الناس

آلام السوريين في تركيا، وفي كل مكان من بلاد اللجوء -مقالات مختارة-

————————————

تركيا: خطاب كراهية ضد السوريين يحوّل المدارس بيوت رعب/ مها غزال

رغم وجود عشرات الهيئات والمنظمات السورية في تركيا، إلا أنها لم تتحمل مسؤولية الدفاع عن السوريين، لأنها ما زالت بعيدة من قضاياهم الجوهرية، وهي تنأى بنفسها عن أي حالة متعلقة بحادثة اعتداء ذات طابع عنصري، متحاشية التصادم مع أي من الجهات التركية.

في منتصف العام 2021 ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأخبار حول فصل أكثر من 12 ألف مدرس سوري من عملهم في المدارس التركية، وهو ما يعني حرمان آلاف العائلات قوت يومهم وايجار منازلهم، وعلى رغم قسوة الخبر وكارثيته، إلا أنه كبقية الأخبار التي يتم تداولها فقد وهجه بعد أيام من دون إيجاد حل للكارثة التي طاولت المدرسين وعائلاتهم.

إلى هنا نظن أننا نتحدث عن خبر قديم، ولكنه ليس كذلك، فالكارثة لم تقتصر على المدرسين وعائلاتهم بل طاولت مئات آلاف الطلاب السوريين في المدارس التركية، الذين حرموا من ملاذ آمن في مدارسهم، وباتوا يواجهون بمفردهم واحدة من أشد موجات خطاب الكراهية التي تعصف بالمجتمع وتنتقل بطبيعة الحال إلى المدارس.

خلال أسبوع واحد، تعرض ثلاثة طلاب سوريين لحوادث عنف أدت إلى إسعافهم إلى المستشفى.

في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، بعد الانصراف من المدرسة في اسطنبول قام عدد من الطلاب الأتراك بالتهجم على طالب سوري في الصف الإعدادي السابع بعبارات وشتائم عنصرية، ثم قاموا بضربه حتى فقد وعيه في الشارع وأسعفه أحد المارة إلى المستشفى، حيث أمضى ليلته.

وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر دخل أولياء أمر طالب تركي في مدينة بورصة باحة المدرسة وتهجموا على طالب سوري في الصف الثامن أمام جميع الطلاب، ثم قامت والدة الطالب التركي بتقييد حركة الطالب السوري ليخرج زوجها سكينه ويطعنه في أماكن متفرقة من جسده.

تجاوزت الخلافات بين الطلاب في المدارس الحدود التي يمكن السكوت عنها، وتطور الأمر إلى محاولات قتل وخطاب كراهية، تصاعدت حدته بعد فصل المدرسين السوريين الذين كانوا ضمن المدارس الحكومية

وفي إسطنبول تعرض طفل سوري آخر (12 سنة)، لمحاولة الخنق في 3 تشرين الثاني 2021، حيث استدرجه طالب تركي (17 سنة) إلى القسم الخلفي من المدرسة ووجه له سيلاً من الشتائم ثم حاول خنقه حتى فقد الوعي، ثم ضربه وركله قبل أن يشاهده طالب سوري آخر ويطلب المساعدة. تم إسعاف الطالب إلى المستشفى وظل في العناية المشددة نحو 4 ساعات بسبب انخفاض معدل التنفس، ثم تم تحويله إلى مستشفى آخر ما زال يرقد فيه.

مع تزايد خطاب الكراهية لم تعد المدرسة ملاذاً آمناً للأطفال، بل باتت مكاناً أشد خطورة مما نعتقد، تجاوزت الخلافات بين الطلاب في المدارس الحدود التي يمكن السكوت عنها، وتطور الأمر إلى محاولات قتل وخطاب كراهية، تصاعدت حدته بعد فصل المدرسين السوريين الذين كانوا ضمن المدارس الحكومية في إطار مشروع دمج الطلاب السوريين في المدارس التركية PIKTES، وهو مشروع يموله الاتحاد الأوروبي.

تركز عمل المدرسين السوريين خلال السنوات الفائتة ضمن مشروع PIKTES، على الإشراف على الطلاب السوريين داخل المدارس التركية، كما كانوا بمثابة الجسر الواصل ما بين إدارة المدرسة والطلاب السوريين وذويهم، إضافة إلى متابعة أمور الطلاب في الصفوف المدرسية وفي باحة الاستراحة وحتى خارج المدرسة.

يرى الأستاذ طه الغازي أن غياب المدرس السوري عن المدارس التركية، لعب دوراً كبيراً في تنامي حدة السلوكيات العنصرية ضد الطلاب السوريين، والتي لا يمكن تصنيف قسم كبير منها ضمن سلوكيات الطلاب الطبيعية، لأنها تحمل طابعاً عنصرياً بالدرجة الأولى، كما أنها تحمل خطاب كراهية واضحاً، إلى حجم العنف الذي تتسم به، والذي أدى إلى إسعاف الطلاب المعتدى عليهم إلى المستشفى وبعضهم كان في حالة حرجة فعلاً.

اعتبر الغازي أن المدرس السوري كان بمثابة صمام الأمان وركيزة البيئة الآمنة التي كانت تتوفر للطلاب السوريين في المدرسة، واليوم غياب المدرس السوري ترك الساحة فارغة، فيما يزداد حضور خطاب الكراهية في وسائل الإعلام التركية وخطابات بعض الشخصيات السياسية التركية، ما يؤجج الشارع التركي.

لا يقتصر خطاب الكراهية والعنصرية على الطلاب، إذ اشتكى عدد من الأهالي السوريين من أن بعض الكوادر التعليمية التركية تمارس سلوكيات عنصرية، مثل أن ينادى الطالب السوري في الصف الدراسي بلقب “يابنجي” بمعنى الغريب، كما أن هناك مدرسين يتجاهلون الطالب السوري المجتهد في الصف الدراسي أو الأنشطة.

تعرض طالب فلسطيني- سوري في الصف الابتدائي الرابع، لضرب على يد أستاذه في إحدى مدارس منطقة أفجلر التابعة لولاية إسطنبول، وأكد والد الطالب أن أحد المدرسين ضرب ابنه، ما تسبب بأذى جسدي في مناطق متفرقة من جسده، أبرزها في منطقة الرقبة، وما كان المدرس ليتوقف عن ضرب الطفل لولا تدخل بعض المعلمات وإنقاذ الطفل من بين يدي المدرس.

وطلب والد الطفل بُعيد الواقعة توضيحاً من المدرسة، لكن أحداً لم يستجب لطلبه، بل هددت الإدارة بطرد ابنه من المدرسة، وادعت أنه دخل في شجارٍ مع مجموعة أخرى من الطلاب، وأن المدرس لم يضربه، ورفضت الإدارة طلب والد الطفل حول مراجعة قيود كاميرات المراقبة أو اللقاء مع الطلاب الذين قالت الإدارة إن الطفل تشاجر معهم، كما لم تسمح للأب بمقابلة المدرس الذي ضرب الطفل.

وكان الطفل أكد لوالديه أنه سمع كلمات تمييزية مثل أنه “طالب أجنبي سوري”، ويذكر أن الطفل كان تعرض لاعتداء جسدي من مجموعة طلاب أتراك، وقد أبلغت والدة الطفل إدارة المدرسة بالواقعة، لكن بلا جدوى.

حمل الأستاذ طه الغازي مديريات التربية مسؤولية تنامي هذا الخطاب في المدارس، وأكد أن من واجبها تأهيل الكوادر التعليمية وتنظيم تعاملها مع الطلاب السوريين في المدارس، وتجهيز لوائح واضحة تنبذ خطاب الكراهية، وعدم إنكار الدوافع العنصرية في الحوادث التي يتعرض لها الطلاب السوريون، أو التهرب منها وإلقاء اللوم على الطفل السوري بحجة أنه من بدأ بالمشكلة، مشدداً على أن غياب العقاب في مثل هذه الحوادث يفتح المجال لتكرارها وتضخمها.

ويرى البعض أن دائرة الهجرة تتحمل أيضاً مسؤولية تصاعد الخطاب العنصري، لأن برامج الدمج التي تستهدف اللاجئين ما زالت قاصرة، بخاصة أنها لا تتعامل بجدية مع البيئة الطاردة للاجئين والتي تشكلت نتيجة زج قضية اللاجئين في الصراعات السياسية الداخلية.

وعلى رغم وجود عشرات الهيئات والمنظمات السورية في تركيا، إلا أنها لم تتحمل مسؤولية الدفاع عن السوريين، لأنها ما زالت بعيدة من قضاياهم الجوهرية، وهي تنأى بنفسها عن أي حالة متعلقة بحادثة اعتداء ذات طابع عنصري، متحاشية التصادم مع أي من الجهات التركية، لذلك ظل عملها مؤطراً ومحدداً ببعض المشاريع والبرامج ولم ترتق إلى واقع اللاجئ السوري في تركيا. وفي كل هذا نرى غياباً تاماً لأي دور للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تركيا، وبهذا يبقى اللاجئ السوري من دون أي حماية، مهدداً بالترحيل أو الاعتداء.

درج

—————————————

حتى لا يكون السوريون المجنسون مواطنين مع وقف التنفيذ!؟/ غزوان قرنفل

يعيش في تركيا وفق آخر إحصائيات إدارة الهجرة التركية نحو ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف سوري معظمهم تقريبا تحت بند الحماية المؤقتة، وقلة منهم يحملون إقامات سياحية أو إقامات عمل. قامت الدولة التركية عقب موجة الهجرة الكبرى نحو أوروبا عام 2015 ومغادرة آلاف من أصحاب الكفاءات والاختصاصات العلمية والتخصصات الجامعية المختلفة بالبدء بعملية تجنيس استثنائي للسوريين لديها من أصحاب الشركات ورؤوس الأموال ومعظم من تبقى من حملة الشهادات والاختصاصات العلمية لديها حتى بلغ عدد السوريين المجنسين منذ العام 2016 وحتى الآن نحو مئة وخمسين ألفا بحسب البروفسور مراد أردوغان المختص في شؤون الهجرة وعضو هيئة التدريس بالجامعة التركية الألمانية.

وبطبيعة الحال تمثل مسألة اكتساب جنسية أي دولة بوابة الحصول على شرف المواطنة في الدولة المكتسب لجنسيتها بما تمنحه لك من حقوق وترتبه عليك من واجبات والتزامات قانونية وقيمية بوصفك مواطنا متساويا مع أقرانك المواطنين – بالمولد أو بالتجنس – في الحقوق الدستورية.

السوريون في تركيا لا يستطيعون تملك العقارات بموجب قرار حكومي قديم يعود إلى زمن النزاع حول الممتلكات بين سوريا وتركيا حيث قامت السلطات السورية بحجز أموال وعقارات الأتراك الواقعة ضمن حدودها ومنعتهم من التملك وردت تركيا بالمثل، واستمر الحال على ذلك حتى الآن.

ورغم أن السلطات التركية كانت قد أصدرت عام 2012 القانون رقم 6302 المعدل لقانون السجل العقاري والتي منحت فيه الحق في تملك العقارات في تركيا لمواطني مئة وثلاث وثمانين دولة دون شرط المعاملة بالمثل وهي سابقة لم تحصل منذ العام 1934 عندما دخل قانون السجل العقاري حيز التنفيذ في إشارة واضحة للاهتمام الكبير الذي توليه الدولة للاستثمار العقاري لكنها أبقت على استثناء السوريين من الحق بالتملك العقاري فيها وبالتالي أبقتهم ضمن مبدأ المعاملة بالمثل، وهذا مادفع بعدد من السوريين خلال السنوات العشر الأخيرة لتأسيس شركات وشراء عقار يتم تسجيله كأحد موجودات الشركة وليس كملكية شخصية لصاحبها.

تنفس كثير من السوريين المجنسين الصعداء بعد حصولهم على الجنسية التي تمنحهم شخصية قانونية جديدة وتسمح لهم بتملك العقارات كأي مواطن تركي آخر، وبادر قسم لا بأس به منهم لشراء عقارات فعلا ليؤسسوا لأنفسهم فيها مستقرا جديدا.. لكن فجأة ومن دون أي مقدمات تقرر مديرية الطابو أن تلزم السوريين الحاملين للجنسية التركية خلال عملية شرائهم لعقار والذهاب لنقل ملكيته لاسمهم، التوقيع على إقرار أو سند تعهد لا يعرفون مضمونه ولم يمنحوا نسخة عنه ليتعرفوا على مضمون ما يجبرون على التوقيع عليه وإلا لن تنجز معاملة نقل الملكية (!) وخلاصة ما يتضمنه هذا الإقرار أنه (وبوصفه سوري المولد فإنه يأخذ علما أن هذا العقار قد يقع تحت طائلة القانون رقم 1062 لعام 1927 وقرار مجلس الوزراء رقم 7104 \6 لعام 1966 والذي يتيح للخزينة العامة مصادرته أو منع التصرف به إن فقد جنسيته التي يتملك بموجبها لأي سبب أو لم يكن له وارث تركي) وهذا ما أدى لإلغاء عشرات عمليات الشراء ورفض إتمامها بالنظر لخطورة تلك الخطوة على حقوق الملكية التي يفترض أن يتمتع بها المواطن – المجنس  (!).

 قوبل هذا الإجراء التعسفي بحملة استهجان ورفض كبيرة من قبل السوريين المجنسين من مالكي العقارات خصوصا أنهم تملّكوا بصفتهم مواطنين أتراكاً وهو ما يوفر لهم مركزا قانونيا مختلفا تماما عن مقتضيات ومنطوق وهدف القوانين السابقة التي لا تنطبق عليهم بأي حال من الأحوال.

إثر ذلك قامت مديرية الطابو بإلغاء هذا الإجراء لكنها استحدثت بديلا عنه وهو وجوب حصول السوري المجنس على موافقة مسبقة من الإدارة الوطنية للعقارات في أنقره على أي عملية بيع أو شراء لعقار، وهو بالتأكيد إجراء لا يقل سوءا عما سبقه لأنه يقيد حق المواطن بالتصرف بأمواله بيعا أو شراء وهو ما يخالف أسس حقوق المواطنة نفسها.. وقد مضى الآن على تطبيق هذا الإجراء التعسفي أكثر من شهر ولم ترد إلى الآن أي موافقة على الطلبات التي تقدم بها من عدة ولايات تركية سوريون مجنسون لبيع عقاراتهم (!!!). 

بعض ممن تقدموا بطلبات موافقة للبيع اتصلوا هاتفيا بأنقره بعد أن ملوا انتظار تلك الموافقة دون جدوى وكان الرد صاعقا أن طلبهم قوبل بالرفض (!) وبعضهم وردت لهواتفهم رسائل تبلغهم بوجوب مراجعة شعبة الأجانب بدائرة الطابو (!).. الأجانب؟  نعم تماما كما قرأتموها.. الأجانب!!!.

في هذا السياق تحضر لساحة الذهن أسئلة من قبيل: (فيما يتعلق بمن تم رفض طلبهم بيع العقار ما هو مصير هذا العقار، هل يبقى معلقا دون إمكانية لبيعه؟؟؟ ألا يعتبر ذلك منعا للمالك من التصرف بملكه وهو ما يخالف الدستور والحق القانوني بالتصرف بالمال الخاص بأي وجه من الوجوه ؟) .. ثم بالنسبة لمن وردتهم رسائل بوجوب مراجعة شعبة الأجانب بمديرية الطابو.. كيف لدائرة حكومية أن تطلب من مواطن حاصل على جنسية الدولة وتملّك عقارا فيها أن يراجع شعبة الأجانب بشأن عقاره!!! وكأنها لا تعترف بمواطنته أو جنسيته؟ بما يمثل أخطر انتهاك لحقوق المواطنة المتساوية.

في حمأة هذا التخبط من المهم استمرار الجهود المبذولة بدأب مع جميع مستويات المسؤولين الحكوميين والسياسيين، من ولاة وبرلمانيين وقادة أحزاب لبسط تفاصيل هذا الأمر أمامهم وحثهم على العمل لإلغاء مفاعيل أي قرار أو تعليمات إدارية تتعلق بممتلكات السوريين الأتراك من شأنها أن تؤثر على حقوقهم الخالصة في تلك الممتلكات وحقهم المطلق بالتصرف بها بالشكل والتاريخ الذي يبغون، ويبقى اللجوء لعدالة القضاء الإداري هو الخطوة الأخيرة التي لا بأس من اللجوء إليها إذا ما فشلت المساعي غير القضائية وهو حق يصونه القانون والدستور وعلينا سلوكه حتى لا يكون السوريون المجنسون مواطنين مع وقف التنفيذ.

تلفزيون سوريا

———————–

هجرة السوريين… رغبة في الرحيل وسط تشدد تركي/ عدنان عبد الرزاق

مع تتالي القرارات التركية التي تُقيّد بشكل أو بآخر حياة السوريين في البلاد فيُحكى عن تضييق، راح كثيرون من هؤلاء يفكّرون في المغادرة وإن خاطروا بحياتهم. فهم فقدوا الأمل في “الجارة” التي كانت ملاذاً لهم قبل أعوام.

تزامن إعلان تركيا عن زيادة في عمليات ضبط المهاجرين السريين مع زيادة خطاب الكراهية والعنصرية من قبل بعض الأتراك بحقّ السوريين. كذلك، مثّلت قرارات تركية رسمية سبباً إضافياً لعودة سوريين مقيمين في البلاد منذ تسعة أعوام إلى المخاطرة بأرواحهم وخوض الهجرة عبر البحر. ويشكو محمد إبراهيم البالغ من العمر 36 عاماً قائلاً لـ”العربي الجديد”: “ضاقت بنا تركيا. بعد الدلال والترحيب، لم نعد قادرين على تحمّل الأعباء المعيشية ونظرة البعض العدائية لنا. ليتني أستطيع الهجرة بأيّ طريقة ممكنة”. ويحكي عن محاولات متكررة في الأشهر الأخيرة للهجرة السرية إلى أوروبا، لافتاً إلى أنّه سأل عن السفر النظامي فوجد أنّ تكلفته “تتخطّى تسعة آلاف يورو (نحو 10 آلاف و500 دولار أميركي) والأمر غير مضمون”، وذلك بعدما قصد ولاية إزمير (غرب) على ساحل بحر إيجه في محاولة للهجرة بواسطة قوارب مطاطية.

يضيف إبراهيم: “أعمل في محلّ لبيع الحلويات بمنطقة السلطان أحمد في إسطنبول، منذ أربعة أعوام. على الرغم من أنّ أجري ارتفع إلى 3500 ليرة تركية (نحو 370 دولاراً) لكنّه بالكاد يكفيني مع التقشّف. فبدل إيجار المنزل ارتفع من 1600 ليرة (نحو 170 دولاراً) إلى 2000 (نحو 210 دولارات) على الرغم من أنّني أقيم في حيّ شعبي. كذلك، فإنّ الأسعار ارتفعت بنسبة تفوق 100 في المائة منذ بداية أزمة كورونا”. ويشير إبراهيم إلى أنّه “إلى جانب كلّ ذلك تُضاف عنصرية بعض الأتراك تجاهنا. فكوني سورياً، ألقى رفضاً في بعض القطاعات، إذ يُمنع علينا الاستئجار مثلاً في منطقتَي الفاتح وإسينيورت في إسطنبول، كذلك ثمّة عدم تقبّل لنا من قبل موظفين أتراك في خلال مراجعتنا الدوائر الرسمية. والأمر مشابه من قبل بعض الباعة”.

وما يشكو منه إبراهيم ينسحب على شرائح سورية واسعة. فالتعاطي التركي مع السوريين تبدّل، سواءً أكان الأمر مرتبطاً بتأجير المنازل أو القرارات الرسمية المتلاحقة من قبيل رفع رسوم التعليم الجامعي الخاص بالسوريين بعدما كانت رمزية، فصارت توازي رسوم أيّ أجنبي يتابع دراسته في تركيا. ومن القرارات كذلك إلزام السوريين الحاصلين على الجنسية التركية بالتوقيع على تنازل عن ملكياتهم في حال الوفاة وعدم وجود وريث تركي. وبالنسبة إلى المدرّس خالد الأسعد، فإنّ الأسوأ هو “فصل نحو 13 ألف مدرّس سوري، مع وعود بإعادة ثلاثة آلاف من الجامعيين الذين يحملون شهادة باللغة التركية. فهذا يجعل مصير تسعة آلاف أسرة سورية مجهولاً، بعد توقّف أجرهم الشهري البالغ 2020 ليرة (نحو 210 دولارات) علماً أنّه الأجر الأدنى في تركيا”.

ويكشف الأسعد، وهو من هؤلاء المفصولين من العمل، أنّ “جلّ المدرّسين الذين أنهت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وتركيا عقودهم أخيراً، يبحثون الآن عن مخارج لتدبير معيشتهم. والهجرة السرية على رأس الحلول، ويجري البحث عن مهرّبين. ويأتي ذلك بالتوازي مع حلول تقوم على هجرة شرعية من خلال مراجعة السفارات ومكاتب الأمم المتحدة”. ويلفت الأسعد إلى “قرارات كارثية يتّخذها بعض المدرّسين للتغلّب على تردّي ظروف العيش ولتلبية النفقات المتزايدة في تركيا. فبعد توقف الراتب، ثمّة من لجأ إلى تزويج بناته القاصرات لتخفيف المصاريف أو للاستفادة من مبالغ مالية”، مشدّداً على أنّ “هذا الحلّ كارثي وغير لائق بمدرّس من المفترض أنّه واع ومثقّف. لكنّ النظريات غير الواقع، ولا حلول هنا للعيش”. ويبيّن الأسعد أنّ “تركيا لا تمنح السوريين، سوى المسنين وبعض الأسر المسجلة في برنامج مساعدات صوي، أيّ مساعدات، علماً أنّ أصحاب البيوت لا يرحموننا في بدلات الإيجار، وتُضاف إلى ذلك الفواتير والمصاريف المختلفة”. وتعليقاً على الأخبار المتناقلة حول وفيات مفاجئة لعدد من المدرّسين بعد “قرار الفصل التعسفي وغير اللائق”، يقول إنّ “خمسة مدرّسين توفّوا من جرّاء ذبحات قلبية، بسبب الفقر والقهر وعدم توفّر أيّ آمال مستقبلية بعد إنهاء عقود عملهم”.

وفي هذا السياق، كانت وزارة التربية التركية قد أبلغت مختلف المدارس في البلاد التي تضمّ في كادرها مدرّسين سوريين، عبر رسائل إلكترونية بعثتها في العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، أنّ “مديرية التعليم مدى الحياة” التابعة لوزارة التربية التركية والمسؤولة عن التعليم ما قبل الجامعي، قرّرت تعيين موظفين سوريين لدعم التعليم (وهم جزء من المدرّسين المعيّنين سابقاً كمدرّبين متطوّعين) بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في تركيا والهلال الأحمر التركي، شريطة أن يكون الموظفون المُراد تعيينهم حاصلين على درجة بكالوريوس على أقلّ تقدير، مع تحديد مستوى مهاراتهم في اللغة التركية. أضافت أنّها أجرت مفاوضات مع المؤسسات المعنية، المفوضية الأوروبية والهلال الأحمر التركي، وتمّ الاتفاق على تشغيل ما مجموعه ثلاثة آلاف مدرّس سوري فقط، من بين مجموع المدرّسين المتطوّعين الذين يقترب عددهم من 13 ألفاً. وهذا القرار رآه أتراك خارجاً عن إرادتهم، لأنّ منظمة يونيسف أعلنت عن انتهاء برنامجها الخاص بدعم المدرّسين السوريين العاملين في تركيا، ابتداءً من العام الدراسي 2021-2022، وذلك بعد خمسة أعوام من إطلاق مشروع “دمج التلاميذ السوريين في المنهاج الوطني التركي” المدعوم من قبل المفوضية الأوروبية، تحت إشراف منظمة يونيسف ووزارة التربية التركية.

منار عبود من بين المدرّسين السوريين المعنيين، تقول لـ”العربي الجديد”: “لنفترض أنّ السبب هو يونيسف وإنهاء تمويل البرنامج، لماذا لا يُبحَث عن مموّلين آخرين؟ ولماذا لا يُشغَّل المدرّسون في برامج أخرى مدعومة من الاتحاد الأوروبي؟ ولماذا تمّ تشغيل غير سوريّين عندما كانت يونيسف تقدّم دعمها؟”. تضيف عبود: “لنضع كلّ ذلك جانباً. لا بدّ من السؤال: لماذا الاستخفاف وعدم الاحترام؟ أيعقل أن يُنهى عمل مدرّس عبر رسالة إلكترونية، من دون كلمة شكر أو تعويض نهاية خدمة ليتمكّن من تدبير معيشة أسرته ريثما يجد عملاً آخر؟”. وتتابع عبود أنّ “متوسّط عمر المدرّسين السوريين ربّما يكون ما بين 40 و45 عاماً، بالتالي بماذا يستطيع هؤلاء العمل؟ حتى ورش الخياطة ترفضنا، ونحن لا نجيد سوى التدريس”، مشيرة إلى أنّ “ثمّة مدارس عربية خاصة تحاول استغلالنا عبر تشغيلنا بأجور منخفضة. ورغم ذلك، هي قليلة وشروطها صعبة”. وتكمل عبود أنّ “تركيا لا تمنحنا أيّ مساعدات لأنّنا هنا وفق قانون الحماية المؤقتة وليس وفق قانون اللجوء. ويأتي ذلك في حين أنّ الشهر على الباب، بالتالي يتوجّب علينا سداد إيجار المنزل والفواتير وتحمّل تكاليف المعيشة بعد الغلاء الفاحش. من هنا، لا تلوموا من يزوّج قاصراً أو يسعى إلى هجرة سرية على الرغم من مخاطرها على حياته”.

وكانت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل “فرونتكس” قد أعلنت أنّ عدد المهاجرين الوافدين بطرق غير نظامية إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر غرب البلقان، ارتفع إلى مثلَيه تقريباً هذا العام، وهؤلاء بمعظمهم من سورية وأفغانستان. وكشفت الوكالة أنّ عدد العابرين بطرق غير نظامية للحدود في اتجاه الاتحاد منذ بداية عام 2021، تجاوز 82 ألفاً، أي بزيادة 59 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2020. أضافت في بيان أنّ العدد ارتفع في يوليو/تموز الماضي بنسبة 67 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

وفي حين يتّهم مراقبون تركيا بـ”غضّ الطرف عن الهجرة غير السرية للضغط على الاتحاد الأوروبي”، يؤكد مدير مركز الأبحاث في إسطنبول محمد كامل ديميريل لـ”العربي الجديد” أنّ بلاده “حريصة على منع الهجرة السرية منها وإليها، وهذا قرار اتُّخذ منذ أعوام وتمّ التشدد فيه في العام الأخير بعد المستجدات في أفغانستان وتصاعد قصف نظام الأسد للنازحين السوريين في شمال غربي سورية”. يضيف ديميريل أنّه “على الرغم من مرور خمسة أعوام على اتّفاق الهجرة الموقّع بين تركيا والاتحاد الأوربي في مارس/آذار من عام 2016، فإنّ الأوروبيين لم يفوا بتعهداتهم سواء لجهة رفع تأشيرة الدخول عن الأتراك وإحياء مفاوضات الشراكة أو حتى تسديد ما وعدوا به اللاجئين”. وكان الاتحاد الأوروبي قد تعهّد بتقديم دعم مالي قدره ستة مليارات يورو (نحو سبعة مليارات دولار) لمساعدة تركيا، على الرغم من أنّ تركيا، برأي ديميريل “تنفق أكثر ممّا وعد به الأوروبيون على اللاجئين. وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن استخدام ورقة هجرة اللاجئين مثلما يُشاع أخيراً، بل على العكس تتشدّد في ضبط الحدود ومنع الهجرة. ومن يهاجر وتلفظه الدول الأوروبية، خصوصاً اليونان، تتلقّفه تركيا وتقدّم له كلّ المساعدات الممكنة”.

لكن في المقابل، تتصاعد أصوات تركية كلّما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية لتحميل السوريين وزر “مآسي معيشتهم” وارتفاع نسب الفقر والبطالة. ويقول أتراك علانية: “استضفنا السوريين لأعوام وليفتّشوا عن حياة دائمة في أماكن أخرى… بعد عشرة أعوام تعبنا كما تعبوا”. وفي هذا الإطار، يقول أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة ابن خلدون بإسطنبول رجب شان تورك لـ”العربي الجديد”: “فعلاً باتت ظروف السوريين تدفعهم إلى التفكير في الهجرة السرية، لكنّ تركيا غير مسؤولة. هم جاؤوا ضيوفاً معزّزين، بيد أنّ فترة لجوئهم طالت. ما زالت تركيا ترحّب بهم، لكنّها غير قادرة على تكفّل مصاريف أكثر من 3.7 ملايين سوري، علماً أنّها ماضية في التعاون مع برامج مساعدات دولية لتقديم الدعم والمساعدات لمن تبقّى في المخيمات وللأسر الفقيرة ومصابي الحرب والمسنّين”.

يضيف الأكاديمي التركي أنّه “من غير الإنصاف التنكّر لما قدّمته تركيا في الأعوام العشرة الأخيرة وتحميلها اليوم مسؤولية تراجع معيشة السوريين أو تفكيرهم في الهجرة. وفي الوقت نفسه، لا يمكن لأحد منع أيّ سوري من البحث عن حياة أفضل، سواء في أوروبا أو غيرها، لأنّه للأسف تلاشت أحلام الإخوة السوريين في العودة إلى بلادهم مع استمرار الحرب والوضع القائم هناك”. ويلفت شان تورك إلى أنّ “تراجع مستوى المعيشة طاول الأتراك كما السوريين، وارتفاع بدلات الإيجار وغلاء الأسعار حالة عامة. لكنّنا لا ننكر أنّ ثمّة سوريين من دون دخل. لكنّ تركيا قدّمت ما بوسعها، والمجتمع الدولي تركها وحيدة في قضية السوريين، فيما الأوروبيون يتلكؤون في تقديم ما وعدوا به من مساعدات وتمويل مشاريع”.

العربي الجديد

———————————

اللجوء السوري.. ومواجهة الصور النمطية/ طلال المصطفى

اعتاد اللاجئون السوريون، في معظم مجتمعات دول اللجوء التي استضافتهم بعد اندلاع الحرب السورية، على التعرّض لحملات سلبية ضدهم في بعض الوسائل الإعلامية، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل بعض مواطني هذه الدول، إلى درجة زرع هواجس الخوف من إمكانية التعايش معهم في المستقبل، وقد وصلت هذه الهواجس إلى محاولة الاقتناع بأن اللاجئين السوريين يقفون وراء بعض مظاهر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها مواطنو البلد المضيف، وتدار تلك الحملات من قبل بعض التيارات السياسية اليمينية المناهضة لاستقبال اللاجئين بشكل عام.

طبعًا، هذا لا يعفينا من تحميل المسؤولية لبعض السوريين، وخاصة ذوي السلوكات السلبية التي تعزز هذه الصور النمطية السلبية لهم، في البلدان المضيفة، من خلال تنميط الآخرين (مواطني البلد المضيف) وتصويرهم بصور سلبية: “لا يعرفون الحلال والحرام، ولا القيم والأخلاق والدين والانتماء الأسري..” إلخ، والنتيجة العيشُ في حالة صراع بين ثقافتين: ثقافة “النحن” السورية، وثقافة “الآخر”، والميل إلى تفوق ثقافة “النحن السورية” في ميادين الحياة كافة، وخاصة في النسق القيمي الديني، حيث يجد بعض السوريين أنفسهم أكثر تديّنًا ومعرفة بالجوانب الأخلاقية القيمية!

هذا الصراع الثقافي القيمي المتبادل يعود بجذوره تاريخيًا إلى الصور النمطية المسبقة عن اللاجئين، التي تُعدّ من المشكلات المستعصية عن الحل، بالرغم من كل الجهود المبذولة دوليًا على الصعيد الإعلامي والثقافي وبرامج الإدماج الاجتماعي وغيرها من قبل المنظمات الدولية والوطنية، حيث ما زال لدى معظم شعوب العالم صور نمطية، أغلبها سلبية ومنفرة جدًا، تجاه اللاجئين ، وهذا ما نلاحظه في شبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعية، حيث الصور النمطية السائدة عالميًا عن اللاجئين أنهم مجموعات من الفقراء المحتشدين على الحدود بين الدول، تقيم في الخيام على أطراف المدن، تنتظر السلل الغذائية التي تقدم الحدود الدنيا من المتطلبات المعيشية الأولوية، من قبل حكومات ومنظمات الدول المضيفة.. وقد تكون هذه الصورة صحيحة في بدايات اللجوء، لدى بعض الشرائح الاجتماعية من اللاجئين، ولكن التجارب العالمية للجوء أظهرت للعالم أجمع أن اللاجئين فيما بعد يندمجون ويصبحون مواطنين، ويحملون جنسية الدولة المضيفة لهم، وقد يصلون إلى مراتب علمية وسياسية واقتصادية عليا، تصل إلى مرتبة الرؤساء والوزراء، وهذا حال بعض اللاجئين السوريين في كل دول اللجوء التي استقبلتهم، حيث يعملون ويتعلّمون في مستويات عليا، وقد حصلوا على المراتب العليا في الجامعات ومؤسسات العمل، بل أنشؤوا المؤسسات الاقتصادية، العلمية – البحثية والإعلامية، في فترة قصيرة جدًا، وهناك مواطنون من البلدان المضيفة يعملون في المطاعم والمنشآت المهنية والصناعية السورية… إلخ، وبالتالي من الطبيعي أن يملكوا البيوت ويأكلوا في المطاعم ويشربوا المشروبات والنرجيلة…. إلخ، مثلهم مثل مواطني الدول المضيفة، بل إنهم يسهمون بفاعلية عالية في بناء الاقتصاد الوطني للبلد المضيف، سواء أكانوا عمالًا أم أصحاب مؤسسات اقتصادية.

أما الصور النمطية السلبية التي يتم تداولها كلّ فترة، في وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها تُعبّر عن آراء مبسطة جدًا أو مواقف عاطفية أو أحكام متخيلة غير مدروسة، قامت وسائل التواصل الاجتماعي بتضخيمها لدرجة كبيرة، وبطبعها في أذهان المتلقين إلى الحد الذي يشعر المتلقين بأنهم التقوا فعلًا بالشخصيات التي تناولتها الفيديوهات، حتى يشعر المتلقي بضرورة التضامن معهم، وهذا ما يجعلنا نعبّر عن مخاوفنا من أن تنتقل هذه الفيديوهات التهكمية البسيطة، كما تبدو للوهلة الأولى، إلى حملة من الكراهية المتبادلة والمنهجية بين اللاجئين السوريين ومواطني البلدان المضيفة، ومن ثمّ سوف يتحمّل السوريون اللاجئون المسؤولية الأولى عن هذه النتائج، كونهم الحلقة الأضعف في بلدان اللجوء.

العديد من الدراسات الأكاديمية التي تصدّت لموضوع الصور النمطية، أجمعت على الربط بين هذه الصور النمطية والسياقات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والفكرية، وحتى النفسية، للمجتمع المضيف للاجئين؛ حيث تبيّن أن الصور النمطية عبارة عن تعميمات مؤسسة على الشائعات والآراء التي لا تستند إلى معايير علمية ومنطقية، وليس لها وجود في الواقع المعاش. بل إن بعضها يُبنى على أوهام أو معلومات غير دقيقة، تكونت لدى الناس من خلال تجارب فردية سابقة، أو عن طريق التلقي من وسائل الاتصال والإعلام.

بناء على هذه الصور النمطية، ينحاز أشخاص ضد أشخاص آخرين، ويصنعون أحكامهم المسبقة دون الاعتماد على دراسات أو حقائق من أرض الواقع المعاش، وهذا التحيّز بدوره يُبنى عليه التمييز، أي إن معاملة الآخر تستند إلى مجرد انتمائه إلى فئة اجتماعية أو قومية أو دينية… إلخ، ويصل ذلك إلى تشريع قوانين تمييزية ضدها في بعض الحالات، بحيث تصل إلى مرحلة العنصرية الرسمية.

إذا أراد السوريون في البلدان المضيفة كافة تغيير هذه الصور النمطية، أو بالحدود الدنيا التخفيف من آثارها السلبية عليهم في أماكن وجودهم في دول العالم كافة، فعليهم العمل في أطر مؤسساتية سورية، رسالتها الرئيسة العمل في موضوع اللجوء السوري، ونقله إلى إمكانية أن يكوّن قنوات للتواصل والتفاعل بين السوريين والآخرين، ثقافيًا واجتماعيًا ومهنيًا، من أجل تجاوز العديد من العقبات التي تواجه السوريين في حياتهم اليومية، والانتقال إلى إيجاد آليات تفاعلية تواصلية بين السوريين والآخرين، وإزالة كل مباعث التخوف من وجود السوريين اللاجئين، خاصة الاقتصادية المعيشية، التي تلحظ بالصور النمطيّة المسبقة سلبيًا تجاه اللاجئين السوريين، التي تظهر أحيانًا في جوانب نفسية أيضًا، حيث العلاقة مع اللاجئ السوري مشوبة بالريبة والحذر وعدم الثقة، وتصل أحيانًا إلى حد الكراهية.

بعبارة مكثفة: على اللاجئين السوريين الابتعادُ عن اختزال اللجوء السوري في بعد واحد لا غير، وهو العلاقة بالحزب الحاكم أو السلطة السياسية، وعليهم التفاعل الفعال على الصعد كافة، ومع المكونات السياسية والاجتماعية والثقافية للبلدان المضيفة كافة، حيث إن غضّ الطرف عن التفاعل مع بقية المكونات السياسية الأخرى يجعل السوريين مصدر صور نمطيّة متناقضة ومتضاربة ومعيقة لإمكانية التفاعل السوري مع الآخر، بغض النظر عن الاختلافات الأخرى، وبذلك تُكسر الصورة النمطية المتداولة بين مواطني البلدان المضيفة التي تقول إن السوريين اللاجئين منحازون إلى الحكومة الحالية.

أيضًا على الصعيد الفردي، لا بدّ من التركيز على بناء شخصية اللاجئ السوري الفاعلة والمتماسكة، مهنيًا واجتماعيًا وثقافيًا، في مجتمعات الدول المضيفة، بعيدًا عن الصور النمطية المسبقة للاجئ بشكل عام، التي تصوّره على أنه (الجائع، الخانع، الخائف) ولا يهمّها إلا تأمين حاجاتها. وإن طرق الاحتجاج على هذه الصور النمطية كثيرة جدًا، ومن أهمها الاتصال بالجهة التي تنشر تلك الصور، والاحتجاج عليها بكل الوسائل، خاصة في وسائل إعلام الدولة المضيفة، والرد عليها بلغة البلد أيضًا.

وفي الأماكن العامة (الطرقات، المواصلات، الحدائق) على السوريين حملُ الوثائق التي تثبت أنهم عاملون فاعلون أو أصحاب منشآت اقتصادية في البلدان المضيفة، وإبرازها لأيّ جهة إعلامية أو غيرها عند الحاجة والضرورة.

يستطيع السوريون، من خلال بعض الفعاليات والأنشطة الاجتماعية والثقافية والإعلامية المشتركة مع مواطني الدول المضيفة، سحب البساط من أمام بعض التيارات السياسية اليمينية المتطرفة المعادية للاجئين بشكل عام، والحيلولة دون تداول الصور النمطية السلبية للاجئين بهدف كسب المزيد من الأنصار في حملاتهم الانتخابية السياسية التي تُكسبهم أنصارًا جددًا، ما يجعل من اللجوء عائق تواصل بين مواطني الدول المضيفة والسوريين، لا عامل تقارب وتفاعل يساعد في بناء الإطار الثقافي القيمي المشترك بينهم.

أخيرًا، إن الصور النمطيّة حصيلة ثقافة، وإن تغييرها يستدعي بناء ثقافة مغايرة تعيد تشكيل الموقف من الآخر، وتؤكّد أهميّة التواصل والتفاعل مع الآخر، بانسجام مع الطابع الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام، وترسّخ النظرة الإيجابيّة للآخر، وتساعد فعلًا في العيش المشترك في إطار الاختلاف والتعدّد.

مركز حرمون

————————————–

آلام السوريين أضرار جانبية لأنقرة/ حيان جابر

يردد الكثير من المعنيين بالشأن السوري مقولة” أن حل أو معالجة القضية السورية قد باتت مسألة توافق دولي بعيداً عن إرادة الشعب السوري”، وهو ما يدفع البعض نحو الاصطفاف مع هذا الطرف الخارجي أو ذلك، مبررين ذلك بمصالح وحاجات الشعب والأرض السورية، كأمريكا وروسيا وإيران وتركيا، حيث يعبر جزء من معارضي نظام الأسد عن قناعتهم وتفاؤلهم بالدور التركي تحديداً، على اعتبار الدولة التركية نموذجا للحكم الديمقراطي المنشود، وبفعل تقارب العادات والتقاليد الاجتماعية لاسيما ذات الخلفية الإسلامية منها، وبحكم سياسات الرئيس التركي أردوغان وحزبه العدالة والتنمية المقاربة لمطامح وآمال الشعب السوري وفق وصف أصحاب هذا الرأي. لذا وبغض النظر عن عدم صحة الاستكانة إلى تدويل القضية السورية والتعلق بأمل مساندة هذه الطرف الدولي أو ذاك لمصالح وتطلعات الشعب السوري، اعتقد أننا بحاجة إلى التدقيق في التوجهات التركية تحديدا والمؤشرات الميدانية المرتبطة بها، كونها تحظى بثقة جزء مهم من الوسط المعارض الذي يعول عليها.

فبما يخص المؤشرات الميدانية نستطيع تلمس العديد منها على المستويات الإنسانية والعسكرية والسياسية والاقتصادية، حيث تحتضن الدولة التركية قرابة الثلاثة ملايين وسبعة مائة ألف سوري وفق هيئة الإحصاء التركية، فضلا عن أكثر من 7 ملايين سوري داخل سورية يقيمون في مناطق خاضعة للسيطرة التركية المباشرة أو غير المباشرة مثل إدلب ومحيطها ودرع الفرات، كما تؤثر السياسات والممارسات التركية على مصير وأوضاع أكثر من 3 ملايين سوري ممن يقيمون في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد. وهو ما يكشف عن تأثير تركيا الكبير والمباشر لأكثر من 13 مليون سوري في كل من سورية وتركيا، أي قرابة نصف تعداد الشعب السوري المفترض والمقدر ب أكثر من 26 مليون سوري. إذ يلحظ أن الدولة التركية تحتضن العدد الأكبر من اللاجئين السوريين الذين يتمتعون بظروف أفضل من نظرائهم المتواجدين في بقية الدول المحيطة بسورية خصوصا بما يخص الحقوق الاستشفائية والتعلمية، بينما يحظون بحقوق أقل من نظرائهم المتواجدين في دول الاستقرار الدائم وخصوصا السويد وألمانيا وكندا وهولندا، التي تمنح اللاجئين حقوقا كاملةً على جميع المستويات بما فيها حق العمل والتنقل والنشاط السياسي غير المشروط. بينما يعاني السوريون في مناطق سورية تخضع لسيطرة القوات التركية أو الفصائل السورية المحسوبة على تركيا من ظروف معيشية وإنسانية صعبة وقاسية يصح اعتبارها خالية من حقوقهم الإنسانية الأساسية، من انعدام الأمان الغذائي وفقدان السلع والخدمات الأساسية، إلى الفلتان الأمني وتوغل المحسوبيات، وانعدام الحريات الأساسية بما فيها حرية العمل الصحفي والنشاط السياسي، ومن تدهور القطاعين الصحي والتعليمي، الأمر الذي تتحمل السلطة السياسية التركية مسؤوليته أيضا كونها الطرف القادر على ضبط سلوكيات الفصائل المحسوبة عليها، وعلى اعتبارها تملك الإمكانيات التي تمكن هذه المناطق من استثمار امكانياتها وتأمين حاجياتها الأساسية لو رغبت بذلك.

كذلك تتحمل تركيا مسؤولية كاملة عن الكثير من الجرائم ضد الإنسانية بحق مواطنين سوريين حاولوا عبور الحدود تجاه أراضيها، وتجاه مدنيين كانوا يقيمون في المناطق التي سيطرت عليها تركيا لاحقا في عملياتها الثلاث درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام، فضلا عن مدنيين مقيمين حتى اللحظة في مناطق سيطرة قوات قسد، حيث ساهمت ممارسات حرس الحدود التركي والمعارك العسكرية التركية في قتل وإصابة عدد كبير من السوريين (قرابة ال 500 قتيل بنيران حرس الحدود التركي و300 قتيل بنيران الجيش التركي).

في حين نجد على الصعيدين العسكري والسياسي ترابطا كبيرا بينهما، فمن ناحية تلعب تركيا دورا سياسيا واضحا على اعتباره الطرف الإقليمي والدولي الداعم لقوى المعارضة الرسمية لاسيما ذات التوجهات الإسلامية، كما تلعب دروا عسكريا داخل الأراضي السورية من خلال العمليات العسكرية الثلاث التي شنتها على أرض سورية، وعبر دورها كضامن عسكري وسياسي لمنطقة إدلب ومحيطها، ونظرا للدور العدائي الذي تلعبه تجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات قسد بما يشمل المدنيين هناك. حيث يبدو من حصيلة الدور التركي السياسي والعسكري في الشأن السوري مدى أولية الهواجس الأمنية التركية الساعية إلى تقويض الحقوق الكردية والمطامح الكردية القومية على حساب الأرض والشعب السوري، إذ تلجأ تركيا إلى سياسة أمنية بحتة في تعاملها مع المطالب والحقوق الكردية داخل حدودها الجغرافية، وهي ذات الاستراتيجية التي اتبعتها في سورية أيضا مع رفع منسوب العنف الدموي داخل الأراضي السورية. الأمر الذي جعل تركيا تستغل ملفات حقوق ومصالح السوريين كورقة مساومة، تستخدمها في التفاوض مع الأطراف الفاعلة في سورية من أجل غض الطرف عن عملياتها العسكرية تجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قسد، كما تجلى عندما ساومت على المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في حمص وحلب وحماة وإدلب في السنوات القليلة الماضية، وكما يخشى الكثير من السوريين تكراره في مقبل الأيام في مناطق إدلب ومحيطها. فضلا عن مساومتها الاتحاد الأوروبي على ملف اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا ونظرائهم العالقين على الشريط الحدودي التركي- السوري، دون أي اعتبار لحاجات السوريين ومخاوفهم وظروفهم الحالية والمستقبلية، أي حولتهم إلى مجرد ورقة ضغط لا أكثر.

وأخيرا نجد على المستوى الاقتصادي مفارقات عجيبة، ففي الفترة الممتدة بين عامي 2011 و2014، بلغ مجموع الصادرات الصينية نحو سوريا 5.285 مليون دولار، لتحتل المرتبة الأولى على اعتبارها أكبر مصدر لسوريا، تليها تركيا التي بلغ مجموع صادراتها خلال هذه الفترة 4.938 مليون دولار، ثم الاتحاد الفيدرالي الروسي بمجموع 3.461 مليون دولار، تليها كوريا الجنوبية بقيمة 2.144 مليون دولار.

ثم من عام 2014، أصبحت تركيا أكبر مصدر للسوق السورية، حيث وفرت 26 بالمائة من الواردات السورية، لتحل محل الصين التي وفرت 14 بالمائة فقط من حاجيات السوق السورية. وفي عام 2016، بلغ نصيب تركيا والصين من الواردات السورية على التوالي 30.74 بالمائة و21.26 بالمائة. إذ بلغت صادرات تركيا إلى سورية 1.4 مليار دولار في العام 2017، في حين بلغت المستوردات الرسمية التركية من سورية 71 مليون دولار فقط. طبعا تنشط التجارة غير الرسمية أو التهريب من سورية إلى تركيا لاسيما بما يخص الثروات الطبيعية وبعض المعدات الإنتاجية التي تم رصدها ببعض التقارير الصحفية والإعلامية، التي يستحيل تنفيذها دون غطاء وتسهيلات ومساعدات أمنية تركية. فضلا عن استثمار رؤوس الأموال السورية لأموالهم في تركيا، إذ كشفت مؤسسة البحوث الاقتصادية في تركيا (TEPAV) في تقرير لها، عن أنّ السوريين في تركيا قد أسسوا أكثر من 10 آلاف شركة حتى مطلع أيلول/سبتمبر 2018، 60%من هذه الشركات سوريّة خالصة، بينما 40% منها شراكة بين سوريين وجنسيات أخرى.

من كل ذلك نلمس وبسهولة حجم المصالح التركية في سورية ذات الأبعاد المتعددة، اقتصاديا وسياسيا وامنيا، كما يسهل تحديد الاتجاهات التي تخدم المصالح التركية، فمن ناحية اقتصادية تحتاج تركيا إلى سورية كدولة مستهلكة للمنتجات التركية أولا وكجسر عبور للسلع التركية تجاه سائر أسواق دول المنطقة ثانيا، كما تحاول تركيا الاستفادة من الخيرات والثروات البشرية والطبيعية والمالية السورية ثالثا، من خلال فتح الحدود وتسهيل عبور الكفاءات وأصحاب رؤوس الأموال. أما سياسيا فتحتاج تركيا إلى تمكين سيطرة قوى سياسية سورية تضمن لها مصالحها داخل سورية لمدة زمنية طويلة نسبيا، الأمر الذي يجعل تركيا غير معنية بمشروع دمقرطة سورية، بل على العكس تتطلب مصالح تركيا الاقتصادية حماية نظام استبدادي الجوهر وديمقراطي المظهر،يحاكي نماذج عديدة في المنطقة من العراق ولبنان وإيران يقزم العملية الديمقراطية إلى مجرد ممارسة انتخابية شكلية دورية. وهو ما تجلى في موقفها الأول من الثورة الذي سبق خلافها مع النظام وادعائها دعم الثورة، حيث حاولت تركيا التوصل إلى اتفاق سياسي مع نظام الأسد ثنائي الفوائد، يستفيد من خلاله نظام الأسد من قدرات تركيا الأمنية عبر مد أجهزة الأمن السورية بوسائل القمع الحديثة أولاً ومن خلال الاستفادة من خبرات الأجهزة الأمنية التركية القمعية ثانيا التي تمرست على قمع الحركات الاحتجاجية بوسائل أقل عنفا من تلك التي اتبعها نظام الأسد. في مقابل رضوخ الأسد لمطالب تركيا بدمج قوى المعارضة السورية المقربة منها متمثلةً بتنظيم الإخوان المسلمين ضمن هياكل النظام الحاكم والمسيطر على سورية، الأمر الذي كان سوف يحول سورية من دولة ديكتاتورية الشكل والمضمون، إلى دولة ذات مظهر خارجي ديمقراطي ويضمن لتركيا مصالحها الحيوية والاقتصادية لمدة زمنية طويلة نسبيا.

أما اجتماعيا وإنسانيا فيبدو النظام التركي غير معني بمصالح سورية والسوريين أو بظروفهم وأوضاعهم عامة، وإن كانت حريصة على الاستفادة من الطاقات الكامنة في سورية وفق حاجاتها الاقتصادية، وهو ما يتبدى في دور تركيا السلبي تجاه حماية الكتلة الاجتماعية السورية في أكثر من مناسبة كانت قد صرحت بعزمها على التدخل فيها لمنع مجازر نظام الأسد وحلفائه الروس والإيرانيين، من حماة وريف دمشق إلى حمص وحلب وصولا إلى إدلب اليوم. بل ويتأكد ذلك بحكم انتهاكات حقوق الإنسان التركية تجاه السوريين على حدودها مع سورية وفي المناطق التي يستهدفها الجيش التركي والتنظيمات المسلحة السورية التابعة لها. من كل ذلك يبدو جليا أن مصالح تركيا في سورية تتناقض مع مصالح السوريين التي عبروا عنها في موجتهم الثورية الأولى، فتركيا لا تريد سورية أمنة ومستقرة تتمتع بحياة سياسية ديمقراطية وحرة، وذات بنية اقتصادية متينة تعتمد على قواها الإنتاجية الصناعية والزراعية، وبالتالي لا يمكن التعويل عليها في أي عملية سياسية دولية تهدف إلى حل أو معالجة الوضع السوري، إذ سوف تسعى تركيا من هذه العملية إلى تحقيق مصالحها في سورية عبر مساومة القوى الدولية الأخرى على مستقبل الشعب والأرض السورية، تماما كما يحدث اليوم في المباحثات التركية- الروسية، والتركية- الإيرانية، والتركية- الأمريكية. لذا بات علينا أن نعي الواقع والمصالح الدولية جيدا بما فيها التركية، حتى ندرك أن مسار الحل الدولي المزعوم ما هو سوى أداة جديدة لأسر الشعب السوري ونهب ثرواته وقدراته الطبيعية والبشرية، لذا لابد من بناء قوانا الذاتية وتنظيم صفوفنا وتحديد مسارنا التحرري والثوري الذي يقودنا إلى سورية التي نريد مهما بان ذلك صعبا وربما مستحيلا وفق للبعض في اللحظة الراهنة.

————————————-

تركيا:جدل حول ترحيل لاجئين سوريين بسبب “قضية الموز

لا تزال “قضية الموز” تتفاعل في تركيا، وذلك بعد إعلان وزارة الداخلية التركية عن اعتقال سوريين واعتزامها ترحيلهم  إلى خارج البلاد، بعد نشرهم مقاطع مصورة وصفت ب”الاستفزازية” على منصات التواصل الاجتماعي، ضمن ما بات يُعرف بـ”قضية الموز”.

وحسب وسائل إعلام تركية، ارتفع عدد المعتقلين السوريين على خلفية “قضية الموز” إلى 11 شخصاً، بعد تأكيد الداخلية التركية الأربعاء، اعتقال 7 سوريين. وأكدت صحيفة “حريات” التركية أن الشرطة تلاحق كذلك 11 سورياً، بتهم “التحريض على الكراهية”.

وفي آخر المواقف المسجلة، هاجم حزب “الشعوب الجمهوري” المعارض قرار الترحيل، ووصفه ب”العنصري”، مضيفاً في بيان أنه “لا يمكن لذريعة فيديو أكل الموز أن تكون كافية لدفع اللاجئين إلى الموت”.

ودعا البيان إدارة الهجرة إلى وضع حد فوري لهذا الترحيل غير القانوني. وقال: “من الواضح أن هذا الفعل يشكل جريمة، وسنعمل مع المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات القانونية ضد هذه الممارسة التي تتجاهل الحق في الحياة”

وأضاف “الشعوب الجمهوري” أنه منذ الأحداث الأخيرة في أنقرة ، “بدأ موقف الدولة تجاه المهاجرين يتشدد بشكل كبير، حيث ترتكب السلطات جرائم باحتجاز المهاجرين دون سبب، وحبسهم في مراكز الإبعاد وإخضاعهم لممارسات ترقى إلى التعذيب، وهذه الممارسات تتجاهل الاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان، وتلغي بشكل تعسفي الحقوق القانونية للمهاجرين”.

وفي السياق ذاته، انتقد أتراك قرار الترحيل، وغرد الصحافي التركي والي ساشيليك قائلاً: “من الواضح أن إدارة الهجرة ترتكب جريمة، لا يمكنك أن تسيء معاملة أي شخص، ولا يمكنك إعادة أي شخص إلى بلد تشتد فيه الحرب”.

ويقول مدير تجمع المحامين السوريين في تركيا المحامي غزوان قرنفل إنه بالرغم من أن بعض الصور والفيديوهات كانت مسيئة لبعض الرموز التي تكتسي قداسة في الضمير الجمعي التركي كالعلم والعملة الوطنية واللغة، وتستوجب المساءلة وفق القانون، “لكن تصعيد الإجراء للترحيل يتضمن مبالغة في الرد، ذلك لأن القانون أداة للإصلاح لا للانتقام”.

ويضيف ل”المدن”، أن السوريين الذين انخرطوا ب”ترند الموز” “كانوا يروحون عن غضب مكتوم من حملات متواصلة لسياسيين وقادة رأي تجيّش المجتمع التركي عليهم، وأرادوا تنفيس كل ذلك بحملة ساخرة”.

ويُفسر قرنفل “المبالغة” في رد الفعل الحكومي، إلى الحسابات الانتخابية التركية، التي يريد الجميع توظيف ملف اللجوء السوري فيها.

وتسبب مقطع مصور لمقابلة مع مواطن تركي قال فيه إن اللاجئين السوريين يأكلون الموز بينما لا يستطيع هو شراؤه بسبب ظروفه الاقتصادية الصعبة، بموجة سخرية تطورت إلى احتقان.

المدن

—————————

بعد”تريند الموز”.. سوريو تركيا في خطر/ إياد الجعفري

 يبدو أن تداعيات متوسطة المدى، ذات طابع اقتصادي، لحرب التريندات “السورية – التركية”، الأخيرة، ستنال من الفئات الأكثر ضعفاً من السوريين في تركيا. وهي تداعيات قد تصبح بعيدة المدى، ومستقرة، إن لم تتحرك النخب والفئات السورية القادرة على الفعل، في تركيا، للقيام بخطوات جدية تستبق ما يتضح أنه تفاقم تصاعدي لمشاعر الكراهية والعنصرية في أوساط شريحة واسعة من الأتراك، بالتزامن مع ازدياد وتائر التحريض بدفعٍ من المعارضة التي تراهن على ورقة اللجوء السوري، بوصفها حصان طروادة الذي ستقتحم بواسطته قصر الرئاسة في أنقرة، في الانتخابات المقبلة عام 2023.

فـ “تريند الموز”، الذي كان تعبيراً عن نفاذ صبر غالبية السوريين في تركيا جراء تحميلهم كافة أوزار الأزمة الاقتصادية التي يعيشها السوريون والأتراك على حدٍ سواء، جاء بنتائج عكسية، بعد أن غلب على بعض الفيديوهات، حالة من العبثية والسخرية المبالغ بها، بصورة استفزت جمهوراً واسعاً من الأتراك، الذين ردوا بهاشتاغ “سوريلي”، الذي عبّر بدوره، عن موجة غضب تركية قد تكون غير مسبوقة، حيال السوريين. وإن كانت موجة الغضب تلك، ما تزال تجد تعبيراتها الرئيسية في فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن هجمات بعض الأتراك على محلات ومنازل السوريين في أنقرة، قبل شهر، ما تزال في الذاكرة، وتنذر بصدام مباشر على الأرض، سبق أن حدث مراراً وتكراراً، في حوادث أصغر، على مدار السنوات الثلاث الأخيرة. لكن، الخوف الأكبر -والذي بدأ يُترجم إلى واقعٍ- يتعلق بأضرار معيشية مستديمة ستلحق بالسوريين.

إذ يمكن تلمس حالات لرفع إيجارات المنازل على السوريين. وفي بعض تلك الحالات، يطلب صاحب المنزل التركي، ضعفي الإيجار، من العائلة السورية، أو يطلب منها المغادرة. ويصعب إيجاد بدائل مع ارتفاع المخاوف من تعرض منازل يقطنها سوريون للاعتداء، في بعض المدن التركية، بصورة تجعل بعض الأتراك يرفضون تأجير منازلهم لسوريين أو القبول بهم جيراناً في العمارة نفسها. وفي حالات أخرى، يكون رفض تأجير السوريين نابعاً من المشاعر العدائية المتفاقمة حيالهم لدى بعض الأتراك.

ولمواجهة ما سبق، لا يمكن الرهان على إجراءات محدودة من قبيل قرار الإدارة العامة للهجرة بتركيا ترحيل 7 سوريين على خلفية تفاعلهم بشكلٍ “تحريضي واستفزازي” مع “تريند الموز”. فتلك المحاولة لامتصاص “الغضبة الشعبية” التركية الأخيرة، تمثل استمراراً لسياسات حزب العدالة والتنمية الحاكم بأنقرة، والذي بات يعتمد في السنوات الأخيرة، سياسات تقوم على رد الفعل وامتصاص الصدمة، في كل أزمة أو حادثة تقع بين أتراك وسوريين. فيما تبادر المعارضة التركية يوماً تلو الآخر، إلى رفع وتيرة استغلال هذا الملف، بصورة باتت تشكل تهديداً جدياً لحياة السوريين في هذا البلد.

ومع استمرار تدهور الوضع المعيشي في تركيا، جراء تراجع سعر صرف الليرة التركية، منذ خريف العام 2018، وصولاً إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، قبل أيام، تزداد المشاعر العدائية لدى الجمهور التركي حيال السوريين، بشكل طردّي. وتُبنى هذه المشاعر على معلومات مغلوطة مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي.

وتشير دراسة نشرتها مؤسسة أبحاث تركية، خلال العام الجاري، إلى أن غالبية الأتراك، في أكبر المدن التركية –اسطنبول- يعتقدون أن السوريين عبء اقتصادي، وأنهم يحصلون على معاملة تفضيلية مقارنة بهم.

ووفق تقرير بعنوان “مراكز الأبحاث والوجود السوري في تركيا: بين الموضوعية والتوظيف”، نشره مركز حرمون للدراسات المعاصرة في تموز/يوليو الفائت، فإن الدراسة المشار إليها فيها، والتي نشرتها مؤسسة البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا، قالت إن جزءاً كبيراً من الأتراك يعتقدون أن السوريين لا يدفعون الضرائب، ويستفيدون من خدمات الكهرباء والماء مجاناً، ويحصلون على رواتب من الدولة، ويدخلون الجامعات من دون إجراء الامتحانات، ولديهم الأولوية في المستشفيات.

وأوضحت الدراسة أن آراء سكان إسطنبول الأتراك وانطباعاتهم مبنية على الأقاويل أو على الأخبار المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي، وأن غالبيتهم لم يُقم علاقات وثيقة أو منتظمة مع السوريين (6.34% فقط من العينة المعتمدة في الدراسة أقاموا صلات اجتماعية مستقرة مع السوريين).

لذلك كانت أبرز توصيات الدراسة المشار إليها، هي القيام بحملة إعلامية طويلة الأمد، بالتعاون مع الحكومة التركية ومنظمات المجتمع المدني، من أجل دحض الشائعات التي لا أساس لها، ومكافحة الصورة النمطية السلبية حيال المهاجرين.

تلك التوصية قد تكون أفضل السبل العاجلة، لمعالجة بعض جوانب الإشكال التركي – السوري، الراهن. لكن الرهان على الحكومة التركية، وحدها، في تحقيق هذه المعالجة، لا يبدو في محله، وفق ما تفيد به التجارب السابقة. وهنا يأتي دور منظمات المجتمع المدني، السورية تحديداً. فهي صاحبة المصلحة الرئيسية في تحصين الوجود السوري في تركيا، والدفاع عنه، وعن مصالحه. وفي هذا السياق، قد تكون الجمعيات الممثلة لمصالح رؤوس الأموال السورية في تركيا، إحدى دعائم نشاط كهذ، من قبيل، “جمعية الأعمال السورية الدولية”، أو “جمعية رجال الأعمال السوريين في تركيا”. إذ تستطيع تلك الجمعيات إطلاق مبادرة بين رؤوس الأموال السورية بغية تنظيم حملة علاقات عامة وحملة دعائية، عبر وسائل الإعلام والتواصل، لتفنيد أبرز المزاعم التي تُؤسس عليها تلك العدائية المتزايدة في أوساط الأتراك حيال السوريين.

حملة كهذه، إن أُطلقت قريباً، ستكون لها مستندات كثيرة، يمكن الاعتماد عليها، لإقناع المواطن التركي، بأن السوريّ الذي يتهمه بالمسؤولية عن ضيق عيشه، يتحمل الجانب الأكبر من تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة في تركيا. إذ تشير إحصاءات إلى أن ما بين 500 ألف إلى مليون سوريّ يعملون بأجور أقل من الحد الأدنى لأجور نظرائهم الأتراك، ولعدد ساعات أكبر. ويتعرضون للاستغلال من جانب أرباب العمل الأتراك، بصورة رئيسية، ويشكلون يداً عمالة رخيصة، ساهمت في تعزيز قوة الصادرات التركية. ناهيك عن استغلال أصحاب المنازل الأتراك للسوريين عبر رفع الإيجار عليهم بصورة كبيرة، مقارنة بنظرائهم من المستأجرين الأتراك. من دون أن ننسى، دور رأس المال السوري الذي اندفع بقوة إلى تركيا، بعيد العام 2011، بمساهمة سنوية في الاقتصاد التركي تُقدّر بنحو نصف مليار دولار، وبعدد شركات بلغ ما يزيد على 13880 شركة، لعبت دوراً كبيراً في تعزيز سوق الصادرات التركي، بما يملكه التجار السوريون من علاقات تجارية دولية وخبرة في أسواق المنطقة.

إطلاق حملة إعلامية، الآن، بات أمراً ضرورياً ومستعجلاً، نظراً لأن الأشهر القادمة ستحمل تصعيداً أكبر من جانب الجهات الداخلية التركية التي تراهن على استثمار ورقة اللجوء السوري وآثاره الاقتصادية المزعومة، في معركة الانتخابات الرئاسية المقبلة. وهذا يعني، أن أزمات السوريين في تركيا ستتفاقم، إن لم يكن هناك تحرك جدّي لتطويق مسبباتها.

المدن

——————————-

فيديوهات الموز” السورية تستفز “مقدسات الأتراك”.. ومخاوف من تعميم إجراءات الترحيل

ضياء عودة – إسطنبول

جدل واسع في تركيا حول فيديوهات الموز. الصورة لأطفال سوريين في أنقرة

أعلنت مديرية الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية، ليل الأربعاء- الخميس، أنها أوقفت سبعة أشخاص، بتهمة نشر “مشاركات الموز الاستفزازية” على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنها بدأت بإجراءات ترحيلهم خارج البلاد، مع استمرار متابعة جميع المشاركين في القضية.

ولم تكشف مديرية الهجرة عن أسماء الأشخاص السبعة أو جنسياتهم، في حين قالت صحيفة “يني شفق”، المقربة من الحكومة، إن المعتقلين من الجنسية السورية، وأكدت أن “السلطات تواصل جهودها للكشف عن قضية المشاركات الاستفزازية بكل أبعادها”، على أن يتم اتخاذ الإجراءات القضائية والإدارية اللازمة بكل دقة، ومن ثم إعلانها للجمهور. 

وأثار قرار الاعتقال والترحيل جدلا واسعا بين أوساط اللاجئين السوريين، والأتراك أيضا، وبينما أيد بعضهم تلك الإجراءات، انتقد آخرون ما وصفوه بـ”الإجراء غير العادل”، لا سيما أن “مشاركات الموز الاستفزازية” لم تأت من فراغ، بل كانت بمثابة رد فعل على مواقف “عنصرية وكراهية” من جانب مواطنين أتراك، حسب رأيهم.

ما هي “قصة الموز”؟

    سبب أنتشار الموز على التواصل الأجتماعي ، كل الحق على السوريين ليش لياكلوا موز#الموز_والسوريين_في_تركيا pic.twitter.com/lYMGJFZuDk

    — عقبة سلوم (@ghiath_Aleppo) October 23, 2021

قبل أسبوع نشر أحد الأتراك تسجيلا مصورا عبر قناته في “يوتيوب”، استعرض فيه نقاشا جدليا يدور بين مواطنين أتراك (امرأة وشخص مسن) وفتاة سورية في إحدى شوارع البلاد. 

وفي سياق النقاش قال المسن التركي موجها خطابا للفتاة السورية: “أنا لا أستطيع أكل الموز، وأنتم السوريون تشترونه بالكيلوغرامات من البازار (السوق الشعبي)”، وتحدث أيضا عن مشاكل اقتصادية يعاني منها، كعدم تمكنه من دفع إيجار منزله، ملقيا بأسباب ذلك على السوريين. 

وأضافت السيدة التركية أنها تواجه صعوبات معيشية أيضا، معتبرة أن واقع اللاجئين السوريين مختلف، كونهم “يتلقون دعما من الحكومة التركية”، مشيرة بالقول: “أنا لا أستطيع المشي فقد خضعت لـ5 عمليات، وابنتي مدرسة لغة إنجليزية ولم يتم تعيينها منذ 5 سنوات. أين هذه الدولة؟”

وعندما ردت الشابة السورية بالقول: “لولا الحرب ما أتينا إلى تركيا”، تابعت السيدة التركية بنبرة هجومية: “اذهبي ولا تتكلمي أبدا. اذهبي إلى سوريا. السوريون لا يخرجون من عند الكوافير أبدا، أما أنا لم أذهب للكوافير منذ مدة”. 

“حملة تتحول إلى استفزاز”

    #الموز_والسوريين_في_تركيا pic.twitter.com/j3kQkQhHQ4

    — ‏ً (@AaoAo123123) October 23, 2021

منذ مدة طويلة تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي استطلاعات رأي مصورة تستهدف المواطنين الأتراك، ويحاول القائمون عليها الحصول على إجابات تخص واقع اللجوء السوري في البلاد، وأثره على الحالة المعيشية والاقتصادية. 

وقلما تلقى هذه الاستطلاعات رواجا بين أوساط السوريين والأتراك أيضا، لكن الفيديو الأخير الخاص بـ”حديث الموز” انتشر بصورة كبيرة، بعد أن أعادت نشره وسائل إعلام سورية، الأمر الذي أفضى إلى “حملة سخرية” قادها شبان سوريون عبر مواقع التواصل، وخاصة موقع “تيك توك”. 

وفي الأيام الأربعة الماضية نشر أولئك الشبان مئات الفيديوهات والصور، صبّت في معظمها في إطار السخرية من حديث الرجل والسيدة التركية. 

    اجمل فلتر 👌 #الموز_والسوريين_في_تركيا pic.twitter.com/8dQAePAMQ7

    — 🖤آلَعـ̨̥̬̩ـمــرٍيـًٌٍّ̨̥̬̩ـةّ🖤 (@asm_447) October 23, 2021

وتنوعت أساليب السخرية بين مستخدمي موقع “تيك توك”، وحاول بعضهم الاستهزاء بقضايا تعتبر ضمن سياق “مقدسات الشعب التركي”، كعلم البلاد مثلا، الأمر الذي أثار غضب المواطنين الأتراك، ودفع شخصيات سياسية معارضة لرفع دعاوى قضائية من أجل تطبيق المحاسبة.

وقدّم زعيم “حزب النصر”، أوميت أوزداغ، الأربعاء، شكوى جنائية لمكتب المدعي العام في إسطنبول، بحق شاب سوري استبدل عبر حسابه في “تيك توك” رمز الهلال في العلم التركي بـ”موزة”. 

في المقابل أعلنت “جمعية حقوق اللاجئين الدولية” تقديمها شكوى جنائية ضد أشخاص يعتقد أنهم سوريون بشأن المنشورات “الاستفزازية”، التي شاركوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. 

وكان لافتا أن اعتقال مديرية الهجرة التابعة لوزارة الداخلية للأشخاص السبعة، جاء عقب هاتين الشكوتين، وأيضا عقب غضب شهدته أوساط المواطنين الأتراك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال وسم تصدر قائمة الترند التركي في “تويتر”، وحمل اسم “سوريلي”. 

“القضية تتصاعد”

تضاربت آراء السوريين حول التطورات الحاصلة في الأيام الماضية، والتي انتهت باعتقال الأشخاص السبعة.

وبينما أيد البعض منهم الإجراء الذي اتخذته السلطات التركية، انتقد آخرون ذلك، واعتبروا أن المحاسبة يجب أن تشمل مثيري “خطاب الكراهية والعنصرية”، في إشارة إلى الرجل والسيدة اللذين هاجما الفتاة السورية في التسجيل المصور، وأيضا اليوتيوبر الذي نشر النقاش الجدلي عبر قناته. 

ولم يسبق أن أعلنت السلطات التركية اتخاذ أي إجراء ضد من يبث خطاب العنصرية والكراهية في تركيا ضد اللاجئين السوريين، وخاصة سياسيي المعارضة، الذين يقدمون عبر حساباتهم الشخصية بشكل شبه يومي معلومات “تحريضية وعنصرية، في مقدمتهم أوميت أوزداغ، الذي تقدم بشكوى جنائية الأربعاء. 

ويقول المحامي السوري، غزوان قرنفل إن “ترند الموز كان أقرب إلى السخرية من الأوضاع التي وصل إليها السوريون في العالم، وفي تركيا على الخصوص، باعتبارهم مصدر المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد”.

ويضيف قرنفل لموقع “الحرة”: “الضغط والسلوك العنصري والتحريض على السوريين في الفترة الأخيرة دفعهم للتنفيس عن غضبهم واحتقانهم بالسخرية مما وصلوا إليه”. 

لكن ومع ذلك يرى المحامي السوري أن “بعض الأشخاص – ربما المراهقين والجهلة- تصرفوا برعونة، حيث لم يقدروا عواقب الأمور كما يجب”.

ويتابع قرنفل أن هؤلاء الذين صعدوا من خطابهم في الأيام الماضية: “نالوا من رموز وطنية أو تاريخية لها قيمتها في الضمير الاجتماعي التركي، مثل العلم التركي والعملة التركية. كان هناك نوع من الاستهزاء من هذه الرموز”.

ويشير إلى أن “ذلك أدى إلى تحريك دعوى قضائية ضدهم، ومن ثم توقيف سبعة أشخاص تمهيدا لترحيلهم خارج البلاد”.

من يتحمل المسؤولية؟ 

يقول الناشط في مجال حقوق اللاجئين السوريين، طه الغازي، إن “استخدام وسائل التواصل للرد على بعض العنصريين قد يكون بجانب من جوانبه نمطا ناجعا، لكن لاحظنا أن الخطاب تم حرفه عن مساره”.

ويضيف الغازي في حديث لموقع “الحرة”: “بتقييمي لا بد من معاقبة الأشخاص الذين أساءوا وتعمدوا نشر الإساءة لمقدسات الشارع التركي. يجب أن يكون العقاب فردي، والمشكلة التي نخشاها هي معاقبة أشخاص لا علاقة لهم بهذا الموضوع”. 

ويوضح أن “الشبان الذين نشروا بعض المقاطع يفتقدون لمفهوم الوعي المجتمعي”.

وبحسب وجهة نظر الناشط الحقوقي، فإن الطرف الذي يتحمل المسؤولية في هذا الصدد هو “المنظمات السورية”، وتساءل أنه “بعد عشر سنوات من حالة اللجوء أين هي المنظمات التي تأسست تحت مسميات تهتم بالفئات الشبابية. لماذا الجيل السوري اليوم من الشباب يفتقد الوعي المجتمعي؟ أين المشاريع التي تستهدفهم؟”.

وانتقد الغازي طبيعة الدعوى المقدمة ضد السوريين، بقوله: “ما دام القضاء التركي طبق المادة 216 من قانون العقوبات التركي العام ضد من أساء بالفيديوهات. نتمنى أن يطبق ذات الأمر على الأتراك الذين استهزأوا بهم خلال الأشهر الماضية، وخاصة الشخصيات في حزب الجيد وحزب الشعب الجمهوري”. 

ويتابع: “نحن مع تطبيق العقوبة على أي شخص سوري أو غير سوري يسيء لمقدسات الشعب التركي، لكن نطالب بتطبيق العقوبة على الأتراك الذين يبثون خطاب تحريض وعنصرية أيضا”. 

“جيل z” 

ويتجاوز عدد السوريين المقيمين في تركيا، سواء “لاجئين” أو “سياح” أكثر من أربعة ملايين شخص، ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية إسطنبول، لتتبعها ولاية شانلي أورفة الحدودية، وولايتي غازي عنتاب وهاتاي.

خلال الأشهر القليلة الماضية تصاعدت مشاعر العداء ضد اللاجئين السوريين في تركيا، مع قيام عدد من السياسيين وقادة أحزاب المعارضة بحملات لفرض قيود أكثر صرامة عليهم.

وساهم ذلك في اندلاع صدامات، كان أبرزها قبل أشهر في العاصمة أنقرة، حيث تعرضت محال ومتاجر السوريين في حي “ألتن داغ” للتكسير والتحطيم، بعد مقتل شاب تركي على يد آخر سوري، في أثناء شجار.

وفي ذلك الوقت ذكرت وسائل إعلام مقربة من الحكومة أن قوات الشرطة التركية اعتقلت 76 شخصا، بتهمة القيام بأعمال شغب في حي ألتن داغ بأنقرة، وأن 38 منهم “أصحاب سوابق مختلفة”.

ويرى الباحث السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، أن ما حصل في الأيام الماضية هو “بسبب جيل z، الذي أتيح له الانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي دون ضوابط”.

ويقول حافظ أوغلو في حديث لموقع “الحرة”: “انعدام المسؤولية وعدم حساب تبعات أي فعل (من شأنه تأجيج الفتن) يجعله فرصة ثمينة لمن يريد أن يصطاد في الماء العكر”.

ويضيف الباحث التركي: “كذلك بعض القنوات التلفزيونية (السورية) التي تفتقد لتبعات نشر المقاطع على شاشتها. وهناك لاجئون حاقدون على تركيا وجاءتهم الفرصة لينفثوا سمومهم (بأسلوب ساخر) وربما يكون بعضهم ممن يحسبون على المثقفين”. 

وبرأيه: “الشعبان (التركي والسوري) لديهما الكثير مما يقربهما من بعض. هذه المواقف يجب عدم نشرها لأنها لا تأتي إلا بضرر عام”.

ولم يتحدد بعد الشكل المستقبلي لملف اللاجئين السوريين في تركيا، بينما تستمر شخصيات سياسية في اختلاق الروايات المعادية للاجئين، وأيضا الإشاعات التي يكون مسرحها مواقع التواصل الاجتماعي.

ومن أبرز تلك الشخصيات إيلاي أكسوي وإيمت أوزداغ، الذي كان قد فصل مؤخرا من “حزب الجيد”، لتصاعد خطابه العنصري والتحريضي.

وبينما تقول الحكومة إنها تسعى لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بصورة طوعية، تصر أحزاب المعارضة على إبقاء ملف هؤلاء في صدارة أي نقاش سياسي داخلي.

ضياء عودة – إسطنبول

الحرة

——————————

الأتراك واللاجئون السوريون.. من يردم الفجوة؟

حسام المحمود | زينب مصري | جنى العيسى

تتنامى حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي ضمن أوساط اللاجئين السوريين في تركيا، جراء موجات متلاحقة من الخطاب العنصري، لا تكاد تخمد جذوتها في مكان، حتى تتجدد في آخر، متغذية على ما بقي عالقًا من رواسب اجتماعية جراء مشكلات وخطابات سابقة، إلى جانب ضخ إعلامي تحريضي يؤجج حالة العنصرية، دون تقديم ما يخدم السلم المجتمعي.

ومنذ اندلاع الثورة السورية، عام 2011، اتجه نحو أربعة ملايين سوري للجوء في تركيا، مشكّلين في الوقت نفسه مجتمعًا سوريًا مصغرًا، ضمن المجتمع التركي، ما يخلق حالة من العزلة الاجتماعية، والاستغناء الضمني، باعتبار أن العلاقات الاجتماعية في هذه الحالة غير قائمة على تأثير متبادل.

قابلت عنب بلدي في هذا الملف مجموعة من الصحفيين والعاملين بقضايا اللاجئين السوريين في تركيا، لبحث العوامل التي مهّدت لخلق هوّة بين المجتمع السوري اللاجئ، والمجتمع التركي.

وسلّطت الضوء على دور وسائل الإعلام في تصعيد الحالة العنصرية، كما بحثت سبل التوصل إلى حلول تفضي إلى ردم الهوّة المجتمعية بين مكوّنين اجتماعيين يعيشان بشكل متوازٍ ضمن بلد واحد.

السوريون في تركيا.. ما أسباب العزلة

يمكن إرجاع أسباب الفجوة بين المجتمعين السوري والتركي إلى أمرين: أولهما خطاب الكراهية والعنصرية الذي صدر من بعض الشخصيات السياسية، وهو الخطاب الذي يجد طريقًا سهلًا إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، والثاني غياب سلطة القانون التي تمثلها الحكومة التركية، بحسب ما قاله الناشط في مجال حقوق اللاجئين طه الغازي في حديث إلى عنب بلدي.

من أمام باب مسجد الفاتح وسط مدينة إسطنبول – 6 تشرين الثاني 2021 (عنب بلدي/عمران عكاشة)

هذان الأمران ولّدا خلال السنوات السابقة حالة مجتمعية سبّبت انغلاق السوريين كمجتمع لاجئ على أنفسهم، ما أدى إلى انعزالهم، وصعوبة تأقلمهم واندماجهم مع المجتمع التركي، إضافة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها:

اللغة

وأضاف الغازي أن عامل اللغة أبعد السوريين عن الأتراك، فعدد كبير منهم ما زال غير ملمّ باللغة التركية، باعتبار أن الحالة المادية أو الواقع المعيشي يكون دائمًا عائقًا أساسيًا أمام تعلمهم أو تفرغهم للتعلم.

معلومات منقوصة عن السوريين

وبحسب الناشط، فإن الثقافة غير المكتملة عن اللاجئين السوريين تسهم أيضًا في اتساع هذه الفجوة، فالشارع التركي لا يدرك المجتمع السوري وثقافته، وبعض من فئات المجتمع التركي تتعامل بطريقة تعالٍ مع السوريين في بعض مناحي الحياة الاجتماعية والصحية والتعليمية.

التدهور الاقتصادي

ولا يمكن إرجاع التفرقة الموجودة بين المجتمع التركي والسوريين في تركيا إلى سبب واحد، برأي الباحث الاجتماعي في جامعة “ماردين أرتوكلو” الحكومية مهميت أوز، ولكن التدهور الاقتصادي يجعلها أكثر وضوحًا، كما تتسبب الخطابات السياسية المعارضة وصداها على وسائل التواصل الاجتماعي في تعميق التفرقة.

إحجام الأتراك عن الاندماج

وفي حديث إلى عنب بلدي، قال الباحث مهميت أوز، إن دراساته الميدانية تُظهر قابلية السوريين للتكيّف مع المجتمع التركي، لكن من غير الممكن توقّع قبول تركي بتكيّف مقابل، إذ يفضّل جزء كبير من الأتراك عودة السوريين إلى بلدهم.

وأضاف أن الانسجام أو الاندماج بين السوريين والأتراك ليس أمرًا أحادي البعد، فبصرف النظر عن الخطوات المتخذة لاندماج السوريين، يحتاج الأتراك أيضًا إلى الاستعداد لهذا الاندماج، ولذلك يجب تنفيذ برامج مختلفة ليقبل الأتراك بذلك.

ومن الضروري للشعب التركي عدم تحميل السوريين مسؤولية ارتفاع أسعار المنازل والمواد الغذائية، وفق أوز، إلى جانب منع انتشار المعلومات والادعاءات الكاذبة عنهم، بالإضافة إلى توعية العامة بشكل جدي في مسألة وجودهم.

الخطاب السياسي

من جهتها، ترى الباحثة التركية في علم الاجتماع بجامعة “كاليفورنيا” في الولايات المتحدة الأمريكية نهال كيالي أن كثيرًا من التوتر بين الأتراك والسوريين مدفوع بالخطاب السياسي المحلي في تركيا، حيث يُستخدم السوريون كورقة مساومة سياسية.

ويتعارض هذا الوضع السياسي مع الأهمية الأساسية للرؤية الإنسانية المشتركة وأوجه الشبه العديدة بين السوريين والأتراك، بحسب ما قالته الباحثة في حديث إلى عنب بلدي، مشيرة إلى حقيقة أن القومية المنتشرة إلى حد كبير في تركيا هي أيضًا مشكلة.

وكما هي الحال في العديد من البلدان، عندما يتدهور الوضع الاقتصادي في بلد ما، ويواجه المواطنون صعوبات في العثور على وظيفة، يبدأ الناس بلوم المهاجرين واللاجئين، وهذا الوضع يحدث حاليًا في تركيا، وفق كيالي.

غياب استراتيجيات الدمج المجتمعي

ويرى المنسق العام لمركز الهجرة والدراسات الثقافية في مركز “كرك آياك” التركي بولاية غازي عينتاب، كمال فورال تارلان، أن أحد أسباب الفجوة بين المجتمعين السوري والتركي، عدم امتلاك تركيا استراتيجية إدماج مجتمعي جيدة، لأن اللاجئين السوريين والمجتمع التركي المضيف متباينان من الناحية الثقافية.

“الحماية المؤقتة” حاجز

وقال كمال تارلان، في حديث إلى عنب بلدي، إن حالة “الحماية المؤقتة” التي يوجد اللاجئون السوريون بموجبها في تركيا، أحد الأسباب التي تعمّق الفجوة بين المجتمعين.

فبينما يُقال للسوريين، منذ عشر سنوات، إنهم ضيوف ووجودهم  في تركيا مؤقت، يُقال للأتراك إن السوريين سيرحلون ولن يبقوا لمدة طويلة.

وهذا الأمر يقلّل من نقاط التماس الطوعية بين المجتمعين، ويؤدي إلى عيشهما مع بعضهما لكن بشكل متوازٍ دون وجود نقاط للتقاطع بينهما.

الشعبان مختلفان

ويرى تارلان أن اعتبار السوريين والأتراك قريبين من بعضهم من الناحية الثقافية خطأ في المشاريع المُنجزة التي تتعلق بإدماج السوريين في المجتمع التركي.

فالأتراك والسوريون متباينون ثقافيًا، ويتحدثون بلغات مختلفة ولديهم عادات مختلفة، إذ كانا يعيشان مع بعضهما تاريخيًا، لكن منذ نحو 100 عام افترقا وظهرت حدود جدية وعميقة بينهما، وفق رأيه.

ولا ضرورة لأن يشبه المجتمعان بعضهما، مقدار الحاجة إلى تعلّمهما كيفية العيش مع بعضهما، وهذا الأمر لا يحصل مع حالة “الحماية المؤقتة” الممنوحة للسوريين من قبل الحكومة التركية، لأنها مبينة على كونها مؤقتة وليست دائمة، وفق تارلان.

مشاريع غير كافية

وأوضح تارلان أن معظم المشاريع التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والمؤسسات الحكومية في تركيا غير مجدية، لأنها لا تمتلك استراتيجية دمج اجتماعية، وغير مفيدة في مسألة تقريب المجتمعين السوري والتركي من بعضهما.

كما أن معظم المشاريع الموجهة للسوريين، هي عبارة عن برامج تدور في إطار “الحماية المؤقتة” وتتمحور حول المساعدة فقط، وتظهر السوريين بشكل دائم على أنهم ضحايا وأصحاب حاجة، وبعض منها فقط يتمحور حول الدمج والمواءمة الاجتماعية، إلى جانب انعدام مفعولها.

كما لفت إلى أن بعض المؤسسات فقط تعمل بوعي وفق برامج تتمحور حول مشاريع الدمج والتكامل الاجتماعي، بينما تستهدف بقية المؤسسات السوريين فقط دون الأتراك، وهذا أمر “خطير” لأنه يسحب السوريين إلى الخلف ويجعلهم يكتفون بذاتهم، بحسب تعبيره.

أعداد السوريين في تركيا بحسب الأوراق الرسمية الحاصلين عليها

صحفي سوري: الإعلام السوري مقصر

صحفي تركي: الكرة في ملعب السوريين

تسهم وسائل الإعلام الموجهة لجمهور معيّن بتوجيه رأيه العام، فتعمل عبر محتواها على تعزيز أفكاره وتوجهاته في مختلف المجالات، أو توعيته لمعرفة الحقائق التي قد لا يدركها في ظل عدم اطلاعه على مختلف الآراء في قضية ما.

وفي تركيا، تعمل بعض وسائل الإعلام التركية المعارضة بانحياز واضح توجهه العوامل والقضايا السياسية في البلاد، ما أدى إلى تعزيز خطاب الكراهية والعنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منذ سنوات عدة.

وقد يكون انحياز وسائل الإعلام التركية في القضايا التي تخص السوريين، أحد أهم أسباب تعزيز الفجوة بين المجتمعين السوري والتركي في تركيا، في ظل ابتعاد وسائل الإعلام السورية عن دورها في ردم هذه الفجوة عبر تسليطها الضوء على زوايا إيجابية موجودة لدى السوريين، قادرة على التأثير في وجهة نظر بعض الأتراك تجاههم.

وفي تقرير لمنصة “جميعنا لاجئون” (Hepimiz Göçmeniz) المناهضة للعنصرية تجاه اللاجئين في تركيا، أشار إلى “التمييز” الذي تمارسه بعض وسائل الإعلام التركية ضد السوريين.

وشرح التقرير سلوك تلك الوسائل بعنونة خبر عام يتضمّن مواضيع مختلفة بـ”الداخلية التركية توضح أعداد السوريين في تركيا”.

وأضاف التقرير أن الخبر ذاته تبدأ مقدمته بإعلان وزارة الداخلية فعلًا عن عدد السوريين، ليشرح في الفقرة التي تليها قضية “الإرهاب”، وتفاصيل حول انتشار فيروس “كورونا المستجد” (كوفيد- 19) في البلاد.

واعتبرت منصة “جميعنا لاجئون” أن محتوى الخبر السابق سيعطي صورة عن “أهم المشكلات التي يريد المجتمع التركي التخلص منها، وفي مقدمتها اللاجئون السوريون”.

تغطيات تفرضها الظروف السياسية

الكاتب والصحفي التركي جلال ديمير، اعتبر الفجوة بين المجتمعين السوري والتركي على الأراضي التركية موجودة لأسباب كثيرة، موضحًا أن ما تعرضه وسائل الإعلام هو “انعكاس لتفكير الناس في الواقع، فهم من يغذي المواد الإعلامية”، على حد قوله.

وأرجع ديمير، في حديث إلى عنب بلدي، سبب المبالغة في نقل بعض وسائل الإعلام التركية لأشخاص أتراك تظهر في خطابهم عنصرية مقصودة ضد السوريين إلى “المبالغة من أجل جذب الناس مع القليل من البهارات”.

وأشار ديمير إلى أن لكل من وسائل الإعلام التركية سواء الموالية للحزب الحاكم أو المعارضة له منبرًا تتوجه عبره لجمهورها، مؤكدًا أن تغطياتها الإخبارية وبرامجها تنطلق من أفكار القائمين عليها.

وأضاف الصحفي جلال ديمير أن مختلف وسائل الإعلام التركية أو السورية لا يتشابه محتواها أو أفكارها أو حتى جمهورها، لافتًا إلى أن معظم تغطياتها تفرضه الظروف والسياسات التابعة لها “مهما حاول القائمون على هذه الوسائل اتباع الحيادية”.

ووثق “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” الدوافع التي أدت إلى تصاعد خطاب الكراهية من قبل الأتراك تجاه اللاجئين السوريين.

وأصدر المركز تقريرًا، في 29 من كانون الأول 2020، يتحدث فيه عن تباين المرحلة الأولى التي جاء فيها اللاجئون السوريون إلى تركيا في بداية موجات النزوح مع المرحلة التي تلتها.

وعزا التقرير عدم استمرار الترحيب الشعبي والحكومي التركي باللاجئين السوريين، كما كان في بداية موجات النزوح، إلى الوضع الاقتصادي والاختلافات الثقافية الاجتماعية، والمنافسة على سوق العمل، خاصة لذوي المستوى المعيشي المنخفض، وهي نتيجة طبيعية قد تحصل في أي مكان تجاه اللاجئين في العالم.

كما وصلت نسبة الرفض التركي للاجئين السوريين إلى 67% عام 2019، بعدما كانت نحو 57% عام 2016، بحسب استطلاع أجراه مركز الدراسات التركي في جامعة “قادر هاس“.

“الكرة بملعب السوريين”

وحول عدم قيام العديد من وسائل الإعلام التركية بالعمل على مشاريع إعلامية توجهها للمواطنين الأتراك، توضح حقيقة أسباب وجود السوريين في تركيا، وعدم تعميم أنهم يتلقون المساعدات من الدولة، أو لفت الانتباه إلى مشاركة العديد من أصحاب الأموال من السوريين في دعم الاقتصاد التركي، قال الكاتب والصحفي التركي جلال ديمير، إن “الكرة هنا في ملعب السوريين”.

وأضاف ديمير أن هذا يجب أن يكون إحدى أولويات وسائل الإعلام السورية الموجودة في تركيا، موضحًا أن بلاده لم تمنع إقامة منصات سورية إعلامية على أراضيها.

واعتبر أن تلك الوسائل “يجب عليها تحسين جودة محتواها لجذب الأتراك”، فمن الممكن أن تكون نقطة تواصل بين السوريين والأتراك، وفقًا لحديث الصحفي التركي جلال ديمير.

ويرى ديمير أن وجود صحفيين ناطقين باللغة التركية ربما يسهم في إيصال صورة جيدة عن السوريين للشعب التركي، وانتقاء مواضيع يوجهها لهم قد تجذب اهتمامهم لمعرفة المزيد من التفاصيل، التي قد لا يرونها في حال لم تنقلها الوسائل السورية.

الصحفي السوري نضال معلوف، أكد تقصير وسائل الإعلام السورية الموجودة في تركيا في لعب دورها المهم بمساعدة اللاجئين السوريين على الاندماج مع الأتراك، وتوجيه خطابها للشارع التركي بمواضيع قد تعزز الاندماج بين المجتمعين.

وأرجع معلوف، في حديث إلى عنب بلدي، أسباب هذا التقصير إلى غياب التمويل كعامل أساسي من جهة، وإلى غياب المؤسسة الحقيقية بسبب غياب الدولة من جهة أخرى.

وأوضح معلوف أن الدور الحقيقي المؤثر لحل مشكلات السوريين يحتاج إلى دولة تخلق مؤسسات صحفية محترفة، وصحفيين يمتلكون القدرة على إنجاز المواد النوعية التي تحتاج إلى خبرة وتدريب كبيرين، مشيرًا إلى النقص الواضح لدى المؤسسات الإعلامية الحالية في ذلك، على حد قوله.

ولفت الصحفي نضال معلوف إلى أن غياب التمويل يشكّل العامل الأساسي بعدم توجه وسائل الإعلام السورية للمجتمع التركي.

“التوعية أولًا”

يرى الصحفي السوري نضال معلوف، أن دور وسائل الإعلام السورية الأساسي يتمثل بقيامها بدور أفضل قد يساعد السوريين على الاندماج مع الشعب التركي.

وأضاف معلوف أن التوجه نحو السوريين اليوم بتوعيتهم وتعريفهم بعادات وضوابط المجتمع التركي، بالإضافة إلى القوانين الأساسية التي يجب عليهم اتباعها، قد يقيهم من التعرض للإزعاج أو المخالفات، التي قد تنعكس بسبب شخص على جالية بأكملها.

وكخطوة يراها معلوف تلي الخطوة السابقة، يجب على وسائل الإعلام “في حال امتلاكها القدرات المادية وغيرها”، أن تكون على احتكاك بمؤسسات صحفية تركية لإنتاج خطاب باتجاه مغاير لما تنتجه وسائل الإعلام التي تحرض على العنصرية.

وإنتاج الخطاب الموجه للشعب التركي يحتاج إلى دراسة وفق أولويات تساعدهم على تقبل وجود السوريين، وتمكّنهم من رؤية شخصيات سورية مقنعة على شاشات القنوات التركية تنقل لهم الخطاب “بتوازن”.

مبادرات فردية تحاول ردم الفجوة

يحاول العديد من السوريين المقيمين في تركيا، كل بحسب استطاعته وموقعه، العمل على توضيح الصورة التي قد تدعم فكرة الاندماج ككل، إحساسًا منهم بالمسؤولية في دورهم الذي ربما يؤثر في تغيير وجهة نظر بعض الأتراك المعادية للسوريين.

خالد عبدو طالب صحافة في جامعة تركية، ينقل يوميًا عبر صفحاته الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من عناوين الأخبار والتعليقات السياسية بلغة تركية موجهة لمتابعيه من المواطنين الأتراك والسوريين.

ويرى خالد عبدو، في حديث إلى عنب بلدي، أن وجود مبادرة جماعية من قبل وسائل الإعلام السورية لردم الفجوة بين الأتراك والسوريين “أمر ضروري جدًا”، في ظل وجود مبالغات تمس حياة السوريين في صفحات التواصل التركية.

ويعتقد خالد أن التأثير اليوم، ومحاولة العمل على إعادة الاندماج بين السوريين والأتراك، قد لا يحقق النفع المطلوب كما لو كان بدأ قبل سنوات عديدة.

وتحتاج المبادرات الجماعية على مستوى مؤسسة إعلامية، بحسب ما أوضحه خالد عبدو، إلى عدد من الصحفيين الأتراك لرصد القضايا “المخطئة” التي يتداولها الشارع التركي، والبحث في تفاصيلها، لتوضيح حقيقتها بعد ذلك، واصفًا ذلك “بالأمر السهل نوعًا ما على مؤسسة إعلامية”.

“تصورات ضد اللاجئين السوريين”

وفي حزيران الماضي، أجرت “مؤسسة البحوث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في تركيا” دراسة بعنوان “تصورات ومواقف ضد اللاجئين السوريين في اسطنبول”، بهدف تحسين العلاقات الاجتماعية بين الأتراك والسوريين.

وأظهرت الدراسة في استطلاع للرأي أجرته على ألفين و284 شخصًا تركيًا ممن يقيمون في ولاية اسطنبول، أن أغلب المواطنين الأتراك المشاركين في الاستطلاع يعتبرون أن السوريين “عبء اقتصادي”، وأنهم يحصلون على معاملة تفضيلية مقارنة بالمواطنين الأتراك.

كما يعتقد أغلب المشاركين أن السوريين لا يدفعون الضرائب، ويستفيدون من خدمات الكهرباء والماء بشكل مجاني، ويحصلون على رواتب من الدولة.

ووفقًا للدراسة، فالمواطنون الأتراك المقيمون في ولاية اسطنبول، لديهم “احتكاك اجتماعي محدود” مع اللاجئين، وأغلبيتهم لا يرغبون في بناء علاقات اجتماعية معهم، رغم وجود السوريين الكبير في الولاية.

وأوضحت الدراسة أن أكثر من يرفضون إقامة علاقات اجتماعية مع السوريين هم من أنصار حزب “الشعب الجمهوري” وحزب “الجيد” المعارضين لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم في البلاد.

كيف نردم الفجوة بين المجتمعين

ردم الفجوة بين المجتمعين اللاجئ والمضيف لا يقع على عاتق السوريين لوحدهم، وإنما يتحمّل جانب كبير من المجتمع التركي ذلك أيضًا، بحسب الناشط في مجال حقوق الإنسان طه الغازي.

وقال الغازي، إن برامج الدمج المجتمعي التي أطلقتها رئاسة الهجرة التركية ما زالت قاصرة، إذ تستهدف فقط اللاجئين السوريين دون أن تتوجه إلى المجتمع التركي.

وتساءل الغازي كيف سيندمج السوريون مع فئات من المجتمع التركي لا تتقبل وجودهم، محمّلًا المسؤولية لرئاسة الهجرة ووزارة الداخلية، ومشيرًا في الوقت نفسه للحاجة إلى طرح مشاريع دمج مجتمعي تلامس محوري الدمج (المجتمع السوري اللاجئ والمجتمع التركي).

ويمكن أن يكون التقارب من خلال عقد ندوات ومشاريع مشتركة، سواء أكانت هذه المشاريع على مستوى الأحياء أو المناطق أو الولايات بكل مساراتها، لتقريب وجهات النظر، بحسب الناشط طه الغازي.

تحركات موجودة

ويعمل الغازي مع مجموعة من الناشطين السوريين على تقريب وجهات النظر السورية- التركية، والحد من خطاب الكراهية المتصاعد ضد اللاجئين السوريين عبر مجموعة لقاءات مع شخصيات سياسية تركية.

وانطلقت فكرة الاجتماعات مع المسؤولين الأتراك قبل نحو سنتين، خلال مؤتمر عُقد بجامعة “ميديبول” في اسطنبول دُعيت إليه كل المنظمات الحقوقية التركية ومنظمات المجتمع المدني وجانب من منظمات المجتمع المدني السوري، وشُكّلت خلاله لجنة مركزية لتجمع اسمه “Sığınmacılar Hakları Platformu”.

وخرجت الأطراف المجتمعة بنهاية المؤتمر في 10 من أيلول 2020، بوثيقة تدعو إلى ضرورة انفتاح المجتمع السوري اللاجئ عبر تشكيلات ومجموعات وهيئات على كل أطياف المجتمع التركي سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا.

لكن فكرة الاجتماعات توقفت خلال فترة تفشي جائحة “كورونا”، وفقًا للغازي، ليُعاد تفعليها منذ مدة، خلال الاجتماع بمجموعة من الأحزاب السياسية التركية والهيئات الحقوقية ولقاء عدة شخصيات، أبرزها زعيم المعارضة التركية ورئيس حزب “الشعب الجمهوري” (CHP)، كمال كلتشدار أوغلو.

وأوضح الغازي أن الجانب السوري أكد ضرورة وجود ميثاق تتعهد فيه جميع الأحزاب التركية بتحييد ملف اللاجئين السوريين عن أي صراعات أو نزاعات داخلية سياسية، وعدم استخدامهم كورقة انتخابية.

ويرى أن هذه الاجتماعات من الممكن أن تخفض من العنصرية وخطاب الكراهية، لأن انغلاق السوريين على أنفسهم و”تقوقعهم في الزاوية” ليس أمرًا سليمًا، ولا بد أن يكون للسوريين المجنسين وجود ودور مؤثر من خلال تواصلهم مع الأحزاب.

تعزيز مشاريع الاندماج

وتنظر الباحثة التركية في علم الاجتماع بجامعة “كاليفورنيا” في الولايات المتحدة الأمريكية نهال كيالي، بإيجابية لتنظيم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني مشاريع لكل من الأتراك والسوريين لتسهيل الاندماج، رغم أن أغلبية الناس لا يشاركون في هذه المشاريع والأنشطة.

ولذلك، فإن المؤسسات الأكثر فعالية في مسألة الاندماج هي المؤسسات الموجودة مسبقًا والتي تجمع السوريين والأتراك، كالمدارس، وأماكن العمل، والتي يجب أن يتم العمل من خلالها بشكل دائم على تعزيز الاحترام المتبادل والاعتراف بكرامة الإنسان، لكي تكون فعّالة.

فيجب تدريب المعلمين مثلًا على كيفية تنمية هذا الاحترام المتبادل بين الطلاب، ويمكن للمنظمات غير الحكومية المساعدة في تنفيذ مثل هذه البرامج، وفق كيالي، التي تأمل أن تساعد المدارس في التغلب على التوترات مع نمو الأجيال الشابة معًا.

وقالت كيالي، إن هناك كثيرًا من الأمور المشتركة والمتشابهة بين الشعبين التركي والسوري، لكنه من غير المجدي التفكير في هذين الشعبين كمجموعتين متجانستين أو متناقضتين.

كما أنه ليس من المفيد حصر الملايين من الأشخاص المختلفين من كلا البلدين، والذين يملكون مختلف المهارات والدرجات العلمية واللغات والممارسات الدينية المختلفة في قوالب نمطية بسيطة، إذ يجب أن يكون الطرفان قادرَين على قبول إنسانية مشتركة مع احترام الاختلافات أيضًا، بحسب تعبيرها.

إيجاد استراتيجيات فعّالة

دمج السوريين في المجتمع التركي مفهوم إشكالي، بحسب المنسق العام لمركز الهجرة والدراسات الثقافية في مركز “كرك آياك” التركي، كمال فورال تارلان، ويعني أن تندمج المجموعات الصغيرة بالمجتمعات الأكبر.

وهذا سبب في فشل سياسات الإدماج العالمية، لذلك هناك حاجة إلى استراتيجية دمج اجتماعي تعتمد على ما يغيره الجدد (السوريون) وما يغيره القدماء (الأتراك) وما سيتعلمونه من العيش المشترك، بحسب ما قاله.

كما يجب أن تشمل الاستراتيجية تحسين الظروف المعيشية للسوريين، ومنحهم أذون عمل وتأمين مستقبل يستطيعون أن يحلموا فيه، وحصولهم على الحقوق المتاحة لجميع الناس في تركيا، وتأمين وصول جميع الأطفال إلى التعليم بشكل سريع.

الاستفادة من التجارب العالمية

وأضاف تارلان انطلاقًا من التجربة في مركز “كرك آياك”، أنه يجب النظر إلى جوانب القصور في التجارب العالمية حيال مسألة ردم الفجوة بين المجتمعين السوري والتركي، كالتجارب في ألمانيا وكندا التي تعتمد على مشاريع متعددة الثقافات تتمحور حول العيش المشترك.

وشدّد على ضرورة العمل على نقاط التماس المشتركة بين الشعبين لكونهم يعيشون مع بعضهم بشكل موازٍ، ووصلوا إلى نقطة لا يحتاجون فيها إلى بعضهم مع شروط الحياة المتسارعة وانتشار التكنولوجيا المتطورة.

نفسيًا.. جهود الحل تفوق التسبب بالمشكلة

تترك الأحداث والمواقف العنصرية تأثيرها على ضحية أو موضوع الحدث العنصري بطريقة لا يمكن التنبؤ بحجمها.

هذا الموقف الذي قد يحدث بين شخصين، أو شخص ومجموعة، يمكن أن يُترجم على الأرض بحالة انفجار أو غضب مبالغ به، بسبب تأثره بالعديد من العوامل، كمواقف عنصرية سابقة قوبلت بالتجاهل، أو الضخ الإعلامي الموجّه والمركّز والذي يصب في اتجاه واحد لنقل وجهة نظر معيّنة، دون تقديم ما يقابلها، أو الرد عليها.

جودي المصري، طالبة تتحضر للدراسة في إحدى الجامعات التركية، تحدثت إلى عنب بلدي حول قلقها كلاجئة سورية مقيمة في تركيا منذ سنوات عدة، من تصاعد صوت العنصرية ضد اللاجئين السوريين.

وأعربت الشابة (19 عامًا) عن مخاوفها من تعامل المعارضة التركية مع قضية وجود السوريين في تركيا كجزء من مشروعهم قبل أي انتخابات.

وقالت جودي، إنها تخشى أن تكون مجبرة بيوم وليلة على الانتقال إلى بلد جديد، والعودة للبدء من الصفر مجددًا، مشددة على أنها لا تحمل أي مخاوف أو مشاعر نفور تجاه المجتمع التركي، إلى جانب رغبتها بإظهار صورة إيجابية عن المجتمع السوري اللاجئ، قد لا يراها الجميع.

أما حسام الحوراني (30 عامًا) فلفت إلى وجود حالة عدم استجابة يواجهها أحيانًا عند التعامل مع موظفي الدوائر الرسمية في تركيا، رغم حصوله على الجنسية التركية.

وأكد الشاب حسام، الموظف في شركة استثمارات تركية، أن عدم إتقان اللغة التركية كما يتحدث بها أبناء البلد يخلق نوعًا من الفجوة في التواصل بين الطرفين، قد تصل إلى درجة عدم التجاوب، أو عرقلة المعاملة، في حال كان المراجع لا يتحدث التركية بطلاقة، فالجنسية في هذه الحالة لن تقيه فخ التمييز.

وعن الأحاسيس والمشاعر التي تنتاب اللاجئ السوري عند سيره في الطرقات والشوارع التركية، أكد حسام أن شعور الأمان والراحة يطغى على أي مخاوف أخرى حين يكون الشخص ملتزمًا بالقوانين والضوابط الاجتماعية.

وأشار الشاب إلى عدم الرغبة بالاحتكاك بالمواطنين الأتراك ما لم تستدعِ الضرورة ذلك، مخافة الوقوع ضحية لموقف عنصري محرج قد يثير الحساسية، في حال كان الطرف الآخر يحمل أفكارًا عنصرية تجاة اللاجئين السوريين.

حسام لفت أيضًا إلى قلق اللاجئ السوري في تركيا، حتى في حال امتلاكه الجنسية الاستثنائية، من خطابات المعارضة التركية التي تتوعد السوريين بالترحيل من وقت لآخر، لعدم وجود ملجأ أو جهة بديلة يقصدها السوريون، وفق رأيه.

ولفت حسام إلى دور اللغة كأسلوب فعال لمحاربة العنصرية، فامتلاك اللغة يعني القدرة على مناقشة الأفكار والمواضيع بأسلوب حضاري، دون تأجيج لأي موقف أو تحميله أكبر من حجمه، مشيرًا إلى أن التجاهل في بعض المواقف قد يوفر على الشخص الوقوع بمشكلات يصعب التنبؤ بحجمها وأبعادها.

وحول الأفكار والآثار النفسية التي تلقي بظلالها على حياة ضحايا المواقف العنصرية، يميز الدكتور في علم النفس التربوي عامر الغضبان، بين نوعين من السلوكيات، أحدهما مرتبط بالتقبل، والثقة، والإيجابية في التعامل، وغياب الاحتكاك.

والحالة الثانية تتجلى بغياب الثقة، وبروز سلوكيات عنصرية ظاهرة تفضي إلى استجابة سيئة تطفو على السطح حين يكون الأفراد متوترين، وبالتالي فمجرد وجود شخص من مجموعة مختلفة يغيّر الجو العام للمجموعة.

وأوضح الغضبان، في حديث إلى عنب بلدي، أن الانتقال من حالة التقبل إلى عدم التقبل أو العنصرية، يحصل بوتيرة سريعة أحيانًا، لا سيما عند ارتباطها بحالة ضخ إعلامي وتكوين رأي عام مضاد لمجموعة معيّنة.

ولا يعني التعرض لهذا الضخ أو الرأي العام قبوله بالضرورة لدى الجمهور، لكن حصول موقف يؤيد فكرة العنصرية وشيطنة الآخر، قد يدفع الشخص لتبني الأحكام التي كان يرفضها حيال العنصرية، وهو ما يحدث مع عامة الناس، وفق الغضبان، الذي يلفت إلى سرعة الانتقال بين حالتي التقبل وعدم التقبل، جراء ردود فعل قد لا تأتي من اتجاه عنصري كامل.

فربما لا يكون الشخص عنصريًا، لكنه يكرر خطابًا عنصريًا سمعه، ما يعني أن التصرفات والخطابات العنصرية قد لا تعبر عن عنصرية حقيقية، وبالتالي من الضروري مراعاة ذلك عند تحديد الاستجابة.

وشدد الغضبان على أن أهم آثار الحالة العنصرية هي حالة الانقلاب النفسي، فقد يفاجَأ الشخص بتغيّر أسلوب التعامل بين فردين ينتمي كل منهما لجماعة مختلفة، بناء على توجيهات من الإعلام أو الأسرة، أو المجتمع، ما يعني زعزعة الإحساس بالأمان، إلى جانب آثار أخرى كالتنمر والإساءة والضغوط المتواصلة التي تترك آثارًا نفسية على الأفراد.

وبسبب العنصرية قد يصل الشخص إلى اضطرابات قلق، تقوده إلى اضطراب أو مرض نفسي، وشعور بعدم الأمان والرغبة بالانعزال، فتخفف الأسرة علاقاتها لحماية أفرادها، وقد تتخذ قرارات في هذا السياق، كتغيير مكان العمل أو الإقامة أو مدارس الأطفال أو تحركات الانعزال المعرقلة للاندماج، الذي يقوم بالضرورة على أسلوب التعامل والتصرفات، وليس تذويب الثقافة والانصهار في بوتقة الآخر.

وما يعزز الاندماج، برأي الغضبان، اللغة وفهم البلاد وطبيعة المنطقة، وتعزيز التجارب بما يصب في خدمة زيادة مهارات الاندماج لدى الفرد.

وحول أساليب ردم الهوّة بين المجتمع السوري اللاجئ، أو “الضيف” بوصف الحكومة التركية، والمجتمع التركي، يرى الغضبان أن السعي للتقبل وتوجيه الخطاب نحو هذا الغرض، وتحقيق حالة توازن بين التعبير عن النفس وعدم قمعها ضمن التجمعات، يسهم في تحقيق هذا الغرض.

كما شدد على دور ومسؤولية الوجهاء والقيادات التقليدية ومؤسسات الإعلام، عن تقديم جهود ضرورية لحماية المجتمع والوضع الاجتماعي القائم من الشعور بتهديد عنصري قد يطيح باستقرار منطقة وربما دولة بأسرها.

وإذا كان تركيز خطاب إعلامي واحد على حالة سلبية واحدة كفيلًا بخلق مناخ عنصري، فإزالة تلك الآثار ستتطلب جهدًا أكبر، وضمن أكثر من خطاب للتخلص من الحالة كلل.

عنب بلدي

——————————–

لجوء السوري يوزّع ضحاياه/ غسان المفلح

الكتابة عن اللجوء السوري إلى شتّى الأصقاع التي يمكن للسوري الوصول إليها، رواية لا تكتمل أبداً. رواية مرتبطة باستمرار كاتبها الأمريكي بوجوهه المتعددة، ودوائر نفوذه، وشراكاته، وتنسيقاته مع الروسي، والإيراني، والأسدي، والتركي. اللجوء السوري كعملية اقتلاع كاملة الأوصاف، أشرك باراك أوباما بها الأمم المتحدة.

إفراغ البلد من مناهضي الأسد، هذه كانت المرحلة الأولى. أما المرحلة الثانية بدأت بعد أن ضمن الأمريكي أنّ الأسد باقٍ في قصره بدمشق، حيث تطال هذه المرحلة الموالين الذين باتوا على الطوابير من أجل رغيف خبز. في ملف تحقيقي خاص بعنوان “سويسرا تستقبل فوجاً خاصاً من اللاجئين السوريين” عن وصول دفعة لاجئين سوريين من عائلة واحدة إلى سويسرا، عبر مطار جنيف. نشره موقع إنفوسويس التابع للخارجية السويسرية، بتاريخ 19 سبتمبر 2012.، جاء فيه: “وفي تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية، أوضحت غابي شولوسي، المتحدثة باسم المكتب الفدرالي السويسري للهجرة، أن أفراد الأسرة الـ 36 يُعتبرون مُهددين للخطر بشكل خاص، وفقاً لمعايير المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين. ولهذا السبب، فإنّ المنظمة وجّهت – في إطار برنامجها لإعادة توطين اللاجئين- طلباً لسويسرا من أجل استقبالهم”.

هذه بواكير المشاركة الأممية في إعادة توطين السوريين الذي جرى ويجري اقتلاعهم. بقيت سويسرا طبعاً ملتزمة بحصتها في عملية التوطين، حتى الآن، رغم أنّ سويسرا ربما من أقل الدول استقبالاً للاجئين. ما يهمني في هذا التحقيق أنّ الأمم المتحدة لم تكن معنية أمريكياً بإيجاد حل سياسي في سوريا، بل معنية بتأسيس فرع لإعادة توطين السوريين المقتلعين من أرضهم ومدنهم وقراهم التي دمرها الأسد وحلفاؤه برعاية أوباما. منذ ذلك التاريخ الأوبامي ورحلة السوري إلى بلاد الله مستمرة. محنة الحدود التركية اليونانية وضحاياها. الآن محنة الحدود البولونية مع روسيا البيضاء. الجدير بالذكر في هذا المجال أن تنسيقاً أو قيادة ربما من قبل البنك الدولي مع الأمم المتحدة في ملف إعادة التوطين هذا كانت وما تزال قائمة. سلاح الطيران من قبل النظام البراميلي. حيث سجل باسمه براءة اختراع تحويل البراميل إلى قنابل متفجرة تقذف المدن السورية والقرى من الطائرات بوصفها براميل عمياء لا تميز بين مدني أو مسلح. كانت الغاية إحداث أكبر وأسرع عملية اقتلاع شهدها بلد واحد دون حرب عالمية.

كان بإمكان أوباما منع سلاح الطيران لو لم يكن يريد هذا التهجير والاقتلاع الدموي. شاركت كل الدولة العظمى في هذه المجزرة. لهذا كانت الأمم المتحدة بإعادة توطينها المبكر هذا، إنما تقول للعالم أنتم اقتلعوا السوريين ونحن نعيد توطينهم بالشراكة مع البنك الدولي. عملية إعادة التوطين المستمرة منذ تسع سنوات سوف تستمر بالقطارة لعقود قادمة. السوري لن يعود إلى قريته أو مدينته. لا أريد في هذه العجالة فتح ملف النزوح السوري داخل سوريا ومآسيه وويلاته، أيضاً يندرج في سياسة الاقتلاع هذه وتحويل السوري إلى لاجئ بلا حقوق في بلده. أيضاً من خلال محنتي الحدود التركية اليونانية والبولونية مع روسيا البيضاء، نجد أنّ هذا الملف كان منذ اللحظة الأولى عرضة لابتزاز الدول والسياسات والمصالح. كي تزيد من ضحايا السوريين ووجعهم وتشردهم في هذه الأصقاع. في طقس متجمد في أحيان كثيرة. أطفال مبعثرون خلف الأسلاك الشائكة على هذه الحدود أو تلك يرتجفون برداً.

محنة اللجوء السوري هذه لا يمكن لنا التعرّض لها فقط على شكل أدبيات تظهر مأساتها، بل يجب أن يفهم السوري قبل العالم أنّ هذه المحنة إنما هي قرار دولي وإقليمي بزعامة باراك أوباما. إفراغ البلد كي يبقى الأسد هذا كان الشعار الذي عملت عليه كافة الإدارات الأمريكية منذ لحظة انطلاق الثورة، دون فهم هذه اللوحة سنبقى نلطم. حل ملف اللجوء والاقتلاع يجب أن يكون سياسياً بالدرجة الأولى، أما إنسانياً فنحن أمام كارثة مستمرة، آخرها ما يجري الآن للسوريين على الحدود البولونية.

منذ أكثر من شهر تقريباً، كان لي أبناء عمومة وأقرباء على تلك الحدود، دخلوا في الغابات وتاهوا هناك. أحدهم تخلّص مما يحمله لأنهم تاهوا في الغابة الموحلة لركبهم. لم يعودوا قادرين على المسير. وآخر ما تخلص منه هو بيجاما شتوية. انقطع تواصلهم مع العالم خارج هذا التيه في الغابة. بعد أن رمى تلك البيجاما بخمس ساعات وهم يسيرون تائهين لمح لباساً فخاطب من معه: “أرأيتم؟ معناها قربنا نوصل إلى مكان مأهول”. لكن ابنه قال له: “يابا هذه بيجامتك”!

السوري لابد أن يشكر الشعوب التي استقبلته، لكن الحل هو في السياسة. كيف في الحقيقة الأمريكية: لا أعرف.

تركيا..آراء متباينة حول ترحيل سبعة “أجانب” في قضية “فيديوهات الموز” ودعوات لـ”التأني والعقلانية” والمحاسبة

أعلنت الإدارة العامة للهجرة التركية، أمس الأربعاء، عزمها ترحيل سبع “أجانب” قبضت عليهم، ويعتقد أنهم سوريون، بسبب نشرهم لتسجيلات “استفزازية” على خلفية قضية “الموز” التي انتشرت خلال الأيام الماضية، وحازت على اهتمام شرائح واسعة من الرأي العام التركي والسوري.

وقالت الإدارة في بيان عبر موقعها الرسمي، إن “مواطنين أجانب شاركوا مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد عبارة لا أستطيع أكل الموز (من قبل أحد الأتراك) خلال مقابلة في الشارع”، واصفة هذه المقاطع بأنها “استفزازية”.

وأضافت أنه “بعد الاطلاع على المقاطع الاستفزازية، تم القبض على 7 أجانب”، معلنة البدء بـ “إجراءات الترحيل ضدهم بعد الانتهاء من الإجراءات القضائية”.

وقالت إنها “اتتابع الموضوع عن كثب، وستلاحق أصحاب الفيديوهات والصور التي انتشرت مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص حادثة الموز الاستفزازية”.

كيف بدأت القصة؟

وبدأت “قضية الموز” عقب ظهورٍ لأحد المواطنين الأتراك في مقابلة تلفزيونية في أحد الشوارع إلى جانب سيدتين تركيتين، وهم يصرخون على شابة سورية حاولت أن تناقشهم أمام الكاميرا، فإشتكى المواطن أنه “لا يستطيع أكل الموز، بينما السوريين يشترونه بالكيلو في تركيا”، زاعماً أن المقيمين السوريين في تركيا، يشترون حاجياتهم بمساعداتٍ تقدمها الحكومة التركية لهم.

وأثار هذا الفيديو بعد انتشاره بصورة واسعة، ردود أفعال من سوريين يقيم بعضهم في تركيا وآخرون خارجها، وشارك بعضهم من مستخدمي تطبيق “تيك توك” مقاطع مصورة وهم يأكلون الموز بصورة متعمدة في أماكن عامة، وبينهم من وضع  “موزة بدلاً من الهلال” في العلم التركي.

وعقب ذلك تصدر “هاشتاغ” تحت اسم “سوريلي” أهم المواضيع المتداولة بين مستخدمي “تويتر” في تركيا”، والذين عبّر الآلاف منهم عن سخطهم من فيديوهات “تيك توك” التي نشرها سوريون، فيما رأى آخرون أن بعض السوريين يسيئون للعلم التركي، وهو ما دفع وزارة الداخلية التركية للتدخل، عبر إصدارها بياناً قالت فيه إنها ألقت القبض على سبعة “أجانب” وتعتزم ترحيلهم.

من يحمل المسؤولية؟

ولاقى قرار الترحيل ردود فعل متباينة، إذ ألقى الصحفي التركي، محمد أونالمش، اللوم على المؤسسات الإعلامية التي تنشر المقاطع، وقال إن “خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تسهل وصول المقاطع التي يتفاعل معها الجمهور، ومنها الجدلية والتي تحوي كراهية، وتنجر خلفها بعض القنوات، واليوم سيرحل سبعة مراهقين سوريين، لإنهم انجروا وراء مُحررٍ قرر إثارة مقطع فيديو عليه أقل من ألف مشاهدة”.

وأشار إلى أن الشارع التركي محتقن لعدة أسباب، أولها الوضع الاقتصادي، كما أن المعارضة تنتهج خطاباً محرضاً على اللاجئين خلال نقدها للحكومة والوضع الاقتصادي.

    – الصحافة مسؤولية قبل أن تكون “بَز إعلامي”..

    خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي تشجّع المقاطع الجدلية المثيرة للكراهية بسبب زيادة التفاعل عليها.

    وتنجر لها بعض القنوات.

    اليوم 7 مراهقين يتم ترحيلهم، لإنهم انجروا وراء محرر قرر إثارة مقطع فيديو عليه أقل من الف مشاهدة!

    — Muhammed Ünalmış (@Muhammedunalmis) October 27, 2021

ودعت الصحفية التركية، زينب كاراتاش، إلى “التأني والعقلانية” بعد القرار، وقالت عبر حسابها في “تويتر”، إنه “بخصوص مسألة الموز رجال ونساء بعمر آباء صبية يحاسبونها بشراسه بدافع غضبهم المريض والعنصرية(تتحدث عن الفيديو الذي أشعل القضية)، وفي طرف آخر تجد فيديوهات لمراهقين تحرض، هذا المرض الاجتماعي وتشعل فتيلة الفتنةا”.

وأضافت الصحفية “نحن بحاجة إلى ما يقال باللغة التركية إلى العقل السليم، إلى التأني والعقلانية”.

    بخصوص مسأله الموز :

    رجال ونساء بعمر آباء صبيه يحاسبونها بشراسه بدافع غضبهم المريض والعنصريه،

    وفي طرف آخر تجد فيديوهات لمراهقين تحرض هذا المرض الاجتماعي وتشعل فتيله الفتنه في السوشيال ميديا..

    نحن بحاجه الى مايقال باللغه التركيه الى العقل السليم الى التأني و العقلانيه. pic.twitter.com/wIMjiw9OOQ

    — Zeynep Karataş (@zainabkaratash) October 28, 2021

كما اعتبرت الباحثة الفلسطينية المقيمة في تركيا، أماني سنوار، أنه يجب “معاقبة كل من يسيء إلى الدولة التركية وأي من رموزها، أو يستفز الشعور العام لمواطنيها، لكن عقوبة الترحيل بحق أجانب (غالبيتهم سوريين) أساؤوا للعلم التركي فعل يؤجج مشاعر العنصرية والرفض لوجودهم”.

    Bir insan sırf muz yedi ve dalga geçti diye, sığınmacı-mülteci vs olduğu ülkeden deport edilemez. Bu anca muz devletinde olur, hukuk devletinde olamaz. Kendinize gelin yahu! Ayıptır.

    — Azorka (@Azorka_1918) October 27, 2021

الإحالة للقضاء

من جهته، قال المحامي السوري المقيم في تركيا، عزوان قرنفل، إن مشاركة سوريين يقيمون في تركيا في الجدل حول “قضية الموز”، واستخدام بعضهم “السخرية”، هو دليل على “حجم الإحباط والغيظ المكتوم داخلهم، نتيجة الضغط غير الطبيعي، جراء السلوك العنصري ضدهم”.

لكن قرنفل أضاف في حديثه لـ”السورية.نت”، أن “بعض السوريين لم يقدّروا الأمور كما يجب خلال مشاركتهم للفيديوهات التي أساء بعضها إلى الرموز التركية، التي تعتبر مقدسة لدى الأتراك مثل العلم والليرة”.

ومن وجهة نظر قانونية، أكد المحامي السوري أنه “وفق القانون التركي يوجد مواد تجرم بعض هذه الأفعال، كما يوجد مواد قانونية ضمن قانون الحماية للاجئين، يسمح للسلطات بترحيل أي لاجئ يشكل خطراً على السلم الاجتماعي”.

لكن قرنفل اعتبر أن موضوع “قضية الموز” لم تشكل خطراً على السلم الاجتماعي، و”يجب على السلطات معالجة الموضوع بحكمة أكثر، وإحالة الذين شاركوا الفيديوهات إلى القضاء وإصدار أحكام مخففة ضدهم، كونها أول مرة، مع وقف التنفيذ، وبذلك يكون بمثابة درس دون ترحيل، لأن الترحيل كارثة حقيقية”.

————————————

للألم صورة..سورية تودّع جارتها الدنماركية قُبيل ترحيلها لبلدها “المشمس

تناقل ناشطون سوريون صورة مؤلمة للاجئة السورية في الدانمارك أسماء الناطور وهي تودع جارتها بعدما أجبرتها السلطات على مغادرة منزلها باتجاه معسكرات الترحيل.

وظهرت الناطور في الصورة التي انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، الجمعة، وهي تودع جارتها الدنماركية بدموع من الحزن والقهر، قبل نقلها مع زوجها إلى المعسكرات، مثل العشرات من السوريين الذين قيل لهم في الأشهر الماضية أن إقامتهم المؤقتة ألغيت.

    السيدة أسماء الناطور ضيفتنا في فيلمنا عن ترحيل اللاجئين من الدنمارك تودع جيرانها بدموع الحزن والقهر قبل نقلها مع زوجها إلى مخيم الترحيل، الذي يعد أشبه بمعسكر اعتقال لا تتوفر فيه أدنى شروط المعيشة الإنسانية، تهدف هذه الإجراءات لخنق اللاجئين، ودفعهم لقبول العودة إلى سوريا “طواعية!” pic.twitter.com/NCRH6EtUHM

    — Mattar Ismaeel (@RevoreporterSy) October 28, 2021

ونشر الصحافي السوري مطر إسماعيل صورة السيدة السورية عبر حسابه في “تويتر”، وكتب: “مخيمات الترحيل في الدنمارك أشبه بمعسكر اعتقال لا تتوافر فيه أدنى شروط المعيشة الإنسانية. تهدف هذه الإجراءات لخنق اللاجئين، ودفعهم لقبول العودة إلى سورية طواعية”، فيما قال الصحافي الآخر عبد لمنعم محمود: “صورة السيدة أسماء الناطور تفطر القلب، حيث قررت السلطات الدنماركية إلغاء لجوئها بزعم أن دمشق باتت آمنة”.

وعلق الصحافي يمان شواف في تغريدة: “أسماء الناطور وزوجها كافحوا وخاطروا حتى وصلوا مع أبنائهم إلى الدنمارك، وبعد أكثر من ست سنوات تعلموا اللغة. لكن كل ذلك لم يشفع لهم بسبب إجراءات حكومة دنماركية عنصرية قطعت أوصال العائلة ووضعت الأب والأم في سجون الترحيل”.

وكانت قضية العائلة واحدة من أشهر القصص التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية منذ نيسان/أبريل الماضي، حيث أصيب زوج أسماء، عمر الناطور بسكتة دماغية بعد إبلاغه بقرار ترحيله إلى سوريا بحجة أن مدينة دمشق باتت آمنة، بحسب صحيفة “غارديان” البريطانية.

وقبل نحو 6 سنوات وصلت أسماء (50 عاماً) وعمر (54 عاماً) مع أولادهما إلى الدانمارك، وبعد حصول الزوجين في تشرين الأول/أكتوبر 2015 على “حماية إنسانية” في الدنمارك، أبلغتهم دائرة الهجرة بإعادة تقييم ملف إقامتهم في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قبل أن تبلغهم أواخر شهر شباط/فبراير الماضي بعدم إمكانية تجديد إقامتهم، حيث باتوا مهددين بالترحيل، علماً أن أولادهما يملكون لجوءاً سياسياً بعكسهما.

وتعود جذور العائلة إلى مدينة طفس في محافظة درعا، لكنها كانت تقيم في مخيم اليرموك قرب العاصمة دمشق، وعملت أسماء معلمة في إحدى المدارس الثانوية بينما كان زوجها موظفاً في وزارة الزراعة. ومع دمار منزلهم في المخيم هربوا إلى طفس قبل أن يهربوا إلى الدانمارك تباعاً.

    أسماء الناطور وزوجها كافحوا وخاطروا حتى وصلوا مع أبنائهم إلى #الدنمارك وبعد أكثر من ست سنوات تعلموا اللغة لكن كل ذلك لم يشفع لهم بسبب إجراءات حكومة دنماركية عنصرية قطعت أوصال العائلة ووضعت الأب والأم في سجون الترحيل #DenmarkOpen2021 @UNarabic @Refugees @EUCouncilPress pic.twitter.com/nGLS87OSJe

    — Yaman Shawaf (@YamanShawaf) October 28, 2021

عائلة الناطور أصلها من مدينة طفس التابعة لمحافظة درعا، بينما تقيم وتعمل في دمشق، حيث كانت أسماء (50 عاماً) تعمل مدرسة مرحلة ثانوية، بينما كان زوجها عمر (54 عاماً) موظفاً في وزارة الزراعة.

وفي نيسان/أبريل الماضي انتشرت إعلانات طرقية نشرها اليمين المتطرف في الدنمارك بشعارات “بإمكانك الآن العودة إلى بلادك المشمسة سوريا”، بعدما باتت الدنمارك أول دولة أوروبية تعلن سوريا آمنة في آذار/مارس الماضي. فيما شرعت كوبنهاغن منذ نهاية حزيران/يونيو 2020، في عملية واسعة النطاق لإعادة النظر في كلّ ملف من ملفات 461 سورياً يتحدرون من العاصمة السورية دمشق على اعتبار أنّ “الوضع الراهن في دمشق لم يعد من شأنه تبرير منح تصريح إقامة أو تمديده”. وهذا أول قرار من نوعه لدولة في الاتحاد الأوروبي.

وبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدنمارك 21 ألفاً و980 لاجئاً، بحسب الموقع الرسمي للاتحاد الأوروبي. فيما شجعت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن، الحركات الداعية لترحيل اللاجئين في 13 نيسان/أبريل الحالي، بقولها: “بالطبع تجب إعادة السوريين من دمشق إلى ديارهم”.

وأوضح التقرير الرابع والعشرون للجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، الصادر الشهر الماضي، أن تصاعد القتال والعودة إلى العنف مدعاة للقلق، مؤكداً أن البلاد غير صالحة لعودة اللاجئين الآمنة والكريمة.

وتصف منظمات حقوقية، مثل منظمة العفو الدولية “أمنستي”، السياسة الدنماركية الحالية في قضايا الهجرة واللجوء، بأنها فاشية ونازية. وكتب مدير الحملات في “أمنستي” في بريطانيا، كريستيان بنديكت، عبر حسابه في “تويتر” في وقت سابق: “يمكن للفاشيين والنازيين الجدد أن يقولوا بأن سوريا آمنة، لأن نظام الأسد رحب بهم منذ فترة طويلة للقيام بعلاقاتهم العامة في الأراضي التي تسيطر عليها حكومة النظام، من المخزي والخطير أن يتجاهل العديد من اليساريين والليبراليين الفظائع المستمرة ويقبلوا هذا الغباء المؤيد للفاشية”.

    السيدة أسماء الناطور تودع جيرانها بدموع الحزن والقهر قبل نقلها مع زوجها إلى مخيم الترحيل، الذي يعد أشبه بمعسكر اعتقال لا تتوفر فيه أدنى شروط المعيشة الإنسانية، تهدف هذه الإجراءات لخنق اللاجئين، ودفعهم لقبول العودة إلى سوريا “طواعية!”#Denmark pic.twitter.com/V8PULudR6i

    — kawthar qshqosh (@KawtharQshqosh) October 28, 2021

    صورة السيدة أسماء الناطور تفطر القلب، حيث قررت السلطات الدنماركية الغاء لجوءها بزعم أن دمشق باتت آمنة، أنتجنا حلقة من #عين_المكان عن قرارات الترحيل ومحاولات السوريين ضحض هذا القرار كنت آمل أن يكون هذا العمل سند لهم .. تعرفوا على مآساة ترحيل السوريين https://t.co/3pqXFmoYlQ https://t.co/6p9mrQfs6m

    — abdelmoneim Mahmoud عبدالمنعم محمود (@moneimpress) October 28, 2021

    يا لها من صورة مفجعة ومؤلمة.

    اللاجئة السورية أسماء الناطور تودع جارتها الدنماركية بعد أن أجبرتها السلطات في #الدنمارك على مغادرة منزلها وإرسالها إلى مخيمات الترحيل. pic.twitter.com/s4YhD2ESfm

    — صفوان المدني Safwan Al-Madany (@safwan_almadany) October 29, 2021

    صورة مؤلمة وحزينة عن اللاجئة السورية اسماء الناطور وهي تودع جارتها الدنماركية بعد أن اجبرتها سلطات الدنمارك على مغادرة منزلها وارسالها الى مخيم الترحيل تمهيدا لعودتها إلى دمشق

    بسبب أن مدينة دمشق اصبحت آمنة ومستقرة pic.twitter.com/imM8q7jOkm

    — Walid Maamo (@maamo_walid) October 28, 2021

    سيدة دنماركية تودع جارتها السورية

    (أسماء الناطور)

    بعد أن أجبرتهم الحكومة الدنماركية على مغادرة منزلهم إلى سجون الترحيل .

    الدانمارك بدأت منذ فترة وجيزة بترحيل عائلات سورية من المقيمين في دمشق بدعوى أنها أصبحت مناطق آمنة .

    * خبر منقول من صفحة صديق مقيم

    في الدانمارك . pic.twitter.com/dNKnGY9r4K

    — أكاد الجبل (@ElegancMad) October 28, 2021

المدن

——————————-

صورة “مؤلمة” لأسماء الناطور تحكي قصة السوريين في الدنمارك

في 29/10/2021

مشاركة

تفاعل ناشطون سوريون مع صورة “مؤلمة” للاجئة السورية في الدنمارك أسماء الناطور، والتي أجبرتها السلطات على مغادرة منزلها باتجاه “معسكرات الترحيل”.

وظهرت الناطور في الصورة التي انتشرت على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، اليوم الجمعة وهي تودع جارتها الدنماركية بدموع من “الحزن والقهر”، قبل نقلها مع زوجها إلى “المعسكرات”.

والناطور هي واحدة من عشرات اللاجئين السوريين الذين قيل لهم إن إقامتهم المؤقتة في البلاد قد ألغيت.

وكانت صحيفة “الغارديان” قد نقلت عنها قولها قبل أشهر إن زوجها أصيب مؤخراً بسكتة دماغية، في مواجهة قرار الترحيل.

وأضافت: “إن كان بشار الأسد يقتلنا بالصواريخ فإن الحكومة الدنماركية تشن علينا حرباً نفسية”.

    السيدة أسماء الناطور ضيفتنا في فيلمنا عن ترحيل اللاجئين من الدنمارك تودع جيرانها بدموع الحزن والقهر قبل نقلها مع زوجها إلى مخيم الترحيل، الذي يعد أشبه بمعسكر اعتقال لا تتوفر فيه أدنى شروط المعيشة الإنسانية، تهدف هذه الإجراءات لخنق اللاجئين، ودفعهم لقبول العودة إلى سوريا “طواعية!” pic.twitter.com/NCRH6EtUHM

    — Mattar Ismaeel (@RevoreporterSy) October 28, 2021

الصحفي السوري، مطر إسماعيل كان قد أعد فيلماً وثائقياً عن أوضاع السوريين في الدنمارك، والمعاناة التي يعيشونها في مواجهة قرارات الترحيل.

وقال إسماعيل عبر “تويتر”: “مخيمات الترحيل في الدنمارك أشبه بمعسكر اعتقال لا تتوفر فيه أدنى شروط المعيشة الإنسانية. تهدف هذه الإجراءات لخنق اللاجئين، ودفعهم لقبول العودة إلى سورية طواعية”.

بينما أضاف الصحفي عبد المنعم محمود: “صورة السيدة أسماء الناطور تفطر القلب، حيث قررت السلطات الدنماركية إلغاء لجوئها بزعم أن دمشق باتت آمنة”.

من جانبه قال الصحفي السوري، يمان شواف في تغريدة عبر “تويتر”: “أسماء الناطور وزوجها كافحوا وخاطروا حتى وصلوا مع أبنائهم إلى الدنمارك، وبعد أكثر من ست سنوات تعلموا اللغة”.

وتابع: “لكن كل ذلك لم يشفع لهم بسبب إجراءات حكومة دنماركية عنصرية قطعت أوصال العائلة ووضعت الأب والأم في سجون الترحيل”.

    أسماء الناطور وزوجها كافحوا وخاطروا حتى وصلوا مع أبنائهم إلى #الدنمارك وبعد أكثر من ست سنوات تعلموا اللغة لكن كل ذلك لم يشفع لهم بسبب إجراءات حكومة دنماركية عنصرية قطعت أوصال العائلة ووضعت الأب والأم في سجون الترحيل #DenmarkOpen2021 @UNarabic @Refugees @EUCouncilPress pic.twitter.com/nGLS87OSJe

    — Yaman Shawaf (@YamanShawaf) October 28, 2021

وعلى الرغم من اعتبار دمشق آمنة، لا يمكن للدنمارك إعادة اللاجئين قسراً لعدم وجود علاقات دبلوماسية مع نظام الأسد.

وسبق وأن تحدثت وسائل إعلام أجنبية عن المعاناة التي يعيشوها اللاجئون السوريون في الدنمارك.

وقبل ثلاثة أشهر قالت صحيفة “التلغراف” إن الحكومة الدنماركية تواجه اتهامات بملاحقة اللاجئين، ونقلت أنها اطلعت على إحدى الرسائل المرسلة لبعضهم وجاء فيها “إذا لم تسافر إلى خارج الدنمارك طواعية، يمكننا إرسالك إلى سورية”.

واستعرضت التلغراف رسالة من دوائر الهجرة إلى لاجئ يبلغ من العمر 18 عاماً، لم ينشر اسمه لأسباب أمنية، وأخبرته فيها أن تصريح إقامته لن يجدد على الرغم من أن والده كان يعاني من نزاعات شخصية مع النظام قبل فرارهما.

في حين نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها إنه منذ أن اعتبرت دوائر الهجرة الدنماركية في عام 2019 دمشق والمناطق المحيطة بها آمنة، فقد راجعت تصاريح إقامة 1250 سورية غادروا بلادهم هرباً من الحرب.

وألغت السلطات حتى الآن أكثر من 205 إقامات، ما جعل الدنمارك أول دولة في الاتحاد الأوروبي تحرم السوريين من وضع اللجوء في وقت تصنف فيه معظم مناطق سورية على أنها غير آمنة من قبل الأمم المتحدة.

    السيدة أسماء الناطور تودع جيرانها بدموع الحزن والقهر قبل نقلها مع زوجها إلى مخيم الترحيل، الذي يعد أشبه بمعسكر اعتقال لا تتوفر فيه أدنى شروط المعيشة الإنسانية، تهدف هذه الإجراءات لخنق اللاجئين، ودفعهم لقبول العودة إلى سوريا “طواعية!”#Denmark pic.twitter.com/V8PULudR6i

    — kawthar qshqosh (@KawtharQshqosh) October 28, 2021

—————————

فيديو “الموز” واعتداء على طفل…اللاجئون السوريون في تركيا أداة في الصراع السياسي/ مها غزال

يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية.

تعرض طالب سوري في الصف السابع للضرب المبرح في منطقة كتشوك شكمجي في إسطنبول، بُعيد انصراف التلاميذ من مدرستهم، فاعتدت عليه مجموعة من الطلاب الأتراك، الذين قاموا بالتهجم لفظياً على الطالب بعبارات عنصرية، ثم انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه، وقام أحد المارة بإسعافه إلى أحد المستشفيات الحكومية.

أكد والد الطفل أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها نجله للاعتداء، فقد سبق أن تعرض لاعتداء عنصري آخر منذ فترة، وتواصل إثر ذلك مع إدارة المدرسة وبعض المعلمين، لكن المدرسة لم تتخذ أي إجراء لحمايته.

يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية، في البلاد التي باتت المقصد الأول للفارين من جحيم الحروب وأنظمة الاستبداد والقمع والفساد في الشرق الأوسط.

وقائع الاعتداءات ذات الطابع العنصري على الطلاب السوريين في المدارس الحكومية التركية تسير في اتجاه تصاعدي خلال الفترة السابقة، ويؤكد الأستاذ طه الغازي، في منشور له على “فايسبوك”، أن السلوكيات العنصرية لم تعد تقتصر على فئة من الطلاب الأتراك، بل إن تلك السلوكيات العنصرية بدأت تأخذ حيزاً جلياً لدى شريحة من الكوادر التعليمية والإدارية في المراكز التعليمية.

كما تعرضت فتاة سورية لخطاب الكراهية على الهواء مباشرة، أثناء لقاء أجري معها في الشارع أرادت أن تشرح عبره حقيقة الوجود السوري في تركيا، وتفند بعض الأكاذيب التي تنسج حول المساعدات التي يتلقاها السوريون، فتعرضت لهجوم من عدد من المارة الأتراك، موجهين لها إهانات، لكن المثير في هذا الخطاب هو طبيعة الهجوم وانتقاد السوريين في أمور حياتية بسيطة، كأنهم يشترون بعض المواد الغذائية والفواكه، وتحديداً الموز.

انتشر اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسمي بفيديو الموز، وتحولت هذه الحادثة إلى تريند على السوشيال ميديا، وباتت محط تندر السوريين وسخريتهم، إذ استهجنوا أن يتم انتقادهم لأنهم يمارسون أبسط حقوقهم كبشر، وكأنه ليس من حق اللاجئ أن يأكل ما يشتهي.

ولم يأخذ خطاب الكراهية التي تعرضت له الفتاة على الهواء مباشرة أي صدى لدى الحكومة التركية، ولم يُعاقب أي من المعتدين عليها وعلى سوريين آخرين في مدن تركية مختلفة. وزارة الداخلية التركية أعلنت عن توقيف سبعة أشخاص “أجانب” نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي محتوى عن “أكل الموز”. وقالت إنها تتخذ إجراءات بشأن ترحيلهم، وحذرت من أنه سيتم تحديد هوية كل من ينشر مثل هذه الأمور، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.

لا يمكن تفسير هذا الاجراء إلا بأنه محاولة للهروب إلى الخلف، فبدل النظر إلى أسباب سخط بعض الأتراك من الوجود السوري، والبحث عن إجابات لأسئلة باتت ملحة حول الواقع المعيشي في تركيا، وارتفاع الأسعار الذي منع شريحة واسعة من شراء الكثير من المواد الغذائية، مثل الموز، وتفاقم أزمة البطالة وانخفاض الأجور، ذهبت الحكومة التركية إلى معاقبة بعض المتندرين على هذا الواقع الهزلي.

لعقد من الزمن، أي مدة اللجوء السوري الى تركيا، غلب الود على العلاقات بين الأتراك والسوريين وبرز تعاطف محلي تركي مع محنة السوريين في مناسبات عدة فسارت مسيرات داعمة، وفي تلك الأثناء اقتصر الخطاب المناوئ للسوريين على فئات سياسية ضيقة، ولم يكن هذا الخطاب يأخذ أي صدى شعبي.

ولكن ومع تصاعد التنافس في الانتخابات البلدية التركية عام 2019، واستخدام الأحزاب المعارضة ورقة اللاجئين السوريين لكسب الأصوات، وانجرار مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم إلى تلك اللعبة، وإطلاق تصريحات تتنافى مع مجمل السياسات المعلنة من قبل “العدالة والتنمية” إزاء اللاجئين السوريين في تركيا، أصبح ملف اللاجئين السوريين من أبرز أدوات الصراع السياسي في تركيا.

لم تنته الحرب التي فتحت ضد اللاجئين السوريين مع انتهاء الانتخابات، بل تصاعدت أكثر، لا سيما بعد خسارة حزب “العدالة والتنمية” أبرز المدن التركية بما فيها إسطنبول وأنقرة، ما دفعه إلى التماهي أكثر مع الخطابات الشعبوية. وبدلاً من إجراء مراجعات حقيقية، تحول للرد على الخطاب الطارد للسوريين عبر تنفيذ واحدة من أوسع حملات الترحيل للسوريين في إسطنبول، كما اتخذ إجراءات صارمة تحد من حركة السوريين بين المدن والولايات التركية.

وعلى رغم أن موعد الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة في تركيا بعد عامين، إلا أن الأحزاب التركية دخلت في دائرة الصراع الانتخابي مبكراً جداً، ما يزيد من سخونة ملف اللاجئين السوريين، لا سيما في ظل غياب برامج سياسية واقتصادية ترضي الشارع.


فيديو “الموز” واعتداء على طفل…اللاجئون السوريون في تركيا أداة في الصراع السياسي/ مها غزال
يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية.

تعرض طالب سوري في الصف السابع للضرب المبرح في منطقة كتشوك شكمجي في إسطنبول، بُعيد انصراف التلاميذ من مدرستهم، فاعتدت عليه مجموعة من الطلاب الأتراك، الذين قاموا بالتهجم لفظياً على الطالب بعبارات عنصرية، ثم انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه، وقام أحد المارة بإسعافه إلى أحد المستشفيات الحكومية.

أكد والد الطفل أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها نجله للاعتداء، فقد سبق أن تعرض لاعتداء عنصري آخر منذ فترة، وتواصل إثر ذلك مع إدارة المدرسة وبعض المعلمين، لكن المدرسة لم تتخذ أي إجراء لحمايته.

يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية، في البلاد التي باتت المقصد الأول للفارين من جحيم الحروب وأنظمة الاستبداد والقمع والفساد في الشرق الأوسط.

وقائع الاعتداءات ذات الطابع العنصري على الطلاب السوريين في المدارس الحكومية التركية تسير في اتجاه تصاعدي خلال الفترة السابقة، ويؤكد الأستاذ طه الغازي، في منشور له على “فايسبوك”، أن السلوكيات العنصرية لم تعد تقتصر على فئة من الطلاب الأتراك، بل إن تلك السلوكيات العنصرية بدأت تأخذ حيزاً جلياً لدى شريحة من الكوادر التعليمية والإدارية في المراكز التعليمية.

كما تعرضت فتاة سورية لخطاب الكراهية على الهواء مباشرة، أثناء لقاء أجري معها في الشارع أرادت أن تشرح عبره حقيقة الوجود السوري في تركيا، وتفند بعض الأكاذيب التي تنسج حول المساعدات التي يتلقاها السوريون، فتعرضت لهجوم من عدد من المارة الأتراك، موجهين لها إهانات، لكن المثير في هذا الخطاب هو طبيعة الهجوم وانتقاد السوريين في أمور حياتية بسيطة، كأنهم يشترون بعض المواد الغذائية والفواكه، وتحديداً الموز.

انتشر اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسمي بفيديو الموز، وتحولت هذه الحادثة إلى تريند على السوشيال ميديا، وباتت محط تندر السوريين وسخريتهم، إذ استهجنوا أن يتم انتقادهم لأنهم يمارسون أبسط حقوقهم كبشر، وكأنه ليس من حق اللاجئ أن يأكل ما يشتهي.

ولم يأخذ خطاب الكراهية التي تعرضت له الفتاة على الهواء مباشرة أي صدى لدى الحكومة التركية، ولم يُعاقب أي من المعتدين عليها وعلى سوريين آخرين في مدن تركية مختلفة. وزارة الداخلية التركية أعلنت عن توقيف سبعة أشخاص “أجانب” نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي محتوى عن “أكل الموز”. وقالت إنها تتخذ إجراءات بشأن ترحيلهم، وحذرت من أنه سيتم تحديد هوية كل من ينشر مثل هذه الأمور، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.

لا يمكن تفسير هذا الاجراء إلا بأنه محاولة للهروب إلى الخلف، فبدل النظر إلى أسباب سخط بعض الأتراك من الوجود السوري، والبحث عن إجابات لأسئلة باتت ملحة حول الواقع المعيشي في تركيا، وارتفاع الأسعار الذي منع شريحة واسعة من شراء الكثير من المواد الغذائية، مثل الموز، وتفاقم أزمة البطالة وانخفاض الأجور، ذهبت الحكومة التركية إلى معاقبة بعض المتندرين على هذا الواقع الهزلي.

إقرأوا أيضاً:

لعقد من الزمن، أي مدة اللجوء السوري الى تركيا، غلب الود على العلاقات بين الأتراك والسوريين وبرز تعاطف محلي تركي مع محنة السوريين في مناسبات عدة فسارت مسيرات داعمة، وفي تلك الأثناء اقتصر الخطاب المناوئ للسوريين على فئات سياسية ضيقة، ولم يكن هذا الخطاب يأخذ أي صدى شعبي.

ولكن ومع تصاعد التنافس في الانتخابات البلدية التركية عام 2019، واستخدام الأحزاب المعارضة ورقة اللاجئين السوريين لكسب الأصوات، وانجرار مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم إلى تلك اللعبة، وإطلاق تصريحات تتنافى مع مجمل السياسات المعلنة من قبل “العدالة والتنمية” إزاء اللاجئين السوريين في تركيا، أصبح ملف اللاجئين السوريين من أبرز أدوات الصراع السياسي في تركيا.

لم تنته الحرب التي فتحت ضد اللاجئين السوريين مع انتهاء الانتخابات، بل تصاعدت أكثر، لا سيما بعد خسارة حزب “العدالة والتنمية” أبرز المدن التركية بما فيها إسطنبول وأنقرة، ما دفعه إلى التماهي أكثر مع الخطابات الشعبوية. وبدلاً من إجراء مراجعات حقيقية، تحول للرد على الخطاب الطارد للسوريين عبر تنفيذ واحدة من أوسع حملات الترحيل للسوريين في إسطنبول، كما اتخذ إجراءات صارمة تحد من حركة السوريين بين المدن والولايات التركية.

وعلى رغم أن موعد الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة في تركيا بعد عامين، إلا أن الأحزاب التركية دخلت في دائرة الصراع الانتخابي مبكراً جداً، ما يزيد من سخونة ملف اللاجئين السوريين، لا سيما في ظل غياب برامج سياسية واقتصادية ترضي الشارع.
درج

فيديو “الموز” واعتداء على طفل…اللاجئون السوريون في تركيا أداة في الصراع السياسي/ مها غزال
يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية.

تعرض طالب سوري في الصف السابع للضرب المبرح في منطقة كتشوك شكمجي في إسطنبول، بُعيد انصراف التلاميذ من مدرستهم، فاعتدت عليه مجموعة من الطلاب الأتراك، الذين قاموا بالتهجم لفظياً على الطالب بعبارات عنصرية، ثم انهالوا عليه بالضرب حتى فقد وعيه، وقام أحد المارة بإسعافه إلى أحد المستشفيات الحكومية.

أكد والد الطفل أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها نجله للاعتداء، فقد سبق أن تعرض لاعتداء عنصري آخر منذ فترة، وتواصل إثر ذلك مع إدارة المدرسة وبعض المعلمين، لكن المدرسة لم تتخذ أي إجراء لحمايته.

يأخذ خطاب الكراهية ضد اللاجئين السوريين في تركيا منحى تصاعدياً، يزداد خطورة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة وأسعار السلع الأساسية، في البلاد التي باتت المقصد الأول للفارين من جحيم الحروب وأنظمة الاستبداد والقمع والفساد في الشرق الأوسط.

وقائع الاعتداءات ذات الطابع العنصري على الطلاب السوريين في المدارس الحكومية التركية تسير في اتجاه تصاعدي خلال الفترة السابقة، ويؤكد الأستاذ طه الغازي، في منشور له على “فايسبوك”، أن السلوكيات العنصرية لم تعد تقتصر على فئة من الطلاب الأتراك، بل إن تلك السلوكيات العنصرية بدأت تأخذ حيزاً جلياً لدى شريحة من الكوادر التعليمية والإدارية في المراكز التعليمية.

كما تعرضت فتاة سورية لخطاب الكراهية على الهواء مباشرة، أثناء لقاء أجري معها في الشارع أرادت أن تشرح عبره حقيقة الوجود السوري في تركيا، وتفند بعض الأكاذيب التي تنسج حول المساعدات التي يتلقاها السوريون، فتعرضت لهجوم من عدد من المارة الأتراك، موجهين لها إهانات، لكن المثير في هذا الخطاب هو طبيعة الهجوم وانتقاد السوريين في أمور حياتية بسيطة، كأنهم يشترون بعض المواد الغذائية والفواكه، وتحديداً الموز.

انتشر اللقاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسمي بفيديو الموز، وتحولت هذه الحادثة إلى تريند على السوشيال ميديا، وباتت محط تندر السوريين وسخريتهم، إذ استهجنوا أن يتم انتقادهم لأنهم يمارسون أبسط حقوقهم كبشر، وكأنه ليس من حق اللاجئ أن يأكل ما يشتهي.

ولم يأخذ خطاب الكراهية التي تعرضت له الفتاة على الهواء مباشرة أي صدى لدى الحكومة التركية، ولم يُعاقب أي من المعتدين عليها وعلى سوريين آخرين في مدن تركية مختلفة. وزارة الداخلية التركية أعلنت عن توقيف سبعة أشخاص “أجانب” نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي محتوى عن “أكل الموز”. وقالت إنها تتخذ إجراءات بشأن ترحيلهم، وحذرت من أنه سيتم تحديد هوية كل من ينشر مثل هذه الأمور، وسيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضده.

لا يمكن تفسير هذا الاجراء إلا بأنه محاولة للهروب إلى الخلف، فبدل النظر إلى أسباب سخط بعض الأتراك من الوجود السوري، والبحث عن إجابات لأسئلة باتت ملحة حول الواقع المعيشي في تركيا، وارتفاع الأسعار الذي منع شريحة واسعة من شراء الكثير من المواد الغذائية، مثل الموز، وتفاقم أزمة البطالة وانخفاض الأجور، ذهبت الحكومة التركية إلى معاقبة بعض المتندرين على هذا الواقع الهزلي.

إقرأوا أيضاً:

لعقد من الزمن، أي مدة اللجوء السوري الى تركيا، غلب الود على العلاقات بين الأتراك والسوريين وبرز تعاطف محلي تركي مع محنة السوريين في مناسبات عدة فسارت مسيرات داعمة، وفي تلك الأثناء اقتصر الخطاب المناوئ للسوريين على فئات سياسية ضيقة، ولم يكن هذا الخطاب يأخذ أي صدى شعبي.

ولكن ومع تصاعد التنافس في الانتخابات البلدية التركية عام 2019، واستخدام الأحزاب المعارضة ورقة اللاجئين السوريين لكسب الأصوات، وانجرار مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم إلى تلك اللعبة، وإطلاق تصريحات تتنافى مع مجمل السياسات المعلنة من قبل “العدالة والتنمية” إزاء اللاجئين السوريين في تركيا، أصبح ملف اللاجئين السوريين من أبرز أدوات الصراع السياسي في تركيا.

لم تنته الحرب التي فتحت ضد اللاجئين السوريين مع انتهاء الانتخابات، بل تصاعدت أكثر، لا سيما بعد خسارة حزب “العدالة والتنمية” أبرز المدن التركية بما فيها إسطنبول وأنقرة، ما دفعه إلى التماهي أكثر مع الخطابات الشعبوية. وبدلاً من إجراء مراجعات حقيقية، تحول للرد على الخطاب الطارد للسوريين عبر تنفيذ واحدة من أوسع حملات الترحيل للسوريين في إسطنبول، كما اتخذ إجراءات صارمة تحد من حركة السوريين بين المدن والولايات التركية.

وعلى رغم أن موعد الانتخابات العامة والرئاسية المقبلة في تركيا بعد عامين، إلا أن الأحزاب التركية دخلت في دائرة الصراع الانتخابي مبكراً جداً، ما يزيد من سخونة ملف اللاجئين السوريين، لا سيما في ظل غياب برامج سياسية واقتصادية ترضي الشارع.
درج


=====================

تحديث 12 تشرين الثاني 2021

——————–

صحفية تركية: ترحيل السوريين بسبب الموز أبعد ما يكون عن الكوميديا

اعترضت الصحفية التركية، ناغيهان ألجي، في مقال لها على موقع HaberTürk، على قرار ترحيل 45 سورياً ضمن ما باتت تعرف باسم “قضية الموز”.

وقالت ألجي في مقالها المعنون بـ “إذا كان أكل الموز سبباً في الترحيل”

، والمنشورة اليوم الجمعة، إن البيان الصادر من رئاسة دائرة الهجرة التركية الذي يقضي بترحيل 45 سورياً بسبب منشوراتهم عن الموز، جعل من الضروري أن يُكتب عنه.

ووصفت ألجي احتجاز شباب لأسابيع في مركز ترحيل غازي عنتاب، لأنهم قاموا بتصوير مقاطع فكاهية على برنامج تيك توك، بأنه فعل “أبعد ما يكون عن الكوميديا”.

في حين استثنت أولئك الذين لم يحترموا العلم التركي وقالت: “بالطبع أستثني من لا يحترم العلم التركي، ما فعلوه لا يمكن تسميته حرية تعبير، إنه استفزاز محض، وبالطبع يجب أن تكون هناك عقوبة لما فعلوه”.

وأضافت متسائلةً: “ولكن ماذا عن احتجاز المراهقين والآباء والأطفال الذين يأكلون الموز فقط؟ ألا ندرك أن هذا الفعل قد أضر بسمعة تركيا؟ هل يمكن أن يكون هذا كوميديا؟”.

وتطرقت ألجي إلى إطلاق سراح الصحفي ماجد شمعة، الذي اعتقل على خلفية تصويره حلقة كوميدية قام فيها بشراء الموز من محل بيع الفاكهة، وتناوله في زاوية أحد الأبنية في منطقة الفاتح، ووصفت لحظة عودته إلى زوجته وأطفاله وهم يتعانقون ويبكون، بالـ “إنسانية جداً”.

تركيا.. الهجرة مستمرة في ترحيل من شارك في قضية “الموز”

يجب على الحكومة ألا تنغمس في خطاب المعارضة

وترى ألجي بأن الحملة المعادية للاجئين، التي يقودها شخصيات سياسية أمثال إيلاي أكسوي وأوميت أوزداغ، تسمم البيئة التركية، وتخلق “حلقة مفرغة خطيرة جداً” بحسب تعبيرها، حيث تتنامى كراهية اللاجئين مع تفاقم المشكلة الاقتصادية في البلاد.

غير أنها لم تعفِ الحكومة التركية من مسؤوليتها حول ما يجري في البلاد، إذ تعتبر أن الحكومة قد انغمست أيضاً في هذا الخطاب، من خلال ترحيل سوريين لأكلهم الموز، ما سيجعلها تصنف على أنها حكومة “مناهضة للهجرة” على الرغم من كل جهودها في احتضان اللاجئين لمدة عشر سنوات.

وقالت: “لا ينبغي للحكومة أن تترك نفسها عالقة في البيئة التي مهدت لها المعارضة”.

“السوريون ليسوا مسؤولين عن الهجرة غير المنظمة”

ولا تخفي ألجي انتقادها لسياسة الهجرة غير المنظمة إلى تركيا، إلا أنها أشارت إلى خطورة تحميل السوريين مسؤولية هذه السياسة: “إن ترميز السوريين كموضوع للكراهية وتقديمهم على أنهم مسؤولون رئيسيون عن المشكلات الحالية، يمكن أن يفتح باباً خطيراً له عواقب وخيمة جداً”.

“ليس لدينا أي مشكلة مع السوريين”

وحول “مقابلة الموز” التي تم تصويرها في منطقة أسنلار في إسطنبول، تواصلت الصحفية ناغيهان ألجي، مع رئيس بلدية أسنلار، توفيق غوكسو، لمعرفة ما إذا كان هنالك احتقان بين اللاجئين السوريين والمواطنين الأتراك في المنطقة.

وأجاب رئيس بلدية أسنلار: “دعكِ من ردود الفعل المتصاعدة الآن. في السابق، اعتاد بعض المواطنين على الشكوى من السوريين، ولكن لم يعد الحال كما كان عليه في السابق” مضيفاً: “أنا أتواصل بشكل دائم مع الشرطة، ولا توجد أي مشكلات في منطقتنا”.

وأشار غوكسو إلى أن معدل الجريمة بين السوريين منخفض “جداً جداً”، وأن منطقة أسنلار هي واحدة من أكثر المناطق أماناً في إسطنبول، مستطرداً “في الواقع، لقد أجرينا استطلاعاً في السابق لمعرفة المشكلات التي يعاني منها مواطنينا، حيث كان السوريون في مقدمة المشكلات، إلا أنهم الآن يقعون في ذيل قائمة المشكلات”، ونصح الصحفية ألجي بأن تبتعد عن كل ما هو سيئ، مضيفاً “الاندماج آخذٌ في الزيادة”.

الموز ليس سببا بل نتيجة

“السوريون بحاجة إلى ميكروفون”

وأشارت ناغيهان ألجي، إلى أنه على الرغم من وجود السوريين في تركيا لمدة 10 سنوات، فإن الاحتكاك معهم يكاد يكون معدوماً، ودائماً ما يتم التحدث عنهم في الجلسات التي تقام ضمن وسائل الإعلام من دون حضور السوريين في هذه الجلسات، وقالت “إنهم بحاجة إلى أن نمد لهم الميكروفون”، في إشارة إلى ضرورة ظهورهم الإعلامي.

في حين أنها تواصلت مع الصحفي السوري، أويس عقاد، وسألته عن رأيه حول انعدام أصوات السوريين في الوسائل الإعلامية التركية، ونقلت عنه: “حزينون لأننا نعيش مع الأتراك معاً لكننا منفصلون، لم نبن أي جسر بيننا ولم نعمل على التعريف بالشعب السوري في المجتمع التركي”.

وأضافت ألجي، إلى أنه لا يوجد لاجئ سوري واحد معروف لدى الجمهور التركي أو يظهر في وسائل الإعلام، حيث يتم الحديث عن السوريين باستمرار في البرامج، لكن لا تتم دعوة سوري واحد إلى هذه البرامج.

———————-

الموز ليس سببا بل نتيجة/ سمير صالحة

المهم الآن أن يكون كل من تسبب بتفجير الوضع على هذا النحو وإشعال مواقع التواصل الاجتماعي والترويج لفيديوهات وأشرطة وتغريدات مسيئة قد تعلم الدرس. يتصدر الموز الواجهة ليس كفاكهة بطعمها العسلي تجلب المشترين، بل كذريعة لتوتير الأجواء ودفع الأمور نحو نقاش ساخن بين بعض الأتراك وفتاة سورية في أحد بازارات إسطنبول، سرعان ما انتقل إلى الصفحات الإلكترونية والإعلام المحلي والأجنبي، وفتح الطريق أمام إعادة بعض الشبان السوريين الذين احتموا بالأراضي التركية إلى الداخل السوري. لكن ما قيل ويقال وكان مؤلما على الكثيرين ولا بد من التعامل معه بجدية وحزم، وأن تواكبه خطوات عملية تقطع الطريق على حالات مماثلة تترك الجميع أمام امتحان أصعب وأكثر إيلاما. وهي مسؤولية تركية سورية مشتركة لا يمكن تأخيرها أكثر من ذلك.

نحن نعرف أن طعم ذلك الموز في تلك الأشرطة والصور والفيديوهات كان مصحوبا بالكثير من المرارة والاحتقان والغضب وخيبة الأمل. لكن إيصال الأمر إلى المساس بالعلم، الرمز الأول في تركيا الذي يحلم الآلاف من الشبان العرب اليوم أن يحملوا جنسيتها بعدما خذلتهم أنظمتهم لم يكن سهلا.

من تقرير إخباري يحاول أحد الشبان الأتراك إعداده حول الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في تركيا إلى تلاسن أمام الكاميرا بين مجموعة من الأتراك وفتاة سورية جمعتهم المصادفة في أحد أسواق إسطنبول الشعبية حيث من المفترض أن ترخص أسعار الخضار والفواكه والموز طبعا.

“ابنتي تخرجت من قسم اللغة الإنكليزية وتنتظر منذ 5 سنوات تعيينها في الوظيفة” وأنا نادمة على تصويتي لهذا الحزب الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه اليوم”، ليرتفع منسوب التوتر إلى تحميل اللاجئين السوريين جزءا من مسؤولية سبب غلاء المعيشة وإيصاله إلى “تعيشون بسهولة أكثر منا. أنا لا أستطيع أن أشتري الموز فيما أنتم تبتاعونه بالكيلوغرامات”. ورد بريء على “التهمة” لم يقنع المتجمهرين “نحن لا نأخذ شيئا بالمجان نشتري بأموالنا الخاصة” ليعقبه الاستنتاج الأكثر إيلاما “عودي إلى القتال في سوريا ما الذي تفعلينه هنا”.

لغة مقلقة تظهر إلى العلن بين الحين والآخر فيها النفس التحريضي الاستفزازي والتعبئة الاجتماعية والسياسية مع الأسف. عشناها في العديد من المدن التركية وهي فردية لا تتفاعل أو تتطور في كل الأحيان، لكن خطط وجهود التعامل مع أسبابها وارتداداتها الاجتماعية والقانونية والتنظيمية غير كافية للحؤول دون تكرارها كما يبدو.

“عندنا الملايين من اللاجئين وأنفقنا المليارات عليهم، وسنفعل ذلك دوما طالما أنه بمقدورنا” لغة تحولها أصوات المعارضة إلى ورقة بمفعول عكسي كما يظهر حسب استطلاعات الرأي. خصوصا أن بعض المعارضين المتشددين بدؤوا استخدام ذلك كأداة تحريضية ضد سياسة اللجوء المعتمدة. “أول ما سنفعله تطهير تركيا من ناكري الجميل” كما يردد البعض مع الأسف مثلا.

أعدت شركة “ميتروبول” التركية لاستطلاعات الرأي تقريرا مفصلا حول نتائج أحد أعمالها قبل أسابيع يقول إن نسبة كبيرة من الأتراك مع وقف قدوم اللاجئين وضرورة حل هذه المسألة بأسرع ما يكون. إذا كانت هذه التقديرات صحيحة فأمام حكومة العدالة والتنمية الكثير من الجهد الذي عليها أن تبذله لإيجاد حلول سريعة وناجعة للكثير من مضاعفات هذا الملف بالتنسيق مع الهيئات والجمعيات والمؤسسات السورية الناشطة في تركيا.

توفر مواد القانون التركي الحماية للمواطن وتعاقب كل من يحرض أو يهين أو يتطاول على رموز الدولة التركية وهذه القوانين نفسها تحمي الوافد إلى تركيا سائحا أو لاجئا أو مقيما. لكن هناك حقيقة أخرى هي مطاردة أصوات في المعارضة بمختلف الميول والتوجهات لسياسة حكومة العدالة والتنمية في موضوع اللجوء ودعواتهم اليومية للحوار مع النظام في دمشق لإنهاء الأزمة وإخراج تركيا من الأعباء المادية والسياسية التي تتحملها في الملف.

“ردة فعل المواطن التركي ينبغي أن تكون ضد الحكومة إذا لم يكن بمقدوره أكل الموز وليس ضد اللاجىء السوري” كما تردد اليوم أصوات باتت مسموعة. لا يمكن أن نتجاهل وجود العديد من الجهات التي تريد استغلال مثل هذه الفرص سياسيا وإعلاميا ضد السلطة السياسية لإضعاف موقفها في مسألة اللجوء داخل تركيا وخارجها. أصوات في حزب العدالة والتنمية تقول إن تركيا لم تعد قادرة على استضافة ولو لاجئا واحدا جديدا. الرسالة كانت للاجىء الأفغاني قبل أسابيع عندما بدأ يتنقل عبر إيران للوصول إلى الأراضي التركية، لكنه لا يمكن عزلها عن موضوع اللجوء ككل. أوروبا تريد تحويل تركيا إلى منطقة عازلة تحصنها لمنع موجات اللجوء باتجاهها. نصائح ودروس يومية في طريقة معاملة اللاجىء لا تعني اليونان مثلا. بروكسل لا تتأخر في توجيه التعليمات حول طريقة التعامل مع ملف الأزمة السورية لتقاسم المصالح والنفوذ، ونحن نختلف أمام عربة الموز.

بسكوت وراحة، دبس وطحينة، زيت وزعتر وطبعا موز وحلاوة بين أكلات سن المراهقة الأكثر شعبية. كنا نوحد ما في جيوبنا من نقود معدنية نركض لشراء بعض أصابع الموز وغرامات الحلاوة لنرصفها بعناية في رغيف “الإفرنجي” ويا جبل ما يهزك ريح. نحن لا نتناول الموز ليس بسبب سعره بل بسبب الخوف من السكري أيضا. يقول الطبيب المعالج اليوم إن أكل الموز ليس بالضرورة هو سبب مرض السكري، هناك حالات الغضب والانفعال والتوتر الدائم بين الأسباب كذلك.

بذل الأطباء في أحد المصحات العقلية جهودا كبيرة من دون نتيجة لإقناع مريض يصر على أنه توفي ويمتنع عن تناول الطعام والشراب ومغادرة الفراش. الوسيلة الأخيرة كانت أن سأله أحد الدكاترة وهل تنزف الدماء من الميت إذا ما جرح أصبعه؟ قال: لا طبعا. لكنه بدل رأيه على الفور عند وخز الإبرة وسيل الدماء قائلا: “لم أكن أعرف أن الدماء تنزف من الأموات أيضا”. تشخيص المرض مهم بقدر المعالجة أيضا.

———————————

تركيا.. الهجرة مستمرة في ترحيل من شارك في قضية “الموز

أعلنت دائرة الهجرة التركية، استمرارها في إجراءات ترحيل 45 شخصاً أجنبياً، ممن شاركوا من خلال منشورات “استفزازية” بحق المواطنين الأتراك، على وسائل التواصل الاجتماعي.

ونقلت وكالة الأناضول عن رئاسة دائرة الهجرة التركية، اليوم الخميس، قولها إنها أحالت 45 شخصاً إلى مراكز الترحيل بعد اتخاذ الإجراءات القضائية، مشيرةً إلى أن الأجانب المذكورين يخضعون للمراقبة الإدارية في مراكز الترحيل.

ولم تشر الوكالة إلى جنسية الأشخاص الـ 45 الذين سيتم ترحيلهم من تركيا.

يشار إلى أنّ قضية “الموز” ظهرت، قبل أيام، عقب حديث لأحد المواطنين الأتراك خلال مقابلة في الشارع، وهو يشتكي من أنّه “لا يستطيع أكل الموز، بينما السوريون يشترونه بالكيلوغرامات في تركيا”.

وأثار هذا الفيديو ردود فعل كثيرة من السوريين وغيرهم، شارك بعضهم مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يأكلون “الموز”، الأمر الذي اعتبره ناشطون أتراك “استفزازاً وسخرية”، وطالبوا بمحاسبة الفاعلين.

يذكر أنّ مقاطع الفيديو بشأن قضية الموز، تداولها سوريون وغيرهم من الأجانب على معظم منصات التواصل الاجتماعي، التي أعاد من خلالها مناهضون للوجود السوري في تركيا، مقاطع قديمة تسيء إلى العلم التركي لاتهام السوريين بتعمّد الإساءة.

وكانت لجنة المهاجرين واللاجئين في حزب الشعوب الديمقراطي HDP انتقدت قرار ترحيل 7 أشخاص شاركوا منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي ضمن ما باتت تعرف بـ “حملة الموز” وذلك في سياق ردهم بسخرية على مواطن تركي قدم ادعاءات باطلة عن السوريين في مقابلة مع يوتيوبر تركي.

وجاء في بيان اللجنة على قرار ترحيل اللاجئين السوريين الـ 7: “كل من الحكومة وبعض أحزاب المعارضة شركاء في الدعاية التي تصور اللاجئين على أنهم سبب الأزمة الاقتصادية والاجتماعية”.

مقابلة الشارع في اسنيورت إسطنبول

“قضية الموز”.. أحزاب معارضة وحقوقيون أتراك يستنكرون قرار ترحيل سوريين

واعتبر البيان أن من حق اللاجئين التعبير عن آرائهم وتوجيه الانتقاد كونه حقاً من حقوق الإنسان الأساسية التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية، وإن إبعادهم عن ممارسة هذه الحقوق يعد انتهاكاً لهذه الحقوق.

—————————–

تركيا.. نقل 45 شخصاً إلى “مراكز الترحيل” بسبب “فيديوهات الموز

أعلنت دائرة الهجرة التركية نقل 45 شخصاً من “الرعايا الأجانب” إلى مراكز الترحيل، من أجل ترحيلهم بعد اتخاذ الإجراءات القضائية، والمتعلقة بقضية “فيديوهات الموز”.

ونشرت الدائرة بياناً، اليوم الجمعة، قالت فيه: “تم تحويل هؤلاء الأشخاص إلى مراكز الترحيل لترحيلهم بعد الإجراءات القضائية”.

وأضافت: “45 من الرعايا الأجانب الآخرين لايزالون قيد الاحتجاز الإداري في مراكز الترحيل”.

ولم تكشف دائرة الهجرة عن جنسيات الأشخاص الذين نقلتهم إلى مراكز الترحيل، في ظل ترجيحات بأن غالبيتهم من اللاجئين السوريين.

    12.11.2021 Tarihli Basın Açıklamasıhttps://t.co/S5GsuLD176 pic.twitter.com/9GS9wQbLse

    — Göç İdaresi Başkanlığı (@Gocidaresi) November 12, 2021

وأثارت قضية “فيديوهات الموز” جدلاً واسعاً داخل أوساط الداخل التركي، في الأيام الماضية، الأمر الذي دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات قضائية بحق الأشخاص المشاركين فيها.

وكان سوريون شاركوا صوراً ومقاطع مصوّرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي استنكروا من خلالها ادعاء مواطنين أتراك خلال مقابلة مصوّرة أن السوريين يستطيعون شراء الموز بكميات كبيرة ولا يخرجون من محال تصفيف الشعر، في دلالة على وضعهم المعيشي الجيد في البلاد.

وعقب تلك المشاركات أطلق مستخدمون أتراك وسياسيين في أحزاب المعارضة حملة، طالبوا من خلالها بترحيل من شارك في نشر الفيديوهات والصور.

واعتبر السياسيون من بينهم عضو “حزب الجيد”، إيلاي أكسوي أن ذلك يشكّل استفزازاً وإهانة لبعض الرموز التي يعتبرها المواطنون الأتراك بمثابة “مقدساتهم”.

ويقيم في تركيا أكثر من 4 ملايين سوري، القسم الأعظم منهم يحمل بطاقة “الحماية المؤقتة” المعروفة باسم “الكيملك”.

وكانت مشاعر العداء وحملات الكراهية قد تصاعدت ضد ملف الوجود السوري في تركيا، خلال السنوات الماضية، في تطورات سبق وأن قال باحثون إنها ترتبط بالحملات التي تقودها باستمرار أحزاب المعارضة التركية.

وعرفت فترات من التوترات المعادية للأجانب في السنوات الأخيرة، وغالباً ما أثارتها شائعات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري.

————————-

======================

تحديث 16 تشرين الثاني 2021

—————————

عنصرية تركية تجاه السوريين… من سوء إدارة ملف اللجوء إلى الاستغلال السياسي/ محمد السكري

ارتفعت حدة العنصرية تجاه اللاجئين السوريين في تركيا إلى مستويات غير مسبوقة، وأخذ الملف خلال الأشهر القليلة الماضية، منحى جديداً يتجلّى في مهاجمة المستائين الأتراك لأحياءٍ مكتظة باللاجئين، في العاصمة التركية أنقرة، وارتفاع حدة الخطاب العنصري، مع استخدامه بشكل منظّم من قبل شخصيات تركية معارضة برزت في الفترة الأخيرة.

ومع تردّي الأوضاع الاقتصادية في تركيا، اعتمدت الحكومة سياسية الاحتواء، وتهدئة الشارع التركي الغاضب، وساهمت العوامل السياسية في تعكير الجوّ العام فيها. كانت هذه المعطيات حصيلة أعوام سابقة شابها سوء إدارة الملف السوري، وعدم قدرة اللاجئين على الاندماج، مع غياب العوامل المشجعة لذلك، بالإضافة إلى التدخلات الإقليمية التركية التي انعكست على الملف عموماً.

اتّسمت سياسة الحكومة التركية في التعاطي مع ملف اللاجئين السوريين، بعدم الوضوح من الناحية القانونية، فخلال السنوات الأولى لم تكن هناك طريقة قانونية للتعريف بالوجود السوري، واحتاجت إلى سنوات عدة لبحث طبيعة وجود السوريين الذين وصفتهم بـ”الضيوف”، ومنحت على هذا الأساس “ورقة حماية مؤقتة” للّاجئين، من دون أن يكون تعريف قانوني واضح لها، ولكن بموجبها استطاع السوريون ممارسة الحد الأدنى في الحقوق، من التعليم، والعمل، والتنقل الجزئي.

ولم تستطع الحكومة التركية وضع برامج اجتماعية، بما يتناسب مع سياسة الاندماج، مما يجعل الشعب السوري على مسافة واحدة من التركي، ولا سيما مع عدم وجود مراكز “مجانية” لتعليم اللغة التركية، على غرار الدول الأوروبية.

وبرزت خلال السنوات الماضية، قضية عمل السوري، كون الكثير من السوريين يعملون من دون أن يكون لهم الحد الأدنى من الحقوق، وذلك لتفضيل المصانع والشركات التركية العامل السوري على التركي، لأسباب تتعلق بعدم دفع التأمين الصحي، وعدم وجود ضوابط قانونية لإلزام الشركات التركية بدفع رواتب، كما ينص قانون الحد الأدنى للأجور، والاستثمار في العامل السوري من خلال ساعات العمل، ممّا رفع نسب المنافسة بين العامل السوري والتركي، وزاد من صعوبة إيجاد العامل التركي فرصة عمل.

في هذا الإطار، قال أحمد، وهو أحد العمال السوريين في تركيا، رفض الكشف عن اسمه كاملاً خوفاً من أي رد فعل تجاهه، لرصيف22، إنَّ “العامل السوري غير مسؤول عمّا يقوم به أصحاب رؤوس الأموال التركية، من خلال انتقاء العامل السوري على حساب التركي، فهذه مسؤولية الطبقة الرأسمالية التركية، وتالياً من المفترض أن تتدخل الدولة في عملية المراقبة، وضمان حقوق السوريين والأتراك على حدٍ سواء، لتقليل حدة العنصرية وإلقاء اللوم على اللاجئين السوريين”.

في المقابل، يشعر اللاجئون السوريون بالتمييز ضدهم، ولا سيما مع دخول قرار منع التنقل والإقامة، إلّا في مدينة الإقامة التي حصل فيها “الضيف” على بطاقة الحماية، مع السماح بالتنقل أياماً محدودة بين الولايات، ولكن بإذن مسبق. ويمكن القول إنَّ أسباب التنقل الرئيسية بين المدن، وفي إسطنبول بالتحديد، تعود إلى محاولة البحث عن فرص عمل جيدة، كون المدينة تُعدّ “متروبولاً”، وتتوفر فيها فرص عمل برواتب جيدة نوعاً ما، قياساً بالمدن الأخرى.

وفي هذا السياق، قالت دُعاء محمد، لرصيف22، إنَّ “هذه السياسات أدّت إلى انتشار سياسة التمييز بشكل واضح بين الشعبين، مع تفوّق شعب على حساب الآخر، من حيث حقوق التنقل والانتقال، كما في الآونة الأخيرة، مع غياب آليات المساءلة والمحاسبة تجاه الخطاب العنصري، إذ بدأ أصحاب البيوت، ولا سيما في مدينة إسطنبول، بمنع تأجير البيوت للسوريين”.

ثمن التوسع الإقليمي

اصطفّت أنقرة بعد انطلاق الثورة السورية إلى جانب مطالب الشعب السوري، وخلال السنة الأولى عملت من خلال الأدوات الدبلوماسية مستثمرةً في علاقتها الجيدة مع النظام السوري، في ظل الانفتاح السياسي والاقتصادي الذي جرى قبل اندلاع الاحتجاجات. ولكن، مع فشل هذه المساعي، اضطرت إلى أن تدعم المعارضة السورية، فاستقبلت العديد من مؤتمراتها، كما ساهمت في دعم العمل العسكري بشكل كبير.

وفي النصف الثاني من العام 2015، أخذ الملف السوري منحى جديداً مع التدخل الروسي في نهاية أيلول/ سبتمبر 2015، ودعم موسكو لقوّاتٍ مناهضةٍ لأنقرة، حزب العمال الكردستاني، ما دفع الأخيرة إلى إعادة النظر في سياستها العامة حيال الملف.

انخرطت تركيا في الصراع السوري، بشقّه العسكري، بشكل رسمي بعد إعلانها عن عملية درع الفرات ضد تلك القوات وداعش، وتوالت التدخلات التركية من خلال ترجمتها بعمليات عسكرية أخرى، كغصن الزيتون (2018)، ونبع السلام (2019)، ودرع الربيع (2020).

وكأيّ صراع عسكري، فإنّ سقوط الضحايا أمر لا بدّ منه، ولكن تداعيات الأمر كانت خطيرةً على مستوى ملف اللاجئين السوريين في تركيا، بعد مقتل العشرات من قوات الجيش التركي، وهذا سبّب سخطاً كبيراً في الشارع التركي، ولا سيما المعارض منه، الذي يتساءل بشكل شبه دائم عن أهمية وجود قوات للجيش في تلك المناطق، بينما يهرب الشعب السوري إلى تركيا.

وأطلق الناشطون الأتراك المعارضون للعملية العسكرية، مطلع العام 2020، حملةً بعنوان “ما أهمية وجودنا في سوريا”، وفي هذا الإطار رفض مؤخراً الحزب الجمهوري للمرة الأولى، مذكرةً جديدةً لتمديد وجود القوات التركية في سوريا والعراق.

وقال رئيس الحزب، كمال كلتشيدار أوغلو: “لا يمكن أن نقبل كل ما يقوله (رجب طيب) أردوغان، لأنه يعمل على استثمار هذه القوات لمصالحه الشخصية”. فيما رد أردوغان باتهامه بالخيانة، وبأنَّه يعمل لمصالح غير وطنية.

وازداد الأمر تعقيداً مع فرض الولايات المتحدة عقوبات على تركيا، بسبب هذه التدخلات، ولتقاربها مع روسيا، مع فرض الملف السوري خريطة تحالفات جديدة بين روسيا وتركيا، وتوقيع اتفاقية سوتشي (2018)، وصفقة S-400 التي تسببت باضطراب العلاقات الأمريكية-التركية.

تصرفات عشوائية

عانت شرائح من اللاجئين من عدم قدرتها على التكيّف مع متطلبات الوجود في تركيا، من الناحيتين الثقافية والاجتماعية، فتركيا تُعدّ بلداً ديمقراطياً علمانياً، وشعبها منفتح، على عكس الشعب السوري المحافظ، بغالبيته، من الناحية الاجتماعية.

خلقت هذه التباينات نوعاً من عدم التفاهم بين الشعبين، بالإضافة إلى تركيبة المجتمع التركي، من حيث النظام والسلوك العام، الذي غالباً ما يفضّل الهدوء، والالتزام، والقوانين، والأنظمة، كأساس في عملية إدارة المجتمع، وتوجيهه.

ولم يتمكن الكثيرون من السوريين من فهم هذه التركيبة، والتعامل معها من حيث احترام الثقافة، والعادات والتقاليد، والقوانين، وغلب في كثير من الأحيان عدم الالتزام بالقوانين السائدة، بالإضافة إلى العشوائيات المنتشرة في أماكن متعددة في أنحاء تركيا.

سببّت هذه المظاهر استياءً كبيراً في الشارع التركي تجاه السوريين، ما ساهم في تكوين الأتراك نظرةً متحيزةً وضيقةً نوعاً ما عن الشعب السوري، وفي هذا الإطار قالت آسيا، وهي إحدى الطالبات السوريات وتدرس العلوم السياسية في إسطنبول، لرصيف22: “كان هناك استغراب من بعض زملائي الأتراك من كوني مواطنةً سوريةً، جرّاء هذه التصرفات غير المسؤولة، والتي أعطت انطباعاً سائداً مغلوطاً عنّا، ولكن بسبب حسن التصرّف الذي أبديته، استطعت تغيير وجهة نظر بعضهم تجاهنا”.

في الأصل، تتعامل الحكومة التركية مع القضية السورية، من الناحية الإنسانية، إذ تحاول قدر الإمكان غض الطرف عن هذه التصرفات، ولكن تداعيات هذا الإهمال المقصود لغايات إنسانية، كانت عواقبه سيئة على الوجود السوري، على المستوى الاجتماعي، وتالياً التعامل مع هذه المظاهر أصبح حاجةً ملحةً.

الاقتصاد المتردّي

مع تراجع قيمة الليرة التركية أمام الدولار، وفرض الحكومة سياسات اقتصادية غير مستقرّة، توجهت أنظار الشعب التركي نحو ملف اللاجئين، بوصفه حسب الاعتقاد السائد، سبباً رئيسياً في تردّي الأوضاع الاقتصادية، من دون التنبه إلى أن المشكلة الأساسية كانت في غياب الشفافية من قبل الحكومة التركية تجاه شعبها، ولا سيما في الإفصاح عن مصادر المساعدات الإنسانية التي يتلقاها السوريون، وهذا ما سببّ سوء فهم من قبل شرائح واسعة حول ماهية تلك المساعدات، مع رسوخ اعتقادٍ بتقديم الحكومة مساعداتٍ استثنائيةً للسوريين على حساب الشعب التركي، في الوقت الذي يضخّ فيه الاتحاد الأوروبي الحجم الأكبر منها، وذلك وفقاً لاتفاقية الهجرة (2016).

يرى أوموت، وهو شاب تركي، في تصريح لرصيف22، أنّ “الحكومة التركية تعطي السوريين مساعداتٍ مجانيةً، على الرغم من المعاناة الاقتصادية، بينما لا تدعم شعبها الذي هو أحق، مما ساهم في زيادة نسب الاحتقان ضد السوريين”.

وعلى الرغم من حملات التوعية التي قام بها سوريون، وكذلك الحكومة التركية لاحقاً، إلّا أنَّ المعارضة التركية بقيت متقدمةً خطوات، كونها هي من أثارت الملف، وقادت حملات التأجيج، وضخ المعلومات المضللة.

فعلى سبيل المثال؛ قامت القنوات الرسمية التركية مطلع العام 2018، ولا سيما TRT، بتخصيص فقرات متلفزة ومواد صحافية لتصحيح المعلومات الخطأ التي ضخّتها المعارضة حول السوريين. كما قامت منظمة اللاجئين العاملة في مدينة إسطنبول، في منتصف العام 2020، باستصدار ملفٍ كاملٍ بعنوان “الصح والخطأ”، تناولت فيه المعلومات الصحيحة، وتلك الخطأ حول اللاجئين في تركيا، من حيث الرواتب، والتعليم المجاني، والمنح العامة، والذي لاقى تفاعلاً وانتشاراً كبيرين على مواقع التواصل الاجتماعي، ليتحول إلى هاشتاغ واسع في تركيا.

كما عملت بشكل حثيث ومدروس على استثمار هذه الورقة ضد حكومة العدالة والتنمية، على مدار السنوات السابقة، لتكون الورقة الثانية بعد ملف التدخل العسكري الذي دفعت المعارضة التركية نحو تحريكه، في إطار الصراع السياسي على الحكم.

استثمار المعارضة

برزت خلال الأعوام الثلاثة الماضية، شخصيات عدة في المعارضة التركية، تحرّض بشكل مدروس على الوجود السوري في تركيا ممّا أكسبها شعبيةً لا بأس بها، وباتت شبه معروفة في المجتمعين السوري والتركي، ولعلّ أبرز تلك الشخصيات إيلاي أكسوي، وهي إحدى مؤسسات حزب الجيد التركي اليميني القومي. تعِد أكسوي متابعيها، في حال وصول حزبها إلى السلطة، بأنَّها ستعيد السوريين إلى بلادهم، وتعمل على إعادة العلاقات مع النظام السوري إلى مجراها الطبيعي، ولديها شبكة علاقات جيدة مع شخصيات مهمّة في النظام السوري، وغالباً ما يقوم الأخير بمدحها، من خلال شخصيات مقربة منه.

وتقود أكسوي بشكل دائم حملاتٍ ضد السوريين، من بينها حملة الموز الأخيرة التي أثارتها، وتسببت بأزمة اجتماعية سيئة، وباعتقال العديد من السوريين، على خلفية فيديوهات قاموا بتصويرها، ولا تخفي أكسوي دعمها لنظام بشار الأسد، إذ قامت بالتعبير عن ذلك إعلامياً خلال الانتخابات التي أُجريَت في النصف الثاني من العام 2021.

كذلك، يقود رئيس حزب النصر، أوميت أوزداغ، حملاتٍ مشابهةً كان آخرها قيامه بجولة في الشوارع التركية، لجمع أكبر عدد من التوقيعات، لإعادة السوريين إلى بلادهم، على أمل أن يكون قادراً على تحقيق نصاب الرقم المطلوب لعرضه على البرلمان التركي، بغية تبنّيه كقانون.

ويستمر والي مدينة بولو، في استصدار القرارات العنصرية تجاه السوريين والأجانب في المدينة، وكان آخرها قرار رفع رسوم الزواج للأجانب بمقدار مئة ألف ليرة تركية، وذلك، حسب تعبيره، لمنع السوريين من الزواج والإنجاب.

معظم هذه الشخصيات لم يكن لها حضور في الحياة السياسية التركية، ولكنها برزت مع تصاعد خطاب العنصرية والكراهية ضد السوريين، كما أنَّها عززت بشكل كبير تنظيم هذا الخطاب، مما ساعد على تأجيج العنصرية في تركيا إلى مستويات غير مسبوقة، ودفع شرائح واسعة من الشعب التركي لرفض هذه التصرفات، ولا سيما قرارات رئيس بلدية بولو، كونها تمسّ الديمقراطية التركية، ومبادئ حقوق الإنسان.

رصيف 22

————————–

=====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى