الناس

عن آلية دخول المساعدات إلى سورية -المشاكل والحلول- مقالات مختارة

ضغوط أميركية لمنع استفادة الأسد من العمليات الإنسانية/ عماد كركص

يزيد المشرّعون الأميركيون الضغط على الإدارة في البيت الأبيض في الملف السوري، ليبرز أخيراً مشروع قرار تقدم به نواب جمهوريون وديمقراطيون لمنع إدارة الرئيس جو بايدن من تمديد الرخصة 23، التي أقرتها بعد الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سورية في 6 فبراير/شباط الماضي لمدة 6 أشهر، بهدف تسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية إلى مناطق النظام.

لكن منظمات سورية ودولية وأميركية، باتت تشير إلى أن النظام جيّر تلك الرخصة للاستفادة منها في خدمة بنيته المالية والاقتصادية المشمولة بالعقوبات، والتي لم تستثنها الرخصة.

ففي 9 فبراير الماضي، أي بعد ثلاثة أيام على كارثة زلزال جنوب تركيا وشمال سورية، قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية بإصدار الرخصة العامة 23 الخاصة بسورية، التي تسمح بـ180 يوماً من كافة العمليات ذات الصلة بالإغاثة من الزلزال والتي كانت محظورة بموجب أنظمة العقوبات المفروضة على سورية، وستنتهي تلك الرخصة في 8 أغسطس/آب المقبل.

وكان “التحالف الأميركي من أجل سورية”، وهو إطار لمنظمات سورية – أميركية تعد من أبرز جماعات الضغط السورية في واشنطن، طالب إدارة بايدن بعدم تمديد الرخصة.

وذكر التحالف في بيان قبل أيام أن أعضاء من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي تبنوا هذا المطلب. وأشار التحالف إلى أنه على الرغم من أن الرخصة لها دوافع بتسهيل عمليات الإغاثة الإنسانية، إلا أنها “تسمح فعلياً بالمعاملات غير المقيدة مع نظام الأسد وحلفائه، المعروف بتحويل الأموال لدعم آلته الحربية، مع منع إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر ضعفاً في سورية”.

واقترح التحالف إنشاء قناة إنسانية من شأنها أن تمكّن الشركات التي تم فحصها والموافقة عليها من تقديم المساعدات بشكل فعال إلى المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، بما في ذلك شمال غربي سورية وشمال شرقها. وحث التحالف أعضاء الكونغرس على دعم قرار مجلس النواب الذي سيتم تقديمه في وقت لاحق من هذا الأسبوع، والذي يدعو إلى إنهاء الترخيص وإعطاء الأولوية لإنشاء قناة إنسانية كبديل شفاف وخاضع للمساءلة.

اقتصاد عربي

النظام السوري يسعى لاستغلال مساعدات الزلزال لتقويض العقوبات الغربية

عن الرخصة 23 والأنشطة الإنسانية

وحذر كل من رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب مايكل ماكول، ورئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى جو ويلسون من العواقب السلبية لتمديد الرخصة، وانضم إليهما نواب معروفون كجيمس بيرد وكوري ميلز وآخرين.

وفي بيان صدر عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، برئاسة ماكول، في 24 يوليو/تموز الحالي، أكدت اللجنة أنها وجهت رسالة إلى بايدن لمنع التمديد.

وأشار الأعضاء إلى أن “التراخيص العامة الحالية التي تسبق تاريخ الرخصة 23، تغطي مجموعة من الأنشطة الإنسانية وتوفر مرونة كافية للتنقل في بيئة التشغيل المعقدة في سورية”، مشيرين إلى أن الرخصة لم يكن لها داع من الأساس: “إذ يسعى شركاؤنا الإقليميون إلى إعادة الانخراط مع نظام الأسد القاتل ما يقوض فعالية عقوباتنا”.

وأشار أعضاء اللجنة في خطابهم للرئيس إلى أنه “تم تأطير الرخصة العامة 23 كاستجابة محددة ومحدودة زمنياً للتخفيف من العواقب غير المتوقعة لكارثة طبيعية”، وأنه “لا ينبغي أن يكون الترخيص مطلقاً بمثابة ترخيص طويل الأجل، لا سيما في حالة وجود استثناءات إنسانية حالية”.

واقترحوا بدلاً من ذلك “أن تعمل الإدارة من خلال مساعدي مديري مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ومكتب الشؤون التنظيمية، لمراقبة الامتثال للعقوبات والتهرب منها من أجل نشر المعلومات المتعلقة بالتراخيص العامة بالفعل”، مضيفين: “من المهم أيضاً أن تتعامل إدارتك مع مجموعة من الجهات الفاعلة ذات الصلة، بما في ذلك المؤسسات المالية، لضمان فهم أي تحديات محتملة بشكل كافٍ حتى يمكن مراجعة التوجيه وفقاً لذلك”، بالإشارة إلى متابعة العقوبات والرخص والاستثناءات الممنوحة لها.

وقال النواب لبايدن: “نحثك بشدة على السماح بانتهاء صلاحية الترخيص العام 23 في 8 أغسطس من أجل الحفاظ على سلامة عقوباتنا المتعلقة بسورية”.

وانتقد النائب جيمس بيرد في 26 يوليو الحالي سياسات إدارة بايدن المشابهة، وقال: “لفترة طويلة جداً، كان للسياسات الخارجية الناعمة لإدارة بايدن آثار دولية واسعة النطاق ومدمرة أضعفت مكانة الولايات المتحدة على المسرح الدولي”، مضيفاً: “من خلال تمديد الرخصة العامة 23، ترفض الإدارة فعلياً تحميل بشار الأسد المسؤولية عن جرائم الحرب التي لا توصف، وتبعث برسالة خطيرة إلى العالم مفادها أن الولايات المتحدة تتغاضى عن هذه الأزمة الإنسانية”.

وتابع بيرد: “بصفتنا قائد العالم، تقع على عاتقنا مسؤولية إرسال رسالة مدوية للجميع، مفادها أن هذا السلوك الحقير لن يتم التسامح معه، ولهذا السبب أقدم مشروع قانون لمنع هذا التمديد”.

من جهته، أوضح مدير البرنامج السوري في المجلس الأطلنطي (مؤسسة بحثية أميركية غير حزبية)، قتيبة إدلبي، أن “مشروع قرار عدم التمديد تعبير لعدم رضى الكونغرس عن أي قرار للتمديد، وبالتالي هو يرسل رسالة للإدارة بأن أي تمديد سيحصل لن يقبل به الشارع الأميركي عموماً”.

وأضاف في حديثٍ لـ”العربي الجديد”: “يبقى السؤال ما إذا كان ذلك سيؤثر على قرار البيت الأبيض بالتمديد من عدمه؟ ويمكن القول إن هناك تأثيراً لكن احتمال توقيف التمديد ليس كاملاً، فالإدارة الآن أمام خيار صعب، لكن أعتقد بأن الإدارة ستمدد الرخصة، لا سيما أن بريطانيا والاتحاد الأوروبي مددوا رخصهم الممنوحة بعد الزلزال”.

وحول الاستفادة التي حققها النظام من الرخصة، أشار إدلبي إلى أنه “من الصعب حصر عمليات التحويل المالية من مصارف حول العالم باتجاه المؤسسات المالية للنظام، لكن بالطبع كانت هناك استطاعة للأشخاص والكيانات المعاقبة للحصول على تحويلات مالية عبر المصارف”.

لكنه أضاف أن “النظام لا يمكن أن يستفيد على المدى الطويل من مسألة الرخص الممنوحة، لكون النظام والدائرة الضيقة الحاكمة من عائلة الأسد استهلكت كل احتياطاتها النقدية في تمويل عملياتها الأمنية، والنظام عملياً منهار اقتصادياً، ولذلك لا يوجد حوامل مالية أو اقتصادية يمكن له الارتكاز عليها، لتحقيق استفادة استراتيجية أو طويلة المدى”.

استفادة النظام من الرخصة 23

من جهته، أشار المدير التنفيذي لـ”رابطة المحامين السوريين الأحرار”، سامر ضيعي إلى أنه إذا تم تمديد رخصة سورية العامة رقم 23، سيتم السماح بمواصلة الصفقات غير المقيدة مع نظام الأسد وحلفائه، وهذا يعني أن ذلك سيضع النظام من دون تدابير رقابة صارمة، يمكن توجيه الموارد المقصودة أصلاً لأغراض إنسانية لدعم مصالح النظام، بما في ذلك جهود الحرب.

وأشار في حديث لـ”العربي الجديد” إلى أنه “يمكن أن يستفيد النظام منها على الشكل التالي: أولاً، تخفيف العبء الاقتصادي، من خلال تمكين الصفقات مع النظام، فيمكن أن تخفف الرخصة بشكل غير مباشر الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الدولية، وهذا لأن تدفق الموارد إلى البلاد، حتى لو كانت مقصودة للمساعدات الإنسانية، يمكن أن يحفز الاقتصاد المحلي ويعزز بالتالي القاعدة المالية للنظام”.

وتابع: “ثانياً، تعزيز السيطرة، فقد استخدم النظام المساعدات الإنسانية وبحسب تقارير دولية ومحلية لتعزيز سيطرته على بعض المناطق، خصوصاً المناطق التي تحت سيطرة المعارضة، من خلال تحديد من يتلقى المساعدات ومتى، يمكن للنظام استخدامها كأداة للتأثير وتعزيز قاعدة سلطته. ثالثاً، التسلح والفساد، فهناك تقارير تفيد بأن النظام وحلفاءه يحوّلون أموال المساعدات لدعم آلتهم الحربية، بما في ذلك ادعاءات بتهريب الأسلحة متنكرة بأنها مساعدات إنسانية، وهذه الممارسات، تعزز قدرات النظام العسكرية”.

وبحسب ضيعي: “من الناحية القانونية، تمنح الرخصة فرصة لنظام الأسد للتهرب من قانون قيصر، الذي وضعته الولايات المتحدة لعزل النظام اقتصاديا بسبب انتهاكاته لحقوق الإنسان”.

وحول تأثير ذلك على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، قال إنه “إذا واصل النظام حجب المساعدات عن هذه المناطق بينما يستغل المساعدات لأغراضه الخاصة، ستزداد الأزمة الإنسانية في هذه المناطق سوءاً، مما يؤدي بدوره إلى زيادة التشرد والمعاناة بين السكان في هذه المناطق. علاوة على ذلك، سيستخدم النظام الرخصة لتعزيز موقعه السياسي والعسكري، مما يقوض قوات المعارضة”.

وكان الاتحاد الأوروبي أقر في 14 يوليو الحالي، تمديد “الإعفاء الإنساني” لستة أشهر أخرى، حتى 24 فبراير 2024، بهدف مواصلة الاستجابة للأزمة الإنسانية في سورية وتسهيل إيصال المساعدات بسرعة.

وأول من أمس الخميس أعلن الاتحاد في بيان، انضمام دول أوروبية لقرار “الإعفاء الإنساني” من العقوبات المفروضة على النظام السوري، وذكر كلا من: مقدونيا الشمالية، مونتينيغرو، صربيا، ألبانيا، أوكرانيا، مولدوفا، البوسنة والهرسك، جورجيا، بلدان الرابطة الأوروبية للتجارة الحرة (ليختنشتاين والنرويج) وأعضاء المنطقة الاقتصادية الأوروبية.

ووفق بيان الاتحاد الأوروبي يهدف الإعفاء “إلى زيادة تسهيل عمليات المنظمات الدولية وفئات محددة من الجهات الفاعلة المشاركة في الأنشطة الإنسانية في سورية”. وكان مجلس الاتحاد الأوروبي أدخل استثناءً إنسانياً، في 23 فبراير الماضي، على نظام العقوبات بسبب كارثة الزلزال.

العربي الجديد

———————————

هل من بدائل لإدخال المساعدات إلى الشمال السوري؟

أحمد مظهر سعدو

تُعيد الحكومة الروسية ممارسة بلطجتها الأممية مرة أخرى، ضد معاش وحيوات السوريين في الشمال السوري، عبر استخدامها المتكرر لحق الفيتو في مجلس الأمن، من أجل منع وعرقلة المساعدات الإنسانية، وإعاقة تدفقها السلس والإنساني نحو ما ينوف عن أربعة ملايين ونصف المليون إنسان سوري في الشمال السوري، حسب إحصائيات وتوثيقات منظمات الأمم المتحدة، الذين طالما عمل النظام السوري المجرم ومعه إيران وروسيا على تهجيرهم قسريا ومحاصرتهم، وصولا إلى حالة قطع المساعدات الغذائية نهائيا عنهم، وهو ما حصل يوم الثلاثاء الفائت عندما رفضت روسيا إصدار القرار الأممي بتمديد إدخال المساعدات لتسعة أشهر قادمة، وهي قضية تسوية أرادتها سويسرا والبرازيل بدلًا من  ٦ أشهر فقط تريدها روسيا، أو سنة كاملة تقترحها باقي الدول الغربية الكبرى.

ورغم ذلك لم تقبل روسيا بالصيغة الوسطية التوافقية، واستمرأت في موقفها اللاإنساني متماهية مع مواقفها السابقة والعنجهية المعروفة بها، ومقتلتها السورية المستمرة، بالشراكة مع نظام الأسد، لما يزيد عن ١٢ سنة خلت.

وإذا كان لايهم الروس بقاء أكثر من ٤ ملايين إنسان سوري بلا غذاء أو دواء، كما لا تهمهم حالة العوز الكبرى التي وصل إليها الشعب السوري، عبر القمع والقتل والحصار الأسدي،  والصمت المطبق من قبل المجتمع الدولي، وهو صمت غير مبرر، فإن روسيا/ بوتين (كما يبدو) ماضية في تعويقها للقرار الأممي الذي يسمح بإدخال المساعدات، في ظل وعلى تساوق أكيد مع حربها الضروس، ضد الأوكران، واستمرار إغراقها في الوحل الأوكراني لما يقرب من سنة ونصف، وهي ما انفكت (أي دولة الاتحاد الروسي) تمارس العسف والقتل والصلف والدمار للبنية التحتية، بينما يستمر الغرب في سياسة الفرجة عليها، وتركها تغرق وحدها، حتى لو كان على حساب دماء الأوكران والسوريين.

لكن وباعتبار أنه لا يبدو أن في الأفق أي احتمالات قريبة لإنجاز آلية أممية، يغطيها قرار أممي جديد من مجلس الأمن، يجبر روسيا على الانصياع للرؤيا الدولية في السماح لمساعدات إنسانية في الولوج والتحرك، إنقاذًا لأرواح الناس وحيواتهم، المهددة يوميًا بخطر المجاعة والفقر المدقع الذي وصلت إليه أنساق المجتمع السوري.

فإنه لابد من البحث عن بدائل جديدة ومبتكرة، تشتغل عليها الدول الكبرى، وتتجاوز من خلالها المعوقات الآنية في الوصول إلى قرار أممي من مجلس الأمن.

ولا ضير أن ما طرحته الشبكة السورية لحقوق الإنسان من مسألة تستحق التأييد والدفع بها، حيث وكما أكد بيانها الأخير فهي “تعد من أوائل الجهات التي أكدت أن إدخال المساعدات الأممية العابرة للحدود في سوريا ليست بحاجة إلى إذن من مجلس الأمن، وأصدرت تقارير عديدة

 أوضحت بشكل تفصيلي الأسباب القانونية والسياق الموجب لذلك

” وهي “تؤكد  منذ سنوات أن على المجتمع الدولي التخلص من الابتزاز الروسي إلى الأبد، واتخاذ خطوة إدخال المساعدات الأممية الحيادية والضرورية دون الحاجة إلى إذن من مجلس الأمن”. ويبدو أن الدول الكبرى يمكنها ذلك، فيما لو كانت جادة، لكنها وكما يظهر، فهي تريد مزيدا من إحراج الروس عالميًا، وإظهارهم بشكل فاقع كأعداء للإنسانية، عندما يعوقون إصدار قرار إنساني صرف، حيث لا يحتاج إلى قرارات أممية لتنفيذه، حسب كل الشرائع الدولية الإنسانية، والقانون الدولي الإنساني.

إذ إن “القانون الدولي الإنساني واضح وصريح ولا ينبغي أن يكون هناك حاجة لأي تصريح من مجلس الأمن الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين لها”.

ولأن المراقبين والمتابعين يرون أنه من غير المؤكد ما إذا كان سيشهد مجلس الأمن الدولي جولة مفاوضات جديدة حول التجديد للآلية عبر مشروع قرار جديد كما سبق وحصل في مرات سلفت، فإن البحث عن حلول أخرى وبدائل جديدة، يمسي أكثر ضرورة وإلحاحية.

وقد قالت السفيرة السويسرية لدى الأمم المتحدة، باسكال بيريسويل: “لن نسمح بأن يعيق الفيتو الذي استُخدم جهودنا، وسنعمل مع كل أعضاء المجلس للوصول بالمساعدات إلى كل من يحتاج إليها، سنعمل من أجل التوصل لحل”.

كما أشارت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر، في تصريحات لها، إلى أنّ “فرنسا تأسف للفيتو الروسي ضدّ هذا القرار”. وأوضحت أنّ “هذا الموقف يؤكّد عزلة روسيا المتزايدة في كلّ المحافل الدولية”. وأكدت أنّ “المساعدات الإنسانية عبر الحدود حيوية لملايين السوريين”، مشيرة إلى أنّ “لا بديل اليوم لإيصال المساعدات لأكثر من 4,5 ملايين شخص”.

وهناك من يتحدث عن أهمية إحالة المسألة أي مشروع القرار وهو يرتبط بالعمليات الإنسانية البحتة في سوريا إلى منصة أممية أهم هي الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل إقراره بعيداً عن التلاعب الروسي، كما حصل بالنسبة لقرار الكشف عن المفقودين والمعتقلين السوريين مؤخرًا.

كما أن هناك من يرى أن “البديل عن آلية الأمم المتحدة هو منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية، التي من المفترض أن تأخذ الجزء الأكبر من المنح المقدمة من الدول إلى المحتاجين في سوريا”.

وتم الكشف مؤخرًا عن “تحضير منصة بديلة عن “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا)، وهي منصة “إنصاف” والتي تأخذ على عاتقها دوراً تنسيقياً لتوزيع المنح بين المنظمات”. “يمكن لهذه المنصة أن تكون بديلاً  كمنصة تنسيقية بين الدول المانحة والمنظمات، والبديل الثاني هو المنظمات الدولية”.

ولا بد من الإشارة إلى أن (“إنصاف” هو صندوق إنساني مشترك متعدد المانحين تم إنشاؤه من قبل المانحين الدوليين نهاية العام الماضي لتلبية الاحتياجات ذات الأولوية في شمالي سوريا)

وتجدر الإشارة أن هناك أربع دول هي: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية دعمت إنشاء الصندوق أو هذه المنصة”.

لا بد من الاشتغال حثيثًا على هذه البدائل، وبدائل أخرى ممكنة، ولا بد من أن تتحرك المعارضة الرسمية السورية التي مازالت تتفرج على المشهد من بعيد، وكأنه لا يعنيها أبدًا وجود أربعة ملايين ونصف من السوريين يقطنون في الشمال السوري، يفترض أنهم حاضنتها الأساسية.

——————————–

نازحون ومهجرون سوريون يترقبون انفراج أزمة دخول المساعدات الأممية/ عبد الله البشير و عبد الرزاق ماضي و هاديا المنصور

يترقب النازحون في مناطق شمال غربي سورية انفراج أزمة المساعدات العابرة للحدود التي عجزت الأمم المتحدة عن تمديد آلية إدخالها، أو اتخاذ قرار جديد بشأنها، في ظل استخدام روسيا حق النقض “فيتو” لمنع وصول هذه المساعدات إلى من هم بأمس الحاجة إليها. لتنعكس تداعيات القرار الروسي بشكل مباشر على عمل المنظمات الإنسانية، والتي بدورها ستقلص عدداً كبيراً من الخدمات المقدمة للنازحين.

يؤكد مدير فريق “منسقو استجابة سورية” محمد حلاج، لـ”العربي الجديد”، أن “القضية في الوقت الحالي هي تحصيل نقاط للجانب الروسي، والنظام السوري يدرك  تماماً أن القرار سيُمدد، لأن المقترح السويسري البرازيلي انتهى، والمقترح الروسي انتهى. ما يجبر الجميع على صياغة مقترح جديد بناء على رغبة روسيا، وهي معبر باب الهوى فقط، وستة أشهر فقط، وفي المقابل، سيجرى إرضاء الولايات المتحدة بعبارة التمديد ستة أشهر بناء على تقارير الأمين العام للأمم المتحدة التي تصدر كل 60 يوما، مع التشديد على ضرورة عمليات التعافي المبكر، وزيادة فعالية دخول المساعدات الإنسانية عبر خطوط التماس”.

يضيف حلاج: “فعلياً، سيُعاد القرار الجديد بنفس صيغة قرارات سابقة، ليستفيد النظام بحجة دعم المدنيين المقيمين في المناطق الخارجة عن سيطرته، وقد أعطى رسالة غير مباشرة مفادها أن المعابر الحدودية خاضعة لسيطرة دمشق. أما روسيا، فستكون مستفيدة من عدة نواح، أهمها تمرير القرار وفق ما ترغب، وزيادة المساعدات لمناطق النظام السوري، وزيادة العمل على مشاريع تحت مسمى التعافي المبكر. في حين تكتفي الولايات المتحدة الأميركية بمظهر المنتصر عبر إبقاء شريان الحياة قائماً لستة أشهر مع ضمان التمديد”.

ويلفت حلاج أن التعلل بأدوار الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري هو “عبارة عن إسطوانة مكررة لإظهار سلطات دمشق باعتبارها قادرة على الوصول إلى كافة المناطق، لكن على أرض الواقع، حتى روسيا ليس لديها  قبول لهذه  الفكرة. في النهاية، القرار سياسي، ولا علاقة له بالنهج الإنساني”.

ويكشف مدير فريق الاستجابة الطارئة دلامة العلي، لـ”العربي الجديد”، أن “أكثر من مليوني نازح يعيشون في المخيمات سيتأثرون، إذ كانوا يستفيدون من المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة، كما ستتأثر نحو 250 ألف عائلة كانت تستفيد من السلة الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي شهرياً، إضافة لخسارة مئات آلاف أكياس الخبز التي كانت تصنع من الطحين المقدم ضمن السلة الغذائية، وسيخسر أكثر من ألف مخيم خدمات المياه المجانية التي كانت تقدم يومياً، إضافة إلى تأثر المشاريع الصحية”.

يضيف العلي: “في حال توقف تلك المشاريع، ستتدهور أحوال الأهالي الذين يعيشون بالأساس تحت خط الفقر، ويمكن أن يصلوا إلى تحت خط الجوع، خاصة العائلات التي لا تملك معيلاً، أو التي يقوم على رعايتها أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، فالمساعدات الإنسانية رغم قلتها كانت تقدم لهم دعماً مقبولاً في ظل الظروف السيئة وقلة فرص العمل وانخفاض مستوى الدخل”.

ويوضح: “نخشى في حال توقف المشاريع القائمة من تفاقم نسب البطالة، كما ستتعطل حركة الأموال في الأسواق، وبالتالي تضعف الدائرة الاقتصادية في المنطقة كلها، وتلك العوامل قد تؤدي إلى تدمير المنطقة اقتصادياً، ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الجريمة، وترك آلاف الطلاب مقاعد الدراسة نتيجة اضطرارهم إلى العمل لتأمين دخل إضافي لعائلاتهم”.

ويقول مسؤول العلاقات العامة في مديرية صحة إدلب غانم خليل، لـ”العربي الجديد”: “هذا هو الفيتو رقم 19 الذي تستخدمه روسيا في مجلس الأمن للضغط على المجتمع الدولي، ومساندة نظام الأسد الذي تدعمه عسكرياً بقصف المشافي والمراكز الصحية والأسواق والأفران، وسياسياً عبر استخدام الفيتو وسيلةً للضغط على المعارضة والمدنيين في المناطق المحررة، ووسيلة ابتزاز للدول المساندة للثورة السورية”.

يضيف خليل: “المنطقة ستتأثر بشكل كبير في حال إيقاف دخول المساعدات عن طريق معبر باب الهوى، ونقلها عبر مناطق النظام أو خطوط التماس إلى المناطق الخارجة عن سيطرته، وهنا تحاول روسيا إعادة شرعنة النظام السوري، وإجبار المجتمع الدولي على التعامل معه، وعلى الأخص الأمم المتحدة، والقطاع الطبي سيتأثر بشكل كبير أسوة ببقية القطاعات، خصوصاً أنه يعاني من ضعف عام في الأساس نتيجة الكثافة السكانية في مناطق شمال غربي سورية، وعدم قدرته على تلبية كامل الاحتياجات، وسيكون التأثير مباشراً على مراكز الأمراض المزمنة وأمراض السرطان ومراكز غسيل الكلى، وبشكل غير مباشر على كل القطاع الطبي”.

ويؤكد الناشط الحقوقي عادل الويس، لـ”العربي الجديد”، أن “روسيا تواصل قتل الشعب السوري في المناطق المحررة، سواء بالسلاح أو من خلال استخدام حق النقض، خاصة أن معبر باب الهوى الحدودي هو شريان الحياة الوحيد المتبقي للمدنيين في المنطقة، وسيؤدي عدم إيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى المحتاجين إلى نتائج  كارثية على سكان تلك المناطق الذين يعيشون أوضاعاً يرثى لها، ويعانون من مستويات متفاقمة من الفقر في ظل ارتفاع الأسعار غير المسبوق وقلة فرص العمل”.

ويقول مدير “مخيم غطاء الرحمة” محمود عكرمة الدروبي إن “نبأ إيقاف تدفق المساعدات الإنسانية نزل على النازحين والمهجرين في المنطقة كالصاعقة، وذلك بعد أن استخدمت روسيا حق النقض، وعطلت مشروع القرار الذي يهدف إلى الإبقاء على تدفق المساعدات عبر معبر باب الهوى، الذي يعتبر الشريان الرئيسي للحياة في الشمال السوري”.

يتابع عكرمة في حديثه لـ”العربي الجديد”: “مع الأسف، بعض الدول تخلط الملف الإنساني بالملفات السياسية، علماً أن الروس مسؤولون عن تهجير الشعب السوري، ولم يكتفوا بالقتل والتهجير، بل زادوا من إجرامهم عبر تدخلهم في الشؤون الإنسانية، وبسبب هذا القرار الجائر، يتحمل أهلنا في الشمال السوري أقسى الظروف الإنسانية في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها المنطقة، مع الغلاء الفاحش، وقلة فرص العمل. هذا القرار لا يقل إجراماً عن قصف الطائرات الروسية الذي يقتل شعبنا. على  المجتمع الدولي إيجاد حل للملف الإنساني في سورية لإنقاذ ما تبقى من الشعب، كما نناشد الاخوة العرب والمسلمين وأصدقاء الشعب السوري مد يد العون”.

ويقول نجيب سعد الدين، وهو مهجر مقيم في مخيمات “كللي”، لـ”العربي الجديد”، إنه عامل مياومة زراعي، ولا يتجاوز دخله اليومي 70 ليرة تركية (2.67 دولار)، ولا يعمل في الشهر أكثر من 15 يوماً، ما يعني أن المبلغ الذي يجنيه لا يكفي ثمن الخبز والمياه لعائلته المؤلفة من خمسة أفراد، إذ يحتاج بشكل يومي إلى عشر ليرات لشراء الخبز، ويبلغ سعر متر المياه 40 ليرة تركية.

يتابع نجيب: “السلة توفر لنا الحد الأدنى من المواد الغذائية الرئيسية، وقد نضطر إلى شراء بعض الأصناف في نهاية الشهر، لكن توفير المياه والخبز في المخيم يخففان جزءاً كبيراً من النفقات، ولا أعرف مصير عائلتي في حال اضطررت لدفع هذه النفقات من جيبي الخاص مع توقف دخول المساعدات إلى الشمال السوري. اعتدنا على أن تكون النفقات أقل في فصل الصيف، ولا أدري ماذا سيحدث لعائلتي في الشتاء إذا لم أتمكن من تأمين محروقات التدفئة لهم”.

بدوره، يؤكد النازح جمال البيوش، لـ”العربي الجديد”، أنه يعيش في مخيمات شمال إدلب التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، ويعاني من قلة فرص العمل، ويعتمد بشكل كلي على المساعدات الإنسانية في إطعام أبنائه الخمسة، وهو لا يخفي خشيته مما سيكون عليه حاله مع إيقاف المساعدات.

من جانبها، تقول صبحية السليم، وهي نازحة مقيمة في مخيمات سرمدا، لـ”العربي الجديد”، إنها تفتقر إلى المعيل منذ وفاة زوجها، ولا يوجد لديها مال، ولا يوجد عمل، وتضيف: “أصبحت غير قادرة على تأمين أي من احتياجاتنا الأساسية، ولا حتى الخبز أو الأدوية. أعتمد أنا وأطفالي الستة على ما تقدمه المنظمات الإغاثية من مساعدات شهرية، كما أجمع الأعشاب من الجبل وأطبخها حتى يمكننا البقاء على قيد الحياة. مرعب ما سيكون عليه الحال إن توقفت المساعدات. يبدو أننا على أبواب مجاعة لم نشهد لها مثيلاً”.

العربي الجديد

—————————-

مفاوضات من 3 محاور”.. المساعدات الإنسانية إلى سوريا تصطدم بـ”شروط الأسد

ضياء عودة – إسطنبول

منذ يوم التاسع من يوليو الحالي، لم تدخل أي قافلة مساعدات أممية إلى مناطق شمال غرب سوريا عبر معبر “باب الهوى” الحدودي، وبينما تواصل الأمم المتحدة التأكيد على عدم استئناف عملياتها بعد، يسود ترقب بشأن آلية التعاطي الجديدة، ولاسيما بعدما فرض النظام السوري “شروطا غير مقبولة”.

وكان مجلس الأمن الدولي قد فشل، الأسبوع الماضي، في الاتفاق على تمديد الآلية، جراء استخدام موسكو، أبرز داعمي النظام السوري حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار يُمدد العمل بهذه الآلية لتسعة أشهر.

ورغم أن هذا الموقف الروسي ليس بجديد، وكانت موسكو قد كررته كثيرا خلال السنوات الماضية، إلا أن دخول النظام السوري على الخط كان الأول من نوعه، وكذلك الأمر بالنسبة للرسالة التي سمح من خلالها باستخدام المعبر لسنة أشهر، لكن بشروط “سيادية”، حسب تعبيره.

وتنص رسالة النظام على أنها ستسمح بإدخال المساعدات الإنسانية عبر باب الهوى “بالتعاون الكامل والتنسيق مع الحكومة”، كما طلبت “إشراف اللجنة الدولية للصليب الأحمر” و”الهلال الأحمر العربي السوري” على العملية.

وأشارت الرسالة إلى أن الأمم المتحدة “يجب ألا تتواصل مع المنظمات والجماعات الإرهابية في شمال غرب سوريا”، وهو الأمر الذي اعتبرته الأخيرة “غير مقبول”، بحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لها (أوتشا).

وعبّر المكتب عن قلقه إزاء الحظر المفروض على التحدث إلى كيانات “مصنفة إرهابية”، وكذلك حيال “الإشراف” على عملياته من جانب منظمات أخرى.

من جانبه، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنهم “يتشاورون مع شركاء مختلفين، ويبحثون في الشروط الواردة في رسالة السلطات السورية”، مؤكدا أنه “لم تعبر أي مساعدات إنسانية للأمم المتحدة”.

“رفع سقف طلبات”

ويقع “باب الهوى” في الريف الشمالي لإدلب، ويعتبر ممرا إنسانيا بارزا تستخدمه المنظمات الأممية وغير الأممية، منذ عام 2014، لتمرير المساعدات من داخل الأراضي التركية إلى سوريا، لتوزيعها على أكثر من 4 ملايين مدني، نصفهم من النازحين.

وزادت احتياجات هؤلاء النازحين بشكل أساسي بعد كارثة الزلزال المدمّر الذي ضرب المنطقة في السادس من فبراير الماضي.

ويشير المكتب الإعلامي للمعبر الحدودي إلى أن آخر قافلة مساعدات أممية دخلت في التاسع من يوليو الحالي، وكانت تضم 3060 شاحنة محملة بـ 67 ألف طن من المواد الغذائية واللوجستية والطبية.

وأبلغ المكتب موقع “الحرة” أن فترة انقطاع المساعدات في الوقت الحالي تعتبر الأطول من نوعها، قياسا بالسنوات الماضية وعندما كانت موسكو تستخدم حق الفيتو حتى تحقيق النقاط التي تريدها بشأن القضية.

ومن غير الواضح حتى الآن كيف ستتعاطى الأمم المتحدة مع الشروط التي فرضها النظام السوري، وكذلك الأمر بالنسبة إلى ما إذا كان النظام سيصر عليها أم قد يتراجع عنها بموجب “مفاوضات”.

ووفق المحلل المستقل لشؤون سوريا، سام هيلر، “لم ترفض الأمم المتحدة عرض دمشق رفضا تاما، وإنما أشارت في ردها إلى بعض الشروط المتضمنة في الكتاب، والتي تمس بالمبادئ الإنسانية أو تتنافى مع سير عمل العمليات الإنسانية عبر الحدود”.

وقال هيلر لموقع “الحرة”: “ليس إذن دمشق لإيصال المساعدات عبر الحدود أمرا غير مقبول بحد ذاته، بل تكمن المشكلة في الشروط التي وضعتها في الكتاب الخاص بها”.

وأضاف: “الآن نتطلع إلى نتائج مفاوضات الأمم المتحدة مع دمشق، على أمل أن يتوصل الطرفان إلى حل ويتم تذليل العقبات أمام استمرار المساعدات إلى المحتاجين”.

ومع ذلك، قال الباحث إنه “لم يتبين بعد مدى جدية دمشق بشأن بعض الشروط التي وضعتها”، موضحا: “أي إذا كانت تلك الشروط غير المقبولة وفقا للأمم المتحدة يمكن التفاوض عليها وتجاوزها، أم إذا كانت دمشق ستصر عليها وتتمسك بها، ونتيجة لذلك تصل المحادثات إلى طريق مسدود”.

من جانبه، لا يرى الناشط الإنساني، مأمون السيد عيسى، أن هناك “انعطافة في موقف النظام السوري”. وقال لموقع “الحرة” إن ما حصل في الرسالة الأخيرة بمثابة “شروط وضعها بالتنسيق مع الروس في إطار المفاوضات ورفع سقف الطلبات”.

هل قابلة للتحقيق؟

ويعيش في شمال غرب البلاد 4.5 مليون شخص، نزح منهم 2.9 مليون خلال الصراع الذي تسبب في مقتل مئات الآلاف منذ اندلاعه إثر احتجاجات مناهضة للنظام السوري. وتقول الأمم المتحدة إن نحو مليوني شخص يعيشون في مخيمات، وقد تضاعفت معاناتهم بعد كارثة الزلزال.

ولطالما نسقت منظمات غير حكومية ودول بمفردها إرسال قوافل مساعدات من طرف واحد إلى الشمال الغربي، لكن منظمات الأمم المتحدة لا تستطيع اجتياز المعبر دون موافقة الحكومة السورية أو مجلس الأمن.

لكن في المقابل، ترى منظمات حقوق إنسان دولية أن المساعدات إلى شمال غرب سوريا يمكن أن تمر دون إذن من مجلس الأمن أو حتى موافقة النظام السوري، وبشكل قانوني.

ووفقا لتحليل قانوني نشرته منظمة “العفو الدولية”، في مايو الماضي، فإن تسليم المساعدات الإنسانية غير المتحيزة عبر الحدود السورية إلى المدنيين الذين هم في حاجة ماسة إليها دون تصريح من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو موافقة الحكومة السورية أمر قانوني بموجب القانون الدولي، وذلك بسبب عدم توفر بدائل أخرى ونظرا لضرورة عمليات الإغاثة عبر الحدود التي تقوم بها الأمم المتحدة للحد من معاناة السكان المدنيين، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شمال غرب سوريا. 

ويرى الناشط السيد عيسى أن “الشروط التي وضعها النظام السوري غير قابلة للتحقيق”.

وأوضح حديثه بالقول: “الشرط الأول (ألا تتواصل الأمم المتحدة مع الكيانات المصنفة على أنها إرهابية) يتيح له تصنيف المنظمات الإنسانية كذلك، كما فعل مع “الخوذ البيضاء”، وهي مؤسسة مدعومة من الغرب، وتعمل على إسعاف السوريين وإنقاذ الأرواح”.

وتابع: “الشرط الثاني المتعلق بـ(ألا تشرف اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري على توزيع المساعدات الإنسانية في شمال غربي سوريا ويسهّلانه) غير قابل للتحقيق أيضا”.

وأوضح الناشط أن “الهلال الأحمر السوري غير متواجد في شمال وشمال غرب سوريا، ولا يوجد له موظف واحد، بينما الأمم المتحدة لديها منظومة متكاملة لتوزيع المساعدات”.

وبالتالي “إذا تم تسليم توزيع المساعدات للهلال الأحمر السوري سيحتاج أشهرا طويلة ليتمكن من توزيع المساعدات. وهذا إذا سمح له بالتواجد في المنطقة”، وفق ذات المتحدث.

ويعتبر معاوية حرصوني، المدير التنفيذي لمنظمة “الأمين للمساندة الإنسانية” أن “استمرار الحاجة للتصويت على قرار إدخال المساعدات في السنة مرة أو مرتين لتمديده جعل النظام يجد نفسه في موقع القوة”.

وقال لموقع “الحرة” إن “شروطه المفروضة حاليا أشبه بما اتبعه في المناطق المحاصرة سابقا، وعلى رأسها الغوطة الشرقية”.

وأضاف حرصوني: “يسعى لسرقة معظم احتياجات الأهالي، وفي اليوم التالي يمطرهم بالبراميل المتفجرة”.

“مفاوضات من 3 محاور”

ومنذ يوليو 2020، تُقدم الأمم المتحدة المساعدات إلى المنطقة التي مزقها النزاع في شمال غرب سوريا عبر معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا.

وفي أعقاب الزلازل التي ضربت شمال سوريا وجنوب شرق تركيا، في 6 فبراير 2023، استغرق وصول الشحنة الأولى من مساعدات الأمم المتحدة ثلاثة أيام.

وقد أدى هذا التأخير، إلى جانب عدم قدرة الأمم المتحدة على توسيع نطاق استجابتها للمساعدات بسبب التحديات اللوجستية والسياسية، إلى تفاقم الاحتياجات الإنسانية وإعاقة عمل فرق البحث والإنقاذ، بحسب منظمة العفو الدولية.

ولم يوافق النظام السوري إلا في 13 فبراير على فتح معبرين حدوديين إضافيين مؤقتا من تركيا إلى شمال غرب سوريا لمدة ثلاثة أشهر، ليعود في الوقت الحالي ويفرض شروطا جديدة.

ولطالما رفض النظام السوري عملية إدخال المساعدات عبر الحدود بوصفها انتهاكا لسيادته، وبالتزامن مع رسالته الموجهة إلى مجلس الأمن قال سفيره بسام الصباغ إن “الحكومة اتخذت قرارا سياديا”.

ويُنظر إلى هذا التحرك على أنه يتيح للأسد مصدرا محتملا للنفوذ مع دول الغرب التي تمول المساعدات إلى حد كبير، ويمنحه أداة لممارسة الضغوط على منطقة معارضة تسيطر عليها جماعات مسلحة قاتلت للإطاحة به، وفق رويترز.

بدوره، يوضح الناشط السيد عيسى أن “شروط النظام هي للتفاوض لكن المفاوضات الحقيقية مع الروس في مجلس الأمن تتم على 3 محاور”.

ويرتبط المحور الأول بمدة لتمديد وعدد المعابر، والثاني بزيادة نسبة المساعدات القادمة عبر الخطوط أي عبر الحدود مع مناطق النظام، والثالث يتعلق بـ”زيادة مشاريع التعافي المبكر الذي أقر أول مرة بالقرار 636″ و”يجب أن يعاد الطرح القديم المتعلق بإيصال المساعدات من دون قرار مجلس الأمن أو موافقة الأسد”، حسب الناشط حرصوني.

ويرى أن هذا الأمر “متاحا لكنه يصطدم بعدم رغبة مجلس الأمن أو الدول الفاعلة بذلك”، مضيفا أن “الجانب الإنساني للقضية السورية أضحى مهملا كما الملف السياسي السوري”.

ضياء عودة

الحرة

————————————–

هذا الاستغلال الروسي في سورية/ حسين عبد العزيز

لم يكن مفاجئا أن تقدّم روسيا قبل أيام من جلسة مجلس الأمن، في 10 يوليو/ تموز الحالي، اقتراحا لتمديد موافقة المجلس على تسليم المساعدات إلى شمال غربي سورية عبر تركيا ستة أشهر، إذ لم يعد بإمكان روسيا الحديث عن إلغاء آلية المساعدات الأممية إلى سورية كما فعلت في الأعوام الثلاثة الماضية. ولا يتعلق الأمر في رغبتها باستمرار إيصال المساعدات لنحو أربعة ملايين شخص في الشمال السوري، والحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية، خصوصا بعد الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سورية في فبراير/ شباط الماضي، بل يتعلق الأمر بأسباب أخرى:

أولا، توسّع عمل آلية المساعدات الأممية إلى سورية منذ عامين، من برنامج يهدف إلى إيصال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى برنامج يهدف إلى “التعافي المبكّر”، وهي تشمل إعادة بناء المأوى والمساكن بطريقةٍ تجعلها أكثر أمانا، وحماية البنية التحتية في المجتمعات وإصلاحها أو إعادة بنائها، بما في ذلك مرافق الصحة والمياه والصرف الصحي والكهرباء، تحسين التأهب والقدرة على الصمود أمام الصدمات المستقبلية من خلال برامج الحدّ من مخاطر الكوارث.

بالنسبة لروسيا والنظام السوري، تشكل هذه الآلية الجديدة فرصة لإعادة ترميم البنى التحتية في مجمل مناطق سورية (النظام، المعارضة)، بما يساعد جزئيا في إعادة بناء البنية التحتية للاقتصاد السوري، وهذا ما يفسّر إصرار وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز قبل أيام، على ضرورة دعم الحكومات المانحة والأمم المتحدة “التعافي المبكّر” في سورية.

أيضا، تسعى روسيا من خلال “التعافي المبكّر” إلى تحويل البرنامج مستقبلا إلى أداة لإعادة الإعمار، وهو ما ترفضه الأمم المتحدة والدول المانحة، من حيث إن برنامج “التعافي المبكّر” لا علاقة له بإعادة الإعمار.

لا يوجد توافق حول ماهية مصطلح “التعافي المبكّر”، من حيث حجم أنشطة التعافي ونوعيتها، فوفقا لمجموعة السياسات الإنســانية، في الأساس كان “التعافي المبكّر” وسيلة لتأطير الأنشطة والاستراتيجيات والمقاربات ضمن السياقات الإنسانية والانتقالية. ولكن، بسبب خصوصية الوضع الإنساني في سورية من جهة، وطبيعة الصراع الدولي من جهة أخرى، ثمّة توافق دولي، باستثناء فرنسا وإلى حد ما الولايات المتحدة، على زيادة المشاريع التي تتجاوز المساعدة الطارئة لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة.

ثانيا، لا يزال النظام السوري يحتاج إلى استمرار إدخال المساعدات بسبب اتّساع دائرة الفقر في مناطق سيطرته. ولذلك، استمرار إدخال المساعدات الأممية عبر معبر واحد (باب الهوى) على الحدود التركية، غير كافٍ، لكنه أفضل من فتح معابر أخرى كما كان الأمر قبل عام 2020، لأن الاستفادة الكبرى ستكون لمناطق سيطرة المعارضة أكثر من مناطق سيطرة النظام، فضلا عن أن فتح معابر متعدّدة سيجعل الأمم المتحدة تتعاطى رسميا مع دول المعابر كما في السابق (تركيا، العراق، الأردن) بهذا الشأن، بديلا عن النظام السوري الذي يسعى إلى جعل كل تداول دولي في الشأن السوري يمرّ من بوابته.

ثالثا، لا ترغب روسيا في هذه المرحلة التي تمر بها في فتح بوابات صراع أخرى، خصوصا من دول تحتاج إليها، والمقصود تركيا، لأن إيقاف روسيا آلية إدخال المساعدات تماما يعني أن تلجأ الأمم المتحدة إلى الخطّة البديلة، والتي تقوم على إدخال المساعدات عبر تركيا بالاتفاق مع الدول المانحة، وليس مع الأمم المتحدة. ومن شأنها أن تؤدّي إلى نزاع بين أنقرة وموسكو، لأن لدى الأولى مصلحة كبرى في توسيع إدخال المساعدات إلى الشمال السوري، ليس لتخفيف عملية الهجرة عبر الحدود إليها فحسب، بل لجعل الشمال السوري قابلا لانتقال السوريين إليه من تركيا.

ولا ترغب موسكو بوصول الأمور إلى هذا الحد مع الضغوط التي تمارسها بعض الدول الغربية باتجاه اعتماد الخطة البديلة، أو على الأقل فتح معابر أخرى إضافة إلى معبر باب الهوى، كما فعل الكونغرس الأميركي أخيرا، حين طالب مشرّعون أميركيون في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب إدارة الرئيس جو بايدن بدعم تمديد تفويض دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية.

رابعا، تسمح آلية المساعدات الأممية لروسيا بالابتزاز السياسي للولايات المتحدة في الشأن السوري، خصوصا أنه مع بلوغ الاحتياجات الإنسانية أعلى مستوياتها، من الواضح أن المساعدات عبر الحدود والخطوط المتبعة لا يمكنها تلبية احتياجات الشعب السوري.

خامساً، يسمح استمرار هذه الآلية باستمرار قنوات الاتصال المباشر بين روسيا والولايات المتحدة.

العربي الجديد

—————————-

حرب كلمات” في مجلس الأمن حول سوريا… ماذا تعني سياسيا؟/ إبراهيم حميدي

“المجلة” تنشر مشاريع القرارات الغربية والروسية والسورية

تفاهمات الحد الأدنى حول سوريا، بين أميركا وحلفائها من جهة، وروسيا وشركائها من جهة أخرى، أمام تحديات كبيرة.

منذ منتصف 2017، هناك اتفاق بين واشنطن وموسكو إزاء “منع الصدام” العسكري عبر تنظيم حركة الطائرات والقوات؛ شرق الفرات لأميركا وغرب الفرات لروسيا. ومنذ 2014، هناك تفاهم على تمرير قرار دولي لإيصال المساعدات الإنسانية “عبر الحدود” إلى السوريين.

المواجهة بين الطرفين في أوكرانيا انعكست على هذين التفاهمين. روسيا تزيد من احتكاكاتها العسكرية ضد قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا. أيضا، فشل الطرفان، إلى الآن، في مجلس الأمن بالتوصل إلى تمديد قرار المساعدات الإنسانية الذي انتهت ولايته في 10 من الشهر الجاري.

ما هو قرار المساعدات؟

تعود الآلية الأممية للمساعدات إلى 2014 عندما صدر قرار دولي يسمح بنقل مساعدات عبر الحدود السورية، من أربع بوابات حدودية، من الأردن والعراق وتركيا.

وبعد عودة قوات الحكومة إلى الجنوب باتفاق أميركي– روسي– أردني وتمدد حلفاء أميركا شرق الفرات، اتفقت واشنطن وموسكو على القرار 2585، وسمح بإيصال المساعدات عبر بوابة حدودية واحدة، هي معبر باب الهوى من تركيا إلى شمال غربي سوريا حيث يوجد نحو أربعة ملايين سوري، نصفهم نازحون.

ونتيجة تفاهمات الرئيسين جو بايدن، وفلاديمير بوتين، في جنيف منتصف 2021، عقدت مفاوضات سرية بين مبعوثي الرئيسين، قضت بتنازلات أميركية لصالح روسيا عبر فتح القرار الدولي، والسماح بتمويل مشاريع “التعافي المبكر” في مجالات الصحة والتعليم والصرف الصحي وتقديم المساعدات “عبر خطوط” بين مناطق النفوذ، شرط تقديم تقرير من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقريرا إيجابيا عن تقدم ملموس في مشاريع “التعافي المبكر” ومساعدات “عبر الخطوط”.

ومع تجديد القرار لستة أشهر مرة أخرى، تنازلت أميركا وحلفاؤها وقبلت إدخال بند تمويل مشاريع “الكهرباء” إلى سلة “التعافي المبكر”، ووضع آلية للمساعدات “العابرة لـلخطوط”.

ماذا يعني هذا؟

بالنسبة إلى دمشق، فإنها تريد أن يكون قرار المساعدات في يدها، وموسكو تدعمها في ذلك، وأن ترسل المساعدات إلى “مناطق النفوذ” الأخرى، شمال غربي البلاد وشمالها الشرقي، بهدف استعادة السيادة كاملة على الأراضي السورية. كما أنها تريد هدم جدار العقوبات الغربية وفك العزلة السياسية عنها.

أما بالنسبة إلى الدول الغربية، فإنها تضع ثلاثة شروط، أو ثلاث لاءات: لا للإعمار، ولا لرفع العقوبات، ولا للتطبيع قبل تحقيق تقدم في العملية السياسية وفق القرار الدولي 2254.

“معركة الكلمات” في القرار الدولي تدور حول هذه الأبعاد السياسية. موسكو تربط الموافقة على تمديد القرار الدولي كل ستة أشهر، بأن يقدم الغرب تنازلات لغوية شكلا وسياسية مضمونا، وأخرى في الصياغة، كي يقترب القرار من دعم دمشق في السلطة على القرار والسيادة وأن تدخل الأمم المتحدة والمانحون في تمويل الإعمار أو التنمية.

هل هناك جديد؟

الزلزال الذي ضرب شمال غربي سوريا في فبراير (شباط) الماضي، أدخل عنصرا جديدا للنقاش الدبلوماسي والتفاوض الروسي– الغربي. وساطة عربية– أممية أسفرت عن صفقة جديدة: سمح الرئيس بشار الأسد بفتح معبرين حدودين مع تركيا: “الراعي”، و”باب السلام”، لتقديم المساعدات إلى المتضررين من الزلزال. وفي المقابل قدمت أميركا إعفاءات من العقوبات لمساعدة المتضررين من الزلزال.

موعد انتهاء صلاحية القرار الدولي في 10 يوليو/تموز الجاري. موعد انتهاء فتح المعبرين الآخرين وإعفاءات العقوبات في منتصف أغسطس/آب المقبل.

أيضا، هناك عامل إضافي؛ هناك مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق بدعم روسي– إيراني، وهناك مسار لتطبيع عربي– سوري بدعم روسي.

في هذين المسارين، ظهرت أولوية إعادة اللاجئين السوريين على حساب أي بعد سياسي آخر، فارتبطت العودة بالإعمار والتنمية والمساعدات. ولا شك أن ملف اللاجئين، مهم للأردن ولبنان وتركيا، علما أن العودة يجب أن تكون حرة وطوعية وآمنة قابلة للتحقق، حسب التصنيف الأممي، مقابل مرونة عربية.

عليه، فقد ظهر اقتراح بتأسيس صندوق بدعم أممي يسمح بتمويل مشاريع تخص عودة اللاجئين. كما ظهر اقتراح بعقد مؤتمر للمانحين في دول عربية يكون بديلا عن مؤتمر المانحين في بروكسل الذي يتضمن شروطا سياسية من المانحين، علما أن المؤتمر بقيادة أميركية، أكبر ممول للمساعدات الإنسانية في سوريا.

صدام روسي- أميركي؟

مع اقتراب انتهاء ولاية القرار الدولي للمساعدات، دارت جولات مفاوضات لتمديد القرار. الاعتقاد الأول كان أن تجري مواجهة دبلوماسية تنتهي بتفاهم على تمديد تقني للقرار الحالي لستة أشهر. لكن هذا لم يحصل.

واضح أن الخلافات بين الطرفين، روسيا من جهة وأميركا وحلفائها من جهة ثانية، كبيرة، تتعلق بالمساعدات “عبر الخطوط”، ومدة القرار، والعقوبات وتمويل الإعمار والتنمية.

قدمت سويسرا والبرازيل، صاحبتا القلم، مسودة قرار، حصلت “المجلة” على نصها، تقترح: “تشجيع الجهود المبذولة لتحسين إيصال المساعدة الإنسانية عبر الخطوط، ودعوة جميع الأطراف المعنية إلى مواصلة العمل على إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع أنحاء البلد، بما يتفق مع تقييمات الأمم المتحدة للاحتياجات”، ثم تقترح مسودة القرار تمديدا لتسعة أشهر لمعبر باب الهوى مع دعوة لزيادة “الأنشطة الخاصة بالمياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والكهرباء، حيثما كان ذلك ضروريا لاستعادة الوصول إلى الخدمات الحيوية، والأعمال الإنسانية المتعلقة بإزالة الألغام والمأوى ومشاريع الإنعاش المبكر التي تضطلع بها المنظمات الإنسانية، ودعوة الوكالات الإنسانية الدولية الأخرى والأطراف المعنية إلى تعزيز الدعم لها”، مع دعوة “جميع الأطراف المعنية إلى تمكين إيصال المساعدات الإنسانية عبر الخطوط إلى جميع أنحاء البلد، بما في ذلك عن طريق توفير ضمانات أمنية في الوقت المناسب لضمان المرور الآمن للقوافل والعاملين في المجال الإنساني”.

قوبلت هذه المسودة بـ”فيتو” من روسيا وامتناع عن التصويت من الصين. من جهتها، قدمت موسكو مسودة قرار لم تحصل على أصوات كافية.

واقترحت المسودة، التي حصلت “المجلة” على نصها، تمديد القرار لستة أشهر، لمعبر باب الهوى الحدودي في باب الهوى فقط، و”يطلب من الأمين العام تقديم تقرير خاص عن تأثير العقوبات أحادية الجانب على الوضع الإنساني والاحتياجات الإنسانية في سوريا في موعد أقصاه 10 ديسمبر/كانون الأول 2023″.

كما تضمنت المسودة “حتمية الحفاظ على وصول مستدام عبر الخطوط من دمشق إلى جميع أنحاء سوريا” و”تكثيف المزيد من المبادرات لتوسيع الأنشطة الإنسانية في سوريا، بما في ذلك في مجالات المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم والكهرباء وإزالة الألغام والمأوى والتعافي المبكر ومبادرات التنمية المستدامة، التي تهدف إلى تسهيل العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين والنازحين داخليًا إلى أماكن إقامتهم الأصلية، ودعوة جميع الدول الأعضاء والوكالات الإنسانية الدولية والأطراف ذات الصلة إلى دعمهم”.

مفاجأة سورية

حاولت دولة عربية التوفيق بين الاتجاهين، بحيث أخذ ممثلها ملاحظات الوفد السوري وطلباتها التي تتعلق بالتعافي المبكر والمساعدات العابرة للحدود وتمويل المشاريع التنموية والإشارة إلى بيان غوتيريش عن أضرار العقوبات، مع تمديد لستة أشهر مع ضمانة لتمديد تقني لاحق لستة أشهر أخرى، لكن لم تسفر عن اتفاق سريع.

وفجأة، سلم مندوب سوريا إلى الأمم المتحدة بسام صباغ رسالة إلى مجلس الأمن. ونصت الرسالة، التي حصلت “المجلة”، على نصها، قرار دمشق فتح معبر باب الهوى دون ولاية أممية، لكن مع شروط كثيرة.

وجاء في الرسالة: “في ضوء تعنّت بعض الدول في مجلس الأمن، وإمعانها في رفض إدخال أي تحسينات جدية على مشروع القرار الخاص بتمديد مفاعيل قرار مجلس الأمن 2672 الذي تقدم به حاملا القلم الإنساني في مجلس الأمن، وعرقلتها لاعتماد مشروع القرار الروسي، وبالتالي، انتهاء مقاعيل ذلك القرار، فقد اتخذت حكومة الجمهورية السورية قراراً سيادياً بمنح منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة إذناً باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها من المدنيين في شمال غربي سوريا، وذلك بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة السورية، ولمدة 6 أشهر، اعتباراً من 13 يوليو/تموز 2023”.

وتضمن قائمة الشروط، “عدم تواصل الأمم المتحدة وممثليها وطواقمها مع التنظيمات والمجموعات الإرهابية والهياكل الإدارية غير الشرعية المرتبطة بها في شمال غربي سوريا، بما فيها ما يسمى ـالحكومة المؤقتة أو حكومة الإنقاذ”، التابعة لـلمعارضة أو “هيئة تحرير الشام” التي يصنفها مجلس الأمن تنظيما إرهابيا. وأضافت أن دمشق ستواصل العمل مع الأمم المتحدة ومؤسساتها “في المجالين الإغاثي والتنموي، وتحقيق التعافي المبكر، وإعادة تأهيل وإعمار البنى التحتية والمرافق المدنية المتضررة، وفي مقدمتها المنازل والمدارس والمراكر الصحية والطرق ومحطات الطاقة ونزع الألغام. وتؤكد في هذا السياق على ضرورة أن لا تتدخل العقوبات أحادية الجانب في عمليات الإغاثة الإنسانية التي يستفيد منها السوريون، أو الحصول على الخدمات الأساسية”.

ماذا بعد؟

واضح أن دمشق ربطت مصير معبر باب الهوى بمعبري باب السلام والراعي، أي إن قرار فتحها في يد دمشق وليس نيويورك. أيضا، ربط الأمر باستمرار تمديد قرار الإعفاء من العقوبات الأميركية وبمسار التطبيع مع أنقرة، باعتبار أن أحد مطالب دمشق السيطرة على باب الهوى كما جرى في معبر نصيب مع الأردن في 2018. لكن في الوقت نفسه، وضع ملف اللاجئين الذي تعطي عمان وبيروت أولوية له، في المكان الخلفي.

كيف سيكون رد الدول الغربية؟ هل ستعود إلى مائدة التفاوض لتقديم تنازلات إضافية في مشروع القرار الدولي لتمديده لستة أشهر؟ هل ستفعّل “الخطة ب” التي كانت بريطانيا وأميركا وفرنسا وألمانيا عملت عليها، وهي الإبقاء على الآلية الأممية وتنسيق المساعدات عبر باب الهوى دون قرار دولي؟ وما موقف أنقرة من المفاجأة السورية والخطة الغربية؟

المجلة

———————————-

نظام الأسد يتحكم بالمساعدات الإنسانية لسورية: محاولة لانتزاع شرعية دولية/ عدنان أحمد

بعد استخدام روسيا، يوم الثلاثاء الماضي، حقّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع القرار الذي يقضي بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية لتسعة أشهر مقبلة، عمد النظام السوري إلى إبلاغ مجلس الأمن بموافقته على إدخال المساعدات لمدة 6 أشهر ومن خلال معبر واحد فقط. وتشي هذه الخطوة بأن النظام، وخلفه روسيا، أرادا منها، انتزاع مزيد من الشرعية، بوصف النظام “المرجعية” المخولة قانونياً بالموافقة على إدخال المساعدات، والإشراف على توزيعها.

وفي رسالته إلى مجلس الأمن، قال مندوب النظام السوري لدى الأمم المتحدة بسام الصباغ، أول من أمس الخميس، إنه بعد انتهاء مفاعيل القرار 2672 (الخاص بإدخال المساعدات)، فقد قرّرت “حكومة الجمهورية العربية السورية منح منظمة الأمم المتحدة، ووكالاتها المتخصصة، إذناً باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها من المدنيين في شمال غربي سورية، وذلك بالتعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة السورية، ولمدة 6 أشهر”.

وكان النظام السوري قد وافق، بعد الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا والشمال السوري في 6 فبراير/شباط الماضي، على فتح معبرين حدوديين آخرين، هما باب السلامة والراعي، لكن لمهلة محدودة أيضاً تنتهي في منتصف أغسطس/آب المقبل.

وتستهدف مواقف النظام هذه، كما يرى مراقبون، تأكيد سيادته على حدود البلاد، وأنه هو من يمنح الموافقة على إدخال المساعدات، على الرغم من أنه لا يسيطر على أي من المعابر المذكورة، والتي تخضع جميعها لسيطرة فصائل المعارضة من الجانب السوري، والحكومة التركية من الجانب الآخر. ويأتي ذلك بعدما أخفق مجلس الأمن الثلاثاء الماضي في الاتفاق على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سورية، وذلك بسبب استخدام روسيا الفيتو ضد القرار الذي يهدف إلى تمديد الآلية لمدة 9 أشهر.

أهداف نظام الأسد

وحول هدف النظام من إبلاغ مجلس الأمن بموافقته على إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى، رأى الباحث في القانون الدولي والمحامي المدافع عن حقوق الإنسان ياسر فرحان، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنها “محاولة من النظام للالتفاف على قرارات الأمم المتحدة، وإفراغ الجهود الدولية المبذولة لإنقاذ السوريين من مضمونها”. وأضاف: “يحاول نظام الأسد واهماً تصوير نفسه بأنه حكومة شرعية مسؤولة لا تعطل القضايا الإنسانية، وبالتالي لا حاجة لتدخل مجلس الأمن”، متناسياً أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت أكثر من مرة أنه يعطّل إدخال المساعدات الإنسانية.

وذكّر الباحث بأن “قوافل الأمم المتحدة كانت تنتظر طويلاً دون الحصول على موافقات النظام أو تتعرض لإطلاق النار من جانب قوات النظام وروسيا، وهذا ما دعا الأمم المتحدة إلى إصدار قرار يفرض إدخال المساعدات عبر الحدود دون الحاجة إلى موافقة النظام”.

وأضاف فرحان، وهو العضو السابق في الائتلاف الوطني السوري المعارض، أن تدخل مجلس الأمن في هذه المسألة يشكل استثناء لمبدأ السيادة وعدم التدخل بشؤون الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، و”هو ما يعني أن تلك الحكومة (حكومة النظام) منقوصة الشرعية أو معدومة، وهو ما يدركه النظام، ولذلك عمد إلى إرسال هذه الرسالة إلى مجلس الأمن”.

عريضة تطالب بتجاوز مجلس الأمن

وأوضح فرحان أن هناك عريضة يجرى التوقيع عليها تطالب بتجاوز مجلس الأمن والعرقلة الروسية المتكررة فيه لمسألة إدخال المساعدات. وشرح أن هذه العرقلة تأتي “عبر محاولات خفض سقف الآلية الدولية وتسييس هذا الملف بغية تحصيل مكاسب مادية واقتصادية لصالح نظام الأسد، ومحاولة فرض أولويات النظام وليس المحتاجين المدنيين، من خلال تمكين النظام من السيطرة على هذه المساعدات ليبادر إلى توزيعها على حاشيته وأنصاره، أو التركيز على مشاريع “التعافي المبكر” والانتقال منها إلى مشاريع إعادة الاعمار التي يرفض المجتمع الدولي الانخراط فيها، قبل التوصل إلى حلّ سياسي للقضية السورية”.

وبيّن الباحث أن العريضة تطرح حلولاً أخرى خارج مجلس الأمن “لإيصال المساعدات بشكل حر وغير مقيد، لتصل إلى المستهدفين دون انتقاص منها، علما أن هذه الحلول المقترحة تتماشى مع القانون الدولي، بما يقود في النهاية إلى التخلص من الابتزاز الروسي المتكرر في هذه المسألة”، وفق قوله.

واطلع “العربي الجديد” على هذه العريضة التي تطالب بتفعيل القرار الأممي 262/76 بعنوان “إنشاء ولاية دائمة لإجراء مناقشة في الجمعية العامة عندما يُستخدم الفيتو في مجلس الأمن” وعقد اجتماع في الجمعية العامة خلال 10 أيام وفقاً للقرار، من أجل مناقشة ظروف استخدام روسيا الفيتو وتعطيلها الإجماع الدولي على مشروع قرار إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية. كما تدعو العريضة إلى إعداد مشروع قرار في الجمعية العامة يسمح بإدخال المساعدات عبر الحدود بشكل غير مقيّد بالشروط والصياغات الروسية.

كذلك تطالب العريضة “الدول الصديقة” باعتماد صندوق مشترك أو آلية تخصص الجزء الأكبر من تبرعات المانحين للمناطق الواقعة خارج سيطرة نظام الأسد، بوصفها الأكثر احتياجاً، بحيث يتم إيصالها عبر الحدود وتوزيعها بشكل مباشر للفئات المستهدفة من خلال المنظمات الإنسانية المحلية المسجلة في دول الجوار والدول المانحة. كما تدعو إلى إيصال المساعدات إلى المستهدفين في مناطق سيطرة النظام بشكل مباشر، بعيداً عن الجهات الوسيطة التابعة للنظام الذي يقوم بتسييسها وحرمان المحتاجين منها.

وتسمح الآلية التي تمّ إنشاؤها عام 2014 للأمم المتحدة بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في شمال غربي سورية من دون الحصول على موافقة النظام السوري الذي يعرقل مع روسيا التمديد. وكانت الآلية تشمل في البداية أربعة معابر حدودية، لكن بعد سنوات من العرقلة الروسية، بقي معبر باب الهوى فقط مفتوحاً، وجرى تقليص مدة التفويض إلى ستة أشهر قابلة للتمديد، بدلاً من سنة، الأمر الذي يحد من قدرة المنظمات الدولية على التخطيط لأنشطة طويلة الأمد في الشمال السوري.

لا حاجة لموافقة النظام السوري

من جهته، قال الباحث في “مركز جسور للدراسات”، وائل علوان، لـ”العربي الجديد”، إن روسيا تحاول دائماً “إبقاء الملف الإنساني محل ابتزاز وتفاوض، لكن ما يعاب على المجتمع الدولي أنه يساير روسيا في موضوع إنساني، يفترض أنه ليس محل تفاوض، وقد عبّر خبراء قانونيون عن قناعتهم بعدم الحاجة للمرور عبر مجلس الأمن في هذه الحالة”.

وأضاف علوان أنه وفق العرف الدولي، فإن “المناطق التي تحتاج إلى مساعدات إنسانية، وهي خارج سلطة حكومة البلاد، يمكن للمنظمات الدولية الوصول إليها، دون الحاجة للحصول على موافقة تلك الحكومة”، موضحاً أن روسيا وقوات النظام عمدت أكثر من مرة إلى قصف قوافل المساعدات، وهو ما استدعى اللجوء إلى مجلس الأمن، لاستصدار قرار يغطي إدخال المساعدات في الشمال السوري، ويحمي هذه الآلية.

البدائل الممكنة على أرض الواقع

واعتبر مدير “رابطة المحاميين السوريين الأحرار”، المحامي سامر ضيعي، أن توقيت رسالة مندوب النظام بسام الصباغ بعد فشل مجلس الأمن في تجديد تفويضه لعملية المعونة، يعد مناورة تكتيكية تهدف إلى التحايل على الرقابة الدولية وممارسة سيطرة أكبر على توزيع المساعدات. وأشار إلى أن النظام يشترط أن تكون المساعدات “بالتعاون والتنسيق الكاملين معه، وهو ما يمنحه سيطرة كبيرة على كيفية ومكان وزمان توزيع المساعدات”. كما لفت إلى أن تصويت المجلس لا يعتبر سماحاً بإدخال المساعدات فقط، فهو يضمن مستوى معيناً من الرقابة والمعايير الدولية لتوزيع المساعدات.

ورأى مدير “رابطة المحامين السوريين الأحرار” أن النظام يحاول الاستفادة من الجمود في مجلس الأمن الناجم عن اختلاف وجهات النظر بين الأعضاء، لكن ثمة العديد من البدائل لتجاوز مجلس الأمن مثل “المساعدة الثنائية”، حيث يمكن للدول منفردة تقديم المساعدة بشكل مباشر إلى سورية أو عبر المنظمات غير الحكومية العاملة في المنطقة، لكن غالباً ما يتطلب هذا النهج تعاوناً من النظام السوري، مع وجود خطر لتقييد الوصول أو التلاعب في توزيع المساعدات.

والبديل الآخر، وفق ضيعي، هو المنظمات غير الحكومية (المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية غير الحكومية) التي يمكنها توزيع المساعدات بشكل مستقل، على الرغم من أنها تعتمد في كثير من الأحيان على التنسيق مع الأمم المتحدة وتمويلها. أما البديل الثالث، فهو التعاون الإقليمي، حيث يمكن للدول المجاورة أو المجموعات الإقليمية تسهيل إيصال المساعدات. ومع ذلك، “يمكن أن تتأثر فعالية هذا النهج بالديناميكيات الإقليمية والاعتبارات السياسية والاصطفافات المتأثرة بالنزاع”، وفق شرحه.

وأوضح ضيعي أنه في السيناريوهات التي لا يوجد فيها قرار من مجلس الأمن، يمكن أن تصبح هذه الطرق البديلة أكثر حاجة، وغالباً ما يلعب تفويض مجلس الأمن دوراً مهماً في التفاوض بشأن الوصول وتأمين التمويل وضمان استجابة منسقة، وفي غياب هذا التفويض، يمكن أن تصبح عملية إيصال المساعدات مجزأة وأكثر صعوبة في التنقل.

ولفت إلى أنه إضافة إلى هذه القنوات، يمكن لهياكل الحكم المحلي، مثل المجالس المحلية والحكومات المؤقتة العاملة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أن توفر طرقاً بديلة لإيصال المساعدات من خلال التعاون مع المنظمات الدولية والمحلية على حد سواء، على أن تلتزم هذه المنظمات بمبادئ الحياد وعدم التحيز والاستقلال، مع التركيز على تقديم المساعدة على أساس الضرورة، بغض النظر عن الانتماءات السياسية أو العرقية أو الدينية. 

ومع ذلك، حذّر ضيعي من أن هذا المسار يواجه تحديات عدة، معتبراً أنه “مع غياب الموارد والوصول، والحماية المرتبطة عادة بتفويض الأمم المتحدة، قد تواجه هذه المنظمات صعوبات لوجستية، ومخاطر أمنية، وتدخل محتمل من مختلف الفصائل المشاركة في الصراع”.

العربي الجديد

—————————-

الأمم المتحدة ترفض شروط النظام السوري..لفتح معبر باب الهوى

قالت الأمم المتحدة إن الشروط التي وضعها النظام السوري لإدخال المساعدات عبر الحدود من معبر باب الهوى “غير مقبولة”، معربةً عن قلقها إزاء موافقته على استخدام المعبر لإرسال المساعدات إلى شمال غرب سوريا.

واعترض مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة (أوتشا) على شرطين اثنين من الشروط التي وضعها لاستخدام معبر باب الهوى بعد فشل مجلس الأمن الدولي في الوصول إلى توافق حول تجديد إرسال المساعدات عبر الحدود من المعبر إلى شمال غرب سوريا.

وفشل مجلس الأمن الثلاثاء، في الاتفاق على تمديد آلية إدخال المساعدات من تركيا إلى سوريا عبر معبر باب الهوى جراء استخدام موسكو، أبرز داعمي النظام السوري، حق النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار يمدد العمل بالآلية ل9 أشهر.

وحسب المذكرة التي أرسلتها منظمة “أوتشا” إلى مجلس الأمن، فإن المنظمة اعترضت على شرط إشراف الصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري على توزيع المساعدات الإنسانية في شمال غربي سوريا وتسهيلها معيدةً السبب إلى أن ذلك “لا يتوافق مع استقلال الأمم المتحدة” عدا عن أن المنظمتين غير موجودتين في تلك المنطقة وبالتالي فإن إشرافهما “غير عملي”.

كما رفضت “أوتشا” شرط النظام السوري بأن لا ينبغي على الأمم المتحدة التواصل والتحدث مع الكيانات المصنفة “إرهابية” لأجل توزيع المساعدات إلى شمال غرب سوريا، موضحةً أن على الأمم المتحدة الاستمرار في التواصل مع الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية لأنه “أمر ضروري من الناحية التشغيلية لإجراء عمليات إنسانية آمنة وبلا عوائق”.

والجمعة، أرسل النظام السوري إلى مجلس الأمن موافقته على استخدام معبر باب الهوى لإدخال المساعدات من تركيا لمدة 6 أشهر، لكن تحت عدد من الشروط أبرزها إشرافه على توزيع المساعدات عبر الهلال الأحمر السوري والصليب الأحمر، إضافة إلى تعاون الأمم المتحدة الكامل مع حكومة النظام في ذلك.

وقالت المذكرة إن المنظمة تحتاج إلى “التواصل” لتوضيح أي إجراءات إضافية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا، لكنها اعتبرت أن الإذن الذي منحه النظام السوري “يمكن أن يكون أساساً للأمم المتحدة لإجراء العمليات الإنسانية عبر الحدود بشكل قانوني عبر معبر باب الهوى للمدة المحددة”.

والاثنين، انتهت مفاعيل تفويض مجلس الأمن للأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الشريكة لإدخال المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى إلى أكثر من 4 ملايين سوري في شمال غرب سوريا.

ولا يوجد أي افق لتجديد الآلية الأممية في ظل التعنت الروسي على رفض أي مقترح غير المقترح الذي وضعته موسكو، والذي ينص على تجديد الآلية ل6 أشهر إضافة إلى تكثيف مشاريع التعافي المبكر في مناطق سيطرة النظام.

المدن

———————————

يهدد حياة الملايين.. ما مصير المساعدات الإنسانية لسوريا عبر الحدود بعد الفيتو الروسي؟/ أحمد السليم

شمال سوريا- يشعر محمد كفرماتي بالقلق وذلك بعد سماعه خبرا عن استخدام روسيا حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن، لمنع إدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود لمناطق شمال غرب سوريا.

محمد هو نازح في أحد مخيمات كفر لوسين بالقرب من الحدود مع تركيا، يعتمد في معيشته على السلال الغذائية التي يحصل عليها من قِبل برنامج الغذاء العالمي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يقول محمد إن “هناك مجاعة ستحصل في حال لم يتم إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة”، موضحا أنه ومعظم من يقطن مخيمه ليس لديهم عمل ويعتمدون على المساعدات.

وأضاف أن سكان المخيمات يحصلون على سلة غذاء وسلة نظافة شهرية وكذلك على المياه بشكل مجاني، وجميعها ستتوقف بعد قرار إيقاف المساعدات من المعبر، ولذلك فإن الوضع سيصبح كارثيا لأنه ليس هناك بدائل، وفق وصفه.

فيتو روسي

استخدمت روسيا الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن الدولي يسعى إلى تمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود التركية لمدة 9 أشهر، بعد انتهاء التفويض وفق هذه الآلية في العاشر من يوليو/تموز الجاري.

وصوّت أعضاء مجلس الأمن الـ13 لصالح القرار، الذي قدمته كل من البرازيل وسويسرا، وهما الدولتان المعنيتان بصياغة القرارات حول الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن، في حين امتنعت الصين عن التصويت.

وتُصر روسيا على تمديد التفويض الأممي لمدة 6 أشهر فقط، وقدمت قرارا منافسا في هذا الشأن.

ويعني القرار أنه لم يعد مسموحا لوكالات الأمم المتحدة مواصلة استخدام معبر “باب الهوى” على الحدود السورية التركية لتقديم المساعدات الإنسانية في شمال غرب سوريا.

حمزة الهزاع مدير المكتب الإقليمي في مؤسسة الشام الإنسانية العاملة شمال غرب سوريا، اعتبر أن إيقاف آلية إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى سيؤثر بشكل كبير على الوضع المعيشي وتنفيذ المشاريع الإغاثية وتقديم المساعدات للنازحين والمحتاجين في شمال غرب سوريا، وخاصة بعد الزلزال الذي لم يتم التعافي من آثاره حتى الآن، إضافة إلى أن الوضع بالأصل صعب والمساعدات التي يتم تقديمها غير كافية.

وفي حديثه للجزيرة نت، أضاف الهزاع أنه “في حال توقفت هذه الآلية، ستتوقف عندنا المشاريع الممولة من برامج الأمم المتحدة بما يشمل قطاعات الصحة والخدمات وغيرها، وذلك سيكون له أثر كارثي على حياة ملايين السوريين في المنطقة”.

وبالنسبة لبدائل الدعم الأممي، أشار الهزاع إلى أنه لا يوجد بدائل يمكن أن تسد العجز حاليا، لذلك لا بد من تمديد آلية إدخال المساعدات، ولكن في حال بقيت روسيا على موقفها الرافض في مجلس الأمن، لا بد من إيجاد حلول وهذه الحلول ممكن أن تكون عن طريق تشكيل منصة دعم دولية خارج إطار الأمم المتحدة لتعويض انقطاع الدعم.

آلية المساعدات الدولية

وناشد ناشطون الأممَ المتحدة والدول الغربية لإيجاد آلية بديلة عن المعبر الحدودي، لكي يتم إيصال المساعدات للمحتاجين.

وتسمح هذه الآلية الإنسانية، التي بدأت عام 2014، بإيصال المساعدات إلى نحو 4 ملايين شخص في سوريا، ويتم تجديدها سنويا.

وشدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أنه لن يتخلى عن احتمال إبقاء معبر باب الهوى مفتوحا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا، معربا عن خيبة أمله لإخفاق مجلس الأمن الدولي في التوصل لاتفاق لتمديد تفويض دخول المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.

مسؤول في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، قال للجزيرة نت إن كل المساعدات الأممية ستتوقف عن الدخول من معبر باب الهوى، بما يشمل منظمات الفاو واليونيسيف والصحة العالمية، أما المنظمات التي تتلقى دعما من دول فإنها تستطيع إدخال المساعدات عبر الهلال الأحمر التركي.

وأضاف المسؤول الأممي أن المساعدات سوف تنخفض إلى الربع بعد وقف تمديد إدخالها عبر معبر باب الهوى، حيث إن منظمة الغذاء العالمي تُدخل شهريا 260 ألف سلة لمناطق شمال غرب سوريا، وهذه جميعها ستتوقف اعتبارا من هذا الشهر، وكذلك مشاريع التعليم والمياه المقدمة من “منظمة الهجرة الدولية” (IOM) والتي يستفيد منها عشرات آلاف النازحين.

ولفت إلى أنه “كذلك ستتوقف مشاريع بناء الكرفانات ومشاريع الصرف الصحي وترحيل القمامة، وكلها مشاريع مدعومة من قبل وكالات الأمم المتحدة، وسيبدأ تأثير هذا التوقف قريبا”.

تسليم المساعدات للنظام السوري

وقد اشترط النظام السوري على مجلس الأمن وجوب تسليم المساعدات الإنسانية إلى سوريا بالتعاون والتنسيق الكاملين مع حكومة النظام.

كما بعثت حكومة النظام رسالة إلى مجلس الأمن الدولي تفيد بعزمه السماح بإدخال المساعدات الإنسانية من بوابة “باب الهوى” التركية الحدودية لمدة 6 أشهر.

جاء ذلك -وفق ما ذكرت وكالة “الأناضول”- في بيان أدلى به المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أول أمس الخميس، وقال فيه “أستطيع أن أؤكد أننا تلقينا الرسالة وبدأنا بدراستها”.

وقد أكد محمد نجار مدير مكتب الهيئة العالمية للإغاثة والتنمية (انصر)، أن إغلاق معبر باب الهوى أو إيقاف المساعدات عن طريق معبر باب الهوى وتحويلها للحكومة السورية، له آثار كبيرة وسلبية على النازحين في الشمال السوري، كذلك العديد من المنظمات ستُوقف عملها، وهذا سيؤدي إلى فصل الكثير من الموظفين وتوقف مصادر دخلهم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح نجار أن الآثار ليست فقط في وقف السلة الشهرية، إنما انقطاع رواتب الموظفين والعمال، وهذا يعتبر مصدر دخل معظم الشباب في الشمال السوري.

وأضاف “ستتوقف المشاريع التنموية وغيرها وبالتالي سيتأثر ملف التعليم في الشمال السوري، خاصة أن التعليم بدأ يدخل في مرحلة تصاعدية بعد 2018”.

ولفت في حديثه إلى أنه “بالنسبة للحلول البديلة، يمكن لبعض المنظمات التي لديها دعم من دول عربية أن تعتمد على التوريد الداخلي، لكنه حل مؤقت، فإذا أغلقت تركيا أبوابها؛ يعني ذلك إيقاف كل شيء حتى التجاري، مما يسبب مجاعة كبيرة”.

المصدر : الجزيرة

———————-

إدخال المساعدات إلى سورية: نحو آلية بديلة؟/ عماد كركص

يعود الاستعصاء السياسي ليقف في طريق الملف الإنساني في سورية، إذ تدل المؤشرات على أن روسيا ستذهب بعيداً في عرقلتها لتجديد آلية إدخال المساعدات الأممية إلى سورية عبر الحدود، لا سيما بعد تكرار استخدامها حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الغربي الهادف لتمديد الآلية لمدة 9 أشهر، في حين تصر على تمديدها لـ6 أشهر فقط.

واستخدمت روسيا مساء أمس الأول الثلاثاء حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار سويسري ـ برازيلي يجدد آلية إدخال المساعدات الإنسانية العابرة للحدود لشمال غرب سورية، عبر معبر باب الهوى، لتسعة أشهر، إذ صوتت 13 دولة لصالح القرار، وامتنعت الصين عن التصويت، فيما استخدمت روسيا الفيتو ضد المشروع.

وإثر ذلك، تقدمت روسيا خلال الجلسة نفسها بنص مشروع قرار خاص بها حصل على تأييد منها ومن الصين فقط، وامتناع عشر دول عن التصويت، واعتراض ثلاث دول عليه، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وبالنتيجة، لم يتم تبني مشروع القرار الروسي. ويجدد المشروع الروسي للآلية لستة أشهر بدلاً من تسعة أشهر.

ومن غير الواضح ما إذا سيشهد مجلس الأمن الدولي جولة مفاوضات جديدة حول التجديد للآلية عبر مشروع قرار جديد، وهو ما حدث في الماضي في سيناريوهات مشابهة.

اشتراطات روسية

وخلال مداخلته قبل التصويت على مشروع القرار الروسي، بعد استخدام روسيا للفيتو على مشروع القرار البرازيلي السويسري، قال مندوب روسيا إلى مجلس الأمن، فاسيلي نيبينزيا: “يمكن إنقاذ الآلية العابرة للحدود فقط إن قمتم بدعم مشروعنا، والذي يتضمن إجراءات لتصليح هذه الآلية”، وهدد بأنه “إن لم يحظ مشروعنا بالدعم فإن هذه الآلية قد تغلق، ولا ننوي القيام بتجديد فني لأي فترة كانت”.

وردت السفيرة السويسرية لدى الأمم المتحدة، باسكال بيريسويل، بالقول: “لن نسمح بأن يعيق الفيتو الذي استُخدم جهودنا، وسنعمل مع كل أعضاء المجلس للوصول بالمساعدات إلى كل من يحتاج إليها، سنعمل من أجل التوصل لحل”. وتحدثت للصحافيين بعد الجلسة عن محاولة “التوصل لأرضية مشتركة”، غير أنها لم تفصح عن تفاصيل أو مفاوضات للتوصل لتلك الأرضية.

وتصدت سويسرا والبرازيل لصياغة المشروع كونهما يحملان قلم الملف الإنساني السوري في مجلس الأمن في دورته الحالية، ويشير البلدان إلى أنهما أخذا بعين الاعتبار، وبعد مفاوضات طويلة، المواقف المختلفة، بعد الاستماع للعاملين في الميدان والأمم المتحدة التي عبّرت عن ضرورة التفويض لعام كامل لتنفيذ المشاريع التي تتجاوز مجرد إنقاذ الأرواح، وأن مشروع القرار نص على التمديد للآلية لتسعة أشهر (كحل وسط بين المطالب الغربية والمطلب الروسي).

وأعلنت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن-كلير لوجاندر، في تصريحات أمس الأربعاء، أنّ “فرنسا تأسف للفيتو الروسي ضدّ هذا القرار”. وأوضحت أنّ “هذا الموقف يؤكّد عزلة روسيا المتزايدة في كلّ المحافل الدولية”. وأضافت أنّ “المساعدات الإنسانية عبر الحدود حيوية لملايين السوريين”، معتبرةً أنّ “لا بديل اليوم لإيصال المساعدات لأكثر من 4,5 ملايين شخص”.

من جهتها، قالت مندوبة بريطانيا لدى مجلس الأمن الدولي، باربرا وودورد، إنه “لا توجد حجة منطقية أو أخلاقية للفيتو الروسي ضد القرار بشأن إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سورية”. ودعت في كلمة لها أمام المجلس، روسيا لأن “تضع احتياجات الشعب السوري فوق أي اعتبار آخر”.

من جهتها انتقدت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أسلوب روسيا بفرض رؤيتها على المجلس، وقالت: “إما أن تكون الأمور كما نشاء أو لا تكون. هذا هو أسلوب التفاوض الروسي”.

وانتقدت كذلك رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالقول: “المنظمات الإنسانية تدعو لتمديد للعمل عبر المعابر الثلاثة ولمدة سنة على الأقل (بالإشارة إلى معبري الراعي وباب السلامة اللذين وافق الأسد على فتحهما لإدخال المساعدات بعد كارثة الزلزال في فبراير/ شباط الماضي، بالإضافة لمعبر باب الهوى المفتوح أساساً أمام المساعدات الأممية)”. وتابعت: “قال الأسد إنه سيبقي على هذه المعابر مفتوحة بعد 13 أغسطس/ آب كما سمعنا من بعض الدول الأعضاء في المجلس”، مضيفة: “إذا لم يفِ بذلك، فإننا سنعرض هذا على المجلس خلال رئاستنا لمجلس الأمن (الشهر المقبل)”.

يُشار في هذا السياق إلى أنه من المتوقع أن تطلب رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد اجتماع لنقاش استخدام روسيا للفيتو خلال أسبوعين، وهو إجراء بدأ العمل به منذ قرابة العام بعد تبني الجمعية لقرار بموجبه يجب عقد الجمعية لاجتماع تشرح فيه الدول مواقفها حول الموضوع، وتقدم الدولة التي استخدمت الفيتو أسبابها.

استهتار بمصير ملايين السوريين

من جهته، دان فريق “منسقو استجابة سورية”، ما وصفها بـ”التصرفات غير المسؤولة من قبل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي، والاستهتار الواضح بمصير ملايين المدنيين في سورية”. وأشار في بيان إلى أنه “كان من المتوقع أن يستخدم الجانب الروسي حق النقض قبل بدء الجلسات العلنية، ومع ذلك أصرت باقي الدول على تقديم مقترح مشروع محكوم عليه بالفشل سابقاً”.

وأوضح الفريق أن “التصرفات التي يقوم بها أعضاء مجلس الأمن الدولي، ستبقي حركة معبر باب الهوى الحدودي متوقفة لمدة تقديرية لا تقل عن أسبوعين أمام حركة العمليات الإغاثية وحركة الوفود الأممية نتيجة توقف الآلية السابقة، وبالتالي نقص إضافي في المخزون الحالي في شمال غرب سورية”.

وتابع: “طالبنا عدة مرات بتحويل أي مشروع قرار يخص العمليات الإنسانية في سورية إلى الجمعية العامة للبت فيه بعيداً عن التلاعب الروسي في الملف الإنساني السوري، علما أن القانون الدولي واضح وصريح ولا ينبغي أن يكون هناك حاجة لأي تصريح من مجلس الأمن الدولي لإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين لها”.

هل تكون “إنصاف” البديل؟

وحول البدائل الممكنة في حال إصرار روسيا على مقترحها، وعدم التجاوب الغربي معه، رأت المديرة الإقليمية لـ”هيئة الإغاثة الإنسانية الدولية” هدى أتاسي، أن البديل عن آلية الأمم المتحدة هو منظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية، التي من المفترض أن تأخذ الجزء الأكبر من المنح المقدمة من الدول إلى سورية.

وأضافت لـ”العربي الجديد” أن “المنظمات الدولية ستبقى مستمرة بإدخال المساعدات على الرغم من توقف الآلية الأممية”، مشيرة إلى أن “القرار سيوقف فقط قافلات المساعدات التي ستدخل عبر الأمم المتحدة، ووكالاتها المتعددة، وبالتالي فإنه يمكن استبدال الأمم المتحدة ووكالتها لإدخال المساعدات بالمنظمات الدولية التي لا تعمل تحت إطار الأمم المتحدة، أو تكون هناك عقود واتفاقات مباشرة مع المنظمات المحلية السورية”.

وكشفت أتاسي أن “الفترة الأخيرة شهدت تحضير منصة بديلة عن “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (أوتشا)، وهي منصة “إنصاف” والتي تأخذ على عاتقها دوراً تنسيقياً لتوزيع المنح بين المنظمات”. وتابعت: “في هذا العام تسلمت “إنصاف” أول المنح لها بمبلغ 25 مليون دولار، وتم تسليم المبلغ لعدد من المنظمات كبداية لعمل هذه المنصة، وبالتالي يمكن لهذه المنصة أن تكون بديلاً أول كمنصة تنسيقية بين الدول المانحة والمنظمات، والبديل الثاني هو المنظمات الدولية”.

وأشارت أتاسي إلى أن “المنظمات السورية المحلية، طرحت نفسها أيضاً بديلاً عن الآلية لاستلام المنح المقدمة من الدول، لأن المنظمات بات لديها كفاءة وخبرة طوال أعوام طويلة من العمل الميداني على الأرض”. وأشارت إلى أن “هذه البدائل ممكن أن تسد جزءاً كبيراً من عمل الآلية سابقا، لكن لا ينفي ذلك أن تكون هناك صعوبات في البداية لتغير الأنظمة المتبعة سابقاً”.

من جهته، اتفق علاء بكور، وهو مدير برامج الشباب والحماية في منظمة “بنفسج” التي تعتبر من أبرز المنظمات المحلية السورية العاملة شمال غربي البلاد، مع أتاسي بأن تكون “منصة إنصاف بديلاً عن الآلية الأممية”، معللاً لـ”العربي الجديد” بأن “الغرب أنشأها لهذا الغرض وهم بالأساس بدأوا بتمويل هذه المنصة وتفعيلها”. ورأى كذلك أن الأمر قد يأخذ وقتاً للاعتياد على المنصة الجديدة، لكن لن تتوقف عملية إدخال المساعدات، بحسبه.

وقلل بكور احتمالية عدم التوصل لاتفاق في مجلس الأمن بين الروس والغرب، قائلاً إن “من مصلحة الروس أن يتم الاتفاق على إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة، لكون “أوتشا” تقوم بتوزيع الدعم في مناطق سيطرة النظام، أما المنصة الجديدة فستركز على الدعم في شمال وغرب سورية، ما يعني أن الروس في حال تشبثهم سيخسرون الدعم المقدم من قبل الأمم المتحدة لمناطق النظام السوري”.

يُذكر أن “إنصاف” هو صندوق إنساني مشترك متعدد المانحين تم إنشاؤه من قبل المانحين الدوليين نهاية العام الماضي لتلبية الاحتياجات ذات الأولوية في شمال سورية، تحسباً لعرقلة روسيا تمديد آلية إدخال المساعدات بداية العام الحالي. وكان الاسم يشار له بداية إلى “أنصاف”، قبل أن يتم اعتماد AFNS وهي اختصار لـThe Aid Fund for Northern Syria، أي “صندوق المساعدات لشمال سورية”.

وتم إنشاء المنصة للحفاظ على استمرارية المساعدة الإنسانية للمحتاجين، في المجتمعات المحلية ولتكملة الاستجابة الشاملة وتستند إلى الاحتياجات الإنسانية وحدها. وتربط المنصة البلدان المانحة والوكالات المتعددة الأطراف والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في ترتيب تعاوني مع مهمة جماعية للحفاظ على استمرارية المساعدة الإنسانية المرنة متعددة المانحين لسورية في سياق ديناميكي ومتوافق مع خطة الاستجابة الإنسانية إلى شمال غرب سورية. ودعمت أربع دول هي: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة إلى إنشاء الصندوق أو المنصة، على أن تقودها شركة “آدم سميث” الدولية، مع فريق توجيهي ومساعد من المنظمات المحلية السورية والدولية.

———————————

معبر باب الهوى وتجارة موسكو في تجويع السوريين

رأي القدس

فشل مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء بتمرير القرار الخاص بتمديد آلية إدخال المساعدات الحيوية عبر الحدود لتسعة أشهر إلى ملايين الأشخاص في محافظة إدلب وشمال غربي سوريا، وذلك بعد استخدام روسيا حقّ النقض (الفيتو).

وفي حين طالبت الأمم المتحدة ومنظّمات الإغاثة الإنسانية والعديد من أعضاء مجلس الأمن بتمديد هذه الآلية لمدة عام، أصرّت روسيا على تمديدها لستّة أشهر فقط واستخدمت الفيتو ضدّ حلّ وسط اقترحته سويسرا والبرازيل، المسؤولتان عن هذا الملف، بتمديد الآلية لتسعة أشهر.

وكانت آخر شاحنات الإغاثة قد دخلت الأراضي السورية عبر معبر باب الهوى على الحدود مع التركية يوم الإثنين 10 تموز/ يوليو، وهو الأجل الأخير للقرار الأممي رقم 2672 الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي مطلع العام الجاري، الأمر الذي يعني إغلاق المعبر رسمياً وتوقف مساعدات الأمم المتحدة. العواقب الإنسانية خلف إغلاق المعبر وخيمة وجسيمة تمسّ الحياة اليومية لأكثر من 4 ملايين مواطن سوري، يعيش أكثر من نصفهم في مخيمات لجوء، ويعتمد 90٪ منهم على المساعدات الخارجية. وتقول منظمات الإغاثة الدولية إن انقطاع الخبز عن أكثر من مليون شخص يومياً يمتد أيضاً إلى حرمان نحو 2.3 مليون من مياه الشرب والمياه النظيفة.

المسؤولية المباشرة عن هذا الوضع العالق يتحملها الوفد الروسي الذي يمتلك حق النقض (الفيتو) وقد سبق أن استخدمه في الماضي سواء لتعطيل قرارات عديدة تخص إدخال المساعدات الإنسانية، أو عرقلتها عن طريق وضع اشتراطات تعجيزية، أو حتى إغلاق بعض المعابر بصفة نهائية. وأهداف موسكو من وراء هذا النهج متعددة ومتنوعة تبدأ من انتزاع تنازلات لصالح تمرير المساعدات عبر وصاية النظام السوري، ولا تنتهي عند الضغط والمساومة لتخفيف العقوبات الأممية والأمريكية والأوروبية المفروضة على النظام، أو حتى تمكين الشركات الروسية العاملة في سوريا من حيازة مكاسب أو استثمارات في هذا الشأن.

ومن المعروف أن مجلس الأمن الدولي كان قد سعى إلى معالجة الحاجات الإنسانية المتفاقمة في سوريا، فصوّت منذ العام 2014 على قرار بفتح أربعة معابر حدودية تتيح إدخال المساعدات عبر الحدود، من خلال معبرَي باب الهوى وباب السلامة على الحدود مع تركيا، ومعبر اليعربية مع العراق، والرمثا مع الأردن. غير أن السنوات اللاحقة شهدت مماطلة الوفد الروسي في تمرير صلاحية هذه المعابر، أو استخدام حق النقض لتعطيلها أو إغلاقها نهائياً، حتى انحصرت اليوم في معبر وحيد هو باب الهوى.

وتشير المعطيات الراهنة إلى أن موسكو لن تتعنت نهائياً في تجميد التصويت، بالنظر إلى وجود أغلبية ساحقة داخل المجلس لصالح التمديد حتى لمدة 6 أشهر، وكذلك لأن الدول العربية الخليجية مجمعة على استمرار دخول المساعدات، والكرملين حريص هذه الأيام على التقارب الروسي ـ الخليجي من جهة، والإسهام من جهة ثانية في تبييض صفحة النظام بعد إعادته إلى الجامعة العربية. وهذا لا يعني أن انخراط موسكو في تجارة تجويع السوريين سوف يتوقف أو يتبدل جوهرياً، وحالها في ذلك لا يختلف عن تجارة ابتزاز العالم بصدد اتفاقية الحبوب الأوكرانية.

——————————–

نازحون في شمال غربي سوريا يخشون عرقلة وصول المساعدات بعد الفيتو الروسي

بتابو ريف إدلب: «الشرق الأوسط»

يخشى نازحون يقيمون في مخيّمات بائسة في شمال غربي سوريا، من أن يؤدي حق النقض الذي استخدمته روسيا لإحباط تمديد العمل بآلية إدخال المساعدات عبر الحدود لمدة تسعة أشهر، إلى إعاقة وصول مواد غذائية وإغاثية يحتاجونها بشدّة.

ويقول النازح غياث الشعار (43 عاماً)، بينما يجلس أمام كرفان بات منزله في مخيّم قريب من بلدة بتابو في ريف إدلب الشمالي، لوكالة الصحافة الفرنسية، الأربعاء: «بعدما هجّرتنا روسيا من قرانا، تحاربنا اليوم سياسياً بلقمة العيش وتحوّل المساعدات الإنسانية إلى قضية سياسية». ويضيف الأب لخمسة أطفال أن المساعدات العابرة للحدود «ضرورية جداً في ظلّ عدم توفّر فرص عمل»، ومن دونها «يستحيل لأيّ شخص أن يستمرّ، خصوصاً إذا كان لديه أطفال».

وفشل مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، في الاتّفاق على تمديد آلية إدخال المساعدات من تركيا إلى سوريا عبر معبر «باب الهوى»، جراء استخدام موسكو، أبرز داعمي دمشق، حقّ النقض لمنع صدور قرار يمدّد العمل بهذه الآلية لتسعة أشهر. وقدّمت روسيا خلال الجلسة ذاتها مقترحاً بديلاً لتمديد الآلية، لمدة ستة أشهر، رفضه المجلس بغالبية عشرة أصوات، في وقت تصرّ فيه الأمم المتحدة وعاملون في المجال الإنساني وغالبية أعضاء المجلس، على تمديد الآلية سنة واحدة على الأقلّ للسماح بتنظيم أفضل للمساعدات وضمان إيصالها إلى مستحقّيها، خصوصاً خلال الشتاء المقبل.

ويعتمد الشعار منذ نزوحه من الغوطة الشرقية لدمشق قبل خمس سنوات، على مساعدات غذائية وطبية ولوجيستية تقدّمها المنظمات الدولية، آخرها الكرفان الذي انتقل إليه من خيمة بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة في فبراير (شباط)، وفاقم الاحتياجات الإنسانية في المنطقة. ويوضح: «حتى لو كانت المساعدات بسيطة، لكن حجرة تسند خابية»، مضيفاً: «المساعدات الغذائية ومساعدات الطوارئ ضرورية جداً لكل أسرة».

إيجاد حلّ

ويشكّل «باب الهوى» شرياناً حيوياً لدخول المساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون، يعيشون في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة في إدلب ومحيطها. ويحتاج هؤلاء، وفق الأمم المتحدة، إلى مساعدات إنسانية للاستمرار بعد سنوات من النزاع والانهيار الاقتصادي وتفشّي الأمراض وفقر متزايد فاقمه الزلزال.

الآلية التي انتهت مفاعيلها، الاثنين، كانت تسمح بإيصال مساعدات يستفيد منها 2.7 مليون شخص شهرياً. وإثر فشل تمديد العمل بالآلية، قالت السفيرة السويسرية باسكال بيريسويل، المكلفة بلادها مع البرازيل بهذا الملف في مجلس الأمن، إنّ الدبلوماسيين «سيعاودون العمل على الفور لإيجاد حلّ».

وسمح مجلس الأمن عام 2014 بعبور المساعدات عبر أربع نقاط حدودية، لكنّه ما لبث أن قلّصها تباعاً، بضغوط من موسكو وبكين، حليفتي دمشق، لتقتصر على «باب الهوى» الذي شهد، الأربعاء، وفق مراسل الوكالة الفرنسية، حركة اعتيادية مع عبور شاحنات تجارية.

في المخيم ذاته، القريب من بلدة بتابو في إدلب، تعرب جازية المحمد الحميد (55 عاماً) التي فقدت زوجها وابنتها في الزلزال المدمّر، عن امتعاضها من الموقف الروسي. وتسأل بحرقة: «تريدون أن تحاربونا على لقمتنا وتلحقوننا إلى صندوق المساعدات؟». وتشكو السيدة التي تعيش مع 5 من أولادها من ظروف صعبة في ظل ارتفاع الأسعار، وتقول إن المساعدات التي تحصل عليها، على قلّتها، تمكّنها من تدبير شؤون أسرتها بالحدّ الأدنى. وتضيف: «ذبحنا الجوع والعطش. نريد مساعدات إضافية… ولا يجوز أن تغلق روسيا المعبر».

ويهدّد عدم تجديد الآلية مصير المساعدات إلى مناطق في إدلب ومحيطها، من دون أن يعني توقفها على المدى القريب، مع تخزين الأمم المتحدة مساعدات في المنطقة من جهة، واستمرار العمل بمعبرين آخرين سمحت دمشق بفتحهما إثر الزلزال، ويستمر العمل بهما حتى منتصف أغسطس (آب).

لكنّ ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكّد الثلاثاء، أن معبر «باب الهوى» يبقى «مركز الثقل لاستجابتنا عبر الحدود»، مشيراً إلى أنّ 85 في المائة من المساعدات تمرّ عبره. ومنذ الزلزال، عبرت أكثر من 3700 شاحنة محمّلة بمساعدات تابعة للأمم المتحدة عبر المعابر الثلاثة، غالبيتها من باب الهوى، كان آخرها 79 شاحنة، الاثنين.

ويثير الفيتو الروسي قلق منظمات إغاثية وطبية وحقوقية. وطالب رئيس منظمة الإنقاذ الدولية، ديفيد مليباند، «أعضاء مجلس الأمن بأن يسترشدوا بالضرورات الإنسانية بدلاً من السياسة». ونبّهت منظمة «سايف ذي تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال)، إلى أن حياة ملايين الأطفال في شمال غربي سوريا «تعتمد بشكل كلّي على المساعدات»، داعية مجلس الأمن لأن «ينعقد على وجه السرعة، ويعمل على عكس هذا القرار القاتل».

وبعد 12 سنة من اندلاع نزاع مدمّر أودى بحياة أكثر من نصف مليون شخص، تتضاءل قدرة المنظمات الدولية على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية المتنامية، في وقت يعيش فيه ما لا يقلّ عن تسعين في المائة من السوريين تحت خط الفقر.

وقالت المسؤولة في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، فلوريان بوريل، عقب فشل تمديد الآلية، إنهّ يتعيّن على الأمم المتحدة أن «تستكشف على الفور وسائل بديلة لضمان حصول السوريين على ما يكفي من الغذاء والدواء والمساعدات الأخرى التي يحتاجونها بشدة دون استجداء روسيا أو الرئيس السوري» بشار الأسد.

الشرق الأوسط»

——————————

سوريا:النظام يسمح للأمم المتحدة بإدخال المساعدات عبر باب الهوى

أعلن النظام السوري الخميس، أنه سيسمح للأمم المتحدة بأن تستخدم خلال فترة مدتها 6 أشهر، و”بالتعاون” مع دمشق، معبر باب الهوى الحدودي المغلق منذ الإثنين، بعد انتهاء مفاعيل آلية إدخال المساعدات عبره.

وبعد أن بعث رسالة في هذا الشأن إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قال مندوب النظام السوري لدى المنظمة الدولية بسام صباغ للصحافة، إن دمشق “اتخذت القرار السيادي بالسماح للأمم المتحدة ووكالاتها المختصة باستخدام معبر باب الهوى، لإدخال المساعدة الإنسانية إلى المدنيين المحتاجين إليها في شمال غرب سوريا، بالتعاون الكامل والتنسيق مع الحكومة السورية لمدة 6 أشهر، اعتباراً من 13 تموز/يوليو”.

من جهته، قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش، لوكالة فرانس برس: “تلقينا الرسالة للتو، ونحن ندرسها”.

وكانت الآلية التي أنشئت عام 2014 قد أتاحت للأمم المتحدة إيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان في مناطق سيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا، من دون إذن الحكومة السورية، التي لطالما نددت بهذه الآلية باعتبارها انتهاكاً لسيادتها.

وشملت الآلية في بادئ الأمر 4 نقاط عبور حدودية. لكن بعد سنوات من الضغط، خصوصاً من موسكو حليفة النظام السوري، بقي معبر باب الهوى وحده قيد التشغيل، وقلصت فترة استعماله إلى 6 أشهر قابلة للتجديد.

غير أن مفاعيل هذه الآلية انتهت الاثنين، إثر فشل مجلس الأمن الدولي في تمديدها، ما أدى إلى إغلاق المعبر أمام شاحنات الأمم المتحدة.

وفشل مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، في الاتفاق على تمديد آلية إدخال المساعدات من تركيا إلى سوريا عبر معبر باب الهوى جراء استخدام موسكو، أبرز داعمي دمشق، حقها في النقض (الفيتو) لمنع صدور قرار يمدد العمل بهذه الآلية ل9 أشهر.

وقدمت روسيا خلال الجلسة ذاتها مقترحاً بديلاً لتمديد الآلية لمدة 6 أشهر، رفضه المجلس بغالبية 10 أصوات، في وقت تصر الأمم المتحدة وعاملون في المجال الإنساني وغالبية أعضاء المجلس على تمديد الآلية سنة واحدة على الأقل، للسماح بتنظيم أفضل للمساعدات، وضمان إيصالها إلى مستحقيها، خصوصاً خلال الشتاء المقبل.

ووصف مندوب النظام السوري الخميس، هذا الرفض للمقترح الروسي بأنه “عرقلة”. وقال إن حكومته قررت فتح باب الهوى “في ظل تعنت بعض الدول في مجلس الأمن، وإمعانها في رفض أي تحسينات جدية على مشروع القرار الخاص بتمديد مفاعيل قرار مجلس الأمن 2672، وعرقلتها مشروع القرار الروسي”.

وشدد على أن “الحكومة السورية تؤكد مرة أخرى أنه يجب على الأمم المتحدة وممثليها وموظفيها عدم التواصل مع المنظمات والجماعات الإرهابية في شمال غرب سوريا”، مكرراً حجة دمشق المعتادة لمعارضة آلية الأمم المتحدة.

ويشكل باب الهوى شرياناً حيوياً لدخول المساعدات إلى أكثر من 4 ملايين شخص، نصفهم تقريباً نازحون، يعيشون في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل أخرى معارضة في إدلب ومحيطها.

ويحتاج هؤلاء، وفق الأمم المتحدة، إلى مساعدات إنسانية للاستمرار، بعد سنوات من النزاع والانهيار الاقتصادي، وتفشي الأمراض، وفقر متزايد فاقمه الزلزال.

———————————

ماذا وراء موافقة النظام على تمديد مساعدات “باب الهوى” ستة أشهر؟

جاء إعلان النظام السوري عن موافقته على تمديد إيصال المساعدات لشمال غربي سورية ستة أشهر، “مفاجئاً” نظراً للخلافات القائمة في مجلس الأمن حول هذا القرار.

إذ أعلن سفير النظام في الأمم المتحدة، بسام الصباغ، مساء أمس الخميس، عن موافقة الأسد على إدخال المساعدات الأممية عبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، مدة ستة أشهر.

وقال في تغريدة عبر “تويتر”: “لقد أبلغت الأمين العام للتو أن الحكومة السورية اتخذت قراراً سيادياً بمنح الإذن باستخدام معبر باب الهوى لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري في شمال غربي سورية لمدة 6 أشهر اعتباراً من 13 تموز الجاري”.

    I just informed SG @antonioguterres & #SC president that the Syrian Government has taken the sovereign decision to grant the @UN permission to use Bab al-Hawa crossing to deliver humanitarian aid to the Syrian people in northwest Syria for a period of 6 months as of today July 13 pic.twitter.com/qraHavxW39

    — Bassam Sabbagh (@AmbSYUN) July 13, 2023

وانتهت صلاحية التفويض الأممي لإيصال المساعدات العابرة للحدود لشمال غربي سورية، الاثنين الماضي، دون تجديد القرار.

إذ فشل مجلس الأمن بتمديد التفويض بعد غياب التوافق على أحد القرارين المطروحين على الطاولة.

واستخدمت روسيا “حق النقض” (الفيتو) ضد مشروع قرار برازيلي- سويسري، يقضي بتمديد المساعدات 9 أشهر.

وطرحت موسكو مشروع قرار منافس، يقضي بإدخال المساعدات مدة 6 أشهر، لكنه فشل بالحصول على الأصوات اللازمة في مجلس الأمن.

ماذا وراء الموافقة؟

يرى محللون أن موافقة النظام تأتي في محاولة منه لتهميش مجلس الأمن، الذي عمل خلال السنوات الماضية على تجاهل موافقة النظام، وإيصال المساعدات للشمال السوري رغم رفض الأسد لذلك.

وقال الباحث السوري في “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية”، معن طلاع، إن هدف النظام من هذه الخطوة هو “استرداد السيادة”، وإظهار أنه صاحب القرار في المناطق الخارجة عن سيطرته.

واعتبر في حديثه لـ “السورية نت” أن هذه الخطوة تأتي استكمالاً لمشهد التطبيع العربي مع النظام السوري، بعد تعويمه على الساحة العربية ومحاولات إقناع الغرب بالتطبيع معه.

ويعتبر النظام أن إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى المناطق الخارجة عن سيطرته هو “انتهاك للسيادة الوطنية”.

وذلك كونها “لا تمر عبر حكومته ولا تشترط موافقته”.

وهو أمر تتذرع به روسيا في كل مرة تستخدم فيها “الفيتو” ضد تمديد قرار المساعدات.

إلى جانب ذلك، يهدف النظام، بحسب طلاع، إلى إحكام قبضته على المساعدات الدولية وتمريرها عبره فقط، خاصة بعد كارثة الزلزال.

مضيفاً أنه “يسعى للاستفادة من مشاريع التعافي المبكر وتوجيهها لمناطق سيطرته”.

الروس و”ابتزاز” المساعدات

وحول موقف الدول الغربية من ذلك، يرى طلاع أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة “يحاول التخلص من الابتزاز الروسي المتعلق بالمساعدات”.

وبالتالي فإن واشنطن قد تظهر وكأنها “غير معنيّة” لتفادي أي “ابتزاز” روسي حول المساعدات، بحسب طلاع.

مضيفاً أن ملف المساعدات هو الملف الوحيد الفعّال دولياً في مجلس الأمن حول سورية.

وعملت روسيا خلال السنوات الماضية على ابتزاز الغرب بملف المساعدات، وتقويض الجهود الرامية لفتح معابر جديدة، عبر استخدامها “الفيتو”.

يذكر أن آلية المساعدات العابرة للحدود بدأت عام 2014، ونصت حينها على إدخال المساعدات الأممية عبر 4 معابر حدودية مع سورية.

إلا أن “الفيتو” الروسي قلّص عدد المعابر، وأبقى على معبر باب الهوى مع تركيا مفتوحاً لـ12 شهراً، ثم 6 أشهر.

لكن بعد زلزال فبراير/ شباط الماضي، حاول النظام استغلال الكارثة عبر إعلانه فتح معبرين إضافيين للشمال السوري.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن نظام الأسد رأى في الزلزال الذي ضرب سورية، “فرصة للخروج من عزلته الدولية”.

وأضافت في تقرير لها أن الأسد يحاول الإثبات أن التعامل معه هو “وسيلة مثمرة لتحسين ظروف السوريين المنكوبين”.

ومن المقرر إغلاق المعبرين الإضافيين في 13 أغسطس/ آب المقبل.

وحول إمكانية التمديد، قال مندوب النظام في مجلس الأمن، أمس الخميس، ” سنقيّم الوضع. لا يزال لدينا متسع من الوقت من الآن وحتى 13 آب”.

——————————–

=====================

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى