شعر

كيفَ تتثقّبُ السّماءُ؟/ كاترينا غوْغوّ

هو هناك

الشخصُ المُحدّد

لديهِ حياةٌ محدّدةٌ

مع أفعالٍ محدّدةٍ.

ولذلك

إنّ المجتمعَ المُحدّدَ

للغايةِ المُحدّدةِ

يحكمُ عليهِ

بموتٍ غامضٍ.

***

9 سنواتٍ من العُمْرِ

عندما تستيقظينَ في الصباحِ

ولا تجدينَ على الأرضيّةِ

الحبوبَ؛ ولا السترةَ ولا حمّالةَ الصدرِ

وتطرقينَ البابَ بقوّةٍ

دونَ أن تسمعيني خلفكِ أصرخُ بهستيريا “اخرسي”

لا تضعي البكاءَ وتذهبي كي تجديني

في صورةٍ من طفولتي التي تنظرُ إليكِ.

لم أكنْ أنظرُ أبدًا.

ولا حتى إلى كتاباتي الحمقاءِ. لقد قلتُ لكِ كذبًا.

دائمًا ما قلتُ لكِ

كم يبدو الأشخاصُ جميلينَ والألوانُ

والموسيقى.

احسبي فقط المُياوماتِ التي عملتُ بها

ومع هذا سوفَ تعلمينَ كيف عشتُ.

بعد ذلك احسبي أُجرتَنا

لن تكفي أبدًا كي أدفعها.

وكم أحرقتُ من الضوءِ

بحثًا كي أجدَ طريقةً.

اذهبي لوالدِكِ وابحثي

مرةً أخيرةً عن المالِ

ثمّ أعطيهِ ديوني.

بعدها اغسلي سحنتَكِ

ولا تدعي أحدًا يقولُ لكِ

ما الذي حدثَ أخيرًا مع أمِّكِ.

وتحتَ تلكَ

الكشوفاتِ الحمقاءِ فقط

اصنعي شمسَكِ تلكَ الموجودةَ

فقط في عقلِكِ

وفي أسفلِ هذه الشّمسِ

اكتبي بمزاحِ حروفِكِ الطفوليّةِ

تمَّ التسديدُ! تمَّ التسديدُ! تمَّ التسديدُ! تمَّ التسديدُ!

***

كاترينا غوْغوّ

الموتُ للموتِ

أجل. هكذا يكونُ كما تقولُ ذلكَ.

لو بحثتَ عميقًا

لوجدتَ بيوتًا مزدوجةً

تُخزّنُ في أقبيتِها جرارًا طينيّةً

بعيدةً عن البحرِ قليلًا

وبسعرِ التّرابِ.

وفي الجبلِ ثمّةَ جمالٌ

مع الأشجارِ والأنهارِ

إلى جانب امرأةٍ ومِعزةٍ، ستكونُ أنتَ على ما يرام.

ولكن نحنُ قدّ قرّرنا

أن نُغيّرَ العالمَ

وذلكَ لا يمكنُ أن يُصبحَ في الرّيفِ.

لقد قُلنا ذلكَ سابقًا.

كنّا نبحثُ لنجدَ أسلحةً

كنّا نعرفُ

أن الجميعَ ميّتونَ

لكن يوجدُ موتٌ أكثرَ ثقلًا

لأنّه اختارَ بنفسهِ طريقةَ موتِهِ.

ونحن قرّرنا

الموتَ للموتِ

لأنّنا نحبُّ الحياةَ كثيرًا.

أعرفُ كم هناكَ شواطئٌ لانهائيّةٌ

وأشجارٌ وسطَ البحرِ،

وأن العشقَ شيءٌ مهمٌّ.

لكن كان يجبُ منذ البدايةِ أن نقضي على السُّلُطاتِ.

جئتَ إلى هنا وكنتَ تدخّنُ

نَظرُكَ في الأرضِ.

كنتَ غامضًا وبعيدًا

تزدادُ احمرارًا مثلَ الفتياتِ

ولا كلمةً عن كلِّ ذلكَ

ولا حتّى أنا كنتُ أكلمُكَ

فقط قلتُ لكَ: “لا تنقطعْ…”

وأنتَ قلتَ لي: “نعم، نعم ماشي يا…”

ثمّ غادرتَ ناسيًا سيجارتَكَ.

أخذتُ إصبعي

هكذا مثلما رأيتُ

كما يفعلُ الرّجالُ

وأطفأتُها وسطَ علبتِكَ من كلِّ الزوايا.

لكن “ماركتي” أنا لم تكن تلك الـ “ماشي يا…”.

***

موضةُ الكراسي

انظرْ إلى الطرقاتِ

كيف تضيعُ في البشرِ…

والأكشاكُ كيف ترتجفُ بردًا

من الجرائدِ المبلولةِ

والسّماءُ

كيفَ تتثقّبُ من الأسلاكِ

ونهايةُ البحرِ

من ثقلِ السّفنِ

كم تفتقدُ تلكَ المظلّاتُ المَنسيّةُ

في نهايةِ خطِ الرّحلةِ

وخطأ الشخصِ الذي نزلَ

في موقفٍ أبكرَ للغايةِ

الثّيابُ المتروكةُ في دواءِ الغسيلِ

مع عارِكَ

بعد ذلك بعامينِ حيثُ وجدتَ المالَ

كيف سوف تطلبُهُ

كيف شيئًا فشيئًا

ببطءٍ مدروسٍ

راحَ يغيّرُنا

لنحدّدَ مواقفَنا في الحياةِ

من موضةِ الكراسي…

كاترينا غوْغوّ- Κατερίνα Γώγου: شاعرة، ممثلة وكاتبة يونانيّة وُلدت في حزيران/ يونيو عام 1940، في مدينة أثينا، ورحلت في 3 تشرين الأول/ أكتوبر 1993. عملت في المسرح والسينما منذ أواخر خمسينيات القرن المنصرم. تتميز كتاباتها بنبرةٍ ثوريّةٍ، غير تقليديّةٍ، تشبهُ إلى حدٍ كبيرٍ نمط حياتها. تكتب النصوص بتداعٍ حرّ، مستخدمة لغة بسيطة، يومية، لكنها صادمة. صدر لها عدد من المجموعات الشعريّة، منها ما هو بعد وفاتها، نذكر هنا: “ثلاث نقرات يسارًا” 1978، و”جريمة موصوفة” 1980، و”المعطف الخشبيّ” 1982، و”غائبون” 1986، و”شهر العنب المُجمّد” 1988، و”عودة إلى الوطن” 1990، و”يدعونني أوديسة” 2002. 

ضفة ثالثة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى