الناس

مقالات تناولت أزمة اللاجئين السوريين

إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم: مشروع سياسي ينقصه كل شيء/ زياد غصن

تتباين التقديرات الإحصائية لعدد اللاجئين السوريين في دول الجوار، ولا سيما أنّ هناك شكوكاً مثارة لجهة الأرقام المعلنة رسمياً من قبل حكومات بعض الدول تحقيقاً لمصالح سياسية واقتصادية.

ثمة عاملان أساسيان يدفعان الدول المجاورة لسوريا إلى تحريك ملف اللاجئين السوريين المقيمين على أراضيها، بغية إيجاد حلّ له. العامل الأوَّل يتمثّل بتراجع قيمة التبرعات الدولية المخصّصة لأعمال الإغاثة والدعم بسبب أولوية الحرب الأوكرانية لدى الغرب، والأزمات الاقتصادية العالمية من طاقة وزراعة. أما العامل الآخر، فيتعلق بالانفتاح الإقليمي المحدود على دمشق وتغير قواعد الضغط الخارجي وأشكالها على الحكومة السورية.

وفي هذا السّياق، يمكن تفسير رفع مستوى التنسيق اللبناني في ملف اللاجئين، عبر إيفاد وفد حكومي رفيع المستوى إلى دمشق، وكذلك الحديث التركي الأخير عن إمكانية التواصل المباشر مع دمشق لمعالجة عدة ملفات، من بينها ملف إعادة اللاجئين. أيضاً، بات الأردن مقتنعاً أكثر من أي وقت مضى بأهمية إخراج ملف اللاجئين من دائرة الحسابات السياسية ومعالجته بالتعاون مع دمشق.

لكن العمل على إعادة أكثر من 5 ملايين لاجئ إلى ديارهم لن يكون أمراً سهلاً، وإن وُجد قرار سياسي بذلك، فهناك اعتبارات أخرى كثيرة تقف عائقاً أمام تحقيق ذلك، بعضها مرتبط بمجتمع اللاجئين المتشكل في الخارج، والذي رسخت معالمه ويومياته سنوات الحرب الطويلة، وبعضها الآخر له علاقة بما يتوجب على حكومات دول المنطقة فعله لتسهيل ذلك.

مجتمع كبير

تتباين التقديرات الإحصائية لعدد اللاجئين السوريين في دول الجوار، ولا سيما أنّ هناك شكوكاً مثارة لجهة الأرقام المعلنة رسمياً من قبل حكومات بعض الدول تحقيقاً لمصالح سياسية واقتصادية، إلا أن بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تؤكد أنَّ عدد اللاجئين السوريين المسجلين في مختلف دول العالم وصل عام 2021 إلى نحو 6.6 ملايين لاجئ، منهم 5.5 ملايين موزعون على الدول المجاورة لسوريا، يعيش معظمهم في المناطق الحضرية، فيما هناك لاجئ من بين 20 لاجئاً يعيش في مخيمات للاجئين، لكن عموماً تجزم المفوضية أن “الحياة في كل الدول المجاورة تعدّ صراعاً يومياً لملايين اللاجئين السوريين من ذوي الموارد المالية الضئيلة أو المعدومة”.

جغرافياً، يتوزع العدد الأكبر من اللاجئين السوريين المسجلين في الدول المجاورة على تركيا التي تستضيف العدد الأكبر منهم بنحو 3.6 ملايين لاجئ، ثم يأتي لبنان في المرتبة الثانية باستقباله نحو 865 مليون لاجئ مسجل، فيما تتحدث التقديرات عن 1.5 مليون لاجئ مسجل وغير مسجل، ثم الأردن ثالثاً، وهو يستضيف نحو 660 ألف لاجئ. أما العراق، فقد تم إحصاء وجود أكثر من 244 ألف لاجئ سوري يعيشون على أراضيه. وفي مصر، هناك نحو 140 ألف لاجئ يحصلون على مساعدات أممية.

يمكن قراءة أبعاد هذه الأرقام وتأثيرها في سياسات حكومات الدول المضيفة من خلال إجراء مقارنة بسيطة بين عدد اللاجئين السوريين وإجمالي عدد السكان في كل بلد. في تركيا مثلاً، تزيد هذه النسبة على 4%. وفي لبنان، ترتفع إلى نحو 12% بالنسبة إلى اللاجئين المسجلين، وإلى أكثر من 22% إذا صحَّت التقديرات الأخرى المشار إليها أنفاً. وفي الأردن، فإن النسبة ليست قليلة، إذ تقدر بنحو 6.6%. أما أقل النسب، فهي موجودة في العراق، إذ لم تتجاوز 0.5%.

يمكن توزيع اللاجئين السوريين في الدول المجاورة بحسب أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية إلى 3 فئات:

– الفئة الأولى تضم اللاجئين الذين يعيشون في مخيمات خاصة. هؤلاء يعانون أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة رغم التفاوت الحاصل بين أوضاع تلك المخيمات، إذ إنَّ بعض الدول مثلاً تحرمهم من حقّ العمل والمشاركة الاقتصادية وتهدر حقوقهم كلاجئين، مصورةً إياهم كخطر على الدولة والمجتمع.

وبحسب مسح أجراه المركز السوري لبحوث السياسات على بعض المخيّمات في البقاع اللبناني، فإنَّ “بعض المقيمين في المخيمات يقومون ببيع حصصهم من مساعدات التدفئة لكي يسددوا إيجار الخيمة، ويعتمدون الحطب والمواد البلاستيكية للتدفئة، ما يجعل تقييم الحصول على وقود التدفئة سيئاً واقعياً، نتيجة الكلفة العالية واستخدام الحطب والبلاستيك والأضرار الصحية والبيئية التي يسبّبها هذا النمط من التدفئة”.

ويكشف المسح في جانب آخر أنَّ “استراتيجية التعامل مع اللاجئين في المخيمات المدروسة تتركز على اعتبارهم تهديداً أمنياً محتملاً. لذلك، تتولى المؤسسة العسكرية والأمنية الدور الرئيسي في ضبط حياة اللاجئين، من خلال السيطرة الأمنية، والتهديد المستمر، والحرمان من الحصول على تصريح الإقامة القانونية لأغلبية اللاجئين، وتنفيذ الاعتقالات والمداهمات المتكررة، وصولاً إلى الترحيل”.

– الفئة الثانية تضم اللاجئين الذين يقيمون في المناطق الحضرية والريفية. معظم هؤلاء يعيشون على الكفاف نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة ومحدودية الدخل، وخصوصاً أن الرواتب التي تعطى لهؤلاء غالباً ما تكون متدنية، إما نتيجة وجود أعداد كبيرة من طالبي العمل، وإما بفعل استغلال أصحاب العمل حاجة السوريين إلى العمل، ولو بالحد الأدنى من الأجر.

ووفقاً لما تشير إليه مفوضية اللاجئين الأممية، يعيش الآن في لبنان “9 من كل 10 لاجئين في حالة من الفقرٍ المدقع. لا توجد مخيمات رسمية للاجئين في البلاد. ونتيجة لذلك، يعيش السوريون داخل المجتمعات وفي مواقع مدنية وريفية في مختلف أنحاء البلاد، وغالباً ما يتقاسمون مساكنهم الصغيرة مع عائلات لاجئة أُخرى، ويعيشون في أماكن مكتظة”.

– الفئة الثالثة تشمل اللاجئين الَّذين اندمجوا في الحياة الاقتصادية للبلاد، وأصبح لديهم مشروعات اقتصادية صغيرة أو متوسطة في الدول التي تستضيفهم، ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في دول كمصر تركيا والأردن التي سمحت للسوريين بالعمل وممارسة مختلف الأنشطة الاقتصادية، الأمر الذي أسهم في حدوث انتعاش اقتصادي وتجاري في العديد من المناطق الحضرية والريفية في تلك الدول وتوفير فرص عمل عديدة. ووصل بعض أفراد هذه الشريحة إلى التملك عبر شراء المنازل والمحال التجارية والحرفية والأراضي لإقامة المشروعات عليها.

طوعية أو إلزامية؟

كل ذلك يجعل دون مسألة عودة اللاجئين صعوبات وعوائق عديدة لا ترتبط بالقرار أو بالتوجه السياسي لهذه الحكومة أو تلك فحسب، إنما أيضاً بمجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية العامة للاجئين من جهة، والوضع الداخلي في سوريا من جهة ثانية، والواجبات والالتزامات الدولية من جهة ثالثة…

أولى الصّعوبات تتعلّق برغبة اللاجئين أنفسهم في العودة إلى وطنهم، فحتى الآن ليست هناك مسوح أو استبيانات رأي تقيس هذا الأمر وتحدد بشكل صريح الأسباب الحقيقية التي تدفع شريحة ليست قليلة منهم إلى تفضيل البقاء في هذه الدولة أو تلك، لكن، واستناداً إلى بعض المعطيات، يمكن استنتاج 3 أسباب تدفع جزءاً كبيراً من اللاجئين إلى تفضيل خيار البقاء.

هذه الأسباب هي:

– شريحة تفضّل البقاء بغية المحافظة على استمرار حصولها على المساعدات الإغاثية الأممية المادية أو العينية، ولا سيّما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها سوريا، وفي ظل فقدان أسر كثيرة منازلها وممتلكاتها خلال الحرب. لذلك، ليس هناك ما يشجعها على العودة.

– شريحة أخرى تتخوَّف من تعرّضها لأيّ تبعات أمنية في حال عودتها، وهذا ما أشار إليه بوضوح بعض سكان مخيمات اللجوء في لبنان خلال المسح المشار إليه سابقاً، والَّذي أكدت نتائجه أن تطلّعات اللاجئين إلى العودة مرتبطة بتوقف العنف في سوريا وتوفر الشروط الأساسية للعيش والعمل. ونتيجة لعدم توفر هذه الشروط للعودة الطوعية والآمنة والكريمة، لا يتوقع معظمهم العودة في الأجل القصير.

– الشريحة الثالثة هي التي انخرطت في الأنشطة الاقتصادية، وأصبح لديها مصادر دخل جيدة وكبيرة أحياناً، وتحديداً في تركيا ومصر، وبدرجة أقل في الأردن ولبنان. هذه الشريحة تجد صعوبة في إيقاف أنشطتها وأعمالها الاقتصادية الناجحة بغية العودة إلى سوريا، وتالياً من المستبعد جداً أن توافق على العودة الطوعية والنهائية إلى بلادها.

الصعوبة الثانية تتمثّل بالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها سوريا منذ أكثر من عامين، والضرر الحاصل في البنى التحتية والمرافق الخدمية والمساكن، وما تسببه العقوبات الغربية من آثار اقتصادية خطرة.

هذا الواقع يجعل من المستحيل على أيّ بلد تحمّل زيادة مفاجئة في عدد السكان تصل إلى نحو 27% فيما لو تقرر إعادة جميع اللاجئين في الدول المجاورة، وإلى نحو 14% فيما لو عاد نصف عدد اللاجئين المشار إليهم. لذلك، لا مناص من اعتماد مشروع دولي يدعم عودة اللاجئين السوريين على مراحل زمنية يجري خلالها توفير البيئة الاقتصادية والاجتماعية اللازمة.

الصعوبة الثالثة تتعلّق بالمواقف الدولية المتأرجحة بين دعوة بعض الدول إلى تأمين عودة آمنة للاجئين، لكن من دون اتخاذ أي خطوات عملية في هذا المضمار، ودول تتعامل مع ملف اللاجئين كورقة سياسية محلية وإقليمية ودولية مرتبطة بتطورات مسار الأزمة السورية وغيرها من أزمات المنطقة والعالم.

وإلى أن تتفق الدول على التعامل مع هذا الملف من منظور إنساني واجتماعي واقتصادي، فإن إعادة اللاجئين إلى ديارهم ستبقى مجرد بند على جدول أعمال أي لقاءات أو اجتماعات سياسية.

—————————-

قضية اللاجئين السوريين/ رياض نعسان أغا

كان طبيعياً أن تفتح تركيا أبوابها أمام السوريين اللاجئين إليها بحثاً عن أمان، فهي الجارة الأقرب، وهي شريك الثقافة والدين والتاريخ الممتد مئات السنين، وقد اختلطت فيه الأنساب. رحَّب الأتراكُ بالسوريين، لكن مقام السوريين طال، وملَّ بعض الأتراك من حضور السوريين بعد أحد عشر عاماً من الاستضافة، وقد بدا أن كثيراً من السوريين استوطنوا وتعلم أبناؤهم اللغة التركية وباتوا أوائل في مدارسها، وحقق كثير من السوريين نجاحاً اقتصادياً نشطاً يوحي بأنهم سيستقرون، ولا يوجد أمل واضح بموعد عودتهم إلى بلدهم. ويكاد عدد اللاجئين والمقيمين السوريين في تركيا يتجاوز الأربعة ملايين نسمة. والحال في تركيا مختلف عن الحال في مصر مثلاً، فالسوريون في مصر ليسوا لاجئين، بل يعيشون مع أهلهم المصريين، وقد كانوا دولةً واحدة عبر كثير من السنين، وتوحدوا في أزمان صلاح الدين ثم الظاهر بيبرس ثم جمال عبد الناصر.. وعلى الصعيد الشعبي ظلوا متحدين، وتاريخ الهجرات المتبادلة بين البلدين عريق وممتد، فلا يكاد يوجد موقع في سوريا خال من أسرة «المصري»، وكذلك كان حضور «الشوام» في مصر. والأمر ذاته في الأردن ولبنان والعراق. وحين نشأت الدولة العربية الأولى في بلاد الشام بعد سقوط الدولة العثمانية، شُكلتْ أول حكومة برئاسة علي رضا الركابي، وضمت وزراء سوريين وعراقيين ولبنانيين وأردنيين وفلسطينيين.. ولولا التدخل العسكري الأوروبي لكانت هذه البلدان دولة واحدة.

أما في السعودية والخليج العربي، فقد عاش السوريون عقوداً من الزمن، فضلاً عن وجود تاريخ عريق يعود إلى هجرات القبائل العربية، وهو ما تجلى منذ نشوء دولة الأمويين التي ضمت العربَ جميعاً. وقد سافر آلاف السوريين إلى دول الخليج العربي منذ خمسينيات القرن الماضي، وهذا ما جعل حضور السوريين القادمين إلى هذه الدول عقب اشتعال الأزمة السورية حضوراً عادياً ومألوفاً حيث لا يوجد فيها مَن يُسمَّون «لاجئين» بل هم مقيمون معززون مكرمون. لذا لم تُنصب خيمةٌ واحدةٌ، ولم ينشأ قَطُّ مخيمٌ للاجئين السوريين لا في السعودية أو دول الخليج ولا في مصر. ولا ينسى السوريون ما قامت به الدول الخليجية الشقيقة من دعم كبير، وبخاصة في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية.

كما لا ينسى السوريون ما لَقوه من رحابة عند كثير من الأوربيين الذين استقبلوا مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، وقدموا لهم المساكن والرواتب والرعاية الصحية والتعليمية ومنحوهم جنسيات واعتبروهم مواطنين في كثير من دولهم.. وقد وجدوا فيهم فضلاً عن البعد الإنساني، طاقةَ عمل اقتصادية وعلمية مؤهلة، وقَبِلوا لهم لمَّ شمل أُسرهم، ودخل أبناء السوريين المدارس والجامعات مجاناً، وحقق كثير منهم نجاحاً ملفتاً.

لقد انتشر السوريون في كل بقاع الأرض، حيث يتجاوز عدد المهاجرين من سوريا ثلاثة عشر مليون شخص، فضلاً عن النازحين داخل سوريا نفسها ممن تركوا مدنَهم وقراهم وسكناهم وتجمّعوا في الشمال السوري، ويكاد يصل العدد في محافظة إدلب وما حولها أربعة ملايين نازح.

والعالم كله يتحدث عن عودة اللاجئين وقد صارت مأساتهم من أضخم المآسي التي تواجهها البشرية، لكن عودتهم تحتاج ظروفاً مناسبة، فقد تهدمت المنازل والمدارس والمشافي ومواقع الخدمات.. خلال السنوات الداميات، كما تعرضت البنى التحتية للدمار. لذا فإن إعادة البناء والإعمار تحتاج إلى مال كثير وجهد كبير، واستقرار أمني.. وهذا لن يتوفر بشكل سليم إلا بعد تنفيذ الحل الذي تنادي به هيئة الأمم المتحدة وكل الدول المعنية.

وقد استاء السوريون من دعوات بعض اللبنانيين إلى خروج اللاجئين من لبنان، لأن هؤلاء تجاهلوا أن هجرة السوريين إلى لبنان أساساً كانت بسبب دخول «حزب الله» اللبناني الإيراني إلى سوريا، وإمعانه في قتل السوريين وهدم بيوتهم وطردهم من بلداتهم وقراهم وأريافهم، كما فعل في القصير والقلمون والزبداني، وفي كثير من المواقع السورية. ولا يمكن لهؤلاء أن يعودا إلى بلدهم إلا إذا انسحب «حزب الله» من سوريا. كما يتجاهلون أن اللاجئين لم يكلفوا لبنانَ نفقةً ضخمةً على الحكومة اللبنانية، لأن الأمم المتحدة تقدم المساعدات والسوريون يعملون.

نقلا عن “الاتحاد

—————————-

الصورة القاتمة!/ فايز سارة

يعيش في تركيا ولبنان أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم، وتبدو صورة الوجود السوري في البلدين سوداء قاتمة، وهي في هذا ليست استمراراً لما كان عليه الوضع السيئ في السنوات العشر الماضية، بل إنها أكثر حلكة، والأخطر أنها تسير نحو الأسوأ في كل تفاصيلها، حسب المؤشرات الظاهرة، التي تؤكدها دراسات لمؤسسات دولية، وتقارير حقوقية وإعلامية، يجري تداولها عن حال اللاجئين في البلدين وفي العالم.

يعيش في البلدين نحو 5 ملايين سوري، وهم أقل بقليل من ربع سكان سوريا المقدر بنحو ثلاثة وعشرين مليوناً، قبل ثورة السوريين على نظام الأسد في عام 2011، وأغلب هؤلاء من سكان المناطق المجاورة لخط الحدود مع تركيا في الشمال والشمال الغربي، والخط الآخر مع لبنان على امتداد شرقه وشماله، وثمة كثير من الروابط تجمع بين سوريا والجارين، وتصل بين السوريين وكل من الأتراك واللبنانيين على جانبي الحدود، وكلها أمور جعلت لبنان وتركيا مقصداً للباحثين عن ملجأ والهاربين من المقتلة، التي بدأها نظام الأسد ضد السوريين وتابعها بمساعدة قوى التطرف والإرهاب من دول تتقدمها إيران وميليشياتها، وقوى متطرفة تشمل «داعش» وتفريخات «القاعدة» وأخواتها.

إن حال اللاجئين في البلدين، لم تسر على نحو ما هو مأمول بسبب انسدادات القضية السورية، وامتداداتها الزمنية وتداعياتها، ما أطال فترة وجود اللاجئين وخلق ظروفاً وضغوطاً تحتاج إلى متابعة وحلول وقدرات مادية وإدارية متصاعدة في وقت يتضاءل فيه الاهتمام الدولي بالقضية عامة، وفي موضوع اللاجئين على نحو خاص، الأمر الذي دفع موضوع اللاجئين نحو تدهور عام.

غير أن تدهور أوضاع اللاجئين السوريين في تركيا ولبنان، لم يكن نتيجة لما أحاط بالقضية السورية من ظروف داخلية وخارجية فقط، بل كان في الأهم من جوانبه نتيجة عوامل محلية تتصل بواقع البلدين وتطورهما في السنوات العشر الماضية من جهة، وبواقع اللاجئين هناك الذين جسدوا الحلقة الأضعف في الحالتين، وكان يُلقى عليهم القسم الأكبر من المسؤولية عن سوء التداعيات السياسية الاقتصادية والاجتماعية.

أول وأهم العوامل التي أدت إلى تدهور أوضاع السوريين تمثله الظروف والتطورات السياسية في البلدين. ففي تركيا حدثت انقلابات سياسية مهمة في السنوات العشر الماضية، كانت بينها تطورات في داخل السلطة الحاكمة، التي يقودها حزب العدالة والتنمية؛ حيث غابت أجنحة وصعدت أخرى، بل إن مجموعة كانت مقربة من النظام معروفة باسم بمجموعة غولن، وهي حركة دينية اجتماعية يقودها فتح الله غولن، قادت عملية انقلابية فاشلة في عام 2016، وأدى التراجع في الوزن الشعبي الانتخابي لحزب العدالة والتنمية إلى انخراطه في تحالف مع بعض المعارضة، ومسايرة بعضها في السنوات الأخيرة، وحدثت متغيرات أيضاً في سياسة تركيا الخارجية بينها تغييرات مع أطراف فاعلة وأخرى وثيقة الاتصال بالموضوع السوري ومنها روسيا وإيران وبعض بلدان الخليج العربي ومصر.

ورغم أن بعض هذه التطورات، ليست ذات صلة مباشرة بالقضية السورية ووضع اللاجئين في تركيا، فإنها ذات تأثير – أحياناً بالغ – في البيئة السياسية التركية، التي يمثل اللاجئون السوريون أحد عناصرها الراهنة، وهو أمر أتاح لبعض أحزاب المعارضة، تصعيد موضوع اللاجئين ليصير في مستوى المنافسات والصراعات السياسية مع الحزب الحاكم، ودفع الحزب إلى مقاربات جديدة في التعامل مع اللاجئين ومنها طرح فكرة إعادة اللاجئين «الآمنة» إلى سوريا. وللحق فإن التطورات السياسية التي شهدها لبنان في السنوات العشر الماضية، وإن كان بعضها مختلفاً في أشكاله، إلا أنها متشابهة في مضمونها ومحتواها، وكثيراً ما كانت أكثر شدة في نتائجها، فأدت إلى تدهور أوضاع لبنان وسكانه وعلاقاته الإقليمية والدولية، ودفعت إلى عواصف وصراعات في بيئة الداخل اللبناني وتصعيد في علاقاته وروابطه مع نظام الأسد وإيران، وقد كانا السبب الرئيس ليس فقط في خراب لبنان، وإنما في وجود اللاجئين السوريين فيه، إذ يقول أركان الحكم اللبناني والمقربون منهم، إن اللاجئين بين أسباب الخراب في لبنان، ما جعلهم يواصلون منذ سنوات حملاتهم من أجل إعادة اللاجئين إلى سوريا وبالتنسيق مع نظام الأسد.

ومن البديهي القول إن التطورات السياسية التي شهدتها تركيا، وعاشها لبنان في العقد الماضي مع تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، تركت آثاراً مدمرة على اللاجئين في البلدين؛ حيث جرى تسييس وجودهما، وتم تحويله إلى ورقة في الصراعات الداخلية في البلدين، وصار اللاجئون المجموعة الأضعف التي يمكن أن تلصق بها الظواهر السيئة والمسيئة في البلدين، بدءاً من موضوع الإرهاب وصولاً إلى مخالفة العادات والتقاليد المحلية، بما فيها القول إنهم سبب الأزمات الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية، وكلها أمور سمحت بتصاعد نزعات عنصرية في مستويات الدولة ومؤسساتها الأمنية وفي أوساط اجتماعية بما فيها فئات كانت تدعم اللاجئين، بل هذا السياق دفع البعض إلى نبش أحقاد من التاريخ عن علاقات العرب والأتراك، وما ظهر من مشكلات في أواخر الحكم العثماني للمشرق العربي بداية القرن العشرين.

إن التجسيد العملي في ظاهرة معاداة اللاجئين، لا يظهر في السياسات التمييزية التي تمارسها السلطات الرسمية، وقطاعات من الجمهور، وتشمل تحديد أماكن الإقامة، وتقييد التنقل، وانخفاض الأجور وغياب الضمانات الاجتماعية، بل تمتد إلى ممارسة سياسات أمنية متشددة حتى في الظروف العادية، والسكوت عن الاعتداءات على اللاجئين وممتلكاتهم وحرمات بيوتهم، وحملات الاعتقال التي وصلت في لبنان للقتل تحت التعذيب، وممارسة سياسة ترحيل إلى مناطق سيطرة النظام يقوم بها اللبنانيون، ومثلها ترحيل إلى مناطق السيطرة التركية في شمال غربي سوريا.

من البديهي القول إن أغلب السياسات والإجراءات التي تنتهك حقوق اللاجئين في تركيا ولبنان وبلدان أخرى غير إنسانية، ولا تتوافق مع القوانين والاتفاقيات الدولية، بل إنها لا تتوافق مع القوانين الوطنية، لأن واحدة من الدول التي يقيم فيها اللاجئون، لا يمكنها تبني قوانين عنصرية أو تمييزية ذات طبيعة فاضحة. إن روابط السوريين، خصوصاً مع تركيا ولبنان الجارين، روابط عميقة غير قابلة للانفكاك، وهناك كثير من المصالح المشتركة، لا يمكن تجاوزها أو تغييبها، ولن تكون لها نهاية، وموضوع اللاجئين وإنْ طال فإنه موضوع مؤقت، لا ينبغي أن يكون عامل تخريب في علاقات السوريين مع البلدين والشعبين، وهذا بعض ما يفرض ذهاباً تركياً ولبنانياً لسياسات ومعالجات أكثر توازناً في الموضوع، تكلفتها أقل بكثير من تكلفة ما يجري حالياً، مولداً الصورة القاتمة، التي تزداد وحشية.

الشرق الأوسط

———————————–

سوريا: لجنة التحقيق الدولية توثق انتهاكات وتتهم القوات الروسية بصراحة لأول مرة/ منهل باريش

الجهات الدولية لا تنفك تحذر من أن سوريا ليست بلداً آمناً لعودة اللاجئين، وخاصة مناطق سيطرة النظام، وهذا ما أكد عليه التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا.

أشار تقرير لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا إلى أن الأوضاع في مناطق سيطرة النظام لا تزال تشكل «عقبات أمام عودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين». وحذرت اللجنة الدولية المستقلة المعنية بسوريا والتابعة للأمم المتحدة، من احتمالية تصعيد عسكري جديد في سوريا، معتبرة أنه سيزيد من معاناة السوريين خلال الحرب التي تجاوزت العقد من الزمن. ونشر الموقع الرسمي للأمم المتحدة بيانا للجنة الصادر الأربعاء الماضي، تحذيرات من صعوبة الوضع الذي وصفته بأنه «لا يطاق» والذي يعاني خلاله ملايين السوريين و«يموت بعضهم في مخيمات النزوح مترافقا مع قلة الموارد وتراجع دعم المانحين الدوليين».

وأصدرت اللجنة تقريرا يحتوي على 50 صفحة، ترصد واقع حقوق الإنسان في سوريا خلال الفترة الممتدة بين الأول من كانون الثاني (يناير) ونهاية شهر حزيران (يوينو) من العام الجاري، وحذر رئيس اللجنة، باولو بينيرو من «التعبئة القتالية بين القوات التركية وحلفائها، تقابلها حشود للقوات الكردية وحلفائها في الشمال السوري لا تزال مستمرة». واتهم التقرير قوات النظام بقتل وإصابة 92 مدنيا وتدمير المنازل والمدارس والمساجد والمنشآت الطبية في قصفها الذي طال غرب وشمال سوريا.

في حين، ما زال التحقيق جاريا بآخر قصف على مدينة الباب في شهر آب (أغسطس) الفائت والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 16 مدنيا، بينهم خمسة أطفال، و36 جريحا.

كذلك، اعتبرت عضو لجنة التحقيق، المفوضة لين ولشمان أن عمليات الاستهداف المستمرة من طرف إسرائيل في سوريا قد أوقفت المساعدات لما يقارب أسبوعين في شهر حزيران (يونيو) الماضي بسبب القصف على مطار دمشق الدولي.

من جانبه، ثمن رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة واعتبر أنه من الطبيعي أن يكرس القسم الأكبر من التقرير لانتهاكات النظام «كونه يستمر بالممارسات الأمنية والعسكرية خصوصا في درعا، والتي أسفرت عن مقتل العشرات من المنشقين والمعارضين السابقين» وأضاف عبد الغني في اتصال مع «القدس العربي» أن النظام السوري هو الجهة الرسمية المصادقة على الاتفاقيات الدولية ويشغل عضوية الأمم المتحدة.

وفي تعليقه على صغر حجم الانتهاكات المخصصة بمنطقة سيطرة هيئة «تحرير الشام» في شمال غرب سوريا الواردة في التقرير، أكد عبد الغني على «صعوبة عمل المنظمات الحقوقية في إدلب بسبب القبضة الأمنية للهيئة» إلا أنه وصف التقرير بـ «المتوازن» من حيث تسجيل الانتهاكات التي قامت بها «قسد» و«تحرير الشام» و«الجيش الوطني السوري» المعارض.

ولفت إلى أهمية «اعتبار اللجنة أن سوريا بلد غير آمن ولا يمكن عودة اللاجئين إليه. حيث يعرض ذلك حيواتهم للخطر، وهو ما يخالف المحاولات الروسية لترويج مسألة ضمان سلامة العائدين وتشجيع بلدان الجوار على إعادة اللاجئين».

ويحاول نظام الأسد استغلال أجواء الحديث عن إعادة اللاجئين ويبدي في كل مناسبة ترحيبه بالفكرة طامعًا بتدفق المساعدات الدولية بحجة إعادة تأهيل مناطق المهجرين، إضافة إلى الانفتاح السياسي الدولي المبني على خطة إعادة توطين النازحين والمهجرين، ولاقتران فكرة إعادة الإعمار بعودة اللاجئين، غير أن العديد من الجهات الدولية لا تنفك تحذر من أن سوريا ليست بلداً آمناً لعودة اللاجئين، وخاصة مناطق سيطرة نظام الأسد، وهذا ما أكد عليه بشكل واضح التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا.

وفي هذا السياق، وجهت منظمات، «العفو» الدولية و«هيومن رايتس ووتش» ومراقبة حماية اللاجئين، رسالة إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مفادها أن سوريا غير آمنة للعودة، ودعت الرسالة الأمم المتحدة إلى وقف كافة البرامج التي من شأنها تحفيز العودة المبكرة وغير الآمنة.

وفي سياق منفصل، وتعليقا على الضغوط الروسية على اللجنة ومحاولات إيقاف عملها، قال رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، المحامي السوري أنور البني «إن اللجنة تابعة لمجلس حقوق الإنسان ولا يوجد صلاحية لروسيا أو أي دولة لإيقافها». مشيرا إلى أن مجلس حقوق الإنسان «يعرض تقاريره أمام مجلس الأمن ويرفع توصياته فقط وهي ليست ملزمة بطبيعة الحال. إلا أن التقارير هي عبارة عن إدانة معنوية تفضح جرائم المنتهكين لكنها لا تملك تأثيرا مباشرا، ولكنها في نفس الوقت تساهم بتشكيل رأي عام وتحشيد دولي مناصر للقضية السورية» وعن إدانة القوات الروسية بشكل صريح رجح البني في تصريح لـ «القدس العربي» أن «الإجرام الروسي في أوكرانيا شجع لجنة التحقيق على الإشارة إلى الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها في سوريا».

وفي الجزء المخصص لشمال سوريا، وتحديدًا في فقرة «سير الأعمال العدائية» وحول القصف الممنهج لمدينة الباب ومقتل مدنيين يومي الثاني من شباط (فبراير) و16 نيسان (أبريل) حملت اللجنة قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية «قسد» المسؤولية لأن مصادر القصف الصاروخي من مناطق سيطرة مشتركة بين الطرفين، وأشار إلى أن الصواريخ أطلقت إما «من قاعدة الرادار في قرية الشعالة غرب مدينة الباب» بريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة قوات النظام أو «من قرية النيربية المجاورة» والتي تخضع لسيطرة «قسد».

ولم يغفل التقرير دور القوات الروسية في عدة أماكن تشهد فلتانا أمنيا كما في جنوب سوريا وشمالها، حيث أشار التقرير إلى مقتل ثلاثة مدنيين يوم 27 شباط (فبراير) بنيران مصدرها مناطق انتشار النظام والقوات الروسية والميليشيات الإيرانية. ورغم عدم اتهام الطيران الحربي الروسي بقتل المدنيين إلا ان التقرير أشار إلى وجود الطائرات المسيرة الروسية لحظة القصف على منازل المدنيين، واعتمد التقرير على معلومات المراصد المحلية التي تراقب حركة الطيران الجوية.

وتضمن تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة حملة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» وقوات الأمن الداخلي التابعة لها «أسايش» في مخيم الهول في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، واصفا الوضع الأمني في المخيم بانه يزداد سوءا، اذ سُجلت 34 جريمة قتل بين 1 من كانون الثاني (يناير) و31 من آب (أغسطس) الماضيين داخل المخيم، إضافة إلى عدة اشتباكات دامية بين قوى الأمن الداخلي «أسايش» وسكان المخيم.

وفي ردود الفعل على التقرير، قال كبير المفاوضين السابق في وفد الهيئة العليا للمفاوضات، المحامي محمد صبرة في جنيف لـ «القدس العربي»: «التقرير جاء متوازنا وفق معايير مجلس حقوق الإنسان وإن كنا نتمنى عليه التركيز على السبب الأساسي في المأساة السورية وهي قضية حق السوريين في تقرير مصيرهم وفي بناء نظام سياسي ديمقراطي يحلمون به وناضلوا وضحوا من أجله بمئات آلاف الشهداء» وعلق على النقطة التي تتحدث عن الإتجار بالمخدرات بمناطق سيطرة النظام «هذه النقطة على غاية من الأهمية لأنها عمليا تنسف كل رواية بشار الأسد ولا سيما أن ذكر سيطرة الميليشيات في منطقة يدعي أن ما يسمى بالحكومة، هي التي تسيطر عليها، تفقده أي أساس قانوني وموضوعي لمفهوم نظام الحكم وبالتالي لا يمكن اعتبار بشار سوى ميليشيا تسيطر على جزء من الجغرافية السورية بالتحالف مع ميليشيات أخرى».

وكشف تقرير اللجنة عن مقتل أكثر من 350 ألفا بسبب الحرب في سوريا منذ بدء الانتفاضة في آذار (مارس) 2011 وحتى آذار 2021 وأشارت إلى ان 14 مليونا و600 ألف شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية. وفي الناحية المعاشية، قال التقرير أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 800 في المئة في أسعار المواد الغذائية منذ عام 2020.

وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022 اعتقل قسم «الأمن الجنائي» في درعا نحو 150 شخصاً، أغلبهم أجرى «مصالحة» مع النظام منذ فرض القوات الروسية التسوية على فصائل الجبهة الجنوبية عام 2018.

وفصل تقرير اللجنة استمرار عمليات التعذيب الممنهج وسوء المعاملة والاعتقالات التعسفية التي تمارسها قوات النظام العسكرية وأجهزته الأمنية في مناطق سيطرتها في عموم البلاد، ووثقت اللجنة عمليات اعتقال شعبة المخابرات (العسكرية) لمواطنين سوريين وسوء معاملة.

ولم يفت اللجنة التذكير بمجزرة التضامن التي جرت في عام 2013 والتي ارتكبها عناصر وضباط يتبعون لنفس الشعبة، أعدموا خلالها 41 مدنيا معصوبي الأعين. وانتقدت اللجنة الدولية في تقريرها عدم مسائلة من ارتكب «الانتهاكات الجسمية وجرائم الحرب» من كل الأطراف وفي مقدمتها قوات النظام.

القدس العربي

————————–

======================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى