدم تجديد آلية إدخال المساعدات الدولية في حال استخدام الجانب الروسي حق النقض (الفيتو) الشهر القادم في مجلس الأمن الدولي “قد يعرّض نحو 3 ملايين نسمة يعتمدون على تلك المساعدات إلى أزمات إنسانية متعددة الأشكال”.

العربي الجديد

————————

سورية: خطر على “شريان حياة” باب الهوى/ عبد الله البشير

المعابر الحدودية في سورية قضية شائكة منذ فترة طويلة بين أطراف النزاع. وقد أغلقت كلها العام الماضي باستثناء معبر باب الهوى لنقل المساعدات، أما إلغاؤه فيعني موت كثيرين.

شهد العام الماضي تمديد قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بنقل مساعدات إنسانية إلى سورية، وذلك بعد انتهاء مفعول سريانه الذي استمر ست سنوات، وذلك بموجب مشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا لحصر آلية نقل المساعدات الأممية لمدة سنة واحدة عبر معبر باب الهوى المحاذي للحدود مع تركيا. وينتهي مفعول التمديد في 10 يوليو/ تموز2021، في وقت باتت الأوضاع الإنسانية خطرة جداً خصوصاً في شمال غربي سورية التي تعاني من شحّ كبير في المساعدات الإنسانية، ما يطرح تساؤلات كثيرة عن الخطوات التي يجب أن تتخذها الجهات المانحة لمواجهة نقص التمويل، وصولاً حتى إلى انعدامه بالكامل.

يقول مدير فريق “منسقو الاستجابة” محمد حلاج لـ “العربي الجديد” أن المساعدات الإنسانية المرسلة إلى سورية لن تشهد انخفاضاً في الكميات، بل عدم إدخالها بالكامل، لأن انتهاء تفويض قرار مجلس الأمن رقم 2533 لعام 2020 في 10 يوليو/ تموز سيُوقف كل المساعدات الأممية التي تدخل من معبر باب الهوى إلى مناطق شمال غربي سورية. وسيؤثر ذلك على مدنيين كثيرين في المنطقة”. ويشدد حلاج على أن “عدم تجديد التفويض سيحرم 1.8 مليون مستفيد من المساعدات الغذائية، كما سيواجه حوالي 2.3 مليون شخص مشكلات في الحصول على خدمات المياه وخدمات أخرى مختلفة. ولن يتوفر الخبز المجاني، وهو العصب الأساس للغذاء في الأسر، لأكثر من مليون شخص. وستطرأ مشكلات في القطاع الطبي عبر خفض خدمات المراكز الصحية بنسبة 50 في المائة. وفي الإجمال ستفتقد المخيمات نسبة 75 في المائة من خدماتها، ويتأثر عمل المنظمات التي تتعامل مع الأسر مباشرة”.

ويرى حلاج أن الحلول المتوفرة “ليست ذات تأثير بالغ في مواجهة كارثة وقف نقل المساعدات الأممية عبر الحدود، وبينها التحوّل إلى القسائم المالية والشرائية، ومنح الجمعيات والمنظمات داخل البلاد دعماً مباشراً. لكننا نتفهم أيضاً المخاوف التي تطرحها آلية نقل المساعدات الأممية، وبينها إمكان استهداف الطيران الحربي السوري أي قافلة تعبر الحدود، وهو ما حصل سابقاً في منطقة أورم بمحافظة حلب، وأدى إلى تدمير رتل محمّل بمساعدات إنسانية. كما أن عمل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة خارج مناطق سيطرة النظام، حيث يقدم 120 ألف سلة غذاء، يزيد التوترات الأمنية”. بالنسبة إلى حلاج فإنّ “المشاريع التي يجب التركيز عليها تشمل تحسين وضع المخيمات بالكامل على صعيد إيواء اللاجئين ونوعية الخيم، والاستمرار في تقديم مساعدات غذاء، وتنفيذ مشاريع توفر أموالاً نقدية في مقابل العمل، وهو أمر أفضل لأولئك القادرين على العمل من مشاريع السلة الغذائية التي قد تفيد الحالات الخاصة تحديداً. كذلك فإنّ مشاريع العمل تحقق استقراراً أكبر للأسرة”.

الصورة

وحول خطوات مواجهة خفض الدعم يقول مدير الإعلام في منظمة “ساعد” الخيرية حسين الموسى لـ “العربي الجديد”: “هناك شح في الدعم المقدم مقارنة بحجم احتياجات النازحين شمال سورية، ما يجعل المنظمات تتجه نحو مصادر أخرى مثل جمع تبرعات كما تفعل الأمم المتحدة من خلال إقناع المانحين بمد يد المساعدة والبحث باستمرار عن شركاء جدد”. يضيف: “تنسيق المنظمات العاملة في الميدان مع بعضها بات أمراً ضرورياً، كي لا يحدث أي تضارب أو تكرار في توزيع المساعدات أو استهداف لشرائح دون أخرى”. يتابع الموسى: “أشار مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، خلال تعقيبه على موضوع تجميد قرار نقل المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي، إلى أنه يحاول إيجاد آليات عمل أخرى لا تتعارض مع القوانين الدولية المطبقة، من أجل تفادي بقاء نازحين في شمال سورية بلا مساعدات. لكن الموقف لا يزال غامضاً حتى الآن، وكل العيون تنظر وتترقب قرار مجلس الأمن في نهاية الشهر الجاري”. ويشير إلى أن الاحتياجات كثيرة ومتعددة في شمال سورية، والأولوية تعطى لاستمرار تقديم الخدمات التي تنقذ الحياة، مثل المياه والمأوى والمساعدات الغذائية.وعن تطلعات المرحلة المقبلة، يوضح الموسى أن “معبر باب الهوى، وهو المنفذ الوحيد المتبقي، يلبي احتياجات نقل المساعدات. لكن مشقة النقل زادت في الداخل، بعد غلق معبر باب السلامة الرديف لباب الهوى. واليوم تنشد المنظمات إبقاء قرار العمل عبر الحدود، أو إيجاد آليات مشابهة تضمن وصول المساعدات للفئات المتضررة من الصراع، خصوصاً الفئات التي تقطن المخيمات”.

وفي الشمال السوري، يتطلع النازحون والمهجرون إلى استمرار وصول المساعدات الإنسانية إليهم، نظراً إلى ظروفهم الصعبة وواقعهم المعيشي السيئ، وبينهم اللاجئة من ريف حمص الشمالي فاطمة بكرو (43 عاماً)، وهي ربة منزل تقيم في مخيم للنازحين قرب مدينة سرمدا، شمالي محافظة إدلب. تقول بكرو لـ “العربي الجديد”: “حصلنا على سلل غذاء عندما وصلنا إلى المنطقة عام 2018، لكن المساعدات بدأت تتراجع تدريجياً، قبل أن تنعدم قبل أكثر من عام ونصف العام، علماً أن هذه المساعدات القليلة لا تحل أزمة، فزوجي توقف عن العمل، ونحن لا نملك قطعة أرض لزرعها، لذا نعيش يوماً بيوم، ولا نفكر بالمستقبل”.

تجدر الإشارة إلى أن المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، هي شريان حياة لملايين السكان في مناطق شمال غربي سورية، خصوصاً المنطقة غير الخاضعة لسيطرة النظام من محافظة إدلب المكتظة بالمخيمات التي فقدت الجزء الأكبر من أراضيها الزراعية التي كانت تشكل سلة غذاء تنقذ السكان، وتبعد عنهم شبح المجاعة.

——————————

مشاورات تركية روسية لبحث عدم عرقلة تدفق المساعدات من معبر باب الهوى شمالي إدلب/ محمد الأحمد

ذكر موقع “روسيا اليوم” نقلاً عن وزارة الخارجية الروسية أن مشاورات روسية تركية جرت، اليوم الثلاثاء، على مستوى الخبراء بشأن التطورات الأخيرة في ليبيا وسورية، وبحثت الملفات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما ضمان تدفق المساعدات الإنسانية.

ومثل الوفد الروسي في هذه المشاورات المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط وإفريقيا ميخائيل بوغدانوف، الذي يشغل كذلك منصب نائب وزير الخارجية، فيما مثل الوفد التركي نائب وزير الخارجية سادات أونال.

وأوضحت “روسيا اليوم” أن “الجانبين أكدا خلال مشاوراتها تمسكهما بسيادة ووحدة أراضي سورية”، وعبرا عن ارتياحهما “لسير تنفيذ الاتفاقيات الروسية التركية الهادفة إلى الحفاظ على نظام وقف إطلاق النار في سورية، ومكافحة الإرهابيين الدوليين الموجودين على أراضيها”.

وبحث الطرفان الاستعدادات للجولة القادمة من “مسار أستانة” حول سورية، وتبادلا العديد من الآراء في طرق المساعدة في تنشيط العملية السياسية السورية، بما في ذلك عمل “اللجنة الدستورية” في جنيف، وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وكان بوغدانوف قد صرح لوكالة “تاس” الروسية، الجمعة الفائت، أن الجولة الـ16 من “أستانة” ستُعقد مع الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران) في العاصمة الكازاخية نور سلطان، قبل نهاية يونيو/ حزيران الحالي.

ووصل أونال على رأس وفد إلى موسكو، أمس الاثنين، لمناقشة الملف السوري، وبالأخص بحث قضية ضمان تجنب استخدام موسكو حق النقض في مجلس الأمن بخصوص دخول المساعدات الأممية إلى مناطق المعارضة شمال غربي سورية، عن طريق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمالي محافظة إدلب.

ويبدو أن روسيا تهدف من خلال هذه المشاورات لتجديد مطالبها بفتح معابر بين مناطق المعارضة السورية ومناطق سيطرة النظام السوري، لتقليل مشاكل النظام الاقتصادية، من ضمنها التبادل التجاري والاستفادة من دخول النقد الأجنبي، مقابل عدم تعطيل موسكو قرار دخول المساعدات الإنسانية من باب الهوى.

وحاولت روسيا، خلال شهري مارس/ آذار، وفبراير/ شباط الماضيين، إعادة فتح معابر بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام في منطقة سراقب شرقي إدلب، وميزناز غربي حلب، وأبو الزندين ضمن منطقة “درع الفرات” شرقي حلب، من خلال الادعاء أن فتح المعابر جاء بطلب من الأهالي في مناطق سيطرة المعارضة بسبب تردي الوضع المعيشي.

 لكنها لم تنجح في ذلك بعد مقاطعة ورفض السكان العودة لمناطق سيطرة النظام، إذ يدرك الأهالي والقوى المُسيطرة على مناطق المعارضة أن الهدف الرئيسي للروس من فتح المعابر هو تقليل مشاكل النظام الاقتصادية، واستجرار المساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرته عبر مناطق المعارضة.

 ————————

مطالبات أممية وسورية بإبقاء معبر “باب الهوى” مفتوحاً لإيصال المساعدات/ وسام سليم

طالبت منظمات إنسانية وحقوقية في سورية بالتصدي للجهود الروسية الرامية لإغلاق آخر شرايين الحياة عن الشمال السوري المتمثل بمعبر باب الهوى.

وقال فريق “منسقو استجابة سورية”، في بيان صدر عنه اليوم الثلاثاء، إن آلاف المدنيين في المخيمات المكتظة بالنازحين ينتظرون قرارا مصيريا لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، إذ من المقرر التصويت على إدخال المساعدات في العاشر من تموز/ يوليو المقبل.

ودعا الفريق المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتهما الإنسانية والأخلاقية بشكل كامل تجاه الملف السوري والمضي قدماً بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة لقطع الطريق أمام كافة المحاولات الروسية لقطع المساعدات الإنسانية عبر الحدود والتي تقدم خدماتها لأكثر من 3.6 ملايين مدني من أصل 4.3 ملايين نسمة تقطن في المنطقة.

وكان الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، قد قال يوم الجمعة الماضي إن فريقاً من متطوعيه اجتمعوا مع السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، والسفير الأميركي لدى أنقرة ديفيد ساترفيلد، خلال زيارتهما الحدود التركية ـ السورية.

وحذر الدفاع المدني خلال الاجتماع وفق ما أعلن من خطر إغلاق معبر باب الهوى الذي يعد شريان الحياة لأكثر من 4 ملايين مدني في شمال غربي سورية، وذلك بعد أن لوّحت روسيا باستخدام حق النقض ضد تمديد إمدادات الأمم المتحدة المرسلة عبر الحدود.

من جانبه، عبر المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، يوم أمس الإثنين، عن قلق الأمم المتحدة حيال الأوضاع الإنسانية في سورية خاصة مع أزمة المعابر عبر الحدود.

وقال دوجاريك للصحافيين إن “الأمم المتحدة لا تزال قلقة للغاية بشأن تدهور الوضع الإنساني لـ 13.4 مليون شخص محتاج في جميع أنحاء سورية”، مضيفا أن العملية الإنسانية عبر الحدود مع تركيا “هي آخر شريان حياة لمنع وقوع كارثة إنسانية”.

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن بعض السوريين شمال غرب البلاد هم الأكثر ضعفًا، موضحًا أن نحو ثلاثة ملايين وأربعمئة ألف شخص يحتاجون للمساعدة.

وأضاف أن أكثر من 90 في المائة من هؤلاء تم تقييمهم من قبل الأمم المتحدة على أنهم في حاجة ماسة أو كارثية، ولا سيما مليونين وسبعمئة ألف من الرجال والنساء والأطفال النازحين داخليا.

وشدد المتحدث باسم الأمم المتحدة على أن معبر باب الهوى هو آخر نقطة دخول للأمم المتحدة لنظام النقل إلى شمال غرب سورية، موضحا في الوقت ذاته أن حوالي 1000 شاحنة مساعدات تعبر الحدود كل شهر.

ولفت إلى أنه على الرغم من الجهود المستمرة لإيصال عدد محدود من الشاحنات عبر الخطوط من دمشق، إلا أنه لا يوجد بديل لتقديم مساعدات بهذا الحجم وبهذا النطاق، مؤكدا أن الحاجة إلى عملية واسعة النطاق عبر الحدود لمدة 12 شهرًا إضافيًا لا تزال ضرورية لإنقاذ الأرواح، بحسب تعبيره.

وسبق أن صرّح نائب ممثل الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة، جيفري بريسكوت، مساء الأحد لـ “العربي الجديد” أن “الإدارة والمسؤولين الأميركيين يؤكدون على بذل جهود إضافية مشتركة مع أعضاء في مجلس الأمن لمعالجة مسألة الإغاثة في سورية”، مؤكدًا أن الأعضاء يدعمون بالإجماع تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

كما أشار إلى أن الإدارة الأميركية تعمل مع أعضاء من مجلس الأمن لفتح معابر أخرى غير موجودة حاليًا، إضافة لتمديد تصريح إيصال المساعدات.

ومن المقرر أن تعقد جلسة دولية في تموز/ يونيو المقبل للتصويت على قرار توصيل المساعدات عبر الحدود إلى مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، وسط مخاوف من استخدام روسيا للفيتو لعرقلة القرار.

———————-

شريان الحياة… حملة للإبقاء على معبر “باب الهوى” السوري مفتوحاً/ عبد الله البشير

“إنه ليس معبراً، إنه شريان الحياة”، عنوان اختاره ناشطون سوريون لحملتهم التي أطلقوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي للإبقاء على معبر باب الهوى الحدودي، الذي يربط الشمال السوري المحرر مع تركيا، وهو المعبر الأخير الذي يتم إدخال المساعدات الإنسانية عبره، وسيبت بأمره في العاشر من يونيو/ حزيران خلال جلسة لمجلس الأمن.

أحمد عكاشة أحد المسؤولين في الحملة، أوضح لـ”العربي الجديد” مدى أهميتها، وقال إنّ معبر باب الهوى هو شريان الحياة الذي من خلاله تصل المساعدات الإنسانية والطبية والإغاثية وغيرها من الأساسيات لمناطق الشمال السوري”.

وأضاف عكاشة “في العاشر من يونيو/ حزيران هذا العام ستُعقد جلسة لمجلس الأمن ليتمّ البتّ في قرار إبقاء هذا المعبر (باب الهوى) مفتوحاً أو إغلاقه على أكثر من 4 ملايين سوري من السكان الأصليين للمنطقة والنازحين، مع الإشارة إلى أنّ معدل خط الفقر في عام 2021 وصل حتى 83.1% بحسب “منسقو الاستجابة”.

وأردف عكاشة “نحن نعمل لمناصرتهم وإيصال هذا الصوت لتدارك كارثة إنسانية محتملة عبر الوصول للرأي العام وخاصة الغربي، لذلك ستجدون اللغة الإنكليزية مستخدمة بشكل أساسي في النشر، كما ستجدون في المنشورات العديد من التفصيلات والإحصائيات من مصادرها المستفيدين الحاليين من المساعدات واستمرار فتح المعبر وعن أهميته في هذا الدور الإنساني. نحاول جهدنا خلال هذه الأيام القليلة… كذلك بمفردنا لن نستطيع التأثير، نود مشاركة الجميع الآن كلٌّ بحسب دوره واستطاعته لإحداث صوت فعّال واستمرار هذا الرمق الأخير قبل فوات الأوان”.

الناشط عدنان فيصل الإمام كتب منشوراً على “فيسبوك” أكد فيه مدى أهمية معبر باب الهوى: “يتجه ملايين السوريين في إدلب إلى كارثة إنسانية كبيرة في 10 يوليو/ تموز المقبل في حال إغلاق باب الهوى، آخر معبر حدودي متبقٍ مع تركيا. ينتهي سريان آلية نقل المساعدات عبر حدود سورية في 10 تموز/ يوليو المقبل. ومن المتوقع أن يناقش مجلس الأمن الدولي تمديدها قبل حلول هذا الموعد”.

وتابع: “تسعى روسيا في العاشر من تموز/ يوليو المقبل لإغلاق معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، عَبْر استخدام حق النقض “الفيتو” ضد تمديد قرار مجلس الأمن الدولي 2533″.

وأضاف: “في حال نجحت روسيا في ذلك، فإنّ أكثر من 3 ملايين مدني مهدَّدون بقطع المساعدات عنهم، عبر “باب الهوى” آخِر معبر حدودي متبقٍّ مع تركيا، والذي يشهد مرور حوالي 85 في المائة من المساعدات المقدمة”.

بدوره قال محمود الباشا إنه “تمتلك منظمات المجتمع المدني دوراً وتأثيراً مهماً في الحشد والمناصرة من خلال العمل على بلورة مطالب محددة عبر سياساتها واستراتيجياتها، والتي تهدف إلى تمكين المواطنين وزيادة قدراتهم وإشراكهم في عملية صنع القرار. المناصرة هي عملية المساندة والتأييد حتى يتم تحقيق الانتصار والكسب للقضية التي يتم الدفاع عنها، وهذا يحتاج إلى إجراء تغيير وتجديد على كافة المستويات في سبيل حدوث الإصلاح والتغيير المطلوب. في حالتنا السورية، المناصرة هي حاجة وضرورة وليست رفاهية”.

وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغريك، خلال مؤتمر له مطلع إبريل/ نيسان الماضي، إن معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسورية هو المعبر الوحيد المفتوح أمام الأمم المتحدة لإيصال المساعدات إلى السوريين في هذه المرحلة، بحسب وكالة.

العربي الجديد

—————————

باب الهوى..الضغط الدولي يتصاعد على موسكو لإبقائه مفتوحاً

طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، بتوافق حول دخول المساعدات الإنسانية إلى منطقة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

وحذّر الأمين العام خلال الاجتماع الأخير قبل التصويت على التمديد للقرار 2533، من عواقب وخيمة إن فشل تمديد إبقاء معبر باب الهوى بين تركيا وسوريا مفتوحاً، مطالباً بتوفير عشرة مليارات دولار للمساهمة في خفض حدة محنة السوريين.

وخاطب غوتيريش دول العالم قائلاً: “أناشد بقوة التوصل إلى توافق في الآراء بشأن السماح بالعمليات عبر الحدود كقناة حيوية للدعم لمدة عام آخر”، مضيفاً أن الشعب السوري في حاجة ماسة إلى المساعدات، “ومن الضروري حشد كل طاقاتنا على جميع القنوات”.

وأوضح أن أكثر من 70 في المئة من السوريين في منطقة الشمال الغربي بحاجة إلى مساعدات أساسية للبقاء على قيد الحياة، مشيراً إلى وجود 2.7 مليون نازح سوري في تلك المنطقة.

من جهته، قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية راميش راجاسينغهام إن أغلب السوريين يواجهون تحديات كبيرة بسبب بلوغ أسعار السلع مستويات قياسية ناهيك عن شحّها أصلاً.

وأكد راجاسينغهام انتشار وباء كورونا في سوريا بنسب عالية تفوق الأرقام الرسمية، مشيراً إلى أن ضعف المنظومة الصحية يزيد من المعاناة والتحديات التي يعتبر عدم توفير المستلزمات الطبية واللقاح الكافي جزءاً منها، مبيناً الآثار الوخيمة لانتشار الفيروس على الطواقم الطبية على الرغم من إعطائها الأولوية بالحصول على اللقاحات.

في المقابل، أكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الأممية السفيرة ليندا توماس غرينفيلد للصحافيين عقب انتهاء الجلسة، مواصلة الولايات المتحدة العمل مع روسيا من أجل المحافظة علي معبر باب الهوى مفتوحا بعد 10 تموز/يوليو.

وأضافت “هذه القضية تحظى باهتمام حكومة الولايات المتحدة على أعلى المستويات، لذا نحن مستمرون في إثارتها حيثما أتيحت لنا الفرصة، سواء مع زملائنا الروس هنا وكذلك في العواصم الأخرى”.

وتابعت غرينفيلد: “سنواصل الضغط. نحن ملتزمون بتقديم المساعدة الإنسانية للشعب السوري المحتاج وسنعمل على القيام بذلك بغض النظر عما يحدث”. وأضافت “لن نستسلم حتى نحقق على الأقل إبقاء معبر واحد مفتوحاً. لأنه إذا لم يتم تمديد التفويض، فقد يفقد آلاف الأشخاص حياتهم ولا توجد لدينا خطة بديلة”.

من جهته، قال السفير الروسي فاسيلي نيبيزيا خلال الجلسة: “لم أكن أقل دهشة عندما سمعت الأمين العام في بداية الجلسة يقول إن عمليات التسليم عبر خطوط الاتصال لن تكون أبداً قادرة على استبدال آلية المساعدات عبر الحدود، فما معنى ذلك؟ هل يريد أن تبقي آلية المساعدات عبر الحدود إلى الأبد؟ لا أفهم كلمات الأمين العام بأي طريقة أخرى”.

تابع: “لا يمكن النظر في مسألة تمديد آلية المساعدات العابرة للحدود بمعزل عن الوضع في محافظة إدلب التي تحولت منذ فترة طويلة إلى ملاذ آمن للإرهابيين في سوريا”.

وخاطب نيبيزيا ممثلي الدول الغربية في المجلس قائلاً: “لدي انطباع بأن هذا الوضع الراهن في إدلب يناسب زملائنا في مجلس الامن ولا يزعجهم”، مضيفًا “من الصعب تسمية هذا الموقف بأي شيء آخر بخلاف النفاق الإجرامي”.

وفي السياق، وجهت 30 دولة رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، دعت فيها إلى تجديد الإذن بدخول المساعدات عبر الحدود. وحذرت من أن “التجديد للآلية العابرة للحدود أساسي لضمان التوزيع المباشر والمستمر للقاحات لكل السوريين عبر نظام كوفاكس”، مشددة على أن عدم التجديد ستكون له تداعيات مدمرة على ملايين السوريين.

وتعتزم إيرلندا والنرويج خلال الأيام القادمة توزيع مسودة قرار “يجدد ويوسع آليه توصيل المساعدات الإنسانية استجابة للاحتياجات الإنسانية الملحة”.

————————–

لافروف:سنمنع تجديد تفويض الامم المتحدة بإرسال المساعدات الى سوريا

قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إن موسكو لا تتفق مع تقارير الأمم المتحدة وعدد من الدول الغربية حول عدم وجود بديل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا، باستثناء العبور من تركيا.

وأكد لافروف في رسالة وجّهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نشرتها وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، إصراره على إمكانية تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع داخل البلاد. وألمح إلى أن روسيا ستمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة للمعبر الحدودي الوحيد، أي “باب الهوى”، الذي ينتهي في 10 تموز/يوليو.

وأضاف أن موسكو تشهد منذ نيسان/أبريل 2020، على محاولات متواصلة لعرقلة وصول قوافل مساعدات إنسانية مشتركة من قبل الأمم المتحدة و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر العربي السوري” إلى شمال غرب إدلب من دمشق، من قبل “هيئة تحرير الشام”، وبالتواطؤ مع أنقرة، متابعاً أن “المعلومات التي تشير إلى خطوات إيجابية لتركيا لا تتمتع بإثبات واقعي”.

وفي وقت سابق الاثنين، قال لافروف إن “روسيا مستعدة لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا مع الدول الغربية، إذا أدركت الأخيرة مجمل المشاكل الحقيقية القائمة هناك، والمسؤولية التي تتحملها الدول الغربية”.

وكان نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف اعلن خلال لقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق الثلاثاء، عن حدوث تقارب روسي-أميركي في ما يتعلق بالملف السوري.

من جهتها، أشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى أن روسيا حققت انتصاريْن للنظام السوري في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. الأول في كانون الثاني/يناير عام 2020، حين استخدمت حق النقض (الفيتو) لإجبار المجلس على تبني قرار تخفيض أعداد نقاط العبور الحدودية لتوصيل المساعدات من أربعة إلى نقطتي عبور تركيتين، لمدة ستة أشهر فقط.

والانتصار الثاني في تموز/يوليو 2020، عندما أجبرت مجلس الأمن على تقييد إيصال المساعدات الإنسانية إلى نقطة عبور واحدة فقط، من تركيا إلى المناطق الواقعة في شمال غرب سوريا، عبر معبر “باب الهوى”.

وذكرت الصحيفة أن إعادة فتح معبر اليعربية، الواقع على الحدود السورية العراقية، لدعم جهود مكافحة فيروس كورونا في شمال شرق سوريا، أثار جدلاً حاداً بين دول عديدة، ومنها الولايات المتحدة، إلا أن روسيا حثّت على ضرورة إيصال المساعدات من داخل سوريا عبر خطوط النزاع.

ومن المقرر أن يبحث مجلس الأمن الوضع الإنساني في سوريا، بما في ذلك تسليم المساعدات عبر الحدود الأربعاء، بحسب الصحيفة.

ومع اقتراب موعد إعادة تفويض “معبر باب الهوى”، شدد غوتيريش وعدد من الدول على أهمية إبقائه مفتوحاً.

وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” حذرت من أن ملايين السوريين معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك خلال تفشي فيروس “كورونا”، إذا ما استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” ضد إعادة تفويضه.

كما طالبت منظمة “أطباء بلا حدود” الأعضاء الدائمين وغير الدائمين في مجلس الأمن، بتجديد الآلية العابرة للحدود، وإعادة نقاط العبور الحدودية من معبر “باب السلامة” إلى الشمال الغربي، ومعبر “اليعربية” إلى الشمال الشرقي.

————————-

روسيا تريدها من خلال حكومة دمشق

وقف المساعدات للسوريين: عواقب إنسانية وخيمة!

بيروت: انضم مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، الجمعة، إلى الداعين للحفاظ على التفويض لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر الحدود دون المرور بدمشق، وهو أمر ترفضه موسكو ويُعتبر اختبارا لعلاقتها مع الإدارة الأميركية الجديدة.

وقال بيدرسون أمام مجلس الأمن إن “المدنيين في أنحاء البلاد في حاجة ماسة إلى مساعدات حيوية وتعزيز قدرتهم على الصمود. من بالغ الأهمية الحفاظ على الوصول وتوسيعه، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود والخطوط الأمامية”.

وشدد المبعوث على أن “الاستجابة الواسعة النطاق عبر الحدود ضرورية لمدة 12 شهرا إضافية لإنقاذ الأرواح”.

ويسري التفويض عبر الحدود منذ عام 2014، لكنه قُلّص بشكل كبير العام الماضي عبر الإبقاء على نقطة دخول حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى (شمال غرب) مع تركيا. وتنتهي صلاحية التفويض في 10 يوليو.

والجمعة سلّمت إيرلندا والنروج، المسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، مشروع قرار لبقية الأعضاء الـ13 في المجلس. وقد حصلت وكالة فرانس برس على نسخة من المشروع.

وأخْذاً في الاعتبار بأنّ هناك زيادةً في الاحتياجات الإنسانية في شمال غرب سوريا وشمال شرقها، يُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لمنطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرق سوريا عبر العراق.

من جانبها، تميل الدول الغربية التي لها عضوية دائمة في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة) للمطالبة بإعادة فتح معبر باب السلامة (شمال غرب) الذي أغلق قبل عام، وفق مصادر دبلوماسية.

16 فيتو من جانب روسيا

نوقِش موضوع التفويض عبر الحدود في القمة الأخيرة في جنيف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لكنهما لم يكشفا عن توافق حول الملف.

في حال إقرار تمديد التفويض، يمكن أن يكون الملف نقطة بداية جديدة في العلاقة الروسية الأميركية، حسب تقديرات وسائل إعلام أميركية.

وموسكو الحليف الرئيسي لدمشق والتي تؤيد فرض سيادة حكومة الرئيس بشار الأسد على كامل البلاد، ظلت منذ بداية العام مصرة على إنهاء تفويض الأمم المتحدة.

كما تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

ومنذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، استخدمت موسكو التي تُرجِع تدهور الوضع الإنساني إلى العقوبات الغربية، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16 مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10 مرات.

في بيان الجمعة، شددت ديانا سمعان من منظمة العفو الدولية على أن وقف المساعدات عبر الحدود ستكون له “عواقب إنسانية وخيمة”. وأضافت “ندعو مجلس الأمن لتجديد التفويض بوصول المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى وإعادة فتح معبري باب السلامة واليعربية”.

كما دعا لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش إلى استمرار التفويض عبر الحدود وتوسيعه إلى المعبرين المغلقين منذ عام 2020. وقال في بيان “أي شيء بخلاف تجديد التفويض قد يؤدي إلى الحكم على الملايين من السوريين في شمال البلاد بالفقر المدقع أو الموت نتيجة سوء التغذية أو كوفيد-19”.

ايلاف

———————-

ضغوط دولية لعدم إغلاق معبر “باب الهوى” وموسكو تعتبر المسعى “نفاقا إجراميا

أعلنت الأمم المتحدة أنها حضت مع دول عدة روسيا على عدم الاعتراض على تمديد فترة إبقاء معبر باب الهوى بين تركيا وسوريا مفتوحا لإتاحة دخول المساعدات الإنسانية إلى منطقة إدلب الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وهو ما اعتبرته موسكو “نفاقا إجراميا”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش -خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء- “أطالب بإلحاح أعضاء المجلس بالتوصل إلى توافق حول الإذن بالعمليات العابرة للحدود بصفتها شريان دعم حيويا، لعام إضافي”.

وشدد الأمين العام على أن عدم تمديد الإذن الصادر عن مجلس الأمن ستكون له تداعيات مدمّرة، مضيفا أن الشعب السوري بحاجة ماسة إليه، ومن الأهمية بمكان أن نحشد كل قدراتنا عبر كل القنوات.

وتعتزم أيرلندا والنرويج خلال الأيام القادمة توزيع مسودة قرار “يجدد ويوسع آليه توصيل المساعدات الإنسانية استجابة للاحتياجات الإنسانية الملحة”.

ويستلزم إصدار قرار بتمديد موافقة المجلس تصويت 9 أعضاء لصالحه، مع عدم استخدام حق النقض من جانب أي من الدول الـ5 دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

ومنح مجلس الأمن تفويضا في البداية لعمليات المساعدة عبر الحدود في سوريا عام 2014 من خلال 4 منافذ. وفي العام الماضي قلّص هذه المعابر إلى واحد فقط عبر تركيا يؤدي إلى منطقة تسيطر عليها المعارضة المسلحة في شمالي غربي سوريا بسبب معارضة روسيا والصين تجديد التفويض عبر المنافذ الأربعة.

وانتقدت روسيا بشدة أمس الأربعاء مطالبات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وممثلي الدول الغربية بالمنظمة الأممية بضرورة تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سوريا.

وقال سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للمجلس إن عملية المساعدات تنتهك سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وإن روسيا وافقت فقط على العملية في 2014 لأن سوريا كانت “ممزقة بسبب الإرهابيين”.

وتابع “لا يمكن النظر في مسألة تمديد آلية المساعدات العابرة للحدود بمعزل عن الوضع في محافظة إدلب التي تحولت منذ فترة طويلة إلى ملاذ آمن للإرهابيين في سوريا”.

وخاطب نيبينزيا ممثلي الدول الغربية بالمجلس قائلًا “لدي انطباع بأن هذا الوضع الراهن في إدلب يناسب زملاءنا في مجلس الأمن ولا يزعجهم”، مضيفًا “من الصعب تسمية هذا الموقف بأي شيء آخر بخلاف النفاق الإجرامي”.

في المقابل، أكدت المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الأممية السفيرة ليندا توماس غرينفيلد أنه “بالنسبة لملايين السوريين، فإن باب الهوى هو شريان حياة بكل ما للكلمة من معنى”، مشيرة إلى أنه من خلال هذا المعبر “تنقل ألف شاحنة شهريا الغذاء والمياه النظيفة والإمدادات الطبيّة لمن همّ في أمسّ الحاجة إليها”.

وعقب الجلسة أكدت السفيرة الأميركية للصحفيين مواصلة الولايات المتحدة العمل مع روسيا من أجل المحافظة على معبر باب الهوى مفتوحا بعد 10 يوليو/تموز المقبل، وحذّرت من أنه إذا أُغلق معبر باب الهوى “سيموت مزيد من السوريين”.

وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة دعت يوم الثلاثاء الماضي نحو 30 دولة إلى تجديد الإذن بدخول المساعدات عبر الحدود.

وحذرت الدول في رسالتها من أن “التجديد للآلية العابرة للحدود أساسي لضمان التوزيع المباشر والمستمر للقاحات لكل السوريين عبر نظام كوفاكس”، مشددة على أن عدم التجديد ستكون له تداعيات مدمرة على ملايين السوريين.

المصدر : وكالات

—————————

شريان الحياة الوحيد لأكثر من 3 ملايين سوري.. لماذا تحاول روسيا إغلاق معبر باب الهوى؟/ عمر يوسف

من المنتظر أن يعقد مجلس الأمن لقاء بعد العاشر من يوليو/تموز القادم من أجل تجديد التصويت على القرار رقم 2533، الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا من الحدود السورية التركية من معبر باب الهوى قبالة محافظة إدلب.

ومع اقتراب موعد الجلسة، تحذر الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي من الإخفاق في تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا، مما قد يشكل كارثة إنسانية على أكثر من 3 ملايين سوري يقطنون في شمالي غربي سوريا.

ومن المتوقع أن تقوم كل من روسيا والصين -حليفتي النظام السوري- باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار تمديد إدخال المساعدات من معبر باب الهوى، الذي تتدفق عبره شاحنات الإغاثة الدولية والبضائع إلى سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية في محافظتي إدلب وحلب.

ترسل الأمم المتحدة بشكل دوري قوافل مساعدات إنسانية من خلال المعبر مرورا بالأراضي التركية (الجزيرة)

أين يقع معبر باب الهوى؟

يقع معبر باب الهوى في شمالي غربي سوريا ضمن محافظة إدلب، ويبعد عن إدلب المدينة ما يقارب 33 كيلومترا، ويقابله في الجانب التركي معبر “جيلفا جوزو” التابع لولاية هاتاي التركية.

يعتبر المعبر طريق النقل البري الرئيسي بين أوروبا وسوريا والأردن ودول الخليج العربي.

من هي القوى المسيطرة على المعبر؟

بعد محاولات متكررة، نجحت فصائل المعارضة السورية التي سميت حينها بـ”الجيش السوري الحر”، في السيطرة على معبر باب الهوى وانتزاعه من قوات النظام السوري يوم 19 يوليو/تموز 2012 ضمن إحدى المعارك التي اندلعت في شمالي غربي سوريا، إثر تحول الثورة السورية من الحراك المدني إلى المسلح.

تعاقبت على المعبر قوى عسكرية عدة لأهميته الإستراتيجية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية، ومن أبرز تلك القوى: جبهة ثوار سوريا، وحركة أحرار الشام الإسلامية، وهيئة تحرير الشام.

يخضع المعبر في الوقت الراهن لإدارة مدنية تتبع لحكومة الإنقاذ السورية في إدلب، وتوصف بأنها الواجهة السياسية لـ”هيئة تحرير الشام”، كبرى القوى العسكرية في محافظة إدلب.

لماذا يعتبر المعبر شريان الحياة الوحيد لأكثر من 3 ملايين سوري؟

مع تفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا وظهور مسألة النازحين إلى المخيمات، أقر مجلس الأمن عام 2014 السماح بعبور المساعدات الإنسانية الأممية من 4 معابر برية في سوريا، وهي باب السلامة، وباب الهوى (مع تركيا)، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن.

في مطلع عام 2020 صوت مجلس الأمن لصالح قرار يتيح عبور المساعدات الأممية عبر الأراضي التركية من خلال معبري باب الهوى وباب السلامة، مما تسبب في إغلاق معبرين في شمالي شرقي وجنوبي سوريا.

وفي يوليو/تموز من العام الماضي استخدمت روسيا حق النقض ضد مرور المساعدات الإنسانية من معبري باب الهوى وباب السلامة، ليقتصر دخول المساعدات على معبر وحيد منذ ذلك الوقت، وهو معبر باب الهوى.

لماذا تحاول روسيا إغلاق المعبر؟

تتذرع روسيا حليفة النظام السوري بأن المساعدات يجب أن تكون تحت إشراف حكومة النظام السوري بدمشق، وتطالب بأن تنظم الأخيرة عملية عبور الدعم والإغاثة من أراضي يسيطر عليها النظام.

وتعلل موسكو ذلك بأن المساعدات تصل إلى من تصفهم بـ”الإرهابيين” من مقاتلي هيئة تحرير الشام في إدلب، وتزعم أن ذلك يدعم وجودهم في المنطقة.

حاولت روسيا عبر مجلس الأمن وفي الميدان دعم النظام السوري، إذ هاجمت طائرتها العسكرية في وقت سابق مراكز مدنية تجارية قرب معبر باب الهوى، وتعمل جاهدة بين الحين والآخر لدفع المدنيين للخروج من مناطق سيطرة المعارضة في إدلب بمعابر يتم الإعلان عنها من طرف واحد بتنسيق مع النظام السوري.

ما تبعات إغلاق المعبر؟

تتجه أنظار العاملين في الشأن الإغاثي والإنساني بسوريا إلى اجتماع مجلس الأمن وسط حالة من الترقب التي يلفها القلق والخوف من نجاح روسيا في إغلاق المعبر وعدم تجديد آلية عبور المساعدات من خلاله إلى أكثر من 3 ملايين سوري.

مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” محمد حلاج يشير إلى عواقب إغلاق معبر باب الهوى على المدنيين -وفق بيان حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- بانهيار كامل من النواحي الاقتصادية والإنسانية.

وبحسب البيان الذي صدر أمس الخميس، سوف يحرم 2.3 مليون نسمة من المياه النظيفة أو المياه الصالحة للشرب، وأكثر من 1.8 مليون نسمة من المساعدات الغذائية، إضافة إلى انقطاع دعم مادة الخبز في مئات المخيمات، وحرمان أكثر من مليون نسمة من الحصول على الخبز بشكل يومي.

ومن نتائج الإغلاق الاقتصادية، يقول البيان إن أبرزها ارتفاع معدلات البطالة، والبحث عن العمل خلال المرحلة الأولى بنسبة 40% والمرحلة الثانية بنسبة 20%، وارتفاع أسعار المواد والسلع الأساسية بنسب متفاوتة أبرزها المواد الغذائية بنسبة 300%، والمواد غير الغذائية بنسبة 200%.

يحاول حلفاء النظام الضغط لإغلاق المعبر وتنظيم عبور المساعدات تحت سلطة دمشق (الجزيرة)

ما الخيارات البديلة بعد الإغلاق؟

وحول الخيارات البديلة إذا أغلق المعبر أبوابه في وجه المساعدات، يلخصها حلاج بما يلي:

    عودة المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة إلى ما قبل القرار الأممي 2165 من خلال العمل بشكل خارج نطاق آلية التفويض.

    تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة إلى منظمات دولية غير حكومية، توزع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإغاثية.

    بإمكان أي دولة عضو في مجلس الأمن الدولي الدعوة إلى اجتماع استثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتصويت على القرار الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وذلك خارج نطاق مجلس الأمن وبذلك يتم ضمان عدم استخدام حق النقض.

    إنشاء صندوق للتمويل الإنساني ويكون خاصا بسوريا بدلا من صندوق التمويل الإنساني الخاص بالأمم المتحدة، وإنشاء كتل تنسيق رئيسية موزعة على مناطق سوريا الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

المصدر : الجزيرة

—————————-

تعرف إلى “القرار 2504” الذي يتحكم بمساعدات السوريين

تشتد التحذيرات من عدم تمديد التفويض الأممي الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.

وينتهي التفويض في 10 من تموز المقبل، وسط خشية منظمات إغاثية من عدم تمديد التفويض المعمول به وفق قرار مجلس الأمن رقم 2504.

    منح مجلس الأمن الدولي، من خلال اعتماد القرار رقم 2156 في عام 2014، وتمديداته اللاحقة، الإذن لوكالات الأمم المتحدة وشركائها باستخدام الطرق عبر خطوط الاشتباك وأربع معابر حدودية هي (باب السلام، وباب الهوى والرمثا، واليعربية) بهدف إيصال المساعدات الإنسانية، ومن ضمنها المستلزمات الطبية والجراحية، إلى الأشخاص المحتاجين في سوريا.

    حمل القرار في عام 2015 الرقم 2258 بعد تمديده.

    في 2016 حمل الرقم 2332.

    تمديد آخر في 2017 حمل الرقم 2393.

    في 2018 حمل الرقم 2449 وبقى معمولًا به حتى مطلع 2020.

وفي 11 من كانون الثاني 2020 اعتمد مجلس الأمن قرار 2504 الذي يقضي بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا عبر معبرين فقط من تركيا وهما باب الهوى وباب السلام لمدة ستة أشهر، وإغلاق معبر اليعربية في العراق والرمثا في الأردن.

واستخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن في تموز 2020، لمنع تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبري “باب الهوى” و”باب السلامة” دون موافقة النظام إلى الشمال السوري.

تحذيرات من عدم التجديد

تحذر الأمم المتحدة ووكالاتها المعنية وعدة دول من عدم تمديد التفويض الحالي، والذي يهدد “الفيتو” الروسي بانهياره في مجلس الأمن الشهر المقبل.

وتريد روسيا إدخال المساعدات عبر مناطق النظام السوري، لكسبه بعض الشرعية أمام المجتمع الدولي.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، إن “الوضع اليوم أسوأ من أي وقت مضى منذ بدء الصراع”، إذ يحتاج 13.4 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، كما أن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 60% منذ عام 2011. كما اختفت الوظائف، وارتفعت الأسعار بشدة، وندرت البضائع، بحسب غوتيريش الذي أشار إلى أن “الناس يتأقلمون عن طريق تقليل حجم الوجبة أو التخلي عنها بالكامل”.

وذكر أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت الآن بسبب الجفاف، مشيرًا إلى أن النقص المائي في حوض الفرات هو الأسوأ، فيما ينتشر “كوفيد-19” في جميع أنحاء البلاد، في ظل ارتفاع معدلات انتقال العدوى التي تلقي بثقلها على نظام صحي هش أصلًا.

وناشد الأمين العام أعضاء المجلس “بقوة التوصل إلى توافق في الآراء بشأن السماح بالعمليات عبر الحدود كقناة حيوية للدعم لمدة عام آخر.”

وقال إن “الفشل في تمديد تفويض المجلس سيكون له عواقب وخيمة”.

وأضاف أن الشعب السوري في حاجة ماسة إلى المساعدات، “ومن الضروري حشد كل طاقاتنا على جميع القنوات”.

——————————

 مشروع قرار في الأمم المتحدة للحفاظ على تفويض إيصال المساعدات الى سوريا

انضم مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون أمس الجمعة إلى الداعين للحفاظ على التفويض لإيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر الحدود من دون المرور بدمشق، وهو أمر ترفضه موسكو ويُعتبر اختبارا لعلاقتها مع الإدارة الأميركية الجديدة.

وقال بيدرسون أمام مجلس الأمن إن “المدنيين في أنحاء البلاد في حاجة ماسة إلى مساعدات حيوية وتعزيز قدرتهم على الصمود. من بالغ الأهمية الحفاظ على الوصول وتوسيعه، بما في ذلك من خلال العمليات عبر الحدود والخطوط الأمامية”.

وشدد على أن “الاستجابة الواسعة النطاق عبر الحدود ضرورية لمدة 12 شهرا إضافية لإنقاذ الأرواح”.

ويسري التفويض عبر الحدود منذ العام 2014، لكنه قُلّص بشكل كبير العام الماضي عبر الإبقاء على نقطة دخول حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى (شمال غرب) مع تركيا. وتنتهي صلاحية التفويض في 10 تموز (يوليو).

والجمعة سلّمت إيرلندا والنروج، المسؤولتان عن الملف في الأمم المتحدة، وهما عضوان غير دائمين في مجلس الأمن، مشروع قرار لبقية الأعضاء الثلاثة عشر في المجلس. وقد حصلت وكالة فرانس برس على نسخة من المشروع.

وأخْذاً في الاعتبار بأنّ ثمة زيادةً في الاحتياجات الإنسانية في شمال غرب سوريا وشمال شرقها، يُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى لمنطقة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرق سوريا عبر العراق.

وانتقدت الولايات المتحدة سريعا هذا المشروع في موقف نادر الحدوث لواشنطن حيال حليفين أوروبيين لها، لأنه لا يسعى إلى اعتماد معابر حدودية جديدة.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد في بيان لاذع: “استمر بالدعوة إلى أعادة تفويض معبر باب الهوى واعتماد مجددا معبري باب السلام (شمال غرب) واليعبرية للمساعدات الإنسانية”. واسفت لفحوى المشروع الأوروبي الذي وافقت عليه الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس على ما أفاد دبلوماسيون.

16 فيتو روسي

وأضافت السفيرة الأميركية: “يجب أن يوفر مجلس الأمن راهنا إمكان وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاجها السكان أمس الحاجة. أن نتخلف عن ذلك يعني تجاهل مسؤولياتنا حيال الشعب السوري والأسرة الدولية ومُثلنا الخاصة”.

وبعد مفاوضات بين دول المجلس الخمس عشرة يتوقع التصويت على المشروع بحلول العاشر من تموز (يوليو).

نوقِش موضوع التفويض عبر الحدود في القمة الأخيرة في جنيف بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، لكنهما لم يكشفا عن موقف محدد حول الملف. وفي حال إقرار تمديد التفويض، يمكن أن يكون الملف نقطة بداية جديدة في العلاقة الروسية الأميركية، على ما ذكرت وسائل إعلام أميركية.

وتصر موسكو الحليف الرئيسي لدمشق والتي تؤيد بسط سيادة حكومة الرئيس بشار الأسد على كامل البلاد، منذ بداية العام على إنهاء تفويض الأمم المتحدة. كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

منذ بدء الحرب في سوريا العام 2011، استخدمت موسكو التي تُرجِع تدهور الوضع الإنساني إلى العقوبات الغربية، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16 مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10 مرات.

في بيان الجمعة، شددت ديانا سمعان من منظمة العفو الدولية على أن وقف المساعدات عبر الحدود ستكون له “عواقب إنسانية وخيمة”. وأضافت “ندعو مجلس الأمن لتجديد التفويض بوصول المساعدات الانسانية عبر باب الهوى وإعادة فتح معبري باب السلامة واليعربية”.

كذلك دعا لويس شاربونو من منظمة هيومن رايتس ووتش إلى استمرار التفويض عبر الحدود وتوسيعه إلى المعبرين المغلقين منذ العام 2020. وقال في بيان “أي شيء بخلاف تجديد التفويض قد يؤدي إلى الحكم على الملايين من السوريين في شمال البلاد بالفقر المدقع أو الموت نتيجة سوء التغذية أو كوفيد-19”.

—————————-

ساحات الحرب في سوريا تفرق الخصماء لكن المعابر المربحة تجمعهم/ عشتار الشامي

تحليل موجز

على الرغم من انهيار الاقتصاد السوري نتيجة الحرب الدائرة هناك منذ سنوات، تحول اقتصاد البلد إلى اقتصاد حرب يستفيد منه ما يطلق عليهم ﺑ “تجار الحرب”، وهم هم أشخاص يستغلون الحرب والحصار وفقر الكثيرين ليراكموا ثروات طائلة. وينشط تجار الحرب هؤلاء عبر المعابر التي تربط المناطق المتخاصمة، التي أصبحت المنفذ الوحيد للاجئين السوريين للعثور على الأمان.

ساهمت المنافع الاقتصادية التي قد تدرها تلك المعابر في إنشاء شبكة مصالح بين الأطراف المتنازعة، حيث باتت تشكل تلك المعابر مصدرا مالياً هاماً بالنسبة لفصائل المعارضة، خاصة بعد تراجع الدعم الخارجي، كما تستفيد القوات والمليشيات الموالية لنظام الأسد من تلك المعابر وهو ما يضمن ولائها.

وبينما تتزايد أعداد السوريين الهاربين من الموت تحت القصف العنيف المتواصل على منازلهم وأراضيهم من قبل قوات نظام الأسد وشركاؤه الروس، منتظرين بلا نهاية بمحاذاة الحدود التركية آملاً بأن تسمح لهم السلطات التركية بالعبور إلى أراضيها حيث الأمان والسلامة، قامت هذه السلطات بافتتاح معبر واحد أمامهم فقط: معبر داخلي في منطقة الهبيط (إدلب) يسمح لهم بالانتقال إلى الأراضي الواقعة تحت سيطرة قوات النظام وحلفائه ضمن الاتفاق القائم بين روسيا وتركيا. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأتراك قد صرحوا بأن تركيا لم تعد تراقب الحدود مع اليونان وبلغاريا، إلا أنه لا يزال مصير السوريين المحاصرين في شمال غرب سوريا قاتما.

وهكذا، يجد السوريون حاليا أنفسهم أمام خياريين، كلاهما قاتل: فإما البقاء تحت القصف في الأراضي التي تقع تحت سيطرة المعارضة، أو الانتقال الى الأراضي الواقعة تحت سيطرة النظام – وهو الخيار الذي يرفضه معظم النازحين خوفاً من قيام النظام بالانتقام منهم، بالتنكيل أو الاعتقال، كما فعل سابقاً في مناطق مُدنٍ أُخرى.

ظلت المعابر الحدودية مع تركيا مُغلقةً في وجه النازحين، ولا تفتح إلا في بعض الحالات الطبية الطارئة، أو للأغراض التجارية، أو لنقل البضائع من وإلى تركيا. إذ باتت هذه النشاطات التجارية تشكل مصدر دخل كبير لتجار الحرب من كافة الأطراف. فعلى سبيل المثال: يُسمح لبعض السوريين، من أقارب قيادات الفصائل العسكرية المتواجدة في الشمال السوري، باستيراد شحنات من البضائع الأساسية وإدخالها “ترانزيت” (أي دون دفع ضرائب، والاكتفاء برسوم رمزية) إلى سوريا. وغالباً ما يتم إدخال هذه البضائع عبر المعابر الداخلية من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة أو تلك الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام. وتشكل عوائد هذه التجارة السوداء أحد الأسباب الأساسية وراء الصراع المستمر للسيطرة على المعابر الحدودية خاصة معبر “باب السلامة” في إعزاز في ريف حلب، ومعبر “جرابلس”، ومعبر” تل” أبيض في الرقة.

وهناك أيضا معبر “باب الهوى” الذي يقع تحت سيطرة ما يسمى بحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، التي بحسب مصادر موثوقة، تعقد صفقات سرية مع النظام السوري لتهريب الكثير من البضائع الأساسية مثل السكر والطحين والأدوية، القادمة أساساً من تركيا. ويعادل مدخول هذه العملية في باب الهوى، بحسب المصادر ذاتها، ما تجنيه المعابر السابقة مجتمعة، نظراً لكمية البضائع المستوردة وقدرة الأطراف المختلفة – السلطات التركية وهيئة تحرير الشام والميليشيات التابعة لنظام الأسد – على تأمين المعابر والطرق.

وبحسب تقديرات المصادر المحلية ذات الصلة وبعض الموظفين العالمين في تلك المعابر، تحقق المعابر التي تقع تحت رعاية الدولة التركية والحكومة المؤقتة دخلا يومياً يقارب المليون ليرة تركية (مائة ألف دولار)، تودع مباشرة في “بنك زراعات” التركي في حساب باسم رئيس الحكومة السورية المؤقتة. وتقتصر مهمة رئيس الحكومة في اتباع الإرشادات التركية وتوقيع أذونات وسندات الصرف لصالح المجالس المحلية في مناطق المعارضة التي خضعت للنفوذ التركي عقب عمليات درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام. كما يقوم “الرئيس” أيضاً بصرف تعويضات الفصائل المنضوية مؤخراً تحت عباءة ما يسمى بـ “الجيش الوطني.”

وفى حين تحصل تركيا على نصيب الأسد من واردات تلك المعابر، تحصل الحكومة السورية المؤقتة فقط ما يبلغ الخمس مائة ألف ليرة تركية شهرياً فقط من دخول المعابر، أي ما يعادل 2% من ذاك الدخل، على الرغم من أن التفاهم القائم بين الحكومة التركية والحكومة السورية المؤقتة ينص على تقديم 30% من دخول المعابر إلى الحكومة المؤقتة. ولكي تصحح هذا الوضع، دخلت الحكومة السورية المؤقتة الجديدة بقيادة عبد الرحمن مصطفى، بمباحثات جديدة مع الحكومة التركية حول واردات المعابر أفضت إلى اتفاق جديد يتم وفقه تخصيص 15% من الدخول لصالح الحكومة المؤقتة. لكن، وعلى الرغم من مرور أكثر من شهرين على هذا الاتفاق، لم تتجاوز عائدات الحكومة المؤقتة من دخل المعابر أكثر من 750 ألف ليرة تركية، وهو أقل بكثير من الـ 15% المتفق عليها، وهذا يعرقل من قدرة الحكومة في التعامل بشكل فعال مع أزمة اللاجئين والنازحين. وتبقى الكرة في هذا الخصوص في ملعب القوى الكبرى والمجتمع الدولي المنوط بهما توفير المساعدات المالية وغيرها، لأكثر من مليون مواطن محاصرين هناك.

يبدو أن الحل لازمة المعابر واحتكارها من قبل أفراد يجب أن يبدأ بالضغط على الحكومة التركية لتعمل على تفعيل دور الحكومة السورية المؤقتة بشكل حقيقي كحكومة تكنوقراط مستقلة تتولى وزاراتها المعنية الإدارة والإشراف على أعمال المعابر والمجالس المحلية في الداخل السوري، وأن تدعم الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة السورية المؤقتة بالخبراء والدراسات وتدريب طواقمها التي تعمل في تلك المعابر. وفى حين قد تطرح بعض الأسئلة حول كيفية استجابة أوروبا لهذه الأزمة الإنسانية الكبرى، لا ينبغي التغاضي عن تجار الحرب في سوريا. في غضون ذلك، لا يزال السوريون الذين يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية منذ بداية الحرب حيث انهم محاصرين، بطريقة ما أو بأخرى.

————————

واشنطن بوست: على بايدن ألّا ينتظر نتيجة امتحانه لبوتين.. فسوريا هي الجواب/ إبراهيم درويش

أشارت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها، إلى أن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن تحدث عن امتحانه لنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، مضيفة أن مجال هذا الامتحان هو سوريا.

 وكان بايدن قد قال عقب لقائه الأسبوع الماضي مع نظيره الروسي في جنيف: “سنكتشف في غضون ستة أشهر أو عام إن حصلنا في الحقيقة على حوار استراتيجي ذي أهمية”.

وتعلق الصحيفة أن الجواب على هذا قد لا ينتظر طويلا وربما جاء سريعا، فمن بين الموضوعات التي طرحها الرئيس بايدن مع بوتين كانت سوريا وبالتحديد السماح للأمم المتحدة استخدام ممر إنساني يوفر الدعم لـ2.8 مليون نسمة معظمهم من الأطفال والنساء، وينقل عبره الطعام والدواء واللقاحات. فقد ألمحت روسيا أنها قد تستخدم الفيتو على قرار لمجلس الأمن يسمح باستمرار العمليات الإنسانية عبر هذا الممر الوحيد بعد 10 تموز/يوليو بشكل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.

فلو كان بوتين مهتما بالتعاون مع بايدن، فإن أسهل أمر يقوم بعمله هو تخفيف موقفه، لكنه لم يفعل حتى الآن. فالحفاظ على عمليات نقل المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى بين تركيا وشمال- غرب سوريا، والسماح لألف شاحنة تمر عبره شهريا هو قرار سهل لمجلس الأمن. ولكن المسؤولين الأمريكيين وممثلين عن منظمات الإغاثة أخبروا مجلس الأمن يوم الأربعاء أنه بدون هذا المعبر، سيخسر 1.4 مليون شخص نزح معظمهم من مناطق أخرى من سوريا حزم الطعام التي يعتمدون عليها للحياة. وسيتوقف برنامج تطعيم السكان ضد كوفيد- 19 في وقت تزيد حالات الإصابة بالفيروس في المنطقة. ونتيجة التعنت الروسي، هي وباء لا يمكن احتواؤه وانتشارٌ محتمل للأمراض الأخرى ومجاعة جديدة ممكنة.

وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام المجلس محذرا من “التداعيات المدمرة” لو أغلق المعبر الحدودي، ويوافق معظم أعضاء المجلس بقوة معه. ولكن ليس روسيا التي تريد إغلاق المعبر الحدود بحيث تسمح لحليفها النظام في دمشق الغارقة يداه بالدماء بتجويع المناطق التي لا يسيطر عليها في سوريا حتى تستسلم له. وتضم هذه منطقة إدلب في شمال- غرب سوريا التي تسيطر عليها الجماعات المعارضة بمن فيها حركة مرتبطة بالقاعدة، وكذا منطقة شمال- شرق سوريا الذي يسيطر عليه الأكراد. وفي العام الماضي، فرضت روسيا إغلاق ثلاث معابر للمساعدات الإنسانية إلى سوريا. وطلبت موسكو من الأمم المتحدة نقل المواد الإغاثية إلى حكومة النظام السوري وبتنسيق معها. لكن النظام استخدم الطعام كسلاح كما أظهر في السابق. فقد منع وصول المواد الإنسانية للمناطق التي كانت تحت سيطرة المقاتلين حول دمشق مما أوصل سكانها لحافة المجاعة.

وبعدما رفضت روسيا المصادقة على استمرار عمل معبر إنساني في شمال- شرق سوريا العام الماضي، قيّد النظام مهام المساعدات بشكل أدى لزيادة الاحتياجات الإنسانية بنسبة 38%. وفي حالة إدلب، لا توجد هناك خطة بديلة. وتحدثت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا توماس- غرينفيلد أمام مجلس الأمن الدولي قائلة: “بدون منفذ حدودي سيموت الكثير من الناس. نعرف هذا، ويعرفه عمال الخطوط الأمامية بالأمم المتحدة والمنظمات غير الإنسانية ويعرفه الأسد”.

ومع ذلك لم يرف جفن لسفير روسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا، وزعم أن المعبر الحدودي يستخدم لصالح الإرهابيين في إدلب، وأن نقل المساعدات للمناطق التي يسيطر عليها الأسد هي الطريقة الشرعية الوحيدة لتوزيع الدعم الإنساني.

ولو استمرت روسيا على موقفها خلال الأسبوعين المقبلين، فسيكون بايدن قد حصل على الجواب.

————————–

الأمم المتحدة تحذر من كارثة في حال تعذر وصول المساعدات لشمال غرب سوريا

قال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، في حديث صحفي في مدينة جنيف، نقلته وكالة رويترز “إن عدم تجديد عمليات المساعدات عبر الحدود إلى سوريا والتي تنتهي الشهر المقبل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة، وتحديدًا في المنطقة التي يسيطر عليها معارضون للنظام السوري في شمال غرب البلاد”، وأضاف ليندماير “إن فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تجديد التفويض لمدة عام بتاريخ 10 تموز/يوليو سيجعل من المستحيل توصيل اللقاحات إلى اللاجئين وخاصة في المناطق الحدودية، بما في ذلك لقاحات  كوفيد-19”. وأشار الناطق الأممي إلى أن “استجابة الأمم المتحدة على نطاق واسع ولمدة 12 شهرًا إضافية تظل ضرورية لإنقاذ الأرواح”. وأضاف أن “عدم تجديد تفويض الأمم المتحدة لعبور ونقل المساعدات عبر الحدود سيقلص بشكل كبير العمليات الإنسانية المركزية ويغرق شمال غرب سوريا في كارثة إنسانية أخرى”.

هذا ويعتمد ملايين الأشخاص على المساعدات التي تمر حاليًا من تركيا مباشرة إلى شمال غرب سوريا، وذلك بترتيب سمح به مجلس الأمن الدولي. في المقابل، ترى موسكو، التي تتمتع بحق النقض/الفيتو في مجلس الأمن، وتدعم الرئيس السوري بشار الأسد ضد المعارضة، إنه يمكن إيصال المساعدات إلى شمال سوريا عبر العاصمة دمشق، بحسب ما نقل موقع مترو إنترناشيونال.

وتبقى المواجهة متوقعة الشهر المقبل بين الدول الغربية في مجلس الأمن ممن يؤيدون تجديد تمرير المساعدات عبر المعابر الحدودية شمالي سوريا، وبين روسيا التي سبق أن منعت عمليات سابقة في الماضي لإيصال المساعدات عبر الحدود، بحسب تقرير للأسوشيتد برس. حيث يحتاج القرار إلى 9 أصوات لصالحه، وعدم استخدام حق النقض من أي من الدول الخمس دائمة العضوية وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وتجدر الإشارة إلى أنه في العقد الماضي، انقسم مجلس الأمن بشأن سوريا، واستخدمت روسيا حق النقض ضد العديد من القرارات المتعلقة بالحرب الدائرة في سوريا، والتي غالبًا ما كانت تدعمها الصين.

ويذكر أن حوالي ألف شاحنة تستخدم معبر “باب الهوى” كل شهر، بغية إيصال المساعدات والأدوية، بما في ذلك لقاحات كورونا، إلى حوالي 2.4 مليون شخص على طول الحدود التركية السورية، أما توقف هذه الإمدادات فيمكن أن يهدد حياتهم ويؤدي فقط إلى مزيد من انتشار الأمراض والوفيات، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة. فالجهود المبذولة من المنظمات الإغاثية الدولية لإنشاء طريق إمداد من دمشق لم تنجح ولم تستطع أن تمر أي قوافل مساعدات عبرها طيلة الأشهر الـ11 الماضية، بحسب موقع مترو إنترناشيونال.

وأفادت منظمة العفو الدولية- أمنستي، في تقرير نشرته بتاريخ 25 حزيران /يونيو، بأن أكثر من مليون شخص معرضون لخطر الانقطاع عن الغذاء والماء واللقاحات والأدوية الحيوية المنقذة للحياة. ففي العام الماضي، استخدمت الصين وروسيا حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التي كانت ستسمح بفتح معبرين حدوديين إضافيين، معبر باب السلام في الشمال الغربي ومعبر اليعربية. لذلك فإن معبر باب الهوى يعتبر المعبر الوحيد الحالي والأخير المتبقي لعبور مساعدات الأمم المتحدة ويشكل شريان الحياة الوحيد المتبقي للمدنيين. فيما يقول العاملون في المجال الإنساني في شمال غرب سوريا بأن إغلاق المعبر سيكون له تداعيات مدمرة على السكان في الشمال الغربي السوري حيث تصل هذه المساعدات حاليًا إلى 85% من المحتاجين كل شهر.

وقالت الباحثة السورية في منظمة العفو الدولية، ديانا سمعان “ندعو مجلس الأمن إلى إعادة السماح بوصول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، وإعادة فتح المعابر في باب السلام واليعربية” وأضافت “إنه لأمر مخز أن المواقف السياسية في مجلس الأمن لا تزال تعيق الاستجابة الدولية لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في عصرنا”.

بينما أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 20 من عمال الإغاثة الذين يقدمون مساعدات إنسانية في شمالي سوريا، وشرح العمال بالتفصيل كيف أدى إغلاق معبر اليعربية الحدودي إلى نقص حاد في المساعدات الطبية والإمدادات، وأشاروا إلى أن تفعيل المعابر الحدودية سيسمح بإيصال مساعدات الإغاثة في الوقت المناسب وبتكلفة معقولة.

كما أشار تقرير المنظمة إلى أنه “يقع على عاتق جميع أطراف النزاع السوري الالتزام بموجب القانون الإنساني الدولي من أجل ضمان الوصول غير المشروط للإغاثة الإنسانية المحايدة للمدنيين المحتاجين، كما يجب على الحكومة السورية ضمان حصول المدنيين في جميع أنحاء سوريا على المساعدات الإنسانية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة”.

وتأتي هذه المطالب وسط سعي النظام السوري وحلفاءه إلى إلى إنهاء آلية نقل المساعدات عبر المعابر الحدودية التي لا تسيطر عليها، والتي أنشأها مجلس الأمن الدولي في عام 2014، وبدلاً من ذلك تطلب بحصر مرور المساعدات عبر العاصمة دمشق بغية التحكم فيها.

قد سبق أن دعا بيان مشترك صادر عن سبع وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة إلى تجديد تفويض مجلس الأمن للعمليات الإغاثية عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا. وحذر كل رؤساء الوكالات التي أصدرت البيان، أي كل من منسق الإغاثة في حالات الطوارئ ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية -أوتشا، مارك لوكوك؛ والمدير العام للمنظمة الدولية للهجرة -IOM أنطونيو فيتورينو، والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان -UNFPA، ناتاليا كانيم، وديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي؛ إضافة إلى المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، وهنرييتا فور، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة -اليونيسف، إلى جانب  المدير العام لمنظمة الصحة العالمية – WHO تيدروس أدهانوم غبرييسوس، من أن “عدم القيام بذلك سيؤدي إلى إيقاف تسليم الأمم المتحدة للغذاء ولقاحات كوفيد-19 والإمدادات الطبية الضرورية والمأوى والحماية والمياه النظيفة والصرف الصحي وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة لصالح 3.4 مليون شخص، بما في ذلك مليون طفل” في شمال غرب سوريا.

كما قال البيان إن دخول القوافل الإنسانية أمر “ضروري لتوسيع الاستجابة الشاملة”. على الرغم من الإشارة إلى أنه حتى لو تم إرسال القوافل الإنسانية بانتظام فإنها ومع ذلك  لن تستطيع توفير حجم ونطاق العمليات المطلوبة عبر الحدود، وأنه لا يوجد بديل عن دخولها. وأكد البيان على أن الاستجابة الموسعة للأمم المتحدة عبر الحدود لمدة 12 شهرًا إضافية هي مسألة ضرورية جدًا من أجل تجنب كارثة إنسانية في شمال غرب سوريا.

—————————

ضغوط دولية على روسيا للسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى السوريين

قالت وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية إن دولاً أعضاء بالأمم المتحدة تمارس ضغوطاً على روسيا، كي تسمح بمرور مساعدات إنسانية إلى الداخل السوري، من خلال المعابر غير تلك التي يسيطر عليها نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

يأتي ذلك في إطار ترتيبات جديدة تسعى من خلالها الأمم المتحدة إلى إيصال مساعدات غذائية وطبية عاجلة إلى نحو مليون سوري عبر الحدود المشتركة بين سوريا والعراق، وبينها وبين تركيا. إذ يعد مجلس الامن التابع للأمم المتحدة لتمرير مشروع قرار تقدمت به النرويج وأيرلندا، يقضي بفتح المعابر السورية أمام المساعدات الإنسانية، وتخشى مصادر في المنظمة الدولية تحدثت إلى أسوشيتدبرس من أن تستخدم روسيا نفوذها لعرقلة تلك المساعدات، أو أن تعطل مشروع القرار من خلال حق الفيتو.

وبحسب التقرير الذي نشرته أسوشيتدبرس اليوم، 16 يونيو/ حزيران، ترفض روسيا دخول المساعدات من المعابر التي تسيطر عليها قوات قسد والقوات التركية، وتصر على دخول المساعدات فقط من المعابر التي تسيطر عليها بالوكالة عن نظام الرئيس السوري بشار الاسد، أو التي تسيطر عليها قوات الأسد بشكل مباشر وأن “تمر عبر خطوط الصراع والقتال داخل سوريا لتعزيز سيادة النظام الشرعي على التراب السوري”.

تهديد مستمر

مع بدء توافد المساعدات إلى سوريا، أقرت الأمم المتحدة في عام 2014 أربع نقاط عبور للمساعدات، إلا أن روسيا هددت في عام 2020 باستخدام حق الفيتو لوقف مرور المساعدات عبر تلك النقاط الحدودية، كونها غير خاضعة لنظام الأسد. وفي يوليو/ تموز 2020، أوقفت روسيا مرور المساعدات عبر ثلاث نقاط من الأربع، وباتت المساعدات تمر من معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه قوات قسد على الحدود مع تركيا، وينتهي إذن روسيا بالسماح بمرور المساعدات عبر هذا المعبر في العاشر من يوليو المقبل. ما يعني توقف المساعدات إذا ما اصرت روسيا على استخدام حق الفيتو في رفض مشروع القرار النرويجي الأيرلندي.

وشاركت روسيا مع الصين في مايو/ أيار 2020 في رفض تمرير مشروع قرار فتح عدد من المعابر السورية الحدودية لمرور المساعدات ملوحةً بحق الفيتو، وهو ما عدته دول أخرى بمجلس الامن، منها الولايات المتحدة وبريطانيا، سبباً لـ”خيبة أمل شديدة” على حد تعبير كارين بيرس، سفيرة بريطانيا لدى الأمم المتحدة. ومنعت روسيا وقتذاك أيضًا فتح معبر الرمثا على الحدود الأردنية السورية لمرور المساعدة إلى مناطق الجنوب غير الخاضعة لنظام الأسد، والتي تشتد فيها قسوة الأزمة الإنسانية التي تحياها سوريا.

ويدفع مشروع القرار الجديد في اتجاه الإبقاء على معبر باب الهوى مفتوحًا على أن يُفتح معبر اليعربية على الحدود العراقية لتمرير المساعدات إلى شمال شرقي سوريا.

—————————

منظمة «الصحة العالمية»: شمال سوريا أمام كارثة إنسانية إذا أغلق معبر «باب الهوى»/ هبة محمد

حذرت منظمة الصحة العالمية من أن إغلاق معبر “باب الهوى” الحدودي بين تركيا وسوريا “سيؤدي إلى كوارث إنسانية جديدة”.

جاء ذلك على لسان المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندميير في تصريح صحافي، الجمعة، شدد خلاله على أن المعبر هو نقطة الوصول الوحيدة إلى المنطقة بالنسبة للأمم المتحدة وباقي المنظمات الإغاثية.

وتتواصل المحادثات حاليا في مجلس الأمن الدولي بخصوص تمديد فترة التفويض الخاص باستمرار الأنشطة الإغاثية عبر المعبر، إلا أن روسيا ألمحت في شباط/ فبراير الماضي إلى نيتها منع تمديد فترة التفويض. وينتهي العمل بآلية إيصال المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر (باب الهوى) على الحدود التركية، بحلول 11 يوليو/ تموز المقبل.

في السياق نفسه شدد المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، الجمعة، على ضرورة تمديد آلية المساعدات إلى سوريا وتوسيعها لإنقاذ ملايين الأرواح. جاء ذلك أمام جلسة مجلس الأمن المنعقدة حاليا في المقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، بخصوص الملف السوري.

وأكدت الولايات المتحدة، الجمعة، أنه لا طريق لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا، سوى عبر إنهاء الحرب وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم “2254”. جاء ذلك على لسان مندوبة واشنطن الأممية، ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة منعقدة حاليا بمجلس الأمن حول ملف الأزمة السورية.

ومنذ عام 2011، تشهد سوريا حربا أهلية بدأت إثر تعامل نظام الرئيس بشار الأسد بقوة مع احتجاجات شعبية، ما دفع ملايين الأشخاص للنزوح واللجوء إلى الدول المجاورة.

ويطالب القرار 2254، الصادر في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2015، الأطراف السورية بالتوقف عن شنّ هجمات ضد أهداف مدنية، وإجراء مفاوضات وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.

وقالت غرينفيلد: “لا يوجد سوى طريق واحد لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا، وهو إيجاد حل للصراع وإنهاء الحرب وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254″.

وتشهد مدينة درعا حالة من الترقب والتوتر الأمني، تنذر بحملة عسكرية وشيكة قد يشنها النظامان السوري والروسي عقب فشل جولات التفاوض مع لجان درعا المركزية، لبحث أسباب الفوضى الأمنية في المحافظة التي تشهد عمليات اغتيال بشكل يومي، تتهم بارتكابها الميليشيات واللجان المحلية المسلحة التابعة لأفرع النظام الأمنية.

وقالت مصادر محلية لـ”القدس العربي” إن الجانب الروسي طالب لجنة التفاوض في درعا البلد، بتسليم 200 قطعة سلاح فردية “ستستخدم للحماية الشخصية”.

المتحدث الرسمي باسم تجمع أحرار حوران أبو محمود الحوراني قال لـ”القدس العربي” إن الجنرال الروسي المعروف باسم “أسد الله” هدد منطقة درعا البلد بتصعيد عسكري بدأ بالفعل بفرض حصار مطبق، وإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية منها إلى مركز المدينة منذ ليلة يوم الخميس، كما حلق صباح الجمعة، الطيران الحربي فوق مدينة درعا وريفها على علو منخفض تهديدا بالتصعيد.

ووفقاً للمتحدث فإنّ رتلاً لميليشيا كتائب الرضوان التابعة لإيران دخل إلى مدينة أزرع مساء الخميس.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إرسالها مقاتلتين عسكريتين من طراز “MIG-31K” قادرتين على حمل صواريخ “كينجال” إلى قاعدة حميميم الجوية في ريف اللاذقية غربي سوريا.

وبحسب ما نقلت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية، عن الوزارة، بدأت، الجمعة، تدريبات مشتركة بين القوات البحرية الروسية والقوات الجوية في البحر الأبيض المتوسط، وبأمر من القيادة، ستشارك “MIG-31K” بتلك التدريبات في سوريا.

ووفقًا للوكالة، انتهت روسيا في أيار/ مايو الماضي، من إعادة بناء المدرج الثاني في قاعدة حميميم، وبفضل ترميمه الجيد يمكن لروسيا الآن استخدام جميع أنواع الطائرات.

القدس العربي»

————————————

سورية: تفاوض بالنيران وسط استحقاقات ثلاثة/ عماد كركص

يدخل الملف السوري منعطفاً جديداً، قبيل استحقاق موعد انتهاء آلية إدخال المساعدات الأممية إلى سورية، والرغبة الدولية بتجديدها، وسط معارضة من روسيا، التي ستحاول اللعب بهذه الورقة حتى النهاية، لتحصيل مكاسب سياسية على الطاولة وربما في أرض الميدان. وبدأت موسكو، عبر قوات النظام السوري والمليشيات التي تدعمها في إدلب، التصعيد بنيّة إيصال رسائل حازمة للدول الغربية، الداعمة لآلية إدخال المساعدات، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي استنفرت جهوداً دبلوماسية غير مسبوقة لدعم تجديد الآلية.

غير أن تجديد آلية إدخال المساعدات إلى سورية من عدمه، لن يكون الاستحقاق الآني الوحيد على الأجندة السورية وبين الفاعلين الرئيسيين في الملف السوري من إقليميين ودوليين، إذ حددت وزارة الدفاع الروسية نهاية الأسبوع الأول من الشهر المقبل موعداً لعقد جولة جديدة من مسار أستانة، الذي تقوده موسكو، بالشراكة مع طهران وأنقرة كضامنين لكل من النظام والمعارضة. وسعت روسيا ولا تزال لتكريس المسار كبديل عن المسارات الأممية للحل السوري، من دون تفاعل غربي. وغالباً ما كانت موسكو تلجأ للتصعيد قبيل كل جولة من جولات هذا المسار، لا سيما في إدلب، المنطقة الوحيدة المتبقية، بأجزاء منها تحت سيطرة المعارضة، بدعم تركي.

أما الاستحقاق الثالث، فسيكون محط الأنظار يوم الأربعاء المقبل، حين سيجتمع وزراء خارجية دول التحالف الدولي ضد الإرهاب في إيطاليا، والذي يُتوقع أن يولي الملف السوري أهمية في بيانه الختامي ومخرجاته، لا سيما بدعم آلية تجديد المساعدات وتثبيت وقف إطلاق نار شامل في البلاد. وبين كل تلك التجاذبات التي تمتزج فيها الجوانب الإنسانية بالسياسية والعسكرية، سيكون التفاوض بالنيران سيد الموقف، في حين يبقى المدنيون في سورية تحت رحمة المخرجات عند كل استحقاق، يدفعون، من خلال تنافر وتنافس القوى فيه، مزيداً من الأرواح والدماء.

وفي خضم هذه الاستحقاقات، تسود علاقة من التوتر على ما يبدو بين أنقرة وموسكو حيال الملف السوري والوضع في إدلب تحديداً، لا سيما بعد لجوء روسيا للتصعيد المكثف في الفترة الأخيرة. غير أن هذا التصعيد، والذي يتوقع بعض المحللين أن يكون مقدمة لتقدم عسكري جديد للنظام وحلفائه في إدلب، قابلته أنقرة بحزم أكثر من ذي قبل، حين كانت إدلب تشهد تصعيداً مماثلاً، فقد رد الجيش التركي على مصادر القصف، موقعاً إصابات مباشرة في صفوف وعتاد قوات النظام والمليشيات المساندة له، في رسالة تبدو واضحة للروس، أن التهاون السابق لن يكون حاضراً اليوم.

ويبدو أن أنقرة تحظى بدعم غربي، لا سيما بعد لقاء الرئيس رجب طيب أردوغان بنظيره الأميركي جو بايدن على هامش قمة دول حلف الشمال الأطلسي، إذ تذهب المؤشرات إلى دعم الحلف والولايات المتحدة على وجه الخصوص للخيارات التركية في إدلب، ضد طموحات النظام وروسيا، والسعي نحو مزيد من التمدد وتوسيع رقعة السيطرة في إدلب ومحيطها. وتطلب التصعيد في إدلب، إجراء اتصال هاتفي بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مساء أول من أمس الخميس. وتمحور الحديث حول إعادة ضبط الوضع في إدلب والحفاظ على وقف إطلاق النار من الانهيار، وبالتالي التهدئة من التصعيد والتصعيد المتبادل بين طرفي، أو أطراف القتال هناك. غير أن تلك المكالمة كانت تجرى على وقع استهداف مدفعية قوات النظام أحياء سكنية في مدن وبلدات جنوب إدلب، لا سيما أريحا ومحيطها.

وفي حين يُعتبر تجديد آلية إدخال المساعدات إلى سورية، محوراً رئيسياً في الاستحقاقات الثلاثة، فإن الضغط الروسي على الأرض سيكون حاضراً قبلها جميعاً، مع توقع بأن تزداد حدته بالتزامن مع انعقاد كل منها. ففي حين احتدم النقاش في جلسة مجلس الأمن، يوم الأربعاء الماضي، والتي تناولت مسألة تجديد الآلية بمطالبات غربية، فإن المندوب الروسي في المجلس جابه تلك المطالب باتهام إدلب باحتضانها للإرهاب، ما يعني استمرار الاستخدام الروسي لهذه الورقة لرفض تجديد الآلية، أو تحصيل مكاسب سياسية أو ميدانية في مقابلها.

ويشدد الروس على أن المساعدات يجب أن تدخل حصراً عن طريق المعابر التي تقع تحت سيطرة النظام، وإلا فإن دخولها من معبر خارج عن سيطرته يعتبر انتهاكاً للسيادة. وكانت روسيا قد طالبت قطر وتركيا في اجتماعات احتضنتها العاصمة القطرية الدوحة، في مارس/ آذار الماضي، بإدخال المساعدات عبر معابر النظام، أو مرورها من إدلب نحو مناطق النظام، بفتح معابر داخلية بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة، الأمر الذي كان محط مساومة ورفض تركي وقطري بإحداث خرق في ملف المعتقلين لدى النظام، والتشديد على أن تسليم تلك المساعدات لا تكون للجهات التابعة لحكومة النظام وإنما المنظمات الإنسانية الدولية العاملة في مناطق سيطرة النظام، ولمعرفة الطرفين التركي والقطري أن الرغبة الروسية تكمن في فتح المعابر الداخلية لتحقيق انتعاش اقتصادي في مناطق سيطرة النظام من خلال الاستفادة من التبادل التجاري، ودخول القطع الأجنبي إلى مناطقه، لتفادي انهيار جديد لليرة السورية. وفشلت روسيا في ثلاث مناسبات بفتح معابر داخلية بين مناطق سيطرة النظام والمعارضة في الشمال الغربي من البلاد، وسط إدراك المعارضة وحلفائها لما ستقدمه تلك المعابر من فائدة اقتصادية ومالية مهمة لبنية النظام المتهالكة.

بالنسبة لمسار أستانة، والمقرر عقد جولة جديدة (16) منه بين 6 و8 من الشهر المقبل، فقد طلب المتحدث الرسمي باسم وفد المعارضة إلى المسار أيمن العاسمي التريث في تناول جدول الأعمال، وما هي المواضيع التي ستكون محط البحث في الجولة، وذلك لكون الوقت مبكراً للحديث عنها. لكنه أشار، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن وفد المعارضة سيذهب إلى الجولة بالتركيز على مسألة تمديد آلية إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى، الحدودي مع تركيا من جهة إدلب، ومحاولة إعادة طرح فتح معبرين آخرين جرى إغلاقهما سابقاً أمام المساعدات الأممية، وهما اليعربية على الحدود العراقية – السورية، وباب السلامة عند الحدود السورية – التركية من جهة حلب. وأشار إلى أن قضية المعابر ووقف التصعيد سيكونان مطلبين رئيسيين للمعارضة، مؤكداً التنسيق مع “الحليف” التركي حيال ذلك، مع وعود تركية بأن أنقرة ملتزمة بحماية المنطقة (بالإشارة إلى إدلب) والمدنيين فيها.

أما على مستوى اجتماع وزراء خارجية دول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، في إيطاليا الأربعاء المقبل، فقد نقل الدبلوماسي السوري السابق بسام بربندي خمسة بنود حول سورية، ستتضمنها النقاشات في الاجتماع، وستكون في صلب بيانه الختامي، بحسب معلومات لديه. وأشار إلى أن تلك البنود تتعلق بـ”ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية”، و”إغلاق ملف المعتقلين الأجانب في معسكر الهول (مخيم شمال شرق سورية)”، و”ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في كل سورية”، و”دعم الشريك المحلي الكردي والعربي (للتحالف) في محاربة الإرهاب”، بالإضافة لـ”دعم مشاريع دعم الاستقرار”.

وعن هذه البنود، قال بربندي، في حديث مع “العربي الجديد”، إن “التصعيد الروسي في إدلب قبل الاستحقاقات، يحمل رسائل للغرب، بأن بإمكاننا خلق أزمة نازحين ولاجئين جديدة، وبالتالي لعب هذه الورقة لتحقيق مكاسب سياسية”. وحول التركيز الأميركي على الملف الإنساني في سورية، منذ وصول بايدن للسلطة وإهمال الجوانب السياسية نوعاً ما، أشار بربندي إلى أن “الملف الإنساني يُسهل الضغط بالنسبة لواشنطن، لا سيما أنه لا يمكن لأحد معارضة دعم الناس وإيقاف المأساة، وهو متعلق بمنهجية بايدن بدعم الحريات وحقوق الإنسان، وهو توجه عموم الإدارة الديمقراطية”. ورأى أن الشق السياسي فيما يخص سورية، لا سيما بالنسبة للولايات المتحدة أخيراً، بات مرتبطاً بصفقة مع إيران لا يعرف ماهيتها، لكن من المؤكد أن المفاوضات بين واشنطن وطهران حول الملف النووي الإيراني، ستفضي إلى بعض ملامحها، بحسبه.

العربي الجديد

——————————–

===========================

تحديث 27 حزيران 2021

—————————–

سوريا.. روسيا تغلق باب الهوى/ بشير البكر

تعرف روسيا من أين توجع السوريين، وباتت المساعدات الإنسانية ورقة ثمينة بيدها. ومن صيف لآخر تعاود لعب ورقة المعابر، التي تشكل ممرات للمساعدات التي يتلقاها عدة ملايين في شمال غربي سوريا. وفي كل سنة تغلق معبراً أو أكثر من دون أن تقف بوجهها قوى دولية أو أمم متحدة ومنظمات حقوق الإنسان. وهكذا، منذ بدء الثورة السورية تمارس موسكو دور محامي النظام في المحافل الدولية إلى حد توفير مظلة لتغطية كل الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري، ومن ذلك حرب التجويع، وسرقة المساعدات الإنسانية من ملايين من المهجرين.

وفي الحادي عشر من الشهر المقبل يجتمع مجلس الأمن الدولي، من أجل مناقشة تجديد الآلية الدولية المعمول بها لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا من المعبر الوحيد الباقي على قيد العمل، باب الهوى. وبدأت موسكو تلوح بمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة بإرسال المساعدات. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده سوف تستخدم الفيتو ضد القرار في اجتماع مجلس الأمن، ينص على التمديد للآلية الحالية المعمول بها لمدة عام آخر. وفي وقت كانت التقديرات تشير إلى أن الاجتماعات الأميركية الروسية على مستوى عال خلال الشهرين الأخيرين قد انتهت إلى اتفاق حول هذه المسألة، استبق لافروف اجتماع المجلس ووجه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نشرتها وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية، وأبدى إصراره على “تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع داخل البلاد”. وألمح إلى أن روسيا ستمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة للمعبر الحدودي الوحيد، أي “باب الهوى”، الذي ينتهي في 10 من تموز. وهذا يعني من الناحية العملية تسليم المساعدات الدولية للنظام كي يقوم بتوزيعها.

لافروف البارع في قلب الحقائق، قال إن موسكو تشهد منذ نيسان 2020، محاولات متواصلة لعرقلة وصول قوافل مساعدات إنسانية مشتركة من قبل الأمم المتحدة و”اللجنة الدولية للصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر العربي السوري” إلى شمال غربي إدلب من دمشق، من قبل “هيئة تحرير الشام”، وبالتواطؤ مع أنقرة. وأضاف أن “المعلومات التي تشير إلى خطوات إيجابية لتركيا لا تتمتع بإثبات واقعي”. وتهدف مطالعة الوزير الروسي إلى تمييع القضية الأساسية، ورمي عدد من الكرات في ملاعب مختلفة كي يجد مبررات للسياسة الروسية التي تعمل بلا كلل من أجل إعادة تعويم النظام. وتدرك موسكو أن ثمن ورقة المساعدات يرتفع كلما اقترب أجل انتهاء المهلة، وازداد عدد المطالبين بتجديد الآلية الحالية، لاسيما واشنطن وأنقرة. ولذلك كانت هذه النقطة على جدول أعمال المباحثات الروسية الأميركية التي انعقدت مع مسؤولي الإدارة الجديدة، بداية في اجتماع لافروف مع نظيره الأميركي أنطوني بلينكن في 20 من أيار الماضي، وتلاه بيان عن الخارجية الأميركية، قال إن بلينكن شدد خلال لقائه لافروف على “ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوري”. وشكلت المساعدات نقطة أساسية على جدول أعمال قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين التي انعقدت في جنيف في السادس عشر من الشهر الجاري.

وأوضح بايدن خلال مؤتمر صحفي عقب اللقاء، أنه أكد لبوتين الحاجة الملحة للحفاظ على الممرات الإنسانية، وإعادة فتح المعابر المغلقة في سوريا، لإدخال “مجرد طعام بسيط، وضروريات أساسية لمن يتضورون جوعًا حتى الموت”، بحسب تعبيره. ووفق الصحافة الأميركية فإن هذه النقطة محك للعلاقات الروسية الأميركية، وفي حال نفذت روسيا وعدها، فإن واشنطن سوف تذهب إلى بدائل لإدخال المساعدات، وإذا ما حصل ذلك فهو يشكل محاولة لمواجهة الابتزاز الروسي، وتصحيحا للوضع الراهن الذي ساد في السنوات الماضية، وهو يقوم على الاستيلاء على المساعدات الإنسانية واستخدامها في الحرب الداخلية، ومن المعروف أن سلاح التجويع هو أحد أمضى الأسلحة التي استخدمها النظام خلال السنوات الماضية.

ورقة المساعدات ذات بعدين. البعد الأول من أجل الاستخدام الداخلي. والثاني هو للمساومة وابتزاز الأطراف الدولية الحريصة على إيصال مساعدات إلى جزء من الشعب السوري، حيث لم يعد لديها سوى هذه الدور لمساعدة السوريين بعد الإخفاق في فرض حل سياسي، وتأمين حماية دولية من القتل ووقف التهجير القسري وإعادة المهجرين إلى بيوتهم. وحسب منظمة هيومن رايتس ووتش كان هناك نحو 13 مليون سوري يحتاجون المساعدة الإنسانية في أوائل 2021. ويعتمد معظم سكان شمال غربي سوريا البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة، بمن فيهم ما لا يقل عن 2.6 مليون نازح، على المساعدات الإنسانية، وحتى منتصف نيسان، وصلت نحو 55 ألف جرعة من لقاحات فيروس كورونا إلى المنطقة الشمالية الغربية عبر تركيا. وقالت الأمم المتحدة إنه من غير الواضح كيف ستصل اللقاحات إلى المنطقة إذا لم يُجدد مجلس الأمن تفويض معبر باب الهوى، المتنفس الأخير لملايين السوريين المهجرين قسراً.

تلفزيون سوريا

——————————-

سوريا: باب الهوى مغلق أمام المساعدات الإنسانية ماذا بعد؟/ منهل باريش

حسم وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف موقف بلاده من قضية تجديد الآلية الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا. توضح الموقف الروسي الرسمي في عدة تصاريح لقائد الدبلوماسية الروسية، أهمها، الرسالة التي وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، نشرتها وكالة «أسوشتد برس» عبر فيها عن عدم رضا بلاده على تقارير الأمم المتحدة حول عدم وجود بديل لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا، دون عبورها من تركيا إلى داخل الأراضي السورية. مؤكدا «إصرار موسكو على إمكانية تسليم المساعدات عبر خطوط النزاع داخل البلاد». مشيراً إلى أن روسيا ستمنع تجديد تفويض الأمم المتحدة للمعبر الحدودي الوحيد، أي باب الهوى، الذي ينتهي في 10 تموز (يوليو) المقبل.

في السياق، اتهم هيئة «تحرير الشام» بعرقلة متواصلة لقوافل المساعدات الإنسانية المشتركة للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري إلى شمال غرب إدلب من دمشق. مضيفا ان العرقلة تجري «بالتواطؤ مع أنقرة» واصفا «المعلومات التي تشير إلى خطوات إيجابية لتركيا لا تتمتع بإثبات واقعي، وان محاولات العرقلة ترصدها موسكو منذ نيسان (أبريل) 2020 أي بعد توقيع اتفاق موسكو بين الرئيسين بوتين وتركيا في 5 آذار (مارس) 2020.

قبل ذلك، عبر لافروف، الاثنين، خلال لقائه الأمين العام لمنظمة «الأمن والتعاون» في أوروبا، هيلجا شميد، عن إمكانية مناقشة الوضع الإنساني في سوريا، وأبلغه عن شرط بلاده لمناقشة الوضع الإنساني في سوريا، وهو إدراك الدول الغربية «جميع المشكلات الحقيقية القائمة هناك، والمسؤولية التي تتحملها أوروبا هناك».

الموقف الروسي لم يكن مفاجئا، على الإطلاق، فهو يأتي متسقا مع هدفها الرئيسي والمعلن في «استعادة الحكومة السورية سيادتها على كامل أراضي الجمهورية» سواء بالحرب أو بالدبلوماسية. حيث خاضت روسيا في مجلس الأمن حروبا دبلوماسية عطلت عددا كبيرا من قرارات مجلس الأمن، مستخدمة حق النقض الدولي «الفيتو».

في الإطار الإنساني، استخدمت روسيا الفيتو، في الأول من كانون الثاني (يناير) 2020 لإجبار المجلس على تبني قرار تخفيض أعداد نقاط العبور الحدودية لتوصيل المساعدات من أربع إلى نقطتين مع تركيا، هما باب السلامة شمال حلب، المواجه لولاية كيليس، وباب الهوى المواجه لولاية هاتاي، حدد مجلس الأمن مدة العمل بالقرار ستة أشهر فقط، انتهت في تموز (يوليو ) 2020. والجدير بالذكر ان القرار فرضته روسيا تماشيا مع عمليتها العسكرية في أرياف حماة الشمالية وإدلب الشرقية والجنوبية وجنوب محافظة حلب. ورغم شدة القصف الجوي وعمليات التهجير الكبير لم تستطع أمريكا ودول الاتحاد الأوربي والدول العربية المساندة للثورة السورية فعل أي شيء، بل أتى القرار بمثابة نصر سياسي مترافق مع هزيمة المعارضة المسلحة وتركيا على الأرض.

في تموز(يوليو) 2020 انتهت الستة أشهر، ورفضت موسكو تجديد القرار ورفضت كل المقترحات التي قدمتها الدول وعلى رأسها الكويت والسويد، نهاية الأمر، وافقت على مشروع قرار قدمته ألمانيا وبلجيكا، ينص على فتح معبر إنساني واحد، هو باب الهوى، في حين اغلق معبر باب السلامة، ويعتبر الأخير نقطة المساعدة الرئيسية لمنطقة «درع الفرات» وعفرين، وأجبر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» اعتماد طريق أطول لإيصال المساعدات إلى عفرين و»درع الفرات».

ودفع إغلاق معبر اليعربية أن تقوم «أوتشا» بتحويل المساعدات لمناطق شرق سوريا القادمة من العراق لتصبح عبر مكتب دمشق حصرا، وهو ما تسعى له روسيا والنظام السوري، فيجعل الأخير يتحكم بتوزيعها بشكل كبير ويتدخل بسياسة توزيعها، خصوصا مع الفشل الكبير لعمل المكتب الإنساني من دمشق في ملفات المناطق المحاصرة كالغوطة الشرقية وداريا ومضايا والزبداني، وعدم تمكنها من العمل بحرية بسبب تدخل أجهزة المخابرات السورية، فعانت المناطق من الجوع وتسبب نقص الغذاء بسوء تغذية للأطفال وخلف أمراضا كثيرة، إضافة إلى منع الأدوية والمعدات الطبية اللازمة لغرف العمليات والعناية المركزة. وحصل الأمر ذاته في حمص القديمة وحي الوعر وريف حمص الشمالي ولو بدرجة أقل نسبياً.

من جهة أخرى، تفتقد الإدارة الامريكية لأي خطة بديلة أمام الفيتو الروسي، منذ بدء الهجوم في منطقة خفض التصعيد الرابعة (إدلب وجوارها) تحديدا على ريف حماة الشمالي نهاية نيسان (ابريل) 2019 . فقد أدت العمليات الحربية التي شنها النظام وروسيا أولا، ثم التحقت بهم إيران، إلى تهجير ما يزيد عن مليون شخص حسب إحصائيات الأمم المتحدة نفسها. ومع استمرار الهجوم مدة عشرة أشهر، دون توقف، حاصرت قوات النظام على أثره أغلب نقاط المراقبة التركية. اقتصر رد الفعل الأمريكي على إدانة الهجوم، وزيارة وصفت كدعم سياسي من واشنطن لأنقرة، لكنها حقيقة أقرب للزيارة السياحية، قام بها وفد، ضم المندوبة الأمريكية السابقة في مجلس الأمن، كيلي كرافت، رافقها المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري والسفير الأمريكي لدى أنقرة، ديفيد ساترفيلد، اطلعوا خلاله على سير توزيع المساعدات الإنسانية والتقطوا صورا للذكرى مع عمال الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء». في وقت التقاط الصور التذكارية للدبلوماسية الأمريكية ومرافقيها أصبحت قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية على مشارف بلدة الأتارب بعد سيطرتها على فوج القوات الخاصة شرق البلدة «الفوج 46» على بعد لا يتجاوز 17 كم من الوفد الأمريكي الذي كان يبتسم للكاميرا. في تلك الأثناء رفضت واشنطن تقديم دعم حقيقي طلبته أنقرة رسميا من الناتو، وهو ما دفع الرئيس اردوغان إلى السفر مسرعا لمقابلة بوتين في موسكو، وتخليه عن شعار عودة النظام إلى حدود منطقة «خفض التصعيد» أو ماعرف بشعار «ما بعد مورك» لدى السوريين المهجرين أي عودة النظام إلى حدود اتفاق سوتشي.

مؤخرا، تشير تصريحات مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى المنظمة الأممية، السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، عقب انتهاء جلسة النقاش حول تفويض الأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر الحدود، إلى إقرار بالهزيمة أمام روسيا وعدم مقدرة مجلس الأمن للتوصل إلى تسوية بشأن التفويض، حيث أشارت إلى «مواصلة واشنطن العمل مع روسيا من أجل المحافظة على معبر باب الهوى، شمال إدلب، مفتوحاً بعد انتهاء تفويض آلية إدخال المساعدات إلى سوريا في 10 تموز/يوليو المقبل». وقالت المندوبة صراحة أنه «لا توجد لدينا خطة بديلة لإدخال المساعدات إلى سوريا في حال استعمال الفيتو من قبل روسيا». موضحة ان «الخطة (ب) هي الاستمرار في الضغط من أجل تمديد التفويض، وتلك الخطة تعني أننا قد فشلنا، ونأمل ألا نفشل».

ميدانيا، بدأ النظام السوري حملة قصف مدافع وراجمات الصواريخ على منطقة جبل الزاوية، جنوب طريق حلب- اللاذقية/ M4 رصدت «القدس العربي» أو عمليات القصف في 26 أيار (مايو) تزامناً مع مسرحية الانتخابات الرئاسية السورية التي أعلنها النظام، ومع مرور شهر على بدء القصف بدأ المهجرون في الشمال السوري يتخوفون جديا من عملية عسكرية جديدة. خصوصا ان بيان الكرملين حول الاتصال الهاتفي بين بوتين واردوغان، الخميس، يؤكد على «مكافحة التشكيلات الإرهابية المتبقية في هذه المنطقة». وتدلل التجارب على غلبة التفسير الروسي مقابل التفسير التركي، أضف أن موسكو بدأت تستشعر الرغبة الأمريكية بمحاولة تعويم تنظيم «تحرير الشام» ووجود من يفتح أذنيه مصغيا إلى رسائل ابي محمد الجولاني في واشنطن. إلا انه ليس السبب الحاسم في مصير إدلب، فمصيرها بالنسبة للروس هو بالعودة إلى حظيرة النظام فقط ولا توجد رؤية روسية مخالفة لذلك، حتى الآن.

أخيرا، وبعيدا عن احتمال العمليات العسكرية وتغير خرائط السيطرة، يتعين على المعارضة السورية الرسمية العمل على البحث في طريقة حل المسألة الإنسانية لنحو أربعة ملايين في الشمال السوري، أغلبهم من المهجرين قسريا، من الضروري البحث مع الدول الداعمة للشعب السوري في قضية انشاء آلية خاصة بعيدا عن مجلس الأمن الدولي.

في الاطار نفسه، علق رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني لـ» القدس العربي» قائلا «هناك ضرورة عدم اعتبار التدخل الإنساني وغير المنحاز الذي يقوم به مكتب الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أمرا غير قانوني أو خرقا لسيادة الدول التي تنهب المساعدات».

ان إمكانية خلق الية استجابة إنسانية أمر ليس جديدا على الإطلاق في الأزمات، ويمكن خلق آلية تشرف عليها وتقودها أمريكا، انطلاقا من تركيا والعراق من أجل تجاوز مسألة وصول النظام إلى شرق سوريا وشمالها عبر بوابة الدعم الإنساني وتحكمه بتلك المناطق، فخطورة المسألة ليست في التحكم المباشر بصناديق الإغاثة، بل بما سيؤدي إلى عملية تطبيع سياسي بين النظام وسلطات الأمر الواقع والمنظمات الإغاثية ومنظمات المجتمع المدني المعارضة من جهة أخرى.

القدس العربي

————————-

إدلب تتلقى البضائع السورية بحراً..بعدما أقفل فساد النظام البر/ محمد كساح

يلجأ تجار سوريون لتمرير بضائعهم من دمشق نحو إدلب من خلال شحنها عبر البحر. وعلى الرغم من أن المسافة البرية بين المنطقتين لا تتجاوز 300 كيلو متر؛ إلا أن واقع الحرب السورية يجعل المشهد الاقتصادي أكثر تعقيداً.

وتبدأ رحلة البضائع بين المنطقتين السوريتين من شحنها إلى خارج الأراضي السورية باتجاه لبنان براً، ثم من مرفأ بيروت نحو مرفأ مرسين بحراً، وتنتهي الرحلة الطويلة والمكلفة عبر البر من مرسين وحتى معبر باب الهوى باتجاه إدلب.

وشكل التشديد الأمني على طرقات التهريب بين مناطق سيطرة النظام وإدلب التي تخضع لنفوذ المعارضة عائقاً كبيراً أمام تمرير البضائع. وعلى مدى سنتين كانت هذه الطرقات غير الشرعية هي البديل عن المعابر التي كانت مفتوحة بشكل نظامي بين الطرفين، لكنها أغلقت تباعا على خلفية العملية العسكرية التي شنتها قوات النظام منتصف العام 2019 وأدت إلى توقف معابر مورك، والراشدين، والمنصورة، والعيس.

رحلة طويلة

يعمل خط الشحن البحري في اتجاه واحد (من دمشق نحو إدلب)، ويعد الأقل خطورة لأن كل ترتيبات شحن البضائع تتم بشكل نظامي لكن شركات الشحن تشتكي من الكلفة العالية.

أدخلت شركة “عنداني للشحن” شحنات ألبسة مصنعة في دمشق إلى إدلب ما أتاح لسوق الألبسة في منطقة المعارضة الحصول على احتياجاته من الملابس السورية التي يفضلها الزبائن أكثر من الملابس التركية المستوردة.

يقول علاء عنداني المسؤول في الشركة ل”المدن”، إن عملية الشحن بحراً تستغرق مدة تتراوح بين 10 وحتى 15 يوماً. وعلى الرغم من المسافة الطويلة التي تقطعها البضاعة (تتجاوز ألف كيلو متر) تتميز العملية بكونها دون مخاطر، لكن الشركة لا تشحن كل السلع، خاصة الشاي والمتة ومنتجات الألبان والفروج والأغنام والقمح والحبوب، بسبب حظر النظام تصديرها.

بينما تؤكد شركات سفريات وشحن ل”المدن”، أن هناك صعوبة بالغة على الطريق البري بين المعارضة والنظام لدرجة أنهم يلجؤون لتسيير رحلات اضطرارية للمسافرين تستغرق وقتاً طويلاً قد يتجاوز أسبوعاً كاملاً. أما شحن البضائع عبر هذه الطرقات فهو غير ممكن في الوقت الراهن.

تجارة ال”لا قانون”

يعتقد المستشار الاقتصادي جلال بكار أن الغرض من لجوء تجار سوريين لشحن البضائع عن طريق البحر هو تخفيض مخاطر إرسال البضائع بشكل عام. ويشير ل”المدن”، إلى أن المستفيد الأكبر من وضع عراقيل أمام التبادل التجاري البري الذي يعد أقل كلفة هي المليشيات على الأرض التي يوجهها النظام وشركاؤه.

ويعزو بكار وجود آلية معقدة في التبادل التجاري بين المقاطعات السورية المتباينة السيطرة إلى الفساد الحكومي العميق داخل النظام السوري الذي قاد إلى تجارة ال”لا قانون” التي تعد المسيطرة حاليا على كامل الاقتصاد.

ويضيف أن ما يحصل في سوريا هو “حرب عصابات مرخصة دولياً تعمل لأكثر من طرف دولي وبرضا الجميع”. ويتابع أن ما يحدث عبارة عن حروب اقتصادية مستهدفة لأمن الاستثمار. ويقول: “لا يوجد مناخ استثماري لا على مستوى الفرد أو الدولة يمكن أن تنتج قرارات واضحة ذات أمن اقتصادي يمكن أن يستفيد منها الجميع”.

النموذج السوري -وفقا لبكار- ليس حالة مؤقتة يمكن أن تنتهي قريباً بل سيبقى الاستمرار في تطبيق هذا النموذج لفترة طويلة وستزداد معاناة السوريين. ومن دون حل سياسي لن تنتهي هذه المعاناة.

—————————-

المفتاح بيد روسيا”.. مشروع قرار يدعو لمساعدة السوريين عبر معبرين

قدمت إيرلندا والنرويج مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى مساعدة السوريين داخل البلاد، من خلال معبرين الأول هو “باب الهوى” والثاني “اليعربية” الذي يصل مع العراق.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى جلسة مجلس الأمن المرتقبة، والتي سيتم التصويت فيها على قرار لتمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها في سورية.

وذكرت وكالة “أسوشيتد برس“، اليوم السبت أن مشروع القرار الإيرلندي- النرويجي تم تسليمه إلى مجلس الأمن يوم أمس الجمعة.

وقالت إنه يسمح بإيصال المساعدات عبر حدود تركيا والعراق، “لكن روسيا الحليف الوثيق للنظام السوري تمتلك المفتاح لتبنيه”.

ويُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر “باب الهوى”، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرق سورية عبر العراق.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد انتقدت سريعاً هذا المشروع في موقف نادر الحدوث لواشنطن حيال حليفين أوروبيين لها، لأنه لا يسعى إلى اعتماد معابر حدودية جديدة، غير “باب الهوى” و”اليعربية”.

وقالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد في بيان لاذع أمس: “أستمر بالدعوة إلى إعادة تفويض معبر باب الهوى، واعتماد مجدداً معبري باب السلامة واليعربية للمساعدات الإنسانية”.

وعبرت غرينفيلد عن أسفها لفحوى المشروع الأوروبي الذي وافقت عليه الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس.

وتصر موسكو منذ بداية العام الحالي على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.

كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن يناقش خبراء مجلس الأمن القرار الإيرلندي- النرويجي المقترح مطلع الأسبوع المقبل.

وكانت روسيا والصين استخدمتا، العام الماضي، حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ألماني بلجيكي، ينص على تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة وباب الهوى.

لكن بعد مفاوضات، وافقت روسيا على دخول المساعدات عبر نقطة حدودية واحدة فقط هي معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.

——————————–

الأمم المتحدة تحذر من كارثة في حال تعذر وصول المساعدات لشمال غرب سوريا

قال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، كريستيان ليندماير، في حديث صحفي في مدينة جنيف، نقلته وكالة رويترز “إن عدم تجديد عمليات المساعدات عبر الحدود إلى سوريا والتي تنتهي الشهر المقبل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة، وتحديدًا في المنطقة التي يسيطر عليها معارضون للنظام السوري في شمال غرب البلاد”، وأضاف ليندماير “إن فشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في تجديد التفويض لمدة عام بتاريخ 10 تموز/يوليو سيجعل من المستحيل توصيل اللقاحات إلى اللاجئين وخاصة في المناطق الحدودية، بما في ذلك لقاحات  كوفيد-19”. وأشار الناطق الأممي إلى أن “استجابة الأمم المتحدة على نطاق واسع ولمدة 12 شهرًا إضافية تظل ضرورية لإنقاذ الأرواح”. وأضاف أن “عدم تجديد تفويض الأمم المتحدة لعبور ونقل المساعدات عبر الحدود سيقلص بشكل كبير العمليات الإنسانية المركزية ويغرق شمال غرب سوريا في كارثة إنسانية أخرى”.

shareيبقى استخدام موسكو لحق النقض/الفيتو في مجلس الأمن والموقف الصيني الداعم عادة للتوجه الروسي أبرز عائق أمام ضمان وصول المساعدات الإنسانية لشمال غرب سوريا

هذا ويعتمد ملايين الأشخاص على المساعدات التي تمر حاليًا من تركيا مباشرة إلى شمال غرب سوريا، وذلك بترتيب سمح به مجلس الأمن الدولي. في المقابل، ترى موسكو، التي تتمتع بحق النقض/الفيتو في مجلس الأمن، وتدعم الرئيس السوري بشار الأسد ضد المعارضة، إنه يمكن إيصال المساعدات إلى شمال سوريا عبر العاصمة دمشق، بحسب ما نقل موقع مترو إنترناشيونال.

وتبقى المواجهة متوقعة الشهر المقبل بين الدول الغربية في مجلس الأمن ممن يؤيدون تجديد تمرير المساعدات عبر المعابر الحدودية شمالي سوريا، وبين روسيا التي سبق أن منعت عمليات سابقة في الماضي لإيصال المساعدات عبر الحدود، بحسب تقرير للأسوشيتد برس. حيث يحتاج القرار إلى 9 أصوات لصالحه، وعدم استخدام حق النقض من أي من الدول الخمس دائمة العضوية وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. وتجدر الإشارة إلى أنه في العقد الماضي، انقسم مجلس الأمن بشأن سوريا، واستخدمت روسيا حق النقض ضد العديد من القرارات المتعلقة بالحرب الدائرة في سوريا، والتي غالبًا ما كانت تدعمها الصين.

ويذكر أن حوالي ألف شاحنة تستخدم معبر “باب الهوى” كل شهر، بغية إيصال المساعدات والأدوية، بما في ذلك لقاحات كورونا، إلى حوالي 2.4 مليون شخص على طول الحدود التركية السورية، أما توقف هذه الإمدادات فيمكن أن يهدد حياتهم ويؤدي فقط إلى مزيد من انتشار الأمراض والوفيات، وفقًا لوكالات الأمم المتحدة. فالجهود المبذولة من المنظمات الإغاثية الدولية لإنشاء طريق إمداد من دمشق لم تنجح ولم تستطع أن تمر أي قوافل مساعدات عبرها طيلة الأشهر الـ11 الماضية، بحسب موقع مترو إنترناشيونال.

وأفادت منظمة العفو الدولية- أمنستي، في تقرير نشرته بتاريخ 25 حزيران /يونيو، بأن أكثر من مليون شخص معرضون لخطر الانقطاع عن الغذاء والماء واللقاحات والأدوية الحيوية المنقذة للحياة. ففي العام الماضي، استخدمت الصين وروسيا حق النقض ضد قرارات مجلس الأمن التي كانت ستسمح بفتح معبرين حدوديين إضافيين، معبر باب السلام في الشمال الغربي ومعبر اليعربية. لذلك فإن معبر باب الهوى يعتبر المعبر الوحيد الحالي والأخير المتبقي لعبور مساعدات الأمم المتحدة ويشكل شريان الحياة الوحيد المتبقي للمدنيين. فيما يقول العاملون في المجال الإنساني في شمال غرب سوريا بأن إغلاق المعبر سيكون له تداعيات مدمرة على السكان في الشمال الغربي السوري حيث تصل هذه المساعدات حاليًا إلى 85% من المحتاجين كل شهر.

وقالت الباحثة السورية في منظمة العفو الدولية، ديانا سمعان “ندعو مجلس الأمن إلى إعادة السماح بوصول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، وإعادة فتح المعابر في باب السلام واليعربية” وأضافت “إنه لأمر مخز أن المواقف السياسية في مجلس الأمن لا تزال تعيق الاستجابة الدولية لواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في عصرنا”.

بينما أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 20 من عمال الإغاثة الذين يقدمون مساعدات إنسانية في شمالي سوريا، وشرح العمال بالتفصيل كيف أدى إغلاق معبر اليعربية الحدودي إلى نقص حاد في المساعدات الطبية والإمدادات، وأشاروا إلى أن تفعيل المعابر الحدودية سيسمح بإيصال مساعدات الإغاثة في الوقت المناسب وبتكلفة معقولة.

كما أشار تقرير المنظمة إلى أنه “يقع على عاتق جميع أطراف النزاع السوري الالتزام بموجب القانون الإنساني الدولي من أجل ضمان الوصول غير المشروط للإغاثة الإنسانية المحايدة للمدنيين المحتاجين، كما يجب على الحكومة السورية ضمان حصول المدنيين في جميع أنحاء سوريا على المساعدات الإنسانية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة”.

وتأتي هذه المطالب وسط سعي النظام السوري وحلفاءه إلى إلى إنهاء آلية نقل المساعدات عبر المعابر الحدودية التي لا تسيطر عليها، والتي أنشأها مجلس الأمن الدولي في عام 2014، وبدلاً من ذلك تطلب بحصر مرور المساعدات عبر العاصمة دمشق بغية التحكم فيها.

وقد سبق أن دعا بيان مشترك صادر عن سبع وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة إلى تجديد تفويض مجلس الأمن للعمليات الإغاثية عبر الحدود من تركيا إلى شمال غرب سوريا. وحذر كل رؤساء الوكالات التي أصدرت البيان، أي كل من منسق الإغاثة في حالات الطوارئ ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية -أوتشا، مارك لوكوك؛ والمدير العام للمنظمة الدولية للهجرة -IOM أنطونيو فيتورينو، والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان -UNFPA، ناتاليا كانيم، وديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي؛ إضافة إلى المفوض السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، وهنرييتا فور، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة -اليونيسف، إلى جانب  المدير العام لمنظمة الصحة العالمية – WHO تيدروس أدهانوم غبرييسوس، من أن “عدم القيام بذلك سيؤدي إلى إيقاف تسليم الأمم المتحدة للغذاء ولقاحات كوفيد-19 والإمدادات الطبية الضرورية والمأوى والحماية والمياه النظيفة والصرف الصحي وغيرها من المساعدات المنقذة للحياة لصالح 3.4 مليون شخص، بما في ذلك مليون طفل” في شمال غرب سوريا.

كما قال البيان إن دخول القوافل الإنسانية أمر “ضروري لتوسيع الاستجابة الشاملة”. على الرغم من الإشارة إلى أنه حتى لو تم إرسال القوافل الإنسانية بانتظام فإنها ومع ذلك  لن تستطيع توفير حجم ونطاق العمليات المطلوبة عبر الحدود، وأنه لا يوجد بديل عن دخولها. وأكد البيان على أن الاستجابة الموسعة للأمم المتحدة عبر الحدود لمدة 12 شهرًا إضافية هي مسألة ضرورية جدًا من أجل تجنب كارثة إنسانية في شمال غرب سوريا.

الترا صوت

————————-

======================

تحديث 29 حزيران 2021

——————————

لا جديد ببيان روما حول سورية والأنظار تتجه إلى جلسة مجلس الأمن الشهر المقبل/ جلال بكور

بينما لم يأت بيان مؤتمر روما بشأن سورية، اليوم الثلاثاء، والصادر عن 19 دولة بجديد على جميع المؤتمرات التي عقدت سابقاً، حيث أعاد التأكيد على نقاط منها أنّ “الحل وفق قرارات مجلس الأمن”، و”ضرورة الحفاظ على وحدة سورية”، يترقب السوريون ما سيؤول إليه اجتماع مجلس الأمن، المرتقب الشهر المقبل، حول تمديد مرور المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى؛ شريان الحياة الرئيسي لشمال غربي سورية الخارج عن سيطرة النظام.

وجاء مؤتمر روما لدول التحالف الدولي ضد “داعش” وحلفاء واشنطن بشأن سورية، قبيل أيام من الجلسة ليؤكد على ضرورة تلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين، وهو ما يشير وفق مراقبين إلى رغبة من الإدارة الأميركية الجديدة بحشد حلفائها في مواجهة موسكو والضغط في الملف السوري، قبيل عقد جلسة مجلس الأمن، في 10 يوليو/تموز المقبل، لبحث قرار تمرير المساعدات الإنسانية عن طريق معبر باب الهوى وهو ما قد يواجه بـ”فيتو” روسي جديد.

ولم يحمل البيان المشترك الذي أصدرته 19 دولة على هامش الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” في روما، رسائل جديدة أو مختلفة.

وشارك في الاجتماع، وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وإيطاليا وكندا ومصر وفرنسا وألمانيا واليونان والعراق وأيرلندا واليابان والأردن ولبنان وهولندا والنرويج وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، وممثلون عن جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

وقال وزراء خارجية الدول 19 المشاركون في الاجتماع، في بيانهم الختامي، إنهم ملتزمون بمواصلة العمل للوصول إلى “حل سياسي موثوق به ومستدام وشامل في سورية، استناداً إلى القرار الأممي 2254″، كما أكدوا على “وحدة سورية وسلامة أراضيها”.

ورأى الوزراء أنّ ما سبق “هو الحل الوحيد الذي سينهي الصراع السوري الذي دام عقداً من الزمن ويضمن أمن الشعب السوري ويحقق تطلعاته”، مشددين على “الأهمية الحاسمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية، بما في ذلك المساعدة المنقذة للحياة والاستجابة لوباء كورونا لجميع السوريين المحتاجين وبكل الطرق الممكنة، بما في ذلك من خلال توفير وتوسيع آلية الأمم المتحدة عبر الحدود التي لا يوجد بديل مناسب لها”.

وشدد بيان روما أيضاً على “أهمية استمرار الدعم للاجئين السوريين والدول المضيفة إلى أن يتمكن السوريون من العودة طواعية إلى ديارهم بأمان وكرامة بما يتماشى مع معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.

في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، إنّ “السبيل الوحيد للتسوية السياسية في سورية هو التصالح والسلام والبدء في البناء”، وفق ما نقلته وسائل إعلام.

وأكد، خلال مشاركته في مؤتمر روما بشأن سورية، على أنّ “هناك حاجة للسعي إلى سلام دائم ووقف إطلاق النار وإيصال المساعدات بشكل آمن في سورية”.

وجاء تصريح بلينكن في حين تواصل قوات النظام السوري، بدعم من روسيا، خرق اتفاق وقف إطلاق النار في شمال غرب البلاد، وتمنع عودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم، وذلك يثير تساؤلات عن مقصد الوزير من وقف إطلاق نار مستدام.

وفي الشأن، قال مدير المكتب السياسي في “فرقة المعتصم” المنخرطة في صفوف “الجيش الوطني السوري” المعارض، مصطفى سيجري، في حديث لـ”العربي الجديد”، إنّ البيان الختامي الداعي لتطبيق القرارات الأممية وبيان جنيف 2254، والعمل على استمرار تدفق ووصول المساعدات والدعم الإنساني إلى الشعب السوري “مرحّب به، أما بالنسبة لحديث بلينكن فهذا يحتاج لتوضيحات”.

وشدد سيجري على “ضرورة توضيح أنّ المشكلة في سورية ليست خلافاً سياسياً ولا حرباً أهلية، إنما ثورة شعب ضد إرهاب الدولة المنظم ومليشيات بشار الأسد وإيران وروسيا. ونرفض أي محاولة من شأنها مساواة الجلاد بالضحية”.

وعن تأثير المؤتمر على جلسة مجلس الأمن المرتقبة، رأى سيجري أنّ “المؤتمر أعلن موقفاً ثابتاً تجاه استمرار تدفق المساعدات من قبل المجتمع الدولي ورفضاً لمحاولات الروس”، معتبراً أنّ “الرفض الروسي المسبق يأتي في إطار رفع السقف التفاوضي مع المجتمع الدولي ومع الولايات المتحدة الأميركية على وجه الخصوص في محاولة لتحصيل بعض المكاسب”.

أخبار

مطالبات أممية وسورية بإبقاء معبر “باب الهوى” مفتوحا لإيصال المساعدات

ويتوقع أن يتم البت، خلال جلسة مجلس الأمن المرتقبة، في قرار إبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً أو إغلاقه على أكثر من 4 ملايين سوري من سكان المنطقة والنازحين.

ويسعى النظام ومن خلفه روسيا إلى كسر الحصار الاقتصادي المفروض من واشنطن وحلفائها، وذلك من خلال نقل دخول المساعدات الإنسانية إلى المعابر الخاضعة لسيطرته، وبالتالي دخول الأموال إلى خزينة النظام.

——————————-

إدارة بايدن ملزمة بـ”اختبار جدية” موقفها الرافض للتطبيع مع النظام السوري/ عماد كركص

“التهديد” الأميركي للراغبين في التطبيع مع نظام بشار الأسد في دمشق ليس موقفاً جديداً على واشنطن، لا سيما بعد صدور قانون قيصر في عهد الإدارة الأميركية السابقة برئاسة دونالد ترامب. بيد أن إدارة ترامب، لا سيما بعد إطلاق يد المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جويل ريبورن في الملف السوري إلى حدّ كبير، خلفاً لجيمس جيفري، كانت أكثر عملياتية في الحدّ من عمليات التطبيع مع النظام ودعمه مالياً ودبلوماسياً، إذ كان لريبورن تحركات في هذا الخصوص، حين زار الإمارات والأردن بداية العام الحالي، على سبيل المثال، للحدّ من تعميق علاقة الأولى مع دمشق، وإلغاء فكرة التطبيع، إن وجدت، عند الثانية.

ويُعدّ تلويح القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، بالعقوبات أمام الراغبين بالتطبيع مع النظام السوري مجدداً، تقدماً ضمن خطوات بطيئة تسير بها الإدارة الحالية في تعاملها مع القضية السورية لجهة الحزم مع النظام، بيد أن تلك الخطوات لم يترافق معها، إلى الآن، أي تحرك فعلي، سواء أكان سياسياً أم إجرائياً، لبرهنة ثبات الموقف الأميركي على عدم قبول النظام، باستثناء ما خرج على لسان الرئيس جو بايدن قبل أيام بعدم الموثوقية الأميركية أو الدولية بالأسد، وذلك خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ويأتي كلّ ذلك في ظل الحديث عن مؤشرات لإهمال إدارة بايدن بصفقة تشبه “بيع” الملف السوري لإيران، ربما تضطر إدارة الرئيس بايدن للجوء إليها لإتمام العودة إلى الاتفاق النووي مع طهران. وبدأ الحديث عن هذه الفرضية بعد انطلاق المفاوضات، وعدم إقدام إدارة بايدن على فرض أي حزمة جديدة من عقوبات قيصر بحق النظام والكيانات المرتبطة به، وأخيراً رفع العقوبات عن بعض الشركات المعاقبة، لكن ذلك كله يبقى محض تكهنات، إلا إذا تقدّم موقف رسمي، سياسي أو قانوني، حيال هذا الأمر، لا سيما أن مسألة رفع العقوبات عن شركات سوريّة معاقبة تخللها شيء من سوء الفهم، إذ إن تلك الشركات ألغيت ولم يعد لها وجود، وبالتالي بات من الطبيعي رفعها من قوائم العقوبات.

“تهديدات” إدارة الرئيس بايدن للدول الراغبة بالتطبيع مع النظام بحاجة لـ”اختبار جدية”. هذا الاختبار يكمن في إمكانية الضغط على كل من الإمارات والبحرين، اللتين أعادتا افتتاح سفارتيهما في دمشق نهاية العام 2018، كما تُتهم أبوظبي بتقديم دعم مالي للأعمال النظام العسكرية لمواجهة التمدد التركي في الشمال، من دون إثبات واضح بطبيعة الحال، لكن المثبت على أبوظبي يكمن في ترويج إعادة تعويم النظام عربياً، والدعوة لإعادته إلى الحاضنة العربية، بمحاولة تقريب وجهات النظر بين النظام والرياض في هذا السياق.

أيضاً، فإن الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل إدارة الرئيس بايدن يجب أن توجَّه نحو سلطنة عمان، التي أعادت تعيين سفير لها في دمشق في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، بعد أن كانت تقتصر تمثيلها في دمشق على قائم بالأعمال، وذلك بعد إقرار قانون قيصر ودخوله حيز التنفيذ، ما يعني تجاوز “الخطوط الحمراء” للقانون، الذي من المفترض أن يقف حاجزاً أمام أي دعم اقتصادي أو دبلوماسي، وحتى عسكري مع دمشق.

وبات النظام يتحرك أخيراً، لا سيما قبيل الانتخابات وبالتزامن معها، لترويج انتصاره والتسليم بإعادته إلى المحيط الإقليمي العربي، فغازل السعودية، وفتح خطوطاً تجارية واقتصادية مع الجزائر، ويجهد لتحسين العلاقات مع الأردن شيئاً فشيئاً. وإن كانت إدارة بايدن جادة في “تحجيم” هذه التحركات و”لجم” ما سبقها، فعليها برهنة ذلك لإثبات ممانعتها التطبيع مع دمشق بخطوات أو إجراءات ملموسة.

وكان القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جوي هود أجاب، خلال مؤتمر صحافي هاتفي جرى قبل أيام، عن سؤال يتعلق بتغير في مناخ العلاقات بالشرق الأوسط، من قبيل تفكير بعض حلفاء الولايات المتحدة التقليديين بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، (أجاب) بأن الإدارة لا تنوي تطبيع العلاقات مع نظام الأسد، “في غياب تغيير كبير في السلوك من جانبه”، مضيفاً: “في ما يتعلق بالآخرين الذين قد يفكرون في اتخاذ خطوات مماثلة، فإننا نطلب منهم النظر بعناية شديدة في الفظائع التي ارتكبها النظام ضدّ الشعب السوري على مدار العقد الماضي، ناهيك عن جهوده المستمرّة للحؤول دون وصول الكثير من المساعدات الإنسانية إلى أجزاء كبيرة من البلاد وحرمانها من الأمن”.

وتابع: “وأود أيضاً أن أضيف أن لدينا عقوبات قانون قيصر، وهذا قانون يحظى بتأييد واسع من الحزبين في الكونغرس، وسوف تتبع الإدارة ذلك القانون في هذا الشأن، ولذلك يتعين على الحكومات والشركات توخي الحذر كيلا تعرّضها معاملاتها المقترحة أو المتصورة لعقوبات محتملة من الولايات المتحدة بموجب هذا القانون”.

ورغم أن هذا التصريح يُعدّ تهديداً لا يقبل اللبس حيال من يقع في دائرته، إلا أن الناشط والباحث السوري محمد علاء غانم، المقيم في واشنطن والمختصّ في العلاقات الدولية والشؤون الأميركيّة، يرى أن ذلك ليس إلا مجرد تحذير، وهو “تحذير جيد”، لكنه لا يرقى لدرجة التهديد، بحسبه، مشيراً في حديثه لـ”العربي الجديد” إلى أن “الإدارة الأميركية حالياً تصبّ اهتمامها بشكل رئيس في الملف السوري على قضية تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود، ولا يشغلها أي شيء آخر، كإرسال رسائل سياسية معينة متعلقة بالقضية السورية، حيث تجهد الإدارة لتمديد آلية دخول المساعدات عبر معبر باب الهوى، وإعادة فتح معابر كانت قد أغلقت، كمعبري باب السلامة واليعربية، ورأت الإدارة الأميركية أن لا شيء هناك يقدم بالمجان من قبل الروس لعدم عرقلة القرار في مجلس الأمن”، مشيراً إلى أن “تلك هي المعركة الوحيدة التي ترغب الإدارة الأميركية في خوضها، ولا توجد لديها رؤية دبلوماسية وسياسية واضحة حيال سورية”.

وأضاف غانم: “نريد أن يكون هناك ضغط حقيقي من الإدارة الحالية على الدول الراغبة بالتطبيع، كما كان الحال في عهد الإدارة السابقة، التي منعت تطبيع بعض الدول العربية مع النظام، وتكلّل ذلك بإصدار قانون قيصر، أما الإدارة الحالية، وبعد 8 أشهر تقريباً من إعلان الفوز وحوالي 6 أشهر من وصولها إلى البيت الأبيض، لم تصدر أي حزمة من العقوبات، فالآليات للحدّ من عمليات التطبيع وعرقلتها موجودة، وتحتاج فقط للتطبيق من خلال عقوبات قيصر أو غيرها”.

وكشف غانم عن أن لديه معلومات عن حزمة جديدة من عقوبات قيصر ستصدر قريباً، لكن من دون التمكن من معرفة حدتها وفعاليتها، ومن ستستهدف بالتحديد.

وتتطابق وجهة نظر سفير “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، قتيبة إدلبي، مع نظرة غانم إلى حدّ ما في تراخي الإدارة الأميركية حيال القضية السورية في جوانبها السياسية، مشيراً، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن “الإدارة، من خلال هذه التصريحات، تريد أن تثبت موقفها من النظام، لكنها في الوقت ذاته غير مستعدة لزيادة استثمارها في الملف السوري”.

وأشار إدلبي إلى أنه “من غير المطلوب وجود آليات جديدة للحدّ من عمليات التطبيع، يكفي أن يكون الطرف مشمولا بالعقوبات الأميركية ليكون ذلك مسوغاً للحدّ من التطبيع معه، كما كان الحال لبعض الدول التي تعاملت مع إيران وتعرضت للعقوبات، كالإمارات مثلاً، التي تعرضت مصارفها لغرامات مالية كبير، وهذا النموذج كافٍ لرسم خطوط حمراء وعدم تجاوزها، لكن ما دامت الإدارة الحالية لم توضح رؤيتها في الملف السياسي السوري، ولا تحقق أي تقدم لجهة تطبيق الحلّ، فإن ذلك يجعل بعض الدول تستغل هذا التراخي لمدّ جسور تجاه النظام بشكل أو آخر”، معتبراً أن الإدارة الأميركية مطالبة بـ”أفعال حقيقية لإثبات الجدية بالالتزام في الحدّ من عمليات التطبيع”.

أما بالنسبة لرفع العقوبات عن بعض الشركات السورية المعاقبة أخيراً، فقد أشار إلى أن المسألة شابها شيء من سوء الفهم، وأكد أنه “نتيجة المراسلات بين السفارة والخارجية الأميركية، توضح أن تلك الشركات تم إلغاؤها بحيلة للتهرب من العقوبات، وبالتالي انتفاء وجودها يعني حكماً إلغاء شمولها بالعقوبات، وأيضاً تم إعطاء الإذن لشركتين طبيتين والنظام لإجراء معاملات خاصة في سبيل التصدي لجائحة كورونا، وهذا لا يعني رفعها عن قوائم العقوبات، وإنما يُعدّ ذلك إذناً مشروطاً متعلقاً فقط بأزمة كورونا، وهذا الإذن الأخير تم منحه كبادرة من الإدارة باتجاه الروس، لعدم عرقلة تمديد آلية إدخال المساعدات الأممية من المعابر، وهناك ملامح تفاهم روسي – أميركي حول تمديد آلية إدخال المساعدات لمدة عام مقابل هذا الإذن”.

ورغم أن إدلبي أكد معلومات غانم حول صدور حزمة جديدة من عقوبات قيصر في الفترة القريبة المقبلة، فإنه لا يتوقع أن يكون هناك تحرك كبير من قبل الإدارة الحالية تجاه الملف السوري، سياسياً ودبلوماسياً، قبل إنهاء الصفقة النووية مع إيران، وإن تمت الصفقة كما هو متوقع بحلول أغسطس/آب، يعتقد إدلبي أن “الإدارة تستخدم الملفات الإقليمية المشتركة مع إيران، بما فيها سورية، للضغط على طهران لتحصيل الاتفاق على ملفات أخرى، وإلى ذلك الوقت، مطلوب منا العمل مع الإدارة لكي لا يكون الملف السوري ضحية أو عرضة للمساومة على طاولة المفاوضات”.

العربي الجديد

————————————-

تعنت موسكو وغضب واشنطن..مصير الأسد قد يكون مدار بحث!/ طه عبد الواحد

تتجه الأمور نحو تصاعد حدة المواجهة حول سوريا وملف تسوية الأزمة السورية بين روسيا والغرب عموما، وروسيا والولايات المتحدة بصورة خاصة، وذلك بعد أن أعلنت الأولى وبوضوح عن سوريا قاعدة عسكرية متقدمة لها، بطابع استراتيجي لجهة الموقع والتسلح، تحدّ من خلالها تحركات القوات الأميركية في المتوسط.

وفي موازاة ذلك تصر روسيا سياسياً على محاولاتها لاعادة تأهيل نظام بشار الأسد، لكن فقط لأنه  الضامن الأكثر موثوقية بالنسبة لوجودها العسكري في سوريا، وتوسيع هيمنتها على قطاعات في الاقتصاد السوري مقابل دعمها له. مع ذلك يبدو أنها تحسب الحساب أيضاً للاحتمالات “الأسوأ”، وتعمل على تهيئة أرضية قانونية تساعدها على ضمان مصالحها حتى لو رحل الأسد.

ولا شك أن التحركات العسكرية الروسية عبر سوريا في المتوسط، فضلا عن تحدي موسكو للمجتمع الدولي بأسره في موضوع المساعدات الإنسانية للسوريين في المناطق التي لا تخضع لنظام دمشق، سيثيران ردود فعل سلبية في الغرب، وقد يدفعان الولايات المتحدة إلى انخراط أكثر نشاطا وفعالية في الشأن السوري، قد يترتب عليه تغير جذري في تعاطي واشنطن مع مصير النظام السوري.

وفي الوقت الذي تبدو فيه وكأنها أدركت خيبة آملها باحتمال تحول نوعي إيجابي في علاقاتها مع الغرب، إن كان مع الاتحاد الأوروبي أو مع الولايات المتحدة على حد سواء، ومع استمرار التوتر سياسيا وعسكرياً في تلك العلاقات، أعلنت روسيا عن بدء مناورات عسكرية في شرق المتوسط، عنوانها الرئيسي “التدرب على ضمان أمن القاعدتين الجوية في حميميم والبحرية في طرطوس”.

وكان لافتاً أن وزارة الدفاع الروسية ركزت في بيانها حول تلك المناورات، على الإشارة إلى أنه أولا: تم  لأول مرة نقل مقاتلات من نوع “ميغ 31 كا” القادرة على حمل صواريخ “كينجال” الفرط صوتية، أو (النسخة الجوية من منظومة اسكندر) إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا. ثانياً: ستقوم تلك المقاتلات بالتدريبات مع القاذفة بعيدة المدى “تو- 22 إم3” القادرة على حمل سلاح نووي. ثالثا: تشارك في المناورات أيضاً فرقاطتين وغواصتين، جميعها مزودة بصواريخ كاليبر (كروزوفق التصنيف الغربي).

عبر هذه المناورات أكدت روسيا صراحة، ما كان واضح أساساً منذ أن تدخلت عسكريا لدعم نظام الأسد، أن الهواجس السورية آخر ما يقلقها، وأنها وجدت في استعداد الأسد منحها امتيازات لا محدودة على الأراضي السورية، مقابل دعمها لنظام حكمه، فرصة ثمينة يجب استغلالها لتكون سوريا قاعدة عسكرية ذات طابع استراتيجي، تستغلها في معركتها مع الغرب من أجل بناء نظام عالمي جديد، يعترف بها كقوة دولية يجري التعامل معها على أساس “الندية”.

وبالنظر إلى السياق الراهن للمناورات الروسية شرق المتوسط، فإنها جاءت في وقت يشهد مستويات غير مسبوقة من التوتر في العلاقات مع الغرب عسكرياً، على خلفية الاستعدادات لمناورات “سي برايز” في البحر الأسود، التي تنظمها الولايات المتحدة بالتعاون مع أوكرانيا، وستنطلق الاثنين 28 حزيران/يونيو وتستمر لغاية 10 تموز/يوليو، بمشاركة 5 آلاف عسكري، و32 قطعة بجرية، و 40 طائرة ، من 32 دولة  من جميع القارات، وفق ما أعلن الأسطول الأميركي السادس، الذي أكد أيضاً مشاركته فيها.  كما تشارك في تلك المناروات قوات البحرية الملكية البريطانية، ولهذا الغرض دخلت مجموعة سفن على رأسها حاملة الطائرات “الملكة إليزابيث” مياه المتوسط مؤخراً. وكانت المدمرة “ديفيندر”، التي اعترضتها القوات الروسية عند مرورها قرب القرم في مياه البحر الأسود، ضمن مجموعة سفن “الملكة إليزابيث”.

وأثارت هذا المناورات مستويات غير مسبوقة من القلق لدى جميع مؤسسات السلطة في روسيا، عبرت عنها لهجة تصريحات المسؤولين الروس، التي ركزت على التذكير بأن المناورات تجري بالقرب من منطقة النزاع في دونباس جنوب –شرق أوكرانيا، وبالتالي وصفها بأنها “استفزاز مسلح مباشر لروسيا”. ورأت موسكو في المناورات غطاءً لتزويد أوكرانيا بالسلاح، وقال مسؤولون روس إن “بعض الأسلحة المستخدمة في المناورات ستستقر في أوكرانيا وتستخدم في الصراع في دونباس”، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إن الناتو سيزود أوكرانيا بأسلحة حديثة تحت غطاء المناورات، وأنه سيتم نقلها لاحقا إلى القوات الأوكرانية في دونباس، وهدد بأن القوات الروسية ستتابع سير المناورات عن كثب وسترد بالشكل المناسب إذا لزم الأمر.

ولما كان بقاء نظام الأسد خير ضامن لحفاظ روسيا على سوريا قاعدة استراتيجية لها في سياق المواجهة مع الغرب، ولتحصيلها النتائج الاقتصادية كاملة مقابل دعمها له، كثّفت روسيا بشكل واضح، وصعدّت، نشاطها الذي تأمل أن تنجح من خلاله في إعادة تأهيل هذا النظام دولياً، مستغلة ملف المساعدات الإنسانية. والآن مع اقتراب انتهاء تفويض العمل عبر معبر باب الهوى، الوحيد المتبقي لنقل المساعدات الدولية إلى السوريين، أكد المجتمع الدولي على ضرورة تمديد العمل لهذا المعبر لمدة عام، واستئناف العمل عبر المعبر على الحدود مع العراق، بعد أن تسبب الفيتو الروسي بإغلاقه ومعه معبرين آخرين.

في المقابل تقف روسيا، حتى الآن على الأقل، بشدة ضد التمديد، وتضع جملة شروط، ترمي منها إلى دفع المجتمع الدولي للحوار مع الأسد تحت غطاء “الوضع الإنساني”. إذ تصرّ على إيصال المساعدات إلى جميع المناطق السورية عبر النظام السوري، بذريعة ضرورة احترام السيادة. وذهب وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى تحميل الغرب المسؤولية عن المأساة الانسانية في سوريا، واشترط للتعاون في هذا الملف أن “يعترف الغرب بمسؤوليته” عنها، فضلاً عن جملة شروط الهدف منها أولا فسح المجال أمام سيطرة روسية مطلقة على جميع الأراضي السورية، لاسيما المناطق النفطية، والتمهيد بذريعة تهيئة ظروف لعودة اللاجئين، للحصول على تمويل إعادة الأعمار بغض النظر عن التسوية السياسية.

وفي حال أصرت روسيا على موقفها واستخدمت الفيتو مجدداّ ضد تمديد عمل المعبر الإنساني الأخير المتبقي للسوريين خارج مناطق النظام، فإن هذا الموقف الذي سيغضب الدول الغربية، قد يدفع الولايات المتحدة ودول أخرى إلى اعتماد آليات آخرى لإيصال المساعدات، من دون الاكتراث بالفيتو الروسي، ما سيؤدي بشكل عام إلى تصعيد كبير بين موسكو وواشنطن حول الأزمة السورية، يرجح أنه سيحمل تداعيات جدية على نظرة واشنطن إلى نظام الأسد.

كما سيؤثر على مصير النظام كذلك، رد الفعل الأميركي على تحويل روسيا لسوريا إلى قاعدة مواجهة متقدمة في منطقة حساسة للهيمنة الأميركية، مثل البحر المتوسط. ومن غير المستبعد أن تذهب الإدارة الأميركية نحو خطوات أكثر تأثيراً ضد نظام الأسد، لزعزعته وربما الإطاحة به، كي تتفرغ بعد ذلك للحد من النفوذ الروسي في المنطقة. ويبدو أن روسيا تأخذ بالحسبان جميع الاحتمالات، لذلك كان لافتاً أنها أوفدت نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف إلى دمشق، ليحثّ الأسد على إنجاز الاتفاقية الاقتصادية الحكومية الروسية-السورية، والتي يبدو أنها تمثل ضمانة لمصالح روسيا في الاقتصاد السوري، وستكون، حالها حال اتفاقيتي قاعدة حميميم وميناء طرطوس، ملزمة لأي حكومة سورية.

المدن

———————————

أميركا وحلفاؤها يدعون من روما إلى «تسوية سورية» بموجب الـ«2254»

التحالف الدولي شدد على تجنب «فراغ أمني» قد يستغله «داعش»

روما – دمشق – لندن: «الشرق الأوسط»

أكدت أميركا وحلفاؤها خلال اجتماعين في روما لـ«التحالف الدولي ضد (داعش)» وعدد من الوزراء برئاسة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، دعم وقف النار في سوريا والتوصل إلى تسوية سياسية وفق قرار مجلس الأمن «2254».

وأكد بيان «المؤتمر الدولي للتحالف ضد (داعش)»، أمس، وقوفه إلى «جانب الشعب السوري لدعم تسوية سياسية دائمة وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (2254)»، مضيفاً: «لا بد من أن يبقى التحالف يقظاً إزاء تهديدات الإرهاب بكل أشكاله وتعبيراته، لكي يؤسس على النجاح الذي حققه، ولا بد من أن يستمر في العمل بشكل مشترك ضد أي تهديد لهذا النجاح، وأن يتجنب الفراغ الأمني الذي قد يستغله (داعش)».

كما أكد أهمية دعم التحالف التعافي المحلي الشامل وتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة من «داعش»، وجهود المصالحة وإعادة الإدماج لتعزيز الظروف المؤدية إلى حل سياسي للنزاع على مستوى سوريا بموجب معايير قرار مجلس الأمن رقم «2254».

وتابع البيان: «إدراكاً من الوزراء للتحدي الذي يمثله المقاتلون الإرهابيون الأجانب المحتجزون، وكذلك أفراد أسرهم الذين لا يزالون موجودين في سوريا والعراق، التزم الوزراء بمتابعة آليات العدالة والمساءلة الفعالة القائمة بالتنسيق الوثيق مع بلدان المنشأ». كما أقر الوزراء بأن «وضع معتقلي (داعش) وأفراد عائلاتهم في شمال شرقي سوريا يثير قلقاً بالغاً»، وأقروا بـ«ضرورة إيجاد حل شامل وطويل الأمد لهذه القضية الخطيرة».

على صعيد آخر، استقبل الرئيس بشار الأسد، أمس، كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة، علي أصغر خاجي، لبحث «العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وأهمية الدور الذي تقوم به اللجان المشتركة لتعزيز التعاون الثنائي في المجالات كافة، وخاصة على الصعيد الاقتصادي؛ بما يحقق مصلحة البلدين والشعبين الصديقين».

وجرى خلال اللقاء استعراض الأوضاع في المنطقة، حسب «وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)»، و«بحث عدد من المواضيع ذات الشأن السياسي، ولا سيما جدول أعمال اجتماعات (مسار أستانا)، حيث تم التأكيد على ضرورة استمرار الجهود السياسية التي تبذل على هذا المسار لتحقيق نتائج إيجابية لمصلحة سوريا وشعبها، وأهمية متابعة لجنة مناقشة الدستور عملها دون أي تدخلات خارجية». وقالت «سانا»: «هنأ الرئيس الأسد إيران بنجاح الانتخابات الرئاسية، فيما أكد خاجي أن المشاركة الشعبية الواسعة التي شهدتها الانتخابات الرئاسية في سوريا ما هي إلا رسالة واضحة على قوة إرادة شعبها، مجدداً حرص بلاده على لعب دور فعال في عملية إعادة الإعمار في سوريا، والمساهمة في دعم اقتصادها في مختلف القطاعات، بما يخفف من أعباء الحصار الغربي الجائر على الشعب السوري»، حسب البيان.

الشرق الأوسط»

————————-

إياكم والتطبيع”.. أمريكا تحذر حلفاءها بالخليج من إعادة العلاقات مع نظام الأسد وتهدد بالعقوبات

عربي بوست

قال موقع Oil Price الأمريكي، الإثنين 28 يونيو/حزيران 2021، إن مسؤولاً أمريكياً بارزاً، هدد حلفاء أمريكا في منطقة الخليج بفرض عقوبات عليهم، بعد أن توالت تقارير على مدار الشهرين الماضيين تفيد بأن السعودية تتجهز لإعادة العلاقات الدبلوماسية وتطبيع العلاقات مع النظام السوري.

المسؤول الأمريكي قال إن بعض الدول الخليجية تجاوزت علاقاتها الودية مع الأسد الحدّ، وذكر موقع Middle East Eye تفاصيل التحذير الذي قال فيه جوي هود، وهو القائم بأعمال مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، في اتصال مع الصحفيين، إن معارضة واشنطن للنظام السوري لن تتغير ما لم يحدث “تغيير ملموس في سلوك” دمشق.

وأضاف: “أما الدول الأخرى، التي قد تفكر في اتخاذ خطوات تقارب، فنطلب منها التفكير ملياً في الفظائع التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري خلال العقد الماضي، فضلاً عن جهود النظام المستمرة لمنع وصول المساعدات الإنسانية والأمن لجزء كبير من البلاد”، كما تحدث هود عن عقوبات قانون قيصر الأمريكية، التي تهدف إلى إحباط إعادة إعمار البلاد في عهد الأسد.

وقال المسؤول البارز في وزارة الخارجية: “وأود بالطبع أن أضيف أننا فرضنا عقوبات قانون قيصر وهو قانون يحظى بدعم واسع من الحزبين في الكونغرس، والإدارة الأمريكية ستلتزم بهذا القانون. ولذا يجدر بالحكومات والشركات توخي الحذر من ألا تعرضهم معاملاتهم المقترحة أو المحتملة لعقوبات من الولايات المتحدة بموجب هذا القانون”.

تطبيع العلاقات مع الأسد

وأدرك حلفاء أمريكا في الخليج  أن الأسد باقٍ ومستمر، وأن المصلحة تقتضي عودة العلاقات. على أن واشنطن لا ترى الأمر على هذا النحو، حيث تحولت حربها السرية الطويلة إلى حرب اقتصادية تعتمد على خنق اقتصاد وموارد البلاد عن طريق احتلال شمال شرق البلاد الغني بالنفط والغاز.

وفي وقت سابق قام وزير سياحة النظام السوري، محمد رامي مارتيني، أول زيارة إلى المملكة العربية السعودية منذ عشر سنوات، لحضور اجتماع تابع لمنظمة السياحة العالمية، في خطوة قد تشير إلى اعتزام الرياض بدء التطبيع مع دمشق.

النظام السوري بشار الأسد الخليج أمريكا

هجوم جيش النظام السوري تسبب بتدمير هائل للمدينة/رويترز

فيما وصل الوزير إلى الرياض، تلبية لدعوة من وزارة السياحة السعودية، ولجنة منظمة السياحة العالمية للشرق الأوسط. وتعتبر هذه أول زيارة لمسؤول بالنظام السوري يجريها للمملكة بصفة وزيراً منذ اندلاع الحرب بسوريا عام 2011.

وكانت الرياض قد سحبت سفيرها لدى العاصمة السورية دمشق عام 2011، وجمدت علاقاتها الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد.

وكانت السعودية أول عناصر المفاجأة؛ حيث إن الرياض كانت السبب الرئيسي في عدم عودة سوريا للجامعة العربية، بعد أن تعرضت دمشق لتجميد أنشطتها بالجامعة العربية في عام 2011، إثر عمليات قمع النظام بوحشية للثورة السورية في بدايتها.

——————————

بيدرسون يعبر عن أسفه و”إحباطه” لعدم تحقيق تقدم في الملف السياسي السوري/ ابتسام عازم

عبر المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، اليوم الجمعة، عن أسفه وإحباطه من عدم تحقيق تقديم في الملف السياسي السوري، مؤكداً في الوقت ذاته على ضرورة الاستمرار في المساعي للتوصل لاتفاق.

واستهل بيدرسون إحاطته بالتأكيد على ضرورة الاستمرار والتوسع بعمليات تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود والتجديد لها.

وحول المحادثات السياسية، قال: “أعتقد أننا جميعًا نشعر بخيبة أمل لأننا لم نحرز تقدمًا حقيقيًا في المسار السياسي لتنفيذ القرار 2254، بما في ذلك الإصلاح الدستوري وانتخابات تكون تحت إشراف الأمم المتحدة”.

وعبر عن أسفه لما سماه بـ”هوة عدم الثقة” بين الطرفين وتعقيدات الوضع على الأرض، وقال إنها تجعل إحراز تقدم مبكر نحو تسوية شاملة “أمراً غير مرجح في الوقت الحالي”، مؤكداً، في الوقت ذاته، على ضرورة أن يتفق المجتمع الدولي حول عناصر تساعد على المضي إلى الأمام لـ”خلق الظروف المناسبة لحل أكثر شمولا للصراع”.

وقال بيدرسون إنه سيغادر نيويورك إلى روما للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية حول سورية، ومن ثم لموسكو وتركيا وإيران.

وقال إنه وعلى الرغم من الاستمرار في المحادثات حول المعتقلين والمحتجزين والمختفين قسرياً، إلا أن تلك الجهود لم تأت بثمار تتناسب مع حجم القضية، وحث الأطراف على “العمل بشكل أفضل لإحراز تقدم يمكن أن يستفيد منه الجميع”.

وحذر المبعوث الأممي من انهيار اتفاقيات وقف التصعيد التي تم التوصل إليها في سورية خلال فترة السنة والنصف الأخيرة، والتي لعبت فيها روسيا والولايات المتحدة وتركيا دوراً رئيساً.

وقال بيدرسون إن التصعيد في الفترة الأخيرة يشكل تهديداً لذلك، كما دان الهجوم على مستشفى الشفاء في عفرين، والذي أدى إلى قتل وجرح مدنيين، بمن فيهم أعضاء بالطاقم الطبي. وتحدث كذلك عن “تصعيد آخر في جنوب إدلب مع قصف متبادل وغارات جوية داخل إدلب، وتقارير عن سقوط قتلى مدنيين ونزوح كبير”.

في سياق آخر، شهد هذا الشهر المزيد من الغارات الجوية المنسوبة إلى الاحتلال الإسرائيلي، والمزيد من الاضطرابات في الجنوب الغربي، والمزيد من الهجمات من قبل الجماعات الإرهابية المدرجة في قائمة مجلس الأمن، بما في ذلك العمليات التي تبناها تنظيم “داعش” الإرهابي.

وعبر بيدرسون عن قلقه من احتمال كسب تنظيم “داعش” لقوة في المنطقة “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار زيادة وتيرة هجماته ومدى انتشارها”، مشيراً إلى استمرار سيطرة جماعات مسلحة مدرجة على قائمة الأمم المتحدة كجماعات إرهابية على مناطق في سورية.

وركز بيدرسون على أزمة النازحين واللاجئين السوريين، وقال إن قرابة نصف الشعب السوري، أي 13 مليون سوري، أجبروا على النزوح داخلياً أو الفرار خارج البلاد، واصفاً ذلك بـ”المأساة الإنسانية والوطنية العميقة”، وبـ”القنبلة الموقوتة للاستقرار الإقليمي”، وشدد على ضرورة العمل على “خلق الظروف اللازمة والثقة لضمان عودة آمنة وطوعية وكريمة للراغبين”.

وعبر عن خيبة أمله بسبب عدم إحراز اللجنة الدستورية، التي اجتمعت خمس مرات، أي تقدم لإعداد وصياغة إصلاح دستوري للموافقة الشعبية، مشيراً إلى ضرورة “العمل بشكل حثيث لإحراز تقدم في ذلك المجال”. 

من جهتها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة في نيويورك ليندا توماس- غرينفيلد: “إن الانتخابات السورية في مايو/أيار لم تكن حرة أو عادلة، بل مزيفة، بكل وضوح، حيث لم تشمل مشاركة ملايين السوريين الذين فروا عن ديارهم والمهجرين داخل سورية أو حول العالم”.

وأضافت: “قرر مجلس الأمن وبصوت واحد أن الانتخابات في سورية يجب أن تجري بما يتماشى مع القرار 2254 بعد سن دستور جديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، إلا أن أياً من هذا لم يحدث”.

وقالت “إن استمرار الصراع في سورية يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين وفي المنطقة”، وعبرت عن قلق بلادها من استمرار خرق اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب والهجمات الأخيرة على مستشفى الشفاء.

وتحدثت عن دعم بلادها لجهود الأمم المتحدة لإطلاق سراح الآلاف من المعتقلين والمحتجزين، مناشدة الأطراف الانخراط في جهود جدية للتوصل لاتفاق بما فيها اللجنة الدستورية. وأضافت: “إن غياب أي تقدم ملحوظ في العملية السياسية سيعني أن الولايات المتحدة لن تطبع أو تدعم أي جهود لعملية إعادة إعمار تدعم نظام الأسد”.

وأكدت السفيرة الأميركية أنه “لا يوجد أي بديل لتقديم المساعدات العابرة للحدود عبر باب الهوى، وإعادة فتح باب السلام واليعربية”، وتحدثت عن “استمرار معاناة السوريين منذ عقد”.

وقالت: “هناك طريق وحيد للاستقرار والسلام في سورية، وهو حل الصراع وإنهاء الحرب، وتبقى الولايات المتحدة ملتزمة بالقرار 2254، والذي يشكل السبيل الوحيد لحل سياسي عادل وقابل للاستمرارية، وهذا ما لم يحدث خلال ما سمي بالانتخابات”.

وجاءت تصريحات السفيرة الأميركية خلال اجتماع مجلس الأمن الشهري لمناقشة الوضع في سورية. 

من جهتهما، تحدث سفيرا الصين وروسيا عن ضرورة رفع العقوبات المفروضة على النظام. واعتبر السفير الروسي فاسيلي نبنزيا أن استمرار فرض الجزاءات والعقوبات من قبل الدول الغربية على النظام “سبب رئيسي في زيادة معاناة السوريين الإنسانية”.

ودان السفير الروسي استمرار استهداف إسرائيل لعدد من المناطق بسورية، مؤكداً على أن الصراع في سورية “يمكن حله سياسيا وليس عسكريا، بما يتماشى مع القرار 2254″، وعبر عن دعم بلاده لجهود بيدرسون.

ودعا السفير الروسي لعقد اجتماع سادس للجنة الدستورية على الرغم من التحديات، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم جهود إعادة إعمار البلاد.

العربي الجديد

——————————

النظام يخالف توقعات بيدرسن بوضع ملاحظات “تخريبية”/ صبحي فرنجية

يعاني فريق المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، من انسداد الأفق فيما يخص ملف اللجنة الدستورية، على الرغم من وجود وعود روسية سابقة بحلحلة الاستعصاء بعد الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام السوري أخيراً، لكن هذه الوعود لم تؤتِ أُكلها.

ولم يكتف النظام بمسرحية الانتخابات الرئاسية في تجاوز لكل القرارات الدولية ذات الصلة، بل تعمد وضع ملاحظات “تخريبية” على مقترح الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي اقترحها بيدرسن في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بحسب ما علم “العربي الجديد” من مصادر خاصة.

وبحسب المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم كشف هويتها، فقد واجهت خولة مطر، المتحدثة باسم المبعوث الأممي، التي تزور دمشق، عراقيل جديدة لم تكن متوقعة، حيث قام الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن جانب النظام، أحمد الكزبري، بتقديم تفاصيل الملاحظات على مقترح بيدرسن، وهذه الملاحظات تُطيح المقترح. وهو ما يعني بحسب مصادر “العربي الجديد” أن النظام لم يرفض المقترح رسميًا، إلا أنه قام بتعطيله، وهذا أمر لم يكن فريق بيدرسن يتوقعه، خصوصًا أن الجانب الروسي كان قد أعلن رضاه عن المقترح في وقت سابق، وأخبر بيدرسن أن النظام سيكون أكثر جديّة في التعامل مع ملف اللجنة الدستورية بعد الانتهاء من انتخاباته الرئاسية.

المعلومات أيضاً تقول إن فريق بيدرسن قد سمع كلامًا في دمشق على سبيل أن معطيات الواقع السوري اليوم اختلفت، وأن الشعب السوري اختار بشار الأسد رئيساً له بالأغلبية، ما يعني أن طريقة التعامل مع ملف اللجنة الدستورية قد اختلفت، وهي إشارة من النظام إلى أنه اليوم أقوى من فترة ما قبل الانتخابات، وأن دخوله في الجولة الجديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية يجب أن يكون وفق شروطه.

انسداد الأفق أمام فريق بيدرسن انعكس على كلام مطر خلال اجتماعها مع أعضاء من المجتمع المدني قبل أيام، إذ أخبرتهم أن ملف اللجنة الدستورية فشل، وأن الفريق الأممي لم يستطع التقدم في هذا الملف خطوة فعّالة، وهو ما فهمه كثير من الحضور على أنه رسالة من فريق بيدرسن إليهم كي لا يرفعوا سقف توقعاتهم من المسار الدستوري.

وفي حال لم تتدخل روسيا لقلب المشهد خلال الساعات القليلة القادمة، ربما قد تكون إحاطة بيدرسن أمام مجلس الأمن اليوم الجمعة عصيبة، ولا تحمل أي خبر جيد أو تقدم في الملف المُستعصي منذ نشأته، رغم كل المحاولات لإنقاذه من قبل الأمم المتحدة وضغوط بعض الدول.

وكان بيدرسن قد أرسل منتصف إبريل/ نيسان الماضي مقترحاً لأجندة الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، في محاولة لكسر الاستعصاء الحاصل بين النظام والمعارضة.

وتضمّن المقترح أنه “قبل المغادرة إلى جنيف، يقوم الوفد المرشح من قبل حكومة الجمهورية العربية السورية، والوفد المرشح من قبل هيئة التفاوض السورية، ووفد المجتمع المدني (سواء بشكل مجمع إذا رغبوا في ذلك أو كمجموعات) بتقديم المقترحات كتابة إلى مكتب المبعوث الخاص في شكل نصوص مقترحة لمبادئ دستورية أساسية لتضمينها في مشروع الدستور”، ويتم “خلال كل اجتماع من اجتماعات الهيئة المصغرة في الأيام من 1 إلى 4 تناول مبدأ واحد على الأقل من المبادئ الدستورية الأساسية واستنفاد النقاش حوله”.

وبحسب مقترح بيدسون، فإن الجلسة الواحدة تستمر نحو ساعتين تقريبًا، وليس بالضرورة أن تنتهي باتفاق على المبدأ الذي يتم النقاش حوله، و”يسعى كل اجتماع للهيئة المصغرة إلى تحديد ما إذا كان هناك اتفاق مؤقت أو بعض عناصر اتفاق مؤقتة فيما يتعلق بالمبدأ الدستوري الأساسي قيد المناقشة”. وأشار المقترح إلى أنه “لا يحول عدم التوصل إلى اتفاق مؤقت حول مبدأ دون الانتقال إلى المبدأ الدستوري الأساسي المقترح التالي في الاجتماع التالي. قد ترغب الهيئة المصغرة في العودة إلى هذه المبادئ في الوقت المناسب، على ألا يمنع ذلك الانتقال إلى قضايا أخرى في الجلسات القادمة”.

ونصّ المقترح على اجتماعَ الرئيسين المشتركين (الكزبري، وهادي البحرة ممثل المعارضة) مع المبعوث الخاص “خلال اليوم السابق لبدء الدورة، وعلى مدار الأسبوع، وفقاً لما تقتضيه الحاجة لتعزيز توافق الآراء وضمان حسن سير عمل اللجنة الدستورية”.

ويقوم الرئيسان بـ”تحديد الوسائل العملية التي يتم من خلالها عرض المبادئ ومناقشتها بطريقة فعالة خلال الاجتماعات، والقيام، بمساعدة السكرتارية، بتسجيل وتدوين النقاط التي تم البت فيها أو الاتفاق عليها مؤقتاً، مع تسجيل النقاط التي لا يوجد اتفاق مؤقت بشأنها”، إضافة إلى “مناقشة والاتفاق على موعد انعقاد الدورة التالية وخطة عمل أولية حتى نهاية عام 2021، والتنسيق مع المبعوث الخاص بشأن قيامه بالإعلان عن نتائج الدورة والعمل المستقبلي للجنة الدستورية”.

وكان بيدرسن قد ألمح خلال إحاطته أمام مجلس الأمن مطلع فبراير/ شباط الماضي إلى أن عدم وجود جدية في دفع المسار “سيجعل من استمرار مهمته صعباً”، وهو ما فُهم منه حينها أن مهمته كمبعوث أممي لن تستمرّ في حال بقي المسار على شكله الحالي.

——————————————-

إنذار أميركي للدول الراغبة في تطبيع علاقاتها مع الأسد وخيبة أممية إزاء المسار السياسي بسوريا

هددت الحكومة الأميركية أمس الجمعة بتطبيق عقوبات على الدول التي ترغب في تطبيع العلاقات مع نظام بشار الأسد، في حين أبدت الأمم المتحدة خيبتها إزاء عدم إحراز أي تقدم في المسار السياسي بسوريا.

وقد وجّه جوي هود -القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى- إنذارا للدول التي تفكر في تطبيع علاقاتها مع نظام بشار الأسد.

وحذّر هود من فرض عقوبات على هذه الدول “وفق نظام قيصر”.

ودعا تلك الدول إلى أن تكون حذرة في هذا الصدد، مذكرا إياها بضرورة الأخذ في الاعتبار ما وصفها بالفظاعات التي ارتكبها نظام الأسد بحق الشعب السوري، وفق تعبيره.

وفي السياق ذاته، أكدت الولايات المتحدة أمس الجمعة أنه لا طريق لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا سوى عبر إنهاء الحرب وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254.

جاء ذلك على لسان مندوبة واشنطن الأممية، ليندا توماس غرينفيلد، خلال جلسة منعقدة حاليا بمجلس الأمن، بشأن ملف الأزمة السورية.

ويطالب القرار 2254، الصادر في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، الأطراف السورية بالتوقف عن شنّ هجمات على أهداف مدنية، وإجراء مفاوضات وانتخابات بإشراف الأمم المتحدة.

وقالت غرينفيلد “لا يوجد سوى طريق واحد لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا، وهو إيجاد حل للصراع وإنهاء الحرب وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254”.

وأضافت “القرار 2254 هو الطريق الوحيد لحل سياسي عادل ومستدام للصراع السوري الذي أصبح يمثل تهديدا للأمن الإقليمي والدولي”.

وتابعت “نحن قلقون بشكل خاص من الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار في إدلب (غرب). لن تؤدي الأعمال العسكرية إلى السلام، بل إلى المعاناة”.

كذلك دعت المندوبة الأميركية جميع الأطراف إلى التزام وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد والانتظام في العملية السياسية وإنهاء الحرب.

بيدرسون طالب بتمديد آلية المساعدات وتوسيعها لإنقاذ ملايين الأرواح في سوريا (رويترز)

آلية المساعدات

وجددت غرينفيلد دعوة بلادها لتمديد آلية المساعدات إلى سوريا وتوسيعها “لأننا إذا قطعنا المساعدات عبر الحدود فإننا نزيد زعزعة الاستقرار في المنطقة”.

وينتهي العمل بآلية إيصال المساعدات الأممية العابرة للحدود إلى سوريا من معبر باب الهوى على الحدود التركية بحلول 11 يوليو/تموز المقبل.

من جهته، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إنه يشعر بخيبة أمل لدى الجميع إزاء عدم إحراز تقدم حقيقي في المسار السياسي السوري.

وخلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في سوريا، قال بيدرسون إن من غير المرجّح إحراز تقدم نحو تسوية في سوريا.

وشدد بيدرسون أمام مجلس الأمن على ضرورة تمديد آلية المساعدات وتوسيعها لإنقاذ ملايين الأرواح.

—————————

واشنطن تلوح بمعاقبة الذين يخرقون قانون قيصر السوري

قال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جووي هود الجمعة، على البلدان التي تفكر في تطبيع علاقاتها مع نظام الأسد أن تأخذ في الاعتبار جرائمه. وأكد أن واشنطن سوف تفرض عقوبات على الحكومات والكيانات التي تخالف قانون “قيصر” المتعلق بسوريا.

وفي ما يخص الدول التي أبدت رغبتها في إعادة العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأسد، قال هود في إحاطة صحافية، إن واشنطن تحث دول المنطقة على النظر بعناية في الفظائع التي قام بها نظام الأسد ضد الشعب السوري، وذلك على مدى العقد الماضي، مطالباً كذلك بالأخذ في الحسبان جهود النظام المستمرة لمنع وصول الكثير من المساعدات الإنسانية إلى البلاد وعدم توفير الأمن.

وأكد التزام واشنطن بالعملية السياسية التي يقودها الشعب السوري، على النحو المتوخى في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، وفي تحميل النظام المسؤولية عن الفظائع التي لا تعد ولا تحصى التي ارتكبها ضد شعبه.

وقال هود إن الولايات المتحدة تنوي الحفاظ على وجودها العسكري شمال شرق سوريا “بهدف مكافحة تنظيم داعش”.  وأضاف “ننوي الحفاظ على وجود عسكري محدود شمال شرق سوريا بهدف وحيد يتمثل في محاربة تنظيم داعش في شراكة مع قوات سوريا الديمقراطية لبسط الاستقرار في المناطق المحررة بسوريا”.

وأشار هود إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى فقط إلى القضاء على “داعش” وإنما كذلك إلى معالجة الأوضاع الإنسانية في سوريا. ولفت إلى أن السلطات في واشنطن ترى إمكانية للتعاون مع روسيا في مجال تقديم المساعدات الإنسانية لسوريا.

كما أشار هود إلى قلق بلاده من علاقات تركيا مع “الشركاء الأكراد” للولايات المتحدة، قائلاً: “نود أن نكون متأكدين من أن تركيا تفهم نوايانا”.

المدن

—————–

واشنطن تحذّر من “التطبيع” مع النظام السوري وتهدد بفرض عقوبات/ عبد الله البشير

حذّرت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، الدول والكيانات من فرض عقوبات عليها في حال “تطبيع” علاقاتها مع النظام السوري وخرق قانون “قيصر” الذي ينصّ على فرض عقوبات على النظام وداعميه من الأشخاص والكيانات.

وجاءت التصريحات ضمن إحاطة صحافية لعدد من المسؤولين الأميركيين قبيل اجتماع روما حول سورية، وقالت الوزارة فيها إنه “على البلدان التي تفكر في تطبيع علاقاتها مع النظام السوري أن تأخذ بعين الاعتبار جرائمه”.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على عشرات الكيانات والشخصيات النافذة في النظام السوري، وكان من أبرز هذه العقوبات قانون “قيصر”، الذي ينص على فرض عقوبات على النظام السوري وكل من يدعمه مالياً أو عينياً أو تكنولوجياً، وقد دخل حيّز التنفيذ في 17 يونيو/ حزيران الماضي.

وتأتي تسمية التشريع الأميركي من اسم المصور العسكري السوري السابق الملقب بقيصر، الذي انشق عن النظام عام 2014، وسرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف سجين قُتلوا تحت التعذيب.

وجاءت هذه التصريحات بالتزامن مع سعي روسي وعربي لإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، إضافة لتخفيض عقوبات “قيصر” على اعتبار أنها سبب التدهور الإنساني في سورية.

وفي سياق منفصل، أكد القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جوي هود، خلال مؤتمر صحافي، أن واشنطن تنوي الحفاظ على وجودها العسكري شمال شرقي سورية بهدف مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.

وأضاف أن بلاده تنوي الحفاظ على وجود عسكري محدود شمال شرقي سورية بهدف محاربة تنظيم “داعـش” بالشراكة مع “قوات سورية الديمقراطية” (قسد).

العربي الجديد

—————————

«التطبيع العربي» مع دمشق مفاجأة أميركا في مؤتمر روما/  إبراهيم حميدي

فجأة وسعت أميركا قائمة المدعوين إلى المؤتمر الوزاري الموسع في روما الخاص بسوريا في روما غداً الاثنين، لتضم الجامعة العربية في خطوة ترمي إلى إثارة ملف «التطبيع العربي» مع دمشق بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين و15 من نظرائه في «السبع الكبار» و«المجموعة المصغرة» وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي، بهدف الضغط على روسيا للموافقة على قرار الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا «عبر الحدود».

الاجتماع، وهو أول لقاء وزاري يرأسه بلينكين عن سوريا منذ تسلم الرئيس جو بايدن سيعقد على هامش المؤتمر الخاص بالتحالف الدولي ضد «داعش» في العاصمة الإيطالية، كان مقرراً أن يقتصر على إيجاز يقدمه المبعوث الأممي غير بيدرسن وإلقاء كل وزير خطاباً مدته دقيقتان، قبل إقرار مسودة بيان جماعي مختصر، مع تركيز خاص على ملف المساعدات الإنسانية وتمديد آلية إيصالها «عبر الحدود» التي تنتهي في 10 الشهر المقبل.

كان هذا واضحاً في مسودة البيان، التي حصلت «الشرق الأوسط» عليها، حيث نصت على أن الدول المشاركة «تشدد على الأهمية البالغة لضمان تقديم المساعدة المنقذة للحياة والاستجابة لوباء كورونا المستجد، لجميع المواطنين السوريين المحتاجين من خلال جميع السبل الممكنة، بما في ذلك توفير وتوسيع آلية الأمم المتحدة عبر الحدود، والتي لا يوجد بديل مناسب لها».

وكان مقرراً أن يؤكد الوزراء، «أهمية استمرار الدعم للاجئين السوريين، والبلدان المضيفة، حتى يتمكن السوريون من العودة الطوعية إلى ديارهم في أمان وكرامة» مع الترحيب بإحاطة بيدرسن وتأكيد «دعمنا القوي للجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتنفيذ جميع جوانب قرار مجلس الأمن رقم 2254. بما في ذلك الدعم المستمر لوقف إطلاق النار الفوري على مستوى البلاد والتزامنا بمواصلة العمل بنشاط من أجل التوصل إلى حل سياسي يضع حداً للنزاع المستمر منذ عقد في سوريا، مع ضمان أمن الشعب السوري».

لكن الدول المشاركة تبلغت قبل يومين بدعوة آيرلندا والجامعة العربية إلى الاجتماع. آيرلندا دعيت إلى جانب النرويج لأنهما مسؤولتان عن ملف الشؤون الإنسانية في نيويورك. أما دعوة الجامعة العربية، فالسبب أن أميركا تريد إثارة موضوع رغبة دول عربية بـ«التطبيع» مع دمشق وإعادتها إلى الجامعة العربية بموجب اقتراحات عربية وضغوطات روسية عبر عنها وزير الخارجية سيرغي لافروف في جولته العربية الأخيرة ولقاءاته مع عدد من الوزراء.

وحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، فإن واشنطن (وباريس)، التي كانت صامتة ثم مقتصرة على ملاحظات عبر الأقنية الدبلوماسية، أبلغت دولاً عربية وأوروبية بضرورة ألا يكون «التطبيع العربي» مجانياً والتريث به إلى ما بعد معرفة موقف روسيا من التصويت على القرار الدولي لتمديد المساعدات «عبر الحدود» قبل انتهاء صلاحية القرار الحالي في 10 الشهر المقبل.

كانت واشنطن قدمت عدداً من «الإشارات المشجعة» لموسكو للتصويت لصالح صدور قرار يسمح بفتح ثلاثة معابر حدودية، اثنان مع تركيا وثالث مع العراق، كان بينها عدم إصدار عقوبات جديدة بموجب قانون قيصر» خلال أول ستة أشهر من عمر إدارة بايدن (إدارة دونالد ترمب فرضت عقوبات على 114 في آخر ستة أشهر من عهدها)، وتقديم استثناءات لمواد طبية من العقوبات، والموافقة على تقديم المساعدات «عبر خطوط» التماس بين مناطق النفوذ في سوريا.

لكن إلى الآن، لم تتبلغ واشنطن موقف موسكو التي قالت إن القرار سيتخذ على أعلى المستويات، أي الرئيس فلاديمير بوتين، وأن المؤشرات قد تصوت ضد تمديد القرار، بل إن وزير الخارجية سيرغي لافروف بعث رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، متهماً دولاً غربية بـ«بالابتزاز».

ودعا في مناسبة أخرى إلى ما مفاده، ضرورة الوصول إلى «صفقة شاملة» تشمل: 1) «قانون قيصر» الأميركي الذي يتضمن فرض عقوبات قاسية على دمشق، 2) دعم إعمار البنية التحتية في سوريا، 3) الوجود الأميركي شرق الفرات، 4) توفير دعم البنية لعودة اللاجئين والمساعدات عبر الحكومة في دمشق، 5) إيصال المساعدات «عبر خطوط» كما قابلت موسكو جهود بليكنين بحشد حلفائه في 15 دولة ومنظمة في روما اليوم، بأنها دعت إلى اجتماع لـ«مجموعة آستانا» (روسيا، إيران، تركيا) في 7 الشهر المقبل، عشية انتهاء صلاحية قرار «المساعدات». وإلى فتح واشنطن ملف «التطبيع العربي»، تلقى بيدرسن نصيحة بتأجيل تقديم اقتراحه لمقاربة «خطوة مقابل خطوة» إلى ما بعد «الاختبار الأميركي» لروسيا، إذ لا يزال فريق بايدن يقول إن قرار موسكو في شأن آلية المساعدات، سيحدد اتجاه العلاقات في المرحلة المقبلة، إذ إن الموافقة على تمديد آلية المساعدات «عبر الحدود» و«عبر الخطوط»، ستفتح الطريق على استعادة الحوار السياسي بين البلدين حول ملفات عدة تخص سوريا، بما في ذلك «خطوة مقابل خطوة» وبحث جميع «الحوافز».

الشرق الأوسط

———————————-

اللجنة الدستورية السورية: نشوة النظام بالانتخابات تزيد من مماطلته/ عماد كركص

بات التعبير عن “الأسف والإحباط” أمراً ملازماً لتصريحات وإحاطات المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، حيال تناوله عمل اللجنة الدستورية السورية، المتوقفة عن الانعقاد منذ نهاية الشهر الأول من العام الماضي، وهو موعد اختتام الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة.

وخلال إحاطته أمام مجلس الأمن، الجمعة الماضي، أعرب بيدرسن عن أسفه وإحباطه من عدم تحقيق تقدم في الملف السياسي السوري، مؤكداً في الوقت ذاته ضرورة الاستمرار في المساعي للتوصل إلى اتفاق. واستهل إحاطته بالتأكيد على ضرورة الاستمرار والتوسع بعمليات تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود. وحول المحادثات السياسية، قال: “أعتقد أننا جميعاً نشعر بخيبة أمل، لأننا لم نحرز تقدماً حقيقياً في المسار السياسي لتنفيذ القرار 2254، بما في ذلك الإصلاح الدستوري وانتخابات تكون تحت إشراف الأمم المتحدة”. كذلك عبّر عن أسفه لما وصفه بـ”هوة عدم الثقة” بين الطرفين، وتعقيدات الوضع على الأرض، معتبراً أنها تجعل إحراز تقدم مبكر نحو تسوية شاملة “أمراً غير مرجح في الوقت الحالي”، مؤكداً ضرورة أن يتفق المجتمع الدولي حول عناصر تساعد على المضي إلى الأمام لـ”خلق الظروف المناسبة لحل أكثر شمولاً للصراع”.

وأشار بيدرسن إلى إصابته بـ”خيبة أمل” بسبب عدم إحراز اللجنة الدستورية، التي اجتمعت خمس مرات، أي تقدم لإعداد وصياغة إصلاح دستوري، مشيراً إلى ضرورة “العمل بشكل حثيث لإحراز تقدم في ذلك المجال”. وأعلن أنه سيغادر نيويورك إلى روما للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية، الذي تعقده إيطاليا والولايات المتحدة، حول سورية، ومن ثم إلى موسكو وأنقرة وطهران.

ورغم أن بيدرسن أشار بشكل غير مباشر، في ختام الجولة الخامسة، إلى تعطيل وفد النظام أعمالها وما سبقها من جولات، إلا أنه دائماً ما يحمل المسؤولية في عدم وصول اللجنة إلى أهدافها إلى المعارضة والنظام، مع تجنب وضع وفد النظام بدائرة التعطيل الرئيسي بشكل مباشر لأسباب دبلوماسية، كي لا يمثل هذا الأمر ذريعة لوفد النظام لمزيد من عرقلة الأعمال، أو حتى تعليق عمله في اللجنة.

وفي وقت سابق، أشارت معلومات حصلت عليها “العربي الجديد” من مصادر خاصة إلى أن النظام وضع ملاحظات “تخريبية” على مقترح الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي اقترحها بيدرسن في إبريل/ نيسان الماضي. وبحسب المصادر فقد واجهت المتحدثة باسم المبعوث الأممي، خولة مطر، التي زارت دمشق، عراقيل جديدة لم تكن متوقعة، إذ قام الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن جانب النظام أحمد الكزبري بتقديم تفاصيل الملاحظات على مقترح بيدرسن، وهذه الملاحظات تُطيح المقترح، وهو ما يعني بحسب مصادر “العربي الجديد” أن النظام لم يرفض المقترح رسمياً، إلا أنه قام بتعطيله، وهذا أمر لم يكن فريق بيدرسن يتوقعه، خصوصاً أن الجانب الروسي كان قد أعلن رضاه عن المقترح في وقت سابق، وأخبر بيدرسن أن النظام سيكون أكثر جديّة في التعامل مع ملف اللجنة الدستورية بعد الانتهاء من انتخاباته الرئاسية.

وتشير المعلومات كذلك إلى أن فريق بيدرسن سمع كلاماً في دمشق على سبيل أن “معطيات الواقع السوري اليوم اختلفت، وأن الشعب السوري اختار بشار الأسد رئيساً له بالأغلبية”، ما يعني أن طريقة التعامل مع ملف اللجنة الدستورية قد اختلفت، وهي إشارة من النظام إلى أنه اليوم أقوى من فترة ما قبل الانتخابات، وأن دخوله في الجولة الجديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية يجب أن يكون وفق شروطه. وكان بيدرسن قد أرسل، منتصف إبريل الماضي، مقترحاً لأجندة الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية، في محاولة لكسر الاستعصاء الحاصل بين النظام والمعارضة.

وأمام ذلك، بات المسار الدستوري على محك قد يفضي إلى توقفه بعد إنجاز النظام للانتخابات الرئاسية. ولا يعتقد أن جولة بيدرسن بين روما وموسكو وطهران وأنقرة ستحقق أي تغيير في سير عمل اللجنة، إذ كان قد تلقى وعوداً مشابهة في جولات سابقة من مسؤولين إيرانيين وروس لدفع النظام لإبداء جدية خلال مشاركته في اللجنة، لكن ذلك لم يحدث أبداً، في دليل واضح على مساندة الروس والإيرانيين للنظام في طريق المراوغة المستمر لهذا المسار الأممي.

وتعقيباً على ما ورد في إحاطة بيدرسن، قالت عضو الهيئة المصغرة للجنة الدستورية، عن قائمة المجتمع المدني، إيمان شحود، إن “أسف المبعوث الأممي عن تعطل الحل السياسي لا يجدي نفعاً أمام المأساة التي يعيشها الشعب السوري، والمطلوب هو إرادة دولية لتنفيذ القرار 2254، والأمم المتحدة تملك الآليات لذلك. لكن إلى الآن لا توجد تلك الإرادة، وبالتالي تم تقسيم القرار إلى سلال أربع اختزلت فيما بعد بمسار اللجنة الدستورية، والتي كان من المقرر أن تكون جزءاً من مسارات العملية السياسية وليس كلها. وهذا المسار يتم تعطيله لأنه لم يتواز مع العمل على الحل السياسي الشامل”.

وأضافت شحود، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “تحميل بيدرسن طرفي اللجنة تعطيل أعمالها أمر غير منصف بالمطلق، لأن التزام وفد المعارضة بجداول الأعمال كان واضحاً، ومداخلاته ومقترحاته جميعاً كانت تصب باتجاه وضع مبادئ وصياغات دستورية حقيقية، في حين وفد النظام يذهب دائماً إلى الزج بمناقشات سياسية وغير دستورية، بهدف التعطيل”. وأشارت إلى أنه “يفهم أن تصريح المبعوث الأممي قد يكون دبلوماسياً ليحقق مبدأ التوازن، لكن عليه أن يكون شفافاً كذلك بتحديد مواضع التعطيل، لأن الشفافية وتحديد المعطل قد يدفعان بالدول إلى أخذ مبادرات أخرى للحل في سورية”.

وكان الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن وفد النظام، أحمد الكزبري، قد أعلن صراحة، على هامش الجولة السابقة، أنهم قدموا إلى جنيف لمناقشة المواضيع الدستورية، من دون الدخول في وضع صياغات دستورية، معتبراً أنّ هذا الأمر “يحتاج وقتاً طويلاً ومساحة من النقاش”. واستمرار هذا الموقف من قبل وفد النظام قد يفضي إلى إعلان فشل المسار بالمطلق خلال الجولة المقبلة. وينتشي النظام اليوم بإنجاز الانتخابات الرئاسية، والنظرة إلى عدم حاجته لهذا المسار الذي استخدمه لتمرير الانتخابات، ما يخلق عرقلة إضافية لعمل اللجنة المهددة بالفشل، ومن ثم التوقف.

العربي الجديد

————————————–

=================

تحديث 30 حزيران 2021

————————–

حرب باردة جديدة أم خلاف على معبر باب الهوى؟/ بكر صدقي

ثمة شيء غير منطقي…

لا يتسق شعار “عودة أميركا” مع انحدار سقف ما تطلبه واشنطن من موسكو، في الموضوع السوري، إلى مستوى “المعابر الإنسانية”. صحيح أن سوريا هي “خارج أولويات الإدارة الأميركية” كما شاع القول ككليشة أو بديهة لا تحتاج إلى إثبات، ولكن، بالمقابل، ما هكذا تخاض “الحرب الباردة الجديدة” التي كثرت مؤشراتها في الأشهر المنصرمة من ولاية بايدن.

من الكليشيهات الأخرى التي درجت في الإعلام، منذ عهد باراك أوباما، أن الولايات المتحدة تسعى إلى الانسحاب من الشرق الأوسط والتخفف من أعبائه، للتوجه نحو آسيا والمحيط الهادي، أي لمحاصرة القطب العالمي الجديد المتمثل في الصين. حدث انقطاع عن هذه الاستراتيجية الأميركية في عهد دونالد ترامب الذي كانت محاصرة إيران أولوية في سياسته الخارجية، وإن كان ذلك على الطريقة الترامبية، كاغتيال قاسم سليماني في بغداد على سبيل المثال. واليوم يعود هذا التوجه الأميركي بقوة، وكانت جولة بايدن الأوروبية نوعاً من تجميع الحلفاء قبل البدء بـ”الحرب الباردة الجديدة” ضد الصين.

إنها تعريفاً حرب “باردة” أي لا تتضمن اشتعال حروب مباشرة بين قطبيها، لكنها أيضاً لا تقتصر على أدوات غير حربية كالاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا والثقافة وغيرها من الأسلحة “الناعمة”. فإذا اتخذنا الحرب الباردة القديمة مرجعية لفهم نظيرتها الجديدة، سنرى أنها تضمنت حروباً كبيرة في مختلف أنحاء العالم بين دول مدعومة من القطبين، الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وأحياناً بانخراط مباشر من أحد القطبين، كالحروب الفيتنامية والكمبودية والأفغانية والعربية – الإسرائيلية على سبيل المثال، إضافة إلى حروب الاستخبارات السرية والثورات والانقلابات العسكرية.

كانت تلك الحرب أشبه ما تكون بلعبة شطرنج، يحرك فيها الأميركيون والسوفييت قطعهم، سعياً وراء استتباع حكومات وكسب مناطق نفوذ في مختلف أنحاء العالم. ولم تكن أي من القوتين العظميين “تتعفف” عن السيطرة على دولة هنا ومنطقة هناك بدعوى أنها “خارج الأولويات”. فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بمنطقة نفوذ تقليدية للولايات المتحدة كالشرق الأوسط، على الأقل إسرائيل ودول المنظومة الخليجية. أما سوريا فهي منطقة نفوذ تقليدية لروسيا التي ورثتها عن فرنسا، وفقاً لمعايير الحرب الباردة القديمة، ولا يستبعد أن يكون استبعادها من الأولويات الأميركية، منذ بداية الثورة السورية في 2011، نوعاً من التسليم بمعطيات الحرب الباردة القديمة، أي الإقرار بـ”أحقية” روسيا في سوريا. هذا الافتراض، إن صح، يفسر أيضاً الموافقة الأميركية – الأوروبية الضمنية للتدخل العسكري الروسي في سوريا، في 30 أيلول 2015، على هامش الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقد تبع هذا التطور صدور قرار مجلس الأمن 2254، بعد شهرين، ذلك القرار الذي كان، من زاوية النظر التي نناقشها هنا،  بمثابة رسم حدود لتفويض روسيا بالمشكلة السورية.

كانت النتيجة، كما نعلم، هي استفادة روسيا القصوى من التفويض، ووضع قرار مجلس الأمن في الثلاجة على غرار القرارات المماثلة الصادرة بحق إسرائيل. أي خسارة مطلقة للتحالف الغربي أمام روسيا، بمعايير لعبة الأمم. احتفظت الولايات المتحدة من هذه الصفقة الخاسرة لنفسها بالسيطرة العسكرية على شمال شرق سوريا، فامتلكت بذلك القدرة على تعطيل “الحل السياسي” الروسي، من غير امتلاك بدائل إيجابية للضغط على روسيا بشأن الحل السياسي في سوريا. وإذ بدا الأميركيون على عجلة من أمرهم لسحب قواتهم من تلك المنطقة، بعد فرضية القضاء على دولة داعش، ولم يتركوا في الميدان إلا أقل من ألف جندي قد يتم سحبهم أيضاً في أي يوم، فقدوا حتى القدرة على التعطيل، فأجرى الروس الانتخابات الرئاسية لبشار الأسد على رغم الرفض الغربي الرخو الذي لم يستند إلى أي بدائل سياسية، ولا استطاع فرض أي إجراءات عقابية.

الحرب الباردة الجديدة التي يجري الحديث عنها تستهدف الصين بالدرجة الأولى باعتبارها القوة العظمى التي تهدد التفوق الأميركي في الاقتصاد والتكنولوجيا، وتعمل بدأب على توسيع مناطق نفوذها على حساب القوة الأميركية التي تبدو، والحال هذه، في حالة دفاعية. لكن روسيا هي صاحبة الأنياب النووية التي بدون تحييدها لا يمكن لمحاصرة الصين أن تكون ناجعة. هذا ما يبدو أن إدارة بايدن تسعى إليه. ولكن كيف يمكن تحييد روسيا ما لم يتم الحفاظ على نوع من توازن القوى معها على رقعة الشطرنج العالمية، في الوقت الذي تعزز فيه موسكو وجودها العسكري في سوريا باطراد، وتضع تركيا – حليفة واشنطن – بين خياري الالتحاق باستراتيجيتها أو الانقلاب على التفاهمات الهشة معها؟

وكيف تكون محاصرة الصين ممكنة، في الوقت الذي تمد فيه الصين نفوذها إلى إيران وإفريقيا، ويترك التمدد الإيراني في الجوار العربي بلا ضبط بذريعة العودة إلى الاتفاق النووي؟

بهذا المعنى نرى أن الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط قد أدى إلى ملء هذا الفراغ من قبل روسيا والصين وإيران، في حين تبدو أوروبا “العجوز” مكتفية بذاتها وليست راغبة في خوض مغامرات جديدة تحت شعار الحرب الباردة الجديدة. هل جرى تغيير حقيقي في هذا النزوع الأوروبي بعد “عودة” أمريكا بزخم قوي في سلسلة القمم التي التأمت هذا الشهر، السبعة الكبار والأطلسي والاتحاد الأوروبي؟

موضوع التمديد لآلية الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال سوريا عبر الحدود الذي من المفترض أن يصوت عليه مجلس الأمن بعد أسبوعين، سيكون اختباراً أولياً لمدى قوة الحلف الغربي في مواجهة المحور الروسي – الصيني. ولكن بصرف النظر عن نتيجة التصويت، وهل ستسمح روسيا والصين بتمرير قرار إيجابي من خلال الامتناع عن استخدام حق النقض أم لا، تبدو واشنطن وحلفاؤها في موقف ضعيف جداً حين يكونون بجاجة إلى موافقة المحور المذكور في موضوع إنساني بحجم معبر باب الهوى. ترى ماذا يمكن لهذا الحلف أن يفعل إذا تعلق الأمر بالنزاع حول حقول النفط والغاز المكتشفة في شرقي البحر المتوسط، في الوقت الذي باتت فيه موسكو تملك قوة ردع كبيرة على الشاطئ السوري؟

في الحرب الباردة مع الصين قد تنفع الأدوات الناعمة، لكن موسكو التي لا تفوق امبريالياً لديها إلا في السلاح، ويقودها رجل كبوتين، لا ينفع معها إلا التلويح بالقوة الفظة. 

المدن

————————————

باب الهوى .. فرصة لكسر البلطجة/ أرنست خوري

مطلوبٌ من مليونين وأربعمائة ألف سوري يعيشون في شمال غربي سورية أن ينتظروا بصمت موعد موتهم جوعاً وعطشاً ومرضاً، بدءاً من العاشر من يوليو/ تموز المقبل، وأن يترقّبوا باسمين، فيتو روسياً جديداً في مجلس الأمن، يغلق معبر باب الهوى أمام المساعدات. مطلوبٌ من هؤلاء أن يتعاطوا مع موتهم الحتمي بعقلانية، تماماً كما تفعل المجموعة الدولية التي تستسلم في كلّ عام لرغبات موسكو وتغلق المزيد من المعابر الحدودية الإنسانية مع سورية والعراق، وقد بقي منها واحد فقط يوشك على الإغلاق بدوره.

معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا هو البوابة الوحيدة التي بقيت للسوريين المقيمين في منطقتي إدلب وريف حلب (الخارجتين عن سيطرة النظام) لتدخل عبره المساعدات والأدوية التي تتناقص بشكل حاد. منه تعبر نحو ألف شاحنة شهرياً من دونها ستحصل “كارثة إنسانية” حتمية، بحسب تعابير منظمة الصحة العالمية. ومنذ عام 2014، استخدمت موسكو الفيتو مرات عدة لتخفيض عدد نقاط العبور. كانت أربعاً بين الحدود التركية والعراقية، وأصبحت واحدة. وهذا العام، لم تتوقف التصريحات الروسية الجازمة بأن لا تمديد لقرار مجلس الأمن فتح معبر باب الهوى أمام المساعدات، وأنّه لا بدّ لأيّ شيء يصل إلى منطقة إدلب ومحيطها من أن يمرّ عبر دمشق. الدول الفاعلة في الموضوع لزمت صمت القبور رداً على التهديد الروسي بالإبادة، ولم تخرق الصمت ذاك سوى استغاثة منظمات دولية منهكة.

أما والحال كذلك، فما هو الحل؟ روسيا نطقت بما لديها: نريد صفقة شاملة تتضمّن إلغاء قانون قيصر ودعم إعادة إعمار سورية عبر فتح صنبور الدولارات إلى سورية بلا أيّ حلّ سياسي، ووقف العمل بمجموعة واسعة من العقوبات المفروضة على دمشق وموسكو، وتحويل المساعدات من باب الهوى إلى دمشق حيث سيكون مصيرها معروفاً طبعاً. أما الطرف الآخر، الذي كان يُسمّى المجموعة الدولية الصديقة للشعب السوري، فلا كلام مفيداً عندها إلّا ترك أعضاء من النادي يتقدمون بمشاريع قرارات ستسقط بالفيتو الروسي، كحال مشروع القرار المشترك من أيرلندا والنرويج الذي يقترح تمديداً لعام إضافي لباب الهوى، وإعادة فتح معبر اليعربية (مع العراق). وفي انتظار حلول العاشر من يوليو، تتسلّى مواقع إعلامية ووكالات أنباء بتداول تخمينات من نوع أنّ مصير المعبر هو اختبار للعلاقة الروسية ــ الأميركية الجديدة، من دون أن ينتبه أصحاب التنجيم الإعلامي إلى أنّ الكرملين حسم باكراً بأنّ المطالبة بإبقاء معبر باب الهوى مفتوحاً للمساعدات، ليس إلّا “نفاقاً إجرامياً” وفق المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبيزيا.

أمام واقع كهذا، ربما وجب تذكّر ملابسات حفلة الدم الروسية في سورية (التي تسمّى دلعاً “التدخل المباشر”)، ثم حقيقة أنّ معبر باب الهوى منطقة حدودية تربط تركيا بسورية. فما الذي قد يحصل برأي المسؤولين الأتراك مثلاً لو قررت أنقرة أن تعتبر شأن استخدام المعبر مسألة سيادية خاصة بها وبالطرف الآخر من الحدود حصراً، أي قوى الأمر الواقع هناك، وتفرض بالقوة استمرار دخول المساعدات تحت حمايتها، وليذهب مجلس الأمن وفيتوهاته إلى الجحيم مثلما ذهب عندما أرسلت روسيا جيشها، ذات سبتمبر/ أيلول 2015 إلى سورية، وتركت للآخرين ممارسة هواية الاستنكار وإصدار بيانات الشجب. وما الذي قد يحصل لو استعاد “المجتمع الدولي” شجاعة في وجه البلطجة الروسية، وقرّر فرض مواصلة إرسال المساعدات من خلال المعبر المذكور بالقوة أيضاً وبغطاء جوي يسهل توفيره؟ هل تقصف روسيا حينذاك قوافل المساعدات؟ ألا يدرك حكام العالم أنّ موسكو ما كانت لتقدم على أيّ مغامرة عسكرية، من سورية إلى أوكرانيا، لو شعرت فقط بأنّ لدى الطرف الدولي الآخر إرادة، مجرد إرادة بالمواجهة؟

اليوم، الفرصة مناسبة لتركيا ولبقية أطراف المجتمع الدولي لرفع التحدّي، إذ يعرفون أنّ روسيا لن تقابله إلّا بالصراخ لو توفرت الجرأة عند الطرف الآخر: فرض تمرير المساعدات الإنسانية بالقوة عبر باب الهوى مناسبة لكسر البلطجة الروسية.

العربي الجديد

—————————-

رئيس الحكومة السورية الموقتة: نحث المجتمع الدولي على تطبيق نتائج مؤتمر روما/ جلال بكور

رأى رئيس الحكومة السورية الموقتة عبد الرحمن مصطفى أن التحركات الدولية الأخيرة حول الملف السوري تؤكد إعادة الاهتمام بالملف الذي أرهق المجتمع الدولي، مبدياً تفاؤله بنتائج مؤتمر روما التي من شأنها الضغط على النظام وحلفائه الروس والإيرانيين الذين يقفون عثرة في وجه الحل السياسي. بدوره، وجّه رئيس الائتلاف الوطني المعارض نصر الحريري رسالة إلى وزراء خارجية العديد من الدول، يؤكد فيها ضرورة تجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

وساد هدوء شبه تام في جبهات إدلب ومحيطها، عقب انتهاء مؤتمر روما، استمرّ حتى صباح اليوم الأربعاء، حيث تشهد المنطقة هدوءاً بعد تصعيد من النظام استمرّ قرابة ثلاثة أسابيع، وأسفر عن مقتل وجرح عشرات المدنيين، فيما تشهد المنطقة ترقباً لما سيؤول إليه اجتماع مجلس الأمن حول قرار تمديد مرور المساعدات عن طريق معبر باب الهوى إلى شمال غربي سورية الخارج عن سيطرة النظام.

وأكد مصطفى في حديث مع “العربي الجديد” أن التحركات والمساعي الدولية التي تنشط حول الملف السوري تؤكد إعادة الاهتمام به من قبل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة.

وأوضح رئيس الحكومة المؤقتة: “نحن بكل تأكيد نرحّب بكل المواقف والتحركات الإقليمية والدولية الجادة الساعية لإيجاد حلّ سياسي شامل للملف السوري الذي أرهق المجتمع الدولي بعد أن تحوّل إلى مشكلة تمسّ مصلحة المنظومة الدولية بأسرها”، مضيفاً: “نعتقد أن مؤتمر روما يسعى للضغط على النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين الذين يشكلون حجر عثرة أمام أي حل سياسي، وخصوصاً أن المؤتمر يأتي قبيل اجتماع مجلس الأمن لتمديد إدخال المساعدات إلى مناطق شمال سورية والتعنت الروسي لمنع ذلك”.

وقال عبد الرحمن مصطفى إنه لا شك في أن مؤتمر روما وما ترتب عليه من نتائج إنما يشكل خطوة مهمة على الطريق الصحيح، ويعزز الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة على مدار أكثر من عشر سنوات، وخصوصاً أن نتائج المؤتمر تؤكد تثبيت وقف إطلاق النار في كلّ أرجاء البلاد والمطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في مناطق الشمال، والأهم من كل ذلك أنها تؤكد حرصها على دعم العملية السياسية في سورية لتحقيق حل نهائي شامل ومستدام استناداً إلى قرار مجلس الأمن الدولي 2254، والذي اعتبره البيان الحل الوحيد الذي ينهي الوضع المأساوي للشعب السوري، ويفضي بالتالي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالي ورحيل النظام”.

وأكد مصطفى ضرورة أن تكون نتائج المؤتمر فاعلة على الأرض، قائلاً: “إننا نحث الدول المعنية على تطبيق تلك النتائج إلى واقع ملموس، واتخاذ كلّ التدابير اللازمة للضغط على النظام وحلفائه للقبول بالحل السياسي الذي من شأنه أن ينهي هذه المأساة، كما سوف ينعكس إيجاباً على إرساء السلم والأمن الدولي وتحقيق السلام والاستقرار في العالم.”

وكان مؤتمر روما الذي عقد يوم الأحد الماضي قد أكد في بيانه الختامي عدة نقاط، من أبرزها الحل السياسي في سورية، ووحدة الأراضي السورية، وضرورة استمرار دخول المساعدات.

بدوره، وجّه رئيس الائتلاف الوطني السوري نصر الحريري رسالة إلى وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة الأميركية، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، تركيا، اليابان، كندا، السعودية، قطر، الإمارات العربية المتحدة، مصر، والأردن، بخصوص جرائم النظام السوري المستمرة بحق الشعب السوري، وحملت أيضا تأكيداً على ضرورة تجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

وقالت الدائرة الإعلامية في الائتلاف إن الحريري أكد أن “نظام الأسد يتحمّل المسؤولية كاملة عن محنة الشعب السوري، سواء في سورية أو خارجها، وذلك لما قام به من استخدام كل الوسائل والأسلحة المتاحة له لقمع الثورة السورية، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية والحصار والتجويع”.

وشدّد الحريري على أهمية تمديد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2533 بشأن إرسال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، مؤكداً ضرورة إرسال مساعدات إغاثية عبر المنافذ الحدودية الأربعة (باب السلام وباب الهوى واليعربية والرمثا)، وإضافة معبر خامس في بلدة تل أبيض بمحافظة الرقة، وذلك لضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المحتاجين.

وقالت الدائرة إن الحريري يرى أن أهمية تجديد القرار الدولي تأتي من الحاجة الملحة لمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والطبية في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية القاسية بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا.

وحذّر الحريري في رسالته من الدور الروسي في الاعتراض على تجديد القرار، مشيراً إلى أن عدم تجديد القرار سيتسبب بكل تأكيد بكارثة إنسانية كبرى نظراً إلى العدد الهائل من النازحين في المناطق المحررة.

ودعا الحريري “الدول الصديقة” إلى اتخاذ إجراءات خارج مجلس الأمن إذا لزم الأمر، لـ”ضمان إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المحتاجين في سورية، وحماية الشعب السوري من جرائم الحرب التي يستمر بارتكابها نظام الأسد وحلفاؤه”.

وأكد رئيس الائتلاف في رسالته ضرورة دعم إنشاء آليات عملية ذات إطار زمني محدّد للتنفيذ الكامل لقرار الأمم المتحدة 2254، لا سيما تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة، والتي تعتبر نواة الانتقال السياسي في سورية.

وجدّد الحريري في رسالته الدعوة إلى “استخدام جميع الوسائل الممكنة لممارسة ضغط حقيقي على نظام الأسد لإجباره على منح المنظمات ذات الصلة، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حق الوصول الفوري والكامل إلى مراكز الاعتقال والاحتجاز من أجل التأكد من أوضاع المعتقلين، والضغط من أجل إنقاذ حياة مئات الآلاف من المعتقلين وضمان الإفراج الفوري عنهم”.

ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن الدولي في العاشر من يوليو/ تموز هذا العام جلسة سيتم البت خلالها في قرار إبقاء هذا المعبر مفتوحاً أو إغلاقه على أكثر من 4 ملايين سوري من السكان الأصليين للمنطقة والنازحين.

العربي الجديد

———————————-

شرق سورية ميدان صراع: صندوق بريد لرسائل إيرانية أميركية/ أمين العاصي

تبادل الأميركيون والإيرانيون الرسائل الحربية في أقصى الشرق السوري، الذي يبدو أنه سيكون ميدان صراع محتمل بين الطرفين، اللذين يبتعدان حتى اللحظة عن المواجهة النارية المباشرة، خصوصاً من الجانب الإيراني الذي يحرك وكلاء له في سورية والعراق لاستهداف قوات أميركية في كلا البلدين.

وقصفت مليشيا “أبو الفضل العباس” التابعة لـ”الحشد الشعبي” العراقي والمتمركزة في محيط مدينة الميادين السورية في ريف دير الزور الشرقي، مساء الإثنين، بثمانية صواريخ قاعدة حقل العمر النفطي التي تتمركز داخلها قوات التحالف الدولي، وفق مصادر محلية وشبكات إعلامية محلية. وبحسب هذه الشبكات، رد التحالف الدولي بقصف بالمدفعية الثقيلة على مصادر النيران على الفور، تلته بنصف ساعة غارات جوية مكثفة شنتها طائرات التحالف على مقرات ومواقع هذه المليشيا. وأكّد المتحدث باسم قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، واين ماروتو، الإثنين، تعرض قاعدة أميركية في سورية لقصف صاروخي، من دون وقوع إصابات، مشيراً في تغريدة عبر حسابه الرسمي على “تويتر”، إلى أن القوات الأميركية كانت في حالة “دفاع عن النفس” و”ردّت بقصف مدفعي للمواقع التي أطلقت منها الصواريخ”.

وجاءت الرسالة الإيرانية بعد يوم واحد من قصف أميركي، استهدف مقار لمليشيا “كتائب سيد الشهداء”، أحد أبرز الفصائل العراقية المدعومة من طهران، داخل منطقة الهري السورية الحدودية التي تبعد قرابة 6 كيلومترات من معبر القائم الحدودي شرق مدينة البوكمال، شرق سورية. وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، ليل الأحد-الإثنين، أنها شنّت غارات جوية استهدفت منشآت تستخدمها مليشيات مدعومة من إيران على الحدود السورية العراقية، مشيرة إلى أن هذه الضربات أذن بها الرئيس جو بايدن في أعقاب الهجمات المستمرّة على المصالح الأميركية، فيما أقرّت مليشيا “كتائب سيد الشهداء”، في بيان لها، بمقتل عدد من عناصرها بالهجوم الأميركي.

وتشير المعطيات الواردة من ريف دير الزور الشرقي إلى أن المليشيات الإيرانية تتحسب من استمرار الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي، وهو ما دفعها إلى إعادة انتشار لعناصرها في المنطقة الممتدة من مدينة الميادين غرباً إلى مدينة البوكمال شرقاً، والتي تعد منطقة نفوذ إيراني بلا منازع منذ أواخر عام 2017 حين خرج تنظيم “داعش” من هذه المنطقة. وتخلو المنطقة من أي وجود مهم لقوات النظام السوري الذي تخلى حتى عن السيطرة الرمزية عن جلّ ريف دير الزور الشرقي الذي يشكّل أهمية لدى الإيرانيين الذي يسيطرون فعلياً على شرقي سورية وغربي العراق من خلال مليشيات تتبع لهم.

أخبار

التحالف يكثّف طلعاته شرقي سورية واستنفار النظام و”قسد” قرب الفرات

ورأى مدير مركز “الشرق نيوز” فراس علاوي، في حديث مع “العربي الجديد”، أن شرق سورية “لن يكون ساحة مواجهة مفتوحة بين الإيرانيين والأميركيين”، مضيفاً: “اعتقد انه سيتحوّل إلى صندوق بريد للرسائل المتبادلة بين الطرفين”. وتابع بالقول: “الإيرانيون والأميركيون اختاروا شرق سورية للرد المتبادل، فطهران تناور في منطقة بعيدة عن حدودها البرية، والأميركيون لا يريدون العودة مرة أخرى إلى العراق بالشكل الذي حافظوا عليه طيلة السنوات الماضية، لذا سورية ساحة مفضلة للطرفين لتبادل الرسائل السياسية بشكل عسكري”.

وأوضح علاوي، وهو من أبناء ريف دير الزور الشرقي، أن “نقاط الاشتباك بين الطرفين قريبة جداً في شرقي سورية، ولا يفصل بينهما سوى نهر الفرات على مسافة لا تتعدى 1500 متر وهي أقرب نقطة بين الإيرانيين والأميركيين في منطقة الشرق الأوسط”. وأعرب عن اعتقاده أن المواجهة “لن تتطور على الأقل في المدى المنظور بين الطرفين في شرق سورية”، مضيفاً: “ما يجري تسخين للملفات على طاولة المفاوضات في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني بين طهران والغرب”.

ويتشاطر الأميركيون والإيرانيون السيطرة على ريف دير الزور الشرقي، إذ تسيطر المليشيات الإيرانية على المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات والمعروفة محلياً بـ”الشامية”، بينما يسيطر الأميركيون عن طريق “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) على شمال النهر أو ما يُعرف محلياً بـ”الجزيرة”. ويحتفظ الأميركيون ودول التحالف الدولي بوجود عسكري كبير في شرقي سورية، وأقام هذا التحالف قاعدة كبرى في حقل العمر النفطي الذي يعد الأكبر بين الحقول السورية. كما تنتشر قواعد ونقاط تمركز أميركية في ريف الحسكة الجنوبي خصوصاً في بلدة الشدادي الغنية بالغاز، وفي ريف الحسكة الشرقي حيث حقول رميلان الشهيرة للنفط والغاز.

ولفت رئيس تحرير موقع “إيران انسايدر” أيمن محمد، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “أبرز المليشيات التابعة لإيران في محافظة دير الزور، هي: فاطميون الأفغانية، وكتائب سيد الشهداء، وكتائب حزب الله، وحزب الله اللبناني، إضافة للحرس الثوري الإيراني الذي يشرف على انتشار ودعم المليشيات عبر مستشارين وقادة عسكريين، قتل اثنان منهم قبل أيام على طريق حمص ـ تدمر”. وأشار إلى أن هذه المليشيات “تنتشر في مدن دير الزور والميادين والبوكمال”، مضيفاً: لإيران في شرق سورية قاعدة “الإمام علي” العسكرية الاستراتيجية التي تخزن فيها صواريخ متوسطة وبعيدة المدى، وتعرضت لقصف جوي إسرائيلي أكثر من مرة منذ بدء تشييد القاعدة بريف البوكمال. وبيّن محمد أن لمحافظة دير الزور أهمية لدى الإيرانيين، مشيراً إلى أنهم “يخططون لوجود طويل الأمد”، مضيفاً: تحاول إيران خلق بدائل محلية، ولهذا عملت على تأسيس مليشيات من العشائر الموالية لها في المنطقة آخرها كان “الهاشميون”. وتابع بالقول: ومن المهم التذكير أنه بتاريخ 13 مارس/آذار الماضي، نشرت المليشيات الإيرانية مجموعة من الصواريخ، في مدينة الميادين وريفها، ووجهتها نحو قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر.

وفي السياق، أوضح أن إيران تضع يدها على معبر البوكمال الحدودي الذي يربط بين سورية والعراق، والذي افتتح في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، بعد أكثر من 7 سنوات على إغلاقه. ورأى محمد أن “المليشيات الإيرانية قادرة على إزعاج القوات الأميركية في حقل العمر، بحكم سيطرتها على مناطق متاخمة وقريبة من القاعدة”، مشيراً إلى أن إيران “تمتلك ترسانة صاروخية قادرة على ضرب القاعدة”.

العربي الجديد

———————-

نصر الحريري يطالب ب5معابر لإيصال المساعدات الى السوريين

أكد رئيس الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري على ضرورة تجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، مشيراً إلى أن النظام السوري “يتحمل المسؤولية الكاملة عن محنة الشعب بسبب قمعه الثورة السورية بكافة الوسائل ومنها استخدامه الأسلحة الكيماوية والحصار والتجويع”.

جاء ذلك في رسالة وجهها إلى وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا واليابان وكندا والسعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن، عقب الاجتماع الوزاري حول سوريا في العاصمة الإيطالية روما.

ولفت الحريري إلى ضرورة إرسال مساعدات إغاثية عبر المنافذ الحدودية الأربعة (باب السلام وباب الهوى واليعربية والرمثا)، وإضافة معبر خامس في بلدة تل أبيض بمحافظة الرقة، وذلك لضمان وصول المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من المدنيين.

واعتبر أن أهمية تجديد القرار الدولي رقم 2533 تأتي في ظل الحاجة الملحة لمواصلة تقديم المساعدات الإنسانية والطبية في ظل الظروف الإنسانية والاقتصادية القاسية بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا.

وحذّر الحريري في رسالته من الدور الذي تلعبه روسيا لمنع تجديد القرار، مشيراً إلى أن عدم وصول المساعدات قد يتسبب بكارثة إنسانية كبرى.  ودعا في رسالته الدول، إلى اتخاذ إجراءات خارج مجلس الأمن إذا لزم الأمر ل”ضمان إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى المحتاجين في سوريا وحماية الشعب السوري من جرائم الحرب التي يستمر بارتكابها نظام الأسد وحلفاؤه”.

وأكد “ضرورة دعم إنشاء آليات عملية ذات إطار زمني محدد لتنفيذ قرار الأمم المتحدة 2254، لا سيما تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة، والتي تعتبر نواة الانتقال السياسي في سوريا”.

وجدّد الحريري في رسالته الدعوة إلى “استخدام جميع الوسائل الممكنة لممارسة ضغط حقيقي على نظام الأسد لإجباره على منح المنظمات ذات الصلة، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، حق الوصول الفوري والكامل إلى مراكز الاعتقال والاحتجاز من أجل التأكد من أوضاع المعتقلين، والضغط من أجل إنقاذ حياة مئات الآلاف من المعتقلين وضمان الإفراج الفوري عنهم”.

وفي وقت سابق، شدد وزراء وممثلو الولايات المتحدة وإيطاليا وكندا ومصر وفرنسا وألمانيا واليونان والعراق وإيرلندا واليابان والأردن ولبنان وهولندا والنرويج وقطر والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة وممثلي جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، على هامش الاجتماع الوزاري حول سوريا، على الأهمية الحاسمة لتلبية الاحتياجات الإنسانية، بما في ذلك المساعدة المنقذة للحياة والاستجابة لوباء كوفيد-19 لجميع السوريين المحتاجين وبكل الطرق الممكنة، بما في ذلك من خلال توفير وتوسيع آلية الأمم المتحدة عبر الحدود التي لا يوجد بديل مناسب لها.

————————-

واشنطن:إعفاءات وأدوات لمعالجة مصابي كورونا في سوريا

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية إصدار إعفاءات من العقوبات على أدوات ومعدات وأجهزة متعلقة بتشخيص وعلاج المصابين بجائحة “كورونا” في سوريا، وتقديم 436 مليون دولار مساعدات إضافية للنازحين واللاجئين السوريين داخل سوريا وفي الدول المجاورة، بينها 99 مليون دولار من المساعدات للاستجابة لوباء “كورونا”.

وأكدت الخارجية في بيان نقلا عن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة “لا تزال ملتزمة بدعم الشعب السوري وتعزيز احترام كرامة وحقوق الإنسان لجميع السوريين”.

وقال البيان إن هذا التمويل سيدعم توفير الغذاء والمياه النظيفة والمأوى والرعاية الصحية والتغذية والحماية والتعليم، وأشكال أخرى من الإغاثة. وأضاف أن الولايات المتحدة ستكون بهذا المبلغ قد قدمت ما يقرب من 13.5 مليار دولار للشعب السوري منذ بداية الصراع.

وقال بلينكن في البيان إنه أكد خلال مؤتمر روما، “ضرورة وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى جميع السوريين، وعلى أهمية إعادة تفويض وتوسيع قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدة المنقذة للحياة للشعب السوري عبر الحدود”.

وأضاف أن “هذه الحاجة أصبحت شديدة بشكل خاص بسبب جائحة كورونا”، مؤكداً دعم بلاده “القوي للجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع السوري المستمر منذ عقد من الزمن، بما ينسجم مع قرارات مجلس الأمن، ويعزز المساءلة عن الفظائع المستمرة التي يرتكبها نظام الأسد”.

ويأتي إعلان المساعدات بعد إعلان الإدارة الأميركية “الترخيص العام رقم 21″، والذي سيدعم العمل الحاسم للحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في توفير الصادرات والمساعدات المتعلقة بجائحة “كورونا” للشعب السوري.

وأشار بيان الخارجية الأميركية إلى أن “أعمالنا وإعلاناتنا تؤكد التزامنا بإنهاء المعاناة وعدم الاستقرار الهائلين اللذين عانى منهما كل من السوريين لأكثر من عقد من الزمن، في حين يواصل نظام الأسد شن حرب عنيفة على شعبه وعرقلة الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي للصراع.

—————————-

========================

تحديث 02 تموز 2021

———————————-

ما بعد مؤتمر روما/ حسن النيفي

لعله لا يمكن الجزم حول المزامنة القائمة بين لقاء روما في 27 من الشهر الجاري، واستهداف  طائرات التحالف لمواقع تابعة لميليشيات الحشد الشعبي في منطقة البوكمال والميادين في الشرق الأقصى من سوريا، وأيّاً كان الأمر، وسواء أكان للمصادفة دور في تشابك الحادثتين أم لا، فإن تداعياتهما لا بدّ متداخلة، بل وربما يكمل بعضها الآخر. فلئن كان مؤتمر (روما) مُسخراً بالأصل لتقييم الحرب التي شنها التحالف الدولي على تنظيم داعش، فإن هذه الأولوية لا تمنع من أن يتطرق المؤتمرون إلى قضايا أخرى، وفي عدادها الشأن السوري، وربما استدعى هذا الأمر دعوة أطراف دولية أخرى ذات نفوذ في الشأن السوري، لحضور المؤتمر.

وبعيداً عن التكهنات التي استبقت انعقاد المؤتمر، أو التي واكبته، يمكن التأكيد على أن ما تضمنه البيان الختامي للقاء روما، لم يخرج عما هو متوقع، ولم يكشف – كما ظن البعض – عن تفاهمات بينية – روسية أميركية – تنبىء عن اقتراب انفراجة قريبة في الاستعصاء السياسي في سوريا، بل يمكن التأكيد على أن إدارة بايدن ليس لديها ما تضيفه إلى ما خطّته إدارة ترامب، وقبله أوباما.

إذاً لقد حضرت القضية السورية ولكن ليس للنظر في جذر المشكلة السورية بل للبحث في تداعياتها الإنسانية، وهذا الإصرار الأميركي، ومن خلفه الأوروبي، على عدم مقاربة المشكلة السورية من أبوابها الأكثر استعصاء، إنما يعكس موقفاً لا يمكن وصفه باللامبالاة فحسب، بل يجسّد الموقف الأميركي الرامي إلى بقاء الصراع في سوريا على ما هو عليه، دون إعطاء فرصة لأي طرف، بالإخلال بموازين القوى الراهنة، وهذا يعني ممانعة واشنطن لأي اجتياح تقوم به روسيا وقوات النظام لمدينة إدلب، بغض النظر عمن يوجد فيها، سواء أكان هيئة تحرير الشام أم سواها، كما يوجب ذلك أيضاً ضرورة عبور المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى إلى إدلب والشمال السوري عموما، لعل هذه الخطوة الأميركية الدفع، إنما تُعدّ دعماً رمزياً للدولة التركية أولاً، وكذلك إيحاءً رادعاً للروس من احتمال تعطيلهم لقرار يُفتَرض التصويت عليه في مجلس الأمن في العاشر من تموز المقبل، بخصوص استمرار عبور المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى التركي الحدودي.

    إذاً لقد حضرت القضية السورية ولكن ليس للنظر في جذر المشكلة السورية بل للبحث في تداعياتها الإنسانية، وهذا الإصرار الأميركي، ومن خلفه الأوروبي

غياب الأطراف السورية عن لقاء روما (المعارضة والنظام) لا يغيّر من الأمر شيئاً، ما دام المؤتمرون ما يزالون مشغولين بإدارة مصالحهم على الأرض السورية أولاً، وليس بمشكلة أو مصالح السوريين. ذلك أن الحرص الأميركي على الحشد الدولي لمواجهة الفيتو الروسي المحتمل في اجتماع مجلس الأمن المقبل، إنما يأتي استباقاً لمسعى موسكو التي تريد للمساعدات الإنسانية الدخول إلى سوريا عبر قنوات النظام، ليكون هو المستفيد الأول منها، بل ربما كان نظام الأسد هو أحوج ما يكون إلى تلك المساعدات، خاصة حيال التردّي الاقتصادي الكارثي الذي يواجهه الأسد، وهذ ما سيتيح لنظام دمشق – وفقا لما يريده الروس – إيجاد خروقات يمكن أن تتسع شيئاً فشيئاً للحصار، نتيجة العقوبات المفروضة عليه، بينما لا ترغب الإدارة الأميركية بإحداث أي تخفيف للعقوبات، بل تدفع إلى استمرار حالة الحصار، من خلال تحذيراتها المتكررة للدول العربية التي تحاول فتح قنوات، أو إعادة علاقاتها مع نظام الأسد.

لقد شُغِل الحيّز الأكبر من لقاء روما للبحث في مواجهات محتملة قادمة مع تنظيم داعش، سواء في سوريا والعراق، أو احتمالات ظهوره في مناطق ودول أفريقية أخرى، وتزامناً مع هذا الهمّ الأميركي المطروح بقوة في المؤتمر، كانت طائرات التحالف تقصف ثلاثة مواقع لميليشيات الحشد الشعبي التابعة لإيران، موقعَين منها داخل الأراضي السورية، وموقعاً ثالثاً داخل الأراضي العراقية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة عشر عنصراً وإصابة العشرات من اللواء (14- كتائب سيد الشهداء )  واللواء (24 – كتائب حزب الله ) المدعومين من فيلق القدس الإيراني، بينما قامت ميليشيا الحشد على إثر ذلك، باستهداف مواقع أميركية في حقل العمر النفطي.

ثمة تصريحات أميركية مزامنة لقصف مواقع الحشد الشعبي تؤكّد أن الإدارة الأميركية بحوزتها معلومات وتقارير كافية تؤكد على أن وكلاء إيران في العراق وسوريا قد اعتمدوا خططاً مستقبلية لاستهداف القوات الأميركية في سوريا والعراق معاً، كما تفيد تلك المعلومات – وفقاً للتصريحات الأميركية – بأن استهداف ميليشيا الحشد الشعبي للقنصلية الأميركية في كردستان العراق في السادس والعشرين من حزيران الماضي، إنما يأتي في سياق تلك الحرب غير المباشرة التي يعلنها وكلاء إيران على المواقع الأميركية في المنطقة.

ووفقاً لذلك فإن الاستهداف الأميركي لأذرع إيران في شرقي سوريا يمكن أن يكون تدشيناً لمواجهات جديدة، وربما مستمرة، بل ربما تكون تلك المواجهات استمراراً للحرب على الإرهاب – وفقاً للتوجه الأميركي- الأمر الذي يجعل الحضور الأميركي في سوريا مرتبطاً – من الناحية الوظيفية – بالصراع مع إيران، وبعيداً عن ملامسة القضية السورية في عمقها الحقيقي، تماماً كما كان في السابق مرتبطاً بالحرب على تنظيم داعش.

بعيداً عن التقييمات الجارية لفحوى الاستراتيجية الأميركية في مواجهة إيران، وكذلك بعيداً عن التشكيك في جدوى تلك المواجهات، إلّا أن المعطيات الواضحة تؤكّد أن واشنطن بإدارتها الجديدة، ما تزال تحتفظ بانكفائها عن الملف السوري، وما جاء في بيان روما الختامي على لسان الوزير أنطوني بلينكن، أي الدعوة إلى تجميد الصراع وضرورة المصالحة والبناء وإيجاد حل سياسي وفقاً للقرار 2254 ، فهو في جوهره لا يعدو موقفاً عاما اقتضاه سياق المناسبة، ولا ينبثق عن خطة أو مسعى أميركي جدي للانخراط في حل للقضية السورية، بل ربما بات التعاطي مع القرار 2254 ، كالتعاطي مع القرار 242 الخاص بالقضية الفلسطينية.

استمرار النأي الأميركي عن الشأن السوري، مع استمرار الانفراد الروسي، لا شك أنه أمر مُحبِط لكثير من السوريين، وخاصة في ضوء ما استطاع الروس أن يحققوه من التفاف على القرارات الأممية، بل وحرْف مسار المفاوضات واستثمارها بما يخدم توجهات نظام الأسد وحلفائه، مما دفع الكثيرين للتطلع والبحث عن مساع أخرى، من شأنها التأثير في الموقف الأميركي، بغيةَ عدوله عن نأيه السابق، ولعل هذا المسعى يحظى بكامل المشروعية، ولا غضاضة في ذلك، إلّا أن السؤال الأهم الذي يمكن أن يواجه السوريين أنفسهم هو التالي: مطالبة الأطراف الدولية بمبادرات جديدة لإحياء القضية السورية، ألا تستدعي – وجوباً – مبادرات جديدة من أصحاب القضية أنفسهم؟ وهل استمرار الرهان على توافق المصالح الدولية بات الشكل الأمثل للعمل من أجل وضع حدّ لمأساة السوريين؟ فما الذي سيخسره السوريون لو أن أصحاب القرار في المعارضة السورية قاموا بتقييم جديد لمسار المفاوضات، وأعلنوا عن موقف يؤكدون فيه رفضهم للمسار العبثي لمفاوضات اللجنة الدستورية؟ وما هي المكاسب التي حققها مفاوضو المعارضة ويخشون خسرانها إن هم ربطوا استمرارهم بالمفاوضات بوجود سقف زمني محدد، وعدم الاستمرار إلى ما لا نهاية بالاستماع إلى خطب وفود نظام الأسد حول الثوابت الوطنية المزعومة؟ ثم هل سيخسر مفاوضو المعارضة مكسباً قد حققوه لو أنهم أصروا على أن يتزامن التفاوض حول كتابة الدستور مع البحث في ملف المعتقلين والمغيبين في سجون النظام؟  ليس بالضرورة أن تكون هذه الأمثلة هي الوحيدة أو مقصودة بذاتها، بقدر ما تبدو دعوة  إلى الخروج من حالة استمراء الاكتفاء بالتفرّج واستملاح الخدر الوظيفي لدى من هم في حكم أصحاب القرار في المعارضة السورية.

—————————–

المنطقة منزوعة السلاح بإدلب… ابتزاز روسي لتحقيق مكاسب ميدانية مقابل إدخال المساعدات/ عماد كركص

أحدثت الترجمة غير الدقيقة لكلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمره الصحافي أول من أمس الأربعاء، مع نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، لغطاً كبيراً لجهة الاعتقاد بتوصل الطرفين لاتفاق جديد في إدلب، شمال غرب سورية، يقضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح. ووقع الكثير من وسائل الإعلام المحلية السورية، لا سيما المعارضة منها، ووسائل إعلام عربية بهذا المطب، إذ إنّ الحديث لم يكن في سياق الإعلان عن اتفاق جديد بالمطلق، وإنما مراجعة اتفاق سابق، يتضمن منطقة منزوعة السلاح في جزء من المحافظة. وحسمت الخارجية الروسية الجدل، بإصدارها بيانا يتضمن التفاصيل التي تطرق لها وزيرا الخارجية التركي والروسي في مؤتمرهما الصحافي الذي أعقب اجتماعاً بينهما في مدينة أنطاليا التركية، كان بمثابة جلسة تفاوض، شملت قضايا ثنائية وإقليمية بين البلدين، منها الوضع في سورية وأذربيجان وليبيا، مع احتلال الملف السوري أولوية على الطاولة.

ونقلت الخارجية الروسية في بيان عن لافروف خلال حديثه في المؤتمر، قوله: “تحدثنا عن الأوضاع في شمال شرق سورية وفي محافظة إدلب، بما في ذلك مهام تنفيذ البروتوكول الإضافي الروسي – التركي (اتفاق وقف إطلاق النار) المؤرخ في 5 مارس/آذار 2020، لمذكرة إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب في 17 سبتمبر/أيلول 2018 (اتفاق سوتشي)”.

وعلى الرغم من أنّ هذا التصريح يثبت عدم التوصل لاتفاقات جديدة في إدلب، وأن الحديث تمحور حول اتفاقات سابقة، إلا أنّ عدم الوضوح لا يزال يشمل هذه الجزئية خلال حديث لافروف عن الشأن السوري، وتحديداً الوضع في إدلب خلال المؤتمر. إذ إن اتفاق سوتشي بين كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان حول إدلب في سبتمبر 2018، وكذلك بروتوكول وقف إطلاق النار المبرم بين روسيا وتركيا في مارس 2020 والملحق باتفاق سوتشي، والذي أوقف العمليات العسكرية في المحافظة بين المعارضة والجيش التركي من جهة، والنظام والمليشيات المدعومة من إيران وروسيا من جهة أخرى، يتضمن كل واحد منهما اتفاقاً مختلف من حيث جغرافية المنطقة منزوعة السلاح.

فالاتفاق الأول، المعروف بـ”اتفاق سوتشي” بين بوتين وأردوغان، تضمن تثبيت حدود “منطقة خفض التصعيد الرابعة” (إدلب وما حولها)، التي تم إقرارها أساساً في الجولة الرابعة من مسار أستانة في مايو/أيار من العام 2017. وقضى اتفاق سوتشي حينها بـ”إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح ما بين 15 إلى 20 كيلومتراً على طول خط التماس، ابتداء من 15 أكتوبر/تشرين الأول 2018″، ما يعني إنشاء حزام حول تلك المنطقة من دون انتشار عسكري من المعارضة والنظام. لكن الاختلاف على تفسير هذا البند في الاتفاقية حال دون تطبيقه، إذ أصرت المعارضة على أن الاتفاق يقضي فقط بسحب السلاح الثقيل من داخل هذا الحزام، وبقاء الانتشار بالأسلحة المتوسطة والخفيفة. وعلى الرغم من أن المعارضة بدأت بسحب السلاح في أكتوبر، من هذا الحزام، وشارفت على الانتهاء من العملية حينها بإشراف ومتابعة من الجانب التركي، إلا أنّ عدم التزام النظام بسحب المظاهر العسكرية من الحزام أفشل الاتفاق لتعود العمليات العسكرية، والتي ضرب بموجبها النظام وحليفه الروسي إلى جانب المليشيات المدعومة من إيران، الاتفاق بعرض الحائط، وقضموا أجزاء واسعة من كامل المنطقة الواقعة ضمن الحدود الجغرافية لاتفاق سوتشي، والتي تشمل محافظة إدلب بالكامل، وأجزاء من أرياف حلب الغربية والجنوبية وحماة الشمالية والغربية واللاذقية الشرقي. إذ شنّ النظام بدعم جوي روسي، عمليات على مراحل خسرت بموجبها المعارضة أجزاء من جنوب وشرق إدلب، بالإضافة لأجزاء من ريفي حلب الغربي والجنوبي وريف حماة الشمالي، لتتوقف تلك العمليات باتفاق وقف إطلاق النار في مارس من العام الماضي.

وهذا هو الاتفاق الثاني، الذي جاء بعد التدخل المباشر للجيش التركي إلى جانب المعارضة ضد قوات النظام. إذ سعت روسيا لإنهاء العمليات، تفادياً لمزيد من الخسائر لقوات النظام، وتم التوصل إلى اتفاق، عُدّ بروتكولاً ملحقاً باتفاق سوتشي في موسكو بين الرئيسين بوتين وأردوغان. وتضمن البروتكول ثلاثة بنود؛ الأول، وقف إطلاق النار، والثاني، إنشاء ممر آمن على طول طريق حلب – اللاذقية الدولي المعروف بطريق “أم 4″، بجزئه المار من إدلب، بعمق 6 كيلو مترات من شماله، ومثلها من جنوبه، على أن يكون هذا الممر منزوع السلاح. أما البند الثالث، فيتعلّق بتسيير دوريات مشتركة بين الجيشين الروسي والتركي تمهيداً لفتح الطريق “أم 4” أمام الحركة الطبيعية والتجارية. وسارت الدوريات المشتركة على الطريق بشكل منتظم، لكن من دون إنشاء هذا الممر الآمن. وحينها، تسرّبت معلومات عن أنّ الأتراك يريدون حل مشكلة السيطرة على طريق حلب – دمشق الدولي المعروف بطريق “أم 5″، والذي استولى النظام والروس على كامل جزئه المار من إدلب ومنطقة “خفض التصعيد” خلال العمليات، ومن ثم حل مشكلة الطريق “أم 4″، ما أحدث خلافات بين الروس والأتراك، أدت إلى توقف الدوريات المشتركة على الطريق الأخير مع نهاية صيف العام الماضي.

والآن، لماذا يذكّر لافروف بهذه المنطقة، على الرغم من أنّ منطقة خفض التصعيد لم يعد لها وجود فعلي كمنطقة تماس واشتباك بين المعارضة والنظام بعد أن ابتلعها الأخير والروس في العمليات السابقة، فيما تبقت مسألة الممر الآمن غير مفهومة من حيث آلية التنفيذ، وسط اتفاق أو بروتكول مبهم وغير واضح المعالم؟ ربما يفسّر ويرتبط بذلك تصعيد الروس والنظام في إدلب خلال الأيام الماضية، إذ تحاول موسكو استغلال الحاجة لعدم الاعتراض على تمديد آلية إدخال المساعدات الأممية عبر الحدود إلى سورية (عبر معبر باب الهوى مع تركيا كما تريد مختلف القوى الدولية)، بتحقيق مكاسب ميدانية وعسكرية على الأرض، وهي لا تزال والنظام، يريدان الوصول إلى الطريق الدولي “أم 4” بهدف فتحه أمام الحركة التجارية لتخفيف الأعباء الاقتصادية على النظام، الذي يعيش في أزمة مالية خانقة نتيجة العقوبات الغربية. واختارت روسيا التصعيد قبل لقاء جاووش أغلو بلافروف، ربما لإحداث تحريك للمياه الراكدة في هذا البروتكول وتحديداً في جزئية الممر منزوع السلاح على جانبي الطريق. وكانت “العربي الجديد” علمت قبل يومين، أن اتفاقاً لوقف التصعيد والرد المتبادل بين النظام والمعارضة في إدلب، توصل إليه كل من الروس والأتراك لمدة 72 ساعة، وذلك قبل لقاء الوزيرين بيوم واحد، ما يعني تأكيد استخدام التصعيد للتفاوض، من جهة الروس والنظام.

في السياق، اعتبر القيادي في المعارضة السورية والمحلل العسكري، العميد فاتح حسون، أن “روسيا تتذرع بأنّ تركيا لم تستطع إلزام الفصائل الثورية بتطبيق اتفاق مارس 2020، وبأنّ الطريق أم 4 غير آمن بسبب تعرض عدد من الدوريات لكمائن. لكن بالتحري والتدقيق، يتبيّن أنّ روسيا هي من تحرك أذرعها وخلاياها في المنطقة بغية استهداف الدوريات لتبقى المنطقة متوترة وتستفيد من ذلك لتنفيذ عمليات عسكرية عندما ترغب بذلك. كما أنها بهذا تحرج تركيا باتهامها بأنها غير قادرة على تنفيذ الاتفاق، وعليها أن تترك لروسيا تنفذه بالقوة”. وأشار حسون في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أنّ “أهم أهداف اتفاق مارس هي عسكرية ميدانية، فالاتفاق ينص على أن يكون هناك ممر آمن جنوب الطريق أم 4 بعمق 6 كيلومترات من شماله ومثلها من جنوبه، وهذا يعني قضم مزيد من المناطق على طول الطريق لصالح نظام الأسد، فالحركة التجارية على هذا الطريق في ظل تطبيق قانون قيصر ليست مجدية، ولن تعود على اقتصاد نظام الأسد بما يسنده”. وأوضح أن “روسيا لا يمكن أن تلتزم بأي اتفاق أو معاهدة، فهذا ديدنها في سورية وغيرها، لذا هي تناور في تطبيق الاتفاق كي تتمكن من خلاله من قضم مناطق جديدة من قوى الثورة والمعارضة. فمنطقة إدلب، وإن هدأت بعض الشيء نتيجة ضغوط دولية على رأسها الموقف الأميركي المترقب لروسيا، هي ليست حكراً على تفاهمات ذات محددات بين روسيا وتركيا فقط، إنما دخول الولايات المتحدة على الخط يجعل الموقف أكثر تعقيداً بالنسبة لروسيا وإيران، وهذا يتطلب من الأخيرتين سبر الموقف التركي المدعوم من واشنطن، لذا دعتا لجولة جديدة من مباحثات أستانة”.

ويتوقع حسون أن “يظهر مزيد من التوضيحات في الجولة 16 من مسار أستانة المقرر عقدها في الثامن من شهر يوليو/تموز الحالي في العاصمة الكازاخية نور سلطان، والتي سيتم التطرق فيها إلى العديد من النقاط، منها آلية إدخال المساعدات إلى شمال سورية والتصعيد الأخير في إدلب، واللجنة الدستورية وغيرها، على أن لا نتائج إيجابية ترجى من جهة المعارضة من هذه الجولة لهذا المسار الموصوف بالعقيم والسلبي من قبل جمهور المعارضة”.

تجدر الإشارة إلى أنّ تركيا كانت طالبت أكثر من مرة بانسحاب النظام إلى ما وراء حدود المنطقة الجغرافية التي حددها اتفاق سوتشي (إدلب ومحيطها)، أي إلى ما وراء نقاط المراقبة التركية المنتشرة على حدود تلك المنطقة، بهدف إعادة حوالي مليوني نازح اضطروا لمغادرة منازلهم في القرى والمدن التي تقدم إليها النظام وحلفاؤه نتيجة العمليات. وقد شنت عملية عسكرية لتحقيق هذا المطلب العام الماضي، لكن العملية توقفت باتفاق وقف إطلاق النار في مارس 2020، ولم تعد المطالبات التركية حاضرة على لسان المسؤولين في أنقرة. حتى أن تركيا لجأت إلى سحب كل نقاطها التي أصبحت ضمن مناطق سيطرة النظام في جنوب منطقة “خفض التصعيد”، ونقلتها إلى المناطق التي لا زالت تحت سيطرة الجيش التركي والمعارضة، فيما لا تزال مشكلة النازحين قائمة، وسط ظروف مأسوية.

العربي الجديد

———————————-

موسكو تقايض أنقرة..تطبيق سوتشي قبل التمديد لباب الهوى/ مصطفى محمد

أيام قليلة تفصل عن موعد تجديد القرار الأممي رقم 2533 الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية- السورية، وروسيا لا تزال تعلن رفضها تمديد التفويض الدولي، ساعية بذلك إلى تحقيق مكاسب من الأطراف ذات الصلة بالملف السوري، وفي مقدمتها تركيا التي تبدو المتضرر الأكبر من عرقلة القرار، الذي سيزيد من حجم الأعباء الإنسانية عليها.

ويأتي إعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن معارضة بلاده لمشروع قرار جديد في الأمم المتحدة بشأن فتح الممرات لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، بعيد اجتماعه بوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ليؤكد عدم حصول تقدم بين الجانبين المعنيين بإدلب، أثناء الاجتماع الذي عقد الأربعاء في أنطاليا التركية.

وذكرت الخارجية الروسية في بيان، أن الاجتماع ناقش الوضع في إدلب، بما في ذلك تنفيذ بروتوكول موسكو الموقع في 5 آذار مارس عام 2020، بشأن إنشاء منطقة منزوعة في إدلب وفقاً لاتفاقية “سوتشي” في أيلول/سبتمبر 2018.

وأكد البيان أن الاجتماع أشار إلى الجولة القادمة من محادثات “أستانة 16” حول سوريا، المقرر عقدها في العاصمة الكازاخية نور سلطان/أستانة، بعد أيام.

وكانت وسائل إعلام قد نسبت إلى لافروف قوله، إن اتفاقاً على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب جرى خلال الاجتماع، غير أن مصادر متخصصة في الشأن الروسي نفت ذلك، مشيرة إلى وقوع لُبس في الترجمة.

وحسب المصادر لم يأتِ لافروف على ذكر أي اتفاق جديد مع تركيا بشأن إدلب، وهو ما أكده الباحث في مركز “جسور للدراسات” فراس فحام الذي أكد أن روسيا أرادت تذكير تركيا باتفاق “سوتشي” حول إدلب.

وأضاف ل”المدن”، أن روسيا تحضر لطرح تنفيذ اتفاق “سوتشي” الذي يقضي بإنشاء ممر آمن على جانبي الطريق الدولي “أم-4″، في الجولة المرتقبة من محادثات “أستانة”. وقال إن كل المؤشرات تشير إلى عدم وجود اتفاق جديد تركي-روسي حول إدلب.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو ل”المدن”، إن روسيا “عوّدتنا مع اقتراب فترة كل استحقاق دولي متعلق بسوريا على التصعيد العسكري وهذا ما جرى على امتداد نحو شهر في جبهات إدلب، والآن انتقلت روسيا من التصعيد العسكري إلى الحقل الدبلوماسي مع تركيا لفرض رؤيتها بما يخص إدلب، قبل الموافقة على قرار المساعدات”.

وأضاف أن لافروف لمح خلال اللقاء بنظيره التركي، إلى اتفاق “سوتشي”، علماً بأن روسيا لم تلتزم ببنود الاتفاق من حيث وقف التصعيد. وقال: “روسيا أول من أخلت بالاتفاق، من خلال الهجوم والسيطرة على مناطق كانت مشمولة بالاتفاق، واليوم هي تطالب أنقرة بالالتزام بالاتفاق”.

أما الباحث في “مركز الحوار السوري” الدكتور محمد سالم فاعتبر أن المقصود بإشارة لافروف إلى اتفاق “سوتشي” هو تنفيذ بند من بنود اتفاق موسكو، وهو إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طرفي الطريق “إم-4”. وأوضح ل”المدن”، أن الاتفاق لم يُنفذ بسبب العرقلة للدوريات الروسية التركية المشتركة، وانسحاب روسيا من آلية الدوريات المشتركة بذرائع عدم وجود تأمين لها.

وكان الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين قد توصلا في لقاء قمة عُقد في موسكو في 5 آذار/مارس 2020، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب. وجاء الاتفاق بوصفه ملحقاً لاتفاق “سوتشي” لعام 2018، بعد أن تعذّر تنفيذ اتفاق “سوتشي”، بسبب تقدم النظام إلى المناطق التي كان يفترض أن تكون ضمن المنطقة العازلة.

ونص اتفاق موسكو، على إنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولية حلب-اللاذقية “إم-4″، بعمق 6 كيلومترات شمال الطريق وجنوبه، وبدء تسيير دوريات مشتركة روسية-تركية على الطريق الدولية.

الواضح أن الكثير من العوائق ما زالت تعترض تطبيق التفاهمات التركية-الروسية في إدلب، والثابت الوحيد أن روسيا تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب لمنح الموافقة على تجديد التفويض الدولي لإدخال المساعدات العابرة للحدود.

المدن

—————————

يونيسف: تأثير مدمر يشمل 1.7 مليون طفل سوري إذا فشل تمديد إدخال المساعدات

حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، في بيان، اليوم (الخميس)، من «تأثير مدمر» على 1.7 مليون طفل سوري في حال فشل مجلس الأمن الدولي في تمديد التفويض لإدخال المساعدات إلى سوريا عبر معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب، وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويسري التفويض عبر الحدود منذ عام 2014، لكنه قُلّص بشكل كبير العام الماضي عبر إبقاء نقطة دخول حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى (شمال غرب) مع تركيا. وتنتهي صلاحية التفويض في 10 يوليو(تموز).

وقالت المنظمة في بيانها: «ندعو مجلس الأمن إلى تفويض المساعدة عبر الحدود وتوسيعها وذلك لمدة 12 شهراً». وأضافت أن «جميع طرق المساعدة، عبر الحدود وعبر خطوط القتال، ضروريّة لتلبية الاحتياجات المتزايدة والسّماح للشّركاء في المجال الإنساني بتقديم المساعدة للأطفال المحتاجين أينما كانوا في البلاد”، مشيرة إلى أن «حياة ملايين الأطفال في سوريا تعتمد على هذا القرار».

وحذرت إنه «في حال عدم التّجديد، فإن الوضع المتردّي أصلاً لأكثر من 1.7 مليون طفل من الأكثر هشاشة في المنطقة سيزداد سوءاً»، مشيرة إلى أن “سوريا ليست مكاناً آمناً للأطفال».

ويستعد مجلس الأمن الدولي للتصويت على مشروع قرار لتمديد إدخال المساعدات العابرة للحدود وسط خشية من فيتو من روسيا التي أبدت رغبتها في إغلاقه، لتصبح بذلك كل معابر المساعدات إلى سوريا مقفلة، باستثناء تلك التي تمرّ عبر دمشق.

وأكدت منظمة يونيسف أنه «من دون المساعدات التي يتم إيصالها عبر الحدود، سيُحرم الأطفال من المساعدة المنقذة للحياة ويَحدث تأثير وخيم على حمايتهم وإمكانية وصولهم إلى خدمات المياه والنّظافة والدّعم الطبي والتّعليم».

وبحسب المنظمة «ازدادت الاحتياجات بحوالى الثلث منذ إغلاق نقطة حدودية أساسيّة تسمح بدخول المساعدات إلى المنطقة يعتمد الآن كل طفل في سوريا تقريباً على المساعدة، فيما تتواصل الهجمات العشوائيّة مما يعرّض ملايين الأطفال للخطر. قُتل أو جُرح حتى الآن ما لا يقل عن 12 ألف طفل – وربما أكثر بكثير – في جميع أنحاء البلاد».

وفي 2014، سمح مجلس الأمن الدوليّ بعبور المساعدات إلى سوريا عبر أربع نقاط حدودية، لكنه ما لبث أن قلّصها مطلع العام الماضي، بضغوط من روسيا والصين، لتقتصر على معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب. ويدخل عبره شهرياً نحو عشرة آلاف شاحنة.

ومنذ بدء الحرب في سوريا عام 2011، استخدمت موسكو التي تُرجِع تدهور الوضع الإنساني إلى العقوبات الغربية، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن 16 مرة في مواضيع تتعلق بالملف السوري، فيما استخدمت الصين الفيتو 10 مرات.

الشرق الأوسط

——————————

موسكو تقايض أنقرة..تطبيق سوتشي قبل التمديد لباب الهوى/ مصطفى محمد

أيام قليلة تفصل عن موعد تجديد القرار الأممي رقم 2533 الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية- السورية، وروسيا لا تزال تعلن رفضها تمديد التفويض الدولي، ساعية بذلك إلى تحقيق مكاسب من الأطراف ذات الصلة بالملف السوري، وفي مقدمتها تركيا التي تبدو المتضرر الأكبر من عرقلة القرار، الذي سيزيد من حجم الأعباء الإنسانية عليها.

ويأتي إعلان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عن معارضة بلاده لمشروع قرار جديد في الأمم المتحدة بشأن فتح الممرات لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، بعيد اجتماعه بوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، ليؤكد عدم حصول تقدم بين الجانبين المعنيين بإدلب، أثناء الاجتماع الذي عقد الأربعاء في أنطاليا التركية.

وذكرت الخارجية الروسية في بيان، أن الاجتماع ناقش الوضع في إدلب، بما في ذلك تنفيذ بروتوكول موسكو الموقع في 5 آذار مارس عام 2020، بشأن إنشاء منطقة منزوعة في إدلب وفقاً لاتفاقية “سوتشي” في أيلول/سبتمبر 2018.

وأكد البيان أن الاجتماع أشار إلى الجولة القادمة من محادثات “أستانة 16” حول سوريا، المقرر عقدها في العاصمة الكازاخية نور سلطان/أستانة، بعد أيام.

وكانت وسائل إعلام قد نسبت إلى لافروف قوله، إن اتفاقاً على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب جرى خلال الاجتماع، غير أن مصادر متخصصة في الشأن الروسي نفت ذلك، مشيرة إلى وقوع لُبس في الترجمة.

وحسب المصادر لم يأتِ لافروف على ذكر أي اتفاق جديد مع تركيا بشأن إدلب، وهو ما أكده الباحث في مركز “جسور للدراسات” فراس فحام الذي أكد أن روسيا أرادت تذكير تركيا باتفاق “سوتشي” حول إدلب.

وأضاف ل”المدن”، أن روسيا تحضر لطرح تنفيذ اتفاق “سوتشي” الذي يقضي بإنشاء ممر آمن على جانبي الطريق الدولي “أم-4″، في الجولة المرتقبة من محادثات “أستانة”. وقال إن كل المؤشرات تشير إلى عدم وجود اتفاق جديد تركي-روسي حول إدلب.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي عبد الله سليمان أوغلو ل”المدن”، إن روسيا “عوّدتنا مع اقتراب فترة كل استحقاق دولي متعلق بسوريا على التصعيد العسكري وهذا ما جرى على امتداد نحو شهر في جبهات إدلب، والآن انتقلت روسيا من التصعيد العسكري إلى الحقل الدبلوماسي مع تركيا لفرض رؤيتها بما يخص إدلب، قبل الموافقة على قرار المساعدات”.

وأضاف أن لافروف لمح خلال اللقاء بنظيره التركي، إلى اتفاق “سوتشي”، علماً بأن روسيا لم تلتزم ببنود الاتفاق من حيث وقف التصعيد. وقال: “روسيا أول من أخلت بالاتفاق، من خلال الهجوم والسيطرة على مناطق كانت مشمولة بالاتفاق، واليوم هي تطالب أنقرة بالالتزام بالاتفاق”.

أما الباحث في “مركز الحوار السوري” الدكتور محمد سالم فاعتبر أن المقصود بإشارة لافروف إلى اتفاق “سوتشي” هو تنفيذ بند من بنود اتفاق موسكو، وهو إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طرفي الطريق “إم-4”. وأوضح ل”المدن”، أن الاتفاق لم يُنفذ بسبب العرقلة للدوريات الروسية التركية المشتركة، وانسحاب روسيا من آلية الدوريات المشتركة بذرائع عدم وجود تأمين لها.

وكان الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين قد توصلا في لقاء قمة عُقد في موسكو في 5 آذار/مارس 2020، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في محافظة إدلب. وجاء الاتفاق بوصفه ملحقاً لاتفاق “سوتشي” لعام 2018، بعد أن تعذّر تنفيذ اتفاق “سوتشي”، بسبب تقدم النظام إلى المناطق التي كان يفترض أن تكون ضمن المنطقة العازلة.

ونص اتفاق موسكو، على إنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولية حلب-اللاذقية “إم-4″، بعمق 6 كيلومترات شمال الطريق وجنوبه، وبدء تسيير دوريات مشتركة روسية-تركية على الطريق الدولية.

الواضح أن الكثير من العوائق ما زالت تعترض تطبيق التفاهمات التركية-الروسية في إدلب، والثابت الوحيد أن روسيا تريد تحقيق أكبر قدر من المكاسب لمنح الموافقة على تجديد التفويض الدولي لإدخال المساعدات العابرة للحدود.

المدن

———————–

تصعيد في إدلب..بعد فشل القمة الروسية-التركية

أعلنت غرفة عمليات “الفتح المبين” العاملة في منطقة إدلب، عن تدمير عربة عسكرية مجنزرة لقوات الأسد، إثر استهدافها بصاروخ موجه على جبهات ريف إدلب الجنوبي. والعربة العسكرية من طراز “شيلكا” استهدفتها فصائل غرفة عمليات “الفتح المبين” بصاروخ “م.د” على محور قرية وكبة جنوب إدلب.

يأتي ذلك فيما واصل النظام السوري تصعيده في المحافظة، حيث قصفت قواته بالمدفعية الثقيلة والصواريخ عدة قرى وبلدات في أرياف إدلب وحماة وحلب ضمن ما يُعرف بمنطقة “خفض التصعيد” الرابعة (إدلب وما حولها)، بينما أرسلت قوات “الفيلق الخامس” المدعومة من روسيا تعزيزات عسكرية ضخمة من جبهات إدلب، إلى البادية السورية لاستكمال الحملة العسكرية ضد خلايا تنظيم داعش.

وأعلن فصيل “أنصار التوحيد” عبر حسابه على “تليغرام”، عن استهداف فوج المدفعية والصواريخ التابع له بقذائف الهاون والمدفعية مقرات قوات “الفيلق الخامس” و”الفرقة 25 مهام خاصة” المنتشرة في بلدة الدار الكبيرة القريبة من مدينة كفرنبل جنوب محافظة إدلب. وأكد الفيصل تحقيق إصابات مباشرة ضمن المواقع المستهدفة، وذلك رداً على قصف النظام للمناطق المأهولة بالسكان التي تُسيطر عليها المعارضة في منطقة إدلب.

وأُصيب عناصر من مجموعات “الفرقة 25 مهام خاصة” إثر استهداف مقراتهم بالمدفعية الثقيلة والصواريخ داخل قرية “داديخ” من قبل المعارضة السورية، كما نتج عن الاستهداف احتراق في خزانات الوقود القريبة من تجمع الدبابات وسط البلدة.

يأتي ذلك بعد يوم من اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود جاويش أوغلو في أنطاليا التركية. ولم ينجح اللقاء في تحقيق أي اختراق خصوصاً على مستوى التمديد لمعبر باب الهوى على الحدود التركية-السورية، وهو المعبر الوحيد المتبقي لنقل المساعدات الدولية إلى شمال سوريا.

من جهة أخرى، أرسلت الأمم المتحدة 93 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى محافظة إدلب وريفها. وقالت وكالة “الأناضول”، إن قافلة المساعدات دخلت الأراضي السورية من معبر “جيلوه غوزو” في ولاية هطاي جنوبي تركيا، المقابل لباب الهوى من الجانب السوري. وسيتم توزيع المساعدات الإنسانية على المحتاجين في إدلب وريفها.

——————————

المنطقة منزوعة السلاح في إدلب.. المعايير والأهداف الروسية القريبة والبعيدة/ عبد الوهاب عاصي

جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي جمعه مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في 30 من حزيران، الدعوة لضرورة تنفيذ البرتوكول المشترك المتّفق عليه في 5 من آذار 2020 والذي ينصّ على تشكيل منطقة منزوعة من السلاح وخالية من الوجود العسكري.

ما زال هناك توافق بين تركيا وروسيا على استمرار وقف إطلاق النار في سوريا، بموجب تصريح لافروف، بعد مضي أكثر من 16 شهراً على التهدئة في إدلب، وهي أطول فترة يتم فيها الحفاظ على وقف إطلاق النار منذ بدء المعارك في البلاد؛ إذ تعثرت جميع التفاهمات الدولية السابقة للتوصّل إلى اتفاق مستدام أو طويل الأمد.

وأبدى لافروف رفض بلاده لمشروع قرار جديد تم طرحه في مجلس الأمن الدولي في 27 من حزيران ينصّ على افتتاح معبر ثانٍ لنقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا من اليعربية شمال شرقي الحسكة. يبدو ذلك بمثابة قبول بتمديد التفويض الممنوح لآلية المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، وعدم الموافقة على مقترح لتوسيع عدد المعابر، والذي تدعو وتحشد إليه الولايات المتّحدة.

مع أنّ وزير الخارجية الروسي ربط موقف بلاده من المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بفرض الولايات المتّحدة عقوبات على النظام السوري بما فيها قانون قيصر لحماية المدنيين، إلّا أنّ إعادة الاتفاق على ضرورة تنفيذ المنطقة منزوعة السلاح في إدلب يعني غالباً الاستعداد أو الموافقة على عدم تبني مواقف متشدّدة خلال جلسة الأمن في 10 من تموز/ يوليو والتي يتحدّد بموجبها مصير القرار 2533 (2020).

عندما تم توقيع مذكّرة موسكو (2020) كملحق إضافي لمذكرة سوتشي (2018) ومذكرة خفض التصعيد (2017)، اتّفق الرئيسان رجب طيّب أردوغان وفلاديمير بوتين على إنشاء ممرّ أمني بعمق 6 كم من الشمال و6 كم من الجنوب من الطريق السريع M4 على أن يكون هناك اتفاق لاحق على معايير محدّدة لعمل الممر الأمني بين وزارتي الدفاع التركية والروسية.

يبدو أنّ اللّجان العسكرية التقنية لم تستطع الاتفاق على معايير مشتركة لضمان توفير بيئة آمنة لحركة التجارة والنقل على الطريق الدولي بين حلب واللاذقية. هذا ما يُفسّر غالباً تجميد العمل بالدوريات المشتركة منذ 25 من آب 2020 بعدما تم تسيير 25 واحدة، إذ لم تحل الإجراءات المتّخذة دون منع استهدافها 5 مرّات على أقل تقدير من قبل مجموعات مسلّحة على ارتباط غالباً بفرع تنظيم القاعدة في سوريا.

في الأصل، يتعلّق الخلاف بين الطرفين بالتباطؤ في تنفيذ برتوكول موسكو حول إدلب؛ نتيجة عدم الاتفاق على معايير مشتركة تضمن حركة آمنة للسلع والبضائع والأفراد على الطريق الدولي ضمن منطقة خفض التصعيد شمال غربي سوريا.

سابقاً، كان الاعتماد لتأمين الدوريات المشتركة، التي تعمل على مسار يصل بين بلدتي ترنبة غرب سراقب وعين حور غرب جسور الشغور بمسافة 72، يقوم على عدد من المعايير التقنية مثل وجود محارس تتوزّع على طرفي الطريق الدولي، وعمليات الاستطلاع الجوي.

عِلماً، أنّ تركيا أنشأت في الفترة بين منتصف تشرين الثاني 2020 ومنتصف كانون الثاني 2021 ما لا يقلّ عن 20 نقطة أمنية ضمن المنطقة منزوعة السلاح، بموجب معلومات شبه رسميّة لأداء مهام الحراسة، حيث تم تزويدها بكتل إسمنتية وكاميرات للمراقبة وزجاج مضاد للرصاص. أثناء مسير الدوريات المشتركة تقوم المحارس بتوفير عمليات الإمداد اللوجستي، والانتشار العسكري للعناصر على طرفي الطريق الدولي.

بالنسبة لروسيا فإنّ تأمين طرفي الطريق الدولي بعمق 6 كم يحتاج إلى إخلائها من الانتشار العسكري، وقد تكون تركيا عارضت هذا المعيار أو طلبت تأجيله لحين توفير بدائل مقبولة والتوصّل مع فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام إلى صيغة مرضية.

قد توافق روسيا مبدئياً على نزع المنطقة من السلاح الثقيل وانتشار فصائل المعارضة في إطار المهام الأمنية لا العسكرية، وهو ما عملت عليه تركيا خلال السنة الماضية بإدماج قسم من الجبهة الوطنية للتحرير ضمن نقاط الحراسة.

ومع ذلك، لا بدّ من الاتفاق على آليات الترفيق لحركة التجارة والنقل من قبل الدوريات المشتركة، عدا تحديد نقاط التفتيش عند خطوط التماس ومعايير عملها، مع وضع جدول زمني لتنفيذ تلك الخطوات.

تهدئة مؤقتة ومشروطة

على نحو مستمر تُحمّل روسيا تركيا مسؤولية عدم الالتزام بتطبيق مذكّرات التفاهم حول إدلب، وما يترتب على ذلك من تصعيد. يُمكن الاسترشاد بذلك لمعرفة تعاطي روسيا مع تركيا إذا ما وافقت على تمديد وقف إطلاق النار في إدلب مقابل تفعيل حركة التجارة والنقل.

ومع ذلك، لن تكتفي روسيا حتى في حال تحقيق تقدّم بملف حركة التجارة والنقل وقد تلجأ مرّة أخرى إلى التصعيد في إدلب من أجل تسوية بقية القضايا الخلافية؛ وتحديداً مصير الوجود العسكري لتركيا، ومكافحة الإرهاب، والعملية السياسية.

إنّ تحقيق اختراق في حركة التجارة والنقل يعني تمديد فترة التهدئة في إدلب وليس إرساء وقف دائم لإطلاق النار. قد تربط روسيا حجم العوائد الاقتصادية من افتتاح المعابر التجارية بالامتناع عن التصويت ضد تمديد آلية المساعدات الإنسانية. لكنها، لن تُفوّت فرصة إعادة طرح القضية للتفاوض مجدّداً بعد انتهاء التفويض سواءً كان سنة أم ستة أشهر.

أيّ أنّ الفائدة التي يُفترض أن تحصل عليها المعارضة السورية تقتصر على العوائد المالية من المعابر الداخلية، إلى جانب تمديد مؤقت لا يتجاوز فترة تمديد تفويض قرار مجلس الأمن حول المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

رغم الجهود التي تبذلها روسيا للتخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية في مناطق النظام السوري عبر عدد من السياسات والأدوات بما فيها إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب لأهداف تجارية، إلّا أنّها لن تتخلّى عن مساعي “استعادة سيادة” النظام السوري على كامل الملفات وبالتالي العمل على حسم القضايا الخلافية مع تركيا على هذا الأساس.

فروسيا تأمل أن يُسيطر النظام السوري على كامل المنطقة جنوب الطريق الدولي M4 وانسحاب تركيا منها نحو شماله ومن ثم توقيع بروتوكول إضافي لاتفاق أضنة (1998) يؤدي إلى تراجُعها نحو عمق يتراوح بين 10 و15 كم على طول الشريط الحدود، مع استعادة النظام للمعابر الحدودية ووضع جدول زمني للانسحاب، إضافة إلى التعاون في ملف مكافحة الإرهاب على أن يقود إلى تفكيك هيئة تحرير الشام ومعظم فصائل المعارضة أو تغيير مهامها.

تلفزيون سوريا

——————————

إدلب.. منظمات إنسانية تدق ناقوس الخطر وتلفت انتباه العالم بـ”سلسلة بشرية

نظّمت جمعيات ومنظمات إنسانية اليوم الجمعة، فعالية شكّلت من خلالها “سلسة بشرية” لمئات العاملين فيها على الطريق الواصل إلى معبر “باب الهوى” الحدودي في محافظة إدلب شمال غرب سورية.

وجاءت الفعالية ضمن حملة المناصرة الداعمة لإدخال المساعدات الإنسانية الأممية عبر المعبر الحدودي، والذي تصر موسكو على إغلاقه، لصالح تمرير المساعدات الإنسانية عبر المناطق الخاضعة لسيطرة نظام الأسد.

وامتدت “السلسلة البشرية” التي شارك فيها ما يزيد عن 3 آلاف عامل إنساني على مسافة 3 كيلومترات، وحمل خلالها المشاركون لافتات تطالب بضرورة إدخال المساعدات عبر الحدود، وتندد بالموقف الروسي المعرقل لعملية عبورها إلى محافظة إدلب، حيث يحتاجها الملايين من النازحين والسكان المحليين.

“تدق ناقوس الخطر”

مصطفى السيد مدير مكتب منظمة “البوصلة للتنمية والإبداع” التابعة للمنتدى السوري في شمال غرب سورية وأحد المنظمين لفعالية “السلسلة البشرية” يقول إن ما يقارب 50 منظمة سورية محليّة دقت “ناقوس خطر إيقاف إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى”، ودعت إلى السلسلة التضامنية منذ حوالي الأسبوع.

ويضيف السيد في تصريحات لموقع “السورية.نت” أن “باب الهوى” شريان مغذي لـ 4.5 مليون سوري في الشمال السوري، بينهم 2.4 مليون مستفيد، كما يعتمد على الحملات الإغاثية الأممية بصورة مباشرة.

وبحسب السيد فإن إغلاق المعبر “يشكل خطراً حقيقياً على المستوى المعيشي والخدمي والبنية التحتية والأمن الغذائي في الداخل السوري”، مضيفاً:”كان من الواجب على المنظمات إرسال رسالة مفادها بأن إغلاق المعبر يحدث كارثة إنسانية كبيرة، وخاصةً وسط تفشي فيروس كورونا المستجد، فضلاً عن تأثر قطاع التعليم”.

وعن الخطط البديلة، لفت ذات المتحدث إلى أن “إمكانيات المؤسسات المحلية والدولية ضئيلة جداً بالمقارنة مع المساعدات الأممية، ومن الصعب سد هذه الفجوة”.

من جانبه وفي تعليقه على تأثير إغلاق “باب الهوى” طبياً يوضح الطبيب عبد الحميد العريف، وهو منسق مخازن اللقاح والتبريد في منظمة “أطباء عبر القارات” العاملة في إدلب أن مشاريع اللقاح من أهم المشاريع الطبية في “المناطق المحررة”، وستتأثر بشكل مباشر بقرار إغلاق “باب الهوى” أمام المساعدات الإنسانية.

ويشير الطبيب السوري في حديث لموقع “السورية.نت” إلى أن الأمم المتحدة وعبر منظمة “اليونيسيف” تزوّد مشاريع اللقاح في المنطقة، إضافةً إلى حالات سوء التغذية.

وبالتالي ستتوقف آلية دخول المواد المذكورة عبر معبر باب الهوى في حال نجحت روسيا في إيقاف تدفق المساعدات، ما يحرم ملايين الأطفال من اللقاح ويعرقل معالجة الآلاف منهم من حالات سوء التغذية، بحسب العريف.

من جانبها اعتبرت المتطوعة كفاء الديبو إحدى المشاركات في “السلسلة البشرية” أن قرار تعليق المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” سيكون بمثابة “إبادة جماعية” في ظل الفقر الشديد الذي يعاني منه سكان المنطقة، وتراجع المستوى المعيشي بشكل عام.

“المساعدات حق”

وتصر موسكو منذ بداية العام الحالي على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.

كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

محمد عقيل قناص مدير مكتب سرمدا في منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” أحد برامج “المنتدى السوري” يرى أن المساعدات الإنسانية “هي حقّ طبيعي لسكان المنطقة وليست مكرمة دوليّة، في ظل غياب مصادر الدخل والموارد المعيشية. المنطقة بحاجة ماسة لهذا النوع من المساعدات”.

ويقول قنّاص إن المنظمات ومنها التابعة لـ”المنتدى السوري” مستمرة في عملها سواء أغلق المعبر أم بقي مفتوحاً أمام المساعدات الإنسانية.

ويؤكد المسؤول الإغاثي على “واجب المنظمات الإنسانية والعاملين في هذا الشأن لفت انتباه العالم إلى المحنة التي يمر بها السكان والمنطقة”.

وإلى جانب منظمتي “إحسان” و”البوصلة” الممثلتين عن “المنتدى السوري”، شارك في السلسلة كل من “الدفاع المدني السوري” و”منظمة بنفسج”، و”هيئة ساعد الخيرية”.

بالإضافة إلى “الرابطة الطبية للمغتربين السوريين” (سيما) ومنظمة “سيريا ريليف”، و”هيئة الإغاثة الإنسانية”، و”تكافل الشام وعطاء”، وغيرها من المنظمات المحلية السورية.

“حراك شعبي ـ مؤسساتي”

وفي الوقت الذي تزداد فيه المخاوف من “فيتو” روسي يجهض آلية التفويض بإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر “باب الهوى” تزداد وتيرة حراك المؤسسات الإنسانية في الضغط على المجتمع الدولي والرأي العام، من أجل إيقاف قرار من الممكن أن يودي بالمنطقة إلى كارثة إنسانية إضافية.

وفي السياق المذكور اجتمع مدير “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح مع المبعوث البريطاني إلى سورية، جوناثان هارغريفز، في 30 من يونيو/حزيران الماضي على الحدود السورية التركية.

وكان تمديد تفويض آلية دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية على قائمة ما ناقشه الطرفان، ضمن الحملة التي تنشط بها المؤسسات السورية الإنسانية، لدعم تمديد آلية التفويض وإدخال المساعدات.

ويقول الصالح في حديث لموقع “السورية.نت” إن اللقاء كان “في سياق مساعي “الخوذ البيضاء الدائمة في إيصال صوت السوريين للعالم وضرورة شرح أوضاعهم”.

ويضيف أن “مسألة تمديد التفويض كانت حاضرة بقوة لأنها قضية الساعة”، مؤكداً خلال لقائه مع المبعوث البريطاني أنّه لا بديل عن إدخال تلك المساعدات عبر المعبر، وأن عدم تمديد تفويض دخول المساعدات هو تشريع لجريمة الحصار والتجويع.

ويشير الصالح إلى أنّ المبعوث البريطاني أكد تمسك موقف بلاده بقرار مجلس الأمن 2254 والانتقال السياسي في سورية.

وكانت 75 منظمة سورية عقدت في 23 يونيو/حزيران مؤتمراً صحفياً في مخيم للنازحين شمالي إدلب.

وحذرت خلال المؤتمر من كارثة إنسانية قد تلحق بسكان المنطقة، في حال لم يُجدد مجلس الأمن قرار إدخال المساعدات.

هل تنفع حملات المناصرة؟

في غضون ذلك يرى محمد حلاج مدير فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري أن حملات المناصرة ومنها “السلسلة البشرية” تعتبر ضرورية ومهمة، “لأنها تسلط الضوء إعلامياً على مأساة سكان المنطقة، وتحدد مواطن المشاكل التي يعاني منها المهجرون والسكان الأصليين”.

ويقتصر دور حملات المناصرة والتحرك المدني والمؤسساتي على لفت انتباه العالم إعلامياً.

لكن من الناحية العملية فإنّ تمديد إدخال المساعدات هو شأن دول وحكومات، وانعكاس سياساتها على القضية السورية، بحسب حلاج الذي يضيف: “كما هو اليوم فإن مصير الملايين إنسانياً بيد فيتو روسي في مجلس الأمن ضدّ قرار التمديد”.

وأكد حلاج في سياق حديثه على أهمية اتباع خطة بديلة لإنقاذ السوريين في المنطقة.

ويتابع: “كان من الواجب أن يكون هناك تخزين للمساعدات الإنسانية خلال السنوات الماضية، لتأسيس ما يشبه احتياطي في المنطقة”.

أرقام وإحصاءات

ولعل اللغة الأقوى لشرح الواقع الإنساني في حال عدم تمديد إدخال المساعدات إلى الشمال السوري هي لغة الأرقام.

وحسب إحصائية حصل عليها موقع “السورية.نت” من معبر “باب الهوى” الحدودي فقد أدخلت الأمم المتحدة في عام 2019 قرابة 6927 شاحنة محملة بـ147 ألف طن من المواد الإغاثية التي يحتاجها ملايين السكان في كل من إدلب وريف حلب.

في عام 2020 بلغ عدد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية 10412 شاحنة، تحوي ما يعادل 228 طنا.

أما في الربع الأول من العام الجاري (حتى الأول من حزيران- يونيو) فقد بلغ عدد الشاحنات التي أدخلتها الأمم المتحدة 5000 شاحنة، محملة بـ113 ألف طن من المواد الإغاثية.

————————–

لا تسلموا المعابر للأسد”.. سلسلة بشرية على طريق “باب الهوى”

نظّم متطوعون في “الدفاع المدني السوري” (الخوذ البيضاء) وكوادر طبية وعمال إنسانيين فعالية شكّلوا خلالها سلسلة بشرية على الطريق المؤدي إلى معبر “باب الهوى” بريف إدلب.

وامتدت السلسلة على مسافة 3 كيلومترات، وجاءت للمطالبة بتمديد آلية تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود.

وحمل المشاركون في الفعالية اليوم الجمعة صوراً ولافتات كتب عليها: “لا تسلموا المعابر للأسد”، “التهجير والنزوح ليس قرارنا. لكن فتح المعابر قراركم”، “الأسد حاربنا بالغذاء والدواء. لا تسلموه المعابر. لا تقتلونا مرتين”.

ويأتي ما سبق ضمن حملات أممية ومحلية بهدف الضغط قبل عملية التصويت في مجلس الأمن على قرار يسمح بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود.

والأسبوع الماضي قدمت إيرلندا والنرويج مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى مساعدة السوريين داخل البلاد، من خلال معبرين الأول هو “باب الهوى” والثاني “اليعربية”.

ويُطالب مشروع القرار بالتمديد لعام واحد في تفويض إيصال المساعدات عبر “باب الهوى”، وكذلك إعادة تفويض معبر اليعربية لإيصال المساعدات إلى شمال شرق سورية عبر العراق.

وتصر موسكو منذ بداية العام الحالي على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.

كذلك تعتبر موسكو أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن يناقش خبراء مجلس الأمن القرار الإيرلندي- النرويجي المقترح مطلع الأسبوع المقبل.

وكانت روسيا والصين استخدمتا، العام الماضي، حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ألماني بلجيكي، ينص على تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة وباب الهوى.

لكن بعد مفاوضات، وافقت روسيا على دخول المساعدات عبر نقطة حدودية واحدة فقط هي معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.

    شارك متطوعون من #الخوذ_البيضاء وكوادر طبية وعمال إنسانيين، اليوم الجمعة 2 تموز، بتشكيل سلسلة بشرية على طريق معبر باب الهوى في ريف إدلب الشمالي، امتدت بطول نحو 3 كم، للمطالبة بتمديد آلية تفويض إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر الحدود.#المعابر_شريان_الحياة#Syria_LifeLine pic.twitter.com/QJUFv0klcw

“بالأرقام”

وفي تصريحات لموقع “السورية.نت” قال مازن علوش، مدير المكتب الإعلامي لمعبر “باب الهوى” إنهم يتخوفون من إغلاق المعبر في أثناء التصويت الذي سيشهده مجلس الأمن في الأيام المقبلة.

وأضاف علوش: “هناك تخوف على درجة كبيرة، لأن باب الهوى هو الشريان الرئيسي للمناطق المحررة، سواء لدخول المساعدات الأممية وغير الأممية لمنطقة إدلب وريف حلب الشمالي في منطقتي غضن الزيتون ودرع الفرات”.

ويقع “باب الهوى” في الريف الشمالي لإدلب، ويعتبر ممرا إنسانياً بارزاً تستخدمه المنظمات الأممية وغير الأممية لتمرير المساعدات من داخل الأراضي التركية إلى سورية، لتوزيعها على أكثر من 4 ملايين مدني، نصفهم من النازحين.

وحسب إحصائية حصل عليها موقع “السورية.نت” من معبر “باب الهوى” الحدودي فقد أدخلت الأمم المتحدة في عام 2019 قرابة 6927 شاحنة محملة بـ147 ألف طن من المواد الإغاثية التي يحتاجها المواطنون الأصليون والنازحون في كل من إدلب وريف حلب.

في عام 2020 بلغ عدد الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية 10412 شاحنة، تحوي ما يعادل 228 طنا.

أما في الربع الأول من العام الجاري (حتى الأول من حزيران- يونيو) فقد بلغ عدد الشاحنات التي أدخلتها الأمم المتحدة 5000 شاحنة، محملة بـ113 ألف طن من المواد الإغاثية.

وبشكل عام أوضح مدير المكتب الإعلامي لـ”باب الهوى”، مازن علوش أن المواد الإغاثية موزعة على 73% مواد غذائية، 24% لوجستية “خيم ومستلزماتها”، 3% صحية وطبية.

————–

====================

تحديث 03 تموز 2021

—————————

صيف ساخن” يمهد لتغيير المعادلات في سورية/ عماد كركص

عاد الملف السوري بقوة إلى المشهد السياسي دولياً، بعد أن رُكن جانباً إثر وصول إدارة جو بايدن إلى السلطة في واشنطن بداية العام الحالي. وتشي هذه العودة بـ”صيف ساخن” للقضية السورية وربما بعض جغرافية البلاد لا سيما شمالها، إذ إن الفاعلين الدوليين في هذه القضية، قد يكونون أكثر استعداداً لتغيير المعادلات القائمة، سياسياً وجغرافياً، خصوصاً بعد تحدي النظام وحلفائه الروس المجتمع الدولي، بإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الدستور الحالي للبلاد، وتمرير فوز بشار الأسد فيها.

وحضر الملف السوري بزخم في أروقة ومواقف عدة خلال الأسابيع الأربعة الماضية، فعلى الرغم من أن السوريين توقعوا خروج قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين بصفقة جديدة حيال الملف السوري، فإن علامات واضحة لم تخرج عن تلك القمة حول صفقة نهائية، سوى حسم الموقف الأميركي على لسان بايدن بقوله إن “الأسد شخص غير موثوق به، ولا يمكن التعامل معه”، ما يعني كبح جماح الجهود الروسية الساعية لتعويم الأسد مجدداً بعد مساندته في إنجاز تمرير الانتخابات بفوزه، غير المعترف به دولياً.

وتسرّب عن القمة، وفق ما حصلت عليه “العربي الجديد” حينها، أن بوتين قدّم عروضاً عدة لبايدن على طاولة الاجتماع تشمل تنازلات في ملفات عسكرية واقتصادية مقابل تعويم النظام، أو على الأقل غضّ الطرف عنه وإيقاف إصدار العقوبات وإهمال العقوبات السابقة. لكن بايدن لم يقدّم أي تنازل في هذا الشأن، مكتفياً بتنازلات في ملفات إنسانية مقابل ملفات إنسانية أخرى، وتُرجم ذلك عقب يومين فقط على انتهاء القمة، بإعطاء الإذن لشركتين معاقبتين تعملان لصالح النظام، بالتحرك فوق العقوبات لمواجهة جائحة كورونا فقط، وهذا الإذن أعطي كبادرة من الإدارة الأميركية لاستمالة الروس لعدم استخدام حق النقض “الفيتو” في العاشر من الشهر الحالي في مجلس الأمن الدولي، عند التصويت على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سورية.

بعد قمة بايدن، زار نائب رئيس الحكومة الروسية يوري بوريسوف، دمشق حيث التقى الأسد، وعلى الرغم من أن وسائل إعلام النظام روّجت لتلك الزيارة على أنها تحمل دعماً روسياً للأسد بعد فوزه في الانتخابات وناقشت ملفات اقتصادية عدة، إلا أن وسائل إعلام روسية سرّبت أن بوريسوف أبلغ الأسد بحصول تقارب روسي – أميركي حيال سورية، ما يعني تهيئة الأسد للاستعداد لكافة الاحتمالات.

وقبيل انتهاء الشهر الماضي بيومين، كان الوضع السوري، ميدانياً، حاضراً على طاولة وزراء خارجية دول التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في روما. واجتماع روما أخذ أهمية من قيادة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لمجرياته، ووجود لمسات الولايات المتحدة في بنود بيانه الختامي المتعلقة بالشأن السوري، فعلاوة على التشديد على دعم آلية إدخال المساعدات الأممية، وتهيئة مناخ عمليات دعم الاستقرار في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، كانت التصريحات الأميركية، قبل الاجتماع وخلاله وما بعده، تذهب إلى فكرة التوصل إلى وقف إطلاق نار شامل في عموم البلاد؛ ويُقرأ من ذلك توجّه الولايات المتحدة لبدء التفكير ملياً بإنهاء الحرب الدائرة منذ عشرة أعوام، والذهاب تدريجياً نحو تثبيت الحل السياسي وفق الصيغ الأممية التي يحملها القرار الأممي 2254 بين طياته.

وسبق الاجتماع تصريح مهم للقائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، جوي هود، بالتلويح بعقوبات أمام الراغبين بالتطبيع مع النظام السوري، ما اعتُبر موقفاً متقدماً من إدارة بايدن حيال القضية السورية، في ظل تعاملها الخجول مقارنة بالحزم الذي كان حاضراً في عهد الإدارة السابقة. وجاء التلويح بمثابة تهديد للدول الراغبة بتطبيع علاقاتها مع النظام، على أساس فوز الأسد في الانتخابات، ليضع الخطوط الحمراء لـ”قانون قيصر” أمام هذه الخطوة، لا سيما في ظل معلومات عن حزمة جديدة من عقوبات القانون ستصدر في الأسابيع القليلة المقبلة.

وقبل أيام، كان الوضع الميداني في سورية، وتحديداً في الشمال الغربي منها، أي إدلب ومحيطها، على طاولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي مولود جاووش أوغلو في أنطاليا التركية، ضمن مباحثات كانت أشبه بالمفاوضات. وشهدت تلك المباحثات قبل انطلاقها اتفاقاً غير معلن لوقف التصعيد والرد المتبادل بين النظام والمعارضة جنوب إدلب، بتفاهم روسي – تركي، ما يشير إلى إعادة النظر بالاتفاقات السابقة التي يكتنفها الغموض والخلاف بين أنقرة وموسكو في إدلب، لا سيما مع رمي لافروف، مصطلح “منطقة منزوعة السلاح” كان قد تضمّنها اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين الروس والأتراك في إدلب، والتي يهدف الروس من خلالها لوضع قدم على الطريق الدولي حلب – اللاذقية “أم 4” لفتحه أمام الحركة التجارية والطبيعية، لتخفيف الأعباء الاقتصادية على النظام.

ويبدو أن هذه التطورات جميعها، حملت مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، للذهاب إلى دمشق ولقاء الأسد، ففي حين خرجت الأخبار عن أن لافرنتييف ناقش تفاصيل الجولة المقبلة (الـ16) من مسار أستانة التي ستعقد في الثامن من الشهر الحالي، بالإضافة إلى بحث عملية صياغة الدستور من خلال اللجنة الدستورية المتوقفة عن الانعقاد منذ نهاية الشهر الأول من العام الحالي، فإن توقيت الزيارة يشي بما هو أعمق من التفاهم على الشكليات بين الأسد ولافرنتييف، لا سيما أن أياماً قليلة باتت تفصل طرفي النزاع في سورية والفاعلين الإقليميين والدوليين، عن انعقاد جلسة مجلس الأمن للتصويت على آلية تمديد المساعدات. ولا شك في أن “البازار السياسي” قائم بين الفاعلين، لا سيما روسيا والنظام والإيرانيين من جهة، والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين وتركيا من جهة أخرى، وكل من الطرفين بات يعد الحسابات لمعرفة ما يجب تقديمه وما الذي سيحصل عليه في هذا “البازار”، وربما كان ذلك أكثر الملفات حضوراً على طاولة لافرنتييف والأسد في دمشق.

وفي حين لا يُتوقَع أن تجد الأطراف جميعها نقاط التقاء في زحمة هذه الملفات والمحطات المعقدة والمتشابكة، فإن الخلاف على طاولات التفاوض وفي الأروقة السياسية، الدولية والإقليمية، سيعني مزيداً من التصعيد للتفاوض بالنار على الأرض، وحتى إن كانت الجهود الدولية وجدت طريقاً للحد من التصعيد، فإن الصدامات ستكون حاضرة في الأروقة الدبلوماسية نظراً لتعنّت الأطراف وتشابك صيغ الحل وشبه استحالة التفاهم، وبالتالي فإن “الصيف الساخن” ربما يحمل منعطفاً أو منعطفات لفرض معادلات جديدة، قد تغيّر مسار التعامل مع الأزمة ومعطياتها بشكل شبه جذري.

العربي الجديد

——————————-

هل ينهي إنشاء منطقة منزوعة السلاح الإشكال الروسي – التركي في سوريا؟

استبق الاتفاق بين لافروف وجاويش أوغلو اجتماع أستانا المزمع بعد أيام.

دون ربطتي عنق، هكذا ظهر اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ونظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، في مدينة أنطاليا التركية. الأجواء بدت إيجابية بالشكل، بينما ظل مضمون الاجتماع حبيس الغرف المغلقة بين 2 من أبرز اللاعبين الدوليين على الأراضي السورية.

وكان لافتاً ما توصلت إليه أنقرة وموسكو من اتفاق على تأسيس منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب، شمال غربي البلاد، دون تحديد خريطتها، وحدودها، وآلية إدارتها، بينما اقتصر حديث الوزيرين المعلن على علاقات البلدين التجارية ومواقفهما السياسية حيال ملفات عدة، منها تهدئة القتال في ريف إدلب، وتمسك موسكو بضمان وصول المساعدات عبر المعابر الشرعية للسلطة.

منطقة منزوعة السلاح

في غضون ذلك، تتجه الأنظار إلى ما ستفضي إليه جلسة مجلس الأمن في العاشر من يوليو (تموز) الحالي، سعياً إلى تطبيق القرار رقم 2254 الصادر في 18 ديسمبر (كانون الأول) 2015، والرامي إلى وقف إطلاق النار والتسوية السياسية في سوريا، وذلك بهدف ضمان توصيل المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى.

وسيؤشر عدم استخدام روسيا حق “الفيتو” ضد القرار، بلا شك إلى نجاح تسوية ما، أو اتفاق أميركي – روسي، وإشارة إلى عودة جادة للعلاقات بين واشنطن وموسكو، بعد أن شهدت توتراً كبيراً يبدو أن قمة الرئيسين الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين، فككته في جنيف في 16 يونيو (حزيران) الماضي.

في المقابل، لا يعول مراقبون كثيراً على إنشاء المنطقة المذكورة، والتي تذهب الترجيحات إلى كونها نفس منطقة التهدئة التي بدأت ملامحها تظهر في عام 2019، فالحشود العسكرية وطبول الحرب لم تتوقف منذ إعلان بوادر التسوية. ويتحدث أطراف النزاع عن معركة حاسمة، على الرغم من الأجواء الهادئة التي لفحت مناطق شمال غربي سوريا المتوترة، معتبرين أن لقاء لافروف – جاويش أوغلو لا يعدو عن كونه لقاءً تشاورياً يسبق اجتماع أستانا في العاصمة الكازاخستانية “نور سلطان” من السادس إلى الثامن من الشهر الحالي.

الطريق بين الشمال والغرب

ويتوقع أن تكون المنطقة الخالية من الوجود العسكري المزمع إقامتها تمثل “الممر الآمن” على طول طريق “أم 4” الواصل من حلب شمالاً إلى اللاذقية غرباً، تطبيقاً لاتفاق موسكو في مارس (آذار) 2020. ويبلغ طول الطريق الممتدة من منطقة أريحا في محافظة إدلب إلى اللاذقية، على مسافة 98 كيلومتراً. وتسعى كل الأطراف إلى الاستحواذ على هذا الطريق لما له من أهمية كبيرة لن يفرط به الروس بسهولة، حيث يكتسي بعداً محلياً ودولياً من البوابتين الاستراتيجية والاقتصادية على حد سواء، إذ يربط حلب، أكبر المدن الصناعية السورية، بمرفأ اللاذقية، ومن جانب ثانٍ سيربط دولاً إقليمية كالعراق بالبحر المتوسط.

نزاع القياصرة والسلاطين الخفي

وطفق الجانبان الروسي والتركي بمعالجة عاجلة لملفات الصراع السوري على الأرض، في مناطق تمتد على طول الشمال السوري بشطريه الشرقي والغربي، للاستحواذ على نفوذ أكبر، عبر دعم كل طرف للمجموعات التابعة له. ويواصل “القياصرة” دعم الجيش النظامي السوري في حملته لاستعادة إدلب، أما “السلاطين” فيدعمون معارضين في الشقين السياسي والعسكري.

في المقابل، لاحت أجواء توتر روسي – تركي، إثر تلويح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ببناء قاعدة عسكرية في أذربيجان، الأمر الذي أغضب الكرملين وسارع إلى إصدار بيان يؤكد أهمية أمنه الإقليمي.

وفي الشطر الشرقي من الشمال السوري، يتضح التطابق في سياسة الدولتين، فموسكو لا تزال تحاول ضبط الإيقاع على حدود الشمال الشرقي الساخنة، وتبقي عود الثقاب بعيداً عن براميل البارود المتراكمة بين الأتراك والفصائل الكردية المقاتلة، حيث سيرت يوم الخميس في الأول من يوليو (تموز) الحالي، دورية روسية – تركية مشتركة في إطار اتفاقية سوتشي جالت في الدرباسية، بريف الحسكة.

الكلمة للميدان

في هذه الأثناء، تشي مصادر ميدانية بزج القوات النظامية حشود عسكرية كبيرة سبقت اللقاء الروسي – التركي، إضافة إلى ارتفاع وتيرة دخول عربات ومصفحات تركية عبر معبر كفرلوسين إلى نقاط تمركزها في جبل الزاوية.

وانتشرت أخيراً القوات التركية بشكل كثيف على طول طريق “اللاذقية – حلب”، الأمر الذي أقلق الروس، الساعين إلى الحد من توسع النفوذ التركي المقلق هناك، في حين قال ناشطون من المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات التركية قامت بعمليات تمشيط في 27 يونيو (حزيران) الماضي، ضمن الطريق انطلاقاً من منطقة مصيبين إلى جسر أريحا.

وبذلك تنبئ المفاوضات الساخنة بين الدول الضامنة للتسوية السياسية السورية (روسيا وتركيا وإيران) عن وضع لمسات حول تفاهمات لن تفلح وسط التوترات والحشود على تخوم خطوط التماس، فيما يبدو الحل السياسي بعيد المنال في الصراع الداخلي السوري من جهة، وصراع المصالح الإقليمية الدولية التي لا تتوقف على الأرض من جهة أخرى.

ابندبندنت عربية

———————————–

امتحان المعابر السورية:كل تنازلات واشنطن مقبولة..إلا التطبيع مع بشار

قالت مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إن المعابر الحدودية في سوريا تحوّلت إلى اختبار إستراتيجي للعلاقات الاميركية-الروسية المتجددة، مشيرةً إلى أن هناك خيارين أمام واشنطن؛ إما اتباع سياسة الضغط على موسكو أو التواصل مع جميع الشركاء لحل هذه المسألة الإنسانية.

وقالت إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أشارت في مواقف سابقة إلى أن سوريا لن تكون أولوية بالنسبة لواشنطن، فهي، مثلاً، لم تعيّن مبعوثاً خاصاً إلى سوريا، كما فعلت الإدارتان السابقتان. إلا أن بايدن يولي إهتماماً لقضية وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، وهو حرص في اجتماعاته الأخيرة مع نظيريه الروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب أردوغان على إثارة هذه القضية.

وأشارت المجلة إلى أن إدارة بايدن حوّلت مفاوضات مجلس الأمن لإعادة تفويض المعابر في سوريا إلى اختبار استراتيجي لرغبة روسيا في التوصل إلى حلول وسطية معها، ما يجعل المفاوضات الحالية حدثاً مهماً لمقاربة الإدارات للدبلوماسية في الشرق الأوسط. وتساءلت الصحيفة عن التنازلات التي قد يرغب بايدن في منحها لروسيا والنظام السوري من أجل الحفاظ على وصول المساعدات، وما إذا كانت إدارة بايدن بإمكانها خلق الزخم اللازم لتحقيق أهداف أكبر في سوريا.

المناورة الروسية

في المقابل، تدرك روسيا أن الولايات المتحدة وأوروبا مهتمتان بهذه القضية الإنسانية، لذا هي تستخدم قضية المعابر الحدودية كسلاح للضغط. وأشارت المجلة إلى تفوق واشنطن وحلفائها على موسكو في مجلس الأمن ست مرات، إلا أن روسيا نجحت مؤخراً في إغلاق ثلاثة من أربعة معابر حدودية في سوريا، الأمر الذي كان له تأثير مدمّر على وصول المساعدات الإنسانية.

ورأت “فورين بوليسي” أن المفاوضات تختلف هذا العام لأسباب منها: أولاً، تجري المفاوضات أو التسوية في ظل وجود معبر واحد فقط متبقٍ، وهو معبر (باب الهوى) مع تركيا، ثانياً، واشنطن تقول إن المفاوضات هي إمتحان كبير لاستعداد روسيا تقديم تنازلات مهمة، وثالثاً، هي تجري في ظل غموض من قبل إدارة بايدن حول سياستها على صعيد سوريا بالذات.

ونقلت المجلة عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن موسكو ستحاول ممارسة سياسة الضغط خلال هذه المفاوضات لتحقيق مكاسب سياسية، ولكن في واقع الأمر، هي لا تريد إغلاق المعابر الحدودية كاملةً. واعتبر المسؤولون أن المفاوضين الروس يدركون أنه في حال تم إغلاق الحدود، فإن ذلك قد يؤثر على اتفاق وقف إطلاق النار “الهش” في إدلب السورية، وهو سيناريو لا تحبّذه روسيا وسوريا، مضيفة أن كلاً من موسكو ودمشق لا تريدان التعامل مع سكان تلك المحافظة المنشقين عن النظام، والبالغ عددهم 3.5 مليون نسمة.

خيارات واشنطن

ولفتت “فورين بوليسي” إلى أن لدى واشنطن خيارات قليلة لإجبار موسكو على إعادة التفويض، فمثلاً قد تقوم بالتصعيد والتهديد إضافة إلى الضغط على قوات قسد لتقليص تعاونهم مع القوات الروسية في شمالي شرق سوريا. كما قد تزيد واشنطن العقوبات على النظام السوري. أما في حال وافقت روسيا على إعادة التفويض، فقد تتبع الولايات المتحدة استراتيجية دفاعية وتكافئ روسيا على تعاونها، عبر زيادة المساعدات الطبية إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في ظل جائحة كورونا، والسماح بتقديم المساعدة للمنظمات الإنسانية في تلك المناطق، وتسريع الموافقة على التراخيص للمواد الإنسانية هناك أيضاً.

وقالت المجلة إن الإستراتيجية الوحيدة التي لا ينبغي على واشنطن إتباعها هي تلك المتعلقة بالتطبيع مع النظام وإعادة إعمار سوريا، مشيرةً إلى أن “على الولايات المتحدة أن ترفض بشدة محاولات التطبيع مع النظام التي انطلقت في الخليج”، لافتةً إلى أن “روسيا تهدف إلى إعادة سمعة بشار الأسد دولياً والادعاء بأن الأزمة السورية انتهت”.

ولفتت إلى أن “روسيا تريد رفع العقوبات المفروضة على الأسد للسماح بتمويل إعادة الإعمار من أوروبا والخليج والولايات المتحدة، لكن معظم هذه الأموال ستستخدم لمكافأة موسكو وطهران على دعمهما والاستثمار في مشاريع كبيرة تخص النظام، وهي بالتالي، لن تؤدي إلى إعادة إعمار حقيقية لسوريا”.

وأضافت المجلة أن أميركا لا تستطيع القيام بالتحرك الدولي لإيصال المساعدات السورية وحدها، وبالتالي تلعب تركيا دوراً أساسياً في الدعوات لإعادة تفويض معبر “باب الهوى” عبرها، في وقت تحاول أنقرة وواشنطن إصلاح علاقاتهم لاحتواء النفوذ الروسي.

لكن، إذا دعمت تركيا جهود الولايات المتحدة لفتح المعابر، فمن المرجح أن تطلب موسكو أمرين من أنقرة وهما أن تنفذ التزاماتها بوقف إطلاق النار في إدلب، وأن تسحب قواتها جنوب الطريق الرئيسي إلى المدينة.

واعتبرت “فورين بوليسي” أن على واشنطن أن تعمل مع جميع الشركاء في ظل سعيها لإعادة تجديد التفويض لمعبر باب الهوى والمعابر الأخرى، مشيرة إلى أن باستطاعة الولايات المتحدة تحويل المفاوضات الحالية إلى جسر لبناء الثقة مع موسكو، ما يفتح الباب لمزيد من المفاوضات بينهما حول سوريا، كما يؤدي إلى تجديد الدور الأميركي في المنطقة، منبهةً من سياسة الضغط التي ستؤدي إلى المجازفة بملايين السوريين في شمال سوريا.

ولفتت المجلة إلى أنه “لا شيء مضموناً حتى الآن حول وصول المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى شمال سوريا، علماً أنها سبيل النجاة الوحيد للمدنيين والمسلحين المدعومين من تركيا والمعارضين للنظام السوري، في مواجهة هجمات النظام المدعوم من روسيا”.

——————————

التصعيد الروسي في إدلب.. مرتزقة “فاغنر” يروجون لإسقاطهم طائرات “بيرقدار” التركية

إسطنبول – تيم الحاج

بدأت مجموعات مرتزقة “فاغنر” على موقع “تويتر” وفي مجموعات مغلقة على تطبيق “تلغرام” منذ مطلع تموز الحالي، نشر صور تدل على وجودها في محافظة إدلب، التي تعيش تصعيدا في عمليات القصف المميتة والمدمرة التي تقف وراءها وتدعمها قاعدة “حميميم” الروسية”.

وقتل صباح اليوم السبت، 8 مدنيين بينهم نساء وأطفال وأصيب 9 آخرون، بقصف على قرى في جبل الزاوية.

وتواصل روسيا مع قوات النظام تصعيد القصف منذ نحو شهر، على منطقة خفض التصعيد في إدلب والأرياف المتصلة بها من محافظات حلب وحماة واللاذقية، في حين تردّ المدفعية التركية وفصائل المعارضة على مصادر القصف ومواقع مختلفة للنظام في ريفي إدلب وحماة.

وراح ضحية التصعيد الذي شهدته الأسابيع الأخيرة نحو 45 قتيلاً بينهم 9 أطفال وجنين و6 نساء، ومتطوع بالدفاع المدني السوري، في حين أصيب أكثر من 80 آخرين بينهم أطفال ونساء، من دون أي تحرك دولي أو محاولة لإيقافه.

هذا التصعيد تزامن مع تصريحات حملت عدة تفسيرات لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ونظيره الروسي، سيرغي لافروف، حول إدلب، حيث جرى الحديث عن منطقة منزوعة السلاح في إدلب، على الرغم من أن اتفاق آذار الموقع بينهما عام 2020، والذي ينص على بند مشابه إضافة إلى وقف القصف وفتح الطرق.

اللبس في الترجمة جاء بعد حديث لافروف الذي قال فيه، إن اتفاقا جرى بين الجانبين على تفعيل اتفاق إدلب الذي ينص على تشكيل منطقة منزوعة السلاح، من دون أن يوضح المقصود بـ “المنطقة الخالية من الوجود العسكري”، وما إذا كانت ذاتها “الممر الآمن” على جانبي الطريق الدولي اللاذقية – حلب “M4″، الذي تم الاتفاق عليه في اجتماع موسكو في 5 من آذار عام 2020.

لكن مسؤولا تركيا كبيرا قال إن بلاده وروسيا لم تتوصلا إلى اتفاق جديد بشأن إدلب، فيما يتعلق بالطريق السريع “M4″، كما كان مفهوماً بعد تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مشيراً إلى أنَّ ما حدث هو “خطأ في الترجمة”.

وبالعودة إلى إدلب فإن جواً من الانتظار القلق يسودها خاصة أن هناك تصريحات وتحركات روسية تحدث الآن وقعت في أوقات سابقة وأسفرت عن أمرين قصف متصاعد يخلف قتلى أطفال ونساء وتدمير للمرافق الطبية والخدمية وتهجير آلاف السكان، يتبعه حملة عسكرية واسعة تقضم روسيا وميليشيات إيران وقوات نظام الأسد المدن والقرى السورية، وقد حدث ذلك قبل آذار 2020، في حماة وحلب وإدلب.

واليوم تسوّق روسيا لثلاثة نظريات باتت مكررة على مسامع السوريين الأولى تهيئة الظروف لتنفيذ مخططاتها، كإطلاق يد وسائل إعلامها للحديث عن “إرهابيين يحضرون لاستخدام الكيماوي في إدلب لاتهام نظام الأسد”، الثانية “الإرهابيون يقصفون قاعدة حميميم الروسية”، الثالثة ذات -الطابع السياسي- “يجب أن تعود كل الأراضي السورية لسيطرة النظام” مع العلم أن هذه الذريعة لا تتماشى مع مقررات اجتماعات “أستانا” التي ترعاها روسيا، وهي الآن على بعد أيام من عقد جولة جديدة مع تركيا وإيران وحضور أممي.

ويبدو أن روسيا اقتربت من رسم المشهد الذي تسعى إليه في إدلب، خاصة أنها تلاعب الأمم المتحدة والدولي الغربية بورقة المعابر الإنسانية، بهدف قطع وصول المساعدات عن السوريين شمال غربي سوريا، حيث يؤكد مسؤولو الكرملين رفضهم منح التفويض في تموز الحالي للأمم المتحدة لاستمرار عمل معبر “باب الهوى” وهو المعبر الوحيد الذي تدخل منه المساعدات للسوريين.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) دعت الخميس الماضي، مع منظمات أخرى، ضمن مبادرة “لا لضياع جيل”، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى الإذن بتوصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمالي سوريا وتوسيعها لمدة 12 شهرا، محذرة من أن عدم التّجديد سيزيد سوء الوضع المتردّي أصلًا لأكثر من 1.7 مليون طفل من الأكثر هشاشة في المنطقة.

وسيجدد التفويض الخاص بعملية عبور المساعدات عبر الحدود في 10 من تموز الحالي في مجلس الأمن الدولي، ويحتاج قرار التمديد في المجلس إلى تسعة أصوات مؤيدة، وعدم استخدام حق “النقض” (الفيتو) من أي من الأعضاء الخمسة الدائمين، روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

ووفق مراقبين فإن روسيا تمتلك أوراق قوى حاليا (ملف المعابر والتصعيد العسكري) وتريد من خلالها تسجيل نقاط إضافية لصالحها في سوريا، عبر مساومة أميركا وتركيا والدولي الغربية.

وفق رصد أجراه موقع تلفزيون سوريا، في مجموعات مغلقة على تطبيق “تلغرام” فإن الأيام الماضية شهدت هجوما متصاعدا من قبل مرتزقة “فاغنر” على تركيا وجنودها ومعداتها العسكرية.

وبعد نشرهم صورا حديثة لانتشارهم على خطوط التماس على جانب قوات نظام الأسد في إدلب، وهي من المرات القليلة التي يظهرون فيها في إدلب، حيث يتركز نشاطهم في البادية السورية في تدمر تحديدا.

عين روسيا على “خاصرة” إدلب.. ما خيارات الجيش التركي؟

عين روسيا على “خاصرة” إدلب.. ما خيارات الجيش التركي؟

 يتحدث مرتزقة “فاغنر” هذه الأيام، عن إسقاط طائرات مسيرة من نوع “بيرقدار” التركية، كما أنهم نشروا بطريقة ساخرة صورا لجنود وضباط من الجيش التركي قتلوا في سوريا في فترات سابقة.

وقالوا إنهم يحتفظون بقطع “تقنية” من طائرات “بيرقدار” التي يزعمون أنهم أسقطوها، وأنهم أرسلوها إلى موسكو للاستفادة منها، ونشروا صورة لتلك القطع.

لكن لا يقتصر هجوم مرتزقة “فاغنر” وفق منشوراتهم على الجيش التركي في سوريا بل يهاجمونهم في ليبيا، ومناطق أخرى.

وفي إدلب فإن التصعيد الروسي الأخير لم يستثن القواعد العسكرية التركية في ريف إدلب الجنوبي، حيث تعرضت بعضها للقصف المدفعي، ما أدى إلى جرح عدة جنود أتراك، في حين ردت القواعد التركية وفصائل المعارضة على القصف، باستهداف غرف عمليات ومواقع عسكرية لقوات النظام في ريفي إدلب وحماة.

وينظر مراقبون إلى هذا التصعيد على الأتراك بأنه يعكس نية روسيا من أجل الضغط على أنقرة لتنفيذ اتفاق 5 آذار 2020، الذي يقضي بإنشاء ممر أمني على طرفي الطريق الدولي “حلب – اللاذقية” (إم 4) بعمق 6 كيلومترات شمال الطريق، ومثلها جنوبه، وإنهاء الوجود العسكري لفصائل المعارضة في هذا الممر، ما يسهل إعادة الحركة التجارية على الطريق بإشراف روسي – تركي.

تلفزيون سوريا

———————————-

لافروف يحمّل واشنطن مسؤولية تدهور الوضع الإنساني في سوريا

دعا الأكراد إلى حوار مع دمشق وشدد على دفع مسار التطبيع مع البلدان العربية. الشرق الاوسط

موسكو: رائد جبر

واصلت موسكو، أمس، حملتها القوية في معارضة التحرك الدولي لتمديد التفويض الأممي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والتشبث بموقفها الرافض لفتح المعابر الحدودية.

وبعد مرور يوم واحد على مناقشة هذا الملف في دمشق، خلال لقاء أجراه المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف مع الرئيس بشار الأسد، حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بقوة، أمس، على الولايات المتحدة، واتهمها بافتعال الأزمة الإنسانية في سوريا بسبب سياسة العقوبات الأحادية.

وقال الوزير الروسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك، أمس، مع نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني، إن محادثاتهما تناولت بشكل خاص عدم وجود أي بديل عن التسوية السليمة والسياسية للنزاع في سوريا، بناء على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، لافتاً إلى أن «تحقيق هذا الهدف يقضي بذل جهود ملموسة فوراً لحل التحديات الإنسانية الخطيرة في هذا البلد».

وفي تشديد على الموقف الروسي السابق حول رفض موسكو فتح المعابر الإنسانية، قال لافروف إن «أسباب تفاقم الوضع الإنساني في سوريا تعود خاصة إلى العقوبات غير القانونية واحتلال قوات أجنبية لأراضٍ وموارد طبيعية ومناطق خصبة تابعة لسوريا».

وكانت موسكو لوّحت باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار غربي يقضي بفتح معبرين إضافيين لإدخال المساعدات الإنسانية، إلى جانب الإبقاء على معبر باب الهوى بريف إدلب، الذي يعد المعبر الوحيد حالياً لإيصال المساعدات.

وقال مسؤولون روس إن سبب الأزمة الإنسانية ليس المعابر التي يمكن أن تستخدم لتوفير إمدادات للإرهابيين، بل سياسات العقوبات الغربية. وشكّل هذا الملف أحد محاور البحث الأساسية للمبعوث الرئاسي الروسي في سوريا، أول من أمس، إلى جانب «بحث أبرز التطورات على المسار السياسي سواء من خلال اجتماعات أستانة أو اجتماعات لجنة مناقشة الدستور».

وألمحت مصادر روسية إلى إمكانية التوصل إلى حل وسط للملف الإنساني، في حال وافقت البلدان الغربية على قيام «ثلاثي أستانة» بالإشراف على إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها بالتنسيق مع حكومة دمشق.

إلى ذلك، دعا لافروف، أمس، أكراد سوريا إلى الحوار مع حكومة دمشق وعدم الرضوخ لمحاولات فرض نزعات انفصالية عليهم. وقال إن موسكو «منذ بداية النزاع السوري تشجع على إجراء اتصالات مباشرة بين الأكراد وحكومة دمشق بهدف التوصل إلى اتفاقات بشأن كيفية التعايش معاً في دولة واحدة»، مشيراً إلى أن العراق المجاور يشكل مثالاً جيداً يمكن الاستفادة منه في هذا الصدد.

وزاد وزير الخارجية الروسي: «نحن على تواصل مع الهياكل الكردية ونطلعها على مواقفنا، لكن الأهم هو أن تبدي استقلاليتها واهتمامها بحل جميع المسائل العالقة مع الحكومة المركزية».

ولفت لافروف إلى أن زعماء المكون الكردي توجهوا إلى موسكو عقب إعلان إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نيته سحب قوات الولايات المتحدة من سوريا، وطلبوا مساعدتهم في «إقامة جسور» مع دمشق، لكن عندما تراجعت واشنطن عن قرارها «اختفى اهتمام الأكراد بهذه الاتصالات».

وحذر الوزير الروسي من «المساعي الأميركية الرامية إلى تحريض بعض التنظيمات الكردية على الانفصال»، مبدياً أمل موسكو في أن الأكراد الذين يسعون إلى تطبيع العلاقات مع دمشق يدركون خطورة هذا الأمر.

وفي مقابل تأكيد واشنطن عزمها على مواصلة ملاحقة تنظيم «داعش» في سوريا، قال لافروف إنه لا يعتبر أن الخطر الذي يشكله تنظيم «داعش» في سوريا والعراق ارتفع بشكل ملموس في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى أن كلتا الدولتين تمكنت من إحباط خطط لإنشاء «الخلافة» المزعومة في أراضيهما، متحدثاً عن «وجود تنظيمات إرهابية أخرى تشكل خطراً في الأراضي السورية، وبالدرجة الأولى هيئة تحرير الشام».

وأعرب عن قناعة بأنه «يتعين على الدول التي بررت وجودها العسكري غير القانوني في الأراضي السورية بمحاربة الإرهاب أن تعمل قبل كل شيء على إزالة هذا الخطر وليس احتلال أجزاء واسعة من الأراضي السورية واستغلال مواردها الطبيعية بشكل غير قانوني».

ورحب لافروف، خلال لقائه الزياني، أمس، بقرار المنامة إعادة فتح سفارتها في دمشق، مبدياً استعداد روسيا لمواصلة تبادل التقييمات مع الجانب البحريني في سوريا على مستوى الممثليات الدبلوماسية. وقال إن بلاده ترى أن «عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هي خطوة مهمة وقريبة».

ميدانياً، أعلنت موسكو، أمس، إجراء عملية لتبادل الأسرى بين الحكومة السورية والمعارضة المدعومة من جانب تركيا. وجرت عملية التبادل عند معبر أبو الزندين على خطوط التماس في منطقة الباب بريف حلب شمال سوريا.

وهذه العملية الخامسة من نوعها التي تجري بوساطة من وزارة الدفاع الروسية وضمن اتفاق مع الجانب التركي وبالتعاون مع سوريا، وبحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، وأطلق المسلحون سراح 5 جنود وضباط من الجيش السوري أسروا في فترات مختلفة، في المقابل سلمت السلطات السورية، الأتراك 5 أشخاص.

وتهدف عملية التبادل لتعزيز إجراءات الثقة بين الأطراف المتصارعة في استباق للجولة الجديدة من محادثات أستانة، التي تعقد في العاصمة الكازاخية نورسلطان أواسط الأسبوع المقبل، علماً بأن ملف الأسرى والمعتقلين ظل بنداً ثابتاً مطروحاً على طاولة جولات الحوار في أستانة خلال السنوات الماضية.

الشرق الأوسط

———————-

موسكو: عودة قريبة لسوريا إلى «الجامعة»

تلميح إلى {حل وسط} في قضية المعابر الحدودية لإدخال المساعدات.

موسكو: رائد جبر

فيما استمر الخلاف الروسي – الأميركي بخصوص المعابر الحدودية لإدخال المساعدات إلى سوريا، وسط تلميح موسكو إلى «حل وسط» ضمن شروط، لوحظ أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، واصل الدفع نحو إعادة سوريا إلى الجامعة العربية، متوقعاً حصول ذلك «قريباً».

وكان موضوع سوريا أحد محاور محادثات شهدتها موسكو أمس، بين الوزير لافروف ونظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزياني. وقال الوزير الروسي، في مؤتمر صحافي مع الزياني، إن بلاده ترى أن «عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية خطوة مهمة وقريبة».

في السياق نفسه، رحّب لافروف بقرار المنامة إعادة افتتاح سفارتها في دمشق. ومعلوم أن البحرين كانت قد أعلنت منذ عام 2018 «استمرار» العمل في سفارتها بدمشق وكذلك في السفارة السورية بالمنامة، لافتةً إلى أن الرحلات الجوية بين دمشق والمنامة لم تنقطع.

في غضون ذلك، واصلت موسكو حملتها القوية في معارضة التحرك الدولي لتمديد التفويض الأممي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والتشبث بموقفها الرافض فتح المعابر الحدودية. ويقول مسؤولون روس إن سبب الأزمة الإنسانية في سوريا ليست المعابر بل سياسات العقوبات الغربية.

الشرق الاوسط

——————————

المخرجات عسكرية وإنسانية”.. الشمال السوري يترقب اجتماعان “مرحليان

يترقب الشمال السوري مخرجات الاجتماعين الدوليين المقرر عقدهما في الأيام المقبلة، وبينما يختص الأول بمناقشة المرحلة العسكرية المقبلة يذهب الآخر إلى حسم الوضع الإنساني لملايين المدنيين لعام مقبل على أقل تقدير.

ومن المقرر أن تجتمع وفود الدول الضامنة (تركيا، إيران، روسيا) في الجولة 16 من محادثات “أستانة”، وذلك في يومي 7 و8 يوليو/تموز الحالي، بحسب التصريحات الروسية الرسمية.

في المقابل سيعقد مجلس الأمن قبل العاشر من الشهر الجاري، جلسة للتصويت على تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سورية، وبالأخص عبر معبر “باب الهوى” الحدودي.

وفي ظل توجه الأنظار إلى هذين الاجتماعين تشهد محافظة إدلب في شمال غرب البلاد تصعيداً بالقصف من جانب قوات الأسد وروسيا، ما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين، كان آخرهم تسعة بينهم أطفال، صباح اليوم السبت.

وبات من المعتاد أن تقدم روسيا على التصعيد قبيل أي اجتماع يخص المسار السياسي أو العسكري والإنساني في سورية، في خطوة يراها مراقبون للضغط من أجل تمرير رؤيتها بشأن ما ستكون عليه المرحلة المقبلة.

“زيارات ولقاءات”

وكان لافتاً في الأيام الماضية الزيارات واللقاءات التي أجراها مسؤولون روس، كتمهيد للاجتماعات المقبلة.

وبينما أجرى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف زيارة إلى تركيا والتقى فيها نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو شهدت العاصمة دمشق لقاءات بين رأس النظام السوري، بشار الأسد والمبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتيف.

وذكر الإعلام الرسمي التابع للنظام، الأسبوع الماضي أن لافرنتيف بحث مع الأسد آخر المستجدات على الساحة السورية، بما في ذلك التحضير للجولة 16 من محادثات “أستانة”، واجتماعات “اللجنة الدستورية السورية” في جنيف.

ومن المقرر في اليوم الأول من “أستانة 16” إجراء مشاورات ثنائية وثلاثية للدول الضامنة مع الأطراف السورية، فيما ستنعقد جلسة عامة في اليوم الثاني، بحسب ما أعلنت الخارجية الكازاخية في بيان لها الأسبوع الماضي.

في حين دار الحديث خلال الاجتماع الأخير بين لافروف وجاويش أوغلو في مدينة أنطاليا التركية عن العمل على اتفاقيات جديدة بين الجانبين حول محافظة إدلب السورية، بحسب الوزير التركي، الذي تحدث عن اتفاقيات جديدة وتثبيت الاتفاقيات السابقة حول المحافظة.

وأشار جاويش أوغلو إلى وجود “توافق بالآراء بين تركيا وروسيا حول استمرار وقف إطلاق النار في سورية”.

“الأنظار إلى باب الهوى”

في غضون ذلك تضغط منظمات إنسانية في الشمال السوري وأخرى دولية قبيل موعد التصويت على قرار تمديد إدخال المساعدات إلى سورية عبر الحدود.

ويتركز الضغط بشكل أساسي باتجاه إبقاء معبر “باب الهوى” كممر للمساعدات، التي يستفيد منها ملايين المدنيين، سواء من النازحين أو السكان الأصليين في محافظة إدلب.

وكانت روسيا والصين استخدمتا، العام الماضي، حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ألماني بلجيكي، ينص على تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة وباب الهوى.

لكن بعد مفاوضات، وافقت روسيا على دخول المساعدات عبر نقطة حدودية واحدة فقط هي معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.

ومنذ بداية العام الحالي أبدت موسكو إصراراً على إنهاء تفويض الأمم المتحدة لإرسال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية.

كذلك تعتبر أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة.

————————–

=========================

تحديث 06 تموز 2021

—————————–

مسار أستانة… نحو 5 سنوات من الإفشال المتعمد/ أمين العاصي

تنعقد اليوم الثلاثاء جولة جديدة من محادثات مسار أستانة بين ما يُعرف بـ”الثلاثي الضامن” لتفاهمات هذا المسار في سورية (روسيا، تركيا، إيران)، في ظل انخفاض غير مسبوق لسقف آمال السوريين في أن تسهم هذه الجولة في مساعدة بلادهم على تجاوز أزمة مستعصية على الحل بسبب رفض النظام وداعميه الروس والإيرانيين تقديم تنازلات تسهّل مهمة الأمم المتحدة في تنفيذ قرارات ذات صلة. وهذه الجولة هي الـ16 منذ بدء هذا المسار في مطلع عام 2017 والذي اتخذته روسيا وسيلة لتصفية قضية السوريين وتقليص قوة فصائل المعارضة السورية للحد الأدنى، إذ فقدت هذه الفصائل كل مناطق نفوذها باستثناء جزء من محافظة إدلب وبعض ريف حلب الشمالي وجيب ضيق في منطقة شرقي نهر الفرات. وكل المناطق التي تسيطر عليها هذه الفصائل هي خاضعة عملياً للجانب التركي الذي يشعر بحرج موقفه في ظل الاعتداءات المتكررة على الشمال الغربي من سورية والتي تُوّجت السبت الماضي بمجزرة كبيرة في ريف إدلب الجنوبي من قِبل قوات النظام بمساندة وتوجيه روسي. وكان فريق “منسقو استجابة سورية”، قد وثّق مقتل 31 مدنياً بينهم 13 طفلاً، و4 نساء، واثنين من العاملين ضمن كوادر العمل الإنسانية في المنطقة، جراء قصف النظام السوري على شمال غربي سورية خلال الشهر الماضي.

ومن المفترض أن تحضر العديد من الملفات الساخنة على طاولة المحادثات في العاصمة الكازاخية نور سلطان، لعل أبرزها الوضع غير المستقر في شمال غربي سورية والمساعدات الإنسانية، وآفاق استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وإجراءات بناء الثقة، بما في ذلك تبادل الأسرى، والإفراج عن الرهائن. ومن المقرر أن يشارك في هذه الجولة المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، والذي يحمل في جعبته العديد من الملفات السياسية لتحريك العملية التفاوضية المتوقفة بين النظام والمعارضة.

ودلّت المعطيات الميدانية على مدى أكثر من شهر على أن التفاهمات الروسية التركية حول التهدئة في محافظة إدلب ربما في طريقها للتآكل الا إذا أجرى الطرفان مقاربة جديدة تجنّب الشمال الغربي من سورية مواجهة عسكرية جديدة ستكون لها نتائج كارثية على نحو 4 ملايين مدني يقطنون المنطقة جلّهم نازحون، يسكن عدد كبير منهم في المخيمات.

ومن الواضح أن الضغط العسكري الذي يمارسه الروس عادة قبيل كل جولة من جولات أستانة هدفه الحصول على تنازلات من الجانب التركي، إما سياسية أو ميدانية. ويريد الروس استعادة الحركة التجارية على الطريق الدولي “أم 4” الذي يصل غربي البلاد بشمالها ويقطع مناطق سيطرة المعارضة السورية. كما أن العين الروسية على مناطق حاكمة في شمال غربي سورية، منها منطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي أو التلال في ريف اللاذقية الشمالي. ولكن تقدّم قوات النظام في قرى وبلدات جبل الزاوية والبالغة أكثر من ثلاثين يعني حركة نزوح كبرى لا يتحمّلها الشمال الغربي من سورية الذي يعاني من أزمات معيشية كبرى.

لهذا يريد الروس من الأتراك مرونة في موضوع المعابر الداخلية بين مناطق النظام وبين مناطق المعارضة في محاولة لإنعاش اقتصاد النظام الهش والذي وصل إلى مستوى غير مسبوق في التآكل. والملف الأهم الذي سيحضر في هذه الجولة من أستانة هو تمديد القرار الدولي الخاص بإدخال المساعدات الدولية إلى سورية عبر معابر خارج سيطرة النظام، خصوصاً معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا. ويسعى المجتمع الدولي إلى تمرير القرار في العاشر من الشهر الحالي في مجلس الأمن الدولي مع إعادة فتح معبر اليعربية مع الجانب العراقي الذي تسيطر عليه “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) ذات الطابع الكردي. وترفض روسيا حتى اللحظة تمرير القرار، وتشترط أن تدخل هذه المساعدات عبر معابر تابعة للنظام مع الأردن ولبنان، في حين يرفض المجتمع الدولي الشرط الروسي لإدراكه أن الهدف منه التحكّم بالمساعدات وصرفها إلى النظام، أو للضغط الإنساني على فصائل المعارضة للحصول على تنازلات سياسية. كما يأتي الشرط الروسي في سياق محاولات حثيثة لم تفلح لإعادة تأهيل النظام إقليمياً ودولياً.

سورية

وتؤكد مصادر مطلعة أن موسكو تشترط رفع علم النظام السوري على معبري باب الهوى واليعربية أو أحدهما للموافقة على تمرير القرار، مع فتح المعابر الداخلية بين مناطق النظام والمعارضة. وناشدت “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سورية، المجتمع الدولي إعادة اعتماد معبر اليعربية لدخول المساعدات إلى منطقة شرقي نهر الفرات التي تضم نحو 5 ملايين سوري، وفق هذه الإدارة، التي حذرت في بيان لها الأحد من “عواقب وخيمة من الناحية الإنسانية” في حال عدم فتح المعبر المذكور الذي أُغلق عام 2020 بفيتو روسي صيني مشترك.

وليس من المتوقع أن تحقق هذه الجولة أي اختراق حقيقي في ملف المعتقلين السوريين لدى النظام منذ عام 2011، إذ يرفض النظام بالمطلق الاقتراب من هذا الملف خشية الملاحقة القانونية لدى محاكم دولية، بل على العكس يفرج النظام بين وقت وآخر عن أسماء معتقلين قضوا تحت التعذيب. وشهد العام الحالي أكثر من عملية تبادل أسرى بين فصائل المعارضة والنظام في إطار صيغة أستانة برعاية تركية-روسية، آخرها كان منذ بضعة أيام، في معبر أبو الزندين في ريف حلب، وبحضور ممثلين عن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، إذ أطلق النظام خمسة معتقلين لديه مقابل خمسة عناصر من قواته كانوا محتجزين لدى فصائل المعارضة. وكانت قد جرت عملية تبادل في مايو/أيار الماضي في المعبر نفسه، تمثّلت بإطلاق “الجيش الوطني” التابع للمعارضة السورية سراح خمسة عناصر من قوات النظام، وإطلاق الأخير سراح أربعة أشخاص بينهم امرأة.

وعُقدت حتى اللحظة 15 جولة في اطار هذا المسار كانت بمثابة “الكارثة” على فصائل المعارضة التي لا تبدي كثير اهتمام بالجولة الـ16، لإدراكها أن النظام وضامنيه ليسوا في صدد اتخاذ خطوات جدية في اتجاه حلول سياسية للقضية السورية، بل إن هذا النظام لا يزال يضع خيار الحل العسكري في حساباته.

وفي هذا الصدد، لا يعتقد القيادي في فصائل المعارضة السورية مصطفى سيجري، أن الجولة الجديدة من مسار أستانة يمكن أن تحقق أي إنجاز سياسي أو عسكري أو على صعيد ملف المعتقلين والمختطفين. ويضيف في حديث مع “العربي الجديد”: “يمكن النظر لأستانة على أنها محطة للتهدئة ومنع التصعيد خشية حدوث انفجار وعملية ترحيل للخلافات القائمة حول المسائل الخلافية بين تركيا وروسيا في ظل غياب إرادة الحل الدولية”. وحول إمكانية خروج هذه الجولة بتحديد موعد جولة جديدة من اجتماعات اللجنة الدستورية المنوط بها كتابة دستور جديد للبلاد، يقول سيجري: “أعتقد أن هذه المسألة تحتاج جهوداً أوروبية وأميركية”.

ومتفقاً معه، لا يتوقع المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، نتائج إيجابية من هذه الجولة لجهة الملفات الرئيسية المطروحة على الطاولة في العاصمة الكازاخية، لأنه “ليس هناك أي تغيير في الموقف الروسي، والموقف التركي ما زال ينتظر التطورات من الإدارة الأميركية”. ويعتقد زيادة أن الجانب التركي “لن يقدّم أي تنازلات للجانب الروسي، لا سيما أن العلاقة بين أنقرة وواشنطن تحسنت بشكل كبير منذ وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض”، مضيفاً: “لن يقدّم الأتراك أوراقاً مجانية للروس في جولة أستانة”.

العربي الجديد

—————————

جولة جديدة من مسار أستانة السوري: المعابر و”الدستورية” أبرز ملفاتها/ أمين العاصي

تبدأ، الأربعاء، بشكل رسمي، محادثات الجولة الـ16 من مسار أستانة السوري في العاصمة الكازاخية، بحضور ممثلي الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار (روسيا، إيران، تركيا)، ووفدي النظام والمعارضة السورية، والمبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، وممثلين عن الأردن والعراق ولبنان.

وكانت وزارة الخارجية الكازاخية قد كشفت، في بيان لها، عن أبرز المحاور على جدول أعمال هذه الجولة، التي تستمر يومين، مشيرة إلى أن محادثات الجولة الجديدة ستتطرق إلى ملف المساعدات الإنسانية الأممية، واستئناف عمل لجنة مناقشة الدستور في جنيف، وإجراءات بناء الثقة، بما في ذلك تبادل الأسرى والمعتقلين.

واستبق رئيس وفد النظام أيمن سوسان، والذي يشغل منصب معاون وزير الخارجية، المحادثات بالقول، عبر تصريحات صحافية، إن وفده سيركز على “رفض أي تدخل بالشأن السوري، والتمسك باستقلالية وسيادة سورية، وأن مستقبل سورية هو حق حصري للسوريين، وكذلك على إنهاء الاحتلال، والممارسات الإجرامية التي يقوم بها النظام التركي في سورية”، وفق تعبيره.

من جانبه، أكد وفد المعارضة المشارك في المحادثات، على قناته في “تليغرام”، أن استمرار عمل المعابر الإنسانية “على رأس أجندته”، مضيفاً أنه “من المهم تأمين وصول المساعدات الإنسانية لجميع المناطق”، وأن بقاء المعابر الإنسانية مفتوحة يضمن ذلك.

وأشار الوفد إلى أن “أكثر من أربعة ملايين مواطن سوري في المناطق المحررة هم بأمس الحاجة لاستمرار وصول المساعدات الإنسانية”، مؤكداً أنه “ما زال موقفنا واضحاً مع عملية التهدئة وخفض التصعيد، بينما لا يزال النظام مستمراً في خرق هذا البند بشكل متصاعد”، مضيفاً: “سنواجه روسيا بالخروقات المستمرة والمتصاعدة باتجاه المناطق المحررة”.

وفي تصريحات لوكالة “الأناضول” التركية، قال المتحدث باسم المعارضة أيمن العاسمي: “هناك بوادر أمل وحلحلة في قضية المعابر”.

وتأتي الجولة الـ16 من مباحثات أستانة قبل أيام قليلة من بدء مداولات مجلس الأمن الدولي لتمديد القرار الدولي الخاص بإدخال المساعدات الدولية إلى سورية عبر معابر خارج سيطرة النظام، خصوصاً معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، عاماً آخر.

وترفض روسيا حتى اللحظة تمرير القرار، وتشترط أن تدخل هذه المساعدات عبر معابر تابعة للنظام مع الأردن ولبنان، وهو ما يجد رفضاً من المجتمع الدولي، الذي يدرك أن موسكو تريد التحكم بالمساعدات الدولية لتحقيق غايات سياسية في سياق محاولات حثيثة، لم تفلح، لإعادة تأهيل النظام إقليمياً ودولياً.

وتأمل الأمم المتحدة في إقناع المجتمعين في العاصمة الكازاخية بالدعوة إلى “جلسة جديدة جادة” من جلسات اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، وهو ما يرفضه النظام الذي كان قد أجرى “انتخابات رئاسية” أواخر مايو/ أيار الماضي، في تجاوز صارخ للقرار الدولي 2254، الذي كان قد حدّد أواخر عام 2015 خريطة طريق للحل السياسي في البلاد لم تجد طريقها للتطبيق.

وكانت قد عقدت الجولة الـ15 من محادثات أستانة السورية في مدينة سوتشي الروسية، ولم يخرج الثلاثي منها بنتائج مهمة، ما عدا تمديد التهدئة في الشمال الغربي من سورية، والتي تعرضت لتحديات كثيرة مع استمرار الخروقات من قبل النظام والجانب الروسي.

وتبحث المعارضة السورية عن وقف إطلاق نار دائم مع قوات النظام على مختلف خطوط التماس، وتطالب بممارسة ضغوط عليه للانخراط فعلياً في العملية السياسية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وخصوصاً ما يتعلق بالدستور والانتقال السياسي تنهض به هيئة حكم كاملة الصلاحيات وفق بيان جنيف 1، تضم ممثلين عن النظام والمعارضة.

كذلك تسعى المعارضة إلى تحريك ملف عشرات آلاف المعتقلين في سجون النظام منذ عام 2011، والذي أخذه مسار أستانة على عاتقه، إلا أنه لا يحقق أي اختراق فيه بسبب رفض النظام أي مقاربة لهذا الملف لخشيته من ملاحقات قضائية دولية.

العربي الجديد

—————————–

أستانا-16: دبلوماسية الملف الإنساني/ محمد شيخ يوسف

تعقد جولة جديدة من مسار أستانا حول سوريا في اجتماع هو السادس عشر من نوعه الثلاثاء والأربعاء المقبلين، ضمن مسار تسعى روسيا بكل قوة لمواصلة إحيائه وعكسه على أنه مسار مثمر يعكس إنجازات على الساحة السورية، ولا تزال مصرة عليه لتحقيق شيء ما لتسويق المسار عالميا، وفي ظل غياب أي مواقف دولية حقيقية أمام روسيا فإن تركيا تجد من الضرورة أن تخوض غمار مقارعة الدب الروسي عبر هذا المسار والمضي قدما فيه لتحقيق شيء لصالح السوريين، بعد أن أجبرت الظروف الدولية والمواقف الدولية وخاصة الأميركية تركيا لخوض هذا المسار، والجميع يعلم المآسي الميدانية التي تعرض لها السوريون وخاصة في الجنوب التي كانت تتلقى الدعم المباشر من الدول التي انسحبت لاحقا من هذا الدعم وتركت السوريين وحدهم، وكذا الأمر في الشمال السوري، حيث بقي السوريون وحدهم ما خلا من دعم تركي، وانسحاب الجانب الأميركي بشكل ملحوظ عبر إغلاق غرف العمليات وترك السوريين وحدهم أمام بطش آلة النظام والحليف الروسي والميليشيات المذهبية الإيرانية.

وليس من المستغرب أن تختار روسيا وتحدد هذا الموعد من الاجتماع، حيث جاء قبيل أيام من انعقاد جلسة مجلس الأمن الدولي للبت بقرار تمديد الآلية الدولية لتمرير المساعدات الإنسانية إلى سوريا، والموقف الروسي المعلن أكثر من مرة عن رفض دخول المساعدات من خلال معبر باب الهوى الحدودي والمطالبة بإدخال تلك المساعدات عبر النظام بهدف إنعاشه وتأهيله والاعتراف به دوليا بشكل جديد، ورغم معرفة روسيا المواقف الغربية الرافضة لدخول المساعدات عبر دمشق؛ لأن النظام طرف غير معترف به وغير مؤهل، وعلى العكس يعتبر طرفا ارتكب جرائم حرب بحق شعبه ويجب أن يعاقب، إلا أنها حاولت الدفع بهذا الاتجاه من أجل فرض نفسها بشكل مستمر كلاعب رئيسي في الملف السوري؛ بسبب وجودها الميداني القوي والكبير، ومن المعروف أن غياب الاستراتيجية الأميركية الواضحة في سوريا والتذبذب المستمر هو الذي جعل روسيا تتفرد بالميدان السوري وتظهر نفسها على أنها الطرف الوحيد القادر على فرض رأيه وشروطه على اللاعبين الدوليين.

وحظيت الملفات الإنسانية على الحوارات التي جرت في الاجتماعات والقمم الدولية التي عقدت خلال الفترة الماضية، وانحصر حضور الملف السوري ضمن هذا الإطار، ولذلك ربما ثمة توافقات جديدة بدأت تلوح بالأفق، وبالتأكيد من بينها توافق على تمديد دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى، سواء أكانت 6 أشهر أو لمدة عام، ولكن ربما هناك بعض التوافقات الجديدة، وستتضح تفاصيلها في الفترة المقبلة، وتسعى روسيا لإظهار أن هذه التوافقات هي من مخرجات مسار أستانا الذي ينجز شيئا جديدا يهم المجتمع الدولي في قضية إنسانية تخص سوريا، فمن الضروري للدول الداعمة والأمم المتحدة التي تقدم المساعدات الإنسانية لسوريا أن تكون هناك مظلة قانونية تعمل عبرها على إدخال المساعدات، لأن هذه المظلة القانونية تحفز الدول الداعمة على تقديم المساعدات، والتحرك ضمن الإطار القانوني، وبغياب هذا الإطار فإن المأساة الإنسانية ستتعمق أكثر وهذا ليس من صالح أي دولة في العالم وحتى روسيا التي تدعي أنها لا تعرقل المساعدات الإنسانية.

وبناء على هذه التوافقات، من المنتظر أن يتم تناول هذا المسار الإنساني بشكل مكثف في اجتماعات أستانا التي تعقد في مدينة نور سلطان عاصمة كازخستان، في النسخة الجديدة من الاجتماعات بحضور الدول الضامنة الثلاث تركيا وروسيا وإيران، إضافة لوفدي النظام والمعارضة، والمبعوث الأممي غير بيدرسون والدول المراقبة، ومن اللافت أن الاجتماع كما ذكرنا يأتي قبل أيام قليلة على تصويت مجلس الأمن على تمديد الآلية الدولية، كما أن الاجتماع يأتي بعد أسبوع واحد فقط من قمة جمعت وزيري خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو وروسيا سيرغي لافروف في أنطاليا، وكان هناك حديث عن ترحيل حل هذه المسائل الإنسانية إلى اجتماع أستانا واتخاذ قرارات فيها، لتكون ضمن المخرجات بحسب ما هو منتظر ومتوقع، لتكون إضافة جديدة بحسب روسيا، لمنجزات مسار أستانا في اتخاذ قرارات جديدة.

ومن المؤكد أن هذه التوافقات الجديدة إن حصلت في الاجتماع المقبل ستتضمن تفاصيل أخرى، وهنا جرى الحديث إعلاميا بشكل مكثف في الأيام السابقة، والتحليل بأنه ربما تطالب روسيا بتطبيق اتفاقية الخامس من آذار 2020 بين تركيا وروسيا بإنشاء المنطقة العازلة على الطريق الدولية M4 حلب اللاذقية، استنادا لتصريح لافروف بأنه جرت توافقات على منطقة خالية من الوجود العسكري في إدلب، ولكن المصادر التركية تؤكد بأنه لا تفاهمات ميدانية جديدة تتعلق بانسحابات أو تراجعات، بل على العكس كان هناك حزم تركي بعدم الانسحاب والتراجع عن أي نقطة عسكرية في إدلب، وإن حصلت أي أحاديث ضمن الإطار الماضي، فلن تتعدى بعض التموضعات تبلغ أمتارا قليلة على خطوط التماس، وهذا لا يعني بتاتا تغيرا في الخطوط المرسومة حاليا، بل على العكس هناك حزم وحسم تركي حيال هذا الموضوع بما أنه نقطة تخص أمن المدنيين في المنطقة، والأمن القومي التركي.

وبناء على ما سبق فإن روسيا التي سبق وأن طالبت بفتح معابر إنسانية بين مناطق إدلب ومناطق سيطرة النظام، ربما تدفع وتطالب بقوة إعادة فتح هذه المعابر مجددا بشكل رسمي ومتبادل من الجانبين، وتهدف روسيا تحت ستار الحديث عن المسار الإنساني، تفعيل التبادل والحركة التجارية بين مناطق النظام وإدلب، من أجل إنعاش مناطق النظام التي أنهكها الحصار وسياسات النظام التمييزية، وبات النظام عاجزا عن تقديم أدنى مقومات الحياة في تلك المناطق، وتعمقت الأزمة الإنسانية هناك ما رفع من حدة الغضب داخل مؤيديه، وذلك الوضع الصعب للنظام يدفع الجانب الروسي للبحث عن بدائل لإنعاشه، وإن كان هناك رفض تركي لمعرفته عدم فاعلية هكذا معابر، فإنه قد يقبل ذلك لترى روسيا كيف أن المعابر الإنسانية لن تؤدي لعودة السوريين إلى مناطق سيطرة النظام بسبب عدم وثوقها بالنظام الذي يمكن أن يبطش بهم وتترك الأمر لترى صعوبة تنفيذ وعمل هذه المعابر.

فتح المعابر بين إدلب ومناطق النظام لا يعني بالضرورة تخلي روسيا عن مطلبها بتأسيس المنطقة العازلة وفتح الطريق الدولية حلب اللاذقية أمام الحركة التجارية، وتركيا ستتفاعل مع الأمر وتعلن ذلك بشكل مستمر، ولكن هناك خلاف يتعلق بوجهات النظر حيال تنفيذ هذا الأمر، حيث تطلب تركيا إعلان وقف إطلاق نار دائم يرسخ الوضع والاستقرار في المنطقة، وتعمل تركيا بموجب ذلك على تطهير تلك المناطق من العناصر الراديكالية وفتح الطرق أمام الحركة التجارية فقط، ولكن روسيا تطالب بذلك بشكل فوري، وتضغط وتستغل ذلك من أجل التصعيد بشكل مستمر على فصائل المعارضة والمدنيين في تلك المناطق، ولهذا فإن موضوع فتح الطرق وإنشاء منطقة عازلة تبدو بعيدة حتى الآن.

وخلاصة الكلام فإن الاجتماع الجديد لأستانا سيكون عنوانه الملف الإنساني، وبالطبع سيتم تناول الأحاديث المتكررة نفسها عن وحدة البلاد ورفض مشاريع الانفصال والإرهاب، وضبط الهدوء الميداني، وتعزيز عمل اللجنة الدستورية التي من غير الواضح حتى الآن موعد انعقاد جولتها الجديدة، وبالتالي سيتم توظيف واستثمار المسار مجددا من أجل الحديث عن إنجاز إنساني، ومحاولة تسويقه دوليا أمام الدول الغربية وخاصة أميركا التي قاطعت المسار، في ظل غياب وعجز دولي عن وضع موقف واضح إزاء التصرفات الروسية، وترك تركيا وحيدة مضطرة لخوض هذا الغمار والمسار.

—————————————

من إدلب إلى درعا: الانتصار بالتقسيط/ عمر قدور

حسب واحد من الأخبار الواردة من أحياء درعا المحاصرة، هدد جنرال روسي-شيشاني يدعى أسد الله الأهالي باحتلال درعا بواسطة الميليشيات الإيرانية، إذا لم يستسلموا وينفذوا ما هو مطلوب منهم. الخبر غريب لسببين؛ أولهما أن سلطة الأسد ومن خلفها “ضامن التسوية” الروسي لا يفصحان عادة عن القوة العسكرية التي ستتولى الاقتحام أو تلك التي ستتولى السيطرة على المكان والتنكيل بالسكان بعد اقتحامه، وثانيهما أن التهديد بالميليشيات الإيرانية يفترض اكتسابها سمعة كبعبع يتم التخويف به بالمقارنة مع “وداعة” قوات الأسد وشبيحته، وهذا كما نعلم ينتقص من وحشية تلك القوات والشبيحة بما لا ترتضيه قياداتها.

يبقى وجه آخر لتبرير صحة الخبر السابق؛ أن يكون التهديد بالميليشيات الإيرانية موجهاً إلى تل أبيب، وأيضاً إلى واشنطن التي أعادت درعا إلى سيطرة الأسد قبل ثلاث سنوات، الأمر الذي يرتّب عليها مسؤولية أدبية إزاء الأهالي. إن مجرد الانقضاض النهائي على التسوية يسيء إلى سمعة واشنطن التي تخلت عن جبهة حوران ضمن عملية أوسع لإعادة تقسيم مناطق النفوذ شملت الغوطة الشرقية وعفرين، ومُنحت فيها درعا وضعاً خاصاً جنّبها الانتقام، وجنّبها الخضوع التام، وقد رأينا كيف تمكن الأهالي من فرض إرادتهم بعدم المشاركة في انتخابات بشار، الأمر الذي يُنظر إليه كأحد محفزات الحصار الحالي.

تبقى الإرادة الروسية هي العامل الأهم في الحصار وما سيليه، فالتهديد بإدخال الميليشيات الإيرانية يستدرج تفاهمات جديدة مع واشنطن وتل أبيب، تنقلب فيها موسكو على التفاهمات السابقة محققة انتصاراً معنوياً. وفي العدول عن التفاهمات السابقة لصالح موسكو وبشار رسالةٌ لحلفاء واشنطن في الإدارة الذاتية، بحيث لا يطمئنون إلى عدم تخلي واشنطن عنهم، ولا يثقون بأنهم عندما تقرر الانسحاب ستضمن لهم تسوية مناسبة ومستدامة. أما حسابات واشنطن فهي مختلفة، وقد لا تمانع في أن يحقق بوتين انتصاراً صغيراً في درعا، ولن تؤثر عليها الرسالة الموجهة إلى الإدارة الذاتية، وليست المرة الأولى التي تخذل فيها واشنطن حلفاء غير أساسيين من دون أن يحول سلوكها دون اكتساب حلفاء جدد بل سعي جهات عديدة للوصول إلى تلك المرتبة.

مع حصار درعا، لم يتوقف التصعيد العسكري في إدلب، من قبل قوات الأسد والطيران الروسي. المعلن، كذريعة للهجوم الجديد، أن موسكو تريد تطبيق تفاهمات سوتشي الخاصة بفتح طريق إم4، وبوجود منطقة منزوعة من السلاح على جانبيه. يُفهم من التعبير الأخير منطقة منزوعة من السلاح في جهة الفصائل المدعومة من أنقرة، لأن موسكو لم تلتزم من قبل بنزع السلاح من الجانبين، وانقلبت على التفاهمات بذرائع مختلفة لتقضم جزءاً من محافظة إدلب وتبرم تفاهمات جديدة قبل سنة وثلاثة شهور. بعبارة أخرى، تريد موسكو السيطرة على شريط جديد من الأراضي التي تسيطر عليها تلك الفصائل، الأراضي التي ضاقت أصلاً بالعدد الضخم من اللاجئين.

في إدلب أيضاً تسعى موسكو إلى تحقيق انتصار صغير محدود، لا لأنها لا تملك القدرة على شنّ معركة أضخم وبأهداف أوسع. لا تتحاشى موسكو “كما يُشاع أحياناً” المعركة الكبرى لأن جبهة النصرة ستستبسل في الدفاع عن معقلها الأخير، فآخر ما يكترث به بوتين وقوع مجزرة ضخمة من قوات الأسد وعناصر النصرة. حسابات المعركة الكبرى تتعلق أولاً وأخيراً بما ستتسبب به من تدفق مباغت وضخم للاجئين لا تستطيع أنقرة تحمله، ولا يريد الغرب تحمّل تبعاته المستقبلية. ذلك ما يدركه بوتين جيداً، ويفضّل الاحتفاظ بورقة التهديد بدل التفريط بها.

اكتساب شريط جديد في إدلب لن يكون نهاية المطاف، إنه دفعة من دفعات في سعي بوتين إلى السيطرة والانتصار بالتقسيط، فهو ليس مستعجلاً للاصطدام بسقف انتصاراته السورية. والقضم على دفعات يسهل تقبله أمريكياً وأوروبياً ما دام يتسبب بتدفق محدود للاجئين تستطيع مناطق السيطرة التركية الأخرى استيعابهم، وهو لا يحرج أنقرة بانسحاب مذلّ من منطقة نفوذ كبرى بعد أن قدّمت نفسها كضامن لتفاهمات خفض التصعيد المتلاحقة.

ما يخفف من الإحراج أن أنقرة لم تطرح يوماً أمام الجمهور التركي إدلب كقضية تمس أمنها القومي، بخلاف المناطق التي تتواجد فيها قوات قسد، أو تلك التي انتزعت فيها القوات التركية السيطرة من قسد. أي أن التخلي عن إدلب، في أقصى الاحتمالات، قضية مرتبطة تركياً بموضوع اللاجئين أيضاً، ولا يُتوقع أن تؤثر سلباً على العلاقات الروسية-التركية التي باتت متشابكة ومتشعبة في العديد من القضايا الإقليمية من ليبيا إلى ناغورني كاراباخ، وقد لا تكون أفغانستان قريباً “بعد الانسحاب الأمريكي” خارج الاهتمام المشترك والتعاون بين الجانبين. على هذا الصعيد، وبينما تُقصف مناطق في إدلب بشكل عنيف، يلفت الانتباه ما قاله قبل يومين المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف في حوار بثته قناة روسيا1، إذ وصف العلاقات الروسية-التركية بأنها مثال يُحتذى للشراكة بين موسكو ودولة عضو في حلف الناتو.

ميدانياً، ليس هناك ما يردع موسكو عن اقتحام درعا أو إدلب، فالقوة العسكرية جاهزة، والطيران الروسي معتاد على تنفيذ سياسة الأرض المحروقة قبل الاقتحامات. لكن نصراً واحداً أخيراً لن يقدّم لبوتين فائدة على المدى البعيد، لذا يريد انتصارات محدودة وبالتقسيط مع استحقاقات سياسية صغيرة ومحدودة، قد يكون الآن التمديد لدخول المساعدات الأممية واحداً منها. إطالة أمد “الانتصارات” يتيح لبوتين تصوير قواته في سوريا كأنها لا تتوقف عن التقدم، ويؤخر لحظة الحقيقة عندما يستنفذ المساحة التي لا تقع ضمن الخطوط الحمراء لتركيا أو الولايات المتحدة.

ربما يكون من مصلحة واشنطن وأنقرة أيضاً ألا يصطدم رأس بوتين بسقف انتصاراته، فيظهر محرجاً داخلياً بعجزه أمامهما، بمعنى أن يكون هناك تواطؤ ضمني معه في سياسته هذه. وربما سنبقى بين الحين والآخر إزاء هذا النوع من التصعيد والانتصارات، بحيث تسحب موسكو ببطء شديد من الرصيد المسموح طالما لم يحن موعد الحل أو موعد الانقلاب الجذري على خريطة النفوذ الحالية.

المدن

—————————————–

المعبر الأخير.. أم الاختبار الأخير/ عبد الباسط عبد اللطيف

عشر سنوات من المذبحة السورية المستمرة والتخاذل الدولي والاكتفاء بالفرجة على مأساة العصر، أو بالمواقف الكلامية التي لم تكف السوريين ما تفتقت عنه ذهنية الإجرام الأسدي من شرور تجاه الشعب الذي طالب بالحرية.

وبعد مسلسل طويل من التنازلات والتخلي عن مبادئ القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، بل والتراجع عن ما ظن البشر أنهم حققوه معاً في سبيل الارتقاء الإنساني ومنع الإبادة والحد من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، يُقزّم المجتمع الدولي اليوم دوره في المأساة السورية ببذل الجهود لإبقاء آخر معبر للمساعدات الإنسانية عبر الحدود، بل يستعد لتقديم تنازلات سياسية للروس مقابل هذا الإنجاز الهزيل والتراجع الشنيع أمام التضخم الروسي على حساب قيم الحرية والعدالة وقواعد القانون الدولي الإنساني، فهل بقي أي معنى أو دور للأمم المتحدة ومجلس الأمن بعد؟ وهل المجتمع الدولي بهذا العجز أم أن مظهر العجز هو الخيار الذي تمرر من خلاله المصالح وتدفن بحجته المبادئ؟

يخيل لمن يتابع الموقف الروسي وكأن الحرص على سيادة سوريا (النظام) هو أهم مبدأ يجب أن يلتزم به المجتمع الدولي وهو المبدأ الذي في سبيله يمكن الإطاحة أو التغاضي عن كل شيء بما فيها الجرائم الفظيعة التي يرتكبها النظام تحت مظلة روسية وأحياناً كثيرة عبرها مباشرة، وطبعاً هذه السيادة ليست سوى ذريعة وغطاء لتدخلها واستيلائها على سوريا ثم للمساومة عليها في بازار النخاسة الدولية حيث تباع وتشترى حقوق الشعوب التي يطيح بها الحكام الفاشلون.

وأمام ادعاء مبدأ السيادة هذا تكون التضحية بالحاجات الإنسانية لملايين البشر أمراً مقبولاً للبعض ومطلوباً من قبل الروس الذين وإن كانوا يتحدثون بشكل موارب عن الاحتياجات الإنسانية إلا أنهم عملوا ويعملون على أن تكون الخطوة القادمة بعد إغلاق آخر المعابر هو استخدام الاحتياجات الإنسانية التي يريدون لها أن تدخل عن طريق النظام فقط لتركيع المناطق المحررة، وهم الذين فعلوا ذلك مع المناطق المحاصرة في السابق، حيث استخدم إدخال ومنع المساعدات الأممية إليها كسلاح في المعركة تماماً كما استخدمت براميل النظام المتفجرة وصواريخ الروس الفراغية والعنقودية.

وقبل الإجهاز على مسألة الاحتياجات الإنسانية، كان الروس قد أمّنوا الحماية للنظام من الإجراءات الجماعية في مجلس الأمن وأعاقوا كل محاولة لإدانته على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بالفيتو الذي أصبح أداة دول مجلس الأمن في حماية مصالحهم وعملائهم بدل أن يكون المجلس أداة الأمم المتحدة في الارتقاء بالإنسانية وبالقانون الدولي ونجح الروس في سد الطريق على تحويل جرائم النظام للمحكمة الجنائية الدولية وفشلت الإنسانية في فتحه، واستكانت لعبة المصالح لهذا الفشل.

لم تبادر الدول العظمى وباقي المجتمع الدولي إلى حرمان الروس من هذه الورقة باعتبارها باتت طرفاً أساسياً في الصراع وشريكاً في جرائم النظام حسب ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أنه لا يحق للدول المعتبرة طرفاً في النزاع التصويت على مشاريع القرارات بل وجدت في الموقف الروسي شماعة وفرصة لتبرير الصمت أمام المذبحة الرهيبة.

كما أن الأصوات المطالبة بتفعيل الإجراءات الجماعية من قبيل الاتحاد من أجل السلام لمواجهة فشل مجلس الأمن في معالجة مذابح سوريا بقيت دون صدى.

والمجتمع الدولي قبل ذلك أيضاً لم يفعل حتى قراره 2118 القاضي بمعاقبة مستخدمي السلاح الكيماوي في سوريا رغم أن تقارير كل من آلية التحقيق المشتركة التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة وكذلك فريق التحقيق وتقصي الهوية، قد أثبتت بشكل واضح تورط النظام في استخدام السلاح الكيميائي لمرات عديدة ضد المدنيين.

حتى احتمالات التدخل الدولي الأحادي أو المتحالف بعد تجاوز الخطوط الحمراء واستخدام السلاح الكيميائي المتكرر تم التراجع عنها في اللحظات الأخيرة كما قيل، لأسباب واهية.

وقبل ذلك أيضاً لم يستخدم المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة مبدأ الحماية الإنسانية الذي طوره بعد عار مذابح رواندا في مواجهة النظام الذي لم يفشل فقط في واجبه في حماية المدنيين بل إن قواته النظامية والميليشيات التابعة له هي المنخرطة في ارتكاب الجرائم الفظيعة ضد المدنيين.

بعد ذلك كله يشعر النظام ومعه الروس والإيرانيون بأنهم في مأمن تام من أي عقاب أو مسائلة، الأمر الذي جعلهم يطمعون بالمزيد وهو القضاء على تجمع ملايين النازحين الفارين من مذبحة الأسد والروس التي تلاحقهم اليوم إلى إدلب، ولا فرق أن يكون هذا القضاء عبر البراميل والصواريخ أو عبر قطع المساعدات الإنسانية وتحويلها للنظام أولاً ليستفيد منها حتى يقف على ساقيه من جديد أو ليستخدمها في الحصار والمساومة كما سبق وأسلفنا.

نعم إن من سار منذ البداية في طريق التغاضي عن جرائم النظام والتسويف وخلق التبريرات للسكوت عن الجريمة المستمرة والاكتفاء بالتصريحات وتحميل الروس المسؤولية نظرياً وإعطائهم الضوء الأخضر عملياً لدعم النظام، يبدو مستعداً لتقزيم دور المجتمع الدولي في استجداء الروس لإبقاء المعبر الأخير مفتوحاً بل وهناك من يمهد لتقديم تنازلات أخرى للروس لقاء ذلك من قبيل تخفيف العقوبات عن النظام وفتح باب التطبيع معه.

من سخرية القدر أن هذا النظام يستفيد بحدود 90% من المساعدات الأممية كما تشير بعض التقديرات، لكن عينه على الـ 10 % المتبقية بغية السيطرة والتحكم بقوت ملايين النازحين من المساعدات الآتية عبر المعبر الأخير المتبقي معبر باب الهوى، وفي ظروف العقوبات والعزلة التي يعيشها النظام تعني هذه النسبة أن الأمم المتحدة هي التي تؤمن قدرته على البقاء والاستمرار وهنا لا نكون أمام مشهد العجز عن إيقاف جريمة العصر بل ودعم المجرم أيضاً عبر هذه الآليات العرجاء القاصرة.

يأتي هذا الموقف الروسي المتعنت بعد أن عطل النظام مسار العمل في اللجنة الدستورية، وبعد أن أجرى مسرحية الانتخابات الرئاسية ضارباً بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2254، وهو استمرار لنهج المبادرة الروسية وتحقيق النقاط والاستفراد بالشعب السوري أمام التخلي الدولي وسياسة الانكفاء لصالح الروس.

رغم كل سوداوية هذا المشهد يبقى هناك من يبحث عن أي إيجابية ويفكر بشكل رغبوي ويمني النفس بأن ثمة فرصة في حال استخدام الروس الفيتو وإغلاق هذا المعبر الأخير وأن الفرصة تتمثل في إقدام الدول (الصديقة) بالدعم الإنساني المباشر لمناطق المعارضة عبر تركيا وبذلك يفقد الروس ورقة المساعدات الدولية والمساومة السياسية عليها، لكن لعبة السياسة الدولية القائمة على التذاكي أحياناً والتغابي في كثير من الأحيان وطرح الشعارات الجوفاء دائماً لم تخدم قضيتنا يوماً، بل إنها شر لا بد منه لكن يجب أن لا نعول عليه، والثورة التي حولت أكثر الأنظمة دموية وأكثرها تمتعاً بالحماية نتيجة للأدوار الخدمية الحيوية التي يؤديها لصالح اللاعبين الدوليين ولـ “إسرائيل” على وجه التحديد، إلى مجرد غطاء مهترئ مقطع الأطراف يبذل الجميع الجهود لتثبيته في وجه رياح الثورة التي ربما يتواتر هبوبها فتشتد أو تهدأ لكنها لن تقف حتى تطيح به.

إن شعبنا الذي لم يبق لديه ما يخسره ودفع هذا الثمن الباهظ والذي دمرت مدنه وهُجّر وبيعت سيادته، لا يقبل بهذه المساومة على قوته ولا يقبل بتقديم أية تنازلات للروس للإبقاء على هذا الشريان، وإن أي تطبيع مع النظام أو كسر لعزلته وتخفيف العقوبات عليه عار جديد يختم مسيرة التخلي عن المبادئ الإنسانية وما أنجزته البشرية، وإجهاز على المؤسسات الدولية التي تردّى دورها وضعف إلى هذه الحدود بمحصلة الفشل في سوريا والاختبار اليوم هو أن يبقى شريان الحياة هذا ولا يكافأ النظام على جرائمه.

والمجتمع الدولي يعرف ما عليه أن يفعل عندما تقتضي المصالح التحرك، والغرب بالتحديد لا مصلحة له على المدى الطويل في ترك سوريا للروس والإيرانيين خاصة وأن مهمة تدمير سوريا على يد النظام وحفظ أمن “إسرائيل” ومصالحها قد تمت.

والشعب الذي قدم كل هذه التضحيات مستمر حتى الخلاص من النظام والاحتلال الذي جلبه لحمايته وإلى ذلك الحين ليس للسوريين إلا الله وعزيمتهم وصمودهم حتى نيل حريتهم.

—————————————–

أي طموحات روسية في سوريا؟/ مهند الحاج علي

ثلاثة مشاهد في سوريا خلال الشهور الماضية، تُوضح مدى الطموحات الروسية في هذا البلد على مستويات متعددة منها الاقتصادي والثقافي أيضاً. الأول هو مشهد أطفال سوريين ينشدون بالروسية أمام جنود روس لمناسبة “يوم روسيا” الشهر الماضي. ذاك أن مادة اللغة الروسية باتت تُدرّس في بعض المدارس السورية، في إطار النشاط الثقافي الروسي الذي يعتمد غالباً على المواطنات الروسيات المتزوجات من سوريين، وعلى خريجي الجامعات السوفياتية، وهم 35 ألفاً وفقاً لبعض التقديرات وينتشرون في مختلف انحاء سوريا.

وبحسب وكالة الأنباء السورية (سانا)، أدرجت السلطات مادة اللغة الروسية ضمن المناهج التربوية تجريبياً في العام الدراسي 2014-2015، إلا أن عدد الطلاب ارتفع على مدى السنوات الماضي حتى بلغ “31 ألف طالب في 217 مدرسة موزعة على 12 محافظة فيما الكادر التدريسي لم يتجاوز حتى اليوم 190 معلم لغة روسية”.

المشهد الثاني هو عمل مجموعة من العلماء والخبراء الروس في مجال الآثار (معهد الثقافة المادية التابع لأكاديمية العلوم الروسية) على اعداد نموذج رقمي لمدينة أفاميا القديمة وكنائسها شمال غربي حماة، بحسب قناة “tvzvezda” (تعريب موقع عنب بلدي منتصف الشهر الماضي). ووفقاً للتقرير، استخدم الخبراء الروس “تقنيات الاستشعار عن بُعد للكشف داخل التربة، وطائرات دون طيار مزوّدة بكاميرا حرارية، للكشف عن الجدران المغمورة بالتراب (تحت الأرض)، بحسب الباحث إيغور بلوخين”.

وهذا ليس مجهوداً صغيراً، بل يأتي ضمن مشروع مدته سنتان يهدف الى درس الكنائس القديمة وانشاء بيانات رقمية عن حال الآثار المعمارية، بحسب موقع “عنب بلدي” السوري، إذ أن هناك اهتماماً روسياً في إدارة الآثار السورية والتنقيب عنها بشكل أوسع، بدأ في السنة الثانية من التدخل الروسي (2016) حين طُرح مشروع لاعادة بناء المناطق الأثرية المدمرة. كما تحدثت تقارير عام 2019 عن اهتمام روسي في التنقيب عن الآثار في ساحل طرطوس بعد توقيع اتفاق للتعاون بين حاكم مدينة سيفاستيبول الروسية دميتري أوفسينيكوف ومحافظ طرطوس صفوان أبو سعدى.

المشهد الثالث والأخير هو زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف الى سوريا نهاية الشهر الماضي على رأس وفد حكومي واقتصادي روسي، واجتماعه مع الرئيس السوري بشار الأسد. البيان الرسمي للزيارة كان واضحاً لجهة تركيز الحديث بين الأسد وبوريسوف “على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والجهود المشتركة لتوسيعه ليشمل مجالات إضافية وكذلك التعاون في مجال الطاقة والتقنيات الحديثة والصناعة والزراعة”. بوريسوف تطرق الى التمهيد لانعقاد الدورة الـ 13 للجنة السورية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والتقني والعلمي، من خلال تطبيق الاتفاقات السابقة وتوسيع أطر التعاون الاقتصادي والتجاري والصناعي والزراعي والاستثماري والجمركي والطاقة والنقل البحري والسكك الحديدية والاتصالات والتقنيات الرقمية والمنتجات الطبية والأدوية، “وكذلك تسهيل وصول السلع الروسية إلى السوق السورية”.

وفقاً لموقع “تقرير سوريا” الاقتصادي، تولت هذه اللجنة عام 2018 تسليم مرفأ طرطوس الى شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية المملوكة من أحد أزلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعطت عام 2019 رخصة التنقيب عن الغاز والنفط لشركة روسية في سواحل سوريا. لهذا، من المتوقع أن يُفضي اجتماع اللجنة الى اتفاقات جديدة لمصلحة روسيا.

عملياً، تُخطط روسيا لدور طويل المدى وهيمنة على مستويات متعددة في سوريا، لا تقتصر على النفط والغاز، بل تشمل الشق الثقافي (الآثار والتعليم) والدخول الى مختلف مناحي الخدمات والاقتصاد من إدارة المرافئ والفوسفات، إلى مجال الاتصالات وإعادة الاعمار والسياحة أيضاً. هي طموحات واسعة وربما أكبر من أن تتحقق في بلد محدود الموارد مثل سوريا، حتى بعد التطهير العرقي لسكانه من المناطق المنتفضة على النظام، ولو أن القوات الروسية باقية لأمد غير منظور. ذلك أن الدور الروسي بات أشبه في معالمه واتفاقاته الواسعة والطويلة الأمد ولجانه المشتركة، باستعمار من بدايات القرن العشرين، لا يخلو من صلافة وقصر نظر، تُخفي هفوات كبيرة لن تتأخر كثيراً.

المدن

—————————-

واشنطن وموسكو في اختبار المعابر السورية/ عمر كوش

سيكون مجلس الأمن على موعد مع مواجهة جديدة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا في العاشر من يوليو/ تموز الجاري، لدى مناقشة تمديد التفويض الأممي لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2533 الذي ينصّ على السماح بإدخالها إلى الشمال السوري، عبر معبر وحيد هو “باب الهوى” الحدودي بين تركيا وسورية.

وتقرّ كل الاتفاقيات والأعراف الدولية بأن تكون مسألة المساعدات الإنسانية حيادية في الحروب والنزاعات المسلحة وفوق أي اعتبار سياسي، كونها موجّهة إلى الضحايا والمدنيين، وتتعلق في الحالة السورية بأكثر من 4.8 ملايين شخص، يعتمدون على المساعدات الغذائية من البرنامج الأممي من أجل بقائهم على قيد الحياة، حسب تقارير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فضلاً عن أن تقارير الأمم المتحدة تفيد بأن أكثر من 11.7 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية داخل سورية، لكن ذلك كله لم يمنع روسيا من تحويلها إلى مسألة سياسية ووسيلة ضغط، وتسعى، من خلالها، إلى ابتزاز المجتمع الدولي، بغية تحقيق مكاسب لها، والدفع نحو إعادة تأهيل نظام الأسد واسترجاع الشرعية الدولية المفقودة له.

ويبدو أن حدّة المواجهة آخذة في التصاعد بين روسيا والولايات المتحدة بشأن ملف المساعدات الإنسانية وكيفية إدخالها إلى سورية، كونه يشكّل مناسبة لاستعراض قوة كل من الطرفين واختبارها، لذلك ركّز ساسة الدولتين على حشد تأييد واسع لمواقف بلادهم، حيث سعت الولايات المتحدة إلى حشد دعم دولي واسع للملف الإنساني، فأوفدت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إلى تركيا التي تعدّ من الدول الأكثر تضرّراً في حال إغلاق المعابر الإنسانية مع سورية، ثم تمكّنت، في اجتماع روما بشأن سورية، من جمع وزراء خارجية مجموعة الدول السبع الكبرى، والمجموعة المصغّرة حول سورية، وتركيا وقطر وممثلين عن الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، إضافة إلى مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، للضغط على موسكو.

في المقابل، لا يكفّ الساسة الروس عن إرسال إشاراتٍ وإطلاق تصريحاتٍ باستخدام الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع تجديد قراره رقم 2533، وقامت موسكو بعدد من الخطوات السياسية والدبلوماسية لمواجهة تزايد المطالب الدولية والأممية بضرورة الحفاظ على آلية إدخال المساعدات الإنسانية وتوسيعها، وذلك بإعلانها عن موعد انعقاد جولة جديدة لاجتماعات أستانة في السادس من شهر يوليو/ تموز الجاري في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بغية التفاهم مع كل من تركيا وإيران قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن، وأوفدت المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، إلى دمشق. وفي السياق، اجتمع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مع نظيره التركي، مولود جاويش أوغلو، في مدينة أنطاليا التركية لحشد التأييد التركي للموقف الروسي.

وعلى الرغم من التحذيرات الأميركية لروسيا من مغبة استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، إلا أن الوزير لافروف لم يخفِ في أنطاليا موقف بلاده الرافض مشروع قرار جديد، طرحته من قبل النرويج وإيرلندا في مجلس الأمن، يقضي بتمديد التفويض لإدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسورية، ويطالب بإعادة فتح ممر اليعربية بين العراق وسورية الذي تم إغلاقه بفيتو روسي في يناير/ كانون الثاني 2020. وجدّد لافروف المطلب الروسي بإيصال المساعدات إلى جميع المناطق السورية عبر المنافد التي يسيطر عليها النظام السوري، بحجّة ضرورة احترام السيادة السورية، واعتبر أن الأزمة الإنسانية في سورية سببها العقوبات وقانون قيصر الأميركي، والاستيلاء غير المشروع على الأصول السورية في المصارف الغربية بطلب من واشنطن. وتمادى في ابتزازه المجتمع الدولي، عبر تحميل الدول الغربية المسؤولية عن المأساة الإنسانية في سورية، بل اشترط أن يعترف الغرب بمسؤوليته عنها كي تتعاون بلاده.

وأمام تباعد المواقف الأميركية الروسية حيال آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية إلى سورية، فإن كيفية المواجهة بينهما قد تأخذ أكثر من منحى، إذ تتحدّث الإدارة الأميركية عن إمكانية بناء جسور للثقة والتعاون بينهما، في حال استجابة موسكو لفتح المعابر الحدودية، وبما يفتح المجال أمام مزيد من التفاهمات بينهما بشأن سورية. وأطلقت واشنطن إشاراتٍ استباقية عديدة في هذا المجال، تمثّلت في عدم فرض عقوباتٍ جديدة بموجب قانون قيصر، وتقديم استثناءاتٍ لمواد طبية من العقوبات، في ظل تفشي جائحة كورونا، إضافة إلى السماح بتقديم المساعدات عبر خطوط التماس بين مناطق نفوذ القوى المسيطرة في سورية. وفي حال تجاوب موسكو، ستعمل الإدارة الأميركية على زيادة المساعدات الطبية إلى المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، والسماح بتقديم المساعدة للمنظمات الإنسانية في تلك المناطق، وتسريع الموافقة على تراخيص المواد الإنسانية.

وفي حال إصرار موسكو على رفض التمديد للقرار الأممي باستخدام الفيتو لتعطيل تمديد التفويض الخاص بإيصال المساعدات إلى سورية، فإنها ستفقد ورقة ابتزاز وضغط، وستثير ردود فعل سلبية كثيرة ضدها، كونها ستضع نفسها في تحدّ سافرٍ أمام المجتمع الدولي بأكمله في مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السوريين في المناطق التي لا يسيطر عليها نظام الأسد، وقد يدفع تحدّيها الإدارة الأميركية إلى مزيد من التعاطي والانخراط في القضية السورية. ومع ذلك، لا تبدو الخيارات الأميركية حياله كثيرة، ولن تخرج عن ممارسة مزيد من الضغط وزيادة العقوبات على النظام السوري بواسطة قانون قيصر، وربما تلجأ الولايات المتحدة إلى التفاهم مع تركيا وشركائها من الدول المانحة والمنظمات الإنسانية لإيجاد آلية بديلة.

لن يوافق الساسة الروس على فتح المعابر الحدودية مع سورية أمام المساعدات الإنسانية من دون مقابل، وسيحاولون الحصول على تنازلات كثيرة من الولايات المتحدة في سورية مقابل ذلك، لكنهم قد لا يغامرون باستخدام الفيتو ضد مشاريع تمديد التفويض للقرارات الأممية. وبالتالي، لن يفوّتوا الفرصة كي يحصلوا على مكاسب لقاء ذلك، من خلال اتباعهم المواربة والظهور بمظهر المنفتح على الحوار مع الولايات المتحدة. لذلك، ستشكّل المواجهة الأميركية الروسية حيال المعابر السورية اختبار قوة للسياسية الأميركية، ومدى قدرتها في التأثير على الأزمات الدولية، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط.

العربي الجديد

—————————————

معضلة القوى الأجنبية في سورية/ عبسي سميسم

بالتوازي مع الخطوات التي يقوم بها نظام بشار الأسد ومن خلفه روسيا للتنصّل من الحل السياسي، وإعادة تأهيل النظام السوري دولياً، وفرضه كأمر واقع، على الرغم من كل الجرائم التي يرتكبها، تعود الدول المتدخلة في القضية السورية، وبشكل خاص الدول الغربية والولايات المتحدة، لتأكيد تمسّكها بالحل السياسي، بموجب القرار الأممي 2254، لكن من دون اتخاذ أي خطوة على طريق تنفيذ هذا الحل.

ولعل أبرز العقبات التي تعرقل تطبيق حل سياسي في سورية هو الكمّ الهائل للقوات الأجنبية، التي لا تزال تتكاثر كالفطر على الأراضي السورية، سواء كانت قوات لدول تتواجد بشكل مباشر في سورية، أو مليشيات أجنبية تتبع لدول معينة وتنتشر في مختلف المناطق السورية، الأمر الذي يجعل من المستحيل تطبيق حل سياسي بوجودها.

وأظهر تقرير لمركز جسور للدراسات أن عدد مواقع القوات الأجنبية التي بدأت بالتأسيس لتواجد عسكري في سورية منذ عام 2013 قد بلغ حتى منتصف عام 2021 نحو 514 موقعاً، لقوات تشمل إيران وروسيا وتركيا والتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” بقيادة الولايات المتّحدة، والتي تنشر قواعد عمليات، وقواعد عسكرية، وقواعد أمنية، ونقاطاً عسكرية، ونقاطاً لوجستية، ونقاط مراقبة. هذا الأمر يحدث لأول مرة في تاريخ البلاد الحديث، ما يعكس حجم التأثير الخارجي في الملف السوري، على حساب التأثير الداخلي للفاعلين المحليين جميعاً.

وبالإضافة إلى مواقع الدول الأجنبية التي شملها التقرير، يوجد آلاف الأجانب من المرتزقة الذين يقاتلون مع التنظيمات المحسوبة على القوى المحلية السورية، سواء أولئك الموجودين في مناطق سيطرة النظام، ويعملون مع المليشيات المحلية، أو المرتزقة الأجانب الذين ينتمون إلى التنظيمات الراديكالية في شمال غرب سورية. وبالتالي، فإن أي بادرة للذهاب نحو حل سياسي في سورية، من قبل المجتمع الدولي، يجب أن تترافق مع بداية تراجع للقوات الأجنبية وملحقاتها من سورية. ولكن الواقع يدل على أمر معاكس، إذ يتزايد وجود تلك القوات مع مرور الوقت، وذلك بسبب تشابك وتعقيد مصالح الدول المتدخلة في الشأن السوري، والتي تحاول الحفاظ على مصالحها وكسب نقاط تفاوضية مع الأطراف الأخرى من خلال التواجد العسكري.

ولكن على الرغم من صعوبة إخراج القوات الأجنبية من سورية في الوقت الحالي، إلا أن ذلك يبقى رهناً بقرارات من تلك الدول يمكن أن تتخذها بناء على تفاهمات معينة، لتبقى مشكلة المليشيات الأجنبية والعناصر الأجنبية التي تقاتل ضمن المجموعات السورية هي الأكثر صعوبة والأكثر خطورة على أي حل سياسي.

——————————————

عندما تصبح المساعدات الإنسانية ورقة مساومة/ تشارلز ثيبو وجمانة قدور

ترجمة أحمد عيشة

كلّ عام، يستأنف مجلس الأمن المفاوضات، لتجديد قراره للسماح بالمساعدات عبر الحدود إلى سورية، عن طريق تركيا والعراق. حيث تعتمد وكالات الأمم المتحدة على هذا التفويض من أجل العمل في سورية، من دون أن يقيّدها نظام بشار الأسد، الذي نادرًا ما يسمح للمساعدات بالوصول إلى مناطق المعارضة. لقد تحوّلت هذه المفاوضات إلى نقطة انفجار متكررة في دراما الحرب السورية؛ فبينما يؤيد أعضاء المجلس هذه التفويض بشكل عام، تستخدم روسيا بانتظام حقّ النقض (فيتو) لتخفيض عدد المعابر الحدودية التي تستطيع وكالات الأمم المتحدة استخدامها، إلى الحدّ الذي لم يبقَ اليوم سوى معبر (باب الهوى) مفتوحًا.

وعلى الرغم من أن إدارة بايدن أشارت إلى أن سورية لن تكون بعد الآن من أولويات واشنطن -على سبيل المثال، لم تعيّن حتى اليوم مبعوثًا خاصًا إلى البلاد، كما فعلت الإدارتان السابقتان- فإنها أنفقت قدرًا كبيرًا من الوقت ومن رأس المال السياسي في هذا الجانب من الصراع. وأخيرًا، حرص الرئيس جو بايدن، في اجتماعاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في شهر حزيران/ يونيو، على طرح القضية المتوترة منذ أمد طويل، المتمثلة في إيصال المساعدات إلى البلاد، حيث تتخامد الحرب بعد عشرة أعوام، بينما الاحتياجات الإنسانية آخذة في الازدياد.

ولكن لا شيء مضمون، حتى الآن، بخصوص وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى شمال سورية، حيث لا يزال المعقل النهائي للمدنيين والمتشددين المناهضين للأسد، والمدعومين من تركيا، يواجه هجمات من نظام الأسد المدعوم من روسيا.

لقد حوّلت إدارة بايدن مفاوضات مجلس الأمن هذا العام، بخصوص معبر الحدود الذي من المقرّر أن ينتهي تفويض عمله في 10 تموز/ يوليو، إلى اختبار استراتيجي لشهيّة روسيا للتوصّل إلى تسوية. وهذا بدوره يجعل المفاوضات الحالية لحظة حقيقة لمقاربة الإدارة إزاء الدبلوماسية في الشرق الأوسط. وعلى وجه التحديد، سوف تكون المفاوضات بمنزلة اختبار لمعرفة مسائل عدة: هل التواصل رفيع المستوى بين الإدارة كافٍ لإبقاء واحد أو أكثر من المعابر فعّالًا؛ وما أنواع التنازلات التي يرغب بايدن في منحها لروسيا ونظام الأسد، من أجل الحفاظ على وصول المساعدات؛ وهل بوسع بايدن خلق الزخم الذي يحتاج إليه لتحقيق أهداف أكبر في سورية؟

إن مسألة الحصول على المعونة الإنسانية إلى سورية معقدة للغاية وبسيطة إلى حد كبير.

فمن ناحية، يعدّ نظام إيصال المساعدات الذي تستخدمه الأمم المتحدة، منذ بداية الصراع السوري عام 2011، واحدًا من أكبر النظم وأكثرها تعقيدًا في التاريخ. تشرف الأمم المتحدة على ما يتراوح بين (2 -4) مليار دولار من المساعدات المقدّمة إلى سورية كل عام، وهي تمر عبر مئات الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية التي تتلقى التمويل من معظم المانحين الغربيين. هذا العمل هو الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ حيث إن عدد السوريين المحتاجين قد زاد بنسبة 20 في المئة منذ عام 2020، ويبلغ الآن عددهم ما مجموعه (13) مليون إنسان.

ومن ناحية أخرى، الأمور واضحة نسبيًا. والطريقة الوحيدة لتقديم المساعدات الكافية للسكان الذين يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية في شمال غرب سورية، وشمال شرقها، هي عن طريق المعابر الحدودية. والسؤال الدبلوماسي الأساسي الآن هو هل ستسمح روسيا، المتحالفة مع الأسد، لوكالات الأمم المتحدة باستخدام واحد أو أكثر من هذه المعابر، بما أنها تتمتع بحق النقض (فيتو) في مجلس الأمن. لقد استخدمت روسيا بالفعل حق النقض، كعضو دائم في المجلس، (16) مرة لصالح الأسد، وقد أوضح السفير الروسي لدى الأمم المتحدة بالفعل أنه سوف يفعل ذلك مرة أخرى، إذا لزم الأمر.

ومن دون قرار من الأمم المتحدة، فإن مقدمي المساعدات سيخسرون التمويل، ويتعين على كثير منهم أن يغلقوا أبوابهم، وذلك لأن قنوات الأمم المتحدة تحتاج إلى تمويل المنظمات غير الحكومية السورية الأصغر حجمًا اللازم السورية، وتساعدهم أيضاً في تجاوز بيروقراطية المنظمات المانحة. وتؤدي الأمم المتحدة أيضًا دورًا مهمًا في مجال النقل بتيسير شاحنات المساعدات، ولها إمكانية فريدة للوصول إلى السلع بالجملة، كما أنشأت آليات لمنع الجماعات المسلحة من توزيع المساعدات.

على الأقل، ينبغي أن يظل معبر (باب الهوى) مفتوحًا. ولكن هذا ليس مضمونًا، لأن الطبيعة الإنسانية للأزمة تُستخدم كسلاح. إن روسيا تدرك أن الولايات المتحدة -وأوروبا- تهتم بهذه القضية الإنسانية، ولذلك فهي تستخدم المساعدات عبر الحدود كفرصة للضغط وتحصيل النفوذ. في الماضي، حاولت -بلا جدوى- دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى تخفيف العقوبات. وانتهى الأمر بالولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين إلى بناء تحالف في مجلس الأمن يفوق تحالف روسيا ست مرات، ولكن موسكو ما زالت تنجح في إغلاق ثلاثة من المعابر الحدودية الأربعة، الأمر الذي كان له تأثير مدمّر على وصول المساعدات الإنسانية.

هذا العام، تختلف المفاوضات لأسباب عدة: فمجال التسوية أصغر (حيث لم يتبق سوى معبر واحد)، وترى واشنطن في المفاوضات اختبارًا لاستعداد روسيا للانخراط في حلول توفيقية أخرى ذات مغزى، وتنتهج إدارة بايدن الجديدة سياسة غير محددة إلى حد ما تجاه سورية.

بدأت عملية المفاوضات بجدية في 29 آذار/ مارس، عندما حضر أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، جلسة إحاطة لمجلس الأمن عن سورية. ومنذ ذلك الحين، ألقت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، كثيرًا من الخطابات حول أهمية المساعدات عبر الحدود في سورية، بل سافرت إلى (باب الهوى) نفسها للإعلان عمّا يقرب من (240) مليون دولار من التمويل الإنساني الجديد للولايات المتحدة، وللدفع نحو تجديد وتوسيع آلية عبر الحدود لتشمل معبرين مغلقين من قبل.

ومن خلال الاجتماعات الرفيعة المستوى والتصريحات والبيانات العامة القوية، تستثمر الإدارة قدرًا كبيرًا من رأس المال السياسي للفت انتباه الكرملين. أحد الافتراضات لمسؤولي الولايات المتحدة هو أنّ روسيا سوف تحاول الضغط في هذه المفاوضات، لتحقيق مكاسب سياسية، لكنّها لا تريد في الواقع إغلاق الحدود. وهم يعتقدون أنّ المفاوضين الروس يعلمون أن إغلاق الحدود سيخلق حالة عدم استقرار قد تؤدي إلى تدمير وقف إطلاق النار الهش في إدلب، وهي محافظة في الشمال الغربي. إن مثل هذا السيناريو يمكنه أن يكون سيئًا بالنسبة إلى كل من موسكو ودمشق؛ إذ لا تريد أيّ منهما أن تتعامل مع المعارضين بين سكان المحافظة البالغ عددهم (3,5) مليون نسمة.

لدى واشنطن بضعة خيارات لتلوي يد موسكو. فقد تتخذ موقفًا عدوانيًا وتهدد باستخدام نفوذها، في حالة استخدام حق النقض الروسي من خلال فرض عقوبات متزايدة على نظام الأسد أو الضغط على قوات سوريا الديمقراطية، بقيادة الأكراد، التي تعمل مع الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، للحد من تعاونها مع القوات الروسية في شمال شرق سورية. وبوسع واشنطن أيضًا أن تتبع استراتيجية دفاعية، تمكنها من أن تكافئ روسيا على تعاونها، وذلك، على سبيل المثال، بزيادة المعونة الخاصة بـ (كوفيد -19) إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام، والسماح بتقديم المساعدة إلى المنظمات الإنسانية الأصغر حجمًا التي تعمل في تلك المناطق، والتعجيل بالموافقة على منح التراخيص للمواد الإنسانية اللازمة هناك.

وما ينبغي للولايات المتحدة ألا تستخدمه للتفاوض هو أساليب التطبيع وإعادة التعمير. وينبغي لها أن ترفض بقوة محاولات التطبيع مع النظام التي انطلقت في الخليج. إن هدف روسيا هو استعادة سمعة الأسد الدولية، والادعاء بأن الصراع السوري قد انتهى، وأن التطبيع مع النظام يمكنه أن يؤكد صحة استراتيجية الأسد في خطف المساعدات الإنسانية الدولية. وإضافة إلى ذلك، تريد روسيا رفع العقوبات عن الأسد للسماح بتمويل إعادة الإعمار من أوروبا، والخليج، والولايات المتحدة. ولكن أغلب هذه الأموال يمكن أن تعمل على تعويض موسكو وطهران عن دعمهما والاستثمار في المشاريع الكمالية للشركات الموالية للنظام والمحسوبة عليه، التي لا تؤدي إلى إعادة الإعمار الحقيقي للبلاد التي مزقتها الحرب.

لا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل ذلك بمفردها. ويجب أن تعتمد على شركاء موثوقين. وكما يعلم بايدن بالفعل، فإن تركيا قد تكون حليفًا من هذا القبيل، وذلك لأن لأنقرة دورًا فعالًا ومفيدًا في الدعوة إلى معبر (باب الهوى) في الأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، تريد روسيا الحفاظ على شراكتها مع تركيا، وتريد تركيا إصلاح علاقتها المتوترة بالولايات المتحدة. ولا ترغب موسكو في خلق موجة لاجئين أخرى إلى تركيا، في وقت تحاول فيه أنقرة وواشنطن إصلاح علاقاتهما لاحتواء النفوذ الروسي. ويمكن أن تكون هذه الدينامية حاسمة للتعاون الإنساني المشترك.

وإذا ما دعمت تركيا الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لفتح المعبر، فمن المرجح أن تطلب موسكو من أنقرة أمرين: تنفيذ التزاماتها في النسخة الأخيرة من وقف إطلاق النار في إدلب، ومن ضمن ذلك الدوريات المشتركة التي عرقلتها هجمات المتطرفين؛ وأن تسحب قواتها بالوكالة إلى الجنوب من الطريق الرئيس المؤدي إلى المدينة، وهو ما سيكون امتيازًا رئيسًا للمنطقة. إن هذه النقاط لن تكون رسميًا جزءًا من قرار الأمم المتحدة الجاري التفاوض بصدده، لكنها تشكل الفيل في القاعة (المشكلة الأساسية) في نيويورك، وموضوع دبلوماسية موازية مكثفة مع أنقرة.

وستكون أوروبا حليفًا رئيسًا أيضًا. جنبًا إلى جنب مع أميركا الشمالية، تقدم الدول الأوروبية حوالي 90 في المئة من التمويل الذي يدخل النظام الإنساني في سورية. وقد قامت ألمانيا وبلجيكا في مجلس الأمن بصياغة قرار العام الماضي، كما قامت بلدان أخرى متشابهة في التفكير، مثل فرنسا وبريطانيا، بدور مهم في تشكيل الحلول التوفيقية في مجلس الأمن، لدعم الجهات الفاعلة الإنسانية في الميدان. إن هذا التحالف الصغير شريك طبيعي لواشنطن، ولكنه يحتاج إلى صدِّ المحاولات المتكررة من جانب بلدان أوروبية أخرى، من ضمنها اليونان وقبرص وجمهورية التشيك، لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد، ومن ثم إضعاف الوحدة الأوروبية.

ينبغي لواشنطن أن تربط النقاط، وأن تعمل مع جميع الشركاء، بقدر ما تستطيع، لتجديد التفويض لعملية عبور الحدود التي لم تكن قط تتعلق بالاحتياجات الإنسانية. إن شمال سورية قضية بالغة الأهمية من الناحية الاستراتيجية في الشرق الأوسط، ولا تستطيع الولايات المتحدة أن تعاملها باعتبارها قضية إنسانية محضة. إذا أقرّت واشنطن بذلك، فإنها يمكن أن تحوّل المفاوضات الحالية إلى تدبير لبناء الثقة مع موسكو، يفتح الباب لمزيد من المفاوضات السياسية في سورية، وتجديد صدقية الولايات المتحدة الدبلوماسية في المنطقة. ولكن إذا لم تضغط واشنطن بما فيه الكفاية على موسكو، فإنها تخاطر بترك الملايين من الناس في شمال سورية تحت خطر أكبر.

اسم المقال الأصلي         When Humanitarian Aid Becomes a Bargaining Chip

الكاتب   تشارلز ثيبو وجمانة قدور، Charles Thépaut وJomana Qaddour

مكان النشر وتاريخه         فورين بوليسي، FP، 1/7/2021

رابط المقال         https://bit.ly/3weLbwD

عدد الكلمات       1541

ترجمة   وحدة الترجمة/ أحمد عيشة

مركز حرمون

————————————————

أستانة 16 والمبعوث الروسي في دمشق/ فاطمة ياسين

منذ دخول القوات الروسية سورية، كانت المهمة الأساسية التي وضعها فلاديمير بوتين لنفسه تأمين نصر ميداني واضح، وإطلاق عملية سياسية تعيد تثبيت النظام على الأرض التي يمكن الحصول عليها. لم يكن الهمّ الروسي منصبّاً على إعادة جميع الأراضي التي خسرها النظام لصالح مجموعاتٍ متنوعةٍ ومختلفة الولاءات، بل كان إعادة تجميع أكبر مساحةٍ ممكنة، وقد تحقق لروسيا ذلك، بعد معارك طويلة استنزفت منها الكثير، وشارك إلى جانبها النظام بقواته، أو ما تبقى منها، وإيران بمليشياتها التي وجدت حليفاً تكتيكياً يفيد المرحلة. كان الروس، خلال ذلك، يحاولون بناء تحالفٍ مع الجانب الأميركي لإعادة تعويم النظام. وقد تكون صفقة تسليم نظام الأسد السلاح الكيميائي عام 2013، بوساطة روسية، محاولةً لكسب ثقة الجانب الأميركي، وتشكيل التحالف المطلوب معه. لكنّ الولايات المتحدة اعتبرت تنازل روسيا بخصوص السلاح الكيميائي السوري ثمناً لوقف عملية عسكرية أميركية ضد النظام، وفشلت كلّ محاولات روسيا في تحقيق التقارب مع الولايات المتحدة بشأن سورية عبر رئيسين أميركيين من حزبين مختلفين. واختارت أميركا، بدلاً من ذلك، التقرّب من إحدى جبهات المعارضة والتحالف معها، وسيطرت على ثلث سورية، في موقفٍ يبدو أنّه نهائي ولا رجعة عنه. أراد بوتين أن يعوّض القصور الكبير في جبهته السياسية، واستفاد من ظروف سياسية خاصة، فعقد تحالفاً آخر ضم إليه تركيا وإيران في مسار جديد ومنافس للمسار الدولي في جنيف، وسمّي “أستانة”.

حاولت روسيا من خلال “أستانة” كسب موافقة إقليمية، وإنْ كانت ضيقة، فهي بحاجةٍ إلى إطار، مهما كان حجمه أو مكان وجوده، لتضفي قبولاً على تموضعها في سورية، وهي بحاجةٍ إلى نقطة انطلاق لقطف ثمار سياستها فيها، بمحاولة تثبيت الحليف في دمشق، وإنعاشه اقتصادياً وسياسياً، لينفذ سياستها “المفيدة”. توجهت روسيا إلى تركيا ودول الخليج، أما إيران فوجودها مضمون، وأدّى سيرغي لافروف ومسؤولون روس آخرون عدة جولات خليجية، واستغلت روسيا في ذلك مجيء جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، وموسم فتوره مع دول الخليج العربية. لكنّ الجهد الروسي لم ينل إلّا نجاحات قليلة، لم تفضِ إلى تطبيع مع النظام.. كان وجود تركيا حاسماً في انطلاق مسار أستانة واستمراره. وعلى الرغم من فشل اجتماعاته الواحد بعد الآخر، تبدو روسيا راضيةً عن انعقاده المرّة بعد المرّة في كرنفالٍ تستعرض فيه قوة سياستها، وقد أنجزت حتى الآن 15 اجتماعاً، وهي تحضّر بنشاط ملحوظ من خلال مبعوثها الخاص إلى دمشق لعقد الجلسة الـ16.

عُقدت كلّ اجتماعات أستانة تحت عناوين ناتجة عن الحرب السورية، ولم تتطرّق بجدّية إلى جوهر المشكلة، وهي طبيعة النظام التي نشأ عنها الراهن الخطير، والحلقة السادسة عشرة من أستانة لا تشذّ عن المسار، فالعناوين هي: تبادل “الأسرى”، والمساعدات، ووقف شامل لإطلاق النار… وهذه عناوين يقف فيها النظام على قدم المساواة مع المعارضة، فهو بحاجةٍ لمساعدات ولديه أسرى وجبهات ما زالت مشغولةً بإطلاق النار، وهي فرصةٌ دوليةٌ يستغلّها النظام لعرض ما يواجهه من صعوبات، بما قد يساعده في الإفلات من بعض العقوبات المفروضة عليه، من دون أن يعطي المؤتمر أيّ إضافةٍ للمعارضة التي يعرف العالم كلّه ما تواجهه، ووراءها عشرة ملايين سوري مهجّر في الداخل والخارج، وتصارع من أجل معبر واحد أو اثنين تكون لها اليد الطولى في إدارتهما، وتوزيع المساعدات التي تأتي منهما. ومن المرجّح ألّا توافق روسيا على قرار تمديد إدخال المساعدات من باب الهوى بشكله الحالي، لكنّ المعارضة لا تجد طريقاً آخر غير قبول الحضور والتوقيع على البيان النهائي الذي سيؤكّد على قرارات الأمم المتحدة ووحدة الأراضي السورية، وباقي الديباجة المعروفة التي لا أحد يقرّر الإصرار على تحقيق بنودها بشكل مبدئي.

العربي الجديد

————————————-

 روسيا تنسق مع شركائها قبل «الاختبار الأميركي»

الموفد الأممي إلى سوريا يلتقي مبعوث بوتين

دمشق – موسكو – لندن: «الشرق الأوسط»

استكملت روسيا الترتيبات لعقد اجتماع «مجموعة آستانة»، التي تضم إيران وتركيا، في العاصمة الكازاخية غداً، بهدف تنسيق المواقف بين الدول الثلاث قبل التصويت على قرار دولي لتمديد المساعدات الإنسانية، في مجلس الأمن الخميس، الأمر الذي اعتبره مراقبون «اختباراً أميركياً» لموسكو لتحديد اتجاه العلاقات بين الطرفين في سوريا.

وأبلغت مصادر «الشرق الأوسط» في موسكو، أن روسيا ستشارك بوفدين، ويترأس الوفد الدبلوماسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف وهو الذي ترأس وفود روسيا في الجولات السابقة، في حين يترأس الوفد العسكري نائب رئيس الأركان ستانيسلاف حاجي محمدوف.

وفي إطار استكمال التحضيرات للجولة الجديدة من مسار آستانة، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية، ولافرنتييف بحثا مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن في جنيف، التسوية السورية، علماً بأن بيدرسن كان شارك في اجتماع دعت إليه أميركا وإيطاليا في روما قبل أيام.

وأفادت الخارجية الروسية في بيان بأن لقاء جنيف تضمن «بحثاً مفصلاً لوجهات النظر حول الوضع الراهن في سوريا، مع التأكيد على أهمية تعزيز العملية السياسية التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة».

وكان لافرنتييف اجتمع في دمشق مع الرئيس السوري بشار الأسد لتنسيق المواقف إزاء اجتماع آستانة، والمحادثات الأميركية – الروسية حول سوريا، في جنيف.

وكانت مصادر دبلوماسية روسية أبلغت «الشرق الأوسط» أن موسكو تعمل مع شريكيها في مجموعة آستانة على صيغة جديدة لتفعيل دور المجموعة في المساعدات الدولية.

الشرق الأوسط»

—————————–

موسكو تستكمل تحضيرات جولة مباحثات «ضامني آستانة»

بيدرسن يشارك في المفاوضات وتوقعات بإطلاق مبادرة حول الملف الإنساني

موسكو: رائد جبر

استكملت وزارة الخارجية الروسية الترتيبات لعقد الجولة الجديدة من مفاوضات آستانة في العاصمة الكازاخية نور سلطان. وينتظر أن تنطلق أعمال الجولة غداً، بحضور وفود من روسيا وتركيا وإيران، فضلاً عن وفدي الحكومة السورية وأطراف المعارضة السورية.

وبات معلوماً أن المبعوث الدولي إلى سوريا، غير بيدرسن، سيشارك في هذه الجولة التي يحضرها أيضاً من الأطراف الأممية ممثلون عن الصليب الأحمر الدولي واللجان الأممية في ملفات اللاجئين.

وأبلغت «الشرق الأوسط» مصادر روسية أن روسيا ستشارك بوفد دبلوماسي ووفد عسكري، ويترأس الوفد الدبلوماسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، وهو الذي ترأس وفود روسيا في الجولات السابقة، في حين يترأس وفد وزارة الدفاع المسؤول في الوزارة ستانيسلاف حاجي محمدوف.

وكانت أوساط روسية قد تحدثت أخيراً عن أن موسكو تلقت إشارات أخيراً من واشنطن برغبة الأخيرة في المشاركة في هذه الجولة على مستوى السفير الأميركي في نور سلطان، لكن هذه المعطيات لم تحصل على تأكيدات، خصوصاً على خلفية احتدام السجالات الروسية – الأميركية أخيراً حول ملف المساعدات الإنسانية، والوضع في شمال شرقي سوريا، إذ عادت موسكو إلى توجيه اتهامات حادة للطرف الأميركي بمواصلة «نهب ثروات سوريا، وتشجيع النزعات الانفصالية»، بعد فترة هدوء في اللهجة الروسية حيال واشنطن أعقبت القمة التي جمعت الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن في جنيف في الـ16 من يونيو (حزيران) الماضي.

وفي إطار استكمال التحضيرات للجولة الجديدة من المفاوضات، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن سيرغي فيرشينين نائب وزير الخارجية، وألكسندر لافرنتييف الممثل الخاص للرئيس الروسي، بحثا مع المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن التسوية السورية.

وأفادت الوزارة، في بيان لها، بأنه «جرى تبادل مفصل لوجهات النظر حول الوضع الراهن في سوريا، مع التأكيد على أهمية تعزيز العملية السياسية التي يقودها وينفذها السوريون أنفسهم، بمساعدة الأمم المتحدة».

وأضافت: «شدد الجانبان على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية شاملة إلى سوريا، وفقاً لقواعد القانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة».

وحملت الإشارة في البيان الروسي إلى موضوع المساعدات الإنسانية مؤشراً إلى درجة الاهتمام بهذا الملف خلال جولة المفاوضات المقبلة.

وكانت مصادر دبلوماسية روسية قد أبلغت «الشرق الأوسط» بأن موسكو تعمل على التوصل مع شريكيها في مجموعة آستانة (تركيا وإيران) إلى صيغة جديدة لتفعيل دور المجموعة في موضوع المساعدات الدولية، وأن هذا المدخل يمكن أن يشكل حلاً مقبولاً، في حال تعاون الغرب مع موسكو في وضع آلية تعتمد على نشاط ضامني وقف النار.

ورأت المصادر أن مجموعة آستانة التي تنسق كل تحركاتها مع الحكومة السورية قادرة على لعب دور الوسيط الأساسي في هذا الاتجاه. وكانت موسكو قد لوحت باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، في حال أصرت البلدان الغربية على تقديم مشروع قرار يقضي بإعادة فتح معبرين لإدخال المساعدات الإنسانية كانا قد أغلقا العام الماضي، فضلاً عن التوجه لاقتراح تمديد التفويض الأممي لإدخال المساعدات إلى سوريا لمدة عام، في حين تعارض موسكو هذا التوجه، وتصر على ضرورة إنهاء التفويض الأممي، والانتقال نحو معالجة المشكلة الإنسانية عبر آليات جديدة.

ولم تستبعد أوساط روسية أخيراً أن توافق موسكو على مواصلة تشغيل معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد الذي يعمل حالياً، لإدخال المساعدات الإنسانية، لكن هذه المواقفة مرهونة بترتيبات مع الجانب التركي.

وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف قد زار تركيا لهذا الغرض قبل أيام. ورأت أوساط روسية في حينها أن موسكو سعت إلى إيجاد حل وسط مع الجانب التركي حول ملف معبر باب الهوى الذي تعارض أنقرة إغلاقه.

وفي إشارة إلى المنتظر في مفاوضات آستانة المقبلة، كتب المستشار لدى وزارة الخارجية الروسي رامي الشاعر مقالة أمس، ورد فيها أن «موسكو ستستخدم بالتأكيد حق النقض في مجلس الأمن، إذا ما أصرت البلدان الغربية على تقديم مشروع القرار بالصيغة المعروضة حالياً. والغرب، كما عهدناه دائماً، لا يقول كل الحقيقة، حينما يزعم أن المساعدات الإنسانية تمثل الحل للأزمة الحالية في سوريا، حيث إن المشكلة الحقيقية في سوريا إنما تكمن في الوضع المعيشي المتردي إلى حد العبث، وهو ما تسببت فيه العقوبات الغربية التي تحولت إلى عقاب جماعي للشعب السوري، ولا يبدو أن أياً من الدول الغربية يعنيها بأي حال من الأحوال تحسين أحوال الشعب السوري، والنظر بجدية إلى قضيته الإنسانية الحقيقية، وليس المناورات السياسية مع (نظام الأسد)».

وزاد أن «روسيا، بتنسيق مع أطراف مسار آستانة في أنقرة وطهران، تتجه إلى طرح ملف المساعدات الإنسانية، وهو ما سيكون أحد أهم المحاور للاجتماع المرتقب. والحل الممكن أمام الغرب، إذا ما كان حريصاً بالفعل على تحسين الوضع الإنساني للشعب السوري، هو التعاون مع مجموعة آستانة التي تنسق بدورها بشكل كامل مع حكومة دمشق لترتيب آليات إدخال المساعدات الإنسانية، وتوزيعها على المناطق السورية».

ورجح المستشار أن يطلق اجتماع آستانة «مبادرة جديدة بشأن المساعدات الإنسانية، تتمحور حول إعلان استعداد المجموعة لإيجاد الصيغ المناسبة لترتيب دخول المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع دمشق. وهو ما ستتركز عليه أولويات الاجتماع المقبل، بالإضافة إلى الملفات المطروحة أساساً على أجندة اللقاء، مثل تثبيت الهدنة، ووضع آليات محددة لتنفيذ القرارات السابقة حول إدلب، بما فيها تكريس المنطقة منزوعة السلاح، وسحب أسلحة المقاتلين الثقيلة، وفتح الطرق الدولية، وتسوية أوضاع المقاتلين، ممن قاموا بتسليم أسلحتهم أو وعدوا بتسليمها، وضمان عدم تعرضهم لأي ملاحقات أمنية أو تضييقات».

———————————-

على ماذا اتفق لافروف وجاويش أوغلو.. سوريا؟/ سمير صالحة

اختيار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو مدينة أنطاليا السياحية لاستقبال نظيره الروسي سيرغي لافروف يحمل أكثر من رسالة ومدلول: التخلص من ربطات العنق للقول إن أجواء الحوار كانت بعيدة عن الرسميات والشكليات وفي إطار ودي شخصي طالما أن التخاطب كان بالاسم الأول أمام الكاميرات. طمأنة الضيف أن المدينة السياحية التركية الأهم المطلة على سواحل المتوسط جاهزة فعلا لاستقبال عشرات الآلاف من السواح الروس الذين تعول عليهم تركيا كثيرا لاسترداد عافيتها السياحية التي تلقت ضربة موجعة في العام المنصرم بسبب جائحة كورونا. تذكير لافروف الأتراك بفوائد وأهمية عشرات المشاريع الاستراتيجية واتفاقيات التعاون في العقدين الأخيرين وضرورة حماية هذا التقارب التركي الروسي بعد تراجع العلاقات التركية الغربية في أكثر من مكان.

المعلن في المؤتمر الصحافي المشترك هو التفاهمات الكاملة حول الملفات الثنائية والإقليمية لكن المدلولات على الأرض تقول إن الكرملين قلق جدا حيال التحولات الأخيرة في مواقف تركيا وسياساتها الإقليمية والغزل التركي الأميركي والتركي الأوروبي في مناطق نفوذ استراتيجي تعني موسكو أيضا. زيارة الدبلوماسية الأميركية ليندا غرينفيلد الأخيرة إلى أنقرة ومواصلة سيرها نحو غازي عنتاب والمناطق الحدودية التركية السورية أزعجت موسكو حتما.

الشعار المرفوع بعد كل لقاء تركي روسي كان البرغماتية الناجحة وسياسة الفصل بين الملفات وتفعيل آلية تقييم الأوضاع من جديد بعد كل أزمة أو توتر يقع بينهما. كل طرف يأخذ الكثير مما يريده وليس بالضرورة أن يكون التقاسم في ملف واحد بل على أساس سلة توحد كل القضايا المشتركة بينهما في أكثر من مكان. أنقرة مثلا كانت تعرف أن موسكو هي المسؤول الأول عن عدم أخذ النظام بتهديداتها في منتصف شهر شباط من العام المنصرم في إدلب وضرورة سحب قواته المدعومة روسياً وإيرانياً إلى حدود تفاهمات سوتشي وما وراء نقاط المراقبة التي أنشأتها في المنطقة. تصلبت القيادة الروسية أيضا في شمال غربي سوريا لكنها أعطت أنقرة ما تريده في منع الانفجار الأمني والعسكري الواسع في منطقة تدير تركيا شؤونها الحياتية اليومية ويسكنها الملايين من النازحين السوريين وتعتبر آخر قلاع قوات المعارضة السورية في مواجهة النظام. لم تلتزم موسكو بالمطلب التركي في إقامة المنطقة الحدودية الآمنة ليتمكن مئات الآلاف من اللاجئين السوريين العودة إلى ديارهم ولم تحصل أنقرة على ما كانت تريده “بالطريقة الصعبة إذا ما اضطررنا” ولم تحسم بعد مسألة المعابر لإيصال المساعدات إلى الداخل السوري لكن لافروف هو الذي يحضر إلى تركيا بعد أيام فقط من عودة الرئيس التركي من قمة حلف شمال الأطلسي واللقاءات المكثفة التي أجراها أردوغان هناك مع القيادات الغربية وعلى رأسهم نظيره الأميركي بايدن ليتأكد من أن الأمور تسير على ما يرام وأن أي تقارب تركي غربي لن يكون على حساب موسكو وعلاقتها المتداخلة مع أنقرة. العكس صحيح أيضا لافروف يبدد القلق التركي من احتمال حدوث تفاهمات روسية أميركية في آخر لحظة على حساب أنقرة.

يكرر لافروف أمام نظيره التركي معارضة بلاده لأي مشروع قرار أممي جديد بشأن فتح الممرات لنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا ويحمل الغرب وأميركا خصوصا مسؤولية إيصال الأمور إلى هذه الدرجة من التعقيد في سوريا. لكنه يعرف أن أنقرة هي التي تساهم مباشرة في خطط وبرامج معاقبة النظام وعزله والتشجيع على مواصلة تدابير قانون قيصر لإضعافه وإسقاطه.

أثبت الجانبان التركي والروسي أكثر من مرة قدرتهما ليس فقط على احتواء الأزمات بينهما بل دخولهما في تفاهمات إقليمية أوسع عندما يصلان إلى قناعة أن لا ضرورة لإشراك الآخرين في تقاسم الكعكة أو يتعثر حوارهما معهم. الشراكة هي تركية غربية لكن التحاصص هو تركي روسي. وهذا ما جرى في سوريا وليبيا وجنوب القوقاز وشرق المتوسط تحديدا.

يهاجم لافروف الغرب من أنطاليا لكنه يتفق مع جاويش أوغلو على مواصلة العمل المشترك “لتثبيت الهدوء وتمرير الحوار السياسي والدستوري القائم ” وحاجة المدنيين شمال سوريا لاستمرار دخول المساعدات عبر تركيا وضرورة إيجاد مخرج لمشكلة توصيلها قبل انتهاء مدة التفويض الدولي في العاشر من الشهر الحالي.

تردد أنقرة أن اتفاقيات الطرق الدولية والدوريات المشتركة لم تتقدم كما يجب حتى الآن لكن موسكو تفاجىء الجميع بالحديث عن التوصل لاتفاق جديد مع تركيا بشأن محافظة إدلب وضرورة تأسيس منطقة خالية من الوجود العسـكري هناك. لكن أسباب زيارته العاجلة إلى أنطاليا قد تكون أهم وأبعد من نقاشات ملف إدخال المساعدات والتحضير لقمة الأستانا. الهدف قد يكون هو ما أشار جاويش أوغلو “العمل على اتفاقيات جديدة في سوريا” وإعلان لافروف عن “استعداد بلاده للتعاون مع كل الدول المعنية بشأن الملف السوري”. روسيا أيضا بات يهمها إنهاء ملف الأزمة السورية ونتائج النقاشات التركية الأميركية والأميركية الروسية الأخيرة بشقها السوري ومساومات تحجيم الدور والنفوذ الإيراني وحل عقبة “المجموعات والتنظيمات الإرهابية” الموجودة هناك هي التي حملت لافروف إلى أنطاليا قبل أن يكون الهدف تفقده للفنادق السياحية التي تم تجهيزها لاستقبال السواح الروس.

تصدر الملف السوري جلسة الحوار المطول بين الوزيرين التركي والروسي خاصة الوضع في إدلب وقرار المساعدات الأممية العابرة للحدود لكن نتائج لقاء الأستانا الثلاثي المرتقب ستساعدنا أكثر على معرفة نوعية الحوار الثلاثي التركي الروسي الأميركي في الأسابيع الأخيرة حول المشهد السوري والعروض والاقتراحات المتبادلة طالما أن الدول الثلاث تتحدث عن ضرورة إنهاء ملف الأزمة التي طال أمدها.

أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، عن دهشته من قدرة الدبلوماسيين الأتراك على إيجاد حلول مرضية لجميع الأطراف. وتحدث بيان للخارجية الروسية عن “بحث الطرفان الوضع الراهن لعملية التسوية السياسية للصراع في سوريا”.

وأعلنت الخارجية الأميركية أنها تريد “علاقة بناءة مع روسيا في المجالات التي يمكننا أن نتعاون فيها ونعتقد أن سوريا أحدها”. عودة قليلة إلى الوراء تذكرنا بما كشفت عنه القيادة القطرية في منتصف شهر آذار المنصرم على لسان وزير خارجيتها الذي كان يتحدث في أعقاب قمة ثلاثية قطرية تركية روسية “بحث الاجتماع تطورات الملف السوري، وإيجاد حل نهائي للأزمة، وإمكانية السماح بوصول المساعدات الإنسانية للاجئين، مع التأكيد على وحدة الأراضي السورية وعدم وجود حل عسكري للأزمة “. بعد ساعات على عودة لافروف من تركيا أجرى الرئيس الروسي بوتين اتصالا هاتفيا مطولا مع نظيره الفرنسي ماكرون. باريس تريد أن تذكر بوجودها طالما أن ملفات الحوار الإقليمي تعنيها مباشرة خصوصا في سوريا ولبنان وليبيا وجنوب القوقاز.

عند الإعداد لإنهاء هذه المادة وضرورة احترام ما تقوله وتريده القاهرة في الملف السوري أيضا رغم تداخل الأمور ووجود أكثر من لاعب إقليمي ودولي على الخط قرر الرئيس أردوغان قلب الطاولة بشكل مفاجىء “تركيا موجودة في ليبيا وأذربيجان وسوريا وشرقي المتوسط وستبقى.. سننتزع حقوقنا المشروعة وسنقوم بأعمال التنقيب في جميع بحارنا لا سيما شرقي المتوسط ومحيط قبرص”. ما الذي أغضب أردوغان هذه المرة هل هو انفجار ما قبل هدوء العاصفة أم العاصفة التي تنهي فترة التهدئة على الجبهات؟

تلفزيون سوريا

——————————-

سوريا على أجندة بايدن.. ما فرص نجاح التدخل الأمريكي هذه المرة رغم “ثبات” موقف روسيا؟

يبدو أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قررت التعامل مع الملف السوري، على الرغم من الفشل الذريع لواشنطن على مدى أكثر من عقد كامل، فهل تمتلك الولايات المتحدة أي فرصة للنجاح الآن رغم ثبات موقف روسيا الداعم لنظام بشار الأسد؟

توجد عدة مؤشرات على أن سوريا قد أصبحت بالفعل على أجندة بايدن، على الرغم من أن المئة يوم الأولى من رئاسته شهدت تركيزاً كبيراً على قضايا الداخل الأمريكي مقابل تجاهل واضح لقضايا الشرق الأوسط بشكل عام، باستثناء الاتفاق النووي الإيراني.

وكان المؤشر الأول على هذه العودة الأمريكية للملف السوري هو وجود قضية إدخال المساعدات للسوريين خارج سيطرة نظام بشار الأسد على أجندة القمة بين بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف الشهر الماضي.

كيف عادت سوريا إلى أجندة بايدن؟

كان تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية قد ألقى الضوء على الملف السوري الذي يمثل فشلاً ذريعاً للسياسة الخارجية لواشنطن على مدار عقد كامل، وذلك قبل قمة جنيف بين بايدن وبوتين.

وجاء في ذلك التقرير أن إدارة بايدن تستعد لمواجهةٍ مع روسيا بشأن تسليم مساعدات الأمم المتحدة لملايين السوريين الواقعين خارج سيطرة بشَّار الأسد، وهو الأمر الذي تستعد موسكو، حليفة الأسد، لمنعه في يوليو/تموز. والإشارة هنا لاجتماع الأمم المتحدة المقرر 10 يوليو/تموز الجاري بشأن اتفاق إدخال المساعدات إلى السوريين في منطقة إدلب عبر معبر “باب الهوى” على الحدود التركية.

وقبل أيام برهنت إدارة بايدن على أن الملف السوري قد أصبح بالفعل على أجندة واشنطن، إذ دعت الولايات المتحدة لعقد اجتماع حول سوريا لوزراء خارجية “مجموعة الدول السبع” و12 دولة ومنظمة إقليمية على صلة بالملف السوري، في محاولة منها لتشكيل موقف موحد داعم للحل السياسي في مواجهة الموقفين الروسي والإيراني، وموقف النظام السوري، بحسب تقرير لوكالة الأناضول.

ملايين السوريين تعرضوا للتهجير بعد التدخل الروسي في سوريا، أرشيفية

وسبق هذا الاجتماع عقد مؤتمر للتحالف الدولي الدولي للحرب على تنظيم “داعش” استضافته العاصمة الإيطالية روما، دعا إلى مواصلة جهود دوله لإلحاق الهزيمة الكاملة والدائمة بالتنظيم، في ظل اعتقاد التحالف الذي يضم 83 دولة ومنظمة، أن استمرار الحرب في سوريا من شأنه توفير بيئة مواتية لنشاطات التنظيم.

فبحضور 40 وزير خارجية من دول التحالف الدولي، استضافت روما مؤتمراً دولياً في 28 يونيو/حزيران الماضي لبحث مجمل القضايا المتعلقة بالحرب على “داعش” وسبل هزيمته حول العالم، والتركيز على هزيمته في سوريا والعراق باعتبارهما مركز ثقل تواجد عناصر التنظيم الذين يقدر مسؤولون أمريكيون أعدادهم بنحو عشرة آلاف مقاتل.

وفي البيان المشترك، أكدت دول التحالف على السياسات الثابتة لدوله في الوقوف إلى جانب الشعب السوري، لدعم حل سياسي دائم وفقاً لمرجعية قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر في 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، الهادف للتوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة.

هذه التسوية تكون، وفق القرار، على أساس تشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية، ووقف أي هجمات ضد المدنيين، وسماح الأطراف المعنية بوصول المساعدات الإنسانية إلى جميع مَن هم في حاجة إليها.

قضية المساعدات الإنسانية

وأكدت الولايات المتحدة في بيان لوزير خارجيتها أنتوني بلينكن على “ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى جميع السوريين المحتاجين وإعادة تفويض وتوسيع قدرة الأمم المتحدة على تقديم هذه المساعدات إلى الشعب السوري عبر الحدود”.

فقد كان الوضع في سوريا محوراً مهماً وأساسياً في اجتماعات وزراء خارجية دول التحالف الذين عقدوا بعد انتهاء مؤتمرهم، اجتماعاً وزارياً حول الأوضاع في سوريا (المؤتمر الوزاري الموسع بشأن سوريا).

وشارك في الاجتماع حول سوريا، الولايات المتحدة وإيطاليا وكندا وفرنسا وألمانيا واليونان ومصر والعراق وأيرلندا واليابان ولبنان وهولندا والنرويج وقطر والسعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة وممثلون عن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

ودعت الدول المشاركة في الاجتماع حول سوريا إلى وقف فوري لإطلاق النار في كامل الأراضي السورية، وعدم إعاقة إدخال المساعدات الإنسانية، وتوسيع آليات عمل الأمم المتحدة عبر الحدود مع تركيا، مع عدم توفر بديل مناسب لها.

وتسعى الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية على أساس قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي تعتقد روسيا أنه يشكل تهديداً لمستقبل النظام السوري ووجوده. بينما لا تزال روسيا تتمسك بالحل السياسي عبر مسار أستانة بعيداً عن مخرجات مؤتمر جنيف أو قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

وتشير هذه التطورات إلى أن الولايات المتحدة تركز حالياً على تأمين مرور المساعدات الإنسانية إلى جميع السوريين المحتاجين إليها، وضرورة التوصل إلى تسوية سياسية تتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وتعزيز المساءلة الجنائية لانتهاكات النظام السوري ضد المدنيين السوريين.

ماذا عن موقف روسيا؟

وسبق لبايدن أن أكد لنظيره الروسي فلاديمير بوتين في 16 يونيو/حزيران الماضي على ضرورة استمرار وصول المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري والحفاظ على الممرات الإنسانية، وإعادة فتح المعابر المغلقة في سوريا لضمان عبور مساعدات الأمم المتحدة عبر الحدود دون موافقة النظام السوري، والمحصورة حالياً في معبر “باب الهوى” على الحدود مع تركيا.

لكن روسيا تصر على رفض آلية وصول المساعدات الأممية عبر معبر “باب الهوى” وحصر تسليم المساعدات عن طريق النظام السوري. إذ تعد روسيا الفاعل الأهم في الملف السوري نظراً لوجودها البحري والجوي الكبير منذ عقود، والذي تزايد بعد الثورة السورية وطلب النظام رسمياً تدخلها العسكري في 2015.

وفي إشارة واضحة إلى عدم حصول أي تقارب في وجهات النظر أو التوصل إلى تفاهمات ثنائية مشتركة بين بوتين وبايدن، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد القمة الثنائية رفض بلاده تجديد التفويض الممنوح للأمم المتحدة بإدخال المساعدات إلى سوريا عبر المعبر الوحيد “باب الهوى” مع تركيا الذي سينتهي بحلول 10 يوليو/تموز الجاري.

ومن المنتظر أن يناقش مجلس الأمن الدولي في 10 يوليو/تموز تمديد التفويض الخاص للأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى.

وكانت أيرلندا والنرويج قد تقدمتا بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي سيناقشه في جلسته المقررة في 10 يوليو/تموز، يدعو لإعادة فتح ممرين إنسانيين إضافيين أغلقا قبل أكثر من عام بضغط روسي، أحدهما معبر باب السلامة من تركيا إلى المناطق المتضررة في الشمال السوري، والآخر من العراق عبر معبر اليعربية في محافظة الحسكة.

وفي صميم الأزمة الإنسانية في سوريا تأتي مسألة ملايين النازحين داخلياً واللاجئين في دول العالم، ومنها تركيا التي تتحمل العبء الأكبر باستضافتها نحو 3.8 مليون سوري على أراضيها وما يترتب على هذا التواجد من تبعات على الاقتصاد والقطاعات الأخرى.

بوتين خلال زيارة سابقة لقاعدة حميميم الروسية في سوريا/ رويترز

وتقدر الأمم المتحدة حجم الدمار في سوريا جراء العمليات العسكرية بأكثر من 40% من البنية التحتية.

ولا يزال أكثر من 1.4 مليون نازح في محافظة إدلب يعتمدون بشكل رئيسي على المساعدات الإنسانية والإغاثية الدولية المارة عبر الحدود التركية.

وتتخوف دول العالم من تفاقم الأزمة السورية واتساع رقعة الصراع المسلح إلى دول الجوار السوري وعموم منطقة الشرق الأوسط، وزيادة حدة التوترات في علاقات الأطراف الإقليمية والدولية، خاصة الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي.

ولا تزال الدول المعنية بالأزمة السورية تشدد على أن السبيل الأمثل والوحيد للوصول إلى تسوية سياسية تنهي الحرب في سوريا، هو التزام الأطراف المعنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 2254 لضمان أمن الشعب السوري وتحقيق تطلعاته.

ويرى مراقبون أن الأزمة السورية باتت أكثر تعقيداً، بعد عشر سنوات من الحرب الداخلية وتدخلات الكثير من القوى الإقليمية والدولية مع غياب حقيقي للإرادة الدولية “الحازمة” لحل الأزمة.

ومنذ عام 2011 عقدت مؤتمرات عدة حول سوريا في جنيف وفيينا وروما وباريس وأستانة وغيرها، بالإضافة إلى تشكيل المجموعة الدولية لدعم الشعب السوري، دون التوصل إلى تسوية سياسية بين المعارضة والنظام الذي يعتقد أن الحسم العسكري هو السبيل الوحيد لنهاية الحرب.

ومن المرجح مع الموقف الروسي المتشدد المساند لوجهة نظر النظام السوري في الحسم العسكري، أن تمتد الحرب في سوريا لسنوات قادمة، مع احتمالات تجدد العمليات العسكرية في محافظة إدلب التي تعاني من زيادة ملحوظة في القصف الجوي والتحشيد العسكري على طول خطوط التماس مع فصائل المعارضة المسلحة.

——————————————

وضع إنساني خطير في سوريا.. مواجهة مع روسيا بمجلس الأمن لإدخال المساعدات

الحرة / ترجمات – واشنطن

ارتفاع معدلات الانتحار بين الأطفال في شمال غرب سوريا

12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي

يبحث مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، ملف المساعدات الإنسانية للسوريين، وسط خلاف حاد بين القوى الغربية وروسيا، الداعم الرئيسي لنظام بشار الأسد.

وتؤيد القوى الغربية في المجلس، قرارا يدعو إلى إبقاء المعبر الحدودي بين تركيا وشمال غرب سوريا، الذي يسيطر عليه المتمردون، مفتوحا، بينما تزعم روسيا أنه بإمكان النظام السوري التكفل بإيصال المساعدات إلى السوريين، عبور خطوط المعارك داخل البلاد.

وتعهدت موسكو في السياق، باستخدام حق النقض ضد أي قرار للمجلس، بينما حذرت الأمم المتحدة من أي تأخير في الوصول إلى اتفاق قد يرهن إيصال المساعدات الأممية لملايين السوريين.

فرت أعداد كبيرة من السوريين إلى شمالي غربي سوريا، البقعة الأخيرة التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد، وذلك بعد تعرضهم لحملات قصف على يد القوات الروسية وقوات النظام السوري في مناطق أخرى، وباتوا تحت سلطة ميليشيات متطرفة، لا مهرب منها سوى معبر باب الهوى، وفقا لما نقل موقع “بزنس إنسايدر”.

 ومنذ فتح خطوط الإمداد الإنسانية الخارجية إلى سوريا في عام 2014، “نجحت” روسيا في استخدام حق النقض (الفيتو) في المجلس لتقليل عدد المعابر الإنسانية الحدودية من أربعة إلى واحد.

وكان باب الهوى، المعبر المفتوح، هو نفسه موضوع تمديد لمدة 12 شهرا بعد مواجهة مماثلة العام الماضي.

وفي معبر باب الهوى، قيد المناقشة اليوم، حيث يفترض البت في قرار صاغه عضوا المجلس، أيرلندا والنرويج.

ويدعو  القرار إلى إبقاء باب الهوى مفتوحا وكذلك إعادة فتح معبر حدودي إضافي – اليعربية على الحدود العراقية – للمساعدة في جهود المساعدة في شمال شرق البلاد الخاضع لسيطرة الأكراد.

وتأتي المناقشات في الوقت الذي تفاقم فيه الوضع الإنساني في سوريا خلال العام الماضي.

ويقدر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP) أن 12.4 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أي ما يقرب من 60 في المائة من السكان.

وقال ذات البرنامج إن المساعدات عبر الحدود تلبي الاحتياجات الأساسية لـ 2.4 مليون شخص في سوريا، غالبيتهم من النساء والأطفال.

ابتزاز؟

يشير تقرير لمجلة “فورين بوليسي” إلى أنه مع اقتراب المفاوضات من الموعد النهائي في 10 يوليو، عندما تنتهي صلاحية تصريح الأمم المتحدة بالمساعدة عبر باب الهوى، حيث قال سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة نيكولا دي ريفيير إن المساعدات الغربية لسوريا ستتوقف إذا واصلت روسيا تهديدها باستخدام حق النقض (الفيتو)، مضيفا أن إرسال المساعدات عبر خطوط الصراع لم يكن ممكنا.

قال دي ريفيير: “كما قلت مرارا وتكرارا، يتم توفير 92 في المائة من الإغاثة الإنسانية لسوريا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا واليابان بشكل أساسي”.

وأضاف: “هذه أموال غربية، ولا ينبغي لأحد أن يتوقع إعادة تخصيص هذه الأموال من خلال الخطوط المتقاطعة التي لا تعمل”، بينما ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تهديد المساعدات بأنه “ابتزاز”.

استطلاع: ارتفاع حالات الانتحار في سوريا

وكشفت بيانات جديدة للجنة الإنقاذ الدولية، عن ارتفاع ملفت في حالات الانتحار في شمال غرب سوريا وسط مستويات قياسية من الفقر والحاجة المزمنة.

وبينما تعد المساعدات عبر الحدود، شريان حياة حاسم للسوريين في الشمال الغربي، وتدعم استجابة إنسانية ضخمة، يعد فشل مجلس الأمن الدولي في تجديد تفويضه، ضربة كبيرة لآمال السوريين في التشبث بالحياة.

وقد يؤدي فشل الوصول إلى اتفاق اليوم، إلى تقيلص الوصول إلى المساعدات المنقذة للحياة بما في ذلك خدمات الصحة والصحة العقلية، مما يؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية، وفق موقع “لجنة الإنقاذ الدولية”.

بيانات اللجنة الأحدث، والتي تم جمعها من خلال استطلاعات الرأي مع سوريين من شمال غرب البلاد، تشير إلى أن نحو 93 في المائة من المستجوبين يرون أن حالات الانتحار ارتفعت منذ بداية الأزمة السورية بزيادة ملحوظة بعد النزوح الجماعي من أواخر عام 2019 إلى أوائل عام 2020.

بينما قال 87 في المائة بأنهم سمعوا بالفعل عن حالات انتحار في مختلف المناطق.

    يعيش ملايين السوريون بين مطرقة قصف روسيا والنظام وسندان الحصار والتهديد بمنع استمرار وصول المساعدات الإنسانية الضرورية عن طريق إغلاق المعبر الوحيد لتلك المساعدات. ان تهديد #روسيا بإغلاق #باب_الهوى هو بمثابة حكم بالموت على ملايين السوريين. #سوريا #إدلب_تواجة_الإرهاب_الروسي pic.twitter.com/xRf9sqk4gi

    — القصاصات (@AIqusasat2020) July 6, 2021

وعندما سُئلوا عن سبب انتحار مواطنيهم، قال 77 في المائة من المستجوبين إن السبب كان الاكتئاب الحاد ومشاكل الصحة العقلية، بينما قال 63 في المائة إن ذلك كان بسبب ضائقة مالية و/ أو فقدان الممتلكات.

وقال 53 في المائة إن ذلك يعود إلى فقدان الأمل في ظل الأزمة المستمرة وتدهور الأوضاع.

وفرت أعداد كبيرة من السوريين إلى شمالي غربي سوريا، البقعة الأخيرة التي تسيطر عليها المعارضة في البلاد، وذلك بعد تعرضهم لحملات قصف على يد القوات الروسية وقوات النظام السوري في مناطق أخرى، وباتوا تحت سلطة ميليشيات متطرفة، لا مهرب منها سوى معبر باب الهوى، وفقا لما نقل موقع “بزنس إنسايدر”.

وتريد الحكومة السورية وحليفتها روسيا أن تبدأ المساعدات في الوصول عبر المناطق التي يسيطر عليها النظام في الدولة التي مزقتها الحرب.

وفي محاولة لمواجهة مساعي روسيا لإغلاق معبر باب الهوى، شكل مئات من العاملين في المجال الإنساني، الجمعة، سلسلة بشرية تمتد من معبر حدودي مع تركيا باتجاه إحدى المدن التي تسيطر عليها المعارضة، شمالي غربي البلاد.

إغلاق باب الهوى سيقلص حجم المساعدات الإنسانية للسوريين

إغلاق باب الهوى سيقلص حجم المساعدات الإنسانية للسوريين

وأسفر الصراع السوري المستمر منذ 10 سنوات عن مقتل حوالي نصف مليون شخص وتشريد نصف سكان البلاد البالغ عددهم قبل الحرب 23 مليون نسمة. يشمل هذا العدد أكثر من 5 ملايين لاجئ خارج سوريا.

الحرة / ترجمات – واشنطن

——————————————-

وفد المعارضة السورية: ملف المعابر الإنسانية يتصدر أجندة أستانا 16

كشف وفد المعارضة السورية في أستانا أن مسألة استمرار المعابر الإنسانية في تقديم المساعدات ستكون حاضرة على رأس أجندة اجتماعات “أستانا 16” بالعاصمة الكازاخستانية نور سلطان.

وقال المتحدث باسم وفد المعارضة في أستانا أيمن العاسمي لوكالة الأناضول: “في هذه الجولة والجولات السابقة المعارضة تمثل صوت الشعب السوري والثورة، ومن دون حضورها لا يمكن حصول أي اجتماع”.

وأضاف أن “المعارضة جزء من المسار، وتمثل آمال الشعب والثورة، وفاعليتها تتعلق بمدى الجدية التي تكون عليها الأطراف الأخرى وخاصة الروس، لأن الإيرانيين جزء من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل”.

وأوضح أن “المعارضة تحاول التحاور مع الروس بالاجتماعات، وأن فاعلية وجودها بالمسار مركبة وليس بسبب جولة وبفترة مؤقتة أو آنية، هي موجودة بحكم نوع المعارضة التي معظمها عسكري، وهو جزء أساسي بالقضية السورية”.

أجندة الاجتماعات

وحول أجندة الاجتماعات أفاد العاسمي أن “الأجندة مستجدة دائماً ومدى الاتفاق عليها يكون حسب الجدية من قبل الروس تحديداً، ولكن واضح أن القضية تتعلق بالمعابر وخاصة أن الموضوع الإنساني مهم لكل السوريين”.

وقال “نحن نحرص على أن تستمر المساعدات لكل المناطق، وبقاء المعابر مفتوحة لضمان دخول المساعدات عبرها”، مشيراً إلى أن “هناك بوادر أمل وحلحلة في قضية المعابر”.

ولفت إلى أن “القضية الثانية هي خروقات النظام وعملية التصعيد التي كانت تعقد لأجلها جولات أستانا وجنيف، إذ إن النظام يصعد ويستخدم الإجرام لتحقيق مآرب عسكرية وسياسية”.

واعتبر أن هذا “أمر غير إنساني وغير منطقي، وعلى الدول الداعمة له الانتباه لهذا الأمر”، مؤكداً أن المعارضة ترفض ذلك، وهي قادرة على الرد، ولكن تحرص دائماً على التهدئة لأنها ضرورية للحل السياسي”.

ghyr-bydrswn-780×405.jpg

بيدرسون يؤكد مشاركته في الجولة المقبلة لمباحثات أستانا بشأن سوريا

فاعلية المسار

وقال العاسمي “أعتقد أنه في قادم الأيام سيكون لهذا المسار ربما فاعلية أكبر، وهو بالنهاية يتعلق بجدية روسيا بغض النظر عن إيران”، موضحاً أن “المسار له أهمية ويؤمل منه بتحقيق اتفاقات جديدة تساعد على الحل السياسي، والمزاج الدولي يساعد في هذا، خاصة التفاهمات غير المعلنة بين الروس والأميركيين”.

وأضاف “أعتقد مستقبلاً سيتم النقاش بمسارات سياسية إضافة للمسارات العسكرية، وسيكون من المسارات الأساسية التي تعتمد حلولا مثل اللجنة الدستورية”.

آمال وتوقعات

وحول توقعات وآمال المعارضة أوضح العاسمي أن “هناك تفاؤلا في هذا الصدد، ولكن التصريحات الروسية أحياناً لا تدفع للتفاؤل، إلا أن المزاج الدولي يساعد على الدفع في القضية”، مشيراً إلى أن “هناك عوامل كثيرة تساهم في إنجاح الاجتماع وهناك أمل”.

وقال “لقاءاتنا مع الجانب الروسي تتركز دائماً على دعمهم للنظام، يفترض دعمهم الحل السياسي، لأن الشعب قرر أن يغير النظام الديكتاتوري فيفترض بدولة فاعلة بأن يكون لها دور أفضل، ودعم بشار الأسد لن يجلب الاستقرار”.

وأشار إلى أن “المعارضة مستعدة للتعاون في القضايا المرتبطة بالقضية السورية التي لا تحل إلا بتوافق الأطراف الفاعلة والمعارضة، وإجبار النظام، وهو ما سنتناوله مع الروس ومواجهتهم بخروقات النظام باتجاه مناطق المعارضة”.

وختم بأن “الطموحات ليست كبيرة وبالنهاية نأمل نتيجة إيجابية، ويجب أن يكون هناك تركيز على المسائل المطروحة جميعها، بل يجب تحقيق المزيد، وسنبقى نشارك كمعارضة تطرح أفكارها وتوصل صوتها”.

tass_36321414.jpg

تركيا وروسيا تبحثان التطورات في سوريا والاستعدادات لـ “أستانا 16”

وتنطلق الجولة الجديدة 16 من محادثات أستانا الأربعاء المقبل والتي تستمر يومين بمشاركة الأطراف المعنية في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان.

ويشارك في الاجتماع ممثلو الدول الضامنة وهي تركيا وروسيا وإيران، ووفدا النظام والمعارضة، إضافة إلى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، ووفود الدول المشاركة بصفة مراقب وهي لبنان والعراق والأردن وممثلو المنظمات الدولية.

ومن المنتظر أن يناقش مجلس الأمن الدولي بعد أيام تمديد الآلية الدولية لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى الداخل السوري عبر معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، التي ينتهي العمل بها في 11 تموز الجاري، في ظل حديث عن رفض روسي.

————————-

عسكرياً وإنسانياً.. ما الذي تحمله “أستانا 16” للسوريين في إدلب؟

إدلب – ثائر المحمد

تحتضن العاصمة الكازاخستانية “نور سلطان” يومي الأربعاء والخميس المقبلين، الجولة السادسة عشرة من مباحثات مسار “أستانا” حول سوريا، بمشاركة وفود من الدول الضامنة (تركيا – روسيا – إيران)، وممثلين عن نظام الأسد والمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، إضافة لمشاركة هيئة خاصة من الأمم المتحدة، وكلاً من الأردن ولبنان والعراق بصفة مراقبين.

وقالت وزارة الخارجية الكازاخستانية في وقت سابق، إن جدول أعمال المحادثات يتضمن الوضع الراهن في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية، واستئناف عمل اللجنة الدستورية السورية، وإجراءات بناء الثقة، مثل تبادل الأسرى والإفراج عن المعتقلين والبحث عن المفقودين.

ويتزامن موعد عقد هذه الجولة من المباحثات، مع تصعيد عسكري روسي على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، يعد الأعنف منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في المحافظة بين موسكو وأنقرة في آذار من عام 2020، كما يأتي اللقاء قبل أيام قليلة من اجتماع مجلس الأمن الدولي للتصويت على تجديد آلية دخول المساعدات الإنسانية الأممية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى، وسط مخاوف من استخدام روسيا لـ “الفيتو”، وإغلاق المعبر أمام القوافل الأممية.

جولة جديدة على وقع التصعيد في إدلب

في الجولة الماضية من مباحثات “أستانا” (رقم 15)، توافقت الدول الضامنة للمسار على تمديد اتفاق التهدئة في إدلب، لكن وبعد أسبوع واحد من انتهاء الجولة صعدت روسيا من قصفها المدفعي على الريف الجنوبي للمحافظة.

ومنذ بداية شهر حزيران الماضي، تتعرض بلدات جنوبي إدلب وغربي حماة لقصف مدفعي وصاروخي شبه يومي من جانب نظام الأسد والقوات الروسية، وارتفعت حدة التصعيد في 3 من تموز الجاري، حيث تم استهداف منازل المدنيين ومدرسة ومركزاً للدفاع المدني السوري ومنشآت خدمية جنوبي إدلب، ما أدى لمقتل 9 مدنيين بينهم 6 أطفال وجنين، إضافة إلى إصابة 14 مدنياً آخرين.

وقال المتحدث باسم وفد المعارضة في “أستانا”، أيمن العاسمي، إن خروقات النظام وعملية التصعيد التي كانت تعقد لأجلها جولات أستانا وجنيف ستكون إحدى القضايا المطروحة على أجندة الاجتماع المقبل، موضحاً أن “النظام يصعد ويستخدم الإجرام لتحقيق مآرب عسكرية وسياسية”.

وأفاد الباحث السياسي، مالك الحافظ، بأن خرق الاتفاقيات المتعلقة بإدلب مستمر، وأنه لا جديد في الأمر سوى رغبة روسيا الجادة هذه المرة في التقارب مع واشنطن.

وأضاف الحافظ، في حديث لـ موقع “تلفزيون سوريا”، أن التصعيد في إدلب كان وما يزال وسيلة للتفاوض وعقد التفاهمات والتوافقات، مشيراً إلى أن بنود البيانات الختامية لجولات أستانا لا معنى لها فعلياً، فهي تعاد في كل جولة، وما يتم بحثه لا يصدر أهمه في البيانات الختامية.

وأردف أن “التفاوض بالنار كان عنوان المرحلة الماضية ومحطته الرئيسية في إدلب”.

ملفات ساخنة على طاولة “أستانا”

تأمل روسيا في تحقيق تقدم بمسار “أستانا”، وربما تسعى من خلال عقد هذه الجولة -تزامناً مع التصويت على قرار تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا- إلى توظيف المسار من أجل الحديث عن إنجاز إنساني.

ومن المتوقع أن تُطرح “ملفات ساخنة” على طاولة المباحثات في الجولة الجديدة، ومنها ما يتعلق بمنطقة خفض التصعيد (إدلب)، بعد أن أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل أيام، إلى ضرورة تنفيذ بروتوكول 5 آذار 2020 بين تركيا وروسيا، الذي يقضي بإنشاء ممر أمني منزوع السلاح على جانبي طريق “إم 4” المار من محافظة إدلب.

وحول أجندة الاجتماعات، ذكر العاسمي أن “الأجندة مستجدة دائماً، ومدى الاتفاق عليها يكون حسب الجدية من قبل الروس تحديداً، ولكن واضح أن القضية تتعلق بالمعابر وخاصة أن الموضوع الإنساني مهم لكل السوريين”.

وأشار إلى أن المعارضة تحرص أن تستمر المساعدات لكل المناطق، وبقاء المعابر مفتوحة لضمان دخول المساعدات عبرها، مضيفاً بالقول: “هناك بوادر أمل وحلحلة في قضية المعابر”.

وبالرغم من يأس السوريين من المسارات السياسية بمختلف مسمياتها، كونها لم تأت لهم بجديد يخفف من معاناتهم، إلا أن “العاسمي” يعتقد أنه في قادم الأيام سيكون لهذا المسار (أستانا) ربما فاعلية أكبر، موضحاً أن ذلك يتعلق بالنهاية بجدية روسيا بغض النظر عن إيران.

واعتبر أن للمسار “أهمية ويؤمل منه بتحقيق اتفاقات جديدة تساعد على الحل السياسي، والمزاج الدولي يساعد بهذا، خاصة التفاهمات غير المعلنة بين الروس والأميركان”.

ويتوقع الباحث السياسي، مالك الحافظ، أن تكون أهم الملفات الحاضرة في المباحثات المقبلة، تتصل باللجنة الدستورية التي تأخر انعقاد جولتها السادسة قرابة الـ 6 أشهر، إضافة إلى إمكانية تفعيل المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب، ورسم حدودها والاتفاق على آليات التنفيذ، واستمرار التنسيق بخصوص المعتقلين والمختفين قسرياً.

ما فائدة المسار في ظل التصعيد العسكري؟

من المنطقي القول إن الفائدة من استمرار المعارضة السورية في حضور اجتماعات “أستانا” مرهونة بجدية روسيا في التعاطي مع المسار وتحقيق تقدم فيه، لكن الواقع لا يشير إلى ذلك، فلو كانت موسكو عازمة على تحقيق تقدم في الحل السياسي، لما صعدت في القصف، واستمرت في حصد أرواح المدنيين، ولوّحت بورقة إغلاق المعابر الإنسانية للقضاء على السوريين جوعاً.

وذكر الباحث، مالك الحافظ، أن روسيا صعدت عسكرياً في إدلب قبل لقاء بوتين – بايدن في مدينة جنيف منتصف الشهر الفائت، لتساوم على هذه الورقة أمام بايدن، بينما تصعد قبل أستانا تحت ذرائعها المختلفة، من أجل فتح ملف ما تسميه الانتهاء من القوى المصنفة على قوائم الإرهاب في الشمال الغربي من سوريا.

ولذا أرادت روسيا الضغط على تركيا من أجل فتح هذا الملف الذي سيؤدي بالتالي إلى سيطرتها بالأغلب على محيط الطريق إم 4، ووصل قاعدتها في الشمال الشرقي بالقاعدة الرئيسية في حميميم، فضلاً عن مكاسب أخرى اقتصادية وسياسية.

وتعتبر روسيا أن إعلانها إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بعد رسائلها العسكرية، هو خطوة متقدمة لبناء مسار حواري بين موسكو وواشنطن، يمكن أن يُبنى عليه كثير في الملف السوري، بحسب “الحافظ”.

وأشار إلى أن روسيا متمسكة بـ”أستانا”، كون المسار حقق لها كثيرا من النفوذ على الأرض السورية، كما أن موسكو عملت من خلال أستانا على إفراغ مسار جنيف من تأثيره وتمييع القرار الدولي 2254، وتنفيذ بنوده وفق الرؤية الروسية بالانطلاق من مسار أستانا والتمدد في مناطق مختلفة من سوريا وقضمها بالتتالي، ما منحها النفوذ السياسي بعد السيطرة العسكرية.

مسار “أستانا” يغرد بعيداً عن واشنطن

ترفض الولايات المتحدة المشاركة في مسار “أستانا”، وسبق أن قال السفير الأميركي لدى كازاخستان، وليم موزير، إن بلاده تعتبر “محادثات جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة أفضل طريقة لحل النزاع في سوريا، وبالتالي لا تخطط للعودة كمراقب إلى ما يسمى بصيغة أستانا”.

وأضاف السفير الأميركي “نعتقد أن صيغة جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة هي أنسب عملية لحل هذا الصراع، لذلك، لا نريد أن نكون مراقبين في عملية أخرى الآن”.

وحول هذه النقطة، وجدوى الاجتماعات في ظل غياب واشنطن، قال “الحافظ” إن “أستانا” ليس بالمسار السياسي البحت، فهو مسار عسكري تقني أكثر ما يكون مساراً سياسياً.

ويرى أن روسيا أوجدت المسار من أجل التشويش على جنيف، ومحاولة خلق مسار مواز للمسار السياسي يكون أكثر تأثيراً منه وأكثر إنجازاً، حتى تكسب لاحقاً الرهان السياسي.

وأما واشنطن فهي بعيدة عن المسار – حسب الحافظ – بسبب قلة فعاليتها في الملف السوري والانسحاب من الجنوب والشمال السوري وإغلاق غرف الموك والموم.

ويعتقد أن واشنطن أرادت الابتعاد عن الفاعلية المباشرة في ملفات تعتبر خارج ملف مكافحة الإرهاب وقتال تنظيم الدولة، وفي الوقت نفسه لم تكن تنوي الاعتراف بمسار خلقته روسيا مقابل إضعاف مسار جنيف.

بدورها تشير الأكاديمية مرح بقاعي، إلى أن الملف السوري لم يكن يوماً بعيداً عن واشنطن، وتضيف: “إذا لم تكن واشنطن حاضرة، ستكون مراقبة، وحاملة للعصا والجزرة في آن معاً، وعندما تحتاج للضغط تجتمع بالدول الفاعلة في سوريا، كما حدث مؤخراً في إيطاليا، من أجل الضغط وإنجاح اتجاه الحل السياسي، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254”.

وأما الباحث أسامة آغي، فقد أوضح في حديث لـ موقع “تلفزيون سوريا” أن الولايات المتحدة لا تريد مراقبة ما يفعله الروس، أو “التصفيق” لهم، وتعلم واشنطن أن الروس مأزومون حالياً، ويريدون الخروج من “عنق الزجاجة”، وهذا مرتبط بوجود تفاهمات واضحة وصريحة بين واشنطن وموسكو.

اللجنة الدستورية.. مراوحة في المكان

أشار البيان الختامي للجولة 15 من محادثات “أستانا” إلى ضرورة احترام النظام الداخلي ومبادئ العمل الأساسية للجنة الدستورية وإحراز التقدّم في عملها، حتى تتمكّن مِن أداء مهامها المتمثلة في إعداد وصياغة إصلاح دستوري للاستفتاء لاحقاً.

وحينذاك جاء في البيان: “مِن أجل ضمان عمل اللجنة الدستورية بشكل مستدام وفعال، أكدت الدول الضامنة على التزامها بعمل اللجنة وأهمية تواصل المبعوث الأممي غير بيدرسون مع الأطراف السورية (بهذا الخصوص)”. ومنذ ذلك الحين لم تعقد الأطراف المعنية باللجنة الدستورية جولة جديدة.

وذكرت بقاعي، وهي عضو في اللجنة الدستورية، في حديث لـ موقع “تلفزيون سوريا” أن اللجنة معطلة من طرف نظام الأسد وروسيا، حيث عطّل النظام كل الجلسات السابقة، سواء عبر عدم الموافقة على برنامج العمل، أو الامتناع عن الحضور، أو وضع محددات معينة لقاء استمراره في اللجنة.

ويشير مالك الحافظ، إلى أن روسيا أرادت تمرير الانتخابات الرئاسية، لتكسب بذلك وفق اعتقادها نصراً سياسياً، تساوم به خلال الفترة التي تلي الانتخابات، لذا لم يكن مجدياً لها عقد أي جولة جديدة من اللجنة الدستورية قبل الانتهاء من تنصيب بشار الأسد من جديد.

وتابع: “كذلك كان لا بد من اختبار النظرة الأميركية مع الإدارة الجديدة للبيت الأبيض، والبدء بعدها بمرحلة جديدة تكون من ضمنها أعمال اللجنة الدستورية”.

مستقبل التصعيد في إدلب وحدوده

سعت روسيا إلى الضغط على تركيا قبيل اجتماع أستانا، من خلال تكثيف القصف على الأحياء السكنية في ريف إدلب، ومحيط القواعد التركية في المنطقة، وفي وقت سابق أوضح الدفاع المدني السوري أن قوات النظام وروسيا تتبع سياسة ممنهجة شمال غربي سوريا تتلخص بالحفاظ على حالة من اللاحرب واللاسلم، بهدف منع أي حل سياسي على الأرض، كما تتعمد التصعيد قبل أي استحقاق سياسي أو اجتماع على المستوى الدولي لبعثرة الأوراق السياسية وفرض واقع عسكري وإنساني يبعد الأنظار عن الحل السياسي الذي يتهرب منه النظام.

وعن سبب التصعيد ومستقبله، ذكر رئيس وفد المعارضة السورية في “أستانا” أحمد طعمة، أن روسيا تصعد وتوتر الأجواء في إدلب قبل كل جولة من جولات أستانا، وتهدف بذلك إلى الضغط على المفاوض، سواء تركيا أو المعارضة.

وبحسب طعمة فإن ذلك “لن يؤثر أبداً على الوفد المفاوض، ولن يجعله يقدم تنازلات”، وقال إنهم متمسكون بمواقفهم ومبادئهم ولن يتم “التزحزح” عنها.

وفي حديثه لـ موقع “تلفزيون سوريا”، توقع طعمة عودة روسيا إلى الاتفاقيات المبرمة حول إدلب، التي تقضي بتثبيت خطوط التماس، ووقف إطلاق النار، وذلك بعد انتهاء جولة المفاوضات المرتقبة.

ولفت إلى أن نظام الأسد زاد من خروقه لوقف إطلاق النار، لأنه يريد بعثرة الأوراق، وإثارة “زوبعة” هنا وهناك، ولكن في المحصلة لا يوجد أمامه مجال لتحقيق تقدم عسكري، خاصة أن “الرد العسكري يكون قاسياً عليه”.

وعند سؤال طعمة عن دلالة تذكير وزير الخارجية الروسي بإنشاء منطقة خالية من السلاح في إدلب، قبل أيام من عقد جولة أستانا الجديدة، أجاب بالقول: “عندما ستبدأ المفاوضات، سنستفسر عن هذه المسألة، ولكن لا أتوقع أن تشن روسيا هجوماً برياً في إدلب، ولا يوجد أي معطيات تشير لذلك”.

ما احتمالية تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية؟

بعد أيام من انتهاء جولة أستانا السادسة عشرة، سيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً للتصويت على تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا، من باب الهوى الحدودي مع تركيا لمدة عام آخر، ويتوقع أن يحضر هذا الملف بقوة في اجتماع أستانا، في محاولة تركية لإقناع الروس بعدم استخدام الفيتو وتعطيل الآلية.

وسبق أن أجاب مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية على سؤال عما إذا كان بايدن تلقى أي التزامات من بوتين بإبقاء أو حتى توسيع عملية تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بالقول: “لم تكن هناك أي التزامات، لكننا أكدنا بوضوح أن هذا الأمر يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لنا، وإذا كان هناك أي تعاون في المستقبل بشأن سوريا، فينبغي أن نرى بالدرجة الأولى توسيع الممر الإنساني”.

ورجح الباحث أسامة آغي، أن يتم تمرير قرار تمديد إدخال المساعدات في مجلس الأمن، ولكن قد يكون هناك تبادل منفعي، وربما تقبل روسيا بالإبقاء على معبر باب الهوى مفتوحاً أمام المساعدات، وفتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق، مقابل الحصول على مكسب في ملف آخر.

من جانبه أكد الحافظ أن روسيا “تدرك جدية الولايات المتحدة حيال ملف المعابر والمساعدات الإنسانية، وتعلم أن هذا الملف وما سيتبعه خلال الفترة القريبة المقبلة هو بمنزلة اختبار أميركي للروس”.

وبيّن أن موسكو تحتاج إلى الولايات المتحدة، وكلما طال أمد الاستعصاء السياسي في سوريا وتأخرت إعادة الإعمار فإن خسارات روسيا تتزايد على عكس الولايات المتحدة.

ويضيف “لن تغلق روسيا آخر المعابر المستقبلة للمساعدات الإنسانية، التمديد لسنة أو ستة أشهر لمعبر باب الهوى هو أحد الاحتمالات، والترجيحات تتحمل أن يرتفع عدد المعابر إلى اثنين (باب الهوى واليعربية)”، مشيراً إلى أن “روسيا بحاجة الولايات المتحدة، وفترة رئاسة بايدن قد تكون الأكثر ملائمة لبوتين من أجل إحداث تقارب بين الروس والأميركان في سوريا”.

تلفزيون سوريا

————————————-

بيدرسون يشارك في الجولة الـ16 من مباحثات أستانة السورية/ عدنان أحمد

أعلنت كازاخستان أن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، ودول جوار سورية، سيشاركون في الجولة 16 من مباحثات أستانة، إلى جانب الدول الراعية وهي تركيا وروسيا وإيران.

ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن المكتب الصحافي في وزارة خارجية كازاخستان، أمس السبت، أن بيدرسون وممثلين عن الأمم المتحدة والأردن والعراق ولبنان، سيشاركون في المباحثات التي ستعقد في العاصمة الكازاخية نور سلطان، من 6 إلى 8 من الشهر الحالي، مشيراً إلى أنه ستتم مناقشة الوضع في سورية، والمساعدات الإنسانية، وآفاق استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وإجراءات بناء الثقة، بما في ذلك تبادل الأسرى، والإفراج عن الرهائن.

كما أكد مصدر من المعارضة السورية، لـ”العربي الجديد”، مشاركة وفد المعارضة برئاسة أحمد طعمة في هذه الجولة، وذلك بعد عقد اجتماع تشاوري بين المعارضة والخارجية التركية.

وأضاف المصدر ذاته، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، أنه سيتم عقد اجتماع مع مجموعة العمل المعنية بملف المعتقلين بين الدول الضامنة وممثلي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر الدولي.

وكانت تقارير صحافية قد ذكرت أن رئيس “مجلس القبائل والعشائر السورية” وعضو الائتلاف الوطني، الشيخ سالم المسلط، سيكون أيضا من بين المشاركين في هذه الجولة.

وعقدت الجولة الـ15 من مفاوضات أستانة في 17 فبراير/شباط الماضي في مدينة سوتشي الروسية، من دون إحراز أي تقدم يذكر. وكرر البيان الختامي لتلك الجولة ما ورد في جولات سابقة بشأن “ضمان استمرار عمل اللجنة الدستورية، ورفض الأجندات الانفصالية التي تستهدف أراضي سورية ووحدتها السياسية، وتشكل تهديداً للأمن القومي لدول الجوار”.

 ويتزامن انعقاد الجولة الجديدة مع تصعيدٍ ملموس من جانب النظام السوري وروسيا في مناطق شمال غرب سورية الخاضعة نظريا لاتفاق لوقف إطلاق النار بين روسيا وتركيا منذ مارس/آذار من العام الماضي.

وفي إبريل الماضي، أعلن سفير الولايات المتحدة لدى كازاخستان، ويليام موسر، أن بلاده تعتبر محادثات جنيف بشأن السلام في سورية، هي أفضل طريقة لحل الأزمة، موضحا أن بلاده لا تنوي العودة بصفة مراقب إلى محادثات أستانة.

 ومنذ نهاية عام 2016، توصلت تركيا وروسيا إلى تفاهمات واتفاقات عدة حول الشأن السوري، عقب سيطرة النظام على أحياء حلب الشرقية، من بينها انطلاق مسار أستانة في فبراير/ شباط 2017، والذي أدى إلى إنشاء ما يسمى “مناطق خفض التصعيد” الأربع، التي لم يبق منها إلا شمال غرب سورية، ويتم خرق التفاهمات بشأنها بشكل شبه يومي، خاصة من جانب النظام السوري، وروسيا نفسها.

———————————-

قمة لافروف-أوغلو في أنطاليا كلام روسي لا يبرد قلب المهجرين السوريين/ منهل باريش

في تنويه مقتضب، خلق بلبلة في أوساط المعارضة السورية والمهجرين قسرياً، أشار وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إلى مستقبل إدلب، خلال المؤتمر الصحافي الذي جمعه بنظيريه التركي، جاويش أوغلو، الأربعاء، في مدينة أنطاليا التركية جنوب البلاد. حيث لفت إلى تشكيل منطقة منزوعة السلاح في إدلب من دون تحديدها، ما ترك الباب مفتوحا على التأويلات والفهم المتعدد. وانتهى الجدل حول تفسير كلام لافروف، مع بيان الخارجية الروسية الذي حدد بشكل أكثر دقة الحديث عن الملحق الإضافي لاتفاق سوتشي بين تركيا ورسيا في 17 أيلول (سبتمبر) 2018 والقصد هو اتفاق وقف إطلاق النار أو ما عرف باتفاق موسكو اصطلاحاً، الذي وقعه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب اردوغان، في الكرملين، يوم الخامس من آذار (مارس) 2020 لافتا إلى ضرورة تطبيق الملحق.

ورغم إشادة لافروف بأدوار تركيا «الصديقة» لبلاده في ليبيا وأذربيجان وترحيبه بامتلاك أنقرة الفوج الأول من صواريخ اس-400 إلا أن كلامه حول سوريا وبالأخص إدلب ظل مبهما كالعادة، فقد اقتصر حديث لافروف على نقطتين، الأولى تتعلق بمصير إدلب وربطه بمبادئ برتوكول وقف إطلاق النار، والثاني حول معضلة ادخال المساعدات الإنسانية عبر تفويض الأمم المتحدة بالآلية الدولية عبر الحدود، والتي تنتهي في 11 تموز (يوليو).

والجدير بالذكر، أن البروتوكول نص على «إنشاء ممر على جانبي الطريق السريع M4 بعمق 6 كم من شمال و6 كم جنوب، والاتفاق على معايير محددة لعمل الممر الأمني بين وزارتي الدفاع في الجمهورية التركية وروسيا الاتحادية في غضون سبعة أيام» وحدد البروتوكول موعد «15 آذار (مارس) ستبدأ الدوريات الروسية التركية المشتركة على طول الطريق السريع من الترنبة غرب سراقب إلى عين حور في ريف اللاذقية الشرقي». وتأخر الاتفاق على معايير محددة لعمل الممر الأمني نحو 17 شهرا، منذ لحظة توقيع الاتفاق إلى يومنا هذا، بعد أن كانت محددة بمدة سبعة أيام فقط.

تبقى حجة التنظيمات الإرهابية في إدلب شماعة العمليات العسكرية دائما بالنسبة للروس. وتصر الرواية الإعلامية والدبلوماسية الروسية على اتهام هيئة «تحرير الشام» بتحضير هجوم كيميائي بالتشارك مع الدفاع المدني السوري «الخوذ البيضاء». وشكل شعار قتال الإرهابيين الحجة الروسية المستمرة للأعمال الحربية الهجومية منذ تدخلها في سوريا في تشرين الأول/نوفمبر 2015 إلى جانب النظام السوري.

وحول التجديد لتفويض الأمم المتحدة بالآلية الدولية الخاصة بالمساعدات الإنسانية عبر الحدود، كرر لافروف موقف بلاده التي ترغب بمقايضة تجديد ادخال المساعدات بقضية العقوبات على سوريا. ولم يعلن صراحة أن موسكو ستستخدم حق النقض في مجلس الأمن «الفيتو» ضد مقترح التمديد لإدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى، أو عبر المعابر التي ترغب واشنطن بفتحها مجددا في اليعربية أقصى شرق البلاد، ومعبر باب السلامة الذي يدخل المساعدات إلى منطقة ريف حلب الشمالي كاملا بالإضافة إلى عفرين.

في سياق متصل، علمت «القدس العربي» من مصادر أممية انه سيتم التصويت على مقترحات التمديد للعمل في معبر باب الهوى يوم الخميس، في حين تجري بعض الدول محاولات لتقريب وجهات النظر مع روسيا وإبعاد الملف الإنساني عن المفاوضات السياسية بين الدول، قدر الإمكان. وكانت السفيرة الأمريكية في مجلس الأمن، ليندا توماس غرينفيلد، أقرت بـ»الهزيمة» أمام روسيا وعدم مقدرة مجلس الأمن للتوصل إلى تسوية بشأن التفويض. وأعربت عن سعي أمريكا من «أجل المحافظة على معبر باب الهوى، شمال إدلب، مفتوحاً بعد انتهاء تفويض آلية إدخال المساعدات إلى سوريا في 10 تموز(يوليو) الجاري».

وشكلت المناطق منزوعة السلاح في منطقة خفض التصعيد الرابعة إدلب وما حولها التحدي الأبرز بالنسبة لتركيا أولاً، منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018 كونها فشلت في فرضها على الفصائل الراديكالية، وبعض فصائل الجيش الحر. حيث رفضت سحب السلاح الثقيل بداية، ثم عادت وقبلت شريطة عدم السماح للشرطة العسكرية بالدخول في مناطق سيطرة المعارضة وتفتيش مقرات الفصائل، وأنزلت فتح الشام رايتها ورفعت رايات الفصائل الأخرى.

في الحراك الدولي ضد روسيا، عقد في مدينة روما في إيطاليا، اجتماعات على مستوى وزراء خارجية دول «التحالف الدولي ضد داعش» وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية من خلاله على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية الحيوية إلى جميع السوريين المحتاجين، والوصول إلى حل سياسي من شأنه أن يضع نهاية للصراع السوري المستمر منذ عقد من الزمن بما يتفق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ولتعزيز المسألة عن الفظائع المستمرة التي يرتكبها نظام الأسد. وأعلن أن الولايات المتحدة تقدم أكثر من 436 مليون دولار كمساعدات إنسانية إضافية للسوريين المستضعفين في أنحاء سوريا والبلدان المجاورة والمجتمعات السخية التي تستضيفهم، ويشمل ذلك ما يقرب من 99 مليون دولار من المساعدات للاستجابة لجائحة كوفيد-19 منذ بداية الصراع الذي دام عقدا من الزمن.

لكن وزير الخارجية الأمريكية، انتوني بيلنكن، لم يشر إلى طريق ادخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا في ظل العقبات المتمثلة باحتمال استخدام موسكو حق الفيتو، ما يعزز القناعة بان أمريكا لا تمتلك تصورا لمرحلة ما بعد إغلاق معبر باب الهوى.

ويفرض الحديث الروسي حول الالتزام بتنفيذ خطوات اتفاق موسكو في آذار (مارس) 2020 على أنقرة اتخاذ خطوات عاجلة لإنشاء الممر الأمني على جانبي طريق حلب- اللاذقية/M4 وإخراج الفصائل التي تصنفها موسكو والأمم المتحدة كمنظمات إرهابية من ذلك الطريق. وفي حال المراهنة على حسن الظن بروسيا وأن ما يجمع البلدين من مصالح مشتركة، أكبر من أن يدفع الأخيرة إلى شن هجوم في إدلب، هو أقرب ما يكون إلى الرغبات والأمنيات منه إلى الحقيقة. فروسيا لم توقف العمليات العسكرية من أجل استعادة مناطق خفض التصعيد طوال فترات انعقاد جلسات مسار أستانة، بل أنها تجاهلت ما يحصل هناك واكتفت دائما باتهام «الإرهابيين» بخرق الهدنة.

وتعتبر الأيام القليلة المقبلة اختبارا حقيقيا جديدا لشكل العلاقة الروسية التركية، ففي حال مهاجمة النظام والروس والميليشيات الإيرانية، فان ذلك سيعيد التوتر إلى مرحلة ما قبل الاتفاق في 2021.

القدس العربي

————————————

عودة المجازر إلى إدلب: ضغوط روسية لتحقيق مكاسب سياسية/ أمين العاصي

قبل أيام قليلة من بدء مداولات مجلس الأمن الدولي، في العاشر من الشهر الحالي، لتمديد آلية إدخال المساعدات الدولية إلى سورية، ارتكبت قوات النظام السوري بمساندة روسية مجزرة وُصفت بـ”المروّعة” في شمال غربي سورية، على وقع استمرار التصعيد العسكري في محافظة إدلب خط التماس الأسخن بين فصائل المعارضة وقوات النظام. وبحسب شبكات إعلامية محلية، قُتل صباح أمس السبت، ثمانية أشخاص معظمهم من الأطفال، نتيجة قصف قوات النظام وروسيا المنازل السكنية في بلدات ابلين، وبليون، وبلشون، في جبل الزاوية، جنوبي إدلب بصواريخ موجهة بالليزر. ومن بين القتلى عائلة واحدة من رجل وزوجته وأطفاله في بلدة ابلين، وفق ناشطين أشاروا إلى أن قوات النظام استهدفت بالقذائف المدفعية والصاروخية الموجّهة (ليزرياً) عن طريق طائرات الاستطلاع الروسية، بلدة إبلين في جبل الزاوية، موضحين أن هذه القوات استهدفت محيط مدينة أريحا، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين.

ونشر الدفاع المدني في محافظة إدلب مقطع فيديو، يوثق ما وصفها بـ”لحظات تحبس الأنفاس” لاستهداف فرق الدفاع المدني السوري بقصف مزدوج من قبل النظام وروسيا أثناء إنقاذها المدنيين في قرية بليون بجبل الزاوية. وأكد الدفاع المدني أن من بين قتلى، يوم أمس، طفلتين هما ابنتا المتطوع في الدفاع المدني عمر العمر الذي أصيب وزوجته، مشيراً إلى أن طفلاً قُتل في قرية بلشون بالقصف، وأصيب أربعة مدنيون (رجل وامرأة وطفلان) وجميعهم من عائلة واحدة. كما نشر صوراً تظهر نزوح عدد كبير من المدنيين من قرى في ريف إدلب الجنوبي، نتيجة القصف المستمر من قبل قوات النظام السوري بمساندة روسية.

وكانت وزارة الدفاع الروسية قد عاودت، أول من أمس الجمعة، تكرار الادّعاءات عن تحضير فصائل الشمال الغربي من سورية بالتعاون مع الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، لهجوم بغازات سامة لاتهام جيش النظام بالوقوف وراء الهجوم. ولطالما لجأ الروس والنظام إلى هذه الادّعاءات لتبرير ارتكاب المجازر بحق المدنيين في الشمال الغربي من سورية، أو لاستخدام أسلحة محرّمة دولياً ضد المدنيين وفصائل المعارضة السورية وإلصاق التهمة بها. واتهمت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية النظام السوري باستخدام أسلحة وغازات سامة في ريفي حماة وإدلب خلال السنوات الماضية.

ويأتي التصعيد من قبل الجانب الروسي قبيل أيام تفصل عن بدء مداولات مجلس الأمن الدولي لتمديد آلية إدخال المساعدات الدولية إلى سورية، عبر معبر باب الهوى الذي تديره المعارضة السورية، وهو ما يرفضه الروس. ويصرّ الجانب الروسي على مرور المساعدات عبر النظام السوري لتوزيعها بعد ذلك على نحو أربعة ملايين مدني في الشمال السوري، ولكن المجتمع الدولي يرى أنه لا يمكن الوثوق بالنظام والجانب الروسي الذي يريد إخضاع هذا الشمال بشتى الطرق، منها التحكّم في المساعدات التي تعد بمثابة شريان حياة لملايين النازحين والمهجرين من مختلف المناطق الروسية، من قبل قوات النظام وأجهزته الأمنية.

وكان وزيرا خارجية تركيا وروسيا، مولود جاويش أوغلو وسيرغي لافروف، اجتمعا في مدينة أنطاليا التركية منذ أيام، للتباحث حول مصير الشمال الغربي من سورية. وتشير المعطيات الميدانية واستمرار التصعيد العسكري من الجانب الروسي إلى أن الطرفين لا يزالان في مرحلة بلورة رؤية ترضي موسكو وأنقرة حول ملف الشمال الغربي من سورية. ومن الواضح أن القصف الروسي الذي يوقع مدنيين قتلى ومصابين يأتي في سياق الضغط على الجانب التركي قبل جولة جديدة من جولات مفاوضات مسار أستانة، إذ أن موسكو تطالب أنقرة بالعمل على إبعاد فصائل المعارضة عن محيط الطريق الدولي “أم 4” (حلب ـ اللاذقية) تمهيداً لاستعادة الحركة التجارية وتنقّل المدنيين عليه من غربي البلاد إلى مدينة حلب كبرى مدن الشمال.

ويرى الباحث في مركز “الحوار السوري” محمد سالم، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “من غير المعروف تماماً ما طُرح أثناء اجتماع وزيري خارجية تركيا وروسيا منذ أيام”، مضيفاً: حدث لبس في تصريحات الوزير الروسي بعد الاجتماع. ويكشف: لا نعلم ما إذا كانت روسيا تريد تطبيق ما يُعرف باتفاق موسكو الذي أبرم العام الماضي، عبر تشكيل منطقة عازلة في جانبي الطريق الدولي “أم 4″، أم قضم مناطق في ريف اللاذقية الشمالي، خصوصاً التلال المهمة، مثل تلّة الكبينة الصامدة منذ عدة سنوات أمام محاولات النظام السيطرة عليها.

ويشدّد على أن الجانب الروسي “يصرّ دائماً على أن التهدئة مؤقتة وليست حلاً دائماً”، مضيفاً: القصف الروسي هدفه التأكيد أنه لن يكون هناك استقرار في محافظة إدلب ومحيطها، والتصعيد الحالي يدخل في سياق الحراك السياسي حول العديد من الملفات في القضية السورية. ولكن هذا التصعيد الذي مضى عليه أكثر من شهر لم يترافق مع تحرك على الأرض من قبل قوات النظام على محاور التماس، ما يؤكد أن أهدافاً سياسية تتوخاها روسيا من وراء هذا التصعيد، الذي لم يهدد حتى اللحظة التفاهمات الروسية التركية حول مجمل الشمال الغربي من سورية.

من جهته، يرى المحلل العسكري العميد مصطفى فرحات، في حديث مع “العربي الجديد”، أن التصعيد الروسي “يندرج في سياق محاولات الروس مواصلة الضغط لفتح المعابر الداخلية بين الشمال السوري ومناطق النظام، الواقعة تحت وطأة أزمات اقتصادية كبيرة”. ويعتبر أن التصعيد الروسي يهدف إلى الضغط على الحاضنة الشعبية لفصائل المعارضة السورية، من أجل الحصول على مكاسب سياسة واقتصادية. ويضيف أن “موسكو لا تزال متمسكة ببشار الأسد، على الرغم من الحديث عن لقاءات روسية وأميركية حول سورية”، منوّهاً إلى أن “الروس يبحثون عن سبل لفتح الطريق الدولي أم 4 لإنعاش اقتصاد النظام المتهالك، ولكنهم يواجهون صعوبات كبيرة”. ويقول إن الجانب الروسي “يعلم أن قوات النظام غير قادرة على خوض معارك على الأرض من دون مساعدة من المليشيات الإيرانية، لأن جيش النظام مهترئ ومتآكل”، مشدّداً على أن الروس لا يريدون ذلك، لأنهم يريدون تحجيم الوجود الإيراني في عموم سورية.

—————————-

فتح المعابر الإنسانية ودس السم في العسل

تستضيف مدينة نور سلطان بكازاخستان يومي 7-8 يوليو الجاري الاجتماع الدولي السادس عشر رفيع المستوى لصيغة أستانا بشأن سوريا. السم

ومن المقرر أن تشارك وفود من الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا)، وكذلك ممثلون عن الحكومة السورية والمعارضة السورية المسلحة. وكمراقبين سيشارك في الاجتماع أيضاً ممثلو هيئة الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق، حيث سيناقش المشاركون الوضع في سوريا، والمساعدات الإنسانية الدولية، وآفاق استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف وإجراءات بناء الثقة، بما في ذلك تبادل الأسرى، والإفراج عن الرهائن.

بهذه المناسبة، وبالتزامن، وكما اعتدنا في كافة اجتماعات أستانا، أو أي من الجهود الدولية الرامية إلى حل الأزمة السورية، بدأت حملة شعواء تتهم روسيا ودمشق بـ “تصعيد عسكري كبير في إدلب”، و”قصف مدفعي” و”قتل الأطفال والمدنيين” وغيرها من الأخبار التي تنطلق فيما يبدو من مركز قيادة واحد، يعطي إشارة البدء، لتخريب أي حوار أو جهود ترمي فعلياً إلى مساعدة الشعب السوري بدلاً من حصاره، وتجويعه، وفرض قوانين على غرار قانون قيصر الخانق وغير الإنساني، ورفض تقديم المساعدات الإنسانية بواسطة المنظمات الدولية عبر دمشق، والاستيلاء غير المشروع على الأصول السورية في المصارف الغربية بطلب من واشنطن، فيما لا يمكن وصفه سوى بعملية نهب.

وكان مشروع قرار غربي جديد، وزعته على أعضاء مجلس الأمن، الجمعة الماضي، النرويج وأيرلندا، يقضي بتمديد عمل ممر باب الهوى على الحدود التركية السورية، وإعادة فتح ممر اليعربية بين العراق وسوريا (الذي أغلق في يناير 2020)، وينص مشروع القرار على استئناف التفويض لمدة عام، بدلاً من 6 أشهر، كما أصرت روسيا عند مناقشة الملف العام الماضي.

من جانبها، أعربت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية، ليندا توماس غرينفيلد، عن عدم ارتياح واشنطن للاقتراح الجديد، بل وأصرّت على ضرورة إعادة فتح معبر ثالث أيضاً، وهو معبر باب السلام على الحدود التركية، والذي توقف عن العمل في يوليو 2020.

يبدو الموقف أمام المجتمع الدولي ملتبساً إلى أقصى الحدود، فالعالم “الحر” و”الإنساني” يدعو إلى فتح المعابر “الإنسانية”، بينما تدعو روسيا ذات “القلب المتحجر” إلى إغلاقها في وجه الشعب السوري الذي يعاني من ظروف لا إنسانية مريعة، ويحتاج إلى قطرة الماء والدواء والغذاء. السم

لكن أحداً لا يسأل عمّن أغلق صنبور المساعدات الإنسانية، والمصارف الغربية، وأطنان المواد الغذائية والدواء وكافة المستلزمات أمام القنوات السورية الشرعية للحكومة الشرعية في البلاد، والتي تعترف بها هيئة الأمم المتحدة عضواً كامل الأهلية ضمن أعضاء الجمعية العمومية. لا أحد يسأل عمّن موّل ونسّق وهرّب وأدخل ولا زال يزوّد تنظيمات مثل “هيئة تحرير الشام” الذي تشكّل “جبهة النصرة” سابقاً عموده الفقري بالسلاح والذخيرة. ولا أحد يسأل عمّن كان يهّرب ملايين البراميل من حقول النفط السورية إلى السوق السوداء، سرقةً ونهباً من موارد وخيرات الشعب السوري، الذي يتباكون عليه اليوم، وعلى “معابره الإنسانية”.

كل تلك الأسئلة لا تهم الشركاء في الغرب، وإنما يهمهم الطعن في شرعية الأسد، وتجاوز مفهوم السيادة ووحدة الأراضي، وكأن سوريا دولة “فاشلة” كما أرادوا لها، أو كأنها دولة “بلا حدود” و”بلا سيادة” كما يتمنون. لكن الوضع الراهن على الأرض يقول غير ذلك، والحديث عن المساعدات الإنسانية لا يجب ولا يمكن أن يتجاوز مفهوم احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية، ولن تسمح روسيا بتوفير سابقة من هذا النوع في القانون الدولي.

فقضية المعابر الإنسانية إنما تدخل في صلب مبدأ السيادة، وأي توجّه لفتح معابر جديدة، أو تمديد التفويض الدولي لابد وأن يمرّ بالتنسيق والتفاهم مع الحكومة الشرعية في دمشق، وتلك هي القوانين الدولية التي اتفق المجتمع الدولي، واتفقت جميع البلدان على الالتزام بها.

أما الحديث عن “تعنّت روسي” بهذا الشأن، فليس سوى محاولة لتشويه الواقع، ودس السم في العسل، والانطلاق من مزاعم تنقض أساس القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التي أكدت في أكثر من موضع على أهمية وضرورة احترام السيادة السورية.

لا أبالغ إذا ما أكّدت على أن موسكو سوف تستخدم حق النقض في مجلس الأمن، إذا ما أصرّت البلدان الغربية تقديم مشروع القرار بالصيغة المعروضة حالياً. والغرب، كما عهدناه دائماً، لا يقول كل الحقيقة، حينما يزعم أن المساعدات الإنسانية تمثّل الحل للأزمة الحالية في سوريا، حيث أن المشكلة الحقيقية في سوريا إنما تكمن في الوضع المعيشي المتردّي إلى حد العبث، وهو ما تسببت فيه العقوبات الغربية، التي تحولت إلى عقاب جماعي للشعب السوري، ولا يبدو أن أياً من الدول الغربية يعنيها بأي حال من الأحوال تحسين أحوال الشعب السوري، والنظر بجدية إلى قضيته الإنسانية الحقيقية، وليس المناورات السياسية مع “نظام الأسد”.

إننا في روسيا نسعى بكل جدية وحماس، بتنسيق مع أطراف مسار أستانا في أنقرة وطهران، إلى طرح ملف المساعدات الإنسانية، وهو ما سيكون أحد أهم المحاور لاجتماع أستانا المرتقب خلال أيام. والحل الممكن أمام الغرب، إذا ما كان حريصاً بالفعل على تحسين الوضع الإنساني للشعب السوري، هو التعاون مع مجموعة أستانا، التي تنسّق بدورها بشكل كامل مع حكومة دمشق، لترتيب آليات إدخال المساعدات الإنسانية، وتوزيعها على المناطق السورية. السم

وأتوقع أن يطلق اجتماع أستانا المقبل مبادرة جديدة بشأن المساعدات الإنسانية، تتمحور حول إعلان استعداد المجموعة لإيجاد الصيغ المناسبة لترتيب دخول المساعدات الإنسانية بالتعاون مع دمشق. وهو ما ستتركز عليه أولويات الاجتماع المقبل، بالإضافة إلى الملفات المطروحة أساساً على أجندة اللقاء مثل تثبيت الهدنة، ووضع آليات محددة لتنفيذ القرارات السابقة حول إدلب، بما فيها تكريس المنطقة منزوعة السلاح، وسحب أسلحة المقاتلين الثقيلة، وفتح الطرق الدولية، وتسوية أوضاع المقاتلين، ممن قاموا بتسليم أسلحتهم، أو وعدوا بتسليمها، وضمان عدم تعرّضهم لأي ملاحقات أمنية أو تضييقات.

ولعل ما يدعو للتفاؤل ما صدر عن دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من بيان إلى الرأي العام، نشرته صفحة الإدارة على موقع “فيسبوك”، ينص على استعداد الإدارة للحوار والتفاهم مع دمشق، والتزامها بالحوار والحل الوطني السوري مبدأً استراتيجياً، بينما رحّبت الإدارة بأي دور وسيط بما في ذلك الدور الروسي، لتحقيق نتائج عملية في هذا الإطار.

وقال البيان كذلك إن “الإدارة الذاتية على استعداد للدخول في الحوار مع دمشق، لكن مع ضرورة مراعاة خصوصية مناطقنا، والتضحيات التي تم تقديمها بالدرجة الأولى ضد الإرهاب ومن أجل سوريا ووحدتها ووحدة شعبها” (وأعتقد أن هذا مطلب محق، أرجو ألا تعتبره القيادة في دمشق شرطاً مسبقاً لبدء الحوار).

لا ولن أملّ من تكرار أن الحل في سوريا، لن يكون سوى عبر الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2254 ودعم كافة الجهود المبذولة لتثبيت وتعزيز وقف إطلاق النار ومناطق التهدئة، والمضي قدماً في عمل اللجنة الدستورية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة، تشارك فيها جميع أطياف الشعب السوري، على أن يتم التحول السياسي بقيادة سورية، ودون تدخلات خارجية.

وعلى أصحاب المصالح السياسية والشخصية الضيقة مراعاة الظروف المستحيلة التي يعيشها الشعب السوري الصامد داخل وخارج سوريا، كما أن على القيادات السياسية في دمشق وجميع أطراف المعارضة الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم في هذه اللحظة السياسية الدقيقة. السم

إن الأهم من مشكلة المعابر هو رفع العقوبات على سوريا، التي تحيل وصول المعدات وقطع الغيار الضرورية جداً لبعض القطاعات الحيوية التي تعطّلت ومن بينها في مجالات الطب والبنية التحتية لتأمين الماء والكهرباء وغيرها، والتي يحتاج إليها عامة الشعب السوري.

أتوجه بنداء إنساني حقيقي إلى الرئيس بايدن وجميع أعضاء مجلس الأمن الدولي ألا يصبّوا اهتمامهم على المعابر الإنسانية، وأن تتسع رؤيتهم لتشمل القضية الإنسانية الحقيقية وهي مساعدة الشعب السوري، بدلاً من تحقيق انتصارات ومكاسب سياسية ضيقة، من خلال لي ذراع الحقيقة، وتطويع استخدام المصطلحات الفضفاضة والكاذبة في كثير من الأحيان، ودس السم في العسل بقضية فتح المعابر الإنسانية. ال

—————————–

وفد المعارضة السورية يصل “نور سلطان” للمشاركة في “أستانة 16

وصل وفد المعارضة السورية إلى العاصمة الكازاخية نور سلطان، من أجل المشاركة في الجولة 16 من محادثات “أستانة”.

وقالت مصادر مطلعة في حديث لـ”السورية.نت” اليوم الاثنين إن الوفد يحمل في أجندته ثلاثة ملفات، أولها وضع التصعيد في محافظة إدلب، إلى جانب الاتفاق المتعلق بوقف إطلاق النار والخروقات التي يشهدها.

أما الملف الثالث فيتعلق بمسارات الحل السياسي المقبل، بحسب ذات المصادر.

ومن المقرر في اليوم الأول (الأربعاء المقبل) من “أستانة 16” إجراء مشاورات ثنائية وثلاثية للدول الضامنة مع الأطراف السورية.

في حين ستنعقد جلسة عامة في اليوم الثاني (الخميس)، بحسب ما أعلنت الخارجية الكازاخية في بيان لها الأسبوع الماضي.

وكانت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية قد قالت صباح الاثنين إن وفد نظام الأسد سيتوجه إلى العاصمة الكازاخية، صباح الثلاثاء.

ونقلت عن نائب وزير خارجية الأسد، أيمن سوسان قوله إن “أجندة الوفد ستتركز على الرسالة التي وجهها السوريون خلال الانتخابات الرئاسية، برفض أي تدخل بالشأن السوري وتمسكهم باستقلاليتهم وسيادة بلادهم”.

وأضاف سوسان أن أبرز ما ستتضمنه أجندة وفد نظام الأسد هو “أهم التطورات التي حصلت في الفترة الماضية، في أثناء إجراء الاستحقاق الوطني المتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية”.

واعتبر أن “نتائج الانتخابات يجب أن تفرض نفسها على كل المواقف الأخرى، لتغيير مقاربتها اتجاه الأوضاع في سورية”.

وكانت الجولة 15 من “أستانة” قد انتهت في فبراير/ شباط الماضي، في مدينة سوتشي الروسية، بحضور ممثلين عن “الدول الضامنة” (روسيا- تركيا- إيران)، والمبعوث الأممي إلى سورية جير بيدرسون، وبمشاركة 3 دول عربية هي: الأردن والعراق ولبنان، بدور مراقب.

وانتهت الجولة ببيان ختامي أكدت فيه الدول المشاركة على تمديد جميع الاتفاقات المتعلقة بـ”خفض التصعيد” و”التهدئة” في إدلب، وأكدت التزامها “بوحدة أراضي سورية وسيادتها”.

إلا أن الجولة المرتقبة ستنعقد بالتزامن مع تصعيد عسكري للنظام وروسيا على مناطق “خفض التصعيد” في إدلب، والتي كان قد تم تثبيتها خلال الجولات السابقة من “أستانة”.

—————————–

أستانة 16”.. وفد النظام يحمل “شعارات سيادية” ونتائج “الانتخابات

يتوجه وفد نظام الأسد يوم غد الثلاثاء إلى العاصمة الكازاخية نور سلطان من أجل حضور الجولة 16 من محادثات مسار “أستانة”.

ويترأس الوفد معاون وزير خارجية النظام، أيمن سوسان، بحسب ما ذكرت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية.

وقال سوسان للصحيفة اليوم الاثنين إن “أجندة الوفد ستتركز على الرسالة التي وجهها السوريون خلال الانتخابات الرئاسية، برفض أي تدخل بالشأن السوري وتمسكهم باستقلاليتهم وسيادة بلادهم”.

وأضاف أن أبرز ما ستتضمنه أجندة وفد نظام الأسد هو “أهم التطورات التي حصلت في الفترة الماضية، في أثناء إجراء الاستحقاق الوطني المتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية”.

واعتبر سوسان أن “نتائج الانتخابات يجب أن تفرض نفسها على كل المواقف الأخرى، لتغيير مقاربتها اتجاه الأوضاع في سورية”.

ولم يتطرق رئيس وفد نظام الأسد عن ملفات أخرى ستتم مناقشتها في “أستانة 16” كالوضع في محافظة إدلب مثلاً أو الحصار المفروض على أحياء درعا البلد في الجنوب السوري.

من جانبه قال مصدر من وفد المعارضة السورية إلى “أستانة” إنهم سيحضرون الجولة المقبلة، والتي ستستمر ليومين (الأربعاء المقبل والخميس).

وأضاف لـ”السورية.نت” أن أجندة الوفد تتضمن التصعيد في محافظة إدلب، وسبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار، إضافة إلى الوضع في الجنوب السوري، في ظل الحصار المفروض على درعا البلد من جانب قوات الأسد وروسيا.

ومن المقرر في اليوم الأول من “أستانة 16” إجراء مشاورات ثنائية وثلاثية للدول الضامنة مع الأطراف السورية.

في حين ستنعقد جلسة عامة في اليوم الثاني، بحسب ما أعلنت الخارجية الكازاخية في بيان لها الأسبوع الماضي.

ودار الحديث خلال الاجتماع الأخير بين لافروف وجاويش أوغلو في مدينة أنطاليا التركية عن العمل على اتفاقيات جديدة بين الجانبين حول محافظة إدلب السورية، بحسب الوزير التركي، الذي تحدث عن اتفاقيات جديدة وتثبيت الاتفاقيات السابقة حول المحافظة.

وأشار جاويش أوغلو إلى وجود “توافق بالآراء بين تركيا وروسيا حول استمرار وقف إطلاق النار في سورية”.

وكانت الجولة 15 من “أستانة” قد انتهت في فبراير/ شباط الماضي، في مدينة سوتشي الروسية، بحضور ممثلين عن “الدول الضامنة” (روسيا- تركيا- إيران)، والمبعوث الأممي إلى سورية جير بيدرسون، وبمشاركة 3 دول عربية هي: الأردن والعراق ولبنان، بدور مراقب.

وانتهت الجولة ببيان ختامي أكدت فيه الدول المشاركة على تمديد جميع الاتفاقات المتعلقة بـ”خفض التصعيد” و”التهدئة” في إدلب، وأكدت التزامها “بوحدة أراضي سورية وسيادتها”.

إلا أن الجولة المقبلة ستنعقد بالتزامن مع تصعيد عسكري للنظام وروسيا على مناطق “خفض التصعيد” في إدلب، والتي كان قد تم تثبيتها خلال الجولات السابقة من “أستانة”.

المصدر

السورية.نت

——————————–

هيئة التنسيق تحاور “مسد”ومنصة موسكو:لا بديل للإئتلاف

أكد المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية حسن عبد العظيم في اتصال مع “المدن”، إجراء الهيئة لقاءات مع مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، ومنصة موسكو للمعارضة السورية، وتيارات أخرى منها “جبهة السلام والحرية”، نافياً في الوقت ذاته أن يكون الغرض من هذه الاجتماعات هو تشكيل جبهة مناهضة للائتلاف، أو بديلة عنه.

وقال عبد العظيم إن الوفد الذي شكلته الهيئة بدأ جلسات حوار عبر تقنية “الفيديو كونفرانس”، مع حزب “الإرادة الشعبية” الذي يقوده قدري جميل، ومع “مسد” التي تشكل المرجعية السياسية ل”قسد”.

وأضاف أن الهيئة متحالفة أساساَ مع منصة موسكو في هيئة التفاوض، و”كذلك بدأنا الحوار مع مسد منذ شهور، وتم التوصل إلى إعلان اتفاق مبادئ، من دون التوصل إلى ضمانات لتنفيذ هذه المبادئ، وعلى إثرها توقف الحوار، والآن أعدنا تفعليه من جديد”.

وكانت مصادر قد رجحت أن تكون الغاية من هذه الاجتماعات تشكيل جسم سياسي ينوب عن الائتلاف، وألمحت إلى دور روسي وراء ذلك، لكن عبد العظيم نفى ما تردد في هذا الإطار، قائلاً:”الهيئة متحالفة مع الائتلاف ومتشاركة معه في هيئة التفاوض”.

وأضاف أن “الهدف من الحوار، البحث عن مخرج من حالة الجمود والاستعصاء السياسي، ضمن هيئة التفاوض التي تحظى باعتراف دولي، ووفق القرارات الدولية”. وتابع: “في هيئة التنسيق الوطنية نحن نركز على توحيد المعارضة، ولا نسعى إلى هدم كيانات المعارضة”.

في المقابل، وضع مصدر مطلع الاجتماعات في إطار محاولات الدفع السعودي والعربي لإعادة ترتيب وضع المعارضة السورية، وقال المصدر لموقع “السوري اليوم” إن الاجتماعات جاءت نتيجة حدوث ترتيبات جديدة على أساس التوافقات الأميركية-الروسية حول المسألة السورية.

واتهم المصدر، مسد بعرقلة المبادرة التي تهدف إلى التقارب بين “قسد” والمعارضة السورية الممثلة بالائتلاف، لكن الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار شكك برواية المصدر قائلاً ل”المدن”: “لا تعرقل مسد أي مبادرة لتوحيد السوريين، لكنها تعمل ضمن سياق حماية منجزات الشعب في المنطقة”.

وقال درار إن “مسد تحرص على المشاركة مع القوى السورية لأجل الحل السياسي، إلى جانب حرصها على العمل مع تركيا لضمان المصلحة السورية المشتركة بعد خروج قواتها من المناطق التي احتلها الجيش التركي”، مستدركاً: “بمعنى آخر حتى العلاقة مع تركيا نحن لا نرفضها، فكيف نتهم بعرقلة الحوار مع أطراف سورية”.

وعن نتائج الاجتماعات، قال درار: “يوجد لقاءات واجتماعات، ونحن لا نتحدث عن نتائج إلى حين التوصل إلى اتفاق نهائي”.

من جهة ثانية، رحبت الإدارة الذاتية بالوساطة التي عرضها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول إجراء حوار بينها وبين النظام، واصفة تصريحات لافروف ب”الخطوة الإيجابية نحو الحل”.

وأضافت في بيان، “نأمل أن تلعب روسيا دوراً إيجابياً في هذا الحوار، و ما نريد تأكيده بأننا في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قلنا ولأكثر من مرة بأننا مع الحوار الوطني وأننا أصحاب هذا القرار”.

وتابعت أن روسيا تعلم بأن سبب فشل اللقاءات السابقة مع دمشق، هو إصرار النظام السوري على إعادة الأمور إلى سابق عهده قبل الأزمة، إضافة إلى أن الممارسات التي يقوم بها النظام السوري لا تتناسب مع جهود الحوار وبالتحديد ما يقوم به من عمليات اعتقال عشوائية واستفزازات في حلب والمربعات الأمنية في الجزيرة، وهذا يثبت عدم جديته ورغبته في الحل.

وكان لافروف قد دعا أكراد سوريا إلى “إبداء اهتمام بالحوار مع حكومة دمشق وعدم الرضوخ لمحاولات فرض نزعات انفصالية عليهم”. وقال إن “بلاده تشجع منذ بداية النزاع السوري على إجراء اتصالات مباشرة بين الأكراد وحكومة دمشق، بهدف التوصل إلى اتفاقات بشأن كيفية التعايش معاً في دولة واحدة”، معتبراً “أن العراق المجاور يشكل مثالاً جيداً يمكن الاستفادة منه في هذا الصدد”.

يذكر أن الحوار بين النظام السوري والإدارة الذاتية، الذي بدأ منذ شباط/فبراير 2020، لم يفض إلى أي نتيجة، وسط اتهامات من الإدارة للنظام بعدم تغيير الذهنية القديمة.

المدن

————————

سورية: النظام يستهدف منازل المدنيين في جبل الزاوية وتظاهرة في إدلب/ عامر السيد علي و جلال بكور

جددت قوات النظام السوري، صباح اليوم الاثنين، القصف المدفعي والصاروخي على جبل الزاوية في ريف إدلب وسهل الغاب المجاور للجبل في شمال غربي سورية، جاء ذلك فيما نظم عشرات الناشطين والمدنيين وقفة احتجاجاً على القصف المستمر منذ شهر على قرى وبلدات جبل الزاوية.

كذلك أعلن رئيس وفد النظام إلى “أستانة 16” أن الوفد سيركز على الانتخابات الرئاسية التي أجراها النظام في مايو/أيار الماضي، وأفضت إلى التمديد لرئيسه بشار الأسد.

وقال الناشط مصطفى المحمد، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام جددت، صباح اليوم، قصفها على محيط قرية بينين في جبل الزاوية مستهدفة منازل المدنيين والأراضي الزراعية، كما قصفت محيط قرية المنصورة في سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي القريب من ريف إدلب الجنوبي، مضيفا أن القصف أيضا أسفر عن أضرار مادية.

وتشهد المنطقة تحليقاً مكثفاً لطيران الاستطلاع التابع لقوات النظام وحذرا شديدا في التنقل من قبل السكان خشية الاستهداف المباشر  بصواريخ موجهة من خلال الإحداثيات التي ترسلها تلك الطائرات.

وذكر الناشط نفسه، لـ”العربي الجديد”، أن قوات النظام تستهدف منازل المدنيين في منطقة جبل الزاوية بشكل مباشر، ومعظم تلك المنازل خالية من السكان ولا يوجد فيها تموضع عسكري من قبل فصائل المعارضة، ما يشير إلى نيتها التدمير لمنع السكان من العودة.

في سياق متصل، نظم عشرات الناشطين والمدنيين وقفة، أمس الأحد، في ساحة الساعة، وسط مدينة إدلب، احتجاجا على القصف المستمر منذ شهر على قرى وبلدات جبل الزاوية، رغم سريان وقف إطلاق النار في المنطقة منذ أكثر من عام.

وقال أحد المحتجين، ويدعى براء حبق، من مدينة أريحا، لـ”العربي الجديد”، إن هذه الوقفة “تأتي للتنديد بالقصف التي تتعرض له مناطقنا بجبل الزاوية”، مضيفا أن “القصف بات شبه يومي على مدينة أريحا وقرى جبل الزاوية، وأدى لسقوط قتلى وجرحى”.

وأكد المتحدث ذاته أن القصف يستهدف الأحياء السكنية في المدن ومعظم الأماكن الحيوية، والهدف منه زعزعة استقرار المدينة، “والوضع بات سيئا للغاية”.

من جانبه، قال أبو رعد الحمصي، المهجر من مدينة حمص والمشارك بالوقفة، لـ”العربي الجديد”: “نحن اليوم أتينا إلى مدينة إدلب نصرة لأهلنا بجبل الزاوية الذين يموتون تحت القصف وتحت نظر كل متخاذل”.

وأضاف: “رسالتنا لقادة فصائل الثورة افتحوا الجبهات والمعارك أو اتركوا سلاحكم”.

وكان “فريق منسقو استجابة سورية” قد قال، في تقرير صدر عنه أمس، إن قوات النظام وروسيا قتلت 31 مدنيا خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، نتيجة قصفها مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سورية.

وحصلت آخر هذه المجازر يوم السبت، حيث قتل 9 أشخاص، بينهم ثلاثة أطفال، في قصف لقوات النظام السوري استهدف جنوب إدلب.

ويأتي استمرار التصعيد على إدلب قبيل ساعات من جولة جديدة من المحادثات حول الملف السوري بصيغة أستانة بين الدول الضامنة في العاصمة الكازخية بمشاركة وفدين من النظام والمعارضة.

وفي هذا السياق، قال أيمن سوسان، معاون وزير خارجية النظام السوري ورئيس وفد النظام إلى محادثات “أستانة”، إن وفده سيصل غدا، الثلاثاء، إلى العاصمة الكازاخية “نور سلطان” للمشاركة في الجولة السادسة عشرة من محادثات “مسار أستانة” حول سورية.

وقال سوسان في تصريحات نقلها إعلام النظام، إن “أهم التطورات التي حصلت في الفترة الماضية هو إجراء الاستحقاق الوطني المتمثل في انتخابات رئاسة الجمهورية، والذي وجّه خلاله السوريون رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر برفض أي تدخل بالشأن السوري ورفض أي شكل من أشكال الوصاية وتمسكهم باستقلاليتهم وسيادة بلادهم، وأن مستقبل سورية هو حق حصري للسوريين”.

وكانت الجولة الماضية من محادثات أستانة قد انتهت دون التوصل إلى جديد في الملف السوري، وذهب بعدها النظام السوري إلى إجراء انتخابات رئاسية من دون اعتراف دولي بها.

تجدد الهجمات في درعا

إلى ذلك، هاجم مجهولون عنصرين من “الفيلق الخامس” التابع للنظام السوري في مدينة إنخل بريف درعا الشمالي، جنوبي سورية، ما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر بجروح خطيرة، وجاء ذلك تزامنا مع هجوم من مجهولين على حاجز لقوات النظام السوري في الطريق الواصل بين بلدتي صيدا والطيبة.

وذكر الناشط أبو محمد الحوراني، لـ”العربي الجديد”، أن الهجوم نفذ بالقنابل اليدوية والأسلحة الرشاشة وأدى إلى أضرار مادية فقط، فيما جلبت قوات النظام تعزيزات من “الفرقة 15” إلى موقع الهجوم.

في غضون ذلك، انفجرت عبوة ناسفة زرعها مجهولون عند مدرسة الأموية في حي المطار بمدينة درعا، ما أسفر عن أضرار مادية فقط في المنطقة، واتهمت مصادر محلية النظام بالوقوف وراء التفجير، حيث إن المنطقة خاضعة له بشكل كامل ويصعب الدخول إليها دون تفتيش دقيق.

من جانبه، جدد “الجيش الوطني السوري” المعارض قصفه المدفعي على مواقع لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، في محيط قرية “عيوة” بريف الرقة الشمالي الغربي. وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد”، أن القصف أدى لأضرار مادية فقط في الأراضي الزراعية المحيطة بتلك المواقع.

وتشهد مناطق التماس بين الطرفين في شمالي سورية بشكل شبه يومي قصفا من الجيش الوطني على مواقع “قسد” ردا على تحركات المليشيا ومحاولات التسلل إلى مناطق سيطرته.

إلى ذلك، وفي شمال شرقي البلاد، أصيب ثلاثة أشخاص، بينهم عنصر من مليشيات “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، بجروح جراء هجومين بقنابل ودراجة نارية مفخخة في ريفي الحسكة ودير الزور.

وقالت مصادر مقربة من “قسد” لـ”العربي الجديد”، إن مدنيين اثنين جرحا جراء انفجار دراجة نارية مفخخة ركنها مجهولون بالقرب من مقر تابع لـ”قسد” في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي، مضيفة أن الانفجار أدى أيضا إلى أضرار مادية في المباني بالمنطقة.

وأوضح المصدر أن الدراجة ركنت من قبل شخص مجهول بالقرب من مقر لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” الكردي، الجناح السياسي لـ”وحدات حماية الشعب” التي تقود مليشيات “قسد”، ومشطت قوات الأمن التابعة لـ”قسد” المنطقة بعد وقوع الانفجار تخوفا من هجوم ثان.

في غضون ذلك، أصيب عنصر من “قسد” جراء هجوم من مجهولين على منزله بقنبلة يدوية في بلدة الباغوز بريف دير الزور الشرقي، وقالت المصادر إن المهاجمين فروا إلى جهة مجهولة.

إلى ذلك، تحدثت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، عن نقل النظام السوري، أمس، ثلاثين من المعتقلين في سجونه بمدينة دير الزور إلى دمشق وذلك لأسباب مجهولة، وكان قد جرى اعتقالهم سابقا بتهم مختلفة، من بينها الانتماء لـ”داعش”، أو الفرار من التجنيد الإجباري.

مليشيا إيرانية تعتدي على مدنيين

من جانب آخر، قالت شبكة “دير الزور 24” إن عددا من المدنيين في قرية صبيخان بريف دير الزور الشرقي تعرضوا لحالات اختناق وإغماء جراء اعتداء من عناصر مليشيا “أبو الفضل العباس” في القرية جرى أثناء تجمع المدنيين بهدف الحصول على ألواح من الثلج.

وقالت الشبكة إن “حالات إغماء بين الأطفال والسيدات” وقعت في قرية صبيخان، شرق مدينة دير الزور، من جراء رشهم بالغاز من قبل قائد مليشيا “أبو الفضل العباس” الذي أمر عناصره برش الغاز الذي يستخدم في معمل للثلج وذلك بهدف تفريق حشد الأهالي الذين ينتظرون دورهم للحصول على قالب من الثلج.

وذكرت مصادر لـ”العربي الجديد”، أن المليشيات المدعومة من إيران تمارس انتهاكات بحق السكان والأهالي بشكل يومي في المناطق التي تخضع لسيطرتها بريف دير الزور، كما تقوم بتجنيد أبناء المناطق مستغلة الواقع الاقتصادي المتردي.

ويأتي الاعتداء من قبل المليشيا، وفق المصادر، في ظل استمرار انقطاع الكهرباء عن ريف دير الزور لساعات طويلة في النهار، وهو ما لا يسمح للمدنيين بالاستفادة منها في صناعة مادة الثلج، ما يدفعهم إلى شرائها من معامل الثلج التي يشرف عليها تجار تابعون للنظام والمليشيات الموالية له.

ويذكر أن المليشيات المدعومة من إيران باتت تسيطر بشكل شبه تام على المنطقة من كافة النواحي وبخاصة الناحية الاقتصادية، التي تستفيد منها المليشيات في التغلغل الثقافي والفكري بالمنطقة.

العربي الجديد

————————-

=======================

تحديث 08 تموز 2021

——————————-

البيان الختامي لـ”أستانة 16″: إدلب و”السيادة” السورية والعملية السياسية

أصدرت “الدول الضامنة” المشاركة في الجولة 16 من محادثات “أستانة” بياناً ختامياً حول نتائج هذه الجولة، وحددت موعداً جديداً للقاء المقبل.

وجاء في البيان الصادر اليوم الخميس، أن روسيا وتركيا وإيران اتفقت على تثبيت “خفض التصعيد” في محافظة إدلب السورية، وتنفيذ كامل الاتفاقيات المبرمة حول المحافظة، إلى جانب تعزيز التعاون فيما بينها لمكافحة النشاطات “الإرهابية” في المنطقة.

وبحسب نص البيان: “ناقشنا بالتفصيل الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وأكدنا على ضرورة الحفاظ على الهدوء.. من خلال التنفيذ الكامل لجميع الاتفاقيات القائمة بشأن إدلب”.

ولم يتطرق البيان إلى التصعيد الأخير الذي شهدته إدلب مؤخراً، من قبل نظام الأسد وروسيا، والذي أدى إلى مقتل مقتل 46 شخصاً خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي، فيما قتل 9 مدنيين خلال الأسبوع الأول من شهر يوليو/ تموز الجاري، بحسب إحصائيات “الدفاع المدني السوري”.

انتقادات لإسرائيل.. والدفع بالعملية السياسية

وجهت “الدول الضامنة” في بيانها الختامي انتقادات لإسرائيل، بسبب الهجمات العسكرية التي تنفذها في سورية بشكل متكرر، ودعا البيان إسرائيل إلى وقف تلك الهجمات باعتبارها “انتهاكاً للقانون الدولي والسيادة السورية”.

كما تطرق إلى العملية السياسية التي تدور حول سورية، وتتمثل باللجنة الدستورية السورية، مشيراً إلى أن الملف السوري لا يمكن أن يكون حله عسكرياً، وأضاف: “الدول الضامنة تؤكد على الالتزام بدفع العملية السياسية التي يقودها ويملكها السوريون، وتيسرها الأمم المتحدة وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254”.

ومن المقرر أن تنعقد الجولة السادسة من اجتماعات “اللجنة الدستورية” في جنيف، نهاية أغسطس/ آب المقبل، بحسب تصريحات صادرة عن مسؤولين روس، أمس، خلال اجتماعات أستانة.

يُشار إلى أن الجولة الـ 16 من محادثات “أستانة” انعقدت يومي 7 و8 يوليو/ تموز الجاري، في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بحضور ممثلي “الدول الضامنة” (روسيا- تركيا- إيران)، ووفدي النظام والمعارضة، إلى جانب دول عربية بصفة مراقب.

المساعدات الإنسانية حاضرة

أخذ ملف المساعدات الإنسانية حيزاً من النقاشات التي شهدتها الجولة الأخيرة من أستانة، دون التوصل لشيء يذكر، خاصة بالنسبة للمساعدات الدولية العابرة للحدود.

وجاء في البيان: ” أكدنا على الحاجة إلى زيادة المساعدة الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد، دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة”.

كما دعا المجتمع الدولي إلى تنفيذ مشاريع إنسانية متعلقة بـ “التعافي المبكر”، من خلال ترميم البنية التحتية الأساسية، من مدارس وإمدادات مياه ومستشفيات وإزالة الألغام وغيرها.

ولم يتطرق البيان بشكل خاص إلى الآلية الدولية لإيصال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية، والتي تواجه اعتراضات روسية وعراقيل يشهدها مجلس الأمن حالياً.

وبحسب البيان الختامي لـ “أستانة 16” سوف تنعقد الجولة 17 قبل نهاية العام الجاري، دون ذكر زمان ومكان محددين.

يُشار إلى أن المبعوث الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، تحدث عن تدني مستوى الثقة بين النظام السوري والمعارضة، مشيراً في حديثه لوكالة “تاس” الروسية، اليوم الخميس، إلى أن “هذا المستوى من الثقة لا يسمح حتى الآن بالتوصل لحلول وسطية”.

———————————-

عسكرياً وإنسانياً.. ما الذي تحمله “أستانا 16” للسوريين في إدلب؟

إدلب – ثائر المحمد

تحتضن العاصمة الكازاخستانية “نور سلطان” يومي الأربعاء والخميس المقبلين، الجولة السادسة عشرة من مباحثات مسار “أستانا” حول سوريا، بمشاركة وفود من الدول الضامنة (تركيا – روسيا – إيران)، وممثلين عن نظام الأسد والمعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، إضافة لمشاركة هيئة خاصة من الأمم المتحدة، وكلاً من الأردن ولبنان والعراق بصفة مراقبين.

وقالت وزارة الخارجية الكازاخستانية في وقت سابق، إن جدول أعمال المحادثات يتضمن الوضع الراهن في سوريا، وإيصال المساعدات الإنسانية، واستئناف عمل اللجنة الدستورية السورية، وإجراءات بناء الثقة، مثل تبادل الأسرى والإفراج عن المعتقلين والبحث عن المفقودين.

ويتزامن موعد عقد هذه الجولة من المباحثات، مع تصعيد عسكري روسي على محافظة إدلب شمال غربي سوريا، يعد الأعنف منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في المحافظة بين موسكو وأنقرة في آذار من عام 2020، كما يأتي اللقاء قبل أيام قليلة من اجتماع مجلس الأمن الدولي للتصويت على تجديد آلية دخول المساعدات الإنسانية الأممية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى، وسط مخاوف من استخدام روسيا لـ “الفيتو”، وإغلاق المعبر أمام القوافل الأممية.

جولة جديدة على وقع التصعيد في إدلب

في الجولة الماضية من مباحثات “أستانا” (رقم 15)، توافقت الدول الضامنة للمسار على تمديد اتفاق التهدئة في إدلب، لكن وبعد أسبوع واحد من انتهاء الجولة صعدت روسيا من قصفها المدفعي على الريف الجنوبي للمحافظة.

ومنذ بداية شهر حزيران الماضي، تتعرض بلدات جنوبي إدلب وغربي حماة لقصف مدفعي وصاروخي شبه يومي من جانب نظام الأسد والقوات الروسية، وارتفعت حدة التصعيد في 3 من تموز الجاري، حيث تم استهداف منازل المدنيين ومدرسة ومركزاً للدفاع المدني السوري ومنشآت خدمية جنوبي إدلب، ما أدى لمقتل 9 مدنيين بينهم 6 أطفال وجنين، إضافة إلى إصابة 14 مدنياً آخرين.

وقال المتحدث باسم وفد المعارضة في “أستانا”، أيمن العاسمي، إن خروقات النظام وعملية التصعيد التي كانت تعقد لأجلها جولات أستانا وجنيف ستكون إحدى القضايا المطروحة على أجندة الاجتماع المقبل، موضحاً أن “النظام يصعد ويستخدم الإجرام لتحقيق مآرب عسكرية وسياسية”.

وأفاد الباحث السياسي، مالك الحافظ، بأن خرق الاتفاقيات المتعلقة بإدلب مستمر، وأنه لا جديد في الأمر سوى رغبة روسيا الجادة هذه المرة في التقارب مع واشنطن.

وأضاف الحافظ، في حديث لـ موقع “تلفزيون سوريا”، أن التصعيد في إدلب كان وما يزال وسيلة للتفاوض وعقد التفاهمات والتوافقات، مشيراً إلى أن بنود البيانات الختامية لجولات أستانا لا معنى لها فعلياً، فهي تعاد في كل جولة، وما يتم بحثه لا يصدر أهمه في البيانات الختامية.

وأردف أن “التفاوض بالنار كان عنوان المرحلة الماضية ومحطته الرئيسية في إدلب”.

ملفات ساخنة على طاولة “أستانا”

تأمل روسيا في تحقيق تقدم بمسار “أستانا”، وربما تسعى من خلال عقد هذه الجولة -تزامناً مع التصويت على قرار تمديد دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا- إلى توظيف المسار من أجل الحديث عن إنجاز إنساني.

ومن المتوقع أن تُطرح “ملفات ساخنة” على طاولة المباحثات في الجولة الجديدة، ومنها ما يتعلق بمنطقة خفض التصعيد (إدلب)، بعد أن أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قبل أيام، إلى ضرورة تنفيذ بروتوكول 5 آذار 2020 بين تركيا وروسيا، الذي يقضي بإنشاء ممر أمني منزوع السلاح على جانبي طريق “إم 4” المار من محافظة إدلب.

وحول أجندة الاجتماعات، ذكر العاسمي أن “الأجندة مستجدة دائماً، ومدى الاتفاق عليها يكون حسب الجدية من قبل الروس تحديداً، ولكن واضح أن القضية تتعلق بالمعابر وخاصة أن الموضوع الإنساني مهم لكل السوريين”.

وأشار إلى أن المعارضة تحرص أن تستمر المساعدات لكل المناطق، وبقاء المعابر مفتوحة لضمان دخول المساعدات عبرها، مضيفاً بالقول: “هناك بوادر أمل وحلحلة في قضية المعابر”.

وبالرغم من يأس السوريين من المسارات السياسية بمختلف مسمياتها، كونها لم تأت لهم بجديد يخفف من معاناتهم، إلا أن “العاسمي” يعتقد أنه في قادم الأيام سيكون لهذا المسار (أستانا) ربما فاعلية أكبر، موضحاً أن ذلك يتعلق بالنهاية بجدية روسيا بغض النظر عن إيران.

واعتبر أن للمسار “أهمية ويؤمل منه بتحقيق اتفاقات جديدة تساعد على الحل السياسي، والمزاج الدولي يساعد بهذا، خاصة التفاهمات غير المعلنة بين الروس والأميركان”.

ويتوقع الباحث السياسي، مالك الحافظ، أن تكون أهم الملفات الحاضرة في المباحثات المقبلة، تتصل باللجنة الدستورية التي تأخر انعقاد جولتها السادسة قرابة الـ 6 أشهر، إضافة إلى إمكانية تفعيل المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب، ورسم حدودها والاتفاق على آليات التنفيذ، واستمرار التنسيق بخصوص المعتقلين والمختفين قسرياً.

ما فائدة المسار في ظل التصعيد العسكري؟

من المنطقي القول إن الفائدة من استمرار المعارضة السورية في حضور اجتماعات “أستانا” مرهونة بجدية روسيا في التعاطي مع المسار وتحقيق تقدم فيه، لكن الواقع لا يشير إلى ذلك، فلو كانت موسكو عازمة على تحقيق تقدم في الحل السياسي، لما صعدت في القصف، واستمرت في حصد أرواح المدنيين، ولوّحت بورقة إغلاق المعابر الإنسانية للقضاء على السوريين جوعاً.

وذكر الباحث، مالك الحافظ، أن روسيا صعدت عسكرياً في إدلب قبل لقاء بوتين – بايدن في مدينة جنيف منتصف الشهر الفائت، لتساوم على هذه الورقة أمام بايدن، بينما تصعد قبل أستانا تحت ذرائعها المختلفة، من أجل فتح ملف ما تسميه الانتهاء من القوى المصنفة على قوائم الإرهاب في الشمال الغربي من سوريا.

ولذا أرادت روسيا الضغط على تركيا من أجل فتح هذا الملف الذي سيؤدي بالتالي إلى سيطرتها بالأغلب على محيط الطريق إم 4، ووصل قاعدتها في الشمال الشرقي بالقاعدة الرئيسية في حميميم، فضلاً عن مكاسب أخرى اقتصادية وسياسية.

وتعتبر روسيا أن إعلانها إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب بعد رسائلها العسكرية، هو خطوة متقدمة لبناء مسار حواري بين موسكو وواشنطن، يمكن أن يُبنى عليه كثير في الملف السوري، بحسب “الحافظ”.

وأشار إلى أن روسيا متمسكة بـ”أستانا”، كون المسار حقق لها كثيرا من النفوذ على الأرض السورية، كما أن موسكو عملت من خلال أستانا على إفراغ مسار جنيف من تأثيره وتمييع القرار الدولي 2254، وتنفيذ بنوده وفق الرؤية الروسية بالانطلاق من مسار أستانا والتمدد في مناطق مختلفة من سوريا وقضمها بالتتالي، ما منحها النفوذ السياسي بعد السيطرة العسكرية.

مسار “أستانا” يغرد بعيداً عن واشنطن

ترفض الولايات المتحدة المشاركة في مسار “أستانا”، وسبق أن قال السفير الأميركي لدى كازاخستان، وليم موزير، إن بلاده تعتبر “محادثات جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة أفضل طريقة لحل النزاع في سوريا، وبالتالي لا تخطط للعودة كمراقب إلى ما يسمى بصيغة أستانا”.

وأضاف السفير الأميركي “نعتقد أن صيغة جنيف التي ترعاها الأمم المتحدة هي أنسب عملية لحل هذا الصراع، لذلك، لا نريد أن نكون مراقبين في عملية أخرى الآن”.

وحول هذه النقطة، وجدوى الاجتماعات في ظل غياب واشنطن، قال “الحافظ” إن “أستانا” ليس بالمسار السياسي البحت، فهو مسار عسكري تقني أكثر ما يكون مساراً سياسياً.

ويرى أن روسيا أوجدت المسار من أجل التشويش على جنيف، ومحاولة خلق مسار مواز للمسار السياسي يكون أكثر تأثيراً منه وأكثر إنجازاً، حتى تكسب لاحقاً الرهان السياسي.

وأما واشنطن فهي بعيدة عن المسار – حسب الحافظ – بسبب قلة فعاليتها في الملف السوري والانسحاب من الجنوب والشمال السوري وإغلاق غرف الموك والموم.

ويعتقد أن واشنطن أرادت الابتعاد عن الفاعلية المباشرة في ملفات تعتبر خارج ملف مكافحة الإرهاب وقتال تنظيم الدولة، وفي الوقت نفسه لم تكن تنوي الاعتراف بمسار خلقته روسيا مقابل إضعاف مسار جنيف.

بدورها تشير الأكاديمية مرح بقاعي، إلى أن الملف السوري لم يكن يوماً بعيداً عن واشنطن، وتضيف: “إذا لم تكن واشنطن حاضرة، ستكون مراقبة، وحاملة للعصا والجزرة في آن معاً، وعندما تحتاج للضغط تجتمع بالدول الفاعلة في سوريا، كما حدث مؤخراً في إيطاليا، من أجل الضغط وإنجاح اتجاه الحل السياسي، وفق قرار مجلس الأمن رقم 2254”.

وأما الباحث أسامة آغي، فقد أوضح في حديث لـ موقع “تلفزيون سوريا” أن الولايات المتحدة لا تريد مراقبة ما يفعله الروس، أو “التصفيق” لهم، وتعلم واشنطن أن الروس مأزومون حالياً، ويريدون الخروج من “عنق الزجاجة”، وهذا مرتبط بوجود تفاهمات واضحة وصريحة بين واشنطن وموسكو.

اللجنة الدستورية.. مراوحة في المكان

أشار البيان الختامي للجولة 15 من محادثات “أستانا” إلى ضرورة احترام النظام الداخلي ومبادئ العمل الأساسية للجنة الدستورية وإحراز التقدّم في عملها، حتى تتمكّن مِن أداء مهامها المتمثلة في إعداد وصياغة إصلاح دستوري للاستفتاء لاحقاً.

وحينذاك جاء في البيان: “مِن أجل ضمان عمل اللجنة الدستورية بشكل مستدام وفعال، أكدت الدول الضامنة على التزامها بعمل اللجنة وأهمية تواصل المبعوث الأممي غير بيدرسون مع الأطراف السورية (بهذا الخصوص)”. ومنذ ذلك الحين لم تعقد الأطراف المعنية باللجنة الدستورية جولة جديدة.

وذكرت بقاعي، وهي عضو في اللجنة الدستورية، في حديث لـ موقع “تلفزيون سوريا” أن اللجنة معطلة من طرف نظام الأسد وروسيا، حيث عطّل النظام كل الجلسات السابقة، سواء عبر عدم الموافقة على برنامج العمل، أو الامتناع عن الحضور، أو وضع محددات معينة لقاء استمراره في اللجنة.

ويشير مالك الحافظ، إلى أن روسيا أرادت تمرير الانتخابات الرئاسية، لتكسب بذلك وفق اعتقادها نصراً سياسياً، تساوم به خلال الفترة التي تلي الانتخابات، لذا لم يكن مجدياً لها عقد أي جولة جديدة من اللجنة الدستورية قبل الانتهاء من تنصيب بشار الأسد من جديد.

وتابع: “كذلك كان لا بد من اختبار النظرة الأميركية مع الإدارة الجديدة للبيت الأبيض، والبدء بعدها بمرحلة جديدة تكون من ضمنها أعمال اللجنة الدستورية”.

مستقبل التصعيد في إدلب وحدوده

سعت روسيا إلى الضغط على تركيا قبيل اجتماع أستانا، من خلال تكثيف القصف على الأحياء السكنية في ريف إدلب، ومحيط القواعد التركية في المنطقة، وفي وقت سابق أوضح الدفاع المدني السوري أن قوات النظام وروسيا تتبع سياسة ممنهجة شمال غربي سوريا تتلخص بالحفاظ على حالة من اللاحرب واللاسلم، بهدف منع أي حل سياسي على الأرض، كما تتعمد التصعيد قبل أي استحقاق سياسي أو اجتماع على المستوى الدولي لبعثرة الأوراق السياسية وفرض واقع عسكري وإنساني يبعد الأنظار عن الحل السياسي الذي يتهرب منه النظام.

وعن سبب التصعيد ومستقبله، ذكر رئيس وفد المعارضة السورية في “أستانا” أحمد طعمة، أن روسيا تصعد وتوتر الأجواء في إدلب قبل كل جولة من جولات أستانا، وتهدف بذلك إلى الضغط على المفاوض، سواء تركيا أو المعارضة.

وبحسب طعمة فإن ذلك “لن يؤثر أبداً على الوفد المفاوض، ولن يجعله يقدم تنازلات”، وقال إنهم متمسكون بمواقفهم ومبادئهم ولن يتم “التزحزح” عنها.

وفي حديثه لـ موقع “تلفزيون سوريا”، توقع طعمة عودة روسيا إلى الاتفاقيات المبرمة حول إدلب، التي تقضي بتثبيت خطوط التماس، ووقف إطلاق النار، وذلك بعد انتهاء جولة المفاوضات المرتقبة.

ولفت إلى أن نظام الأسد زاد من خروقه لوقف إطلاق النار، لأنه يريد بعثرة الأوراق، وإثارة “زوبعة” هنا وهناك، ولكن في المحصلة لا يوجد أمامه مجال لتحقيق تقدم عسكري، خاصة أن “الرد العسكري يكون قاسياً عليه”.

وعند سؤال طعمة عن دلالة تذكير وزير الخارجية الروسي بإنشاء منطقة خالية من السلاح في إدلب، قبل أيام من عقد جولة أستانا الجديدة، أجاب بالقول: “عندما ستبدأ المفاوضات، سنستفسر عن هذه المسألة، ولكن لا أتوقع أن تشن روسيا هجوماً برياً في إدلب، ولا يوجد أي معطيات تشير لذلك”.

ما احتمالية تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية؟

بعد أيام من انتهاء جولة أستانا السادسة عشرة، سيعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً للتصويت على تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى شمال غربي سوريا، من باب الهوى الحدودي مع تركيا لمدة عام آخر، ويتوقع أن يحضر هذا الملف بقوة في اجتماع أستانا، في محاولة تركية لإقناع الروس بعدم استخدام الفيتو وتعطيل الآلية.

وسبق أن أجاب مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية على سؤال عما إذا كان بايدن تلقى أي التزامات من بوتين بإبقاء أو حتى توسيع عملية تقديم المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بالقول: “لم تكن هناك أي التزامات، لكننا أكدنا بوضوح أن هذا الأمر يحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لنا، وإذا كان هناك أي تعاون في المستقبل بشأن سوريا، فينبغي أن نرى بالدرجة الأولى توسيع الممر الإنساني”.

ورجح الباحث أسامة آغي، أن يتم تمرير قرار تمديد إدخال المساعدات في مجلس الأمن، ولكن قد يكون هناك تبادل منفعي، وربما تقبل روسيا بالإبقاء على معبر باب الهوى مفتوحاً أمام المساعدات، وفتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق، مقابل الحصول على مكسب في ملف آخر.

من جانبه أكد الحافظ أن روسيا “تدرك جدية الولايات المتحدة حيال ملف المعابر والمساعدات الإنسانية، وتعلم أن هذا الملف وما سيتبعه خلال الفترة القريبة المقبلة هو بمنزلة اختبار أميركي للروس”.

وبيّن أن موسكو تحتاج إلى الولايات المتحدة، وكلما طال أمد الاستعصاء السياسي في سوريا وتأخرت إعادة الإعمار فإن خسارات روسيا تتزايد على عكس الولايات المتحدة.

ويضيف “لن تغلق روسيا آخر المعابر المستقبلة للمساعدات الإنسانية، التمديد لسنة أو ستة أشهر لمعبر باب الهوى هو أحد الاحتمالات، والترجيحات تتحمل أن يرتفع عدد المعابر إلى اثنين (باب الهوى واليعربية)”، مشيراً إلى أن “روسيا بحاجة الولايات المتحدة، وفترة رئاسة بايدن قد تكون الأكثر ملائمة لبوتين من أجل إحداث تقارب بين الروس والأميركان في سوريا”.

———————————–

مؤتمر روما: هل من سياسة أميركية جديدة؟/ رضوان زيادة

كان لانقسام مجلس الأمن في الحالة السورية انعكاسات خطيرة وقاتلة على سوريا والسوريين، مع استخدام روسيا والصين للفيتو تكرارا في مجلس الأمن، مما حول هذه المؤسسة إلى فشل كامل لما يطمح السوريون إلى تحقيقه في تقرير مصيرهم وفق انتخابات حرة ونزيهة.

ومع انقسام مجلس الأمن لم تستطع الجمعية العامة أن تلعب هذا الدور الضروري لعدم رغبتها في أخذ المبادرات الضرورية في الوقت المناسب، مما حول الأمم المتحدة إلى منبر للنقاش العام بدل أن تكون مؤسسة لاتخاذ القرارات التي تحمي المدنيين وتحفظ حقوقهم.

ربما الحالة السورية ليست الأولى وربما لن تكون الأخيرة، بسبب طريقة بناء الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وبسبب الانقسام السياسي والأيديولوجي العالمي بين صعود التسلطيات على رأسها الصين وروسيا وبين دول صغيرة طامحة لبناء تاريخها الديمقراطي.

مقابل ذلك تسود الولايات المتحدة موجة من الانعزالية ربما بدأت بعد حرب العراق واستمرت مع سنوات أوباما فترامب ثم بايدن، فقد غابت السياسة الأميركية تماماً في سوريا في ظل هجمة عسكرية ودبلوماسية روسية عبر سيطرتها التامة على مسار أستانا وبناء تحالف سياسي – عسكري مع تركيا لضمان تأثيرها على المعارضة السورية المسلحة في الشمال السوري، ولذلك حاول وزير الخارجية الأميركية بلينكن أن تقتصر المبادرة الأميركية على البعد الإنساني فقط .

لقد مثل اجتماع روما عودة محدودة للسياسة الأميركية في الملف السوري لكنها تبدو عودة محدودة وجزئية، إذ لم يتطرق خطاب بلينكن

 للمسار السياسي ولو أنه تحدث عن ضرورة الحفاظ على تخفيض العنف في المناطق السورية، كما أنه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى مفاوضات جنيف التي يفترض بها أن تقوم بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254 في إشارة واضحة إلى لا جدوى هذه المفاوضات ووصول هذا المسار إلى قرار مسدود.

 عملت روسيا وبشكل منهجي على إفشال المفاوضات التي تعقدها الأمم المتحدة في جنيف عبر دفع وفد النظام السوري لإثارة قضايا هامشية تماماً وعدم الدخول بجدية في أية مفاوضات سياسية حقيقية حول المرحلة الانتقالية أو الدستور أو الانتخابات كما أقرها قرار مجلس الأمن 2254، لكن الرؤية الأميركية التي تكررت في خطاب بلينكن من مثل العمل على بناء سوريا موحدة ومستقلة وديمقراطية وضمان عودة اللاجئين وتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 فإن بلينكن لم يشر إلى الخطوات التي يمكن أن تتبعها وزارته لضمان تحقيق هذه الأهداف في ظل سيطرة الجانب الروسي على المسار السياسي في أستانا ولا جدوى المحادثات أو عقمها تماماً في جنيف، أظهر بلينكن ومؤتمر روما دعمهما للمبعوث الأممي بيدرسون لكن لم يتحدث لا بالسلب أو الإيجاب عن مسار جنيف الذي لم يصبح له أي تأثير أو معنى وهو حقيقة بحكم الميت دون رغبة الأطراف في إعلان ذلك.

وبنفس الوقت لم يشر السيد بلينكن إلى أية خطوات دبلوماسية جديدة يمكن أن تلجأ إليها الولايات المتحدة في المستقبل لضمان تحقيق هذه الأهداف وهو ما من شأنه أن يدفع كثيرين إلى القول إن هذه الأهداف ربما تتحول تماماً إلى سياسة الولايات المتحدة التي أعلنها الرئيس السابق باراك أوباما في أغسطس 2011 وهي أن بشار الأسد فقد شرعيته، وإلى الآن ما زال المسؤولون الأميركيون يرددون نفس الكلمات دون أن يكون لها معنى على صراع فقد أكثر من نصف مليون مواطن سوري حياتهم به كما شرد أكثر من 7 ملايين لاجئ فضلاً عن أكثر من 8 ملايين نازح شردوا من بيوتهم وقراهم داخل سوريا ويمنع عليهم الخروج أو اللجوء بسبب إغلاق كل دول الجوار لحدودها مع سوريا ومنع عبور أي لاجئ إلى أراضيها منذ سنتين أو أكثر بسبب استضافة هذه البلدان لملايين من اللاجئين ولا تستطيع أن تتحمل أكثر من هذا العدد.

إذ لا شيء يظهر حجم المأساة السورية اليوم أكثر من تعداد الأرقام المخيفة التي تكشف واقع الاقتصاد السوري اليوم، إذ يقول تقرير للأمم المتحدة، صادر في أيلول/ سبتمبر 2017، أن نحو 85 % من السكان في سوريا فقراء، منهم 6.7 ملايين سوري، يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدة إنسانية طارئة، بعد أن ارتفعت الأسعار بمعدل 1100% وتثبيت الأجور عند 40 ألف ليرة (نحو 13 دولارا).وأشارت دراسة البنك الدولي إلى أن 6 من بين كل 10 سوريين يعيشون الآن في فقر مدقع بسبب الحرب.

هذه الأرقام تشير بمجملها إلى أن سوريا ربما تحتاج إلى أكثر من 30 عاماً للتعافي والعودة إلى وضعها الاقتصادي ما قبل عام 2011 هذا إذا توقفت الحرب تماماً هذا العام وبدأت عمليات إعادة الإعمار على قدم وساق بعد ضمان الاستقرار الأمني بشكل تام وفي كل الأراضي السورية وكل متابع للحرب السورية يعرف تماماً أن كل هذه التمنيات هي من ضرب من الخيال تماماً.

ولذلك يبدو الشرط الأميركي الذي كرره بلينكن أن الولايات المتحدة لن تساهم في جهود إعادة الإعمار في سوريا ما لم تبدأ المرحلة الانتقالية في سوريا ما بعد الأسد مؤثراً للغاية في ظل مؤشرات الاقتصاد السوري الحالي، لا سيما أن الموقف الأوروبي يساند الموقف الأميركي ويدعمه في هذا الموقف، لكن يبقى السؤال أن نظام الأسد الذي اتخذ قراراً واضحاً في استخدام سلاح الجو السوري بكل قدراته وإمكانياته لقصف القرى والمدن السورية هل سيكترث لقدرته أو عدم قدرته على إعادة الإعمار، لا تبدو هذه الورقة ضاغطة بشكل كاف على نظام الأسد كي يقبل بالعروض السخية من الولايات المتحدة وأوروبا من أجل تمويل عمليات إعادة الإعمار في المدن السورية المدمرة والمهجرة.

تلفزيون سوريا

———————————-

لا تطبيع أوروبيا مع النظام السوري/ خيرالله خيرالله

ليس في الإمكان الحديث عن تطبيع قريب أو بعيد بين النظام السوري من جهة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.

بعيدا عن الكلام التافه الذي يصدر عن بعض السياسيين أو المعلّقين اللبنانيين، تقول خلاصة تقرير نشره الاتحاد الأوروبي على موقعه الرسمي إنّ “التطبيع غير وارد مع النظام إلا إذا دخل عملية انتقالية ذات طابع سياسي استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة. يشمل ذلك إنهاء القمع وإطلاق عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين في سجونه”.

تؤكد كل كلمة في هذه الخلاصة استحالة عودة المجتمع الدولي إلى إقامة علاقات طبيعية مع النظام. يعود ذلك إلى أنّ طبيعة النظام هي طبيعة قمعية من جهة وإلى أنه يرفض أي تقيّد بقرارات الشرعية الدولية من جهة أخرى. هذا نظام يظنّ أن في استطاعته دائما التحايل على أي اتفاق يعقده مع هذا الطرف أو ذاك. ليس مستعدا لتقديم أيّ تنازل عندما يكون قويّا وليس مستعدا لذلك عندما يكون ضعيفا. كلّ ما يهمّه إعطاء انطباع إلى المجتمع الدولي بأنّه قويّ في حين أنّ هذا المجتمع يعرف تماما أنّه أضعف بكثير مما يعتقد. لو كان النظام السوري قويّا ويمتلك ذرة من الحكمة، هل كان أقدم على حماقة تغطية جريمة اغتيال رفيق الحريري في العام 2005، وهي الجريمة التي أخرجته من لبنان لمصلحة إيران؟

فنّد التقرير الأوروبي نقطة بعد نقطة ما سمّاه “الأوهام” التي يعيش النظام السوري في ظلّها ويروّج لها وهي الآتية: “سوريا آمنة لعودة اللاجئين، الاتحاد الأوروبي والغرب يشنّان حربا اقتصادية على سوريا، الاتحاد الأوروبي يعدّ لخطوات تطبيع مع النظام السوري، النظام لم يلجأ إلى أي هجمات بالسلاح الكيمياوي، الغرب يقف وراء التنظيمات الإرهابية، الثورة (التي انطلقت في العام 2011) كانت منذ البداية مؤامرة أجنبية”.

يكشف التقرير مستخدما الوقائع أنّ كلّ ما يروّج له النظام السوري لا علاقة له بالحقيقة من قريب أو بعيد. لا حاجة إلى الدخول في تفاصيل التقرير الذي يحسم مسألة التطبيع مع النظام. يظلّ المهمّ في ما ورد فيه عن أن العالم، في مقدّمه الاتحاد الأوروبي يعرف تماما ما هو النظام السوري وأنّ هذا النظام الأقلوي لا يمتلك أي شرعية من أي نوع وذلك منذ اليوم الأول لقيامه في العام 1970.

كان الفارق بين حافظ الأسد وابنه بشّار أن الأوّل كان يتقن تماما لعبة التوازنات ويعرف أين الحدود التي عليه التوقّف عندها.

الأهمّ من ذلك كلّه، أن حافظ الأسد كان يمتلك حليفا مهمّا في شخص صدّام حسين، البعثي الآخر الذي وضع نفسه في خدمته طوال الوقت بفضل عقله التبسيطي والريفي. هذا العقل التبسيطي والريفي للرئيس العراقي بين 1979 و2003 أخذ البلد إلى حرب طويلة مع إيران بين 1980 و1988 استغلّها حافظ الأسد أفضل استغلال. ما لم يحقّقه الأسد الأب طوال الحرب العراقية – الإيرانية، حقّقه بعد اجتياح العراق للكويت في 1990. قبض ثمن الوقوف مع الأميركيين في حرب تحرير الكويت. حصل على ضوء أخضر في لبنان وأخرج حليف صدّام حسين، وقتذاك من قصر بعبدا. لم يكن هذا الحليف سوى الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون الذي قبل لاحقا، في 2016، أن يصبح رئيسا للجمهورية بصفة كونه مرشّح “حزب الله” وأن ينتقل مع صهره جبران باسيل إلى نادي المعجبين ببشّار الأسد وإنجازاته في سوريا!

يُفترض في تقرير الاتحاد الأوروبي أن يزيل الغشاوة التي يعاني منها عدد كبير من اللبنانيين يظنون أن العالم مستعد لإعادة الاعتبار إلى النظام السوري. هؤلاء لا يعرفون شيئا لا عن أوروبا ولا عن الإدارة الأميركية الحاليّة. ثمّة حاجة إلى التذكير بأنّ وزير الخارجية الحالي أنتوني بلينكن اعترض عندما كان يعمل مع إدارة باراك أوباما على تراجعها عن توجيه ضربة إلى النظام السوري بعد استخدامه السلاح الكيمياوي في حربه على شعبه في منطقة الغوطة القريبة من دمشق. كان ذلك في آب – أغسطس من العام 2013. لا يزال بلينكن، استنادا إلى ما ورد على لسانه في إحدى المقابلات الصحافية، يعيش هاجس التراجع عن الردّ على النظام السوري بعد لجوئه إلى السلاح الكيمياوي.

خرج التقرير الأوروبي بخلاصة خاصة به في ما يتعلّق بالعلاقة مع النظام السوري. ثمّة خلاصة أخرى لا يمكن تجاهلها. تتعلّق هذه الخلاصة بالمهمّة التي نذر النظام السوري نفسه من أجلها والتي تتمثّل في الانتهاء من سوريا التي عرفناها. يستطيع هذا النظام أن يحلم طويلا بأنّه سيعود إلى لعب دور الوسيط بين العرب وإيران، كما فعل حافظ الأسد طوال سنوات. يستطيع أن يحلم أيضا بالعودة إلى لبنان عسكريا وأمنيا. يستطيع حتّى أن يحلم بالعودة إلى سوريا نفسها الواقعة تحت خمسة احتلالات هي الإسرائيلي والإيراني والتركي والروسي والأميركي…

يستطيع النظام السوري أن يحلم مقدار ما يشاء. ما لا يستطيعه هو العثور على شرعيّة ما. ليس هذا النظام في نهاية المطاف سوى وليد انقلاب عسكري في الثامن من آذار -مارس 1963، وهو انقلاب ما لبث أن استولى عليه الضباط العلويّون في 23  شباط – فبراير 1966  تمهيدا لتفرّد حافظ الأسد بالسلطة ابتداء من 16 تشرين الثاني – نوفمبر 1970… قبل أن يصبح أوّل رئيس علوي لسوريا في شباط – فبراير 1971.

لدى النظام السوري، الذي وضع له الاتحاد الأوروبي شروطا كي يعيد تأهيل نفسه، مهمّة وحيدة. العنوان الوحيد لهذه المهمّة تفتيت سوريا كي لا تقوم لها قيامة في يوم من الأيّام وذلك على غرار ما حصل في العراق حيث يصعب الحديث عن إعادة توحيد البلد منذ الاجتياح الأميركي في العام 2003.

يستطيع النظام السوري أن يحلم طويلا بإعادة تأهيل نفسه يوما. سيبقى الحلم حلما، لا لشيء سوى لأن طبيعته القمعيّة تتعارض تماما مع أيّ تغيير حقيقي في العمق لا أكثر ولا أقلّ. من دون قمع لا وجود لمثل هذا النظام الذي ارتضى شنّ كل أنواع الحروب على شعب بكامله لا يريد أكثر من حدّ أدنى من الكرامة!

إعلامي لبناني

العرب

————————————–

انطلاق أستانة 16 حول سورية… والنظام يناقش مع روسيا انسحاب القوات الأميركية/ جلال بكور

انطلقت، اليوم الأربعاء، الجولة السادسة عشرة من المباحثات حول الملف السوري بصيغة “أستانة” في العاصمة الكازاخية نور سلطان، بمشاركة وفود الدول الضامنة والمعارضة والنظام السوري.

وعقد وفد النظام اجتماعاً مع الوفد الروسي في بداية المباحثات التي من المفترض أن تركز بالدرجة الأولى على قضية المعابر الإنسانية، والتي تأتي قبيل انعقاد جلسة مجلس الأمن، غداً الخميس.

وقالت وزارة خارجية النظام السوري، في بيان لها، صباح اليوم، إنّ وفد النظام برئاسة أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين، “عقد لقاء مع الوفد الروسي برئاسة المبعوث الخاص لرئيس روسيا الاتحادية إلى سورية ألكسندر لافرينتيف، في إطار الاجتماع السادس عشر بصيغة أستانة الذي افتتح في العاصمة الكازاخية نور سلطان اليوم”.

وبحسب البيان، فقد استعرض الجانبان البنود المدرجة على جدول أعمال الاجتماع الحالي والتطورات في سورية و”السياسات الغربية الخاطئة التي تسعى إلى استمرار الحرب على سورية، مع كل ما ينتج عن ذلك من معاناة للشعب السوري، إضافة إلى نهب ثرواته وموارده الطبيعية من قبل قوات الاحتلال الأميركي”.

وقالت الوزارة إنّ الجانبين “أكّدا عزمهما على مواصلة العمل المشترك حتى انسحاب القوات الأميركية وغيرها من القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية”. كما تطرق الاجتماع إلى الأوضاع في إدلب، بحسب البيان الذي اتهم تركيا بدعم “الإرهابيين”، ولم يتطرق إلى مسألة المعابر الإنسانية.

وكان الممثل الخاص للرئيس الروسي ألكسندر لافرينتيف قد صرح، أمس الثلاثاء، بأنّ روسيا تطالب بوقف عمل آلية إيصال المساعدات عبر الحدود السورية، قائلاً إن المساعدات “يجب أن تصل عبر دمشق”.

ومن المفترض أن تناقش محادثات أستانة، بحسب مصادر، تمديد التفويض الأممي لإيصال المساعدات الأممية عبر الحدود، والذي ينتهي في 10 يوليو/ تموز الحالي.

وتقول مصادر مطلعة، لـ”العربي الجديد”، إنّ روسيا والنظام يحاولان كسر الحصار المفروض من واشنطن، من خلال عقوبات “قانون قيصر”، عن طريق الضغط في ملف المعابر الإنسانية، ومن المتوقع أن تقبل بتمديد التفويض دون توسيعه.

ومن المتوقع أن يعقد لافرنتيف، اليوم الأربعاء، لقاء مع المبعوث الأممي غير بيدرسن بهدف مناقشة الاجتماع السادس للجنة الدستورية السورية في جنيف.

كما سيناقش مع بقية الوفود موضوع خفض التصعيد في إدلب والمفاوضات بين “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) والنظام السوري، إضافة إلى مسائل أخرى تتعلق بالجنوب السوري والبادية.

وتستمر الجولة الحالية من المباحثات حتى يوم غد الخميس، حيث من المتوقع أن تختم ببيان للدول الضامنة على غرار الجولات السابقة من المباحثات.

—————————

روسيا واستغلال العامل الإنساني/ نبراس إبراهيم

إذاً.. تريد روسيا أن تُغلق معبر باب الهوى، آخر معبر حدودي بين سوريا وتركيا، لتمنع مرور المساعدات الإنسانية عبر هذا المعبر، شريان الحياة الوحيد لأكثر من ثلاثة ملايين سوري، ومن المتوقع رغم الضغوط الأوروبية والدولية وارتفاع الصوت في مواجهة روسيا أن تضرب بعرض الحائط كل ما يُقال، وأن تستمر في عملها الشنيع هذا وتمنع تدفق شاحنات الإغاثة الدولية والبضائع إلى سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية في محافظتي إدلب وحلب.

من المنتظر أن يعقد مجلس الأمن لقاء هذا الشهر من أجل تجديد التصويت على القرار رقم 2533، الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا من الحدود السورية – التركية عبر معبر باب الهوى، وقبل اقتراب موعد الجلسة، حذّرت الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي من الإخفاق في تمديد العمل بآلية إيصال المساعدات الإنسانية الأممية إلى سوريا عبر باب الهوى، وأن تقوم روسيا، حليفة النظام السوري، باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار تمديد إدخال المساعدات من هذا المعبر، ونبّهت إلى أن ذلك سيُشكّل كارثة إنسانية لمن يقطن شمال غربي سوريا.

كل هذا، في الغالب الأعم، لن يثني روسيا عن عملها غير الإنساني هذا، ولن يطرف لها جفن وهي تُعرّض ملايين البشر المساكين في الشمال السوري للمخاطر والجوع والفاقة، لكن ما تقوم به روسيا ليس بالأمر الغريب، فهي صاحبة تاريخ طويل من استغلال الحاجات الإنسانية كوسيلة من وسائل حروبها.

بداية، وعلى النطاق السوري، لا ننسى أن روسيا استخدمت قبل سنة تماماً حق النقض ومنعت مرور المساعدات الإنسانية من معبري باب الهوى وباب السلامة، وهي تُدرك أن حياة ملايين السوريين تتعرض للخطر نتيجة استخدامها لهذا الفيتو.

وقبل ذلك، وعلى النطاق السوري أيضاً، لا ننسى أنها استخدمت حق النقض “الفيتو” كعضو دائم في مجلس الأمن 16 مرة لصالح النظام السوري، كثير منها تتعلق بقضايا إنسانية أو طبية أو وقف المقتلة.

كذلك لم يشعر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتأنيب ضمير حين أعلن أن سوريا باتت حقل تجريب للأسلحة الروسية، لاكتشاف أوجه القصور في الطائرات والمروحيات والأسلحة الصاورخية، عبر قصف السوريين وتدمير البنى التحتية ونشر الموت، وأطلقت صواريخ من بحر قزوين لتقتل السوريين، وهددت بحرب عالمية ثالثة من أجل حماية النظام السوري.

أيضاً وفق أحد تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن روسيا ارتكبت ما لا يقل عن 321 مجزرة، وقتلت أكثر من 6200 مدني، نحو ثلثهم من الأطفال، وقامت بـ 954 اعتداء على مراكز حيوية ودمرتها، ومنها مشافي ومدارس وأسواق وقوافل مساعدات، واستخدمت قذائف عنقودية محرمة دولياً أكثر من 232 مرة، وأسلحة حارقة 125 مرة، وساهمت في تشريد نحو 2.7 مليون سوري.

هذا في سوريا، لكن وحشية روسيا واستغلالها العامل الإنساني كسلاح حرب، لا تنحصر في سوريا وحدها، وليس سراً أن روسيا انتهكت قائمة طويلة من المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كما أقامت علاقات ممتازة مع أسوأ ديكتاتوريات العالم وأكثرهم فساداً وقمعاً لشعوبهم، وأصحاب أسوأ ملفات حقوق الإنسان.

دعمت روسيا الزعيم الكوري الشمالي الديكتاتور كيم جونغ أون، الذي نصّب نفسه إلهاً في ذلك البلد، وشطبت ديونه وموّلت العديد من المشاريع التي أنقذته من العقوبات الدولية، على حساب شعب جائع فقير يُعاني الأمرين من حكم سلالة تعتبر البلد مزرعة شخصية لها.

كما دعمت النظام الأوزبكستاني، الذي منع الأحزاب وملأ السجون بالمواطنين، ونشر الفقر والحاجة والفاقة، واتهم بالإرهاب كل من انتقد النظام. ودعم النظام التركمانستاني وزعيمه كربان محمدوف، الذي أعاد تسمية أشهر السنة وفقاً لأسماء عائلته، وأفسد البلاد وأفقرها، ودعمت كذلك الزعيم الغيني تيودورو مباسوغو الذي يملك وأسرته كل الاقتصاد الغيني، بينما يعاني شعبه دون ماء وكهرباء منذ عقود، وتؤجج الصراع في شرق أوكرانيا رغم الأوضاع الإنسانية السيئة في تلك المنطقة، وغير ذلك الكثير من الممارسات التي لا تنظر فيها روسيا بالمطلق إلى الجوانب الإنسانية.

مشكلة السوريين ليست في أنهم يواجهون نظاماً شمولياً لا إنسانياً، بل مشكلتهم الأهم أنهم يواجهون نظاماً له حلفاء شموليون غير إنسانيين، والروس على رأس تلك القائمة تحديداً، نظام زاوج السياسة بالحرب بالاقتصاد بتركيبة لا تُحلل ولا تُحرّم، نظام يريد استعادة مجد قيصري بأي وسيلة، ضارباً بعرض الحائط كل القيم الإنسانية التي راكمتها البشرية خلال قرون، نظام مافيا لا يختلف كثيراً عن النظام السوري كنظام شمولي ديكتاتوري أمني.

ستبقى روسيا خصماً للسوريين التوّاقين للحرية والديمقراطية والعدالة، وعلى السوريين الذين يعتقدون أنها يمكن أن تنظر إلى جوانب إنسانية في الحالة السورية، أن يعوا أنهم يعيشون في وهم، وأن عليهم استثمار كل علاقاتهم وصلاتهم مع المجتمع الدولي، للضغط على روسيا لتأخذ – على الأقل – العوامل الإنسانية بعين الاعتبار في حربها في سوريا، وهو أضعف الإيمان.

——————————

روسيا تغادر مفاوضات مجلس الأمن حول تسليم المساعدات عبر الحدود إلى سوريا

نيويورك:  قال دبلوماسيون إن روسيا غادرت اليوم الثلاثاء مفاوضات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول تمديد الموافقة على تمديد عملية وصول المساعدات عبر الحدود ِإلى سوريا، في الوقت الذي سعت فيه الصين إلى “حلول” لمعالجة مخاوفها بشأن العقوبات الأحادية والشفافية بخصوص المساعدات.

ومن المقرر أن ينتهي يوم السبت أجل تفويض المجلس لعملية الأمم المتحدة القائمة منذ فترة طويلة لتوصيل المساعدات إلى شمال سوريا من تركيا. وتشكك روسيا والصين في أهمية تمديد العملية بينما يريد أعضاء المجلس الغربيون تمديد تفويضها وتوسيعها.

ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إنه لا بديل عن عملية المساعدات عبر الحدود، التي صدر التفويض بها أول مرة في عام 2014.

وقال مارك كاتس نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية في اجتماع بالأمم المتحدة في نيويورك نظمته كندا وجمهورية الدومينيكان وهولندا وقطر وتركيا “كانت عملية المساعدات عبر الحدود أكثر الطرق أمنا وجدارة بالثقة لتوصيل المساعدات إلى الناس”.

وأضاف “خلال العام الماضي كنا نوصل أكثر من 1000 شاحنة شهريا في المتوسط إلى شمال غرب سوريا. من الضروري قطعا الآن استمرار عملية المساعدات هذه”.

ويتفاوض مجلس الأمن على قرار أعدته أيرلندا والنرويج، بالتفويض بتسليم المساعدات من خلال معبرين، أحدهما من تركيا والآخر من العراق. لكن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة قال الأسبوع الماضي إنه يبحث فقط تمديدا محتملا لموافقة الأمم المتحدة على المعبر التركي.

ورغم أن روسيا، حليفة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لم تشارك في المفاوضات اليوم الثلاثاء، فقد ذكر دبلوماسيون أنها ما زالت تتحاور بشكل منفصل مع الأعضاء الرئيسيين. ولم ترد البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة على طلب للتعليق.

وأصدر مجلس الأمن تفويضا بعملية المساعدات عبر الحدود لسوريا للمرة الأولى في 2014 من خلال أربعة معابر. وفي العام الماضي تم تقليصها إلى معبر من تركيا إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة في سوريا بسبب معارضة روسيا والصين لتجديد التفويض عبر المعابر الأربعة.

وقالت روسيا إن عملية المساعدات عفا عليها الزمن وتمثل انتهاكا لسيادة ووحدة أراضي سوريا. وفي انتقاد موجه إلى الولايات المتحدة ودول أخرى، ألقت روسيا والصين باللوم على العقوبات الأحادية في جزء من المحنة السورية.

وقال تشانغ جون سفير الصين لدى الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إن بكين تريد رؤية “حلول” لمعالجة المخاوف بشأن العقوبات الأحادية المفروضة على سوريا، وزيادة توصيل المساعدات عبر خطوط المواجهة داخل البلاد وتعزيز شفافية عملية توصيل المساعدات عبر الحدود.

وقالت ليندا توماس جرينفيلد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة إن المناقشات لا تشمل العقوبات.

وأضافت في تصريحات للصحافيين “إنها مسألة الحاجات الإنسانية”. وحذرت من أنه إذا تم إغلاق المعبر الحدودي المتبقي أمام توصيل المساعدات “فإن التداعيات واضحة: سيموت الناس جوعا”.

(رويترز)

القدس العربي

—————————-

واشنطن تطالب بتجديد وتوسيع تقديم المساعدات في سورية/ ابتسام عازم

قالت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، ليندا توماس-غرينفيلد، إن الملايين من السوريين يعتمدون على المساعدات الإنسانية التي تقدم عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وإن عدم التجديد لإدخال المساعدات، بما فيها الطبية والمياه وغيرها، عبر المعبر قد يؤدي إلى أن يواجه الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في تلك المناطق، خطر المجاعة.

 وأضافت السفيرة الأميركية “بعد أربعة أيام سينفذ قرار مجلس الأمن 2533   (2020) الذي يسمح بتقديم المساعدات العابرة للحدود عبر باب الهوى. وأناشد مجلس الأمن للتجديد وتوسيع (عدد المعابر) دخول المساعدات الإنسانية لسنة إضافية”.

 وجاءت أقوال السفيرة الأميركية في تصريحات للصحفيين المعتمدين في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بعد خروجها من اجتماع مغلق لمجلس الأمن ناقش فيه الوضع الإنساني في سورية والتجديد للقرار 2533.

وحتى اللحظة من المفترض أن يصوت المجلس على مشروع قرار صاغته كل من إيرلندا والنرويج، حاملتا القلم الإنساني في الملف السوري في مجلس الأمن، الخميس القادم. وأهم ما جاء في صيغة المشروع، الذي اطلعت مراسلة “العربي الجديد” في نيويورك على نسخة مسربة منه، هو التجديد لعمليات الإغاثة العابرة للحدود وإضافة معبر آخر لما هو عليه الوضع الآن حيث تقدم المساعدات العابرة للحدود للشمال الشرقي والشمال الغربي لسورية عبر معبر باب الهوى إضافة لتلك المساعدات التي تقدم عبر خطوط التماس.

 وتؤيد الأمم المتحدة الأصوات المطالبة بتقديم المساعدات العابرة للحدود عبر أكثر من معبر وأكدت في أكثر من مناسبة أن عمليات الإغاثة التي تقدم عبر مناطق التماس تكلفتها أكبر، كما أنها تواجه بيروقراطية وتستغرق مدة أطول لإيصالها.

وأشارت السفيرة الأميركية في ملاحظاتها إلى موقف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، والذي أكد في أكثر من مناسبة أنه لا يمكن الاستغناء عن المساعدات العابرة للحدود حيث أن المساعدات التي تقدم عبر نقاط التماس لا يمكنها لوحدها سد احتياجات السوريين. ويذكر أن نسبة الاحتياجات في سورية زادت في السنوات الأخيرة.

وقالت السفيرة الأميركية إن بلادها اقترحت دعم توسيع حجم العمليات عبر نقاط التماس وزيادة حجم المساعدات الإنسانية عموماً في كل سورية بما فيها العابرة للحدود. ورداً على سؤال لـ “العربي الجديد”، حول ما إذا كان الدعم الأميركي لزيادة حجم المساعدات عبر نقاط التماس سيتلاشى إذا لم يتمكن مجلس الأمن من تبني قرار يسمح بتقديم المساعدات عبر ثلاثة معابر، كما يريد الأميركان، أو معبرين كما تنص عليه المسودة الحالية؟، قالت السفيرة الأميركية “حالياً لدينا معبر واحد تقدم فيه المساعدات العابرة الحدود. أما المساعدات عبر خطوط التماس فقد كانت متاحة دائماً. وما نعرفه هو أننا واجهنا صعوبة في الحصول على موافقة من نظام الأسد لنقل بعض المواد عبر نقاط التماس”.

 وأضافت “نريد أن نعمل مع أعضاء المجلس لضمان توفر (المساعدات) عبر خطوط التماس. لكن، وهنا عليّ أن أكون واضحة، لا يمكن أن يكون تقديم المساعدات عبر خطوط التماس، بديلاً عن تقديمها عبر الحدود. نحن نقدم كميات كبيرة من المساعدة عبر الحدود (باب الهوى). هذه المساعدة تذهب مباشرة إلى المحتاجين. المساعدة عبر خطوط التماس موجودة دائماً وهي في سياق وسيطرة الحكومة السورية. الحكومة التركية أشارت كذلك إلى أنها تعمل على نجاح عمليات خطوط التماس ولكن نعلم أن ذلك لن يعوض أو يكون بديلاً للمساعدات العابرة للحدود”.

وأكدت السفيرة الأميركية على أن بلادها تريد أن يتم تقديم المساعدات العابرة للحدود عبر ثلاثة معابر (باب الهوى، وباب السلام، واليعربية) مشددة في الوقت ذاته على أنها لن تقبل بأقل مما هو موجود حالياً.

ويرغب كل من الجانب الروسي والصيني بأن تقوم الدول الغربية برفع أو تخفيف حجم العقوبات المفروضة على النظام السوري. وصرح السفير الصيني للأمم المتحدة في نيويورك، زانغ يون، إن بلاده ترغب أن ترفع العقوبات المفروضة وكذلك إن تكون هناك شفافية أكبر فيما يخص المساعدات المقدمة عبر الحدود.

ورداً على سؤال لمراسلة “العربي الجديد” في نيويورك حول ما إذا كان الجانب الصيني سيوافق على التمديد لتقديم المساعدات عبر معبر واحد أو أكثر قال السفير الصيني “إن المحادثات حول التفاصيل في هذا الشأن ما زالت مستمرة، ولكن أنا أتحدث عما يقلق الجانب الصيني ولا نريد فقط تناول قضية التمديد للعمليات (الإنسانية) العابرة للحدود بل كذلك تناول قضية تأثير العقوبات وتوسيع حجم العمليات عبر خطوط التماس. لأننا بنهاية المطاف سنحتاج إلى الاعتماد على تلك العمليات وإذا أردنا التجديد للعمليات العابرة للحدود علينا أن نأخذ بعين الاعتبار قلق المجلس فيما يخص عدم الشفافية”.

ومن جهتها، عقبت السفيرة الأميركية حول الموضوع رداً على سؤال صحفي أشار فيه إلى حديث نظيرها الصيني عن ضرورة رفع العقوبات المفروضة على النظام قائلة “إن النقاش (حول مشروع القرار) لا علاقة له بالعقوبات. إنها مسألة احتياجات إنسانية. العقوبات التي فرضناها تستهدف نظام الأسد. لقد بذلنا كل جهد لتوفير خيارات يحصل الناس من خلالها على المساعدات الإنسانية كذلك في المناطق التي يسيطر عليها النظام. المساعدات الإنسانية تقدم لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد ونحن نعمل على ضمان ذلك”.

 يذكر أن مجلس الأمن من المفترض أن يصوت على مشروع قرار يجدد لتقديم المساعدات عبر الحدود ومن المتوقع أن تستمر المفاوضات حول المسودة إلى حينه.

———————-

رشوة أميركية للنظام السوري مقابل تمديد آلية المساعدات

قالت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أنها طرحت على بقية أعضاء مجلس الأمن الدولي اقتراحاً بتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، ما يعني أن جزءاً منها سيكون تحت إشراف النظام السوري.

وعقب جلسة مشاورات مغلقة للمجلس حول سوريا، قالت المندوبة الأميركية: “أمامنا 4 أيام فقط قبل انتهاء صلاحية الوصول عبر الحدود رسميا، مما يعرض حياة الملايين للخطر”. وحذرت من أي مدة “أقل من 12 شهراً يمكن أن تُعقد بشدة قدرة المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة على تقديم المساعدة”.

وتابعت غرينفيلد: “لا يوجد بديل لآلية الأمم المتحدة العابرة للحدود، خاصة وأن الاحتياجات ارتفعت في العام الماضي مع فيروس كورونا، ولهذا تدعم الولايات المتحدة جميع أشكال المساعدة الإنسانية في سوريا، سواء عبر الحدود وكذلك عبر الخطوط تحت إشراف النظام السوري”. ورفضت الربط بين رفع العقوبات الأميركية المفروضة على نظام الأسد وبين التمديد لآلية المساعدات العابرة للحدود، وهو ما تطالب به كل من روسيا والصين.

وقالت إن “مساعداتنا الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد، ونضمن أن الناس في المناطق التي يسيطر عليها النظام يحصلون أيضاً على المساعدة التي نقدمها للمناطق الخارجة عن سيطرته “.

ومن المنتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً الخميس، من أجل تجديد التصويت على القرار رقم “2533” الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى سوريا من الحدود التركية، وعبر معبر باب الهوى قبالة محافظة إدلب.

وأعربت إيرلندا والنروج عن أملهما في تمديد آلية إدخال المساعدات من دون موافقة النظام السوري لمدة عام عبر معبر باب الهوى، وإعادة فتح النقطة الحدودية مع العراق في اليعربية، لإيصال المساعدات إلى شمال شرق سوريا كما في السابق.

وقالت سفيرة إيرلندا لدى الأمم المتحدة جيرالدين بيرن ناسون إن بلادها تأمل في “التمديد في وقت لاحق هذا الأسبوع”. وأضافت “لا يمكننا تخيل حجم الكارثة الإنسانية”، ووصفت الملف بأنه حساس على الصعيد السياسي.

بينما قالت نظيرتها النروجية منى جول إن كثيراً من الأمور يجب بحثها، وأشارت إلى “أنها مسألة حياة أو موت للكثير من الناس… نحن نتحدث عن ملايين الأشخاص في سوريا، ولذلك من الضروري جدا إيصال أكبر قدر من المساعدات”.

وتقتصر النقاط الحدودية التي تمر منها المساعدات على معبر باب الهوى بين تركيا ومحافظة إدلب في شمال غرب سوريا بعد تقليصها بضغط من روسيا العام الماضي. ويستخدم المعبر لمساعدة نحو ثلاثة ملايين نسمة غالبيتهم من النازحين يقطنون في إدلب الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

—————————-

جلسة ساخنة في مجلس الأمن.. روسيا تنسحب والصين تربط المساعدات بتخفيف العقوبات

قال دبلوماسيون غربيون إن روسيا غادرت، أمس الثلاثاء، جلسة المفاوضات المغلقة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حول تمديد الموافقة على تمديد عملية وصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود ِإلى سوريا، يوم أمس الثلاثاء، في الوقت الذي سعت فيه الصين إلى حلول لمعالجة مخاوفها بشأن العقوبات الأحادية والشفافية بخصوص المساعدات.

وقال دبلوماسي روسي لوكالة الصحافة الفرنسية، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن موسكو “تمسكت خلال الاجتماع بالموقف نفسه الذي كان واضحا منذ فترة طويلة”.

وبالرغم من أن روسيا الحليف الأبرز لنظام الأسد، إلا أنها لم تشارك في مفاوضات جلسة أمس، وذكرت المصادر لوكالة “رويترز” أنها ما زالت تتحاور بشكل منفصل مع الأعضاء الرئيسيين، في حين لم ترد البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة على طلب من الوكالة للتعليق.

وعقب اجتماع مغلق لمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في سوريا، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، إنه “لا يمكننا قبول أقل مما لدينا اليوم، أي نقطة عبور لمدة 12 شهراً تسمح بإيصال المساعدات إلى ملايين السوريين”.

وأكدت جرينفيلد على أنه “سنواصل العمل لدعم إيصال المساعدات عبر الخطوط الأمامية وزيادة القدرة عبر الحدود”، لكنها اعتبرت أن “العبور من الخطوط الأمامية ليس بديلاً من عبور الحدود”، واستبعدت إمكانية أن تخفف الولايات المتحدة عقوباتها مقابل تليين في الموقف الروسي.

الصين تربط المساعدات بتخفيف العقوبات

من جانبه، قال المندوب الصيني في مجلس الأمن، تشانغ جون، إن بلاده تريد من مجلس الأمن ألا يمدد فقط تفويض إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا من الدول المجاورة فقط، بل أن يوسع عمليات التسليم عبر الخطوط الأمامية، وأن يتصدى لتأثير العقوبات الغربية.

وفي مؤتمر صحفي، بعد جلسات إحاطة مغلقة أمام المجلس، ومناقشة بين الأعضاء حول مشروع قرار تمديد عمليات التسليم عبر الحدود، قال المندوب الصيني في مجلس الأمن، تشانغ جون، إنه “بمزيد من الجهود الدبلوماسية يمكننا إيجاد حل، وليس فقط بشأن المساعدات عبر الحدود”.

وأضاف المندوب الصيني أن بلاده “تريد التأكيد على أن نرى حلاً فيما يتعلق بالعقوبات الأحادية الجانب، والخطوط المتقاطعة، وشفافية الحدود”، مشيراً إلى أنه “لا نتحدث فقط عن المساعدات العابرة للحدود، ولكن عن الوضع العام في سوريا”.

مسألة حياة أو موت

وأعربت إيرلندا والنرويج، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن والمسؤولتان عن الملف الإنساني في سوريا، عن أملهما في تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا من دون موافقة دمشق لمدة عام في تصويت الخميس المقبل، بينما تمسكت روسيا بموقفها الرافض.

وأوضحت سفيرة إيرلندا لدى الامم المتحدة، جيرالدين بيرن ناسون، للصحافيين قبل الاجتماع المغلق للمجلس أنه “نأمل في حدوث تمديد في وقت لاحق هذا الأسبوع”، مؤكدة على أنه “لا يمكننا تخيل ما هو حجم الكارثة الإنسانية”، مع إقرارها بأن الملف “حساس على الصعيد السياسي”.

وأضافت نظيرتها النرويجية، منى جول، أنه “يجب بحث كثير من الأمور”، مشيرة إلى أنها “مسألة حياة أو موت بالفعل لكثير من الناس، نحن نتحدث عن ملايين الأشخاص في سوريا، لذلك من الضروري جداً الحصول على أكبر قدر من المساعدات لسوريا”.

واقترحت السفيرتان المسؤولتان عن الملف، مشروع قرار يقضي بتمديد دخول المساعدات من معبر باب الهوى لمدة عام، وإعادة فتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق، لإيصال المساعدات إلى شمال شرقي سوريا كما في السابق.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الحالي، نيكولا دي ريفيير، إن “نظام الأسد رفض منذ بداية العام 50% من طلبات إيصال المساعدات الإنسانية عبر الخطوط الأمامية”.

وأضاف أنه “يتم تقديم 92% من المساعدات الإنسانية لسوريا من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا واليابان، وهي أموال غربية أساساً، لا ينبغي لأحد أن يتوقع إعادة تخصيص هذه الأموال لإرسالها عبر الخطوط الأمامية”، مؤكداً على أنه “أمر لن يحدث”.

المساعدات عبر الحدود أكثر الطرق أمناً وجدارة

ومن المقرر أن ينتهي يوم السبت المقبل تفويض مجلس الأمن لعملية الأمم المتحدة لتوصيل المساعدات إلى شمال غربي سوريا من تركيا، وتشكك روسيا والصين في أهمية تمديد العملية، بينما يريد أعضاء المجلس الغربيون تمديد تفويضها وتوسيعها.

ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إنه لا بديل عن عملية المساعدات عبر الحدود، التي صدر التفويض بها أول مرة في العام 2014.

وقال نائب منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مارك كاتس، خلال اجتماع بمقر المنظمة في نيويورك نظمته كندا وجمهورية الدومينيكان وهولندا وقطر وتركيا إن عملية المساعدات عبر الحدود “كانت أكثر الطرق أمناً وجدارة بالثقة لتوصيل المساعدات إلى الناس”.

وأضاف أنه “خلال العام الماضي كنا نوصل أكثر من 1000 شاحنة شهرياً في المتوسط إلى شمال غربي سوريا، من الضروري قطعاً الآن استمرار عملية المساعدات هذه”.

ويتفاوض مجلس الأمن على قرار أعدته أيرلندا والنرويج، بالتفويض بتسليم المساعدات من خلال معبرين، باب الهوى الحدودي مع تركيا، والآخر معبر اليعربية الحدودي مع العراق، لكن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة قال الأسبوع الماضي إنه يبحث فقط تمديداً محتملاً لموافقة الأمم المتحدة على المعبر مع تركيا.

وعند بدء تسليم المساعدات الإنسانية في العام 2014، وافق مجلس الأمن على أربعة معابر حدودية، هي باب الهوى وباب السلامة مع تركيا، ومعبر اليعربية مع العراق، ومعبر الرمثا مع الأردن، لكن روسيا هددت باستخدام حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن أولاً لقصر المساعدات على معبرين حدوديين في الشمال الغربي، ثم في تموز الماضي على معبر باب الهوى فقط.

وتصل المساعدات الأممية للسوريين إما عبر الحدود (cross-border) من المعابر مع دول الجوار، أو عبر آلية “المساعدات عبر خطوط التماس (cross-line)”، ويعني ذلك وصول المساعدات للمحتاجين من منطقة سيطرة إلى أخرى، وهي الآلية التي حاولت فيها الأمم المتحدة إيصال المساعدات للمناطق المحاصرة عن طريق مناطق سيطرة النظام، والتي فشلت في كل مرة بسبب رفض النظام ووضعه العراقيل والحجج.

—————————

مبعوث بوتين إلى سوريا: المساعدات الإنسانية إلى سوريا مسيّسة ويجب أن تصل عبر دمشق

قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، إن موسكو “تأمل في أن يراجع الغرب موقفه بشأن سوريا، وأن يتحول هذا الموقف نحو الاتجاه الإنساني والاقتصادي”.

وفي كلمة له في الجلسة الافتتاحية للقاء “أستانا 16” في العاصمة الكازاخية نور سلطان، أضاف لافرنتييف أنه “نأمل أن يتخذ ما يسمى بالغرب الجماعي، قراراً بمراجعة وتعديل موقفه بشأن سوريا، لصالح عنصر إنساني أكثر في الاتجاه الاجتماعي والاقتصادي”، وفق ما نقلت عنه وكالة “تاس” الروسية

وأشار المسؤول الروسي على أن القمة التي عُقدت في جنيف بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي جو بايدن، والتي تم خلالها مناقشة عدة قضايا من بينها التسوية السورية “كانت بناءة ومشجعة”.

من جانب آخر، أكد لافرنتييف أن روسيا “تطالب بوقف عمل آلية إيصال المساعدات عبر الحدود السورية”، مشدداً على أن “المساعدات يجب أن تصل عبر دمشق”.

وأوضح أن المساعدات الإنسانية تصل منذ حوالي 6 – 8 أشهر إلى شمال شرقي سوريا، منوهاً إلى أن “المساعدات التي تصل إلى إدلب مسيّسة، وأن المسلحين يمنعون وصولها إلى المدنيين”.

وانطلقت اليوم في العاصمة الكازاخية نور سلطان الجولة 16 من لقاء “أستانا” حول سوريا، وتستمر حتى يوم غد الخميس، ويشارك في الاجتماع ممثلو الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، ووفدا النظام والمعارضة، إضافة إلى المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، ووفود الدول المشاركة بصفة مراقب وهي لبنان والعراق والأردن وممثلو المنظمات الدولية.

ومن المنتظر أن تناقش المباحثات تمديد التفويض الأممي لإيصال المساعدات الأممية عبر الحدود الذي ينتهي في 10 تموز الجاري.

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وفد المعارضة، أيمن العاسمي، إنه “في هذه الجولة والجولات السابقة فإن المعارضة تمثل صوت الشعب السوري والثورة، ومن دون حضورها لا يمكن حصول أي اجتماع”، مضيفاً أن “المعارضة جزء من المسار، وتمثل آمال الشعب والثورة، وفاعليتها تتعلق بمدى الجدية التي تكون عليها الأطراف الأخرى وخاصة الروس، لأن الإيرانيين جزء من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل”.

وأوضح أن “المعارضة تحاول التحاور مع الروس بالاجتماعات، وأن فاعلية وجودها بالمسار مركبة وليس بسبب جولة وبفترة مؤقتة أو آنية، هي موجودة بحكم نوع المعارضة التي معظمها عسكري، وهو جزء أساسي في القضية السورية”.

وحول أجندة الاجتماعات أفاد العاسمي بأن “الأجندة مستجدة دائماً ومدى الاتفاق عليها يكون بحسب الجدية من قبل الروس تحديداً، ولكن واضح أن القضية تتعلق بالمعابر وخاصة أن الموضوع الإنساني مهم لكل السوريين”.

وقال “نحن نحرص على أن تستمر المساعدات لكل المناطق، وبقاء المعابر مفتوحة لضمان دخول المساعدات عبرها”، مشيراً إلى أن “هناك بوادر أمل وحلحلة في قضية المعابر”.

ولفت إلى أن “القضية الثانية هي خروقات النظام وعملية التصعيد التي كانت تعقد لأجلها جولات أستانا وجنيف، إذ إن النظام يصعد ويستخدم الإجرام لتحقيق مآرب عسكرية وسياسية”.

—————————

لماذا تجاهل مؤتمر روما السوري شروط {التطبيع} و{الإعمار}؟/ إبراهيم حميدي

لم يستطع ممثلو بعض الدول المشاركة في الاجتماع الوزاري الخاص بسوريا الذي عُقد في روما قبل أيام، برئاسة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تمرير جملتين شرطيتين، تتضمنان ربط المساعدة بإعمار سوريا والتطبيع مع دمشق بـ«التقدم بالمسار السياسي»، مقابل تركيز على خطوات محددة لـ«تغيير سلوك الحكومة السورية»، ما طرح أسئلة عما إذا كان هذا هو السقف السياسي الجديد لـ«اللاعبين».

ولدى المقارنة بين مسودة البيان الختامي لمؤتمر روما والنص النهائي المعتمد من الوزراء المشاركين من الدول «السبع الكبار» والدول الإقليمية والعربية، عدا إيران وروسيا، تضمنت المسودة فقرة نصت على أنه «فقط حين يحدث تقدم على المسار السياسي سننظر في تقديم المساعدة في عملية إعادة إعمار سوريا»، وأخرى ترفض «التطبيع مع النظام» قبل تحقيق تقدم ملموس في العملية السياسية، لكن هذا الجهد قوبل برفض من بعض الدول المشاركة، فاتفق الوزراء على صدور بيان خالٍ من موقف واضح من شرط ربط «التطبيع» بـ«الإعمار»، وسط تكرار المشاركين مواقف بلادهم الفردية من «التطبيع».

وإذ ركّز وزراء عرب في الاجتماع المغلق واللقاءات الثنائية على أهمية «الدور العربي» و«الهوية العربية» لسوريا، دعا الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في الجلسة الخاصة، إلى «التفكير في انخراط الأطراف الفاعلة بشكل أكبر في العملية السياسية، بما في ذلك الأطراف الفاعلة العربية، إذ يحرص أعضاء جامعة الدول العربية على الطبيعة العربية لسوريا، التي ستظل من الثوابت رغم كل محاولات سلخ البلاد من هويتها العربية، أو تبني أجندات غريبة عنها».

وجدد بعض المشاركين التأكيد على ضرورة تمسك الدول العربية بضرورة توفير «التوافق العربي» لعودة دمشق إلى الجامعة، كما شكت بعض الدول من الحدود التي يضعها «قانون قيصر» الأميركي على إمكانات التطبيع والمساهمة في الإعمار، فيما ركز الأردن على أولوية الاستقرار جنوب سوريا ومحاربة التطرف.

في المقابل، سعى مسؤولون روس في لقاءاتهم مع مسؤولين عرب وأجانب إلى تسليط الضوء على خطوات دبلوماسية وتطبيعية تحصل مع دمشق، بما في ذلك من دول مثل إيطاليا أو اليونان. ونُقل عن مسؤول روسي قوله إن إيطاليا ستعيد فتح سفارتها في دمشق، كما أفاد دبلوماسي غربي بأن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو قال في الاجتماع المغلق إن «التطبيع مع النظام مستبعد حالياً، ما لم تظهر جدية في العملية السياسية»، الأمر الذي كرره نظيره اليوناني نيكوس دندياس.

ووفّر مؤتمر روما منصة للمبعوث الأممي غير بيدرسن لطرح تصوره لمقاربة «خطوة مقابل خطوة» بين روسيا وشركائها، وأميركا وحلفائها، ثم تشكيل مجموعة دعم دولية – إقليمية خاصة بسوريا، الأمر الذي سيكرره لدى مشاركته غداً في اجتماع «مجموعة آستانة» (روسيا، وإيران، وتركيا) في العاصمة الكازاخية. وحسب مسؤولين غربيين، فإن هناك قناعة لدى بيدرسن بوجود ثلاثة أسباب ترجح فكرة طرح «خطوة مقابل خطوة»، وهي: أولاً، استمرار الجمود على خطوط التماس في سوريا لـ15 شهراً. وثانياً، الانهيار الاقتصادي والضغوط المعيشية في سوريا، وثالثاً، قناعة الأطراف واللاعبين بعدم إمكانية تحقيق نصر عسكري في سوريا، وضرورة «التسوية». وقال دبلوماسي غربي: «الحكومة السورية ليس بإمكانها إملاء نتيجة هذا الصراع، وكذلك المعارضة والروس والإيرانيون والولايات المتحدة ومجموعة آستانة التي تضم روسيا وتركيا وإيران، والمجموعة الصغيرة التي تضم أميركا وحلفاءها».

ويدفع أصحاب «خطوة مقابل خطوة» باتجاه بدء الأطراف الفاعلة بالبحث عن المزاوجة بين الخطوات في مجالات محددة، مثل: «نزع التصعيد ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعمليات مكافحة الإرهاب، وإجراءات بخصوص المحتجزين والمختطفين والمفقودين، وتخفيف حدة تداعيات الأزمة الإنسانية، وخلق المجال أمام عودة آمنة وطوعية وبكرامة للاجئين».

وأمام الاختلاف في نقاط التركيز والأولويات بين المشاركين، مع وجود إجماع على بند «تغيير سلوك الحكومة السورية»، حسب قول أحد المشاركين، استقر المؤتمر الوزاري في روما على أولويات وضعها بلينكن أمام نظرائه، وهي: تمديد وتوسيع قرار إيصال المساعدات الإنسانية «عبر الحدود» السورية و«عبر خطوط التماس» في سوريا، واستمرار هزيمة «داعش»، ودعم الحوار الكردي والحوار بين دمشق والأكراد، واستمرار وقف النار وتحويله شاملاً على مستوى البلاد. يضاف إلى ذلك هدف ضمني، وهو عودة واشنطن للعب دور تنسيقي – قيادي مع حلفائها وتوسيع دائرة المنضوين في مروحة مواقفها، بالتوازي مع اتصالاتها مع الجانب الروسي، بهدف «تغيير سلوك الحكومة»، وربط هذا الملف بملف العلاقات بين واشنطن وموسكو وبين بروكسل وموسكو إزاء قضايا ثنائية وأزمات عالمية أخرى. وهذا ما يفسّر أنه بمجرد انتهاء بلينكن من «التنسيق» مع حلفائه في روما، طار مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماغورك إلى سويسرا، للقاء مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرينييف، الذي كان قد توقف في دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد قبل التوجه إلى جنيف لعقد أول جولة «حوار سري» بين الجانبين منذ قمة بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في 16 من الشهر الماضي، وذلك قبل اجتماع «مجموعة آستانة» غداً، وجلسة مجلس الأمن للتصويت على تمرير القرار الدولي الخاص بالمساعدات الإنسانية الذي تنتهي مدة العمل به في 10 من الشهر الجاري.

مفاوضات الساعات الأخيرة في منصات روما وجنيف وآستانة ونيويورك، ترمي إلى التوفيق بين أولويات «اللاعبين» في ملف المساعدات «عبر الحدود» بين سوريا والدول المجاورة، و«عبر الخطوط» بين مناطق النفوذ (الأميركية – الغربية، والروسية – الإيرانية، والتركية): فأنقرة تريد استمرار فتح معبر «باب الهوى» مع إدلب لتقوية منطقة نفوذها شمال غربي سوريا، وتعارض فتح معبر «اليعربية» بين شرق الفرات والعراق لضمان عدم تقوية خصومها الأكراد، وواشنطن تريد فتح «اليعربية» لتقوية الاستقرار وحلفائها الأكراد ومنع ظهور «داعش» في شرق الفرات، فيما تريد موسكو (ومعها طهران) تعزيز موقف حليفها السوري في دمشق، والمقايضة مع شركائها، والمساومة مع خصومها على «أوراق سورية» وملفات تخص التطبيع والإعمار والعقوبات والمساعدات.

الشرق الأوسط

————————

جلسة مغلقة في مجلس الأمن حول سورية قبل تصويت حاسم

يعقد مجلس الأمن جلسة مغلقة للتشاور حول الوضع الإنساني في سورية، والاتفاق على آلية إدخال المساعدات الإنسانية عبر المعابر الحدودية.

وحسب موقع “مجلس الأمن” الرسمي فإن الجلسة ستبدأ مساء اليوم الثلاثاء، بحضور مندوبي الدول الأعضاء، لمناقشة موضوع المساعدات الإنسانية في سورية.

وقالت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، إن القرار المعروض على مجلس الأمن هذا الأسبوع، هو “إعادة تفويض وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سورية، أو تدميرها.. جنباً إلى جنب مع أرواح الملايين”.

وأضافت المندوبة الأمريكية، عبر حسابها في “تويتر”، “لدينا أربعة أيام فقط على انتهاء التفويض، ويجب أن نتوصل إلى اتفاق الآن”.

    Here’s the decision before the UN Security Council this week: reauthorize and expand humanitarian cross-border access into Syria, or destroy it—along with millions of lives.

    With only four days until the mandate expires, we must reach an agreement now.

    — Ambassador Linda Thomas-Greenfield (@USAmbUN) July 6, 2021

وتأتي الجلسة الحالية قبل أربعة أيام من انتهاء التفويض لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود، وسط تصاعد النقاشات والمشاورات بين الدول لتجديده، وسط اعتراض روسي.

وينتهي التفويض السبت المقبل، 10 يوليو/ تموز، في حين يعقد مجلس الأمن جلسة خاصة، الأحد المقبل اي يوم الحادي عشر من الشهر نفسه، للتصويت على تمديد التفويض، حسب جدول أعمال مجلس الأمن المنشورة على موقعه الرسمي.

ومن المتوقع أن يتم التصويت على مشروع قرار تقدمت به كلاً من إيرلندا والنرويج، الأسبوع الماضي، يدعو إلى مساعدة السوريين داخل البلاد، من خلال معبرين الأول هو “باب الهوى” والثاني “اليعربية”.

ويتطلب تمديد التفويض موافقة 9 دول على الأقل من أعضاء مجلس الأمن، شريطة ألا يتم استخدام حق النقض (الفيتو) من إحدى الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وكانت روسيا والصين استخدمتا، العام الماضي، حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ألماني بلجيكي، ينص على تمديد آلية المساعدات الإنسانية عبر معبري باب السلامة وباب الهوى.

لكن بعد مفاوضات، وافقت روسيا على دخول المساعدات عبر نقطة حدودية واحدة فقط هي معبر باب الهوى لمدة عام كامل ينتهي في العاشر من يوليو/ تموز المقبل.

وألمحت موسكو، خلال الأيام الماضية عبر مسؤوليها، إلى أنها ستستخدم حق النقض “فيتو” بوجه تمديد القرار.

وتعتبر روسيا أن مرور المساعدة الدولية عبر العاصمة دمشق يمكن أن يعوض المساعدات عبر الحدود، وهو أمر ترفضه الدول الغربية والأمم المتحدة، لكون نظام الأسد لن يمرر المساعدات إلى المناطق التي تقع خارج سيطرته في شمال غرب سورية، والتي يقطنها أكثر من ٤ ملايين مدني، يعتمد جزء كبير منهم على هذه المساعدات يومياً لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

————————-

إرجاء تصويت مجلس الأمن على تمديد المساعدات عبر الحدود السورية

أرجئ التصويت في مجلس الأمن على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سورية دون موافقة النظام السوري، بعدما كان مقرراً إجراؤه، اليوم الخميس، وذلك في محاولة لتليين موقف روسيا، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية وكالة “فرانس برس”.

وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته، إنّ “الفكرة الآن هي (إجراء التصويت) الجمعة”، بينما قال مصدر آخر إنّ التأجيل يمنح “مزيداً من الوقت لاستكمال المفاوضات”.

وينتهي السبت تفويض الأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر الحدود الساري منذ 2014، الذي خُفِّض بشكل حاد في 2020 بضغط من موسكو.

وترفض روسيا، منذ بداية الأسبوع، أي مناقشة لمشروع القرار الذي اقترحته أيرلندا والنرويج، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن المسؤولان عن الملف الإنساني السوري. وتريد موسكو حليفة النظام السوري أن يستعيد الأخير سيادته على كامل أراضي البلاد.

ومساء الأربعاء، أدخلت أيرلندا والنرويج تعديلاً أساسياً على مقترحهما، في محاولة منهما لتليين موقف موسكو وإقناعها بتمرير النصّ.

وفي صيغته الأساسية، كان مشروع القرار ينصّ على أمرين، هما: تمديد العمل لمدة سنة بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية من معبر باب الهوى (شمال غرب) الحدودي مع تركيا، وتوسيع نطاق هذه الآلية بحيث تشمل أيضاً معبر اليعربية الحدودي مع العراق، كما كان عليه الوضع في الماضي.

ويتيح معبر باب الهوى إيصال المساعدات إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في إدلب، فيما يتيح معبر اليعربية إيصالها إلى المناطق الواقعة في شمال شرق سورية.

وفي محاولة منهما لإقناع روسيا بتليين موقفها، عدّلت أيرلندا والنرويج، مساء الأربعاء، مشروع القرار، بحيث تخلّتا عن مطلب إعادة فتح معبر اليعربية وأبقتا فقط على معبر باب الهوى، بحسب ما أفاد دبلوماسيون.

وتعزو روسيا موقفها الرافض لتمديد العمل بهذه الآلية إلى أنّ المساعدات الدولية يمكن أن تصل إلى محتاجيها من خلال النظام السوري وعبر الخطوط الأمامية، وهو طرح يرفضه الغرب بشدّة.

وكانت فرنسا قد هدّدت بوقف المساعدات الدولية إذا لم يمدّد مجلس الأمن العمل بالآلية العابرة للحدود.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، نيكولا دو ريفيير، أخيراً، إنّ “92% من المساعدات الإنسانية إلى سورية تقدّمها (أوروبا) والولايات المتحدة وكندا واليابان. لا يتوقعنّ أحد أن يعاد تخصيص هذه الأموال لتوجيهها عبر الخطوط الأمامية”، مشدّداً على أنّ هذا الحلّ ليس مجدياً.

——————————–

موسكو لا ترى مبرراً لتمديد آلية المساعدات الى سوريا

كشف مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف أن الاجتماع الدوري المقبل للجنة الدستورية السورية قد يُعقد في صيف 2021، مشيراً إلى أن جميع الوفود وافقت على تمديد المفاوضات، داعياً المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن “إلى العمل في هذا الاتجاه”.

وأمل لافرنتييف في أن “يراجع الغرب موقفه بشأن سوريا”، وأن “يتحول هذا الموقف نحو الاتجاه الإنساني والاقتصادي”.

وقال في تصريح على هامش الاجتماع السادس عشر بصيغة أستانة حول سوريا الذي انطلقت أعماله في العاصمة الكازاخستانية نورسلطان، إن الوفود تدرس العديد من القضايا الآنية مع الأخذ بالاعتبار الانتخابات الرئاسية التي جرت في سوريا.

وأضاف “بالطبع يقلقنا كثيراً الوضع المترتب على الأرض، وخاصة في منطقة خفض التصعيد في إدلب. سنناقش بالتأكيد الموضوع المهم المتعلق بإقامة حوار بناء بين قوات سوريا الديمقراطية وحكومة دمشق”.

وشدد على ضرورة بحث مسألة “الوضع غير المواتي” المترتب في منطقة التنف جنوب سوريا. وقال إنه “لا يزال يوجد عدد كبير نسبياً من المسلحين الذين يواصلون زعزعة استقرار الأوضاع، في جنوب وجنوب شرق وجنوب غرب سوريا”.

وحول المساعدات الإنسانية، اعتبر لافرنتييف أن الغرب لم يقدم لروسيا حتى الآن أدلة تثبت توسيع آلية المساعدة عبر الحدود إلى سوريا، مشيراً إلى أنه تمت مناقشة هذا الموضوع في اجتماع الوفد الروسي مع بيدرسن في مدينة نور سلطان. وقال: “لا نرى دليلاً واضحاً لصالح تمديد هذه الآلية العابرة للحدود. فقط التباكي على معاناة الشعب السوري” حسب تعبيره.

وتعقد جولة أستانة الأربعاء والخميس، بمشاركة وفود من إيران وروسيا وتركيا، والنظام السوري والمعارضة ويحضرها ممثلو الأمم المتحدة والأردن ولبنان والعراق بصفة مراقب.

المدن

—————————-

المفاوضات مستمرة..مجلس الأمن يؤجل التصويت على قرار إدخال المساعدات لسورية

أرجأ مجلس الأمن الدولي جلسة التصويت على تمديد قرار المساعدات الإنسانية العابرة للحدود إلى سورية، في محاولة للتوصل لصيغة مُرضية مع روسيا.

ونقلت وكالة “فرانس برس”، اليوم الخميس، عن دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته، أن مجلس الأمن قرر تأجيل الجلسة ليوم غد الجمعة، بشكل مبدئي، إذ كان من المقرر أن تنعقد اليوم.

وأضافت نقلاً عن مصدر آخر أن التأجيل جاء في محاولة لـ “تليين” موقف روسيا، ومنح المزيد من الوقت لاستكمال المفاوضات معها.

ويدور في مجلس الأمن حالياً نقاشات حول مشروع قرار تقدمت به إيرلندا والنرويج، ينص على تمديد الآلية الدولية لإيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مدة عام إضافي، إلى جانب فتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق.

إلا أن روسيا رفضت مناقشة هذا المشروع، ما دفع النرويج وإيرلندا إلى إجراء تعديل عليه، والتنازل عن مطلب فتح معبر اليعربية، بحيث يقتصر مشروع القرار حالياً على تمديد إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى لعام إضافي.

وينتهي العمل بالآلية الدولية لإيصال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية، السبت المقبل، وسط مخاوف من “فيتو” روسي يعرقل أي صيغة لإدخال المساعدات إلى الشمال السوري الخارج عن سيطرة نظام الأسد، ما يهدد بكارثة إنسانية قد يواجهها ملايين السكان هناك.

وتطالب روسيا بتسليم ملف المساعدات الإنسانية لحكومة النظام، معتبرة أن الآلية السابقة “انتهاك للسيادة السورية” كونها تُنفّذ دون موافقة النظام.

ومن المتوقع أن تشهد أروقة مجلس الأمن سجالات بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية من جهة أخرى، خاصة أن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قالت خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن أول أمس، إن استخدام روسيا والصين لحق النقض سيكون له “تداعيات واضحة وسيتضور الناس جوعاً”.

وأضافت: “لا يمكننا قبول أقل مما لدينا اليوم” أي “نقطة عبور لمدة 12 شهراً تسمح بايصال المساعدات الى ملايين السوريين”.

ويتطلب تمديد التفويض موافقة 9 دول على الأقل من أعضاء مجلس الأمن، شريطة ألا يتم استخدام حق النقض (الفيتو) من إحدى الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

———————————–

بعد فشل الجولات السابقة.. روسيا: اجتماعات اللجنة الدستورية خلال شهرين

كشف مسؤول روسي عن تحضيرات تجري لعقد جولة سادسة من اجتماعات “اللجنة الدستورية” السورية في جنيف.

وجاء الإعلان الروسي خلال اجتماعات أستانة التي انطلقت اليوم الأربعاء، بمشاركة وفود روسيا وإيران وتركيا، إلى جانب وفدي النظام والمعارضة السورية، وبحضور مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، غير بيدرسون، وكلاً من الأردن ولبنان والعراق بصفة مراقب.

وعلى هامش الاجتماع قال مبعوث الرئيس الروسي لسورية، ألكسندر لافرنتييف، إن “الاجتماع الدوري المقبل للجنة الدستورية السورية، قد يعقد في صيف 2021”.

وقال لافرنتييف، حسب وكالة “تاس” الروسية،  إنه تم توجيه دعوة “لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لسورية غير بيدرسن، للعمل في هذا الاتجاه، وأبدت جميع الوفود بما في ذلك وفدنا والوفد الإيراني- دعمها لاستمرار هذا العمل واهتمامها به”.

من جهته قال بيدرسون، عقب انتهاء اليوم الأول من الجولة الحالية لمحادثات “أستانة”، إنه تم تبادل وجهات النظر مع وفود الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، حول انعقاد الجولة السادسة للجنة الدستورية في جنيف.

وأكد على أهمية ضمان محادثات مستقرة بين الأطراف المعنية لاستئناف عمل اللجنة.

ومن المتوقع أن يزور بيدرسون روسيا في وقت لاحق لمناقشة اجتماعات الجولة السادسة.

وآخر جولة لاجتماعات اللجنة الدستورية، كانت أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، اختتمت بنتائج “مخيبة للآمال”، حسب وصف المبعوث الأممي إلى سورية، جير بيدرسون.

وقال بيدرسون حينها “مع الأسف لم نحققها، لأنه ليس هناك فهم واضح بشأن كيفية التقدم في أعمال اللجنة”، مضيفاً “استمر العمل كما في الجولات السابقة، والنهج لم يكن مجدياً، ولا يمكننا العمل دون تغيير طريقة العمل”.

وكان الحديث يدور حول إمكانية عقد اجتماع الجولة السادسة، في رمضان الماضي، إلا أن تنظيم نظام الأسد لانتخابات رئاسية حال دون ذلك.

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، صرح في آذار/ مارس الماضي، إن الجولة المقبلة من اجتماعات “اللجنة الدستورية” السورية في جنيف، ستكون “جديدة نوعياً”.

وأضاف أن الاجتماع المقبل سيحمل عنصراً جديداً لم تشهده الجولات السابقة، متحدثاً عن لقاء مباشر يجمع رئيس وفد النظام، أحمد الكزبري، برئيس وفد المعارضة هادي البحرة.

—————————-

=======================

تحديث 09 تموز 2021

——————————

هل تعيد روسيا هندسة المشهد السوري؟/ غازي دحمان

من معبر باب الهوى في إدلب على الحدود مع تركيا إلى معبر “الجمرك القديم” على حدود الأردن، تخوض روسيا حراكاً تهويلياً، تستخدم فيه كل أوراقها، العسكرية والدبلوماسية، في ما يبدو أنه محاولةٌ روسيةٌ لإنضاج معطياتٍ جديدةٍ بهدف إعادة صياغة المشهد السوري.

لا تتجاوز مساحة درعا البلد أكثر من ثلاثة كيلومترات مربعة، ويقطنها حوالي 55 ألف نسمة، الجزء الأكبر منهم أطفال ونساء بعد تهجير الشباب والرجال وقتلهم وسجنهم. وفوق هذه المساحة تصول طائرات السوخوي الروسية، في مشهدٍ يبدو غريباً وغير متناسق، وخصوصا أن الذريعة تسليم مائتي بارودة يمتلكها الأهالي، للدفاع عن أنفسهم في ظل فوضى جمهورية الأسد.

وتحضر روسيا إلى شمال سورية أحدث طائراتها، من قاذفات القنابل النووية، والصواريخ الفرط صوتية، في استعراض، يقول الاستراتيجيون إن المقصود منه إرهاب أوروبا وتخويفها، للرد على حشود حلف شمال الأطلسي (الناتو) عند حدود أوكرانيا. لكن الواضح أن هذا الاستعراض مقصود منه إرهاب تركيا بالدرجة الأولى، لأنها تمسك بمفاتيح الحل في سورية التي تعتبرها روسيا جوهرة مناطق نفوذها في العالم.

وبعكس ما يشاع، ضمن تحليلات بعض صحافة الغرب، تأتي هذه التطورات على خلفية تقدير روسيا بوجود تحرّكات لإدارة الرئيس الأميركي، بايدن، لمحاصرتها في سورية، وذلك نتيجة الاستقطاب الحاد في مجلس الأمن، والذي انتهى مبكراً، قبل إجراء التصويت على قرار تمديد العمل بإيصال المساعدات الدولية عبر المعابر، نتيجة خسارة روسيا أخلاقياً أمام مجتمعٍ دولي، يبدو أنه بدأ يشعر بالعار نتيجة تركه سورية تحت رحمة مافيا روسية مشهود لها بالإجرام.

يأتي التحرّك الروسي وفق خطة ممنهجة أرادت روسيا من خلالها تحديث موقعها وموقفها في الملف السوري، وقد بدأتها بإعادة انتخاب بشار الأسد، في ما بدا أنه إغلاق لطرق الحلول الدولية ومساراتها، والتوجه نحو صوغ واقع جديد في سورية، يكون من صناعة روسية خالصة.

ويأتي هذا التحرّك إثر فشل محاولاتها المستميتة في إعادة تأهيل نظام الأسد، وخصوصا ضمن الدائرة العربية التي كانت تعوّل عليها لكسر الحصار الدولي، ودفع الآخرين إلى التسابق لإعادة العلاقات مع الأسد، طمعاً بما تتيحه عملية إعادة الإعمار من فرص للربح المالي، لاقتصادياتٍ دوليةٍ منهكة بعد العطالة الكورونية، وتبحث عن فرص لتعويض خسائرها المتراكمة.

لكن التحرّك الروسي الجديد، والذي تتركّز مشهديته في سماء درعا البلد، وعند سفح جبل الزاوية في إدلب، بالإضافة إلى ساحة مجلس الأمن الذي يتحضّر لإعادة التصويت على المعابر، ينطوي على جملة رسائل تريد إيصالها إلى فاعلين آخرين، ووسط دولي، تعتقد روسيا أنهم باتوا يستهترون بقوّتها وبتهديداتها.

الرسالة الأولى، أنها ليست مستنزفةً في البادية، بفعل ضربات “داعش”، وتحاول إيهام اللاعبين الآخرين بأن لديها فائض قوّة تبحث عن تصريفه في ساحاتٍ أخرى، من درعا البلد إلى جبل الزاوية. وبالتالي، لا يراهن أحدٌ على أن روسيا وقعت في فخ الاستنزاف.

الرسالة الثانية إلى تركيا التي يسعى عسكر روسيا إفهامها أنهم لم يهزموا أمام تقنية طائراتها المسيّرة، وأن لدى روسيا بدائل لمواجهة هذه الثغرة التقنية، فماذا يمكن للطائرات المسيّرة التي سحقت مئات الدبابات في إدلب وناغورنو كاراباخ، ودمّرت منصّات الصواريخ الروسية في طرابلس بليبيا، أن تفعل أمام قاذفات ميغ 31 والصواريخ الأسرع من الصوت، يريد جنرلات روسيا القول لتركيا “إننا ما زلنا أسياد المشهد السوري، ونحن من يحدّد قواعد اللعبة وشروطها”.

الرسالة الثالثة إلى الأردن الذي شارك بريطانيا في مناورة إنزال كبرى بالقرب من الحدود السورية، في ظل توتر في العلاقات البريطانية – الروسية، تريد روسيا القول للأردن إنها قادرة على خلط الأوراق في خاصرتها الشمالية، عبر السماح للمليشيات الإيرانية بإعادة التموضع عند حدودها، وعلى بعد كيلومترات معدودة من حواضرها.

الرسالة الأعم والأهم التي تريد روسيا إيصالها إلى من يهمّه الأمر أنها لم تعد مستعدّة لانتظار اعتراف الآخرين بانتصارها في سورية، وعليهم التعامل بواقعيةٍ مع هذا الأمر، وما يترتب عليه من الاعتراف بشرعية نظام الأسد، ورفع الحصار عنه والسماح للشركات والهيئات الاقتصادية، العربية والدولية، بالنزول إلى ساحة العمل في سورية، بما يمنح روسيا الفرصة لاستعادة ما أنفقته. وفي سبيل ذلك، ستعمل روسيا على تغيير المعطيات، في الجنوب والشمال، بقدر يسمح لها بالاستثمار في هذا التغيير للخروج من مأزق الجمود الحالي الذي يلفّ المشهد السوري.

ما يغيب عن ذهن الكرملين، أو ربما يحاول إغفاله بشكل مقصود، أن المشهد السوري الحالي هو نتاج توافقات إقليمية ودولية ساهمت في تركيبه، وسمحت لروسيا بتحقيق ما تسميه حالياً انتصارات في سورية، وهي توافقات الحد الأقصى، وأي محاولةٍ لتجاوز هذه التوافقات سيدفع الأطراف الأخرى إلى تفعيل استراتيجيات بديلة، ربما تكون عاقبتها إغراق روسيا بالفعل في مستنقع سوري مديد.

مشكلة روسيا المزمنة لاأخلاقية سياساتها التي تشكّل دائماً محرّضاً ومحفزاً لدى المتضرّرين منها إلى البحث عن وسائل لمواجهة هذه السياسات، الأمر الذي يرفع تكاليف هذه السياسات إلى الدرجة التي تنوء روسيا تحت أعبائها الباهظة التي سبق أن أدّت إلى تفكك الاتحاد السوفييتي، القوّة العسكرية الثانية في العالم.

دلالات

العربي الجديد

——————————–

المساعدات إلى سورية عبر الحدود .. هل من بدائل لا تمر عبر مجلس الأمن؟/ داني بعاج، محمد كتوب

لم تكن روسيا يوما مرتاحة لصدور قرار مجلس الأمن 2165 لعام 2014، المعني بإنشاء آلية لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سورية، ولم توفر فرصةً لاستخدام منع تجديد القرار بوصفه وسيلة للضغط. وهي وإنْ لم تعترض على صدور القرار، حيث تم اعتماده بالإجماع، إلا أن المفاوضات بشأنه استمرت أكثر من ستة أسابيع. وعلى الرغم من إيجاد آلية مراقبة صارمة تحت إشراف الأمين العام للأمم المتحدة تهدف إلى التأكّد من الطبيعة الإنسانية لما سيتم ادخاله عبر الحدود، وأن يتم إيصال المساعدات إلى جميع المتضرّرين من الشعب السوري من دون تمييز، إلا أن الموقف الروسي والصيني تجاه الآلية لم يكن إيجابيا. من دون أن نَغفل عن حقيقة أن صدور القرار الأممي حينها كان في اللحظة التي فقد فيها النظام سيطرته على أكثر من 70% من الأراضي السورية، كما أن قرار التدخل العسكري الروسي لم يكن قد اتخذ بعد. إضافة إلى ذلك، ضبط القرار، من خلال مادتيه الثانية والثالثة، آلية إدخال المساعدات عبر الحدود ضمن أربع معابر، وهو، بطريقةٍ أو بأخرى، أحكم سيطرة مجلس الأمن على إدخال المساعدات عبر الحدود، بعد أن كان المجلس نفسه سابقا قد ألزم جميع الأطراف بتسهيل المساعدات عبر خطوط التماسّ وعبر الحدود من خلال القرار 2139  الذي لم يحدّد مدة زمنية أو معابر معينة.

منذ التدخل العسكري الروسي إلى جانب نظام الأسد، وتمكّن هذا الأخير من استعادة السيطرة على غالبية الأراضي التي خسرها، بدأت روسيا تعمل على تثبيت سيطرة النظام سياسيا، لا عسكريا فقط؛ ودأبت على عرقلة تجديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية، كلما حان موعد تجديدها؛ هادفة إلى تعزيز سيطرة النظام السوري على كل المساعدات الإنسانية التي تدخل سورية، حيث، ومنذ أقرّ مجلس الأمن في عام 2014 هذه الآلية، العمليات الإنسانية تجري إلى كل منطقة حسب السيطرة على حده، مع وجود آلية تنسيق موحّدة.

نجح في العام الماضي (2020) تهديد روسيا باستخدام الفيتو في تقليص الوصول الإنساني “عبر الحدود”، وانتقلت هذه الآلية من استخدام أربعة معابر في بدايتها مع الأردن والعراق وتركيا إلى استخدام معبر واحد، مع ضغط حالي لإلغاء القرار بالكامل. هناك عشرات التقارير التي تشير إلى الضرورة الحادّة لإبقاء أقنية المساعدات إلى مناطق المعارضة السورية من دون المرور عبر دمشق؛ ولكن يبقى هناك سؤالٌ ملحٌّ جدا بشأن إمكانية ذلك من دون التعرّض للضغط الروسي المستمر في مجلس الأمن.

الجانب السياسي

يبدد جزء كبير من عمل المؤسسات الإنسانية في المناصرة لتجديد قرار المساعدات الإنسانية “عبر الحدود”، من خلال التركيز على إظهار النتائج الكارثية إنسانيا في حال لم يجدّد مجلس الأمن القرار[1]، وقد انتقلت هذه المخاوف حتى إلى الشارع السوري الذي يزداد اعتماده على المساعدات بشكل كبير، حيث تجاوز عدد الأشخاص المحتاجين مساعداتٍ إنسانية في سورية 13.4 مليون، أكثر من نصفهم في حاجة ماسّة للمساعدات في قطاعات متعدّدة مع نسبة بطالة تتجاوز 50%، ووصلت نسبة السكان الذين هم تحت خط الفقر إلى أزيد من 80%[2].

يكتب السفير الأميركي السابق إلى سورية، روبرت فورد، في مقال[3] له عن “عبر الحدود”، إن واشنطن بالغت في تقدير ثقلها العسكري والسياسي في سورية، وظنت أنه يكفي للرئيس بايدن أن يطلب من نظيره الروسي بوتين تجديد قرار “عبر الحدود” ليقوم الأخير بذلك؛ ولم يسلّح بايدن نفسه في القمة التي جمعته مع بوتين، في جنيف الشهر الماضي (يونيو/ حزيران) بفريق يملك المعرفة الكافية عن الملف السوري، ولا عن العمليات الإنسانية، بينما جاء بوتين مع مبعوثه إلى سورية.

حاولت الإدارة الأميركية أن تظهر حجم اهتمامها في تجديد قرار عبر الحدود عبر زيارة مبعوثتها إلى الأمم المتحدة، ليندا غرينفيلد، الحدود السورية التركية، وإجرائها لقاءاتٍ متعدّدة، وهي تحمل رسالة أساسية: “لا يوجد بديل عن عبر الحدود”. ولكن يبدو أن حجم الاهتمام الأميركي قد جعل الروس يرون في ذلك فرصةً أكبر للابتزاز وممارسة ضغط معاكس،[4] مصرّين على مرور المساعدات عبر دمشق. وعلى الرغم من أن مقترحات روسيا برهنت على عدم جدواها نتيجة التدخل السوري الحكومي خلال سنوات، لتسييس المساعدات التي تمر عبرها، يحيث يظهر ذلك بشكل واضح في قراءة سريعة للوضع الإنساني، بعد إغلاق معبر اليعربية الحدودي، والذي كان يوصل المساعدات إلى مناطق شمال شرق سورية، حيث باتت اليوم تعاني من فجوة تتجاوز 26 مليون دولار عن العام السابق، إضافة إلى تراجع بنسبة 40% في وصول المساعدات الطبية. وقد تجلى ذلك في فرق الاستجابة لوباء كورونا بين مناطق المعارضة التي تستقبل المساعدات عبر الحدود عن تلك التي تنتظر الموافقات من دمشق.

تظهر إحصائياتٌ عديدة عرقلة الحكومة السورية 80% من طلبات الأمم المتحدة للوصول الإنساني عبر خطوط التماسّ، وقد وصلت هذه النسبة إلى 90% عام 2015 – 2016 [5]، كما لم تتجاوز نسبة المساعدات التي تصل إلى المستفيدين في مناطق النظام السوري 18%. [6]

تستعرض رسالة وزير الخارجية الروسي، لافروف،[7] إلى الأمين العام للأمم المتحدة ملامح السياسة الروسية بشأن “عبر الحدود” بشكل واضح، فالروس يعون جيدا أن تهديدات الدول الغربية بتقليص المساعدات إلى مناطق النظام في حال ألغي القرار غير حقيقية، فأغلبهم سيتجنب المزيد من اللوم على تدهور الأوضاع الإنسانية التي فاقمتها سنوات الحرب، والعقوبات، بينما لا يأبه النظام، ولا حليفه الروسي، بما يتحمّله السوريون من ضغط معيشي. بينما لدول الجوار، سيما تركيا، مصلحة كبيرة في استمرار مرور المساعدات عبر الحدود، خصوصا مع العدد الكبير من السوريين على حدودها، والذين يعانون أوضاعا إنسانية صعبة.

ولا يمكننا أن نغفل أيضاً استفاقة النظام وعمله الدؤوب على العودة إلى الساحة الدولية، سيما عن طريق دهاليز الأمم المتحدة وأروقتها، حيث أن فريق وزارة الخارجية السورية المعني بالمنظمات الدولية أصبح اليوم مكتمل النصاب، سيما بعد تقلد فيصل المقداد منصب الوزير، فالأخير، كما نائبه بشار الجعفري، كانا، كل بدوره، مندوبا دائماً لسورية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك أكثر من عشر سنوات؛ فيما سبق للمندوب الحالي، بسام صباغ، أن كان في الوفد الدائم في نيويورك، قبل أن يصبح ممثلاً لسورية في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وليكتمل فريق النظام بوجود حسام الدين آلا مندوباً دائماً لسورية في مكتب الأمم المتحدة في جنيف، والذي كان عرّاباً للخرق الذي أحدثه النظام للعزلة الأممية، عبر انتزاع مقعد في المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية. هذا الفريق يدعمه فيتو روسي عند الضرورة، وهو يدرك جيدا أهمية إدارة النزاع في أروقة الأمم المتحدة، ويستغل كل مناسبة وكل تفصيل لبناء مزيد من العلاقات والنفوذ. ومعتمداً أيضا وللأسف على الضعف التقني الذي يشوب هيئات المعارضة السورية ومكاتب تمثيلها وفعاليتها في كل من جنيف ونيويورك.

الجانب القانوني

هناك قراءات مختلفة للقانون الدولي الإنساني عن ضرورة الحصول على موافقة الدولة المتأثرة بالأزمة الإنسانية لتنفيذ عمليات إنسانية على أراضيها المحتلة، في حالة النزاعات العسكرية الدولية، بينما في حالة النزاعات العسكرية غير الدولية، من الملزم الحصول على موافقة الدولة لتنفيذ عمليات إنسانية على كل أراضيها، بما فيها الخارجة عن سيطرتها، حيث يذكر ذلك بوضوح في المادة 18 من البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف.

وفي ورقة نشرها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، بالتعاون مع جامعة أوكسفورد[8]، عن المساعدات الإنسانية عبر الحدود، نجد أن موافقة الدولة المتأثرة ملزمة، ولكنها، أي الدولة صاحبة الأرض، لا يمكن أن ترفض تنفيذ العمليات الإنسانية بشكل تعسّفي، حيث تعتبر عدة مواد، كالمادة 14 من البروتوكول الثاني، منع وصول المساعدات الإنسانية بمثابة جريمة حرب، لا سيما الحصار الذي يعتبر انتهاكاً جسيماً وفعلاً محرّماً في القانون الدولي الإنساني.

استخدم تنفيذ العمليات الإنسانية عبر الحدود في عدة نزاعات وبأشكال مختلفة، وتم بعضها من دون موافقة الدولة صاحبة العلاقة، مثل التدخل في نيجيريا في عام 1960، أو إلقاء مساعدات جوية من الهند في سريلانكا عام 1978. وفي حين لا يوجد ذكر لتدخل قانوني لمحاسبة دول أو حكومات امتنعت عن إعطاء موافقات لدخول المساعدات الإنسانية، فهناك حالاتٌ تناولتها محكمة العدل الدولية تجاه تدخل إنساني من دون موافقة حكومة الدولة صاحبة الأرض، مثل حالة التدخل الأميركي في نيكاراغوا، حيث لم تعتبر المحكمة أن التدخل غير قانوني، بغض النظر عن الموقف السياسي للجهات المستفيدة من التدخل الإنساني. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الكوادر المحلية قد تكون عرضة للمساءلة، حسب القوانين المحلية، وليس الدولية.

تدخل مجلس الأمن في حالاتٍ عديدة، ليفرض وصول مساعدات إنسانية، بغض النظر عن الجهة التي تعرقل المساعدات، حكومية كانت أو قوات غير حكومية، كما حدث في العراق والبوسنة، أو في حالات أخرى بسبب غياب الدولة، كما  في الصومال.

يعد تدخّل مجلس الأمن لفرض وصول مساعدات في سورية من خلال صدور القرارين 2139 و2165 عام 2014 تطوّرا ملفتا في تاريخ العمليات الإنسانية عبر الحدود عموما، حيث يلزم القرار كل الأطراف، من حكومة ومعارضة ودول جوار، بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس، وعبر الحدود. وعلى ضوء القرار، تستطيع وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية أن تتدخل في سورية، من دون أن يعتبر ذلك خرقاً لمبدأ السيادة، أو للقواعد الآمرة في القانون الدولي. ومن المهم هنا أن يُلاحظ الفرق بين تدخل دولة إنسانيا وتدخل وكالات الأمم المتحدة، لن تقلق دول مثل تركيا، أو الولايات المتحدة أو حتى إسرائيل، تنفذ عمليات عسكرية على أراضي دولة من اتهامها بتنفيذ عمليات إنسانية، بينما لا ينطبق ذلك على وكالات الأمم المتحدة التي تحتاج إلى إجازة قانونية للقيام بأي عمليات إنسانية أو غيرها، ووفق ولاية واضحة تحدّد مهامّها .

الناحية العملياتية

بناء على هذا القرار الذي يجدّد سنويا، تشكلت آلية فريدة للتنسيق خصّت سورية، وهي آلية “كل سورية” (Whole of Syria) التي تنسق المساعدات بين عدة منصّات إنسانية في كل من بيروت، دمشق، غازي عنتاب التركية، وعمّان. إضافة إلى هذا الشكل المعقد الفريد للاستجابة الإنسانية في سورية، استطاعت المنظمات السورية الوطنية، وبشكل غير مسبوق، أن تطوّر قدراتها وتشغل مقاعد مهمة في آليات التنسيق الإنسانية، ما يجعلها قادرة على المساهمة تقنيا في اتخاذ القرار الإنساني.

تزيد تعقيدات العملية الإنسانية في سورية عدة عوامل، منها العقوبات الاقتصادية المفروضة على عدة قطاعات في سورية، ومنها مخاوف المانحين من العمل أو تمويل نشاطات إنسانية في مناطق تسيطر عليها  فصائل مصنّفة على قوائم الإرهاب الدولية، ما يعقد الجوانب اللوجستية  بشكل كبير. من دون أن ننسى أن المانحين الممولين للعملية الإنسانية في سورية، وصلوا إلى درجةٍ عاليةٍ من الإنهاك، حيث وبعد انقضاء النصف الأول من 2021 لم تتجاوز نسبة التغطية المالية لاحتياجات عام 2021 نسبة 15% فقط [9].

وعلى الرغم من كل هذه الصعوبات، فقد طوّرت المنظمات السورية قدراتها وإجراءاتها بشكل ممتاز يساعد على تجاوز جزء كبير منها. وعلى عكس ذلك، لم تستطع المنظمات السورية أن تطوّر تجربة تنسيق العملية الإنسانية بشكل مستقل عن وكالات الأمم المتحدة، كما أن هناك ملفات مهمة وحسّاسة تستوجب قيادة وكالات الأمم المتحدة لها، كملف الاستجابة لكورونا، على سبيل المثال، وبالتالي سيبقى دائما هناك دور تقني وتنسيقي لوكالات الأمم المتحدة لا يمكن الاستغناء عنه.

هل من حل بديل؟

قبل أن يقرّ مجلس الأمن قرار عبور المساعدات عبر الحدود عام 2014، كانت المنظمات الإنسانية غير الحكومية تعمل بالفعل في مناطق عديدة، وتمرّر المساعدات عبر الحدود من خلال المعابر التجارية التي لم تتوقف. وبالتالي، كان هذا يحدث أصلاً من دون مباركة مجلس الأمن، وفي ظروف سياسية وعسكرية مختلفة تماما، وبدون أي انخراطٍ لوكالات الأمم المتحدة في العمل عبر الحدود. والأهم من ذلك اختلاف حجم الاحتياج وشكله، حيث كان عدد الذين يحتاجون مساعدات إنسانية في سوريا 6.5 مليون نسمة عام 2013، بينما يصل الآن إلى 13.4 مليون، كما أن حجم التمويل وقتها كان 1.5 مليار دولار، ليصل في 2020 إلى 2.7 مليار دولار. مع نقطة هامة جدا، أن عدد السكان اليوم في المناطق الممكنة الوصول عبر الحدود في كل من شمال شرق سورية، وشمال غرب، يتجاوز ستة ملايين، ليس لديهم أي قدرة على الحركة إلى مناطق سيطرة النظام، ولا إلى الدول المجاورة، بعكس الواقع عام 2013 حيث كان العدد أقل بكثير مع مرونة أعلى بالحركة على الأقل باتجاه تركيا، وبالتالي لن تعطي العودة إلى آليات العمل نفسها النتيجة نفسها.

 نظرياً، من الممكن للجمعية العامة، وفق القرار 377، والمعروف ب”الاتحاد من أجل السلام”،  أخذ صلاحيات مجلس الأمن، حين يفشل أعضاؤه  في الوصول إلى اتفاق، لكن هذه الآلية لم تعتمد منذ عقود بسبب حرص الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن على عدم استخدامها، كونها تحدّ من نفوذهم. لكن هل لا يزال هذا الخيار ممكنا، بالنظر إلى حجم الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الدول الداعمة للعملية الإنسانية؟

هناك اعتقاد إن لدى كل من وكالات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي مقترحات أخرى، لكنهم يتحفّظون عن طرحها، معتبرين الحل الأمثل هو إستمرار آلية “عبر الحدود”، وقد ذكر دبلوماسيون غربيون، وموظفون في وكالات الأمم المتحدة، عديدون، في اجتماعات تقنية كثيرة في أكثر من عامين، أن خطتهم في مناصرة تجديد قرار “عبر الحدود” هي عدم طرح حل بديل. حقيقة هذا كان ينفع قبل عام 2020 عندما كان الضغط الروسي ينتهي بتحصيل بعض مكاسب من الدول التي تفاوضها على تمرير القرار، ولكن بوجود معبر وحيد الآن، فإن خطة “لا يوجد حل بديل” لم تعد تنفع.

تقترح الورقة الصادرة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وجامعة أكسفورد  ثلاثة أشكال ممكنة من العمل عبر الحدود، يمكن من خلالها تجاوز عقدة  موافقة الدولة المعنية: مساعدات وتمويل بشكل غير مباشر، ومن دون انخراط للكوادر الدولية في التنفيذ، ومن دون تواجد فيزيائي لهم، على أراضي الدولة التي تحدث فيها الاستجابة. الدور التنسيقي ودعم طلبات التمويل. جمع المعلومات عن الاحتياجات بهدف المناصرة.

يقع جزء كبير من عمليات “عبر الحدود” الحالية في سورية تحت أحد هذه الأشكال، ولربما هناك أدوار أخرى لن يستطيع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن يمارسها، مثل دور التنسيق العسكري المدني، وإنْ كانت قيمة هذا الدور قد انخفضت بشكل كبير بعد انسحاب روسيا، من آلية تحييد المنشآت الإنسانية، والتي أصبحت آلية الإخطار، إلا أن هذا الدور مهم جدا للتنسيق مع الحكومة التركية بكل وزاراتها وأجهزتها. لتنفيذ واحد أو أكثر من هذه الخيارات، يجب أن تتوفر النية لدى كل من الدول المانحة ودول الجوار ووكالات الأمم المتحدة لطرح حلولٍ مشابهة. وعلى الرغم من أن شهية الحكومة التركية لبسط نفوذها على العملية الإنسانية تتبدّى بشكلٍ واضحٍ في مناطق سيطرة القوات الموالية لها، إلا أنه لا يمكن إنكار دورها الإيجابي في العملية الإنسانية، كما لا يمكن أن ننسى ضرورة انخراط وكالات الأمم المتحدة للمحافظة على هذا التوازن.

وتضع الخيارات الثلاث أعلاه أرواح الملايين من السوريين وأقواتهم ضمن احتمالاتٍ يقرّرها سياسيون، ووكالات الأمم المتحدة. ما هو مؤكّد من هذا كله أن خطة “عدم وجود حل بديل” لم تعد تنفع، وأن روسيا التي تحاول وقف عبور المساعدات “عبر الحدود” لم ولن تستطع وقف امتداد الأزمة السورية “عبر الحدود”، ولكنها لا تأبه، فهي تحصل من هذه الأزمة على ما تريد، وإنْ تم تجديد القرار يوم غد (10 يوليو/ تموز الجاري)، فيجب أن يكون الفاعلون الإنسانيون مستعدين لكل الاحتمالات في الفترة المقبلة. والأفضل أن يتخلصوا من هذا الضغط الدائم بإيجاد بدائل تحافظ على مرور المساعدات عبر الحدود، لا عبر مجلس الأمن.

المراجع:

[1] https://www.hrw.org/news/2021/06/10/syria-russian-veto-would-shut-down-last-aid-lifeline

[2] https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/syria_2021_humanitarian_needs_overview.pdf

[3] https://english.aawsat.com/home/article/3040896/robert-ford/little-time-left-idlib-deal

[4] https://abcnews.go.com/US/wireStory/russia-syria-deliver-aid-turkey-essential-78430651

[5] https://www.oxfam.org/en/research/fuelling-fire

[6] https://medirections.com/index.php/2019-05-07-15-50-27/wartime/2020-07-06-16-04-04#_ftn56

[7] https://abcnews.go.com/US/wireStory/russia-syria-deliver-aid-turkey-essential-78430651

[8] https://www.unocha.org/sites/unocha/files/dms/Documents/Legal%20Perspective%20Cross-border%20relief%20operations.pdf

[9] https://fts.unocha.org/

العربي الجديد

————————–

أستانة 16: جولة جديدة من العبث بالقضية السورية/ أمين العاصي

لم تخرج الجولة الـ16 من محادثات أستانة الخاصة بالقضية السورية بنتائج يمكن البناء عليها، لدفع العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة للتوصل إلى حلول جذرية. وفي بيان صدر في ختام الجولة، أمس الخميس، كرر الثلاثي الضامن لتفاهمات هذا المسار (تركيا، روسيا، إيران) “الالتزام الثابت بسيادة سورية واستقلالها ووحدة أراضيها والأهداف والمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة”، مشددة “على ضرورة احترام وتطبيق هذه المبادئ من قبل الجميع”. كما أعربت الدول الضامنة “عن تصميمها على مواصلة التعاون في محاربة الإرهاب بكافة أشكاله، ومواجهة المخططات الانفصالية التي تستهدف تقويض سيادة سورية ووحدة أراضيها وتشكل خطراً على الأمن القومي للدول المجاورة”.

وأشارت الدول الثلاث إلى انها “بحثت زيادة وتيرة الأنشطة الإرهابية في مناطق مختلفة من سورية، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين (بما في ذلك هجمات على مرافق للبنى التحتية المدنية)”. وأكدت أنها “اتفقت على مواصلة التعاون بهدف استئصال تنظيمات داعش وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) والشخصيات والتنظيمات والكيانات المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من التنظيمات المدرجة على لائحة الإرهاب الخاصة بمجلس الأمن الدولي، مع ضمان حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية وفقا للقانون الدولي”.

وأبدت الدول الضامنة “قلقها العميق إزاء زيادة تواجد وتفعيل أنشطة تنظيم هيئة تحرير الشام والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها والتي تشكل خطراً على المدنيين داخل منطقة خفض التصعيد في إدلب وخارج حدودها”. ولم تقرّ الدول الضامنة وقفاً دائماً لإطلاق النار في الشمال الغربي من سورية كما تريد المعارضة السورية، بل مددت “التهدئة على الأرض” وتطبيق الاتفاقات المبرمة في إشارة إلى اتفاق موسكو المبرم العام الماضي، بين روسيا وتركيا، والذي ينص على انشاء منطقة آمنة في محيط الطريق الدولي “أم 4” (حلب ـ اللاذقية) تمهيداً لاستعادة الحركة التجارية عليه.

ولم تخرج الجولة بتحديد زمني للجلسة المقبلة لأعمال اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد، إلا أن الدول الضامنة أكدت أهمية “دور اللجنة الدستورية في جنيف”، مشيرة إلى “ضرورة عقد اجتماع سادس للجنة في أقرب وقت ممكن”. وأشارت إلى أنها تعتزم تقديم الدعم إلى اللجنة من خلال التواصل الدائم مع الأطراف السورية المشاركة فيها ومبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية غير بيدرسن. كما أعربت الدول الثلاث عن رفضها “العقوبات أحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لاسيما في ظروف تفشي وباء كورونا”.

وأكدت الدول الضامنة “أهمية الإسهام في العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين إلى مناطقهم داخل سورية وضمان حقهم في العودة والحصول على الدعم”. ورحبت بعملية تبادل الأسرى التي نُفّذت في 2 يوليو/تموز الحالي في إطار مجموعة العمل المعنية بتحرير المحتجزين والرهائن وتسليم جثامين القتلى والبحث عن المفقودين. ودانت الدول الضامنة في البيان الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على سورية “والتي تخالف القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وسيادة سورية ودول جوارها وتهدد استقرار وأمن المنطقة، وتدعو إلى وضع حد لها”. وقررت الدول الضامنة عقد الاجتماع الدولي المقبل حول سورية في عاصمة كازاخستان نور سلطان قبل نهاية العام الحالي.

وفشلت الدول الثلاث في إحداث اختراق في واحد من أهم الملفات يحمله معه وفد قوى الثورة العسكري، وهو ملف المعتقلين في سجون النظام السوري، إذ يرفض النظام أي مقاربة لهذا الملف خشية تداعيات سلبية يمكن أن تؤدي إلى محاكمات لرموزه وفي مقدمتهم بشار الأسد في المحاكم الدولية. كما لم تقدّم الدول الثلاث أي حلول لأكثر من مليون نازح من أرياف إدلب وحلب نتيجة تقدم قوات النظام عامي 2019 و2020، أي أن الجولة الحالية خرجت بنتائج صفرية حول أهم الملفات وأكثرها خطورة.

وحول هذه النتائج، قال رئيس وفد قوى الثورة العسكري أحمد طعمة، في مؤتمر صحافي إن “المسألة الإنسانية تجاوزت مرحلة المأساة في سورية”، مطالباً روسيا بعدم استخدام الفيتو ضد تمرير قرار يمدد آلية ادخال المساعدات الدولية إلى الشمال السوري. وأشار إلى أن مناقشات جرت في الجولة الـ16 حول اختراقات قوات النظام للهدنة في محاولة لتغيير خطوط التماس، مضيفاً أن الظروف في شمال غرب سورية أفضل من المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. وأكد أن النظام عرقل جهود الأمم المتحدة في عقد جلسة جديدة للجنة الدستورية، مشيراً إلى أن النظام “لا يريد إنجاز أي شيء في هذه المسألة”. وأضاف أنه “بعد أن انتهى من انتخاباته الرئاسية الصورية الهزلية صار النظام أكثر تشدّداً”.

من جهته، رأى المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لا جديد في بيان أستانة 16″، مشيراً إلى أنه “تحدث عن الأزمة الإنسانية من دون أن يشير إلى قرار مجلس الأمن حول المعابر، ما يؤكد أن الموقف الروسي لم يتغير”، مضيفاً أن البيان يبرهن على أن مسار أستانة وصل إلى نهايته.

ولم يتردد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، عن القول أمس الخميس، في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان إن الثقة بين النظام والمعارضة “متدنية للغاية ولا تسمح باتخاذ إجراءات وقرارات وسط”، في مؤشر واضح على أن لا حلول سياسية للقضية السورية في المدى المنظور. ويشي البيان الختامي للجولة الـ16 من مسار أستانة بأن هذه الجولة تندرج ضمن الجولات السابقة التي سعى الجانب الروسي من خلالها إلى تمييع القضية السورية والعبث بها، بل كان هذا المسار مدخلاً واسعاً للروس والإيرانيين لنزع كل أوراق القوة من فصائل المعارضة.

إلى ذلك، أشار المحلل العسكري العميد مصطفى الفرحات، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن بيان أستانة 16 “لا يعول عليه من أجل التوصل لحل سياسي”، مضيفاً: “هذا المسار مجرد شراء للوقت، وكل الضمانات السابقة ذهبت والخروقات لم تتوقف ومناطق خفض التصعيد قضمها النظام بدعم روسي وإيراني، باستثناء المنطقة الرابعة (إدلب). ورأى أن الجانب التركي هو “الحلقة الأضعف في محادثات أستانة”.

العربي الجديد

——————————

مجلس الأمن يصوت اليوم على مشروعين بشأن إدخال المساعدات إلى سورية/ عدنان أحمد

يصوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الجمعة، على مشروع قرار بشأن تمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، والتي تنتهي يوم غد السبت، في حين قدمت روسيا أمس مشروع قرار بديل بهدف التشويش على مشروع القرار الأول.

وكانت النرويج وإيرلندا قد طرحتا للتصويت مشروع قرارهما الذي يقضي بتمديد العمل بالآلية المتبعة حالياً، أي إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى، لمدة عام واحد إلى مناطق شمال غربي سورية، وتخلت الدولتان عن المطالبة بفتح معبر اليعربية على الحدود السورية العراقية بسبب المعارضة الروسية.

من جهتها، وزعت روسيا أمس الخميس، قراراً منافساً، يقضي بتمديد العمل في معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر، مع ترك الباب مفتوحاً لتجديد المدة، وذلك رهناً بتقرير من رئيس مجلس الأمن، حيث يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن “الشفافية في تسليم المساعدات، والتقدم المحرز في تسليمها مباشرة عبر خطوط التماس داخل سورية”.

وفي مؤتمر صحافي، وصف المندوب الروسي في مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا، تسليم المساعدات عبر خطوط التماس بأنه “الخيار الشرعي الوحيد لعملية إنسانية لتقديم المساعدات”، متهماً الدول الغربية بأنها “أضاعت العام الماضي، الذي كان من الممكن استخدامه لإيجاد حل سلس وفاعل وتوازن مثالي لمشتريات إدلب من خلال كل من باب الهوى والقنوات المحلية”، وفق تعبيره.

كما زعم أن بعض المساعدات كانت تذهب إلى “هيئة تحرير الشام”، وليس إلى المحتاجين من السوريين، مطالباً بمزيد من الشفافية في العملية عبر الحدود.

ولدى سؤاله عن سبب موافقة روسيا على التمديد لسنة واحدة العام الماضي ومعارضتها هذا العام؛ قال المندوب الروسي: “لقد قبلنا سنة واحدة في العام الماضي، لم يحدث شيء، نحن نعرض نفس الشيء إلى حد ما، لذا فإن على الجانب الآخر أن يقرر الآن”.

ونقلت وكالة “الأناضول” عن مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن رفضت كشف هويتها، تعليقها على الطرح الروسي الجديد أن هناك إمكانية لتمديد هذه المدة، بعد نظر المجلس في تقرير يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في هذا الصدد.

وكان الاقتراح الذي تقدمت به النرويج وإيرلندا يتضمن إعادة فتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق إلى شمال شرقي سورية، الذي تسيطر عليه “قوات سورية الديمقراطية”، ولكن نيبينزيا وصف الأسبوع الماضي هذه الفكرة بأنها “غير مناسبة”، ما دفع الدولتين إلى مراجعة اقتراحهما بهدف تليين الموقف الروسي، والاكتفاء بمعبر باب الهوى.

وكحل وسط بين الموقف الروسي الداعي إلى حصر توزيع المساعدات عبر النظام السوري، ومواقف الدول الغربية التي تريد الإبقاء على الآلية الحالية وتوسيعها لتشمل معابر أخرى، بعيداً عن سيطرة نظام الأسد، طرحت الأمم المتحدة الأربعاء على مجلس الأمن فكرة مشاركة جزئية لنظام الأسد بتوزيع المساعدات بعد طرح مماثل للولايات المتحدة.

ويتطلب صدور قرارات المجلس موافقة تسع دول على الأقل من أعضائه، على ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

وفي يوليو/تموز 2014، صدر قرار عن مجلس الأمن يقضي بعبور المساعدات الإنسانية إلى سورية من أربع نقاط حدودية، هي باب السلامة وباب الهوى مع تركيا، واليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن، لكنه عاد وقلص العدد لتقتصر على معبر باب الهوى نتيجة ضغوط من روسيا والصين.

العربي الجديد

—————————-

روسيا تقبل بالتمديد لمعبر باب الهوى..6 أشهر

طرحت روسيا على مجلس الأمن قراراً يسمح بتمديد تسليم المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر، مع توقع التجديد، وذلك رهناً بتقرير من رئيس مجلس الأمن، حيث يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن “الشفافية في تسليم المساعدات، والتقدم المحرز في تسليمها مباشرة عبر خطوط التماس داخل سوريا”.

وفي مؤتمر صحافي، وصف المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا تسليم المساعدات عبر خطوط التماس بأنه “الخيار الشرعي الوحيد لعملية إنسانية لتقديم المساعدات”، متهماً الدول الغربية بأنها “أضاعت العام الماضي، الذي كان من الممكن استخدامه لإيجاد حل سلس وفاعل وتوازن مثالي لمشتريات إدلب من خلال كل من باب الهوى والقنوات المحلية”.

كما زعم أن بعض المساعدات كانت تذهب إلى “هيئة تحرير الشام”، وليس إلى المحتاجين من السوريين، مطالباً بمزيد من الشفافية في العملية عبر الحدود.

ولدى سؤاله عن سبب موافقة روسيا على التمديد لسنة واحدة العام الماضي ومعارضتها هذا العام، قال المندوب الروسي: “لقد قبلنا سنة واحدة في العام الماضي، لم يحدث شيء، نحن نعرض نفس الأمر إلى حد ما، لذا، الآن على الجانب الآخر أن يقرر”.

وفي وقت سابق طرحت النرويج وإيرلندا للتصويت مشروع قرارهما الذي من شأنه أن يسمح بتمديد التسليم لمدة عام واحد عبر معبر باب الهوى إلى شمال غربي سوريا، ومعبر اليعربية إلى شمال شرقها، واعتبر مندوبا الدولتين أن “التمديد لمدة عام ضروري لضمان تدفق المساعدات”.

ومن المتوقع أن يصوت مجلس الأمن على المشروعين الجمعة، بعدما أرجأ التصويت الذي كان مقرراً الخميس، لمزيد من التشاور بين أعضاء المجلس.

وكان مندوب الصين في مجلس الأمن الدولي تشانغ جون قد قال إن بلاده تريد أن تضمن ليس فقط تجديد ولاية آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، ولكن أيضاً تريد أن ترى حلولاً تتعلق بالعقوبات الأحادية المفروضة على دمشق وتأثيرها على الشعب السوري.

وتواصل الأمم المتحدة الوصول إلى ملايين الأشخاص منذ عام 2014، من خلال آلية أقرها مجلس الأمن تسمح بإيصال المساعدات الدولية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي.

ويعتمد المواطنون السوريون الذين نزحوا قسراً من مناطق مختلفة في سوريا ولجؤوا إلى إدلب على هذه المساعدات الإنسانية من أجل تأمين احتياجاتهم الغذائية والدوائية. وحتى عام 2020 تم إرسال المساعدات عبر 4 بوابات حدودية، اثنتان منها مع تركيا.

ونجحت روسيا في إغلاق 3 بوابات من خلال استخدام حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، حيث تمر أكثر من ألف شاحنة مساعدات إنسانية عبر بوابة باب الهوى كل شهر.

المدن

————————-

دول أستانة تلتزم بالهدوء في إدلب..وتستنكر الغارات الإسرائيلية

أبدت روسيا وتركيا وإيران في ختام الجولة الجديدة من مفاوضات أستانة، “التزامهم الثابت بسيادة سوريا” وتعهدت ب”محاربة الإرهاب والمخططات الانفصالية على أراضيها، والحفاظ على الهدوء في إدلب”، كما استنكرت في الوقت نفسه الهجمات العسكرية الإسرائيلية على سوريا.

وأبدت الدول الثلاث في البيان الختامي عقب انتهاء الجولة السادسة عشر لصيغة أستانة، معارضتها “للاستيلاء والتحويل غير القانونييْن على عائدات النفط التي ينبغي أن تكون ملكاً للجمهورية السورية”.

كما بحثت الدول الضامنة زيادة وتيرة الأنشطة الإرهابية في مناطق مختلفة من سوريا، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا، واتفقت على مواصلة التعاون بهدف “استئصال التنظيمات الأرهابية والكيانات المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش وغيرهما من التنظيمات المدرجة على لائحة الإرهاب الخاصة بمجلس الأمن الدولي، مع ضمان حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية وفقاً للقانون الدولي”.

كما أبدت قلقها “إزاء زيادة تواجد وتفعيل أنشطة هيئة تحرير الشام والتنظيمات الإرهابية المرتبطة بها، التي تشكل خطراً على المدنيين داخل منطقة خفض التصعيد في إدلب وخارج حدودها”.

واتفقت الدول الضامنة لصيغة أستانة، على ضرورة الحفاظ على الهدوء في إدلب، من أجل التنفيذ الكامل للاتفاقيات. وقال البيان: “الدول الضامنة بحثت المستجدات في شمال شرقي سوريا واتفقت على أنه لا يمكن إحلال الأمن والاستقرار على المدى الطويل في المنطقة إلا على أساس الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها الترابية”.

وأضاف البيان “نرفض كافة المحاولات الرامية إلى فرض أمور جديدة على الأرض بما في ذلك مبادرات غير قانونية بخصوص الحكم الذاتي والتي تُطرح تحت ذريعة محاربة الإرهاب، كما تؤكد الدول الضامنة تصميمها على مواجهة المخططات الانفصالية في شرق الفرات التي تستهدف نسف وحدة سوريا وتشكل خطراً على الأمن القومي للدول المجاورة، وتعرب بهذا الخصوص عن قلقها إزاء تفعيل الأعمال القتالية بحق السكان المدنيين””.

كما أعرب البيان عن قلق الدول الضامة بخصوص الوضع الإنساني في سوريا وتأثير جائحة كورونا التي تعيق عمل نظام الرعاية الصحية وتزيد الظروف الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية في البلاد تعقيداً. ورفضت الدول الضامنة “كافة العقوبات أحادية الجانب المخالفة للقانون الدولي والقانون الإنساني الدول وميثاق الأمم المتحدة، لاسيما في ظروف الجائحة”.

 وأعرب البيان عن قناعة الدول الضامنة بغياب أي حل عسكري للنزاع السوري. وأكدت الدول تمسكها بتقديم عملية سياسية قابلة للحياة وطويلة الأمد يقودها وينفذها السوريون أنفسهم بمساعدة الأمم المتحدة وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

كما شدد البيان على أهمية دور اللجنة الدستورية في جنيف التي أسهمت الدول الضامنة ب”صيغة أستانة” إسهاماً حاسماً في تشكيلها إنفاذاً لمخرجات مؤتمر “الحوار الوطني السوري” الذي انعقد في مدينة سوتشي الروسية.

واتفقت روسيا تركيا وإيران على أن الاجتماع المقبل بصيغة أستانة بشأن سوريا، سيعقد في نهاية 2021 في نور سلطان.

————————-

موسكو تحدد موعد الجلسة المقبلة للدستورية السورية..والمعارضة تنفي

نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصدر مقرب من مفاوضات أستانة أن أن جلسة اللجنة الدستورية السورية قد تعقد قبل نهاية شهر أغسطس/آب. وقال المصدر: “الموعد النهائي حتى نهاية الصيف، وكان من المأمول أن تعقد اللجنة قبل نهاية تموز/يوليو، لكنها لن تنجح، لذلك، حتى نهاية آب”.

وأضاف أن الجولة القادمة من مباحثات أستانة ستكون نهاية 2021 ويمكن أن تكون في شهر تشرين الأول/أكتوبر، بحسب ما سيكون عليه الوضع الوبائي لجائحة كورونا.

وكان مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف قد قال الأربعاء، على هامش الاجتماع السادس عشر لأستانة، إن الاجتماع الدوري المقبل للجنة الدستورية السورية قد يُعقد في صيف 2021، مشيراً إلى أن جميع الوفود وافقت على تمديد المفاوضات، داعياً المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن “إلى العمل في هذا الاتجاه”.

لكن عضو هيئة التفاوض عن المعارضة السورية في اللجنة الدستورية إبراهيم جباوي نفى التوصل إلى اتفاق على استئناف عمل اللجنة، خلافاً لما أعلن عنه الجانب الروسي، مشيراً إلى أنه لا توجد أي بوادر أو موافقة لاستئناف عمل اللجنة الدستورية.

وفي تصريح لموقع “العربي الجديد”، قال جباوي إن المبعوث الأممي إلى سوريا لم يتواصل مع المعارضة ولم يبلغها بأي جديد، مشيراً إلى أن موسكو أطلقت مراراً خلال الفترة الماضية تصريحات حول عودة عمل اللجنة الدستورية ولم يكن هناك أي تقدم في هذا الملف.

ولم تسفر اجتماعات الجولة الخامسة من أعمال اللجنة الدستورية السورية، التي جرت نهاية كانون الثاني/يناير، عن إحداث خرق حقيقي في الاتفاق على مضامين دستورية.

ووصف بيدرسن تلك الجولة بأنها كانت “مخيبة للآمال”، وقال: “استمر العمل كما في الجولات السابقة، والنهج لم يكن مجدياً، ولا يمكننا العمل من دون تغيير طريقة العمل”.

————————-

رياض درار يتهم بيان “أستانا 16” بالتحريض على مناطق سيطرة “قسد

اتهم الرئيس المشارك لـ “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد)، رياض درار، اليوم الجمعة، البيان الختامي الصادر عن اجتماع “أستانا 16” بالتحريض على مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، كما لم يستبعد حدوث تصعيد جديد في المنطقة.

وقال درار لوكالة “هاوار”، إن البيان الختامي الصادر من اجتماع أستانا يُكرر البيانات السابقة التي صدرت من هذه الاجتماعات والتي تحرض ضد مناطق شمال وشرق سوريا.

وأضاف: “برأيي الشخصي أن تصعيداً سيحدث نتيجة ذلك”.

وهاجم درار الائتلاف الوطني السوري والدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، قائلاً: “واضح جداً أن ممثلي الائتلاف متفقون مع السياسة التي ترسمها أستانا، وهم الأوراق التي يتم اللعب بها لإثارة الفتن والمشكلات في المنطقة”.

أوجه الاختلاف بين “الإدارة الذاتية” وروسيا في ضوء تصريحات ومواقف الطرفين

وأشار درار إلى أن الدول الضامنة ترسم خططاً بعيدة المدى بغياب الفعل والفاعل الأميركي والأوروبي، مضيفاً أن “هناك مشكلات كثيرة ستحدث وعلينا الصمود”، حسب وصفه.

وكانت الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران أصدرت، يوم أمس الخميس، بياناً مشتركاً في ختام الجلسة الرئيسية لمحادثات “أستانة 16” بالعاصمة الكازاخية نور سلطان، أكدوا فيه على الثوابت التي حضرت في كل البيانات الختامية السابقة، دون أي جديد.

وقال البيان إن الدول الضامنة تؤكد التزامها بوحدة الأراضي السورية، مشدداً على “مواصلة التعاون ضد المخططات الانفصالية التي تهدد سيادة سوريا والأمن القومي لدول الجوار”.

هيئة التنسيق تجري حوارات مع “مسد” ومنصة موسكو.. ما الهدف منها؟

واجتمع ممثلو المعارضة والنظام على طاولة واحدة في الجلسة الرئيسية لمحادثات “أستانا 16” ويترأس وفد المعارضة السورية أحمد طعمة ووفد النظام مساعد وزير الخارجية أيمن سوسان ويترأس الوفد التركي رئيس قسم سوريا في وزارة الخارجية السفير سلجوق أونال بينما يترأس الوفد الروسي مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف والإيراني نائب وزير الخارجية علي أصغر حاجي.

وشارك في المحادثات أيضاً المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، إضافة إلى وفود الدول المجاورة لسوريا وهي العراق والأردن ولبنان، بصفة مراقب.

—————————–

المساعدات السورية”.. روسيا تطرح مشروع قرار “مضاد” بشأن “باب الهوى

طرحت روسيا على أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار مضاد يسمح بإدخال المساعدات إلى سورية عبر معبر “باب الهوى” الحدودي لمدة ستة أشهر فقط.

يأتي ذلك قبل يوم من انتهاء العمل بآلية إدخال المساعدات عبر المعبر المذكور.

ونقلت وكالة “الأناضول” عن مصادر دبلوماسية، اليوم الجمعة قولها إن هناك إمكانية لتمديد هذه المدة، بعد نظر المجلس في تقرير يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في هذا الصدد.

ومن المتوقع أن يعقد مجلس الأمن، اليوم الجمعة، جلسة خاصة لحسم مسألة تمديد العمل بآلية المساعدات، دون صدور إعلان رسمي حتى ساعة إعداد هذا التقرير.

ويأتي مشروع القرار الروسي في مواجهة مشروع القرار الذي تقدمت به إيرلندا والنرويج، قبل أسبوعين.

وينص المشروع الإيرلندي- النرويجي على تمديد الآلية الدولية لإيصال المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مدة عام إضافي، إلى جانب فتح معبر اليعربية الحدودي مع العراق.

وكانت روسيا قد رفضت مناقشة المشروع المذكور، ما دفع النرويج وإيرلندا إلى إجراء تعديل عليه، والتنازل عن مطلب فتح معبر اليعربية، بحيث يقتصر مشروع القرار حالياً على تمديد إدخال المساعدات عبر معبر “باب الهوى” لعام إضافي.

ويتطلب تمديد التفويض موافقة 9 دول على الأقل من أعضاء مجلس الأمن، شريطة ألا يتم استخدام حق النقض (الفيتو) من إحدى الدول الخمس دائمة العضوية، وهي روسيا والصين، والولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا.

وينتهي العمل بالآلية الدولية لإيصال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية، يوم غد السبت، وسط مخاوف من “فيتو” روسي يعرقل أي صيغة لإدخال المساعدات إلى الشمال السوري الخارج عن سيطرة نظام الأسد، ما يهدد بكارثة إنسانية قد يواجهها ملايين السكان هناك.

وتطالب روسيا بتسليم ملف المساعدات الإنسانية لحكومة النظام، معتبرة أن الآلية السابقة “انتهاك للسيادة السورية” كونها تُنفّذ دون موافقة النظام.

ومن المتوقع أن تشهد أروقة مجلس الأمن سجالات بين روسيا والصين من جهة والدول الغربية من جهة أخرى، خاصة أن السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قالت خلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن أول أمس، إن استخدام روسيا والصين لحق النقض سيكون له “تداعيات واضحة وسيتضور الناس جوعاً”.

وأضافت: “لا يمكننا قبول أقل مما لدينا اليوم” أي “نقطة عبور لمدة 12 شهراً تسمح بإيصال المساعدات الى ملايين السوريين”.

——————————–

البيان الختامي لاجتماع أستانا حول سوريا وتحديد موعد الاجتماع المقبل

أكدت “الدول الضامنة” (روسيا وتركيا وإيران) في اجتماع أستانا حول سوريا، اليوم الخميس، على الالتزام بدفع العملية السياسية في سوريا.

البيان الختامي لاجتماع أستانا حول سوريا وتحديد موعد الاجتماع المقبل

وجاء في البيان الختامي لاجتماع أستانا، أن روسيا وتركيا وإيران “تجدد التزامها بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها”، مؤكدين على “الالتزام بدفع العملية السياسية في سوريا”.

واستعرضت الدول الضامنة بالتفصيل تطورات الوضع في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وشددت على ضرورة دعم التهدئة على الأرض من خلال تطبيق الاتفاقات المبرمة بهذا الخصوص بالكامل.

وأعربت الدول الضامنة عن تصميمها على مواصلة التعاون في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، ومواجهة المخططات الانفصالية التي تستهدف تقويض سيادة سوريا ووحدة أراضيها وتشكل خطراً على الأمن القومي للدول المجاورة، بحسب البيان.

وتم بحث المستجدات في شمال شرقي سوريا واتفقت الدول على أنه “لا يمكن إحلال الأمن والاستقرار للمدى الطويل في المنطقة إلا على أساس الحفاظ على سيادة سوريا ووحدتها الترابية”، رافضة كافة المحاولات الرامية إلى “فرض أمور واقعة جديدة على الأرض بما في ذلك مبادرات غير قانونية بخصوص الحكم الذاتي تطرح تحت ذريعة محاربة الإرهاب”.

ودانت الدول الضامنة الهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على سوريا والتي “تخالف القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وسيادة سوريا ودول جوارها وتهدد استقرار وأمن المنطقة”، داعية إلى وضع حد لها.

إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام روسية عن مصدر مطلع على المحادثات بشأن سوريا، قوله إن جلسة اللجنة الدستورية السورية قد تُعقد قبل نهاية شهر آب/أغسطس المقبل.

وأوضح المصدر، أن “الموعد النهائي حتى نهاية الصيف، وكان من المأمول أن تعقد اللجنة قبل نهاية يوليو/تموز، لكنها لن تنجح، لذلك، حتى نهاية أغسطس”.

————————–

===================

تحديث 15 تموز 2021

————————

روسيا تمنع، روسيا تسمح..روسيا دولة عظمى!/ بكر صدقي

في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تفاوض فيه روسيا، في مجلس الأمن، على التجديد للآلية الأممية لإدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا من غير المرور عبر قنوات النظام الكيماوي، كانت روسيا تفرض حصاراً قاسياً على درعا البلد لا يسمح بدخول أي مواد غذائية أو طبية أو غيرها.

دخل الحصار يومه السابع عشر ولا أفق لفكه ما لم يخضع السكان ويسلموا 200 بندقية نص اتفاق “خفض التصعيد” في العام 2018 على بقائها في أيديهم بغرض الدفاع عن النفس. أي أن الأمر لا يتعلق بما يمكن أن يسميه الروس أو عاملهم في دمشق بالإرهاب، بل بسكان لا ثقة لهم بأن النظام لن ينكل بهم لحظة يدرك أنهم باتوا عزّلاً من أي سلاح. وهو ما يفعله، على أي حال، فالاعتقالات لم تتوقف، والاغتيالات لم تتوقف بحق من كانوا يحملون السلاح قبل استسلامهم وفقاً للصفقة الأميركية الروسية.

مع ذلك يملك البلطجي الروسي من الوقاحة ما يجعله يتعامل مع المساعدات الإنسانية كموضوع للابتزاز. فقد كرر الدبلوماسيون الروس، قبل انعقاد جلسة مجلس الأمن المخصصة لهذا الموضوع، رفضهم للتجديد للآلية المذكورة، وبديلهم المعلن هو وجوب مرور المساعدات عبر النظام، النظام الذي طالما استخدم، وما زال يستخدم، الحصار والتجويع سلاحاً حربياً ضد السكان المدنيين، تحت شعاره المعروف: “الجوع أو الركوع”!

فعلاً يتطلب الأمر وقاحة استثنائية حين تشترط روسيا أن تتجه المساعدات الإنسانية، التي تقدم الدول الغربية 92% منها كما قال ممثل فرنسا في مجلس الأمن، إلى النظام الذي يستخدم الحصار، أي الحرمان من دخول المواد الأساسية للسكان المحاصرين، سلاحاً للتركيع! مع ذلك هذا غير مستغرب من قاتل اعتاد على استهداف المشافي والمؤسسات الطبية بسلاح الطيران.

إنما المستغرب هو خضوع “المجتمع الدولي” لابتزاز هذا القاتل. يفاوضونه أياماً ليسمح لهم بعبور المساعدات عبر معابر لا يملك السيطرة عليها أصلاً! هل يصعب على الدول الغربية التي تقدم 92% من تلك المساعدات أن تتحرر من عبء الأمم المتحدة واضطراراتها بشأن “احترام سيادة الدول” (كذا!) فتنشئ آلية مستقلة عنها بين الدول الراغبة لتستأنف إدخال المساعدات، فتكون بذلك قد سحبت من يد روسيا كل ذرائعها ؟ أو يمكنها هي أن تمارس الابتزاز بأن تمتنع عن تقديم أي مساعدات ما دامت روسيا تسعى لفرض شروطها بشأن طريقة إدخالها. 

غير أن الأمور ليست بهذه البساطة. فروسيا تملك بدورها خيارات من شأنها أن تحشر خصومها في الزاوية: حسناً، ما دمتم غير مكترثين بمصير المدنيين فسوف أستأنف حربي على الإرهاب في محافظة إدلب وجوارها التي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” الإرهابية، الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة نزوح بشري كبير سيصطدم بالجدار العازل الذي بنته تركيا على طول الحدود. وسيتعين عليكم أن تجدوا حلاً لهذه المشكلة. أي أنكم بعد أن تتحملوا المسؤولية الأخلاقية عن حرمان المدنيين المحتاجين من المساعدات، ستعودون صاغرين لتطرقوا بابي وتعلنوا رضوخكم لشروطي.

ذلك أن الأنظمة الدكتاتورية الإجرامية كروسيا تملك قوة لا تملكها حكومات ديموقراطية منتخبة من شعوبها. إنها قوة التحلل من أي اعتبارات أخلاقية أو إنسانية. بالمقابل مهما بلغت الحكومات الديموقراطية من الفساد والانحطاط فهي مضطرة للالتزام ببعض القيم، ولو من باب التظاهر، أمام الرأي العام. تستطيع روسيا أن تقصف المستشفيات ثم تنكر فعلتها مهما توفر من أدلة لا يمكن دحضها، في حين أن المخابرات المركزية الأميركية تمارس التعذيب على المعتقلين بتهمة الإرهاب في سجون سرية في بلدان خارج الولايات المتحدة، وحين يتم اكتشاف ذلك من قبل صحافيين أميركيين تكون الإدارة الأميركية أمام فضيحة، وتتم الإطاحة برؤوس كبيرة.

على رغم هذا الفارق النوعي في عوامل القوة، وعلى رغم امتلاك روسيا لأوراق كثيرة في مواجهة خصومها الغربيين، سواء في سوريا أو في أماكن ومواضيع أخرى، يبقى أن عامل الضعف الأساسي لدى واشنطن في موضوع المعابر الحدودية الذي تم التصويت عليه في مجلس الأمن، إنما هو انخفاض سقف السياسة الأميركية في سوريا إلى مستوى اختزال المسألة السورية إلى إدخال مساعدات إنسانية. فهذا ما أعلنه وزير الخارجية بلينكن في اجتماع روما، وما كررته مختلف المراجع في إدارة جو بايدن. وكأنه ليس هناك قرار من مجلس الأمن (2254) بشأن حل الصراع في سوريا يبدأ بانتقال سياسي، وكان ثمة جدول زمني واضح توافق عليه أعضاء المجلس في أواخر العام 2015، بحيث يتم طي صفحة الصراع في غضون عامين.

استطاعت روسيا، في غضون السنوات السابقة، أن تغير الوقائع على الأرض بهجماتها الهمجية، ومن غير أدنى اكتراث بقتل المدنيين وتهجيرهم، فأعادت للنظام مناطق واسعة كانت خارج سيطرته. وبعد إسقاط شرقي حلب في أواخر العام 2016، بالحصار والقصف المستمر طوال شهور، وضعت قرارات مجلس الأمن جانباً و”ابتكرت” مسار آستانة بديلاً من المسار الأممي، و”مناطق خفض التصعيد” بدلاً من وقف إطلاق النار الشامل، و”اللجنة الدستورية” بدلاً من الانتقال السياسي، ثم راحت تعمل على إعادة تعويم النظام المجرم في المحافل الإقليمية والدولية، وتطالب بتمويل إعادة إعمار ما دمره طيرانه وصواريخه بالذات… كل ذلك تحت أنظار “المجتمع الدولي” الذي لا ينقصه إلا أن يشكر روسيا على توليها أمر الصداع السوري، من خلال تجريب كل أنواع السلاح الروسي في أجساد السوريين، مع الإعلان المتكرر الوقح عن أن “الحل في سوريا لا يمكنه أن يكون إلا سياسياً”!

ما دام الحال هكذا، وبما أن برنامج إدارة بايدن لسوريا يقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية، فلا غرابة إذا تحولت هذه إلى مادة ابتزاز، الطرف القوي فيها هو روسيا.

يبقى أن ما قاله المندوب الروسي في مجلس الأمن، بعد انتهاء التصويت على إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي، كان لافتاً في التعبير عن “الوجع الروسي” تجاه الولايات المتحدة. فقد قال إن ما حدث من توافق أميركي روسي بشأن التصويت يتمتع بأهمية تاريخية! فبعيداً عن الطابع الإجرائي لموضوع التصويت، تعتبر روسيا بوتين مجرد سعي واشنطن للتوافق معها اعترافاً أميركياً بأهميتها كقوة عظمى يحسب لها الحساب!    

المدن

———————–

بشار الأسد داخلاً من باب الهوى/ عمر قدور

لم يكن يحتاج نباهة استثنائية التنبؤُ بحصيلة التجاذب الأمريكي-الروسي من أجل التمديد لإدخال المساعدات الإنسانية عبر “باب الهوى”، فموسكو كما كان متوقعاً فرضت شروطها بالسماح بالتمديد لستة شهور قابلة للتجديد لستة شهور أخرى. وهذه الصيغة لا تعطي الجانب الروسي القدرة على الإعاقة بعد ستة شهور ستمضي سريعاً فحسب، بل ستضعه بعد سنة في أحسن الأحوال في موقع من كان قد قدّم تنازلاً أخيراً، لأن فكرة التجديد لستة شهور أخرى تنطوي على حدوث ذلك لمرة واحدة أخيرة.

كما شهدنا لم تهدد الدول الغربية، وهي الممول الرئيسي للمساعدات، بإدخالها عبر الحدود التركية خارج آلية الأمم المتحدة، بل أتى التفاوض حول القرار كأنما لا وجود لسبل بديلة عن الارتهان للفيتو الروسي والشروط المترتبة عنه. وما لم يحدث حالياً يُتوقع أن يكون صورة عما سيحدث بعد سنة، أي أن تصوِّر واشنطن نفسها حينها عاجزة عن التصرف إزاء ما تعترف به كأزمة إنسانية، لأن الفيتو الروسي يقيّدها ولأنها تحترم آليات عمل الأمم المتحدة بحيث لا تتصرف منفردة!

وعندما تضع موسكو سقفاً زمنياً هو سنة كحدّ أقصى فهي تمهل “شركاءها” الكبار في مجلس الأمن لتقبّل ما تطرحه الآن حول حصرية إدخال المساعدات عبر سلطة الأسد، وسيكون “بتعبير مجازي” بشار الأسد آخر الداخلين من باب الهوى مع إغلاق الباب خلفه نهائياً. إن موعد السنة هو، وفق الطرح الروسي، هو موعد الاعتراف التام بشرعية بشار، بما في ذلك الاعتراف بولايته على المناطق الخارجة عن سيطرته، وإنهاء الفصل الحالي بين تأكيد مختلف الفاعلين على وحدة التراب السوري وبين تقاسمه عدم خضوعه لسلطة واحدة.

في الأصل لم يُجرَّد بشار الأسد من شرعية تمثيل سوريا في المحافل الدولية، ورغم أن قرار مجلس الأمن 2254 يجعل منه طرفاً في النزاع “مع الدعوة إلى إنشاء هيئة حكم انتقالي” إلا أن ائتلاف المعارضة أو الإدارة الذاتية “الكردية” لا يحظيان بوجود معترف به في المؤسسات الأممية. ما تطلبه موسكو “من بوابة المساعدات الإنسانية” هو القطع نهائياً مع ما ينص عليه القرار 2254 لجهة إنشاء هيئة حكم انتقالي، والإقرار نهائياً بأن ما سُمّي قيادة سورية للعملية السياسية يعني قيادة بشار نفسه لإصلاحات دستورية لن تمس بطبيعة الحال أسس سيطرته العسكرية والمخابراتية.

إعادة الشرعية لبشار، بإغلاق المعابر الخارجة عن سيطرته أمام المنظمات الولية، فيه مكسب معنوي لموسكو على الصعيد الذي طالما أصرت عليه وهو عدم تغيير أنظمة الاستبداد، مع إبداء الاحتقار للديموقراطية الغربية كبديل لها. لكن فيه أيضاً مكاسب ملموسة مباشرة لجهة سيطرتها مع بشار على تدفق المساعدات الأممية إلى مناطق النفوذ التركي وإلى منطقة النفوذ الأمريكي، مع القبض على ورقة المساعدات ستكون الفرصة سانحة ومستمرة لممارسة الابتزاز الذي تهواه موسكو، وكان بشار منذ اندلاع الثورة قد أظهر هوساً به.

استباقاً للاتهامات ورداً عليها، تحدث المندوب الروسي في مجلس الأمن عن ذهاب جزء من المساعدات الأممية إلى جبهة تحرير الشام المصنفة على لائحة الإرهاب. بعبارة أخرى، لا يستولي بشار وشبيحته وحدهما على مساعدات الأمم المتحدة، بل هذا ما تفعله كافة سلطات الأمر الواقع باستيلائها على نسبة من المساعدات الأممية لقاء السماح بمرورها، وهذا غالباً حال جميع المنظمات غير الحكومية الناشطة في تلك المناطق والمضطرة إلى رشوة المتحكمين بها. أي أن المطلوب من الغرب القبول باستيلاء الأسد على حصته، مع حصر المساعدات به، كتعويض عن العقوبات الغربية عليه. على الصعيد ذاته، كان المندوب الروسي يعرض على الغرب مدخلاً آخر للالتفاف على عقوباته، بذريعة الوضع المتدهور جراء تفشي كورونا، مع أن أرقام الإصابات التي تعلن عنها سلطة الأسد “بصرف النظر عن دقتها أو صحتها” متدنية إلى حد يلامس الانحسار التام للوباء.

للموقف الروسي الخاص بالمساعدات “وما يُبنى عليه” ركائز قوية، فهناك ثقة تامة بأن واشنطن لن تعمد بعد سنة إلى اتخاذ خطوات من جانب واحد لتقديم المساعدات، وهناك ثقة أكبر بأن أنقرة لن تجاري واشنطن على هذا الصعيد، ولأنقرة شروط مرتبطة برعاية واشنطن للإدارة الذاتية تجعل التعاون بين الجانبين محكوماً بسقف منخفض. في أقصى الأحوال، أي في حال التوصل إلى تنسيق أمريكي-تركي، سيكون في وسع موسكو اللجوء إلى التصعيد العسكري المستمر، بحيث لا تشهد مناطق النفوذ التركي استقراراً، مما سيفاقم تردي الأوضاع الإنسانية ويُبقي التهديد بأزمة لاجئين ضخمة متواصلاً طوال الوقت.

الكرملين أكثر من أي وقت مضى مطمئن إلى التوجه الأمريكي، فإدارة بايدن احتفت بالموافقة الروسية على التمديد المشروط للمساعدات، بل اعتبرته دليلاً على نجاح وإمكانية التعاون بين الجانبين. الأهم، بالتزامن مع النجاح المزعوم، رؤية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وهو انسحاب يظهر مذلاً لاقترانه بتقدم قوات طالبان وربما عودتها إلى حكم البلاد. الانسحاب الأمريكي مؤشر إلى أن إدارة بايدن ستستأنف نهج ترامب وأوباما في عدم انخراط القوات الأمريكية في بؤر نزاع جديدة، وهي البشرى التي يريدها بوتين المتلهف لقطف ثمار الانكفاء الأمريكي.

كان المندوب الروسي في مجلس الأمن أثناء الجدل الذي سبق القرار الأخير، وتقريباً في جميع جلسات مجلس الأمن المخصصة لسوريا، قد اتهم الغرب بالنفاق. والحق أن السلوك الروسي في سوريا واضح جداً وبعيد عن النفاق، ولا يستقيم أساساً مطالبة مَن قصف المستشفيات والملاجئ والبيوت والبنى الخدمية الضرورية بمراعاة الجوانب الإنسانية. لقد أدى الجانب الروسي المهام القذرة التي اعتاد عليها، من دون اعتراض جدي بل ربما مع مباركة ضمنية أمريكية، ومهلة السنة هي لتكف واشنطن عن نفاقها في الشأن السوري. بعد سنة سيكون الوضوح وتوفر الإرادة مقابل غياب الاثنين، ولا غرابة حينئذ في أن يكسب بوتين وأن تحتفي إدارة بايدن مجدداً بنجاح التعاون بين الجانبين.

المدن

—————————-

الخارجية الأميركية توضح حقيقة الصفقة مع روسيا بشأن ملف المساعدات

إسطنبول – تيم الحاج

كان يوم التاسع من تموز الحالي مفصليا بالنسبة للسوريين النازحين في شمال غربي سوريا، ومناطق أخرى في الداخل، إلى جانب أنه حمل اتفاقا سياسيا بين واشنطن وموسكو أبرز اللاعبين في الملف السوري. اتفاق وصفه البعض بأنه “تاريخي ومصيري” لكونه مرتبطا بإدخال المساعدات الأممية إلى سوريا، بموافقة مفاجئة من روسيا التي شكلت تصريحات سياسييها جدار صلبا رافضا لوصول المساعدات إلا عبر حليفها نظام الأسد.

وبُعيد الإعلان عنه، شكل الاتفاق الذي حمل الرقم “S/2021/636” بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا نقطة فارقة بمسألة إيصال المساعدات من معبر “باب الهوى”، الذي يعدّ الشريان الوحيد لـ حياة السوريين في مناطق شمال غربي سوريا.

ووفق تحليلات عديدة فإن الاتفاق بين واشنطن وموسكو قد يكون مقدمة لاتفاقات مشابهة بين الطرفين في مسارات عدة من الملف السوري، حيث اعتبر مراقبون أنه جاء بعد “صفقة” أميركية- روسية، تحمل وجهين الأول: ملف النفط شمال شرقي سوريا الذي تتحكم به أميركا وتريده روسيا، والثاني ملف عقوبات “قيصر” الذي يمثل سيفا أميركيا على رقبة بشار الأسد ونظامه ومؤسساته ورجالاته وهذا أيضا تريد موسكو إعادته إلى غمده أو التقليل من استخدامه.

فما الذي دفع روسيا التي عزفت على وتر رفض قبول تمديد وصول المساعدات من “باب الهوى” طويلا قبل أن تمرر القرار لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد؟، وهل من تنازلات قدمتها أميركا للخصم الروسي؟ وما طبيعة التنسيق الذي أجراه مسؤولو البلدين للوصول لهذا الاتفاق؟

مسار طويل من التنسيق بدأ بعد لقاء بايدن وبوتين في جنيف

توجه موقع تلفزيون سوريا إلى المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأميركية، ساميويل وربيرج، بمجموعة من الأسئلة في محاولة للوقوف على طبيعة هذا الاتفاق وخلفياته ومآلاته، حيث اعتبر وربيرج أن الاتفاق يمثل اختراقا في مجلس الأمن عبر تمرير قرار تمديد تفويض آلية إيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري، مرجعا ذلك وفق تقديره إلى  “نجاح الدبلوماسية الأميركية”.

وأردف أنه (الاتفاق) جاء نتيجة عمل دبلوماسي شاق بين الفريقين الأميركي والروسي الذي كان من المتوقع أن يستخدم حق النقض في مجلس الأمن.

وكان البيت الأبيض أعلن أن الرئيسين بايدن وبوتين أشادا بالتعاون لإصدار القرار، وقال مسؤول أميركي إنه “أفضل مما توقعنا”، كما رحبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بهذا التعاون الذي نادراً ما يُسجّل مع روسيا، وفق قولها. وقالت عقب التصويت “من المهم أن الولايات المتحدة وروسيا تمكنتا من التشارك في مبادرة إنسانية تخدم مصالح الشعب السوري”.

لكن ورغم أن الاتفاق ينص صراحة على تمديد دخول المساعدات من “باب الهوى” في ظل رفض من نظام الأسد و”الإدارة الذاتية”، فإنه حمل بعض الغموض ببعض بنوده التي اطلع عليها موقع تلفزيون سوريا، منها الإشارة “إلى احتمال إيصال المساعدات عن طريق خطوط التماس بين المعارضة والنظام،  إضافة إلى إقامة مشاريع الإنعاش المبكر” التي تفسر على أنها التفاف على عملية إعادة الإعمار.

وفي هذا الإطار فسّر وربيرج بالقول إن “المساعدات عبر الخطوط الداخلية لا تستطيع أن تلبي وحدها الاحتياجات الإنسانية الحالية، وهنا كمنت وتكمن أهمية تمديد تفويض معبر باب الهوى لعام آخر”.

وأضاف “الولايات المتحدة وباعتبارها المانح الأول للمساعدات الإنسانية للشعب السوري، تقدم المساعدات الإنسانية من خلال كافة الأشكال، ويشمل ذلك المساعدات عبر الخطوط وعبر الحدود، كما نعمل على زيادة مستوى المساعدات حتى يتمكن السوريون في مختلف أرجاء البلاد من الحصول على تلك المساعدات”.

وقال “نعتقد أنه يمكن بذل جهود إضافية في الأشهر المقبلة لتوسيع نطاق المساعدات، ونتطلع إلى العمل مع الشركاء في المجال الإنساني والمنظمات غير الحكومية الشريكة ووكالات الأمم المتحدة التي نعمل معها أصلا لمواصلة العمل للتأكد من وصول المساعدات الإنسانية إلى كافة السوريين المحتاجين”.

هل من تنازلات أميركية للجانب الروسي؟

تعكس إشادة واشنطن وموسكو بالاتفاق رغبة باستئناف الحوار السياسي بينهما حول سوريا وغيرها، خصوصاً أن بايدن قال لبوتين في جنيف إن “تمديد القرار حيوي للتعاون”، ما فُسِّر على أنه “شرط لاستئناف الحوار بينهما”، وفق مراقبين أكدوا أيضا تقدم أميركا خطوة باتجاه الرغبات الروسية.

وردا على القائلين بأن هناك صفقة بين أميركا وروسيا، أكد وربيرج لموقع تلفزيون سوريا عدم وجود أي تنازلات أو صفقات خفية بين الطرفين.

وزاد أن الولايات المتحدة عملت منذ أشهر على هذا الملف وأن الرئيس بايدن كان يركز عليه بشكل كبير لأنه يعتبر “معبر باب الهوى” هو شريان الحياة لملايين السوريين الذين سيكونون عرضة لخطر المجاعة والمرض، لافتا إلى أن “الفرق الأميركية من البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارات ومكاتب أخرى كانت تعمل مع الروس لتحقيق مبادرة تخدم مصالح الشعب السوري”.

واستدرك المسؤول الأميركي أن هذا الاتفاق لا يعني أن الولايات المتحدة ستغض الطرف عن انتهاكات نظام الأسد الذي قتل الشعب السوري ودمر سوريا.

وقال “عقوبات قيصر تندرج تحت قانون تمت الموافقة عليه في الكونغرس من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي وإدارة الرئيس بايدن لم ولن تغير السياسة الأميركية بالنسبة لنظام الأسد حتى يغير النظام سلوكه ويتم اتباع عملية سياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254”.

وحول الموافقة المفاجئة لروسيا على تمرير قرار إيصال المساعدات وفق وجهة النظر الأميركية قال وربيرج “لن نتحدث باسم روسيا وعن أسباب موافقتها على القرار ولكن في نهاية المطاف المجتمع الدولي كله يبحث عن سبل لتخفيف معاناة الشعب السوري والتوصل لحل لهذا الصراع، وهذا التصويت مثال جيد لما يمكن لمجلس الأمن أن يحققه عندما يعمل معا لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة وللصالح العام. (باختصار) إن الإجماع في مجلس الأمن كان لسبب إنساني ولم يكن صفقة”.

 وكان  السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نبينزيا قال إن “الاتفاق تاريخي”، وأضاف “للمرة الأولى، لا تكتفي روسيا والولايات المتحدة بالاتفاق، ولكنهما تقدمتا أيضاً بنص مشترك يؤيده كافة الزملاء في المجلس”.

تلفزيون سوريا

———————————

جولات سوتشي… مكانك راوح/ رياض معسعس

بعد حوالي سنوات أربع من انطلاق مسار مباحثات آستانا في مدينة سوتشي الروسية التي بدأت في كانون الثاني/ يناير من العام 2017 واختتمت جولات ماراتونية سبع في نفس ذاك العام، ثم تلاها جولات تسع خلال السنوات الثلاث الماضية، كان آخرها الجولة السادسة عشرة التي عقدت في السابع والثامن من هذا الشهر في العاصمة الكازاخية نور سلطان.

سنوات أربع لم تقدم شيئا يذكر للشعب السوري المتطلع إلى حل سياسي ينهي حقبة نظام الأسد السوداء، وعودة الاستقرار إلى ربوع سوريا تحت رعاية أممية بتطبيق القرار الأممي 2254 الذي تم التصويت عليه في 30 حزيران/يونيو من العام 2015 والذي تضمن أن الشعب السوري هو من سيحدد مستقبل سوريا، وإجراء مفاوضات للانتقال السياسي ذي مصداقية بين النظام والمعارضة.

مع أول قصف للطيران الروسي في سوريا في 30 أيلول/ سبتمبر لمواقع المعارضة السورية، بعد طلب نظام الأسد من روسيا التدخل العسكري خشية سقوط النظام الذي كان قاب قوسين من السقوط، عمل الروس على نسف مقررات جنيف واستحداث مسار آستانا، ليس لصياغة حل تكون فيه الكلمة للشعب السوري برسم مستقبله السياسي والاقتصادي، لكن لإدخال المعارضة في عملية تسويفية لكسب الوقت بانتظار أن يسترد النظام كل المناطق المحررة من المعارضة وفرض سيادته عليها بدعم من روسيا وإيران.

الدول الضامنة (روسيا وإيران وتركيا) ومنذ الجولة الأولى توافقت على إنشاء آلية ثلاثية لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. لكن النار لم يتوقف يوما واحدا منذ ذاك التاريخ، وفي كل جولة يعاد رسم خرائط المناطق المحررة حسب آخر كر وفر على الميدان، مع إصدار بيان الدول الضامنة المكرر: «الالتزام بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها» مع التشديد على ضرورة احترام هذه المبادئ من كل الأطراف. وعلى أرض الواقع لا أحد يحترم هذه المبادئ، فسوريا غير مستقلة، ومجزأة.

ركزت روسيا منذ البدء على مشكلة « الإرهاب» وخصت محاربة كل من «داعش» و« تحرير الشام « (النصرة سابقا) كمحاولة لتحيد الأنظار عن قصفها للمدن والبلدات التي تتواجد فيها معارضة مسلحة لا تمت بصلة لهاتين المنظمتين باسم الإرهاب، لأنه في واقع الأمر من كان يقاتل «داعش» هي قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بدعم أمريكي (التحالف الدولي) وروسيا لم تدخل في معارك مع «داعش» إلا في مناطق محدودة جدا كالبادية السورية حيث نشطت فيها «داعش» مؤخرا وهي مناطق فيها تواجد روسي. أما جبهة «تحرير الشام» فمواقعها في منطقة إدلب محصنة وتقدم نفسها على أن لا صلة لها بالإرهاب، ولم تنجح قوات النظام والقوات الروسية من اقتحام مواقعها. ومطالب ضمان وقف إطلاق النار لم يكن سوى حبر على ورق سرعان ما انتهك ولا يزال.

لعبت المعارضة السورية التي كانت تشارك في هذه الجولات دور «إثبات الحضور» والتذكير بثوابت الثورة السورية، كوفود الجامعة العربية التي تذكر دائما في بياناتها بحقوق الشعب الفلسطيني، وتخرج وفود المعارضة السورية، التي تختلف تشكيلاتها في كل مرة حسب نتائج آخر صراع فيما بينها، خاوية الوفاض، أي تعود « بخفي حنين» إذ لم تستطع أن تفرض أي وجود على مدار المباحثات، ولم تحقق أي مطلب من مطالبها. (وقف إطلاق النار، تخفيف معاناة السوريين تحت الحصار، الإفراج عن المعتقلين، انتقال سياسي ينهي سيطرة النظام استنادا إلى القرارات الأممية) خاصة وأن الدول الضامنة لا تعاملها كممثلة للشعب السوري، أو الثورة السورية، خاصة وأن البدايات كان التمثيل يضم وجوه المعارضة المسلحة كجيش الإسلام، والجيش الحر وسواهما، ثم اختفت معظم هذه الوجوه، ليحل محلها وجوه أخرى و بعض أعضاء الإئتلاف الوطني. وحتى الشعب السوري لا يعتبر هذه المعارضة تمثله، وهي تعي ذلك وتتصرف حسب أجندات داعميها من قوى خارجية. في حين أن وفد النظام بقي محافظا على هيكله. وهذا الوضع يريح الدول الضامنة وخاصة روسيا التي تتحدث باسم سوريا نظاما وشعبا..

في الجولة الثالثة (14 آذار/ مارس 2017) من ماراتون سوتشي تقدمت روسيا باقتراح وضع دستور جديد للبلاد بعد أن توضح من الجولات الأولى أن باب الحل السياسي قد أغلق تماما في وجه المعارضة بسبب تسويف وفد النظام، ودعم موسكو موقف دمشق. وقد تم تشكيل «اللجنة الدستورية السورية» برعاية مبعوثي الأمم المتحدة، لكن على مدار جولات خمس لم تحقق الوفود أي تقدم يذكر بهذا الجانب، الذي كان مرسوما له أن يبقى مراوحا في المكان، فدستور جديد يطالب بعملية ديمقراطية، وانتخابات، ومعارضة مستقلة، وأحزاب سياسية، ومؤسسات، ومجتمع مدني.. يعني ببساطة إسقاط النظام القائم، وعليه لا بد من الإبقاء على «خفي حنين» ليحملهما وفد المعارضة ويعود بهما.

آخر جولة كانت الجولة السادسة عشرة، وليست الأخيرة إذ تم الاتفاق على متابعة مسيرة الماراثون بجولة سابعة عشرة في نهاية هذا العام في نفس المكان (في العاصمة الكازاخية نور سلطان). كانت هذه الجولة كأخواتها السابقات لم تأت بجديد، بل بمتابعة فن السير «مكانك راوح» في بيانها الختامي جاء «اتفقنا على مواصلة التعاون من أجل القضاء النهائي على داعش، وهيئة تحرير الشام، وجميع الأفراد، والجماعات والمؤسسات والمنظمات الأخرى المرتبطة بالقاعدة، أو داعش.. والجماعات الإرهابية الأخرى المعترف بها على هذا النحو من قبل مجلس الأمن الدولي» وهذا المطلب كان مطلبا منذ بداية الجولة الأولى، وهو مطلب يصب في مصلحة الدول الضامنة قبل كل شيء. وتبقى مطالب الشعب السوري الذي بات ثلثه لاجئا، وثلثه الآخر نازحا، وثلثه الثالث تحت سيطرة النظام.

كاتب سوري

القدس العربي

————————–

صفقة أميركية روسية في سورية؟/ عبسي سميسم

بكل بساطة، انتهت “أزمة” تمديد آلية إدخال المساعدات الأممية إلى سورية، التي تصدرت مشهد القضية السورية في الأشهر الماضية. وتدل السرعة والبساطة التي تمّ بهما التصويت في مجلس الأمن الدولي على القرار، على أنه لم يكن ليمر بهذه السهولة، من دون صفقة أميركية – روسية مرتبطة بالملف السوري، يصار من خلالها للروس تخفيض المساعدات تدريجياً، وإمكانية فتح معابر بين مناطق سيطرة النظام من جهة والمعارضة من جهة أخرى. ويهدف ذلك إلى تحسين الوضع الاقتصادي في مناطق النظام، مع مرور المساعدات (عبر خطوط التماس)، أي وصولها إلى مناطق النظام بإشراف روسي، أو منظمات لم تبدِ حيادية بالتعامل مع الأزمة السورية، كالصليب الأحمر. إلا أن ذلك يبقى بمثابة “تفاصيل”، أمام ما ورد في افتتاح كلمة المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي، ليندا توماس – غرينفيلد، عقب التصويت على القرار، إذ قالت إنه “يمكن لملايينَ السوريين تنفسُ الصعداء، إذ يدركون أن تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود سيستمر للسنة المقبلة. هذا الاتفاق الذي توصلنا إليه، سينقذ الأرواح ويسمح بتدفق المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية”.

كلمة المندوبة الأميركية تندرج في إطار المقولة السورية الشعبية “الضحك على اللحى”، التي عادةً ما تستخدم، لدى حل مشكلة بين طرفين باستخدام أدوات أو أشياء صغيرة، شكلاً وموضوعاً، أمام مشكلة كبيرة، شكلاً وموضوعاً. إذ لا تصوّر بأن الصعداء يمكن أن يتنفسّها السوريون من خلال تجديد آلية المساعدات الأممية، في ظلّ كل الكوارث التي واجهها الشعب السوري طوال السنوات العشر الماضية، من قصف طحن البشر مع الحجر، واعتقال وإخفاء قسري طاول خيرة شباب البلاد، وتهجير قام على أساس إحداث تغيير ديمغرافي، ومجازر وإبادة جماعية باستخدام السلاح الكيميائي. وحصل كل ذلك من دون أن يرف للنظام وحلفائه جفن، خشية المعاقبة من المجتمع الدولي، الذي يختصر اليوم كل تلك المآسي، بالتهليل لتمديد آلية المساعدات.

السوريون يريدون حلاً جذرياً لإنهاء معاناتهم، وغير ذلك هو “ضحك على اللحى” وإطالة أمد الأزمة السورية وإدارتها والانتفاع من مكاسبها في الملفات الدولية والإقليمية للفاعلين.

العربي الجديد

—————————-

قراءة تركية للنهج الروسي في سوريا: هل تخلى فلاديمير بوتين أخيرًا عن بشار الأسد؟

مروان شلالا

إيلاف من بيروت: زعم دبلوماسي سابق يعمل لنظام دمشق أن هناك بعض المشكلات بين الأسد وروسيا، وأن هذه الأخيرة ترسم خطة جديدة لسوريا من دون الأسد.

إذا كانت المزاعم صحيحة، وإذا كان بشار الأسد الذي يلجأ إلى إيران لأن مصالح روسيا وأهدافها في المنطقة تتعارض مع مصالح دمشق وطهران، لا يستطيع حل مشكلاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فمن المحتمل ألا يستمر طويلًا في السلطة، بحسب ما يقول الكاتب السياسي التركي بولنت أوراك أوغلو، في صحيفة “يني شفق” التركية.

وبحسب الدبلوماسي صقر الملحم، تم الاتفاق بين الدول المعنية بالأزمة في سوريا على “سوريا من دون الأسد”. وكخطوة أولى نحو الحل، سيتم تشكيل مجلس سياسي إلى جانب المجلس العسكري للنظام، وتأليف حكومة مؤقتة تضم مسؤولين سوريين من المعارضة. أما بشار الأسد الذي سيتحول لاجئاً سياسياً، فمن الممكن أن يذهب إلى إيران أو كوبا أو فنزويلا.

أضاف الملحم، بحسب “يني شفق”، أن الأشهر المقبلة ستكون مليئة بالمفاجآت، وأن تطبيق العقوبات ضد الدول أو المؤسسات التي نسجت علاقات وثيقة مع نظام بشار الأسد، وفق مبادئ قانون قيصر، سيصبح أكثر تواترًا. بحسب “قانون قيصر للحماية المدنية في سوريا” الذي وقعه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والذي استلهم اسمه من الاسم الرمزي لعنصر في الشرطة العسكرية السورية سرب في 2014 للصحافة العالمية 55 ألف صورة لـ 11 ألف معتقل تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون الأسد، فإن الذين يتعاملون ماليًا مع أشخاص أو شركات مقاولات تعمل نيابة عن روسيا وإيران ستعرضون للعقوبات.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على 39 شخصًا مرتبطين بالحكومة السورية، بمن فيهم بشار الأسد وزوجته، وفق قانون قيصر. وذكر مسؤولون أميركيون أن هذه العقوبات ستستمر ما دامت الحرب الوحشية التي يشنها النظام ضد شعبه مستمرة.

وفقًا للخبراء، وعلى الرغم من وقوف روسيا وإيران في الخندق نفسه لنصرة نظام الأسد بوجه الانتفاضة التي بدأت في عام 2011، فالبلدان مختلفان في السياسة الخارجية. ويذكر أن المشكلات الرئيسية الثلاث بين موسكو ودمشق وطهران هي العملية السياسية المتعلقة بإعداد الدستور الجديد، كما تقول “يني شفق”.

وبحسب روسيا، هناك امتدادان لإيران: الأول في آسيا والآخر في الشرق الأوسط. وفي هذا تعتبر إيران في آسيا مهمة جدا بالنسبة لروسيا من حيث إنها عضو مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون، وكونها جزءا في المناورات العسكرية المشتركة في بحر قزوين، والعلاقات التجارية بين بكين وموسكو. مع ذلك، وعلى الرغم من أن القاسم المشترك بين إيران وروسيا في سوريا هي محاربة الإرهاب، فإن أساليبهما مختلفة. فروسيا ـريد أن تظل إيران قوة إقليمية في آسيا، ولا تريدها أن تنفتح على المتوسط.

تشن إسرائيل من جانبها بشكل متكرر هجمات على مناطق معينة داخل سوريا فتضرب أهدافًا عسكرية إيرانية. وعلى الرغم من أن لروسيا أنظمة دفاع جوي متطورة في سوريا وعلاقات جيدة مع إسرائيل، فإن فشلها في منع هذه الهجمات يسبب عدم ارتياح في دمشق وطهرانفتسامح روسيا مع هذه الهجمات هو أحد المشكلات المهمة.

أضافت الصحيفة التركية أنه بينما تتراجع النزاعات في سوريا، تتزايد الخلافات في الرأي على خط موسكو – طهران – دمشق. وقد أدت انتقادات وجهتها موسكو لدمشق إلى مزاعم بأن بوتين لم يعد يريد الأسد. لكن، هناك نهجان مختلفان في موسكو في ما يتعلق بسوريا: بحسب النهج الأول الذي يدافع عنه الرأي العسكري في الغالب، لا حرب أهلية في سوريا. تحاول حكومة دمشق استعادة أراضيها من الإرهابيين الدوليين المدعومين من الخارج. في هذه الحالة، الطريقة الوحيدة لإنهاء الصراع هي تدمير الإرهابيين. من الواضح أن القيادة السورية تؤيد في هذا النهج؛ وبحسب النهج الثاني الذي ينادي به الدبلوماسيون الروس، فإن القضية في سوريا لا تقتصر على الإرهابيين. وبحسب هذا الرأي، هناك أيضًا معارضون للأسد. إذًا إنها حرب أهلية، وإنهاؤها يستدعي بدء حوار سياسي والذهاب إلى جنيف والتوصل إلى اتفاق وإصلاح الدستور وإجراء انتخابات تحت رعاية أممية.

يضيف أوراك أوغلو في “يني شفق” أن تركيا كانت من الدول التي وصفت الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة في 26 مايو 2021 بأنها عرض وهمي ومسرحية نظمها نظام الأسد قاتل الأطفال من جانب واحد في المناطق الواقعة تحت سيطرته. وجاء في بيان مشترك لوزراء خارجية فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإنكلترا والولايات المتحدة أن “الانتخابات الرئاسية في سوريا في 26 مايو ليست حرة ولا هي نزيهة. ونحن نرفض قرار نظام الأسد إجراء هذه الانتخابات خارج إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.

واشار الكاتب إلى أنه نتيجة الحصار المكثف والهجمات العنيفة، أصيب 78 مدنياً في مدينة دوما بالغازات السامة، وقتلوا جراء هجوم كيماوي نفذه نظام الأسد الذي استولى على دوما في 7 أبريل 2018، وكان اختيار بشار الأسد وزوجته لقضاء الدوما في العاصمة دمشق للتصويت استفزازًا واضحًا لمشاعر ملايين السوريين وتحديًا صريحًا للمجتمع الدولي الذي أعلن عدم اعترافه بهذه الانتخابات.

لكن، من أين يحصل الأسد على الشجاعة لتحدي العالم؟ لا شك في أنه يحصل عليها من بوتين. ويختم بولنت أوراك أوغلو بالقول: “لهذا السبب، أعتقد أنه لو كان بوتين يريد فعليًا سوريا من دون الأسد، لما كان هذا القاتل ليمضي قدمًا في هذا التحدي”.

أعدت “إيلاف” هذا التقرير عن “يني شفق”.

—————————–

تمديد آلية المساعدات: تعاون أميركي روسي أول في سورية/ أمين العاصي

بعد أشهر طويلة من قيادة روسيا حملة واضحة تعارض تمديد آلية إدخال المساعدات الدولية إلى سورية، لم يشهد مجلس الأمن الدولي أول من أمس الجمعة سجالاً سياسياً كان متوقعاً بين روسيا والولايات المتحدة الأميركية، بعدما توصلت موسكو وواشنطن، عبر قنوات اتصال مشتركة، إلى صيغة توافقية لم تُعرف تفاصيلها بعد، ما سمح بتمرير القرار الذي ثار جدل واسع حوله خلال الشهرين الأخيرين.

ومدد مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي، آلية معمولاً بها منذ عام 2014 لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية لستة أشهر، من خلال معبر باب الهوى مع الجانب التركي، أي حتى العاشر من يناير/ كانون الثاني 2022، قابلة للتجديد لستة أشهر بشكل فوري، بعد تقرير يقدمه الأمين العام للأمم المتحدة حول الموضوع. وتوصلت الولايات المتحدة وروسيا إلى صيغة توافقية سمحت بتمرير القرار، بعد سحب مشروعَي قرار آخرين وُضعا للتصويت باللون الأزرق، ليل الخميس الماضي. الأول كان مشروعاً نرويجياً ــ إيرلندياً يجدد للآلية لسنة عبر معبر باب الهوى مع تركيا. وكانت روسيا قد قدمت مشروع قرار خاصاً بها يمدد تقديم تلك المساعدات، ولكن لستة أشهر فقط، ويطالب بتغييرات في عمل الآلية ومراقبة أوسع عليها.

وأثار التوافق الأميركي الروسي تساؤلات حول طبيعة الصفقة التي تمت بين الطرفين، والتي أتاحت تمديد آلية المساعدات، من دون أن تصدر تصريحات في موسكو أو واشنطن تشير إلى طبيعتها. لكن الاتصال الذي جرى بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي أوضح البيت الأبيض في بيان أنه تخلله بحث الجانبين “جهود العمل المشترك التي أدت إلى الوصول لاتفاق حول نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية”، كان التعبير الأوضح عن حجم الاتصالات التي سبقت تمرير القرار في مجلس الأمن. كما أن تصريحات المندوبين الروسي والأميركي خلال الجلسة حملت مؤشرات تظهر حجم التوافق.

وبعد التصويت على القرار قالت السفيرة الأميركية، ليندا توماس – غرينفيلد، إنه “يمكن لملايين السوريين تنفس الصعداء، إذ يدركون أن تقديم المساعدات الإنسانية العابرة للحدود ستستمر للسنة القادمة. هذا الاتفاق الذي توصلنا إليه سينقذ الأرواح، ويسمح بتدفق المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية”. واعتبرت أنها “لحظة مهمة، حيث تمكنت روسيا والولايات المتحدة من التوصل لاتفاق حول مبادرة إنسانية تدعم مصالح السوريين. وهذه لحظة مهمة لمجلس الأمن والأمم المتحدة، أظهرنا فيها أنه يمكننا أن نفعل ما هو أكثر من مجرد الحديث. يمكن أن نعمل سوياً وأن نجد حلولاً لأمور عالقة وصعبة”. وشددت على أن تبني القرار يؤمن تقديم المساعدات للمدنيين في سورية. وقالت: “القرار الذي تم تبنيه لن يسد جميع الاحتياجات على الأرض، ولكن يقدم مساعدات ضرورية، وسنقوم بتوسيع طرق المساعدات”.

من جهته، قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا إن “المجلس تمكن من التوصل لنقطة تقارب مهمة بشأن موضوع صعب، هي آلية إيصال المساعدات العابرة للحدود. ونعبر عن امتناننا لجميع أعضاء المجلس، ولزملائنا الأميركيين الذين سعوا إلى تحقيق روح الوفاق، كما كان الأمر في قمة جنيف بين بوتين وبايدن. إن نص القرار الذي اعتمد خطوة مهمة في طريق حل الأزمة السورية وتجاوز تداعياتها”. وأضاف: “في هذا القرار نجد للمرة الأولى إلحاحاً على كيفية تحسين إيصال المساعدات عبر خطوط التماس. وهذا ينسجم مع مبادئ إيصال المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة”. وشدد نيبنزيا على أن “أعضاء المجلس متحدون بشأن الفكرة القائلة إن المساعدات الإنسانية يجب أن تستجيب للاحتياجات العاجلة، ولا سيما الصحة والمياه والأغذية والأدوية، ولذلك منحوا الضوء الأخضر لكي يتم الاستمرار بالآلية عبر الحدود، وتبديلها بآلية المساعدة عبر خطوط المواجهة (التماس)”. وأضاف “سنتابع العملية في الأشهر الستة المقبلة، ويطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً مفصلاً حول كيفية عمل معبر باب الهوى، مع التركيز على شفافية العمليات وإجراءات إيصال المساعدات عبر خطوط التماس. وسيقدم الأمين العام بانتظام تقارير بشأن تطور الأوضاع في ما يخص تحسين ترتيبات المساعدات الإنسانية وتفعيل مشاريع التعافي والإنعاش”. ووصف الاتفاق بالتاريخي منذ سنوات، إذ قدمت واشنطن وموسكو نصاً مشتركاً، معبراً عن أمله في أن تكون هذه نقطة تحول بين البلدين.

وسارع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى الترحيب بقرار مجلس الأمن الدولي. وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحافي عقده بمقر المنظمة الدولية في نيويورك: “تظل المساعدة الإنسانية عبر الحدود شريان حياة لملايين الأشخاص في المنطقة وخارجها، والأمين العام يرحب بقرار المجلس الذي يضمن إعادة التفويض باستمرار المساعدة الإنسانية لأكثر من 3.4 ملايين شخص محتاج، بما في ذلك مليون طفل”. بدورها رحبت وزارة الخارجية التركية، في بيان أول من أمس، “باستمرار آلية إيصال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود، التابعة للأمم المتحدة، الفاعلة من أجل تلبية احتياجات الشعب السوري عبر تركيا”. ولفت البيان إلى أن تركيا تنتظر من مجلس الأمن والجهات الدولية الفاعلة، اتخاذ خطوات بناءة ومواقف توافقية لإيجاد حل دائم للأزمة السورية. وأكد أن أنقرة ستواصل دعمها القوي لمحاربة الأزمة الإنسانية في سورية، وستستمر في المساهمة الفاعلة في الحفاظ على وقف إطلاق النار ودفع العملية السياسية إلى الأمام.

وكانت روسيا قد لوّحت باستخدام حقها في النقض لإجهاض المساعي الدولية لدوام تدفق المساعدات إلى الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام. وترى موسكو أن هذه الآلية، المعتمدة منذ سنوات، تعد انتهاكاً لسيادة النظام، وأن المعطيات على الأرض تجاوزت هذه الآلية التي وُضعت إبان صعود تنظيم “داعش” الدراماتيكي في 2014، وسيطرته على نحو نصف مساحة سورية. وكان من الواضح أن موسكو كانت بصدد ابتزاز المجتمع الدولي من أجل الحصول على مكاسب اقتصادية وسياسية لها وللنظام السوري، قبل أن “تليّن” موقفها، خصوصاً بعد أن اصطدمت بالإصرار الأميركي على تمديد القرار. في المقابل، لم تحصل واشنطن على كل ما كانت تسعى إليه من وراء القرار، إذ فشلت في إقناع الروس بفتح أكثر من معبر لسهولة تدفق المساعدات الدولية، إذ كان الأميركيون يريدون فتح معبر باب السلامة في ريف حلب الشمالي، ومعبر اليعربية في ريف الحسكة. وكانت الآلية المتبعة منذ 2014، تسمح بدخول المساعدات عبر أربعة معابر حدودية، هي باب الهوى وباب السلامة من الجانب التركي، والرمثا مع الأردن، واليعربية مع العراق. واضطر مجلس الأمن إلى إغلاق ثلاثة معابر العام الماضي بعد اعتراض روسي- صيني، ما أدى إلى اقتصار دخول المساعدات على باب الهوى. وطالبت “الإدارة الذاتية”، ذات الطابع الكردي في شمال شرق سورية، بفتح معبر اليعربية أمام المساعدات الدولية، إلا أن الاعتراض الروسي، المدعوم بموقف تركي رافض، حال دون ذلك.

وفيما لا تزال تفاصيل الصفقة الأميركية – الروسية غامضة، فإنه لا يمكن إغفال أن “التسوية” أتت بعد مباحثات جمعت الأسبوع الماضي مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، مع مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك في جنيف الأسبوع الماضي. ولذلك ستتجه الأنظار خلال الفترة المقبلة إلى طبيعة الخطوات والسياسات الأميركية المتعلقة بالملف السوري، لمعرفة ما إذا كانت ستشهد تغييرات جوهرية، بما في ذلك تشديد “قانون قيصر” من عدمه، وإمكانية تخفيف القيود على بعض أنواع المساعدات، والسماح ربما لبعض الأطراف بالانخراط بإعادة بناء البنية التحتية في مجالات محددة، مثل الصحة والكهرباء ومياه الشرب. ومن الملفات التي يمكن رصدها التطورات في المفاوضات بين “قوات سورية الديمقراطية” (قسد) والنظام، خصوصاً في ظل العلاقة الأميركية المتينة مع الأكراد. كذلك يبرز ملف إمدادات النفط من شمال شرق سورية نحو مناطق النظام، أو دخول شركات روسية إلى هذه المنطقة للعمل على رفع الإنتاج. كما لا يزال من غير الواضح إذا تلقى الروس وعوداً بفتح أكثر من معبر داخلي بين مناطق النظام والمعارضة، وهو مطلب روسي ملح بهدف إنعاش اقتصاد النظام المتهالك.

ورأى الباحث السياسي في مركز “عمران” للدراسات نوار شعبان، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لا يمكن القول إنه جرى تمرير القرار بيسر وسهولة”، مشيراً إلى أن “روسيا قادت، قبل أشهر، حملة إعلامية ضده، بالإضافة إلى التصعيد العسكري في محافظة إدلب، والذي كان ورقة ضغط، سواء في جولة أستانة 16 أو في مجلس الأمن”، مشيراً إلى أنه “لم يصلنا ما حدث في أستانة وساعد على تمرير القرار”. ورجّح أن يكون الروس حصلوا على تطمينات لفتح معابر داخلية بين مناطق النظام والمعارضة، مضيفاً: لم يكن مفاجئاً أن يكون القرار لمدة ستة أشهر. وأوضح أنه لا يعتقد أن الجانب الأميركي قدم تنازلات للجانب الروسي، مضيفاً: أعتقد أن هناك تطمينات قدمها الأميركيون للروس للسماح للنظام بالعمل أكثر في منطقة شرقي نهر الفرات، وحول فتح المعابر الداخلية مع النظام بصيغة معينة.

في المقابل، أعرب المحلل السياسي رضوان زيادة، في حديث مع “العربي الجديد”، عن اعتقاده بأن “صفقة روسية أميركية جرت خلال اجتماع بايدن وبوتين في جنيف الشهر الماضي”. وقال: بعد القمة قال بايدن إننا نتوقع من موسكو ألا تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد قرار بشأن المساعدات في سورية، وإلا فإن الأمور ستتعقد بيننا في الملف السوري. وأضاف: لذلك أشار المندوب الروسي في مجلس الأمن إلى أن الإجماع الذي حصل عليه القرار كان ثمرة اللقاء، واتصل الرئيس الأميركي بنظيره الروسي ليشكره على عدم استخدام “الفيتو”. واعتبر زيادة أن الولايات المتحدة فهمت الرسالة الروسية، ولن تقوم بفرض عقوبات على شخصيات أو أفراد روس من خلال “قانون قيصر”.

إلى ذلك، ثمّن فريق “منسقو الاستجابة” الإنساني في شمال غرب سورية قرار مجلس الأمن. واعتبر، في بيان، أنه “سيساهم إلى حد كبير في الحد من الكوارث الإنسانية أو دخول المنطقة في حالة مجاعة حقيقية”. ودعا المنظمات الدولية إلى “إيجاد حلول بديلة إضافية خلال المرحلة المقبلة لغياب أي حلول سياسية للملف السوري”، محذراً الجانب الروسي من “أي عملية ابتزاز سياسي للملف الإنساني لتعويم النظام السوري”. وبحسب فريق “منسقو الاستجابة” فإن المساعدات الدولية عبر آلية التفويض “تشكل 60 في المائة من مقومات الحياة للمدنيين في شمال غرب سورية”.

من جانبه، أشار مدير فريق “منسقو الاستجابة” محمد الحلاج إلى أنه “للمرة الأولى يحدث توافق روسي أميركي في مجلس الأمن في القضية السورية”، معتبراً القرار “نصف نصر”. وقال، في حديث مع “العربي الجديد”، إن المجتمع الدولي رضخ لضغوط موسكو، إذ تأجلت جلسة مجلس الأمن خوفاً من “الفيتو” الروسي. وبيّن أن الآلية هي لمدة ستة أشهر، قابلة للتجديد بناء على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة. وقال: سيحدث تفعيل لمكاتب الأمم المتحدة في العاصمة دمشق، وربما هذا الأمر سيمهد لروسيا، بعد ستة أشهر، للترويج لخطوط الإمداد الداخلية، ما يُدخلنا مرة أخرى في متاهات مجلس الأمن. واعتبر أنه “من المعيب تسييس قضية إنسانية، مثل إدخال المساعدات إلى المدنيين في مجلس الأمن وفق أهواء دول”، مشيراً إلى أن مصير نحو أربعة ملايين مدني في الشمال الغربي من سورية معلق بيد المندوب الروسي في مجلس الأمن.

ويسود اعتقاد في أوساط المعارضة السورية أن القرار الجديد “خطوة إلى الوراء”، وأن روسيا ستحاول فرض مرور المساعدات عبر خطوط التماس بين قوات النظام وفصائل المعارضة إلى شمال غربي سورية، وإنهاء الآلية الحالية التي تتيح إيصال المساعدات عبر الحدود، بعيداً عن سلطة النظام الساعي إلى الاستحواذ على هذه المساعدات، واتخاذها ورقة ضغط لإخضاع المناطق الخارجة عن سيطرته. وانتقدت منظمات حقوقية، بينها أوكسفام ولجنة الإنقاذ الدولية، وهيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، وأطباء من أجل حقوق الإنسان، مجلس الأمن لموافقته روسيا على السماح بمرور المساعدات عبر معبر واحد فقط لمدة ستة أشهر، ثم تمديدها لستة أشهر أخرى وفق شروط.

وجمعت الدول المانحة، خلال اجتماعات النسخة الخامسة من “مؤتمر بروكسل من أجل سورية”، التي عقدت أواخر مارس/آذار الماضي، نحو 6.6 مليارات دولار أميركي لعامي 2021 و2022، لمساعدة اللاجئين والنازحين السوريين في قطاعات مختلفة، في مقدمتها الصحة والتعليم والإغاثة الإنسانية. وسيكون جزء كبير من هذه المخصصات، ضمن المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود.

—————————-

أستانة-16:ما الذي أزعج الروس..ولماذا يبدي وفد المعارضة رضاه؟/ عقيل حسين

قال وفد المعارضة السورية إنه راضٍ عن نتائج اجتماعات الجولة الأخيرة من مسار أستانة التي انتهت الخميس، مؤكداً أنه تم خلالها بحث جميع الملفات على الساحة السورية، وتحقيق مكاسب في بعضها، خاصة ملفي المعابر الانسانية والتهدئة العسكرية.

وبينما رأى الكثيرون أن البيان الختامي للقاء أستانة-16 الذي استضافته عاصمة كازاخستان، كان مكرراً ولا يحمل أي جديد، أكد المتحدث باسم وفد المعارضة أيمن العاسمي أن “ما جرى في المباحثات أهم بكثير مما جاء في البيان الختامي”.

وكشف العاسمي في تصريح ل”المدن”، أن هذه الجولة لم تكن مجدولة بالأصل، لكنها أقرت بشكل استثنائي بعد التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدتها مناطق متعددة في سوريا، بالإضافة إلى الخلاف بوجهات النظر حول التمديد للمعابر المخصصة للمساعدات الإنسانية.

وأشار العاسمي أن أهم نتائج الجولة الحالية هي موافقة الجانب الروسي الضمنية على استمرار تفويض الأمم المتحدة بإدخال المساعدات الانسانية من معبر باب الهوى، مؤكداً الأنباء التي تحدثت عن تخلي روسيا عن تهديداتها باستعمال حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي بعد الوصول إلى صيغة “مرضية لجميع الأطراف”.

المساعدات الانسانية

وكانت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، قد طرحت على بقية أعضاء مجلس الأمن اقتراحاً يوم الخميس، يقضي بتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء سوريا، الأمر الذي فسره البعض على أن جزءاً منها سيكون تحت إشراف النظام السوري.

ويرى الباحث في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي أن هذه الصيغة “تعني تنازلاً من واشنطن عن سقف اختبار الثقة” الذي حدّده الرئيس جو بايدن خلال القمّة الثنائية مع فلاديمير بوتين منتصف حزيران/ يونيو 2021.

وأضاف في حديث ل”المدن”، “يحمل تصريح المندوبة الأميركية تفسيران، الأوّل توسيع تقديم المساعدات الإنسانية عبر الخطوط ليعد بتغطية أكبر للاحتياجات بعد أن تراجعت نسبة الوصول إلى 40 في المئة منذ إغلاق معبر اليعربية بعد انتهاء تفويض القرار 2504 (2020)، مع عدم وجود آمال لافتتاح هذا المنفذ مرّة أخرى”.

والثاني توسيع تقديم المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس بين المعارضة والنظام، من دون تقويض آلية المساعدات عبر الحدود، وقد يكون هذا المقترح هو ما حثّ روسيا على إبداء استعدادها للتراجع عن التلويح باستخدام حق النقض (الفيتو) خلال جلسة مجلس المقررة الجمعة.

لكن العاسمي أكد أن 40 في المئة من المساعدات الأممية المخصصة لسوريا تذهب بالأصل لمناطق سيطرة النظام، مقابل نسبة مماثلة لمناطق المعارضة، و20 في المئة لمنطقة شرق الفرات.

وأضاف “وفق التفاهم الجديد فقد طالبت موسكو بزيادة الكتلة الإجمالية للمساعدات، على أن تبقى نسب التوزيع كما هي، وبناء عليه تراجعت روسيا عن موقفها المتمسك بعدم التمديد للمعابر الخارجة عن سيطرة النظام لأنها كانت تعلم أن المساعدات ستستمر بالتدفق سواء بقرار من مجلس الأمن أو بدونه”.

إدلب: التصعيد والتهدئة

ملف التصعيد العسكري في إدلب كان حاضراً وبقوة على طاولة المباحثات، حسب العاسمي، الذي أكد أن وفد المعارضة والوفد التركي وضع الروس بشكل حازم أمام مسؤولياتهم في ضرورة الحفاظ على اتفاقات وقف إطلاق النار المطبقة هناك، كما جرى مناقشة الهجمات التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون”، وتحميل الروس المسؤولية عنها أيضاً.

وكان البيان الختامي للجولة الأخيرة قد أكد أن “الدول الضامنة لصيغة أستانة، اتفقت على ضرورة الحفاظ على الهدوء في إدلب، من أجل التنفيذ الكامل للاتفاقيات”.

ويعتقد عبد الوهاب عاصي أنّ اكتفاء البيان الختامي بالتأكيد على الحفاظ على التهدئة في إدلب من أجل تنفيذ جميع التفاهمات المتعلّقة بمنطقة خفض التصعيد “يعني استمرار العمل بموجب نظام وقف إطلاق النار ل6 أشهر إضافية، أو لحين انعقاد جولة المباحثات رقم (17)”.

لكنه يرى أن ذلك لا يعني استبعاد الانزلاق إلى عمليات قتالية جديدة في المنطقة “بل قد يستمرّ التصعيد في إدلب مع إصرار روسيا على حسم إحدى القضايا الخلافية مع تركيا، والرغبة في تقليص حجم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها النظام السوري، والحرص على إعادة فرض الأخير السيادة على ملف المساعدات الإنسانية بالكامل”.

درعا والباب واللجنة الدستورية

وإلى جانب ملفي التهدئة في إدلب والمعابر المخصصة للمساعدات الانسانية، قال العاسمي إن وفد المعارضة طرح قضية الحصار الذي تفرضه قوات النظام والميليشيات الإيرانية على منطقة درعا البلد جنوب سوريا، بالإضافة إلى قطع الكهرباء عن المولدات ومضخات المياه في شرق حلب، ما أدى إلى أزمة في مياه الشرب بمدينة الباب.

وأضاف أن “الجانب الروسي حاول التوضيح أنه يبذل جهوداً من أجل عدم التصعيد في أي مناطق أخرى من جانب النظام، لكننا أبلغناه أن كل المعطيات تشير إلى أن موسكو لا تستطيع ضب حليفها بدمشق الذي يبدو أكثر تماهياً مع إيران”.

وتابع: “قدمنا للروس أدلة على هيمنة طهران على قواته العسكرية جنوب سوريا بشكل كامل، وقلنا إنه بينما تعزز إيران من سيطرتها الميدانية، تتعزز صورة روسيا كدولة محتلة بنظر السوريين، الأمر الذي أزعج الروس ووعدوا ببحثه في الجولة المقبلة”.

الأمر ذاته ينطبق أيضاً، حسب العاسمي، على مفاوضات اللجنة الدستورية، التي قال مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف الأربعاء، إن اجتماعها الدوري المقبل قد يُعقد في صيف 2021، مشيراً إلى أن جميع الوفود وافقت على تمديد المفاوضات.

العاسمي أعلن أن وفد المعارضة أبلغ الجانب الروسي أن هذه المفاوضات ستكون بلا طائل مع استمرار النظام في تعطيلها وصولاً إلى التملص من التزاماته السابقة، كاشفاً عن أن النظام أبلغ خولة مطر، مساعدة المبعوث الدولي إلى سوريا، خلال زيارتها الأخيرة إلى دمشق أنه غير معني بما جرى في جولات مفاوضات اللجنة الدستورية السابقة، وأنه ما بعد الانتخابات الرئاسية ليس كما قبلها، الأمر الذي يتطلب موقفاً أكثر حزماً ووضوحاً من موسكو على هذا الصعيد.

رغم التعبير عن رضاه عما تحقق في مسار أستانة حتى الآن، إلا أن وفد المعارضة لا يخفي أن ذلك لا يحقق سوى الحد الأدنى من طموحاته، وهو الحفاظ على التهدئة والسعي لتحقيق اختراقة هامة في العملية السياسية، بل يشدد على أنه، وفي ضوء تعطل كل المسارات الأخرى، لا يبقى سوى هذا المسار، بانتظار عودة الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وكذلك الدول العربية إلى الملف السوري بشكل أقوى.

المدن

—————————–

بوتين.. والأسد وحقائق الأمور!!/ صالح القلاب

لا أعتقد أنّ روسيا فلاديمير بوتين، وليس روسيا فلاديمير لينين، التي كان إسمهما الإتحاد السوفياتي، ستتخلى عن سوريا بشار الأسد التي لم يبق منها إلّا ما يشبه بقايا الوشم في ظاهر اليد ثم ولا أعتقد أنّ موسكو يزعجها أنْ يكون لهذا الرئيس السوري علاقات تصل إلى مستوى التبعية بدولة الولي الفقيه التي من المعروف، وهذا معلن وواضح ولا يمكن إنكاره، أنها هي بدورها أيضاً على علاقات وطيدة وقائمة على المصالح المشتركة الكثيرة والمتعددة مع إيران هذه التي ترتبط إرتباطاً وثيقاً وللأسف مع بعض الدول العربية وأيضاً مع كل الدول المحاددة لها وكذلك مع حركة طالبان التي إزداد ضغطها على عنق أفغانستان التي بقيت تخضع لأنظمة كثيرة متلاحقة من بينها نظام بابراك كارمال الذي كان قد رحل مع رحيل القوات السوفياتية.

ربما أنّ بوتين هذا لا تعجبه بعض تصرفات نظام بشار الأسد وبعض مواقفه السياسية وكل أساليبه المالية وأساليب أفراد عائلته والأكثر قرباً منه من كبار المسؤولين وكبار قادة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لكنه أي الرئيس الروسي وفي كل الأحوال لا يمكن أن يفرط بالعلاقات التي تصل إلى مستوى “الوصاية” على سوريا هذه التي كان إرتكازها وجودياًّ على الإتحاد السوفياتي ولاحقاً على هذا النظام الذي على رأسه فلاديمير بوتين الذي يعرف معرفة أكيدة أنّ من يتخلى عن سوريا ويخسرها سيتخلى وسيخسر المنطقة الشرق أوسطية كلها.

ثم كيف من المعقول أن يتخلىّ فلاديمير بوتين عن سوريا حتى في عهد بشار الأسد، الذي من المعروف والمثبت والمؤكد أنه “لا يسر الصديق ولا يغيض العدا”، بحجة علاقاته الوطيدة بإيران بينما أنّ روسيا هذه تعتبر أن كل ما تقوم به دولة الولي الفقيه من إختراقات “إحتلالية” إنْ في بعض الدول العربية، مثل العراق وسوريا ومثل لبنان ودولة “الحوثيين” في اليمن، هو لمصلحتها وإنّ ما هو في مصلحتها أيضاً هو كل هذا التمدد الإيراني في أرمينيا وأذريبجان وتركمانستان وكازاخستان وباكستان.. وأيضاً في أفغانستان نفسها وفي بعض الدول الآسيوية البعيدة وبعض دول أفريقيا وأميركا اللاتينية.

ربما أنّ بوتين، هذا الذي يفعل في روسيا أكثر مما يفعله بشار الأسد في سوريا، لا تعجبه بعض تصرفات النظام السوري الداخلية وبعض سياساته ومواقفه الخارجية لكن وفي كل الأحوال فإنه لا يمكن وعلى الإطلاق أن تتخلى موسكو عن هذا البلد “الإستراتيجي” الذي بقيت تتمسك به في عهد الإتحاد السوفياتي الذي كان يتعامل مع سوريا كتعامله مع منظومة الدول الإشتراكية.

ولهذا ومرة أخرى فربما أن فلاديمير بوتين له مآخذ كثيرة على تصرفات وسياسات هذا النظام السوري الداخلية تحديداً وأنه بات لا يطيق كل هذا الفساد المستشري في سوريا لكن أن “يرحل” سياسياًّ عن هذا البلد وأنْ يتركه لإيران وحدها فإنّ هذا غير معقول وغير متوقع على الإطلاق ومع الأخذ بعين الإعتبار أنّ هذا الرئيس الروسي ربما يضطر للتفكير بإستبدال بشار الأسد بأحد أبناء هذه العائلة.. كإبن خاله رامي مخلوف الذي يعتبر أنه الأكثر نفوذاً وقوة في المنطقة العلوية

——————————

النفط مقابل المساعدات.. هل تمت الصفقة بين بايدن وبوتين في سوريا؟/ إسطنبول – عبد القادر ضويحي

تسير الولايات المتحدة الأميركية مع روسيا على مبدأ خطوة بخطوة، فكل تنازل يقابله آخر بين الطرفين، ولا سيما مع وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، فمسار العلاقة بين البلدين حيال سوريا اتضحت معالمها بعد اللقاء الأخير بين بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، والذي أخذ الملف السوري حيزاً منه، ما سبق وتلا الاجتماع يشير إلى تنازلات قدمت وستقدم بين البلدين للوصول إلى صيغة مشتركة تضع أس العمل بينهما في الملف السوري.

شكل ملف المساعدات الأممية إلى سوريا، وآلية تجديدها بقرار من مجلس الأمن أساساً لبناء الثقة بين واشنطن وموسكو، فبايدن وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية اعتبروا ملف المساعدات شغلهم الرئيس، وعلى الرغم من أن موسكو لوحت بالفيتو مطلع العام الحالي، وحتى قبل أيام من تصويت مجلس الأمن الدولي، فإنها وافقت أخيراً على تمديد المساعدات الإنسانية إلى السوريين عبر معبر باب الهوى فقط.

مجلس الأمن يمدد آلية إدخال المساعدات إلى سوريا عبر معبر “باب الهوى”

خطوة بخطوة

عدم اعتراض موسكو على تمديد آلية المساعدات إلى الشمال السوري، فتح التساؤل عن المقابل الذي قدمته واشنطن لروسيا على الأرض السورية، وهذا يعيدنا إلى تصريح أميركي قبل أسبوعين اعتبر أن ملف المساعدات نقطة اختبار لروسيا، ويبدو أن موسكو نجحت في هذا الاختبار، وأمام هذا الاختبار تتوارد الأنباء عن تنازل أميركي عن البلوك 26 النفطي لصالح شركة “غولف ساند”، وهذا التنازل يبدو أنه أول نجاح لمبدأ خطوة بخطوة بين الروس والأميركيين.

ويعتبر البلوك 26 الواقع في أقصى شمال شرقي سوريا، واحداً من أهم المناطق النفطية في سوريا، وقدر إنتاجه عام 2011 بنحو 20 ألف برميل يومياً، ويشكل إلى جانب حقول محافظة الحسكة خزاناً نفطياً كبيراً لسوريا، وشركة “غولف ساند” تعتبر المالك الشرعي للبلوك بالتعاون مع شركة صينية، والمؤسسة العامة للنفط التابعة لنظام الأسد.

من تكون شركة غولف ساند؟

تتخذ الشركة من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، وتعرف عن نفسها أنها “مستقلة لا تتبع لأي حزب أو جهة”، وهي شركة بريطانية، لكن مالك الحصة الأكبر فيها رجل أعمال روسي مقرب من الكرملين، حصل عليها عقب تعرضها لخسائر مالية.

ويوجد للشركة مكتب في العاصمة السورية دمشق، وأصدرت قبل نحو أسبوعين تقريراً أكدت فيه أنها لا تمتلك أي وصول إلى الحقول النفطية في شمال شرقي سوريا، ويمتلك رجل أعمال روسي يدعى Michael Kroupeev أكثر من نصف الأسهم في الشركة، ولديهم الرغبة في العودة إلى النفط إلا أن الشركة صرحت أكثر من مرة أنها لا تريد التعرض للعقوبات الأميركية، كما أن رجل الأعمال السوري أيمن الأصفري يمتلك أسهماً في الشركة ذاتها، إضافة إلى رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام بشار الأسد.

وتعرضت الشركة عام 2018 لخسائر مادية كبيرة شطبت على إثرها من بورصة لندن في العام ذاته، وفشلت في إعادة ترميم نفسها، وسط محاولات مستمرة لنقل مقر الشركة إلى دولة أخرى للتحايل على العقوبات والخسائر التي تعرضت لها في الآونة الأخيرة، وتقول الشركة وفق تصريحات سابقة لها، إن البلوك 26 لم يتعرض لخسائر في البنى التحتية، مشيرة أنها تستطيع رفع الإنتاج إلى 50 ألف برميل يومياً.

الشركة ذكرت في الآونة الأخيرة أنها مستمرة في التواصل بشكل قانوني لبحث ملف العقوبات على قطاع النفط السوري، وأنها لا تريد الغوص في مواجهة تلك العقوبات نظراً لانهيارها الاقتصادي.

ويرى الباحث في مركز حرمون للدراسات محمود الحسين، أنه لا تستبعد عودة الشركة للعمل في البلوك 26، ضمن صفقة أميركية روسية، ولا سيما أن أي اتفاق سيعود بمنفعة اقتصادية لنظام الأسد، مشيراً أن الحقول النفطية في المنطقة بقيت على حالها ولم تتضرر إطلاقاً مقارنة بحقول النفط في محافظة دير الزور، وأن شركة غولف ساند أكدت هذا الأمر أكثر من مرة.

وأضاف الحسين في حديثه لموقع تلفزيون سوريا إلى أن سحب واشنطن الاستثناء الممنوح لشركة “دلتا إنرجي” بخصوص قانون قيصر في أيار الماضي، كان مؤشراً قوياً ورسالة طمأنة لروسيا، مشيراً إلى أن الاستثناء الذي كان ممنوحاً لشركة “دلتا إنرجي” كان ينتهي في نهاية شهر آب المقبل، لكن واشنطن استبقت ذلك وسحبت الاستثناء الذي كان ممنوحاً للشركة من وزارة الخزانة الأميركية.

مؤشرات سبقت الصفقة

خاضت الولايات المتحدة جولة لقاءات مع مسؤولين روس لإقناع الروس بعدم استخدام الفيتو أمام التمديد لدخول المساعدات الأممية إلى سوريا، ولعل أبرز اللقاءات المهمة التي جرت في هذا الجانب هو لقاء جمع مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، بمسوؤل ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي بريت ماكغورك في مدينة جنيف السويسرية الأسبوع الماضي.

وحيال هذا يعتبر الباحث في الشأن الروسي سامر إلياس، أن الجانب الأميركي يريد التركيز على موضوع تمديد آلية المساعدات كمدخل لزيادة التنسيق مع الروس في الشأن السوري، مشيراً أنه في هذه المرحلة تجب مراقبة أي تطورات في المفاوضات بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام كمؤشر عن مستوى العلاقة الأميركية مع الأكراد، وكذلك مراقبة امدادات النفط من شمال شرقي سوريا نحو مناطق  النظام أو  دخول شركات روسية إلى هذه المنطقة للعمل على رفع الإنتاج.

واعتبر إلياس في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا، أن أي صفقة بين الأميركيين والروس يجب أن تراعي قضيتين الأولى عدم إثارة أي مخاوف لدى إسرائيل وخاصة في موضوع انتشار إيران، والثانية عدم إغضاب تركيا حتى لا تعطل هذه الاتفاقات نظرا لانتشارها في معظم مناطق الشمال السوري.

لا تعليق من قسد

وحيال تلك الصفقة أو ما رشح منها، تواصلنا مع مسوؤل النفط في الإدارة الذاتية، لكننا لم نتلق أي جواب، وفي جانب آخر قالت مصادر محلية إن “شركة الجزيرة” التابعة للإدارة الذاتية تراجع عملها في الآونة الأخيرة، واقتصر على الجانب المحلي، وكانت شركة الجزيرة ذراعاً ميدانياً لشركة “دلتا إنرجي” الأميركية سبق أن أجرت الشركتان دراسات ميدانية على عدد من الحقول النفطية في شمالي وشرقي سوريا.

هذا واعتبر الباحث في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي، أنّ هناك مقابلاً حصلت عليه روسيا في آخر لحظة حتى قبلت بتجديد آلية المساعدات عبر الحدود، مثلما أشار إلى ذلك مندوب روسيا لدى مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا بالقول إنّ بلاده تناقش مع الولايات المتحدة تخفيف العقوبات الاقتصادية عن نظام الأسد، وكذلك عندما ربط وزير الخارجية سيرغي لافروف قبل أيام موقف بلاده من المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا بتخفيف الولايات المتّحدة العقوبات على النظام بما فيها قانون قيصر لحماية المدنيين.

وأضاف عاصي لموقع تلفزيون سوريا، أن روسيا تريد استثناء شركات النفط الروسية من العقوبات المفروضة ولا سيما في إطار قانون قيصر، بما يُسهّل من عملها في عمليات إصلاح وصيانة وتصدير النفط في شرق الفرات لتغطية الاحتياجات المحلية ورفد خزينة النظام السوري بالقطع الأجنبي.

يبقى مبدأ خطوة بخطوة، أو النفط مقابل المساعدات، مجهول المصير، لكنه قد يفتح الباب أمام توافق أميركي روسي مستقبلا، واللافت في التعاون الروسي الأميركي بشأن ملف سوريا هو تصريح جوي هود مساعد وزير الخارجية الأميركي الذي قال إن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير نظام بشار الأسد في سوريا، بل لتغيير سلوك حكومته، مشددا على دعم عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حكومة “تمثل الشعب السوري”.

الخارجية الأميركية: لا نسعى لتغيير نظام الأسد بل لتغيير سلوك حكومته

وقابل تصريح هود آخر مماثل لمبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا الذي قال إن واشنطن قد تنسحب من سوريا في أيّة لحظة، وهذا التصريح يشكل منعطفاً في الملف السوري، ولا سيما أن تصريحات المسؤول الروسي جاءت بعد أيام من لقاء جمعه بمسؤول ملف الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي.

——————————-

روسيا اليوم” تقطع بث مؤتمر “أستانا 16” بعد عرض فيديو يوثق مجازرها في سوريا

قطعت قناة “روسيا اليوم” بثاً على الهواء مباشراً لمؤتمر صحفي، يوم أمس الخميس، يتضمن توثيق مجازرها في السوريين خلال خمسة أشهر، منذ انعقاد مؤتمر “أستانا 15” في شباط إلى مؤتمر “أستانا 16”.

وكان أحمد طعمة، رئيس وفد المعارضة السورية المشارك في المؤتمر، قد عرض فيديو يوثق مجازر “الضامن الروسي”، خلال الفترة الممتدة بين شهر شباط والشهر الجاري، وعند بداية عرض الفيديو قطعت قناة “روسيا اليوم” المملوكة للدولة عرض الفيديو، ونقلت البث إلى مذيعها في الاستديو.

واستطاع موقع تلفزيون سوريا الحصول على مقطع الفيديو، الذي يظهر لقطات لقصف قوات النظام وروسيا على الأهالي والمهجري في شمال غربي سوريا، وتوثيق أكثر من 550 هجوما على المدنين، من بينها 28 غارة روسية.

وكشف الفيديو عن وقوع 100 ضحية من مدنيين بينهم 24 طفلا و17 امرأة في شمال غربي سوريا خلال الفترة ذاتها بسبب قصف النظام وحليفه الروسي.

ووثق الفيديو استهداف النظام وروسيا للمستشفيات والمنشآت الحيوية، بالإضافة إلى توثيق 43 إصابة بين صفوف الطواقم الطبية.

وتواصل روسيا مع قوات النظام تصعيد القصف منذ نحو شهر، على منطقة خفض التصعيد في إدلب والأرياف المتصلة بها من محافظات حلب وحماة واللاذقية.

وأصيب مدنيون بينهم نساء وأطفال، اليوم الجمعة، بقصف جوي ومدفعي مكثّفت لقوات النظام وروسيا، على مناطق متفرقة في أرياف حماة وإدلب وحلب.

وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قد أصدرت، نهاية العام الفائت، تقريرها السنوي الخامس عن انتهاكات القوات الروسية منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا أيلول 2015، دعت فيه إلى فرض عقوبات أممية ودولية على روسيا لارتكابها جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في سوريا، قتلت خلالها 6859 مدنياً بينهم 2005 أطفال، واستهدفت 207 منشآت طبية.

وذكر التقرير أن روسيا لطالما بررت تدخلها في سوريا بأنه جاء بطلب من نظام الأسد المسيطر على الدولة السورية، ولكن التقرير أوضح أن هذا مجرد تضليل قانوني، فهناك اشتراطات حقوقية لصحة التدخل العسكري، هي جميعها غير متحققة في الحالة السورية بحسب التقرير.

تلفزيون سوريا

—————————–

متى ينتهي مسلسل خيبات الأمل في الملف السوري وغيره ؟/ رامي الشاعر

تضمن البيان المشترك لممثلي إيران وروسيا وتركيا في ختام اللقاء الدولي الـ 16 حول سوريا بصيغة أستانا قراراً بعقد اللقاء الدولي السابع عشر حول سوريا بصيغة أستانا قبل نهاية عام 2021.

كذلك أكد المجتمعون التزامهم الثابت بسيادة واستقلال ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية، وعبروا عن إصرارهم على الاستمرار في التعاون لمحاربة الإرهاب، ومكافحة المخططات الانفصالية، وحماية المدنيين والبنى التحتية بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي. كذلك فقد ناقش ممثلو الدول الضامنة في صيغة أستانا الأوضاع في منطقة إدلب لخفض التصعيد، وفي شمال شرق سوريا، واتفقوا على التوصل إلى أمن واستقرار على المدى البعيد في هذا المنطقة، انطلاقاً من الحفاظ على سيادة ووحدة الأراضي السورية، ورفضوا جميع المحاولات لفرض واقع جديد “على الأرض”، بما في ذلك المبادرات غير الشرعية للإدارة الذاتية. كما ندد المجتمعون بالاعتداءات العسكرية المستمرة من قبل إسرائيل على سوريا والدول المجاورة لها، ما يهدد الاستقرار والأمن في المنطقة، ودعوا إلى وقفها.

وعبر الجميع، بطبيعة الحال، وكما تقتضي البروتوكولات في مثل هذه اللقاءات/الاجتماعات/المؤتمرات (هذا هو اللقاء الدولي الـ 16!)، عن قناعتهم “الراسخة” بأن الأزمة السورية لا تملك حلاً عسكرياً، في الوقت الذي أكّدوا فيه على التزامهم بالمضي قدماً في العملية السياسية طويلة الأمد، والقابلة للتنفيذ، والتي يقودها وينفّذها السوريون بأنفسهم، بدعم من هيئة الأمم المتحدة، وبموجب القرار 2254 لمجلس الأمن الدولي.

ثم عبر المجتمعون مجدداً عن قلقهم الجاد بشأن الأوضاع الإنسانية في سوريا وتأثير جائحة فيروس كورونا، رافضين جميع العقوبات أحادية الجانب، التي تخلّ بالقانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

يتسم البيان، بتعبيرات فضفاضة وروتينية تدبج في جميع الاجتماعات الماضية والحالية والقادمة، ربما كانت النقطة الوحيدة هي حول التبادل الناجح للمحتجزين، الذي جرى في 2 يوليو الجاري، في إطار مجموعة العمل الخاصة بتحرير المحتجزين/الرهائن، وتسليم جثامين القتلى، والبحث عن المفقودين. وهي العملية التي أظهرت استعداد الأطراف السورية لتعزيز تدابير الثقة المتبادلة بدعم من الدول الضامنة بصيغة أستانا، وأكدت على توجّه الدول الضامنة إلى تفعيل وتوسيع التعاون في إطار مجموعة العمل.

ما يخيّب الآمال هو ما نلمحه من مهاجمة المسؤولين السوريين لتركيا، دون مراعاة لوضعها كإحدى الدول الضامنة بصيغة أستانا، ولدورها المهم في الحفاظ على نظام التهدئة، ووقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية. وبدلاً من تقديم مبادرات عملية تساعد موسكو ومجموعة أستانا لإنهاء الخلافات بين دمشق والمعارضة، يتفنن كثيرون في الإبقاء على الفرقة، ويركّزون على نقاط الخلاف، بدلاً من التركيز على ما يمكن أن يقلّص الفجوة بين الأطراف، بدلاً من توسيعها.

بهذا الصدد، أود التأكيد على أن المسؤولية الأولى في ذلك إنما تقع على السلطة في دمشق، والتي تمثّل السلطة الشرعية للبلاد أمام العالم، وهي وحدها القادرة على قيادة عملية التغيير في سوريا، وإنهاء معاناة الشعب السوري، وهو ما يمكن أن ينهي كل المشاكل الأخرى، خاصة مع الجارة تركيا، وكذلك العلاقة بين ملايين السوريين في شمال شرق وغرب سوريا وجنوب سوريا وحل مشكلة اللاجئين.

علينا أن ننتبه جميعاً إلى أن الاستسلام للوضع الحالي، والتعامل معه من جانب كثيرين كوضع “مستقر” وربما “مستدام”، هو أمر في منتهى الخطورة، يدفع البلاد نحو حافة الانقسام، خاصة وأن الأطماع الموجّهة لسوريا كثيرة، وبعضها يمر عبر النزعات الانفصالية، التي يلعب فيها الزمن دوراً حاسماً، فبعض العرب السوريين من المقيمين داخل المناطق التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية الكردية، من الممكن أن يفضلوا مع الوقت أن تنتظم حياتهم المؤقتة، طالما كانت الإدارة الذاتية، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، ستوفر لهم مطالبهم، والحد الأدنى من الحياة الكريمة التي يسعى إليها الجميع.

أقول إن يوم اللاجئ والنازح بسنة، والآن علينا أن ننتظر ستة أشهر طوال، حتى اللقاء القادم “قبل نهاية عام 2021″، مع التأكيد بالطبع على الإسراع في عقد الاجتماع التالي السادس للجنة الدستورية، التي ربما ستناقش مرة أخرى مفاهيم السيادة ووحدة الأراضي وحقوق المرأة، ويبقى الحال على ما هو عليه بالنسبة للنازحين واللاجئين المحرومين من أبسط حقوق الإنسان، في المأكل والمشرب والملبس والمسكن والعلاج.

ترى كم سننتظر مجدداً بينما تبتز الأطراف بعضها بعضاً في الداخل والخارج، على حساب الشعب البسيط الجائع، الذي يقف على خيط رفيع بين الحياة والموت؟

في لبنان، جرت محادثة هاتفية، 9 يوليو، بين الممثل الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط والبلدان الإفريقية، نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف، ورئيس مجلس الوزراء المكلف، سعد الحريري. وخلال المحادثة، شارك الحريري بوغدانوف تقديراته ورؤيته لتطور الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في لبنان، والذي ينزلق نحو المزيد من التعقيد.

من جانبه، جدد بوغدانوف تأكيده على دعم روسيا الثابت للجهود المبذولة لتشكيل حكومة اختصاصيين بأقصى سرعة ممكنة، يمكنها عكس المسار السلبي للأحداث في البلاد. في الوقت نفسه، تم التأكيد على ضرورة وأهمية التوصل إلى توافق وطني جامع حول مبادئ وأسس تجمع حولها جميع القوى السياسية والطوائف والقيادات اللبنانية، إيماناً بوحدة الأراضي اللبنانية، وسيادة الدولة على أراضيها. في هذا السياق، ركّزت موسكو على استمرار الاتصالات النشطة مع ممثلي الدوائر الاجتماعية والسياسية المؤثرة في لبنان، اعتماداً على العلاقات الودية التقليدية بين روسيا ولبنان، واستناداً إلى التعاون بين البلدين في شتى المجالات.

لقد أعلنت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في لبنان أن كافة معامل مؤسسة كهرباء البلاد وشبكات التوتر العالي قد أصبحت خارج الخدمة منذ الساعة السادسة من صباح الجمعة، 9 يوليو.

الأزمة اللبنانية إذن تفاقمت إلى الحد الذي تنحدر فيه نحو الهاوية، وحيث الفوضى، وحيث لا رجعة، إذا ما استمر الوضع في الانهيار كما هو حادث الآن. لا يريد البعض التجاوب مع دعوة الحريري لتشكيل حكومة اختصاصيين، انتظاراً لما يمكن أن تسفر عنه زيارة سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية أو سفير فرنسا إلى الرياض. لن يتمكن لبنان من النهوض من عثرته دون تشكيل الحكومة بقيادة الحريري، ولن تفيد أي من المماطلات والمساومات، ولن يتمكن صندوق النقد الدولي أو أي من الدول العربية مد يد العون للبنان دون التوصل لهذه الحكومة.

في ليبيا، يلقي التواجد العسكري الأجنبي على الأراضي الليبية بظلاله على المشهد السياسي الليبي، إلا أنه ليس المعضلة الوحيدة في الأزمة الليبية، بل إن عدم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف الليبية المتصارعة فيما بينها هو ما أدى ولا زال يؤدي إلى تدهور الأوضاع في أحد أغنى البلدان في المنطقة. لابد لحل الأزمة الليبية من توافق بين جميع الليبيين، بما في ذلك القبائل والعشائر ومؤيدي نظام معمر القذافي سابقاً. فالجميع يجب أن يشاركوا دون إقصاء، على أن تتجنب الأطراف الاستقواء بالخارج، والمراهنة على أي قوى خارجية لتمكّنها من الحكم، سواء على مستوى الرئاسة أو غيرها.

وقد علمت من مصادري الخاصة أن إصرار السفير الأمريكي والحكومة الفرنسية على التدخل بشكل سافر في عمل لجنة الحوار والتأثير على عدد من أعضاء ملتقى الحوار من خلال تهديدات صريحة لهم بفرض عقوبات من خلال مجلس الأمن، 15 يوليو الجاري، يزيد من تعقيد الأزمة على مستوى الوضع الداخلي، ويدفع إلى منعطف خطير للغاية، حيث تريد دول بعينها انتخابات رئاسية صورية، كي تأتي برئيس عميل، يمكن تحريكه وفقاً للمصالح الخارجية. وليست تلك إلا هيمنة استعمارية في صورتها الجديدة، تسعى للسيطرة على ليبيا، لإبعاد روسيا عن ليبيا قدر المستطاع.

كل ما يريده الشعب الليبي هو أن يحظى بدستور دائم يكون أساساً لنظام الحكم القادم. فكم يمكن أن ينتظر الشعب الليبي هو الآخر حتى تتحقق مطالبه؟

في الملف الفلسطيني، ألقت الأحداث الأخيرة في الضفة الغربية بظلال قاتمة على حالة النضال المشرفة للشعب الفلسطيني دفاعاً عن أرضه وقضيته العادلة. فبعد أن أعاد الفلسطينيون قضيتهم إلى الواجهة، من خلال تلاحم أبناء الشعب الواحد في الضفة الغربية وقطاع غزة وعرب 48 والشتات، وبعدما توجّهت كل أنظار العالم إلى بقعتنا المظلومة، تأتي حادثة وفاة الناشط المعارض، نزار بنات، أثناء اعتقاله، والمعلومات التي جاءت في التقرير الطبي الأولي، بتعرّضه للضرب في أنحاء جسمه كافة، وخلال نقله إلى مركز الأمن الوقائي، ووفاته جراء فشل قلبي ورئوي حاد بسبب صدمة إصابية، لتلطخ تلك الصفحة المشرقة ناصعة البياض بلون الدم بين الأخوة، وبين الموالاة والمعارضة، وبين من ينتمون لهذا الفصيل أو ذاك، ومن يرون الحل الفلسطيني هنا أو هناك. إنها ضربة قاصمة ولحظة مؤسفة حزينة ستترك آثارها السلبية على أجيال قادمة من الفلسطينيين.

لهذا خرجت المظاهرات منددة بما حدث، مطالبة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالرحيل! أليس ذلك غاية ما يتمناه العدو الإسرائيلي، أليست تلك هي أجندة أعداء الحل العادل للقضية الفلسطينية. لكن الفلسطينيين أنفسهم يقومون بذلك نيابة عن العدو. يطلقون الرصاص على القضية الفلسطينية العادل لتصفيتها، وهو جرم سوف يتحمل مسؤوليته الجميع، وسوف تطال تداعياته الكل بلا استثناء. وناهيك عن الانقسام الفلسطيني ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، اليوم تفقد منظمة التحرير الفلسطينية تلاحماً جديداً فيما بين أبناء الضفة الغربية أنفسهم.

الرحمة على الشهيد نزار بنات، وباقي شهدائنا الأبرار، بل قل الرحمة على فلسطين وعلى القضية الفلسطينية، التي لم يعد أحد يرقى إلى تمثيلها والدفاع عنها، بينما يأن الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع تحت وطأة الاحتلال والحصار وهدم المنازل والمضايقات وشظف العيش والأمراض بكل أنواعها. فكم ينتظر الشعب الفلسطيني حتى تتحقق مطالبه العادلة والبسيطة؟

صحيفة” زافترا “

——————————-

مجلس الأمن يمدد آلية المساعدات إلى سوريا..باتفاق أميركي روسي

صوّت مجلس الأمن الدولي الجمعة، على تمديد العمل بآلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا لمدة عام، من معبر “باب الهوى” الحدودي مع تركيا.

وعقد مجلس الأمن مشاورات مغلقة، حيث تمكن ممثلو الدول الأعضاء من التوصل إلى قرار مشترك بتمديد آلية المساعدات عبر المعبر ل6 أشهر قابلة للتجديد 6 أشهر أخرى. وصوت أعضاء المجلس بالإجماع (15 دولة) على مشروع القرار المشترك الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة والنرويج وإيرلندا قبل يوم من انتهاء التفويض الحالي للآلية.

وفور صدور القرار، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن أجرى اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث أشادا بالعمل المشترك الذي أدى إلى الاتفاق. وذكر البيت الأبيض في بيان أن “الزعيميْن أثنيا على العمل المشترك لفريقيهما في أعقاب القمة الأميركية الروسية الذي أدى إلى الإجماع على استئناف نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا في مجلس الأمن”.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بعد التصويت، إن القرار من شأنه حفظ أرواح الكثير من السوريين، مضيفةً أن واشنطن وموسكو اتفقتا على إدخال المساعدات للشعب السوري.

بدوره، قال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن أعضاء المجلس متحدون بشأن ضرورة تقديم المساعدات العاجلة للسكان شمالي غربي سوريا، لافتاً إلى أنه ستكون هناك مراقبة لعملية إيصال المساعدات.

وأوضح أن روسيا ستتابع خلال الشهور الستة الأولى تنفيذ القرار، بحيث يتم استبدال آلية المساعدات عبر الحدود في نهاية المطاف عبر خطوط المواجهة (أي من الداخل السوري وبإشراف النظام السوري).

وأكد ممثلو الدول الأعضاء خلال الجلسة العلنية في المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، “أهمية صدور القرار من أجل تلبية الحاجات الملحة للشعب السوري وتخفيف معاناتهم على نحو يحفظ كرامتهم”.

وكان مجلس الأمن قد أرجأ الخميس، التصويت على القرار 2585 الخاص بتوصيل المساعدات إلى سوريا لمنح الدول مزيداً من الوقت لاستكمال المفاوضات، فيما ينتهي السبت تفويض الأمم المتحدة لإدخال المساعدات.

وطرحت روسيا الخميس، على أعضاء مجلس الأمن مشروع قرار بشأن تمديد آلية المساعدات 6 أشهر فقط. ومشروع القرار الروسي جاء في مواجهة آخر وزعته أيرلندا والنرويج في 26 حزيران/يوليو، يقترح تمديد تفويض إيصال المساعدات عبر باب الهوى عاماً واحداً وإعادة تفويض معبر “اليعربية” على الحدود العراقية لمدة عام.

—————————–

سياسة واشنطن لم تتغير..ليس إقصاء الأسد بل تغيير سلوكه

قال مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى جوي هود إن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير نظام بشار الأسد في سوريا، بل لتغيير سلوك حكومته، مشدداً على دعم عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حكومة “تمثل الشعب السوري”.

وفي مقابلة مع قناة “الجزيرة”، قال هود إن “حديث وزير الخارجية أنتوني بلينكن واضح، سياستنا في سوريا لا تهدف لتغيير النظام، وإنما تغيير سلوك الحكومة السورية عبر عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة، وتؤدي إلى حكومة تمثل وتحمي شعبها، وتقدم المساعدات، ولا تسجن السياسيين ولا تعذب شعبها كما يفعل هذا النظام. هذا هو مسعانا الذي لم يتغير بالفعل”.

واعتبر مساعد وزير الخارجية أن “بعض اللاعبين في المنطقة” يرون أنه من مصلحتهم تقلصّ الدور العسكري الأميركي هناك”، موضحا أن “القوات الأميركية لن تخرج من شمال شرق سوريا”. وأكد مواصلة العمل مع قوات سوريا الديمقراطية -التي تتشكل أساسا من قوات حماية الشعب الكردية- بهدف مواجهة “داعش”.

وأضاف هود أن تنظيم الدولة لا يشكل تهديدا على الأبرياء في سوريا فقط، وإنما على العراقيين والأتراك والأوروبيين والأميركيين وشعوب العالم.

وكان مجلس الأمن وافق الجمعة، بعد اتفاق روسي-أميركي، على مشروع قرار يمدد 6 أشهر لآلية إيصال المساعدات إلى الشمال السوري عبر معبر باب الهوى.

وقال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا بعد التصويت، إن بلاده تخوض محادثات مع الولايات المتحدة حول تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على نظام الأسد.

وأضاف نيبينزيا “نحن نتحدث عن ذلك”. لكنه امتنع عن الرد على سؤال حول مدى استعداد الولايات المتحدة لهذه الخطوة، مصرحاً: “سنرى”.

——————————

المساعدات تدخل.. ولكن!، الجوع يُطبق على ملايين السوريين

بعد اجتماع مجلس الأمن الخاص الذي جدد “تفويض الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى سوريا”، والذي حكر دخول تلك المساعدات عبر معبر “باب الهوى” بين سوريا وتركيا، فإن قرابة خمسة ملايين سوري من المقيمين في منطقة شمال شرق سوريا، والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، يفقدون المزيد من الأمل بإمكانية حدوث تغيير في أحوالهم المعيشية.

المداولات التي جرت بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي كانت توصلت إلى طريق مسدود، وذلك لرفض روسيا الموافقة مشروع قرار مُقدم من إيرلندا والنرويج، والذي كان ينص على تمديد تفويض الأمم المتحدة لإدخال المساعدات إلى سوريا، إضافة معبر اليعربية الحدودي مع العراق إلى نظيره “باب الهوى” الحدودي مع تركيا، وهو أمر رفضته روسيا بكل تفاصيله، الأمر الذي قالت الأنباء إن الدولتان المُقترحتان عرضتا إمكانية التخلي بند معبر اليعربية، مقابل الموافقة الروسية على التمديد السنوي مثلما تسير الأمور بشكل دوري اعتيادي منذ العام 2014، وفقًا لتقرير نشره موقع “سكاي نيوز عربية”.

التوجه الروسي الأساسي يقوم على ثنائية طرح إيصال المساعدات الأممية عن طريق المناطق والمعابر السورية إلى باقي مناطق البلاد، وهو أمر ترفضه القوى الدولية، بالذات التي تتحمل المسؤولية المالية الأكبر لتقديم المساعدات، الولايات المتحدة كندا اليابان والاتحاد الأوربي، لأنها تعتبر ذلك بمثابة إعادة منح الشرعية لللحكومة السورية. كذلك كانت تعرض روسيا تفويضاً أممياً لمدة ستة أشهر فحسب، ولآخر مرة، وفقط لإجراء تفاوض بشأن آلية تقديم المساعدات عن طريق المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية. فحدثت مساومة اليوم، بحيث تنازلت الولايات المُتحدة وحلفاءها عن موضوع معبر اليعربية، مقابل الموافقة الروسية على تمديد التفويض لمدة عام كامل.

ميسرة.. ولكن

منطقة شرق الفرات، التي تُقدر مساحتها بحوالي ربع مساحة سوريا، وتضم أكثر من خمسة ملايين مواطن سوريا، هي المنطقة الوحيدة التي لم تدخلها المساعدات الدولية منذ أن أقر التفويض الدولي منذ العام 2014. بالرغم من أنها أكثر مناطق السوري فقراً وتراجعاً في مستويات التنمية، وفوق ذلك تتعرض لحصار اقتصادي من قِبل تركيا منذ سنوات.

الباحث في مركز الشرق للدراسات السياسية درغام بهاري شرح في حديث مع “سكاي نيوز عربية” الظروف المحيطة بسكان منطقة شرق الفرات خلال الفترة الماضية: “كانت الأحوال المعيشية في تلك المنطقة مُيسرة خلال السنوات الماضية، إلا أن عاملين مركبين أحدثا تحولاً في ذلك. فقانون العقوبات الأميركي “قيصر” منع الإدارة الذاتية في تلك المنطقة من بيع المستخرجات النفطية إلى الحكومة السورية، وتالياً صارت الخزينة العامة لهذه الإدارة، والتي كانت تدير فيها المئات من مؤسساتها وأكثر من ربع مليون من موظفيها العموميين، وتقدمت خدمات صحية وتعليمية واقتصادية، صارت تلك الخزينة شبه خاوية”.

ويضيف الباحث بهاري في حديثه “كذلك فإن الجفاف وانحسار الأمطار خلال السنة الماضية في تلك المنطقة، حرم القاعدة الاجتماعية الأوسع من السكان من الحصول على الحد الأدنى من الحاجات الغذائية بشكل يومي، وسوف يُثبت أي استقصاء ميداني أن الأغلبية من السكان لا يحصلون على كفايتهم الطبيعية من السعرات الغذائية، خصوصاً في الأرياق الجنوبية والشرقية من المنطقة”.

تصر روسيا على عدم إدخال المساعدات إلى تلك المنطقة بالذات، لعدم منح الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا مزيداً من الشرعية والقوة، حيث تعتبرها المنافس السياسي والعسكري الأبرز للحكومة السورية، حليف روسيا. كذلك فإنها تعتبر أن منطقة شرق الفرات خاضعة لنفوذ الولايات المتحدة، وتضييق الخناق عليها ستدفع الطرف الأميركي للتفكير بتقديم تنازلات لروسيا في سبيل حلحلة الأوضاع فيها، خصوصاً وأن الولايات المتحدة تعتبر تكريس الاستقرار في تلك المنطقة جزءا من محاربة الإرهاب.

مفاوضات إستانا

مفاوضات “مجموعة إستانا” التي تضم كل من روسيا إيران وتركيا، والتي اختتمت في العاصمة الكازاخستانية “نور سلطان” يوم أمس اجتماعات جولتها السادسة عشرة، لم تتعرض في بيانها الختامي إلى موضوع المعابر الحدودية وإعادة تجديد التفويض الأممي بإدخال المساعدات إلى سوريا، وهو أمر قال المراقبون بأن دليل على وجود توافق غير معلن بين الدول الثلاث بشأنها.

مصدر رفيع من داخل الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا، أوضح في حديث مع “سكاي نيوز عربية” رؤية إدارته للأمر “ثمة معطيات تفصيلية بالنسبة لنا، تقول إن الدول الثلاثة متوافقة تماماً على حصار منطقة شرق الفرات، تجويع سكانها من أجل انتزاع تنازلات سياسية من قوات سوريا الديمقراطية. والإدارة لا تملك أوراق ضغط للدفاع عن سكانها، خلا بعض الدور الذي لا تمارسه الولايات المُتحدة بشكل جدي. لكن الجميع يعرف، بالذات الدول المسؤولة عن تدفق المساعدات، أن هذا النوع من الضغوط الاقتصادية هي دافع رئيسي وجوهري لزيادة مستويات العنف وقدرة التنظيمات المتطرفة على جذب الشباب القانطين من أحوالهم، وهذه مسألة تمس الأمن القومي لكل هذه الدول، بالذات الولايات المُتحدة ودول الاتحاد الأوروبي”.

————————–

تسوية أميركية ـ روسية تمدد المساعدات لسوريا

بايدن وبوتين نوّها بعمل فريقيهما… وقرار مجلس الأمن يبقي معبراً واحداً مع تركيا

نيويورك: علي بردى

مدد مجلس الأمن أمس التفويض الممنوح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أجل مواصلة عمليات إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر وحيد هو باب الهوى الحدودي مع تركيا إلى أكثر من ثلاثة ملايين من السوريين المحتاجين في شمال غربي سوريا، بعد مفاوضات صعبة وتسوية ملتبسة حول المدة، إذ أكد الدبلوماسيون الغربيون أنها لسنة كاملة يتخلل منتصفها تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لكن الجانب الروسي أبقاها مشروطة.

وأعلن البيت الأبيض أن الرئيسين الأميركي جون بايدن والروسي فلاديمير بوتين نوّها بعمل فريقيهما حول سوريا، بعد القمة بين الرئيسين في جنيف في 16 الشهر الماضي.

وقالت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن «التمديد هو لـ12 شهراً»، ولكنه مقسم على مرحلتين، موضحة أنه بعد ستة أشهر، سيتلقى المجلس تقرير غوتيريش «ثم يجدد بصورة تلقائية» القرار الحالي لستة أشهر إضافية «من دون تصويت». غير أن نظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا رفض الإقرار بهذا التفسير، معتبراً أن «النص الحالي مشروط بما يورده الأمين العام في تقريره». وأجمع دبلوماسيون غربيون على أن «التسوية حصلت على 12 شهراً».

وجاءت هذه التفسيرات المتباينة بعدما صوّت أعضاء المجلس بالإجماع على القرار 2585 عقب توصل الدبلوماسيين الأميركيين والروس إلى هذه «التسوية الملتبسة» على مسودة وسطية أعدت بناء على مشروع قدمته آيرلندا والنرويج ولكنه يستجيب لتعديلات رئيسية وردت في مشروع قرار مضاد عرضته روسيا.

————————

مجلس الأمن يمدّد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا

خلاف أميركي ـ روسي حول تفسير مدة التفويض للقرار الدولي

نيويورك: علي بردى

تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع الجمعة قرارا يمدد لستة أشهر، قابلة للتجديد وفق شروط، آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عير الحدود ومن دون موافقة دمشق، وذلك قبل يوم من انتهاء مهلة القرار السابق.

ويجمع النص النهائي بين مشروعين متنافسين، الأول لآيرلندا والنرويج، والثاني لروسيا. إلا أنّ مدّة التمديد محط تأويلين متباينين، إذ تقول الولايات المتحدة إنّها لعام واحد، فيما تؤكد روسيا أنّها لستة أشهر قابلة للتجديد في ضوء تقرير مرتقب لأمين عام الأمم المتحدة في نهاية لعام.

واستمرت المشاورات حتى اللحظة الاخيرة ازاء التصويت. وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته إن الفكرة كانت لمنح “مزيدا من الوقت لاستكمال المفاوضات”، ذلك ان اميركا تريد تمديد معبر باب الهوى لسنة، فيما تمسكت روسيا بستة اشهر للضغط على التعامل مع الحكومة السورية.

وينتهي اليوم( السبت) تفويض الأمم المتحدة لإدخال المساعدات عبر الحدود الساري منذ 2014 والذي تم تخفيضه بشكل حاد في 2020 بضغط من موسكو.

ورفضت روسيا منذ بداية الأسبوع أي مناقشة لمشروع القرار الذي اقترحته إيرلندا والنروج العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن المسؤولان عن الملف الإنساني السوري. وتريد موسكو حليفة دمشق أن يستعيد النظام سيادته على كامل أراضي البلاد.

ومساء الأربعاء، أدخلت إيرلندا والنروج تعديلاً أساسياً على مقترحهما في محاولة منهما لتليين موقف موسكو وإقناعها بتمرير النصّ. وفي صيغته الأساسية كان مشروع القرار ينصّ على أمرين هما: تمديد العمل لمدة سنة بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا من منفذ باب الهوى (شمال غرب) الحدودي مع تركيا، وتوسيع نطاق هذه الآلية بحيث تشمل أيضاً معبر اليعربية الحدودي مع العراق، كما كان عليه الوضع في الماضي.

ويتيح معبر باب الهوى إيصال المساعدات إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في منطقة إدلب، في حين يتيح معبر اليعربية إيصالها إلى المناطق الواقعة في شمال شرق سوريا.

وفي محاولة منهما لإقناع روسيا بتليين موقفها، عدّلت إيرلندا والنروج مساء الأربعاء مشروع القرار بحيث تخلّتا عن مطلب إعادة فتح معبر اليعربية وأبقتا فقط على معبر باب الهوى، بحسب ما أفاد دبلوماسيون.

وتعزو روسيا موقفها الرافض لتمديد العمل بهذه الآلية إلى أنّ المساعدات الدولية يمكن أن تصل إلى محتاجيها من خلال دمشق وعبر الخطوط الأمامية، وهو طرح يرفضه الغرب بشدّة.

وكانت فرنسا هدّدت بوقف المساعدات الدولية إذا لم يمدّد مجلس الأمن العمل بالآلية العابرة للحدود.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير مؤخراً إنّ “92% من المساعدات الإنسانية إلى سوريا تقدّمها (أوروبا) والولايات المتحدة وكندا واليابان. لا يتوقعنّ أحد أن يعاد تخصيص هذه الأموال لتوجيهها عبر الخطوط الأمامية”، مشدّداً على أنّ هذا الحلّ ليس مجدياً.

والثلاثاء أعلنت الولايات المتحدة أنّها لن تقبل “بأقلّ مما لدينا اليوم” أي تمديد العمل بالآلية عبر باب الهوى ولمدة عام.

وكانت منظمة “اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحية-فرنسا” غير الحكومية الناشطة في سوريا قد دعت الأربعاء إلى الحفاظ على آخر ممر للمساعدات الإنسانية معتبرة أنّه “لا خطة بديلة” عن ذلك. وقالت المنظمة إنّها تود “دق ناقوس الخطر” إزاء احتمال زوال ممر في شمال-غرب سوريا يتيح ايصال المساعدات من تركيا المجاورة إلى محافظة إدلب آخر معقل لبعض الجماعات المقاتلة، من دون الحاجة إلى موافقة دمشق.

ودخلت الآلية حيز التنفيذ عام 2014، ولكنّها اختزلت لاحقاً في معبر باب الهوى حيث شكّل مئات العاملين في مجال المساعدة الانسانية سلسلة بشرية الجمعة للمطالبة بالحفاظ على ممر العبور المباشر.

وقالت المنظمة الإنسانية في بيان إنّ “النقاشات … تشهد حشد روسيا، الحليف الرئيس للنظام السوري، لإقرار عبور المساعدات الإنسانية من خلال الجبهات أو المعابر، ما يعني بصيغة أخرى أنّه يتوجب أن تسيطر دمشق وتتولى مباشرة (المساعدات) بذريعة الحفاظ على السيادة السورية”. واضافت أنّ توفير المساعدة من خلال المعبر “خط أحمر (للاتحاد). لسنا متأكدين من أنّ المساعدات ستصل فعلاً إلى السكان”.

وكان السفير الفرنسي في الأمم المتحدة الذي ترأس بلاده مجلس الأمن خلال شهر تمّوز(يوليو) الجاري، أكّد الأسبوع الماضي أنّه ومنذ بداية العام “50% من طلبات إيصال مساعدات إنسانية عبر الجبهات رفضها النظام السوري”.

ورأت منظمة “اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الصحيّة-فرنسا” أنّ “التصويت الحاسم” المرتقب سيحدد مصير المساعدات الإنسانية في سوريا حيث “كانت لعشر سنوات من الحرب أثر مدمر … ويحتاج 13,4 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية”، بزيادة 21% عن 2020، طبقاً للبيان

————————–

قصف إدلب.. نهج روتيني “لن يتوقف” والهدف “ليس هجومياً

انتهت محادثات “أستانة” بجولتها 16 قبل أيام، وعلى خلاف ما تضمنه بيانها الختامي لم يتوقف التصعيد العسكري بالقصف على محافظة إدلب ومحيطها، ما يفتح باب تساؤلات عن أسبابه الرئيسية والأهداف الكامنة من ورائه.

ويتنوع القصف ما بين المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، فضلا عن ذاك الذي تنفذه الطائرات الحربية الروسية، حيث تقصف جيئة وذهاباً من جبل الزاوية في الريف الجنوبي لإدلب، ووصولاً إلى القرى والبلدات الواقعة في الريف الشمالي لمحافظة اللاذقية.

وفي الأيام التي سبقت “أستانة 16” كانت معظم المعطيات السياسية والميدانية تشير إلى أن التصعيد يعتبر بمثابة “ورقة ضغط” تضعها موسكو على الطاولة من أجل فرض مواقفها أمام المجتمع الدولي من جهة، وأمام نظيرتها في المسار المذكور (تركيا).

لكن استئناف الضربات في اليومين الماضيين أعطى صورة مختلفة عما سبق، وطرح عدة أسئلة، بينها ما الذي تريده روسيا من التصعيد؟ وما الأهداف التي تتطلع إليها من ورائه؟ وهل يعتبر ذلك تمهيداً لأي هجوم عسكري مرتقب؟

    جددت الطائرات الحربية الروسية اليوم السبت 10 تموز، غاراتها الجوية، مستهدفة محيط قرية جوزف في جبل الزاوية جنوبي #إدلب دون وقوع إصابات، وكانت شنت مساء أمس غارات مماثلة على نفس المنطقة دون تسجيل إصابات بشرية. #الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/6fiauSmMt8

    — الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) July 10, 2021

“تنوع في الاستهدافات”

بمجملها تسفر الضربات الجوية أو المدفعية والصاروخية عن ضحايا مدنيين، فضلاً عن دمار كبير في الأبنية السكنية من جهة وفي المراكز الحيوية، كقطاعات “الدفاع المدني السوري” وأخرى المتعلقة بما يحتاجه الناس يومياً من جهة أخرى.

وفي إحصائية حديثة لـ”الدفاع المدني” فقد وثق مقتل 54 شخصاً خلال شهر يونيو/حزيران الماضي والأسبوع الأول من يوليو/تموز الحالي، من بينهم 11 طفلاً وعشر نساء، كما أصيب أكثر من 148 شخصاً.

من جانبه نشر مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” ورقة قدم فيها قراءة في هجمات روسيا ونظام الأسد على محيط الطريق الدولي (m4) في إدلب خلال شهري مايو ويونيو الماضيين.

وذكر المركز أن سلاح المدفعية الخاص بنظام الأسد كان الأكثر استخداماً في حملة التصعيد، تليه غارات الطيران الروسي، ومن ثم ضربات مضاد الدروع.

وتعتبر ضربات مضاد الدروع أداة للقوى الموالية لإيران (الفرقة الرابعة والدفاع المحلي)، بحسب المركز.

وتضيف ورقته أنه وباستعراض نتائج القصف يتضح “البعد العشوائي” فيها. لكن ذلك لا ينفي أنها تأتي ضمن سياسة خلق الفوضى والاضطراب كمرحلة سابقة سواء لتحصيل تنازلات من الفواعل الأخرين أو كتمهيد محتمل لأي عمل بري.

وفي مقارنتها بين شهري مايو ويونيو الماضيين، تشير ورقة المركز إلى أن الأخير تميز عن الأول بأن 96% من الاستهدافات فيه كانت ضمن حدود منطقة “خفض التصعيد”.

ويتم ذلك بالتزامن مع التلميحات الروسية حول اقتراب العمل العسكري من جبل الزاوية، وذلك كنوع من الضغط من جهة ولتحقيق انفراجات اقتصادية متخيلة تحسن من ظروف النظام الاقتصادية من جهة أخرى، بحسب الورقة البحثية.

    #سوريا: قٌتل المزيد من المدنيين إثر قصف مكثف قامت به قوات الحكومة السورية في جنوب إدلب اليوم.

    من بينهم عامل آخر في القطاع الإنساني وهو ممرض قُتل في منزله مع زوجته و أطفاله الثلاثة (13 و 5 و3 سنوات) #أوقفوا_قتل_المدنيين pic.twitter.com/7JsRuou284

    — Mark Cutts (@MarkCutts) July 3, 2021

“نهج روتيني”

وبينما تصر موسكو على تنفيذ كافة بنود الاتفاقيات الخاصة بإدلب، بحسب تعبير مسؤوليها يغيب موقف تركيا من ذلك، وهي “الدولة الضامنة” التي كانت قد اتجهت خلال العامين الماضيين إلى نشر آلاف الجنود والعربات العسكرية على جبهة ممتدة على طول الطريق الدولي حلب- اللاذقية، المعروف باسم “m4”.

ويحكم مشهد محافظة إدلب اتفاق توصل إليه الرئيسان التركي والروسي رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين في مارس/آذار 2020، ونص حينها على إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طرفي “m4”.

وجاء ضمن بنود الاتفاق أيضاً أن يتم تسيير دوريات مشتركة على طول الطريق، وهو الأمر الذي حصل بالفعل لأشهر ليتم تعليقه بعد ذلك من جانب روسيا، تحت مبرر “الاستهدافات الإرهابية” التي تعرضت لها قواتها.

الباحث في مركز عمران، نوار شعبان يقول إن القصف على محافظة إدلب “لن يتوقف”، حيث بات أسلوب تنتهجه مدفعية نظام الأسد، وتشكيلاته العسكرية المختلفة.

ويشير شعبان في حديث لموقع “السورية.نت” إلى نوع آخر من الاستهدافات، تنفذه ميليشيات موالية لإيران من خلال صواريخ “التاو” (المضادة للدروع)، في خطوة تشي بـ”الدور التخريبي الذي تلعبه إيران”.

ويضيف الباحث أن الهدف من القصف يرتبط بنية نظام الأسد “تفريغ المنطقة الجنوبية لإدلب من المدنيين”، مستبعداً أن يرتبط التصعيد بأي عمل عسكري أو هجومي على المحافظة.

وبوجهة نظر شعبان فإن الجولة الأخيرة من محادثات “أستانة” جاءت من أجل “إنعاش اتفاق وقف الهدنة”، مشككاً خلال حديثه أن يتم استئناف تسيير الدوريات المشتركة بين الروس والأتراك.

وكانت “السورية.نت” قد تحدثت مع محليين وناشطين إعلاميين من إدلب قبل يوم من اتفاق “أستانة”، وتوقعوا أن يكون التصعيد مرتبطاً بـ”أستانة 16” وجلسة مجلس الأمن التي تم التصويت فيها على تمديد إيصال المساعدات عبر معبر “باب الهوى” لمدة عام كامل.

لكن تلك التوقعات خالفها الواقع الميداني الذي فرض عقب الجولة المذكورة، لتوسع قوات الأسد وروسيا دائرة قصفها المدفعي والجوي، ليصل إلى منطقة “جبل الأخضر” في جبل الأكراد بريف اللاذقية.

بدوره يؤكد الباحث، نوار شعبان أن القصف ما يزال عشوائياً، ويهدف إلى “الاستنزاف أكثر وتفريغ المنطقة” من سكانها.

    🚨قصف مكثف منذ الصباح على مناطق تسيطر عليها الجماعات المسلحة في ريف إدلب🎥 pic.twitter.com/c4G532PZ17

    — || Ⓐⓜⓘⓡ 📷 || (@mas2oul1) July 8, 2021

“لا هجوم بري”

وحتى الآن لا يوجد أي بوادر هجوم من جانب نظام الأسد وروسيا على محافظة إدلب، على خلاف الفترات التي سبقت الأعمال العسكرية السابقة، مطلع عام 2020.

المحلل المختص بالشأن الروسي، سامر الياس يستبعد أن تشن روسيا حملة عسكرية واسعة على إدلب، أو تمنح نظام الأسد “الضوء الأخضر”.

ويقول الياس في حديث لـ”السورية.نت” إن “خطوط التماس في سورية شبه ثابتة منذ مارس/آذار 2020، وهناك كلفة بشرية عالية لأية حملة واسعة”.

ويضيف المحلل أن “تدفق جديد للاجئين الذي سيتبع أي حملة عسكرية من شأنه أن يضر كثيراً بعلاقات روسيا مع أوروبا الخائفة من تكرار أزمة اللجوء في 2015 و2016”.

ويتابع: “أعتقد أيضاً أن أية حملة واسعة تعني انهيار الاتفاقات والتفاهمات الروسية التركية السابقة وتردي العلاقات بينهما وهو ما لا تريده روسيا المتمسكة بمسار أستانة، الذي تسوقه على أنه المسار الوحيد الذي حقق تقدماً في مجال التسوية على عكس مسار جنيف”.

والأرجح بحسب “الياس” أن روسيا تضغط لتنفيذ تفاهمات أردوغان- بوتين، بشأن فتح الطرق الدولية، وإنشاء “منطقة عازلة” على جانبيهما وهذا يصب في مصلحة روسيا التي تريد إنعاش اقتصاد النظام عبر فتح طرق التجارة.

ويتقاطع حديث الياس مع المعلومات التي نقلها الصحفي في قناة “روسيا اليوم”، سرجون هدايا عن مصادر لم يسمها.

وقال هدايا عبر “تويتر” قبل أيام: “لا عملية عسكرية حالياً في إدلب، والوضع هناك دقيق جداً. العمل العسكري يعني مواجهة مباشرة مع الجيش التركي ونزوح عدد كبير من السكان”.

    مصادر : لا عملية عسكرية حاليا في إدلب والوضع هناك دقيق جدا ، العمل العسكري يعني مواجهة مباشرة مع الجيش التركي ونزوح عدد كبير من السكان

    — Sargon Hadaya (@SargonHadaya) July 7, 2021

ماذا عن فصائل المعارضة؟

على الطرف المقابل من المشهد هناك رواية واحدة من جانب فصائل المعارضة السورية، حيث تقول إنها تنفذ ضربات على مواقع قوات الأسد وروسيا، وذلك رداً على حملة التصعيد المستمرة.

وإلى جانب القوات التركية في ريف إدلب الجنوبي تنتشر قوات لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” وأخرى تتبع لـ”هيئة تحرير الشام”.

الناطق باسم “الجبهة الوطنية”، ناجي مصطفى قال إن “الفصائل العسكرية ردت على المجازر التي ارتكبتها قوات النظام وروسيا بقصف المواقع العسكرية الاستراتيجية التي انطلقت منها القذائف الصاروخية الموجّهة بالليزر”.

وتنحصر الأهداف التي تم استهدافها، بحسب مصطفى في مدن وبلدات: كفرنبل، خان السبل، جورين، معصران.

وأضاف في حديث لموقع “السورية.نت”: “حققت إصابات مباشرة في صفوف قوات النظام، وأدت إلى قتل وجرح عناصر وتدمير آليات”.

ويشير مصطفى إلى أن الفصائل “مستعدة لأي سيناريو محتمل من قبل نظام الأسد وروسيا، في وقت تزيد فيه من جاهزيتها من خلال الإعداد والتجهيز وإنشاء المعسكرات”.

    #المُحَرَّر

    الجبهةُ الوطنيّةُ تردُّ على ارتكابِ قواتِ الأسدِ وروسيا مجازر بريفِ إدلبَ.

    ____

    لمزيد من التفاصيل:https://t.co/Ar2Zn1C3qq

    — شبكة ‏‏المُحَرَّر الإعلامية (@almohrarmedia2) July 4, 2021

—————————-

الكهرباء تعود إلى مناطق شمال سورية من بوابة تركيا

داخل محله الصغير في مدينة إدلب في شمال غرب سورية، يعرض أبو عماد أصنافاً جديدة من الحلويات والمثلجات أمام زبائنه، من دون أن يخشى من انقطاع الكهرباء مع بدء شركة خاصة استجرار التيار من تركيا المجاورة.

يقول أبو عماد (31 عاما) إن “توفير الكهرباء سيساعدنا كثيراً، ونعد حالياً أصنافا كنا قد استغنينا عنها” في السنوات الأخيرة.

ويضيف الشاب الذي كان يعتمد على الاشتراك بمولدات خاصة لتوفير الكهرباء لساعات محددة في مقابل كلفة مادية مرتفعة: “كنا نحضر صنفاً أو اثنين من قوالب الحلوى، لكننا بدأنا الآن ننوعها أكثر ونملأ براداتنا لأننا قادرون على تشغيلها”، مشيراً إلى حلوى الإكلير والتشيز كايك وسواها.

وبينما يدخل زبائن الى محلّه، يوضح “عصب مصلحتي هو الكهرباء، ومن دونها لا أستطيع العمل”.

ويعود ذلك لبدء شركة “غرين إنيرجي” الخاصة، منذ مطلع أيار/مايو، باستجرار الكهرباء من تركيا لتغذية المدن والبلدات الكبرى، بعد حصولها، وفق القيمين عليها، على موافقة السلطات التركية وحكومة الإنقاذ، السلطة المحلية العاملة في تلك المناطق .

على غرار أبو عماد، باتت المؤسسات التجارية والمرافق الخدمية في مدينة إدلب ومناطق في ريفها قرب الحدود التركية تحظى، منذ مطلع الشهر الحالي، بتغطية تتجاوز 15 ساعة يومياً، بينما تنعم المنازل بالتيار لعشر ساعات على الأقل.

شركة مزودة

في شوارع عدة في مدينة إدلب، تنتشر ورش وعمال صيانة يرتدون سترات صفراء تحمل اسم الشركة. يعاين بعضهم خطوط الكهرباء ويمدون خطوطاً آخرى، في حين ينهمك آخرون في تزويد المنازل والمؤسسات والمرافق الخدمية بالعدادات.

ويوضح المدير التنفيذي للشركة أسامة أبو زيد أن العمل بدأ في مرحلة أولى بإنشاء محطة تحويل في الجانب التركي، تولّت الحكومة التركية تجهيزها. وفي مرحلة ثانية، أنشئت محطة استقبال في مدينة حارم، تكفّلت الشركة بتجهيزها.

وتستخدم الشركة حالياً “الشبكات العامة وتلك الخاصة بالمولدات، ريثما يتم تجهيز مراكز وشبكات المنخفض الخاصة” بها.

وتعمل على تزويد “المرافق الخدمية، كمحطات المياه والمنشآت الصحية والمشافي، كذلك الأمر، تمّت تغذية عدد من الأفران والمراكز الخاصة بمؤسسات الحبوب كالصوامع والمطاحن”.

وتقتصر التغذية حالياً على المدن “ذات الكثافة السكانية الأعلى”، كإدلب وحارم وسرمدا والدانا وسواها، وفق أبو زيد، على أن يتم تأمين الكهرباء لبقية المناطق بعد تجهيز الشبكات وخطوط الإمداد اللازمة.

وتسعر الشركة الأمبير الواحد بخمسين ليرة تركية، العملة المتداولة في إدلب، ويمكن للمواطنين شراء بطاقات مسبقة الدفع.

وتعود كل العائدات المالية، وفق أبو زيد، للشركة “كونها في مرحلة تأسيسية وتأخذ على عاتقها إعادة تأهيل كافة خطوط المتوسط والمراكز التحويلية وشبكات المنخفض”.

وينفي أن يكون للسلطات المحلية أو الفصائل النافذة أي حصّة من العائدات. ويقول “نحن شركة مزودة ولا توجد أي تبعية لحكومة الإنقاذ”، التي يقتصر عملها على ملاحقة ما قد “تتعرض له الشبكات والمراكز التحويلية والكابلات الأرضية من أضرار وتعديات.. ومحاسبة” المتورطين.

تخفيف المعاناة

ينفي أبو زيد أي ارتباطات أو تبعية سياسية للشركة. ويقول “تأمين مصدر للطاقة يعني انتعاشاً اقتصادياً خدمياً لمناطق الشمال السوري المحرر”.

رغم ذلك، تقدّم منظمات تركية غير حكومية الدعم وتنفّذ العديد من المشاريع، من بينها بناء وحدات سكنية تحلّ مكان المخيمات العشوائية.

وتقول الباحثة لدى مجموعة الأزمات الدولية دارين خليفة إن “استثمار” تركيا في إدلب “على المستوى العسكري أو المالي” يهدف بالدرجة الأولى إلى منع تدفق موجات جديدة من اللاجئين السوريين إلى أراضيها، حيث تستقبل نحو 3,6 ملايين لاجئ.

وتوضح أنه ليست لدى أنقرة إمكانيات “اقتصادياً أو سياسياً لاستيعاب موجة جديدة من اللاجئين”، وبالتالي، فإن ما ترغب بتحقيقه على المستوى الاستراتيجي هو “الحفاظ على الوضع الراهن وإبقاء السوريين في إدلب على الجانب الآخر من الحدود”.

(فرانس برس)

العربي الجديد

————————-

إصرار روسي على الفصل بين التسوية السياسية وإعادة الإعمار في سوريا

موسكو – طه عبد الواحد

لا شيء جديد لدى روسيا تقدمه أو تطرحه لتسوية القضية السورية، ولا تغيرات شكلية أو جوهرية على رؤيتها للقضية وتسويتها على حد سواء. تصريحات المسؤولين الروس في أعقاب لقاء “أستانة-16″، كشفت أن موسكو ما تزال تصر على “بقاء الأسد”، أو على الأقل تحاول الدفع نحو حل يضمن بقاءه، وتطرح رؤية للتسوية السياسية للأزمة السورية “على مقاس الأسد”، لا تلبي حتى الحد الأدنى من تطلعات السوريين، فضلا عن أنها رؤية منفصلة عن واقع المأساة السورية، وتشكل خروجا عن مسار التسوية السياسية الذي حددت أسسه القرارات الدولية، بما في ذلك القرار 2254، الذي وافقت عليه هي أيضاً، ويتحدث بوضوح عن “عملية انتقال سياسي.

وكان ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا، أدلى بتصريحات لوكالة “تاس”، بعد يوم واحد على انتهاء “أستانا” في “العرض 16″، كان حريصاً فيها على التأكيد أن “مسار أستانا يبقى الأكثر فعالية بين مسارات التسوية السورية”، وأنها “محرك رئيسي” للتسوية بشكل عام، وزعم أن “أهم شيء في اللقاء أننا تمكنا مع جميع الأطراف المهتمة من الحديث بالتفصيل عن جميع جوانب التسوية السورية، وتحديد سبل تجاوز العقبات التي تعترض مسار تحقيق الأهداف”. وإذ لم يفصح بوضوح “الأهداف”، إلا أن تصريحاته التالية أزالت الغموض. إذ أشار إلى أنه “أهم شيء أننا حاولنا أن نرسل للمجتمع الدولي والولايات المتحدة والدول الأوروبية، إشارة بأنه آن الأوان للانتقال إلى تقديم مساعدات فعلية للشعب السوري”. وأوضح أن الأمر هنا لا يقتصر على المساعدات الإنسانية، داعيا إلى “الانتقال لتنفيذ برامج أكثر جدية في إعادة تأهيل البنى التحتية”، بمعنى أنه يدعو إلى إعادة الإعمار.

وفي حين يتمسك الغرب بموقفه الرافض لتمويل إعادة الإعمار قبل التسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة، تصر روسيا على الفصل بين الأمرين أو الملفين. وزادت على ذلك حين برزت بوضوح مساعيها لفرض إعادة الإعمار مع “بقاء الأسد” ضمن “إصلاحات سياسية”. وعبر لافرينتيف بوضوح في تصريحاته عن هذا الموقف، حين اختزل العملية السياسية بـ “إصلاحات” ربطها لسبب ما بـ “فوز الأسد”، وقال إن ” واحدة من القضايا التي لا بد من منحها الاهتمام هي تنفيذ تحولات (إصلاح وإعادة هيكلة) سياسية، إصلاحات سياسية، خاصة أن بشار الأسد فاز في الانتخابات الرئاسية وحصل على ولاية جديدة”. ضمن هذه المستجدات التي عرضها يرى لافرينتيف أنه “الآن تنفتح فرصة جيدة للمضي في هذه العملية (التسوية السياسية) قدماً”.

ولأنه من الصعب المضي في محاولات “إعادة تأهيل” شخص “متهم”، تجنب لافرينتيف مجددا توجيه أي اتهام، أو تحميل أي مسؤولية للنظام السوري. وفي حديثه عن أسباب تعثر عمل اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة، قال إن “العقبة الرئيسية أمام إطلاق حوار جيد تكمن في أن المعارضة لا تزال ترى في السلطات السورية، الحكومة المركزية في دمشق عدواً”، وقال إن “هذه النظرة غير مقبولة على الإطلاق”. وإذ لم يتمكن من تجاهل نظرة النظام بالمقابل إلى المعارضة بأنها “إرهابية”، حين قال إن “جميع محاولات التوصل إلى حلول وسط لن تأتي بنتيجة طالما استمرت المعارضة تنظر للحكومة على أنها عدو، والحكومة للمعارضة على أنها إرهابية”، عاد لافرينتيف وألقى بكامل المسؤولية على المعارضة، كما أنه كشف مجددا وبكل وضوح أن التسوية التي تسعى إليها روسيا لا تشمل “الانتقال السياسي”، وقال: “حتى الآن جميع أحاديثنا مع المعارضة السورية أظهرت أنهم يقفون على موقف متشدد بضرورة تغيير النظام”. ولم يطالب لافرينتيف النظام بالكف عن التعامل مع المعارضة على أنهم “إرهابيون وعملاء” وما إلى ذلك.

—————————

أستانا 16″ ومؤشرات التحول في المشهد السوري/ سمير صالحة

يظل السؤال بشقيه قائماً بعد اللقاء الـ16 لاجتماعات أستانا التي جرت، قبل أيام، ما الذي أنجز في هذا اللقاء؟ ولماذا تتمسك الأطراف بمثل هذه الاجتماعات التي تُعقد منذ 4 سنوات وتعد بإعداد خميرة الحل في سوريا ولكن من دون أية نتائج؟

كان السؤال قبل أعوام يتمحور حول محاولة معرفة ما الذي يبحث عنه الأتراك والروس في أستانا فتحول اليوم إلى عقدة هل من الممكن لأنقرة وموسكو النجاح في سوريا من دون إشراك واشنطن وطهران؟

أصدرت روسيا وتركيا وإيران -الدول الضامنة الثلاث المشاركة في الجولة 16 من محادثات أستانا- بياناً ختامياً أوجزت فيه نتائج أعمالها التي انتهت بالاتفاق على تثبيت “خفض التصعيد” في محافظة إدلب، وتنفيذ كامل الاتفاقيات المبرمة حول المحافظة، إلى جانب تعزيز التعاون فيما بينها لمكافحة النشاطات “الإرهابية” في المنطقة.

عبارات لم تغب عن البيانات والمواقف السابقة للمنصة التي بدأت أعمالها قبل 4 أعوام، وسط وعود بتسجيل اختراق حقيقي في التعامل مع الملف السوري.

تتحمل الدول المؤثرة في ملف القضية السورية مسؤولية تعقيد المشهد وإيصاله إلى ما هو عليه اليوم، لكن الأمم المتحدة التي تنازلت عن واجباتها والتزاماتها في تنفيذ القرارات الدولية المتخذة وأطلقت يد مساري جنيف وأستانا على حساب موقعها ودورها، ساهمت هي الأُخرى في تأجيج التوتر وصب الزيت فوق النار شئنا أم أبينا.

منصة جنيف تتخبط وسط اقتراحات ومسودات مشاريع أبعدتها عن نقاشات المسار الحقيقي للحل في سوريا، و”أستانا 16″ تجاهل الأهداف التي أعلنها، مطلع العام 2017، حول تسريع العملية السياسية والالتزام بوحدة سوريا واستقلالها انطلاقاً من القرارات الدولية المعلنة وفي مقدمتها القرار رقم 2254.

وها هو اليوم يحصر مباحثاته في التفاوض حول تحديد عدد المعابر الواجب فتحها لإيصال المساعدات إلى الشعب السوري والمساومة على أوراق إطالة عمر تجميد القتال على الجبهات في شمال غربي البلاد، فيما يستعد مجلس الأمن للاحتفال بهذا الإنجاز ويريد من  السوريين أن يثمنوا له هذه الخطوة وتجاهل احتمال انتكاسها في أية لحظة، لأنها دائماً في قلب المساومات والصفقات السياسية بين اللاعبين الكبار في سوريا.

الملفت هذه المرة كان رمي المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، الكرة في ملعب النظام والمعارضة، وحديثه عن أزمة الثقة التي تطاردهما والتي “لم تسمح حتى الآن بالتوصل لحلول وسطية”، مقابل تبني أنقرة لعبارة البيان التي تؤكد “على الحاجة إلى زيادة المساعدة الإنسانية لجميع السوريين في جميع أنحاء البلاد، دون تمييز وتسييس وشروط مسبقة”.

أستانا منصة تجتمع بين الحين والآخر في محاولة لإدارة ملف القضية السورية دون تسجيل الاختراق الحقيقي باتجاه الحل حتى الآن، من وعود بتسويات كبرى في سوريا إلى تفاهمات محدودة ضيقة متحركة حسب مسار القضية بشقيها السياسي والعسكري.

الالتزام بتفيذ الاتفاقات هو الشعار المرفوع بعد كل اجتماع ليعود الجميع إلى خط البداية أمام انفجار الوضع على الجبهات الميدانية والسياسية. المعارضة تذهب لتفعيل مسار المرحلة الانتقالية والنظام يقول إنه لا يعترف بالوفد المرسل إلى جنيف فأعضاؤه هم أصدقاء فقط ولا يعبرون عن وجهة نظره الرسمية.

السبب في كل هذه التعقيدات ربما هو وجود لاعبين آخرين يقولون ما عندهم ويتمسكون بحماية مصالحهم وحصصهم في مسار ومستقبل التسويات السورية.

أنقرة في وضعية مَن يقاوم بمفرده على أكثر من جبهة: موقف أميركي غامض وأوروبي ضعيف وعربي مفكك ونفوذ روسي إيراني متزايد  وحملات إعلامية وحرب نفسية لا تتوقف ضدها في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” حول انسحابات محتملة واستعدادات روسية إيرانية لفتح الطريق أمام تمدد عسكري ميداني جديد للنظام في منطقة إدلب.

كانت التوقعات قبل أعوام تتحدث عن ضرورات جنيف وأستانا لفتح الطريق أمام تطبيق القرارات الدولية، وكانت قوى المعارضة السورية تتمسك بجنيف دون رفض مبادرة أستانا، لكن المشهد اليوم يقول إنه على قيادات الثورة مراجعة استراتيجية التحرك لأن كلا المسارين كبلا يد اللاعب الأممي والمغادرة السريعة لهذه الوضعية هي الفرصة المتبقية للعودة إلى المسار الصحيح في البحث عن حل الوضع السوري.

قناعة أخرى تقول إن مشكلة موسكو لم تعد مع طهران وأنقرة في سوريا بل مع “إدارة بايدن” التي لم تحسم موقفها في الملف السوري بشقيه الجنوبي والشرقي كما يبدو. واشنطن تتمسك بورقة حليفها الكردي المحلي وتصر على إرضاء إسرائيل من خلال إضعاف النفوذ الإيراني هناك والإصغاء إلى ما تقوله أنقرة كي لا تخسرها تماما لصالح موسكو. لعبة شد الحبال متواصلة رغم الحديث عن تفاهمات حصلت خلال القمة الاخيرة بين بايدن وبوتين.

أعرب السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف عن ثقته بتوصل روسيا والولايات المتحدة إلى حل وسط بشأن آلية إيصال المساعدات إلى سوريا. لكن هناك مَن يردد في موسكو أيضا أن هذا الملف  ينبغي أن يناقش ضمن سلة واحدة تجمع الكثير من المواد يتقدمها مسألة العقوبات على النظام وقبول نتائج التجديد لبشار الاسد.

الكرملين يعول على أن تعطيه واشنطن ما يريد أمام طاولة مقايضات إقليمية مركزها الدائرة السورية وهو لن يتردد في التضحية بالنظام وتحويله إلى القربان الأول أمام الابتسامة الأميركية الموعودة وحيث ربطت واشنطن المسألة بملف إدخال المساعدات واعتبرت أن موقف بوتين من ذلك سيحدد مستقبل الاتصالات الثنائية حول سوريا.

كل هذا يعيدنا الى استنتاج ما قبل أعوام حول أن تفاهمات أستانا كانت عبارة عن شراكة ثلاثية للتقريب بين مصالح روسيا وتركيا وإيران تحت شعار الخيارات محدودة وعلى الشعب السوري القبول والالتزام، وأن الحالة الراهنة تعلن بداية التحول في التموضع الإقليمي والدولي حيال الملف السوري برغبة أميركية روسية كما يبدو.

ذكرت الخارجية الروسية مؤخراً بموقفها حول أن الوجود العسكري الأجنبي هو العقبة الحقيقية أمام التسوية السلمية في ليبيا. الرسالة هي لأنقرة قبل غيرها هناك. هل ينطبق التوصيف الروسي على الحالة السورية أم أن الرسالة هي لواشنطن قبل أن تكون لأنقرة؟

أعلن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى جوي هود أن الولايات المتحدة لا تسعى لتغيير نظام بشار الأسد في سوريا، بل لتغيير سلوك حكومته، مشدداً على دعم عملية سياسية تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حكومة تمثل الشعب السوري.

في الوقت نفسه أعلن مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن روسيا تجري حواراً مع الولايات المتحدة بشأن تخفيف العقوبات المفروضة على نظام الأسد. الاتصال الأخير بين الرئيسين الأميركي والروسي يتركنا مرة أخرى أمام حقيقة أن إطالة عمر منصات جنيف وأستانا لن يحمل الحل الحقيقي للقضية السورية وأن الحوار لا بد أن يكون أميركياً روسياً يأخذ بما تقوله وتريده أنقرة بعين الاعتبار .

————————–

مسؤول أمريكي: المفاوضات مع روسيا كانت صعبة جداً بشأن سورية

وصف نائب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، جيفري بريسكوت، المفاوضات التي جرت مع روسيا، بشأن تمديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية بـ”الصعبة جداً”.

وقال المسؤول الأمريكي في إيجاز هاتفي عبر الهاتف، بحضور صحفيين سوريين، أمس السبت “كنا نعلم أن هذه المفاوضات ستكون صعبة جداً، لأن موقف روسيا كان واضحاً جداً”، وهو “إنهاء هذه الآلية وهي مستعدة لاستخدام حق النقض لتحقيق ذلك”.

وأضاف “يسعدنا أننا تمكنا من العمل دبلوماسياً مع روسيا لإبقاء هذا المعبر مفتوحا وتوسيع فرص العمل مع روسيا ومع أعضاء آخرين في المجلس، لزيادة فرص وصول المساعدات الإنسانية إلى السوريين المحتاجين عبر كافة السبل ومواصلة التركيز على أبرز ما تتمحور حوله هذه القضية”.

ورفض المسؤول الأمريكي التعليق مباشرة حول ماهية المفاوضات مع الروس، والمقابل الذي أخذته روسيا مقابل الموافقة على تمرير القرار.

واعتبر أن “ما تمكنا من تحقيقه هو ثمرة الجهد الدبلوماسي الذي بذلته السفيرة توماس-غرينفيلد وزملاؤنا عبر الحكومة الأمريكية وزملاؤنا وأعضاء آخرون في مجلس الأمن، توصلنا إلى اتفاق… اتفاق بالإجماع لمواصلة تلك المساعدات الهامة عبر الحدود لمدة عام آخر”.

من جهته وصف وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، القرار بأنه “إنجاز”، وقال إن “القرار يعني أن المعابر الخارجية لم تعد هي الأداة الأساسية التي كان يعتمد عليها الغرب في إطار إيصال المساعدات لسورية بل أصبح الداخل السوري هو الأساس”.

وأضاف المقداد، في تصريح لوكالة “سانا”، أن “القرار الجديد أكد على إدخال المساعدات من داخل سورية، ستصبح الدولة على دراية وبشكل دقيق بما يدخل إلى البلاد وإلى أين تذهب المواد الغذائية والإنسانية”.

وكان مجلس الأمن الدولي مدد الجمعة الماضي، آلية إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر الحدود، وذلك لمدة 12 شهراً مقسمة على مرحلتين.

ويسمح القرار بتسليم عبور حدودي واحد لمدة ستة أشهر، مع إمكانية التجديد لستة أشهر أخرى “بناء على قرار الأمين العام للأمم المتحدة وشفافية إيصال المساعدات لكل الأطراف”.

“الإدارة الذاتية”: القرار عقوبة

من جانبها وصفت “الإدارة الذاتية” التي تسيطر على مناطق شمال شرق سورية، القرار بأن “بمثابة عقوبة بحق خمسة ملايين إنسان في شمال وشرق سورية، وتأكيد واضح على أن هناك بعض الجهات تقوم باستثمار الوضع الإنساني في سورية سياسياً”.

ورفضت “الإدارة الذاتية” “بشدة” قرار مجلس الأمن، واعتبرت أنه “لا يراعي الوضع الإنساني في سورية والتعامل معه بشكلٍ متساو، ويعمق هذا القرار المأساة الإنسانية.

واعتبرت أن القرار “سياسي بالدرجة الأولى”، وطالبت بإعادة النظر بهذا القرار “الجائر مع تأكيدنا على إعادة فتح معبر تل كوجر (اليعربية) لأن إغلاقه تعبير واضح عن التعاطي بمنطق مختلف حول الوضع الإنساني العام في سورية”.

وكانت المساعدات تدخل، خلال السنوات الماضية، عبر معابر باب السلامة وباب الهوى الحدودية مع تركيا، واليعربية عند الحدود العراقية، إلا أن روسيا رفضت السنة الماضية، تمديد قرار إدخال المساعدات عبر المعابر الثلاثة باستخدام النقض الفيتو، ووافقت على تمديد القرار لمدة عام واحد فقط من معبر باب الهوى.

————————–

بعد”قرار المعابر”..موسكو تتكهن بقرب التسوية السياسية في سوريا

قال السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنتونوف إن موسكو تتوقع قرب الوصول إلى تسوية سياسية في سوريا، بعد تقارب وجهات النظر في مجلس الأمن حول قرار تمديد آلية دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.

واعتبر أنتونوف خلال خطاب ألقاه في معهد “ميدلبري” للدراسات الدولية حول العلاقات الروسية-الأميركية، أن إحدى النتائج الأكثر أهمية في الفترة الأخيرة تتمثل في تنسيق الجهود الروسية والأميركية بشأن تسوية الوضع في سوريا.

وأضاف أنه بفضل التعاون الوثيق بين ممثلينا والجانب الأميركي في نيويورك، تم اتخاذ قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن قضية صعبة تتعلق بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا، معتبراً أن هذا القرار سيسهم في تحقيق تسوية سياسية في سوريا في أسرع وقت ممكن، واستقرار الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام.

وقال أنتونوف إن القرار جاء “حلاً وسطاً نتيجة المشاورات الإضافية”، إذا طرحت أيرلندا والنرويج في 26 حزيران/يوليو تمديد آلية إيصال المساعدات عبر باب الهوى عاماً واحداً وإعادة تفويض معبر اليعربية على الحدود العراقية لمدة عام.

وقرّر مجلس الأمن الدولي في 9 تموز/يوليو تمديد آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر الحدود إلى سوريا لمدة عام عن طريق معبر “باب الهوى” الحدودي بين سوريا وتركيا، وذلك قبل انتهائها بيوم واحد. وجاء القرار باتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا وأيرلندا والنرويج، بشرط أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة خلال ستة أشهر تقريراً عن عمل آلية المساعدات عبر الحدود.

وفي هذا السياق، قالت وزارة الخارجية الروسية إن قرار مجلس الأمن الدولي حول سوريا “يتضمن عدداً من الأحكام التي تنطوي على أهمية مبدئية للتعامل مع حاجات السوريين الشاملة وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد”.

وأضافت الخارجية في بيان، أن القرار يؤكد العزم على بذل الجهود لتحسين إرسال المساعدات الإنسانية إلى مختلف المناطق السورية من دمشق، مشيرة إلى أنه يتوافق مع أحكام القانون الدولي الإنساني والمبادئ الأساسية التي يوثقها هذا القانون.

وأوضحت أن القرار يعترف بالحاجة الملحة لتوسيع النشاط الإنساني عن طريق تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار المبكرة التي تشمل مشاريع المياه والكهرباء والتعليم والصحة وتشييد المساكن، مضيفة أن “القرار يرحب أيضاً بمبادرات المنظمات الإنسانية ذات الصلة ومنها على سبيل المثال اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ويتوجه بنداء إلى الأسرة الدولية والوكالات المتخصصة لدعمها”.

وأشارت الخارجية إلى أن القرار يولي اهتماماً خاصاً لتأثير جائحة كورونا السلبي الذي يزيد من وضع السوريين المأساوي والمتردي بحد ذاته، موضحة أنه على البلدان الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة أن تُبدي رأيها تجاه هذا الوضع بما يتوافق مع نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لتخفيف العقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد.

وذكر بيان الخارجية الروسية أن مجلس الأمن كلّف الأمين العام بإرسال تقرير يتضمن للمرة الأولى معطيات عن آلية توزيع المساعدة الإنسانية في إدلب وكذلك عن عمل المنظمات غير الحكومية في منطقة خفض التصعيد التي لا يملك ممثلو الأمم المتحدة الوصول إليها حتى الآن.

وأضاف البيان أن روسيا تتأمل أن يتيح التنفيذ النزيه ودون تحيُّز وتسييس للقرار تحسناً جدياً للوضع الإنساني في سوريا وتخفيفاً للمعاناة، مشيراً إلى أن “التأييد بالإجماع لمشروع القرار الذي وضعه ممثلو روسيا والولايات المتحدة يشكل تأكيداً واضح المعالم على التوافق الدولي الناشئ حالياً”.

المدن

————————-

النظام السوري يعيد افتتاح معبر يسمح بخروج السكان من مناطق “قسد”/ وسام سليم

أعادت قوات النظام السوري اليوم الأربعاء، افتتاح معبر الطبقة جنوب غرب محافظة الرقة شمالي البلاد، والذي يربطها بمناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد) بعد إغلاق دام أكثر من شهرين لأسباب غير معلنة.

وقالت مصادر محلية في الرقة لـ “العربي الجديد”، إن قوات النظام أعادت السماح لجميع المدنيين بالعبور بعد أن كان حاجز لـ “الفرقة الرابعة” يمنع سابقًا المدنيين من الخروج، فيما يكتفي بالسماح للطلاب والموظفين فقط.

وأشارت المصادر إلى أن قوات النظام تمنع بشكل نهائي منذ شهرين أبناء المكون الكردي في شمال وشرق سورية من الوصول إلى مناطقهم ويتم إنزالهم من الحافلات بشكل علني، مضيفة أن الاتفاق الجديد بحسب ما أعُلن سمح لجميع المدنيين بالمرور بدءاً من اليوم، وسط حديث عن وساطة روسية أدت لإعادة فتح المعبر.

روسيا

ويعتبر معبر الطبقة هو الوحيد برياً الذي يسمح بالتنقل بين مناطق سيطرة قوات النظام و”قسد”، وتسبب إغلاقه خلال الشهرين الماضيين بأزمة كبيرة، لا سيما للطلاب والمرضى والحالات الإنسانية التي تضطر للانتقال بين مناطق سيطرة الطرفين.

وتربط مناطق “قسد” بالنظام ثلاثة معابر رسمية، وهي معبر الطبقة المخصص للمدنيين، بالإضافة إلى معبري “صفيان” و”البوعاصي” في الرقة والمخصصين للتبادل التجاري.

وتتأثر المعابر بين الطرفين عادة بطبيعة العلاقات والتوترات بين “الإدارة الذاتية” وحكومة النظام، حيث سبق وأن أغلقت “الإدارة الذاتية” المعابر قبل فترة إجراء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فيما أغلقت قوات النظام أيضاً في آذار/ مارس الماضي المعبر  بسبب توترات مع “الإدارة الذاتية”.

اغتيال لاجئة عراقية في الحسكة

في سياق منفصل، قتلت صباح اليوم لاجئة عراقية في مخيم الهول بالحسكة الذي تديره “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سورية على يد طفل تركي.

وقال المركز الاعلامي لقوات سورية الديمقراطية “قسد” في بيان وصل لـ”العربي الجديد”، إن القوات الأمنية في مخيم الهول عثرت فجر الأربعاء على جثة لاجئة عراقية داخل خيمتها، مضيفًا أن “القاتل قام بالتسلل الى خيمة المغدورة، وقام بتصويب طلقتين من مسدس دون كاتم صوت إلى رأسها، ثم لاذ بالفرار بعد 5 دقائق”.

وتنحدر اللاجئة العراقية من محافظة الأنبار، وبحسب المصادر فإن القاتل هو مراهق تركي الجنسية يبلغ من العمر 14 عاماً.

وتعتبر عملية الاغتيال هذه هي الثانية من نوعها في غضون أقل من أسبوع، حيث عثرت السلطات الأمنية في المخيم يوم السبت الماضي، على لاجئة عراقية مقتولة برصاصة في الرأس في القسم الخاص باللاجئين العراقيين.

ويشهد مخيم الهول منذ بداية العام الجاري عمليات اغتيال واسعة لا سيما ضد اللاجئين العراقيين في المخيم، رغم العملية الأمنية الواسعة التي نفذتها قوات الأمن الداخلي “الأسايش” وقوات سورية الديمقراطية “قسد” داخل المخيم في آذار/مارس الماضي.

وترفض الحكومة العراقية منذ سنوات إعادة النازحين الذين فروا من بلادهم خلال عمليات التحالف الدولي والجيش العراقي ضد تنظيم “داعش” في العراق.

ويؤوي مخيم الهول حالياً نحو 62 ألف شخص بينهم نازحون وعائلات من تنظيم “داعش”، فيما يبلغ عدد اللاجئين العراقيين داخله نحو 30 ألفاً.

—————————–

وزير الدفاع الروسي: جربنا أكثر من 320 نوعاً من الأسلحة في سورية/ وسام سليم

قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، إن قوات بلاده جربت خلال عملياتها العسكرية في سورية أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة.

وأضاف شويغو خلال لقاء مع كوادر شركة “روست فيرتول” لصناعة المروحيات: “قمنا باختبار أكثر من 320 نوعاً من مختلف الأسلحة، بما فيها مروحياتكم”، مشيرًا إلى أن أنظمة الأسلحة للمروحيات شهدت تطوراً كبيراً نتيجة العمليات العسكرية في سورية.

وأرجع وزير الدفاع الروسي امتلاك روسيا لهذه الأسلحة الحديثة وتطويرها إلى العملية العسكرية في سورية وبفضل عمل الخبراء الروس، وذلك وفقاً لما نقلت وكالة “نوفوستي” الروسية.

وسبق أن أعلن كبار المسؤولين الروس عن استفادة جيش بلادهم من الحرب في سورية لتجريب الأسلحة، ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صرح في 28 أيار/ مايو الماضي، أن جيش بلده جرب أحدث الأسلحة التي يمتلكها، وأثبت في عمليات نفذها ضد “إرهابيين” في سورية أن مواصفات هذه الأسلحة “فريدة”.

وسبق أن اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” القوات الروسية في بداية تدخلها العسكري عام 2016 باستخدام 13 نوعًا من الذخائر المحرمة دولياً في سورية.

كما اتهم فريق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) القوات الروسية في يناير/ حزيران الماضي، باستخدام قذائف حديثة من نوع “كرانسبول” في محافظة إدلب، وهي نوع من القذائف عالية الدقة وتعمل بنظام التوجيه الليزري.

(قسد) تلقي القبض على 10 عناصر من تنظيم “داعش”

أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد) اليوم الأربعاء، القبض على 10 عناصر من خلايا تنظيم “داعش” خلال عملية أمنية نفّذتها بريف دير الزور الغربي.

وقالت “قسد” في بيان على موقعها الرسمي، إن جهاز المخابرات والوحدات الخاصة في (الأسايش) وبدعم من قوات التحالف الدولي، تمكن من القبض على خلية لتنظيم “داعش” مؤلفة من عشرة أشخاص بريف ديرالزور الغربي.

كما اعتقلت “قسد” اليوم 6 شبان بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش” خلال حملة أمنية بريف الرقة الغربي، حيث شملت الحملة وفق ما ذكرت مصادر محلية لـ “العربي الجديد” بلدة المنصورة، وقرية السحل.

في شأن آخر، قال الناشط الإعلامي في إدلب بلال بيوش لـ “العربي الجديد”، إن قرى الزيارة وخربة الناقوس في سهل الغاب بريف حماة الغربي تعرضت لقصف مدفعي من قبل معسكرات قوات النظام في المنطقة، دون ورود معلومات عن خسائر.

وتشهد مناطق شمال غرب سورية خروقات شبه يومية لاتفاق خفض التصعيد الموقع بين روسيا وتركيا، ما أدى خلال الأيام الأخيرة لنزوح كبير للمدنيين من ريفي إدلب وحماة.

في غضون ذلك، ذكر فريق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، أن عناصره انتشلوا اليوم جثتي شابين غرقا في ريفي إدلب وحلب.

وقال الدفاع المدني، إن شاباً غرق بمياه نهر العاصي قرب بلدة دلبيا بريف سلقين غربي إدلب، كما توفي طفل غرقاً في ساقية مياه بحيرة ميدانكي بريف مدينة عفرين شمالي حلب.

وأشار الدفاع المدني أن حصيلة حالات الغرق في شمال غربي سورية ارتفعت إلى 30 منذ بداية العام الحالي، ثلاثة منهم خلال آخر 24 ساعة.

العربي الجديد

———————-

مسار اللجنة الدستورية السورية: التقدّم رهن الضغوط على النظام/ عماد كركص

يرفع التفاؤل الذي عبّر عنه مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرنتييف، بانعقاد الجولة المقبلة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية هذا الصيف، التوقعات بتعرّض النظام السوري إلى ضغوط للانخراط أكثر في هذا المسار، المتعثر على الأقل في جولاته الخمس الماضية، والتي لم تفرز أي نتائج حقيقية لجهة البدء بكتابة ووضع صياغات دستورية ضمن دستور جديد للبلاد. لكن يبدو أن لقاء رئيس وفد النظام إلى الجولة الـ16 من مباحثات أستانة (عقدت يومي الأربعاء والخميس الماضيين)، أيمن سوسان (مساعد وزير خارجية النظام) بالمبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسن، الذي شارك في أعمال الجولة، لم يكن مثمراً لجهة التوصل إلى موعد دقيق لجولة مقبلة (السادسة) من أعمال اللجنة الدستورية، التي انتهت آخر جولاتها (في يناير/ كانون الثاني الماضي) بالفشل، ما جعل المبعوث الأممي يعبّر عن خيبة أمله في نهايتها وما بعدها.

وبالتزامن مع تصريحات لافرنتييف يوم الأربعاء الماضي حول إمكانية عقد جولة جديدة لأعمال اللجنة الدستورية في صيف 2021، كانت وكالة “نوفوستي” الروسية تنقل عن مصدر مقرب من مفاوضات أستانة، بأن الجولة السادسة من أعمال اللجنة الدستورية ستجري قبل نهاية أغسطس/ آب المقبل في مدينة جنيف السويسرية، لكن المصدر لم يتحدث عما إذا كان بيدرسن قد توصل إلى اتفاق مع أطراف اللجنة على هذا الموعد، وبالتالي الاتفاق حكماً على الأجندات وجدول الأعمال.

أما سوسان، الذي تحدّث عن عقد جولة جديدة من “الدستورية” خلال لقاء على قناة “روسيا اليوم”، فأكد التكهنات التي تلت الانتخابات الرئاسية السورية (جرت في مايو/ أيار الماضي) وفوز بشار الأسد فيها، حول أن النظام سينتشي بعد الانتخابات من منطلق “تفوقه”، وأنه سيتعامل مع الاستحقاقات السياسية وغير السياسية حول الأزمة السورية بناء على هذا المعطى الجديد. وألمح سوسان في معرض حديثه عن عقد الجولة إلى أن فوز الأسد حسم الأمور في سورية، وبالتالي لا يمكن للأطراف الأخرى التعنّت بوضع شروط حيال صيغ الحل. واتهم سوسان كذلك بيدرسن بتلقي ضغوط في عمله بتسيير أعمال اللجنة من أطراف مختلفة، بالإشارة إلى تركيا والدول الغربية.

وبالتالي، فإن إحداث خرق في عمل اللجنة، سواء في جولتها المقبلة إن عُقدت قريباً، أو جولاتها المقبلة في حال استمرار عملها، ليس محط تفاؤل، على الأقل في الوقت الحالي، إذ إن النظام الذي ماطل وعطّل انطلاق اللجنة ومن ثم جولاتها، من خلال اللعب على عامل الوقت بهدف الوصول إلى الانتخابات الرئاسية من دون دستور جديد للبلاد على الرغم من الضغوط الممارسة عليه سابقاً، يبدو اليوم بأنه يسير في اتجاه مزيد من التعطيل، لكن مع تحرره من ضغط عامل الوقت، إذ يعتبر النظام أنه حقق “انتصاراً” سياسياً داخلياً من خلال إنجاز الانتخابات وفوز الأسد فيها، مع حمل هذا المعطى للأروقة الدولية للحل السوري، للاستناد إليه.

لكن رئيس وفد المعارضة للجنة الدستورية، هادي البحرة، رأى أن “هناك إمكانية لعقد جولة جديدة من أعمال اللجنة الدستورية”، مشترطاً “الالتزام بمنهجية العمل والقواعد الإجرائية لعمل اللجنة”. وأوضح البحرة، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “جدول الأعمال للجولة المقبلة محدد منذ الدورة السابقة للاجتماعات، وهو المبادئ الأساسية في الدستور، التي تمثل الفصل الأول في مشروع الدستور، والتي تبني عليها وتلتزم بها مضامين الفصول اللاحقة”. وأشار البحرة إلى أن “عقد الدورة السادسة يتوقف على ضمان التزام الأطراف كافة بهذه الأجندة لجدول الأعمال، وبالمنهجية المقترحة التي تقدّم بها المبعوث الخاص إلى سورية”.

من جهته، أشار المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة، عضو القائمة الموسعة للجنة الدستورية عن لائحة المعارضة، يحيى العريضي، إلى أنه “ليس هناك اتفاق حول موعد لانعقاد الجولة، إذ لم يحصل تفاهم نهائي على جدول أعمالها”. وحول تمسك وفد المعارضة بالشروط التي حدّدها رئيس هيئة التفاوض السورية أنس العبدة في آخر لقاء جمعه مع المبعوث الأممي في إسطنبول قبل أشهر، أشار العريضي إلى أن “المعارضة وضعت محددات وليس شروطاً”، مؤكداً أن تلك المحددات “لا تزال ثابتة، وهي الآلية المنتجة، والسقف الزمني المحدد، وجوهر مواد الدستور كجدول أعمال”.

وعن التوقعات بأن يذهب النظام نحو مزيد من المماطلة بعد إجراء الانتخابات، واعتقاده بحسم الأزمة السورية لصالحه، أشار العريضي إلى أن “النظام في الأساس يرفض الحل السياسي، ولا يعترف بمن يخالف إرادته الاستبدادية والإجرامية، ولا يأتي إلى أي جولة تُسمى مفاوضات إلا تمثيلاً على المجتمع الدولي، أو صاغراً بحكم الضغط المصلحي للاحتلال الروسي”. ورأى أن ما فاقم هذا الموقف “مسرحية النظام الانتخابية، لكن كل الظروف الدولية، والوضع الداخلي، ومأزومية من يحميه، عوامل تفتت هذا التمترس الخلّبي”، مشيراً إلى أن النظام لا يزال يعول على أن “يحظى بمساومة أو بتنازل من جانب الهيئة، وهذا لن يحدث إطلاقاً”.

أنور مجني، عضو القائمة الموسعة لوفد المجتمع المدني في اللجنة الدستورية، رأى أن النظام يتعرض لضغوط لعقد جولة جديدة من اللجنة، مشيراً في حديث مع لـ”العربي الجديد” إلى تخوف النظام أيضاً من عقد هذه الجولة. وأضاف مجني أن “هذا يعطي مؤشراً إيجابياً إلى أهمية اللجنة الدستورية، لأن النظام لديه كل هذه المخاوف من عقد الجولة، لكن أيضاً هناك مؤشر سلبي، يكمن في عدم تحديد موعد لانعقاد جولة جديدة من الدستورية خلال جولة أستانة الأخيرة”.

وأشار مجني إلى أن “زيارة نائبة بيدرسن، خولة مطر، إلى دمشق، قبل فترة قريبة، لم تأت بنتائج تذكر على ما يبدو، وهذا ما ألمح إليه بيدرسن في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي، وبالتالي فإن التحديات أمامنا تكمن في عدم الاتفاق على الموعد، وبالتالي على الأجندة”. وأوضح أن بيدرسن “طرح صيغة جديدة لعقد الجولات المقبلة، والمعارضة وافقت عليها، لكن النظام لم يبدِ موافقة، وأرسل بيدرسن نائبته إلى دمشق، لكن لم تحصل على نتائج في هذا السياق، وقد يكون تم اتفاق ضمني على الموعد، لكن لم يعلن إلى الآن، وننتظر الأيام المقبلة لتخبرنا بذلك”.

وأكد مجني أنهم في وفد المجتمع المدني، أو ما بعرف بـ”الثلث الثالث”، يتابعون اجتماعاتهم “بدعم وتيسير تقني من إحدى المنظمات السورية، من خلال عقد اللقاءات مع الفاعلين في الداخل، والوقوف على آخر التحديثات وتطوير الأوراق التي ستقدم في الجولات المتعلقة في مضامين الدستور”. لكنه أشار إلى أن “المشكلة المتعلقة بقائمة المجتمع المدني، تكمن في عدم وجود رئيس لهذه القائمة، فالأجندة للجولات يتم الاتفاق عليها بين كل من رئيسي وفدي هيئة التفاوض والحكومة السورية (حكومة النظام) بالتنسيق مع المبعوث الأممي، بالتالي نحن لا نكون مشاركين في تحديد المواعيد والأجندة، لكن المبعوث الأممي يقوم كل مرة بإطلاعنا على المتفق عليه، ما يعني أننا نكون متفاعلين مع جدول الأعمال، وليس مساهمين فيه بشكل مباشر”. لكنه أكد أن “من الواضح أن الجولة المقبلة ستناقش المبادئ الأساسية في الدستور، ونحن نتحضر في وفد المجتمع المدني لذلك”.

العربي الجديد

——————————

الأسد يرفع رواتب الموظفين والعسكريين بعد ساعات من زيادة الأسعار

عدنان عبد الرزاق و عدنان أحمد و عبد الرحمن خضر

بعد وعود استمرت نحو عامين، رفع رئيس النظام السوري بشار الأسد، اليوم الأحد، أجور العاملين بنسبة 50% والمتقاعدين بنسبة 40%، لتبقى الفجوة سحيقة بين دخل الأسرة السورية وإنفاقها الذي ارتفع إلى مليون وأربعين ألف ليرة شهرياً.

وجاء قرار الأسد بعد ساعات من قرار حكومة النظام مضاعفة سعر مادتين رئيسيتين وهما الخبز والمازوت.

وحسب المرسوم الذي نشرته وسائل إعلام النظام، فانه ستتم زيادة بنسبة 50% إلى الرواتب والأجور المقطوعة لكل العاملين من مدنيين وعسكريين، ورفع الحد الأدنى العام للأجور والحد الأدنى لأجور المهن لعمال القطاع الخاص والتعاوني والمشترك، غير المشمولة بأحكام القانون الأساسي للعاملين بالدولة، ليصبح 71515 ليرة سورية شهريا”.

وترك المرسوم لوزير الشؤون الاجتماعية والعمل، بالاتفاق مع وزير المالية، تحديد طريقة احتساب الزيادات على أجور المياومين وعلى أساس الدوام الجزئي أو على أساس الإنتاج أو الأجر الثابت والمتحول بما يتفق والزيادات المقررة في المرسوم.

ارتفاع جديد في أسعار الوقود بسورية

وأصدر الأسد اليوم، بحسب صفحة رئاسة الوزراء، المرسوم التشريعي رقم 20 لعام 2021 القاضي بزيادة المعاشات التقاعدية للعسكريين والمدنيين بنسبة 40 بالمئة من المعاش التقاعدي.

زيادة الأسعار

كانت حكومة النظام قررت، يوم أمس السبت، رفع سعر ليتر المازوت وربطة الخبز اعتبارا من اليوم الأحد.

وذكرت وكالة “سانا” الرسمية أن القرار يقضي برفع سعر الخبز اعتبارا من اليوم الأحد بنسبة مئة في المئة، ليصبح سعر الربطة منه 200 ليرة، ارتفاعا من 100 ليرة، بينما ارتفع المازوت أكثر من مئة في المئة من 180 ليرة إلى 500 ليرة.

وذكرت صحيفة “الوطن” الموالية، في تقرير لها، إن دعم هاتين المادتين بات يشكل “عبئا كبيرا على موازنة الدولة في ظل ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج وصعوبة توفير المواد الأولية”، ملقية باللوم على العقوبات المفروضة على النظام، وخاصة بموجب قانون قيصر الأميركي، كما تحدثت عن عجز حكومة النظام عن ضبط من وصفتهم بـ”ضعاف النفوس”.

 وكانت وزارة التجارة لدى النظام رفعت، يوم الأربعاء الماضي، سعر ليتر البنزين من نوع “أوكتان 95” إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية، بعد أن كان يباع بـ2500، بناءً على كتاب من وزارة النفط والثروة المعدنية. وجاء ذلك بعد صدور قرار برفع أسعار السكر والأرز، وتحديد سعر مبيع كل من كيلوغرام السكر والأرز بألف ليرة سورية، بعد أن كان سعر كيلو السكر الواحد 500 ليرة وكيلو الأرز 600.

وذكرت مصادر النظام وقتها أن “المؤسسة السورية للتجارة” تعاني من صعوبات واضحة في تأمين المواد المدعومة لما يكفي مخصصات المستحقين، كما تعاني من عجز إضافي بسبب عدم استقرار بورصات الأسعار العالمية للمواد الغذائية، إلى جانب ارتفاع تكاليف تأمين هذه المواد عالميًا، وزيادة أجور الشحن والتغليف، ما يهدد إمكانية استمرارها في التدخل الإيجابي لدعم طبقة محدودي الدخل والتدخل الإيجابي في الأسواق”.

فجوة هائلة

وقال الصحافي والخبير الاقتصادي مرشد النايف، لـ”العربي الجديد”، إن النظام السوري يسعى لسد العجز الحاصل في خزينته من خلال رفع أسعار بعض السلع ورفع الدعم عنها، في محاولة للسيطرة على التدهور الحاصل نتيجة فشله في إدارة الأزمة الاقتصادية.

وأضاف أن هناك أسباباً أخرى، منها الموجات التضخمية العالية جداً التي تشهدها السوق السورية جرّاء الفوضى الحاصلة، والقرارات المتخبطة التي تصدر عن سلطات النظام، وبخاصة إدارته الاقتصادية بين كل فترة وأخرى، من دون دراسة جدوى ومراعاة التقلبات الحاصلة.

ويقول رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية أسامة القاضي إن “الفجوة ما زالت هائلة بين الدخل والإنفاق، رغم هذه الترضية التي أصدرها بشار الأسد اليوم، إذ لا يزيد متوسط الأجور بعد الزيادة على ثمانين ألف ليرة سورية (نحو 32 دولاراً بالسعر الرسمي و24.6 دولاراً بالسوق الموازية).

ويلفت القاضي خلال تصريحه لـ”العربي الجديد” إلى أن “أكثر من 90% من السوريين يعيشون اليوم تحت خط الفقر، وأكثر من 40% من هؤلاء الفقراء لا يعملون لدى المؤسسات الحكومية، بمعنى أنهم سيدفعون ثمن ارتفاع الأسعار التي ستشهدها الأسواق بعد زيادة الأجور، من دون أن يحصلوا على زيادة، لأنهم أصلاً من دون راتب شهري”.

يذكر أن آخر زيادة على الأجور أصدرها رئيس النظام السوري في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بنحو 20 ألف ليرة للعاملين المدنيين والعسكريين، ليبلغ متوسط أجور السوريين وقتها نحو 50 ألف ليرة.

وارتفعت تكاليف المعيشة الشهرية لأسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، وفق مركز قاسيون (مستقل) من العاصمة السورية، من 773 ألف ليرة مطلع العام الجاري، إلى مليون وأربعين ألف ليرة خلال الأيام الأخيرة.

(الدولار= 2512 ليرة سورية)

العربي الجديد

————————–

انتخابات الائتلاف السوري: الوجوه نفسها تتبادل المناصب/ أمين العاصي

انتخبت الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري المعارض هيئة رئاسية وسياسية، ضمت شخصيات تتصدر مشهد قوى الثورة والمعارضة السورية منذ سنوات.

وانتخبت الهيئة، خلال دورتها الـ57 التي عقدت في مدينة إسطنبول التركية يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، سالم المسلط رئيساً للائتلاف، وعبد الأحد اسطيفو وربا حبوش نائبين للرئيس، وهيثم رحمة أميناً عاماً. كما انتخبت 19 عضواً، هم قوام الهيئة السياسية في الائتلاف.

وبالاطلاع على أسماء الهيئتين السياسية والقيادية يتضح أن جل أعضائهما من الشخصيات السورية المعارضة التي مر على تصدرها المشهد نحو 8 سنوات، وهو ما خلق فجوة تزداد اتساعاً بين الائتلاف وبين الشارع السوري المعارض بالنسبة لكثر. ومن المؤمل أن يحاول المسلط (62 سنة) المتحدر من محافظة الحسكة شمال شرقي سورية، القيام بمراجعات لأداء الائتلاف منذ تأسيسه، ربما تمهد لمرحلة جديدة تستعيد فيها هذه المؤسسة المكانة التي كانت تحظى بها في المشهد السوري المعارض. ويحمل المسلط بكالوريوس في العلوم السياسية من أميركا، وعمل باحثاً في مركز الخليج للأبحاث في دبي. كما شغل منصب نائب مدير عام مركز الخليج للأبحاث في الإمارات من 1998 وحتى 2011. ويرأس المسلط “مجلس القبائل السورية”، وهو شيخ قبيلة الجبور في سورية والعراق، فضلاً عن كونه عضواً مؤسساً في الائتلاف الوطني السوري، والهيئة العليا للمفاوضات. كما شغل منصب عضو الهيئة السياسية للائتلاف في عدد من الدورات.

وتناوب على رئاسة الائتلاف العديد من الشخصيات المعارضة، بدءاً من معاذ الخطيب، مرورا بخالد الخوجا، وأحمد الجربا، وأنس العبدة، ونصر الحريري، وانتهاء بالمسلط. وكان الائتلاف تأُسس في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 في ذروة الحراك الثوري في سورية، ليكون الممثل الشرعي والوحيد للثورة السورية. ونال اعترافاً وترحيباً إقليمياً ودولياً. لكنه مع مرور السنوات فقد الكثير من بريقه السياسي، لا سيما مع ظهور منصات سياسية أخرى، بدفع إقليمي ودولي، وذلك من أجل تشتيت التمثيل السياسي لقوى الثورة والمعارضة السورية. ولا يزال الائتلاف هو العنوان السياسي البارز لقوى الثورة والمعارضة السورية، كونه يضم العديد من القوى والهيئات والكيانات السياسية التي تمثل الأقليات العرقية، من قبيل المكونات التركمانية، والسريانية، والآشورية، والكردية. كما ضم، خلال الدورة السابقة شخصيات عدة تنتمي إلى أقليات مذهبية، من علويين، ودروز، وإسماعيليين.

وقال الكاتب حافظ قرقوط، الذي يمثّل في الائتلاف محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية، إن “هذه المؤسسة انبثقت من آلام الشعب السوري لترجمة تطلعاته في الحرية والكرامة”. وأضاف، في حديث مع “العربي الجديد”: يجب أن يعرف السوريون أن حالة الائتلاف اليوم مؤلمة، وليس هناك آفاق واضحة لإعادة تنشيطه سياسياً. وأعرب عن أمله أن يكون لدى المسلط “خطة شاملة للإصلاح، تتضمن مراجعات شاملة لكل المراحل التي مرّ بها الائتلاف الوطني منذ تأسيسه”. وفيما شدد على أنه “يجب فتح كل الملفات بشفافية ووضوح وبدون مجاملة لهذه الجهة أو تلك”، اعتبر أن مؤسسات المعارضة تعاني من خلل كبير. وقال إن هناك “هيئة عميقة وغامضة داخل الائتلاف تمسك بكل مفاصله”، والأعضاء الجدد الذين دخلوا الائتلاف في الدورة السابقة لم يكونوا سوى ناخبين لا أكثر ولا أقل، ولم يُسمح لهم القيام بأي دور سياسي داخل الائتلاف.

وأشار قرقوط إلى أن “ما رأيته الاثنين (الماضي) يؤكد أنه لم تكن هناك انتخابات حقيقية”، مضيفاً أن “الهيئة العميقة داخل الائتلاف وزعت المناصب على نفس الوجوه”، لكنه شدد على أنه “في الوقت ذاته، فإن هناك شخصيات محترمة داخل الائتلاف تريد أن يكون ملكاً لكل السوريين، وتريد إصلاحه، ولكنْ هناك جدار أمام هذه الشخصيات لمنعها من التأثير المباشر”. وأعرب عن اعتقاده بأنه “لولا الضغط الدولي لما كان هناك أحد من الأقليات في منصب نائب رئيس الائتلاف، أو تمثيل للمرأة في الهيئة الرئاسية”، معتبراً أن الائتلاف، بتركيبته الحالية، لا يريد أن يستنفر كل السوريين لمواجهة النظام وحلفائه. وأشار إلى أنه ليس ممثلاً لمحافظة السويداء فحسب “بل أمثّل كل السوريين”. ولفت إلى أن هناك كتلة غامضة داخل الائتلاف تريد قيادة تفكير السوريين إلى اتجاهات مجهولة، مشيراً إلى أن الائتلاف يدور في حلقة مفرغة بوضعه الراهن.

من جانبه، رأى عضو الهيئة السياسية في الائتلاف عبد المجيد بركات، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “منذ تأسيس الائتلاف في العام 2012، مر بمراحل مختلفة أثرت بشكل كبير عليه على كل المستويات”. وقال إنّ الهدف من تشكيل الائتلاف كان قيادة العملية السياسية، وتمثيل الثورة في المحافل الإقليمية والدولية. كان جسماً جامعاً لكل المكونات السورية، سواء السياسية أو المذهبية أو الدينية أو العرقية، ويسعى لتحقيق أهدافها.

ولفت بركات إلى “أن المراحل التي مر بها الائتلاف فرضت عليه الكثير من المهام، ربما لم تكن تتناسب مع الهدف الأساسي من تشكيله، كما أن بنيته أدت إلى عدم قيامه بتأدية مهامه بالشكل المناسب”. وبيّن أن “تذبذب الدعم الدولي، وغياب الإرادة الدولية بالتوصل لحل سياسي نهائي للقضية السورية، كان من جملة الأسباب التي حالت دون قيام الائتلاف بأداء سياسي مقنع للشارع السوري المعارض”. وأضاف: هناك رغبة حقيقية بالنهوض بالائتلاف الوطني السوري، وحوكمة كل المؤسسات التابعة له، ودعمها، للقيام بمهامها على مستوى الداخل، وخصوصاً الحكومة السورية المؤقتة ووحدة تنسيق الدعم. ولفت إلى أنه في الدورة الجديدة نسعى لمأسسة حقيقية، وتوجه أكبر للداخل السوري، ومحاولة تمثيل كل مكونات الشعب السوري للوصول إلى تمثيل حقيقي، لكنه أشار إلى أن هناك عقبات كثيرة تتطلب جهداً لتجاوزها في المرحلة المقبلة.

العربي الجديد

—————————-

المسلط:أمدّ يدي الجميع..ونعمل مع السعودية وتركيا

أعلن الرئيس الجديد للائتلاف السوري المعارض سالم المسلط أنه “يمدّ يده إلى كل القوى السياسية”، تحت شعار “وحدة عمل الشعب السوري”.

وقال في مؤتمر صحافي في إسطنبول غداة انتخابه رئيساً عاشراً للائتلاف خلفا لنصر الحريري: ننظر إلى عملنا في هذه المرحلة بطريقتين، الأولى هي الالتزام بمبادئ الثورة، والثانية أخد الواقع والمتغيرات الدولية بعين الاعتبار، فالعالم الذي نعيش فيه متحرك”.

وتابع المسلط: “لذا سنتخذ خطوة جديدة لإعادة مركزية الثورة في سيادة الشعب السوري، وأهم شعاراتها في هذه المرحلة اليد الواحدة”.

وشدد على تعاون الائتلاف مع الجميع، ومد يده لكل القوى السياسية، بما يسهم في تحقيق النصر، وتشكيل دولة مدنية ديمقراطية تحفظ حق الجميع. وأكد أن الاختلاف أمر وارد، ولكن التفرق مرفوض، ف”التماسك الداخلي يساعد المعارضة على العمل مع أصدقاء الشعب السوري، لا سيما السعودية والأصدقاء في تركيا”.

وشدد على أن المعارضة السورية في الائتلاف تعمل كفريق لوضع خطة مدروسة وتحسين مؤسساتها.

والمسلط هو رئيس “مجلس القبائل والعشائر” (أحد مكونات الائتلاف)، ومن مواليد محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، عام 1959، وحاصل على بكالوريوس في العلوم السياسية، وأتم دراسته في الولايات المتحدة.

كما عمل باحثاً في “مركز الخليج للأبحاث”، وكان عضواً في الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للائتلاف، وناطقا باسمهاً في محادثات جنيف بين النظام والمعارضة عامي 2016 و2017.

المدن

———————

شرق الفرات” السورية… تنافس “الاتحاد” و”المجلس” لنسج تحالفات سياسية/ أمين العاصي

ينشط أكبر كيانين سياسيين متنافسين في المشهد الكردي السوري، وهما أحزاب “الإدارة الذاتية”، بقيادة “الاتحاد الديمقراطي”، و”المجلس الوطني الكردي”، من أجل نسج خيوط تحالفات سياسية مع قوى المعارضة السورية، بهدف الانخراط بشكل أكبر في الحراك السياسي القائم، والذي يسعى إلى تحريك مياه المشهد السوري الراكدة.

ويهيمن حزب “الاتحاد الديمقراطي” من خلال ذراعه العسكرية “الوحدات الكردية”، على القرار في منطقة شرق نهر الفرات، فضلاً عن كونه في قلب الأحزاب المشكلة لـ”مجلس سورية الديمقراطي” (مسد)، والذي يعد بمثابة ذراع سياسية لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد). ويحاول هذا المجلس منذ أكثر من عام عقد مؤتمر للقوى الديمقراطية في سورية، لتشكيل مرجعية سياسية معارضة واسعة، يمكن أن تكون شريكاً أو بديلاً للائتلاف الوطني السوري، المتهم باحتكار التمثيل السياسي لقوى الثورة والمعارضة السورية. ولطالما تبادل هذا المجلس والائتلاف الوطني السوري الاتهامات السياسية، وهو ما يعرقل أي محاولات تُجرى لفتح حوار بين الجانبين. ويصر الائتلاف على خروج حزب “العمال الكردستاني” من الشمال الشرقي من سورية، بينما يتهم “مجلس سورية الديمقراطي” الائتلاف بالرضوخ بشكل كامل للأجندة التركية في سورية.

وقالت مصادر مطلعة إن “الإدارة الذاتية”، ذات الطابع الكردي في الشمال الغربي من سورية، “تحاول تصدير تجربتها إلى عدة مناطق في سورية، أبرزها منطقة الساحل التي تضم العدد الأكبر من أبناء الطائفة العلوية، ومحافظة السويداء في الجنوب ذات الغالبية الدرزية من السكان”. من جانبها، أشارت القيادية في حزب “الاتحاد الديمقراطي” فوزة يوسف، في حديث مع “العربي الجديد”، إلى أن “التجربة القائمة في الشمال الشرقي من سورية يمكن أن تكون نموذجاً لكل المناطق السورية”. وأضافت: سورية متنوعة، وهناك ثقافات متعددة، ونموذج “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي البلاد أثبت أنه ناجح ويمكن تعميمه على كل المناطق. وأعربت يوسف عن قناعتها بأن “المعارضة الخارجية فشلت، ما أسهم في تعميق الأزمة السورية، بالإضافة إلى أسباب أخرى”، مضيفة: لذا نحن بحاجة إلى معارضة ديمقراطية، ومشاريع واستراتيجيات بديلة لحل الأزمة. وبيّنت أن “الإدارة الذاتية تتواصل مع القوى والشخصيات الديمقراطية السورية المعارضة داخل البلاد وخارجها”، معتبرة أن التواصل الدائم بين قوى المعارضة يسهم في الإسراع بالتوصل لحل سياسي للقضية السورية يرضي جميع الأطراف.

وفي السياق، أكد نصر الدين إبراهيم، سكرتير “الحزب الديمقراطي” (البارتي)، وهو من مكونات “مسد”، في حديث مع “العربي الجديد”، أن “مجلس سورية الديمقراطي عقد خلال العام الماضي جلسات حوار داخل سورية وخارجها، بهدف عقد مؤتمر خلال العام الحالي أو بداية العام المقبل، للقوى الديمقراطية الوطنية، من دون القوى المحسوبة على الإسلام السياسي”. وأشار إلى أن المجلس “وقع مذكرة تفاهم مع منصة موسكو، وعقدنا حوارات مع منصة القاهرة وهيئة التنسيق”، مضيفاً: حالياً هناك حوار بين المجلس وبين حزب “الإرادة الشعبية” و”هيئة التنسيق” للإعداد لمؤتمر هدفه تشكيل جسم سياسي سوري يضم كل القوى الوطنية الديمقراطية والشخصيات المستقلة التي لها دور في الحراك المعارض.

من جانبه، ينشط “المجلس الوطني الكردي”، المنضوي في صفوف الائتلاف الوطني السوري المعارض من خلال “جبهة السلام والحرية”، من أجل التشبيك السياسي مع أكثر من هيئة وتيار داخل قوى الثورة والمعارضة السورية، وهو ما يؤكده المنسق العام لـ”حركة الإصلاح الكردي”، عضو “الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني الكردي” فيصل يوسف، لـ”العربي الجديد”. وأشار يوسف إلى أن “المجلس الوطني الكردي له علاقات مع منصة موسكو وهيئة التنسيق الوطنية، في إطار عملنا المشترك في هيئة التفاوض السورية”. وأضاف: يهمنا أن نتحاور حول سبل الحل وفق قرارات الشرعية الدولية للوضع القائم بالبلاد. كما تهمنا وحدة القوى الوطنية المعارضة في إطار هيئة التفاوض، وإجراء مفاوضات مع النظام، بموقف موحد، برعاية دولية.

ويأتي هذا الحراك السياسي مع استمرار الفشل في العودة إلى طاولة الحوار الكردي الكردي، بين “المجلس الوطني الكردي” وحزب “الاتحاد الديمقراطي”، والمتوقف منذ أواخر العام الماضي، رغم الجهود الأميركية لإحياء هذا الحوار. ولا يزال “الاتحاد” يرفض حتى اللحظة فك ارتباطه مع “العمال الكردستاني”، وهو ما يعرقل التوصل إلى اتفاق يمكن أن يؤسس لمرجعية سياسية واحدة للأكراد السوريين، تمثلهم في استحقاقات الحل النهائي للقضية. ومن الواضح أن الكيانين الكرديين يحاولان الانفتاح على بقية هيئات المعارضة بهدف تحقيق مكاسب سياسية.

ويعتمد حزب “الاتحاد الديمقراطي” على الدعم السياسي والعسكري من التحالف الدولي، بقيادة أميركا، وعلى سيطرته الفعلية على منطقة شرق نهر الفرات الغنية بالثروات، والتي تعادل نحو ثلث مساحة سورية. لكن هذا الحزب، ومن يدور في فلكه من أحزاب كردية أخرى، يعاني من حصار سياسي من قبل الائتلاف الوطني، الذي يعد الواجهة الأبرز للمعارضة السورية، والذي يواصل رفضه دخول “الاتحاد الديمقراطي” إلى هيئة التفاوض، التي تضم أغلب مكونات المعارضة، بما فيها “منصة موسكو”. وهو يعتبر “الاتحاد” نسخة سورية من “العمال الكردستاني”، فضلا عن اتهامات بارتكابه جرائم بحق المواطنين من المكونين العربي والكردي في شرقي الفرات، والارتباط بالنظام السوري، مع وجود نزعة انفصالية لدى هذا الحزب، الذي يرفض هذه الاتهامات ويعتبرها جزءا من محاولات شيطنته سياسياً في الشارع السوري المعارض. وفي المقابل يملك “المجلس الوطني الكردي” العديد من الأوراق لصالحه، فهو في قلب صفوف المعارضة، ويرتبط بعلاقات سياسية، تُوصف بـ”الجيدة”، مع قيادة إقليم كردستان العراق، ومع الجانب التركي، الذي ينظر بعداء إلى “الاتحاد الديمقراطي”، ويعتبره خطراً على أمنه القومي، ويتحين الفرص من أجل تقويض سلطته في الشمال الشرقي من سورية.

العربي الجديد

——————————-

هل تفلح موسكو في جمع النظام و”مسد” على طاولة حوار؟/ أمين العاصي

جدّد “مجلس سورية الديمقراطي”، والمعروف اختصاراً بـ”مسد”، والإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سورية، الرغبة في حوار سياسي مع النظام “يفضي لنتائج حقيقية”، في خطوة ربما تفتح الباب أمام مفاوضات برعاية روسية لحسم مصير منطقة شرقي نهر الفرات.

وبعد اجتماع لـ”مسد”، الذي يعد بمثابة الجناح السياسي لـ”قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، عقد أمس، الثلاثاء، في بلدة الدرباسية في ريف الحسكة الشمالي، عبّر المجتمعون، في بيان، “عن أهمية الحوار بين السوريين كافة شرط أن يفضي لنتائج حقيقية”.

ووفقاً للبيان، أشار المجلس إلى أنه و”الإدارة الذاتية” “منفتحون للحوار إذا كانت لدى روسيا خطة عملية حقيقية للتعامل مع موضوع العلاقة بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية في دمشق”.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد دعا، منذ أيام، أكراد سورية إلى إبداء اهتمام بالحوار مع حكومة دمشق، وعدم الرضوخ لمحاولات فرض نزعات انفصالية عليهم.

وأكد لافروف، خلال مؤتمر صحافي، أنّ “موسكو منذ بداية النزاع السوري تشجع على إجراء اتصالات مباشرة بين الأكراد وحكومة دمشق، بهدف التوصل إلى اتفاقات بشأن كيفية التعايش معاً في دولة واحدة”، لافتاً إلى أنّ العراق المجاور “يشكل مثالاً جيداً يمكن الاستفادة منه في هذا الصدد”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها موسكو جمع النظام و”الإدارة الذاتية” و”مجلس سورية الديمقراطي” على طاولة حوار يرقى إلى مستوى التفاوض.

وسبق أن استضافت قاعدة حميميم الروسية على الساحل السوري، أكثر من اجتماع لهذا الهدف. كما عقدت في العاصمة السورية دمشق عدة جلسات حوار بين قياديين أكراد من “حزب الاتحاد الديمقراطي”، أبرز أحزاب “مسد”، و”الإدارة الذاتية”، لكنها لم تفض إلى نتيجة بسبب رفض النظام تقديم تنازلات حقيقية للجانب الكردي.

وفي الشأن، أوضح الرئيس المشترك لـ”مسد” رياض درار، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “الحوار مع النظام للوصول إلى نتائج مسألة لم تنقطع في سياسة مجلس سورية الديمقراطي”، مشيراً إلى أنّ “الإدارة الذاتية منفتحة على الحوار”. إلا أنه استدرك قائلاً إنّ “النظام يعرقل الحوار على الدوام”، لافتاً إلى أنّ “مجلس سورية الديمقراطي سجّل، الثلاثاء، تأييده للدعوة الروسية، على أن تكون لدى موسكو قدرة على وضع تصورات حقيقية لحوار يفضي لنتائج، والضغط على النظام لاستمرار الحوار وليس مجرد مشاورات تنتهي بجولة واحدة”.

وحول ثوابت “مجلس سورية الديمقراطي” في أي حوار يمكن أن يعقد مع النظام، قال درار إنّ “ثوابتنا هي أن تكون هناك شراكة حقيقية، وألا يكون هناك استئثار بالسلطة من قبل الحكومة السورية”.

وأوضح أنّ “المشاركة تعني أن يحكم الشعب نفسه عبر إدارات ذاتية بوسائل ديمقراطية من خلال مفهوم اللامركزية، والمركز تكون لديه سلطات سيادية في وزارات معينة، كالخارجية والدفاع والمالية والاقتصاد”.

وأردف: “لدينا ثابت مهم وهو القرارات الدولية التي رسمت الحل في سورية، وأبرزها القرار 2254 الذي يعترف به الجميع، ومن ثم لا بد من تفعيل مقررات هذا القرار في أي حوار أو مفاوضات مع النظام السوري، لأنه من دون ذلك لا يمكن العمل على تحقيق نتائج إيجابية”.

وحول موقف الولايات المتحدة الأميركية، وهي الداعم الرئيسي لـ”الإدارة الذاتية”، بشأن فتح قنوات حوار مع النظام، قال درار إنّ “واشنطن لم تقف يوماً في وجه الحوار مع النظام”، مستطرداً “كانت دائماً تسأل عن النتائج جراء جولات الحوار التي بدأت مع النظام منذ منتصف عام 2018”.

ولفت إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية “لم تعترض سبيل هذا الحوار لأنه يأتي ضمن مسار جنيف”، مبيناً أنّ “لواشنطن وجهة نظر معروفة وهي أنّ تغيير سلوك النظام يمكن أن يؤدي إلى قبول التفاوض معه، ومن ثم نحن نتحرك ضمن هذه الدائرة وبدون إثارة مشاكل مع الحلفاء”.

بدورها، أكدت المتحدثة باسم “حزب الاتحاد الديمقراطي” سما بكداش، في حديث مع “العربي الجديد”، أنّ حزبها “جاهز لأي حوار مع النظام يحمي حقوق أهالي منطقة شرقي نهر الفرات ومراعاة طبيعة هذه المنطقة”، مشددة على أنه “يجب أن تكون هناك ضمانات دولية لتنفيذ ما يُتفق عليه في هذا الحوار”.

وتسيطر “قوات سورية الديمقراطية”، منذ عدة سنوات، بدعمٍ أميركي كبير ومباشر، على منطقة شرق الفرات التي تعادل ثلث مساحة سورية، أي نحو 60 ألف كيلومتر مربع، وتضمّ غالبية ثروات البلاد المائية والزراعية والنفطية.

ويريد النظام استرجاع المنطقة ذات الغالبية العربية من السكان من دون شروط، بينما تصر القوات الكردية على أن تكون جزءاً من الجيش السوري، مع إدارة ذاتية للمناطق التي تسيطر عليها.

ومنذ خروج منطقة شرقي نهر الفرات عن سيطرة النظام يعاني اقتصاده من تراجع كبير سبب له الكثير من الأزمات، لذا يبدو النظام هو المستفيد من أي تفاهمات مع “الإدارة الذاتية” برعاية روسية.

ويعتبر المحلل السياسي فريد سعدون، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “لا يمكن القول إنه جرى حوار كردي مع النظام”، موضحاً أنّ “ما جرى هو لقاءات حزبية لجهة محددة لا تخص الشعب الكردي بالمعنى الدقيق”.

وبيّن أنّ عدة جهات تقترح فتح قنوات حوار بين “الاتحاد الديمقراطي” والنظام لحسم مصير شرقي الفرات، معرباً عن اعتقاده بأنه “ليس هناك عوامل لإنجاح هذا الحوار”.

وأوضح أنه “ليست لدى الحكومة السورية نية للاعتراف بالإدارة الذاتية التي ترفض عودة النظام إلى المنطقة من دون اعتراف بها”. وأكد في المقابل، أنّ “الإدارة لن تقدم تنازلات من دون مقابل، خاصة أنّ التهديد التركي يتراجع”، مجدداً تأكيده أنّ “أي حوار قادم يمكن أن يخفف الاحتقان، ولكنه لن يؤدي إلى حل سياسي لمسألة شرقي نهر الفرات”.

ومنذ عام 2011، مرت العلاقة بين الأكراد السوريين والنظام بمنعرجات متعددة، حيث تراوحت ما بين تنسيق كبير بين قواته ووحدات “حماية الشعب”، الذراع العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي”، في السنوات الأولى من الثورة، إلى ما يشبه القطيعة السياسية خلال العامين الأخيرين.

وكان رأس النظام السوري بشار الأسد قد أنكر، في مارس/آذار من العام الفائت، وجود “قضية كردية” في سورية، متهماً ما سماها “مجموعات كردية” بـ”العمل تحت السلطة الأميركية”.

وادّعى أن هذه المجموعات أتت إلى شمال سورية “خلال القرن الماضي فقط بسبب القمع التركي لها واستضفناهم في سورية”.

كما أشار الأسد، في تصريحات تلفزيونية، إلى أنّ هذه المجموعات “بدأت بطرح طروحات انفصالية منذ عقود عدة وبشكل أساسي في بداية الثمانينيات”، مضيفاً أنه “عندما قامت الدولة التركية في مراحل مختلفة بقمع وقتل الأكراد في تركيا، نحن وقفنا معهم، لم نقف ضد قضيتهم إذا كانوا يسمونها قضية”.

وفي عام 2017 اتهم الأسد نفسه أكراد سورية بـ”الخيانة”، بسبب تلقيهم دعماً من الولايات المتحدة الأميركية.

العربي الجديد

———————————–

التقارير الدولية عن سوريا/ رضوان زيادة

تقرير منظمة أوكسفام الأخير عن سوريا يثير الرعب، 88 في المئة من السوريين تحت خط الفقر وعلى حافة المجاعة، سنوات الحرب ومن ثم وباء كورونا جعلت سوريا من أكثر الدول مرشحة لحصول مجاعة بسبب تخبط وفشل نظام الأسد في الاستجابة للتحديات الاقتصادية، ربما لم يكن هذا التقرير هو الأخير وحتما لن يكون، فمؤشرات الانهيار الاقتصادي بدأت تتصاعد في سوريا منذ عام 2014 من دون أن يكون هناك رد من نظام الأسد أو اكتراث لهذه الأرقام المخيفة.

وصلت سوريا إلى الحضيض مع الأسد لا شك في ذلك كما تشير كل هذه التقارير الدولية، لكنه للأسف وهو يغوص في الوحل يكاد يجر كل السوريين معه إلى هذا الوحل.

الجواز السوري هو الأسوأ عالميا وأينما يسافر السوري يشعر أنه مطرود أو مطارد، لا يأمن التنقل بجوازه السوري الذي يعرف أن لا قيمة له، وأنه في أسوأ الخيارات لا يستطيع الذهاب به إلى سوريا.

السؤال هنا لماذا لا تجد كل هذه التقارير الدولية والأرقام المرعبة أية رد فعل من قبل الأسد؟ نعرف أن لديه تبلداً في الإحساس العام، ونعرف أنه يكذّب كل هذه الحقائق، لكن من المستحيل على السوريين أن لا يروا كل هذه الصور والفيديوهات التي تنقل المأساة لحظة بلحظة من دون أن يكون هناك أية ردة فعل من قبل حكومة الأسد.

هذا هو بالضبط انفصال الدكتاتورية عن الواقع، فهي تعيش جنون عظمتها في الوهم الذي تخلقه عن نفسها، لا تكترث للملايين التي لا تجد قوت يومها، لا سيما بعد رفع الأسعار الأخيرة وانهيار الليرة السورية المتزايد ، فقد فقدت الليرة السورية أكثر من 60 في المئة من قيمتها، خلال أقل من عام وهذا الانهيار ليس له قاع يستقر عنده وهو ما قاد إلى انهيار دخل المواطن السوري بشكل لم يسبق له مثيل في ظل امتناع النظام عن اتخاذ أي إجراء أو تدخل فاعل للحد من التدهور، فهو لا يملك أيا من أدوات التدخل الذي يمكن النظام من الحد من هذا التدهور.

الحقيقة أن القيمة الفعلية للدولار على حساب الليرة أكبر بكثير وربما يفوق حاجز الثلاثة آلاف ليرة، وأن السقوط الحر لليرة السورية سيستمر إذا ما بقي نظام الأسد من دون أية عملية للانتقال السياسي، هل هذا يعني أن الأسد سيكترث للمصاعب الاقتصادية التي يعانيها الشعب السوري اليوم أو غدا؟ بالطبع لا، إنه نوع من أنظمة الإبادة التي لا يهمها ذل الشعب أو فقره أو حتى إبادته كما فعل الأسد في استخدام السلاح الكيماوي في أكثر من 53 مرة ضد المدنيين السوريين وفقا للأمم المتحدة.

وبالتالي فعلينا أن نكون واثقين بأن كل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها سوريا اليوم لن ترف جفنا في عين الأسد فما فعله بالسوريين كان أكبر بكثير من أن تجعله يكترث لفقر السوريين أو وجعهم وآلامهم ، وهذه هي المعضلة الحقيقية، فصحيح أن العقوبات تستهدف نظام الأسد بشكل رئيسي لكنها وبشكل غير مباشر تؤذي السوريين وتؤلمهم حتى المواطنين العاديين منهم الذين لم يدعموا نظام الأسد يوماً، لكن فك عزلة الأسد أو إزالة العقوبات المفروضة عليه لن تخدمهم أيضا، فالأسد اليوم يدين بحمايته لروسيا وإيران أولا، وثانيا للقيادات العسكرية والشبيحة في طائفته التي وقفت ضد خيارات الشعب السوري، وقررت الغوص في دمائه بعيداً، ضد تطلعات السوريين ورغباتهم في الحرية والديمقراطية، فالأسد اليوم مدين لهم بالوفاء وبإرضائهم بكل الامتيازات التي يرغبون بها، مهما كانت هذه الامتيازات وارتفع ثمنها، فرفع العقوبات سيخدم الأسد ولن يفيد الشعب السوري بشيء وهذه تماما معضلة الليرة السورية فمن يتأذى هو الشعب السوري لكن تحسنها لن يفيده، بالنهاية مشكلة الليرة السورية مع الأسد وليس مع الدولار.

     علينا أن نكون واثقين بأن كل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها سوريا اليوم لن ترف جفنا في عين الأسد فما فعله بالسوريين كان أكبر بكثير من أن تجعله يكترث لفقر السوريين

تلفزيون سوريا

——————————

روسيا المصدرة للنفط والقمح.. تشارك في الجريمة فقط/ فاطمة ياسين

رغم ما يثيره مصطلح القطاع العام من امتعاض وما يستحضره من فساد وسوء إدارة وهدر، فإن هذا القطاع هو في الواقع مصدر دخل نصف السوريين الذين ما زالوا يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها جيش بشار الأسد وحلفائه، حيث يعيش السكان جميعا علاقة الرعية بالحاكم الذي يؤمِّن تعطفه وتلطفه مستلزمات مهمة لتسهيل حياتهم، ولكن هذا الحاكم خاض مغامرات على مدى عشر سنوات جرّت ويلات وكوارث على هذا القطاع العام، هوت به إلى مستويات مالية متدنية وسببت للسكان حالة فقر تصل إلى مرحلة التضور، وحين وصل الجوع مستويات عصية على القياس، قرر رأس النظام أن يلعب دور الحاكم الصالح، فرفع بما يمتلكه من سلطة معدلات أجور الشعب الذي يربض على صدره بقوة، ولكن وبشكل آلي وبتناغم سوقي ارتفعت أسعار الأساسيات مرة أخرى. تبدو الزيادة التي قدمها الحاكم في منتهى السخف والضآلة، بما يعني وبلغة اقتصادية فصيحة أن الزيادة كانت مجرد فخ، تجبر الحكومة فيها الشعب على دفع كل الفواتير المطلوبة، وفي حالة العجز فعليه بكل بساطة أن يجوع ويصبر على الجوع.

المشكلة الاقتصادية التي وضِع السوري فيها ذات وجهين، الأول هو المقدرة الشرائية المنخفضة، فواقعيا هناك كثير من السلع التي يحتاجها السوري في حياته اليومية موجودة ومعروضة بأناقة وزخرفة على واجهات المحال، ولكن ما يملكه الشخص غير كاف لشرائها، فالأسعار حلقت عاليا وأصبح اللحاق بها حلما عسيرا، أما الوجه الثاني فهو مشكلة عدم توفر سلع أخرى، وهناك منها ما لا يمكن الاستغناء عنه، وهو غير موجود في الأسواق، بل في أماكن محددة، وتسيطر الحكومة على توزيعه وتسعيره، ولتظهر هذه الحكومة عدلا في توزيع البؤس اخترعت لهذا النوع من السلع حلا يسمى البطاقة الذكية، وتقوم هي باختيار المواطن المحظوظ الذي سيحصل على سلعته العزيزة وبسعر قد يمكن توفيره، ولكن هنا تلعب آليات القطاع العام الحصرية المتعلقة بالفساد وسوء الإدارة دورها، وبالنتيجة يبقى القسم الأكبر من الشعب إما غير قادر على الشراء، أو هو عاجز عن الوصول إلى سلعته الضرورية.

السلعتان الأساسيتان اللتان تحركان السوق السورية هما الوقود والخبز، فالوقود يشكل عنصر التحرك والتدفئة الأساسي، أما الخبز فهو العادة الغذائية المفضلة لكل الشعب السوري، ولا يمكن الاستغناء عنها بأي شكل، وهاتان السلعتان بالذات هما مشكلة السوري، ونشاهد طوابير الخبز تقاس بمئات الأمتار وطوابير محطات المحروقات تنافسها في الطول، يعني لا توجد سلع لكن توجد طوابير! وجاء اختراع البطاقة الذكية في سياق مراوغة أزمة هذه الطوابير الضخمة، فأصبح المواطن تحت كابوس انتظار الرسالة السحرية التي تضمن بقاءه وأسرته أحياءً أسبوعا آخر. بعد أن أصبحت يد النظام مغلولة ولا تملك طولا كافيا يصل إلى حقول النفط والأراضي الصالحة لزراعة القمح في الشمال، حرمت السلطة الحاكمة من أهم مادتين لازمتين لتمتين بقائها، وحاولت إيران إمداد سوق حليفها بالوقود ولكنها هي الأخرى صارت واقعة بمشكلة مماثلة لذلك توقفت عن الدعم، وأصبح النظام يتسول المادة أو يسرقها بعيدا عن الأعين التي تراقب العقوبات المشددة.

الحليف الروسي الذي يعتبر من مصدري النفط ويتحكم بنسبة مهمة من قطاع الطاقة العالمي، فروسيا ثالث أكبر منتج للنفط في العالم بمجموع عشرة ملايين برميل في اليوم، تصدِّر نصفها، لتكون ثاني أكبر مصدر للنفط، إلى جانب ذلك فهي تحقق فائضا هائلا في محصول القمح، وتنتج سنويا نحو 85 مليون طن، من المتوقع أن تصدر هذا الشهر وحده نحو مليوني طن، وهذه الكمية تكفي سوريا “النظام” مدة عام كامل.. تشكل هذه الأرقام مفارقة وتثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة بين النظام السوري وروسيا التي تبدو شديدة السخاء في مجلس الأمن في الدعم السياسي، وفي الدعم الجوي الذي يهشم العائلات في قرى إدلب، ولكن عند التحدث عن الغذاء والوقود لا نجد أي تحرك روسي لمساعدة هذا الحليف الذي وصل إلى مرحلة المجاعة.

الزيادة التي قررها النظام في الأجور تعبير آخر عن أزمته المالية، وهي الطريقة التي يظهر فيها عجزه عن مواجهة استحقاقه الاقتصادي والمالي، فيلجأ إلى سرقة شعبه بالرفع الشكلي لأجور أكثر من نصف القوى العاملة التي يستوعبها ضمن نظامه المسمى قطاعا عاما، فينزل بها درجة أخرى من درجات الفقر، أما النصف الآخر والذي لا يعمل لديه فنصفه عاطل عن كل شيء، ونصفه الآخر يراقب ما يحدث بصمت، هذه مرحلة أخرى من مراحل تدهور حال النظام وسوريا، وزيادة الرواتب كذبة لا تصل إلى مرتبة الرشوة، أما الداعم الروسي فشأنه شأن الضباع التي تنتظر أن تموت الفريسة لينقض عليها.

فاطمة ياسين

——————————–

=====================

تحديث 16 تموز 2021

—————————-

المساعدات الإنسانية إلى سورية: تفاهمات أميركية روسية في الكواليس/ بشير البكر

انقسام كبير وخلافات في وجهات النظر وارتباك سياسي تحيط بقرار مجلس الأمن الجديد، الذي صدر يوم الجمعة الماضي، والقاضي بتمديد آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية. والحال واحد في وسط المعارضة والنظام، فهناك من رحب بالقرار وهناك من انتقده. البعض اعتبره انتصاراً لروسيا، في حين رأى فيه البعض الآخر نصف انتصار، وأن الوضع الدولي والإقليمي الراهن لا ينتج أكثر من ذلك. وعلى غير ما كان منتظراً، صوّت مجلس الأمن الدولي على مشروع القرار، ما يعني أن دبلوماسية الكواليس بين واشنطن وموسكو نجحت في إبرام صفقة، تم بمقتضاها سحب مشروعي القرارين، النرويجي – الأيرلندي والروسي، والاتفاق على مشروع قرار ثالث يمدد الآلية المعتمدة لمدة سنة، على أن يقدم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تقريراً حول سير العملية بعد ستة أشهر.

في البداية، يمكن القول إن المفاجأة جاءت من طرف روسيا، التي كانت تتوعد منذ أشهر باستخدام حق النقض “الفيتو” ضد تجديد الآلية المعمول بها منذ عام لإدخال المساعدات إلى شمال غرب سورية عبر معبر باب الهوى، والتي يستفيد منها 3.4 ملايين مهجر سوري. وحتى قبل يوم من اجتماع مجلس الأمن، كان الموقفان الروسي والأميركي على طرفي نقيض. وفي حين تبنّت واشنطن المشروع النرويجي الأيرلندي، الذي يدعو إلى تجديد الآلية وإضافة معبر جديد مع العراق هو اليعربية لإدخال المساعدات، كان مشروع القرار الروسي ينص على التمديد للآلية لستة أشهر فقط، مرفقاً بشروط كثيرة، منها رفع علم النظام على معبر باب الهوى، وإدخال جزء من المساعدات عبر المعابر الداخلية القائمة على خطوط التماس بين النظام والمعارضة. وفجأة حصل ما لم يكن في الحسبان، واتفق الطرفان على حل وسط يمدد الآلية المعمول بها.

لم يحصل ذلك بلا تنازلات وضغوط، وبالتالي، فإن التفاهم له ما يتبعه بين واشنطن وموسكو، وهذا ما عكسته تصريحات السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، ونظيرها الروسي فاسيلي نيبينزيا. وقالت غرينفيلد “يظهر ذلك ما نستطيع إنجازه مع الروس إذا عملنا معهم دبلوماسياً… أتطلع لفرص أخرى للعمل مع الروس في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك”. وكان نيبينزيا أكثر صراحة عندما قال “نأمل أن يكون ذلك نقطة تحوّل تتسق مع ما ناقشه (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين و(الرئيس الأميركي جو) بايدن في جنيف” (في إشارة إلى القمة التي جمعت الرئيسين في يونيو/حزيران الماضي). وأضاف “هذا يظهر أن بوسعنا أن نتعاون عندما تكون هناك حاجة، وأيضاً عندما تتوفر الإرادة”. وجاء الاتصال بين بوتين وبايدن، يوم الجمعة الماضي، في السياق ذاته، إذ أوضح البيت الأبيض في بيان، أنه تخلل الاتصال بحث الجانبين “جهود العمل المشترك التي أدت إلى الوصول لاتفاق حول نقل المساعدات الإنسانية عبر الحدود لسورية”. وكان بايدن قد أثار مع بوتين في يونيو الماضي قضية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سورية، ومدى أهميتها. وحذرت إدارة بايدن وقتها من أن وقف إيصال المساعدات عبر الحدود سيعرّض للخطر أي تعاون مع روسيا بشأن سورية في المستقبل.

المعارضة السورية ليست على إطلاع حول ما دار في الكواليس من مناقشات في الساعات الأخيرة قبل الوصول إلى الاتفاق، ولكنها التقطت إشارات عدة خلال الأشهر الأخيرة عن تطورات دولية، ليست بالضرورة سلبية مائة في المائة. وفي حين كانت تترقب وتتحضر للفيتو الروسي، فإنها كانت تعمل على خطة دولية بديلة في ما لو استخدمت موسكو “الفيتو”، تعتمد على إدخال المساعدات من دون قرار مجلس الأمن، من خلال تسليمها إلى جهات محلية ومنظمات إنسانية، ولكن ذلك محفوف بالمخاطر، لا سيما في ما يتعلق بمسألة توفير الحماية للقوافل، لأن روسيا لم تتورّع في السابق عن قصف القوافل والمعابر والمستشفيات.

المعارضة لا ترى في تراجع موسكو عن “الفيتو” رضوخاً للضغط الأميركي، بل على العكس. وهناك مصادر ترجح أن موسكو نجحت في استثمار الضغط للحصول على ما تريد. ولا تتحرج هذه المصادر من الاعتراف بأن روسيا حققت انتصاراً في هذا القرار، وحصلت على بعض المكاسب. وفي السياق، قال مدير “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، فضل عبد الغني، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “المعارضة غير معنية بالخفايا، وإنما بما صدر عن مجلس الأمن، ولا ننظر لما حصل نظرة سلبية. صحيح أنّ القرار يحمل تراجعاً عما قبله، ولكنه ليس بهذا السوء، ويمكن القول إنّ هناك غموضاً بناء”. وأوضح عبد الغني أنّ “المساعدات التي ستذهب إلى النظام من المعابر الداخلية لا تتجاوز 10 في المائة من حجم المساعدات الكلي الذي سيستمر على ما هو عليه. وهذا نجاح للروس حين ننظر له بشكل مباشر، أما إذا نظرنا له من زاوية أخرى، فإنّ هذه المساعدات تذهب إلى جزء من الشعب السوري في محافظة إدلب، وتحت إشراف منظمة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، وليس إلى النظام الذي يتصرف بالمساعدات بالطريقة التي نعرفها جميعاً. وفي الوقت الذي يقدم القرار انتصاراً لروسيا، فهو يحمل إيجابيات لنا. ولكننا لن نقف هنا، ولدينا اجتماع هذا الأسبوع مع وزارة الخارجية الأميركية من أجل دراسة مسألة العودة إلى قرار مجلس الأمن الذي صدر في فبراير/شباط 2014، والذي أقر دخول مساعدات دولية إلى سورية، ولم يربطها بالأمم المتحدة، وهذه النقطة فرضتها روسيا لاحقاً في يوليو/تموز 2014”.

أما من الناحية السياسية، فإنّ أوساطاً في المعارضة تعتبر أن القرار لا يخرج عن الروحية العامة للموقف الأميركي المعروف تجاه المسألة السورية، وبالتالي ليست هناك انعطافة كبيرة، فالثوابت السابقة مستمرة على حالها، ومنها عدم الانخراط الأميركي في الشأن السوري، وفي الوقت ذاته عدم التسليم لموسكو بكل ما تريده في سورية. فهناك حسابات أميركية تتعلق بالعقوبات ضد النظام، والالتزامات في شرقي سورية مع “قوات سورية الديمقراطية” (قسد)، والتفاهمات مع تركيا. وترى أوساط المعارضة أن أي تفاهم أميركي روسي من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الوضع العام في سورية، وتقول إن أي حل للقضية السورية لن يخرج عن هذا الإطار، ولا تستبعد أن يفتح التفاهم في شأن المساعدات الإنسانية الباب لتفاهمات أخرى، طالما توافرت النوايا لدى الطرفين.

ومن جانب النظام، لم تكن المواقف على موجة واحدة. ففي حين اعتبر وزير خارجية النظام فيصل المقداد القرار “إنجازاً”، فإن مندوب النظام الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ، قابل الخطوة باستياء، وأعلن عن “رفض تمديد الآلية”، قائلاً بعد صدور القرار إن “سورية ترفض هذه الآلية المسيسة لما تمثله من انتهاك لسيادتها ووحدة أراضيها وللعيوب الجسيمة التي شابت عملها والفشل في ضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، وليس إلى الإرهابيين”. ويدل ذلك على أن النظام كان يرى أن الفرصة كانت متاحة لوقف العمل بالآلية الحالية، وهذا يعني خطوة كبيرة نحو إعادة تأهيل نفسه من خلال وضع اليد على المساعدات الدولية، ولذلك معنى سياسي قبل كل شيء كون 90 في المائة من المساعدات تقدمها الولايات المتحدة وأوروبا والباقي اليابان وكوريا الجنوبية. ولو حصل ذلك، لكان مثّل اعترافاً سياسياً بالنظام، وهذا ما ترى فيه المعارضة نصف انتصار لها، طالما أنّ موسكو فشلت في الحصول على موقف أميركي للتطبيع مع النظام.

العربي الجديد

—————————-

المعابر السورية بوابة الحل السياسي!/ حسين عبد العزيز

أعرب مقال سابق للكاتب، نشر في “العربي الجديد”، عنوانه “الملف السوري والقمم الروسية ـ الأميركية”، في 18/6/ 2021، عن القلق من حدوث تنازل أميركي جديد في الملف السوري خلال لقاء الرئيسين بايدن ـ بوتين في جنيف، فتاريخ القمم الأميركية ـ الروسية يخبرنا بهذه التنازلات المستمرة. ثم لم يمض شهر على اللقاء، حتى ظهرت الصفقة المشتركة علنا في قرار مجلس الأمن 2585، وظهرت معه التنازلات الأميركية. وشكل القرار نقلة مهمة في التعاطي الأميركي ـ الروسي، ليس حيال ملف المعابر فحسب، وإنما أيضا حيال الرؤية الاستراتيجية لهذا الملف.

وليس من المصادفة بمكان، أن يمر القرار بهذه السهولة من دون حدوث فيتو روسي كما في مرّات سابقة، وأن يهلل له الروس والأميركيون بطريقةٍ بدت لافتة للانتباه، بل إن أخطر وأهم ما قيل في القرار الدولي جاء على لسان وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، “قرار تمديد دخول المساعدات الإنسانية بصيغته الحالية يعد إنجازا، لأنه تضمن كل الجوانب التي كانت الدول الغربية ترفض تناولها.. القرار ينصّ على إيصال المساعدات الإنسانية من الداخل السوري، وليس فقط من المعبر، ويعني ذلك أن المعابر الخارجية لم تعد الأساسية، وما حصلت عليه الدول الغربية من هذا القرار هو نصف معبر فقط”.

أولا، يؤكد نص القرار 2585 لأول مرة على إيصال المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس الداخلية، أي وصولها إلى مناطق النظام، إما عبر منظمات تابعة للنظام، أو تحت إشراف روسي مباشر. وأهمية هذه الخطوة في أن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أصبحا ينظران إلى الأزمة الإنسانية داخل سورية من منظور جغرافي واحد يشمل جميع أراضي البلاد، من دون تمييز بين مناطق المعارضة ومناطق النظام. كما تكمن مخاطر هذا التحوّل في المناطق التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية”، حيث إدخال المساعدات إلى مناطقها سيكون محصورا بأيدي النظام، كونه يفصل بين مناطق سيطرتها ومناطق سيطرة المعارضة.

ثانيا، ليست الانعطافة الكبرى في هذه التفاصيل، بل في إمكانية إنهاء الآلية الأممية لإدخال المساعدات على الجملة، وهو ما عبر عنه سفير روسيا في الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، حين قال “لقد منح أعضاء المجلس الضوء الأخضر لتعزيز الآلية عبر الحدود بشكل تدريجي ثم استبدالها في نهاية المطاف بعمليات تسليم عبر الخطوط”. وجاء هذا التصريح بعد أيام من البيان الختامي لـ “أستانة 16” الذي لم يشر إلى صيغة “عبر الحدود”، مكتفيا بالتأكيد على ضرورة إيصال المساعدات إلى جميع السوريين في جميع أنحاء البلاد من دون تمييز وتسييس. .. ووفقا للموقف الروسي، الذي لم يقابله أي تعقيب أميركي، ستتوقف الآلية الأممية بعد عام، ليصبح إدخال المساعدات عبر النظام السوري وحده.

ثالثا، يدعو القرار الأممي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الاستجابة بخطوات عملية لتلبية الاحتياجات الملحّة للشعب السوري في ضوء الآثار الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية العميقة لوباء كوفيد 19 على سورية، كدولة في حال طوارئ إنسانية معقدة، ويرحب بجميع الجهود والمبادرات لتوسيع الأنشطة الإنسانية في سورية. واعتمد نصر القرار الأممي صيغة “الإنعاش المبكر” مقاربة جديدة لإعادة إحياء وبناء البنى التحتية المتعلقة بالمياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والمأوى، إضافة إلى مشاريع التعافي المبكر، مع ما يعني ذلك من سماح الإدارة الأميركية بإعادة الإعمار في هذه القطاعات، وطبعا عبر بوابة النظام.

كيف يمكن تفسير التنازلات الأميركية هذه؟ وهل هي مجرد تنازلات أحادية الجانب، أم أنها مرتبطة بصفقة يقدم الروس من خلالها تنازلات ليست معلومة بعد؟ بغض النظر عن التنازلات الروسية إن وجدت، وهي ليست ذات أهمية، فما يهمنا هو الرؤية الأميركية للمسألة السورية.

منذ سنوات، تقوم المقاربة الأميركية في سورية على إدارة الأزمة من دون الوصول إلى امتلاك رؤية وإرادة للحل النهائي، وقد موضعت الإدارات الأميركية مقاربتها بهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والحيلولة دون عودتها، استمرار الدعم الإنساني الدولي إلى سورية، تثبيت موازين القوى العسكرية في الداخل.

ولكن أزمة كورونا من جهة، والانهيار الاقتصادي الحاصل في البلاد من جهة ثانية، دفعا واشنطن إلى الاقتراب من رؤية المبعوث الأممي، غير بيدرسون، والرؤية الروسية، المتعلقة بضرورة تخفيف الأعباء الاقتصادية عن الشعب السوري وضرورة مكافحة كورونا، لأن من شأن الانهيار الاقتصادي أن يُحدث نوعا من المخاوف الجديدة حول احتمال ازدياد حالات التطرّف المنظم، والخوف من انفجارات اجتماعية.

يفهم من هذه الأهداف أن الدور الأميركي اقتصر على ما يمكن تسميته التدخل السلبي، القائم على مقاربة إبقاء الوضع على ما هو عليه، لمنع حدوث انفجاراتٍ إنسانية أو عسكرية، من شأنها أن تعيد الأزمة السورية إلى مربّعها الأول. ولذلك، يكمن أقصى اهتمامات واشنطن حيال سورية في حصر الأزمة داخل البلاد، والعمل على تأمين عودة اللاجئين وفق حمايةٍ يتم التفاهم حولها، مع ترك الإصلاحات السياسية إلى اعتبارات المصالح الدولية، والقبول بتنازلات البسيطة من النظام.

العربي الجديد

——————————–

=========================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى